رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قطر عنوان الدبلوماسية الهادئة

في زمنٍ تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على النفوذ السيادي وتغيب فيه لغة العقل أمام صخب المصالح تبرز دولة قطر كصوتٍ للاتزان وعنوانٍ للدبلوماسية الهادئة ومثالٍ للدولة الصغيرة جغرافياً الكبيرة فعلاً وتأثيراً ونفوذاً وقبولاً. لم تكن قطر يوماً تبحث عن مجدٍ زائف ولا عن دورٍ يُفرض بالقوة بل آمنت بأن النفوذ الحقيقي يُبنى بالثقة والمصداقية والمواقف الأخلاقية التي تترك بصمتها في ضمير الإنسانية قبل أن تُسجَّل في دفاتر السياسة. منذ سنوات اختارت قطر أن تكون وسيطاً نزيهاً في قضايا الأمة العربية والاسلامية. وأن تجعل من الوساطة طريقاً للسلام لا للمصالح. فحين عجزت كبرى القوى عن تقريب وجهات النظر بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية كانت الدوحة تتحرك بصمتٍ وفاعلية وتبذل الجهد تلو الجهد وتفتح قنوات الاتصال مع الاصدقاء والاعداء وتؤمن بأن الحلول السياسية لا تُفرض من فوق البنادق بل تُبنى على طاولة الحوار المقنع وبروحٍ إنسانية صادقة وإرادةٍ لا تعرف التعب ولا الملل. ولعل دورها الاخير في اتفاق غزة جاء تتويجاً لمسيرةٍ طويلة من الجهود المتواصلة في دعم القضية الفلسطينية. فقد تحركت قطر بالتنسيق مع مصر والسعودية لتكون ركيزة أساسية في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أوقف نزيف الدم وأعاد الأمل للمدنيين في القطاع المحاصر والمنكوب. وكانت الدوحة حاضرة في أدق تفاصيل المفاوضات. لا تبحث عن الأضواء بل عن النتيجة واضعةً نصب عينيها واجبها الإنساني والقومي في إنقاذ الأرواح وإرساء السلام العادل. ولم تكن تلك الجهود بلا ثمن. فخلال الأسابيع الماضية، تعرضت الأراضي القطرية لمحاولات استهداف إسرائيلية مباشرة وغير مباشرة، في رسائل عدوانية أرادت النيل من دور الدوحة ومكانتها في الملف الفلسطيني. غير أن قطر، بثباتها وحكمتها أثبتت للعالم أن الاعتداء لا يُضعف الموقف بل يزيده صلابة، وأنها دولة لا تُرهبها التهديدات ولا تُساوم على مبادئها. وما ميّز الموقف القطري في هذه الأحداث ليس فقط صموده، بل قدرته على فرض الاحترام الدولي حتى على خصومه. فقد شهد العالم بأسره سابقة غير مألوفة في العرف الدبلوماسي حين اضطر رئيس وزراء إسرائيل إلى الاعتذار علناً لدولة قطر أمام وسائل الإعلام الدولية بعد أن تجاوزت قواته خطوطاً حمراء في التعامل مع الأراضي القطرية ومصالحها. لم يكن ذلك الاعتذار مجرد حدثٍ سياسي عابر بل كان اعترافاً صريحاً بثقل قطر الدولي واحترام المجتمع الدولي لمكانتها ورسالة بأن الدوحة لم تعد رقماً صغيراً في المعادلة الإقليمية بل أصبحت ركناً ثابتاً في ميزان الدبلوماسية العالمية. إن الجهود لا تُقاس بمساحة الأرض بل بثقل الموقف وصدق الرسالة. فبينما تمتلك بعض الدول الجيوش الجرارة والمساحات الواسعة تمتلك قطر سلاح المصداقية والحنكة والاحترام الدولي. وقد برهنت في أكثر من مناسبة أن الدولة التي تضع الإنسان في صميم سياساتها وتعمل بضميرٍ ومسؤولية قادرة على التأثير في مسار الأحداث حتى ولو كانت صغيرة المساحة على الخريطة. وليس غريباً أن تحظى الوساطة القطرية اليوم بتقديرٍ دولي غير مسبوق فقد نجحت الدوحة في بناء شبكة ثقة مع الأطراف المتنازعة في المنطقة، من حماس إلى إسرائيل، ومن واشنطن إلى العواصم الأوروبية، مستندةً إلى سجلٍ طويل من الحياد الإيجابي والعمل المخلص. لم تتورط قطر في محاور متصارعة، بل وضعت نفسها في موقع الوسيط النزيه، الذي يحظى بثقة الجميع ويعمل لمصلحة الجميع. لقد أصبحت قطر نموذجاً للدولة التي تجمع بين المبادئ والمصالح بين الأخلاق والسياسة وبين الحزم والرحمة. دولةٌ لم تُفرّط في سيادتها يوماً ولم تتخلَّ عن قضايا أمتها ولم تتردد في اتخاذ المواقف الصعبة حين يتطلب الأمر ذلك. وهي اليوم تمثل ضمير المنطقة وصوت العقل في زمن الانقسام. وما من شك أن هذا الدور لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية حكيمة من القيادة القطرية التي آمنت بأن مكانة الدولة تُصنع بالفعل لا بالقول وبأن التاريخ يخلّد من يخدم الإنسان لا من يستعرض قوته. ومن هنا، أصبحت الدوحة وجهةً لكل الباحثين عن السلام ومنبراً للعقلاء في عالمٍ يزداد جنوناً. أثبتت قطر للعالم أن العظمة ليست في عدد الدبابات أو اتساع الحدود بل في قوة الموقف ونبل الغاية. وإن كان البعض يقيس النفوذ بالمساحة الجغرافية فإن قطر علمت الجميع أن المساحة الأهم هي مساحة الثقة والمصداقية في قلوب الشعوب وأن الكلمة الصادقة يمكن أن تكون أقوى من كل جيوش الأرض. وهكذا تواصل قطر، بهدوئها وثباتها بناء مكانتها كقوةٍ دبلوماسيةٍ أخلاقيةٍ في زمنٍ قلّت فيه الأخلاق، لتبقى بحق قطر الكبيرة بمواقفها، العظيمة بإنسانيتها. حفظ الله دوحة الخير والسلام.

591

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6609

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6483

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3252

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2574

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1890

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

1701

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1695

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1500

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1059

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

999

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

996

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

936

| 27 أكتوبر 2025

أخبار محلية