رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة المختلفة، فرصيدهم يكون حاضرا في القلوب والأفئدة التي تجعل كل الناس تعبر بصدق عن إنجازاتهم وتذكر أعمالهم الفريدة عبر الأجيال، ذلك لكونها «أي الأعمال» تميزهم عن غيرهم؛ ويمكن وصف ذلك بـ «كاريزما» القيادة والرشد في إدارة شؤون الدولة؛ أو ما يعرف بفن القيادة الذي يفتح الأفق ويمد الجسور بين القائد والرعية، ويزيل الضبابية بين الحاكم وشعبه. فقيادة النَّاس وإدارة شؤونهم باقتدار نحو المستقبل المُشرق ليس بالأمر السهل أو الهين، بل يعد ذلك من أهم فنون الإدارة المعاصرة وأصعبها على الإطلاق، وقد أنعم الله على عُمان بقيادات حكيمة تعمل بلا كلل أو ملل لتحقيق آمال وطموحات المجتمع العماني بكل أطيافه، في هذه الأيام النوفبرية الخالدة ونفحاتها التي تأسر العقول؛ تختلط المشاعر الوطنية النابعة من الوفاء الصادق والإخلاص لعمان وسلطانها صاحب النظرة الثاقبة الذي يقود بحكمة واقتدار سفينة الوطن نحو المجد. فوطننا العزيز على موعد مع مناسبة مجيدة كتبت بماء من ذهب، لأنها تذكرنا جميعا بذكرى خالدة وعزيزة على قلوبنا جميعا، ألا وهي العيد الوطني الذي يحمل رقم (281) من الأعوام المشرقة بالإنجازات التي تعانق السماء موقعة بعبق التاريخ الأسرة البوسعيدية الكريمة وبصمة سلاطينها الميامين، بداية من الإمام المؤسس أحمد بن سعيد الذي يعود له الفضل بعد الله في طرد المحتلين الفرس وتوحيد البلد تحت رايته ثم انتخابه إماما بإجماع العمانيين من أهل الحل والعقد في ذلك الوقت؛ مرورا بسلاطين عظماء بإنجازاتهم الوطنية ومواقفهم المشرفة للوطن والأمة، إذ يبرز من تلك الكوكبة من الزعماء والقادة الذين تولوا حكم عمان في عهود مختلفة؛ وكان هاجسها وغايتها الأولى المحافظة على أمن الوطن، واستقرار شعبها، بل وحتى استقلال قراراتها السيادية في أحلك الظروف وأصعبها؛ اثنان من الأسماء التاريخية التي لا يمكن لها أن تنسى من ذاكرة العمانيين القاصي منهم والداني على حد سواء وهما: أولا؛ السلطان سعيد بن سلطان الذي امتد حكمه من 1806 – 1856أي في النصف الأول من القرن التاسع عشر، فقد نجح في تأسيس إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف يشار لها بالبنان في ذلك الوقت امتدت من جنوب شرق الخليج العربي إلى شرق افريقيا. فقد كانت عمان واحدة من أهم وأكبر الإمبراطوريات في ذلك الزمن من حيث المساحة وكذلك الأساطيل البحرية العابرة للبحار والمحيطات في الشرق والغرب، والأهم من ذلك كله الازدهار الاقتصادي والتجاري الذي كان غطى إقليم بلوشستان شرقا إلى زنجبار في القرن الافريقي غربا. ففي القرن العشرين وبالتحديد في عام 1970، كان هذا البلد العزيز على موعد مع فجر جديد من العقود المشرقة بالأمن والاستقرار والمنجزات التي تعانق عنان السماء؛ إذ أطل من جديد على الأرض العمانية عهد جديد ونهضة تنموية مستدامة كتب صفحاتها المضئية السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه؛ فقد نجح من جديد ببعث الماضي التليد للغبيراء، وأبحرت السلطنة بقيادته الحكيمة نحو حضارة القرن العشرين بما تحمله من تنوير ونجاحات، وكان السلاح الفتاك المستخدم؛ محاولة القضاء على ثالوث التخلف: (الجهل والمرض والفقر) من خلال استخدام العلم والمعرفة في نشر الفكر وتأسيسس دولة المؤسسات، وبناء هياكلها المختلفة ودعوة المواطنين المهاجرين في دول الخليج وأوروبا للعودة والمشاركة في خدمة الوطن، حيث شهدت البلاد مشاريع اقتصادية شامخة وعملاقة، وانفتاحا ثقافيا مخططا له، راعى الثوابت والقيم العمانية والهوية الوطنية والاستفادة من الثورات العلمية والإنتاج الفكري الذي يجعلنا نتواصل مع الثقافات والشعوب الأخرى في أرجاء المعمورة. وفي هذه المرحلة التي تعيشها السلطنة وهي تحتفل بيوم 20 نوفمبر المشرق، في كنف قائدنا الفذ السلطان هيثم - أعزه الله - الذي ينتمي إلى إرث إمبراطوري عظيم، وتعد أسرته هي الأقدم والأعرق في الحكم في الجزيرة العربية، وهو جدير بالتقدير والثناء لمقامه الرفيع، وأخلاقه العالية وتواضعه المنقطع النظير، والأهم من ذلك كله قربه من أبناء هذا الوطن وحبه الأبدي للتراب الوطني المقدس. وفي الختام؛ عمان اليوم وهي تعيش أجمل عهودها نحو المستقبل الزاهر؛ الذي أجاد سلطان الفكر كتابة فصوله المضئية، فهي لا شك في طريقها لتحتل مكان الريادة بين الأمم حسب رؤية 2040 الذي يعتبر (هيثم) المجد المهندس الحقيقي لها، وقد وضع نصب عينيه الكريمتين أن تكون السلطنة في مقدمة دول العالم في ثالوث التنمية المعروف بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فعمان تنتظر منا جميعا رد الجميل والإخلاص للوطن والولاء للسلطان هيثم والمحافظة على الإنجازات التي تحققت على أرض سلطنتنا الغالية التي في واقع الأمر لا ينكرها إلا ظالم. أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
1143
| 18 نوفمبر 2025
الشيطان الأكبر هو الشعار أو الاسم الحركي الذي يستخدمه المحافظون في ايران لوصف الولايات المتحدة الامريكية وبالتحديد ساكن البيت الأبيض منذ انتصار الثورة الإيرانية بقيادة المرشد الأعلى للجمهورية الخميني في 1979، إذ يعتبر قادة ايران بأن الغرب الامبريالي وعلى وجه الخصوص الحكومات الأمريكية المتعاقبة هي بمثابة الشيطان الأكبر الذي هو خلف مصائب العالم وخاصة إشعال الحروب ونشر الفتن والسيطرة على مقدرات الشعوب الفقيرة في الدول النامية، والأخطر من ذلك هو الدعم المطلق للكيان الغاصب في فلسطين وتوفير الحماية الدولية لمجرمي الحرب أمثال نتنياهو وبن غفير وسمواترش؛ بل ومدهم بالسلاح والأموال لإبادة الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من مرورعدة عقود من العداء والحرب الباردة والحملات الدعائية بين الطرفين والحروب بالوكالة للبلدين المتخاصمين ايران وأمريكا، إلا أن أنظار العالم تتجه إلى العاصمة العمانية مسقط التي احتضنت امس (السبت) مفاوضات غير مسبوقة ومن نوع خاص بين وزير خارجية ايران عباس عراقجي، بينما يترأس الوفد الأمريكي المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف. والسؤال المطروح؛ هل تنجح سلطنة عمان التي لها سجل مميز عبر تاريخها الطويل في تقريب وجهات النظر وسد الفجوات التي تجلت برفض ايران المفاوضات المباشرة وعدم موافقتها على استقبال الوفد الأمريكي في طهران وتفضيلها أن تكون المفاوضات عبر الوسيط العماني الذي يتولى الملفات الخاصة بهذا الصراع الطويل؟. لا شك بأن القيادة العمانية تملك أوراق الحل والعقد، وقبل ذلك كله هي مصدر ثقة الفريقين المتفاوضين، إذ أن هناك خريطة طريق واضحة المعالم تحمل نقاطا أساسية لتكون مرجعية للمناقشة الصريحة والوصول إلى حلول توافقية للجميع؛ فالذي يبث عبر وسائل الإعلام من تصريحات نارية لا يعبر بالضرورة عن حقيقة الواقع المفترض والنتائج المرجوة من هذا الاجتماع التفاوضي، فلكل طرف من حقه أن يرفع سقف المطالب التي يراها مناسبة من منظور المصلحة الوطنية، ولكن في نهاية المطاف سوف يقوم الوسيط العماني بما يجب القيام فيه للوصول إلى التوافق المنشود الذي يرضي الوفدين. يبدو لي أن هناك صفقات مالية تقدر بعدة تريليونات من الدولارات الامريكية مقدمة من الحكومة الايرانية هذه المرة للولايات المتحدة الامريكية التي تطرق أبواب العالم للحصول على الأموال بأي طريقة تارة بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات أو بالحرب بهدف تسديد الدين العام الذي تجاوز أكثر من 36 تريليون دولار هذا العام 2025؛ وكذلك ضخ المليارات في الاقتصاد الأمريكي الذي في طريقه إلى ركود، إذا لم يجد منقذا من الخارج لكونه بحاجة إلى حلول جذرية من خارج الصندوق لإنقاذ النظام الاقتصادي من الإفلاس؛ بالطبع حسب التسريبات التي كشفت عنها هذه الأيام مصادر إيرانية وغربية، بأن هناك دعوة ايرانية للشركات الامريكية للعودة إلى ايران للاستثمار في النفط والغاز كما كان الحال في عهد شاه ايران، في المقابل ترفع امريكا العقوبات المفروضة على ايران منذ سنوات طويلة والأهم من ذلك كله استراجع الأموال المحجوزة في عدة دول منها أمريكا وكوريا الجنوبية؛ ولكن هل بالفعل سوف يتنازل الصقور في البيت الأبيض عن المطالب المعلنة والمتمثلة في تفكيك البرنامج النووي الإيراني وكذلك تفكيك مصانع الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية التي تعتبر الأفضل في العالم؟. لا خلاف على أن هناك من المسؤولين في واشنطن سوف تسيل لعابهم بتلك الأرقام الفلكية التي يمكن الحصول عليها من خلال المفاوضات وليس الحرب التي ستكون مكلفة للدولتين. والذي يهم الدول الغربية في هذه المرحلة هو التفتيش على البرنامج النووي الإيراني ومنع الوصول إلى مستوى الحصول على السلاح النووي. صحيح هناك ضغوطات قديمة جديدة على طهران بهدف الخضوع للمطالب الامريكية وابتزازها في هذه الفترة للحصول على مزيد من التنازلات خاصة في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. من هنا أصبح التلويح بخطورة ايران على جيرانها ورقة محروقة، خاصة إذا ما استطاعت مسقط تحقيق السلام المنشود للمنطقة بالدرجة الأولى ونزع فتيل الحرب التي يتوعد فيها الأطراف المتنازعة، خاصة ونحن نتابع هذه الأيام تحرك الاساطيل الأمريكية وتموضعها في المحيط الهندي والخليج العربي بمزاعم استهداف المفاعلات النووية الإيرانية الخمسة عشر. وفي الختام، يجب الاعتراف بأن في علم السياسة لا يوجد عداوة دائمة أو سلام دائم، بل قد يتحول أعداء الامس إلى أصدقاء، فهناك لغة المصالح التي تتحدث فيها الحكومة الأمريكية اليوم؛ لذا لكل يتطلع إلى نجاح الدبلوماسية العمانية في الخروج بعراقجي ويتكوف من النفق المظلم والنظرة التشاؤمية إلى بر الأمان الذي يحقق السلام العادل بين ايران وأمريكا ويحفظ حقوق الشعبين، وقبل ذلك كله أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
846
| 13 أبريل 2025
كم هي عظيمة غزة برجالها ونسائها واطفالها الذين يتعرضون لأكبر محرقة في التاريخ المعاصر؛ فأنتم أيها الشرفاء من علمتم العالم الحر معنى التضحيات والبطولات والصمود الاسطوري الذي لا يفقهه البعض الذين يزعمون بأن الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأوطان بأنها مغامرة غير محسوبة، والأسوأ من ذلك كله هو الصمت والخذلان من الحكومات العربية التي اعتادت جيوشها على الاصطفاف مع الجيوش الاستعمارية، كلما دعاهم أعداء الأمة لذلك؛ كما حصل في ابان غزو العراق وليبيا وسوريا، لتقاتل هذه الجيوش إلى جانب الامركان والانجليز والفرنسيين ضد الاشقاء لكي يتم اسقاط تلك الأنظمة العربية التي لا تحظى بموافقة الغرب ولا تنفذ الأوامر المطلوبة التي تهدف في النهاية إلى اضعاف الامة وتماسكها. وكنتيجة طبيعية لهذه الحروب العبثية التي فُرِضت من الخارج على العرب بهدف اضعاف الجيوش العربية وجعل من القوة الصهيونية هي المسيطرة والأقوى في المنطقة، فقد استُنزِفت الأموال والأرواح في هذه الصراعات التي لا يُراد لها أن تنتهي؛ فالحكومات العربية هي الأكثر إنفاقًا على شراء السلاح في العالم، فقد خلصت مراكز الدراسات الإستراتيجية العالمية إلى أنَّ العرب أنفقوا خلال آخر عقد ونصف العقد أكثر من ألف مليار دولار. وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ العرب أكثر ضحايا الحروب والتعذيب واللجوء عبر الحدود الدولية؛ بسبب قمع بعض الأنظمة والحكومات العربية الاستبدادية لشعوبها. أما معهد استوكهولم للسلام الدولي، فقد كشف في تقريره السنوي عن امتلاك بعض الدول العربية لأكبر نسبة إنفاق عسكري على شراء السلاح من الناتج المحلي الإجمالي في العقود الأخيرة. *والسؤال المطروح: الان أين جيوشنا مما يجري على أرض فلسطين من عربدة الحكومة اليمينية المتطرفة التي تعيث فسادا في الأرض؟ الإجابة على ذلك واضحة وضوح الشمس؛ فبعض هذه الجيوش وجدت لحماية دولة الكيان الغاصب، وذلك ضمن اتفاقيات سرية وبعضها علنية مع الغرب الذي يهدف بالدرجة الاولى إلى إذلال الامة وتحقيق ما يعرف بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، لتحقيق نبوءات كهنوتية للانجيليين الجدد حول موعد نزول المسيح عليه السلام. ومن المفارقات العجيبة أنَّ مُعظم الأنظمة العربية تقوم بشراء السلاح لمحاربة بعضهم بعضًا، وحماية الكراسي والحكام من السقوط في وجه التهديدات الداخلية من المعارضين في الداخل والخارج؛ وليس للدفاع عن الأوطان في وجه الأعداء وتحرير مقدسات الأمة، فقد أثبتت الأيام والوقائع أن كلَّ دولةٍ عربية تخشى من جيرانها العرب أكثر من خشيتها من الأعداء المحتملين من الدول الأجنبية وخاصة الدولة المزروعة في قلب الوطن العربي من الغرب وهي اسرائيل. فالاسلحة الامريكية الجديدة والتي تعد الاحدث تستخدم الان لقتل سكان غزة والعالم من أقصاه إلى أقصاه يشاهد تلك المذابح عبر الشاشات دون ان يحرك أحد من هؤلاء الاقوام ساكنا إلا بإصدار بيانات الشجب التي لا تساوي قيمة الحبر التي كتبت فيها. فكم مؤتمرات قمة عقدت خلال 17 شهرا الماضية ولم تنجح في كسر الحصار وتوصيل الادوية والطعام للمحتاجين في القطاع المحاصر من الجميع منذ 18 سنة فضلا عن الوقوف في وجه المجرمين الذي ادانتهم المحاكم الدولية كمجرمي حرب وعلى رأس هؤلاء نتنياهو. * لا شك أننا نعيش زمنا استثنائيا فقدت فيها الأمة العربية مشاعرها واحاسيسها، بل وحتى بوصلتها عن حقيقة ما يحصل من مجازر في فلسطين المحتلة يندب لها جبين الإنسانية في هذا الشهر الكريم وعلى وجه الخصوص قطاع غزة الذي يتعرض هذه الأيام لأبشع الجرائم والابادة الجماعية للأطفال والنساء في هذه المنطقة المحاصرة من الصهاينة والجيران من العرب الذين وقفوا عاجزين عن الدفاع عن أطفال غزة بل وحتى عن ادخال الماء والغذاء والأدوية عبر الحدود في انتظار الموافقة من حكومة الكيان الصهيوني المجرمة، التي لا يمكن أن تأتي في الأصل إلا بعد التخلص من سكان غزة ومقاومتها الباسلة الذين يدافعون عن شرف الأمة ومقدساتها في الأقصى المبارك وارض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، مهما كانت التضحيات والشهداء الذين تروي تراب أرض الرباط بدمائهم الزكية. من المؤسف حقا أن تقف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج عاجزة وبدون إرادة لتغير المعادلة المتمثلة بعدم الاكتفاء بدور المتفرج والتسمر أمام الشاشات الفضائية فقط، اين نحن من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز{أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} (الحج:39). * وفي الختام، الأنظار هذه الأيام تتجه إلى القوى الاقليمية الاسلامية في المنطقة؛ إذ يمكن لها أن تواجه إسرائيل، وذلك إذا تحققت الإرادة الصادقة فالايام القادمة سوف تكشف عن فصول جديدة تكتب عن معادن البشر ومواقفها، فالتاريخ لا يرحم؛ فهل نتوقع صلاح الدين جديدا يستعيد القدس الشريف لأمة محمد؟
942
| 22 مارس 2025
الحرس القديم مصطلح كثر استخدامه في السنوات الأخيرة في الوطن العربي من جيل الشباب، ويشير هذا المفهوم إلى علية القوم من كبار المسؤولين في الدولة الذين احتفظوا بمناصبهم عقوداً عديدة على الرغم من إخفاقاتهم الكثيرة، ولكن هناك إصرار يتمثل في حبهم الشديد وتمسكهم بالكرسي أو المنصب الوزاري إلى ما لا نهاية، فهؤلاء المسؤولون يعتقدون بل يجزمون بأحقيتهم بأن يتخلدوا في أماكنهم، فلا يوجد شخص في هذا الكون يستطيع أن يقوم بالواجبات اليومية لتلك الشخوص الطرزانية من وجهة نظر الجهات العليا التي سمحت لهم وعينتهم باعتبارهم أفرادا أتوا من عالم آخر؛ وبأن الوظيفة هنا تشريف وليس تكليفاً، والأهم من ذلك كله، بأن هناك شعوراً بأن حياتهم لا يمكن أن تستمر بتركهم المنصب؛ بل هم مثل السمك الذي يموت بخروجه من محيط الوظيفة الحكومية. من هنا تأتي المعضلة الكبيرة في معارضتهم للإصلاحات الجديدة التي يفرضها واقع المتغيرات الجديدة وبالدرجة الأولى مصلحة الوطن والمواطن، وذلك انطلاقا من القاعدة الصحيحة التي تقول "لكل زمن دولة ورجال"، ذلك الكون إن الإنسان له سنوات معينة في الإنتاج والعطاء بل وحتى في الإبداع يمكن أن تمتد العقد من الزمن كحد أقصى. * صحيح أن مفهوم "الحرس القديم" يعود لقرون مضت وتحديدا عصر الإمبراطور الفرنسي (نابليون بونابرت) الذي كان له مقاييس ومواصفات في حرسه القديم من القادة والشخصيات السياسية في بلاطه، إلا أن الوجود الحقيقي لهم في معظم بلداننا العربية ودول العالم الثالث مزروع من دول أجنبية بهدف المحافظة على مصالح الدول الاستعمارية التي خرجت من الأبواب بسبب الثورات الوطنية، ثم رجعت من النوافذ الخلفية من خلال هؤلاء العملاء، فالكل هنا في منظومة الحرس القديم يحارب الأفكار الجديدة وينغلق على نفسه؛ فالخطر الأكبر الذي لا يمكن تحمله وقبوله هو الدماء الجديدة من الجيل الصاعد الذين يفترض لهم أن يحملوا الراية نحو الغد المشرق وهذه سُنَّة الحياة، انطلاقا من المبدأ المتعارف عليه في الدول التي تحارب الفساد وتحقق العدالة الاجتماعية بتخصيص سنوات معينة للمسؤول الحكومي لا تتجاوز الخمس سنوات ثم يخضع للتقييم الذي يحدد مدى استمراريته في منصبه من عدمه. * فلكل مرحلة يحتاج الوطن إلى أصحاب المبتكرات والمشاريع الإصلاحية، فهناك تجارب عالمية ناجحة كان لها الدور الأكبر في انتشال تلك المجتمعات الفقيرة من شظف العيش والانطلاق بالوطن نحو حجز مكان بارز في مصاف الدول المتقدمة على الرغم من قلة الموارد الطبيعية واستبدال ذلك بما يعرف بالاقتصاد المعرفي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على عقول الأبناء الذين يحولون إبداعاتهم العلمية والبحثية إلى مشاريع إنتاجية واعدة تصدر إلى مختلف دول العالم. وهنا أتذكر تجارب آسيوية وأفريقية من دول شبيهة لنا مثل ماليزيا التي نجح فيها المرحوم مهاتير محمد في عقد الستينيات لتصبح ماليزيا درة التاج لدول شرق آسيا من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بينما يقود مؤسس سنغافورة (لي كوان يو) تلك الجزيرة التي تفتقد إلى النفط والغاز والمعادن إلى واحدة من أفضل اقتصاديات العالم قاطبة معتمدا في بداية عمله على تطوير التعليم ومحاربة الفساد من الأعلى أو ما أصبح يعرف بتكنيس الدرج من الأعلى أي التخلص من فساد الحرس القديم ومحاسبتهم وطردهم من مفاصل الدولة. * أما التجربة الثالثة فأتت من قلب القارة السمراء التي ينخر فيها الفساد، إذ كانت جمهورية (رواندا) لا تملك ثروات طبيعية، ولا منفذًا على البحر، لكن تهيأ لها قائدٌ أمين عمل جاهدًا على اجتثاث الفساد والمفسدين، ويُدعَى (بول كاغامه) الذي تولى الرئاسة في مطلع هذه الألفية، فقد أصدر قانونًا إجباريًّا يتم تطبيقه ميدانيًّا على خمسة آلاف مسؤول رواندي وعائلاتهم، بما فيهم رئيس الجمهورية نفسه؛ وذلك بهدف الكشف عن حساباتهم البنكية وأملاكهم في الداخل والخارج، وتطبيق مبدأ من أين لك هذا؟ وبالفعل ذهب إلى حبل المشنقة بعض المسؤولين الذين نهبوا المال العام. ومن المفارقات العجيبة أن رواندا خرجت من أسوأ حرب أهلية في التاريخ؛ قتل فيها مليون مواطن رواندي في تسعينيات القرن الماضي، لكنها نهضت من مستنقع الإبادة الجماعية لتتحول إلى أفضل سوق مفتوح في أفريقيا، وبنموٍّ سنوي تجاوز أفضل الاقتصاديات في العالم. * في الختام، من المؤسف حقا أن دولنا التي تملك الثروات المعدنية والنفط والغاز والزراعة والثروات السمكية الطائلة وتعجز عن انتشال مواطنيها من الفقر والجهل والأمية، وتحولت العديد من الدول العربية إلى دول فاشلة بسبب نهب الأموال وتحويلها للخارج في البنوك الغربية وقد لا ترجع يوما ما للذين أودعوها كما أعلن الرئيس الأمريكي عن نيته مصادرة المليارات التي أودعها رموز الفساد في العراق إبان الاحتلال الأمريكي وسقوط بغداد في العقد الأول من الألفية الثالثة. أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
984
| 15 مارس 2025
أصيب العالم المتحضر بالذهول من أقصاه إلى أقصاه بوصول الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب للبيت الأبيض، وخاصة بعد الكشف عن النوايا الحقيقية للحكومة الأمريكية الجديدة التي ضمت مجموعة من الصقور الذين لا يعيرون القانون الدولي أي احترام، فقانون الغاب هو الذي يجب أن يسود عندما يصبح رئيس أكبر دولة في العالم واحدا من تجار الصفقات وزعيم عصابة اللوبيات الاقتصادية التي همها جمع الأموال من أي مكان وبأي طريقة كانت. فغريزة حب المال الحرام والاستيلاء على اقتصاديات الدول ومواردها الطبيعية؛ فرغبته الأكيدة في احتلال دول ذات سيادة وحليفة ومقربة من واشنطن مثل (كندا) وكذلك جزيرة (جارنادا)، ومحاولة السيطرة على قناة بنما بالقوة، وفرض رسوم جمركية خيالية وغير منطقية على كثير من دول العالم يكشف الوجه الحقيقي لهذا البلد الذي فيه واحد من افضل الدساتير العالمية في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة، ولكن القليل من رؤساء أمريكا يلتفت لمضمون الدستور الأمريكي أو حتى العمل بنصوصه التي تقدر الآخر وتحمي الاجناس البشرية من الظلم والاضطهاد. فالشعب الأمريكي هو الذي انتخب الرئيس ترامب الذي سبق له أن أدين من المحلفين الأمريكيين، وكذلك في انتظاره حاليا قائمة من التهم الكثيرة التي لم يبت فيها بعد من القضاء الفدرالي، ومن أهمها التهرب من دفع الضرائب، وكذلك علاقته بالهجوم على مقر مجلسي الشيوخ والنواب في العاصمة الامريكية قبيل مغادرته للبيت الأبيض في فترته الرئاسية الأولى. فمن لا يعرف بلاد العم سام وتاريخ هذا البلد الملطخ بدماء الأبرياء، فعلى الجميع أن يعرف عن قرب أن الإرهاب مصدره الأساسي "أمريكا" التي تزعم أنها حامية الحقوق وحافظة للسلم العالمي زورا وبهتانا؛ فالسطو المسلح واستباحة الإنسان والسيطرة على ممتلكاته هي القاعدة والمبدأ الذي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها، بداية بإبادة السكان الأصليين من الهنود الحمر، وإقامة المستعمرات على انقاض اكواخهم ومناطقهم السكنية ومرورا بجلب وخطف الافارقة واستعبادهم بدون وجه حق للعمل في المزارع وبناء المدن الجديدة وتشييد الطرق وخاصة سكك الحديد مقابل إطعامهم فقط، وذلك لجعلهم على قيد الحياة؛ ووصولا إلى دول العالم في الشرق والغرب والتي استولت عليها القوات الأمريكية بقوة السلاح وبدون أي مبرر قانوني. وفي مقدمة جرائم أمريكا استخدام السلاح النووي ضد السكان المدنيين في اليابان في منتصف القرن الماضي، إذ ألقت الطائرات الأمريكية القنابل الذرية المحرمة دوليا على مدينتي هيروشيما وناجازاكي مما أدى إلى مقتل أكثر من مائتين وعشرة الآلاف مواطن ياباني، فضلا عن مئات الآلاف من الجرحى والمصابين وكذلك تدمير تلك المدن بالكامل، وتعتبر هذه العملية البربرية أول سابقة في التاريخ البشري، بينما قتل الجيش الأمريكي حوالي تسمعائة ألف فيتنامي خلال حرب التحرير والمقاومة ضد الاستعمار الأمريكي القبيح الذي تكلل بالانتصار المطلق للمقاومة الفينامية بعد حرب دامية استمرت عقد من الزمن. أما على مستوى الشعوب الإسلامية فقد اعتبر المحافظون الجدد الذين يأتي في مقدمتهم دونالد ترامب؛ أن الإسلام هو العدو الجديد البديل للشيوعية بنهاية الحرب الباردة، إد تعمل الحكومات الامريكية المتعاقبة على قتل المسلمين بالهوية وبدون تمييز بين المدنيين وغيرهم، ولعل حربي افغانستان والعراق، وما نتج عنهما من الجرائم الممنهجة في سجني (ابوغريب وجوانتانامو) والتي تقشعر لها الأبدان خير مثال على ذلك، فالعالم يتذكر ما قاله جورج بوش الابن عشية غزو العراق بأن هذه حرب دينية بين الإسلام والمسيحية. ومن المفارقات العجيبة أن يدعو رئيس أكبر دولة عضو في الأمم المتحدة وتحتضن مقر مجلس الأمن أعلى سلطة في المنظمة الدولية على أراضيها الى تهجير سكان غزة إلى دول الجوار مقابل صفقات مالية من اللوبي الصهيوني الذين خصهم جميعا بأهم المناصب التنفيذية في إدارته. والأسوأ من ذلك كله الرد الخجول للعرب على ما ينوي الصهاينة فعله من التطهير والقتل ثم تهجير من تبقى من الشعب الفلسطيني من أرضه، فإذا ما تحققت غايات ترامب وحكومة نتنياهو الارهابية المتطرفة بالتهجير؛ فسوف تشهد المنطقة العربية طوفانا ثانيا ومزلزلا هذه المرة من الشعوب بعون الله؛ قد يقضي نهائيا على الكيان الصهيوني في فلسطين والأهم من ذلك نهاية الخونة الذين أخذوا أثمانا بخسة عبر العقود من المستعمرين وأعداء الأمة. فعهد الخيانات قد ذهب بلا رجعة، خاصة بعد أن أدرك المواطن العربي المستور والمسكوت عنه من بعض العرب الموالين لأعداء الأمة. وفي الختام، هل بمقدور تجمع "بريكس" الذي يضم تسع دول من مختلف قارت العالم، وفي مقدمة هذه الدول الصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا والسعودية توقيف فرامل ترامب المنطلقة إلى المجهول، ومنعه من السيطرة على مقدرات الشعوب ونهب ثروات المجتمعات الفقيرة؟ هذا ما تكشقه الأيام القادمة، خاصة إذا عرفنا أن الرئيس الفوضوي قد هدد هذا التجمع بالويلات والتدمير، إذا نفذت وعدها المتمثل بإيجاد عملة بديلة للدولار الأمريكي.
945
| 06 فبراير 2025
تزينت شوارع مسقط وقلاعها التراثية وقصورها العامرة بالأضواء والمصابيح والأعلام القطرية والعمانية ابتهاجا بقدوم ضيف كريم وشخصية فريدة من نوع خاص؛ لكونه الأقرب لقلوب العمانيين جميعا وسلطانهم المفدى؛ فتحتضن العاصمة العمانية مسقط اليوم واحدا من القامات السياسية العربية النادرة؛ ومن الزعماء القلايل الذين أبهروا العالم من الشرق إلى الغرب بحضوره القوي في مختلف المحافل الدولية وحكمته المعهودة التي تجعل العواصم الكبرى ذات الثقل السياسي وقادتها المخضرمين ينحنون لمكانته الرفيعة تقديرا واحتراما للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي نجح في فترة قصيرة من الزمن أن يحول دولة قطر إلى واحة للفكر والرقي والإبداع في مختلف المجالات، ومركزا لصناعة القرارات الإقليمية والعربية والدولية، وجسرا للتواصل الحضاري بين الأمم؛ فدوحة الخير والمحبة بشعبها العريق وأميرها الذي يقود بلاده نحو المجد؛ غدت تجمع الكل بظلالها الوارفة ومكانتها بين الدول والشعوب، وقبل ذلك كله عزيمة هذا القائد الشجاع وايمانه بقضية العرب الأولى فلسطين، فما قدمته قطر لهذه القضية خاصة في قطاع غزة سوف يخلده التاريخ وتتذكره الأجيال ويكتب بماء الذهب. ولعل ما حصل بالأمس من انفراج في الأراضي المحتلة ووقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من الصهاينة؛ ما ذلك إلا ثمرة من ثمار الأمير تميم ووساطة الحكومة القطرية ونفوذها العالمي خاصة مع الولايات المتحدة الامريكية. فهناك تقاطع وقواسم مشتركة في مواقف كل من السلطنة ودولة قطر تجاه الأمن القومي العربي من هنا تأتي هذه الزيارة الهامة للسلطنة لتكملة فصول مضيئة من العلاقات الحميمة بين البلدين الشقيقين اللذين تجمعهما روابط التاريخ والمصير المشترك، وقبل ذلك تنسيق مواقف البلدين للدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية في المنابر الدولية، فلكل من الزعيمين الكبيرين هيثم وتميم رصيد وثقل وثقة من العرب من المحيط إلى الخليج؛ فهؤلاء القادة يشار لهم بالبنان في الانتماء والذود عن العروبة في هذا الزمان الرديء الذي تخلت فيها معظم الدول العربية عن تلك المبادئ السامية التي قامت على أساسها الجامعة العربية منذ الاربعينيات القرن الماضي. فعُمان اليوم قيادة وحكومة وشعبا من اقصاها إلى اقصاها ترحب بأمير القلوب والنخوة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يحفظه الله، الذي يحل ضيفا عزيزا ومكرما على أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق ال سعيد المعظم. فسلطان الفكر (هيثم) صاحب النظرة الثاقبة والعزيمة القوية الذي أصبحت عمان في عهده قبلة للقادة العظماء ومركزا إقليميا للدبلوماسية الهادئة ومنقذا للمنطقة من الحروب والفتن وملاذا آمنا لحل الصراعات بين الدول، والأهم من ذلك كله ما تملكه القيادة العمانية من مفاتيح الحل والعقد وإطفاء الحرائق في دول الإقليم أينما وجدت. لقد انفردت العلاقات العمانية القطرية بزخم منقطع النظير من التوافق والانسجام والمحبة الصادقة منذ قرون طويلة، حيث أسس الآباء والاجداد هذا التواصل الفريد من خلال التبادل الثقافي الذي كان يتم عبر البحر بداية لكون عمان وقطر لهما ماض تليد وإرث حضاري يتمثل في السفر والتجارة إلى مختلف دول العالم. أما في الوقت الحالي فتزداد هذه العلاقات قوة ورسوخا أكثر من أي وقت مضى في محتلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية. فالكل يثمن ويتذكر في عمان أن قطر أرسلت المناهج الدراسية للسلطنة في بداية النهضة لتمكن الحكومة الجديدة من فتح المدارس في سبعينيات القرن الفائت؛ كما أن دولة قطر كان لها السبق في استضافة مجموعة كبيرة من طلبة السلطنة في المدارس القطرية في عقد الستينيات ومطلع سبعينيات القرن الفائت. لعل الملف الاقتصادي سوف يكون له حضور قوي في قمة مسقط لكون الاقتصاد عنوانا أساسيا لهذه المرحلة التي وصل فيها التبادل التجاري بين السلطنة وشقيقتها قطر إلى 951 مليون ريال عماني بنهاية نوفمبر 2024 الماضي، كما أن اللجنة العمانية القطرية المشتركة التي تأسست في منتصف التسعينيات القرن الماضي؛ يفترض لها أن تضاعف المشاريع المشتركة بين البلدين التي لا تتجاوز في الوقت الحالي عدد أصابع اليد الواحدة على الرغم من الموقع الاستراتيجي للسلطنة خارج مضيق هرمز وأهمية ذلك للأشقاء في قطر لكونهم داخل المضيق ووسط الخليج العربي. فمن المتوقع زيادة استثمارات الصندوق السيادي القطري ومضاعفة المبالغ الحالية لكي تنسجم وتتوافق مع طموحات الشعبين العماني والقطري. وفي الختام؛ الآمال معقودة على تسريع وتيرة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين والاستفادة من الكوادر العمانية المدربة والتي أثبتت جدارتها في ميادين العمل، فقد تابعنا خلال السنوات الماضية فرص العمل التي منحت للعمانيين، وكانت محصورة في عدة مجالات في القطاع الحكومي في الدوحة خاصة في مجالي التدريس في مدارس التعليم العام وكذلك في التدريب ولكن نطمح لمضاعفة الأعداد وتنوعها في مجالات أخرى، وذلك للمساعدة في تخفيف معاناة الباحثين عن عمل في السلطنة.
1098
| 28 يناير 2025
تتجه الأنظار هذه الأيام شطر العاصمة الأمريكية واشنطن لقراءة نوايا وطلاسم الساكن الجديد للبيت الابيض، وماذا عسى يحمله في جعبته هذه المرة تجاه العرب وقضيتهم المصيرية فلسطين؛ فالسؤال هو: هل هناك جديد يذكر نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ووقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة؟ وقبل ذلك كله وقف الأسلحة الفتاكة الأمريكية التي تحملها طائرات (آف35) كالقنابل التي تدمر الاحياء السكنية بالكامل على رؤوس أطفال غزة ولبنان؟ بالطبع الإجابة على ذلك يتجلى في السجل الأسود للإدارات الأمريكية المتعاقبة سوى كانت ديمقراطية أو جمهورية، فالكل يسابق الآخر لرضا اللوبي الصهيوني والحكومة المتطرفة في الكيان المزروع في قلب الأمة، فالحكومة الأمريكية أيا كان عقيدتها هي الحامية لهذه الدولة المارقة التي تمثل محور الشر في المنطقة فقد وفرت لقادتها السياسيين والعسكريين الحصانة من العقاب في مختلف المحافل الدولية مرات عديدة من خلال الفيتو في مجلس الأمن، ومرات أخرى التدخل المباشر لمنع محكمة الجنائيات الدولية من اصدار وتنفيذ احكام بحق تلك المجرمين الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء أمثال نتنياهو وبن جفير ويوآف غالانت. صحيح دونالد ترامب كان الأكثر على الإطلاق بين رؤساء الولايات المتحدة الامريكية انحيازا لإسرائيل خلال فترته الرئاسية الأولى، عند ما قرر نقل السفارة الامريكية إلى القدس الشريف عاصمة فلسطين، بل وصل به الأمر إلى استمالة بعض قادة العرب بتسويق ما يعرف بصفقة القرن التي تعرف أيضا بصفقة الذل والخيانة، لكونها تجرد الشعب الفلسطيني من حقوقه وتمنح المقدسات الإسلامية للمتطرفين اليهود؛ وكان في كل مساء يتحدَّث نتنياهو وجاريد كوشنر زوج بنت ترامب عن تحقيقهم اختراقات في إقناع دول عربية جديدة للانضمام إلى قافلة التطبيع مع إسرائيل مطبقين مبدأ العصا والجزرة الذي يستخدم في مثل هذه الحالات، وقد غاب عن الجميع الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن القوى الكبرى الإستعمارية لا تستطيع أن تحمي عروش الحكام بشكل دائم، بل الذي يحمي تلك الأنظمة تمسكها بحقوق الأمة وثوابتها، وإقامة حكم ديمقراطي عادل يُعبر عن آراء المواطنين وطموحاتهم نحو الحرية وإحقاق الحق والعدل والتوزيع العادل للثروات والمناصب بين افراد المجتمع.. ولعل الجميع يتذكر كيف تخلت أمريكا عن حليفها شاه إيران خلال الثورة الشعبية التي اقتلعت جذور تلك الإمبراطورية العظيمة. وبالفعل لقد شكلت رئاسة ترامب الأولى والممتدة لأربع سنوات عجاف؛ والمتمثلة بالأجواء المُلبدة بالغيوم التي كانت تخيم على سماء الأمة العربية قبل (طوفان الأقصى) المبارك الذي أعاد للأمة اعتبارها، فهي تعد الأسوأ على الاطلاق في تاريخ العرب المعاصر. وعلى الرغم من تلك الفترة المظلمة ظهرت في الأفق أصوات شجاعة تعبر عن ضمير الشرفاء من أبناء هذا المجتمع، وهنا أتذكر موقف جدير بالتقدير لرئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق مرزوق الغانم في مُؤتمر اتحاد البرلمان العربي الطارئ في الأردن، وذلك عند ما أمسك بنسخة من صفقة القرن المزعومة وألقاها في سلة المُهملات، «مؤكداً أنَّ تلك الصفقة مكانها مزبلة التاريخ». يبدو لي بأن نجاح دونالد ترامب بالفوز بالانتخابات الأمريكية على منافسته كامالا هاريس، في خطوة غير متوقعة بسبب سجله الجنائي، يشكل هذا الفوز منعطفا خطيرا للأمة الأمريكية . هناك اعتقاد يسود بين العديد من الساسة والباحثين؛ بأن انهيار أمريكا إن حصل، سوف يكون على يد اليمين المتطرف الذي يمثله بعض أجنحة الحزب الجمهوري المتمثل في ترامب وأنصاره، خاصة بعد فوزه بالرئاسة واصبح الرئيس 47 لأمريكا؛ في الختام، على كل افراد هذه الأمة العظيمة التي اختارها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس الوقوف صفا واحدا فالتاريخ لا يرحم لكل من فرط بالمقدسات أو الأوطان أو تعاون مع الصهاينة وخان الثوابت والامانات، فقد ادركت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج اليوم المؤامرات التي تحاك ضدها من الداخل قبل الخارج.
669
| 10 نوفمبر 2024
الانسان العربي هو الوحيد في هذا الكوكب الذي يراوده الحنين إلى الماضي التليد الذي يعتقد بأنه لن يعود يوما، فالذكريات الجميلة اجمل عزاء لمن ضاقت به الدنيا بمصائبها الكثيرة وحاصرته الدروب بدهاليزها المظلمة: ويعود ذلك إلى الحاضر العربي المؤلم والصعب والمثقل بالهزائم، والتحديات التي غطت السماء من المحيط إلى الخليج بغيومها السوداء واحزانها القاتمة، ذلك لكون اليوم ارخص دم في العالم هي دمائنا وما يحصل في بلاد العرب من قتل وانشقاق وخلافات لا تنتهي بين أبناء الأمة الواحدة خير دليل على مصائبنا من نكسات وهزائم بعضها نفسية والأخرى عسكرية. صحيح قد بزغ نجم العرب مرة واحدة في التاريخ فقط؛ بظهور الإسلام في الجزيرة العربية وتحديدا في مكة المكرمة ثم تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بعد أن شرفها الرسول الكريم محمد بن عبدالله بهجرته إليها، فقد كانت القبائل العربية تعيش في ضعف وخلافات وتشرذم بين نفوذ الامبراطوريتين الفارسية والرومانية مثل حالها اليوم، ولكن اعز الله العرب بالإسلام، وامتد نفوذ الدولة الإسلامية في عصرها الذهبي من الصين شرقا إلى الاندلس غربا، حيث أصبحت اللغة العربية هي لغة العلم في العالم كله، ولكن كما ذكر الفيلسوف العربي ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون، فإن المجتمعات والشعوب وأنظمة الحكم تشيخ وتزول عندما تصل إلى اعلى درجات الرفاهية والبذخ، فيصيبها الضعف والانحدار. وبالفعل تزامن انهيار الدولة العباسية التي كانت تحكم معظم شعوب العالم من بغداد بعد أن قضى عليها التتار بقيادة هولاكو، مع تساقط الدويلات العربية واحدة بعد الأخرى في الاندلس بسبب الخيانات التي أصبحت سمة للأمراء والحكام في الممالك العربية. ومنذ ذلك الحين لم يقم للعرب قائمة واصابهم الضعف واصبحوا اتباعا للأمم الأخرى، من المفارقات العجيبة أن يصفهم أي العرب كل من تعامل معهم من قادة العالم في القرون الاخيرة بالخيانة وعلى وجه الخصوص النخب السياسية والمسؤولين، ولعلنا الآن نشاهد يوميا كيف اصبح بعض من أبناء جلدتنا من العرب يصطفون مع الصهاينة ويساندون بني صهيون من المتطرفين والمتدينين من اليهود أمثال الثلاثي: نتنياهو وبن جفير وسماوتريش الذين يرددون سرا وجهرا وكل يوم بأن امنيتهم الأبدية هي ليس القضاء فقط على الفلسطينيين، بل أيضا على الجنس العربي ومحوه من الوجود، بينما يقوم بعض ضعفاء النفوس من المرتزقة في الأراضي المحتلة بخيانة الأمانة الوطنية وتزويد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خاصة الشاباك والموساد بالمعلومات التي تودي في كثير الأحيان إلى استشهاد مئات الأطفال والنساء من أهلهم واخوانهم في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك مقابل حفنة من الأموال الملطخة بدم الأبرياء. والسؤال المطروح الان: متى تستشعر الشعوب العربية وحكامها خطورة ما يحيط بالامة العربية من مؤامرات؟ الإجابة على هذا السؤال ليس بالامر السهل أو البسيط، ولكن ما يمكن الاسترشاد به وهو علم اليقين قول الله عز واجل في كتابه العزيز (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . لقد حان الوقت لهذه الأمة العظيمة ان تنفض الغبار عن نفسها وتتناسى الخلافات وتصلح ذات البين وتدرك الدسائس التي تحاك لها من الأعداء الذين يعدون العدة لكي نبقى في مربع الضعف والذل والمحافظة على ذيل القائمة في هذا العالم الذي يتقدم كل يوم إلى اعلى المراتب، بينما نحن نتراجع على الدوام إلى الخلف. الحقيقة المرة التي يعرفها الجميع هي أن الانانية والسيطرة والرغبة العمياء لدى العرب في الاستحواذ على السلطة وأن كانت منقوضة في الأساس بسبب التدخل الأجنبي في شؤون العرب عبر القرون، وقبل ذلك كله حب المال والحنين للعيش في القصور والتفاخر لدى البعض بالمناصب؛ من أهم التحديات التي تواجه الأمة في هذا العصر. لا شك أن القرارات غير المدروسة والخيانات التي صاحبت تلك القرارات هي اهم المصائب التي اصابت الامة بمقتل بداية من وعد بلفور ومن تعاون من العرب مع بريطانيا في ذلك الوقت؛ ومرورا بنكسة حزيران ووصولا إلى حروب الخليج الثلاثة التي لا زلنا ندفع فواتيرها حتى اليوم ليس فقط في الخسائر البشرية وفقدان الاوطان والأموال بل أيضا في الامراض الفتاكة التي تسببت بها تلك الحروب وكذلك تفرق شمل الامة وازدياد الخلافات والانقسامات بين المواطنين في بلاد العرب. وفي الختام؛ الأنظار تتجه أكثر من أي وقت مضى نحو الحكام والنخب العربية المثقفة وأصحاب الحل والعقد من علماء الأمة؛ أن يدركوا بما لا يدع مجالا للشك؛ بأن ساعة التغيير قد حانت الآن، عليه لا مجال لنا جميعا إلا نبذ الخلافات واصلاح ذات البين، وترك الانانية وحب الذات. فلا يوجد طريق آخر أمامنا غير الاتحاد والالتزام بثوابت الأمة التي فيها النجاة والخلاص من الماضي المر والحاضر الذي لا يرضي عدوا ولا صديقا؛ فيراودنا طموحات مشروعة نحو غد مشرق ينتشلنا من القاع إلى القمة وغايتنا هي اعتلاء المكان الذي يليق بنا بين الأمم الحية والقوية، فالعالم اليوم يفتح ابوابه لكل من يعرف إلى أين هو ذاهب!
582
| 11 أغسطس 2024
العالم من أقصاه إلى أقصاه يشعر بالامتعاض والصدمة من العمل الإجرامي الأثيم الذي استهدف المصلين الأبرياء في مسجد الإمام علي كرم الله وجهه في الوادي الكبير بولاية مطرح، يوم الاثنين الماضي، لم يكن ذلك اليوم من الأيام العادية في تاريخ هذا البلد المبارك الذي ينبذ التطرف والإرهاب بكل اشكاله، لِمَ لا وعمان واحة السلام والوئام والتسامح ليس على مستوى الإقليم الذي يشهد توترات وقلاقل بين وقت وآخر، بل على مستوى العالم قاطبة، فقد سجلت سلطنة عمان صفر إرهاب طوال العقود الماضية، بفضل من الله وإخلص أبناء عمان وولائهم لله والوطن والسلطان، فلا يوجد في سجل المنظمات الارهابية عماني واحد على الاطلاق؛ بعكس بعض الدول التي كانت في حرب ضروس لحماية أبنائها من الانخراط في هذه العصابات المجرمة؛ بداية من القاعدة في عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن الفائت ثم تنظيم داعش الإرهابي في عقد التسعينيات والالفية الجديدة، إذ إن هذه التنظيمات المظلمة زرعتها مخابرات أجنبية لاستهداف المسلمين وقتلهم بمجرد النطق بشهادة التوحيد؛ وكذلك الاساءة إلى الدين الحنيف مقابل الأموال تارة بالنسبة لقادة التنظيم، والتغرير بالشباب وغسل ادمغتهم باسم الجهاد المزيف في سبيل الشيطان تارة أخرى. صحيح هذه المرة نجح أصحاب الفكر التكفيري الضال بالوصول إلى المتورطين الثلاثة في حادث الوادي الكبير وهم يحملون الجنسية العمانية؛ كأول سابقة يشهدها هذا الوطن المتصالح مع مختلف شرائحة وطبقاته الاجتماعية، وهم إخوة خسرهم المجتمع العماني ووقعوا في براثن أعداء الحياة من المأجورين من خارج السلطنة، ونحن على ثقة تامة بأن تلك الجريمة ستكون المرة الأولى والأخيرة، وذلك ليقظة المواطنين وادراكهم لهذا المصاب الجلل وانعكاساته السلبية على سمعة السلطنة في الداخل والخارج؛ فعمان أرض السلام والمحبة وليس غابة للمتغطرسين والمضلل بهم من التظيمات الإرهابية التي تدار من أعداء الأمة. السؤال المطروح الآن، لماذا تم اختيار السلطنة لأول مرة لتكون مسرحا وميدانا لهذا العمل الإجرامي المنبوذ من جميع افراد المجتمع العماني؟ الإجابة على هذا السؤال تتمحور في القرارات السيادية لهذا البلد العزيز الذي يقف شامخا مع الحق والدفاع عن المظلومين؛ خاصة المواقف العمانية المشرفة من قضية فلسطين المحتلة والدعوة إلى محاكمة قادة الكيان الصهيوني على الجرائم التي اقترفوها في قطاع غزة كإبادة الأبرياء من النساء والاطفال، وكذلك رفض القيادة العمانية الاصطفاف مع الاخرين لصنع المؤامرات واشعال الفتن بين الأشقاء والجيران، فلا توجد أطماع أو اجندة سرية في القاموس السياسي العماني. ولعل نجاح عمان في إطفاء الحرائق والحروب في الإقليم، وتثمين معظم دول العالم حكمة القيادة العمانية في حل المشاكل، واحد من أهم الأسباب في اعتقادي لمثل هذه الأعمال التي يستنكرها ويدينها كل عماني شريف. لقد أسس سلاطين عمان الميامين بداية من السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - منذ فجر السبعين المبارك عند وضع الخطوط العريضة للدولة العصرية؛ ثم خليفته جلالة السلطان هيثم يحفظه الله الذي اسس النهضة العمانية المتجددة والذي ابهر القاصي والداني بعزيمته النادرة وشجاعته في بناء الدولة واستمرارية المشروع الوطني ووحدة المجتمع العماني تحت مظلة الوطن الواحد الذي لا يقبل القسمة على اثنين بل وطن واحد للجميع يعيش في رحابه المجتمع العماني الأصيل الذي هو مضرب للمثل للتعايش السلمي والتسامح بين المدارس الإسلامية الثلاثة المعروفة بـ (السنة والاباضية والشيعة). لا شك بأن أهم مكسب للسلطنة طوال العقود الماضية نجاح المشروع الوطني الذي يعتبر صمام الأمان للوحدة الوطنية بين مختلف أطياف هذا المجتمع المسالم والمحافظ على قيمه واخلاقه، فقد درست في جامعة السلطان قابوس عقودا طويلة وعملت ايضا في وظيفة عميد لشؤون الطلاب لعدد أكثر من 15 الف طالب وطالبة في تلك الجامعة العريقة المنوط بها إعداد القيادات المستقبلية لهذا البلد؛ وذلك قبل أكثر من عقد من الزمن ولم أعرف أو يخطر على بالي أو حتى جميع الطلبة في هذه الجامعة السؤال او البحث عن أي من تلك المذاهب أو المدارس الإسلامية التي قد ينتمون إليها هؤلاء الطلبة، بل نعيش جميعا في رحاب الإسلام الذي لا يعرف التفرقة بين أبنائه، فيجمعنا كتاب واحد هو القرآن الكريم وخاتم الأنبياء هو سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام؛ والولاء للقيادة العمانية التي يشهد لها العدو قبل الصديق بالحكمة والتسامح واحترام الإنسان اين ما وجد في هذا العالم مع اختلاف الأجناس والقوميات في هذا العالم، إذ إن عمان حكومة وشعبا يشار لهما بالبنان في احترام الغير مهما اختلفت وجهات النظر والمقاصد بين المجتمعات والشعوب التي تتعامل مع هذا البلد الطيب الذي قال عنه رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم أي عمان «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك» هذه هي أخلاق كل من عاش على هذه الأرض الطيبة التي لا تقبل باي حال من الأحوال أن تزرع في تربتها النباتات الخبيثة والفتن والتحزب؛ نعم هذه هي عمان الشامخة التي فيها شعب مضروب فيه المثل في كل نواحي الحياة، وعلى الرغم من ذلك لم تغفل القيادة الحكيمة في هذا البلد؛ بناء جيش ومنظومة أمنية قوية متطورة لتكون الملاذ الآمن والعين الساهرة لحماية التراب الوطني المقدس، والمكتسبات الاقتصادية والتنموية التي يفتخر فيها كل عماني، وقد ظهر ذلك جليا خلال الاشتباكات والمواجهات بين المهاجمين المعتدين على بيوت الله؛ والقوات العمانية بمختلف تشكيلاتها وشرطة عمان السلطانية لاحتواء الموقف وتطويق المجرمين ومحاصرتهم والتقليل من الخسائر البشرية في هذا الحادث المؤلم للجميع. يجب التأكيد هنا بأن لا يوجد بلد في هذا العالم محمي وله حصانة من الأعمال الإرهابية والاجرامية التي تشهدها بعض دول المنطقة بل وحتى كوكبنا الصغير، فالاشرار وأصحاب النفوس الضعيفة يجنحون دائما إلى الشر واستباحة نفوس الآمنين. وفي الختام، أسجل هنا ومن على هذا المنبر؛ أحر التعازي للعمانيين جميعا، وكذلك لأسرة شهيد الوطن الرقيب يوسف الندابي من شرطة عمان السلطانية الذي ضحى بنفسه في سبيل الله والذود عن حياض الوطن، ونتضرع إلى الله أن يسكنه الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصديقين، فهذا الاسم (يوسف) سوف يكتب بأحرف من نور ويخلد في ذاكرة التاريخ العماني المعاصر.
945
| 21 يوليو 2024
امتلاك المال من الضروريات الأساسية التي لا غنى عنها لمختلف نواحي الحياة التي نعيش فيها، فهو أي المال الوسيلة الذي يمكن لأي إنسان في هذا الكون ولكن المال يحتاج إلى إدارة سليمة في تنميته بالدرجة الأولى ثم آلية إنفاقه بما يرضي الله، مثل إخراج زكاة المال وتسليمها لمستحقيها ضمن الفئات التي حددها الدين الحنيف، كذلك الحرص على الصدقة والوقف في سبيل الله والانفاق للاقربين من الناس. وعلى الرغم من ذلك هناك من يحب المال ويحرص على الاحتفاظ به وكنزه للمستقبل، ويصبح المال هو سيدا؛ ويتحول التاجر أو الثري إلى خادم للمال، وهذه الغريزة ارتبطت بمعظم أصحاب الملايين في مجتمعاتنا، ولكن هذه الثروات لا تستمر، فهناك من ينجح في جمع المال وتأسيس امبراطوريات من الشركات والمحلات التجارية ثم تأتي الأجيال الجديدة من الأبناء والاحفاد وتجد هذه الأموال وتقوم بتبديدها وانفاقها في سنوات قليلة، فالجيل الأول يؤسس المشاريع التجارية والجيل الثاني ينميها ويطورها، ثم تأتي الأجيال الثالثة أو الرابعة ويصرفها على الملذات والرفاهية غير المبررة لكونهم لم يتعبوا بتلك الثروة ولا يعرفوا كيف جمعت. فالمواطن العربي البسيط يعاني الأمرين عند طرق أبواب الجهات المختصة التي يفترض أن توفر له حقوقه الأساسية للحصول على الأموال اللازمة التي مصدرها الوظيفة الثابتة كحق أصيل من حقوق الإنسان في هذا الزمن، ولكن هناك دائما تحديات تتذرع بها الحكومات في بعض الدول، كقلة الموارد وعدم القدرة على القيام بكل المتطلبات الضرورية للمجتمع، والسبب الحقيقي هو الرغبة في انفراد الطبقة العليا من المتنفذين والقادة العسكريين بالأموال والمناصب دون غيرهم لكي تضمن لهم توزيع تلك المزايا والثروات على عدد قليل من الناس، بينما يبقى السواد الأعظم من الناس فقراء ومحتاجين، مما يترتب على ذلك ظهور التوترات والقلاقل بين افراد المجتمع، كما حصل فيما يعرف بالربيع العربي 2011 حيث انتفضت الشعوب العربية على الأنظمة الحاكمة ثم تحول ذلك إلى زلزال غير مسبوق في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، إذ طالب جميع الذين خرجوا إلى الشوارع بمحاربة الفساد؛ وكذلك إعادة توزيع الثروة على المستحقين من أبناء الطبقة المسحوقة، ولكن القليل من المسؤولين قد تعلموا من تلك العبر والدروس. ومن المفارقات العجيبة في بلاد العرب تحول المسؤول إلى واحد من اصحاب الثروات الطائلة بعد سنوات قليلة من توليه المنصب الوزاري، وذلك من الهبات التي يحصل عليها من السلطات العليا، كما تظهر مشكلة أخرى تتعلق بالجمع بين كرسي الوزارة والاستمرار في ممارسته للتجارة، حيث تتضارب المصالح الخاصة والعامة. وحول النزاهة ومنع تضارب المصالح واستغلال الوظيفة الحكومية لجمع المال، أتذكر بعض المواقف الاستثنائية النادرة التي حصلت في هذا المجال. ففي عقد السبعينيات من القرن الفائت تعين ابن شقيق الملك أميرا لإحدى المناطق في ذلك البلد العربي، وبعد عدة أشهر من تولي الأمير مهامه انشغل بالتجارة، إذ أصبح وكيلا لواحدة من أشهر وكالات السيارات في العالم، فإذا بعمه الملك يكتب له الرسالة التالية «اختر بين الإمارة والتجارة.. لا يمكن لكم الجمع بين الوظيفتين، فإن ذلك مفسدة». وأضاف «اقترح لكم ترك فرصة لأبناء المنطقة؛ ليتولى أحدهم وكالة السيارات بدلا منك». في واقع الأمر لا يوجد بلد فقير في هذا العالم ولكن يوجد اشخاص يجنحون إلى الانانية وحب الانفراد بالمال العام وجمع الملايين لكونهم في السلطة، ودائما هناك أمثلة لدول تصنف بأنها كانت فقيرة، لكونها تدار من قبل حكومات غير رشيدة؛ ولكن وصول مؤسس سنغافورة (لي كوان يو) إلى السلطة في منتصف القرن الماضي، والذي شبه أسلوبه في محاربة الفساد في بلده من أعلى القمة، بكنس الدرج من الأعلى من أقوى نماذج محاربة الفساد في العالم، فقد أصبحت هذه الجزيرة الصغيرة في شرق اسيا واحدة من أفضل الدول المتقدمة ومسجلة في نفس الوقت أكبر عدد من المواطنين الذين يملكون الملايين، ثم أتى بعده في مطلع الالفية الجديدة الرئيس الرواندي (بول كاغامي) الذي كانت بلده تعاني من الحروب الأهلية والفقر ثم تحولت إلى أكبر سوق مفتوح في افريقيا، وسجلت هذه الدولة التي تفتقد الموانئ والمنافذ البحرية أكبر نمو اقتصادي في العالم، وذلك بفضل تطبيق مبدأ «من أين لك هذا؟»، فقد ذهب الرئيس المنتخب وزوجته عند تولي الرئاسة إلى إدارة الرقابة المالية في بلده لكي يكشفا عن أملاكهما المتواضعة، ثم طلب من خمسة آلاف موظف يعملون في الوظائف العليا بالقيام بذلك أمام هيئة الرقابة المالية لجمهورية رواندا. وفي الختام، لا شك بأن المال يشكل عصب الحياة ولكنه في نفس الوقت ليس غاية أبدية بحد ذاته، فهو فقط وسيلة لتحقيق متطلبات الحياة الكريمة لأي إنسان في هذا الكون، ومن المؤسف حقا اهتمام الأشخاص، بل وبعض الحكومات بكنز المال على حساب حاجة المجتمع، خلصت الدراسات إلى أن الحكومات العربية أنفقت خلال آخر عقد ونصف أكثر من ألف مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك، فإن العرب أكثر ضحايا الحروب والتعذيب، بسبب قمع بعض الأنظمة الاستبدادية لشعوبها، واستخدام السلاح لحماية الكراسي وليس للدفاع عن المقدسات والأوطان.
2298
| 20 يونيو 2024
كم هي مرة هذه الحياة عند ما تتعرض للظلم والخيانة من ذوى القربى ويخذلك من تتوقع منه نصرة الحق وتربطك به علاقة نسب وتجمعك معه رابطة الدين والتاريخ المشترك والمصير الواحد، فعند المصائب تظهر معادن الشعوب، وحكمة القادة في الوقوف مع الحق الذي هو فرض وليس واجبا فقط، فقد تحمل الشعب الفلسطيني من الكوارث والمحن والمصائب؛ خاصة أبناء غزة ما تعجز عن حمله الجبال فمن نكبة إلى نكسة إلى إبادة القرن الحادي والعشرين. في يوم 15 مايو من كل عام تحيي الشعوب العربية ومعها الشرفاء واحرار العالم قاطبة ذكرى النكبة التي تعرض فيها الأشقاء في فلسطين المحتلة للابادة الجماعية والتهجير والتطهير العرقي من العصابات الصهيوينة التي مكنها الاستعمار البريطاني الذي جلب تلك المجرمين من مختلف دول العالم، وذلك لإقامة دولة لهذا الكيان السرطاني الغاصب في قلب الوطن العربي أرض الرباط، حيث (القدس الشريف والمسجد الأقصى مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)، ومن اشهر هذه العصابات اليهودية التي ارتكبت ابشع المذابح بحق الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ (الهاغانا، وهاشومير، الأرجون وشترن). ومن أكبر هذه المجازر التي وقعت في عام النكبة، دير ياسين شرق القدس والتي استشهد فيها أكثر من300 شهيد معظمهم من الأطفال والنساء، وكذلك مجزرة قرية الطنطورة جنوب مدينة حيفا؛ والاهم من ذلك كله هو ما تعرض له أبناء منطقة الدوايمة من قتل وتهجير قسري التي بقيت لفترة طويلة طي الكتمان. ومن المفارقات العجيبة وبسبب المعايير المزدوجة في هذا العالم حصول رئيس عصابة الارجون مناحيم بيجن الذي كان رئيسا لوزراء إسرائيل على جائزة نوبل للسلام بالمناصفة والشراكة مع الرئيس المصري أنور السادات في عام 1979 في اعقاب اتفاقية كامب ديفد. والهدف من هذه الذكرى الحزينة هو تذكير العالم بحقوق الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من قتل ممنهج من دولة إسرائيل التي تحظى بحماية الحكومات الامبريالية الاستعمارية الغربية وتقدم لها الأموال والسلاح وتشجعها على القتل الهمجي للأبرياء من الشعب الفلسطيني صاحب الأرض؛ وفي مقدمة هذه الحكومات؛ بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، كما تهدف هذه الذكرى إلى تحقيق حلم العودة إلى الديار التي هجروا منها بالقوة، فكل فلسطيني بقى على قيد الحياة من تلك المذابح يحمل مفتاح منزله ثم يسلمه إلى أبنائه، وذلك لتذكير الأجيال الفلسطينية في المخيمات والشتات بهذا الحق الأصيل الذي أصبح أقرب للواقع ويمكن تحقيقه بالجهاد المقدس بعد طوفان الأقصى المبارك الذي قاده بحكمة واقتدار المجاهد يحيى السنور رئيس منظمة حماس في غزة الصامدة التي خذلها الاشقاء والاخوة من الامتين العربية والاسلامية؛ إلا من رحم ربي. فقد أصبح حقيقة حلم العودة إلى أرض فلسطين التاريخية التي تعرضت للتقسيم من خلال القرار الاممي رقم 181 والذي تمثل باعترف الأمم المتحدة بدولة اسمها إسرائيل على ارض ليست لها، قاب قوسين وادنى أكثر من أي وقت مضى. وفي صحوة للضمير العالمي اعترفت الأسبوع الماضي 143 دولة بأحقية فلسطين للحصول على عضوية الأمم المتحدة، وذلك كثمرة من ثمار الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني؛ وكذلك إنجازات المقاومة الشجاعة في غزة الأبية. على الرغم من اعتراض أمريكا ومعها أذنابها من التابعين لها وعددهم لا يتجاوز 7 من ممثلي بعض الدول الهامشية من بينهم بالطبع دولة الكيان الصهيوني الذي مزق مندوبها ميثاق الأمم المتحدة قبيل التصويت على منح فلسطين العضوية. يبدو لي أن عصر الخيانات وصنع المؤمرات والارتباط بالانظمة الغربية ومخططها الاستعماري قد ذهب بلا عودة، فالغرب الاستعماري حرص على أمن إسرائيل بأي ثمن وذلك من خلال الاتفاقيات السرية التي تجعل من الأنظمة العربية الحاكمة تستمر في الحكم مقابل حماية إسرائيل من الزوال، وذلك من خلال إدارة ظهرها للمقاومة ومحاربة المناضلين ومحاصرتهم؛ ولعلنا تابعنا في بداية هذه المعركة وتحديدا في أكتوبر الماضي كيف توافدت القيادات الغربية على فلسطين المحتلة مستنكرة قيام المقاومة الفلسطينية باختراق دفاعات الجيش الصهيوني والوصول إلى العمق الإسرائيلي بنجاح منقطع النظير على الرغم من الحصار الجائر على قطاع غزة من العدو والصديق معا، فقد حضر جميع رؤساء الحكومات الغربية مجلس الحرب في تل أبيب تباعا، وذلك للتحضير للإبادة الجماعية في غزة بنفس الطريقة التي مارست فيها المانيا النازية إبادة اليهود. حان الوقت للعرب ان يستيقظوا من سباتهم شعوبا وحكومات للوقوف صفا واحدا مع غزة لوقف المجازر والابادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، فالتاريخ لا يرحم من قصر بواجبه تجاه المظلومين، فالعالم بأسره ينتفض لمناصرة غزة، بينما نحن نتفرج على واحدة من أكبر النكبات التي يشهدها كوكبنا عبر التاريخ.
522
| 20 مايو 2024
تعد الأخبار المضللة من أخطر التحديات التي تواجه الرأي العام المحلي في مختلف المجتمعات المعاصرة، وذلك لما تحمله مضامين تلك الأخبار من أكاذيب وشائعات تعمل على تسميم العقول واستباحتها من خلال خطاب دعائي مضلل باستخدام اسحلة فتاكة تقلب الحقائق وتحول الحق باطلا، فالأخبار المضللة أو الدعاية الرمادية التي تخاطب العواطف وتخترق الوجدان لم تكن بجديدة على الساحة، بل تعود إلى أزمنة سحيقة وعصور قديمة قدم الإنسان في هذا الكون، إذ يهدف الواقفون خلف ستار تلك الدعايات المغرضة بالدرجة الأولى لنشر الفوضى وزعزعة استقرار البيوت الآمنة والمجتمعات المتماسكة والموحدة؛ وقد تطورت أساليب الدعاية بظهور وسائل الاتصال الحديثة، ودخلت للجامعات كتخصص له مساقات ودراسات بحثية متقدمة مستفيدة من العديد من التخصصات كالعلوم السياسية والاتصال الجماهيري وعلم النفس وغيرها من العلوم الإنسانية ذات العلاقة. وكانت الحرب العالمية الأولى والثانية من أهم الفترات التي انتشرت فيها الحرب النفسية وازدهرت فيها الأخبار المضللة على نطاق واسع، خاصة بظهور وزير الدعاية الألمانية في عهد هتلر (جوزيف جوبلز) والذي يعد من أهم المنظرين في علم الدعاية إن لم يكن الأول؛ بمختلف أنواعها ومصادرها؛ البيضاء والسوداء والرمادية، إذ يعتمد على اختصار مضامين الدعاية في عدة جمل على أن يتم تكرارها على الجمهور مرارا وتكرارا؛ فهو الذي قال: «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك». من هنا كانت الأخبار المضللة في الإعلام هي عنوان للمحور الأول الذي نظمه قسم الاتصال الجماهيري بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع صلالة، وذلك في إطار منتدى «مستقبل الاتصال والإعلام في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ الاتجاهات والتحديات» والذي ضم العديد من المتحدثين كالإعلامي التونسي الأستاذ محمد كريشان من شبكة الجزيرة الإخبارية والذي تحدث في العرض الثاني بعنوان: (غزة والأخبار المضللة)، بينما كان العرض الثالث للدكتور عمر الصيعري بعنوان (الأخبار المضللة في مواقع التواصل الاجتماعي). وقد تشرفت بأن أكون المتحدث الرئيسي في هذا المحور، بورقة علمية بعنوان «الخطاب الدعائي المضلل في الإعلام العربي»، حيث تمحور الحديث حول وسائل الاتصال الرسمية في الوطن العربي وتضليلها للشعوب العربية عبر العقود، على الرغم من أن ما تحمله من برامج تركز على انصاف الحقائق وتلميع كبار المسؤولين وتقديمهم كبشر خارقين للعادة، إلا أنها أصبحت مكشوفة ومن الصعب تصديقها بأي حال من الأحوال. الغريب في الأمر أن القائمين على هذه الوسائل من الإعلاميين يدركون جيدا أن برامجهم وخطابهم الإعلامي غير مقبول من الناس ويفتقد المصداقية، ولا تحقق برامجهم التلفزيونية والإذاعية منها والصحفية الأهداف المرجوة من الذين يدفعون لها الأموال وينطبق عليهم المثال القائل كالذي يحرث في البحر. هذه الوسائل الدعائية تنظر بعين واحدة فقط هي عين المسؤول الذي يحاول أن يلمع إنجازاته الوهمية من خلال الخطاب الدعائي المكشوف للجميع. لقد جندت الحكومات العربية جيوشا من «المُطبلين» والأقلام في مختلف المنابر الدعائية التي يجب ألا نطلق عليها اسم وسائل إعلام أو الذين ينتسبون لها بـ»الإعلاميين»؛ لكون أن الإعلام يجب أن يكون صادقًا وبعيدًا عن الخطاب الدعائي المضلل الذي يحاول جاهدا قلب الحقائق وتلوين الأحداث والمضامين الدعائية. إن هذه الوسائل التي تحولت إلى أبواق رمادية، وتمارس التنظير المضلل لا يمكن أن يكتب لخطابها النجاح والتوفيق بأي حال من الأحوال. وقد أدرك القائمون على وسائل الإعلام في الغرب أهمية المصداقية الإعلامية في كسب عقول الناس وقلوبهم، ليس حبًا في الصدق؛ بل لمعرفتهم بالمستوى المطلوب لتمرير الكذب عند الضرورة من خلال الرسائل والمضامين الدعائية التي تقدم للجمهور على أنها خطاب إعلامي صادق. من هنا ظهرت نظرية ما يعرف (بكيمياء الكذب) التي تشترط تمرير 95% من الرسائل والأخبار الصادقة أولاً بهدف كسب ثقة الناس، ثم بعد ذلك يمكن بث مضامين ورسائل مضللة وكاذبة عند الحاجة دون اكتشاف ذلك من الجمهور الذي تعود على المصداقية من تلك الوسائل. وقد طبقت الإذاعات الدولية الموجهة للعالم العربي نظرية كيمياء الكذب خاصة إذاعة لندن ومونت كارلو الناطقات باللغة العربية قبل إغلاق الأولى مؤخرا، بينما كانت وما زالت وسائل الإعلام العربية تعرض خطابًا إعلاميًا يقوم على نظرية الرصاصة أو ما يُعرف بـ»حقنة تحت الجلد» التي تشبه انتقال الأفكار من الإعلام إلى الجمهور كالرصاص أو الحقنة المخدرة التي تسيطر بالكامل على قناعات الناس وعقولهم باعتبار أن الجمهور اعزل ولا يستطيع تجنب مضامين البرامج التي يتلقاها بشكل يومي. وفي الختام، لقد وصلت إلى قناعة شخصية؛ بأنه لا يوجد إعلام بمستوى بما يعرف بالسلطة الرابعة التي يفترض لها أن تراقب السلطات الثلاث وتكون ندا لها في كشف المستور، وهذا ليس فقط في بلاد العرب بل وحتى في الغرب، فتلك الشبكات الإخبارية تحني أمام السلطات والحكومات الغربية عند ما تكون هناك حاجة أو مكسب مادي أوقانوني أو حتى سبق صحفي كالحصول على التسريبات من المؤسسات الرسمية في لدى القادة والساسة في واشنطن ولندن وباريس، فالإعلام هنا بكل آسف ضحية للسياسة وتابع للمتنفذين والقادة في العالم قاطبة ولم يكن في يوما من الأيام ينطلق من مبادئ الحرية المطلقة بل هناك سقف محدود يجب رسم للإعلاميين ويجب عدم تجاوزه.
831
| 12 مايو 2024
مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...
13563
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...
1413
| 18 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...
1173
| 20 نوفمبر 2025
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...
1143
| 18 نوفمبر 2025
في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، يقبع نصب تذكاري لرجل...
1020
| 23 نوفمبر 2025
كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...
993
| 20 نوفمبر 2025
في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...
918
| 20 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا...
846
| 25 نوفمبر 2025
نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...
810
| 18 نوفمبر 2025
حينما تنطلق من هذا الجسد لتحلّق في عالم...
669
| 21 نوفمبر 2025
أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...
657
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية