رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الأسبلة والأوقاف المائية

"سبيلُ الماء"، أو "ماءُ السَّبيل" بمعنى واحد وهو: الماء العذب الذي يتبرع به المحسنون لمن يحتاجه مجاناً. وإذا قلت: سبيل الماء؛ فالمقصود هو الحوض، أو الإناء، أو الخزان، أو المبنى المخصص لحفظ الماء وإتاحته لمن يحتاجه. أما إذا قلت "ماء السبيل"؛ فالمقصود هو تلك المياه العذبة المجانية النقية المعدة للشرب ــ للإنسان وللحيوان وللطيور ــ وعادة ما تكون متاحة من خلال وعاء من تلك الأوعية المخصصة لحفظ المياه وتوزيعها أو إتاحتها لمن يحتاجها. وكانت أسبلة المياه من أهم الأوقاف الخيرية التي يقبل على إنشائها المحسنون وأهل التقوى. أما سبب إضافة الماء إلى "السبيل"، أو السبيل إلى "الماء" فهو أن هدف الواقف الذي أتاح هذا الماء وتعب في توفيره وتنقيته وحفظه وتوزيعه هو تحصيل الثواب من الله تعالى؛ شأنه شأن من ينفق ماله في "سبيل الله"، أو شأن الذي يبذل دمه وهو يجاهد في "سبيل الله"، أو الذي يقدم معونة لعابر السبيل (ابن السبيل) الذي نفدت مؤونته وانقطعت به السبل، رجاء أن يتمكن من بلوغِ مقصده. وقد حفلت حضارتنا الإسلامية بروائع من الأوقاف التي خصصها أصحابها لأسبلة الماء في الحواضر والبوادي، وفي المنازل والشوارع، وفي طرق السفر الطويل، وبخاصة طرق الحج إلى بيت الله الحرام، وفي كل مكان يوجدُ فيه، أو يمرُّ به: إنسان، أو حيوان، أو طائر؛ حتى يرتوي من ماء السبيل مجاناً متى أدركه العطش. وامتلكت حضارتنا "ثروة وقفية مائية" لا نظير لها في تاريخ الحضارات الأخرى قاطبة. وصار للأوقاف المائية تقاليد، ومعالم، ورموز وشارات، وأدوات. واصطبغت هذه التقاليد بصبغة دينية روحية رغم أنها مسائل مادية صرف، وذلك إلى الحد الذي وصفها الواقفون بأنها "شعائر السبيل"، أو "شعائر أوقاف المياه"، قياساً ـ مع الفارق ـ مع شعائر العبادات من صلاة وصوم وحج. وأخذ ـ أوقاف "أسبلة المياه" في بعض الحالات شكل بناء له طراز معماري خاص أنيق ورشيق وله زينة بالغة الجمال. وتسابق المحسنون على مرِّ الزمن في هذا العمل الخيري النبيل، وأوقفُوا له من أملاكَهم من الأراضي والعقارات والنقود للإنفاق من ريعها لضمان توافر ماء السبيل على الدوام. وحظيت منشآت "الأسبلة" بعناية فائقة كي تبدو جميلة ونظيفة ومبهجة لكل من يمر بها أو يشرب من مياهها. وكانت في الأزمنة الماضية تقوم مقام مرفق المياه في زمننا الحاضر ؛ مع فارق أساسي هو أنها كانت مجانية مائة بالمائة، ونقية وصالحة للشرب بلا شائبة. وغالباً ما تجاورت مؤسسات الأوقاف المائية من أسبلة وخزانات وصهاريج مع مؤسسات المنشآت الخيرية الأخرى. فكان سبيل، أو الصهريج المخصص لتخزين المياه أسفل السبيل، مجاوراً لحمَّام النظافة الشخصية، أو لبئر ماء معين، وكلها كانت: إما ملحقة بمدرسة وقفية، أو برباط أو تكية، أم بمكتب لتحفيظ القرآن الكريم. وقد أحصى علي باشا مبارك في خططه عشرات الوقفيات المائية منها: خمسون سبيلاً، وأربعة وعشرون حماماً عامّاً في القاهرة وحدها في نهايات القرن الثالث عشر الهجري/ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.

924

| 03 مارس 2025

الوقف وخيراته في رمضان

«الوقف» سنَّةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم. الغرضُ منها حصول الثواب من الله تعالى عن طريق تقديم المساعدة للآخرين ومختلف صور التضامن الاجتماعي. وأولُ من أنشأ وقفاً في الإسلام هو الرسول الكريم. وتابعه الصحابة والتابعون والمحسنون على مر عصور الحضارة الإسلامية إلى اليوم. وقد عرف الفقهاء الوقف بأنه: حبس الأصل وتسبيل الثمرة أو المنفعة في وجوه الخيرات. أي: التبرع بأصل اقتصادي مملوك ليكون على حكم ملك الله تعالى، فلا يباع ولا يوهب ولا يرهن ولا يورث، مع التصدق بمنفعته في وجه البر والخيرات. وقد اعتاد المسلمون في شهر رمضان المبارك على الإكثار من فعل الخيرات وتقديم الصدقات وإنشاء الأوقاف الجديدة، احتفاءً بهذا الشهر الكريم، ورجاء في مضاعفة الثواب من رب العالمين. وللوقف ثلاثة أنواع: أولها هو الوقف الخيري، وهو ما يصرف ريعه للإنفاق منذ البداية في وجوه البر والخيرات العامة. وثانيها الوقف الأهلي، وهو ما يصرف ريعه للإنفاق على النفس والأهل والذرية، أو على أشخاص معينين، ثم يؤول في نهايته بانقراضهم إلى الخيرات والمنافع العامة. وثالثها الوقف المشترك، وهو الذي تكون فيه حصة خيرية، وحصة أهلية. وقد شملت وجوه البر والخيرات التي أنشأتها الأوقاف أو مولتها في حضارتنا الإسلامية: المساجد، والمدارس، والمعاهد والجامعات، وإرسال بعثات علمية، والمكتبات، والمشافي، ودور الإيواء، والفقراء، والمساكين، والمرضى، وطلبة العلم، والأيتام، والأرامل، والعجزة والمعاقين، وأسبلة مياه الشرب، ورفادة الحجاج والمعتمرين، ونفقات المجاهدين، وفداء الأسرى، ورعاية المسجونين، وإنارة الطرق، وتمهيد الشوارع، وإنشاء الأسوار والقلاع الدفاعية، وقراءة القرآن، والتوسعة على الأهل والأقارب والفقراء في المواسم والأعياد. وتزويج اليتيمات، وإكرام الضيوف، وإطعام الطيور والكلاب الضالة، وخيول المجاهدين، وإنشاء المكتبات العامة والتبرع بمخطوطات كتب العلم ووقفها. وكل تلك المبادرات الخيرية الوقفية شكلت في مجموعها قاعدة صلبة للمجتمع الإسلامي المتمدن، وأسهمت في بناء مجال تعاوني مشترك بين المجتمع والدولة، وأسهمت أيضاً في توسيع مجال الحريات العامة والمشاركة الاجتماعية على نطاق واسع. وتمثلت القاعدة الاقتصادية لنظام الوقف في الأراضي الزراعية والعقارات المبنية، وأدوات الإنتاج مثل مصايد الأسماك، وأفران الخبز، ومطاحن الغلال إلخ. وفي العصر العثماني أضيفت أوقاف النقود، كما أضيفت في العصر الحديث الإيداعات البنكية الإسلامية، وبعض الصيغ المستحدثة من الأوراق المالية مثل الأسهم والصكوك. وارتبطت فاعلية نظام الوقف بمقاصد الشريعة قوة وازدهاراً؛ وكان كلما اقتربت مصارف الوقف ومشروعاته الخيرية من تحقيق مقصد أو أكثر من المقاصد العامة للشريعة، زادت فاعليته في الواقع الاجتماعي والعكس صحيح. وكان من أهم عناصر البناء المؤسسي للوقف واستقراره: أولاًـ احترام إرادة الواقف وشروطه التي يضعها لإدارة وقفيته. ثانياً ـ الإقرار بالشخصية المعنوية للوقف فلا ينهدم بموت الواقف وإنما يستمر طالما بقيت أصوله الاقتصادية باقية ومنتجة للمنافع، ويتمتع بالحقوق ويتحمل الالتزامات. ثالثاً ـ اختصاص القضاء بالإشراف العام على الأوقاف إلى جانب اختصاصه بالفصل في الخصومات ذات الصلة بمسائلها وقضاياها المختلفة. وتكشف لنا سجلات الأوقاف على امتداد مجتمعات أمتنا الإسلامية عن إبداعات لا حصر لها في المبادرات الوقفية الرمضانية، كما تكشف عن منافسات أهل الخير وتسابقهم في التفنن في إحساناتهم الوقفية وتقديمها بأفضل صورة للفقراء وذوي الحاجات والأيتام وطلاب العلم والغرماء والغرباء والعاجزين عن الكسب، وكل هذا رجاء القرب من الله والفوز بالجنة.

459

| 01 مارس 2025

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6546

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6429

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3144

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2127

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1872

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1677

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1275

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1029

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

999

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

948

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
توطين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي القطري

يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...

906

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

879

| 27 أكتوبر 2025

أخبار محلية