رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خدعونا فقالوا إن الهروب جبن، وأن الشجاعة هي المواجهة وحسب، وأن الشجعان لا يهربون أبدا ومهما كانت النتائج. خدعوك فقالوا إن الجبان هو من يطلق ساقيه للريح عندما يلوح له الخطر في الأفق مهما كان هذا الخطر! خدعوك فقالوا واجه ما تخشاه حتى وإن كانت النتيجة هلاكا حتميا لك! لكننا اكتشفنا، وما زلنا نكتشف، أننا في كثير من المرات ضيعنا على أنفسنا فرصا رائعة لمواصلة الحياة بطرق أفضل وكلفة أقل بسبب هذه الخدعة. وربما أشهر مثال على تلك الخدعة القاتلة ما قاله رفاق رحلة المتنبي الأخيرة عندما أراد الهروب مما يطاردونه لقتله، عندما اكتشف أنهم كثيرون وأنه واحد، وأنهم قد أعدوا العدة لقتله مع سبق الإصرار والترصد وأنه مجرد مسافر، وأن مواجهتهم موت متحقق وهروبه نجاة ممكنة. ولم يكد يشرع بخطة الهرب حتى ذكره الرفاق ببيته الشهير؛ «الخيل والليل والبيداء تعرفني / والسيف والرمح والقرطاس والقلم»، وعندها لم يجد المتنبي بداً من التراجع عن خطته لإثبات وصفه الشعري لنفسه، فكانت المواجهة الغبية التي أهلكته في النهاية! الهروب رد فعل طبيعي لدى البشر عندما يواجهون ضغوطا نفسية أو عاطفية أو مادية لا يستطيعون الوفاء بها، ولا يملكون حيالها أفكارا تنقذهم بالمواجهة، فهناك من يشعر بالتعب والإرهاق والكآبة بسبب المشاكل الشخصية أو العلاقات الاجتماعية أو الظروف المادية الصعبة، وللتخفيف من حجم هذا الضغط أو تجنب الانسحاق تحت وطأته يلجأ بعضنا الى الهروب من ذلك الواقع. ورغم أن هناك من يفضل الاستمرار في التعامل مع المواقف الصعبة ومواجهتها بشجاعة، إلا أن هروب غيره لا يعني أنه جبان، بل ربما تكمن الشجاعة الحقيقية في ذلك الهروب بظروف معينة. وليس في الأمر أي تناقض! وبعيدا عن الخدعة الكبيرة التي عشنا فيها بكل تحولاتها، يمكن أن نعتبر الهروب شجاعة حقيقية عندما يتعلق الأمر بالتخلص من الأمور السلبية في الحياة مثل العلاقات السامة نجد أنفسنا أحيانا وقد أصبحنا أسرى لها لا نقوى على تجاوزها أو مواجهتها ولا حتى الخلاص منها! وهنا يصبح النجاح في الهروب منها شجاعة قصوى فكلما ابتعدنا عنها أصبحنا أكثر ثقة بأنفسنا وساهم ذلك في معالجة الأمور بعد النظر إليها من بعيد نظرة موضوعية، وإعادة ترتيب الأفكار وتحقيق التوازن النفسي المطلوب! الهروب من بعض الأشخاص الذين لا نقوى على مواجهتهم إما لقوتهم الفائقة أو لشدتهم على من يواجهون، أو ليقيننا بانتصارهم غير العادل في نهاية المواجهة، وربما لأن مكانتهم في النفس لا تسمح لنا بالتعامل معهم تعاملا عنيفا، يمكن أن يكون شجاعة أيضا! وهذا يعني أن كل هروب من كثرة تغلب الشجاعة، ومن تهور يغلب الحكمة، ومن عنف يغلب الاعتدال، ومن ظلم يغلب العدالة إنما هو شجاعة! والفكرة ذاتها تنطبق على الهروب من الأماكن وبيئات العمل والهوايات وبعض أنواع الشغف أيضا. هل أقول أنه ينطبق على فكرة الهروب من الأوطان أحيانا؟ يحدث هذا فعلا للأسف، ولعله من أقسى أنواع الهروب الشجاعة، عندما لا يجد المواطن مفرا من الهروب من وطنه قبل فوات الأوان، وحتى لا يتحول هذا الوطن الى مجرد سجن كبير لا يحمل المرء تجاهه سوى ما يحمله السجين لزنزانته! فلا يمكن أن يكون الإخلاص للزنزانة بالبقاء فيها مع إمكانية الهروب منها شجاعة! فاهربوا إذن، عندما يكون الهروب هو وسيلتكم للنجاة ومواصلة الحياة، بحرية وكرامة بعيدا عن اشتراطات الزنزانة سواء أكانت تلك الزنزانة مصنوعة من حديد لحبس الجسد أم من وهم لحبس الروح.. اهربوا تصحوا!
3186
| 22 مايو 2023
الآن، وقد رحل في ليلة وداعية تذكر بذلك الحزن الذي بقي دائما يسيج صوته الجريح، على أن أعود لذكرياتي الشحيحة معه والثرية مع وجوده الغنائي الحافل. عبد الكريم عبد القادر، الصوت الذي تشارك جيلي أغنياته فيما يشبه الذاكرة الجمعية وعلى سبيل الرصانة الفنية التي كنا نباهي بها الآخرين في زمن فني استهلاكي عام. كنت قد كتبت قليلا من ذلك الشجن ليلة عودته من رحلة علاجه الأولى قبل ما يقرب من سبع سنوات، وما أن أعلن عن رحيله رحمه الله قبل أيام حتى ذهبت لأبحث عما كتبت ونشرت حينها، فلم أجد سوى القليل! ها هي التقنية التي صرت أحاول أن أحمي بها هشاشة ذاكرتي وقد خذلتني! فتشتت في كل ملفاتي المحفوظة على جهازي وفي كل مكان تذكرت أنني كنت أنشر فيها مقالاتي فلم أحظ إلا بما تيسر نشره في إحدى منصات التواصل الاجتماعي. لكن خيبتي لم تكن كبيرة، فرهبة الموت أكبر من كل كل كتابة، وعلى الأقل ها هو بعض ما وجدته في طريقه لخريطة النسيان، أحاول أن أسترجعه الآن على سبيل العزاء؛ «نعم.. ما نسيناه، ومن يجرؤ على نسيان هذا الفنان الغارق صوته في شجن الأغنية؟ من يجرؤ على نسيان الصوت الجريح ببحته الأخاذة وهدوئه الذي لا يليق إلا بمن آمن بالفن مهذبا للنفس من أوشالها ومشذبا للذات من نتوءاتها؟ من يجرؤ على نسيان من بقي متنسكا في محراب الأغنية الشفيف بعفة أخلاقية أبعدته عن كثير من المهاترات التي لحقت بالفن وأهله بسبب تصرفات فئة غير قليلة منهم اتخذوا من الفن سلما للصعود إلى الهاوية والمد المزيف؟ لقد بقي عبد الكريم عبد القادر محافظا على مكانه ومكانته الخاصين في قلوب محبيه وعشاق صوته البهي، بل وحتى في قلوب كثيرين من أولئك الذين لهم نظرة خاصة ضد الغناء والفن لأسباب كثيرة. وعندما عاد إلى الكويت مشيعا بدعوات محبيه وتمنياتهم له بتمام الشفاء كان هؤلاء المحبون يستحضرون مشاهد أغنيته المغمسة بالحنين؛ (أنا رديت لعيونك). كتب الشاعر عبد اللطيف البناي كلمات تلك الأغنية كأغنية عاطفية يخاطب فيها فتاة يزدهي خدها بزهر النوير وتسهو نظرة عينيها عن الدنيا بأسرها كطفل لاهٍ. وقد أدى عبد الكريم تلك الأغنية لأول مرة بشكلها العاطفي اللافت وبألحان الفنان عبد الرب إدريس الشجية. إلا أن تصويرها لاحقاً في طائرة تطل من علو شاهق على أرض الكويت، حولت الأغنية العاطفية إلى أغنية وطنية مختلفة عن كل الأغاني الوطنية التقليدية. ومنذ عرض تلك الأغنية مصورة لأول مرة في واحد من برامج تلفزيون الكويت ببداية الثمانينات، تحولت فوراً إلى رفيقة عودة كل الكويتيين من السفر، فلا يكاد كويتي واحد يعود إلى وطنه بعد غيبة ويطل من نافذة الطائرة على «الديرة»، إلا ويستذكر كلمات الأغنية الخالدة في الوجدان الكويتي الجمعي: أنا رديت لعيونك أنا رديت/ ولك حنيت مثل ما يحن حمام البيت/ أحبك حب يا روحي ما حبه أبد إنسان/ ما أغبّي وأقول أهواك ما أغبّي/ ما أغبّي شكثر ولهان ما أغبي/ ولعيونك أنا رديت أنا رديت/ قزر عمري أسولف فيك ولا اتعب/ وكل منك وكل ما فيك غصب ينحب/ على خدك يا نوير الربيع زاهي/ نظر عينك طفل عن دميته ساهي/ يا علّك ما نسيتيني/ يا علّلك كثر حبي تحبيني/ أنا وإن طالت الغربة/ أرد لك وأسبق سنيني/ منساك منساك لو مهما جرى/ منساك منساك يا أنس روحي وغربتي/ وعيونك الحلوة ترى/ آخر محطة بدنيتي..»! وها هو يصل إلى تلك المحطة المروجة بقلب الكويت أخيرا، ليبدأ اختبارا جديدا في مادة النسيان، وسيكون من المناسب إذن طمأنة الروح الجميلة بما لها علينا: روحوا قولوا له ترانا ما نسيناك!
1986
| 15 مايو 2023
هل فقدت صديقاً في الآونة الأخيرة وما زلت تشعر بألم يشق روحك بسبب ذلك؟، هل حملت نفسك بسبب ذلك فوق ما تحمل، ووضع وزر ما حدث على عاتقك وحدك؟، هل حاولت تحت وطأة شعورك بالألم وتأنيب الضمير المفتعل استعادة صداقة تعرف تماماً أنها انتقلت إلى رحمة الله. كثيرون يشعرون بهذا الشعور الموجع والقاتل أحيانا، عندما يدركون أنهم فقدوا صديقا ما، وأنا منهم الى ما قبل سنوات قليلة جدا. ولأنني كنت أقترب من تقديس فكرة الصداقة وأعتبرها أسمى العلاقات البشرية التي يمكن أن يحظى بها المرء في حياته على الإطلاق، فقد كان فقدان صديق بالنسبة لي بمثابة الموت البطيء. لكنني، ببساطة شديدة، تغيرت لقد أصبحت أكثر تقبلا لفكرة فقدان الأصدقاء، وأكثر قدرة على التعامل مع هذه الفكرة برضا وقناعة ناتجين عن وصولي إلى قناعة تقول إن الصداقة أكثر علاقاتنا سلاسة لأنها علاقة قائمة أساسا على الحرية بين الطرفين، فنحن أحرار تماما في اختيار الأصدقاء، ولا يمكن لأحد أو لظرف ما أن يفرض علينا صداقة لا نريدها مثلا. وحتى أولئك المضطرون لنوع معين من العلاقات مع آخرين يسمونها صداقة وهم يعلمون تماما أنها ليست كذلك، وعندما أتذكر بيت المتنبي الشهير في الصداقة الاضطرارية: «ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى / عدوا له ما من صداقته بد»، أنحاز في تفسيره وقراءته لرأي طه حسين الذي كان يتمنى لو أن المتنبي استبدل بكملة «صداقته»، كلمة أخرى أصدق في محلها بالسياق وهي «مداراته»، لأن الصداقة لا تفرض أبدا، فهي خيار حر، وهذه الحرية في توصيفها هي ما تعطيها معناها الحقيقي. ورغم أن الصداقات عادة ما تبدأ بشكل عفوي ومن دون تحضير مسبق لها، وأننا غالبا لا نتذكر كيف بدأت علاقتنا مع شخص ما تتحول إلى صداقة من النوع الحقيقي، إلا أن استمرارها وبقاءها على قيد الحياة بين الطرفين يحتاج إلى إدارة تعتمد على التواصل الفعّال والذي هو أساس أي علاقة صحية، والصداقات ليست استثناءً. عند إدارة صداقة، من المهم التواصل بصراحة وبشفافية وبوضوح مع أصدقائنا دائما، وهذا يعني أن نكون مستعدين للحديث عن المواضيع الصعبة بيننا ومعالجتها عندما تنشأ، وتجنب الصراع الذي يمكن أن يتطور عشوائيا ليؤدي إلى سوء التفاهم وبما يضر بالصداقة على المدى الطويل. كما أن الانتباه للحدود الدقيقة، والتي قد لا يلاحظها الآخرون بين الصديقين أمر أساسي عند إدارة الصداقة بما يضمن استمراريتها ويساعد في الحفاظ على توازن صحي في الصداقة ويضمن مساحة مريحة للصديقين. ولا شك أن الدعم المتبادل يعتبر جزءا حيويا من إدارة الصداقة، سواء أكان صديقك يمر بوقت عصيب أو يحتفل بالنجاح. وعلى الرغم من أن كثيرين يهملون مثل هذه اللفتات المهمة باعتبارها شيئا ثانويا في علاقة متينة فإن أي علاقة متينة يمكن أن تتآكل إن لم تجد ما يغذيها بما تحتاج من وقود للاستمرارية والبقاء. وفي إطار الدعم المتبادل بين الصديقين يمكن أن ندرج ضرورة احترام الاختلافات الفكرية والرحمة والحب والتغاضي ومرونة التعامل بينهما والصبر على كثير من الهفوات والأخطاء التي يمكن احتمالها وبما لا يخل بمبدأ الإخلاص. أما الثقة فهي العنصر الأساسي الذي تقوم عليه الصداقات العظيمة بين الناس على مدى التاريخ كله، ولا يمكن لصداقة أن تستمر مهما بذل طرفاها من العطاءات المتبادلة، إن فقد أحدهما ثقته بالآخر. أما إن تحققت كل تلك العناصر في إدارتك لعلاقة صداقة ما، وفقدتها فجأة، فهذا يعني أن عمرها قد انتهى ولا ينبغي عليك أن تقتل نفسك في سبيل استعادتها، أو على الأقل أن تضحي بدمعة واحدة من دموعك حزنا عليها. امض لشأنك واترك صديقا لم يقدر صداقتك كي يندم عليها، إن آن الأوان حتماً، لوحده.
1491
| 08 مايو 2023
في غضون ثلاث ساعات وحسب، تبرع القطريون بثمانية ملايين دولار تقريبا لصالح متضرري الحرب في سوريا واليمن، عبر حملة نظمتها مؤسسة خيرية قطرية في الأيام الأخيرة لشهر رمضان المبارك هذا العام بعنوان "تحدي ليلة 27". ومثلما فعل القطريون، وفي نفس الوقت، تبرع كويتيون كثر لصالح حملة أطلقتها وزارة الشؤون الكويتية بعنوان "فزعتكم" لدفع ديون الغارمين، فكانت الحصيلة أكثر من 11 مليون دولار. أما السعوديون فقد كان يغلقون في كل ليلة من ليالي رمضان المبارك حالات كثيرة من حالات الغارمين والمعسرين التي تعلن عنها الدولة في نظام معد للتبرع أيضا، بملايين الدولارات. والحال لا يختلف عن بقية دول الخليج. ورغم أن أرقام هذه الحملات الضخمة تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بكثير من التعجب إلا أن الخليجيين معتادون على هذا النوع من الإنفاق من باب الزكاة والصدقات والمساعدات في رمضان وغير شهر رمضان، ما يعكس طبيعة العطاء الجميلة لأهل الخليج والتي تغيب كثيرا في الإعلام لعدة أسباب منها تحفظ المتبرعين والمتصدقين الخليجيين على إعلان تبرعاتهم وتصدقاتهم على الصعيد الفردي، وهي صفة محمودة فعلا. أما على الصعيد العام فينبغي إبراز مثل هذه التبرعات لأنها واحدة من وسائل تحسين جودة الحياة وإشاعة الخير بين الناس. والأرقام تقول أن دول الخليج العربية تعد من أكثر الدول في العالم إنفاقًا على العمل الخيري والتنمية الاجتماعية قياسا الى حجمها وعدد سكانها. وتعكس هذه الجهود الدائمة التزام تلك الدول بتقديم الدعم للمجتمعات المحلية والدولية، وتحسين جودة الحياة للأفراد في جميع أنحاء العالم، وقد ظهر ذلك في أكثر من مناسبة دولية. ورغم أن كثيرين ينظرون لمثل هذه المبادرات الدولية باعتبارها أداة من أدوات السياسة العامة إلا أننا نستطيع تجذيرها تاريخيا واجتماعيا على صعيد الافراد. إن العمل الخيري هنا يمثل جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية والثقافية، ويشمل العديد من المبادرات الخيرية والأعمال الإنسانية المتنوعة. ويمتد نطاقه إلى جميع المجالات، بما في ذلك التعليم والصحة والأعمال الاجتماعية والثقافية والرياضية، إضافة إلى دعم الفئات الضعيفة والمحتاجة في المجتمعات المحلية والدولية. ومع ذلك، فإن هذا العمل يواجه الكثير من التحديات التي تؤثر على جودة وفعالية تلك المبادرات. وتشمل تلك التحديات عدم الشفافية في التمويل والإدارة، وعدم توفر الكفاءات الإدارية والتنفيذية المناسبة، والتحديات القانونية والتنظيمية، إضافة إلى تحديات تقنية وتحديات في مجال التواصل والتسويق، وإن كانت بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية الخليجية قد حققت في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا حيث تخلت عن الأساليب التقليدية في الإدارة وطرق جمع الأموال وإدارتها وتنميتها وتوظيفها وتوزيعها في الداخل والخارج، إلا أن هناك الكثير منها ما زال تقليديا في عمله ما عرضه لمطبات وحملات تشكيك في الداخل والخارج. ورغم أن التشكيك ظالم للجهود المبذولة من قبل العاملين في هذه الجمعيات إلا أن الامر لا يخول من استثناءات قليلة من الواضح أن التشكيك بعملها في محله وخصوصا عندما يكون المشككون هم الفئة المستهدفة بالعمل الخيري، فهم الأدرى غالبا. ومن أجل الحفاظ على العمل الخيري عموما وعلى فعاليته وسمعته الطيبة، التي تعرضت في السنوات الأخيرة لبعض الشوائب، وتحسين جودة وفعالية المبادرات الخيرية، ينبغي تعزيز الشفافية والمساءلة في التمويل والإدارة، وتطوير الكفاءات الإدارية والتنفيذية، وتحسين الإطار التنظيمي والقانوني المتعلق بالعمل الخيري ككل. كما يتطلب الأمر أيضًا تطوير استراتيجيات تسويقية وتواصلية فعالة، وتبني التقنيات الحديثة في تحسين جودة وفعالية المبادرات الخيرية. فالعمل الخيري كان دائما يعكس القيم والمبادئ الإنسانية الرفيعة التي تنبع من التراث الثقافي والديني لبلداننا، ويشكل جزءًا من الهوية الوطنية لنا، وبالتالي، يجب علينا جميعا المساهمة في الحفاظ على فكرة العمل الخيري وتنميتها كجزء لا يتجزأ من الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية. ومن خلال الحفاظ على هذه الفكرة وتطويرها، يمكن لدول الخليج أن تعزز قيمها الإنسانية وتحقق التنمية الشاملة والمستدامة في المنطقة والعالم بأسره. @saadiahmufarreh saadia111@hotmail.com
1140
| 01 مايو 2023
عيدكم مبارك.. وبكم يتبارك. اعتبروها تهنئة من تلك التهاني المعلبة التي وصلتكم مرات كثيرة طوال أيام العيد، لكن لا تنزعجوا منها، كعادة الكثيرين منا. فكل عبارة فرح حتى وإن كان فرحا غير حقيقي، يمكن أن نستقبلها لنتخذها فرصة للفرح الحقيقي. فالفرح لحسن الحظ معدٍ، وغالبا ما يكون قرارا شخصيا ينبع من الداخل ليضفي مظاهره على الخارج، وبالتالي فكلما استشعرناه في ما يصلنا، وإن كان غير مقصود يمكنه إن أردنا أن يكون فرحا حقيقيا ومقصودا لذاته! قضيت اليومين الماضيين وقتا طويلا، في الرد على تهاني العيد التي أمطرني بها كثيرون من الأهل والأصدقاء والمعارف ومتابعي في وسال التواصل الاجتماعي. عدد الرسائل التي وصلتني كبير جدا حتى أن جهازي الصغير لم يحتمل فتوقف عن الاستقبال للحظات تحت الضغط الكبير. لست وحدي في هذا بل كلنا هكذا بالتأكيد، ومنذ سنوات، أي منذ انتشار تقنية الرسائل القصيرة وبعدها وسائل التواصل الاجتماعي. لكن الجديد بالنسبة لي هذه المرة أنني أصبحت أتقبل هذا المجهود الإضافي الكبير الذي أبذله في الرد على تلك الرسائل بحب وامتنان كبيرين. وكل رد كتبته على تلك الرسائل كنت أعنيه فعلا، فأجعله خاصا بالمرسل إليه مقدّرة فضل السبق في التهنئة المعتادة. نعم.. كنت أشعر بضيق من كثرة تلك الرسائل التي أرى أنها مجرد تهان مستهلكة لا يعنيها مرسلها، وغالبا ما يرسلها بقائمة جماعية تضم كل الأسماء المحفوظة في هاتفه، حتى أنه لا يتعب نفسه بصياغتها وفقا لطبيعة علاقته بالمرسلة إليه ولا بعمره ولا بجنسه، فهي مجرد رسائل معلبة بكلمات باردة وصيغ تقليدية أفقدت التهاني حميميتها والفرح خصوصيته، كما أنها ساهمت كثيرا في التقليل من التواصل الحقيقي بين الأهل والأصدقاء الذين أصبحوا يستثقلون الاتصالات الهاتفية والزيارات للبيوت أيام العيد بعد أن وجدوا البديل السهل، فبدلا من تكبد عناء الزيارة أو الاتصال يفتح أحدهم هاتفه الصغير فيكتب رسالة أو ربما يستعيرها من آخر ليعيد إرسالها الى كل الأسماء الموجودة في جهات الاتصال، حيث يتساوى في التهنئة والمعنى الكامن فيها الصديق الحميم مع الزميل البعيد، والجار القديم مع العامل الذي احتفظ برقمه لإصلاح سقف البيت في يوم من الأيام ولم يره منذ سنتين.. وهكذا أصبحت تلك الرسائل عبئا إضافيا علينا بدلا من أن تكون مصدر فرح بيوم العيد، حتى أننا صرنا ننتقي منها القليل جدا للرد عليها، ونتجاهل البقية مع حرصنا على حذفها أولا بأول، حفاظا على ذاكرة الهاتف على الأقل. فقد ذهبت تلك الرسائل في منحنى جديد يتوافق والوسيلة التي استخدمت في إيصالها. لكنني وأنا أستقبل رسائل هذا العيد حتى قبل الإعلان عنه، فكرت بالأمر على نحو مختلف. وقررت أن أرد على الجميع كل على حدة، وهو ما حدث فعلا، بل أنني أرسلت ردودا خاصة حتى على تلك التهاني التي من الواضح أنها وصلتني بالخطأ، وأن مرسلها لم يكن يريد إرسالها لي تحديدا. أما ما غيرني وأبدل بضيقي منها فرحا وحبا وامتنانا، فهو استشعاري بالنوايا الطيبة وراءها، ومحاولة مني لتفهم ظروف الناس النفسية والتي قد لا نستطيع الإحاطة بها علنا. يكفي أن هناك من يحفظ برقمه لديك وأنه قرر في لحظة شعوره بواجب التهاني أنك يجب أن تكون ضمن المجموعة، بل حتى لو لم يقرر ذلك قصدا، فهي فرصة لك لمراجعة الاسم وإعادة التعرف على صاحبه من زاوية أو أخرى تحت ظلال الأيام الفضيلة وفي محيطها. الحياة قصيرة، مهما طالت، ولنا فيها فرصنا المحددة مهما تشعبت، وبالتالي ليس من الحصافة أن نضيع كل فرصة مهما بدت لنا هامشية وغير مقصودة بدلا من استثمارها لصالح أرواحنا المتعطشة للفرح. فبمثل هذه الفسح الصغيرة نكون أكثر قدرة على تحمل المصاعب المتوقعة.. وعساكم من عواده.
3117
| 24 أبريل 2023
ليس الانحياز الشخصي لمهنتي الجميلة وحده هو ما يجعلني أفرح بأي نافذة تفتح أمامي للكتابة وحسب، ولكن أيضا لأنني أشعر أننا نعيش في السنوات القليلة الماضية مناخا صحفيا طاردا لكتاب المقالات، وبالتالي فعلينا دائما استثمار كل الفرص المتاحة أمامنا للكتابة، في سبيل المساهمة بتعزيز الكتابة الصحفية وخصوصا في مجال مقالات الرأي. فعلى الرغم من كل التسهيلات التي منحها التقدم التقني المتسارع للصحافة والصحفيين في السنوات الأخيرة، إلا أننا كعاملين في بلاط السلطة الرابعة نستشعر الخطر الذي يواجه سلطتنا خاصة وأنه خطر متعدد الأوجه، نواجهه كتحديات لا بد من التعامل معها بجدية. من هذه التحديات على سبيل المثال سرعة انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة أكثر من ذي قبل، مما يؤثر على سمعة المهنة ويخلق المزيد من الارتباك والفوضى لها وللعاملين فيها. صحيح أن الصحافة كانت دائما بيئة حاضنة للأخبار الكاذبة إلا أن انتشار تلك الأخبار يبقى محدودا نسبيا، كما أن الأعراف الصحفية تحتم على الصحفيين غالبا تصحيح أخبارهم متى ما تأتى لهم ذلك. لكن في ظل انتشار وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تنافس الصحافة التقليدية في بثها للأخبار وتسبقها في السرعة والانتشار، أصبح كثير من الصحفيين التقليديين يحاولون اللحاق بتلك المنصات ومسابقتها في سرعة النشر، ما جعلهم يقعون في الأخطاء المهنية بكثرة غير مسبوقة ولا معهودة في تاريخ الصحافة. كما أن مستوى مستخدمي تلك المنصات الفني المتدني غالبا، فرض أعرافا جديدة في الصحافة التقليدية، فقد أصبحت سرعة نشر الخبر تأتي أولا في الأهمية الصحفية، ولا يهم مستوى الكتابة أو التحرير. وهكذا صرنا نتصفح ونقرأ مواد ومقالات صحفية لم يعد كتابها يحفلون بالجوانب اللغوية أو الفنية. لكن هذا ليس كل ما يواجه الصحافة من تحديات في راهننا للأسف، فما هو أخطر منها أن القيود الرسمية التي تفرضها كثير من الحكومات، وخصوصا في بلداننا العربية على الصحافة، عبر تشريع الكثير من القوانين التي تحد من حرية الصحفي أصبحت أحد أهم التحديات التي تواجهها الصحافة في بلداننا، وهذه المرة يتساوى في التحدي العاملون في الصحافة التقليدية إلى جانب مستخدمي منصات الإعلام الجديد، فالكل في هواء الرقابة والقيود سواء. وفي تزايد أعداد وأرقام سجناء الرأي من الكتاب والصحفيين سنة بعد سنة، وإحصائية بعد أخرى، ما يغنينا عن شرح الفكرة أكثر من ذلك. ومن التحديات الأخرى للصحافة في وقتنا الراهن التحدي المالي، فكثير من الصحف والمجلات العربية وغير العربية ودعت قراءها أو ربما اكتفت بطبعاتها الإلكترونية لمواجهة الأعباء الاقتصادية التي أصبحت تئن تحت ضغوطها. فتراجع الإيرادات الإعلانية، بسبب وجود منصات أخرى للإعلان، بالإضافة إلى إمكانية الإعلان الفردي الذي أصبح الأفراد ممن يطلق عليه المشاهير يبادرون إليه، وزيادة التكاليف التي يتطلبها العمل الصحفي التقليدي المتقن، جعلت الكثير من الصحف تراجع نفسها كثيرا قبل التفكير بأي تطوير يتطلب ضخ المزيد من الأموال. وهو تحد يفرض على القائمين على الصحف التفكير بتحسين كفاية العمل إلى جانب التفكير بتخفيض التكاليف وتنويع مصادر الإيرادات بأساليب جدية قدر الإمكان. وبالتأكيد هناك تحديات أخرى تواجه الصحافة والصحفيين في هذه المهنة التي لم تفقد بريقها ولا جاذبيتها رغم كل شيء حتى الآن، باعتبار أنها مهنة الخبر والرأي، والبشر يحتاجون دائما لمعرفة الخبر وللتعبير عن الرأي، ولكننا على الأقل أشرنا في هذا المقال لبعض تلك التحديات، استشعارا بالقلق على مستقبلها من جهة، واحتفاء بمصافحة القراء عبر الكتابة، من خلال نافذة صحيفة الشرق هذه المرة من جهة أخرى. فمرحبا صحافة.. أهلا كتابة!
1671
| 17 أبريل 2023
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4242
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1980
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1773
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1431
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1164
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
909
| 03 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
741
| 09 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
663
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
639
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
570
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
564
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية