رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ميكانيزما النجاح

"وفقاً لداريوس فوروكس، وهو رجل أعمال ومؤلف مشهور؛ فإن معنى الحياة ليس السعي وراء السعادة، ولكن جعل أنفسنا فاعلين". ومن هذا القول نستشف أن الشعور بالسعادة يأتي من كوننا أشخاصاً مؤثرين بشكل فاعل، فمن الاحتياجات الفطرية الإنسانية هو الشعور بأن الإنسان ذو قيمة ومنفعة لنفسه وللآخرين، وله بصمة واضحة في مجتمعه على امتداده الضيق والأكثر اتساعاً، ويحقق إنجازات مستمرة وذات فائدة، وربما نشعر جميعاً بأهمية ذلك في أعماق نفوسنا، فمعظمنا يسعى لهذا بشكل أو بآخر. غير أن المفهوم اختزل في وقتنا الحاضر، وأصبحت قيمة الفرد ومدى تأثيره مؤطرة ضمن صوره ذهنية مجتمعية قاسية، إذ ترى أن الإنسان لا يصبح ذا منفعة تذكر إلا إذا كان من رواد الأعمال، أو حظي بمنصب كبير أو امتلك العز والجاه والثروة، ومما يزيد الطين بلة ما يحاول بعض دعاة التنمية البشرية والتطوير الشخصي توطينه في النفوس، حين ربطوا النجاح بفرص خيالية قد لا تتاح لكثير من الناس، بينما النجاح حالة نسبية متغيرة من شخص لآخر، كما غلوا في الدعوة إلى حب الذات بمفاهيم وأفكار وأساليب عززت من هيمنة الشعور بالأنانية وحب التملك بعيداً عن اللحمة والتكاتف والنجاح الجماعي، فالإنجازات الفردية هي النمط الغالب، إذ من النادر أن ترى أكثر من شخصين يتقاسمون ذات النجاح، وقد يعود ذلك للاعتبارات المختلفة التي قد تربط العلاقات فيما بينهم، وعدم القدرة على معالجة تلك الاعتبارات، تجعل الأشخاص يميلون للحلول الأكثر يسراً، والاتجاه إلى الفردية في محاولة لتفادي الصعوبات التي قد يواجهونها في عقد الشراكات، غير أن الأخيرة تقوي الصلات الإنسانية في المجتمعات، وتكون المسؤولية فيها مشتركة، والتفكير والتطوير من خلال الجماعة أكثر فاعلية وأجدى نفعاً. وقد يصاب معظم الناس بالإحباط والعجز، نتيجة المقاييس والمعايير المقيدة لهذا المفهوم، بينما ترتبط قيمة الإنسان ونجاحه من خلال إجادته للدور والرسالة التي ارتضاهما في حياته، فكلما كان الهدف والرؤية المرتبطة بالمسعى أكثر شمولية وبعيدة عن الأنا وحب الذات كانت نتائجها وقيمتها أجل وأروع، فأهم النجاحات في رأيي نجاح الوالدين في تقديم نشء واع مثقف على خلق وكياسة للمجتمع، فنجاح الأم والأب في إجادتهما لأدوارهما هو أهم استثمار في الحياة، فكونك أماً متألقة أو أباً بارعاً فهذه غاية وقيمة لا يضاهيها أي نجاح، وبما أن الهدف عظيم فإن النجاح فيه أعظم وهو مدعاة للفخر والتقدير. إلا أننا بتنا في عصر السرعة وابتلينا بتلك الرغبة في الشعور بالأهمية والمكانة العظيمة، وتصنيف النجاح وميكانيزما الوصول إليه الذي يتكرر يومياً على أسماعنا بأقصر وأسرع الطرق، فتنازلنا عن أقوى الأدوار وأكثرها منفعة وأصبحنا نلهث خلف السراب، ونحلم بأشياء قد لا تكون موضوعية أو لا تناسب طبيعتنا وشخصياتنا، نظراً لأن المجتمع يتطلب تلك الصورة المقولبة للنجاح والتأثير، لنكون أحد أعضائه الفاعلين، مقصياً من حساباته أن طبيعة وقدرات الأفراد مختلفة ومتباينة وما يصلح لشخص ما ليس بالضرورة ناجعاً للآخر وبالتالي فإن احتكار الصورة على نمط معين من النجاحات يتسبب في خلق شعور بقلة الثقة وتدني التقدير الذاتي لمن لم تسمح لهم الفرص أو لم يستطيعوا خلق واحدة تصنع منهم أفراداً ناجحين!. فيقاس نجاح الفرد بمدى تمكنه من أداء دوره في هذه الحياة ومدى نفعه لمجتمعه وللإنسانية جمعاء وليس بما حققه من مكاسب مادية أو مكانة زائلة، فقد تكون مربياً فاضلاً أو معلماً مثابراً أو موظفاً دؤوباً فهذا لا يقلل أبداً من فاعليتك وأهميتك في مجتمعك. ولست هنا ألغي فكرة السعي في تحقيق النجاح أو القيمة والتقدير ولكن للتأكيد على أنك يمكن أن تكون إنساناً ناجحاً وفاعلاً من موقعك الذي تشغله حتى وإن كنت بلا عمل فما هو مهم هو أن تملك الهدف الإيجابي السامي وتؤمن به، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، فالنجاح هو إحساس يمكنك تحقيقه والتلذذ بالشعور به حتى في أضيق الحدود، ولا ينبغي أن نربط فكرة النجاح بالشهرة والظهور المتكرر، فكثير من المشهورين لا يقدمون عملاً حقيقياً، وتنحصر نشاطاتهم في تلويث المجتمع بأفكار واتجاهات مربكة للأيديولوجية المجتمعية والنسيج القيمي للمجتمع. ولكي نخرج من تلك البوتقة الضيقة لشكل الإنسان الناجح، فمن الضرورة الانفكاك من قيود تلك الصورة المؤطرة والاحتفاء بالأفراد من خلال تسليط الضوء على أهمية أعمالهم ووظائفهم، فقد نستبدل نظام التميز القائم على الانضباط في العمل بنظام آخر يسلط الضوء على أهمية الإسهامات التي يقوم بها الموظف مثلاً، وهكذا نحاول إعادة الثقة بقدرات الإنسان وإمكاناته وتمكينه من الشعور بأهمية عمله ودوره المناط إليه. alkhatershaika@gmail.com

5088

| 14 سبتمبر 2021

السلطة الغائبة الحاضرة

نتقلب في ذواتنا بين السلطة العقلية والسلطة المشاعرية، وحيث إن كلتا السلطتين تتمتع بالقوة والهيمنة التي تؤثر في السلوك، فسلوكياتنا تخضع إما لسلطة العقل أو سلطة المشاعر أو لربما لسلطة أعظم. وقد نرى من الأشخاص من يخضع لإحدى السلطتين على حساب الأخرى، وهنا يبدأ الإشكال، فينظر للأمور والمواقف من منطلق السلطة التي اعتاد أن يدرك من خلالها، لشعوره بالارتياح من خلال نظرته وحكمه السلطوي، وربما لشعوره بالتبعية التي لطاما أحاطته بسور الأمان والحماية، وحقيقة الأمر أن الميل لإحدى السلطتين على الأخرى هو نتيجة العادة والتعود للنزوح إلى سلطة دون غيرها في النظرة الشمولية للحياة وما يمر بها من إشكاليات وتحديات، فيهاب الشعوري أن يلجأ إلى سلطة العقل في كثير من الأمور، لأنه تعود النظر من نافذة شعورية خالصة تشبع لديه ذلك الشعور بالقبول والأمان، وربما البهجة والمتعة، بينما الإنسان العقلي دائماً صاحب النفوذ الأقوى، إذ يقاوم في قراراته رغباته وأهوائه ومشاعره، فهل كلاهما صحيح؟! إن التحرر من عبودية كلتا السلطتين هو مفتاح الطريق القويم وربما البحث في أعماق السلطة الغائبة الحاضرة هو جواز العبور إلى الحقيقة. فيحتاج الإنسان في نظرته إلى الحياة وما قد يعترض طريقه فيها من صعوبات إلى أن يستمد القوة من السلطتين، بعد أن يعرضهما على صاحب الأمر والفتوى ألا وهو القلب، فلا قرارات مجردة من المشاعر ولا مشاعر مجردة من العقل، فكلاهما يتسق ويتجاذب في محاولة لخلق القرارات الصائبة. وكان للقلب منزلة الفتوى واليقين، وذلك استناداً على ما ورد في النصوص القرآنية التي ردت جميع شؤون الإنسان إلى قلبه، فهو المهيمن على السلطتين وهو السلطة الأولى والسلطة العظمى، وقد يخطئ البعض عندما يحصر فهمه للقلب بالمشاعر فقط، فالقلب مقام الحدس والإيمان والإحساس والبصيرة وهما المحركات الأساسية لكل من العقل والمشاعر ومن ثم السلوك، ومن هذا المنطلق فهو الأولى بالسيادة والسلطان على العقل والمشاعر، وهو ما أسمية بالسلطة الغائبة الحاضرة، فإن حضرت بكل ثقلها وجوارحها وثباتها وحكمتها وصدقها كان القرار الأعدل والأسلم وإن عُميت وخُتمت وطُبعت ووضعت في الأكنة، ضل القرار ومال، فلا فقه ولا سمع ولا إبصار. وفي مواضع الحياة المختلفة تجنح سلطة للأخرى بغية الحفاظ على الهدوء والارتياح النفسي، وهنا تتجلى أهمية التوازن في التنقل بين السلطتين، فأحياناً يتوجب على الإنسان أن يُسخر عواطفه لخدمة قرار عقلي أو أن يستعمل عقله وضوابطه لكي يصل إلى غاية شعورية، فالتعقل هو المهارة في موازنة الأمور بموازينها، فبجانب منظوري الشخصي وقدرتي على التحكم في موازين السلطات التي تشكل عالمي، توجد هناك موازين ومعايير أخرى تلهمني القدرة على الممارسة الصحيحة في تناول العقبات والمشكلات والأفكار والقضايا. فعلى سبيل المثال لكي تستقيم العلاقات والتي تخضع للسلطة الشعورية والتي قد تنتهي بالخسران بشكل أو بآخر في معظم الحالات يتوجب أن تتدخل سلطة العقل لكي تسير هذه العلاقات في الاتجاه الصحيح فتحافظ على توازنها، فلا تميل الدفة مع رياح المشاعر المندفعة فتحترق، وكذلك العكس عندما يتنازل العقل ويسلم القيادة للسلطة المشاعرية لتحقيق بغية عقلية، وهنا تتمظهر القدرة في استثمار نفوذ السلطتين لخدمة المقصد الأسمى. العلاقة بين العقل والمشاعر علاقة تكاملية تجاذبية ترسمها الغاية والهدف، سواء أكان ذلك في اعتناق الأفكار ورسمها أم في اتخاذ القرارات واعتمادها والارتياح إليها. وذلك بعد أن تقرر تلك السلطة الحاضرة الغائبة فنتشرف ونسمو بحضورها أو نتهاوى ونهلك في غيابها. alkhatershaika@gmail.com

5628

| 07 سبتمبر 2021

التعقيد شبح الحياة العصرية

تفتقر حياتنا الحديثة إلى مفهوم البساطة حيث تمتد يد التعقيد فتطال أبعاد حياتنا بل وفضاءاتنا التي أصبحت مشوشة وأكثر تشابكاً، وباتت تؤثر حتى على أمزجتنا ومساحات تفكيرنا التي أصبحت مكتظة فلا سبيل للهدوء والتأني الفكري. وإذ نلاحظ أن هناك شعورا بالتخمة الفكرية، فالأفكار متضاربة ومتشاحنة وسريعة تتزامن مع الحياة المعقدة الممتلئة فلا تأخذ وقتها الكافي في المعالجة والتحضير في مصنع العقل فتتزاحم الأفكار دون هوادة على أعتاب الذهن نتيجة لرتم الحياة المتسارع، فيعاني الإنسان من وطأة هذه الأفكار التي ترهق عقله وتستنزف طاقته. وتعزز مظاهر التعقيد على مستوى بيئة الانسان من تفاقم هذا الشعور، إذ فشلت المنازل في هذا الوقت من توفير الراحة والاسترخاء لقاطنيها، بعد أن ضاقت بالمقتنيات والماديات وشغلت مساحات كبيرة من المنزل دون نفع حقيقي لها سوى التظاهر والتفاخر وحب الامتلاك، بيد أن الراحة الحقيقية تكمن في البساطة فالمنزل البسيط المرتب المتوفر على الحاجات الأساسية يعطي راحة للعين وانشراحاً للقلب، فلا نعجب اليوم من ضيق الصدور الذي بات ملازماً للنفوس فالمساحات داخل النفس وخارجها أصبحت ضيقة. كما أن بيئة العمل لا تختلف كثيراً فتجد بعض المكاتب لبعض المسؤولين بعيدة كل البعد عن الهدف الذي أوجدت من أجله، حيث دلائل الرفاهية تتمظهر هنا وهناك ولا يرتضي البعض سوى بالأجهزة الحديثة حتى وإن كان ليجهل كيفية استخدامها، فقد رأيت بعض المسؤولين الذين يحرصون على أن توفر الدولة لهم أحدث الأجهزة ولكنهم يعجزون حتى عن استخدامها فهي كباقي الأثاث يجتهد في توفيره حتى تكتمل الصورة وتلك طامة أخرى وشكل آخر من أشكال التعقيد. ولقد لعبت التطبيقات المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في الحياة المعقدة حيث انكمشت صورة الحياة في هذه المنابر، فباتت وسيلة للعلم والتعلم والمرح والتسلية والاجتماعات والاعمال والتواصل وبناء العلاقات الالكترونية البائسة، وبث كمية المعلومات والآراء المتضاربة التي ما انفكت تربك التفكير وترهق العقل وتهلك النفس فيما يصدق منها وما لا يصدق، كما وساهمت بشكل شرس في تنمية ثقافة الاستهلاك التي يعتاش عليها رواد هذه التطبيقات فيجد الإنسان نفسه في شقوة السعي للحصول على كل جديد يتم التسويق له من خلالها حتى يغذي شعوره بالعصرية ومواكبة التطور فالآخرون ليسوا أفضل منه حالاً وسعادةً، فالبعض يربط الشعور بالسعادة بحياة الناس المزيفة التي يحاولون تصنعها أمام الشاشات، فتحترق روحه في سبيل تقليدهم حتى يرضي ذلك الشعور الذي لن يتحقق أبداً من هذا المنظور! الذي لن يمنحك السعادة بل سلبك إياها كما سلبك الراحة والسلام والسكينة وكافأك بشعور القلق والخوف والضيق والتكالب على الدنيا والسخط وعدم الرضا والقناعة بنعم الله عليك وهذا بعيداً عن الإيمان والاستسلام لله والرضوخ لمقاديره. ويبرز لنا وجه آخر من وجوه التعقيد الذي غلف حياتنا بصورة المتعددة، فبينما كان الإنسان قديما يرضى بصنف من الطعام يسد رمقه أصبح اليوم في ظل الحياة المعقدة يحتار فيما يأكل وأين يأكل! حيث تضاعفت أماكن تقديم الطعام وتعاظم التنافس فيما بينها على تقديم أشكال معقدة من الأصناف والألوان لجذب الزبائن الذين يعانون من شره الاستهلاك فيأكلون كل شيء في أي وقت! وبسبب وبدون سبب! ومثل ذلك التنوع والتفضيلات في مختلف الأمور والأشياء، وهنا يستنزف العقل طاقته أمام سيول الاختيارات وتشعبها في الحياة فهو مجبر على الاختيار والتفكير السريع في البدائل والاحتمالات المتاحة والمتنوعة، ولو تمعنا قليلاً فإن معظم إجهاد العقل يومياً يأتي من هذه الناحية فالخيارات جزلة في كل شيء وهذا من شأنه أن يجهد العقل ويثقل كاهله بينما لو قمت بتحديد بعض الأمور وجعلها أكثر سهولة وبساطة لوفرت جهد العقل وقوة تركيزه على الأمور الأكثر أهمية! ولكي نقلل من عنف الاستهلاك وشراسته يتوجب علينا أن نرفع من ثقافة الاكتفاء فرغبات النفس دائماً في ازدياد وإن لم تُكبح جماحها فليس لها حدود للشبع، يقول البارئ عزّ وجل " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ " وهي جملة تعبر عن الاعجاز القرآني في اختزال المعنى نعم الهاكم التكاثر عن دينكم، أخلاقكم، أبنائكم، بيوتكم، ذويكم وحياتكم الصالحة. وتطال يد التعقيد فتعبث في العلاقات التي أصبحت غير مفهومة على نحو مخيف، فلا صداقات حقيقية ولا علاقات أسرية ثابتة، فالعلاقات أصبحت هشة هينة؛ ولم لا؟! وهناك البديل الذي يمنح السلوان! كما لم يعد الإنسان يفكر بأخيه ومدى احتياجه إليه فمقدار حاجة الانسان للآخر أصبحت تختزل على المصلحة والفائدة، أما القيم الأخرى وحسن التعامل والوفاء لم يعد يشغل بال أحد فخسران الأشخاص لم يعد مهماً مقابل جيوش من آخرين متاحين على وسائل التواصل الحديثة، وهذا ينافي ما يدعونا الله عزوجل إليه من التكافل والرحمة دون تكلف فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وكعاقبة لهذا التعقيد أصبح الإنسان يتردد ألف مرة قبل أن يفكر مجرد التفكير في الاستعانة بأخيه! إن هذه الحياة المعقدة تستلزم منا وقفة صادقة مع النفس فلم تجلب للبشرية سوى مظاهر أثرت على نفسياتها وسلوكياتها وقادتها من الأحسن إلى الأسوأ ومن الجميل إلى الدميم وهنا استذكر ذلك الزمان الذي كانت الحياة فيه بسيطة هانئة فكثيرا ما أسمع جملة "يا زين حياة أول " -أي ما أجمل حياة الآباء والأجداد -عندما أجلس مع جيل الستينات والسبعينيات فما الذي يميز ذلك الزمان؟ ولم ضيعناه من أيدينا؟ إن أكثر ما يميز ذلك الزمان وتلك الحقبة من الزمن التي يظل الحنين إليها متوهجاً هي البساطة والبراءة من كل تعقيدات الحياة الحديثة، فعلى الرغم من أن التكنولوجيا الحديثة والوفرة المالية ساهمت وبشكل مؤثر في تحسين ظروف الحياة وتعاملاتها إلا أنها في نفس الوقت عقدتها وشعبتها وشوهت علاقتها الإنسانية وخصوصاً بعد ظهور فيل الرأسمالية الأهوج الذي يسعى وراء النمو والتضخم. الأمر ما زال بأيدينا؛ فنحن قادرون على أن نتخلق بالبساطة ونتحرر من عبودية المجتمع والعيش تحت سطوة من لا يرحم، ونظرة الآخرين الملوثة للحياة الهانئة، ومحاولة كسب رضاهم واستحسانهم، ابدأ بنفسك، ومارس عملية التنظيف، تنظيف القلوب والنفوس والمشاعر والبيئة المحيطة من كل التعقيدات والنتوءات التي تعرقل سير الحياة في أمان واطمئنان. alkhatershaika@gmail.com

6775

| 31 أغسطس 2021

أنا حُــــر

ترتفع الأصوات هنا وهناك بالمطالبة بالحريات في إعطاء المساحات للفرد للتعبير عن رأيه وممارسة حرياته، ولا تعدو الحرية بمفهومها البسيط الذي يتداوله العامة هي المطمع الذي نرجوه وحسب، فقبل أن نجاهر بالصوت لهذا المطلب علينا أن نفهم ما هي الحرية بمفهومها العميق. الحرية لا تقتصر فقط على حرية التعبير، بل يجب أن يجملها الفعل في الطرح وتقبل الآخر، لنتفق أنه لا يوجد حرية مطلقة فحريتك تنتهي عند حدود حرية الآخرين، والحرية مقيدة بحدود العقل والمنطق وخاصة في ممارستنا للحرية كشعوب مسلمة عربية تسمو بدينها وتفتخر بقيمها أخلاقها وموروثاتها الأصيلة التي نشأت عليها والتي يحاول المناوئون القضاء عليها من خلال شعارات الحرية المطلقة التي يبثون سمومها من خلال شعارتهم الزائفة وقضاياهم الملفقة. وعندما ترتفع أصوات الأنا مطالبة بالحرية يضعف صوت الآخر، فأعمق معاني الحرية في ممارسة احترام حرية الآخر واحترام الاختلاف معه وفي هذا تتجلى الحرية في أبهى صورها، فلا تطويع لمفهوم الحرية لخدمة المصالح والأهواء وفرض المعتقدات الشخصية على الآخرين، فأين الحرية إذا لم أصادقها بالفعل؟! أين الحرية إذا كنت في الصباح وفي طريقي للعمل أزاحم هذا وذاك وأعتدي على حقه في الطريق بشكل بعيد عن الحضارة وعن مفهوم الحرية الذي أطالب به في مجلسي في المساء؟! أين الحرية التي نتشدق بها ونحن لا نحترم حق الآخر في طابور السوبر ماركت أو آلة السحب النقدي؟! أين الحرية ونحن نوقف المركبة بطريقة عشوائية أمام المحلات أو في المواقف العامة فنحرم الآخر حقه في الموقف أو في المرور؟! أين الحرية عندما نترك عربة البيع بطريقة عشوائية في المواقف فنضيق على الآخرين مواقف مركباتهم؟! أين الحرية في التسابق للحصول على المناصب والمكافآت بطرق ملتوية دون وجه حق بينما يستحقها آخر يؤثر الصمت؟! أين الحرية وأنت تشتم هذا وتجرح ذاك وتقسو وتحقد وتستحقر وتفرق في المعاملة بين من وما تحبه نفسك ومن وما لا تحبه وتزدريه؟!. ولا أعتقد أن وجود منصات التواصل الاجتماعي تمنح الحق بانتهاك حريات الآخرين والتعدي عليهم وتجريحهم تحت غطاء الحرية الشخصية، فالحرية سلوك وأخلاق ومبادئ لا تتبدل ولا تتغير باختلاف الزمان والمكان فهي كما توفر لنا الفرصة في سهولة وتسريع التواصل بالآخر إلا أنها تضع مسؤولية كبيرة على عواتقنا في انتقاء ماذا وكيف نعبر عن آرائنا وهنا تتمظهر القدرة في الممارسة الصحيحة للحرية في التعبير بالرأي وطرح الأفكار. أرى أن الحرية هي الارتقاء بالنفس عما يدنسها ويحط من شأنها فيخضعك لسيطرتها ويستعبدك لتنفيذ أهوائها، الحرية هي التحرر من كل معتقد أو فكر أو سلوك يقبض على روحك فتتراخى له وتستسلم لهيمنته ونفوذه، فمتى تمكن منك أصبحت ذليلاً صاغراً مستعبداً. نحن بفضل الله أمة مسلمة عرفت الحرية منذ فجر الإسلام ونحن أحرار بعقيدتنا وإسلامنا وكتابنا قبل أي شيء، فكيف لنا أن نشعر بالنقص تجاه الحرية ونحن نعيشها من خلال هذا الدين العظيم فكلما ازددنا قرباً من هذا الدين زادت حريتنا وعظمت، والعكس في هذا صحيح، كلما زادت الفجوة بينك وبين هذا الدين زاد تحجر العقل وفساد القلب، إذ إن خطاب القرآن لنا دائماً بالتفكر والتبصر والنظر بالعقل والقلب معاً، وإنما يذهب البعض خلاف ذلك فينزلق في زنازين العقول وأغلالها الصلدة، وترين القلوب فتخسر حريتها ونقاء سريرتها. إن مفهوم الحرية أعمق وأشمل من مجرد التعبير عن الرأي الذي وإن غصت في بواعثه وجدت الأنا والمصالح الشخصية تجثو على صدره، وهذا والله أبعد ما يكون عن الحرية التي قدرها الله لعباده ورفعهم بها وفضلهم عن سائر مخلوقاته فاستأثرهم بخلافته في هذه الأرض تكريماً وتشريفاً. يا أيها الناس لا تغرنكم الحياة الدنيا فتلهثون خلفها خاضعين خانعين، فهنا التحدي الأعظم والمحك الفارق بين عبوديتك لنفسك وإرخاء لجامها للدنيا تعبث بها وتفعل بها ما تشاء، وبين حريتك في فرض سيادتك عليها ولجم شهواتها ورغباتها التي في الغالب تتجاوزك لتشمل الآخرين فتتعدى عليهم وعلى حرياتهم التي اشتركوا معك في استحقاقها وممارستها بالتي هي أحسن وأجمل وأرفق. alkhatershaika@gmail.com

6220

| 24 أغسطس 2021

يكفيني أني قطري

مما يؤسف له ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة منصة تويتر التي باتت بؤراً للفتنة والشائعات والتكهنات أكثر من كونها أي شيء آخر، ولقد لفت نظري مؤخرا الجدل القائم حول شرط الترشيح والانتخاب وما إن ظهر هذا الشرط حتى قامت معه الدنيا ولم تعرف إلى الآن سبيلها للقعود !!! ولعلي أستغرب ردود الفعل التي اتصفت بالمبالغة والتضخيم الذي جاوز الحد في بعض منها في طريقة طرحها وكيفيتها، فهل هذه البدايات التي نأملها؟! فعند أول نقطة اختلاف يبرز لنا هذا التناول الفظ والنهج في تعاطي الاختلاف أو إبداء الاعتراض، فعندما نرى ذلك الآن وقبل قيام المجلس فماذا نرتجي بعد هذا؟ وكيف لي كناخب أن أنتخب أفرادا يدينون بالولاء لمثل هذه السلوكيات فيتخذونها مسلكاً في حل المشكلات واتخاذ القرارات فغداً ربما تتعارض وتختلف مع أعضاء المجلس فهل سيكون هذا ديدنك؟!! وأشعر بالأسف حين أجد مجموعة من المثقفين وأصحاب الرأي وقد انزلقوا وانغمسوا في مثل هذا الركام الذي يرين على عقول البعض !! ولو غيرنا زاوية الرؤية وامتنعنا عن التعلق في ماضي شجرة العائلة وانتقلنا بالنظر إلى الحاضر فجميعنا قطريون وكفى وحسبنا أن نرتقي وجدانياً بعمق هذا المعنى، إذ تجمعنا هذه الأرض الطيبة وعلينا أن نحرص على ترابطها وتوادّها وتطورها وازدهارها، ومن منطلق الآن ومن أكون فحريٌّ بنا أن نعمل على إنجاح الخطوات الأولى نحو المشاركة الشعبية وأن نطلب من الله أن يعين من سيكون في موقع المسؤولية والتكليف. ولا أعتقد أن الدولة تنوي أن تظلم أحداً بدليل أنها قد شاركت القطريين جميعاً في فرص اعتلاء مختلف المناصب القيادية والوزارية ولم تستثنِ أحداً !! فلمَ نقف عند نقطة قد يكون للدولة فيها وجهة نظر واعتبارات أخرى لم تصل إليها مداركنا، ولم نسعى للفوضى والقلقلة في حين أننا على ثقة ويقين في قياداتنا وأنهم لن يختاروا لنا سوى الأصلح والأفضل دائماً وهذا المجلس ما هو إلا واحداً من الأدلة والبراهين الكثر على صدق ذلك. فأين العقل والحكمة والنظرة العميقة البعيدة من ذلك؟ وأين ما تعلمناه كشعب مترابط متين متلاحم أثناء وبعد الأزمة الخليجية؟! من إبقاء الأسرار في بيوتها وأن نقضي حاجاتنا بالستر والكتمان "وحلها في بيتها كما يقال" حتى لا نسمح بمن تُسول له نفسه مجرد التفكير في الطعن في دولتنا، فالمحب لا يهون عليه أن يُخدَش حبيبه ولو بقشة! أو تجرحه نسمة حارة عكِرة؛ فكيف بسمعة وطن؟! التي تتربص بها جيوش الذباب الحاقد والأبواق الناعقة الخبيثة وأين نحن من قول الله تعالى "وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، فمهما بلغت الحاجة فإيثار الوطن على النفس ومساربها الغاوية لهو ضرورة حتمية ومسؤولية واجبة خاصة في مثل هذه الظروف. يجب أن نعي أننا في دولة الخير والعز والأمان ونحن مغبوطون على حياتنا الكريمة الرغيدة وما فيها من نعم الله علينا ومن أعظم النعم التي تستثير حسد الحاسدين وتملأهم ناراً وسعيراً نعمة الحكومة الرشيدة التي تتطلع بِكُم إلى المعالي وتسعى لأن يكون لواء الوطن سامقاً شامخاً على جميع الأصعدة وتهدف لنمائكم وتمنحكم فرص التطور والبناء إيماناً وتقديراً لدوركم وأهميتكم. وتستوقفني نقطة أخرى شعرت حيالها بالأسى والألم، حين قام البعض بمقارنة موقفهم الذي يعد واجباً وطنياً صادقاً إبان الأزمة بما يحدث الآن، وأتساءل ما دخل هذه بتلك؟!! وكيف يمكن لمواطن أصيل أن يطالب وطنه برد الولاء الذي هو صفة أصيلة في المواطن الحق وهو حق عليه أن يؤديه؟! الولاء للوطن حق وواجب على كل من يعيش على هذه الأرض فكيف بمن يدعي الأصالة أن يمنن به وقد نهانا الله عن هذا الفعل؟!! إنها والله لطبيعة الأثرة الضيقة والأنانية المجحفة التي تترعرع في محيط التعصب البغيض. وكأني أرى أن جميع جهود الدولة في البناء والتطور والتنمية في هذا المواطن قد انقضت كما ينقض الجدار من أساساته، فهذه الطبيعة الخوارة والجبلة الهابطة المتداعية التي تعصف بكل امتنان وحمد وشكر عند أول منعطف ومحك حقيقي، والنفس وإن تركت لنوازعها ولم يردعها العقل فإنها تجور وتفري وتقع في المستنقعات والأوحال. ولطالما كانت دولتنا دولة الأمان والرخاء والسماحة؛ فلنستجيش مشاعر الأخوة، فلا تفرقنا العصبية والقبلية، ولا يمكن للقلق أن يعربد في النفوس المستقرة طالما كان هدفنا واحداً ولتكن نظرتنا في ذلك نظرة شمولية تفاؤلية نحو الأمام فنحن نحاول الخروج من عنق الزجاجة لا السقوط في قعرها، لتحتفظ هذه النقلة بمكانها السامق السامي من الرقي الذي عهدناه دائماً في أبناء هذا الوطن. alkhatershaika@gmail.com

6186

| 12 أغسطس 2021

المخاض الأول

تتجه الأنظار هذه الأيام نحو انتخابات مجلس الشورى التي ستجري وقائعها ولأول مرة قريباً، وتشتعل وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذه الانتخابات، فكلٌّ يدلي بدلوه حسب وعيه ومعلوماته ونضجه. ودعونا هنا نلقي الضوء على زاوية ربما لم يقرؤها الكثير منا كأفراد لنا حق الترشح والانتخاب ولنتطرق بداية إلى حرصنا على خلق مشاعرنا الإيجابية تجاه المجلس والعملية الانتخابية، والمشاعر المتفائلة لا تأتي من فراغ، فلكي نُكون مشاعر إيجابية تفاؤلية تجاه شيء ما فيلزم بداية الأمر أن نبحث عن ما يؤججها وخير ما يقوم بذلك هو الوعي والمعرفة، فهل نملك بالفعل الوعي الكافي بأهمية المجلس ودوره في تعزيز جودة حياتنا وهل قمنا كمواطنين وناخبين بقراءة وفهم قوانين الدستور فيما يتعلق بنظام انتخاب المجلس ومراحل انعقاده وتكاليفه وسير العملية الانتخابية ومهام الأعضاء وشروط الناخبين والمرشحين؟ أم اكتفينا بما يرد إلينا عبر منصات التواصل الاجتماعي من معلومات وآراء حول المجلس والعملية الانتخابية وما أكثر المدعين والمصلحين المفسدين الذين يتخبطون في عقابيل الأفكار المتصارعة والمعتقدات المظلمة، فنميل حيث يميلون ونلحق أذيال القطيع صم بكم عمي؟! ناهيك عن البعض الذين يمارسون تفعيل نظام تنشيط الاستدعاء بالمخ بصورة مستمرة، فلا تغمض أعينهم الناقدة لها جفن، إذ لا تبصر إلا جوانب النقص ولا ترقب عدا المعوقات، فالوعي وحده كفيل برفع قدرتنا على التمييز بين الغث والسمين، وقد وجدت الكثير ممن يقحمون أنفسهم في نقاشات معتمدين في طرح وجهات نظرهم على ما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي كحقائق مُسَلَّم بها !! وهنا مكمن الخطر وقضية يجب أن لا نغفل عنها، حيث تساهم مثل هذه الأحاديث في اللقاءات والاجتماعات الأسرية ونحوها في دعم وترسيخ الآراء المغلوطة والأفكار المسمومة، فأصحاب العقول السطحية لا يكترثون إلى مصادر المعلومات في تقديم الآراء والأفكار وتقييمها بناء على مصداقيتها وصحتها بقدر اكتراثهم بأن يكون لهم دور المشاركة في النقاش والإدلاء بدلوهم كتعبير عن الثقة في النفس في زمن أصبح الصمت فيه دليلا على الجهل !! وهم في هذا كما يقال "مع الخيل يا شقرا". ونجد النظر إلى التجربة من خلال فلاتر المعتقدات الشائهة والخبرات والتراكمات السيئة فيه نوع من الإجحاف في حق المحاولة الوليدة، فكل مولود يحتاج إلى الرعاية والبيئة المطمئنة لكي ينمو ويترعرع بشكل صحي سليم، معافى الجسد والفكر والروح، وهذا ما يفترض أن نوفرة كمواطنين وأفراد يتطلعون لمستقبل أفضل، فكما تخطو الدولة خطوات مباركة نحو المشاركة الشعبية يتحتم علينا كأفراد أن نمد يد العون بالمشاركة الفعالة في إنجاح هذه الخطوة ومضيها إلى تحقيق أهدافها في أكمل صورة. وهنا تتضح ثقافة المجتمع من خلال التعاون والتضامن والرقي في التعامل مع العملية الانتخابية. وبعيداً عن مختلف التوقعات فالدولة تعيش مخاضها الأول في مجال الانتخابات ويتوجب علينا توطيد ركائزها بالنظرة الإيجابية الموسومة بالأمل والإرادة والطموح وتجفيف منابع الشك والظلال. فلنعمل على أن تسير تلك الخطوة في مخاضها على هون وفي يسر وتؤدة ولنكن تلك النافذة التي تهب منها الريح الرخية الندية مستشعرين الأمل والثقة والبركة. alkhatershaika@gmail.com

5187

| 09 أغسطس 2021

احجرني.. ولا تحجر عليَّ

تقوم وزارة الصحة مشكورة بجهودها الحثيثة نحو التصدي لوباء كوفيد 19 وذلك لتلافي تفشي الوباء في المجتمع بصورة كبيرة مرة أخرى، وتتخذ في سبيل ذلك العديد من التدابير المتجددة حسب وضع المرض المتفاوت بين الحين والآخر، ونسأل الله أن يكون في عون جميع المسؤولين فيها وأن يكلل مساعيهم بالنجاح والتوفيق وأن يجزيهم عنا وعن هذا الوطن خير الجزاء. إلا أن هناك بعض الإجراءات تستحق منا التوقف والمراجعة، ومن هذه الإجراءات التي ينبغي إعادة النظر فيها إجراءات العودة من السفر والحجر الصحي للمسافرين غير المحصنين، إذ تستقضي التدابير الاحترازية الحجر الصحي الفندقي للقادمين من الدول المصنفة باللونين الأصفر والأحمر، حيث يتوجب على المواطن القادم من إحدى تلك الدول تقديم إثبات الحجر الفندقي في المطار عند العودة من رحلته، وهنا أتساءل: ماذا لو تغيرت الإجراءات وهو على سفر وقد أنهى حجوزاته مسبقاً قبل السفر؟ فيتغير تصنيف الدول من صفراء إلى حمراء وهنا يضطر إلى عمل حجوزات جديدة، إذ يلزمه الحجر لمدة عشرة أيام مقابل سبعة أيام قبل تحول الدولة القادم منها من تصنيف ذي لون أصفر إلى آخر ذي لون أحمر، وفي هذه الحالة يلزمه تغيير الحجز وفق الأسعار الجديدة والفنادق المتاحة؟ وإن حدث وألغيت الرحلة ولم يتمكن المواطن من السفر فعندها يفقد الشخص قيمة الحجر الفندقي ولا يحق له استرداد مبلغ الحجز!! كما أن اختيارات الفنادق المتاحة محدودة على موقع "اكتشف قطر" بناء على التواريخ، وأسعارها مضاعفة، وإن كانت شاملة لجميع الوجبات، فليس من الضروري أن تكون كذلك، حيث يستحب أن يعطى الخيار للشخص المحجور في طريقة حصوله على الوجبات، سواء من خلال الطلبات الخارجية أو من خلال إحضارها له من المنزل وتسليمها لاستقبال الفندق ويتولى الفندق توصيلها له، وماذا لو كان المواطن لديه إقامة دائمة في أحد الفنادق أو المجمعات السكنية ويستطيع توفير مكان منعزل تماماً وكان بإمكانه تقديم ما يثبت ذلك عند دخوله للبلاد، فهل يجبر على تحمل تكاليف الحجر الفندقي إذا كان الهدف من الحجر الاعتزال وعدم المخالطة؟! ولضمان عدم خروج الشخص أثناء الحجر يمكن أن تُخطر مكان إقامته بأنه تحت الحجر الصحي. ناهيك عن الحجوزات التي يقوم بها الكفيل للعمال وخدم المنازل، حيث يمكن أن يصل العامل ويكون غير مؤهل للعمل لأسباب صحية أو نحوها كعدم رغبته في العمل سواء قبل الحجر أو أثناء الحجر لهذا العامل وبذلك يخسر الكفيل قيمة الحجر، فليس هناك قانون يكفل له حق استرداد المبلغ أو استخدامه في حين استقدام عامل آخر. فهذا نوع من الحجر على اختيارات المواطن عند تقييده بمدفوعات ترهق كاهله، خصوصاً للأسر والعوائل رغم توافر البديل، وقد يستنكر الناظر المتعجل فيتساءل: ولمَ السفر في هذه الظروف؟ ولماذا لم يختَرْ المواطن أن يكون محصناً؟ فنجيبه على الثاني بتساؤل تعجبي استنكاري آخر: وهل علينا أن نعاقبه على قراره عدم التحصين وأن نكبده الكثير لنرغمه على اختيار التطعيم؟! فهو خيار أتاحته له حقوقه الإنسانية فكيف نجبره على ما لا يقبله؟! وكيف يتقبله جسمه ويستفيد منه إن كان نفسياً يقاومه؟! أما عن التساؤل الأول فالنفوس منهكة والقوى مجهدة وتحتاج إلى السفر والترويح، خصوصاً في أجواء الصيف الحارة والأسعار النارية للمصايف وتلك قصة عجيبة أخرى من صندوق عجائب الغلاء. وقد يتساءل المواطن: وهل عليَّ أن أرأب صدع تأثيرات كورونا السلبية على الفنادق من جيبي؟ فهذا ما يظهر على السطح عند التمسك حتى بالوجبات الفندقية الإلزامية للجميع ! إن الله يأمرنا بتسهيل شؤون الناس ومعاونتهم على أداء واجباتهم إذا لم تخل بالصالح العام وأن نقدم ما في استطاعتنا للتيسير بعيداً عن التعسير والتضييق وبالشكل المريح الذي لا يتسبب في أي نوع من الصعوبات أو المعوقات، فلم التقييد والمشقة؟!! فما دخل الرفق بشيء إلا زانه ! نتطلع لإعادة النظر في بعض هذه الإجراءات وكلنا ثقة بالوزارة ومسؤوليها ونحن على يقين من حرصهم وحرصنا لما فيه مصلحة البلاد والعباد.

5781

| 09 أغسطس 2021

لو وجدوا غير الجحر ما دخلوه !!

أثار الدكتور عبدالله العمادي في مقالة له بعنوان "ماذا في جحر الضب لتدخلوه ؟!" مفهوم الانفتاح العقلي والكيفية الخاطئة التي يتناولها البعض في ممارسته وتطرق خلال ذلك إلى بعض مظاهر تسطيح العقول التي يلج بها المجتمع، فهي قضية خطيرة وملحة وتستوجب التصدي لها ومعالجتها، والسؤال هنا: كيف نحمي المجتمع من الممارسات الخاطئة لمدلول الانفتاح وتسطيح العقول؟ يرى بعض الشباب أن الدين والعادات والتقاليد الاجتماعية ما هي إلا أفكار بالية لا تواكب التطور الذي يشهده هذا الجيل على جميع الأصعدة، بل يرون أنها قد تعيق استمتاعهم بالحياة ورفاهيتها وتسرق بهجتها ولذتها، غير أن ما من مجتمع إلا وله عاداته وتقاليده الأصيلة التي لا يمكنه التنصل منها فهي الموروث الثقافي الجوهري والهوية المميزة التي تعبر عن خصوصية المجتمعات. يقع الحمل الأكبر في عملية توعية النشء بمفهوم الانفتاح على الأسرة وعلى الوالدين تحديداً، حيث أسهموا بشكل أو بآخر في تعميق المفهوم الخاطئ لدى النشء، وذلك من خلال الاستسلام اللامشروط لمتغيرات العصر دون وضعها في إطار يتناسب وروح الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد الاجتماعية. فحين تراخى بعض الوالدين عن دورهم في غرس حب الله ورسوله في نفوس الناشئة وتوعيتهم بماهية وجودهم والهدف من رحلتهم في هذه الدنيا -إذ كيف ينجح أي منا في أي شيء ما دام يجهل أول ما يتوجب عليه معرفته وهو الهدف منه ؟! فالنتيجة الحتمية لذلك هي الضياع في دياجير التيه والضلال- وبأن الله خلقهم ليعبدوه في المقام الأول واستخلفهم في الأرض لإعمارها والقيام عليها وإصلاحها إلى أن تقوم الساعة، وبأن هذا الدين هو الدين الخالد الذي يصلح لكل الأزمنة. فالقرآن دليل الإنسان في الحياة منهجاً وشرعاً ليعينه في حياته وعمله وسائر شؤونه، وحين كانت هديتهم الأولى لهم أي شيء آخر عدا القرآن الكريم مبلغ علمهم ومنتهى غايتهم فلا ملام عليهم حين تثور البراكين الملوثة الخاملة من حولهم، وحين تندس في قلوبهم ثقافة غير ثقافتهم، وحين يتنقلون بين معتقدات دخيلة مشوهة مهلكة للروح والفكر. فعندما يفتر الإيمان في القلوب يكون من السهل اختراقها فالمتربصون كثر يتحينون الفرص للوثوب والنيل منها لتوجيهها وفق ما يتناسب مع خططهم واستراتيجياتهم في انسلاخ القلب والفكر عن العقيدة، حيث يعلمون تمام العلم أن هذا الدين هو الدين الأبدي الذي يهدد مجدهم وكيانهم. فكم من الوالدين يفعل عكس ذلك؟! وكم منهم لا يدع يوما يمر إلا و يحدث أبناءه عن عظمة الخالق ويتدبر صفاته وبديع صنعه، ثم يأتي بالذكر على نبيه (صلى الله عليه وسلم) فيعرض عليهم سيرته ويبرز لهم مواقفه والهدف من رسالته ثم يبين لهم هذا الدين ومكانته السامقة الرفيعة ويعرج على كتاب الله فيبرز معانيه ودلالته بقراءة مختلفة ومنهجية بسيطة سلسة تليق بمتغيرات العصر وتتوافق مع خطرات نفوسهم واتجاه مشاعرهم، ولا تحيد عن الشرائع والأحكام فلا تسرف في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، بينما تفسرها موضحة الحكمة والمغزى المراد منها بما يعينه على البحث والنظر فيما يشابهاها من مواقف وسياقات في حياته ويستقي منها ما يعينه على فهم المزيد من القوانين الكونية والحكم الحياتية التي تزوده بالطاقة والمخزون اللازم لتأسيس الحياة التي يتوقها؛ وهذا من شأنه أن يعزز ثقافة التركيز والتعمق والبعد عن السطحية في تناول المسائل. فالقرآن الكريم خير من يستفز العقل ويستجدي عمليات التفكير كالتحليل والتفكير الناقد والاستدلال والتركيب والاستقراء والاستنباط... الخ من العمليات العقلية. كما أن نقص السعي في التدبر وتقصي الأفكار الأدنى إلى الفطرة الإنسانية في كتاب الله بنية التعلم واستيعاب الحكمة من وراء آياته ونيل التيسير والسلام، فمن يتأمل القرآن الكريم بعين مستطلعة، متفتحة،عصرية غير تقليدية، تخرج عن أغلال الموروث تجاه فهم كتاب الله وفسحة من الفكر الواعي غير المنغلق، فسوف يجد كل ما تتوق له نفسه من قوانين وتربية وعلم وحلول تتماشى مع تطورات الإنسان في كل الأزمنة، ولهذا لم يفسر الرسول (صلى الله عليه وسلم) القرآن، بل ترك للعقل البشري المتطور عبر العصور حرية التفكير والتأويل في آياته. فقد وضع الله سبحانه وتعالى في كتابه منافذ العبور لأسرار هذا الكون كما ضمنه مفاتيح التطور والارتقاء الإنساني الذي قد تمر به البشرية، ولا يزال القرآن رغم تواتر الزمان يحمل بين آياته عددا لا نهائيا من المعلومات والحكم التي من شأنها أن تصلح حياة الإنسان فيعيش الحياة في يسر الحال واطمئنان القلب ومنتهى الاستمتاع برحلة الحياة، مع انفتاح للعقل ومواكبة التطور الذي لا يتعارض مع العقيدة إذا كانت راسخة كامنة في القلوب، وما دام الأساس ثابتا متينا صلبا فلا تهزه الأعاصير والزلازل مهما عتت وعظمت وجارت وتجبرت. ومن هنا يأتي ترسيخ وتأصيل قيمة العقيدة الإسلامية ومعاني الاعتزاز والفخر بالدين الشامل المساير لمتباينات الزمان وانتقالاته، وأننا نقوى بديننا ونهُون من دونه، فلا نقف أبدا في موقف المدافع عن دينه فهو مرتكز الحق ما دمنا نعتصم به ونلتف بردائه فما اتهاماتهم وتصوراتهم الباطلة للدين التي يبثونها من خلال أبواقهم المسمومة إلا ضربا وزعزعة في أساسات العقيدة فتتسلل إلى القلوب مشاعر الازدراء والنفور من هذا الدين ويتسرب الشقاق في النفوس المقلقلة. ثم يأتي الدور في إطناب الفكر من خلال المدرسة إذ ينبغي أولاً أن نبدأ بتوعية النشء بالتنقيب والتدقيق واستقصاء الفائدة وتكوين الرأي المبني على البحث والدراسة تجاه أي قضية أو معلومة قد تستثار أمام هذه العقول الندية الغضة، وعدم الاكتفاء بظواهر الأمور من خلال شحذ الرغبة واستنفار الفضول لعمق المعرفة والوصول إلى منتهاها ومن ثم التدبر وإعمال العقل في دلائلها واتجاهاتها ومساربها وآثارها، ثم انعكاسات ذلك على واقعهم ومدى جدواه في حياتهم وبالتالي يبدأ العقل تدريجياً باكتساب مهارة الانتقاء وفلترة الأفكار والقضايا وحلحلتها واستخلاص الناجع منها وتكييفها مع ما يتناسب مع دينه وثقافته ومجتمعه. وبالتالي يبدأ في تحقيق الحياة المتوازنة بين الدين والحياة المتطورة المعاصرة حين يكون على يقين بأن أحدهما لا يجحد الآخر ولا يبخسه حقه، إنما وجد الدين ليطوع الحياة ويسخرها لخدمة الإنسان الذي كرمه الله عز وجل ونفث فيه من روحه فكيف يفرض عليه ما يشقيه ويتعبه ويتعارض مع نواميس فطرته في التعلم والتطور واكتساب المعرفة بالطرق التي تعينه على إتمام دوره في الحياة بالشكل الذي يرضى عنه الخالق سبحانه. ثم نغلف ذلك بغلاف التمهل والتأني والتحلي بالصبر والترفق والبعد عن العجلة والسرعة التي دُمغ بها هذا الزمان فما انفكت فيه العقول تبحث عن الحلول الفورية والمعلومات الخاطفة الضحلة والتفكير الوجيز المتواضع والاختصار قدر الإمكان وتلقيم المعلومات فيما يسمى (بالسندويشات)!، كناية عن الحجم الصغير والسريع في الإعداد والهضم!، مما لا يسمح للعقل بإتمام عملياته ومراجعاته والتعمق في مآلات الأفكار فتخنع الأذهان لآفة التسطيح وتألفها وتكتفي بها فلا تتكبد المشقة في الذهاب أبعد من ذلك. وقد كرم الله الإنسان واحترم إرادته ومشاعره وفكره وفطرته فكفل له الحرية ودعاه إلى الانفتاح وروح التجديد وهذا أقصى خواص التحرر الإنساني، كما أن الله سبحانه وتعالى وفي معظم آيات الذكر الكريم يُرغب الإنسان في التعمق والتبصر مصداقاً لقوله تعالى "وفي أنفسكم أفلا تبصرون". إن نقص الوعي لدى البعض بأهمية فهم الدين وماهية الإنسان وسر وجوده ومن ثم تواتر هذا النقص وانحرافه على مر الأجيال جعل من السهل اختراقه وتشويهه لهشاشته وخواره. فالأحرى أن نعمل على زيادة الوعي بحقيقة الدين وتأجيج مشاعر الولاء والانتماء والانتصار له وتمجيده وتعظيمه في الصدور فلا تخامره المرية الخبيثة ولا الوساوس المترصدة التي تهجس في النفوس. alkhatershaika@gmail.com

3676

| 12 يوليو 2021

المجتمع والازدواجية إلى أين ؟

يقول ميكافيللي: "لو خيرت بين أن تكون مهيباً ومكروهاً أو أن تكون محتقراً محبوباً، فالأسلم أن تختار المهابة بدلاً من المحبة، فالناس لا يتورعون أن يؤذوا المحبوب، ولكنهم لا يقدمون على إيذاء المهيب، فالحب عاطفة لا تلبث أن تخمد إذا نالت مرامها، أما المهابة فيسندها خوف العقوبة". توقفت برهة عند هذه السطور لميكافيللي رغم أنه قد قالها منذ قرون خلت إلا أن ماهيتها ما زالت تنعكس على المجتمعات المختلفة في صور متعددة، فهل يقدر الناس فعلاً من يحبون؟. إن الازدواج المتوغل في تشكيل كياناتنا قد أثر وبشكل مباشر على مشاعرنا وعلاقاتنا وتفاعلاتنا في محيط المجتمع، فاختلت موازين الأحكام التي ركعت لهيمنة الازدواجية، حيث تجد معظم الآيات تحت أخطبوط الازدواجية تُقرأ وتفهم وتعالج بالمقلوب، فتجد أكثر الناس يحبون طيب الخلق لكنهم لا يحترمونه ولا يكترثون لأمره، فهو لا يملك سوى قلبه الطيب!، بينما يكنون كل الاحترام وجل التقدير لصاحب المال والجاه والنفوذ فهم يحبونه بأفواههم ويزدرونه بقلوبهم!، والقوي من وجهة نظر الازدواجية هو القوي بماله وغناه وعزه، فهو يملك أكثر الأسلحة فتكاً وتدميراً وإمتاعاً أيضاً، وإن كان سفيهاً أو جباناً، فهو يستحق الوقار والتكريم، أما الضعيف وإن ضخمت عضلاته، واشتد بأسه وأظهر بسالة وشجاعة، إلا أنه مهزوم إذ قل ما في يده، فلا هيبة له ولا خشية. كما يروق للناس مجالسة صاحب النكتة والظل الخفيف، ولكنهم لا يصونون عشرته ولا يكرمون منزله، حتى إننا نجد معظم الناس وقد شحّت بسمتهم وتوارت بشاشتهم لئلا ينظر اليهم بشيء من الهنة والخفة. والناجح المميز هو ذلك المشهور خاوي العقل أجوف الفكر الذي اكتسب نفوذه وتأثيره ومجده الواهي من خلال تصنعه وتملقه وتقديم مصلحته على جميع المبادئ والقيم، فينال الإعجاب والتعظيم والتفخيم، وما أكثرهم في زمننا هذا وهم فيه غثاء كغثاء السيل. بينما الصراحة في عرفنا أصبحت قباحة والصدق أصبح نكبة على من نطق به، والأولى أن يُبتر اللسان قبل أن يصير صاحبه في خبر كان، فمن يحاول أن يصدق الآخرين أو يحدثهم بشفافية بعيدة عن النفاق والرياء تكالب عليه القوم وأشعروه بأنه قد اقترف جرماً عظيماً لا يغتفر ثم لا يلبث إلا أن يجد نفسه وحيداً مهجوراً بعد أن ابتعدوا عنه وأبعدوه من مجالسهم وتجمعاتهم. وتشتد الازدواجية عسراً حين تتمظهر في الأوامر والتوجيهات التي يتلقاها الأبناء من والديهم، إذ تختلف باختلاف معايير كل منهما في المواقف ذاتها، وبالتالي تجد الأبناء وقد أصيبوا بالاضطراب والاختلال جراء عدم الثبات والاستقرار على نهج واضح يتبعونه ويحتذون به. ومن مظاهر الاعتلال والنظرة الازدواجية التي لم تبق ولم تذر فوطأت حتى المشاعر غيرة بعض الرجال على زوجاتهم دون أخواته وبناته وهنا نوع من التعصب غير المبرر فما ترتضيه لأخواتك وبناتك يفترض وبالمنطق أن تسمح به لزوجتك والعكس صحيح، مع أن العقل يميل إلى أن غيرة الرجل على أخواته وبناته أولى من باب أن الزوجة قد تذهب في يوم من الأيام وتأتي غيرها وهذا لا يجيز بالطبع عدم الغيرة عليها ولكن من باب التأكيد على أن غيرة الرجل على أخواته واجبة ومتساوية لغيرته على زوجته، فعلاقة الأخوة والبنوة علاقة ثابتة لا يمكن أن ننكرها تحت أي ظرف من الظروف. وفي الجانب الآخر تجد بعض المنظرين والوعاظ يتلحفون ازدواجية خاوية، حيث تلج بهم حياتنا أينما أقبلنا وأدبرنا فمعظم من حولنا بقدرة قادر أصبح واعظاً حتى أنك لتشعر أنهم متربصون بك في خلوتك!، إنهم ممتازون في توجيهك ووعظك وزجرك وإذا خلوا إلى أنفسهم أنفوا ما جاءوا به وسارعوا إلى نهج وشرع غير ما يدعون إليه بل وقد يقلون شأناً عنك ثقافة وفكراً، فهم مثاليون في أفكارهم يتشدقون بما لا يعملون!، فيا قباحة المنطق وصفاقة الضمير. ولقد وصل بنا هذا الشعور أوج قمته واستفحاله، فبتنا نشعر أننا نتلون بتلون الأماكن والناس الذين نعاشرهم فعندما نذهب لمن نستشعر ورعهم وتقواهم، نضع قناع الوقار والتدين، وعندما نقابل المنفتح نضع قناع الحرية والعصرية والحداثة، وقناع آخر للعمل وغيره للأصدقاء وتجمعات الأنس والطرب، وأخيراً نعود لبيوتنا نريد أن نزيح جميع هذه الأقنعة ولكن هيهات فهناك القناع الأخير قناع خاص للزوجة والأسرة والأولاد، وهكذا نمضي ندور في الدنيا ونجمع ما يمكن من أقنعة تعيننا على أن نفهم أنفسنا فلا نجدنا تحت أي من الأقنعة!. تلك هي الازدواجية المزعزعة والمضللة والمربكة للعقل والمشاعر التي تخالف المنطق الإنساني، والتي تتوارثها السنون وتتعاقب عليها الأجيال، فتتركها أسيرة للصراعات المحمومة والتصورات الشائهة للقيم والمبادئ والأخلاق ولنظام اجتماعي تتلاعب به الأهواء والشهوات وتتقاذفه الرغبات والنزوات، فيعربد القلق في النفوس وتثور الحيرة والشقوة في القلوب. وها نحن اليوم وقد أغفلنا إجلال الصادقين الأمناء بيننا فندر وجود من يصدقنا وينال ثقتنا، ومهما تباينت الدراسات إلا أني أضع بين يدي القارئ جملة من التساؤلات: فهل يمكن القول إن معايير البشر وظواهرهم النفسية يمكن أن تكون ثابتة على مر السنين والعصور وبالرجوع إلى الحقبة الزمنية التي قال فيها ميكافيللي هذه الكلمات مهما اختلفت المتغيرات؟! رغم أن البشر متقلبون ومتغيرون بطبيعتهم، ولكن هل يمكن القول إن مقاييسهم ثابتة لا تتغير مهما عفا عليها الزمن وأغبر؟، وهل الدوافع المختلفة للنفس البشرية هي التي تتحكم في عمق ازدواجيتها؟، وهل يمكن للفرد أن يتحكم في دوافعه النزقة؟ وإلى متى سنسمح لوبال الازدواجية أن يسيطر على حياتنا ومستقبل أبنائنا؟، وإذ افترضنا جدلاً أن جيل السبعينيات هو القدوة الآن فإلى أين يقود المجتمع بهذه العقلية؟، وكيف يمكن أن يساهم في انعتاق المجتمع من ربقة هذه الآفة؟. alkhatershaika@gmail.com

4648

| 05 يوليو 2021

أهل مكة أدرى بشبابها

يُرسخ العقل الجمعي بعض الآراء والأفكار غير الدقيقة والتي تشكل صورة نمطية سلبية عن بعض الفئات، كتلك الصورة النمطية التي وصم بها الشباب القطري في عزوفه عن العمل والإبداع. ولقد تشرفت بالعمل مع مجموعات شبابية تطوعية وغير تطوعية أثبتت أن التصور الذهني الأبرز عن الشباب القطري تصور قاصر، وقد عرقل الكثير عن النجاح والإبداع وحرمهم من الصلاحيات. ومن المحزن تغلغل هذه الصورة المجحفة التي أصبحت ضرباً من القولبة الجائرة في حق الشباب الواعد ووصولها لكل أطياف المجتمع ما بين المواطن وغير المواطن، فأصبحت الذريعة التي يتغنى بها بعض أفراد المجتمع من غير المواطنين ليقنعوا من حولهم بأنهم الأفضل بشهادة أهل البلد أنفسهم !!! فأهل مكة أدرى بشبابها!! وقد مررت بتجربة العمل مع مدير غير مواطن كان دائماً يثير شكوك الآخرين حول استحقاقية الشباب المواطنين لرواتبهم، حيث كان ينقل صورة خاطئة عن رغبتهم وجديتهم في العمل لدى الرؤساء، وبأنهم عنصر لا يعتمد عليه ولا يمكن تعليمهم وتدريبهم لخنوعهم للراحة والخمول، فهم في نظره قوم يأكلون ويشربون ولا يفقهون، فكان يحيك الدسائس والفتن ويتفنن في العزف على أوتار النميمة ليقف في طريق كل موظف منهم بشكل وأسلوب مختلف يصب في اثبات وجهة نظره للإدارة العليا بأنهم عالة وتكلفة لا طائل منها على عاتق المؤسسة. وقد التمس له العذر في بعض ذلك، فقد يكون السبب وراء ما يفعل هو حرصه على الاحتفاظ بمنصبه فعندما أظهر الكادر الوطني قدرته وكفاءته على المنافسة في سوق العمل، لج به الضغن وأُوغر به الصدر تجاه من بات يشكل تهديداً لوجوده واستمراريته. ويمكننا أن نلاحظ أن بعض الكادر الوطني يتعرض لما يسمى بالرهاب الوظيفي الذي يخلف آثارا فسيولوجية تنعكس سلبا على رغبته في العمل فيعتريه الفتور والتثاقل والتلكؤ عن إنجاز الأعمال والشعور بالخيبة الذي يغلق العقل عن أي نافذة للإبداع والابتكار، إن استمرار هذه الأعراض التي تستثير وشائج القلق والاضطراب الناتج عن الأفكار السلبية المتعلقة بالخوف من عدم الترقية مثلا أو فقد المزايا الوظيفية أو البيروقراطية الإدارية والبطالة المقنعة والنمط القيادي للرؤساء من حيث التسلط واستغلال المنصب وتفضيل من لا يستحق على من يستحق العمل والتقصير في التشجيع والمكافآت قد يؤدي لانتقالها من مرحلة عرضية الى أخرى مرضية أشد وأفتك. هذه الأسباب وغيرها قد ساهمت في إرهاصات تلك الصورة النمطية المشينة للكادر الوطني والتي تركته فريسة للرهاب الاجتماعي ووضعته بين مخالب التوتر وشواظ الخوف؛ من عدم اكتسابه لثقة المجتمع، كما تزعزع مكانته واحترامه في أعين الناس، وترديه ضحية لأوحال الإشاعات والتكهنات وشقوة الشك الدائم لقدراته وثقته بإمكاناته ومهاراته وخبراته التي يتقنها فيصبح مشوش البصيرة، متهشماً تحت مطارق الأفكار المقلقلة، تذروه رياح الإحباط وتهزمه نفسه السادرة. وعلى الجانب الآخر ألحظ تواجد بل تهافت وتنافس للشباب القطري في الإقبال على الأعمال التطوعية بل يصل الأمر بهم أحياناً أن يشعروا بالحزن إن تم استبعادهم من بعض الأعمال التطوعية نظراً لاكتمال الأعداد المطلوبة. فما السر يا ترى؟ وهنا لابد أن نتساءل: لِمَ يتنامى الإبداع في المجالات التطوعية؟ وأعتقد أن الإجابة باتت واضحة حيث ينطلق الشباب بكل دافعيتهم وعنفوانهم لإثبات وجودهم وإظهار إمكاناتهم لإرسال رسالة لأطياف المجتمع مضمونها "نحن هنا ولن نغلب" ولأن الأعمال التطوعية تختلف في تنظيمها فالكل يشعر بأهميته وأهمية الدور المناط به، ويتذوق طعم النجاح الجماعي فلا يقتصر النجاح على فرد دون الآخر بخلاف بيئة العمل، والمسؤوليات قد قسمت بالتساوي، ومبدأ العدالة هو المبدأ السائد، فلا خوف ولا ترهيب، فالحق مكفول للجميع للتعبير والمشاركة والانتقاد، إلى جانب ذلك يتحرر المتطوع من قيود المديرين وتسلط الرؤساء، فالدافع للعمل التطوعي هو الحب المصاحب للرغبة في هذا العمل الذي اختاره بنفسه ولم يفرض عليه. وكأفراد في مجتمع يستشرف المعالي ويتوق للتقدم والازدهار ويمضي في طريق المجد والرفعة ويحلم بمستقبل متميز، فمن واجبنا البدء في تغيير تلك التصورات النمطية التي من شأنها أن تضعف هذا الحلم، فالأفكار الإيجابية والتصورات الموضوعية العادلة هي بذرة الأحلام، فالحلم لن يتحقق الا بإصرارنا وتنمية شعورنا القوي بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وبتكاتف ولحمة أبنائه المخلصين، ومحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي على مختلف المستويات، وأرى في منح الثقة في الطاقات الوطنية وإعطائها الفرصة تلو الأخرى من قبل مسؤوليهم ورؤسائهم سبيلا لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، إلى جانب تقديم الدعم والمساندة لهم وعدم إقصائهم أو ركنهم كما تركن الكتب النفيسة على الرفوف البالية، بل محاولة الاستفادة القصوى من خبراتهم وميولهم وهباتهم الربانية لخدمة وطنهم، فهم الثروة الحقيقية التي تقود الوطن نحو الرفعة والشرف، كما يجب وفي كل يوم أن نستشعر الغايات الأعظم من أعمالنا وهي تقوى الله ورفعة البلاد وخدمة العباد. alkhatershaika@gmail.com

4027

| 14 يونيو 2021

(انشــــر ولكَ الأجـــــر)

يدور الناس في فلك الأقاويل الموؤفة والشائعات المضللة والحقائق الكاذبة !! التي تساهم وبشكل فاعل وقوي في بلبلة الأفكار، واستثارة الشكوك، وبذر الفتنة في القلوب، فتمطرها بوابل من الحيرة والقلق، التي تدك الوجدان، وتبث الشقاق في النفوس، وتجرها إلى دياجير الظلام، فلا يهنأ لها مضجع ولا يرتاح لها بال. وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أكبر الحلفاء في الترويج لمثل هذه الظاهرة، وتدعمها في نفس المشهد بعض وسائل الإعلام، فمنذ ان انكب معظم الناس على ادمان وسائل التواصل الاجتماعي التي فازت في غوايتهم، وهم يمارسون بما اسميه بالنميمة والغيبة الالكترونية التي قد تمهد لحدوث مثل هذه الشائعات، حيث اتاحت التطبيقات المختلفة فرص التطفل على التفاصيل الدقيقة لحياة الأفراد والمجتمعات، فباتت رافداً معززاً لهذه السلوكيات البغيضة. كما أنها وضعت بين يدي العامة ميزات للتلاعب بالصور والفيديوهات فيما تمكن استخدامها لتزوير وتغبيش الحقائق. فجميع أدوات الجريمة متاحة ومشرعنة لكل معتوه أغرته نفسه السقيمة استخدامها أسوأ استخدام. ان الطبيعة البشرية تنجذب الى متابعة الجديد وتميل الى الرغبة بعدم تفويت الاحداث والقصص والاخبار، بغض الطرف عن مدى صحتها، ولذا فإن هذه التطبيقات صممت لتستهدف تلك النزعة البشرية، الم تتساءل يوما لماذا أتيحت هذه التطبيقات مجانا ؟ الجواب ببساطة لانك انت السلعة التي تتاجر بها !! وتتلاطم أمواج الشائعات وخضمها الرعيب، فيشتد ضجيجها على النفس،فلا يكاد القلب يغلب موجه الا ولفظت أخرى فلا تهدأ ولا تلين، ولا تنفك تقلب القلوب بين فكيها، فتتركها لبراثن الشك والحيرة، وتؤجج الصدور بالذعر والخوف والهلع، وتفتح منافذ الارتياب والارباك، ومسارب الإحباط والقنوط،فتصبح النفس معتلة تهيم في أمواج القلق التي تتلقفها يمنة ويسرة فلا تجد لها مرسى تفر إليه، فتعلق أبصارها بمجهول تستجدي الحقيقة فلا تجدها. فتهترئ الروح وتذبل، وتتفتت المعنويات، وتنحرف القيم والأخلاقيات وتضطرب العقيدة، وتختل الموازين، ويضٍل العقل في تيهٍ مسموم. وهنا يحدث التنافر المعرفي والاجهاد العقلي وازدواج الأفكار والتعارض والصراع والشقاق نتيجة السقوط في مستنقع آسن وبئ بالحقائق المخادعة والمعلومات المزيفة. ومما يدعو للأسف أن بعض الناس يساهمون في الترويج لهذه الشائعات رغم آثارها الجسيمة، دون تعقل أو تفكير، تحت مبدأ "انشر ولك الأجر"، وقد تكون جاهلة بتبعيات هذا الفعل وما ينتج عنه من تماحل وفوضى تهدد وشائج وضمير الإنسانية. فينقلب الأجر إلى وزر !! ويحدث أن يصعب على أفراد الأسرة الاتفاق على رأي واحد، فكل لديه رأيه المنفرد الذي كونه بناء على معلومات مشوشة قرأها في تويتر أو أخذها عن أحد مشاهير السوشيال ميديا، ومما يزيد الأمر جسامة إيمانه الشديد بها وتصديقه لما رأى وسمع دون أن يبحث في نسبها ورحمها الذي خرجت منه. ولست هنا لأغتصب حق الفرد في إبداء رأيه ولكن يجب أن يدعم الرأي بالحقائق المستقاة من مصدرها حتى لا ينخرط في ترديد مثل هذه الأقاويل العارية عن الحقيقة. فإن اطلاقها وتداولها دون معرفة نقطة ارتكازها التي تجتمع حولها في الصواب وضده يتركها طعما مستساغاً للعقول التي استسلمت لبلادة الألفة والغفلة فعطلت تفكيرها لتغرف من بحر المعلومات الضحلة وتسلم بها دون أن تتكبد عناء ردها الى عالم العلوم والمعرفة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لمصلحة من هذه الحروب النفسية المشككة في مختلف أمور وحياة الإنسان ؟ والتي قلبت حياته رأساً على عقب فغدا يتطوح بين ظلام الباطل بعد أن تجرع خمرة الوهم وثمل من كأس التوتر والأرق، فسلبته الثقة والأمان والطمأنينة والاستقرار، وجعلت كل شيء يحوم في فلكه مشكوكا فيه الى أن يثبت العكس، فما اصبرهم على هكذا حياة ؟! امعن الفكر قليلا فقد تجد جميع الخيوط تقودك إلى محرك واحد يهمه أن ينغمس المسلمون في بؤر الفتنة والفساد وضلال العقل وادمان التبلد والكسل، والاستغلاق عن الفهم والتبصر،وصدهم عن عقيدتهم وإغوائهم والتغرير بهم وإعاقتهم عن أداء مناسكهم، ومن يقف ضد استعلاء دين الله في الأرض، حتى تتسنى له فرصة الانقضاض على فريسته بعد أن تهزل وتخور قواها وتصاب بعفن القلوب والصدور !! ولا ننكر انهم نجحوا الى حدً بعيد جداً في تحقيق مآربهم. ولكي نتصدى للشائعات والأكاذيب التي تستهدف وجدان الفرد وعطائه، وتسبب الاجهاد، وفوضى الفكر والشعور فيستوجب على الفرد البدء بنفسه وتقويم سلوكياته، فلا يتناقل الا ما تحقق من مصدره، ولا يستهلك نفسه في الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي، فيرتكس في حمأتها دون شعور أو قصد، ويفضل ان يضع ضوابط رادعه في استخدامه لها الاستخدام الأمثل، والانصراف عن الخوض في لغو الحديث يقول الله تعالى: (والذين هم عن اللغو معرضون) حتى لا يفيء الا ما يغضب الله فيضر نفسه قبل الآخرين، فليتقي الله فيما ينقل ويخبر، وأن يحرص على إغلاق مسارب الشك والقلق، فلا يحوم حول الحمى مغبة الوقوع فيه، متحرياً في ذلك الدقة والصدق ليستقيم الاتجاه ويتضح المقصد. بأنها شكل من أشكال الصراع الذي يهدف للتأثير على الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه وإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن الحرب النفسية، إذا فهي حرب لا يمكن مواجهتها الند للند لأنّها تدور في الظلام وخلف الأستار وتتغلغل بدون لفت الأنظار أو إحداث أي ضجيج ومما شاركها الاثم ( يدك- يهم ب -شقاق- موؤفة- تضطرب العقيدة. alkhatershaika@gmail.com

3664

| 06 يونيو 2021

(الأمـور طيبة)

تزخر الحياة الحديثة بوسائل الترفيه والراحة اللامتناهية، فهي تتوالى تترى نتاج التطور التكنولوجي المطرد في واقعنا المعاصر، وبالرغم من جملة الإيجابيات الملموسة التي لا يمكن إغفالها، فإن هذا التنامي المتصاعد يتساوق مع لون الرفاه والتقاعس والخمول الذي تسيّد أهم سمات المجتمع المتطور وتصبغ به، فآثار التقدم التكنولوجي السلبية تلطخ المجتمع، وتخوض حرباً استنزافية وخيمة على القيم والسلوك لا نهاية لها، وتؤصل لعادات موبوءة يتوفزها التغريب ومبدأ الحداثة. وقد لا يستشعر فئات من الناس ذلك الداء الآشر المتعسل بمذاق التقدم والرقي، الذي تخلّق ونما فاندس في النفس الواهنة فاجترعت العسل بسمه، وتتمظهر خصائصه في الأفراد الذين يشكلون جيل التكنولوجيا في وجهها المفزع، إذ ضعفت قدرتهم على الخروج من دائرة الراحة وشح شعورهم بالمسؤولية، وتلبسوا البلادة في الفهم والجسم، وبرزت الاتكالية في أعمق صورها، وتبدى مسخ التكاسل والخنوع الجاثم على صدر أمة تلجّ وتهتف بتحرير بيت المقدس وهي أهون من أن تبرح مكانها!، وأعجز من نفع نفسها!، حيث أصبح القيام بأي مجهود تافه هو الهم في حد ذاته، والإتيان بأي حركة هو قمة الشقاء والعذاب، حتى وإن كان على حساب قضاء مصالحهم، وكيف لا وهناك من يقوم بذلك نيابة عنهم في كل عمل يتطلب الحركة والديناميكية، فكل شيء يمكن تأجيله وكل شيء أصبح تحت مظلة "عادي وتمشي"، وسيكون على ما يرام، ما داموا يتنعمون في عروش الراحة والكسل، وبحسب جملتهم المدللة التي يفضلونها عندما يستشعرون بمدى حرصك ومدى تقصيرهم "الأمـــــور طيبة" فيحين الأجل ولم تطب الأمور، وبهذا قد يبددون فرصاً كبيرة وحقيقية من بين أيديهم، أو قد يتعرضون للتقصير في أعمالهم، وعدم إنجازها في الوقت المناسب أو على النحو المأمول، فتحدث الأخطاء الفادحة التي لا يمكن التغاضي عنها، وهذا أحد الأسباب المحررة في مجتمعاتنا والتي تعوقها عن الارتقاء إلى العمل الاحترافي. لا جدوى من الاستجمام والراحة إذا لم يتساو مع العمل والكد فهي آلاء عظيمة تستجيش الشكر ولن يلتمس فضلها إلا من أدرك مرارة غيابها، وإن كنت تريد قياس مدى ذلك فأمعن النظر في أيادي شباب هذا الجيل إذ يصعب عليك أن تميز بينها وبين يديّ الفتاة ترفاً وطراوةً !. لا شك أن الشعور بالراحة المطلقة والاسترخاء غير المشروط مطلب الطالبين، ومحاولة النأي عن أحضانه فداحة عظيمة، إلا أن شدة القرب حجاب، والنفس البشرية خوارة بطبيعتها، فالاستمتاع بهذا الشعور على وجه الدوام ينعكس سوءاً على من امتطاه فأدمنه، فلن يلحظ ذلك فيستدركه لانغماسه فيه. وأجد في رفع الوعي بآثار التكنولوجيا ومزالقها الطريق نحو الانعتاق من براثنها، ولابد أيضا من استحضار وخلق الظروف القاسية حتى وإن نبذتها طريقة عيشنا، فهي السبيل لصلب عود النفس وخنوعها وتجردها من لينها ورخوها المذموم. alkhatershaika@gmail.com

3542

| 31 مايو 2021

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4335

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2187

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2124

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1800

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1455

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

978

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

732

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

672

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

651

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

627

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

600

| 11 ديسمبر 2025

أخبار محلية