رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يُعتبر حب الخير للآخرين من كمال الإيمان، إذ يعكس روح التعاون والتعاطف ويعزز قيم الإنسانية والمشاركة، في الإسلام، يُشجع على مساعدة الآخرين والسعي لتحقيق الخير لهم، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك. يعتبر حب الخير للغير من أسمى القيم الإنسانية، ويعكس عمق إنسانية الفرد وتفانيه في تعزيز الصالح العام، هذه القيمة ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي جوهر يسهم في تعزيز التعاون والتراحم بين الناس. حب الخير للغير يُعد جهادًا نفسيًا يتطلب مجهودًا كبيرًا، إذ يعكس قوة الإيمان والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. فعندما يتجاوز الفرد الأنانية ويُفضل الآخرين، يحتاج إلى إرادة وصبر. عندما يتحلى بالتعاطف ويفهم معاناة الآخرين، يصبح شخصًا إنسانيًا محبًا للخير. حب الخير ليس شعورًا عابرًا، بل يتطلب الاستمرارية والعمل الدائم، مما يجعله تحديًا مستمرًا. يعزز هذا الحب المسؤولية الاجتماعية، حيث يُشعر الفرد بمسؤوليته تجاه المجتمع ويحفزه على تحسين حياة الآخرين. في سياق الأخلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب لأخيك ما تحب لنفسك»، وهو دعوة لتعزيز قيم التعاون والمودة، يعني ذلك أن تتمنى الخير للآخرين كما تتمنى لنفسك، ويُشجع على فهم مشاعر الآخرين وتقدير احتياجاتهم. و»حب لأخيك ما تحب لنفسك» هو دعوة لتعزيز قيم التعاون والمودة بين الناس. وأن تتمنى الخير والسعادة للآخرين كما تتمناه لنفسك، فالتعاطف يشجع على فهم مشاعر الآخرين وتقدير احتياجاتهم، والمسؤولية تُحفز الفرد على العمل من أجل رفعة الآخرين ودعمهم، وفكرة العدالة تعزز المساواة والاحترام المتبادل في العلاقات الإنسانية.، في النهاية يجب ان يعلم الجميع ان حب الخير للغير مبدأ أخلاقي يدعو إلى الإيثار والمحبة، ويساهم في بناء مجتمعات متكاملة ومتعاطفة. وحب الخير للآخرين له تأثير كبير في العديد من الجوانب منها النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى تأثيره في العمل بل تصل في بعض الأحيان الى الترقي في المناصب، ففي الأمور النفسية، حبك للغير يعزز السعادة عند الآخرين، بل يشعرهم بالراحة النفسية والرضا، مما يزيد من سعادتهم، بل أن تخفيف الضغوط يساعد على تخفيف مشاعر الغضب والحسد، مما يسهم في تحسين الصحة النفسية. وفي الأمور الاجتماعية نجد أن حب الخير يساهم في تقوية الروابط الاجتماعية، ويعزز من روح التعاون والتضامن بين الأفراد، ويساهم في خلق بيئة إيجابية تعزز من التعاون والمشاركة، مما يفيد المجتمع ككل، وفي العمل: عندما يسود حب الخير بين الزملاء، تزداد روح الفريق وتتحسن الكفاءة، ودعم الزملاء، يساعد في خلق ثقافة دعم متبادل، مما يعزز من الإنتاجية ويقلل من التنافس السلبي، وفي حال الترقي تكون العلاقة عكسية بين الطرفين فمساعدتك للآخرين وبناء علاقات إيجابية تُكسبك سمعة طيبة، وتسهل عملية الترقية، مهاراتك القيادية فى العمل وتأتي فى مقدمتها حب الخير الذي يعزز من مهارات القيادة، حيث يُظهر المرء قدرته على إدارة العلاقات وتحفيز الآخرين، وفي الجانب الآخر فرحة وسعادة زميلك فى العمل على الترقية، لذا فان حب الخير للآخرين ليس مجرد قيمة أخلاقية، بل هو عنصر أساسي يساهم في تحقيق النجاح الشخصي والاجتماعي والمهني. وحب الخير للغير له تأثيرات إيجابية كبيرة على الصحة النفسية والجسدية، فهو يساعد على تقليل التوتر، كما أن مساعدة الآخرين تُفرج عن هرمونات السعادة مثل الإندورفين، مما يعزز الشعور بالسعادة، والأشخاص الذين يمارسون العطاء والتعاون يميلون إلى تحسين صحتهم العامة، مما يعزز من مناعتهم، وتصل الى الوقاية من الأمراض فالنشاط الاجتماعي والمشاركة في الأعمال الخيرية قد يرتبط بتقليل مخاطر الأمراض المزمنة مثل الاكتئاب وأمراض القلب. اذا فوائد حب الخير للغير كثيرة تبدأ بتعزيز السعادة ورفع مستويات السعادة والرضا الذاتي، وتحسن العلاقات الاجتماعية وتعزز من الروابط الإنسانية، وتقلل التوتر والقلق وتوفر الشعور بالراحة النفسية، وتعزز الصحة النفسية، وتطور مهارات القيادة، وتعزز من قيم التعاون والمشاركة، وتساهم في تحسين الأجواء وزيادة الروح المعنوية، وتنمي الشعور بالمسؤولية، لتحقيق مصلحة المجتمع وأريد أن أختم مقالى بأكبر مثال عن حب الخير للغير ألا وهو حب الرسول لأمته الذي كان شاملاً، تجلى في دعوته، رحمته، وأفعاله اليومية، مما أسهم في بناء مجتمع متماسك ومحب، بداية من الدعوة إلى الإيمان، حيث كان الرسول يسعى دائمًا لنشر رسالة الإسلام، موجهًا الناس نحو الإيمان والخير، حيث كان يتمنى هداية الجميع، كما عُرف برحمته الشديدة تجاه الناس، حتى مع أعدائه، وكان يدعو الله أن يهديهم، وكان صلى الله عليه وسلم يُعطي الفقراء والمحتاجين، ويحث الصحابة على العطاء ومساعدة المحتاجين، ومتسامحا، عفا عن الذين آذوه في مكة بعد الفتح، مؤكدًا على أهمية التسامح والمحبة، وبذل جهده في تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، مستغلًا كل فرصة لتوجيههم نحو الخير، وكان يدعو لأمته بالخير والبركة، مثل دعائه المشهور: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون».
4317
| 23 سبتمبر 2024
في إحدى القرى العربية القديمة، عاش رجل يدعى «سعيد» كان معروفًا بكرمه وحسن ضيافته. كان سعيد يعيش في بيت بسيط، لكن قلبه كان يتسع للجميع. في أحد الأيام، قدمت إلى قريته قافلة من المسافرين العطشى والجائعين. عند وصولهم، استقبلهم سعيد بترحاب حار، وأمر خدمه بإعداد وجبة فاخرة لهم. رغم قلة ما كان يمتلكه، لم يطلب سعيد من الضيوف أي مقابل. وبعد أن تناولوا الطعام وشكروا سعيد، أصر على أن يأخذوا معه حزمة من التمور وماء يكفيهم لرحلتهم. عندما علم أهل القرية بما فعله سعيد، أصبحوا يلقبونه بـ «سعيد الكرم»، وأصبحت قصته تتناقلها الأجيال كرمز للكرم والجود في المجتمع العربي. والشخص الكريم هو من يتسم بسخاء النفس والطيبة في التعامل مع الآخرين. يتميز بالقدرة على تقديم الدعم والمساعدة للآخرين بطيب خاطر دون توقع مقابل، الكرم يتجلى في عدة أبعاد، مثل الكرم المادي سواء بتقديم المال، أو الطعام، أوإكرام الضيوف أو المساهمة في المشاريع الخيرية. وهناك الكرم العاطفي، فتقديم الدعم النفسي والعاطفي للآخرين من خلال الاستماع لهم، وتشجيعهم، والتخفيف من همومهم قمة الكرم، وهناك أيضا الكرم بالوقت مثل تخصيص الوقت لمساعدة الآخرين، والتطوع في الأنشطة المجتمعية أو قضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة لدعمهم، بل إن مشاركة المعرفة والخبرة مع الآخرين، وتقديم المشورة المفيدة يعتبر كرم بالمعرفة، والتعامل مع الآخرين بلطف واحترام، وإظهار التقدير لجهودهم ومساهماتهم كرم بالاحترام والتقدير. والسؤال هنا، ومع كل هذه الامثلة للشخص الكريم كيف يكون رد الجميل له ؟.. والاجابة على هذا السؤوال يتوقف على مدى العلاقة بين الأفراد أنفسهم من خلال التعاملات اليومية، وهناك طرق كثيرة لرد الجميل لعل من أهمها الامتنان والتقدير، فكلمات الشكر الصادقة والتقدير يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، والمساعدة والمساندة والتي تعكس روح التعاون وتُظهر تقديرك للجميل الذي قدمه، والوفاء والاحترام من خلال الحفاظ على وعودك وأن تكون صادقاً في تعاملك، والاعتراف بالجميل وبفضل الشخص الكريم ومشاركته مع الآخرين. ومع كل هذا يتساءل البعض أين نحن من الكرم وهل نحتاج الى كرم مادي أم كرم معنوي، من وجهة نظري، تختلف الاحتياجات بين الكرم المادي والمعنوي بناءً على الظروف الفردية والمجتمعية، كلا النوعين لهما أهميتهما الخاصة، فالكرم المادي يتضمن تقديم المال، الطعام، أو الموارد الأخرى، ويكون ضرورياً في حالات الحاجة الملحة مثل الفقر أو الأزمات. هذا النوع من الكرم يمكن أن يكون حاسماً في تلبية الاحتياجات الأساسية وتحسين حياة الأفراد بشكل ملموس، اما الكرم المعنوي يشمل الدعم العاطفي، التقدير، والاحترام. في الأوقات الصعبة، قد يكون الكرم المعنوي أكثر أهمية لأنه يعزز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، ويجعل الناس يشعرون بالقيمة والاحترام. وفي ظل الرخاء المادي الذي نعيشه الآن والحمد لله، يظل الكرم المعنوي أساسيًا، الإيجابية، والدعم النفسي، والتفهم، والتقدير من حولنا يمكن أن تعزز سعادتنا وجودتنا في الحياة، الكرم المعنوي يعزز الروابط الإنسانية ويجعل التجارب أكثر إشباعًا ومعنى، الكرم المعنوي يكون له تأثير كبير في ظل الضغوطات التي يواجهها الجميع من غنى أو فقير أو حتى محتاج، ففي أوقات التحديات، يمكن أن يكون للتقدير والاحترام والدعم النفسي تأثير كبير في تحسين الحالة النفسية وتخفيف الضغوط، في النهاية، الكرم المعنوي يعزز العلاقات الإنسانية ويعزز الدعم المتبادل، مما يساهم في تحسين نوعية الحياة للجميع، بغض النظر عن الوضع المادي. ويجب أن أتوقف هنا على أشياء قى غاية الاهمية، نظرا لحساسية هذا الموضوع، الا وهو التفريق بين الكريم الحقيقي والكريم للمباهاة والظهور، فهناك علامات ومميزات يمكن خلالها للشخص تحديد اذا كان هذا الشخص كريما بطبعه، أم أنه للمباهاة والفخر وفى بعض الاحيان تصل الى الإذلال، فالكريم الحقيقي يكون دافعه هو الرغبة الصادقة في مساعدة الآخرين وتحسين حياتهم دون انتظار أي مقابل. نواياه نقية، وعطاؤه نابع من القلب، يظهر كرمه بشكل مستمر، متواضعاً، ولا يسعى إلى تقديم نفسه كأنها أفضل من الآخرين. أما الكريم للمباهاة يكون دافعه هو تحقيق الشهرة والظهور أمام الآخرين، وقد يسعى إلى لفت الانتباه أو كسب الإعجاب، يظهر كرمه فقط في المواقف التي يمكن أن يحصل فيها على تقدير أو إشادة من الآخرين، وعادة ما يكون عطاؤه متقطعاً، يبرز أعماله الخيرية ويحب أن يُشيد به من قبل الآخرين، وقد يكثر من الحديث عن كرمه. واختم مقالي بقصة من أبرز قصص كرم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هي القصة المشهورة عن ضيافة أسامة بن زيد: كان أسامة بن زيد رضي الله عنه من أقرباء النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان له منزلة كبيرة لديه. في إحدى المرات، جاء أسامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأحضر معه طعاماً أهداه إليه. كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلس مع أصحابه وكان الطعام متواضعاً، لكن في نفس الوقت كان يظهر على النبي صلى الله عليه وسلم كرمه اللامحدود في استقبال أي هدية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما نحن أناس نصيب خيراً من الله، فننفق فيه»، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الطعام وأكرم أسامة بن زيد، ولم يظهر أي تمييز بين طعام قليل أو كثير. وفي موقف آخر، ذات يومٍ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضيفٌ، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة رضي الله عنها طعامًا ليقدمه للضيف. ولكن لم يكن لديهم ما يقدمونه. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد أصحابه ليحضر له الطعام. جاء الصحابي بالطعام، وأكرم النبي صلى الله عليه وسلم ضيفه به. وعندما لم يبقَ من الطعام إلا القليل، قسم النبي صلى الله عليه وسلم ما تبقى بين الضيف وأسرته بسخاء، تاركاً لنفسه القليل، معبرًا عن كرمه العميق في تلبية حاجات الآخرين حتى في أصعب الظروف. هذه القصص تعكس مدى كرم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورحابة صدره، حيث كان دائمًا يكرم الضيف ويحرص على تقديم المساعدة للآخرين، مهما كانت الظروف.
1329
| 16 سبتمبر 2024
يدور في ذهني كثيرًا تساؤل حول مدى فعالية الشدة في تربية الأطفال مقارنة بالقسوة والعنف، ورغم احترامي الكامل لكل الآراء والنظريات في هذا الشأن، أرى أن هناك فرقًا دقيقًا، يشبه «شعرة معاوية»، بين الشدة والقسوة والعنف في تربية الأبناء، يمكن أن تكون الشدة ضرورية في بعض الحالات لضبط السلوك وتعليم الانضباط، ولكنها يجب أن تُستخدم بطريقة معتدلة وموجهة، الأهم هو أن تكون التربية قائمة على التفاهم والاحترام، حيث يعزز استخدام الأساليب الإيجابية والتعليمية من سلوك الطفل بشكل أفضل من العقوبات الشديدة، التوجيه والقدوة الحسنة يلعبان دورًا كبيرًا في تعزيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال. والفرق بين الشدة والقسوة واضح تماما فالشدة، تعني وضع قواعد واضحة وحدود صارمة وهي وسيلة لضبط السلوك وتعليم المسؤولية، ويجب أن تُستخدم بأسلوب معقول ومنظم ومقبول من قبل الطفل، أما القسوة تشمل أساليب تأديبية مبالغ فيها وغير مبررة، مثل العقوبات التي تتجاوز الحدود المعقولة أو تتضمن الإهانة والإذلال، القسوة لا تسعى لتحسين سلوك الطفل بل تفرض السيطرة عبر إحداث الألم أو الخوف، مما يؤدي إلى ضرر نفسي وجسدي. وبينما كانت التربية في تسعينيات القرن الماضي تعتمد غالبًا على الأساليب التقليدية مثل الشدة والعقوبات، تركز التربية الحديثة على الأساليب الإيجابية مثل التواصل الفعّال والمكافآت، وكانت القيم الأسرية تعزز احترام الوالدين والطاعة دون الكثير من الحوار أو التفاوض، أما الجيل الحالي يكون التشجيع على الحوار والتفاهم والانضباط من خلال التوجيه بدلاً من العقوبات، كما لعبت التكنولوجيا دورا كبيرا مع الجيل الحالي خاصة وانه قديما كانت وسائل الترفيه والتواصل محدودة، والتفاعل كان يتم بشكل مباشر ومعتمد على الأنشطة الاجتماعية التقليدية، أما الجيل الحالي، فان التكنولوجيا أثرت ولا تزال تلعب دوراً مركزياً في حياة الأطفال، فالأجهزة الذكية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التربية، مما يتطلب من الأهل مراقبة استخدام التكنولوجيا وإدارتها. أما التواصل من وجهة نظري يكاد يكون مفقودا، فسابقا كانت العلاقة بين الوالدين والأبناء تقوم على الاحترام والطاعة، مع قليل من النقاش أو الحوار حول القضايا الشخصية، أما الجيل الحالي فالتواصل للأسف يتم عبر «الهاتف المحمول» و»الواتساب» وهي مشكلة كبيرة جدا تحتاح الى صفحات للكتابة. ورغم اختلاف طرق التربية بين الاجيال الا أن الهدف النهائي يظل مشتركاً، تنشئة جيل قادر على النجاح والتكيف في عالم متغير، إلا أن التطورات الاجتماعية والتكنولوجية أفرزت أساليب جديدة تركز على التفاهم والمرونة، وتواكب التغيرات في بيئة النمو والتعلم للأطفال. وفى جانب آخر نجد أن الشدة او القسوة لا تقتصر فقط على التربية والأبناء فهناك امور كثيرة فى حياتنا تحتاج الشدة أو الصرامة، فتعامل المعلم مع الطلاب وكيفية استخدامه الشدة فى تعامله مع الطلاب، والطيب مع مرضاه للالتزام بالدواء والرياضة خوفا على صحتهم ومساعدتهم على الشفاء، وهناك أيضا علاقة الوالدين بالأبناء لتقويمهم ووضعهم على الطريق الصحيح. اذاً الشدة مطلوبة بالفعل فى جميع أمور حياتنا ليس فى التربية فقط، ففى امور الدين الحنيف والقرآن والسنة نجدها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد»، فالشدة في سياق الصلاة يمكن أن تشير إلى الالتزام الجاد والانضباط في أداء العبادة بشكل صحيح، لا تعني الشدة القسوة أو التعسف، بل تعني الالتزام والجدية. وفي العمل هناك أمور كثيرة تتطلب منك استخدام الشدة لتحديد أهداف واضحة وصارمة لفريق العمل، ومتابعة تقدم العمل وضمان التزام الفريق بالمعايير المحددة، وتشجيع تحسين الأداء والابتكار، مع الحفاظ على التوازن بين الدعم والتحدي. وأيضا استخدام الشدة في إدارة الوقت من خلال تحديد الأولويات، لذا كن حازمًا في تحديد الأولويات اليومية وتجنب التأجيل، مما يساعد على إدارة الوقت بفعالية، واتبع جدولك الزمني بدقة وكن صارمًا في الالتزام بالمهام المقررة، مما يعزز الإنتاجية والتنظيم. أما العلاقات الشخصية فهي مطلوبة فاستخدم الشدة بطريقة بناءة لحل النزاعات بوضوح، مع الحفاظ على الاحترام المتبادل والتواصل الفعال، وكن حازمًا في وضع حدود واضحة في العلاقات الشخصية للحفاظ على التوازن بين احتياجاتك واحتياجات الآخرين. وفي صحتك كن صارمًا في الالتزام بنظام غذائي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحقيق الأهداف الصحية، واستخدم الشدة لتجاوز التحديات والحفاظ على الدافع، حتى عندما يكون من الصعب الالتزام بالخطة، وفي تطوير شخصيتك استخدم الشدة لتحديد أهداف تعليمية واضحة والالتزام بمواعيد الدروس والمراجعة، وكن صارمًا في متابعة تقدمك وتقييم أدائك بانتظام لتجاوز نقاط الضعف وتحقيق النجاح. وفي كل هذه المجالات، من المهم أن تكون الشدة متوازنة مع التعاطف والمرونة، الشدة لا تعني القسوة، بل تتعلق بالوضوح والالتزام والتوجيه بشكل إيجابي لتحقيق الأهداف. في النهاية، نجاح التربية يعتمد على التوازن بين الشدة والقسوة، النجاح فى عملك وحياتك وصحتك وعلاقاتك الشخصية، يحتاح الى التوازن أيضا، استخدام الشدة بشكل معتدل يمكن أن يكون مفيدًا لذا يجب تجنب القسوة لأنها تؤدي إلى تأثيرات سلبية.
1635
| 10 سبتمبر 2024
تُعبر مقولة الكاتب والمفكر الراحل ابن المفقع، «صحبة الأخيار تورث الخير وصحبة الأشرار تورث الندامة»، عن معنى الصداقة الحقيقية بشكل مختصر وعميق، من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن تشبيه الصداقة الحقيقية بالعلاقة بين العين واليد؛ حيث تشعر العين بالألم عندما تتألم اليد، وتقوم اليد بمسح دموع العين، مما يعكس الترابط والتكافل بين الأصدقاء. فالصداقة الحقيقية تتضمن التشارك في الأفراح والأحزان، حيث يكون الأصدقاء متعاطفين وداعمين لبعضهم البعض. فالأصدقاء هم الأشخاص الذين نرتبط بهم بعلاقات وثيقة وعاطفية، ويشاركوننا اللحظات الجيدة والصعبة في حياتنا، يمكن أن يكونوا من العائلة أو من خارجها، والصداقة تبدأ بالثقة، ويشملها الاستماع والاهتمام، والوقت والجهد، والتواصل الفعّال، بهدف بناء علاقات صداقة قوية ومستدامة. كما أنهم يلعبون دورًا حيويًا في حياتنا، ولهم أهمية كبيرة في مختلف جوانب الحياة، مثل، الدعم العاطفي، الرفقة ومشاركة اللحظات السعيدة، التشجيع والتحفيز، والتعلم لاكتساب مهارات جديدة من خلال تبادل الأفكار والخبرات، بل انهم يلعبون دورا اساسيا في الصحة النفسية، فوجود أصدقاء يدعموننا ويشاركونا حياتنا يمكن أن يحسن الصحة النفسية ويقلل من مشاعر الوحدة والاكتئاب، بالمجمل، الأصدقاء يسهمون بشكل كبير في تحسين نوعية حياتنا وتعزيز رفاهيتنا العامة. ولعل الصداقة بين النبي محمد صلي الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت من أبرز وأعمق العلاقات في التاريخ الإسلامي، فقد كان أبو بكر الصديق أول من آمن برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها، وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، رافق أبو بكر الصديق النبي في رحلتهما، كان له دور حاسم في حماية النبي وتأمين طريق الهجرة، كانوا يقيمون في غار ثور، وكان أبو بكر يعتني بنظافة الغار وتجهيز الطعام للنبي. وخلال فترة اضطهاد المسلمين في مكة، كان أبو بكر الصديق من الذين تحملوا الكثير من الأذى من أجل دعم النبي، ووقف بجانبه في مواجهة الصعوبات، وفي حادثة الإسراء والمعراج، عندما واجه النبي صلى الله عليه وسلم صعوبات في إقناع قريش بالحادثة، كان أبو بكر الصديق من الذين صدقوا النبي وأظهروا دعمه، ومن هنا جاء لقبه «الصديق». وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع الصحابة واختاروا أبو بكر الصديق ليكون خليفة النبي، وهو تعبير عن الثقة الكبيرة والتقدير الذي يكنه الصحابة لأبي بكر، هذه المواقف تظهر العلاقة العميقة والوفاء بين النبي محمد صلي الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما، والتي كانت نموذجًا للصداقة الحقيقية في الإسلام. والصداقة بمعناها الواسع تتطلب منا في بعض الاحيان الحذر، لان اكتشاف الصديق الصادق الوفي يتطلب وقتًا وتجربة، فهناك ايضا للأسف الصديق المؤذي صاحب الطاقة السلبية الذي يؤثر سلبًا على حياتك من خلال تصرفاته وسلوكه والتي تكمن فى نقده المستمر لك ليؤثر على ثقتك والانانية المفرطة لتحقيق مصالح شخصية. في النهاية، يصف سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه الصديق الصدوق بوضوح فى عدد من أبيات الشعر، مبينًا خلالها أن المودة الحقيقية قد تنقطع في بعض الأحيان، وأن الأصدقاء الحقيقيين يظلون بجانبنا في الأوقات الصعبة، بينما يغير البعض موقفه وفقًا للمصالح والظروف. تغيرتِ المودةُ والاخاءُ وقلَّ الصدقُ وانقطعَ الرجاءُ وأسلمني الزمانُ إلى صديقٍ كثيرِ الغدرِ ليس له رعاءُ وَرُبَّ أَخٍ وَفَيْتُ لهُ وَفِيٍّ ولكن لا يدومُ له وفاءُ أَخِلاَّءٌ إذا استَغْنَيْتُ عَنْهُمْ وأَعداءٌ إذا نَزَلَ البَلاَءُ يديمونَ المودة ما رأوني و يبقى الودُّ ما بقيَ اللقاءُ وان غنيت عن أحد قلاني وَعَاقَبَنِي بمِا فيهِ اكتِفَاءُ سَيُغْنِيْنِي الَّذي أَغْنَاهُ عَنِّي فَلاَ فَقْرٌ يَدُومُ وَلاَ ثَرَاءُ وَكُلُّ مَوَدَّةٍ للِه تَصْفُو وَلاَ يَصْفُو مَعَ الفِسْقِ الإِخَاءُ وكل جراحة فلها دواءٌ وَسُوْءُ الخُلْقِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ ولَيْسَ بِدَائِمٍ أَبَدا نعِيْمٌ كَذَاكَ البُؤْسُ لَيْسَ لهُ بَقَاءُ إذا نكرتُ عهداً من حميمٍ ففي نفسي التكرُّم والحَيَاء إذَا مَا رَأْسُ أَهْلِ البَيْتِ وَلَّى بَدَا لَهُمُ مِنَ النَّاسِ الجَفَاءُ
1725
| 02 سبتمبر 2024
الإحساس بالغربة وسط أهل الإنسان هو تجربة معقدة وعميقة تعتري الكثيرين في مراحل مختلفة من حياتهم. فالإحساس بالغربة ليس فقط انعزالاً عن المكان الذي تعيش فيه، بل هو أساساً انعزال عن الروابط الاجتماعية والعواطف التي تجعل الإنسان يشعر بالانتماء والتقارب مع الآخرين. تعتبر الغربة من الظواهر الاجتماعية التي تترك آثارًا عميقة على الأفراد والعائلات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالغربة بين أفراد الأسرة، لذا فإن تأثيرها النفسي والاجتماعي على الأفراد لا يمكن تجاهله. عندما يشعر الشخص بالغربة وهو محاط بأفراد عائلته أو مجتمعه، ينشأ تناقض داخلي يجعله يشعر بالعزلة رغم الوجود البدني للعلاقات من حوله. يمكن أن يكون هذا الشعور ناتجا عن اختلاف في التفاهم أو القيم أو حتى الهوية بين الشخص وبين أفراد محيطه. إذا كنت تشعر بالغربة وسط أهلك، فقد يكون من المفيد التواصل بصدق وصراحة معهم لفهم جذور هذا الشعور ومحاولة بناء جسور من التواصل والتفاهم المتبادل. قد يكون الحل في فتح قلبك وعقلك لتجارب وآراء الآخرين، وفي البحث عن نقاط التقارب والتواصل بدلا من التركيز على الاختلافات. فالغربة ليست نهاية العالم، بل يمكن أن تكون بداية لفهم أعمق للذات وللعلاقات الاجتماعية والثقافية. قد تكون تلك التجربة نقطة تحول في حياة الإنسان تجعله ينمو ويتطور نحو الأفضل، إذا تمكن من تحويل تلك الغربة إلى فرصة للتعلم والتطوير. الغربة بين الأهل تجربة مؤلمة تحمل في طياتها تحديات كبيرة، لكنها أيضًا فرصة للنمو الشخصي والتعلم. من خلال التكيف مع الظروف الجديدة والحفاظ على الروابط الأسرية، يمكن للفرد التغلب على مشاعر الغربة وتحقيق النجاح في حياته الجديدة. فلنحاول أن نفتح قلوبنا وأذهاننا لفهم الغريب والمختلف، ولنبني جسوراً من التواصل والتفاهم تجاه أهلنا ومحيطنا، لنعيش بسلام وتآزر داخل مجتمعنا.
2757
| 26 أغسطس 2024
جبر الخواطر هو مفهوم إنساني عميق يرتبط بالرحمة والتعاطف، ويعكس قيمة كبيرة في المجتمعات العربية والإسلامية، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبر الخواطر والذي يعكس روح الرحمة والعطف في الإسلام حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من لا يُجبرُ بخاطرِ أخيه المؤمنِ لا يُجبرُ اللهُ بخاطره. « وهذا الحديث يُظهر أهمية تلطيف النفوس ومواساة الآخرين ويدل على أن جبر الخواطر من الأعمال التي يحرص عليها الاسلام، تأكيداً على القيم الإنسانية، وعمومًا هو فعل يُثاب عليه المسلم، لكن هناك أجر مضاعف لأولئك الذين هم في أشد الحاجة إلى العطف والدعم. وجبر الخواطر يعني التخفيف من ألم الآخرين ومواساتهم وتقديم الدعم العاطفي والنفسي لهم، ويعكس الرحمة والإنسانية ويعزز العلاقات الإيجابية بين الأفراد.، وهناك دلالات تشير الى أن هناك أشخاصا يهتدون بالفعل بقول رسول الله سيدنا محمد عليه السلام، فالتشجيع والإصغاء والاستماع بتركيز واهتمام لمشاكل الآخرين واحتياجاتهم.. جبر خاطر، التعبير عن التفهم والدعم، والكلمات الطيبة وتقديم كلمات مشجعة ومطمئنة، سواء في أوقات الأزمات أو المواقف الصعبة.. جبر خاطر، وتقديم المساعدة في الأمور اليومية أو تقديم يد العون عند الحاجة.. جبر خاطر، الاهتمام الشخصي عن طريق السؤال عن الشخص بانتظام والتأكد من أنه يشعر بالدعم والتقدير.. جبر خاطر، التعاون في الفرح والأحزان، والتواجد في اللحظات المهمة لرفع المعنويات وتقديم الدعم... جبر خاطر. والدعم النفسي وجبر الخواطر مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، حيث يهدف كل منهما إلى تحسين الحالة النفسية للأفراد وتخفيف معاناتهم، والدعم النفسي هنا من ناحية جبر الخواطر له قواعد معينة يجب أن يسير الشخص عليها، منها، الاستماع باهتمام وبدون مقاطعة مما يعزز الشعور بالاهتمام والاحترام، ويخفف من عبء المشاكل، وأيضا تقديم التعاطف والتفهم لما يشعر به الشخص، وعدم الحكم عليه أو التقليل من مشاعره، ودعم الشخص بكلمات إيجابية ومحفزة، وتحفيزه على مواجهة التحديات بشكل إيجابي، وتقديم المساعدة في المهام اليومية أو عند الحاجة، والاستمرار في متابعة حالة الشخص وتقديم الدعم بانتظام، مما يعزز الشعور بالأمان والاهتمام. وفي الإسلام، يعتبر جبر الخواطر من القيم الإنسانية المهمة التي تنطبق على جميع الناس، لكن هناك فئات معينة يُشدد على ضرورة جبر خواطرهم بصفة خاصة، منها، الأهل والأقارب، بدءًا بالوالدين والأشقاء، حيث يكون العطف والدعم لهم جزءاً من بر الوالدين والرحمة بالأسرة، الأيتام كونهم في حاجة خاصة للرعاية والدعم النفسي، لذلك تُعطى أولوية لجبر خواطرهم، المحتاجون والفقراء تقديم الدعم والمساعدة لهم يعزز من الشعور بالكرامة ويخفف من معاناتهم، الأصدقاء والمجتمع، فالدعم والمساندة للأصدقاء والمجتمع يعزز من الروابط الإنسانية ويسهم في تعزيز القيم الاجتماعية. كما يعزز جبر الخواطر من النسيج الاجتماعي ويخلق بيئة مليئة بالرحمة والاحترام، مما يعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع وأيضا أفراد الاسرة، فتقديم الدعم العاطفي والاهتمام بالأم والمساعدة في الأمور اليومية، هو من مظاهر الامتنان والاحترام لها، فهي تعبت وسهرت لتربية أبنائها، وأيضا جبر خاطر الزوجة من خلال التشجيع والدعم، في الأوقات الصعبة والاحتفاء بإنجازاتها، والاستماع لمشاكلها ومشاعرها وإظهار الحب والاحترام بانتظام، وجبر خواطر الجيران من خلال التواصل والمشاركة في المناسبات والاحتفالات، وتقديم العون في الأوقات الصعبة، مع الحفاظ على علاقات جيدة بالتحلي بالذوق والاحترام في التعامل، واخيرا الأصدقاء من خلال تقديم الدعم في الأوقات الصعبة والتواجد في اللحظات المهمة،، ورفع المعنويات وتقديم النصح والإرشاد بحب وصدق. إذاً.. جبر الخواطر يساهم بصورة كبيرة في تعزيز الروابط الاجتماعية، تخفيف التوتر والصراعات، زيادة الإحساس بالأمان، والتعزيز من قيم الإيثار والرحمة، ويشجع الأفراد على تقديم المساعدة والتعاون في الأوقات الصعبة، وتحفيز العمل الجماعي، والمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة. أخيرا.. جبر الخواطر ليس مجرد فعل بل هو أسلوب حياة يعكس إنسانيتنا فكما يقول الشاعر والكاتب الانجليزي العالمي وليم شكسبير «إياك وكسر الخواطر فإنها ليست عظاماً تُجبر بل أرواح تُقهر «، فمن خلال تعزيز قيم التعاطف والرحمة، يمكننا جميعًا أن نساهم في خلق مجتمع أكثر تماسكًا ورفقًا.. لنجعل جبر الخواطر جزءًا من يومياتنا، ولنحرص على أن نكون سببًا في إدخال السعادة والراحة إلى قلوب الآخرين.
4035
| 19 أغسطس 2024
القدوة الحسنة هي شخص أو نموذج يحتذى به في السلوك والأخلاق والتصرفات، ويعتبر مصدر إلهام وإرشاد للآخرين، يتميز القدوة الحسنة بسمات إيجابية مثل الصدق، الأمانة، التواضع، والرحمة، فالقدوة الحسنة أساس بناء العلاقات الإيجابية وتعزيز التواصل الفعال بين الأفراد في المجتمع، فعندما يكون الفرد قدوة حسنة، يكون لديه تأثير كبير على من حوله سواء في المنزل، العمل، التجارة، بين الابناء والآباء، بين الاخوة. وتلعب القدوة الحسنة دوراً مهماً في حياتنا من خلال توفير نموذج إيجابي يُحتذى به، مما يساعد في تشكيل سلوكياتنا وأخلاقنا وتوجهاتنا، فقدوتنا الكبرى في الإسلام، النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يعتبر نموذجاً مثالياً يحتذي به المسلمون في جميع جوانب حياتهم، وقد حث الله تعالى في كتابه الكريم على الاقتداء والتأسي بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة بقوله: (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا). وهناك العديد من الأمثلة في الحياة اليومية لها ارتباط وثيق بالقدوة الحسنة، فالأب الذي يحرص على أداء الصلاة بانتظام ويشجع أبناءه على الالتزام بها، يُعتبر قدوة حسنة، والابن الذي يُظهر الاحترام والاعتناء بوالديه، ويحرص على تقديم الدعم والرعاية لهم، يُعد قدوة حسنة، والأخ الذي يُظهر التفاهم والمساعدة لإخوته، ويشاركهم في مسؤولياتهم ويستمع لمشاكلهم ويعزز من روح التعاون بينهم، يمثل قدوة حسنة في الأسرة. وأيضا القائد الذي يتعامل مع موظفيه بإنصاف واحترام، ويشجعهم على تقديم أفضل ما لديهم ويعترف بإنجازاتهم، يُعد قدوة حسنة في بيئة العمل، فالقيادة التي تتسم بالشفافية والعدالة تساهم في تعزيز الثقة والولاء بين الموظفين. وفي هذا الموضوع يجب على الشخص القيادي أن يعكس سمات القدوة الحسنة في عمله من خلال التزامه واهتمامه بجودة العمل والتعامل مع الآخرين بفعالية ومنها على سبيل المثل لا الحصر.. احترام الوقت فالقدوة المسؤول يُقدر قيمة الوقت، سواء كان ذلك في التزامه بمواعيده أو في تحفيز الآخرين على احترام الوقت. باختصار، المسؤول القدوة يُمثل نموذجاً يُحتذى به في التزامه بجودة العمل واحترام الوقت، مما يُشجع الآخرين على تبني نفس القيم والممارسات. كما تُعتبر ربة المنزل قدوة حسنة عندما تُظهر سمات إيجابية في إدارة شؤون المنزل، فربة المنزل التي تحافظ على نظافة المنزل بانتظام وتحرص على ترتيب الأماكن وتنظيفها بشكل مستمر تُعد قدوة حسنة، وعندما تظهر ربة المنزل تفانيها في أداء مهامها المنزلية بروح إيجابية ومتفائلة، فهي تعزز من قيمة الالتزام والعمل الجاد، هذا السلوك يُلهم أفراد الأسرة الآخرين للمشاركة بفعالية في مسؤوليات المنزل، وإشراك الأسرة في الأعمال المنزلية، بشكل منتظم، وتُعلمهم كيفية أداء الأعمال بطريقة منظمة، فهي تساهم في تعزيز روح التعاون والاحترام بين أفراد الأسرة، لذلك فان ربة المنزل يجب أن تكون قدوة لجميع أفراد الاسرة، أبناء وأحفاد حتى العاملات داخل المنزل. بل تعتبر القدوة الحسنة محورية في بناء سمعة تجارية قوية وتعزيز الثقة بين الأطراف المختلفة، فالتاجر الذي يلتزم بالصدق ويعرض المنتجات بوضوح وشفافية دون محاولة التلاعب أو الغش يُعتبر قدوة حسنة، وعندما يتعامل التاجر مع البائعين والعملاء بشكل عادل ويمنحهم حقوقهم كاملة دون استغلال، فهو يُظهر نموذجاً يُحتذى به في التجارة، يشمل ذلك تقديم أسعار عادلة، وعدم التلاعب في الكميات أو الجودة. والسؤال هنا «هل نحن فعلاً قدوة حسنة للآخرين؟» هذا يستدعي تفكيراً عميقاً في سلوكياتنا وتأثيرنا على من حولنا، لتحديد ما إذا كنا قدوة حسنة، لذا يجب علينا لكي نكون قدوة حسنة أن نتبع مبادئ وقيما أخلاقية سليمة في تعاملاتنا اليومية والتصرف بصدق، وأمانة، واحترام للآخرين، الالتزام بالقيم والمبادئ، والعمل على تحسين أنفسنا باستمرار وأن نسعى لتصحيح الأخطاء؟ والشفافية والعدالة في تعاملاتنا وقراراتنا؟.. فالتقييم الصادق لهذه النقاط يمكن أن يساعد في تحديد ما إذا كنا نعمل كقدوة حسنة، وما نحتاجه لتحسينها.
2040
| 12 أغسطس 2024
لفت انتباهي خلال تصفحي لوسائل التواصل الاجتماعي وجود كم كبير من التعليقات والصور المعبرة، عن العلاقات بين الاخوة، خاصة العلاقة مع الاخت الكبرى، وأكثر ما أعجبني، هي التعليقات الايجابية، والإشادات الكثيرة بالجهود التي تقوم بها الاخت الكبرى بداية بالاهتمام بكل أفراد الأسرة من الأب، الأم، الأخوات، وصولا للاهتمام بشؤون المنزل، والمشاركة فى حل المشاكل داخل البيت. نعم.. الأخت الكبرى ليست مجرد أخت، بل هي في نظر البعض الأم الثانية، فجميع من في البيت يحتاج اليها، والأصغر منها سناً يعتبرونها المثل الأعلى وقدوة يقتدون بها، كما أن للأخت الكبرى دوراً كبيراً في البيت حيث تعمل على توجيه اخوانها الأصغر منها سناً وتتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليتهم، وهي السند والقوة وهي الحضن الدافئ. وقد قدم لنا القرآن الكريم مع قصة أم موسى صورةً للأخت، فمجمل ملامح شخصية أخت موسى عليه السلام أنها كانت فتاة فطنة لبقة ذكية فصيحة، تمكنت من إعادة أخيها إلى أحضان أمها دون أن يشعر فرعون، قال الله تعالي « وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» (القصص: 11) ورغم ذلك، فان الأخت الكبرى هي أكثر فرد في العائلة الذي يتأذى لأنها من صغرها حملت على عاتقها متاعب الحياة رغم أنه كانت يجب أن تعيش حياتها مثل باقي البنات لكن من الصغر تحملت المسؤولية بل هي أكثر شخص مر بالمصاعب،، وفي الوقت نفسه تضحي وتصبر وتتألم بصمت، من دون أن يشعر بها أحد من أخوتها، لأنها دوماً تظهر لهم الفرح والراحة، وتنسى نفسها دائماً، كما أن طبيعة المسؤوليات التي تتحملها البنت الكبرى متمثلة في القيام بالأعمال المنزلية، وتحمل مسؤوليات الصغار من أخوتها، خاصة في الوقت الذي بدأت فيه الأم تتجه إلى العمل، والمشاركة في الحياة العامة. وبين القبول والرفض لفكرة دور الاخت الكبرى، يرى البعض ان هناك جانبا من التحكم والسيطرة، وفي أغلب الأحيان تكون شخصية الأخت الكبرى شخصية صارمة فيها الكثير من صفات الأم والأب وأفكارهم وطريقة تصرفهم، إلا أن الاغلبية اجتمعوا على شيء واحد الا وهو «الطاقة الايجابية» التي تبثها الاخت الكبرى فى محيطها، فمجرد وجودها يمنح الشعور الكبير بالأمان والاستقرار، وهي القدوة للأخوة والأخوات، ويعوّل الأم والأب عليها كثيرًا على اعتبار أنّها المرجعية لإخوانها وأخواتها في تعلّم الأخلاق ويتعلمون طريقة التصرف الصحيحة، وتتحمل الأخت الكبرى مسؤوليات كثيرة في البيت، حيث يلقى على عاتقها أشياء كثيرة. إذاً.. الأخت الكبرى بمثابة الجسر العائلي الذي يربط بين الجميع، لذا، احترام الأخت الكبرى يكون من احترام الأم، لأنها رمزٌ للأخوة الصادقة والحب، رمز الأمان والطمأنينة والاستقرار.
3090
| 06 أغسطس 2024
«بر الوالدين والإحسان»، من أحب الأعمال إلى الله، ويسهل الطريق إلى الجنة، ويبسط الرزق، فالمعاملة السيئة لهما قد تغلق أبواب التوفيق والنجاح والرزق، فقد قال الله تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين». وبر الوالدين اتفق العلماء على أنه من كمال الإيمان، وسبب في انشراح الصدر والنور التام في الدنيا والآخرة. بالبر يبارك الله -تعالى- للإنسان في رزقه وعمره، كما يعد بر الوالدين تكفيرا عن الذنوب ومغفرة عظيمة، وسببا لانفراج الهموم ودفع البلاء وشرور الدنيا ومفاتنها، وقد وردت كلمة «الوالدان» في القرآن الكريم في أربعة عشر موضعاً، والبر في ثمانية مواضع، وذكر لفظ الأبرار في ستة مواضع. وبر الوالدين هو أعلى درجات العطاء عند الله سبحانه وتعالي، وليس كل إنسان يستطيع الوصول لهذه الدرجة، لأنه شيء كبير، لذا فان بر الوالدين هو أقصى درجات الإحسان إلى الوالدين، فالبر الحقيقي حينما يكون الإحسان والسمع والطاعة للوالدين، فالاهتمام بأمرهما بر، وهو من أعظم الإحسان إلى الوالدين، فالإحسان ممكن أي شخص يقدمه لوالديه من خلال المعاملة الطيبة، وأن يخفض لهما جناح الذل، والتحدث معهما باحترام، ليصل بذلك الى الدرجة الأرفع وهي البر. وقد حرص الإسلام على بر الوالدين وقرن طاعتهما بطاعة الله، بل وجعل إحسان المرء لوالديه من أعلى درجات الإحسان التي بها الأجر والسداد والتوفيق في الدنيا والآخرة، وقال النبي محمد ﷺ: (من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله) وبر الوالدين ليس في حياتهما فقط بل حتى بعد وفاتهما، وذلك عن طريق زيارة قبورهما والاستمرار بالدعاء لهما، فجملة «ولد صالح يدعو له» جاءت في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، والمقصود هنا بالولد الصالح الولد المؤمن. أما عقوق الوالدين فهو من الكبائر، فقد حرم الإسلام عقوق الوالدين وعده من كبائر الذنوب، وجاءت نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة حاثة على البر ومحذرة من العقوق في حق الوالدين في مواطن كثيرة. وهناك العديد من المظاهر والأعمال التي تعد صورة من صور عقوق الوالدين، مثل التفوه بكلمات بذيئة وسيئة معهما، والنظر إليهما بغضب واستهانة وذكر عيوبهما وإحراجهما أمام الناس وخاصة عند كبرهما، وأيضا ترك الإنفاق عليهما عند كبرهما وترك مساعدتهما، وعدم الجلوس معهما وقت الحاجة، والتأخر في قضاء حوائجهما، وقلة زيارتهما، وعدم الاهتمام برأيهما أو استشارتهما في الأمور، مما يشعرهما باستغناء الولد عنهما.
1293
| 29 يوليو 2024
لخص الفيلسوف والطبيب والموسيقي الألماني ألبرت شفايتزر، مفهوم العلاقات الإنسانية في جملة واحدة «غاية الحياة الإنسانية خدمة الآخرين والتعاطف معهم والرغبة في مساعدتهم»، وكما هو معروف فإن العلاقات الإنسانية بمفهومها العام، تطلق على مجموعة من الروابط القائمة، من بينها الروابط بين الأفراد والجماعات، وبين الأسرة من أبناء وآباء، وأيضا في العمل بين الزملاء والأصدقاء، وهذا يعني أن العلاقات الإنسانية، متمثلة في كافة جوانب الحياة. وهناك من تناول موضوع العلاقات الإنسانية من أكثر من منظور، منها المنظور القرآني، ومنظور التربية، العلاقة بين الزوجين، العلاقة بين الآباء والأبناء، العلاقة بين الأصدقاء، فالروابط التي تجمع بين الناس كثيرة ومتعددة بدءا من رابطة الدم، وحتى رابطة العقيدة التي تعد من أقوى الروابط وأمتنها. ومن المؤشرات المهمة لنجاح هذه العلاقات الإنسانية «الاحترام»، فكما قال وليم شكسبير «الاحترام لا يكلف شيئًا لكنه يعني الكثير»، فالمجتمع بحاجة إلى ممارسة الاحترام، في المدرسة بين الطالب والمعلم، في العمل بين الزملاء، في المنزل بين الزوجين والآباء والأبناء، فالاحترام صفة لا تقلل من شأن الإنسان، بل تعطيه رفعة وعزة وشموخاً، كما أن الاحترام صفة فريدة لها تأثير بشكل إيجابي على الآخرين. ومن هنا نجد أن «فن إدارة العلاقات الإنسانية»، يبدأ بالاحترام، فبداية اليوم بابتسامة.. احترام..، تقديم المساعدة لكبار السن، والمرضى.. احترام..، الالتزام بالمواعيد.. احترام.. التعامل بتواضع مع الآخرين.. احترام..، حسن الاستماع للآخرين.. احترام.. بصورة عامة فإن الاحترام صفة لا تدرس في المدارس والجامعات، بل ينبع من داخل الإنسان من خلال مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية، فالشخص المعني بالعلاقات الإنسانية قادر على احترام الآخرين لذا فإن الاحترام ينشأ من داخل الإنسان ويبدأ يتطور معه من المنزل، ثم إلى المدرسة والجامعة، ومكان العمل، فكن محترما لتكون قدوة لنفسك ولغيرك.
1281
| 25 يوليو 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4158
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1602
| 02 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1497
| 07 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
900
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
654
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
612
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
558
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية