رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صرخات ألم وحياة تغشى أرجاء الغرفة، تنذر بانبلاج روح جديدة في هذه الحياة، تتلألأ طهراً وبراءة، قليلة الحيلة، طرية البنية، كل ما تبصره يبدو غريباً عن عالمها، ذلك العالم المحدود في قرار مكين، فهي تراه لأول وهلة، فترى أحداقها تتقلب في أرجاء المكان تحاول أن تكتشف أكثر، لتجيب عن أسئلتها: أين أنا؟ ومن هؤلاء؟ ولماذا أنا هنا؟ ومن جاء بي لهذه الدنيا دون أن يكون لها الحق في القرار؟ وما كمية هذه الوجوه المستضحكة؟! اهل يبتسمون لها؟! أم يتبسمون لاكتمال سعادتهم في مراسم احتفال مبهرج، يُحيونه بعيداً عن الاكتراث لمشاعر هذه الكبد الرطبة، أما هي فتعاني صعوبة حل الأسئلة، وعلامات الاستفهام التي تتقافز هنا وهناك تبحث عن أجوبة! هكذا يأتي الإنسان لهذه الحياة بلا حول ولا قوة بعد الله تعالى، لم يختر اسمه ولم يختر والديه وعائلته ولا قبيلته وبيئته ولا جنسه وجنسيته، ليكون جزءا من واقع فرض عليه، ففي وجوده إما نعمة لغيره أو نقمة، ولكنه يجهل ذلك، فالعلم عند علام الغيوب، فهو مذ نعومة أظفاره يقر بالتسليم المطلق لله سبحانه ويفوض أمره لله في المقبل من الأمور، دون شعور منه بذلك، فهو كاللوحة البيضاء لم يتم تلويثها بالألوان السامة وغير المتناسقة بعد. فهي روح قد أضيفت لأكوام أرواح لا تعلم إن كانت فرحة لغيرها أم شقاء على نفسها، ولن تستطيع أن تفهم ذلك في وقتها، ولكن ربما غداً ويا ويل قلبي من غدِ. وينمو ذلك المخلوق ويتشكل يوما بعد يوم، وعبر تواتر السنين، عندما نعود لنلقي نظرة على لوحته البيضاء فسوف تفزعك بشاعة الألوان المتبعثرة هنا وهناك بشكل عشوائي، والصور المشوشة والرسوم الفوضوية، وربما قد نجد هناك انسجاماً باهتاً في بعض الخطوط والألوان ولكن ما زالت اللوحة غير مفهومة، وما زال لا يستطيع أن يعبر عنها. فيلهث طوال طريق العبور يحاول قراءة اللوحة وفك شيفرتها، وتتبع ألوانها المتشتتة، فيتخبط في مسارات رونقها غير مدرك لقلب عمقها السحيق، ويلاحق أفكارا لا يسبر أغوارها، ويطلب شغفاً يتلألأ في نفسه فبات سراباً في صحراء رحلته القاسية، أو ربما ركب الوقت في سباق مع الزمن، من أجل حاضر يرهقه أو مستقبل يؤرق مهجعه، فتراه يوماً ظالماً وآخر مظلوماً، ومرة غالباً وأخرى مغلوباً، وسعيداً حيناً، وكثير من الأحيان مهموماً حزيناً، وتارة يكون كالنار الحارقة يتلظى لهيبها، وأخرى كماء الينبوع قد رقت حواشيه وأرهفت، وهو في هذا الحال بين مد وجزر، وتسارع وتباطؤ، وتمدد وانكماش، تعجنه سود الأيام وتبريه السنون، وتجرفه السيول صعوداً وهبوطاً، وتفرمه تروس الظروف بأسنانها الماضية، إلى أن يستفيق من جنونه وقد أدرك آخر المعبر، مذهولاً نادماً، ولكن بعد أن غيض الماء، وهُزم الجيشان، وباغته الناعيان، وعاد غريباً كغربة الأمدان، فقد غفل عن زاد رحلته، وغاية خلقه ووجوده، ووصل إلى حدود الخاتمة، محسوراً مذموماً، فلم يستوعب أن حضوره اليوم بعد أن تلاشى ذلك العائق الصعب ليصل إلى الوجود الرحب، إلى الخلود، أهم لحظة كان يتوجب عليه الانتباه إليها والعمل لحين وقوعها، فها هو يعود كلحظة الميلاد غريباً في بضعة أمتار، تحت سقف المجهول معزول وحيد، غابت عنه تلك الوجوه المستبشرة، واختلفت أشكال المراسم، ولكنه يعود مرة أخرى يبحث عن أجوبة ويحاول حل الأسئلة، إلا من رحم ربي، فتسلح بحبل الإيمان وتزود بالعلم والفكر المستنير، وجاهد نفسه ودنياه حتى النهاية، وسخر قوته وقدرته وأدواته في خدمة الأرض، والإنسان، وطال نفسه حتى آخر السباق، فلا يكترث لجائزة الدنيا بينما تنتظره مكافأة الآخرة، ولا يبالي لشهرة، فإن غيّبته فلول الأرض، فهو حاضر لدى ملوك السماء، فهو لن يرتقي المجد والرفعة سلماً للسماء، وإنما سيصنع مصعداً بأعماله الحسنة وأفعاله الطيبة وبطولاته وإنجازاته الخفية، فتخفى عن الناس ولا تتوارى عن ربهم. فما الذي جعله على هذه الحال؟ ألم يختَر له كبيرا؟ ألم يجد له حكيما؟ ألم يكن له رحمن رحيم؟ ظل يصارع زوبعة الحياة ويتعارك مع رياحها النكباء، بسيف مهزوم ودرع من عهنٍ منفوش، لم يتذوق الراحة ولم يهنأ بالسعادة ذلك الحلم الكاذب الذي دفع ثمنه غالياً ليتحقق ولن يتحقق أبداً، لقد رأى كل شيء وغاب عنه أثمن شيء، ذلك الكنز الذي كان بين يديه ولكنه كان يتناساه كثيراً، أو ربما غفل عنه، ودفنه على الرف أزمنا ودهورا، فلو رأى ضرورته لروحه كما يرى ضرورة الماء لجوفه واستمراره، ولو أدرك أنه لا مجد ولا حضارة ولا علم من غيره، فلو اهتدى بهذا الدليل في هذا المسير المضطرب، لسيق لبر الأمان سوقاً، ومضت الرحلة في اطمئنان، ولكن هل يتعظ الإنسان؟! «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا».
903
| 24 يوليو 2022
المواطنة حقوق وواجبات، ومن يعتقد دائماً أن المواطنة هي حقوق فقط فإنه يجانب الصواب إلى حد كبير. وكل علاقة تنشأ على قطبي الحقوق والواجبات؛ لا يمكن أن تستقيم على قطب واحد فقط وبالتالي تفقد التوازن وتفتقر إلى العدل. فنحن كمواطنين ننتظر حقوقاً كبيرة من الدولة (كتوفير الاحتياجات الأساسية للعيش بالإضافة إلى كفالة الحرية والأمن والاستقرار) ونطالب بحقوقنا بكل ما أوتينا من قوة وبكل ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وهذا لا بأس به إذا كنا نقدم أيضاً ما علينا من واجبات. إن المواطنة هي بمثابة ميثاق شراكة يتقاسمه الوطن والمواطن، ويقوم على أساس التبادل في الحقوق والواجبات، والمساهمة في تحمل المسؤولية وإرساء الحقوق وتطويرها، والحرص على تنفيذ الالتزامات، مع الأخذ في الاعتبار مصلحة الوطن أولاً ثم المواطن، فالكل فانٍ ويبقى الوطن شامخاً تتعاقب عليه الأجيال، إلا إن الأوطان لا تنهض إلا بفكر وسواعد أجيالها، فإذا ما كان إرساء الحقوق وإنماؤها هي مسؤولية مجتمع، فإن الواجبات بالتبعية ينبغي أن تؤدَّى على أكمل وجه من كلا الشريكين، بالتوافق بين صالح المجتمع ومصلحة الأفراد، فبالمشاركة يتحرر الأفراد ويتحقق التقدم والازدهار والنمو، وذلك في سياق ترسيخ دولة سيادة القانون وتساوي الفرص، وصورة من صور الحداثة والسيادة، فعلى قدر همتك في التجديف يشق المركب طريقه بين أمواج خضم لها زئير لا يرحم في رحلة النمو والتطور، إن ثقافة الأخذ قد بلغت مبلغاً عظيماً في المجتمع، وبدأت تقوض مفهوم العطاء وتحد من توسعه وتأصله في النفوس، وهذا مؤشر خطير لا يمكن إغفاله، فالأخذ كما يتسق مع الحقوق فإن العطاء يتسق مع الواجبات، ولذا لا يجب أن يطغى أحدهما على الآخر فيحدث الاختلال في كفة الميزان، فبينما يقر معظم الناس مبدأ الأخذ أولاً ثم قد يفكر في العطاء، وبينما نرى أن الاتجاه السائد لدى فئة كبيرة من الناس تتمحور في كيفية الاستحواذ أولاً، ثم يعقبه التفكير فيما سيقدم بالمقابل، فماذا لو قلبنا المشهد قليلاً، ليكون العطاء هو الفاعل الرئيسي في المعادلة بينما الأخذ هو نتيجة للعطاء لا سبباً فيه. لنضع أنفسنا في هذا المرأى، والذي يقرر قيمة العطاء كسمة أساسية في التفكير والاعتقاد والتعامل والظن بالآخر، فأنت تعطي قبل أن تأخذ، وتفكيرك قائم على أساس ماذا ستقدم؟ قبل أن تتوقع على ماذا ستتحصل؟ فكيف ستكون انعكاساته على حياتك وطمأنينتك، حيث لن تقلق من شيء باعتبارك مصدراً للعطاء لا مستجدياً له، فمهما كان دورك وموقعك في الحياة فأنت الفاعل فيها بحكم عطائك، فلن تنتظر أيادي الحياة لتمتد إليك، بل أنت من يبسط كفه لها، فينقلب حال أهدافك ورؤيتك في الأشخاص والحياة والعمل والعلاقات والمسؤوليات، من ضيق الأخذ إلى براح العطاء. فما أروع أن تكون سحابة في سماء هذا العالم تجود بهماليل البذل والكرم. وقبل أن نتمسك بالمطالبة بحقوقنا، علينا أن نعي تماما ما علينا من واجبات، فلم تعد تكاليف المواطنة ومسؤولياتها كاملة على الدولة وحسب، بل إن المعادلة لا تستقيم إلا بتكامل طرفيها، ومن هنا جاء الإيمان بضرورة الالتزام بواجبات وحقوق المواطنة وضرورة العمل والمشاركة في التنمية الوطنية، والحفاظ على السيادة الوطنية وصون الحريات واحترام حق الرأي والاختلاف، والحفاظ على المكتسبات وتسخير المقدرات للنهوض بالفرد والمجتمع.
537
| 17 يوليو 2022
من الجميل أن يكون للإنسان مبادئه وقيمه السامية، وأن تكون له رسالة نبيلة، يعمل على إيصالها وخدمتها في هذه الحياة، بل ويدافع عنها برغبة تنبع من إيمان وثيق، ويحاول بثها والعمل بها بين أطياف المجتمع، فبجانب اهتمامنا بمصالحنا المادية وكيفية تنميتها وتطويرها والدفاع عنها، يتوجب علينا ألا نغفل أهمية وجود رؤية ورسالة لحياتنا، وأشواق وآمال وطموحات نسير وفقها، ونسعى لتحقيقها متجاوزين في ذلك جميع المصالح المادية التي تربطنا بالأرض، إلى تلك المصالح التي تعلقنا بالسماء. على أن كل من لديه تلك المفاهيم ويحاول أن يطبقها في حياته، فهو بذلك يناضل في سبيل بلوغها، بل وقد يضحي في سبيلها، فكم من البشر من آمن بقضية معينة أو فكرة أو مجموعة من الآراء، فيجد نفسه مقاتلاً شرساً في الذود عنها، وهنا إن لم يتنبه للأمر، فقد يقع في شباك التعصب، والتزمت لما يناصره ويدعو إليه، فيبالغ في إظهار محاسنه، وينسب إليه من الفضائل ما ليس فيه، فيقع في الغلو والتوهم، محاولاً بذلك أن يجذب الآخرين نحو ما يعتقده ويؤمن بصحته، وهذا بعيد عن احقاق الحق وإرساء العدل، والامتناع عن مدح النفس، فلا يمدح الإنسان نفسه إلا عند الحاجة كما اقتضت الشريعة الإسلامية. ولا ينطبق ذلك على المناضل وحسب، فهناك بعض من الناس، في حياتهم اليومية، من يسرف في مديح نفسه، والثناء على ما يقوله أو يفعله أو يقتنيه، ويبالغ في الذم والتبشيع فيما يقوله أو يفعله أو يقتنيه الغير، فهم متعصبون لذواتهم، يرون أنهم في أعلى الترتيب، فلا يمكن لأحد أن يفوقهم، علماً ومالاً وذكاءً ومنطوقاً وحسباً ونسباً....الخ، لا يقولون ولا يفعلون إلا ما هو صائب، وما يقول ويفعل الغير فهو بلا قيمة، كما يعتقدون. والإنسان حين يناضل عن أفكاره وينتصر لقضاياه، ينبغي عليه أن يتحرى الموضوعية، فينزل الحق منازله، فلا يذم الآخرين، ولا يجتهد في فضح عيوبهم، ولا ننكر إننا قد نتفهم ذلك، فالأمور لا تبين ولا تتضح إلا بأضدادها، وعقد المقارنات لإثباتها، فمن يتزمت ويتعصب لأمر ما، يلجأ لإبراز ثغرات وأخطاء ما يناقضه ويخالفه، وبالتالي فإنه يغذي روح التعصب، ويقع في مشكلات التصنيف والتنميط، فهذا إخواني، وذاك سلفي، وآخر إسلامي ليبرالي أو يساري...الخ وقس على ذلك من التصنيفات المتعددة، التي تنتشر هنا وهناك، في المجالس، وعلى منصات التواصل التي لا تهدأ، وبين الشباب والصغار أيضاً، فهم ينهلون من بيئة مسمومة، ولا يستثنى النساء من ذلك، بل لهم نصيب الأسد في التفنن في أشكال التصنيف والتنميط، ومعظم هذه الأحكام قد بنيت على الظنون أو التأويلات غير الدقيقة، وبذلك فلا يتوقع أن يقف الآخر مكتوف الأيدي، بل سيأخذ على عاتقه، الرد بالمثل، فيدخل بذلك في دوامة لا خلاص منها. ومن يدخل في دائرة التعصب، يعمى على بصيرته، فيحول ذلك دون التفكر في آرائه، ونقدها، فجل همه هو الترويج لأفكاره، ونشرها، فيعرض عن نقدها، ويدأب على نشر فضائلها، وتبيان محاسنها، ويغفل عن تقييمها ونقدها نقداً ذاتياً، بغية الوصول إلى افضل ما فيها، فلا غنى للأفكار عن النقد والتقييم، وإلا ذوت وجفت وتحجرت. وقد يضيق البعض بالواعظين والنصّاح، فيعرض عنهم، ويصم الآذان عن قولهم، وهذا من مظاهر ضعفه، وغطرسته، أن لا يتقبل نقداً، ولا يستمع لتعليق لا يشتهيه، بينما النقد هو عصب التطور، وأساس الارتقاء إلى الأفضل والأحسن، فبناء سور عتيد حول الأفكار وعدم السماح بانتقادها يؤدي إلى تزايد فرص الوقوع في الأخطاء، وقد خبت ثقافة النقد والتناصح بين الناس، فغاب الناصحون والوعاظ، بعد أن سيطر عليهم الخوف مغبة الوقوع في الحرج، والقيل والقال، ومهابة النبذ من الآخرين، بعد أن أصبح الناصح مكروهاً، مرفوضاً، فركنوا إلى الصمت، مرغمين لا مختارين. ومن هنا كان الانفتاح مهماً للحد من التعصب والتحيز، فالانغلاق على الفكر، وعدم تقبل مختلف الآراء والأفكار، يزيد من دائرة الخصوصية، ويبعث النفور من كل رأي مخالف ومختلف، كما أن الإقرار بأننا مختلفون، وبأننا جميعاً لدينا بعض التحيزات وربما نوعاً من التعصب، شئنا أم أبينا، فمهما ارتفع الوعي لدينا، ستظل رؤيتنا عن الآخر ناقصة، فمن الصعب بلوغ درجة عالية في فهمنا للآخرين، وبالتالي يصعب الوقوف منهم موقفا صحيحاً، وإذا كنا نعترف بمحدودية فهمنا لذواتنا، فإن محدودية فهمنا للآخر أشد وأصعب! كما أننا لا يمكننا أن نتصور مقدار الضرر الذي قد يلحق بالآخرين، إلا إذا تخيلنا وجودنا في محلهم، فإن كان ذلك، تمكنا من الشعور بمشاعرهم، ووقفنا على أسباب تفكيرهم، فقد نكره ما يكرهون، ونحب ما يحبون، ومن ثم يمكن أن نقلل من حدة التحيز أو التعصب تجاه الأشخاص، أو آرائهم وأفكارهم. وأخيراً فمهما بلغت منهجية التفكير لدى الإنسان من النضج والبلوغ، ومهما تمتع بطاقات ذهنية بالغة،فإن فرص الزلل واردة، في طريقه لفهم الواقع ومعالجة قضاياه، ولكي يصل المناضل عن آرائه وقضاياه إلى غاياته، أصبح لزاماً عليه أن يتخلص من قيود النفس، قبل أي قيود أخرى، فلا يخضع لسيطرة التعصب، ولا يخنع للانغلاق، وينهج نهج النضال الحر، فيمارس التعقل في التفكير والتدبير، ويتحلى بروح الموضوعية والانفتاح، وأن يتقي الله في كل ما يقول ويفعل، وأن يلتزم الحذر من الوقوع في فخ الظنون، فلا يميل مع هوى النفس الظالمة المجحفة، فيخسر دينه، وقضيته، ومجتمعه. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
1942
| 20 مارس 2022
في مطلع تسعينيات القرن الماضي بزغ محرك جديد من محركات الهيمنة والسطوة العالمية، حيث فاق إدمان المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي قدرة المحركات العادية في السيطرة والتحكم، وما زال ذلك في اضطراد مخيف، دون رادع أو حسيب، وقد يسر المجال لظهور حالة من الفرار من الواقع الفعلي، سيطرت على الكثير من رواد هذه المواقع، ولعل هذه الحالة تتمظهر وبشكل جلي لدى كثير من المثقفين، من أصحاب الذمم والكلمة المخلصة، حين دفعهم الواقع المتنافر، المليء بالمتغيرات والتناقضات الصادمة وغير المعقولة، إلى اللجوء إلى مثل هذه المنصات، وبرامج اليوتيوب، واللقاءات الحوارية، حيث يشعرون بنوع من الرضا والاستحسان في التواجد مع الكاميرات، والمقابلات المتلفزة التي يمارسون فيها التحليل والتنظير كبديل عن التعامل الملموس والفعلي مع البشر وديناميات الحياة التي قد تفرز عن بلبلات فكرية، واجتماعية، وثقافية، ونحوها وتحدث نوعاً من التشتت النفسي والعقلي لدى المجتمعات بجميع أطيافها. لقد انتقل الصراع الايديولوجي إلى ساحات التواصل الاجتماعي، من فيسبوك وتويتر... إلخ، وتواصلت الحروب الفكرية، والإعلامية دون هوادة، بل استخدمت أعتى أنواع التأثير اللفظي والبصري، وكل ذلك كان فعليا بنتيجة عدمية، عاجزة، استنفدت القوى، واستنزفت الهمم، وفقدت الغاية، وابتعدت عن المعارك الحقيقية على أرض الواقع، التي تحتاج إلى أكثر من منصات دعائية، وأدوات حقيقية، ومواجهات فيزيائية. فهل تنازلنا بهذه البساطة عن حقنا في نصرة قضايانا، واستكمال مشوار النضال الحقيقي والفعلي، والذي يحتاج إلى الحضور، والتواجد الفيزيائي البين الظاهر بصفته الرسمية، والمواجهة الجادة الحثيثة، وبذل الجهد، الذي آخذناه على عواتقنا، من منطلق الإيمان والواجب والإخلاص !! فأين الإخلاص من ذاك المشهد؟!! هل فكرت ملياً أيها المثقف، يا من فضلت أهون أنواع الجهاد في قضاياك، في سؤال: ماذا بعد؟ قد طرحت أطروحاتك واتجاهاتك الفكرية، ومقترحاتك، ثم ماذا؟ ما نتائج ذلك؟ لقد تكاسلنا حتى عن أضعف واجباتنا، وتقوقعنا تحت مظلة الافتراضية، لترضي فينا ذلك الشعور بالمسؤولية التي هي واجب كل مثقف غيور. إن اختيارنا الدخول إلى سجن العالم الافتراضي، وتفضيلنا ساحته لخوض معاركنا، والابتعاد عن ساحة المواجهة والقتال الحقيقي، يجعلنا نخسر المعركة قبل أن تبدأ، فاختيار أرض المعركة المناسبة من أبجديات الحروب، ومؤشر من مؤشرات الانتصار والفوز بالمعركة، بجانب أن كل ما يحدث على مواقع التواصل من سجالات وكر وفر ومناقشات واقتراحات وإنجازات سيبقى افتراضياً لا أكثر، لا يحل ولا يربط، في حقيقة واقعنا وبناء مستقبلنا، بينما التحرر من هذا السجن، والقتال في ساحات الحياة، والدفاع عن القضايا المهمة، هو المحك الحقيقي لإيجاد التغيير المنشود. إن هروب المثقفين الذين يشكلون انعكاساً لجانب مؤثر من المجتمعات، والذين نعول عليهم الأمل في التغيير بجميع مساراته، إلى ساحات المعارك الافتراضية، والبرامج التلفزيونية، يحللون ويناظرون، ويدلون بدلوهم، دون نتائج حقيقية تذكر، يعد انسحاباً وانهزاماً سافراً، وتنحياً عن أهم الملفات والقضايا، التي تستوجب الاتصال الفيزيائي بين نخب المثقفين الذين يعبرون عن ايديولوجيات متعددة، واتجاهات ثقافية وسياسية وفكرية متباينة، تثري النقاش، وتفسح المجال لفهم أعمق وأشمل لديناميات الواقع المعاش، الذي يحتاج من هؤلاء النخب، عدم الاستسلام لمحرك السيطرة الأعظم في وقتنا الحاضر، والاكتفاء به، لأنه الأكثر سهولة ويسرا، ولكنه في الوقت نفسه لا يحقق النتائج. أما آن الأوان لنمزق تلك الشرنقة التي أشعرتنا بدفء زائف، أمام موجات البرد التي تعصف بأمتنا ومجتمعاتنا وقضايانا؟! لكم القرار دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
2884
| 13 مارس 2022
"لقد قيل إن السلطة تُفسد، ولكن في الحقيقة الأكثر صحة هو أن نقول إن السلطة تجذب الفاسدين، فعادة ما ينجذب العقلاء إلى أشياء أخرى غير القوة والسلطة"، هذا ما قاله غلين ديفيد برين الكاتب الأمريكي المعروف. من طبيعة البشر، أن يعملون لمصالحهم ولصالح أنفسهم وذريتهم، وهو بذلك يفعل ما يفعله الإداري أو السياسي الفاسد الذي ما إن يستقل منصباً يمنحه السلطة والقوة إلا وتبع هوى نفسه، وأرخى لها الحبال فصالت وجالت وتفننت في ظلم العباد، وسعت لاحتكار المنافع التي يخولها ذلك المنصب الحصول عليها، وأغدقت على من يصفق ويطبل لها، وحرمت ومنعت كل مخلص وطموح. ونجد أن الإسلام حارب وبشدة انفلات هوى النفس، وأمر بكبت هذه الغريزة وتوجيهها التوجيه السليم، وذلك ما قرره حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". إن الخوف من فقدان السلطة في أي وقت يصاحب الأشخاص الذين يصلون إليها دون وجه حق، فيدفعهم للانزلاق في هاوية الفساد، وإساءة استخدام هذا النفوذ لبناء شيء يمكنهم من الاستمتاع بهذه الامتيازات حتى بعد رحيلهم، بينما القادة الحقيقيون يعلمون أنه لا يمكن لأحد أن يفقدهم سلطتهم الحقيقية، ولا يهابون انتقال هذه السلطة لمن يستحقها عن جدارة. لا أميل إلى التصديق بأن أصحاب الثروة الشخصية يمكن أن يخدموا بشكل أفضل إذا ما قلدوا المناصب القيادية، فتحد بذلك نسب الفساد، فالثروة الشخصية لا تضمن النزاهة، بل هم يسخرون مناصبهم لتسهيل منافعهم وزيادة ثرواتهم، أغلب المسؤولين لديهم مشاريعهم الخاصة، فلذا من الأفضل أن يستبعد هؤلاء من الوظائف الحكومية، وتستثمر جهودهم في إدارة ثرواتهم في القطاع الخاص بما ينفع اقتصاد البلد، وبالتالي تمنح فرص أكبر لأصحاب الدخل المحدود، الباحثين عن عمل، وكذلك أصحاب الاحتياج الحقيقي للوظائف الحكومية، حيث يمكن تقدير حد أدنى للثروة يصبح بموجبها الفرد مستحقا للوظيفة الحكومية أو لا، وهكذا نضمن وجود فئة تدعم الاقتصاد من خلال تركيزها في العمل الخاص. يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه "فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيراً جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاه جاء بها تعير. اللهم قد بلغت". هذا هو منهج النبوة، فكيف سيأتي من استغل منصبه ونهب وسرق وانتفع بما ليس حقاً له؟! وكيف سيأتي وقد حمل على عنقه الثروات الوطنية التي تلاعب بها وسخرها لمصلحته، وحرم المواطنين حقهم في الانتفاع بها والذين لهم الحق فيها؟. إن المغالاة والبطر في المعيشة يدعوان للفساد، فيقتصر النظر على المادة واللذة، وعندما يكون الإنسان عبداً لهما، فلا يكتفي من إشباعهما، بل هو دائم البحث عن المزيد، كما أن الملكية وكل شكل من أشكال الاستبداد هو موطن للفساد، فيميل المتسلط إلى جمع المتملقين المتزلفين، وتنحية النزهاء المخلصين، فلا ملكية في الإسلام، إذ أنت وما تملك لله تعالى، وسوف يحاسبك الله فيما آتاك من ملكه، أأحسنت أم أسأت التصرف به! ولا يمكن القضاء على الفساد إلا عبر تغيير أسبابه في الواقع، فما دامت الأسباب قائمة فالمسببات أيضاً قائمة. ويرتبط الفساد بالسلطة غير المحكومة برابط صميمي، يمكن حله بخلق السلطة المحكومة التي تبدأ بحلحلة هذا الرابط، فتصبح السلطة تكليفاً مرهقاً لا مزية وفائدة، فالسعي فيها للعدل، والعمل بإخلاص، ونيل محبة الناس في الدنيا، والفوز بظلال الآخرة، لا البحث عن خلق الثروة والعلو والكبرياء في الدنيا. إن الإيمان بأن الله مصدر السلطات وليس أصحاب النفوذ، والبشر يضعون الوسائل والضوابط لتطبيقها، هو اللبنة الأولى نحو مكافحة الفساد، فعوضاً عن مكافحة الفساد بالشعارات ومهترئ الكلام، والترويج الزائف لمجتمعات مسالمة متحررة من الفساد وعامة للجميع، ينبغي التوجه إلى القلوب وإحياء الإيمان، وتجديد العهود مع الخالق سبحانه، ينبغي التركيز على القيم والمبادئ الإسلامية وتطبيقها في المجتمع المسلم، فنحن نعيش مجتمعات إسلامية شكلاً ليبرالية مضموناً، فمن يضع الأسس فاسد، والنظام العالمي فاسد، فكيف ينبغي أن نكون وقد تخلينا عن إسلامنا وارتضينا حكماً غيره؟!. إن مقولة "أفسدته السلطة أو المنصب" مقولة عارية عن الصحة فكل مراعٍ لله قائم بأوامره لا يمكن لشيء أن يفسده، إنها ليست القوة التي تفسدك، إنها قيمك ومبادئك وشخصيتك. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
4157
| 06 مارس 2022
تشرفت مؤخراً بتولي إدارة مكتب شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قطر، سائلة الله عز وجل التوفيق والسداد والبركة، وأود أن أعبر عن شكري وامتناني للثقة الكبيرة التي حظيت بها من قبل الشبكة، وإيماناً مني بأهداف الشبكة التي تضم إلى أحضانها العديد من الصحفيين والعاملين في الإعلام، والتي تسعى إلى العمل على استجماع الصحفيين والإعلاميين وصناع المحتوى، تحت سماء شبكة دولية رسمية وموثوقة، توفر لهم اللقاءات والتجمعات والفعاليات، وتقدم لهم فرص الاستثمار الصحفي والإصدارات الصحفية، وتطوير أداء الصحفيين والإعلاميين من خلال البرامج التدريبية المتخصصة، وإمكانية الحصول على الدبلومات الصحفية المختلفة من مختلف أرجاء العالم ومن منطلق الحرص على تقديم العمل الصحفي والإعلامي الاحترافي، توفر الشبكة العديد من الخدمات التي تساهم في التشجيع والإقبال على العمل الصحفي المحترف، من خلال إبراز أهمية تقديم الأعمال الصحفية بصورة مهنية وحديثة، وبطريقة مبتكرة ومميزة، وإضافة الامتيازات المتنوعة للعاملين بقطاع الإعلام والصحافة، حيث تسعى الشبكة إلى توفير فرص العمل، والتدريب والتطوير على أحدث التقنيات المستخدمة في المجال الإعلامي، وكذلك منح فرص التعليم العالي في مجال الصحافة والإعلام للراغبين. ولعل الهدف الأسمى لشبكة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تمكين الصحفيين والإعلاميين، وإيجاد مجالات للتعاون، وخلق افاق للتواصل بين العاملين في القطاع الإعلامي، وإطلاع جميع منتسبي الشبكة على أهم المتغيرات والتطورات في المجال الإعلامي الإقليمي والعالمي وذلك إيماناً من الشبكة بأهمية التجمعات واللقاءات الصحفية في ظل التحديات المعاصرة، فقد حرصت الشبكة في خططها المستقبلية على وضع المنهجيات التي من شأنها العمل على تقليص المسافات بين العاملين في الصحافة والإعلام، وإتاحة فرص الاندماج بين الصحفيين والإعلاميين، للتبادل والاستفادة من الخبرات من جهة، والتعارف والتقارب من جهة أخرى. ولا يخفى على المهتمين، الصعوبات والقيود التي تواجهها المهنة في الوقت الراهن، مما يؤثر وبشكل مباشر على جودة المنتج الإعلامي، وعلى العاملين في هذا المجال، من حيث دقة المعلومات، وتصنيفها وتحليلها، غير أن العمل ضمن مبدأ الحصرية يعد تحدياً كبيراً آخر في صناعة الإعلام، بالإضافة إلى مواجهة الأخبار الزائفة، التي تفتقر إلى الموثوقية، وهذا يتطلب تظافر جهود القطاع الإعلامي بصفة مشتركة، للحد من تدفق الأخبار الزائفة، إلى جانب العمل على حفظ الخصوصية والحد من انتهاكها واختراقها، حيث أصبح الحفاظ عليها من أولويات العمل في هذا المجال، في ظل أشكال من الاستهلاك والانتفاع الإعلامي، المتصل بالمعلومات الشخصية، التي تحولت إلى سلعة، تعود على مستغليها بالمنفعة والربح، إلى جانب التحديات التي تواجه صناعة المحتوى الرقمي والتحديات المتعلقة بمنصات التواصل الاجتماعي ونحوها. ولعل إيجاد مساحات متعددة ومتنوعة للإعلاميين، للتلاقي والانخراط في لحمة مهنية هادفة، يعد خطوة أولية في محاولة الحد من هذه الصعوبات، حيث تفتح مثل هذه اللقاءات الإعلامية فرصاً للتعاون وعقد الشراكات، وبيئة جاذبة للممولين وأصحاب المبادرات، وبروتوكولات التفاهم بين المؤسسات الإعلامية المختلفة من جانب، وبين العاملين في القطاع الإعلامي من الجانب الآخر. إن رؤية الشبكة الأم والمسجلة رسمياً في العاصمة البريطانية ولها مقران في كل من مدينتي إسطنبول وكوبنهاجن، تركز على ضرورة التآلف، ومد أواصر التعاون المشترك، بين المؤسسات الإعلامية والعاملين في الإعلام، وتعمل كمظلة قانونية توفر الدعم الحقوقي لمنتسبيها، وتعمل على تحقيق أعلى مقاييس الجودة في العمل الصحفي. نأمل أن يحقق مكتب الدوحة نجاحاً يليق بأهمية وجود مثل هذا الكيان بين أحضان عاصمة الرياضة والثقافة والإعلام، وذلك بجهود منتسبيه، ودعم المؤسسات والكيانات الإعلامية. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
5025
| 03 مارس 2022
يحكى أنه في زمن ما كانت هناك بلدة كبيرة،، تعرف "بأم المقابر" وقد اشتهرت بهذا الاسم لأن بها عددا هائلا من المقابر الراقية، المتطورة، فهي تتباهى بالطرز المعمارية الحديثة واستخدام آخر ما توصل إليه المعماريون في هندسة وتشكيل المقابر والقبور، وتوظف أحدث ما توصل إليه العلم في التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ونظم المعلومات في تصنيف الموتى وتجهيز القبور، وتعتبر هذه المقابر الحديثة معالم بارزة وفريدة تُميز البلدة، ورغم ذلك، فعندما تدخل هذه البلدة فإنك تتعجب من الهدوء الذي يسيج أجواءها، فبالكاد تسمع أصوات الطيور، وبالكاد تشعر بهفهفات النسيم، السكون يخيم على المدينة، الجميع يتحرك في صمت، الوجوه يعلوها البؤس، والأجساد يعتريها قيح الكآبة وصديد البلاء، ولا عجب، فجميع أهل البلدة يعيشون في رعب الانتظار، وفي ذعر الترقب. كان حارس المقابر مزهواً بنفسه، وبمكانته التي آلت إليه بعد أن رحل حارس المقابر السابق، الذي نهب وظلم، وطغى وتجبر، ولكن لم يستطع أحد أن يثبت عليه شيئاً، لأنه كان من ذوي السطوة والنفوذ، وكان يمثل واجهة لمجموعة أشد خطراً وفتكاً، تحيك الدسائس، وتنتهك الحرمات، وتقترف أنواع الظلم والاضطهاد والعنصرية، كانت وظيفته مقتصرة على تحقيق رغباتهم الجائرة، وإبداء الموافقة الرسمية على كل ما يحدث منهم، بصورة مبطنة لا تكشف حقيقة نواياهم، فلو نظرت إلى أياديهم الناعمة خدعت بها، ولو قلبتها لوجدتها مضجرة بالقسوة وبشاعة الأوزار، وهكذا كان عهد حارس المقابر السابق، وعندما رحل أخذ معه بطانته التي راحت تعيث فساداً في مكان آخر. كانت الطبقة العاملة في المقابر والتي تنقسم إلى أقسام متعددة، تتنافس فيما بينها، لتنال رضا وقبول حارسها الجديد، الذي لا يختلف كثيراً عن سابقه، فكان يُقرّب منه كل من تجمعه بهم المصالح، والصداقات، وصلة القرابة، أما فئة المغضوب عليهم، وهم بقية المتنافسين الطامحين، العاملين بجد وإخلاص في خدمة المقابر، فهم يتسابقون على فتات القاع، بعد أن وعدهم بالتغيير والتجديد وإحقاق الحق، ورد المظالم، ولكن فعلياً لم يتغير شيء في عهده، فهو يسير على خطى سابقه، والعذر في ذلك حاضر دائماً، كأعذار غيره الرثة، فالتغيير يحتاج إلى مزيد من الوقت لحصد نتائجه، حجة بالية أخرى يتحجج بها الضعفاء، وهكذا يمضي الوقت يجر الوقت إلى حيث لا طريق! ولا يخفى أن الحارس القوي يتمتع بفكر نير، ومستقبل ورؤية، يضعها في مخططات متسلسلة ومتلاحقة، مرتبطة بالوقت، وتعتمد آليات واضحة، وخريطة للطريق مفهومة لدى الجميع، فهي ليست خرائط سرية، يطلع عليها البعض وتُخبأ عمداً عن البعض الآخر - فالكل يستقل ذات المركب، والكل حريص على نجاته - كما يشارك فيها كل إدارات وفرق المقابر، فكل فرد منهم له دور لا غنى عنه، حتى لا تنعم بعض الإدارات المحظية، بالعمل والسمعة الطيبة والمكافآت، وتُغيب إدارات أخرى عن المشهد، ويوارى جثمانها التراب، وتُقرأ على أرواح عامليها الفاتحة!! كما أن القوي لا يخشى الآخرين الذين قد يفوقونه ذكاءً وإبداعاً، لأنه حتماً سوف يستثمر جهودهم لصالح العمل في تحسين الجودة، ورفع كفاءة العمل في المقابر الراقية !! ولكن من الواقع المر أن لا يحرس هذه المقابر من كان كفئاً لها، وأن يكون دائما الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، حيث إن التعيين دائماً لا يكون على أساس الأنسب والأكفأ، وإنما تتدخل فيه عوامل أخرى، قد نعلم معظمها وقد نجهل البعض. ومما يثير الدهشة، وجود فئة من العاملين الذين ساقهم القدر للعمل في هذه المقابر قد حكم عليهم بالموت وهم أحياء، فتجدهم يتظللون تحت الأشجار المتفرقة هنا وهناك، يتحدثون إلى الموتى، علهم يستمعون إلى شكواهم، أو يخففون عنهم ألم شعورهم بأن لا جدوى من بقائهم أحياء، بعد ما سلبت منهم طاقتهم وشبابهم ومهاراتهم الفكرية والجسمانية، ويئسوا من أن تستجاب مطالبهم، فهم معلقون ليسوا مع الأحياء ولا تحت التراب مع أموات المقابر. وفي يوم من الأيام انتقل إلى المقبرة عامل جديد مليء بالحيوية والنشاط والطموح، لديه من الخبرة والعلم الكثير، فكان يحاول أن يبعث الأمل في قلوب الآخرين، بينما كانوا ينظرون له في شفقة على علمه وخبرته، التي سيواريها التراب بعد أن يتيقن من حقيقة ما يجري في مقابرهم، وعندما أدرك هذه الحقيقة المؤلمة، وبأن المطاف سينتهي به إلى محادثة الموتى، وانتظار الموت، طلب مقابلة حارس المقابر، فلم يسمح له، لأن سعادته ليس لديه الوقت ليقابل عاملا بسيطا يعمل تحت إمرته، فما كان من العامل إلا أن ينتظره في لحظة خروجه، وعندما خرج حارس المقابر، محاطاً بزبانيته، صرخ العامل بأعلى صوته منادياً: يا خادم المقابر! يا خادم المقابر ! فالتفت حارس المقابر نحو الصوت متعجباً، فاستطرد العامل: نعم أنت، ألست بخادم للمقابر ! ألست مكلفاً بالعمل على راحتها ؟! ألست مناطاً بتقديم الخدمات لها وبمن يعمل فيها ؟ ! ماذا لو غُير لقبك إلى لقب أقرب لحقيقتك ؟! ماذا لو تنادى كما أناديك الآن بخادم المقابر؟ وتستبدل اللافتة التي عليها اسمك من حارس المقابر وسيدها إلى خادم المقابر ؟! هل سترغب في ذلك ؟! هل ستتهافت لتكون خادماً للمقابر وليس حارسها ؟ هل ستجد هؤلاء يلتفون من حولك ويتسابقون لخدمتك ؟! وماذا لو علمت أن جميع من في إمرتك لهم الحق في اختيارك؟! وتقييم عملك؟! وبقاؤك مرتبط بمدى رضاهم عن خدماتك؟! وأن مقامك لن يطول هنا، وإنك راحل ٌ بعد عامين من خدمتك ؟! فهل ستقسو وتظلم وتنهب؟! هل ستظهر نفسك ومن حولك في مقام أفضل منهم؟! أم أنك ستتودد لهم، وتطلب رضاهم، وترد مظالمهم، وتستمع لهم،لأنك ستعلم حينها أن بقاءك مرهون بكل هذا !! عندها امتعض حارس المقابر، ونظر إلى العامل ووجهه يزمجر غضباً، فمن ذا الذي يملك الجرأة بأن يتحدث إليه هكذا؟! فأمر زبانيته بحفر قبر للعامل الجديد الذي قال كلمة حق عند خادم جائر. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
7266
| 20 فبراير 2022
منذ نعومة أظفارنا، وخلال رحلتنا الشاقة في الحياة التي لا تنفك تدحرجنا بين مساراتها المضطربة، وتقلبنا بين مسالكها الضارية، تلك الحياة التي جبلت على المتاعب والهموم وقلة الراحة، يصاحبنا في هذه الجولة الدنيوية، شعور الخوف، أكبر وأكثر المشاعر تأثيراً وتحكماً في دفة حياتنا، فهو الرفيق الذي لم نختره ولكنه كذلك شئنا أم أبينا. وللخوف أنواع وأسباب متعددة نتيجة التجارب التي نتعرض لها، ولعل الخوف من المستقبل هو أحد الأسباب المنتشرة بين البشر، حيث إن الإنسان يميل إلى التركيز على المستقبل أكثر من "الآن" أي من اللحظة الحاضرة، فهو يخشى دائماً شيئاً ما، يتوقع حدوثه، فالخوف الذي أعنيه هنا، هو اختلال في النفس لتوقع حدوث مكروه، أو أمر غير مرغوب فيه، وهو مسؤول عن الأمور التي تثير القلق لدى الشخص نحو أحداث معينة قد تحدث في المستقبل، فتترك الإنسان فريسة لقلقه وخوفه، ويستسلم لتوقعاته التي غالباً ما تكون سلبية، فيدمر نفسه، بالعيش بهذه المشاعر رغم عدم تأكيد حدوثها، فعلمها عند الله العليم الخبير، ففكرة ألا تعرف ما هو على وشك الوقوع مخيفة حقاً، إذ تسمح لخيالك بأن يبحر بك إلى أماكن مظلمة في عقلك! فلماذا تستشعر تلك المشاعر وتلقي بنفسك في براثنها، اترك نفسك وحياتك وما يجري فيها لعلام الغيوب، وعندما يحين وقوعها، وتتجلى لك حقيقة ظاهرة، فخذ وقتك، في الشعور بها، ولا تسرف فإن الله لا يحب المسرفين، فالإسراف حتى في المشاعر مكروه، بغض الطرف عن نوعها، لأنك وقتها ستحدث اضطراباً في توازنك، مما يؤدي إلى آثار مضادة، لا ترغب بها. وعندما تحيط نفسك بالأخبار السيئة والأفكار المزعجة فلا ترى ولا تسمع سواها، لن يبدو لك المستقبل مشرقاً، وقد تعاني من ضغوطات تفوق مقدرتك، كالخوف من مستقبل الجيل أو الأمة مثلاً، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والأيديولوجية الحرجة. وتهديد سلامة الإنسان، وتوقع الضرر الجسماني أو النفسي أو العاطفي، سواء كان حقيقياً أم من صنع الخيال، يعد محفزا قوياً للخوف، فالخوف نوعان: خوف غريزي لضمان سلامة الإنسان وبقائه، وخوف مكتسب من البيئة والمحيط، ولقد ساهمت تلك المخاوف التي زرعت في عقولنا وتسممت بها نفوسنا إلى تقييدنا ومحاصرتنا وربما أعاقتنا عن فعل الأشياء التي نريد في الحقيقة أن نقوم بها، وبالتالي تبدأ انعكاسات هذا الخوف في السيطرة على مجرى حياتنا، فينتقل سجن المخاوف من خصوصية الفرد إلى عمومية المجتمع بأكمله، وهذا أحد التأثيرات السلبية للقنوات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، حين تنغمس في متابعتها والتفاعل مع ما يرد فيها من أخبار وأفكار التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، فهي موجهة لبث الرعب والقلق في النفوس، وإلهاء العقول وتوجيهها، نحو أحداث وقضايا زائفة، تحقيقاً وتمريراً لأهداف وأجندات عظمى. إذاً يتضح لنا أن معظم مخاوفنا سلوك متعلم، فمشاعر الخوف نتاج الأفكار التي تتغذى بها عقولنا، وهذا ما تسهم به مؤسسات التعليم المبكر في حياتنا، كالأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع، وأضف إلى ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت ذات تأثير خطير على نفوس النشء، والتي تسعى بشكل أو بآخر إلى زراعة الخوف في قلوب الصغار وبذلك يربى جيل كامل على الخوف والقلق اللذين يؤديان بالتبعية إلى الضعف والخنوع في المجتمعات المسلمة. تشير الأبحاث إلى ان الخوف من المجهول هو لب الخوف وجوهره، وهو أصل القلق والعصبية، فعندما تبحث في أسباب العصبية والغضب، ستجد أصول الخوف قابعة هناك، فنحن نشعر بالخوف والقلق عندما نشعر بعجزنا في التحكم في موقف ما، فنشعر بأننا مكبلون وضحايا للظروف ليس لنا حكماً عليها، وهنا يظهر الإيمان الحقيقي للإنسان وثقته واتصاله بخالقه وحسن ظنه بالله "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ". ونحن كأفراد نعيش في مجتمع، فإن المشكلات الاجتماعية المتعددة وقضايا كالفساد وشؤون الأسرة، والضمان المالي، والقضايا البيئية، والعنف والصراع والفتن والحروب، والتهديدات والقضايا السياسية الإقليمية والعالمية تشكل بواعث للقلق، وعوامل للخوف، لأننا لا نستطيع السيطرة عليها، أو التدخل فيها بشكل مباشر، فالجهل مكون أساسي آخر للخوف، فنحن لا نستطيع أن نعلم ما إذا كانت هذه التهديدات التي يمتلئ بها عالمنا الصغير أو عالمنا الأكبر، ستؤذينا بشكل مباشر، أو كيف ومتى سوف تلحق الأذى بنا إننا اليوم نعيش في عالم الريبة والشك، وانتفاء اليقين، في ظل خطى العالم المتسارعة، شديدة التغيير في الثقافة والتكنولوجيا وغيرها، مما يقلل من القدرة على السيطرة على أحداثه، وعدم القدرة على التنبؤ بها، فتضع الفرد والمجتمع في حالة دفاع واستعداد مزمن. ولمواجهة جميع هذه المخاوف حري بنا أن نقف وقفة جادة لإعادة النظر في الفساد المجتمعي التربوي في تنشئة وبناء الشخصية المسلمة، ومراقبة ما نختار لها من مدخلات، حتى لا يتم تعبئتها بكثرة الأوهام وندرة الحقائق، فما يتأتى عن هذه الأوهام هي مخاوف تنام في أذهاننا وتعشعش في دهاليز مجتمعاتنا، تلك الأوهام المضللة التي تستزرع القلق والخوف في القلوب الغضة اللينة، التي تتشكل وتنمو على ما استنبتناه في عقولها ووجدانها. إن الحفاظ على بوصلة إيمانية راسخة، تتوافق مع أرواحنا ومجتمعاتنا، وماضينا وحاضرنا، تصل بنا إلى الأمان الروحي والنفسي الذي وعد الله به المؤمنون "إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، إلى جانب ذلك فإن استنهاض الذاكرة التاريخية للمجتمع المسلم، مع إضافة أبعاد التطوير والتجديد وصناعة وتقديم النخب التي تقودها وتوطنها، لتساهم في خلق المستقبل واستبدال الواقع المر بواقع أكثر إشراقاً واطمئناناً. وأخيراً لتعلم أيها القارئ العزيز إن الخوف إذا ما تمكن من الفرد، انتقلت عدواه إلى المجتمع، ثم امتد على نطاق أمة كاملة، أودى بها إلى سجن الذل والعبودية. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
7772
| 13 فبراير 2022
منذ قديم الزمان، وكما أخبرنا الله عز وجل في كتابه الحكيم عن فرعون الطاغية الديكتاتور الذي جعل من نفسه إلهاً وأمر شعبه بأن يعبدوه دون الله تحدياً وكفراً برب موسى وهارون، وقد أنكر وجود الله واستصغر عظمته فقال «وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ» استهزاءً ومكابرة وعناداً، وقد كان نبي الله موسى يسوق الآيات الواضحة كالشمس تباعاً، ليقنع فرعون بالعدول عن تكبره وجحوده، وفرعون يحاول بكل جبروته أن يدحضها ويبطلها بالحجة الواهية والطمس، إلى آخر القصة المعروفة، كما ذكرت في القرآن الكريم، وكانت النهاية أن أهلك الله هذا الطاغية الفاجر. وفي كل حقبة وتاريخ، تتكرر لنا صورة فرعون المتغطرس العنيد، فهو نموذج للتكبر والعنجهية والاعتزاز بالاثم، وربما ظهرت لنا صورة فرعون في حالات متنوعة، ففي عصرنا، قد نصاب بحالة فرعون الفكر، ويحدث أن يحمل كل منا فرعونه الصغير، ذاك الذي يسيطر على العقل، وحين يستسلم الإنسان لفرعون عقله العنيد المتكبر، فيعمي قلبه وعينه فلا يعود قادراً على الاستبصار، ولسان حاله يقول كما قال فرعون لشعبه «مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ». فعندما يتسيد فرعون العقل يستولي على إدراك صاحبه، فيصبح مطية له، وخادماً مطيعاً لأوامره، وذلك بعد أن يختار بمحض إرادته رفض جميع أبواب الانعتاق من سلطان فرعونه، ويقرر البقاء في زنزانته رغم مصاريع مداخلها المفتوحة، فيبالغ في عجرفته، وزهوه بالباطل وإن رأى الحق رؤيا العين!. وهذا يقودني للمرض الأشد فتكاً بالعقل ألا وهو «تصلب المواقف» والجمود الفكري والذي يحدث نتيجة المدخلات التي آمنت بها وصدقتها فاستقرت في ذهنك، وعطلت قدرتك على تغيير وجهاتك الذهنية، فأبت أن تتزحزح من محلها، وهل لها أن تتنحى وقد طوقتها برعاية إرادتك، فطابت مستقراً ومقاماً، فكل من هذه المدخلات سيظل يحمل الصفات الفرعونية طالما يرفض المرونة الفكروية، ويقدم لحالة من سيطرة الفكر على التفكر والتدبر، حيث إن الفكر هو ما تمخض عن التفكر وانسجم ونما معه، وعندما يهيمن الفكر على التفكر فإنه بدايةً يعرقل عملية التفكر ويعطلها، ثم يغير منتج الفكر ليكون خادماً ذليلاً لفكرته! فحين تقرر مسار العقل ولا تسمح له بالتحرر من قيوده الفكرية، فيرغم نفسه والآخرين على قبول فكروياته قسراً، وكل معارضة لها ربما تؤدي إلى نوع من المحاسبات المتزمتة المادية والمعنوية. إلى جانب ذلك فإن هذا المرض يؤدي إلى شلل العقل وربما إلى انتحار قدراته وهذه عاقبة تسلط الفكر على التفكر، فالعقل مهما كان عظيما، وانقاد خلف فرعونه، فيصيبه العمى، حتى عن نفسه، إلى أن يقع، فكل تعطيل للتفكر هي حالة من العمى الفرعوني الاختياري. إن فرعون لم يمت! فكم من أشباه فرعون يعيش بيننا! ويمارس غطرسته وتكبره الفكري على من هم تحت دائرته، فأشباه فرعون ينتشرون بشكل مخيف، فربما تجدهم في منزلك، أو عملك، أو بين أصحابك، وأضرار التأثير الفكري الفرعوني لا تقتصر على الشخص نفسه فحسب، بل تمتد لتصل إلى الآخرين، فتحرمهم فرصهم وآمالهم وتعيق تقدمهم وتحقيق أمانيهم، وربما بلغ الضرر نفوسهم، فآذاها، وكبدها عناء حمل ثقيل. وهؤلاء يحتاجون دائماً إلى أشخاص يغذون عظمتهم، ويصدقون على أقوالهم، ويهزون لهم رؤوسهم بالإيجاب والقبول والإذعان، فكل من يحمل فكراً جديداً ومنظوراً مختلفاً، فهو منشق عن الصف، تتنزل عليه أسخط العذابات. ومن الجيد أن تحصن نفسك، وتسمح لنفسك بتناول اللقاح الذي من شأنه أن يخلصك من حالة الفكر الفرعوني، فتفتح آفاقا جديدة من خلال تقبل الآخر وفصل نتاجه الفكري عن شخصه، والتدبر من خلال النظر المتعدد الزوايا والمسافات، وممارسة الرقابة العقلية، واختبار أفكارك، فمثلاً عندما تصطدم بمن يعارض إحدى قناعاتك الراسخة، ورغم أنك تشعر بأنك على حق، كن مستعدا لأن تبقى منفتحا على تقبل احتمال كونك مخطئاً، ثم اطرح على نفسك بعض الأسئلة مثل: لماذا أصدق بهذا الاعتقاد؟ ولماذا يرى الآخرون شيئاً لا آراه؟ ولماذا يصلون إلى اتجاهات مختلفة؟ في الواقع هذا التفاعل الفكري الذي يحدث في عقلك يساهم في تمديد عضلة المرونة الفكرية لديك. أخيراً ابحث عمن يختلف معك وليس الذي يتفق معك! دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
8460
| 08 فبراير 2022
فما أيسر "أف" حين تقولها تُبكي فؤاد والديـك ويكتوي ألف تدمي الروع بنصـــــــــلها وفاء تلهب القلب ويصطلي أم لو طالت وهبتك عينـــها وأبُ ساق السمــــــــــاء لترتوي دائماً ما يميل المستشارون الأسريون والتربويون إلى التحدث عن أسس التربية الناجحة، والتوجه بالخطاب إلى الآباء وأعني بالآباء الوالدين (الأم والأب) نحو طرق التربية السليمة، ويؤولون سبب مشكلات الأولاد إلى أساليب التربية الخاطئة في الصغر، وهذا التفسير صحيح في أغلب الأحيان بجانب أمور عدة كثيرة، على أنه ينبغي التطرق قليلاً بل كثيراً إلى أساليب معاملة الآباء التي أمرنا بها ديننا الحنيف، وقد لا يخفى علينا جميعاً رغبة الآباء في إنبات أبنائهم نباتاً حسناً وتنشئتهم بأحسن مما تربوا عليه في طفولتهم وتجنيبهم الاختبارات السيئة التي مروا بها أثناء صغرهم، ولذلك فهم يبذلون قصارى جهدهم في منحهم أفضل ما اكتسبوه من خبرات وتجارب، ويتسابقون في تقديم الأفضل دوماً لأبنائهم، في حين ان الحقيقة التي يجب أن تصل إلى الأبناء أن آباءهم ما هم إلا بشر، ليسوا مثاليين، يجتهدون، ربما يصيبون أو يخطئون، بينما نيتهم دائماً هي الخير لهؤلاء الأبناء، وقد قدموا لهم أسمى ما كانوا يعتقدون، فليس من الإنصاف أن نشير بإصبع الاتهام الغليظ لهم دائماً دون أن نضع هذه الحقيقة في أذهان الأبناء. ولعل اختلاف سلوكيات وطبيعة الأبناء رغم تنشئتهم في البيت الواحد، يعود إلى تدارك الآباء لأساليبهم ومعتقداتهم غير الصحيحة وغير المجدية في تربية الأبناء الأكبر سناً، ولذا تتباين شخصياتهم وقدراتهم ومهاراتهم وتظهر الفوارق بين الأبناء، أضف إلى ذلك، وجود الإخوة الذي قد يؤثر أيضاً في تنشئة الطفل، فعندما يكون للطفل إخوة أكبر منه سناً فهم يساهمون بشكل أو بآخر في تربيته، فالتفاعل بين الإخوة يؤثر في طريقة تشكيل الطفل وتهذيبه يقول الله تعالى "وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا"، وهنا دعوة إلى التواضع لهما ذلاً ورحمة فيكفيهما صبرا على تربيتك طفلا صغيرا لا حول لك ولا قوة، وقد جاء التعبير القرآني بوصف التربية في الصغر وهنا دلالة على أن دور الآباء أعظم في مرحلة الطفولة حين لا يكون الطفل قادراً على الاعتماد على نفسه، فيعلمانه مبادئ الحياة لينهض على قدميه، ليعينهم عليها، لا ليقف في وجههما، ويجلب لهما ما يشقيهما، ويحزن أفئدتهما، فعندما يبلغ الإنسان أشده ويبدأ لديه الوعي بشخصيته وسلوكياته وجب عليه أن يحسّن ويطور منهما، ولا يؤذي والديه بإلقاء اللوم عليهما فيما لم يستطيعا تقديمه له في تربيته، فيحملهما فوق طاقتهما، فقد بذلا كما ذكرت آنفا ما بوسعهما، مما ارتأيا أنه صحيح في ذلك الوقت، فمهما حدث من والديك، فما لك إلا تقديم الشكر والعرفان لهما يقول المولى عز وجل "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ". ومن هذه الزاوية المهمة في إدراك قدرات الوالدين في تربية أبنائهم، ينبغي على المهتمين بشؤون الأسرة الاهتمام بتحويل الخطاب بين الفينة والأخرى نحو الأبناء، وذلك لتوعية الأبناء بمنزلة الآباء، وضرورة الإحسان بالبر والطاعة وإظهار التقدير والاحترام لهما، وإحسان الظن والتماس الأعذار لهما، ومسامحتهما على ما وقع منهما من أخطاء دون وعي منهما، وقد يحدث أن يخلط الأبناء بين حدود الصداقة التي قد تجمعهما بوالديهما، فيختفي ذلك الخط بين الصداقة والأبوة والأمومة، مما يؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب بها، ولا أنفي هنا أيضاً ضرورة تثقيف الآباء بأنماط التربية الصحيحة والابتعاد عن الاستبدادية والتسلط أو التساهل والتربية القائمة على عدم المشاركة، حيث إن أسلوب التربية الموثوقة هي أفضل أساليب التربية، إلا أن استخدام نهج تربوي متنوع وباعتدال هو الأفضل. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
8875
| 30 يناير 2022
كثيراً ما تتردد مؤخراً جملة «الله لا يحوجني لأحد»، أو عبارة «عش لنفسك»، وهي عبارات تحمل دلائل ومعاني مخالفة لطبيعتنا الإنسانية التي خلقنا الله عليها، وتخالف المبادئ الدينية التي أمرنا الله بها، فقد خلقنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف ونتآلف ونقف كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، فيتكاتف في مواجهة متاعب ومشاق الحياة، ولكن انتشار مثل هذه العبارات ونحوها يدعو ويشجع على غير هذه الطبيعة وينافي المبادئ التي أقرها الله ورسوله في حدوث التفاعل الإيجابي بين بني البشر، وقد يمر الإنسان بمشكلات كسوء تعامل أو اختلاف في أمر ما خلال علاقاته بالآخر، فيستاء ويتضايق، وهنا الاختبار الحقيقي للعلاقات، فبينما يحرص القليل على معالجتها وتجاوزها، هناك الكثير ممن يتخلص من علاقاته بأسهل من رشفة الماء، فينسى الأوقات الجميلة والذكريات السارة والأحاديث المؤنسة ويتذكر فقط الإساءة أو الهفوة، ويتمسك بها ويكبر صورتها بعدسته، فيعيرها اهتمامه، ويجتر مشاعر الغضب والكبرياء ويشهر أسلحة العداء والضغينة، فتتملك روحه فلا يعاود النظر إلى سواها. من ناحية أخرى قدمت التكنولوجيا آلية سحرية وسريعة خاطفة للأبصار مبهرة للعقول للتخلص من أي علاقة، أو أي شخص لا تريده في حياتك بعد الآن، فمن خلال لمسة واحدة يُنفى من عالمك، ويقصى عن مداراتك، فليس أيسر من عمل «البلوك» وحظر سريع من على الهاتف أو من جميع حساباتك التواصلية على المنصات الافتراضية، وهكذا تتخلص منه برشاقة وخفة، يا لها من طريقة سحرية حقاً!، ولكن ماذا لو حظرت كل شخص أخطأ في حقك أو بدر منه ما يزعجك؟ كم منهم سيتبقى على هاتفك؟ ستجد نفسك في آخر المطاف وحيداً في عالم افتراضي لا يعترف بالوحدة. ومما يدعو للأسى أن مثل هذه العبارات تجد رواجاً كبيراً في المجتمع، مما يعمق تجذرها في النفوس، فتُسلم بها على أنها حقيقة، وربما تنمسخ إلى معتقدات مضللة، وبصفة خاصة لدى الصغار، حين يترعرعون على سماع شعاراتها الموبوءة من ذويهم، فيؤمنون بها، ويتعاملون مع الآخرين على أساسها، فتتمظهر هذه المعتقدات في المواقف التي قد يمرون بها مع أقرانهم، من شجار عابر أو تصرف عبثي في غير محله، فيبادر الوالدان إلى تضخيمه في نفوسهم، وتقريره في عقولهم، فيأمرونهم بالابتعاد أو بقطع صلتهم بمن قد أخطأ في حقهم، متجاهلين أن الصغار بقلوبهم البريئة سرعان ما ينسون الإساءة، وسريعاً ما يشتاقون للعب مرة أخرى مع أصحابهم، فالأطفال يخطئون فيتعلمون، ويأتي التعلم نتيجة الاحتكاك والتجربة، ولذلك ينشأ الطفل بعدد محدود من الأصدقاء الذين يتشابهون معه في نفس الصفات، وبالتالي يفتقد التعامل مع الآخر المختلف حتى يتعلم منه وينمو، وكثيراً ما يقحم الكبار أطفالهم في مشكلاتهم بشكل أو بآخر، فيكون الأطفال أكباشاً للمحرقة، وضحية للعناد والغطرسة، وتبدأ سلسلة من الممارسات الديكتاتورية والتسلط المريض تفرض على هؤلاء الأطفال، وتمتد لتطول بيد الاستبداد تواصلهم الافتراضي! فكيف تفعلون ذلك؟! إنهم أطفال أبرياء إلا من أخطاء ذويهم!، وهنا يتم ترسيخ هذا المعنى دون إدراك، فلمَ هذه العنجهية والطغيان؟ ولم هذا التدخل وهتك براءة وطهر نفوس الصغار؟، حري بنا أن نستغل مثل هذه المواقف لنغرس في نفوس الصغار عروق المغفرة والعفو، والإحسان وبالصبر على مكاره الآخرين، التي فيها من الأجر العظيم، والدعاء لهم لا عليهم، فرفقاً بقلوبكم وقلوب صغاركم، تسامحوا وتصافوا وتوادوا فكل من عليها فان. وليس من الحكمة أن ينشأ جيل بأكمله على القطيعة والتنافر والانعزال، وعلى التكبر والاستياء السريع غير المبرر من أي هفوة أو زلة، دون أثر يذكر للتراحم والتواد والصبر على الآخر الذي أمرنا به المولى عز وجل، وحثنا عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم، غير أن التنظيف هو ترياق تلك السلوكيات المزعجة، إذ يتحتم علينا تنظيف العلاقات أولاً بأول، فلا ندع عوالق الغضب وسوء الظن والحسد تملأ أفئدتنا، وتحرق جميل قلوبنا، فإن تراكم هذه المشاعر السلبية، يؤدي إلى البغض والكراهية بمرور الوقت، ولهذا نجد أن العلاقات دائماً تبدأ جميلة مشرقة، وبمرور المواقف والمشكلات دون علاجها، تنتهي كارثية مسمومة، ولهذا لا تكتم شيئاً في نفسك تجاه أي شخص على علاقة بك، العلاقة هنا تتمفصل حول الأسلوب الذي ينبغي لك أن تختاره بعناية لإيصال مشاعرك وأفكارك دون أن تزيد الطين بلة، وعلى الطرف الآخر أن يتسع صدره لاستقبال عتاب الآخر، وأن يقبل به، ويستبدل فكرة الانتقاد والهجوم والاتهام، بفكرة المحبة والحرص على العلاقة، اخلق فرصة للعتاب، بادر بسؤال صاحبك إذا بدا منه تغيير، لا تتجاهله، فلربما كان أكثر توقاً ورغبة إليك، اجمع ولا تفرق. علاقاتنا اختبارات لنا يقول تعالى «وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا» الإقرار الإلهي واضح في الآية الكريمة ومع هذا الإقرار بالمشكلة جاء العلاج في نفس الآية «أتصبرون»، خيركم من صبر وسامح واحتسب وأجره على الله.. دمتم بود. alkhatershaika@gmail.com
9715
| 23 يناير 2022
مقولة قديمة لا أعرف صاحبها قمت بتحريفها لأجعلها مثيرة نوعاً ما، واليوم سوف أتطرق لميدان حيوي، نمضي فيه وقتا لا بأس به، نتجول بين مساراته، شاردي الذهن تارة، ونصف مركزين تارة أخرى، حيث إن معظمنا هذه الأيام ينهك نفسه في محاولات بائسة للتوازن بين واقع حقيقي وواقع افتراضي مزعج ومشتت، فهو معلق بين هذا وذاك، واضعاً حياته على المحك، فلو انفصل قليلاً عن هاتفه؛ يعيش كاليتيم أو كالمفطوم عن ثدي الحياة، وإن كنتم حريصين على وقتكم، فافعلوا ما أفعله أثناء وجودي في السيارة، حيث بدأت منذ قرابة السنتين باستغلال هذا الوقت في التعلم والنمو، وأطلقت على ذلك آلية «التعلم على الماشي» وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها ونجاعتها معي شخصياً، فبفضلها أستطيع أن أقوم ببعض الأمور التي لا أجد لها وقتاً كافياً، رغم حرصي على القيام بها كل يوم، إلا أنني أشعر بعدم إعطائها كامل حقها من الوقت، ومنها الاستماع إلى القرآن الكريم بخلاف تلاوته بالطبع، وتدبر كلمات الله، فأبدأ بطرح الأسئلة على نفسي: لماذا عبر القرآن بهذه الكلمة دون تلك في هذا الموضع؟ ما الحكمة من ذلك؟ وهنا تبدأ رحلة البحث في كتب التفاسير علني أجد ما يرضي رغبتي المتأججة في المعرفة، وربما أجد ما تستكين له نفسي في بعضها، بينما قد يخذلني البعض الآخر، أضف إلى ذلك سنحت لي آلية «التعلم على الماشي» حفظ أسماء الله الحسنى كاملة، وحفظت أذكار الصباح والمساء أيضا بنفس الطريقة، وبعض الأحاديث المتفرقة، واستمعت إلى العديد من (البودكاستات) أو النشرات الصوتية، والكتب المقروءة، والتي كانت دائماً تثير عندي التساؤلات، أو تستنبت الأفكار وتستنهضها، فأقف على جانب الطريق لأدون أفكاري وتساؤلاتي حتى أبحث عن إجابات لها لاحقاً، وأما حين أكون منهكة النفس ضائقة لموقف حدث لي أو أكون قد تعرضت لمشكلة ما؛ أتوقف عن التفكير المؤرق وأقضي هذا الوقت في ذكر الله عز وجل لتهدأ نفسي وتستقر فتبدأ الحلول تتنزل على وعيي وتنير بصيرتي. وللحفاظ على مستوى لغتي الإنجليزية وتطوير مهارتي في الاستماع لها، فقد كنت أستمع إلى دروس ومحادثات ونشرات صوتية باللغة الإنجليزية مما ساعدني كثيراً في حفظ المزيد من الكلمات ومعرفة كيفية استخدامها في سياق اللغة. كما أحاول في هذه الفترة من الوقت أن أستمع إلى مهامي التي يتوجب عليَّ القيام بها لهذا اليوم والتي كنت قد قمت بتسجيلها تسجيلاً صوتياً مسبقاً حتى أتجنب نسيانها. وكثيراً ما كانت هذه الآلية تقدم لي الأفكار الجهنمية إن صح التعبير، أو تعرض لي مفاتيح لأبواب مغلقة، أو تستثير عاطفتي، بعدما أكون قد استمعت لبودكاست ديني يحثني على عمل الخير فأهرع لعمله دون تردد، فأحصل على أجرها وأضيف أجراً لصاحبها، أو ربما أشعلت حماستي تلك الكلمات المؤثرة التي أنصت إليها فحرضت شيئاً في نفسي، فبادرت من فوري لأحقق رغبة ما أو أقوم بعمل ما. إلا أن «الحلو ما يكملش» على رأي إخواننا المصريين، فمضايقات مستخدمي الطريق كثيرة والأخطاء تتربص بنا من كل جانب، ومعظم هذه الأخطاء إما ناجمة عن جهل وقلة الوعي بأبجديات السياقة أو سوء تقدير أو سوء الخلق، أو معتقدات خاطئة لدى السائق يعبر عنها بسلوكيات مزعجة. ومع تكرار رؤيتي لهذه السلوكيات تقافزت أفكاري الجهنمية لتخرج لي ببعض الحلول، للحد من هذه السلوكيات والخروج بجيل مثقف ومتحضر من السائقين، فقيادة السيارة فن راقٍ ومظهر حضاري، فطريقة قيادتها وأسلوب التعامل معها يعكسان شخصية ونمط حياة مستخدميها، ويظهران مدى التحضر والتقدم واحترام المجتمع والآخرين. ومن هذه الحلول اعتماد اختبارات شخصية ونفسية وأخلاقية، واختبارات التركيز والقدرات للمتقدمين على تعلم السياقة، وعلى المتقدم أن يجتازها كشرط لقبوله في مدرسة تعلم قيادة السيارات، فبإمكان مثل هذه الاختبارات أن تبين لنا طبيعة الفرد، وردود أفعاله المتوقعة، ومدى التزامه أخلاقياً وذوقياً، ومدى صحته النفسية وقدرته على التركيز وتفادي المشتتات. إن الارتقاء بقيادة السيارات، من مجرد قدرة الفرد على تشغيل المركبة وقيادتها، إلى فن أخلاقي وحضاري، ضرورة لابد منها، خاصةً وأنها تعتبر من الأشياء التي من الممكن أن تعطي انطباعاً أولياً للزائرين، عن مدى تحضر وتطور أفراد المجتمع. فلا تتهاون عزيزي القارئ بثقافة الطريق ولا بالوقت الذي يمكن أن تمضيه على الطريق، لاسيما أثناء ساعات الذروة والطرق المزدحمة، وأثناء التوقف للانتظار، فإن أحسنت استغلاله ففيه من الفوائد الكثير، وإن كان مقدراً لنا أن نتعرض لحادث قد يودي بحياتنا لا سمح الله، فقد يكون آخر وخير ما نستمع إليه هو كتاب الله أو علم نافع. دمتم بود alkhatershaika@gmail.com
8409
| 16 يناير 2022
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2187
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2124
| 10 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1800
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
978
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
732
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
672
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
651
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
600
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل