رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بنفسج اليوم.. هايكو

أرجأت الأمر أشهراً, ولكنه جذبني ثانية.. فلنقف قليلاً عند قصيدة الهايكو اليابانية المنشأ والتي منذ أن انتشرت تلقفها الأدب العالمي بكل حب.. ربما لأن أبياتها أو أسطرها الثلاثة تبدو مغرية لتجربتها, ربما لأن العالم استطاع بسهولة أن يتخلص من ارتباطها - في الأصل - بالفصول, وبالعاطفة الإنسانية المعبَّر عنها من خلال الطبيعة والفصول, فأصبحت أكثر حرية وأكثر انطلاقاً, وربما لأن قانون أسطرها الثلاثة المعتمدة على عدد المقاطع من السهل تجاهله.. فانطلقت بحرية أكبر لتتحدث عن كل شيءٍ من خلال هذه الثلاثة أسطر التي تختزل الفكرة وجماليات التعبير. لم يغرني هذا الشكل الشعري بتجربته فحسب, وإنما بترجمته أيضاً, لذا فقد فكرت اليوم في ترجمة بعض أناشيد الهايكو لتكون أوراق بنفسج اليوم..من قصائد بلغت ألفاً ومائة انطلقت إلى المريخ في العام الماضي تجاوزت بها الهايكو الأرض إلى الفضاء في مسبار مهمته الدوران حول المريخ لدراسة بعض ظروفه, من خلال مسابقة لكتابة قصائد هايكو بالإنجليزية نظمتها ناسا, ترجمت لك قارئي:جسدي لا يستطيع المشي/ فمي لا يستطيع أن يصنع الكلمات, ولكني أرتفع اليوم إلى المريخ (ويليام هوستون, أمريكا)وسط التراب والنجوم/ سنتفحص كوكباً بلا حياة/ لننجو من مصيره (مجهول)ومن تطبيقين للآيباد لقصائد الهايكو ترجمت لك (أيضاً من الإنجليزية):متذكراً الحب,/ ذكراها جديدة مثل الربيع/ قلبي لايزال يجدها (آندريه ديفس)تبادلنا القبل عندما التقينا/ تركَتْني مع الشتاء ليس إلا/ تبدّل الحب إلى رقائق ثلج (أيضاً لآندريه ديفس)لم أعد عطِشاً/ المطر الدافئ لا يتوقف أبداً/ الغابة بحر (اميل دو توا) أعشاب صيفية/ آثار أحلامٍ/ لمحاربين قدماء (ماتسو باشو)الابتسامات/ تائهة في تجاعيدها/ خريف عميق (كالا راميش)أخشاب مقطوعة/ عصفور يستريح/ على مقبض الفأس (ستيجيبان روجيك)ولا أجد أجمل من صورة عصفور يستريح أتركها ليوم سعيد, قارئي ..

2565

| 12 أكتوبر 2014

ما الذي يحدث في هذا العالم العربي

لنبدأ بمصر والمصريين الذين ظلوا يسعون للديمقراطية إلى أن جاءتهم فأشاحوا بوجوههم عنها وأخذوا يحلمون بطيفٍ لها كان في خيالهم.. هل يعقل هذا؟ هل كانوا يظنون أن الديمقراطية تعني أن يشترك الشعب في كل قرار يصدره الرئيس المنتخب؟ لقد رأيت مظاهرات ضد قرارات رؤساء منتخبين في ديمقراطيات عريقة تبدي غضبها بكلماتٍ كثيرة ليس من بينها تهديد بإسقاطهم.. في بريطانيا مثلاً يُنتقَد رئيس الوزراء المنتخب بشكل جارح ويُهاجم في الصحف, ولكن لا يفكر أحد في المطالبة بإسقاطه, ثم تأتي الانتخابات فيفوز ثانية فيصبرون عليه ثانية.. من الديمقراطية أيضاً أن تقبل خيار الأغلبية حتى لو لم تكن من ضمنها.. ولكننا لا نسمع من مصر إلا أخبار اعتصامات ومظاهرات وغضب وعنف وضحايا, وكأنه يتوجب على الرئيس أن يمشي في خط يرسمه له الشعب. لا ننكر أن للديمقراطية متعلقات ومبادئ على الرئيس أن يلتزم بها, ولكن لا ينبغي أن يتعرض للتهديد بالإسقاط في كل صغيرة وكبيرة. ومن جانب الرئيس, أظن أنه إذا كانت عقليته قد تشربت الديكتاتورية لأنه عاش في ظلها كل سنوات عمره, فعليه أن يحاول التخلص منها وهو حتماً سيفعل تدريجياً, فإن لم يفعل, أليس من الأفضل أن يحتمله الشعب ويتركه يصلح في فترته ما يمكن إصلاحه بدلاً من إثارة القلق وعرقلة كل شيء؟ الجزء الأكبر من مأساة ديمقراطية مصر, على ما أظن, أن حاجة الشعب المصري المادية استغلت كأداة من أدوات استقطاب الناخبين من قبل المرشحين, فأوجدت خللاً خطيراً في العملية الانتخاببة يجب اجتنابه مستقبلاً إذا أرادوا اجتناب "مضاعفات" العملية الانتخابية الأولى.. لقد اشترى المرشحون أصوات المحتاجين بالنقود أو قايضوها بالمؤن الغذائية, وهنا حدث الخلل. لذا يجب أن يُعتمد مستقبلاً فقط على الإعلانات والنشرات الانتخابية التي تقدم برامج المرشحين وشعاراتهم لتأتي النتائج أكثر تطابقاً مع ما تريده الأغلبية فعلاً, وليس مع ما اضطرتها الحاجة إلى قبوله. ومع هذا فمصر تستطيع تجاوز كل ذلك إذا كظمت غيظها وحاولت أن تركز على إيجابيات هذا الاختيار وليس سلبياته, واعتبرت ما يحدث جزءاً من فوضى البدايات.. وتركت السفينة تسير.. وإلى فلسطين حيث عينات عرفات.. استغربت حقاً من إجراء كل ذلك لإثباتِ مُثبَت! إذا كانت المادة المشبوهة وُجدت في الملابس وفرشاة الأسنان, فهل يلزم نبش القبر! شيء من الاحترام للمتوفى وإن كان ثمنه أن يفلت المجرمون بجرمهم, خاصة وأنها ليست أول جريمة يرتكبها هؤلاء المجرمون وليست الأخيرة, فهم يغتالون نهاراً جهاراً تحت سمع العالم وبصره.. ,ونهنئ عباس بنجاح مساعيه بان أصبحت فلسطين عضواً مراقباً ونامل ان يتطور وضعها مستقبلاً.. فهذا البلد المبارك الذي غُيّب باتفاق من بريطانيا وجيرانه كل هذه السنين من حقه أن يرفع رأسه قليلاً ليستنشق هواءً نقياً, ومن واجب كل دولة ذات ضمير أن تدعمه في هذه المرحلة فتجبر إسرائيل على تخفيف غطرستها وطغيانها. الذين لا يرضون بهذا القدر للمرحلة الراهنة أعتقد أنهم لا يأبهون كثيراً لدماء الفلسطينيين النازفة, ولا يرون توْقهم إلى أن ينظر العالم إليهم كدولة ذات سيادة معترف بها, ولا يشعرون بقيودهم التي تحرمهم حتى من أن يتقدموا بشكوى لمحكمة العدل الدولية من غيرهذه العضوية. ولو استطاع الفلسطينيون بموجب الاتفاق الذي سيحدد مساحة فلسطين إجبار إسرائيل على وقف المستوطنات في الأراضي الفلسطينية فإن ذلك يعتبر إنجازاً, خاصة وأنها محتلة بموجب اتفاقية كما تقدم, ولن تنال كامل أرضها إلا إذا عاد العرب أمةً واحدة وقوة واحدة. ولن يحدث هذا قريباً, فليستمتع الفلسطينيون بشيءٍ من الهدوء والسيادة في هذه الأثناء.. وما لأبطال سوريا لا يريدون أن يتحدوا على شيء؟ حتى الائتلاف الوطني الذي جاء كبارقة أمل, لا تمر أيام قليلة من دون أن يخرج أحدهم ليعلن عدم اعترافه به, أو يحذر منه ويتخوف من أن يكون رئيسه دمية جديدة في يد الغرب. ألا تجتمعوا أيها الثوار وتختاروا من الداخل من يمثلكم وترضونه إذا كنتم لا تطيقون اتفاقات الخارج؟ ألستم تتمنون مثلنا أن تحقن دماؤكم بأسرع وقت؟ أم أن هناك أشياء إدمانية لا يراد لها أن تنتهي, مثل التناحر في أفغانستان والتظاهرات في مصر؟

523

| 30 نوفمبر 2013

ملياران لإرضاء الشعب خير من مائة على الشجرة السويسرية

هؤلاء الحكام الذين لا نعرف مقدار ما لديهم من ثروات إلا بعد أن تسقَطهم شعوبهم أو أي جهة كانت. وبعد أن تعلن الحكومات الغربية عن تجميدها لثرواتهم.. لماذا لا يفتدون كراسيهم ببعض ما لديهم من ثروات؟ فوجئت حقاً بما كان لدى صدام ومبارك. والقذافي وبما لدى بشار الأسد. من أين لكم كل هذا يرحمكم الله! وهذه الأيام يتحدث الناس عن إنقاذ أكثر من دولة عربية مما يبدو أنها مقبلة عليه من فوضى وصراعات قد تصبح دامية لا قدر الله. وما أحب ذلك إلى قلوبنا كعرب ومسلمين. فكل دولة عربية بمثابة شقيقة لنا نخشى عليها من الفتنة. ونتمنى أن تبقى مواجهاتها سلمية لكيلا نفقد قطرة دم واحدة نستطيع تفاديها. ونتمنى حقاً أن تقوم الدول العربية بواجبها تجاه أي دولة عربية أخرى بحاجة إلى مساندة مادية أو غير مادية. ولكننا في أثناء ذلك لنا أن نتساءل: هل سيشترك نظام أي من هذه الدول في عملية إنقاذ استقرار بلده وكرسيه؟ هل سيقدم بعض التنازلات الصغيرة من قبول رأيٍ آخر لا يضار به صاحبه. من أجل استقراره هو قبل استقرار الشعب؟ وإن كانت مشكلات الشعب مادية. هل سيضحي ببعض أمواله وقصوره بالداخل والخارج من أجل حلها؟ وهل سيشكل لجانا جادة مخلصة لإيجاد حلول للفقر والبطالة وأي مشكلات عالقة؟ أعتقد أنه لا ضير في إسناد ميزانية الدولة بأموال بعض أثريائها. أعلم أن مشاكل مصر مثلاً كانت أكثر بكثير من الماديات. ولكن لو أراح مبارك شعبه بمليارين أو ثلاثة مما كان معه. لفتح أبواباً أكثر للمصالحة والحوار. ألم تجعل المساندة المعيشية الزهيدة من المرشحين فئات من الشعب تنتخبهم؟ الناس يستطيعون تحمل أشياء كثيرة قد لا تكون من بينها الضائقة المعيشية. فإن اجتمعت الضائقة مع الأمور الأخرى فالناس قطعاً سيتحركون بشكلٍ ما رأوا إمكانيته في ثلاث دول حتى الآن.. ربما كان من غير المناسب أن أذكر عمر بن الخطاب رضوان الله عليه هنا لأنه لا وجه للمقارنة بين ذلك العملاق وبين أيّ من حكام هذا الزمن. ولكن من الصعب ألا نتذكر في هذا السياق قصة زوجته التي اشتهت الحلوى يوماً فلم يستطع شراءها. فلما وفرت من مصروفها الخاص طوال أشهر واشترت به بعض الحلوى التي كانت تشتهيها خفض مصروفها قائلاً لها ما معناه: ما دمت قد استطعت توفير هذا المبلغ من نفقتك فهي حتماً تزيد عن حاجتك. لا نقول للحاكم العربي احرم نفسك أو عائلتك من الحلوى ولا من السيارات الفاخرة. ولا حتى من القصور الأوروبية. فقط ادفع فاتورتك إذا أصبحت مستحقة. فإن إدارة دولة ليست كأي منصب.. إنها قمة الهرم الوظيفي الذي لا يصل إليه إلا قلة من الناس. فإن كنت من هؤلاء فادفع فاتورتك بأي شكل. لأن المنصب يستحق هذا. خاصة أنه قد يكون وسيلة للإسهام ليس في منفعةٍ مؤقتة للناس بل وفي التاريخ إن تصرفت بغيْرية وحكمة. وإذا كنت لا تريد أن تتنازل عن شيء لوجه الله فهناك أفكار أخرى. مثلاً تستطيع أن تستثمر شيئاً من ملياراتك في بلدك. فأنت إن فتحت شركةً تستغل ثروات بلدك. أو مهارات مواطنيك في مجال ما. أو استصلحت أرضاً وأنتجت غلة ما وفتحت لها مصانع للتعليب والتصدير تكون قد ضربت عشرات العصافير بحجر واحد. منها على سبيل المثال أنك أوجدت فرص عمل فخففت وطأة البطالة. وزدت مصادر دخل بلدك.. وفي النهاية سيكون العائد الأكبر لك ولكن بطريقة أكثر شرعية وأقل أنانية. وهذه الفاتورة عادة لا تكون مستحقة من النظام فقط. بل إن هناك طابور ما يسمى بالفساد الإداري.. هناك دائماً شخص أو شخوص لا تستطيع رؤوس البلاد التحدث معهم بشأن فسادهم لصلة قربى أو لأي سبب لا يخطر على البال. ومن أجل هؤلاء يسكت عن بقية الطابور. غير أنه في النهاية يقع الفأس على رأس البلد كله. وفي ظل ما يحدث هذه الأيام فعلى رأس البلد حرفياً.. ذلك أن خسارة المفسدين ليست بمستوى خسارة الحاكم. لهذا فهم لا يأبهون بنتيجة فسادهم إذ إن شعارهم على ما يبدو: انهب انهب انهب.. ما دمت لن تحاسب. وهذا يذكرني بسؤالٍ جميل في تراث المحاسبة الإسلامي: من أين لك هذا؟ كما أن هناك مثلا خليجيا قديما يقول: "حط راسك بين رجولك واشهد على أبيك" أي خبئ رأسك إن كنت تخجل من مواجهة أبيك واشهد ضده إذا كان مخطئاً" وأظن أنه لو تجاهل كل حاكم أومسؤول حرجه لعلاقته بالمفسد فأوقفه عند حده لما أطيح بحاكم واحد.

518

| 24 نوفمبر 2013

الإعلام عندما يصبح قذراً

هل تذكرون من أيام الطفولة ذلك الطفل الشرير الذي يحطم الأشياء ويسرق اللعب والبيض ويضرب الأطفال ثم يتهم طفلاً آخر. أو يلوّث حمام السباحة ثم يضحك بشكل مسرحي مذهل وهو يشير إلى طفل آخر؟ هذه هي مواصفات إعلام أنظمة الطغاة والقنوات المؤيدة لها وجيش الشبكة الإلكترونية الموالي الذي يعمل بشكل لا يكلّ ولا يملّ. ولا يشعر بتأنيب الضمير ولو للحظة تسقط سهواً من الزمن. مثل ذلك الطفل المشاغب إلا أن ذلك الشيطان الصغير مهما ارتكب من الذنوب فإن ذنوبه لا تقارن بفواحش إعلام الطغاة ومؤيديهم التي تجعل قلبك يدق بعنف من هول قدرة البشر على الكذب والافتراء.. شاهدت في اليوتيوب منذ أكثر من ثلاثة أسابيع مقطعاً مستخرجاً مما تعرضه الجزيرة وضعته في المفضلة لأنه حقاً مس شغاف قلبي لما فيه من إنسانية وجمال.. كان مقطعاً لمجموعة من رجال الجيش الحر يقتحمون مستشفى قصفه النظام. فيدخلون قسم حاضنات المواليد المحتاجين لعناية خاصة. وينقذون الأطفال الذين تركوا وحدهم بعد أن مات من مات وهرب من هرب من القصف. وأنقذوا معهم جرحى آخرين من ضمنهم امرأةً أظهر المقطع جزءاً من النقالة التي تحملها. رؤية هؤلاء الرجال بملابسهم العسكرية وهم يحملون الرضع كما لو كانوا يحملون صواني حلوى خزفية - كشأن من ليس له خبرة في حمل المواليد الجدد- جعلني أبتسم وتكاد عيني تدمع رحمةً وفرحاً بإنقاذ هؤلاء الصغار. ثم يُظهر المقطع صورةً أخرى للأطفال بعد أن تم وضعهم في حاضناتٍ أخرى في مستشفى آخر. ويخبرنا الطبيب المشرف أن الأطفال فُحصوا وأنهم بخير.. واليوم رأيت بالصدفة المحضة مقطعاً معنوناً باللغة الإنجليزية لواحد من الإعلاميين الموالين لبشار الأسد يعرض المقطع نفسه مع تعليق عليه باللغة الإنجليزية يقلب الحقيقة رأساً على عقب. إذ يدّعي أن مقاتلي الجيش الحر يسرقون الأطفال من حاضناتهم! وطبعاً يقطع جزء المرأة الجريح وجزء الأطفال في الحاضنات الجديدة والطبيب الذي يقول إنهم بخير.. ثم ليسبك الكذبة يأتي بامرأة تمثل دور ممرضة لتتباكى وهي تعبر للمشاهدين بالإنجليزية أيضاً عن ألمها لسرقة الأطفال من قبل "الإرهابيين" الذين لم يستطع أحدٌ إيقافهم.. لقد شاهدت من موالي النظام السوري كثيراً من الافتراءات ولكن هذا من أقذرها.. والذي يغيظ أكثر هو أن بعض المشاهدين صدقوا المشهد بسهولة وأخذوا يلومون الإعلام (الحقيقي) على عدم كشف "حقيقة" هؤلاء "الإرهابيين".. فليت الجزيرة. أو أيّ شخص يحب إظهار الحقائق ولديه قناة يوتيوبية ليته يتصدى لهذا التضليل ببث المقاطع بالإنجليزية. خاصة تلك التي عبث بها ذلك الجيش المتسلق من مدّعي الانتساب إلى الإعلام وهو منهم براء.. ويذكرني هذا التضليل الإعلامي بقناة المنار التي تعرض أحياناً صوراً لمن تصفهم "بضحايا" الحكومة البحرينية وهي بريئة منهم. ففي إحدى الصور نرى امرأة بعينها سيخ حديد. وهو أغلب الظن خطأ من الثوار لأنهم أخطأوا غير مرة في رمي الأسياخ فأصابت آخرين غير مقصودين وبعضهم منهم. فالسيخ من ثَمَّ يصلح لتبرئة الشرطة من هذا العمل الذي طال هذه المرأة البريئة أكثر مما يصلح لإدانتهم. لأنهم إن استخدموا سلاحاً فقطعاً سيستخدمون المسدسات والبنادق وليس الأسياخ التي اشتهرت بها الفئة الثائرة بالبحرين. كما أنها (المنار) عرضت وبغباء شديد مقطعاً فيه شباب يمثلون مشهداً مأساوياً مفاده أن الشرطة البحرينية قتلت بعضهم وجرحت بعضهم الآخر. وأيضاً لأن حبل الكذب قصير عرضته القناة على أنه لثوار سوريا مع عرض البروفة التي يعدون فيها المشهد لتؤلب الناس عليهم وتبرئ النظام السوري من دماء المدنيين متناسيةً اللهجة البحرينية التي لا يخطئها أحد. فأقرت من حيث لا تعلم بكذب إعلامها بما يخرجه عن مهنية الإعلام. نحن لا نقول إن الحكومة البحرينية لم تخطئ أبداً في معالجة غضب هذه الشريحة من شعبها. فالخطأ لا تكاد تسلم منه حكومة معاصرة بما في ذلك حكومات الدول الغربية التي منها انطلقت هيئات حقوق الإنسان. ولم نقل إن ثوار البحرين ليست لديهم مطالب مشروعة تستحق النظر فيها. ولكننا ضد استجلاب التأييد الإعلامي بأيّ وسيلةٍ وإن كانت غير مشروعة وبأي ثمنٍ وإن كان فقدان المصداقية.. وأتساءل حقاً.. هؤلاء الذين يزعمون أنهم مثقفون ومتمدنون. ومتدينون (في حالة المنار). وعصريون (في حالة شباب الشبكة الإلكترونية) ألا يتوقفون لحظةً ليراجعوا أنفسهم؟ ألم يدركوا بعد أن العالم الحديث أصبح يقدّر الشفافية ويزدري من يحيد عن القيم؟ هل رضي بشار وإبقاؤه في منصبه ثمنٌ مجز يبيعون من أجله ضمائرهم واحترام الآخرين واحترامهم لأنفسهم.. وفوق كل ذلك آخرتهم؟ والله إنه لثمن بخس.

596

| 17 نوفمبر 2013

سياسة وردية اللون

علّقت شقيقتي يوماً بأن كتابات صديقتي في السياسة تشعرها بأن كاتبها رجل. لأن المواضيع السياسية. كما قالت. ليس فيها أنوثة. غير أنه ليس هذا ما أشعرني بـأن أنوثة صديقتي العزيزة على المحك. ما أشعرني بذلك هو أنها في إحدى مجادلاتنا قالت لي: "عموماً. لا داعي لأن نتلاحى في هذه المسألة". "نتلاحى"؟!! قاتلك الله يا صديقتي كم أضحكتني! وإذا كانت المرأة التي تكتب في السياسة تتعرض للتشكيك في مقدار أنوثتها. فكيف بالتي تمارس العمل السياسي؟ لنستعرض أشهرهن.. ولنبدأ بجولدا مائير. التي وصفها الإعلام الغربي أحياناً بـ"المرأة الرجل". قرأت عنها فوجدت أن من أشهر عباراتها:"نستطيع أن نغفر للفلسطينيين قتلهم لأبنائنا ولكننا لا نستطيع أن نغفر لهم إجبارنا على قتل أبنائهم.". فلنكتفي بهذا القدر من سيرتها بعد هذا الاعتراف بالقتل.. وهناك مارجريت تاتشر. المرأة الحديدية التي كانت الطبقة العاملة لا تطيق رؤيتها. والتي كان برنامج "سبيتنغ إيمج" البريطاني الذي يمثل المشاهير بدمى كاريكاتورية الشكل والتصرفات لا يُظهر دميتها بالبرنامج إلا وهي ترتدي بدلةً رجالية وربطة عنق. في مقابلة تليفزيونية لهذه السياسية وجه اللوم إليها لأنها أمرت بإغراق غواصة. بمن فيها طبعاً. في مياه مستعمرة بريطانية في أمريكا الجنوبية. فقالت ما معناه "لو لم أغرقها فضربتنا لقلتم لِمَ لَم تغرقيها". وهناك أنديرا غاندي البشوشة الوجه والتي قتلها اثنان من حرسها الشخصي لأنها أصدرت أمراً بعملية عسكرية قُتل فيها عددٌ من الانفصاليين السيخ وضُرب معبدهم. ثم هنالك أولبرايت التي حتى الصحافة الغربية استنكرت إجابتها التلقائية عندما سئلت: "هل تعتبرين قتل الأطفال العراقيين (أو ربما العراقيين) أمر مجد؟" فأجابت بنعم. وكنت أظن أن هيلاري كلينتون هي السياسية الشهيرة الوحيدة التي لم يكدر صفو رقتها الأنثوية شيء. إلا أنني اكتشفت أنها صوتت لحرب العراق وألقت كلمة حول ضرورة شنها. كما أنها وُصفت بأنها من الصقور لا من الحمائم. بيْد أن الوجود النسائي السياسي قد لا يرتبط بالقتل أمراً أو قبولا أو تحريضاً أو تصويتاً. وقد لا يقتصر أصلاً على من يتقلدن مناصب سياسية فقط. فهناك نساء يُحطن برؤساء أو سياسيين ويمارسن السياسة من خلال تأثيرهن عليهم. (وقد يكون هذا التأثير جيداً). ولا يغرنكم الثوب الوردي والابتسامة العذبة فخلفها شريكة في الملك تعلم متى تحرك عصاها السحرية. مثلاً. يقال إن أنور السادات كان يستشير جيهان السادات في كل ما يفعل. ولا يُستبعَد أن تكون القرارات السياسية جزءاً مما تستشار فيه إن صح ما قيل. أما حسني مبارك فقد رُوي عنه أنه في آخر ساعاته في القصر الجمهوري قال لابنه جمال: "أنت وأمك دمرتوني!" والسؤال هو: هل يشمل هذا "التدمير" التدخل في القرارات السياسية البحتة؟ ثم يأتي أخطر دور كواليسي لامرأة.. دور أنيسة مخلوف إن صح ما كُتب عنها من قبل أناس يصفون أنفسهم برجال القصر الجمهوري السوري السابقين. أو بأشخاص مقربين منهم. أنيسة مخلوف هذه ابنة الرجل الذي ساعد حافظ الأسد على الوصول إلى سدة الحكم كما هو معروف في سوريا. ومن هذا المنطلق فقد كان لها شيء من السطوة يجعلها تتدخل في سياسة زوجها كما يقال بالإضافة إلى أخيها وبعض أقاربها. ويقال إنها من نصحه بالحد من القتل في أحداث الثمانينيات لعدم تشويه صورته لدى الشعب (وهذا من محاسنها رغم اختلاف الهدف). ويقال إنها لا تزال تحتفظ بسطوتها. وهي تُتهم بأنها خلف بعض. أو كثير مما يحدث في سوريا الآن. لذلك يلعنها الثوار في كل مناسبة. أصدق بسهولة أن الشر لا يأتي من بشار وحده لأنه يبدو أرق من ذلك. ولكن هل تساهم أمه في هذا الشر؟ الله تعالى أعلم. لأن الذكريات بلا إثبات تظل ذكريات. والسؤال الآن هو. ألا تستطيع المرأة الحفاظ على نقاء ثوبها الوردي وهي تمارس السياسة؟ ثم لماذا. وكيف تستطيع المرأة أن تخرج. ليس من ثوبها الورديّ فقط وإنما من ثوبها الإنساني؟ يبدو أن الإيمان بالعمل والنضال من أجل النجاح وإثبات الذات في أيّ عمل تؤديه وراء هذا التنكر للطبيعة المفترضة للمرأة. ولكن الرجل أيضاً يستطيع الخروج من ثوبه الإنساني إذا ما وقف شيءٌ في طريقه. فلماذا نستقبح القسوة من المرأة أكثر بكثير مما نستقبحها من الرجل؟ ألأنه في النهاية لن يحمل جنيناً في أحشائه. ولن يضطر فيما بعد إلى العناية بهذا المخلوق الرخوي الهش المنعدم الحول والقوة. وإرضاعه بكل ما أوتي من صبرٍ وحنان إلى أن يكبر فيصبح... سفاحاً؟ ولكن انتظروا قليلاً. بما أن هذا الكائن الصغير يمتلك إمكانية أن يصبح سفاحاً فيما بعد فلِمَ لا يتكون جنيناً في بيئةٍ مناسبة؟

1037

| 10 نوفمبر 2013

سفينة فضائية توصلني إلى الدوحة!

المسافة.. كلمةٌ طالما انطوت في مخيلتي على شيءٍ من الشاعرية, لما ترتبط به من صورٍ ذهنية لمساحات ممتدة.. قد لا تخلو من شجرٍ ومنازل, وقد لا تخلو من مفاجأة، وإن خلت من ذلك فلن تخلو من فضاء.. وكم أعشق هذا الفضاء.. الأماكن الرحبة, الممتدة بلا حدود, والتي تخلو من أي شيءٍ آخر غير الأرض والسماء. غير أن هذه الصورة الشاعرية لم تأتِ في طفولتي عندما دخلت الكلمة قاموسي الصغير أول مرة, بل جاءت عندما امتلأ القاموس بالكلمات, وعندما اتضح لي ذوقي تماماً في الأشياء من حولي, ومنها المسافات التي ما زلت أستمتع بقطعها على قدميّ أو بسيارتي على سبيل التنزه, وليس قسرياً كما هو الحال في معظم المرات التي أخرج فيها. أما في طفولتي الأولى حيث سمعت بالمسافة أول مرةٍ فقد كانت بالنسبة لي امتداد الذراعين لتلمسا كتفَيْ الطالبة التي أمامي.. حتى المسافات الحقيقة والتي لم أكن أعلم وقتها أنها تسمى مسافات كانت تخدعني في طفولتي, فالمسافة الاستكشافية "الهائلة" التي قطعتها وحدي يوماً بحثاً عن المغامرة, وأشعرتني بشيءٍ من الرهبة جعلتني أعود ركضاً إلى البيت رأيتها مرةً ثانيةً وقد تجاوزتُ العشرين من العمر فلم أجدها تستحق تسمية مغامرة لأنها لم تتجاوز المائتي متر! عندما كنت مبتعثة للدراسة لم أكن أعلم إلى أيِّ مدى بلغ اشتياقي لأهلي بعد عامٍ من الغياب حتى استيقظت يوماً على حلمٍ غير مريح.. رأيت في المنام أن السفن الفضائية هي وسيلة سفري الوحيدة إلى الدوحة.. وكنت قلقة جداً ومتهيّبة من ركوبها, كيف أركب شيئاً يخرجني من الكرة الأرضية تماماً، ماذا لو خرج عن مساره وضاع في الفضاء، ماذا لو انفجر, ماذا لو.. ولكن إن لم أركبها, فكيف سأعود وأنا لا أستطيع إلا أن أعود؟ قلقٌ باردٌ لم ينتهِ إلا باستيقاظي من النوم.. عندها علمت أن شعوري ببعد المسافة ترجم نفسه بتلك الرؤيا.

606

| 03 نوفمبر 2013

هيا... انتزعوا إعجابنا

إيران انتهت من تصوير فيلم تجسد فيه النبي عليه الصلاة والسلام ولم يبق إلا عرضه قبلها صور الغرب أفلاماً ومسرحيات كثيرة تصور المسيح عليه الصلاة والسلام, وفي بعض الأحيان تقدمه بشكل ساخر لا يليق به وأيضاً صمتت الأوساط الدينية مع أنها يجب أن تتصرف كما لو كانوا يصورون نبينا الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام لأننا أُمرنا في قرآننا ألا نفرق بين الأنبياء. إنها الرؤية المشوشة ذاتها التي تقوم على أن الغرب لهم في عيسى عليه السلام أكثر مما لنا فيه ومن ثم فهو شأنهم, وأن للإخوة الشيعة الحق بحكم أنهم مسلمون أن يصوروا علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء عليهما السلام كما يشاؤون وإن كرهنا ذلك, حتى وصلوا إلى تصوير محمد عليه الصلاة والسلام. هذه هي السلبية ذاتها التي جعلت بعض الحكومات العربية تتصرف بتهاون في قضايا حقوق الإنسان عندما يكون مرتكبو المخالفات من طائفة أخرى قد يخلق التواجه معها حساسيات معينة, فالكنيسة في مصر مثلا والتي بالطبع تستحق كل الاحترام والتقدير الذي يستحقه أيضا كل مسيحي مصري, انتهكت غير مرة حقوق الإنسان مع عدد من المواطنين لدى إسلامهم أكثرهم من النساء, ولم تنبس الحكومة المصرية ببنت شفة بل سلمتها كل من طلبتهن من السيدات لتضعهن تحت ضغوط معينة (يقال إنها في حالات أخرى وصلت إلى الضرب وحلق الشعر, وفي حالات نادرة إلى ما هو أكثر من ذلك) حتى يعدن إلى ملتهن. ويمرّ كل شيءٍ بصمتٍ من الدولة وكأن الكنيسة امتلكت هؤلاء البشر.. أما في البحرين فالدولة تتيح للإخوة الشيعة الحرية الدينية التامة حتى شعرت لدى زيارة لي للبحرين في بداية هذه الألفية في موسمٍ معين بأنّي في كربلاء أو قم بما اكتظت به الشوارع من لافتات ورايات خضراء وعبارات غريبة, وبما امتلأت به بعض الميادين من خيام ومجسمات تستحضر تاريخاً حزيناً.. أيضاً كل ذلك مقبول لأن البحريني الشيعي يستحق الحرية الدينية في بلده. ولكن ذكر بعضهم (ليس مؤخراً) عن غير حالة وفاة لأطفال صغارٍ ناتجة عن طقوس التطبير الشيعية المعروفة والتي مارسها أبواهم عليهم, ولم أسمع أن والداً أو والدةً تعرضت لأيّ مساءلة قانونية من قبل الدولةّ! ولو حدث ذلك في دولة ليس بها هذه الحساسيات لتعرض الوالدان لعقوبات قانونية أهونها أن يؤخذ منهم باقي الأطفال ليوضعوا تحت رعاية أسرٍ أخرى, وستمنع هذه الطقوس نهائياً.. ولكنها طقوس الآخر, وأطفال الآخر, ونحن دائماً نتجنب هذا "الآخر" الذي سيهرع إلى الغرب شاكياً من منع حرياته الدينية, وسيزعجنا ذلك الآخر الغربي فنفضل من ثم التضحية بحقوق الأفراد المستضعفين بين ظهرانينا. قد يأتي اليوم الذي تجترئ فيه الدول التي لديها مثل هذا "الآخر" على مساءلته. ولكن ريثما تعمل أنظمة الدول ذات "الآخر" على إثبات قدرتها كحكومات على بسط حمايتها على المستضعفين, هناك قضية طارئة يجب أن نتصرف حيالها: الفيلم الذي يقوم فيه ممثل بتمثيل دور رسولنا الحبيب من قبل "آخَر" الأمة الإسلامية, إيران.. لا يحق لأحدٍ أن يصور نبينا الكريم, لا من المسلمين ولا من غيرهم, بل إن المسلم أولى بالردع من غيره لأنه سيشجع على المزيد من التطاول على تراثنا الديني. خاصة وأن العرض السينمائي يستدعي عرض تفاصيل حياتية كثيرة سيضطر فيها كاتب السيناريو إلى اختلاق مواقف ليس لها سند, وذلك يدخل في الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وسلم, فهل نرضى بذلك؟ ثم ما يدرينا, ألا يُحتمل أن يكون صاحب الفكرة من المتطرفين والمتطاولين على رموزنا الدينية الأخرى التي يحاولون دائماً تشويه سيرتها بشكلٍ محموم؟ إننا ما زلنا أمةً واحدة مهما علت الحدود بيننا. ومن هذا المنطلق يجب أن نتناهى عن المسائل المنكرة, وإن اضطررنا إلى مواجهة الآخر. الأزهر ليس له سلطة الحكومات, ولم تُجدِ محاولته لوقف الفيلم. ومن هذا المنطلق أرجو أن تتحرك جميع الحكومات العربية والإسلامية لمنع هذا العمل من العرض. وليبحث المفلسون عن مواضيع أخرى لأفلامهم. فإن قالوا إنها ردٌ على إساءة ظهرت فإنهم كاذبون, لأن قدسية محمد أغلى من أن نضحي بها من أجل تحقيق غاية, ولو كانت الدفاع عنه, خاصة وأن هناك آلاف الوسائل. كما أن الله يحمي رسوله من غير وسائل, بل وباستخدام ذات الوسائل التي استخدمت ضده كما حدث مؤخراً حيث دخل مئات من الناس الإسلام أفواجاً بعد مشاهدة الفيلم الذي صنع للتنفير منه. فهيا يا حكامنا, قفوا هذه المرة وقفةً جادة أمام محاولات الإساءة لسيرة نبينا الكريم.. أظهروا للعالم إسلامكم بأكثر من صلاة العيد.. انتزعوا إعجابنا..

509

| 03 نوفمبر 2013

عندما ينمو الإنسان في حاضنة ضيقة

خبر أثلج صدري وساءني قليلاً في الوقت ذاته؛ شابٌ سعودي يخترع جهازاً يعين على القيام بأبحاث لعلاج السرطان تحتفي به مؤسسات العالم الطبية. هذا هو الجزء الذي يثلج الصدر. أما الجزء المحزن فهو أنه لم يجد في بلده من يتبنى هذا الجهاز. ويأخذ بيد مخترعه كيما يتوصل إلى ما توصل إليه بعد أن احتضنته مؤسسة أسترالية. قديمة؟ طبعاً لأن هذه ليست المرة الأولى ولا العاشرة التي نسمع فيها مثل هذا الخبر. والتعبير هنا عن استياء أبناء البلد لعدم ثقة إدارات ومؤسسات بلادنا بأبنائها أيضاً ليس بجديدٍ على الصحافة. ولكننا نستطيع دائماً أن نطالب بالجديد.. بدايةً. لنتلمس أصل المشكلة. هناك. أي في الدول التي تحتضن أدمغتنا أحياناً. يحتل المناصب عادة ذوي العقليات المتفتحة التي تؤمن بالإنسان وتقدره. بعض دولنا تحاول أن تخطو في هذا الاتجاه. ولكنها قطعاً لم تصل بعد.. لذا تظل قيمة الإنسان محدودة في أعين كثير من القائمين بالأمور في بلادنا. ليس لأنها محدودة فعلاً ولكن لأنهم لا يستطيعون الارتقاء إلى المستوى الذي يمكنهم من تقديرها.. وسيظل لجوء أبناء الوطن إلى الدول الأجنبية لتحقيق طموحاتهم العلمية وصمةً في جبين حكوماتنا إلى أن تُؤدي الأمانة التي أوصى بها حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام. وهي أن يسند الأمر إلى من يستحقه فعلاً لأن من لا يستحقه لن يتسبب إلا في إلجاء المزيد من الأدمغة إلى الدول الأجنبية أو في اضمحلالها وتلاشيها إلى الأبد.. المشكلة الأخرى أن بعض أصحاب الأفق الضيق ممن تستأمنهم دولنا على قطاعات كبيرة وهامة يفضلون دائماً مصالحهم الضيقة على مصالح البلاد. وذلك يجعل الواحد منهم أحياناً يفعل كل ما في وسعه لإبعاد من يظن أن وجودهم في مؤسسته سيؤدي في أحد الأيام إلى منافسته. فيظل مستحوذاً على المكان بعقليته القاصرة ومتشبثاً فيه بأسنانه إلى أن يجمّد مؤسسةً كان من الممكن أن تنمو وتنهض بشريحةٍ من البشر قابلة للنمو لولا أنها وُضعت في حاضنة متجمدة لا تنمو معه.. المصيبة أن هذه النظرة غير الصائبة في تقدير الإنسان والمتفشية في العالم العربي أضرت به أيما إضرار. حتى أصبح ليس العقل العربي فقط. بل والدم العربي أهون على حكوماته وعلى العالم من دم أرخص مجرم في إسرائيل أو أي دولة من دول الغرب. فيباد الناس هنا بالآلاف ومئات الآلاف ولا يكاد قائد عربي يحرك ساكناً. لنأخذ إنساننا العربي في سوريا مثلاً. ولنضع جانباً ضحايا النظام من جراء القصف والقنص وكل أنواع الجرائم. ولنأخذ القتلى والأسرى من جنوده مثلاً. هل يهمه أمرهم وهم يتساقطون يومياً؟ وأولئك الأسرى من الإيرانيين. هل أهمه أو أهم حتى دولتهم أمرهم؟ لا طبعاً فإن الإنسان في هذه المنطقة أداة فقط ليست الحياة من مستحقاتها الأساسية فضلاً عن النمو. لهذا نرى بشار في برنامجه لترك البلاد حطاماً قبل أن يتركها لا يعبأ لا بجنوده ولا بشعبه. فهم برخص التراب. ويعلم أن الوطن العربي كله يرى الإنسان برخص التراب ولن يحرك ساكناً وهو يبيد شعباً وحضارة. فكيف بمثل هذه النظرة للإنسان يمكن أن يُقيّم علم الإنسان أو فكره؟ لذا فالحل العاجل إذا أرادت أي دولة من دولنا أن ترتقي. هو أن تقتلع كل من في المناصب من ذوي العقلية الأنانية والنظرة القاصرة المحدودة الطموح واستبدالها بعقول تنهض بالبلاد من خلال النهوض بالفرد. لا ينبغي أن يوجد شيء اسمه مجاملة أو تشريف لأن مؤسسات الدولة ليست ملكاً خاصاً لكبار مسؤولي الحكومة يُنعمون بها على من يشاءون. وإنما أمانة سيسألون عنها يوم لا يملكون القدرة على تغيير شيءٍ فعلوه.. والمشكلة التي لم تُستوعب بعد هي أن التقليل من الاهتمام بالإنسان لا يعوق البلاد عن النمو فحسب. بل وقد يقلب الطاولة كما يقولون فوق رأس الحكومات في النهاية. مثلما حدث مؤخراً في بعض الدول العربية. وما زال هناك دولٌ على القائمة ما لم تسارع إلى احتضان الإنسان عالِمه وجاهِله والاهتمام به. وإنصافه بمحاربة الفساد والمفسدين الذين يعرقلون نموه ويغلقون الأبواب دونه. والذين هم عادة من يضرم بهذه الممارسات الشرارة الأولى للنار التي تحرق الأنظمة عندما تبلغ مداها.

824

| 27 أكتوبر 2013

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4062

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1731

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1575

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1410

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1203

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1185

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

885

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

651

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

606

| 04 ديسمبر 2025

555

| 01 ديسمبر 2025

أخبار محلية