رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سيطر مسلحون حوثيون على منطقة مهمة وسط محافظة البيضاء بعد أن انسحب رجال القبائل يدعمهم ما يسمى بتنظيم (أنصار الشريعة) جراء القصف الجوي المكثف من طائرات "الدرونز" الأمريكية يسندها الطيران الحربي اليمني في عملية عسكرية مشتركة تعد الأولى من نوعها على صعيد التنسيق الأمريكي المكشوف مع "أنصار الله" الذين يرفعون شعار "الموت لأمريكا"، بينما تمهد لهم واشنطن الطريق لبسط نفوذهم في المناطق السنية، وهذه من المفارقات الكبيرة التي جعلت الشارع اليمني ينظر بكثير من التهكم والسخرية إلى شعارات الحوثيين أو كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم مسميات تمنحهم القداسة والقبول ومنها أيضا أتباع "المسيرة القرآنية" فلم تقتل شعاراتهم العدائية وزغة أمريكية أو إسرائيلية، بل إن الموت أصبح بفضل "مسيرتهم المخلصة"! طاعونا يزهق أرواح اليمنيين الأبرياء، أطفالا ونساء من الجو والبر. كثير من الأمور السياسوية كانت تنطلي على الإنسان اليمني والعربي البسيط، ثقافة ووعيا سياسيا، بما يدور حوله من أحداث ومؤامرات لكن إقلاع الطائرات العسكرية الأمريكية هذه المرة من قاعدة في المحيط الهندي لتقدم المدد للحوثيين ومشاركة الطيران الحربي اليمني بأمر من الرئيس عبد ربه منصور هادي كشف المستور للجميع، وأكد حقائق كان ينظر إليها على أنها تخرصات محللين أو معلومات غير مؤكدة، إذا لم يعد هناك من شك بوجود تحالف أمريكي إيراني في اليمن يهدف إلى تحقيق هدف كل طرف، بالنسبة للأمريكيين فإن هدفهم المعلن هو ضرب تنظيم القاعدة وحماية خطوط الملاحة الدولية باعتبار موقع اليمن الإستراتيجي. أما هدف إيران فهو بسط نفوذها في خاصرة أكبر دولة خليجية سنية المذهب، لكن الطرفين المتحالفين يسعيان لتحقيق أهدافهما بقليل من الجهد والمال عبر أطراف أخرى، بعضها ينفذ والبعض الآخر يدفع الأموال، فقد مارست الدبلوماسية الأمريكية ضغوطاً كبيرة في مجلس الأمن لتمنع صدور قرار يحدد أسماء معرقلي التسوية السياسية السلمية في اليمن، وعندما سيطر الحوثيون على عاصمة البلاد وأغلب محافظاتها وبعثروا الجيش وقوى الأمن ونهبوا العتاد العسكري بمساعدة من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وحزبه المتهالك ودعم خليجي سني سمح لمجلس الأمن أن يكشف للعالم أسماء المعرقلين الخمسة ولكن بعد انهيار الدولة وصعوبة تحقيق أي تسوية سياسية على ما كان يعرف بالجمهورية اليمنية، سواء عبر بنود المبادرة الخليجية المقبورة أو حتى وفق اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعته القوى السياسية تحت حد سيف الحوثي في يوم سقوط صنعاء. الإيرانيون يكسبون كل يوم، سواء في المفاوضات على الملف النووي أو في النفوذ الجيوإستراتيجي في المنطقة العربية، حيث أصبحت رابع عاصمة عربية تحت نفوذهم، فقد نجحوا في تحويل أهل السنة إلى أهداف إرهابية على اعتبار أن مذهبهم يدعو إلى اجتثاث الآخر المختلف، نجحوا أيضا في تكوين تحالف دولي كبير ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا دون أن يكونوا طرفا فيه، ربما لكي لا يستعدوا كل أهل السنة وفي المقابل حولوا الأنظار من نظام الأسد الذي أجرم في حق شعبه إلى ضرورة التخلص من الحالة الداعشية وهنا تورطت في المؤامرة أكبر الدول السنية كعادتها في دعم ضرب داعش وحواضنه الشعبية ولم ينس الغرب أن يشيد بالسعودية ويبين مميزات مشاركتها في هذه الحرب، بأنها تمثل قبلة روحية لكل المسلمين وتزخر بثروات مادية هائلة تمكنها من تقديم دعم مالي على المدى الطويل يحقق النصر على الإرهاب، كما أن مراكز تدريب المتطوعين لحرب الدواعش على أرضها سيكون أكثر جدوى باعتبار القرب والعتاد العسكري السعودي المتطور. الإعلام الإيراني يقول الآن إن الحوثيين يخوضون حربا نيابة عن المجتمع الدولي ضد دواعش اليمن وأن الحوثيين أصبحوا بما يملكونه من قوة وسيطرة على الأرض الضامن الوحيد لكبح جماح تنظيم القاعدة في بلاد العرب، لكن يبدو أن التحالف الأمريكي الإيراني في اليمن على وجه الخصوص وفر حاضنة شعبية لتنظيم القاعدة بعد أن كان معزولا، شعبيا وسياسيا، خاصة أن الكثير من ثوار ١١ فبراير ٢٠١١ كانوا يرون في القاعدة تهديدا للدولة المدنية التي حلم بها كل اليمنيين، أما اليوم فربما تحفز الكثير من الشباب المعارض لسياسات حزب التجمع اليمني للإصلاح السلمية، ليشكلوا مددا كبيرا لتنظيم أنصار الشريعة، وهي التسمية الجديدة لتنظيم القاعدة في اليمن، وهنا تفشل من جديد السياسة الأمريكية في حربها على القاعدة في اليمن وبدل أن كان الخطر محدودا في بعض المناطق الجنوبية تمددت القاعدة في عدد من المحافظات، منها إب والبيضاء، مسنودة بدعم شعبي من رجال القبائل الذين يرون في الحوثيين مذهبا اثنى عشريا غريبا عما ألفوه أثناء قرون التعايش السلمي بين المذهبين الشافعي والزيدي.. إذا نحن هنا بصدد تشكل نسخة جديدة من الصراع على غرار الحرب المذهبية في العراق وسوريا. التحالف الأمريكي الإيراني ليس وليد اللحظة، فعلى مدى أكثر من ربع قرن لعبت أمريكا دورا كبيرا في نجاح ثورة الخميني، وما كان أحد يتخيل نجاح الثورة بمنأى عن دعم واشنطن التي قلبت ظهر المجن لحليفها السابق الشاه محمد رضا بهلوي، ورغم الشعارات الجوفاء "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل"، إلا أن فضيحة "إيران غيت" كشفت ورقة التوت عن سوءة النظام الإيراني الجديد، وبعد ذلك ازداد حجم التعاون بإسقاط نظام طالبان وصدام حسين وسيطرة الشيعة على كل مفاصل الدولة العراقية وغض الولايات المتحدة الطرف عن انتهاكات النظام الإيراني لحقوق الأقليات المضطهدة، كما أن النظام السوري الحليف الإستراتيجي لإيران ظل يقتل شعبه ولم تحرك واشنطن ساكنا سوى إدانات لا تهش ذبابا. سلوك الأمريكيين ينطلق من مصالحهم الإستراتيجية ومصالح إسرائيل ولذلك فهم يضحون حتى بمصالح أقرب حلفائهم كما فعلت الآن مع السعودية، إذ تركتها تواجه قدر تمدد الشيعة في كل حدودها ولم يجد الإعلام السعودي من يلوم سوى شن هجوم على الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بأنه خدعهم وأخلَّ بوعوده لهم، بل وأصبح حليفا لإيران إلى جانب الحوثي، مما يجعل اليوم عين الإيرانيين على برج الساعة بألوانه الخضراء والذهبية الزاهية الذي تتوجه إليه كل لحظة كاميرات الحرم المكي.
1031
| 29 أكتوبر 2014
لأول مرة يصطدم المسلحون الحوثيون بمواجهة شرسة مع قبائل محافظة إب التي رفضت التتار الجدد الذين يرفعون بيرق المسيرة القرآنية!! لكن القرآن الكريم حسب فهم من يسكنون الأدغال لا يحول الأمن إلى خوف والحياة إلى عبودية وموت، بعد أن قتل مسلحو قبائل إب عددا من مسلحي الحوثي وضربوا حصارا خانقا على الباقين، حاولت أطراف من حزب المؤتمر الشعبي العام وقيادات من السلطة المحلية أن تحفظ ماء وجه الغزاة فسارعت إلى التوسط بين القبائل وممثلي مسلحي الحوثي وتم التوقيع على اتفاق يخرج بموجبه كل المسلحين من المدينة الخضراء التي كانت آمنة إلا أن الاتفاق كان كسابقيه لم ينفذ، ولا يزال الحوثيون يحاولون التمسك بالمواقع التي سيطروا عليها وربما بانتظار المدد من جهات أخرى.. اللافت للنظر أن قوى الأمن والجيش تبدو وكأنها معنية بوطن آخر لا يزال يتشكل في مخيال قوى تبحث عن ذاتها الخائرة، كما أن مهمة السلطة المحلية ليست مكلفة بحماية المواطنين بل تجسد دورها في الوساطة بين الأطراف، وكلمة (الأطراف) أصبحت تستخدم في الإعلام المضاد لقوى ثورة ١١ فبراير وفي الإعلام الرسمي وعلى ألسنة الساسة اليمنيين وحتى الرئيس غير المتوج فخامة جمال بن عمر، وكلمة الأطراف في مخيال هؤلاء تعني حزب التجمع اليمني للإصلاح ومن ناصره والحوثيون ومن شايعهم وربما لم يدرك كل هؤلاء الساسة أن كلمة (الأطراف) قد تكون نذير شؤم عندما لا تسمى الأسماء بسمياتها ليفيق الناس ولات ساعة مندم وقد تحولت اليمن إلى أطراف. الجوف، مأرب، البيضاء، حضرموت،الحديدة، إب، عمران، صعدة، وصنعاء أسماء لمحافظات من شمال اليمن إلى جنوبه يسكنها الخوف والصراع الدموي العبثي وفي بعضها يعيش السكان كما لو أنهم مسلمون في ميانمار، جماعة الحوثي أو كما يسمون أنفسهم (أنصار الله) في شمال البلاد يعاملون الناس بمنطق السيد الذي لديه الحق الإلهي والمستجيبون الذين تجب عليهم الطاعة وتقبيل الركب أما من لا يستجيب فيجب أن يقتل وفي أحسن الأحوال ينسف مأواه، وفي مناطق أخرى يتفشى!! مسلحو القاعدة وهم طبعا (رجال الله) والذين يعتقدون بأن من قتلوه خطأ فإنما أسرعوا به إلى الله، وبينما يبحث الناس عن لقمة عيش تسد الرمق فإن أولويات (رجال الله) هي تفصيل ثوب أفغاني وخسف نعل لا يغطي كل القدم تأسيا بجيوش التوحيد!!. هذا المشهد المليء بالتناقضات والضحالة يؤشر إلى مستقبل كئيب قد تكون تداعياته أقسى من تداعيات سيل العرم وتبديل حياة اليمنيين من أكل السلطة والمندي والمضبي إلى أكل خمط ورصاص أحمر يورد الجميع موارد الضنك. هذا الواقع جعل قوى داخلية وخارجية تقف مع طرف تراه مناسبا للمرحلة المقبلة ولو انهارت الدولة من أجله ضد طرف لم يعد مقبولا أو تراه دول جوار ذات سياسات مرتجفة بأنه يهدد مصالحها بل ووجودها؛ ولذلك تحالف المرتجفون مع المنتحرين سياسيا ليشكلوا تحالفا أوسع ولو من غير طائفتهم، ضخت الأموال العربية إلى الرئيس المخلوع وبدوره اشترى بها ذمم قادة عسكريين كان قد رباهم على السحت طوال فترة حكمه كل ذلك نتج عنه جفاف في الضمير وشلل في الولاء لوطن يتسع للجميع، لم يعد اليمن اليوم يتسع إلا لأمراء الحرب والمليشيات، ثقافة الدولة تتلاشى، رئيسها أصبح له وطن في مخيلته غير الذي يعرفه كل مواطنيه، ووزير دفاع يحب التجول في أسواق الإمارات كثيرا لكنه هذه المرة لبس بزته العسكرية متجولا لأداء الواجب الوطني ومع حرصه على ذلك لم يستح أن يوجه قيادات المناطق والألوية بأن على جيشنا الوطني البطل أن يصقل سيفه لوقت الشدة أما الشدائد التي يمر بها الوطن لا تعنينا لأن من يصنعها هم (الأطراف) وعلينا التزام السكون وإذا ما نهبت جحافل أنصار الله عتادا من معسكراتكم فهذا عتاد كل اليمنيين.. أما الحوثيون فيرون أنهم يعيشون لحظة التجليات والبركات التي جعلت المؤسسة العسكرية والأمنية تقف إلى جانبهم ولذلك لابد من مواصلة الاجتياح لكل المحافظات الشمالية فقط!! قبل أن تتشكل الحكومة وهذه النقطة بالذات كانت سببا في احتدام الخلاف بين أعضاء المجلس السياسي للحوثيين وفشل عقد اجتماعهم بصنعاء ونقله إلى صعدة ليترأسه السيد عبدالملك الحوثي ويفتي في أمر جلل هل تتقدم الجحافل أم تكتفي بما سيطرت عليه، المعارضون من داخل جماعة الحوثي للتوسع والاجتياح يرون فيه فخا مدبرا قد يسقطهم بالسرعة نفسها التي ارتفع فيها ذكرهم وارتفع بيرقهم الأخضر. لكن كيف حظي الحوثي بدعم الأصدقاء والأعداء؟ قد لا تحتاج الإجابة إلى تفكير فالولايات المتحدة ترى في القاعدة خطراً لم تفلح في كبح جماحه طائرات الدرنز دون طيار، الإمارات العربية المتحدة أخذت على عاتقها محو جماعة الإخوان المسلمين من الخريطة بحكم عداء استفحل شره عندما قالت سلطاتها الأمنية إنها ألقت القبض على خلية إخوانية كانت تحضر لقلب نظام الحكم، الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح يرى أن من أسقط عرشه في الأساس هو حزب التجمع اليمني للإصلاح المتهم أصلا بأن المتشددين والمتطرفين خرجوا من تحت عباءته وهذا ما كانت تعززه ملفات استخبارية ترسلها مخابرات المخلوع للمخابرات الأمريكية قبل ٢٠١١، إذا الحوثيون اليوم هم أسياد المرحلة وعليهم تمهيد الطريق أمام قوى كامنة ترقب التطورات بل وتديرها عن بعد لتنقض بضربة فجائية أو بتحالف جديد للعودة للحكم خاصة أن قوات الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية الموالية لعلي عبدالله صالح لا تزال متماسكة بل وعند الخلاف بين (الأطراف) المتناحرة تكون هي من يستلم المواقع المتنازع عليها.. إذا هناك تحضير لأمر ما بعد وصول الظاهرة الحوثية إلى أوج عزها وتحقيق أهدافها إما أن تحكم هي اليمن مباشرة كما قلت في مقال سابق أو يحكم نجل الرئيس المخلوع بدعم قوات الحرس الجمهوري، لكن هل سيتم إنجاز هدف تحطيم تنظيم القاعدة؟ هل سيتم اجتثاث جماعة الإخوان المسلمين؟ هل سيعود الأمن لليمنيين؟ لن يعتب اليمنيون على إيران التي تتبجح بانتصاراتها الماحقة في أرض العرب، لن يعتب اليمنيون على السياسة الأمريكية والأممية التي لم تكن يوما في صالح دول العالم العربي، لن يعتب اليمنيون على الرئيس المخلوع لأنه غارق في الإساءة والتخريب لبلدهم، لكن ربما يعتب اليمنيون على بلد أحبو شيخه المرحوم لأنه لو كان حيا لما قبل بأن تحترق اليمن بلد أجداده إرضاء لنزوة الانتقام السياسي.
659
| 22 أكتوبر 2014
لأول مرة في التاريخ اليمني يضاء ليل العاصمة صنعاء الحالك بالألعاب النارية بداية هذا الأسبوع 18 من ذي الحجة احتفالا بما يسمى عيد الغدير ولم ينقص هذا الهرج الاحتفالي الصاخب سوى النقل المباشر على شاشة التلفزيون الرسمي، طبعا لم يبال الحوثيون بهذا الفعل الاستفزازي لمشاعر أغلبية اليمنيين بل رأوا فيه تعزيزا لانتصاراتهم الساحقة بعد أن كانوا يحتفلون فيه في قرى صعدة النائية وبعض الصالات المغلقة في صنعاء، وربما يصبح عيد الغدير عيدا وطنيا في اليمن إذا ما استمر الحواريون الجدد في فرض سياسة الأمر الواقع وتعطيل كل مسارات السلم والشراكة الوطنية المتفق عليها فهم حريصون على ألا تهرب منهم الولاية مرة أخرى كما هربت من سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى أعدائه كما تعتقد طائفة من المسلمين.تواصل جماعة الحوثي الاستيلاء على كل شيء وتتمدد في كل الاتجاهات عين ترقب خصوصيات سكان صنعاء في غرف نومهم وأخرى تتقي دفاعات الحراك التهامي الذي يتحفز لوقف طموحات السيطرة على ميناء الحديدة والقلاع المطلة على البحر الأحمر وباب المندب بينما تنفس الرئيس عبدربه منصور هادي والقوى السياسية الصعداء بعد أن حظي رئيس الحكومة الجديد خالد بحاح بترحيب القائد الأعلى للثورة الإسلامية السيد عبدالملك الحوثي لكن لا يزال الناس يرقبون متى يرفع سبابته ويأمر ميليشياته بالانسحاب من صنعاء.بعد مرور أسابيع على سقوط صنعاء تتكشف يوميا أغصان الشجرة التي تخفي غابة التآمر المحلي والإقليمي على اليمن فالحوثيون لا يجدون حرجا في كشف بعض الأوراق ولذلك يصرح محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة أنصار الله بأنهم كانوا على اتصال مع قيادات عسكرية وأمنية وبعض السفارات الأجنبية قبل دخول مليشياتهم العاصمة وأن الرئيس هادي نفسه ووزير الدفاع استجابا لرسائل الحوثيين التي تطالب باحترام "إرادة الشعب اليمني" أما حزب المؤتمر الشعبي العام وهو حزب كان وطنيا فلم يجد غضاضة في أن يكشف تحالفه العلني لإسقاط اليمن عندما ساند الحوثيين في وضع البلد على شفا جرف هار وإيصال العملية السياسية إلى غرفة الإنعاش، ورغم الجهود التي أثمرت تكليف خالد محفوظ بحاح بتشكيل حكومة جديدة خوفا من دخول البلد نفقا مجهولا كان لابد من الإبقاء على شكل من أشكال الدولة إلا أن الحوثيين قدروا كل خدمات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح فهو بالنسبة إليهم لم يعد ذلك الفاسد الذي تجب محاكمته بل أصبح الحليف الاستراتيجي وصاحب الحصانة. حالة الانهيار التي أحدثها الحوثي وحلفاؤه جعلت وزراء من حكومة محمد سالم باسندوة يعودون إلى مناطقهم في الجنوب تحسبا لأي تطورات انفصالية فهذه حورية مشهور وزيرة حقوق الإنسان تقول في تغريدة على تويتر عملنا من أجل إقامة دولة النظام والقانون خلال عشرين سنة مضت لكننا فشلنا في ذلك وأنا اليوم في عدن أنتظر ما يقرره أبناء الجنوب.لذلك فإن تكليف بحاح بتشكيل حكومة قد لا يكون نهاية الأزمة فلا تزال الطريق إلى يمن واحد ملغمة لأنه ووفق المخطط الإقليمي والحصار الحوثي ربما يعلن الرئيس هادي استقالته بعد فشل كل مساعي القص واللصق ويعود إلى عدن بعد أن يتم إعلان الانفصال وحينها يتولى رئيس مجلس النواب يحيي الراعي الرئاسة وهو التلميذ النجيب للرئيس المخلوع وبذلك يعود اليمن يمنين ويعود الحكم في الشمال ظاهريا لجوقة علي عبدالله صالح بينما يُسيِر السيد والفقيه عبدالملك الحوثي رئيس مجلس تشخيص النظام دفة الأمور عبر لجان الرقابة الشعبية التي ستتفشى في كل مفاصل الدولة الشمالية بينما يواصل خطباؤه إغفال أدبيات المذهب الزيدي المتسامح والتبشير بالمذهب الاثنى عشري وببركات الأئمة المنتجبين!! رغم كل الانتقادات التي وجهت لسلوك جماعة الحوثي السياسي والعسكري وحتى الأخلاقي إلا أن لسان حال سيدهم تقول نحن المخلِصون والمخَلصون، نحن محققو الأحلام، خلصنا الرئيس المخلوع من خصومه وانتقمنا لمظلوميته، خلصنا الرئيس هادي من أعباء مسؤولية الدولة الفاشلة التي يقود سفينتها المثقوبة، رددنا للحراك الجنوبي اعتباره وسنساعده على إعادة إقامة دولة الجنوب العربي المسلوبة، دمرنا قواعد الحياة السياسية وأخرجنا الأحزاب المجهرية من الزاوية المظلمة التي كان يضعهم فيها حزب التجمع اليمني للإصلاح بجماهيره الهادرة، وصلنا خط السماء بين الشام واليمن وجعلنا الخصوم لا يطالون بلح الشام ولا عنب اليمن، جعلنا إيران سيدة البحرين!! البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، إذا فنحن نفحة من نفحات المخلص الإمام المهدي المنتظر.سياسة الأمر الواقع والتقية أصبحت الآن عقيدة عند حزب الله الجديد الذي يتموضع في خاصرة الحجاز لكنه يغمز بين الحين والآخر بتحالفه مع أهلها وأنه لن يتجاوز الأهداف المرسومة أقول قد تنجح هذه السياسة في بسط سيطرته على اليمن الشمالي حينا من الدهر مستغلا تناقضات الداخل ودعم الخارج لكن عاملي الجغرافيا والديمغرافيا سيكون الفيصل في نهاية الأمر فقد حكم البيض دولة جنوب إفريقيا ردحا من الزمن وطبقوا سياسة الفصل العنصري وأذاقوا السكان الأصليين السود كل صنوف الامتهان والقهر بمباركة كل دول العالم ومنظماته الحقوقية والإنسانية لكن سلطتهم ما لبثت أن تلاشت وفي اليمن المعروف بمقاومته لحكم السيف لن يفلح تقمص روح حسن نصرالله وعلي خامنئي في جعل النبوة ملكا والملك وراثة.
1071
| 14 أكتوبر 2014
"تفتيش" كلمة أطلقها صبي حوثي مراهق يتمنطق ببندقية أثقلت كاهله عندما أوقف سيارة يستقلها زعيم قبلي كان متوجها لأداء صلاة عيد الأضحى في شارع الستين الغربي بالعاصمة صنعاء.. انقاد كل ركاب تلك السيارة لتوجيهات ذلك الصبي ولم ينبس أي منهم ببنت شفه، وعندما وصل هذا الزعيم القبلي ومرافقوه إلى حيث يتجمع الناس لأداء صلاة العيد أقبل جمع من المسلحين الحوثيين برفقة إمام ليضعونه محل إمام من غير لونهم ليبدأ خطبته بصرخة حوثية تدعو بالموت والثبور لأمريكا وإسرائيل عندها لم يجد الكثير من المصلين بدا سوى مغادرة المكان والتوجه مباشرة من الطريق نفسه إلى منازلهم لأنه لم يعد للناس حتى خيار سلوك طريق آخر تأسيا بالسنة النبوية في مثل هذه المناسبة. لم يكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بأحسن حال من مواطنيه بل ربما كان مواطنوه أحسن منه، على الأقل لأن بعضهم تمكن من تطبيق السنة والصلاة في فضاء مفتوح بينما حشر الرئيس نفسه وأعضاء حكومته وقادة عسكريين في إحدى قاعات القصر الرئاسي.. بدت الصورة التلفزيونية مكفهرة ومهزوزة تعكس اهتزاز كرامة صنعاء وكبريائها.. كثيرون استنكروا إصرار الرئيس هادي على ممارسة التقاليد البرتوكولية وعدم حرمان الشعب اليمني من رؤية عينيه الزائغتين وارتباك أعضاء حراسته الذين يلتفتون يمنة ويسرة وكأن المليشيات تترصدهم من بين الصفوف في مشهد بائس يحيل كل من يتابع إلى مدى سيطرة الحوثيين على كل مداخل ومخارج القصر الرئاسي بل وينازعون منصور هادي سلطاته السيادية التي من بينها تكليف رئيس جديد للحكومة المرتقبة. ينتظر الناس كل يوم متى يتم الإعلان عن رئيس الحكومة ومتى ينسحب مسلحو الحوثي من صنعاء لكن السيد عبد الملك الحوثي قدس الله سره!! والذي يحيط به المستشارون العسكريون والسياسيون الإيرانيون لم يعجبه حتى الآن أي من الأسماء التي يقترحها عليه رئيس وضع فيه اليمنيون ثقتهم ربما لأن نصائح خبراء الحوثي تقول: ألعب مع الساسة اليمنيين كما نلعب نحن في التفاوض على الملف النووي الإيراني وعندما تتحكم في كل مفاصل المؤسسة العسكرية وتصبح ميليشياتك جزءا لا يتجزأ من الجيش عندها يصبح اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعت عليه كل الأطراف السياسية في خبر كان وتحل محله توجيهات فقيه مران بصعدة. قد يقول قائل هل يعقل أن تسير الأمور بهذا الشكل؟ أين القوى السياسية؟ أين المظاهرات الشعبية التي طالما زرعت الرعب في نفس الرئيس المخلوع الذي لا يزال يسمي نفسه زعيم اليمن رغم كل مؤامراته التي أصابت الدولة اليمنية في مقتل؟ كيف يمكن لمجموعة خرجت من كهف أن تسيطر على شعب عريق متسامح ذكره الرسول الكريم بأكثر من أربعين حديثا؟ إلى أين يتجه اليمن بعد عيد الأضحى المبارك؟ هناك ثلاثة سيناريوهات ربما يشكل أحدها وجه اليمن الجديد وخارطته السياسية: - الأول أن يصبح الرئيس عبد ربه منصور هادي شعار المرحلة والسيد عبد الملك الحوثي دثار الدولة اليمنية ولن يستطيع الشعار أن يتحرك قيد أنملة دون توجيهات الدثار حتى يتم صبغ وجه اليمن بلون واحد يتمدد في المرافق والهياكل والمؤسسات لتستمر هذه الحالة حتى تستقر الأوضاع وتتنادى الأطراف الإقليمية التي يروقها هذا الوضع لدعم اليمن اقتصاديا مقابل قيام الحوثي بمهمة وقف نشاط تنظيم القاعدة وتجفيف كل منابعه فالحوثيون هم الطرف الوحيد المختلف مذهبيا الذي يمكن للأطراف الدولية والإقليمية التعويل عليه خاصة أن معلومات استخبارية أكدت أن نحو 57 في المائة من المقاتلين في تنظيم القاعدة هم من اليمن "السعيد" أرض المدد وهذا يوضح سبب غض الإدارة الأمريكية الطرف عما يجري بل إنها عرقلت من قبل أي قرار من مجلس الأمن يصف الحوثيين بمعرقلي التسوية السياسية. - الثاني أن تتدخل بعض الأطراف الإقليمية التي تُرعد وتُزبد بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما خالف الحوثي الاتفاق سواء في التورط في حرب مباشرة أو بدعم قوى يمنية لتندلع حرب أهلية طويلة الأمد لا تبقي ولا تذر وربما تصبح حينها العراق وسوريا أحسن حالا من اليمن. - الثالث أن تتقسم أرض السعيدة إلى دولتين أو ثلاث وحينها ستتفتح أسارير أطراف إقليمية ترى بأن اليمن عاد إلى وضعه الطبيعي وأن أحفاد الإمام أحمد يحيى حميد الدين قد استعادوا الدولة التي طالما فُتحت خزائن الذهب في ستينيات القرن الماضي من أجل هزيمة عملاء القومجية في اليمن وهاهي الآن قد عادت والحمد لله!! ولكن من خزائن ودولارات الغير المختلف خاصة أن هذه الأطراف لا تنظر للصراع على أنه بين النواصب والروافض مطلقا وهي محقة في ذلك. وفي ظل هذا الواقع المزري لابد من ذكر شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني رحمه الله حين قال: فظيع جهـل مـا يجـري وأفظـع منـه أن تـدري وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري؟ إلى أن قال: لقـد عـادت مـن الآتـي إلـى تاريخهـا الوثـنـي فظيع جهـل مـا يجـري وأفظع منـه أن تـدري
792
| 07 أكتوبر 2014
بعد مفاوضات ماراثونية ووعود إقليمية ودولية بأن يتموضع الحوثيون في كل مواقع صنع القرار السياسي اليمني وقعت جماعة أنصار الله على الملحق الأمني لاتفاق السلم والشراكة الوطنية بعد أسبوع من الرفض والتعنت ومواصلة إحكام السيطرة على كل أزقة صنعاء ومساجدها واستبدال أئمتها وخطبائها.. أصبح اليمنيون يبحثون عن إجابات لأسئلة من مثل: متى سيوقع الحوثيون على أي اتفاق ومتى سينسحبون من صنعاء؟ ومتى ستشكل حكومة جديدة ومن رئيسها وما لونه السياسي والمذهبي؟ وما هي أولى القرارات التي سيتخذها؟ هل سيزيد الرواتب ويخفض الأسعار؟ التساؤلات الكثيرة عن قضايا كثيرة، أمنية وعسكرية واقتصادية، هي جزء من المخطط الانقلابي الذي تم تدبيره من قبل الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي ووزير دفاعه وبمباركة إقليمية وأممية.. لم يضع هادي اتفاق السلم والشراكة الذي أعد سلفا للتوقيع إلا بعد أن تم اجتياح صنعاء لتصبح مراسم التوقيع على الاتفاق وما تبعها من هرج ومرج حدثا بارزا، بينما السيطرة على المؤسسات السيادية والمعسكرات ونهب المنازل ومطاردة المستهدفين واحتلال غرف نومهم لم تكن سوى حدث ثانوي.أن ينقلب عسكريون أو قوى سياسية على رئيس منتخب أو متوافق عليه أمر يحدث في عالم السياسة، لكن أن ينقلب رئيس على بلاده المثقلة بالأزمات ويقدم الدعم لاجتياح عاصمتها، فذلك أمر غريب ومحير فعلا.. قد يقول قائل: جُبلنا نحن العرب على ثقافة المؤامرة وإلقاء التهم جزافا على من نختلف معهم.. لكنني هنا لست مع أو ضد طرف بعينه، بل أبحث عن تفسير لما وقع.. وكيف أعيدت صنعاء المتعددة ثقافة وسياسة وحضارة إلى لون قاتم وحيد يرسمه طفل متحوث يحمل بندقية أمام باب اليمن أحد أبواب صنعاء التاريخية. المعلومات التي سأذكرها عن خيانة الرئيس اليمني ووزير دفاعه ورئيس هيئة الأركان يتم تداولها بشكل كبير كإشاعات، لكنني وبعد جهد استقصائي في مطابخ المتآمرين توصلت إلى الآتي: - أثناء تزايد حدة التوتر شمال صنعاء عقدت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام اجتماعا ترأسه الرئيس عبده ربه منصور هادي وقد بدا مسرورا وهو يخاطب الحاضرين قائلا: الحرب بين الإصلاح والحوثيين.. اتركوهم.. قال له أحد الحاضرين: وماذا بشأن علي عبد الله صالح؟ قال هادي: سنصل معه إلى حل.. - وزير الدفاع محمد ناصر أحمد عندما زار مقر التلفزيون الرسمي بعد أول هجوم للحوثيين استهدف اجتياحه وتصدي قوات المعسكر ببسالة وقتل عدد كبير من المهاجمين.. التقى بضباط المعسكر وبدل أن يحييهم على شجاعتهم ويأمرهم بالدفاع عن أحد رموز السيادة اليمنية، قال لهم: الحرب بين الإصلاح والحوثيين، أما نحن فليس لنا دخل.!!- رئيس هيئة الأركان أحمد علي الأشول يقول لمقربين منه: كانت الأهداف المتفق عليها مع الحوثيين، جامعة الإيمان ومقر الفرقة الأولى مدرع واللواء علي محسن الأحمر.. لكن الحوثيين خالفوا الاتفاق.!الرئيس هادي قال في خطاب بمناسبة الذكرى 52 لثورة 26 سبتمبر إن الأيام ستكشف ما الذي جرى.. وربما لم تمهله الأيام، فقد بدأ الناس يشتمون رائحة تزكم أنوفهم وهم يتحسرون على أصوات نحو 6 ملايين يمني منحته شرعية تحقيق آمالهم بدولة مدنية حديثة، لكنه بعد أن كشف عورات صنعاء للحوثيين تحول هادي من بيضة القبان إلى حصان طروادة تقوده جماعة أنصار الله وتفرض عليه حدود حركته بعد أن أفرط في حسن النية وربما يكون قد وقع في الحفرة التي صنعها بإتقان لإزاحة حزب الإصلاح وجناحيه القبلي والعسكري من المشهد.عدم وجود رئيس شرعي سيدخل اليمن، بلا شك، إلى المجهول في ظل هذه الأوضاع الكارثية، لذلك فإن كثيرا من القوى السياسية تريد الإبقاء على منصور هادي، لأنه يحظى بدعم إقليمي ودولي، رغم علمها بخيانته وانتهاء صلاحيته الدستورية في 22 فبراير الماضي موعد إجراء الانتخابات الرئاسية وانتهاء صلاحيته الأخلاقية أيضا في 21 سبتمبر. شبح الحرب الأهلية لا يزال هاجس اليمنيين، خاصة بعد أن تبدت أهداف وانكشفت أقنعة، إلا أن القوى السياسية، بينها حزب التجمع اليمني للإصلاح، بدأت تغادر مربعات الممكنات السياسوية التي بسببها قلبت ظهر المجن للجماهير المرهَقة لتتحول إلى التعامل مع الحقائق السياسية والأمنية على الأرض التي يفرضها السيد عبد الملك الحوثي وجماعته.. فالحكومة الجديدة وأعضاؤها وتطبيق بنود اتفاق السلم والشراكة مرهونة بسبابة السيد عبد الملك زعيم "الثورة الإسلامية" في اليمن.. من حسن حظ الرئيس عبده ربه منصور هادي أنه أتى في زمن يحتاجه أنصاره وخصومه.. فأنصاره يقولون لم تسقط صنعاء، بل تم استيعاب الحوثيين في العمل السياسي وجرهم إلى توقيع اتفاق سلم وشراكة.أما خصومه فلسان حالهم يقول: أن تعيش مع خصمك في وطن يقوى على الوقوف خير من أن تعيش معه في بقايا وطن مدمر.
1178
| 30 سبتمبر 2014
عاشت العاصمة اليمنية صنعاء أياما دامية لم تشهدها منذ عقود أزهقت فيها الكثير من الأنفس وأهرق دم كثير وداست قممها الشامخة أقدام يقول أصحابها أنهم من أنصار الله ويدافعون عن مظلوميات أبناء الله.. وبعد جهود وتنازلات من خصوم وقع الحوثيون على اتفاق السلم والشراكة الوطنية مع جميع القوى السياسية اليمنية برعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن لحل الأزمة السياسية لكن الحوثيين رفضوا التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق الذي يطالبهم برفع مخيمات الاعتصام ووقف إطلاق النار ورفع مظاهر السلاح من العاصمة ومداخلها وانسحابهم من المناطق التي سيطروا عليها.. لكن أهم بنود الملحق تتضمن نزع سلاح جماعة "أنصار الله" وتسليم الأسلحة الثقيلة والخفيفة من قبل كل المليشيات المسلحة وكل الأطراف التي استولت على أسلحة مملوكة للدولة تنفيذا لمخرجات الحوار الوطني وتمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها وبسط سيطرتها على التراب اليمني. الحوثيون كانوا بدأوا اعتصاماتهم في الثامن عشر من أغسطس الماضي على مداخل صنعاء لتحقيق مطالب معلنة وهي إسقاط الجرعة الاقتصادية التي بسببها رفعت أسعار المحروقات وإسقاط حكومة التوافق الوطني والإسراع في تطبيق مخرجات الحوار الوطني التي ظلت كل أطياف العمل السياسي ومنظمات المجتمع تتحاور مدة عشرة أشهر برعاية أممية وخليجية من أجل التأسيس لدولة مدنية حديثة ترفع فيها راية القانون والعزة والكرامة والتعايش بين كل اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وحتى أديانهم.. لكن اعتصامات الحوثيين التي ساندها يمنيون طحنتهم الضائقة الاقتصادية سرعان ماتحولت إلى اعتصامات عسكرية ومحاولات لفرض سلطة أمنية بديلة وهنا تدخلت قوات الجيش والأمن التي كانت تحاول فرض هيبة الدولة وسلطة القانون وهنا فقط بدأت تتكشف الأهداف الحقيقية لجماعة الحوثي والانقضاض على العاصمة كان الهدف الرئيس من كل حروبها مع الدولة اليمنية وأن يكون الحاكم من البطنين.. وقد تحقق لها ما أرادت بالنسبة للعاصمة إذ وجهت فوهات الدبابات والمدافع نحو رموز السيادة اليمنية من التلفزيون إلى مقر قيادة المنطقة السادسة وتوالي سقوط المؤسسات السيادية من الإذاعة إلى رئاسة الوزراء والبنك المركزي وحتى القيادة العامة للقوات المسلحة اليمنية والسيطرة على مقر القوات الجوية.. جماعة الحوثي حاولت أن تدافع عن ما قامت به بأنه كان لرد اعتبار من قتلوا من المعتصمين والمتظاهرين ثم ما لبثت أن قالت بأن هذه المؤسسات انضمت للثورة الشعبية وثورة المظلمومين التي هللت لها كل وسائل الإعلام الإيرانية ووسائل إعلام الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح.. زعيم جماعة أنصار الله الذي يصف نفسه بأنه من عترة رسول الله وأهل بيته جعل أتباعه ومريديه يطبقون مقولة الشافعي: لابد من صنعاء وإن طال السفر رغم أنه ينظر إلى من يتأسون في المذهب الشافعي بأنهم أقل إنسانية وحظوة في الحياة ولذلك فإن مقامه الكبير لم يسمح له بالقدوم إلى صنعاء ليوقع على الاتفاق ربما حرصا على عدم منح القداسة فهو اتفاق سياسي قال عنه أحد أعضاء المكتب السياسي لجماعة أنصار الله بأنه قد لا يطبق إلا إذا تمكن الرئيس اليمني من إجبار اللواء علي محسن وحلفائه على الوفاء بالتزاماتهم وهذا برأيي تبرير قد يجعل الاتفاق حبرا على ورق خصوصا وأن علي محسن وشخصيات سياسية لاتزال هدفا للتصفية الجسدية. بغض النظر عن تطبيق الاتفاق من عدمه فإن قوى سياسية وأهمها حزب التجمع اليمني للإصلاح قد رأت أن تترك الحوثي لوحده يلمم ما بعثره بما سماه الرئيس عبد ربه منصور هادي انقلابا.. لكن ما يحير اليمنيين وكثير من المراقبين كيف سقطت صنعاء بهذه السهولة بيد الحوثيين لدرجة أن خبيرا استراتيجيا أجنبيا سألني: مالذي يجري.. الوضع بنفسجي؟قلت له نعم هو بنفسجي ورمادي وأي لون يمكنك تخيله حتى بإمكانك أن تقول (أخضري) نسبة إلى اللون الأخضر الذي يحبه اليمنيون فهو لون شجرتهم المفضلة القات ولون قبة الحسينيات الجديدة في صعدة وربما ستنشأ أخرى في محافظات أخرى وبإمكانك ياصديقي الاستراتيجي أن تسجل هذه الملاحظات وتحللها لوحدك: - حروب الدولة مع الحوثيين... الفرقة الأولى مدرع تكلف من الرئيس السابق علي عبدالله صالح بقتال الحوثيين وفي الوقت نفسه يكلف قائد الحرس الجمهوري نجل الرئيس المخلوع والسفير اليمني الحالي في دولة الإمارات بإمداد الحوثي بكل أنواع الأسلحة خاصة تلك التي أمدته بها واشنطن لمحاربة تنظيم القاعدة.- وزير الدفاع الحالي محمد ناصر أحمد ترك اللواء 310 بقيادة القشيبي ينافح عن عمران دون دعم لوجستي رغم إصدار أمر لواحدات بالتحرك لإسناد اللواء ثم صدر أمر آخر بأن تتوقف عند تخوم عمران حتى سقطت عمران وسقط اللواء 310 وقتل الحوثييون قائده ومثلوا بجثته.- عند وصول الإمدادات (الغذائية) لمعتصمي الحوثي في العاصمة أصدر قائد المنطقة العسكرية السادسة أوامره برفع الحواجز العسكرية من مداخل العاصمة الشمالية فدخل كل المدد وبدأ الزحف حتى أعطيت الأوامر للوحدة العسكرية التي تحمي التلفزيون اليمني بتسليم كل مالديها لأنصار الله.. - تسلم أنصار الله العهدة من مخازن الوحدة العسكرية الحامية للتلفزيون الرسمي رمز السيادة اليمنية ووزعوها بالعدل والمساواة على أهداف أخرى حتى سقطت العاصمة.- المبعوث الأممي جمال بن عمر ظل ثلاثة أيام في صعدة يبذل جهودا مضنية لإقناع الحوثي بالتوقيع على الاتفاق الذي أعدته لجنة وساطة رئاسية سابقة لحل الأزمة لكن الزعيم الروحي فكر وقدر ثم فكر وقدر إلى درجة إن اليمنيين من فرط تلهفهم وترقبهم ونفاد صبرهم أطلقوا نكاتا منهم من قال: بن عمر يخضع لمراسم الضيافة العربية التي لابد أن تكون في ثلاثة أيام بلياليها بينما علق آخرون أن الحوثي يفاوض بن عمر على تغيير اسمه إلى جمال بن علي.. - مسلحو الحوثي يواصلون عمليتهم العسكرية في صنعاء والسعي لتحقيق أهدافهم بمباركة غربية وإقليمية وعربية وهي تدمير المقرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) وكذلك محاولة تصفية الشخصيات العسكرية والقبلية التي تتحالف مع حزب الإصلاح بينما ينتظر الرئيس اليمني وسفراء الدول العشر والزعيم الحوثي أو من يمثله لتوقيع اتفاق سياسي.- لم تعلن أي سفارة غربية غلق أبوابها أو سحب موظفيها لدواع أمنية ولم يصدر أي بيان رسمي من دول عربية وأجنبية كتلك التي صدرت خلال دقائق من وقوع الأحداث في مصر مثلا.- تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لم ينبس ببنت شفه وهو الذي أصم أذاننا بالشعارات ومحاربة الكفار وحتى الروافض.والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية.. كيف ستسرد صنعاء شموخها وعزتها بعد أن استضعفها الحوثي في لحظة ضعف وغفلة من التاريخ.. ما هي مآلات العملية السياسية في اليمن؟ هل سيقنع الحوثي بما حققه أم ستمضي به نشوة النصر إلى تحقيق حلم (البطنين) ورفع العلم الأخضر الذي كان قبل 1962 وتصفية كل خصومه؟ وهل ستتحول جماعة الحوثي إلى العمل السياسي بأدواته السلمية بعد أن أشبعت نهمها العسكري واستعرضت قوتها على خصومها بل وحولتهم إلى موقع الدفاع بعد أن كانوا في مواقع الهجوم والقوة.؟ هل سيبقى اليمن موحدا؟ ورغم كل ما يقال وسيقال عن هذا الاتفاق ومآلات الوضع إلا أن اليمنيين لا يزالون يتمتعون بحكمة من نوع ما، تخيل عزيزي القارئ لو لم يوقع الجميع على الاتفاق؟ بل تخيل لو انساق حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى المواجهة والحرب ووزع البندقية على الملايين من أعضائه... إنها حكمة اليمنيين فعلا.. نتمنى أن تتجلى يوما في التنمية وبناء الإنسان وأن تغادر اليمن ثقافة الحرب والصراع العبثي.
1302
| 23 سبتمبر 2014
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5058
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3690
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2799
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
2691
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1494
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
915
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
906
| 23 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
846
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
825
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية