رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثماني حكايات زفر بها البحر القديم على سواحل قطر الحديثة، ثماني قصص عكست حياة الماضي كلوحة حية بأحداثها وشخوصها خطها قلم كاتبة شابة من جيل الألفية الجديدة، الكاتبة آمنة البوعينين أثبتت أنه مهما مر الزمان سيبقى الماضي محفوراً في نفوس الأجيال المتتابعة، وأن التعلق بالماضي سمة متأصلة في طبيعة القطريين، وقد أثبت ذلك الروائيون القطريون قبلها باهتمامهم بتاريخ وحاضر بلدهم، فاستلهموا من تجاربهم وتجارب أي مواطن قطري من زمن غابر أو معاصر مختلف القضايا، كتخليد حكاية الأجداد المرتبطة بالبحر؛ لتكريمهم من خلال السرد بهدف تخليد ذكراهم وتثبيت واقع الاعتراف بفضلهم في بناء البلد. أبدع مجموعة من الروائيين في وصف الأحداث في حقبة من الزمن بمظاهرها المختلفة، رغم أنهم لم يعيشوا خلال تلك الحقبة، وهي حقبة ما قبل اكتشاف البترول من خلال مزج الوصف بالخيال الذي توحي به الحقائق المأخوذة من الكتب الوثائقية أو من ذاكرة الأجداد الذين عاشوا في تلك الحقبة؛ لذا نجد أن من كتب عن تلك الأيام هم من مواليد الخمسينات حتى السبعينات الذين عاشروا أولئك الأجداد، فقد برز إبداعهم في وصف رحلات الغوص ووصف الصراعات في منطقة الخليج مع المستعمرين والطامعين من الفرس والبريطانيين، وكذلك وصف رحلة حياة الرقيق في الخليج من الحرية إلى العبودية والشقاء، وقد أثبتت الكاتبة آمنة أن عدوى الشغف نحو حياة أهل قطر في الماضي القديم قد انتقلت إلى الجيل الجديد، ويبدو لنا جليا أن الكتابة الإبداعية القطرية، سواء الرواية أو القصص القصيرة، قادرة على احتضان المكونات التاريخية والاجتماعية والهوياتية؛ وذلك لأنها تستند مرجعيا إلى الذاكرة الجماعية، والتجارب الشخصية لمختلف الأجيال. استطاع الكتاب القطريون الأوائل إعادة تشكيل وتصوير مختلف الحقب والشرائح في أعمالهم الأدبية واستطاعت الكاتبة الشابة آمنة أن تنضم لأولئك الكتاب وهي بهذا تثبت أن الجيل الجديد لا يقل جدارة عمن سبقوه في هذا المجال كما أنها بهذا الإصدار تثبت للجميع جدية شباب جيلها في البحث عن المعلومة التاريخية والنبش في ماضي الأجداد لتكون سفيرة ذلك الزمن العريق لجيلها وللأجيال القادمة وتقديمه بصورة مبدعة بفضل قلمها الجميل الذي تسلحت به. نجحت تجربة آمنة الإبداعية من خلال القصص القصيرة في تقديم صورة حية للواقع الاجتماعي في فترات محددة من تاريخ وحاضر البلد، فمع تعدد الانتاجات الإبداعية تصبح الصورة أكثر وضوحا بتقاطع الحكايات التي يقدمها المؤلفون لفهم خصوصية مرحلة أو مراحل معينة وتوظيفها في الإنتاج الإبداعي، مثل حقبة الغوص وصيد اللؤلؤ لتصبح جزءا من الحكايات المسرودة، فعرضوها بتفاصيلها لإبراز الأبعاد الاجتماعية والثقافية المبطنة في الروايات والقصص القطرية والخوض في الكثير من المسائل التي كانت مخفية ومحظورة من خلال التمكن من أدوات السرد وتقنياته بالوصف المباشر أو الدلالات الرمزية غير المباشرة. وقد أكدت آمنة من خلال إصدارها، حينما يزفر البحر، على نتائج الدراسات التي قامت على الإنتاج الأدبي في قطر وهي أن القصة والرواية في قطر منذ نشأتهما حتى الألفية الثانية تركز على الموروث الاجتماعي والثقافي في فترتي ما قبل النفط وما بعده، والتي أبرزت العلاقات التي يفترضها غولدمان بين العمل الإبداعي الروائي والبنية الاقتصادية في المجتمع فربط الرواية كمرآة للمجتمع، فكما طوع الإنسان القطري القديم البيئة لخدمته طوع الروائي القطري قلمه لوصف تلك البيئة والحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية القائمة عليها. استخدمت الكاتبة الصور البيانية والوصف كتقنيات في السرد للكشف عن جوهر تلك الحياة وتلك العلاقات بطريقة تجعل المتلقي يستشعر جمال أثرها على مشاعره ويثبت صورة المكان والأحداث والشخصيات في ذهنه. امتلكت الكاتبة آمنة القدرة على إبراز أهمية البحر(أدب البحر) في حياة القدماء وتصويره ككنز لا ينضب من الحكايات المشوقة التي تعكس العلاقة بين الإنسان القديم والبحر بما يحقق المتعة الجمالية المطلوبة في الإبداع القصصي، فقد كانت قادرة على احتضان المكونات التاريخية والاجتماعية والهوياتية؛ وذلك لأنها تستند مرجعيا إلى الذاكرة الجماعية، والتجارب الشخصية لمختلف الأجيال. إن الوصف التفصيلي الذي مارسته الكاتبة في تصوير الفريج وأزقته وبيوته وعلاقاته الاجتماعية، لم يكن وصفًا زخرفيًا فحسب، بل كان يحمل وظائف متعددة، من بينها الوظيفة الرمزية التي تعكس الحالة النفسية للشخصيات، والوظيفة التفسيرية التي تبرز القيم الاجتماعية، وكذلك الوظيفة الإيهامية التي تجعل القارئ يعيش التفاصيل وكأنه جزء منها. من المهم جداً الحديث عن تمثلات المرأة في قصص آمنة، فقد برزت في تلك القصص رؤية نسائية مميزة، حيث استخدمت الكاتبة الفضاء المكاني الأدبي للكشف عن التحديات الاجتماعية التي واجهتها المرأة القطرية، من قيود مجتمعية إلى تطلعاتها نحو التعليم والاستقلالية، وقد جسّدت ايضاً الفريج كفضاء مزدوج يحمل الحميمية والانغلاق في آن واحد. إن الأحداث في قصص آمنة لم تكن فقط انعكاسًا للتحولات الاقتصادية، بل كانت أيضًا مساحة لرصد التحولات النفسية والانفعالات الداخلية؛ مما أكسب السرد طابعًا جماليًا يزاوج بين الحس الواقعي والبعد الرمزي.
447
| 04 يونيو 2025
مساحة إعلانية
 
        نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6627
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6492
| 24 أكتوبر 2025
 
        المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2676
| 28 أكتوبر 2025
 
        كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2013
| 30 أكتوبر 2025
 
        جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1698
| 26 أكتوبر 2025
 
        على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1506
| 27 أكتوبر 2025
 
        النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1062
| 24 أكتوبر 2025
 
        لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1014
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1011
| 24 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1008
| 29 أكتوبر 2025
 
        “أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
942
| 27 أكتوبر 2025
 
        عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
852
| 26 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
