رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الرئيس المخلوع علي صالح ومعه الحوثيون يسابقون الزمن لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لتمنح هذه الخطوة الشرعية للإجراءات الانقلابية ومنها المجلس السياسي الذي أعلن عنه مؤخرا لإدارة البلاد وتسمية أعضائه العشرة مناصفة وفي المقابل وصف وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي انعقاد مجلس النواب تحت القوة القاهرة بأنه خيانة وتعزيز لخيار الحرب وإطالة أمد معاناة الشعب، ومنذ فشل مشاورات الكويت تسير الأوضاع باتجاهات أكثر تعقيدا إذ عادت طائرات التحالف العربي لتكثيف الغارات على مواقع ومعسكرات الانقلابيين في صنعاء وتعز وإب وحجة وصعدة بينما تدور معارك عنيفة في جبهة نهم حيث تسعى المقاومة والجيش المؤيد للشرعية إلى السيطرة الكاملة على نِهمْ أكبر مديريات محافظات صنعاء والتقدم نحو مديرية أرحب ليصبح المطار الدولي وعدد من أحياء العاصمة في مرمى نيران قوات الشرعية. وفي ظل التصعيد العسكري غير المعهود منذ بدء الهدنة في العاشر من أبريل الماضي أبلغ التحالف العربي الأمم المتحدة بإيقاف الرحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي مدة 72 ساعة قابلة للتمديد في إشارة إلى أن الأمور قد تتجه إلى الحسم العسكري خاصة بعد وصول نائب الرئيس علي محسن الأحمر إلى مأرب لقيادة المعركة ربما وتأكيد الرئيس عبد ربه منصور هادي في اتصال مع رئيس هيئة الأركان اللواء محمد المقدشي عندما قال إن "بشائر النصر قادمة لا محالة وستهزم وتندحر إلى الأبد المشاريع الضيقة الفئوية والمناطقية ومن يقف خلفها". لكن هذه التطورات تفرض طرح أكثر من سؤال أهمها: هل سينجح الحوثيون والمؤتمر الشعبي العام جناح صالح في فرض سلطة الأمر الواقع والعودة إلى ما قبل ثورة 11 فبراير 2011؟ وهل تكثيف قصف طيران التحالف العربي لمواقع الانقلابيين يعني اللجوء إلى خيار الحسم العسكري أم لدفع الحوثيين وحلفائهم للعودة مجددا إلى طاولة المفاوضات والموافقة على ما رفضوه في مشاورات الكويت الفاشلة؟ هل أعطت واشنطن الضوء الأخضر للرياض لحسم الأزمة في اليمن عسكريا خاصة بعد نجاح السعودية وقوات التحالف في ضرب تنظيم القاعدة في حضرموت؟ وهل سيتم الحسم العسكري بدخول صنعاء أم عن طريق الهجوم على الحزام القبلي المحيط بها ومهاجمة صعدة معقل الحوثيين والسيطرة عليها؟ أيا تكن التوقعات والقراءات والإجابات فإن السيناريوهات والمصفوفات التي تعتمد عليها الدراسات الاستشرافية لا تجدي نفعا عندما يتم بحث الأزمة في اليمن، لذلك فإن الظاهر في الأمر أن الحوثيين وحليفهم يعولون على الموقف الروسي الذي عطل صدور بيان من مجلس الأمن الدولي يدين إجراءاتهم الأحادية الأخيرة، كما أن مراوغاتهم في مشاورات الكويت كانت تجد دعما من أطراف دولية وحتى عندما أفشلوا هذه المشاورات خرج المبعوث الأممي إسماعيل ولدي الشيخ أحمد ببيان يؤكد فيه عدم جدوى الخيار العسكري وأن مشاورات مقبلة ستنطلق بعد شهر في بلد آخر سيتم الاتفاق عليه مما يعني أن التصعيد العسكري لقوات التحالف العربي هدفه ممارسة مزيد من الضغط على الحوثيين وصالح لتقديم تنازلات خاصة أن هناك طرفا في هذا التحالف أصبح يطرح بشكل واضح اسم نجل الرئيس المخلوع ليصبح جزءا رئيسيا من أي تسوية سياسية، وسواء عادت الشرعية إلى صنعاء عبر خيار الحسم العسكري أو عبر الحل السياسي أو عبر خيارات أخرى لا نستطيع التنبؤ بها فإن الكثير من اليمنيين يأملون أن تنتهي الأزمة والمعاناة بأي وسيلة وبأي تكلفة فلم يعد أمامهم ما يخسرونه بعد أن طحن الجوع والفقر أكثر من 85 في المائة من السكان.
341
| 11 أغسطس 2016
الخيارات أحادية الجانب التي أعلنتها الخميس الأخير من شهر يوليو الماضي جماعة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام جناح الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وضعت المشاورات التي تستضيفها الكويت وترعاها الأمم المتحدة أمام طريق مسدود، ويمكن أن يصبح المجلس السياسي المعلن أمرا واقعا وكذلك ما يتبعه من إجراءات من مثل التئام مجلسي النواب الشورى اللذين يدين غالبية أعضائهما بالولاء لصالح وما سينتج عن ذلك من تطبيع للحياة بعد أن انكشفت أوراق اللعبة وتحول الزواج العرفي أو المتعة بين الحوثيين وحليفهم إلى زواج رسمي معلن وإن لم يكن معلوما على وجه الدقة من بيده العصمة أو من بيده خيوط اللعبة. صحيح أن هناك خلافات وتوترا شديدا برز بين الحليفين عند تشكيل أعضاء المجلس السياسي العشرة ولمن ستكون أول رئاسة للمجلس، لكن المظاهرات التي دعت لها ميليشيا الحوثي وتصريحات رئيس وفدهم إلى مشاورات الكويت محمد عبدالسلام توضح أنهم يحتفون بهذا الاتفاق الذي يلغي إعلانهم الدستوري واللجنة الثورية العليا المنبثقة عنه، وهذا يرفع حملا كبيرا عن كاهلهم ويشكل طوق نجاة بعد أن غرقوا في الفشل الاقتصادي والسياسي ومارسوا كل الجرائم والموبقات في حق أبناء شعبهم والمختلفين معهم إلى درجة تحول الكثير من المؤيدين لإجراءاتهم إلى الضد، لكن في المقابل هناك من يرى أن الحوثيين حققوا كل مآربهم المستقبلية حيث تغلغلوا بشكل كبير جدا في كل مفاصل الدولة سواء في الاستخبارات أو الجيش وقوات الأمن والوظيفة العامة وهم الآن بحاجة إلى من يحمل عنهم أوزارهم ويبعدهم عن الأضواء إلى حين. أما الرئيس المخلوع فيرى أنه لا يزال القوة العسكرية والسياسية الأبرز على الساحة اليمنية الداخلية وأنه لا يزال قادرا على المناورة والمبادرة وما ظهوره راعيا لاتفاق إعلان المجلس السياسي لإدارة وحكم اليمن إلا دليل على أنه رئيس الرؤساء وأنه يلعب بالجميع وحتى الأمم المتحدة التي أصبح المخلوع وفق قراراتها مذنبا بدليل العقوبات الصارمة في حقه إلا أن مبعوثها إسماعيل ولد الشيخ تجاوز كل المحظورات وحرص على لقاء صالح في صنعاء وكأنه التقى مع طرف سياسي طبيعي لا تقتل قواته المواطنين وتنكل بهم في تعز وغيرها. وربما يرى المخلوع أيضا أنه استفاد من الحوثيين في أوقات الشدة ومكنهم من تصفية خصومه في الحكومة الشرعية والقوى السياسية والعسكرية والقبلية المؤيدة لها، وقد آن له أن يضعف قوتهم أكثر لذلك أوعز إليهم بأهمية إشغال السعودية في حماية حدودها وجعلها طرفا في المفاوضات وهو في الحقيقة يريد أن يتخفف من قوة الحوثيين بإرسالهم إلى المحرقة. الصورة التي يعمل عليها جناح المخلوع في حزب المؤتمر هي تكثيف الحديث حول الدستور والقانون والمؤسسات وربما يصار إلى عودة البرلمان للعمل وخروج الحوثيين من القصر الرئاسي وانسحابهم من المدن التي أدخلهم إليها حزب المخلوع وتسليم أسلحتهم بشكل صوري إلى معسكرات الدولة (معسكرات الحرس الجمهوري) بحضور أعضاء البرلمان طبعا وعندها سيقال للموجودين في الكويت لقد التزم الحوثيون بكل ما طلب منهم ولم يعد هناك من مبرر لبقاء العقوبات والقرارات الأممية، أما الحكومة الشرعية الموجودة خارج البلاد والتي أصبحت لديها حساسية من البقاء في اليمن بسبب عدم وجود ظروف حياتية وأمنية مناسبة كالتي تحياها في فنادق الرياض فسيكون على وفدها المفاوض التوقيع على تسوية سياسية تضمن بلا شك شيئا من القوة لصالح ومستقبلا سياسيا له ولعائلته وسيكون الخاسر الأكبر هو من ربط مصيره بمصير الحكومة الشرعية لأنها إن عادت فسيلتهما من ثبتوا أنفسهم على الأرض منذ ما قبل 21 سبتمبر 2014 تاريخ الانقلاب وبعثرة مؤسسات الدولة. أما في حال لم ينقشع دخان الكويت عن وجبة دسمة تشبع الجميع فإن نيران صنعاء التي أججها المخلوع وحلفاؤه كفيلة بخلط كل الأوراق ليفتح الجميع عيونهم على حكومة تشبه تلك التي كانت قبل 11 فبراير 2011 وبتأييد بعض الدول ومظاهرات شعبية تبارك ما تم، وعندها ربما يتم اللجوء إلى الحسم العسكري كخيار بديل، لكن السؤال الكبير هل كل الأطراف الدولية ستقبل باقتحام صنعاء لإعادة الشرعية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة... أشك في ذلك!!
567
| 05 أغسطس 2016
ربما لقي الرئيس رجب طيب أردوغان نفس مصير الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الذي أطاح به وزير دفاعه عبدالفتاح السيسي في 3 يوليو 2013 وأودعه السجن وسحقت الدبابات والجرافات المصريين الذين اعتصموا في ميدان رابعة العدوية وسط القاهرة أو ربما فصلت ساعات بينه وبين مصير رئيس الوزراء التركي السابق عدنان مندريس الذي أعدم شنقا بعد انقلاب عام 1960، لولا مكالمة مصورة عبر هاتف ذكي جرحت كبرياء الشعب التركي وهو يرى رئيسه يستغيث بالإرادة الشعبية، فلم تمر سوى لحظات حتى اعتقل الشعب كل الدبابات وأفشل خطط الانقلابيين في السيطرة على الحكم بالقوة العسكرية ومصادرة القيم الديمقراطية والمدنية التي تشربتها الجماهير، عندها ردد أردوغان في أول ظهور له أمام الجماهير عبارة رابعة التي طالما عبرت عن موقفه الرافض لانقلاب العسكر في مصر، لكن هذه المرة كانت رابعة تركية ذات المعاني والدلالات الإستراتيجية في تفكير القائد، حيث أصر على شرح معنى كل أصبع يرفعها لتشكل الأصابع الأربع شعارا لمرحلة جديدة في حياة الأتراك، فرابعة التركية تعني أولًا الأمة الواحدة، وثانيًا العلم الواحد، وثالثًا الوطن الواحد، ورابعًا الدولة الواحدة. وفي كل وقفة يقفها أردوغان أمام الجماهير التي دافعت عن القيم الحضارية لا ينسى التأكيد على معاني رابعة التركية حيث يقول: "إن تركيا بلد واحد بشركسها وكردها وألبانييها ورومانييها، وعلم واحد لونه دماء شهدائنا والنجمة رمز استقلاليتنا، والوطن واحد مساحته 780 ألف كيلومتر، والدولة واحدة ولا يمكن القبول داخلها بوجود دولة عميقة أو كيان موازي" في إشارة إلى جماعة فتح الله جولن. السؤال الذي يراود الكثير من المتابعين لما يجري في تركيا، لماذا وقف الشعب بكل تناقضاته ضد الانقلاب؟ لماذا تصدت المعارضة السياسية من أقصى اليمن إلى أقصى اليسار لطموحات العسكر والكيان الموازي؟ لماذا تحول أردوغان إلى زعيم حتى عند الذين بينهم وبينه ما صنع الحداد؟ ولماذا التف كل الأتراك حول علم بلادهم ولم يرفعوا راية ولا صورة لرئيس حزب أو زعيم؟ وهناك سؤال آخر أثار استغراب واستهجان كل المؤمنين بوصايا الغرب الخمس أو العشر أو حتى المائة، وهو كيف تجاوزت بعض الدول المتقدمة القيم الديمقراطية التي طالما صدعت رؤوس الناس بها لتتوارى وراء مواقف خجولة بل مخجلة لا تدين صراحة التغيير العنيف والانقلاب الفاشل في تركيا لكن عندما تعلق الأمر بالإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة بعد ذلك انبرت كل الدول الغربية للتعبير صراحة عن رفضها لتلك الإجراءات وطالبت باحترام القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان؟صحيح أن الرئيس أردوغان يتمتع بحكنة القائد ودهاء السياسي لكن النقطة الرئيسية التي دفعت أغلبية الشعب لتلبية ندائه هي ابتعاد حزب العدالة والتنمية وكل قياداته العليا والوسطى عن الشعارات الزائفة والوعود الكاذبة فلا يمكن لأي تركي أن ينكر المنجزات التنموية والاستقرار والرخاء الاقتصادي الذي تحقق خلال أكثر من عقد، لذلك فإن العلاقة التي نسجت بين الحكومة والجماهير هي علاقة المنفعة العامة والمصلحة الاقتصادية وسيادة حكم القانون، فلم يكن من السهل التفريط في هذه المكاسب وتأييد مجموعات عسكرية ومدنية مجهولة متهورة تريد تخريب ومصادرة الإرث التنموي والديمقراطي، ولم يكن من السهل أيضا أن تتجاوز هذه الجماهير وعيها وكبريائها لتتحول إلى صفوف الشعوب الغافلة الذلول التي تمطي للطاغية ظهرها فيركب وتمد له أعناقها فيجر وتحني له رؤوسها فيستعلي، وتتنازل عن حقها في العزة فيطغى.المشهد التركي بكل تجلياته السياسية والجماهيرية والتنموية جدير بأن يتمعن فيه القادة العرب والنخب السياسية والثقافية ويدرس للأجيال، فالديمقراطية ليست الكفاح من أجل شخص وليست أيضا ديمقراطية الانتخاب الشكلي بل نظام متكامل هدفه التوزيع العادل للسلطة والثورة، وعندما تترسخ قيم هذا النظام كثقافة وسلوك نرى شعبا يحمي قائده من الدبابة ومعارضة ترفض الفوضى لتبقى اللعبة التي تسمح لها يوما أن تكون اللاعب والحكم وهذا هو سر التأييد الواسع لعراب فلسفة رابعة التركية.
1119
| 28 يوليو 2016
قبل أيام قليلة سجل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر زيارة إلى محافظة مأرب بدت أنها لتهنئة الوحدات العسكرية المؤيدة للشرعية بعيد الفطر ورفع الروح المعنوية للجنود الذين حالت كواليس الساسة دون مواصلة زحفهم نحو محبوبتهم صنعاء، لكن التوقيت والتصريحات النارية للرئيس جعلت للزيارة دلالات مهمة ربما تغير مسار الأزمة خاصة بعد تعثر مشاورات الكويت بسبب مراوغات وفدي الحوثي وصالح وبحثهما عن حل يتجاوز قرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتمكنهما من إقناع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بضرورة تشكيل حكومة وحدة تشرعن للانقلاب ويصبح هادي ومن يدور في فلك شرعيته في مهب الريح. الرئيس هادي ربما يدرك خطر كل هذه المساعي التي تبحث عن حل مؤقت يفرخ حروبا جديدة وأزمات ولذلك أعلنها صريحة "لن نذهب إلى الكويت مرة أخرى إذا أصرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن على فرض تشكيل حكومة مع الانقلابيين لأننا لم نجن من هذه المشاورات مع الحوثيين وصالح إلا السراب" ولم ينس أن يذكر إيران بالقول: "لن نسمح بإقامة دولة فارسية في اليمن"، كل هذه التصريحات شديدة اللهجة تعكس حالة من السخط لدى اليمنيين ربما أحسن هادي هذه المرة التعبير عنها لأن المعاناة تجاوزت اللحم إلى العظم وفي كل يوم يلتحق الآلاف من الطبقة الوسطى بالباحثين عن ما يسد الرمق.تحمل زيارة الرئيس هادي ونائبه إلى مأرب رسائل ودلالات من أهمها اقتناع الرئيس هادي وأعضاء حكومته بعدم جدوى أنصاف الحلول التي لن تصنع السلام بقدر ما تؤجل الحرب فقط، كذلك هناك مؤشرات على أن الحسم العسكري أصبح خيارا وجيها داخليا وخارجيا لذلك أرسلت قوات التحالف العربي تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مأرب، في وقت تبدو فيه مليشيا الحوثي وقوات صالح في وضع غير مريح يتبدى ذلك من محاولات إيران المستميتة إمدادهم بالأسلحة المتطورة عبر جسر عائم ينطلق من جزيرة تم استئجارها من دولة إفريقية مجاورة لكن الجيش الوطني منع عدد من الشحنات من الوصول لأهدافها.زيارة هادي لمأرب كان لها معنى آخر عند الحوثي وحلفائه حيث يرون أنها أعقبت التراجع الذي لحق بالقوات الموالية له وبالمجموعات المسلحة التابعة لحزب التجمع اليمني الإصلاح في مناطق نهم شرقي صنعاء وبعض مناطق مأرب، مما يعطي دفعًا إعلاميًا ومعنويًا كبيرا، كما أنها تعني أن الرياض أعلنت بشكل غير مباشر انهيار اتفاق وقف إطلاق النار حيث كان الرد بمقتل أول جندي سعودي على خطوط التماس الحدودية.الأزمة اليمنية تبدو في كثير من تجلياتها ودروبها متناقضة وعصية على الفهم ولذلك نرى تخبط المجتمع الدولي وحتى دول التحالف العربي، فهناك من يسعى لإبطال مفعول القرارات الدولية وجعل الحوثيين وريثا شرعيا للسلطة تعزز ادعاءه بحق الاصطفاء الإلهي، وهناك من دول التحالف العربي للأسف من تضع رجلا مع الحكومة الشرعية ورجلا أخر مع طرفي الانقلاب، لذلك تبدو الطريق إلى صنعاء بعيدة جدا وهذا ما عبر عنه مسؤول يمني كبير جدا يوصف بأنه الأسد العجوز عندما قال لبعض خاصته: من السهل جدا أن نجهز خمسة أولوية لتحرير صنعاء ولكن من الصعب جدا أن نجعلهم عرضة لمصير مجهول من أمامهم ومن فوقهم وهذا التصريح يحمل دلالات خطيرة يجب على قيادة التحالف العربي إعادة النظر في كل خططها لأن صنعاء لم تعد عاصمة لبلد يقبع بعيدا في جنوب الجزيرة العربية بل أصبحت الآن مدينة منها يعم السلام ومنها تأتي الأخطار على كل دول الإقليم.
578
| 14 يوليو 2016
يستمتع المشاهدون خلال شهر رمضان المبارك بصلاة التراويح من المسجد الأقصى التي تبثها يوميا قناة الجزيرة مباشر، وهي مبادرة رائعة من القناة ومن شبكة الجزيرة التي عودت المشاهدين على رسائل تأخذ بالاعتبار توجهات واهتمامات الجمهور المختلفة بمافيها الإخبارية والثقافية والروحية ، حيث تشكل الصورة المباشرة اليومية من القدس دلالة ذات أبعاد دينية وحضارية ووطنية تجسد في الخيال الجمعي العربي والإسلامي قيمة هذه الأرض المقدسة التي لا يجوز التفريط فيها بأي حال من الأحوال وترك أهلها لوحدهم يواجهون صلف الاحتلال. منذ أن أصبحت مدينة القدس والأقصى تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني، تحولت إلى أفقر مدينة كبيرة في الكيان الغاصب وهذا الوضع يمثل عقابا لسكانها الفلسطينيين الذين لا يعترفون بالاحتلال الإسرائيلي على الجزء الشرقي، وهم يقاومونه كل يوم بما يستطيعون مرة بالحجارة وأخرى بالسكاكين ويجاهدون يوميا عند الحواجز التي تمنعهم من أداء الصلاة في المسجد الأقصى والرباط فيه، بينما يكتفي بعض المسلمين اليوم بالرحيل إلى الأقصى بعيونهم بعد أن كان أسلافهم يرحلون إليه بأقدامهم وعلى الحمير والبغال، وكان الناس في المغرب العربي مثلا يستقبلون بحفاوة أكثر من حج إلى مكة وزار القدس في طريق عودته فيقولون " حج وقدّس ". يبدو أن كثيرا من المسلمين قد عجزوا حتى عن الرحيل إليها بعيونهم ، وتقاعست الحضرة الهاشمية التي لاتزال مسؤولة عن أوقاف القدس عن مطالبة سلطات الاحتلال بمنع تركيب كاميرات التجسس التي ترصد حركات المرابطين وتحصي خطوات المصلين، بينما انشغل القادة والسياسيون بالمفاوضات ومساعي السلام في حين تثبت الاستراتيجية الصهيونية أنها لا تعترف بحق المسلمين في القدس وتنخر كل يوم تحت بنيان الأقصى بحثا عن هيكل مزعوم ، ولذلك تذهب أدراج الرياح كل العهود والاتفاقيات الدولية المبرمة ما بين العرب واليهود تحت مظلة الأمم المتحدة يؤكد هذه السياسة واقع الممارسات الظالمة على الأرض وتصريحات ساسة الصهاينة، فهذا آبا إيبان وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق يؤكد صراحة في مقدمة كتاب حاييم وايزمن بالقول : " إن جميع ما نوقع من مواثيق وتعهدات وما نقبل من قرارات هو مجرد فرص نستعملها ، حتى إذا استنفدنا الغاية منها القينا بها جانباً ، وسرنا في سياستنا المرسومة " . لكن السؤال الأبرز لماذا أصبحت القدس غريبة عنا وأصبحنا غريبين عنها ؟ لماذا لا تلقى الاهتمام الكافي من وسائل الإعلام الإسلامية والعربية ؟ لماذا تحولت مقدساتها إلى نوع من الأساطير إلى درجة أننا لم نعد نفرق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة حيث يعتقد الكثير أن قبة الصخرة هي الأقصى ؟ كثيرون يرجعون سبب كل ذلك إلى غياب التواصل المباشر وغير المباشر مع هذه الأرض الطاهرة التي عرج منها سيد الأنبياء رسولنا الكريم وعاد إلينا بالصلوات الخمس، والبعض يقول لو كان التواصل مباشرا عن طريق شد الرحال لما حدث هذا اللبس بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى، لكن علماء الأمة انقسموا إزاء ذلك إلى فريقين فالأغلبية منهم تعارض وترى أن الزيارات الإسلامية إن تمت، لن تفيد إلا إسرائيل وأنها ستكرس الاحتلال، وتكون بمثابة اعتراف إسلامي بسلطة إسرائيل على القدس والمسجد الأقصى،بينما يرى الفريق المؤيد لفتح باب السياحة الدينية وزيارة القدس أن ذلك سيعد دعما لصمود المقدسيين وتأكيدا على الحقوق الإسلامية وضغطا شعبيا إسلاميا لإيقاف مخططات تهويد القدس، ولكي لا يشعر المقدسيون بأنهم لوحدهم وأنهم كائنات غريبة تعيش معزولة عن محيطها الإسلامي . وبغض النظر عن مدى وجاهة أي من فتاوى الفريقين فإن للقدس حقا على كل المسلمين وواجبا شرعي بالدعم والمساندة ولو حتى بجعل الصورة المباشرة عبر شاشات التلفزيون حاضرة في كل صلاة ، قبل أن تصبح القدس لا مرئية .
510
| 23 يونيو 2016
قبل أيام أطلقت رابطة اتحاد الشباب العربي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وسمًا بعنوان (الأمم المتحدة تقتل تعز) ويقول منظمو الحملة إنها تهدف إلى التضامن مع السكان ضد الإجرام الذي تقوم به جماعة الحوثي والمخلوع صالح والتنديد بدور الأمم المتحدة المتواطئ الذي يشرعن ممارسات الميليشيا ويغض الطرف عن جرائمها التي تُرتكب أمام العالم منذ أكثر من عام. تصاعدت وتيرة الاتهامات للمنظمة الأممية منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء حيث رمى مبعوثها جمال بن عمر بكل ثقله لحمل قادة وممثلي الأحزاب السياسية الذين كانوا حينها محتجزين في القصر الرئاسي وتحت فوهات بنادق الحوثيين على توقيع وثيقة سميت "باتفاق السلم والشراكة الوطنية" في اليوم نفسه الذي حدث فيه انقلاب 21 سبتمبر 2014 وكانت رسالة صادمة اعتبرها البعض اعترافًا أمميًا بالانقلابات المسلحة. ظل الدور الأممي المشبوه محل تكهنات وجدل إلى أن كشفت وثيقة حصلت عليها قناة الجزيرة تثبت أن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة خاطب قياديا حوثيا باعتباره قائما بأعمال وزير الخارجية ولم تكتف المفوضية بذلك بل ضمنت الخطاب طلب إحصاءات عن انتهاكات حقوق الإنسان وهذا يعني إعفاء المصدر من أي مسؤوليات بشأن المعلومات المقدمة وفي الوقت نفسه إضفاء الشرعية على سلطة الأمر الواقع الانقلابية وبهذا تكون المنظمة الأممية حامية السلم والأمن الدوليين قد أفرغت عمليا القرار 2216 من محتواه وتحولت إلى وسيط غير نزيه.السقطة الكبيرة التي كشفت عورات بان كي مون وفريقه تمثلت في التقرير السنوي بشأن الانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال في مناطق النزاع، وهو التقرير الذي أثار جدلا واسعا بعدما أضاف الأمين العام للمنظمة في اللحظة الأخيرة وقبل توزيعه على وسائل الإعلام اسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إلى القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال خلال العام 2015 حيث تشير محتويات التقرير إلى أن 60% من حالات قتل الأطفال كانت بسبب عمليات التحالف بينما أغفل وقائع كثيرة وثقتها الحكومة الشرعية ومنظمات حقوقية محلية ودولية بشأن جرائم وانتهاكات كان الآلاف من الأطفال ضحايا لها وارتكبت من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع، ولم يشر التقرير بتاتا إلى آلاف الأطفال الذين أخرجهم الحوثيون من المدارس وقذفوا بهم إلى المتاريس ليواجهوا الموت، وقد اقتصر دور الأمم المتحدة على التعبير الدائم عن القلق والإدانة لسقوط ضحايا من المدنيين يوميا في تعز بنيران ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع لكنها لا تشير من قريب أو بعيد إلى الجهة المسؤولة رغم المشاهد اليومية المصورة للقصف والدمار التي تتناقلها وسائل الإعلام.تبرز أسئلة كثيرة بشأن السلوك الأممي المتخاذل تجاه الأزمة اليمنية رغم أن كل شيء واضح لا لبس فيه ولا يحتاج إلى جهد بحثي أو استقصائي أو لجان تحقيق لمعرفة هل ما حدث انقلاب أم انتقال ديمقراطي؟ من الذي يدفع باتجاه منح الحوثيين المشروعية في موازاة الحكومة الشرعية؟ هل سيفلح المجتمع الدولي في إنفاذ قرارات مجلس الأمن الدولي؟ وهل أدت الضغوط الدولية إلى تراجع عاصفة الحزم عن هدف عودة الشرعية دون شروط؟ يبدو أن إيران أفلحت بشكل واضح في تبديد الجبهة الدولية الرافضة لمبدأ الانقلابات المسلحة وحولت مواقف أمريكا التي يهتف الحوثيون يوميا بالموت والفناء لها إلى دولة ترى فيهم خيارا مناسبا لحكم اليمن ولم يجد السفير الأمريكي لدى اليمن غضاضة في أن يشيد بوفد الحوثيين والرئيس المخلوع في مفاوضات الكويت بل ويبشر رئيس الوفد الحوثي محمد عبدالسلام بمستقبل سياسي باهر في السلطة السياسية المقبلة، وهذا يؤكد أن الخيار الأمريكي في المنطقة هو الإسلام الشيعي الذي يعلن للجماهير أن أمريكا هي الشيطان الأكبر لكنه في أروقة السياسة ودهاليزها يفتح كل القنوات ويحيك مع واشنطن كل المؤامرات لإخضاع منطقة الشرق الأوسط والسيطرة على ثرواتها. يعيش اليمن اليوم كارثة تتضاعف مآسيها كل يوم، معاناة إنسانية من الجوع ونقص مريع في الخدمات وعبث طال كل أجهزة الدولة وتجريف الوظائف العليا لصالح الروابط المذهبية والمناطقية، حيث وجد المواطن نفسه أمام وضع اقتصادي منهار وعجز طرفاه الحكومة الشرعية الموزعة بين عدن والرياض وسلطة الأمر الواقع الانقلابية في صنعاء وكلاهما سبب للوجع وقهر العجز عن تحسين حياة الناس بل إن الأخيرة تصادر المساعدات التي تتسلمها من الأمم المتحدة وتبيعها في السوق السوداء لدعم المجهود الحربي، ولكن هذه الكارثة لا تعني الأمم المتحدة فهي مشغولة بالبحث عن مبررات تفرغ القرارات الدولية من محتواها وترسي عملية سياسية تضمن وضعا مريحا للحوثيين وحلفائهم ولو اقتضى الأمر دولة لهم في شمال الشمال لإعادة زعيمة عاصفة الحزم إلى بيت الطاعة.
339
| 16 يونيو 2016
علق وفد الحكومة اليمنية مشاركته في مشاورات الكويت بعد أن تيقن وتأكد معه المجتمع الدولي أو على الأقل بعض أطرافه غير الممالئة أن الحوثيين وحليفهم لم يأتوا من أجل السلام بل من أجل القضاء على الاعتراف الدولي بالحكومة الشرعية المتمركزة في الرياض وشرعنة الانقلاب الذي لم يكن على شخص الرئيس عبد ربه منصور هادي وحسب بل كان انقلابا على الدولة وثقافتها بكل ما تحمله من دستور ومؤسسات وسلطات تنفيذية، وبعد نحو شهر من المراوغة والعبث خرج رئيس الوفد الحكومي ووزير الخارجية عبدالملك المخلافي بنتيجة مفادها أن المشاورات تتقدم ولكن بخطوات إلى الوراء وأن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد يحاول تجميل الصورة السوداوية بأن الأزمة اقتربت من الحلول الحاسمة في حين لم يوافق الحوثيون بشكل واضح على أي مرجعية للتفاوض خصوصا القرار 2216 الذي رضخوا لبنوده قبل أن يحلوا في الكويت. أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح يبذل شخصيا جهودا حثيثة ومقدرة لإعادة المنسحبين من طاولة التفاوض، فكما تدخل لإعادة الحوثيين هاهو يتدخل للمرة الثانية لإعادة الوفد الحكومي ويقابل المبعوث الأممي ويحضه على إيجاد حل لتحقيق السلام المنشود الذي يحفظ لليمن أمنه واستقراره ووحدته التي تتهددها رياح هوجاء قد تحيل أعمدة الوحدة إلى أعجاز نخل خاوية. لكن الوفد الحكومي لا يزال يهدد بالانسحاب بالكامل ما لم يقدم المتمردون تعهدًا مكتوبًا يضمن التزامهم بمرجعيات التفاوض خصوصا قرار مجلس الأمن 2216 الذي ينص على انسحابهم من المدن التي سيطروا عليها وتسليم السلاح الثقيل الذي يجب أن يكون حصرا بيد الدولة.لا أدري حقيقة لماذا تجتهد المنظمة الأممية ومبعوثها ولد الشيخ بتحويل الوضع غير السوي في ظل الانقلاب إلى وضع سوي بحيث تبدو كما لو أنها تؤسس لشرعية دولية جديدة تجعل الانقلاب على سلطات الدولة حق من حقوق أي أقلية مذهبية أو عرقية أوطائفية، ولا أدري لماذا تحاول أكبر منظمة دولية الالتفاف على قرارات أهم مؤسساتها الردعية وهو مجلس الأمن إذ يحاول ولد الشيخ أحمد إيجاد توافق من نوع ما يعطل مضامين أهم قرارين صدرا بحق من بعثروا السلام وشتتوا الشعب اليمني وحولوا أكثر من عشرين مليون إلى فقراء يبحثون عما يسد الرمق، قد نتفهم الدور الدبلوماسي ومقتضيات المساعي الحميدة ولكن لا نتفهم تلك الروح الحانية على مصالح الحوثيين وحليفهم وكأنهم هم الجهة التي تسمع وتطيع وتلتزم بكل القرارات والتوجيهات ولم يبق سوى الوفد الحكومي الذي عليه أن يقدم كل التنازلات وتمارس بحقه ضغوطات من أجل الموافقة على تشكيل حكومة توافقية ينكث غزلها بعد توقيع جميع الأطراف، لتبدأ حكاية جديدة ولكن من دون شرعية وبدون رأس، وهذا هو الحل الحاسم عند من يريدون جر اليمن إلى المجهول.في تاريخ الحركات المتمردة محطات يجب التوقف عندها والتعلم منها، فهذه حركة نمور التاميل خاضت حربا طويلة ضد الحكومة الشرعية في سيرلانكا ورغم التوقيع على اتفاق سلام في تايلاند عام 2002 لكن السلام الحقيقي الذي تجسد في البلاد جاء بعد قضاء الحكومة على قائد الحركة وتصفية المتمردين في العام 2009، ويبدو للأسف أن السلام لن يصنع في الكويت لأنه في الوقت الذي يجلس فيه المتفاوضون بين أربعة جدران فإن الآلة العسكرية للحوثيين وحليفهم تسيطر على ما تبقى من معسكرات الدولة المحايدة كما حدث مع معسكر لواء العمالقة ونهب كل أسلحته المتطورة، وتسفك هذه الآلة المجنونة دماء اليمنيين في تعز والبيضاء ومأرب بل وصل الحال إلى أن يرفض وفدا الحوثيين وصالح العملية العسكرية التي طردت تنظيم القاعدة من محافظة حضرموت وقد كان هذا الموقف صادما للذين كانوا يعتقدون بأن اتهام الرئيس المخلوع بدعم تنظيم القاعدة وتفريخ الجماعات المتطرفة محض افتراء.تسير الأمور بشكل تراجيدي في اليمن كلما تأخر حسم الأمور إذ يقول رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن الميليشيا نهبت نحو ثلاثة مليار دولار من البنك المركزي لدعم مجهودها الحربي الأمر الذي أدى إلى انهيار الريال وما سيتبع ذلك من مآسٍ كارثية، هناك من يقول بأن سياسة يجري اتباعها تتمثل في إضعاف الموقف الأخلاقي لدول التحالف العربي لأنها في الأخير المسؤولة عن دعم الاقتصاد، وفي هذه الحالة تكون الميليشيات قد استولت على حاجتها من المال الذي يمكنها من أن تكون رقما مهما وثلثا معطلا في أي تسوية، وهنا يقف اليمنيون بين خيارين لا ثالث لهما إما إنجاز أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل كما تعهدت بذلك قوات التحالف العربي أو أن يستعدوا لأهوال حرب منسية.
353
| 20 مايو 2016
قد يكون هذا العنوان مربكا لكثير من القراء بل إن البعض سيضع أكثر من علامة تعجب واستفهام بشأن فحواه ومعناه، لكن للأسف هذا العنوان هو ما تردده كشعار ست قنوات إيرانية طائفية تبث رسائلها المتناقضة من إسرائيل عبر القمر الإسرائيلي (آموس) لتوهم المشاهد العربي بأن إيران هي تلك الدولة التي تنافح عن مصالح المسلمين ومقدساتهم وهي الدولة التي تبذل جهودا "جبارة" لتصحيح ما تراه اعوجاجا في عقيدة من يقدسون مصحف الخليفة عثمان بن عفان على اعتبار ما يتضمنه من أخطاء وتروج لمصحف إيراني تقول إنه خال من الأخطاء في محاولة من هذه القنوات لتكريس فكر معين يتطابق مع الفكر الخميني الداعي لتصدير الثورة الإسلامية إلى كل بلدان العالم العربي. رغم كل الوقائع على الأرض التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك زيف محور الممانعة والمقاومة وانكشاف خيوط لعبته الإقليمية العبثية في سوريا ولبنان إلا أن التقرير الاستخباري الذي كشف العلاقة الإعلامية الوطيدة بين إيران وإسرائيل كان صادما لكل الذين لا يزالون يعتقدون بجدية الشعارات والرايات التي ترفع سنويا وسط العاصمة طهران في يوم القدس مطالبة بإحراق إسرائيل أو إحراق علمها على الأقل، وربما ترجع مصداقية التقرير الاستخباري الذي تم كشفه أنه لم يأت من دولة أو جهة معادية بل من قناة روسية ناطقة باللغة العربية معروفة بالترويج والتبرير للسياسة الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن. التقرير ذكر أن (آر آر سات) أكبر شركة إسرائيلية للاتصالات تقف وراء القنوات الست التي توجه العرب دينيا من إسرائيل وهي "آل البيت، الأنوار، فدك، الحسين، العالمية، الغدير"، وكلها تتظاهر بالولاء لآل البيت وتحاول تدجين مشاهديها برؤى وأفكار تقبل بكل المختلفين عدا أولئك الذين لا يؤمنون بقرآن إيران.بين إيران وإسرائيل تحالف مشبوه لم يعد خافيا يستند إلى سياسة منطلقاتها الحفاظ على مصالح الطرفين مع السماح لكل طرف بتبني الشعارات الرنانة والخطاب الإعلامي واللغة الدبلوماسية التي تعطي انطباعا بأن حالة الحرب واللاسلم هي السائدة بين البلدين، وهذا ما أشار إليه الكاتب الأمريكي تريتا بارسي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكينز في كتابه "التحالف الغادر" الذي أكد من خلاله أن طهران ترتبط مع تل أبيب بعلاقات استراتيجية ودينية وهي الدولة الثانية في الشرق الأوسط بعد إسرائيل التي تضم عددا كبيرا من اليهود والمعابد اليهودية، ويحاول الرئيس حسن روحاني منذ وصوله إلى الحكم التأكيد على حقوق المواطنة لكافة الأقليات الدينية في بلاده، أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فتقدم بالتهنئة لليهود وبارك عبر حسابه على توتير قبل فترة، بعيد رأس السنة اليهودية، ورافض إنكار المحرقة اليهودية، وفي الوقت الذي سمح فيه نظام الملالي بتمثيل اليهود في البرلمان الإيراني فإنه يمارس ضد المسلمين السنة أشد أنوع الاضطهاد والتنكيل.هناك من يحاول تبرير بث قنوات إيرانية من إسرائيل بحجة أن القنوات الشيعية ممنوعة من البث على القمر عربسات، ولكن هذا التبرير غير مقبول لكثيرين من الذين لا تزال تستهويهم شعارات الممانعة والمقاومة لأنهم يرون أن الكثير من الخيارات والأقمار يمكنها أن تحل محل قمر آموس، ويبدو أن ما كشفه هذا التقرير من التعاون الإسرائيلي الإيراني في الفضاء الإعلامي لم يكن إلا الشجرة التي تخفي الغابة، فإيران هي من تسعى لجعل شعار إسرائيل حقيقيا في العالم العربي وهو: دولتك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل. وفي المقبل تعمل إسرائيل وبمباركة غربية لتمكين الدويلات المذهبية الجديدة المرتبطة بإيران أما القدس فلها رب كريم.
302
| 13 مايو 2016
في الثالث من مايو احتفل الصحفيون والإعلاميون في كل دول العام باليوم العالمي لحرية الصحافة ورفعوا شعارات مطالبة بتحسين شروط بيئة العمل الصحفي ورفع سقف الحريات والتنديد بأي محاولات لقمعها، أما في اليمن فشروط العمل الصحفي بائسة بل منعدمة أصلا إلى درجة تحول معها وصف الصحافة من مهنة المتاعب إلى مهنة الموت منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد الحركة الحوثية في 21 سبتمبر 2014، حيث كان أول شيء قامت به هو التنكيل بالوسائل الإعلامية وإسكات صوتها الذي لا يؤيد مشروعها للسيطرة على كل مؤسسات الدولة بالقوة، ومنذ ذلك التاريخ تعيش الصحافة أسوأ مراحلها إذ قتل 15 صحفيا وعدد آخر تم إخفاؤهم قسريا ولا يعلم ذووهم عنهم شيئا، ويعيش الأحياء من الصحفيين ما بين مطارد ومشرد خارج البلاد ويتعرض العشرات منهم للتعذيب واعتداءات جسدية ونفسية في زنزانات فردية داخل معتقلات الميليشيا ويمنع عن أسرهم الزيارة أو حتى إدخال الدواء، ومن يحيد قليلا عن النص ويخفف جرمه يتم مصادرة راتبه الشهري وتركه نهبا للفقر وذل الحاجة إلى الناس.منذ العام 2011 شهدت الصحافة قفزة نوعية سواء على الصعيد الكمي أو النوعي حيث ازدان الفضاء الإعلامي بقنوات إخبارية وثقافية وفنية متعددة التوجهات والرسائل وعشرات الصحف والمواقع الإلكترونية وأنشأت مراكز للتدريب والتطوير الإعلامي لتحسين أداء القائم بالاتصال وإكسابه مهارات العمل وفق اعتبارات المعايير التحريرية والقيم الأخلاقية، لكن ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح نسفت كل شيء ولم تبق إلا أصوات وسائلهم أو أصوات تسبح بحمدهم وتمجد انتصاراتهم على شعب معدم، وهذا ما أكده بيان نقابة الصحفيين اليمنيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أشار إلى أن أغلب المؤسسات الصحفية والتلفزيونية العامة والخاصة والحزبية مغلقة، يترافق ذلك مع حالة التشرد لعشرات الصحفيين في هذه المؤسسات ومراسلي القنوات الفضائية والإذاعات الخارجية ووكالات الأنباء، وإقصاء الكوادر من المؤسسات الإعلامية الحكومية وإحلال عناصر من خارجها بدلا عنهم. أما تقرير مركز الإعلام الاقتصادي فقد ذكر أن الربع الأول من العام الجاري شهد 107 حالات انتهاك للحريات الإعلامية، بينما رصد العام الماضي 530 حالة انتهاك بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وذكر كذلك أن 630 من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام فقدوا أعمالهم، بعد تزايد الاعتداءات على مقار الصحف واقتحام المؤسسات الإعلامية المختلفة.أي صحفي في اليمن يحترم مواثيق الشرف المهني وقيم المسؤولية الأخلاقية تجاه مجتمعه لا يمكنه إلا أن يكون هدفا لميليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع لأنه لا يستطيع التغاضي عن زراعة الألغام في مداخل المدن وقصف مساكنها بقذائف الكاتيوشا والصواريخ الباليستية، لا يستطيع أن يسكت وهو يرى تجنيد آلاف الأطفال وشيطنة براءتهم بينما تحولت مدارسهم إلى ثكنات عسكرية، لا يستطيع الصحفي العضوي الذي يتألم ويشعر بأوجاع مجتمعه أن يلتزم الصمت وهو يسمع ويرى الفساد ونهب أموال المواطنين باسم المجهود الحربي وقتل من يعترض بدم بارد، كيف للصحفي أن يغض الطرف عن بلد يسير باتجاه المجهول، لا يمكن للشهود إلا أن يقولوا الحقيقة مهما كان الثمن لتعرية كل الأطراف السياسوية التي تعبث بحاضر ومستقبل اليمنيين، فلا يمكن لمهنة الصحافة أن تصبح جريمة، ولا يمكن للسيف أن يهزم القلم.
317
| 05 مايو 2016
في الأعراف القبلية والاجتماعية اليمنية لا يأتي الشيخ أو الضيف الكبير إلا ليكون سيد الحفلة وتبدأ فور قدومه، وهذا ربما ما أدركه وفد الحوثيين والرئيس المخلوع الذي راوغ وتلكأ كثيرا في الحضور إلى الكويت للمشاركة في المفاوضات التي تأخرت كثيرا عن موعدها المقرر في الثامن عشر من أبريل ويتوقع بدأها في الحادي والعشرين من الشهر نفسه إذا ما وصل الوفد الذي تنتظره طائرة عمانية في مطار صنعاء وأخرى كويتية في مطار مسقط والدنيا تقوم وتقعد ترقبا وانتظارا لخروج الدخان الأبيض كما يقال، أما وفد الحكومة فقد وصل قبل الموعد المحدد ليظفر بشهادة حسن السير والسلوك من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي شكره على صبره وانتظاره الطويل وخلوده للراحة وتجاهل ما يهدف إليه الحوثيون من وراء مماطلتهم وهو الإمعان في الاستهانة برموز الشرعية الذين لا يعتبرونهم سوى مجرد "مرتزقة " يعيشون في غرف فنادق الرياض.وفد الحوثيين يرى أن تأخره عنصر مهم جدا في عملية التفاوض إذ أنه يريد أن يغير من نقاط التفاوض الخمس التي أعلنها ولد الشيخ أحمد ومن أهمها تسليم السلاح الثقيل والانسحاب من المدن وكف اليد عن مؤسسات الدولة تمهيدا لتطبيق كل بنود القرار 2216، وزيادة على ذلك يريد الوفد الحوثي فرض أجندة خاصة تتمثل في وقف الغارات الجوية لقوات التحالف العربي –طبعا لتتحرك الميليشيات على الأرض بكل حرية- وتشكيل حكومة انتقالية وفق اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعته قوى سياسية تحت فوهات بنادق الحوثيين عند سقوط صنعاء في 21 سبتمبر 2014 ومناقشة تطبيق القرارات الأممية بعد ذلك وهذا طبعا جزء من خطط الحوثيين وتكتيكاتهم التي يتلقونها من إيران صاحبة التجربة الطويلة في المراوغة واختلاق الأعذار واللعب مع المجتمع الدولي.ما يشجع الحوثيين والرئيس المخلوع على الإمعان في قتل اليمنيين والتشبث بخيار الحرب باعتباره الخيار الآمن لتحقيق ما يطمحون إليه لترسيخ سلطتهم في صنعاء كأمر واقع يتركز في ثلاث نقاط: تتمثل النقطة الأول في يد الحكومة الشرعية المرتعشة في اتخاذ قرارات ميدانية لدعم موقفها التفاوضي الذي كان سيتعزز لو تم دعم المقاومة الشعبية والجيش الوطني لإحراز تقدم في تعز التي تقصف بضراوة خاصة بعد إعلان هدنة 10 أبريل وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي نص كذلك على فتح كل مداخل المدينة أمام حركة المدنيين ولم يلتزم الحوثيون به. أما النقطة الثانية فتأتي من الموقف غير المتناغم داخل دول التحالف العربي إذا لا تزال بعض أطرافه تعمل وفق أجندة خاصة سواء من حيث البحث عند دور ما للرئيس المخلوع أو لنجله وكذلك دعم بعض فصائل الحراك الجنوبي لجعل مطالب الانفصال مسموعة دوليا. وثالثا يركن الحوثيون إلى الضوء الأمريكي الأخضر الذي يرى فيهم أداة فعالة لمحاربة تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات السنية المتطرفة، وهذا الموقف يسمح بغض الطرف عن وصول شحنات عسكرية إيرانية للحوثيين رغم الإعلان عن مصادرة بعضها في عرض البحر العربي ربما لإرضاء دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ويريد الحوثيون الاستفادة من زيارة الرئيس باراك أوباما للرياض لأنها تعني بالنسبة لهم ممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الرئيس هادي والتحالف العربي.يعوِّل اليمنيون كثيرا على مفاوضات الكويت بعد أن طحنتهم الحرب ووصلت آلامها إلى كل بيت وقتل فيها نحو 6400 شخص من المدنيين حسب تقرير للأمم المتحدة، لكن المشهد الذي ترتسم ملامحه في هذه المفاوضات تجعل الكثير يعتقد أن الحرب لم تتوقف بعد وأن الأيام المقبلة لا تزال حبلى بالأحداث والدماء، إذ أن الحوثيين وحليفهم يبسطون سلطة فعلية على الأرض ويكثفون تعزيزاتهم العسكرية للسيطرة على مواقع استراتيجية حتى أثناء الهدنة وهذا يؤشر إلى أنهم يتحركون وفق خيار الأمان في الحرب لا في السلام، وتفكير كهذا يعني أن تغير الحكومة اليمنية سياساتها في التعامل مع من ينضوي تحت شرعيتها قبل أن تفقد الأنصار والشرعية.
482
| 21 أبريل 2016
بعد عام من الحرب والأمل أزالت السعودية كل الشكوك والملابسات بشأن مستقبل التسوية السياسية في اليمن والتي تعثرت مرتين في مباحثات سويسرا، وحاول الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع اتباع سياسة المراوغة ولم يستفيدوا من فرص متعددة لوقف إطلاق النار كانت تبادر بها قوات التحالف العربي، فقد أعلن ولي ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود أن الحرب تقترب من نهايتها سلما وإذا لم يجد هذا الخيار فإن كل الوسائل مطروحة، هذا التصريح يشير إلى أن هناك صيغة اتفاق سياسي نهائية تطبخ في الرياض بوجود وفد للحوثيين وغياب أي ممثل للرئيس المخلوع مما يعني طي صفحة صالح حسب ما نص عليه القرار الأممي 2041.كل الترتيبات تجري بوتيرة متسارعة في كواليس السياسة وفي الميدان العسكري استعدادا لوقف إطلاق النار في العاشر من أبريل وفي حال نجاحه فإن مباحثات الكويت في الثامن عشر من الشهر الجاري ستكون تتويجا لرغبة كل الأطراف اليمنية بوقف حمامات الدم والمأساة الإنسانية التي جعلت أكثر من 80 في المائة من الشعب بحاجة إلى ما يسد الرمق، حيث سيتم الإعلان رسميا برعاية الأمم المتحدة عما تضمنته صيغة الرياض التي تنص على عودة السلطة الشرعية إلى العاصمة صنعاء والاعتراف بالحوثيين مكونا سياسيا واجتماعيا أساسيا، واعتبار مقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية محددات أسياسية لنصوص الاتفاق.الرئيس عبد ربه منصور هادي استبق مباحثات الكويت وأجرى بالتنسيق مع السعوديين تغييرات أصابت الرئيس المخلوع في مقتل إذا أصبح عدوه الشخصي اللدود علي محسن الأحمر نائبا لرئيس الجمهورية بينما تمت إقالة خالد بحاح من منصبه وأصبح النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام أحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء، وهي تغييرات باركتها عشر قوى سياسية بينها الحراك الجنوبي والتجمع اليمني للإصلاح ويمكن قراءة كل ذلك بأكثر من معنى ودلالة، فوضع الأحمر في مرتبة الرجل الثاني في الدولة تعني سد الطريق أمام أي مصالحة أو فرصة لحل وسط مع الرئيس المخلوع كما كان يسعى إليها عراب سياسة المهادنة خالد بحاح المتهم بعرقلة عملية إدماج المقاومة الشعبية في الجيش الوطني وما نتج عن ذلك من تأخر في عملية الحسم وتردي الوضع الأمني للمدن التي عادت لحضن الشرعية، في حين كان يرى بأم عينيه تنفيذ الحوثيين لمخطط إدماج ميليشياتهم في الجيش والأمن استعدادا لمرحلة الحل السياسي. الجنرال علي محسن الأحمر لم يترك فرصة للتخرصات والتحليلات فقد أصدر بيانا أكد فيه أهمية الشراكة في الحكم وأنه لن يحيد عن نتائج مؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية وفي الوقت نفسه فإنه من يقف وراء التفاوض الحالي مع الحوثيين وهذا يتسق مع مواقف سابقه له حيث أعلن على الملأ ذات يوم بعد ثورة 11 فبراير 2011 اعتذاره عن الحروب الست التي قادها ضدهم في صعدة بأمر من حليفهم صالح، أما تعيين الشخصية الجنوبية في منصب رئيس الوزراء فتعني تأكيد استمرار مشاركة حزب المؤتمر الشعبي العام في إدارة البلاد بعد الحرب من دون الرئيس المخلوع الذي عليه فقط أن يختار مكان دفنه، كذلك يحسب لبن دغر أنه من أشد المؤيدين لفكرة الأقاليم الستة واليمن الاتحادي الذي ربما سيجيب على من يتخوف من عودة الحوثيين إلى السياسة بعد أن أحرقوا الأخضر واليابس، إذا ما عتمدت فكرة الأقاليم الستة في الكويت فإن ذلك يعني حصر الحوثيين في إقليم أزال وسيكون عليهم فقط اتباع خطط وآليات التدافع السياسي ضمن قوى سياسية وقبلية تبحث هي الأخرى عن مكان في حكم الإقليم.المتشائمون لا يرون في ذهاب الحوثيين إلى الرياض نهاية للحرب بل يعتقدون أن الحوثيين جماعة إيديولوجية طائفية تعتمد في سلوكها السياسي خطابين تماما كما تفعل إيران، ففي الوقت الذي ينفذون فيه هدنة على الحدود السعودية اليمنية ويزيلون الألغام بأنفسهم فإنهم يمعنون في تدمير وقتل اليمنيين وحصار المدن، وفي الوقت الذي يعلن فيه المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ قبولهم بتنفيذ القرار 2216 لم يصدر عنهم ما يؤكد ذلك بشكل رسمي بل قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام إن ذهابهم إلى الكويت سيكون من دون شروط مسبقة أو أي محددات للتفاوض، ومما يزيد الطين بلة توقيف البحرية الأمريكية في بحر العرب شحنة أسلحة إيرانية ضخمة هي الثالثة خلال أيام كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي وهذا يعني أنهم إلى خيار الحرب أقرب أو يوقفون هذه الحرب ليشعلوا حروب المستقبل. أما المتفائلون فيرون أن أي تسوية سياسية هي استثمار لنتائج الحروب، ويبدو أن الصراع في اليمن أنهك الجميع وعلى رأسهم الحوثيون الذين لم يجدوا غضاضة في قبول المساعدات الغذائية السعودية والذهاب مذعنين إلى عاصمتها بعد أن كانوا يقولون إنها قادت العدوان ودمرت أحلامهم بإعلان اليمن ولاية خاضعة لتوجيهات ملالي إيران، تبقى العقبة الوحيدة في طريق التسوية هي مخلفات الرئيس المخلوع وتلك ربما يتجاوزها اليمنيون والسلطة الشرعية والموقف الموحد لدول التحالف العربي إذا ما صدقت النوايا.
419
| 06 أبريل 2016
تمكنت الوكالة اليهودية من ترحيل 19 يهوديا بينهم الحاخام سليمان يعقوب دهاري من مطار صنعاء الدولي إلى مطار بن جوريون الدولي عبر مطار عمّان الدولي ومعهم أكبر وأقدم نسخة من قصة التوراة مكتوبة على جلد حيوان والتي تضمن محتواها بشارة برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وصفت صحيفة "هآرتس" العملية بـ"السرية والمعقدة" وأنها جرت بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية ووزارة الخارجية الأمريكية وجهات تتبع التحالف الحوثي والرئيس المخلوع، وقد أطلقت الوكالة اليهودية على العملية اسم "ميكتزي تايمان" وهي عبارة باللغة العبرية مأخوذة من نص توراتي يعني بالعربية "من أقاصي اليمن".لم يمنع الشعار الذي يردده الحوثيون كل يوم وهو "اللعنة على اليهود والموت لإسرائيل" من تعامل قادتهم مع منظمة صهيونية استعمارية مسؤولة عن الاحتلال والمذابح في فلسطين واستلام مبالغ كبيرة كرشوة مقابل تسهيل عملية الهروب من صنعاء، قد يكون ذلك أمر طبيعي ويتفق مع طريقة تفكير الميليشيات الحوثية التي تسعى للتخلص من المختلفين معها سياسيا أو عقائديا وقد فعلت ذلك عندما طردت مواطنين يهودا من قرية آل سالم في صعدة عام 2007 وصادرت ممتلكاتهم وبعد ذلك هجّرت السلفيين من دماج عام 2014 في أكبر عملية تهجير لجماعة مذهبية لم يشهدها اليمن منذ سنوات طويلة، لكن ما لم يجد له تفسيرا كثير من المتابعين هو كيف سمحت سلطات الانقلاب في صنعاء بتهريب مخطوطة من التوراة لا تقدر بثمن ويعود تاريخها إلى أكثر من ثمانية قرون؟ ربما يعود ذلك إلى الجهل المركب أو العداء للتاريخ والآثار التي يدمرها الحوثيون كل يوم حيث تشهد البلاد كل يوم عمليات تجريف ممنهج للهوية اليمنية وتنوعها الحضاري والثقافي والديني، أما رئيس الوكالة اليهودية ناتان شارانسكي، فقد اعتبر وصول هذه الوثيقة إلى تل أبيب حدثا مهما و "لحظة مهمة من تاريخ إسرائيل" الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التعبير عن فرحته الغامرة أمام وسائل الإعلام عندما قرأ له طفل يهودي يمني بعض أسطر من قصة التوراة عندها قال نتنياهو "أهلا وسهلا بكم في أرض إسرائيل. لقد كانت قراءتكم للتوراة مؤثرة جدا. فكرنا خلال سنوات طويلة كيف يمكن جلبكم إلى إسرائيل وها قد نجحنا". لم تتوقف المحاولات من أجل تهجير اليهود اليمنيين منذ إعلان الكيان الصهيوني عام 1948 فقد وافق الإمام الأحمد حميد الدين بين عامي 1949 و1950 على تهجير أكثر من 47 ألفا في عملية البساط السحري التي بلغت عدد رحلاتها الجوية 430 كلفت نحو 425 مليون دولار وقد أكمل الحوثيون ما بدأه أئمتهم لكنهم هذه المرة يطبقون سياسة جديدة وهي تهجير كل اليمنيين من بلادهم فمنذ اختطاف الدولة تحول الكثير من مواطنيها بسب الاضطهاد والتنكيل إلى مشردين ولاجئين وهنا بدا أتباع الطائفة اليهودية أكثر حظوة من غيرهم حيث إنهم سيعيشون بكرامة رغم أنهم سيقيمون على أرض مغتصبة غير أرضهم التاريخية التي تأسست عليها دولتهم في العصر الحميري مطلع القرن السادس الميلادي وحكمت ووحدت اليمن لأكثر من 70 سنة.قد يختلف اليمنيون في أسباب تهريب اليهود وتهجيرهم من موطنهم الأصلي الذي عاشوا فيه بتسامح وكانو جزءا من تاريخه وحضارته ولغته إلا أنهم يتفقون على أنه لا يمكن التفريط في الإرث التاريخي الذي تمثله المخطوطة التوراتية المهربة والتي رفض الرئيس الأسبق عبدالرحمن الإرياني في سبعينيات القرن الماضي طلبا أمريكيا بتسليم هذا الكنز التاريخي رغم الإغراءات والمصالح الاقتصادية التي كان سيجنيها إلى أن جاء الحوثيون وجعلوا مقولة الرئيس المخلوع "دمروا كل شيء جميل" واقعا مريرا يتجرع غصته الجميع. انكشفت ورقة التوت إذاً، يرفع الحوثيون شعار الموت لإسرائيل وأمريكا كما تفعل إيران وهم يتواصلون معهم مباشرة ويتعهدون بحفظ مصالحهم، ولذلك نرى كيف يحرك اللوبي الصهيوني مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن إذ كلما قربت ساعة الحسم وبدأت الدائرة تضيق على الحوثيين وحلفائهم استقيظ ولد الشيخ أحمد يبحث عن حلول سلمية تضمن للمدافعين عن التفسير الشيعي للمذهب الزيدي دورا في الحياة السياسية، ولذلك فإن تسليم "قصة التوراة" ربما يكون جزءا من صفقة بناء الثقة مع أمريكا وربيبتها إسرائيل.
3888
| 30 مارس 2016
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5058
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3690
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2799
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
2691
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1494
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
915
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
906
| 23 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
846
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
825
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية