رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تخصيص يوم عالمي للمعلم فيه الكثير من المعاني والمغازي والتوجهات الخُلُقية نحو المعلم، واحترام مهنته، واعترافا بجهوده مع تلاميذه. هذا، وقد حُدد السادس من أكتوبر من كل عام يوما للاحتفال بتكريم المعلم المعني بنشر العلم والمعرفة، لعلاقته الوطيدة بهما، حيث يرتبط ذكر كلٍ منها بالآخر؛ فحيثما يُذكر العلم يُذكر المعلم، وكلما ارتقت مكانة العلم في مجتمع ما، ارتفعت معها مكانة المعلم في ذلك المجتمع، وبقدر تكريم العلم، يُكرم المعلم. والعلمُ مُقدر من الله سبحانه وتعالى بدلالة ذكره في كتابه تعالى حيث تكررت كلمة (العلم) بشكل مباشر وغير مباشر في القرآن الكريم أكثر من 770 مرة حسب بعض المصادر. وهذا العدد يفوق عدد صفحات القرآن الكريم التي لا تتعدى الـــ (604) صفحات، مما يعني أنه لا تكاد تخلو صفحة من ذكر الكلمة (العلم)، وإن خلت، فتتكرر في صفحات أخرى أكثر من مرة واحدة. وقد ظهر هذا التقدير في ذكر العلم في مواضع كثيرة وآيات قرآنية عديدة كقوله تعالى في سورة الإسراء "نرفع درجات من نشاء، وفوق كل ذي علم عليم" وقوله في آية أخرى "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا". وبناء عليه، وترجمة لهذه الأهمية والتقدير للعلم ومكانته عند الخالق، فقد شجع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المؤمنين على طلب العلم، وحث عليه فقال: (من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سَهّلَ اللَّهُ لهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ... إلخ الحديثٍ). وقال صلّى الله عليه وسلم: (سلُوا اللهَ علمًا نافعًا، وتَعَوَّذُوا باللهِ منْ علمٍ لا ينفعُ). وقال: طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ. والأحاديث كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقام. وتشريفا للمعلم ورسالته السامية، قال صلى الله عليه وسلم.. "إنما بعثت معلما" وقال في موقف آخر "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهل تتم مكارم الأخلاق، إلا بالعلم والتعلم الناجم عن التعليم وما يقوم به المعلم من دور ومهام. فقد كان معلم البشرية... محمد صلى الله عليه وسلم معلما مثاليا، حيث كان قدوة في سلوكه وقوله وفعله وتعامله في جميع مجالات حياته مع أهله وصحبه وكل من يلجأ إليه في السؤال والجواب، وفي الذهاب والإياب. فهو معلم الأمة الإسلامية خاصة، والبشرية كافة. وهذا شرف للمعلم أينما كان ويكون، وشرفٌ له أن يمتهن مهنة الرُسل والأنبياء وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم. وبذا، يكاد المعلم أن يكون رسولا، كما صدح بذلك أمير الشعراء/ أحمد شوقي حين قال: "قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" فالمعلم بهذا المقام مُشَرَف مُكَرم مُبَجل بهذه المهنة وبرسالتها السامية العالية. وها نحن هنا اليوم السادس من أكتوبر 2021 في كلية التربية – جامعة قطر، وفي اليوم العالمي للمعلم، نحتفل بتكريم المعلم، باعتباره رمز العلم والمعرفة، والدراية والخبرة من جهة. ومن جهة أخرى، ومن الناحية التربوية تحديدا، هو الأب الحنون، والمُربي الفاضل، وهو المُهذِب والمُؤدِب، والمُزوِد بالمعرفة، والمُبسط لها، والمُهيء للبيئة التعليمية، وهو المُرسِخ للمبادئ والقيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، وهو المُشعل لنور العلم، والمُبدد لظلام الجهل، ومُنتشل المجتمع من مستنقع الظلام والضلال إلى بر الهداية والأمان، وذلك اقتداء بمعلم الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي علم الأمة، ونوّرها، وأخرجها من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام، وقاد بها العالم من شرقه إلى غربه، حاملا رسالة العلم والمعرفة، وموجها ومرشدا الأمة إلى صوابها. ولذا، وبعد كل هذا السرد في وصف المعلم الجاد في عمله، نخلص إلى أنه يستحق التكريم والتقدير والتبجيل، وما يكرم ويبجل إلا كريمٌ مُبجل. وبالإشارة إلى الاستحقاق، نود الإشادة والاستحسان إلى لفتة كلية التربية بجامعة قطر في احتفالها باليوم العالمي للمعلم لهذا العام، والتي بادرت فيها الكلية بمسؤوليها المعنيين بالعملية التعليمية والقائمين عليها بتكريم أساتذتها الذين حققوا تقدما في عملهم وتدريسهم وأبحاثهم وخدمة مجتمعهم، ونالوا ترقياتهم الأكاديمية، وحصلوا درجات علمية أعلى، وذلك تقديرا لهم، وتشجيعهم وتحفيزهم على الإخلاص في العمل، ودفع العملية التعليمية إلى الأمام. إنها حقا سابقة، ولفتة رائعة، أن يُكَرم الأساتذة في يوم المعلم باعتباره يومهم العالمي، وأن يُقدَر كل من يحرص على الارتقاء بالعملية التعليمية في قطر، وعساها أن تكون سنة حسنة يتبعها الآخرون في البلاد العربية قاطبة. فالشكر كل الشكر للمسؤولين في كلية التربية بجامعة قطر والقائمين عليها على جهودهم في تنظيم الاحتفال باليوم العالمي للمعلم، وتكريم من استحق التكريم من أساتذة الكلية ومنتسبيها. ولذا، فننتهز الفرصة لنبارك للكلية احتفالها، ونهنئ كل المٌحتفى بهم من أساتذة وموظفين، ومنتسبي الكلية، والمعنيين بالعملية التعليمية في الجامعة، ومبروك، وألف مبروك على الترقية والتكريم، والسلام ختام. كلية التربية – جامعة قطر al-saai@qu.edu.qa
3668
| 09 أكتوبر 2021
في ظل اجتياح فيروس كورونا كوفيد - 19، للعالم بأسره، وما ألقاه من ظلالٍ داكنة على مناحي الحياة الاجتماعية، وتعطيل مناشطها الاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها، بما فيها الدراسة الجامعية، فلم تجد الجامعات بما فيها جامعة قطر سبيلاً لمواجهة هذا التحدي إلا التعليم الإلكتروني عن بُعد، باعتباره بديلاً للتعليم عن قرب وجهاً لوجه بين المعلم والمتعلم. وبناءً عليه، تبنت الجامعة هذا المنحى، وسُخرت كل الإمكانات البشرية والمادية لتفعيل هذا النوع من التعليم، فعُقدت الدورات التدريبية وورش العمل الخاصة بالتعريف بأساسيات ومبادئ التعليم الإلكتروني عن بُعد، وتدريب كل أساتذة الجامعة تقريباً على كيفية التعامل مع هذا النوع من التعليم فيما يتعلق بالتدريس والتقييم عن بُعد. وقد خاضت جامعة قطر هذه التجربة، وسجلت نجاحاً باهراً في تدريس الطلبة وتقييمهم عن بُعد عبر شبكة الإنترنت، حيث رصدت انطباعاً عاماً جيداً، وكونت اتجاهاً إيجابياً لدى طلبة الجامعة وأساتذتها نحو هذه التجربة السريعة، مما قد يكون له أوقع الأثر في تعميم التجربة مستقبلاً وفقاً للحاجة في مثل هذه الظروف الاستثنائية، ولكن "الزين ما يكمل" – كما يُقال في الأمثال الشعبية – فقد أٌخذ على هذا النجاح بعض التحفظات والمخاوف من عملية التقييم عن بُعد، من حيث المصداقية والموضوعية والإنصاف في ظل غياب المراقبة البشرية المحكمة التي قد تولد الظلم وعدم المساواة بين الطلبة. ولكن نجاح هذه التجربة، وموضوعية ومنطق نتائج الطلبة المعقولة الناتجة عن التحكم في أساليب التقييم، ربما تشفع لها بعض الشيء ليكون لها أثر في تبديد هذه المخاوف، واستبدالها بشيء من الاطمئنان الحذر، للتعامل مع هذه الملاحظات السلبية التي يمكن احتواؤها بطريقة أو بأخرى والتغلب عليها في نهاية المطاف. والسؤال الذي يطرح نفسه هو.. هل يستمر التعليم عن بُعد مع مقررات جامعة قطر بعد انتهاء أزمة كورونا، وهل سيحل التعليم الإلكتروني عن بُعد محل التعليم العادي المباشر وجها لوجه في القاعة الدراسية بين المعلم والطالب؟ سؤال يراود الكثير من الطلبة وأساتذة الجامعة، ويختلف عليه الكثير أيضا من الفئتين، فالإجابة منقسمة بين النفي والإيجاب. فبالنسبة للشق الأول من السؤال المتعلق باستمرارية التعليم عن بُعد في الفصول الدراسية القادمة، فالأمر متروك للظروف المقترنة بالأزمة، وهذا ما يفسر استمرار النظام حاليا في الفصل الدراسي الصيفي، فما زال التعليم يتم عن بُعد في جامعة قطر، ومن البيت إلى البيت، ويمكن أن يستمر مع الجميع في ظل الظروف الاستثنائية الحالية. ولذا، فقد يستمر النظام مع البعض، ويتوقف مع البعض الآخر وفقا للرغبة في الظروف العادية عندما تنقشع سحابة الوباء القاتمة. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال المتعلق بإمكانية أن يحل التعليم الإلكتروني عن بُعد محل التعليم العادي المباشر وجهاً لوجه بين المعلم والطالب عن قرب، فالإجابة بالطبع "لا" فالتعليم الإلكتروني عن بُعد لا يمكن أن يحل محل التعليم العادي بين المعلم والمتعلم في القاعة الدراسية، لكنه يمكن أن يكون بديلاً عندما تدعو الحاجة في مثل هذه الظروف الاستثنائية وغيرها، باعتباره تعليم طوارئ كما يحلو للبعض تسميته. فالتعليم العادي في الظروف العادية هو الأفضل، وهو في الواقع مطلوب وأكثر إلحاحاً، لما له من سمات وخصائص ومميزات وأهمية تضمن التفاعل والأخذ والرد بين طرفي العملية التعليمية، فهو في الأساس يقوم على الواقع المحسوس الملموس، وما يرافقه من دفء وجداني، وحماس وفاعلية بين المعلم والمتعلم أثناء المحاضرة أو الدرس، وتأثيره الفعلي على العلاقات الاجتماعية، والتواصل المباشر بين أفراد المجموعة الواحدة من الطلبة ومعلميهم، وما تنجم عنه هذه العلاقات من تعاون في الدراسة وحل المشكلات التعليمية سواءً بين المتعلمين أنفسهم، أو بينهم وبين أساتذتهم. فبيئة الصف الحقيقي الواقعي بطبيعتها وخصائصها لها حضورها وفاعليتها في العملية التعليمية، وهذا ما يميزها عن بيئة التعليم الإلكتروني الافتراضي عن بُعد، التي في غالبها تفتقر إلى مثل هذه الإمكانات والسمات. فكثير من أساتذة الجامعة يفضلون اللقاء المباشر في القاعة الدراسية بينهم وبين طلبتهم، حيث الفرصة المواتية للتعرف على انطباعات الطلبة ومدى مشاركتهم أفكارهم مع معلميهم في المادة الدراسية، مما يساعد المعلم في الحكم على مدى فاعلية تدريسه، وأثر ما يقدمه من معلومات وحقائق ونظريات على نفوس طلبته وسلوكياتهم داخل القاعة الدراسية، والتي يتعذر رصدها في مواقف التعليم الإلكتروني عن بُعد، حيث المسافات الزمانية والمكانية، والحواجز والموانع العصرية الحيوية الناجمة عن المعيقات التكنولوجية والفنية، وغيرها من المعيقات التعليمية. وبالتالي ترجح كفة التعليم العادي المعتاد المباشر عن قرب ووجها لوجه في الظروف العادية غير الاستثنائية على كفة التعليم الإلكتروني عن بُعد. ولذلك، فاستمرارية التعليم عن بُعد مرهونة بالظروف الاستثنائية الحالية المرتبطة بجائحة كورونا التي تفرض التباعد الاجتماعي، وتفوت فرص التعليم الجماعي عن قرب في القاعات الدراسية. كلية التربية – جامعة قطر al-saai@qu.edu.qa
6932
| 14 يونيو 2020
يلاحظ أن كل كوارث العالم المعاصر محدودة بزمان ومكان إلا كارثة فيروس كورونا الصغير الحجم، الكبير الأثر، والشديد الضرر، فلم تنحصر في مكان ولا زمان، فبدأت مع بداية يناير من العام الحالي 2020، ومن الصين شرقا إلى أمريكا وما بعدها غربا، مرورا بكل الدول الواقعة بين هاتين النقطتين. وما زال فيروسها يكتسح العالم وينتشر بسرعة البرق في أرجاء المعمورة، مما أرعب الناس وأرهبهم ونشر الذعر بينهم، فأُعلنت بسببه حالات الطوارئ في كل بقاع الأرض، واستُنفرت الطاقات البشرية، والامكانيات المادية. وبناء عليه، وفي ضوء طبيعة الفيروس وخصائصه وطريقة انتشاره، قامت وزارة الصحة القطرية بتسخير كل ما لديها من طاقات بشرية وإمكانيات مادية، وأجهزة وأدوات، وقوانين وتشريعات، وتعليمات وإرشادات احترازية وقائية في محاولة جاهدة جادة للحد من انتشار هذا الوباء قدر الإمكان بين أفراد المجتمع القطري. وتدعيماً لهذا التوجه، اتخذت الدولة قراراً بإلغاء كل ما يمكن أن يسهم في انتشار هذا الفيروس من لقاءات جماعية واجتماعات وتجمعات واختلاطات وفعاليات اجتماعية وأنشطة رسمية وغير رسمية؛ فأغلقت المدارس والجامعات وباقي المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة، وعُلق نظام الدراسة المباشرة عن قرب في الصفوف والقاعات الدراسية المعتادة، واستُبدل بنظام آخر عن بعد يُبعد الطالب والمعلم عن أجواء وبيئات اللقاء المباشر وجهاً لوجه، وما يتبعها من ظروف مكانية اجتماعية يمكن أن ينشط فيها الفيروس، وينتشر بشكل سهل وسريع. ولذا، فاتُخذ قرار التعليم والتدريس عن بعد باستخدام برامج وأنظمة وتطبيقات التعليم الإلكتروني التكنولوجية الفاعلة في توصيل المادة العلمية المقروءة، والمسموعة، والمدعمة بكل وسائل وإمكانيات المشاهدة والمعايشة الافتراضية إلى مكان الطالب في بيته، وذلك تطبيقاً لقرار الحجر المنزلي الذي اتخذته الدولة، وتفعيلاً لشعار "من أجل قطر.. خلك في البيت" ومن هنا تُوجه الدعوة إلى كل من يعيش على هذه الأرض من مواطن ومقيم أن يلتزم بتعليمات وزارة الصحة بالبقاء في البيت، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى متحصناً بكل متطلبات السلامة والوقاية من كمامات وقفازات مع مراعاة المسافة الاجتماعية والتباعد الاجتماعي قدر الإمكان. ومن هنا يأتي التحدي الذي يواجه كل مؤسسات التعليم في الدولة في توصيل المادة العلمية إلى الطالب، فنقل الدراسة من مكانها الحقيقي المعتاد سواء كان المدرسة وصفوفها، أو الجامعة وقاعاتها الدراسية ليس بالأمر السهل الذي يمكن أن يتم بين عشية وضحاها. فالنقلة بحد ذاتها نقلة نوعية شكلت تحديا كبيرا للقطاعين التعليميين العام والجامعي. فليس من السهل التحول من نظام يقوم على المواجهة واللقاء المباشر وجها لوجه إلى نظام آخر غير مباشر يلتقي فيه كل من المعلم والمتعلم عن بعد كل في بيته. ولذا، فقد بذلت جهود كبيرة في تحقيق هذا المطلب، فقد سخر القائمون على التعليم في كل هذه المؤسسات كل ما لديهم من طاقات بشرية ومادية وتكنولوجية في الوصول إلى هذا المبتغى في ظل هذا الظرف الاستثنائي الطارئ، فعقدت الدورات التدريبية، وورش العمل المكثفة، وتحولت مرافق هذه المؤسسات التكنولوجية من معامل حاسوب، وقاعات اجتماعات وغيرها إلى خلايا نحل نشطة وفاعلة للوصول إلى هدف سام، ألا وهو توصيل المادة العلمية للمتعلم أينما كان، وتعليمه وتقييمه في نهاية المطاف للتمكن من الحكم على مدى تحقيق الأهداف التعليمية. ومن ناحية عملية نجحت هذه التجربة، حيث تم التدريس والتعليم عن بعد بتوفير كل مقومات النجاح، فأصبح كل طلبة المدارس والجامعات يتلقون دروسهم في بيوتهم دون معاناة الذهاب والإياب والاختلاط وغيرها من الظروف التي توفر بيئات سهلة مواتية لانتشار فيروس كورونا بين أبنائنا الطلبة. ولم يقتصر النجاح على التدريس فحسب، بل تعدى ذلك ليشمل التقييم أيضا. فتحولت عملية التقييم هي الأخرى إلى إلكترونية عن بعد، ويمكن أيضا اعتبارها تجربة ناجحة تقريبا على مستوى الجامعة على أقل تقدير، حيث لقت الكثير من الاستحسان والرضا من قبل الكثير من أساتذة الجامعة وطلبتها. ولذا، فهي دعوة من هذا المنبر لوزارة التعليم والتعليم العالي أن تحذو حذو الجامعة في اتخاذ قرار بتطبيق الاختبارات النهائية للشهادات العامة إلكترونيا عن بعد، وذلك حفاظا على سلامة الأبناء من الإصابة بالوباء. فالظرف استثنائي طارئ وخطير، ويتطلب التضحية والتجاوز عن بعض الشروط والقواعد والمبادئ الروتينية في الظروف المعتادة. هذا، ومواجهةً للتحدي، فقد تحول التعليم في ظل أجواء كورونا المشحونة بالميكروبات والفيروسات الضارة إلى تعليم وتقييم إلكتروني عن بعد. وفي الختام، فالشكر موصول لكل من واجه هذه الأزمة، ونشط بهمته للتصدي لها من مؤسسات وأفراد وجماعات، وخاصة الأجهزة الأمنية، والصحية والتعليمية، والإعلامية والتجارية وغيرها، وكل وزارات الدولة كل فيما يخصه، وشكر خاص للمتطوعين الذين تجاوز عددهم الـ 35 ألفاً من الشباب والشابات الذين رهنوا أنفسهم وسخروا طاقاتهم وإمكانياتهم لخدمة الوطن والمواطن للتصدي لهذا الوباء، أعاذنا الله منه ورفعه وحفظ البلاد والعباد إنه على كل شيء قدير. د. أحمد جاسم الساعي كلية التربية – جامعة قطر E-Mail: al-saai@qu.edu.qa
5880
| 29 أبريل 2020
بموجب قرار موافقة مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 6 ديسمبر 2016، على مشروع قانون بشأن المدارس الحكومية، تُلغى المدارس المستقلة، وتعود المدارس الحكومية، ويعود نبض الحياة إلى قلبها، لتحيا وتنتعش، وتتفاعل مع أفراد مجتمعها من طلبة ومعلمين وأولياء أمور ومثقفين ومعنيين بالعملية التعليمية على مستوى التعليم العام في قطر. وبعودة المدارس الحكومية المحكومة بقوانين ولوائح وقواعد وزارة التعليم والتعليم العالي المتوافقة في شكلها ومضمونها مع قيم ومبادئ المجتمع القطري الأصيلة، تعود الأمور إلى نصابها، وتوضع النقاط على حروفها، وتحدد القافلة خط سيرها لتحقيق أهدافها عبر توحيد الكتاب، والمنهج، وأساليب التعليم، وسياسات التقييم، ولوائح تعيين المعلمين، واستراتيجيات الإدارة التعليمية المركزية الضابطة المعنية بالتربية والتعليم على السواء. فأهلا بالقرار، ومرحبا بالعودة المحمودة للمدرسة الحكومية، ووداعا للمدرسة المستقلة، وشعاراتها الرنانة، ولاءاتها الثلاث البراقة؛ الذائعة الصيت المتجسدة في "لا للمنهج، ولا للكتاب، ولا للرسوب" تلك اللاءات التي شاع تداولها بشيوع ثقافة المدارس المستقلة، والمؤدية في النهاية إلى تغليب الأهواء والأمزجة الشخصية، وتمييع الفكر والتوجه التربوي السليم، وتغييب المنطق العلمي الحكيم عند بعض أصحاب التراخيص، والمعنيين بإدارة المدارس المستقلة.وهذا بدوره وفّر الكثير من الفرص السانحة لاستيراد المنهج الأجنبي من الكتاب الأجنبي الغني بالمغالطات والمخالفات والتعارضات والمحرمات والمحظورات والمدسوسات مما سمح بدس السم في العسل، والتلاعب بالقيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية السمحة، وتغييب منطقها ومضمونها سواء أكان ذلك بقصد أو عن غير قصد من قبل كل من سولت له نفسه من خارج أهل الملة في ظل غياب أو سهو أو غفلة المسؤولين أحيانا، كالتغني بفوائد أكل الخنزير، ومتعة تذوق النبيذ، وغيرها من المزينات والملمعات والمشجعات على الاخلال بالمبادئ الدينية في مجتمعنا القطري.وهذه نتيجة طبيعية لغياب المنهج الموحد، والكتاب المعمم، والفكر التربوي الموجه والمُنَظم لحركة التغيير. ولذا، فآن الأوان للوقوف وقفة تأملية تقييمية للتفكير والتفكر والتأمل والمراجعة، واتخاذ ما ينبغي اتخاذه من إجراءات وخطوات من أجل الإصلاح وتعديل المسار. وبناء عليه، وفي ظل مضمون القرار الوزاري — الآنف الذكر — بإنشاء المدارس الحكومية، تأتي الحاجة إلى توحيد المنهج، واعتماد الكتاب الموحد المصمم في ضوء خصائص المتعلم من جهة، والمتوافق مع قيم وأعراف المجتمع المحلي من جهة أخرى، والمواكب للتطورات العلمية والتكنولوجية من جهة ثالثة، وغيرها مما ينبغي مراعاته عند تصميم المناهج الدراسية، وتأليف الكتب المدرسية. ولا يتحقق ذلك إلا بالتفكير الجدي المستفيض في إعادة إنشاء إدارة المناهج، وتأليف الكتب الدراسية الملبية لاحتياجات المتعلمين بكل فئاتهم العمرية، ومستوياتهم التعليمية، وثقافاتهم العامة.واستكمالا لذلك، ومتابعة لسير العملية التعليمية وفقا لخطط المناهج الموحدة واستراتيجياتها، والعمل على تحسينها والارتقاء بها، وتحقيق أهدافها التعليمية، فلابد من إعادة النظر أيضا في إدارة التوجيه التربوي المعنية بالإشراف التام والعام على أداء الطلبة وتحصيلهم الدراسي من جهة، وأداء المعلمين العلمي والمهني، وتوجيههم التوجيه الصحيح، وإرشادهم إلى العمل التدريسي المتقن، وتقييمهم فيما بعد من جهة أخرى. فالتعليم والتقييم عمليتان متكاملتان لا تنفصلان على الإطلاق، وكلاهما من مهام التوجيه التربوي الرئيسية، وما التقييم إلا مرآة تعكس صورة التعليم الحقيقية والواقعيه، ويمكن من خلالها الاستدلال على حالة التعليم الصحية، والتعرف على ما يشوبها من خلال واختلال. وبتكامل عمليتي التعليم والتقييم تكتمل العملية التعليمية المحكمة بكل أطرافها وأبعادها، وتتحقق أهدافها بجهود القائمين عليها إن شاء الله.
827
| 26 ديسمبر 2016
وتعود جامعة قطر وبشكل رسمي، وبقرار رئاسي مكتوب إلى أحضان أسرتها الدافئة بعد غياب طويل جزئي أحيانا، وكلي أحيانا أخرى، وتغييب دام لأكثر من عقد من الزمان، تغربت فيه الجامعة بلغتها وأداة تواصلها عن وطنها، ومجتمعها وأهلها وناسها مغردة خارج سربها الوطني، متغربة عن مجتمعها القطري، وحاضنتها الأهلية، مرطنة بلغة الأجنبي الأعجمي الإنجليزي، وبلكنة أمريكية تارة، وبريطانية تارة أخرى في مجالات متعددة مثل التعليم والتدريس والتدريب والإدارة، والتحدث، والمخاطبة، والمراسلة، والتواصل والاتصال الرسمي وغير الرسمي (الشخصي) عند بعض منتسبي الجامعة تفاخرا وتعاظما وكبرياء، وانسلاخا من الهوية والوطنية والقومية، وعلى المستويين الداخلي والخارجي بين أروقة الجامعة وممراتها وقاعات اجتماعاتها وغرفها الدراسية، وغيرها من مرافق الجامعة. فمرحبا بقرار رئيس الجامعة، وعودة حميدة محمودة يا جامعة قطر، وهنيئا لمنتسبي الجامعة الغيورين على لغتهم وقوميتهم وهويتهم العربية. وبهذا القرار، وهذه العودة، تبتهج الجامعة، وتنشرح صدور منتسبيها من موظفين وأعضاء هيئة تدريس وطلبة، ومن في حكمهم، وتنفرج أساريرهم، وتملأ الفرحة قلوبهم، وتضج أروقة الجامعة من ممرات وساحات ومكاتب باللقاءات الودية التقليدية وجها لوجه، والإلكترونية حيث تضج الصناديق البريدية الإلكترونية بالتهاني والتبريكات والتعليقات وردود الأفعال المعبرة عن البهجة والفرح والسرور. ولم يقتصر الأمر على الحرم الجامعي، بل تعداه ليشمل المجتمع القطري ككل حيث وصلت التعليقات إلى الجمهور القطري من خلال بعض وسائل التواصل الاجتماعي مؤيدة للقرار ومهللة لنصرة اللغة العربية واعتمادها لغة رسمية للتخاطب والتواصل بين منتسبي الجامعة ومن يهمهم أمرها. ولم يأت هذا من فراغ بل مما عانى منه منتسبو الجامعة الغيوريون على لغتهم، مما شهدوا وشاهدوا وعاصروا وعاشوا وحضروا مواقف مليئة بالمغالطات والسلوكيات والتصرفات العادية في مظهرها، وغير الطبيعية والشاذة في جوهرها مثل التباهي بالتحدث باللغة الإنجليزية، والتحمس لها على حساب اللغة الأم التي أصابها الإهمال والتهميش والتجاهل والطعن في سلامتها وسلاستها وصلاحيتها للعصر والعلم والمعرفة دون وجه حق، ودون دليل ولا حجة ولا برهان، بل بظلمها، والتجني عليها، ونعتها بما ليس فيها من عيوب ونواقص. فاللغة العربية غنية بمفرداتها ومرادفاتها ومعانيها، وأنغامها وموسيقاها، وحلاوتها ورونقها، وشجونها وهمومها، وذوقها وبلاغتها، ووزنها وقافيتها، المبينة في شعرها ونثرها وأدبها، وطباقها وحناسها، ونحوها وقواعدها، وغير ذلك مما يبعث على تذوقها والاستمتاع بسماعها والتغني بها، تلك هي لغتنا الأم – اللغة العربية – لغة القران الكريم – ولغة أهل الجنة. فقد مرت الجامعة وشهدت في الفترة الأخيرة، وقبل ظهور هذا القرار سلبيات ومخالفات وأخطاء وممارسات غير محمودة، حيث أفرزت هذه الفترة تجاوزات فاقت المعقول، وقلبت الموازين، وغيرت المبادئ، وعكست الواقع وقيمه الأدبية، وظهر جيل من الطلبة لا يعجبه العجب إن لم يكن باللغة الإنجليزية، فأصبحوا بكل جرأة، ودون خجل ولا حياء ولا استحياء يدافعون عن الخطأ فيما يتعلق بصلاحية اللغة وإمكاناتها وقوتها وضعفها.
994
| 07 نوفمبر 2016
عنوان غريب عجيب بدأ به د. خليفة السويدي محاضرته الأولى في بداية الجلسة الافتتاحية لمنتدى "التعليم في دول مجلس للتعاون الخليجي.. إبداعات وتطلعات تربوية" باعتباره المتحدث الرئيسي للمنتدى المنظم من قبل كلية التربية بجامعة قطر، والمنعقد بالدوحة في رحاب الجامعة بتاريخ 27 فبراير 2016. فغرابة العنوان، أثارت فضول الكثير من الحاضرين فيما يتعلق بالمغزى والرمزية التي يمثلها العنوان بصوره البلاغية من تشبيه واستعارة وكناية في ارتباطها بالواقع الملموس والمحسوس، وما تعكسه من واقعية ربما يلمسها أو يتلمسها الحضور. عنوان غريب فعلا، وتكمن غرابته في تعارضه مع قوانين الطبيعة بخصائصها الصحراوية والثلجية وغيرها. فالعنوان بغرابته يثير الكثير من التساؤلات، ويحتمل الكثير من التأويلات والتفسيرات، فقد يتساءل القارئ عن فلسفته ومغزاه ورمزيته، وما المقصود "بالبطريق في الصحراء"؟ فهذا سؤال محق، والجواب أحق وأبلغ، فتعود رمزية البطريق هنا إلى المناهج التعليمية والكتب الدراسية المستوردة بمضامينها وثقافتها الغربية، وتطبيقها في مجتمعاتنا العربية دون تمحيص وتحليل وتقييم، ولا حذف ولا إضافة، ولا تنقيح ولا توليف، ولا تصحيح ولا تأليف، بل تدريس هذه المناهج المستوردة دون التأكد من المحتوى في تعارضه وتوافقه مع قيمنا وثقافتنا الخليجية في الصحراء التي لا يمكن أن يعيش فيها البطريق بأي حال من الأحوال. فالمنهج الغربي لا يصلح لنظمنا التعليمية، لعدم توافقه مع ثقافاتنا المحلية، فلا معنى إذن لاستنساخ المناهج الأجنبية الغربية وتطبيقها بحذافيرها في مجتمعاتنا الخليجية. ولكن هذا لا يعني رفض التطوير، بل يعني رفض الاستنساخ كما نص عليه المحاضر حرفيا "أنا لست ضد الاستفادة من تجارب العالم، لكني أرفض استنساخها" فالمرفوض هنا هو الاستنساخ، وأثره على اختلال المبادئ، وضياع القيم، وطمس الهوية على المدى البعيد. واستخلاصاً مما سبق في ربطه برمزية العنوان، فيمكن القول بأنه "إذا استطاع البطريق أن يعيش في الصحراء، فلا عجب للمناهج الغربية المستنسخة أن تعيش في منطقتنا الخليجية، وتتعايش مع أبنائها، وتتوافق مع طبيعة ونمط حياتهم الاجتماعية. وتعقيباً وتعليقاً على ما ورد في المحاضرة من أفكار ورؤى، وإشارات وتحديات، فقد اتسمت المحاضرة بالهدوء والتنظيم، حيث كانت هادئة في وتيرتها، مُنظمة في مضمونها، مُشوقة (شائقة) في عرضها، مُسلية في أفكارها، ظريفة في وقفاتها وأمثلتها الواقعية، واقعية في طرحها، موضوعية في تحليلها، ومنهجية في علومها النظرية المدعمة بنتائج البحوث العلمية والدراسات التجريبية. فيُشهد للمحاضر أسلوبه الشيق في العرض، وفي ربطه الواقع التعليمي بمواقف الحياة الأخرى، وربط المناهج الدراسية في واقعها الحالي، في ظل غياب الترابط فيما بينها بالوجبات الغذائية الخليجية الذائعة الصيت، عندما تقدم مكوناتها منفصلة عن إطارها الطبقي لا يجمعها طبق الوجبة الواحدة (كالبرياني) حيث النكهة والمذاق في مكوناته مجتمعة، وليست منفصلة كل على حدة. وما يحسب للمحاضرة واقعيتها، وإن كانت مُرةً وصادمةً، لكنها منبهة، حيث إنها بدأت بدق ناقوس الخطر، فتناولت الواقع التعليمي في منطقة الخليج والجزيرة العربية بالتحليل والتجسيد وتشخيص العلة، مما يساعد في حلها وعلاجها إذا توافرت الإرادة. فقد سُلط الضوء في المحاضرة على الكثير من الوقفات والمحيرات والتحديات الناجمة عن الاستنساخ والتقليد الأعمى من جهة، وعن ثورة المعلومات وما صاحبها من تحديات تعليمية اجتماعية كخلق فجوات اجتماعية، مثل الفجوة بين التعليم العام ومتطلبات التعليم الجامعي (العالي)، وبين التربية والتعليم، وبين مخرجات التعليم وسوق العمل، وبين الشباب وطرق تعلمهم، وبين المجتمع والتربية، وغير ذلك من الفجوات التي تحتم العمل الدؤوب لجسرها وردمها مهما كلف الأمر. فكيف يمكن أن تكون هناك فجوة بين التعليم العام في أي مجتمع ومتطلبات الدراسات الجامعية؟ فلابد إذن من حل يتطلب إعداد وتأهيل الطلبة للانخراط في التعليم الجامعي، فهو المستقبل المنشود لكل طالب، وهو الطريق المؤدي إلى الدخول إلى معترك الحياة الوظيفية العامة. وكذلك الحال مع الفجوة بين التربية والتعليم، ومن قال إنهما عمليتان منفصلتان؟ بل هما مترابطتان متزامنتان، فلا معنى للتعليم دون تربية، ولا معنى للتربية دون تعليم، فكلاهما تكمل الأخرى وتدعمها وتزينها، ولماذا الفجوة بين المجتمع والتربية؟ وكيف يستقيم المجتمع دون تربية؟ فالتربية هي أساس المجتمع، وسلوكيات أفراد المجتمع تعكس مدى تربيتهم المتمثلة في أخلاقهم النبيلة في تعاملهم مع بعضهم البعض، ومع الآخرين من المجتمعات الأخرى. فوجود فجوة بين المجتمع والتربية، يعني وجود خلل لابد من إصلاحه. وأخيراً، وليس آخراً، فلا ينبغي أن نُفوت ما ورد في المحاضرة من تجارب بحثية كانت نتائجها كفيلة بتنبيه من حقائق ومسلمات تسهم في إنارة الطريق، وترسم خطوط الإرشاد إلى مستقبل أفضل للتعليم بنوعيه العام والعالي الكفيل بردم الهوة بينهما. ولذا، فقد وردت الإشارة إلى دراسة عالمية طُبقت في (50) دولة، وتناولت (60) متغيراً بحثياً خلصت إلى الاعتزاز باللغة الوطنية، لأنها لغة التواصل والتفكير. ونحن إذ نعرض هذه النتيجة، نشاطر المحاضر توجهه، ونوافقه في رأيه، ونعزز النتيجة برأينا بأن الأمم لا تتقدم إلا بلغتها، وليس بلغة الآخرين. ولذا، فتفيد النتيجة أيضا بتعزيز مبدأ العودة إلى التدريس باللغات المحلية. وهذا ما يتوافق مع توجهنا وتوجه المحاضر في تبني مبدأ التدريس بلغة المجتمع، داعمين له ومؤدين ودافعين نحوه، لما له من أثر على الحصيلة التعليمية من جهة، والحفاظ على الهوية والوطنية من جهة أخرى. وتلخيصاً لما سبق، يتبين أننا في أزمة لابد من تحديد أسبابها والعمل على حلها والأخذ بمسبباتها، لعلنا نوفق في الخروج منها واجتيازها بنجاح. فالواقع التعليمي في المنطقة صادم، ومنبه، وباعث للهمم، فالأزمة تلد الهمة. ولذا، فكلنا همم ونشاط إن شاء الله، وكلنا داعم للعمل على الخروج من الأزمة مهما كانت كبيرة وصعبة. ولم يبق لنا في الختام إلا أن نشكر المحاضر، متمنين له التوفيق والسداد. والشكر موصول لكلية التربية على تنظيمها لهذا المنتدى، وإتاحة الفرصة لنا للاستفادة من محاضرات كهذه المحاضرة.
5026
| 15 مارس 2016
بالنظر إلى عنوان المنتدى بعناية وتمعن، يتبين أن اللغة العربية في أزمة حقيقية، بل في مأزق كبير، من حيث الهجر والتداول، والهجوم والانتقاد، ومن قبل من؟ من قبل أبنائها وبني جلدتها، ومن يلبس ثوبها النقي الأصيل. فقد توالت الهجمات الشرسة على اللغة العربية، والطعن فيها، وانتقادها واتهامها بأنها لغة بالية قديمة، ليست عصرية، وغير قابلة للتطور، وغير مواكبة للحداثة، وغير صالحة للعلم، فهي ليست لغة العلم ولا العصر، ولا لغة التكنولوجيا والكمبيوتر والمعلومات، بل لغة المتخلفين غير المثقفين من بني البشر، فهي لغة متخلفة عن الركب الحضاري. ولذا، فهُجرت اللغة العربية من أهلها إلى لغة الأعاجم من الغربيين الأوروبيين والإنجليز والأمريكيين، فأصبح اهتمام الأسر العربية والمثقفين العرب ينصب على اللغة الإنجليزية، وإتقانها والتحدث بها والتواصل من خلالها، وكأنها اللغة الوحيدة في العالم، وعلى حساب اللغة الأصلية للمجتمعات العربية. فأصبحت المجتمعات العربية تتباهي بأبنائها الراطنين باللغة الإنجليزية، والمتحدثين بها على الملأ في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وهناك أمثلة كثيرة على مستوى الوطن قد يأتي ذكرها لاحقا إن اتسعت المساحة المتاحة. ومن هنا جاء الشعور بالأزمة، ودق ناقوس الخطر، مما أدى إلى تأسيس "المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية" وإخراجها من أزمتها، فتبنت دولة قطر مشكورة ممثلة في "مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع" قضية اللغة العربية بكل فخر واعتزاز وشعور بالانتماء الحقيقي لأمتها العربية، واعتبرتها قضيتها الأساسية باعتبارها قضية وجود وكيان وهوية، فاحتضنت المؤتمرات والندوات والمنتديات، وأقامتها على أرضها لبحث الأزمة، وتشخيصها، وتحديد أسبابها، والعمل على علاجها في نهاية المطاف من خلال اقتراح بعض الحلول الناجعة في ضوء أسباب المشكلة وانعكاساتها على الناشئة من أبناء الأمة عامة، والوطن بشكل خاص. وتأكيدا لذلك، وانطلاقا من هذا الشعور، جاءت المطالبة القطرية بضرورة وجود إرادة عربية رسمية ونخبوية وشعبية لحماية اللغة العربية من الضياع والتدهور، وذلك على لسان رئيس مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سمو الشيخة موزا بنت ناصر في كلمتها الافتتاحية لمنتدى النهوض باللغة العربية تحت شعار "التنشئة اللغوية للطفل العربي: الواقع وآفاق المستقبل" والذي عقد في الدوحة في الفترة (من 20 -21 يناير 2016م). ولم تقتصر الكلمة الافتتاحية على هذه المطالبة، بل شملت بعض المحددات والأسباب التي أدت بالجمهور إلى هجر لغتهم وضعف الاهتمام العام بها من قبل الأطفال والشباب والأسر وأولياء الأمور والمسؤولين في الدول العربية عامة، وقطر بشكل خاص على مستوى القطاعين العام والخاص. واختتمت الكلمة بالإشارة إلى بعض أساليب العلاج مثل ضرورة الاهتمام بمناهج اللغة العربية وتبسيطها، متضمنة بعض الإشارات والأحاسيس الوطنية، والاعتزاز بالهوية العربية مثل "الأمم تتحصن بلغاتها، والعربية بالنسبة إلينا هي الهوية الواقعية، والعربية هي صوتنا الذي نحضر بحضوره ونغيب بغيابه". وتُعزز هذه العبارات والتوجهات والأحاسيس، بعبارات مماثلة نابعة من الاعتزاز باللغة والهوية ومدى ترابطهما ببعضهما البعض من التربوي القطري الأول الدكتور عبدالعزيز بن تركي السبيعي، وزير التربية والتعليم الأسبق في كلمته بالمنتدى باعتباره رئيس مجلس أمناء المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية بإشاراته الداعمة بقوله "إن للتنشئة اللغوية للطفل دورا كبيرا، ومهما في ترسيخ الهوية، وإرساء الثقافة، وبسط اللسان في حقول المعرفة والعلم، والإسهام في العطاء والبناء، والتقدم الحضاري للأمة". وليس هذا فحسب، بل أظهر السبيعي أيضا إيمانه الراسخ بقوة اللغة العربية في مواجهة التحديات بقوله "إنه على الرغم من التحديات والعقبات التي تواجه تطور اللغة العربية، إلا أنها منطلقة في ركبها بإذن الله، وأنها باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مؤكدا أنه لا وجود لمن لا هوية له، ومن أراد الخلود فعليه الاعتزاز بلغة الضاد. وطالب رئيس مجلس أمناء المنظمة في نهاية كلمته بعدم اللحن في اللغة العربية، والزج باللهجات العامية، وإدخال الكلمات الأجنبية دون مبرر، (الشرق والراية، الخميس 21 يناير 2016). هذا ما ورد في كلمتي الافتتاح من رموز كبار في الدولة، ومعنيين باللغة العربية، وليسمع السامعون، والمتغنون باللغات الأعجمية اعتزازا وافتخارا وتباهيا وتظاهرا بالثقافة، وكأن الثقافة لا تستقيم إلا بالرطانة والتغني بلغة الأجنبي الغربي الإنجليزي، وكأنه لا ثقافة بدونها، ولا حضارة في غيابها، فالتحدث والتغني بلغة الغير ليست معياراً للثقافة، ولا دليلا على التقدم والرقي، فليس كل من تحدث الإنجليزية تقدم، وليس كل من لم يتحدث الإنجليزية تأخر. وكل من خاطب جمهوره وقومه ومواطنيه بلغة غير لغتهم تعالى عليهم. ولذا، فلتسمع تلك الفتاة القطرية التي أصرت على التحدث إلى جمهورها العربي الخليجي في ندوة محلية في قطر بالإنجليزية، ولتسمع تلك المسؤولة التي تصر في كل مناسبة إلا فيما ندر على التحدث إلى جمهورها العربي في غالبيته باللغة الإنجليزية، ولتسمع تلك المديرة التي ترفض قبول أي عضو لا يتحدث الإنجليزية في أي لجنة من لجان إدارتها أو قسمها الذي تديره، وليسمع ذلك المسؤول الكبير في مؤسسته الذي لا يحلو له الحديث إلا بلغة الغير، ولتسمع تلك الأم القطرية المرتدية لزيها الوطني التي تصر على أن تخاطب أبناءها وبناتها في الجمعيات والمجمعات التجارية باللغة الإنجليزية، ولتتذكر هذه الأم، وغيرها من الأمهات اللاتي لا يستقيم بهن الأمر إلا بالتفوه بكلمات إنجليزية للظهور بمظهر حضاري مزيف أمام الملأ أن "التنشئة اللغوية هي الهوية". وما ذلك إلا نتيجة طبيعية للانبهار بلغة الغير، والاعتزاز بها، وإنكار الأصل، لغة المجتمع، اللغة العربية .. لغة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقومه وأمته، التي شرفها الله من أعلى سابع سماء إذ اختارها لغة سامية لكتابه العزيز "القرآن الكريم". فهل يعقل أن تستبدل لغتنا العربية، ولغة قرآننا الكريم، بلغة قوم آخرين لم تشرف ولم تكرم سماويا، ولماذا نحن العرب هم الذين يجب أن يتخلوا عن مبادئهم وقيمهم وهويتهم وثقافتهم من أجل مظهر حضاري، أو مطلب دنيوي زائل لا محالة، ولماذا لا نكون أقوياء بما فيه الكفاية، ونتمسك بقيمنا ومبادئنا وثقافتنا وهويتنا، شأننا في ذلك شأن الأمم الأخرى، كاليابانيين، والصينيين، والكوريين، والألمان، والفرنسيين، وحتى الإيرانيين وغيرهم من الشعوب والأمم الحرة المعتزة بلغتها وثقافتها وهويتها. فالعيب فينا، والخلل فينا، ولا يمكن إصلاحه إلا من خلالنا، وبإرادتنا الذاتية وبشكل فردي أولا، وليس جماعيا، وذلك لأن مسؤولية الجميع مسؤولية لا أحد، أما مسؤولية الفرد فهي مسؤولية الكل. وتأسيسا لما ورد في كلمة الشيخة موزا بنت ناصر، فالحاجة ماسة لإرادة وطنية قبل أن تكون عربية، فهي وطنية أولا، تتسع رقعة انتشارها فيما بعد شيئا فشيئا لتصبح إرادة عربية رسمية نخبوية شعبية. ولنبدأ بالوطن، بقطر، فمعظم مؤسسات الدولة العامة والخاصة للأسف لا تدعم جهود النهوض باللغة العربية في متطلباتها وشروطها وتركيبتها الداخلية، ومواصلتها مع الآخرين، ولغة التواصل فيما بين المنتسبين للمؤسسة الواحدة، فلنأخذ جامعة قطر على سبيل المثال، وعلى المستوى الرسمي ناهيك عن المستوى الشخصي لمنتسبي الجامعة، فالجامعة في غالبيتها رطانة في رطانة، ولحن في لحن، وكلمات إنجليزية بمبرر وبغير مبرر، فتتعثر الرطانة أحيانا، وينكسر اللحن أحيانا أخرى نتيجة لمحاولة المسايرة ممن تعجز ألسنتهم عن الرطانة واللحن باللغة الإنجليزية، فالاجتماعات في معظمها تدار بغير اللغة العربية، ومعظم المؤتمرات تغلب عليها اللغة الإنجليزية، ورش العمل، والندوات العلمية والثقافية تقدم باللغة الإنجليزية، والمراسلات والمخاطبات تتم في معظمها باللغة الإنجليزية، والكثير من المقررات الدراسية تدرس باللغة الإنجليزية، ومقررات الدراسات العليا، ووفقا لتوجهات وسياسات جامعية عامة تطرح وتدرس باللغة الإنجليزية، وشروط القبول محكومة بنتائج اختبارات اللغة الإنجليزية، مما يشكل هاجسا كبيرا للطلبة قبل دخولهم الجامعة، وبفترة ليست بالقصيرة، مما يدفعهم إلى التوجه نحو اتقان اللغة الإنجليزية، واجتياز اختباراتها، ويدفعون ذلك من وقتهم وجهدهم، ويصرفهم عن الاهتمام بلغتهم وقراءاتهم الذاتية بلغتهم العربية، أوليس في هذا انصرافاً وغفلة عن الاهتمام باللغة العربية؟ وماذا بقي في الجامعة للغة العربية، ففي الواقع لم يبقى شيء، وحتى أسماء الطلبة في كشوف الغياب والدرجات تصدر باللغة الإنجليزية، وموجودة على نظام البنر باللغة الإنجليزية، فأين العربية في مؤسستنا الوطنية؟ وكيف يمكن لهذه المؤسسة، ومن في حكمها من مؤسسات الدولة في ظل هذه الاتجاهات والسياسات والقناعات أن تدعم توجهات وجهود النهوض باللغة العربية، وحمايتها من الضياع. سؤال يحتاج إلى إجابة شافية وافية. وعلى فكرة، فالأمر لا يقتصر على جامعة قطر، كما وردت الإشارة آنفا، بل يتعداها ليشمل مؤسسات أخرى في الدولة مقتنعة تمام الاقتناع بهذا التوجه والاتجاه، ولديها نفس القناعات. ولذا، فنقول ونصر مرة أخرى وثانية وثالثة على أن الحاجة ماسة إلى إرادة وطنية في المقام الأول، قبل أن تكون عربية، والله من وراء القصد.
1387
| 15 فبراير 2016
"جيناك يا عبدالمعين تعين، لقيناك يا عبدالمعين تبي معين"مثل شعبي دارج يُضرب في مواقف الاستعانة والاستغاثة بالغير دون جدوى، مما يدل على خيبة الأمل. وهذا هو حال المجلس الأعلى للتعليم مع المدارس الخاصة، حيث الاستعانة بها في المساهمة في تطوير العملية التعليمية، والارتقاء بها وتحسين مخرجاتها، وحمل بعض الأعباء التعليمية، ولوبأيد خاصة وتعليم خاص، وفكر خاص قد لا يتوافق مع عادات وتقاليد المجتمع، وقيمه وأعرافه السائدة، وإنْ تَغَطى هذا النوع من التعليم أو الفكر، وتَغَلف بعلاف الدين واللغة العربية، فهو غلاف خارجي سطحي لا يعكس مضمون المحتوى الداخلي للبرنامج التعليمي المعتمد في بعض هذه المدارس الخاصة. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بعدم حل المشكلات التعليمية، أو مجرد الإسهام في حلها، وتحمل المسؤولية في حمل أعبائها الثقيلة، بل أسهمت بعض هذه المدارس بشكل مباشر أو غير مباشر في تفاقم المشكلة، وزيادة معاناتها مثل تحويل الطلبة الضعاف إلى المدارس المستقلة، وفقا لآراء بعض التربويين (جريدة الراية، 20 أكتوبر 2015)، بدلا من الأخذ بأيدهم، ومساعدتهم في تخطي العقبات التعليمية، واجتياز الصعاب التي تواجههم بين أسوار تلك المدارس. ويأتي ذلك استخلاصا مما نشرته صحيفة الراية القطرية في عددها رقم 12218، الصادر يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 من تحقيق صحفي تعلق بفشل المدارس الخاصة في تحقيق المعايير الوطنية للحصول على الاعتماد الوطني على أقل تقدير لدخولها ضمن المدارس المشمولة بالقسائم التعليمية (أو الكوبونات التعليمية)، والذي احتوى على آراء فئة من الخبراء والتربويين حول أسباب أخفاق هذه المدارس في تحقيق معايير المجلس الأعلى للتعليم المتعلقة بجودة الأداء التعليمي ومخرجاته النهائية. ونتيجة لذلك، فقد عبر الكثير من المثقفين والتربويين عن استيائهم من الأداء المتواضع لهذه المدارس الخاصة التي لم تسهم بشكل فاعل في تحسين مخرجات العملية التعليمية على الرغم من ارتفاع رسومها التعليمية المتزايدة التي تفرضها على أولياء الأمور، مرجعين السبب في ذلك الإخفاق إلى عوامل إدارية، وفنية، وتعليمية، ناهيك عن عدم اكتراث بعض هذه المدارس بالنتائج ما دامت الخزينة ممتلئة، والرسوم في ارتفاع مستمر سنة بعد أخرى، ودون توقف، وبموافقة ودعم وتأييد المجلس الأعلى للتعليم، ومباركته لأي نوع من هذه الزيادة في الرسوم. فكيف لا والعوائد والفوائد تتضاعف بمرور الزمن، فلِمَ الاكتراث والاهتمام، والهم والغم، ووجع الرأس إذن، ما دامت الأمور تسير على ما يرام في جني الثمار، وكسب الكثير من المال، وخصوصاً أنها بطبيعتها، مدارس تجارية ربحية في المقام الأول. وقد تنوعت عينة التحقيق الصحفي حيث جمعت بين المثقفين والتربويين، وأصحاب التراخيص، ورجال التربية السابقين، والخبراء المعنيين، مما يعكس مصداقية الرأي والاتجاه نحو هذه الظاهرة نوعا ما، والذي بدوره يضمن موضوعية النتائج المتمثلة في الآراء المستنبطة من التحقيق، التي أجمعت على أن الأسباب تكمن في ضعف الرقابة، والمتابعة المستمرة من قبل هيئة التعليم لأداء هذه المدارس، ونتائج تقييمها السنوي. فقد أشار أفراد عينة التحقيق بأن السبب الأول وراء ضعف مستوى المدارس الخاصة هو ضعف الرقابة من المجلس الأعلى للتعليم على أداء هذه المدارس من الناحية الإدارية والعلمية والفنية المتمثلة في فنيات التدريس وجودته، ولذا، فقد جاءت المطالبة بتشديد الرقابة والمتابعة المستمرة لأداء هذه المدارس من جهة، وتقييم الكادر التدريسي في هذه المدارس الخاصة أسوة بزملاء مهنتهم في المدارس المستقلة من جهة أخرى. وإحقاقا للحق، فلهذه الآراء ما يبررها ويسندها، وخصوصا عند المقارنة بين حجم المتابعة المطوب، في ظل عدد المدارس الخاصة، وحجم المتابعة المتاحة في ضوء إمكانيات وقدرات الجهة المسؤولة عن هذه المتابعة. فبالموازنة بين طرفي المعادلة من حيث الحجم والإمكانيات، فلاشك أن هناك تقصيراً واضحاً من الجهة المعنية بالمتابعة والرقابة. فإمكانيات مكتب المدارس الخاصة لا تتوافق مع حجم العمل الرقابي المطلوب من النواحي الإدارية والفنية والتعليمية. فحجم المكتب مثلا من حيث عدد كوادره البشرية لا يمكن أن يغطي استحقاقات المتابعة والرقابة المهنية الضرورية لكل هذه المدارس التي تفوق في عددها عدد المدارس الحكومية المستقلة، فعدد المدارس الخاصة بكل مراحلها التعليمية العامة، يصل إلى 242 مدرسة خاصة وروضة أطفال (الراية، الثلاثاء 20 أكتوبر 2015)، فمن أين سيجد المكتب المعني الوقت الكافي، والجهد الكافي، والعدد الكافي من القوى البشرية لتغطية هذه المتابعات والرقابات الفنية المهنية، فالتقصير بلا شك واقع وملموس، ولا يمكن إنكاره، والتغافل عنه، والمكابرة عليه بأي حال من الأحوال. ولكن على الرغم من الإجماع على أن سبب فشل المدارس الخاصة في تحقيق المعيار الوطني هو ضعف الرقابة، والمتابعة من الجهات المهنية، إلا أنه ليس هناك إجماع على أنه السبب الوحيد، فهناك إشارة إلى أن هناك أسباب أخرى تقف خلف الفشل في تحقيق المعيار الوطني مثل تصميم المباني المدرسية غير المطابقة للمواصفات المطلوبة، وربما حجم المدرسة، وعدد الطلبة، وعدد المستويات التعليمية، وربما ايضا نسبة عدد المعلمين إلى نسبة عدد الطلبة، وغيرها من الأسباب التي قد تحول دون تحقيق المعيار الوطني في شمولية المدارس لاستحقاقات القسائم التعليمية.
2884
| 02 نوفمبر 2015
تحت عنوان “مطلوب مناهج شيقة للارتقاء بمستوى اللغة العربية” طالعتنا الصحافة المحلية بمجموعة من الآراء ووجهات النظر المتعلقة بضعف مستوى الطلبة في اللغة العربية، وتقييم المشكلة وتحديد أسبابها وإرجاعها لمسبباتها، واقتراح وسائل علاجها والارتقاء بمستوى الطلبة فيها. ومن خلال هذا اللقاء أو التحقيق الصحفي، وضع مجموعة من التربويين السابقين والمسؤولين الحاليين في المجلس الأعلى للتعليم أيديهم على بعض نواحي الضعف، التي تمثلت وفقا لوجهات نظرهم في.. عدم تماشي المناهج مع متطلبات العصر، عدم اعتزاز الطلبة بلغتهم الأصلية، عدم اهتمام الكثير من أولياء الأمور بثقافة أبنائهم اللغوية، تفضيل التحدث بلغة الغير، تغليب اللهجة المحلية على اللغة الفصحى، ضعف المعلم والمنهج وطرائق التدريس، جمود مناهج اللغة العربية، وغيرها من نواحي الضعف، والأسباب التي أدت وتؤدي إلى ضعف الكثير من الطلبة في اللغة العربية. ويستدل على ذلك بإشارة رئيسة مكتب معايير اللغة العربية بالمجلس الأعلى للتعليم بقولها نصا “أن مخرجات اللغة العربية كانت في الماضي أفضل من الحاضر” وتبرير ذلك بحرص المعلمين وأولياء الأمور في الماضي على إتقان القراءة والكتابة. وبدلالة الأسباب تضمن التحقيق الصحفي بعض الاقتراحات العلاجية مثل.. تمكين المعلمين من اللغة قراءة وكتابة ونطقا، وذلك وفقا لإشارة أحد التربويين السابقين، وتغيير مناهج اللغة وفقا لآخر، وتحاشي تفضيل اللغات الأعجمية والتحدث بها على حساب لغتنا الأصلية حسب قول آخر، وغيرها من الاقتراحات التربوية الفاعلة. وعلاوة على مقترحات التحسين، شمل التحقيق على بعض الإشارات المتعلقة بمحاولات الإصلاح العديدة، التي أشارت إليها رئيسة مكتب معايير اللغة العربية بهيئة التعليم بالمجلس الأعلى للتعليم، مثل الجهود الكبيرة التي يتبناها المجلس الأعلى للتعليم من أجل الارتقاء بمستوى اللغة العربية في مدارس الدولة وبين منتسبيها من الطلبة والمعلمين على حد سواء، فقد أشارت السيدة الفاضلة رئيسة المكتب على سبيل المثال إلى بعض الدورات التدريبية، وورش العمل، وزيارات المتابعة، ومسابقات تهجئة الكلمات العربية، ومسابقات تصويب الأخطاء، ومحاولات تمكين المعلمين والمعلمات من اللغة العربية.. وغيرها من الجهود والمحاولات الموفقة وغير الموفقة، والفاعلة وغير الفاعلة، من وجهة نظر المجلس الأعلى للتعليم، وبعض التربويين السابقين. وتعقيبا على مجمل ما ورد في التحقيق، وتعليقا على بعض الإشارات والتصريحات، والتلميحات، والأفكار الجيدة التي يتبناها مكتب معايير اللغة العربية، وما أشارت إليه رئيسة المكتب من أفكار ومحاولات وجهود، وأمنيات، ودعم وتبني الأفكار والاقتراحات، واحتضان الأنشطة والفعاليات التدريسية الفاعلة، وتقديرا لهذه الجهود والمحاولات، فلا يسعنا إلا أن نبارك بعضها، وندعمها، ونؤيدها، فالكثير منها جيد، ومعقول، ومحمود في الوقت نفسه، والجهود كبيرة ومشكورة. ولذا، فيمكننا تعزيز مباركتنا بمشاركة التربويين السابقين والحاليين، وهيئة التعليم في أمنياتهم النبيلة على أقل تقدير، بأن تأخذ اللغة العربية مكانتها المستحقة في المجتمع القطري بشكل خاص، والعربي بشكل عام من خلال الحرص على استخدامها وتداولها في المجتمع المدرسي بين الطلبة، وفي المجتمع الخارجي بين الطلبة وأولياء أمورهم، وتشجيع القراءة والكتابة بها من قبل الهيئة التدريسية، ودعمها من قبل أفراد المجتمع القطري ككل في البيت والنادي والشارع. فاللغة العربية ليست لغة عقيمة ولا قديمة بالية، وليست لغة المتخلفين كما يتهمها البعض، بل هي غير ذلك، فهي لغة القرآن الكريم الباقي والمحفوظ بإرادة الله سبحانه وتعالى إلى آخر الزمان. ولذا، فاللغة العربية محفوظة وباقية إلى آخر الزمان أيضا، ولا سلطان لأحد عليها. ولذلك، فلا يمكن أن تتصف بالجمود، فهي ليست لغة جامدة، بل لغة متجددة متطورة في معانيها ومفرداتها، وصورها البلاغية، وحسها اللغوي. وما الاستعارة والتشبيه والطباق، والسجع والجناس.. إلا نوتات ونغمات موسيقية يتغنى بها الشعراء، ويبدع بها الأدباء والمثقفون، ويحاجج بها علماء الدنيا والدين. ولذا، فلا يمكن للغة كهذه غنية بكل هذه الذخيرة اللغوية والإمكانات الأدبية، والأوعية الثقافية، أن تتصف بالجمود. فالجمود ليس في اللغة العربية، بل في أهلها ممن خفي عليه سر جمالها، وفقد التذوق بفنونها، وضعف إلمامه بمكنونها وخزائنها، وتسطح في علمها، وهجرها وتعالى عليها، وانبهر بغيرها، وتغني بأعجمية لسانها. فاللغة العربية مرنة طيعة قابلة للتطور عندما يراد لها ذلك في ظل نوايا أهلها الصادقة، ورغباتهم الأكيدة، وحرصهم الشديد على دعم كل الجهود الرامية لتحقيق مثل هذه الرغبات الصادقة. ولا يأتي هذا الحرص، ولا تتحقق هذه الأمنيات والرغبات، إلا إذا تضافرت الجهود، وتناسقت الممارسات بين مؤسسات المجتمع المدني الواحد. فلا يستقيم الأمر في ظل عدم توافق توجهات المؤسسات التعليمية مع توجهات الجهات المدنية الأخرى، فلا معنى لهذه الجهود عند ما تتعارض مع توجهات وممارسات البلديات المحلية المتمثلة في لوحات الطرق الإرشادية، وأسماء المناطق والمدن والأحياء السكنية الغالب عليها أسلوب النطق باللهجة المحلية، وكتابتها بطريقة اللفظ غير العربي الفصيح، كغياب الألف أو همزة الوصل أحيانا، واللام بنوعيها الشمسية والقمرية أحيانا أخرى في بداية الكلمة (مثل.. لجبيلات بدلا من الجبيلات، أرميله بدلا من الرميلة،... وغير ذلك من الكلمات العربية المكتوبة بلهجة محلية)، فكيف للطفل أن يوفق بين القراءة العربية والقراءة غير العربية الفصيحة؟ فهذه جهود غير متضافرة، وتوجهات غير متوافقة، ولذا، فهي كفيلة بهدر الطاقات المادية والبشرية المسخرة لتحقيق أهداف المؤسسات التعليمية، والارتقاء بمستوى الطلبة في اللغة العربية قراءة وكتابة وفهما. وفي الختام، وقبل التعبير عن الشكر والتقدير للجهود المبذولة لإعادة الاعتبار للغة العربية، ومكانتها المستحقة في تعليمنا العام، لم يبق لنا إلا سؤال واحد وتوصية واحدة تتعلق بتوجيه اللغة العربية، فأين هو التوجيه، ولم تغييبه وتهميشه في ظل هذه الظروف الملحة لتعليم اللغة العربية، ولم لم يُلتفت إليه مرة ثانية، لإعادة تأسيسه وتوصيف مهامه الفنية المتعلقة بالتدريس من أجل الإسهام بفاعلية في النهوض باللغة العربية؟ فقد كان لهذا الجهاز أوقع الأثر في تنمية المعلم مهنيا، وتكوين المعلم الجيد الفعال القادر على تمكين المتعلمين من لغتهم الأم، وإتقانها قراءة وكتابة وتحدثا، وكان السبب الرئيس في تميز الأجيال السابقة في اللغة العربية. وبناء عليه، فيُوصى بإعادة النظر في إدارة توجيه اللغة العربية باعتباره الكفيل بتحسين مخرجات التعلم. وبذلك يصبح المعلم داعما للعملية التعليمية، ومسهما بعلمه ولغته وفن أدائه في الارتقاء باللغة العربية، وتداولها بشكل سليم وفعال في المدرسة وخارجها. ففي تمكن المعلم من لغته، وإلمامه بفنيات تدريسها ضمان للخروج من الجمود السائد، والعمل على التجديد في طرائق العرض، وأساليب التدريس المختلفة. ووفق الله الجميع في العمل على الارتقاء بالأداء في نهاية المطاف، فإنه ولي التوفيق.
5315
| 03 مارس 2015
غزة منتصرة إن شاء الله مادامت على الحق سائرة، ولأوامر الله ممتثلة، وبآياته ملتزمة، وبحكمته مؤمنة، ولله ناصرة ومنتصرة ومصدقة لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" (محمد 7). فغزة العزة والكرامة، وغزة المقاومة والتصدي، وغزة الصمود والتحدي.. وضعت هذه الآية نصب عينها، واتخذتها مبدأ عقائديا، وشعارا ساميا، ومسلكا عمليا، ومنهجا جهاديا، وعملت جادة بها وبمضمونها، ونصرت الله بقتالها العدو الصهيوني، ومقاومته وصده، ورد عدوانه، ودحض حججه، فنصرها الله على عدوها، وثبَت أقدامها. ولذا، وفي ضوء ما شهدته، وتشهده أحداث المعركة من وقائع مادية على الأرض أبهرت العالم، وأربكت العدو، وأحرجت ساسته، فإن المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها العسكرية قد انتصرت عسكريا. وبذلك يمكن تبديد الشك في انتصار غزة على عدوها، فهي منتصرة بكل المقاييس العسكرية والموضوعية. وكيف لا؟ وقد أخذت بأسباب النصر والانتصار، فأعدت لعدوها ما استطاعت من قوة وعتاد وسلاح، وقوى وطاقات بشرية مؤمنة بقضيتها وعقيدتها، وغير ذلك من أسباب القوة والنصر، وذلك امتثالا لقوله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" (الأنفال 60). وبذلك، فقد أرهبت المقاومة الفلسطينية إسرائيل، وأقلقت مضجعها، وأربكت حساباتها، وقلبت موازين القوة لديها، وأخرجتها من طورها، وأفقدتها عقلها وصوابها، مما أدى بها إلى التخبط في تحديد أهدافها العسكرية، وتوجيه ضرباتها العشوائية إلى أهداف مدنية صرفه، وتدمير البنية التحتية لمدن قطاع غزة، وهدم المباني السكنية على ساكنيها، وتدمير المساجد، ودور العبادات، واستهداف المستشفيات، وتفجير العربات وسيارات الإسعاف، وقصف مقرات الإغاثة الدولية، وقصف مدارس غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأُنروا). كما استهدفت إسرائيل كل شرائح المجتمع الغزاوي من نساء وأطفال وشيوخ، ولم تستثنِ أحداً من المدنيين العزل، وبشكل عشوائي همجي مجرد من أبسط معاني الإنسانية والذوق والأدب والأخلاق. ولا عجب أن تخلو حرب إسرائيل من القيم الإنسانية والأخلاقية، فهي حرب غير أخلاقية ولا قانونية، فإسرائيل في الأساس مجردة من كل القيم الإنسانية في حروبها على العرب والمسلمين، وهي غازية في كل الأحوال، ومعتدية دائما على جيرانها العرب، ومغتصبة لأراضيهم المحيطة بها، ومشاكسة ومشاغبة ومتحرشة بجيرانها العرب، وتبحث عن حجة وذريعة للاعتداء عليهم بسبب أو دون سبب، فهي دولة عدوانية لا تعرف للسلام معنى، ولا للجيرة مغزى. ومن أين ستأتي الأخلاق والقيم الإنسانية لإسرائيل، وهي آمنة العقوبة مطمئنة للجلاد حيث لا ردع ولا رادع، فالعالم كله في صفها، وداعما لها ومؤيدها، فممن تخاف، ولمن تحسب حساباً، فهي متعالية على العالم بأسره، ولا تلقى له بالا، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، ولذا، فهي تسيء الأدب مع الجميع بما فيهم حليفتها الكبرى وولية أمرها أمريكا. ولكن هذا التجبر والتكبر والتعالي الإسرائيلي، وفقا للسنن الكونية، والإرادة الإلهية، لابد له أن يُمرغ في الوحل، وهاهي إسرائيل تقع في شر أعمالها، وتنكسر وتنهزم في حربها على غزة، وهاهي المقاومة الفلسطينية في المقابل بإمكاناتها البسيطة، وإرادتها القوية كما سبقت الإشارة قد هزمتها، وأحرجتها ودفعتها للبحث عن مخرج من مأزق حربها هذه، والدليل على ذلك اتصال رئيس وزرائها "بنيامين نتنياهو" المتكرر بوزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" للوساطة في إيقاف الحرب.. مع العلم أن قرار الإيقاف ليس بيد جون كيري، بل بيد إسرائيل، لكنها لا تريد أن تقول للعالم إنها خسرت الحرب، وتريد إيقافها، بل تريد حفظ ماء وجهها من خلال وسيط لهدنة مؤقتة لفترة وجيزة، ومن ثم هدنة أخرى إلى آخره تدريجيا في محاولة للعب على عامل الزمن إلى أن يتم حل المشكلة، وإيقاف الحرب على غزة مع احتفاظ إسرائيل بماء وجهها أمام العالم، والظهور بمظهر المنتصر والاحتفال بنشوة الانتصار المزيف. وقد يسأل سائل عن النصر ومقاييسه ومعاييره، وعلى أي أساس تم الحكم على نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة، وحسم الموقف لصالح المقاومة في ظل الخسائر المادية وبشرية كبيرة بلغت حصيلتها ألفي شهيد، وكيف يمكننا أن نسمي ذلك انتصاراً؟ وغيرها من الأسئلة غير المنتهية من قبل الانهزاميين والمتخاذلين والمتباكين على أهل غزة. فالمعايير الثابتة في كل أنواع الحروب، لا تقاس حصرا بعدد الخسائر، وحجم الدمار، بل بالنتائج المرتبطة بالأهداف العسكرية المحددة سلفا، بغض النظر عن أسباب الحروب وحججها لأن الأسباب قد تُختلق، والتهم تُلفق، والتبريرات تُسوغ للوصول إلى حجج متعددة وواهية، وهذا ما حصل في تبرير الحرب على غزة متخذة إسرائيل من قتل المستوطنين الإسرائيليين حجة وذريعة واهية للحرب، وكلنا يعرف حقيقة هذه الحجة وهذه المسرحية الهزلية المسوغة للحرب من أساسها. أما فيما يتعلق بنتائج الحرب وأهدافها العسكرية المعلنة وغير المعلنة، فلم تستطع إسرائيل تحقيق الحد الأدنى منها، فما تحقق غير عسكري على الإطلاق، بل مدني في المقام الأول تمثل في ضحايا من البشر والحجر والشجر، ودمار شامل لا يمت لأسباب الحرب ولا أهدافها العسكرية بصلة، ولذا، فيمكننا القول والجزم إن المقاومة انتصرت، خصوصا في ظل ما شاهدناه وسمعناه من تكتيكات واستراتيجيات عسكرية متقنة كلفت إسرائيل الكثير من الخسارة المادية والبشرية في الجانب العسكري، ودفعت بها للتقهقر والتراجع بقواتها البرية (قوات النخبة) من غزة. أما تهجم إسرائيل على كل من أيَد ودعم المطالب الفلسطينية، وحقوقها المشروعة، ما هو إلا نقطة ضعف وسلوك همجي غير مبرر، يدل بشكل أو بآخر على هزيمة إسرائيل وضجرها وعدم قبولها للواقع المرير لمجرى هذه الحرب. ولكن مهما كان حجم الدمار، وعمق الجرح، فثقي يا غزة العزة، وآمني بأنه رغم هذا الدعم المادي، والتأييد المعنوي العالمي للعدو الغاشم، لن تقوى إسرائيل ومن والاها على كسركِ، وكسر إرادتك.. مادمت على الدرب سائرة، وبالحق مطالبة، وعلى الله متوكلة، ومؤمنة ومصدقة بقوله تعالى "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا، وعلى الله فليتوكل المؤمنون" (التوبة 51). فلن يصيبكِ يا غزة إلا ما كتب الله لكِ، ولن يضركِ العدو، ومن والاه من الولايات المتحدة والأمم المتحدة بشيء إلا بما كتبه الله عليك، ولذا، فسيري على الهدي.. والنصر السياسي محقق إن شاء الله كما تحقق النصر العسكري، وكونوا على ثقة يا أهل غزة ويا رجال المقاومة أنه لن يستطيع العدو وحلفاؤه أن ينتزع أي شيء بالمفاوضات السياسية ما لم يستطع انتزاعه بالقوة العسكرية، في ظل صمودكم وإرادتكم السياسية.
2097
| 19 أغسطس 2014
أكثر من عشرة أيام عجاف تمر ببطء شديد، وبمرارة علقمية قاسية على أهل غزة.. أكثر من عشرة أيام بلياليها وغزة تُمطر وتقصف بوابل من القنابل والرصاص والصواريخ النارية الملتهبة.. فغزة وأهلها يعنون من هجمة عسكرية بربرية همجية شرسة، وقصف وحشي من البر والبحر والجو.. أنها لحرب شاملة ظالمة بكل المقاييس تُشن على أهل غزة من قبل الصهاينة الظالمين المعتدين المعروفين بطمعهم وحقدهم وكراهيتهم للشعوب الأخرى، وعلى رأسهم الشعوب العربية بكل أطيافها وفئاتها وأجناسها، والشعوب المسلمة بكل أعراقها وجنسياتها. فالحرب هذه غير شرعية، وغير منطقية، وغير قانونية، فضلا على أنها غير متكافئة، وغير متوازنة القوى بين طرفي المعادلة على الإطلاق. ولذا، فتفتقر الحرب إلى الحجة والذريعة والبرهان المبرر، فسببها مجهول، وسندها القانوني غير موجود، وحجتها واهية مبنية على أكاذيب مضللة، فاحتجت باختطاف حماس لثلاثة مراهقين مستوطنين وقتلهم ورمي جثثهم لعل السلطات الإسرائيلية تجدهم فيما بعد، ولكن حماس بريئة من هذه التهمة حيث إنها لم تعلن مسؤوليتها عن العملية على الإطلاق، ولم تعلن أية جهة فلسطينية أخرى مسؤوليتها أيضا، فمن أين أتت الحجة الإسرائيلية، وعلى أي أساس تتهم حماس أو أية جهة فلسطينية بهذه الجريمة؟ ولماذا لم تكن إسرائيل وراء هذه العملية المزيفة أصلا؟ إنها الخديعة الإسرائيلية، والحجة الواهية، والذريعة المصطنعة لشن هجومها العسكري على غزة. إنه لمكر مكرتموه، والله أشد مكرا وأشد تثبيتا، فالصهاينة ماكرون، ومعروفون بالمكر والخداع، فإنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين. ولكن لا خوف على غزة، ولا قلق ولا استسلام لحماس.. فهذه غزة المعتادة على الصبر والسلوان، فهي غزة التي صبرت وصمدت في حروب سابقة، وأفشلت وستُفشل مخططات العدو في النيل منها، ومنعته وستمنعه من تحقيق أهدافه العسكرية.. فهي غزة المقاومة المتصدية المتحدية الصامدة بكل فصائلها الوطنية، حماس، والجهاد الإسلامي، والقسام، وغيرها وغيرها. ولذا، فلا شك أنها غزة العملاقة رمز العزة والكرامة.. ورمز الشموخ والصمود.. ورمز التحدي والتصدي.. فهي غزة القوة والمقاومة.. وغزة العصية المستعصية، فهي كانت مستعصية على الأعداء الصهاينة على مدى ثلاثة حروب ظالمة فُرضت عليها من قبل جنرالات الدولة العبرية الصهيونية الظالمة، وستكون مستعصية في هذه الحرب أيضا، فهي منصورة أن شاء الله. والغريب المستهجن في الأمر هو أن الحرب هذه لم تكن في الخفاء، ولم تكن سرية، ولم تحدث في ستينات القرن الماضي حيث الإعلام الرسمي الموجه وفقا لسياسات وتوجهات وأجندات رسمية، بل هي حرب معلنة، وأمام وسائل الإعلام العالمية الرسمية وغير الرسمية من صحف ومجلات وإذاعات وتلفزيونات، ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي حيث النقل المباشر والمشاهدات الفردية والجماعية والجماهيرية الفورية، المتخطية لحاجز الزمان والمكان حيث الصوت والصورة والحركة والواقعية، وغيرها من وسائل الإعلام والاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة، ومع ذلك إنها تُشن في ظل صمت عالمي مشين، وسبات إسلامي عميق، وتخاذل عربي مهين، ودعم رسمي غربي أمريكي معيب وفاضح، فأين شرفاء العالم الحر، وأين مبادئ أمريكا الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان؟ أم أنها مجرد شعارات تطبق في حين وتصادر في حين أخر، فهذه المبادئ في الواقع لا تتعدى الحدود الأمريكية أو الأوروبية على أقل تقدير، فالعربي والفلسطيني والحمساوي على وجه الخصوص ليس له حقوق، وليس من حقه أن يقاوم الاحتلال الإسرائيلي، وليس من حقه الدفاع عن نفسه عند مهاجمته وقتل أطفاله ونسائه، فدفاع الفلسطيني عن نفسه إرهاب، وإرهاب الإسرائيلي دفاع عن النفس، فالأمريكي على مستوى الرئيس يردد هذه العبارة مرارا وتكرارا وفي أي مناسبة وأي احتفالية رسمية وغير رسمية. فالإسرائيلي منصور أمريكيا وأوروبيا.. فهل الفلسطيني والحمساوي بشكل خاص منصور عربيا؟ فأين النصرة العربية الإسلامية لأهل غزة، وأين الأخوة في العروبة والإسلام، وأين المروءة العربية، وأين النخوة الشهامة العربية؟ ولماذا تحاصر وتعاقب غزة من أهلها وذويها وبنى جلدتها وجيرانها؟ ولماذا يفرح بعض العرب المسلمين بهذه الحرب وبهذه الهجمة الهمجية الشرسة؟ ولماذا يقف بعض العرب في خندق واحد مع العدو الصهيوني؟ ولماذا نضحي بثيراننا البيضاء، ومن ثم السوداء من أجل البقاء المؤقت القصير الأجل، لينفرد بنا ملك الغابة "العدو الصهيوني وأعوانه الأمريكان والأوروبيون الحاقدون" فيما بعد، فحينها لن يكون لنا نصير ولا عضيد ولا رفيق ولا صديق، ولا داعم، مما يدفعنا للندم يوم لا ينفع الندم، ونقول حينها أنما أكلنا يوم أكل أخونا الثور الأبيض الذي سبق أن قدمناه هدية لملك الغابة على طبق من ذهب. وكلمة أخيرة.. فغزة غزة يا عرب ويا مسلمون، إنها تناديكم، فتقدموا لنصرتها، وانصروا الله، ينصركم على أعدائكم، ويثبت أقدامكم، ويهزم عدوكم، ولا تخشوا في الله لومة لائم، ولا تخشوا أمريكا وحلفاؤها، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين. ويا أهل غزة اصبروا وصابرا، فالله ناصركم ومؤيدكم بجنود من عنده، فإنه ولي المجاهدين والمقاومين والصامدين، ولا تهتموا بإسرائيل وقوتها وداعمها الأمريكي الذي لا حول له ولا قوة أمام الاستعطاف الإسرائيلي تارة، والتجبر والتعنت والهيمنة الإسرائيلية تارة أخرى، فمناصرة أمريكا لإسرائيل، وما تقترفه من ظلم عليكم، متروك لله تعالى، فهو كفيل بها، وقادر على معاقبتها وهزيمتها وإضعافها وإهلاكها متى ما أراد، وذلك لظلمها الواضح الفاضح المشين البعيد عما تنادي به من مبادئ وقيم إنسانية مزيفة لا تتعدى حدودها، لقوله تعالي: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا(الكهف،59). وقوله أيضا: وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ(الأنبياء،11). فالله الله على إسرائيل وعلى أمريكا، والنصر لكم يا أهل غزة إن شاء الله.
1193
| 23 يوليو 2014
نبدأ مقالتنا هذه بالسؤال عن ماهية الميثاق الأخلاقي وطبيعته وخصائصه، وكيانه وكينونته، ووجوده الرسمي أو غير الرسمي على أرض الواقع في مؤسساتنا التعليمية بكل أنواعها العامة والخاصة، وحضوره أو استحضاره في الممارسات التعليمية ومواقفها اليومية، فما هو الميثاق الأخلاقي للمهنة، وأي مهنة؟ فهل لكل مهنة ميثاق أخلاقي؟ أم أنه قاصر على بعض المهن دون غيرها من المهن العملية، سواء أكانت علمية خالصة، أم فنية خالصة، أم ما يجمع بين العلم والفن من المهن الراقية والسامية، كالطب والمحاماة والهندسة والتعليم أو التدريس وغيرها؟ وهل يقتصر الأمر على المهن المدنية دون العسكرية، أم يشمل القطاعين المدني والعسكري؟ وأسئلة كثيرة تتعلق بالميثاق الأخلاقي للمهنة بغض النظر عن نوعها. ولكل من هذه الأسئلة وغيرها إجابة واحدة على أقل تقدير، ولا يتضح المعنى الحقيقي لهذه الإجابات إلا بالتعرف على المعنى الحقيقي للميثاق الأخلاقي للمهنة، وارتباطه بسلوكيات وأخلاق أفرادها الممارسين لها والمستفيدين منها، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إلقاء الضوء على مفهوم الميثاق الأخلاقي للمهنة بشكل عام. فالميثاق الأخلاقي كما يراه الخبراء التربويون هو عقد رسمي أو غير رسمي، يتعلق بتنظيم العلاقة بين صاحب المهنة وزملائه، والمستفيدين منها، وقد يكون هذا العقد مُعلناً أو غير مُعلن، وسواء كان موقعا من الطرفين أو غير موقع.. فإنه مُلزم أخلاقي وأدبي، خصوصا من قبل أصحاب المهنة فيما بينهم وبين زملائهم في المهنة، وبينهم وبين إدارة المؤسسة المهنية على أقل تقدير. واستناداً إلى التعريف السابق، فتكمن أهمية الميثاق الأخلاقي في دوره في تنظيم العلاقة بين الممارس للمهنة والمستفيد منها من حيث الحقوق والواجبات، فالطب على سبيل المثال له ميثاق أخلاقي، يحدد العلاقة بين الطبيب والمريض فيما يتعلق بحقوق المريض وواجبات الطبيب نحوه، وحقوق الطبيب وواجبات المريض، وذلك لضمان هذه الحقوق للطرفين، وكذلك الحال مع المجالات المهنية الأخرى كالمحاماة، والهندسة، والسياسة، والاقتصاد، والتربية والتعليم، والشرطة والجيش، وغيرها من المجالات المدنية والعسكرية. فلكل مجال ميثاقه الأخلاقي الخاص به، سواء أكان ميثاقاً مكتوباً في شكل قانون، أم عرفاً شائعاً غير مكتوب يقوم أخلاقياً وأدبياً على احترام وتقدير العلاقات بين المنتسبين للمهنة والمستفيدين منها. ولذا، فيتصف الميثاق الأخلاقي بشموليته وعموميته، حيث ارتباطه بجميع المجالات المهنية، فالميثاق الأخلاقي بصفته العامة يشمل جميع المهن المدنية والعسكرية دون استثناء، ولا يقتصر على مهنة دون أخرى. ويتعلق الميثاق الأخلاقي في ضوء مسماه بأخلاق وآداب المهنة والمنتسبين إليها، ووجوب الالتزام بها والتخلق والتأدب بما يتماشى معها من مبادئها الخلقية، وآداب مهنية ترتبط بطبيعة المهنة وخصائصها، التي تشكل في مجملها ميثاق شرف للمهنة. ولذا، فالميثاق الأخلاقي - في نهاية المطاف - هو شرف المهنة الضامن لبقائها وعدم اندثارها. وأما فيما يتعلق بالتعليم والتدريس، فشأنه في ذلك شأن الميادين والمجالات الأخرى كالطب والهندسة وغيرها، فله ميثاق أخلاقي ينظم العلاقات بين كل منتسبيه مثل العلاقة بين المعلم والطالب، والطالب وزملائه الطلاب، والمعلم وزملائه المعلمين والإداريين التربويين، وعلى رأسهم مدير المدرسة أو المؤسسة التعليمية، ويحدد حقوقهم وواجباتهم نحو بعضهم البعض. ولكن أين شرف مهنة التعليم والتدريس وميثاقها الأخلاقي مما يُثار ويُلاحظ ويُلمس ويُستشعر لما يحدث في أيامنا هذه في بعض مؤسساتنا التعليمية حين يُعلن الطعن صراحة ودون خجل ولا استحياء في الزملاء المعلمين، والتشكيك في قدراتهم العلمية والمهنية، والاستخفاف بنشاطهم العلمي والأكاديمي، وتوجيه اتهامات لهم من هنا وهناك، وتعميم تخاذلهم وتقاعسهم وتكاسلهم دون وجه حق، ودون مراعاة لمشاعرهم النفسية من قبل زملائهم المعلمين من أهل بيتهم، ومن بني جلدتهم، ومن يلبس ثوبهم، ويتحدث بلغتهم التربوية والتعليمية؟ وأين هذا الميثاق من تطاول بعض المعلمين الذين أتيحت لهم فرص تقييم وتحكيم البرامج التعليمية المصممة من قبل زملائهم في المهنة والعاملين معهم في نفس المؤسسة التعليمية بالتشكيك في إمكانات زملائهم - أصحاب هذه البرامج – الأكاديمية، وقدراتهم على تنفيذ هذه البرامج مما دفعهم إلى رفض هذه البرامج، وعدم إيجازها، ليس لضعف البرامج في ذاتها، بل بحجة عدم قدرة مصمميها والقائمين على تطويرها على تنفيذها والقيام بتدريسها. وأي شرف هذا، وأي أخلاق هذه التي يمكن أن تنسب لهذا الميدان التعليمي في ظل هذه التجاوزات، والأخطاء، والانتقاصات، والاستهتارات، والاتهامات، والإهانات، والتصغير، والتحقير، والتغييب، وكل هذا القذف المقصود وغير المقصود فيما بين منتسبي هذه المؤسسات التعليمية من أفراد وجماعات. فهذا لا يجوز ذوقاً وأدباً وأخلاقاً، ولا ينبغي أن تُلبد أجواء هذه المؤسسات بغيوم وسحب المشاحنات المنقصة على العملية التعليمية والمعرقلة لها، حيث تأثيراتها السلبية على نواتج هذه العملية ومخرجاتها وإن كانت مؤقتة، فلها انعكاسات سلبية ستظهر عاجلاً أم آجلاً. فوجود مثل هذه الأجواء يعني غياب الميثاق الأخلاق، وتغييبه لغة وشرعا، واصطلاحا، مما يعني إلغاءه مادياً ومعنوياً. وهذا بالضرورة يؤثر على صفو العلاقات بين منتسبي المؤسسة التعليمية الواحدة، مما ينعكس على سمعة المؤسسة داخل المجتمع الواحد، وهي التي تنبغي المحافظة عليها نظيفة براقة شاهقة لا يدنسها شيء، ولا تشوبها شائبة. والمحافظة على سمعة المؤسسة التعليمية مطلب ومستحق من مستحقات الميثاق الأخلاقي لمهنة التعليم والتدريس التي ينبغي أن يحرص عليها كل منتسبي المؤسسة.
6178
| 23 ديسمبر 2013
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4266
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2031
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1785
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1452
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1167
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
909
| 03 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
843
| 09 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
708
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
669
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
645
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
594
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
al-saai@qu.edu.qa
عدد المقالات 31
عدد المشاهدات 83098
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل