رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
وما زلنا في نشرة أخبار فلسطين من غزة. مضى ما شهر على بدء معركة طوفان الأقصى، وما زالت المعركة مستمرة في غزة بل وفي فلسطين كلها. وما زلنا نعيش دور المتفرجين على ما يحدث هناك، رغم أننا وعلى البعد جزء لا يتجرأ مما يحدث. فالمقاومة في غزة تقوم بالأدوار كلها بالنيابة عنا. تقاتل وتدافع وتحرر وتصور وتوثق وتحاول أن تتواصل مع العالم كله بمعجزات لا يعرف أسرارها سوى الشعب الفلسطيني الجبار. والمقاومة تقوم بكل ذلك بعفوية القادرين على الفعل في اللحظة المناسبة الواثقين من أنفسهم ومن قدرتهم على الصمود لآخر نفس، وبأسلوبهم الخاص في العيش على حافة الخطر لأنهم ببساطة لا يرونه خطرا بقدر ما يرونه الأسلوب الوحيد للعيش في غزة بعزة وكرامة. إنها مقاومة غزة كما عرفها العالم منذ أن أصبحت غزة عنوانا للمقاومة في العالم كله. لا أعني المقاومة المسلحة وكتائب القسام وحدها، بل إن كل ما ومن في غزة مقاوم بدرجة أو بأخرى. الكبار والصغار، والمقاتلون المدربون على حمل السلاح، والآخرون في بيتهم ومقرات أعمالهم ومدارسهم ومساجدهم وكنائسهم والشوارع والحقول. في كل مكان في غزة الناس مقاومون على سبيل الأمل العظيم. ذلك أن أهل غزة يجيدون ممارسة الأمل كما يجيدون المقاومة، ويجيدون الحياة كما يقبلون على الموت عندما يكون لا بد منه في الطريق الى الحرية. أتابع المقاطع التي تصور في غزة، ونتشاركها كما نتشارك حياة تبدو عادية بالنسبة لهم ولكنها ليست كذلك. يتناولون إفطارهم تحت وابل من القنابل الفسفورية، ويرتبون بيوتهم وغرفهم التي ستهدم بعد قليل فوق رؤوسهم فينجو منهم من ينجو ويقضي نحبه تحت الأنقاض من يذهب شهيدا. أتابع مقاطع الصغار فينخلع قلبي كلما ارتجف أحدهم صامتا أمام الكاميرا قبل أن يعي ما يحدث أمامه في عالم لا يراه إلا طفلا مهيئا للموت!. أتابع مقاطع الأمهات الفلسطينيات تحديدا، ويأسرني فيهن هذا الثبات العجيب. قبل قليل رأيت مقطعا لسيدة من غزة وهي تحكي عن ابنها الذي استشهد قبل ساعات فقط. تحكي بثابت لا يشبه أي ثبات آخر كيف كان بطلا لآخر لحظة، وأن زملاءه الذين رافقوه في مهمته النضالية حكوا لها تفاصيل مهمته الأخيرة. قالت إنه كان دائما متشوقا للحظة استشهاده وكان يتوقع أنه سيكون بلا قبر بل إن أسماك البحر ستلتهم جسده، لأنه كان يعمل في القوة البحرية، فلا بد إذن أنه سيموت في البحر. لم تخبرنا السيدة التي كانت تواجه عدسة الكاميرا لتوثق دقائق استشهاد فلذة كبدها إن كان فعلا قد استشهد في البحر أم في البر لكنها كانت تردد «الحمد لله» كثيرا لأنه كان مقاتلا شرسا كما وصفته وأنه مات شهيدا كما اشتهى. مقاطع أخرى كثيرة لسيدات فقدن أبناءهن أو أزواجهن أو بيوتهن ولكنهن رغم الألم والحسرة في القلوب، كن صابرات غير معترضات على قضاء الله وقدره، بل كن فخورات بأنهم ذهبوا في سبيل الله ودفاعا عن فلسطين كلها، فأعرف من الذي يربي أبطال المقاومة في غزة بهذه الروح المتأبية على الهزيمة. هذه المشاهد كانت بالنسبة لي أقسى كثيرا من مشاهد الجثث المقطعة والمحترقة بنيران الصهاينة، وحتى إنها أشد قسوة من مشاهد الأطفال وهم يرتجفون من الهلع وقد غطت الدماء وجوههم. ففي ذلك الحزن الشفيف الذي لا يريد أن يتبدى للآخرين عبر كلمات الامهات، مواربة نوع من القسوة على من يراه. وكلنا نراه يوميا على الشاشات بمنتهى العجز عن الفعل الحقيقي. الأمهات اللواتي يذهب أبناؤهن إلى الموت المشتهى استشهادا في سبيل ما يؤمنون به، لا يكذبن أبدا. يتألمن ويحزنّ وتذوب أكبادهن كمدا، لكن هذا لا يكسر فيهن الرغبة في العلو والسمو حتى حدود السماء. وهذا أحد أسرار الأمهات في غزة، بل وفي فلسطين كلها.
1086
| 06 نوفمبر 2023
لماذا توجد حسابات للصهاينة في منصة إكس (تويتر سابقا) وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، رسمية وغير رسمية، باللغة العربية؟ لماذا يحرص أفيخاي أدرعي وإيدي كوهين وغيرهما على التواجد الكثيف بيننا في تلك المنصات يتجاذبون أطراف الحديث ويحاولون استخدام الثقافة العربية في الكتابة والتواصل بل أنهم لا يتورعون من اللجوء إلى كتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وغيرها لتدعيم وجهات نظرهم؟ لماذا توجد حسابات رسمية موثقة باللغة الغربية لكثير من المسؤولين الصهاينة لتخاطبنا بلغتنا؟ ولماذا يهتم الصهاينة بهذه الحسابات ويحاولون تنمية محتواها ونشرها بين العرب بغض النظر عن ردود الفعل عليهم فيها من قبل مستخدمي وسائل التواصل العرب وتعليقاتهم وشتائمهم القاسية لهذه الحسابات؟ لا يمكن أن تكون تلك الحسابات التي تدار باحتراف لا يخفى على أحد، قد وجدت بشكل عفوي، أو أنها اجتهاد شخصي من قبل أصحابها، بل هي موجودة في سياق حرب إعلامية ونفسية يواجهنا بها الصهاينة في أحد أهم ميادين التعبير الحر عن الرأي، حتى تساهم بتوجيه الرأي العام العربي كما تريد ووفقاً لأجندات الصهاينة المعلنة والخفية بأبسط الطرق وأرخصها وأيسرها وأكثرها انتشاراً وعصرية، طبعا بالإضافة إلى الطرق التقليدية الأخرى. حسناً.. لماذا نتبرع نحن العرب بمساعدة تلك الحسابات إذن في تنفيذ مهمتها، من حيث لا نريد ولا ندري، عبر المتابعة وإعادة النشر والتعليق؟ كثيرون منا يفعلون ذلك وهم يعتقدون أنهم يقدمون خدمة لقضيتنا المركزية، فيكيلون الشتائم والتعليقات الساخرة والردود الجدية على ما يقوله هؤلاء الصهاينة في حساباتهم، لكن هذا كله للأسف يساهم في توسيع رقعة نفوذ تلك الحسابات الخفي بيننا. ولذلك هم لا يهتمون بردود الفعل ولا بالتعليقات المسيئة لهم خاصة وأنهم مدربون ليس على تقبلها وحسب بل على استدراجها أيضا لإثارة المزيد من البلبلة وتطبيع العلاقات الشخصية بينهم وبين العرب بطريقة مباشرة وغير مباشرة. لقد وصل الحال ببعض العرب أنهم أصبحوا يستمرئون الحديث مع هؤلاء بشكل ودي وطبيعي، وهو ما يحقق أحد أهم أهداف الدولة الصهيونية في تفكيك القوة الشعبية العربية والتي كثيرا ما اعترفوا أنها عقبة بل هي العقبة الأولى أمامهم في طريقهم نحو التطبيع مع كثير من الأنظمة العربية. ومن الأسباب المحتملة الأخرى لوجود هذه الحسابات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لترويج الأفكار والمواقف الصهيونية وتعزيز صورة «إسرائيل» في الوطن العربي، من طريق نشر المعلومات والمقالات التي تدعم وجهات نظرهم، والتعليق على المنشورات والمشاركة في المناقشات لتعزيز وجهات نظرهم والتأثير على الرأي العام. لذلك كله ينبغي إهمال هذه الحسابات تماماً وعدم متابعتها ولا التعليق أو الرد عليها، والتركيز بدلاً من ذلك على التواصل مع الأشخاص الذين يشاركون آراء مختلفة والمشاركة في المناقشات الهادفة التي تساهم في توسيع آفاق الفهم والتفاهم المتبادل بين الأفراد. لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من أهم الوسائل التي يتم استخدامها للتأثير على الرأي العام وتوجيهه. وبالتالي، يجب أن نكون حذرين، في استخدامها لمعاركنا المصيرية، وأن نحرص على ممارسة التفكير النقدي والانتقائي في مواجهة سيل المعلومات التي نتلقاها عبر مختلف الحسابات عموما فما بالك ونحن نعرف أنها حسابات عدو معلن لنا؟ في حرب غزة هذه الأيام، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا محوريا في التعريف بالسردية الفلسطينية في ظل انحياز واضح من قبل الاعلام التقليدي للسردية الصهيونية وبالتالي فلا ينبغي أبدا التساهل في تلك الوسائل ولا التنازل عن ممكناتها المهمة جدا بالنسبة لنا لصالح خصومنا لمجرد أنهم يجيدون الكتابة فبها بلغتنا العربية.
1104
| 30 أكتوبر 2023
في كل مرة تتعرض فيها غزة لهجوم صهيوني يحاول ألا يبقي عليها ولا يذر، أن يقتلعها ويمحو آثارها، أن يقتلها وأهلها، باعتبارها رمزا حياً لكل فلسطين المحتلة وأملاً في فلسطين الحرة، تفاجئ هذه المدينة الصامدة عدوها كما تفاجئ العالم كله، فتخرج ثانية من بين الرماد لتعلن أنها حية، لأنها ببساطة غير قابلة للموت. عندما قال الاعلامي المصري باسم يوسف في مقابلته الأخيرة مع الاعلامي البريطاني بيرس مورغان، على سبيل السخرية السوداء بأن الفلسطيني لا يموت حتى وإن ادعى ذلك، فإنه كان يشير إلى طبيعة الفلسطيني التاريخية الخاصة التي اكتسبها من سنوات نضاله الطويلة في الداخل المحتل وفي الخارج كله، وإلى موهبته الفطرية في المقاومة لا على صعيد حمل السلاح دفاعاً عن وجوده وحسب بل أيضا على صعيد مقاومة الموت بكل صوره وأشكاله. إنه لا يموت فعلا، هكذا انتبهنا جميعا وبعد كل هذه السنوات الطويلة من الاحتلال والتهجير والقتل المباشر. يسلم الروح لبارئها ويغمض عينيه ويشيع شهيدا. لكنه لا يموت. أي أنه لا ينتهي. لأنه يملك حلما عظيما يبقيه حيا على قيد الأمل والعمل دائما. وهو المتناسل من بعضه البعض جيلا بعد جيل، إذ يتجدد عند كل منعطف تمر به القضية لتعيد تشكيل نفسها بأسلوب مختلف لكن الهدف واحد؛ فلسطين الحرة. نعم.. الصواريخ والقذائف الصهيونية التي تدك غزة ليل نهار، حيث لم يسلم منها بيت ولا شارع ولا مدرسة ولا مستشفى ولا مسجد ولا كنيسة، خلفت وراءها الكثير من الدماء والأشلاء والصرخات والبكاء والأسى والدمار، وهو ما رآه العالم كله على الهواء مباشرة، لكن هذا لا يعني النهاية ولا يعني الموت ما دامت كلمة فلسطين باقية. فوراء كل قصة من قصص الموت الكثيرة هناك، كما نتلقاها محن البعيدين عنها بالجغرافيا المتماهين معها حلما ودما ووجودا، أسرار نعرف بعضها بقدر معرفتنا بالطبيعة الفلسطينية التي اكتسبت خصائصها النفسية طوال سنوات الاحتلال والنضال، ونجهل بعضها الآخر بقدر قدرة تلك الطبيعة الفلسطينية على التجدد دائما وعلى ابتكار ما يلزم من أدوات واستراتيجيات تساعد الفلسطيني على الصمود والبقاء وإن كان وحيدا. والفلسطيني بالفعل وحيد. صحيح أننا كعرب وكمسلمين وكمؤمنين بالحق من البشر الآخرين نتعاطف معه واحتفظنا بحرارة هذا التعاطف على مدى ما يقرب من ثمانية عقود من الزمن، إلا أنه في مجمله وفي أغلبه يبقى مجرد تعاطف على البعد غالبا. فقدر الفلسطيني في غزة وعموم فلسطين المحتلة أنه يواجه مأساته منفردا، وهو يعرف ذلك تماما ويتعامل وفق معطياته في كل مرة كان عليه ان يواجه الموقف بإلحاح ومن جديد. في حرب غزة الأخيرة، والتي ما زلنا نعيش فصولها الموجعة، مراقبين لها عن قرب عبر الشاشات، ومشاركين فيها على البعد بالتفاعل النفسي والإعلامي وفق قدراتنا الشخصية وبما نملك من وسائل وأدوات، يتقدم الفلسطيني إلى موته المعلن وحياته السرية وحده بمواجهة الآلة العسكرية الصهيونية القاتلة. يتقدم بذات الإصرار الأول، وذات الإرادة القديمة، وذات الحلم المتجدد. ورغم أن النتيجة في الحسابات المباشرة كانت دائما محسومة لصالح العدو المحتل، لأنه يبقى محتلاً لفلسطين، إلا أن هناك حسابات أخرى يعرفها الفلسطيني، كما يعرفها عدوه الصهيوني، تجعله يستمر في التقدم إلى ساحات الموت بطمأنينة العارف بالمصير الأخير. نعم. يتقدم وحيداً أعزل إلا من فلسطين كما يراها أبداً.
657
| 23 أكتوبر 2023
لا حقيقة كاملة ولا خالصة في الإعلام، هناك دائما نقصان أو إضافة قادران على تغيير جوهر الحقيقة، وتجييرها لصالح أعدائها والمتضررين منها. هذا ما يتفق عليه كثيرون ممن عملوا في هذا المجال او من المتابعين له عن قرب. لكن الجديد أن كثيرا من وسائل الاعلام لم تكتف بانتقاص حجم الحقيقة او تغيير عنوانها وموضوعها بل ذهبت إلى أبعد من ذلك لتغيير الحقيقة كلها واستبدال النقيض بها مهما كان قاسيا او موجعا. وعندما لا تجد بديلا جاهزا أمامها لا تمانع في صناعته بهيئة كذبة او إشاعة بمواصفات عاطفية مثيرة للكثير من الدموع والدماء البريئة أيضا. في أحداث غزة الأخيرة، والعدوان الصهيوني على أهلها، انكشف الإعلام الغربي، والذي طالما آمن كثيرون به كمثال على الحياد والموضوعية والعدالة في التغطيات ونقل الأخبار وما وراءها، على حقيقته المستترة، وأظهر عجزا واضحا في الاستمرار بتمثيل دور المحايد مادامت «اسرائيل» الصهيونية تمثل أحد طرفي المعادلة! لقد اتضح الآن وبما لا يدع مجالا لشك أحد من المتابعين أنه إعلام كاذب ظالم ومزيف. ومع أن ما يبديه من انحياز واضح فاضح أقل بكثير مما تبديه وسائل إعلامية عربية وغير عربية في البلدان غير الامريكية والاوربية، الا أن المهم هنا هو مقدار الاثر وعمق الجرح. فقد صدق العالم لسنوات طويلة خدعة الاعلام الحر المحايد والذي يحتفي بالرأي والرأي الآخر، لإلحاح الخدعة وإتقان تنفيذها، وبالتالي فإن أي كذبة أو إشاعة يروجها هذا الاعلام على انها حقيقة سيكون من الصعب دحضها لاحقا من قبل المعنيين بالامر والقريبين منه، والعكس صحيح بالنسبة لإعلام دول ما يسمى بالعالم الثالث التي، ونتيجة سمعة تاريخية تتعلق بخضوعها لأنظمة حكم غير ديمقراطية في بلدانها، سيكون من الصعب عليها ترويج الحقيقة كما تراها وكما هي بالفعل. اذ سيتذكر الناس دائما تاريخها الطويل مع الحقيقة الناقصة لصالح الانظمة الديكتاتورية الحاكمة، مهما اجتهد مراسلوها وكتاب الرأي فيها! لكن يبدو أن أحداث غزة الاخيرة لم تكتف بتمهيد الطريق لقلب الصور النمطية في ما يتعلق بموازين القوى بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين وحسب ولا بكشف المستور في أروقة صحف وتلفزيونات ووكالات أنباء أمريكا والغرب فقط، بل بدأت بفرز المواقف والأخبار والمادة كلها بأسلوبها الفريد في الفضح! كذبة رؤوس أطفال الصهاينة المقطوعة بأيدي رجال المقاومة الفلسطينية، في أذهان من رددها من هذه الوسائل الاعلامية الغربية على سبيل المثال كانت فاقعة الى الدرجة التي لم يتحمل أحد استمرارها أكثر من يوم واحد فقط، قبل ان يصحو العالم كله ليكتشف أن هذه الكذبة الكبيرة الحقيرة التي شارك بصناعتها وترويجها الرئيس الأمريكي بنفسه، في سابقة خطيرة، مجرد كذبة اعتذر منها بعضهم على استحياء حفظاً لماء الوجه وتمهيدا كما يبدو للمزيد من الكذبات، بعد أن أدت مفعولها الإعلامي عالميا وحققت الهدف الصارخ منها. ومثلها كذبات كثيرة بعضها انكشف ما أجبر صُناعها ومروجيها على الاعتذار الاضطراري الخجول عنها، وبعضها لم ينكشف بعد. والغريب أن هناك من بقي مصراً على استخدام تلك الكذبة بل والدفاع عنها واعتبارها حقيقة لا تقبل النقاش واتخاذها قاعدة لبناء مواقف أخلاقية عليه، حتى بعد انكشافها وتخلي صناعها عنها! فإذا كان هناك من يكذب ليتجمل يبدو أن هؤلاء يكذبون ليجملون الصهاينة! وتواتر مثل هذه الأخبار حري به أن يشككنا بكل خبر نقرأه أو نراه في مثل هذه الوسائل ما دام يصب في صالح الهدف السياسي العام بالنسبة لهم. فما زال الإعلام سلاح يسهل فساده وإفساده في واقع يعج بالكذب والزيف والخداع في السياسة والإعلام!
1986
| 16 أكتوبر 2023
تحرير فلسطين ليس مجرد حلم مستحيل، ولا عنوان قصيدة أو خيال شاعر، بل هو واقع تأخر تحققه قليلا، أو ربما كثيرا. الزمن لا يقاس عندما يتعلق الأمر بتحرير الأوطان، بالسنوات بل اللحظات، وقد مر الشعب الفلسطيني بواقع الاحتلال في كل لحظاته منذ عام 1948 حتى الآن، لكنه لم ينس فلسطين أبدا، وطنا وحلما وقضية. لقد بقيت القضية الفلسطينية حية في نفوس الشعب الفلسطيني برواية مستمرة جيلا بعد جيل، وحربا بعد حرب وقصة بعد قصة، وغصة بعد غصة، وأغنية بعد أغنية، وقصيدة بعد قصيدة، ودعاء سرمديا في صلوات الليل والنهار، لكن المحتل خسر رهانه القديم الذي كان يتكئ على موت الكبار ونسيان الصغار. نعم.. لقد مات الكبار بعد أن زرعوا في نفوس صغارهم الإيمان بحتمية التحرير، وكبر الصغار ليقاوموا وينتفضوا مرة بعد أخرى، وإن كان الحجر وحده السلاح والوسيلة، وبقي الحلم مشتعلا بالنصر القادم بالضرورة ولو بعد حين. في عملية طوفان الأقصى الأخيرة، كان هناك واقع جديد قد تشكل رغم أنف المحللين العسكريين وأرقامهم وخرائطهم وجداول موازين القوى المفروشة أمامهم، ذلك أن الفلسطيني اعتاد أن يكون هو الاستثناء في كل واقع سياسي متخم بالخيبة والخذلان، وخصوصا بعد أن أصبح التطبيع العربي، بخطواته المتسارعة وعلنيته المفضوحة، مع الكيان الصهيوني أوسع رقعة وأقرب موعدا من أي ظرف سابق في المكان والزمان. لكن المطبعين قبل الصهاينة أصيبوا هذه المرة بخيبة أمل عظيمة وهم يرون الجيش الذي كانوا يريدون الاحتماء به من خوفهم القابع في نفوسهم السقيمة، ثمناً بخساً للتطبيع، وقد مزقته المقاومة بأسلحتها البسيطة أشلاء وفرقت جمعه وزرعت بين أفراده الخوف والقلق. ببساطة.. كشفت المقاومة الفلسطينية في غزة وبقية مدن فلسطين جيش الاحتلال على حقيقته التي اجتهد الصهاينة ومناصروهم من القريبين والبعيدين في إخفائها طويلا، بالتزييف والكذب والدعايات الأسطورية المستمرة. وربما لهذا كان حجم المفاجأة التي أصيب بها العالم كله، حتى من بين المناصرين للقضية الفلسطينية، عندما أصبحوا يوم السابع من أكتوبر الجاري على أخبار تدمير أسطورة الجيش الصهيوني وقتل وجرح وأسر كثير من أفراده ضخما. فبقدر التوقعات كانت المفاجأة العكسية. وهذا يعني مرة أخرى أن الفئة القليلة يمكن فعلا أن تنتصر على الفئة الكثيرة إن آمنت بحقها أولاً وأصرت على الحصول عليه بإرادة قوية وعزيمة لا تلين، والأرقام التي اضطر العدو لإعلانها أخيرا تفضح المستور من زيف الدعايات، فعدد القتلى غير مسبوق، وعدد الجرحى غير مسبوق، وعدد الأسرى غير مسبوق، وحجم الخسائر في الأسلحة والعتاد غير مسبوق، والروح المعنوية في انحدار عبرت عنه المشاهد والصور والكلمات في وسائل إعلام العدو نفسه. ولم يجد إعلام إصدقاء الصهاينة من المطبعين العرب سوى محاولات فاشلة لتجميل الهزيمة الصهيونية والادعاء أنها هزيمة مؤقتة وأن «إسرائيل» سترد بقوة هذه المرة. وكأن إسرائيل لم تفعل ذلك دائما أو أنها قد ادخرت قوتها يوما ما ضد الفلسطينيين العزل حتى بلا سبب مباشر! صحيح أن الصهاينة بمساعدة حلفائهم من قوى العالم الكبرى سيردون على مفاجأة غزة، كما اعتادوا وكما توعدوا، ولكن الفلسطيني يعرف هذا وجربه وعاشه لعقود طويلة، فقد تهدم بيته فوق رأسه واعتقل وتشرد واستشهد مرات ومرات قبل أن يعود كالعنقاء لذات الحلم بوطن حر اسمه فلسطين وعاصمته القدس. ولأنه يعرف الطريق جيدا فلن يهتم بما يحاك ضده من مؤامرات. المهم أنه سينتصر أخيرا.. فهو وعد الله، والفلسطيني مؤمن بهذا الوعد، ونحن أيضا مؤمنون!.
969
| 09 أكتوبر 2023
ماذا لو لم يبتكر البشر فكرة الترجمة بين اللغات المختلفة؟ كيف يمكننا التواصل مع بعضنا البعض ونحن لا نملك لسانا مشتركا، رغم أن الله خلقنا شعوبا وقبائل بألسنة مختلفة لنتعارف؟ أي قيمة يمكن أن ندركها للترجمة في عالم يعج باللغات واللهجات، أحيانا حتى في البلد الواحد أو الثقافة الواحدة؟ حضرت قبل أيام، عن بعد، ندوة نظمتها ودعت إليها جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عبر تقنية الزوم، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للترجمة، ورغم أن الندوة التي شارك فيها خمسة مترجمين عربا وأجانب جمعتهم اللغة العربية على ضفافها نقلا منها وإليها، عقدت تحت عنوان «تجارب في الترجمة»، إلا أن الحديث الذي امتد لساعتين تجاوز تلك التجارب الشخصية الشيقة الى عمق الفكرة ومستقبلها أيضا، وهو مما شجع جمهور الندوة الذي بلغ 170 مهتما من مختلف دول العالم، على البقاء في سياقها حتى النهاية، متفاعلا بالنقاشات والأسئلة والاستفسارات والأفكار الإضافية، ما يلقي الضوء على أهمية الترجمة فعلا في العالم الراهن، وازدياد عدد المهتمين بها. تعد الترجمة من أقدم الفنون المعروفة للإنسان، فقد بدأت منذ آلاف السنين عندما بدأ البشر في التفاعل والتواصل مع بعضهم البعض. ومنذ ذلك الحين، أصبحت عنصرًا حاسمًا في التواصل الدولي والثقافي، إذ كانت دائما تلعب دورًا حيويًا في بناء الفهم المشترك وتعزيز السلام والتعاون الدولي، فهي تساعد في نقل الأفكار والمفاهيم من لغة إلى أخرى، مما يمكن الأفراد من فهم واستيعاب ثقافات متنوعة وإطلاعهم على أفكار ومعلومات جديدة. ومن خلالها، أصبح بالإمكان الوصول إلى الأدب والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا ومختلف المجالات الأخرى المتاحة في لغات أخرى، كما أنها تلعب دورًا بارزًا في بناء الأفكار المشتركة بين الثقافات والمجتمعات، عبر تبادل الأفكار والتجارب والرؤى، وبالتالي يمكن تعزيز التفاهم والتعاون العابر للحدود. إنها عملية ثقافية ديناميكية تساهم في تكوين هوية جماعية تتجاوز القيود اللغوية والثقافية. ومع تطور التكنولوجيا والاتصالات، يبدو مستقبل الترجمة مفتوحا على آفاق جديدة لا يمكن التنبؤ بها في الوقت الحاضر. فالتكنولوجيا الحديثة أصبحت تقدم أدوات ترجمة آلية تساعد في تسهيل عملية الترجمة وتحسين كفايتها، كما أن التطبيقات الآلية والذكاء الاصطناعي وغيرهما من حلول تقنية جديدة في ميدان اللغات، تبشر بتطوير فكرة الترجمة، مما يساهم في تعزيز التواصل العابر للغات، وإن كانت كل التقنيات في هذا الحقل ما زالت، بحاجة الى التدخل الإنساني بشكل واع. كما ينبغي علينا ملاحظة أن الترجمة الآلية لا تزال تواجه تحديات مثل فهم الدقة الثقافية والتواصل اللغوي الدقيق. فاللغات ليست مجرد نظام للكلمات، بل تحمل قواعد وثقافات ومعاني خاصة بها. وهذا يعني أن حاجة العالم للمترجمين ملحة، وعليه أن ينتبه للتحديات التي يواجهها هؤلاء في التعامل مع تعدد اللغات والثقافات، والتأقلم مع المصطلحات والتعبيرات الجديدة في المجالات العلمية والإنسانية المستجدة. وهذا يعني أن تعزيز التعليم والتدريب في مجال الترجمة أصبح أمرًا حاسمًا لتطوير المهارات وتعزيز جودة الترجمة، وهو مما يحتم تعزيز البحث والتطوير في ذلك المجال، وتوفير الموارد والدعم اللازمين للمترجمين والمؤسسات التي تعنى بذلك، من أجل بناء مستقبل أفضل يعزز التفاهم والتعاون العالمي بين الشعوب ويحفظ للترجمة مكانتها وللمترجمين شغفهم في وصل الشعوب بهمزة اللغة الساحرة.
735
| 02 أكتوبر 2023
أصعب ما نواجهه عند شعورنا بالخيبة من شخص ما في موقف ما، هو عدم استطاعتنا حصر ذلك الشعور بذلك الشخص وحده. غالباً ما تتسرب المرارة التي سنشعر بها، لكل من نعرف ونحب معاً. حتى وإن أدعينا أننا لا نفعل أو لا نريد أن نفعل. مفاجأة الاكتشاف المرير غالباً ما تكون أقوى من محاولة فصل المشاعر عن بعضها البعض، وفرزها وتوزيعها على من حولنا من معارفنا وأحبائنا المشتركين كل وفق أفعاله ومشاعره تجاهنا. فجأة نضعهم جميعاً في سلة واحدة، ونراهم كلهم في فريق واحد يتعاونون على خداعنا وخيانتنا وتعميق شعورنا بالخيبة الفردية ليكون الخذلان جماعيا، وربما هذا ما يفسر لنا رفض أي مساعدة من الأصدقاء المشتركين عند وقوع أي مشكلة لنا مع أحدهم، فهم، من وجهة نظرنا في تلك اللحظة ليسوا سوى متآمرين أو على الأقل منحازين مع الآخر ضدنا!. هل يحدث هذا مع الجميع أو يحدث معي وحدي؟ أظن أنه يحدث مع الجميع لكن قلة قليلة منا هي التي تعترف بذلك. ربما لأن الكثيرين يسهل عليهم الاعتراف بالخيبة الفردية لكن من العسير عليهم أن يعترفوا بالخذلان الجماعي، ولا يودون مواجهة المشكلة بحجم ما يعانونه منها. أعرف ذلك لأنني أنا أيضا كنت أفعل ذلك، كثيرا ما فعلته، ولم أعرف أنني فعلته إلا بعد أن غادرته. أي بعد أن قررت في آخر حادثة خيبة واجهتها أن أواجه معها شعوري بالخذلان الجماعي من كل الذين يسكنون تلك السلة، ويعرفون بعضهم بعضا باعتبارهم أصدقائي. نعم.. نحن أصدقاء بقدر وفائنا المتبادل لبعضنا البعض، فإن خذل أحدنا الآخر علينا أن نتنازل عن تلك الفكرة النبيلة الجميلة التي جمعتنا في سلة واحدة للصداقة. لكن.. لماذا يحدث هذا؟ لماذا لا أستطيع التعامل مع الآخرين كل على حدة عندما يتعلق الأمر بالخيبة والخذلان والخيانات مهما كان حجمها أو قسوتها؟ سؤال يلح عليّ كثيرا، وأفكر فيه على سبيل المقاومة، ومحاولة العودة الفاشلة إلى مرحلة الادعاء بالتجاهل والمضي قدما بسلام في طريق الحياة وفرصها الكثيرة في الصداقة والحب والتعارف. هل لأنني أقدس فكرة الصداقة كثيرا أشعر بذلك؟ هل لأن الخيبة والخذلان ليست مجرد أحاسيس عابرة، بل هي تجارب عاطفية ترسخت في ذاكرتي وتؤثر على ثقتي بالآخرين وعلاقاتي الاجتماعية والحياة كلها؟ هل لأن صداقاتي وعلاقاتي الشخصية مميزة جدا طوال عمري، فإن واجهت أي خيانة أو خذلان من أحد مكوناتها أشعر أنني أقترب من لحظة موت حقيقي لأنني غير قادرة على تجاوز الحدث بسلامة مهما ادعيت ذلك؟ ربما.. وربما أيضا أن التقدم في العمر، الذي أصبحت أشعر بوطأته أكثر من أي وقت آخر هذه الأيام، ساهم أيضا في رغبتي بالمواجهة الذاتية. وجعلني أؤمن بضرورة توكيد إيماني بأننا جميعًا بشر نخطئ ونتعلم من أخطائنا. فليس هناك صداقة أو علاقة مثالية، وقد تحدث الخيبة والخذلان في أحيان كثيرة من دون قصد الأذى. ولذلك فالأهم هو أن نكون صامدين ومتفائلين، وأن نواجه تلك التجارب بشجاعة وحكمة، فالقدرة على التعافي والنمو من خلال تجارب الخيبة الفردية والخذلان الجماعي تجعلنا أقوى وأكثر وعيًا بأنفسنا وبالعلاقات التي نبنيها، وهو ما يستلزم منا الصبر والتفكير العميق والعمل على نمونا الشخصي. وعليه فيمكن لهذه التجارب أن تكون مؤلمة وصعبة، لكنها تمنحنا في النهاية الفرصة للتعلم والتطور. إنها جزء لا يتجزأ من تجربة الحياة، ومن خلال التأمل والعمل الداخلي يمكننا أن نتجاوزها ونعيش حياة أكثر توازنًا وسعادة.. والحياة كلها مجموعة من التجارب.
1320
| 25 سبتمبر 2023
عندما يقترب موسم معارض الكتب، ينتاب القراء وعشاق الثقافة شعورٌ مثيرٌ من الحماس والانتظار، فهذه المعارض تعتبر حدثًا ثقافيًا هامًا، حيث يتوافد الناس للاستمتاع بتجربة فريدة واكتشاف عالم جديد من الكتب والمعرفة، ومن خلال مشاركة دور النشر العربية بأحدث الإصدارات، تصبح هذه المعارض مناسبةً لتعزيز الثقافة وتوسيع آفاق المعرفة في المجتمع، بالإضافة إلى منافع أخرى لا يعرف لذة الانغماس في أجوائها إلا المعتاد على زيارة هذه المعارض دورياً. ومعرض الكتاب حدث سنوي ينتظره الكثيرون بشغف، حيث يُعَدُّ هذا الموسم فرصةً للقراء والمثقفين للوقوف على آخر الإصدارات العربية والعالمية، والتعرف على الكُتّاب والمؤلفين، والمشاركة في العديد من الفعاليات الثقافية المصاحبة، كما أن وجود هذه المعارض يسهم في تعزيز ثقافة القراءة وتشجيع الشباب تحديداً على الاستفادة من الكتب كمصدر رئيس للمعرفة والترفيه. ورغم أن دور النشر العربية تلعب دورًا حيويًا في معارض الكتب في بلدان الخليج، حيث تستغل هذه الفعالية لتسويق وتعريف القراء بأحدث إصداراتها، إلا أن دور النشر المحلية أصبحت تنافس الدور العربية في السنوات الأخيرة وتقدم مجموعات متنوعة من الكتب في مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب، العلوم، الفنون، الثقافة، والتاريخ، كما توفر بيئة حيوية للقراء للاطلاع على الكتب واختيار ما يناسب اهتماماتهم ورغباتهم الثقافية. ولأننا نعيش هذه الأيام أجواء ترقب المعارض بدءا من معرض الرياض الدولي بعد أسابيع قليلة وانتهاء بمعرض الدوحة الولي في يناير المقبل مرورا بمعرض الشارقة والكويت الدوليين، فإننا، وكالعادة، نواجه سؤال الاختيار والتوصيات مما يظن فينا خيرا في مجال القراءة والكتابة والنشر. لكن وكالعادة أيضا نفشل دائما في مهمة التوصيات لسبب بسيط وهو أن القراءة ذوق شخصي بامتياز ولا تخضع غالبا للتوصيات الفردية إلا في العموميات، فعندما يختار القراء الكتب من المعارض، يتبعون مجموعة متنوعة من المعايير والاهتمامات الشخصية، وقد يتأثرون بالعناوين المعروضة، والأغلفة الجذابة، أو توصيات الأصدقاء والكتاب والإعلاميين والمؤثرين على هذا الصعيد، بالإضافة إلى المعرفة السابقة بالكتاب أو المؤلفين، فكثيرون يبحثون عن المؤلفين المفضلين لديهم ويسعون للحصول على أحدث أعمالهم، كما يمكن أن يكون لموضوعات معينة تأثير كبير في اختيار القراء للكتب من المعارض. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر معارض الكتب فرصة للتعلم والتثقيف، تقدم العديد من الفعاليات المصاحبة مثل الندوات والمحاضرات وورش العمل فرصة للمشاركة في مناقشات ثقافية وتبادل الأفكار مع الكتاب والمفكرين. يمكن للقراء أن يستفيدوا من هذه الفعاليات من خلال توسيع آفاقهم الثقافية وتطوير مهاراتهم ومعرفتهم. ورغم كل ما تشيعه أجواء المعارض من حماسة نحو الكتب ما زالت تهمة عدم القراءة توجه للشباب في بلداننا العربية رغم أن أكثر رواد تلك المعارض من شريحة الشباب والمراهقين أيضا، بغض النظر عن نوعية اختياراتهم من الكتب، فالمهم في البداية أنهم يتعلقون بهذا العالم الجميل حتى يصبح عادة من عاداتهم الحياتية، وبعدها لابد أن تتطور اختياراتهم وتنمو ذائقتهم بالمزيد من المران على صعيد القراءة. وهو ما لاحظته فعلا من خلال معايشتي لكثيرين من رواد معارض الكتب في العقدين الأخيرين من الشباب والمراهقين الذين بدأوا تجاربهم في القراءة بدايات متواضعة جدا، أثارت استياء الكثيرين، ولكن الدأب على التجربة ارتقى باختياراتهم لاحقا. ولذلك أنا متفائلة جدا لمشهد القراءة في نسختها العربية، وأحد أدلتي على ذلك تكاثر دور النشر العربية، ففي كل معرض جديد أكتشف المزيد من دور النشر الجديدة، وهذا يعني أن قطاع النشر منتعش بفضل الإقبال على القراءة، ومرة أخرى نقول بغض النظر عن نوعية هذه القراءة أو الكتب التي تطبع وتنشر، أو مستواها العام. فالمهم أن الكتاب ما زال بخير.
546
| 18 سبتمبر 2023
في أعقاب زلزال المغرب الأخير بقليل، انتشرت الكثير من الصور المؤلمة والمؤثرة لضحايا الزلزال. جثث متناثرة، ومصابون في كل مكان، وبيوت مهدمة، ودموع ودماء كثيرة. بالإضافة الى لقطات يجتهد الصحفيون والمصورون في استخراجها من سياق الموت والعويل والدماء والدمار وهو السياق المتوقع في أعقاب كل زلزال يضرب مكانا ما في العالم، لتكون من الصور المختلفة والجديدة وغير المتوقعة. هذه المرة كانت الصورة الأولى التي خرجت من السياق في لحظات الزلزال الأولى صورة مراهق يحمل شيئا ما! فقد انتشرت صورة مؤثرة لمراهق خرج من منزله بشكل مفزع هربا من الزلزال وهو لا يرتدي إلا قطعة واحدة من ملابسه الداخليه حافي القدمين، وهذا شيء متوقع ومألوف بالتأكيد، ولكن غير المتوقع أنه كان حاملا بين يديه شيئًا واحدًا فقط، وهو جهاز بلايستيشن للألعاب الإلكترونية. قد يبدو هذا المشهد غريبًا لبعض الأشخاص، خاصة أن معظم من نشر الصورة علق عليها بشكل ساخر، ولكنه في الواقع يكشف عن القيمة التي يعطيها الجيل الحالي لهذه الأشياء، التي ربما لا يرى فيها الكبار ممن غادروا مرحلة المراهقة والشباب إلا نوعا من الجنون الذي ترعرع في البيوت خلسة!. وبعيدا عن المشاهد المؤلمة والمؤثرة التي التقطت في المناطق المتضررة من الزلزال، إلا أن ذلك المشهد العابر كان مختلفا جدا باعتباره واحدا من المشاهد التي تعكس تغيرا حقيقيا في أولويات الشباب وتحولا في تصورهم للأشياء المهمة بالنسبة لهم، فهذا الجهاز الذي لا يعرفه من هو في عمري سوى أنه لعبة يتسلى بها الأطفال والمراهقون، اكتسبت قيمة حقيقية في وجودهم الإنساني، وأصبحت، وفقا للشواهد الكثيرة، تمثل لهم جانبا حقيقيا من جوانب الحياة وليس مجرد مشاهد افتراضية يشاركون في تحريكها على الشاشاة وفق ما يحلو لهم ويساهم بإثارة حماستهم فيما بينهم!. ومن الواضح أن هذا التحول في الأولويات، على صعيد الاهتمامات الترفيهية التي لم تعد مجرد ألعاب وتسال، يعكس تقدمًا تكنولوجيًا هائلاً من جهة، وتأثيرا متعاظمة لتطبيقات التكنولوجيا على حياة الأجيال الجديدة كما ينبغي أن يعيشوا هذه الحياة. فهذا المراهق الذي داهمه الزلزال وهو في بيته، كما بدا واضحا من قطعة الملابس الداخلية التي يرتديها، لم يجد شيئا يستحق أن يشاركه رحلة محاولة النجاة من مخاطر الزلزال سوى جهاز الألعاب، الافتراضية، وهنا تكمن واحدة من مفارقات المشهد. فتلك اللعبة التي نصفها بأنها افتراضية استحقت من وجهة نظر هذا المراهق وقناعته أن تكون وجودا حقيقيا يستحق النجاة من مخاطر الزلزال أكثر من أي شيء آخر كان قادرا على إنقاذه، باعتبارها واحدة من وسائله الخاصة للتعبير الفردي والتطور الشخصي في منافساته مع الآخرين الذين يشاركونه الشغف ذاته واللعب نفسه حول العالم كله!. الأمر ليس تافها إذن وهو ليس مدعاة للتندر والسخرية بقدر ما هو إشارة للجميع ينبغي تلقيها وقراءتها بدقة، لنعرف أن هذا التحول السلس في الأولويات لدى الفرد يعكس مفهوما جديدا للحياة لديه، وهو ما سيجعله يعمل لاحقا وفقا لهذا المفهوم في سبيل تحقيق كل ما يتمناه في هذه الحياة كما يفهمها هو وجيله. ولذا علينا أن نتفهم ونقدر التغيرات التي يشهدها العالم وأولويات الأجيال المختلفة بصورة أخرى تجعلنا لا نرى في صورة الشاب الذي انقذ لعبته من الزلزال صورة لافتة وغريبة في سياقها. وقد يكون من المفيد أن نبذل جهودًا لفهم الاهتمامات والقيم التي يحملها الأفراد في مجتمعنا، وأن نبني جسوراً للتواصل والتفاهم بين الأجيال المختلفة. من خلال ذلك، يمكننا تعزيز روح التسامح والتعايش في المجتمع والاستفادة من التقدم التكنولوجي والثقافي الذي يحققه الجيل الحالي.
852
| 11 سبتمبر 2023
أتساءل عن حجم خسائر الذين فقدوا إيمانهم بالأمل. أتساءل عما إذا كانوا قد أدركوا أخيرا ما خسروه لصالح العدم وحده، ومجانا! وأتساءل أيضا عن جدوى الحياة كلها إن لم يكن الأمل أحد أهم مفرداتها على الإطلاق! في عالم مليء بالتحديات والمشاكل، يبدو أن الأمل كقيمة إنسانية عالية، يتلاشى ويختفي من حياة البشر. يواجه الكثيرون تحديات صعبة وظروفًا قاسية تجعلهم يشكون في إمكانية تحقيق أحلامهم وتحقيق طموحاتهم. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان الأمل وانخفاض الإيمان في المستقبل. وفقدان الأمل قد ينجم عن تجارب صعبة ومآس شخصية، مثل فقدان العمل أو المواجهة المستمرة للفشل في تحقيق الأهداف، أو التماس المباشر مع الموت الذي يمتحننا في أقرب الناس إلينا، ولكن هناك أسباب أخرى أكثر شمولية منها الأحداث العالمية المدمرة، كالكوارث الطبيعية، والحروب، والأزمات الاقتصادية، أو حتى الأزمات الصحية العامة وآخرها جائحة كورونا التي اجتاحت الكرة الأرضية بأسرها وعرضت البشرية لتحدٍّ عالمي موحد لقيم إنسانية كثيرة. الخسائر دائما كثيرة على الصعيدين الفردي والجمعي، فعندما يفقد الناس الأمل، يمكن أن يعانوا من عواقب سلبية على صحتهم العقلية والجسدية، فيصابون، على سبيل المثال، بالاكتئاب والقلق وفقدان الثقة في الذات بالإضافة الى فقدان الثقة بالآخرين حولهم وخصوصا من أولئك الذين يقدمون لهم وجبة الأمل باعتبارها الوجبة المنقذة! ذلك أنهم يصبحون عرضة للشعور بالإحباط والتشاؤم، ويمكن أن يعجزوا عن الاستمتاع بالحياة وتحقيق السعادة الشخصية. إن معالجة هذه المشكلة تتطلب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من اليأس. نعم.. يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز الصحة العقلية وتعزيز الإيجابية في حياة الناس. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير الدعم العاطفي والمشورة، سواء عن طريق الأصدقاء والعائلة أو من خلال المؤسسات الخاصة بالصحة النفسية والاستشارة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون القصص الإلهامية والنماذج الإيجابية مصدرًا للاستلهام والتشجيع. فعندما يرى الخاسرون في تحدي الأمل أمثلة حية للآخرين الذين واجهوا التحديات وتغلبوا عليها فاستعادوا شغفهم بالحياة، سيكونون أكثر استعدادا لإعادة إشعال شرارة الأمل في قلوبهم، وقد تكون التكنولوجيا أيضًا وسيلة فعالة للتواصل وتبادل القصص والخبرات، إذ يمكن للمنصات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية أن تكون مساحات للتحفيز والتعبير عما يختلج في النفوس حيث سيجد فيها اليائسون مجتمعات يمكنهم مشاركة قصصهم معها أو مع الذين يمرون بقصص مماثلة، مما يخفف الشعور بالعزلة ويوفر بيئة داعمة للتعافي. والأمل حالة ذهنية وعاطفية تعبر عن الثقة والتفاؤل بأن الأشياء ستتحسن وستتطور في المستقبل. وهي قوة داخلية تدفع الأفراد إلى الاستمرار، حيث يمنح المرء الشعور بالحياة والدافع للسعي نحو تحقيق الأهداف والأحلام. وهو أيضا رد فعل إيجابي يولد الطاقة والتفاؤل، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية والجسدية، ويساعدنا على التغلب على الصعاب والمواجهة النفسية، كما يعزز قدرتنا على التكيف مع التحولات والتغيرات المتصاعدة في الحياة، فعندما يكون المرء متحمسًا ومتفائلا بشأن مستقبله، سيعمل بجد لتحويل تلك الأفكار إلى واقع. ولذلك فالأمل كقيمة ليس مجرد أمنية عابرة، أو معالجة نفسية آنية وحسب، بل هو أيضا قوة داخلية تحملنا عبر الأوقات الصعبة على أجنحة الحياة وتعيد إلينا الثقة في أن الحياة قد تحمل لنا أيامًا أفضل في فسحة العيش التي ستكون ضيقة فعلا لولا تلك الفسحة المهمة التي تسمى فسحة الأمل!
1137
| 04 سبتمبر 2023
إلى أي مدى تغلغل مشاهير التواصل الاجتماعي في حياتنا هذه الأيام؟ كيف أصبحوا تدريجيا جزءا لا يتجزأ من يوميات كثير من الأسر؟ لماذا صار ما يروجونه من سلع وأدوات وأزياء ومستحضرات تجميل وعطور وغيرها من الأمور الضرورية وغير الضرورية هي الرائجة، أو «الترند» وفقا للمصطلح الدارج في عوالمهم وحساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟ كيف أصبح أبناؤنا، بل كثير منا نحن الكبار، يشعر بالنقص الحقيقي، إن لم يلحق ذلك «الترند» فيشتري مما يروجونه من سلع ربما لا يحتاجها أحيانا وهو يعلم بل ومتأكد أنها لا تستحق السعر الذي يبيعها به هؤلاء مثلا؟ كيف تكونت لهؤلاء المشاهير، وأغلبهم من الفارغين نفسيا وثقافيا، كل هذه الهالة الكبيرة التي تجاوزوا فيها حتى المشاهير القدماء من الممثلين والمغنين والرياضيين على سبيل المثال؟ كيف أصبحوا مشاهير؟ وكيف استحقوا لقب «مؤثرين» فأمعنوا في تأثيرهم السلبي على كل من يتابعهم حتى من دون أن يشعروا بذلك أحيانا؟ ألوان وأضواء وحكايات تافهة ومعلومات مغلوطة ونميمة قميئة وأفكار سقيمة وإشاعات في كل المجالات، واستعراض للخصوصيات وأسرار البيوت، وتفاخر بالثروات والممتلكات والسفرات، وغيرها من أمور كانت الى سنوات قريبة جدا من المحرمات اجتماعيا فأصبحت بوجود هؤلاء «المشاهير» من ضرورات الحياة، يطمح إليها الشباب والفتيات، ويضغطون على أسرهم للوصول إليها. لقد أصبح هؤلاء المشاهير أكثر خطرا مما كنا نتوقعه في بدايات انتشار الظاهرة، بعد أن اكتشفوا أن شهرتهم التي هي رأس مالهم فيما هم عليه، تحتاج المزيد من الانكشاف أمام الآخرين، والمزيد من الانغماس في تصرفاتهم الغريبة في سبيل لفت نظر أكثر عدد ممكن من الناس بعد أن تكاثرت أعدادهم، وأصبحت آلياتهم القديمة في تحقيق الشهرة غير مجدية! وهكذا أصبحنا نرصد المزيد من التصرفات التي تجعلهم دائما في قلب الأحداث اليومية لنا جميعا رغما عنا دائما!. لقد أكد لنا الزخم الإعلامي والشعبي الذي أعقب الحادث المروري المأساوي لإحدى مشاهير التواصل الاجتماعي في الكويت مؤخرا، الحجم الكبير الذي احتلته ظاهرة المشاهير في حياتنا وتأثيرها السيئ من حيث ندري أو لا ندري أحيانا. لقد أودى الحادث، الذي لم تعرف ملابساته بعد، رغم بعد الأخبار غير الرسمية التي انتشرت عنه، بحياة ثلاثة شباب، في حين نجت منه المشهورة التي قبض عليها لاحقا وما زالت في طور التحقيق معها!. مأساوية الحادث لها دور كبير في حجم ما انتشر عنه من أخبار أشغلت المجتمع الكويتي بأكمله، لكن وجود مشهورة يعرفها معظم من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ضاعف من حجم الحادث إعلاميا وشعبيا، وهو ما يثبت لنا خطورة الدور الذي يضطلع به هؤلاء المشاهير ومدى تأثيرهم علينا جميعا وعلى أبنائنا من المراهقين والمراهقات. لقد هالني مثلا أن الجميع تقريبا يعرف هذه الفتاة، ويعرف دقائق حياتها في كل شيء تقريبا، حتى أنني سمعت أطفالا لا يتعدى أكبرهم التاسعة من عمره يتحدثون عنها بتعاطف شديد لأنها وفق كلامهم، فقدت والدها مؤخرا، وأنها تمر لذلك بظروف نفسية قاسية ولذا فهم متعاطفون معها حتى وهم شبه متأكدين من مسؤوليتها عن الحادث!. بل إن هناك من تعاطف معها، رغم ذلك، فقط لأنها فتاة جميلة ومشهورة ومحبوبة من قبل متابعيها. أما من حملها المسؤولية كاملة وطالب حتى بإعدامها قبل انتهاء التحقيق والمحاكمة، وقبل حتى أن نتأكد من التفاصيل المعلنة، فقد فعل ذلك أيضا لأنها مشهورة ومعروفة وتحظى بجماهيرية بين الكثيرين، وأنها ثرية تعيش حياة بذخ ومساحة واسعة من الحرية الشخصية بما لا يشبه وضع مثيلاتها من الفتيات الكويتيات، ما جعل من ذلك الوضع مدعاة لتجريمها قبل التحقق من الجريمة!. هذا يعني أن شهرة الفتاة أصبحت هي موضوع الحكاية في تفاصيل الحادث، أما الشباب الثلاثة الذين توفاهم الله في ذلك الحادث فليسوا سوى تفصيلة صغيرة في اكتمال المشهد كله للأسف! رحمهم الله.
921
| 28 أغسطس 2023
أثار منشور كتبته الكاتبة أحلام مستغانمي مؤخرا حول رسائل بريدية تحتفظ بها من الشاعر غازي القصيبي، اهتمام كثير من القراء الذين علقوا على منشور مستغانمي في منصة إكس أو تويتر سابقا. قالت صاحبة ذاكرة الجسد في منشورها المثير والذي أرفقته بمقطع فيديو قصير استعرضت فيه أغلفة الرسائل المعنية: «أحتفظ بـ 22 رسالة للدكتور غازي القصيبي رحمه الله، كهدية متأخرة منه. وهدايا أخرى شاعرية أو طريفة أرسلها لي حسب مزاجه العاطفي أو الشعري. أحتفظ بها بما يليق بمعزته لي وثقته بي. في ذكرى رحيله عدت إليها بأسى الفقدان. كان زمن الأحبة النبلاء الكبار مقاما ومشاعر. كان رحمه الله يحتاج أن يقدم أوراق اعتماده يوميا للشعر، من أجل أن يكتب. فيتحرش بالحب أو بالكتّاب من حوله لينازلوه أو يلهموه نصا شعريا. رحمك الله أيها الفريد نبلا.. أفتقدك أيها الكبير». ربط كثير من القراء الذين علقوا على منشورها الطويل نسبيا بين ما كتبته فيه وما سبق أن كتبه القصيبي في رواية العصفورية؛ «هل أخبرتك أني أعرف غادة السمان؟ ولكنني أتجنب مراسلتها لأنها مصابة بعادة خطرة هي نشر كل ما يصلها من رسائل عاطفية»! ويبدو أن هذا الربط جاء في سياق إشارة أحلام لتلك الرسائل التي تملكها بما يشي ولو عرضيا بمضمونها ما اعتبره كثيرون بأنه اقتفاء لخطى غادة السمان التي نشرت رسائل غسان كنفاني لها في كتاب شهير. وحديث الرسائل بين الأدباء والاديبات تحديدا حديث يطول ودائما يأتي محفوفا بإحراجات تبعده من جادة الأدب لتلقي به في مهاوي الأخبار والشائعات، وهو ما جعل كل محاولة لنشر رسائل من هذا النوع مخاطرة حقيقية تواجهها الكاتبة بالذات خاصة أن معظم من أقدم على نشر هذا النوع من الرسائل في تاريخنا الحديث هن النساء وليس الرجال، لأسباب لا تكاد تخفى على من يعرف السياق الاجتماعي العام في ثقافتنا العربية على صعيد التعامل مع المرأة ومع الرجل كل على حدة فيما يتعلق بما يبوحون به عبر الرسائل مهما كان نوعها! فلأن الرجال يحظون بتسامح اجتماعي متوارث في كل ما يبوحون به شعرا ونثرا عبر الرسائل، العاطفية تحديدا، تواجه النساء بترهيب يضطرهن للاحتفاظ ببوحهن في الأدراج السرية. وهذا يعني، وياللمفارقة، أن للنساء وحدهن الحق في الكشف عن تلك الرسائل وعن أصحابها لأن الضرر يقع افتراضيا عليهن وحدهن، وبالتالي فهن من يقررن فتح باب المواجهة مع المجتمع إن أردن الكشف عن محتويات أدراجهن السرية!. ورغم أن أحلام صاغت منشورها بما يشير لعلاقة صداقة بريئة وأخوية بينها وبينه، وهي لم تنشر محتوى الرسائل التي كانت تصلها من لندن حيث كان يقيم القصيبي الى بيروت حيث تقيم هي، إلا أن إشاراتها العرضية للمحتوى كانت كافية للربط بينها وبين غادة السمان من جهة، وبين منشورها وبين امتعاض القصيبي من نشر غادة السمان لرسائل كنفاني، كما ورد على لسان بطل روايته العصفورية من جهة أخرى، وهو ما ضاعف من درجة الإثارة التي حظي بها المنشور وأعاد السؤال القديم والذي سبق أن أثاره كتاب غادة السمان عند صدوره قبل سنوات؛ هل يحق للمرسل إليه أن ينشر على الملأ رسائل خاصة من دون استئذان المرسل أو بعد موته تحديدا؟ وهل شهرة الطرفين أو أحدهما في الكتابة تساهم في التسامح مع فكرة النشر باعتبار أن هذه الرسائل بعد رحيل كاتبها تصبح ملكا لقرائه؟ ستبقى الأسئلة مفتوحة في طريقها للاهمال ما دامت فكرة الرسائل نفسها في طريقها للموت بعد أن سرقت وسائل التواصل الحديث والفوري منها رونقها القديم ومكانتها الأثيرة في النفوس والأدراج السرية.
726
| 21 أغسطس 2023
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4245
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1980
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1773
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1431
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1164
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
909
| 03 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
747
| 09 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
663
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
639
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
573
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
564
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية