رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

والوزن يومئذ الحق

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); روى الحاكم بسند صحيح من حديث سلمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُوضَع الميزان يوم القيامة، فلو وُزِن فيه السموات والأرض لوَسِعتْ، فتقول الملائكة: يا رب، لمن يَزِن هذا؟ فيقول الله: لمن شئتُ من خَلْقي فيقولون: سبحانك ما عبدناك حقَّ عبادتك!)). ميزان دقيق يُنصَب، وميزان عَدْل يُوضَع، وميزان عظيم لا يعلم حقيقته إلا الله، تَشهَده الخلائق: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]. في شُعَب الإيمان للبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "الميزان له لسان وكِفَّتان، يُوزَن فيه الحسنات والسيئات"، إنه دقيق يَزِن مِثقال الذرة وحبة الخردل. ذكَر أهلُ التفسير أن داود - عليه السلام - سأل ربَّه أن يُريه الميزان، فلما رآه غُشي عليه، فلما أفاق قال: يا إلهي، مَن الذي يَقدِر أن يملأ كِفَّته حسنات؟! فقال: ((يا داود، إني إذا رضيتُ عن عبدي ملأتها بتمرة)). ميزان خافه أنس رضي الله عنه؛ روى الترمذي بسند صحيح عنه، أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: ((أنا فاعل))، قلت: يا رسول الله، فأين أطلبك؟ قال: ((اطلبني أول ما تَطلُبني على الصراط))، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: ((فاطلبني عند الميزان))، قلت: فإن لم أَلقك عند الميزان؟ قال: ((فاطلبني عند الحوض؛ فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن)). فعند الميزان موقف تحتاج فيه الخلائق إلى شفيع، ومَحَل تحتاج فيه الخلائق إلى رحمة؛ لهول المشهد ودقة الميزان، والخوف من ردِّ الكثير من الأعمال وعدم قَبُولها: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8]، وهنا سؤال مهم، ما الذي يُوزَن؟ أهو العمل؟ أم الصحف التي كُتِبت فيها الأعمال؟ أم العامل نفسه؟ والذي يُرجِّحه علماؤنا - كابن كثير، والقرطبي... وغيرهم - أن الميزان سيَزِن كلَّ شيء: الأعمال، والصحف التي كُتِبت فيها، والعامل الذي قدَّمها. فأما الأعمال، فوزنها جاء في أحاديث كثيرة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أحمد وأبو داود بسندٍ صحيحٍ من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: ((ما من شيء في الميزان أَثْقل من حُسْن الخُلُق))، وحُسْن الخُلُق عمل، وكذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتَّفق عليه من رواية أبي هريرة: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده))، وقوله عليه الصلاة والسلام أيضًا: ((والحمد لله تملأ الميزان))، والذِّكر من الأعمال، وكذا تُوزَن الصلاة والصيام والصدقات... وغيرها من الطاعات. وأما صُحُف الأعمال فتُوزن؛ كما أخرج ابن ماجه وغيره بسند صحيح، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُصاح برجل من أُمَّتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيُنشَر له تسعة وتسعون سِجِلاًّ، كلُّ سِجِلٍّ مدَّ البَصَر، ثم يقول الله تبارك وتعالى: هل تُنكِر مِن هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أظلمك كَتَبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، ثم يقول: ألك عُذْر، ألك حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظُلْم عليك اليوم، فتُخرَج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السِّجِلات؟! فيقول: إنك لا تُظلَم، فتُوضَع السجلات في كِفَّة والبطاقة في كِفَّة، فطاشت السجلات، وثَقُلت البطاقة)). وأما العامل: فيُوزَن أيضًا؛ كما أخرج البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنه ليأتي الرجلُ العظيم السمين يوم القيامة، لا يَزِن عند الله جَناح بعوضة))، قال: ((واقرؤوا إن شتم: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105])). وقد أخرج الطبراني والبزَّار من حديث بريدة قال: كنا عند رسول الله، فأقبل رجلٌ من قريش فأدناه رسول الله وقرَّبه، فلما قام، قال: ((يا بريدة، أتعرف هذا؟))، قلت: نعم، هذا أوسط قريش حَسبًا وأكثرهم مالاً... ثلاثًا، فقلت: يا رسول الله، أنبأتك بعِلْمي فيه، فأنت أعلم، فقال: ((هذا ممن لا يُقيم الله له يوم القيامة وزنًا)).قارِن هذا مع ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما أخرج البيهقي في الدلائل بسندٍ صحيح، من حديث خالد بن معدان رضي الله عنه، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم قالوا له: أَخبِرنا عن نفسك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أتاني رجلان عليهما ثيابُ بياض، معهما طِسْت من ذهب، مملوءة ثَلجًا، فأضجعاني، فشقَّا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقَّاه، فأخرجا منه عَلَقة سوداء، فألقياها، ثم غسَلا قلبي وبطني بذلك الثَّلج، حتى إذا أَنْقَيا ثم ردَّاه كما كان، ثم قال أحدهما لصاحبه: زِنْه بعشرة من أمته، فوزنني بعشرة، فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنني بمائة، فوزنتهم، ثم قال: زِنه بألف من أمته، فوزنني بألف، فوزنتهم، فقال: دعه عنك، فلو وزنته بأمته لوزنهم))، فهذا رسولك عليه الصلاة والسلام يُوزَن بأمة، وانظر فيما صَحَّ عند أحمد وغيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: ((كنتُ أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سِواكًا من الأراك، فكانت الريح تَكفؤه، وكان في ساقه دِقَّة، فضحِك القوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يُضحِككم؟))، قالوا: من دقة ساقَيْه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لهما أَثْقلُ في الميزان من أُحُدٍ)). والسؤال هنا.. ما وزنك عند الله؟

3962

| 17 أغسطس 2015

مهلاً أيها الشامتون

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); روى البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء) وفي رواية (كان يتعوذ). مصائب تستحق أن يتعوذ منها كل مؤمن ، وبلايا ورزايا لا مخلص منها إلا الله فيستجار به ، وربما من أشد تلك المصائب وقعا على النفس وتأثيرا بها هو "شماتة الأعداء" ، فيفرح عدوك بما أصابك من سوء وما ألمت بك من محنة فيظهر فرحه وسخريته واستخفافه بك مع شدة جرحك وكبير ألمك وعظيم مصيبتك. ومن هنا نفهم ما أخرجه الحاكم بسند حسن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو : ( اللهم احفظني بالإسلام قائما واحفظني بالإسلام قاعدا واحفظني بالإسلام راقدا ولا تشمت بي عدواً حاسداً) ، لأننا نتفهم طبيعة تلك النفوس الحاقدة الحاسدة التي ملأها خبثها ونتن ريحها من ذلك الغل حتى فقدت بصيرتها فلا تقذف إلا بالسموم ولا تخرج إلا الرديء ، وكأن المولى يصف لنا حالهم فيقول جل في علاه : ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا)، لإنها نفسية المنافق والفاجر والفاسق. ينقل أهل التفسير عن وهب قال: أن أيوب عليه وعلى نبينا السلام قيل له : ما كان أشق عليك في بلائك : قال" شماتة الأعداء " ، وهو " الضر " الذي أصابه حين نادى ربه فقال : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) حيث كان لأيوب أخوان فأتياه فقاما بعيدا عنه لا يقدران أن يدنوا منه من نتن ريحه ، فقال أحدهما : لو علم الله في أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا البلاء ؛ فلم يسمع شيئا أشد عليه من هذه الكلمة ؛ فعند ذلك قال : {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} ثم قال : "اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت شبعان قط وأنا أعلم مكان جائع فصدقني" فنادى مناد من السماء " أن صدق عبدي" وهما يسمعان فخرا ساجدين. وتأمل في شماتة فرعون من موسى وأخيه حين قال: (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) بنفس خبيثة ساخرة حاقدة شامتة، حتى قال هارون عليه السلام لأخيه وهو يصدق لشماتة فرعون بهم: ( قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ). إنه داء الشماتة الذي أصاب تلك النفوس المنحطة الوضيعة فلا غرابة من أن يتصف المجرمون الحاقدون بها ، لكن الغرابة حين يصاب بعض أفراد أمتنا المسلمة بهذا الداء .. نعم الغرابة حين يشمت بمصائبك أقرب الناس إليه ، والغرابة حين يفرح بألمك من كنت تعتقد أنه صاحبك وخليلك ، والغرابة حين يسعد بجراحك من ينتسب إلى أمتك . فيموت أخوة لنا هنا وهناك فترى الشامتين يغردون ويكتبون ويتحدثون بفرحهم وسرورهم نكاية بإخوانهم ، ويحاصر أخواة لنا هنا وهناك فيعمل إعلام الشامتين على إظهار الغبطة والنشوة بما يحصل لأخوتهم ، وتباد أمة منا في شرق الأرض أو غربها فيتصدى الشامتون لوسائل التواصل يردحون ويرقصون طربا لتلك الإبادة ، وما ذلك إلا لأن الشامتين يختلفون مع أولئك في طروحاتهم أو آراءهم أو أفكارهم أو منهجيتهم . ولا أدري كيف يبيح المسلم لنفسه الشماتة من أخيه المسلم ؟ فهل لك أن تتشفى بمصيبة أخيك حتى وإن كنت تخالفه ؟ ألم يرد على مسامعك ما أخرجه الشيخان في الصحيح : (إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفساً ؟ ) فلو كان يهوديا ما جاز لك أن تشمت بمصيبته فكيف بأخيك المسلم ؟ أما تخشى أيها الشامت .. أما تخشى أن تبتلى بمثل ما ابتلي به أخيك المسلم ؟ كما روي في الأثر ( لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) ، يذكر أهل التاريخ أن القائد صلاح الدين حين مات فرح بموته أحد قادة الأقاليم واسمه سيف الدين حتى أسرف في الشماتة بموت صلاح الدين فلم يمهله الله بعد ذلك إلا شهرين فمات بعدها . حتى كان السلف يخافون من تلك الخصلة اللئيمة فقال أحدهم : شمت من رجل فقد أسنانه ففقدت أسناني ، وقال آخر : شمت من رجل فقير فأصابني الفقر ، وقال آخر : شمت بمفلس فأفلست ، حتى قال ابن مسعود : إني لأخشى أن أشمت بكلب . فكيف لنا أن نشمت بمصيبة مسلم ؟ وبلية مؤمن ؟ يروي أهل التفسير أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه حين قدم المدينة مسلما ، فكان المسلمون إذا رأوه قالوا ابن فرعون هذه الأمة فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ) وكأنه يؤدبهم بعدم الشماتة من أخيهم مهما حصل منه ما حصل فيما مضى . تأمل في النفوس الطاهر النقية الزكية كيف تتعامل مع خصومها ، فهذا يوسف عليه السلام يوم أن يأتيه أخوته وهم في أوضع صورة وأذل عبارة فيقولون : ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) فلم يشمت منهم لطاهرة قلبه وصفاء سريرته فقال : (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ، وهذا رسولك صلى الله عليه وسلم يدخل مكة فاتحاً فيقول : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا : أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء والله لا أقول لكم إلا ما قاله يوسف لأخوته : (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) . أخي المسلم .. أختي المسلمة .. لا تشمت بمصيبة تحل بأخيك ... فربما أُصبت بمثلها لا تشمت بمرض مسلم ... فربما أُصبت به لا تشمت بخراب ديار قوم .. فربما تصاب بذاك وتعوذ بالله من شماتة الأعداء

42835

| 03 أغسطس 2015

الدنيا سجن المؤمن

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" .سجن قديم قدم الأزل منذ أن خلق الله السماوات والأرض (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى). خالف آدم عليه السلام فكان العقاب في سجن يسمى سجن الدنيا، سجن المصائب وسجن الهموم وسجن المحن وسجن المرض وسجن الخوف وسجن الحزن وسجن الذنوب. وإذا جاء لفظ السجن تبادر إلى الذهن مباشرة القيد والحبس والسجان وضيق المكان وكآبة المشهد وظلمته، فلا تأكل إلا بأمر السجان ولا تلبس إلا بإذن السجان ولا تتحرك إلا وفق مراد السجان . تخيل أخي في الله ظلمة السجن وضمته وضيقه، تصور ذلك التفكير القاتل الذي يعيشه أهل السجن في سجنهم وهم ينتظرون ساعة الخلاص، تخيل ساعة الغروب التي إذا نزلت على السجين نزلت بكل هموم الدنيا وأثقالها وأحمالها وهو ينتظر الفجر لعله يأتي بالبشرى، لوعة يصورها يوسف عليه السلام في سجنه وهو يقول (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) وهو يتذكر جميل فضل الله عليه فيذكر أول ما يذكر خروجه من سجنه وحبسه وقيده. سجن الدنيا يكابد فيه نوح تكذيب قومه، ويعاني فيه إبراهيم جحود والده وذبح ولده، ويبتلى فيه يعقوب فيفقد قرة عينه، ويقاسي فيه موسى ظلم فرعون وجبروته، ويتألم فيه محمد صلى الله عليه وسلم من صدود عشيرته وقومه. الدنيا سجن الصالحين، فكم نغص فيها على أولياء الله تعالى، فسجن يوسف وحبس يونس في بطن الحوت وأرادوا فيها حبس النبي صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) .ولعلنا هنا نتساءل متى ساعة الإفراج من هذا السجن ؟ ومتى سيكسر ذلك القيد؟ وتأتي الإجابة كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد " .فالأجل وساعة الموت توقيت لحظة الإفراج من ذلك السجن، نعم هكذا فهم الأنبياء والصالحون ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت وهي تحدث عن ساعة احتضار النبي صلى الله عليه وسلم : " ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف ثم قال اللهم الرفيق الأعلى ، قلت إذن لا يختارنا ، قالت وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح في قوله إنه لن يقبض نبيٌّ قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير قالت عائشة فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اللهم الرفيق الأعلى " ، وكأنه عليه الصلاة والسلام ينظر إلى ساعة الإفراج من سجن الدنيا وهو يقول لربه ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) . ويؤكد مفهوم الإفراج من سجن الدنيا عند الموت ما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر، فقال: إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده فبكى أبو بكر، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به .فاختيار النبي صلى الله عليه وسلم للموت وتقديمه على غيره من خيار يشعرك بأن هناك فسحة بعد هذه الدنيا أوسع وأرحب وخصوصا للعبد الصالح، وهنا نطرح السؤال الثاني الذي ينبغي أن يسأله كل مسلم ، إلى أين بعد الخروج من السجن ؟ هل إلى جنة ؟ أم إلى غيرها ؟ فتأتي الإجابة كما في الصحيحين من حديث أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال مستريحٌ ومستراحٌ منه قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه فقال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب .لقد فهم الصحابة والتابعون من بعدهم حقيقة سجن الدنيا وعرفوا ساعة الإفراج وفهموا أين المصير من بعد ذلك السجن ، فتسمع أن أحدهم حين يقتل في سبيل الله يرفع صوته ويقول " فزت ورب الكعبة " وكأنه يتخيل لحظة كسر القيد، بل ربما يفرح كفرح بلال رضي الله عنه وهو يقول ساعة موته :" غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه ". أما نحن فنكثر من شراء العقارات في سجن الدنيا، ونبني قصورا في سجن الدنيا، وكثيرا ما ننشغل بصيانة ذلك السجن وتلوينه، بالله عليكم هل رأيتم سجينا يبني ويلون ويشتري في السجن ؟؟أخي في الله مهما بلغ شأن الإنسان في هذه الدنيا فهو في سجن إذا ما قورن بما عند الله جل في علاه، فلا تتعلق كثيرا بالدنيا ومتعتها وزينتها، فكلها زائلة مؤقتة، وستنتهي الدنيا ساعة الإفراج والخروج من قيدها، لما توفي صلاح الدين الأيوبي رأى فيه بعض أصحابه رؤيا يوم موته فبشر الناس وقال: لقد سمعت قائلا يقول لقد خرج يوسف من السجن، فأولوه بشارة لصلاح الدين بأن الله قد قبل عمله. اللهم اجعل خير أعمالنا آخرها وخير أيامنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك .

2131

| 20 يوليو 2015

ثلاثون يوما من أجل اللقاء

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا ، وبعد : يقول المولى عز وجل : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) سورة الأعراف 141-142 .لما أنجى الله عز وجل موسى ومن معه من المؤمنين من بني إسرائيل ، طلب بنو إسرائيل من موسى أن يجعل لهم إلها كما للمشركين إلها ، فقال عز وجل : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) ، فأدبهم موسى بأنه ذاهب إلى لقاء ربه يناجيه وسيعود بعد ثلاثين ليلة . فصام موسى عليه السلام شهرا ينتظر لقاء الله ، صام موسى شهرا وهو يتأمل أن ينزل الله عز وجل عليه التوراة ، صام موسى شهرا لعله يرجع إلى قومه ، حتى إذا جاء موعد اللقاء وجد رائحة كريهة في فمه فاستاك بلحاء شجرة ، فأوحى الله إليه يا موسى أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ، فأجله ربنا عشر ليال أخرى .ثم جاء اللقاء المرتقب ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) .لقد صمنا أيها الأحبة شهرا كاملا في رمضان لله كما صامه موسى عليه السلام ، صمنا ثلاثون ليلة نحيي فيها ذكرى نزول القرآن كما فعل موسى عليه السلام وهو ينتظر نزول التوراة عليه ، وها هو اللقاء به سبحانه يوم العيد كما حصل لموسى عليه السلام . فقد ورد في بعض الآثار الضعيفة أنه إذا كانت ليلة تسع وعشرين أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر كله فإذا كانت ليلة الفطر ارتجت الملائكة وتجلى الجبار بنوره مع أنه لا يصفه الواصفون فيقول للملائكة وهم في عيدهم من الغد : يا معشر الملائكة يوحي إليهم ما جزاء الأجير إذا أوفى عمله ؟ فتقول الملائكة : يوفى أجره . فيقول الله تعالى : أشهدكم أني قد غفرت لهم .يقول أحد السلف فيرجع أقوام من المصلى كيوم ولدتهم أمهاتهم .. اللهم فاجعلنا منهم .أيها الفضلاء .. الناس صنفان إما سابقون صاموا كما صام موسى ونالوا اللقاء وكرامته ، وإما متأخرون عبدوا العجل حين تأخر عليهم موسى وهم يائسون .فانظر على أي الحالين أنت يا رعاك الله ..واشكر ربك على عظيم نعمة الصيام والقرآن فقد قال سبحانه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )وأكمل الصيام ستا من شوال كما أكمل موسى عليه السلام عشرا ، ليستمر ركب الصائمين القائمين دون كلل أو ملل وأنت منهم في كل زمان ومكان .وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه

5493

| 28 يوليو 2014

alsharq
وزارة التربية.. خارج السرب

هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...

12567

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
تصحيح السوق أم بداية الانهيار؟

وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...

2460

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1770

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...

1350

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
المغرب يحطم الصعاب

في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...

1149

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
عمان .. من الإمام المؤسس إلى السلطان| هيثم .. تاريخ مشرق وإنجازات خالدة

القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...

1131

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
حديث مع طالب

كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...

957

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
العزلة ترميم للروح

في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...

909

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
وزيرة التربية والتعليم.. هذا ما نأمله

الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...

894

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
ارفع رأسك!

نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...

804

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
إستراتيجية توطين «صناعة البيتومين»

يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت...

687

| 17 نوفمبر 2025

alsharq
اليوم العالمي الضائع..

أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...

645

| 20 نوفمبر 2025

أخبار محلية