رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
جاء خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمام مجلس الشورى بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، خطابا صريحا يتسم بمصارحة القائد لأبناء شعبه وكان خطابا قوياً طرح فيه عدة أفكار وتعديلات في الدستور احالها الى التشاور في مجلس الشورى الموقر الذي تم إنشاؤه وفقا لمبادئنا الإسلامية التي تدعو الى المشورة من أهل الرأي والعلم، كما جاء في محكم تنزيله (وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) سورة آل عمران الآية (159)، وهناك العديد من القنوات للتواصل مع الشعب سوف يتم وضعها في الاعتبار في التعديلات الجديدة. وبشر سمو الأمير شعبه بأن تقديرات معدل النمو الاقتصادي بلغت 1.2% في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة، وتقديرات صندوق النقد الدولي تشير الى ان نمو الناتج المحلي سيصل الى 2%، في نهاية العام الجاري على ان ترتفع معدلات النمو على المدى المتوسط بين عامي 2025 – 2029 لتصل الى 4.1% سنويا بدعم من التوسع في مشاريع انتاج الغاز ومشاريع الصناعات التحويلية، وهذه تباشير مطمئنة للمجتمع القطري وتدل على أن قيادتنا الرشيدة تسير في طريقها الذي رسمته ونجاحات سياستها المالية والاقتصادية التي طبقتها الدولة لتحقيق اهداف الاستراتيجية الوطنية الثالثة 2024 – 2028 والتي تشمل دعم قطاعات التجارة والصناعة والبحوث والدراسات والسياحة والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات وتطوير الأنظمة المالية والإدارية، بالرغم من تراجع النمو الاقتصادي بين عامي 20022 و 2023 لأسباب معروفة تتعلق بإنجاز المشاريع العملاقة المتعلقة ببطولة كأس العالم من مشاريع البنية التحتية وغيرها والتي سبقت تنظيم البلاد لكأس العالم الذي سجلت فيه الدولة نجاحا باهرا كافضل بطولة عالمية حتى اليوم بشهادة جميع دول العالم. ثوابت دولة قطر كما نوه سموه الكريم على ما تؤكده دولة قطر دوما في حرصها على ثوابت أساسية ومبادئ مستقرة، تحقق أهدافنا ومصالحنا الوطنية، وتتفق مع قيمنا وتعكس انتماءنا الإسلامي والعربي والخليجي، وأن القضية الفلسطينية تظل في مقدمة أولوياتنا، فقد مر عام من التدمير وجرائم الإبادة الجماعية في ظل استمرار عجز وتقاعس المجتمع الدولي عن وقف هذه الحرب البشعة، وأن الكيان الصهيوني يستغل فرصة هذا التقاعس الدولي لتنفيذ مخططات استيطانية خطيرة في الضفة الغربية، وراحت توسع عدوانها إلى لبنان الشقيق، وقال إن المخرج الأسهل والأسلم لوقف التصعيد على الحدود مع لبنان هو وقف حرب الإبادة على غزة، كما أكد بأن الدمار «لن يجدي مع الشعب الفلسطيني الصامد المتمسك بحقوقه المشروعة»، وأكد للعالم بان دولة قطر نجحت في التوصل إلى اتفاق الهدنة - الذي تم تنفيذه في نوفمبر/ الماضي- والذي تتمسك فيه قطر بمطالبة المجتمع الدولي بوقف العدوان الإسرائيلي على المجتمع الفلسطيني. مكاشفة الشعب في تعديل مؤسساته الدستورية وكان سموه صريحا مع شعبه عندما قال انه دعا الى انتخابات مجلس الشورى في العام 2021 تنفيذا لما قرره الدستور القطري على الرغم من تحفظ العديد من المواطنين المخلصين، وكان يعتقد في حينه انها تجربة وسوف يتم مراجعتها وتقييمها ونستخلص منها النتائج والتي قادتنا الى اقتراح التعديلات الدستورية التي سيتم الاستفتاء عليها من قبل الشعب، وأكد بأن نظام الدولة إمارة يقوم على العدل والشورى ويحمي الحقوق والحريات في ظل سيادة القانون وأن علاقة الشعب بالحكم في قطر هي علاقة أهلية مباشرة وثمة أعراف وآليات معروفة للتواصل المباشر بين الشعب والحكم وليس بالضرورة ان يكون مجلس شورى منتخب الذي لم يؤثر على مكانة المجلس الحالي سواء اختير اعضاؤه بالانتخاب ام بالتعيين، ولا بديل عن الجمع بين الإرادة والحكمة وان مصادر قوتنا وثقتنا بالمستقبل هي الحفاظ على قيمنا واخلاقنا وتواضعنا وحبنا لوطننا العزيز. *كسرة أخيرة* الكل عاش الجو الذي خلقته انتخابات مجلس الشورى والتي انتهت بمنافسة شريفة بين المرشحين في القبيلة الواحدة، ولكن كانت هناك سلبيات طرأت على السطح وأحدثت بعض الشروخ بين أبناء الوطن الواحد مما دعا قيادتنا الحكيمة في إعادة النظر في عملية الانتخابات، والكل متفق بأن دور مجلس الشورى لم يتأثر سواء كان بالانتخاب او بالتعيين، وان الشعب القطري متماسك وقريب من قيادته دوما مما يجعل الحكومة في تواصل دائم مع شعبها في كل صغيرة وكبيرة ولا يستدعي الأمر إجراء انتخابات لتشكيل برلمانات لتعكس رغبات وتطلعات الشعب طالما أن هناك قنوات تواصل مفتوحة بين الحكومة وشعبها الذي يجدد الولاء لقيادته بما تقدمه من تضحيات من أجل توفير العيش الكريم وتحقيق الرفاهية الحياتية اليومية.
1587
| 16 أكتوبر 2024
يلعب المعلمون أدواراً مهمة جدًا في تشكيل مستقبل أبنائنا، وكنوع من التقدير والعرفان بدور المعلم، يتم الاحتفال سنويًا بدولتنا الحبيبة قطر في يوم الخامس من شهر أكتوبر منذ عام 1994م بيوم المعلم، حيث يحتفل العالم بيوم المعلم تقديرا لدوره، وحددت دولة قطر هذا اليوم من شهر اكتوبر ليصادف بداية العام الدراسي كل عام كبداية تشجيعية للمعلم وتكريمه في بداية كل عام دراسي، دولتنا الحبيبة قطر لا تدخر جهداً في تكريم المعلم وتعظيم مكانته ودوره في المجتمع، وتشجيعا للمواطنين بامتهان هذه المهنة العظيمة يتم حاليا دراسة امكانية تحفيز وترغيب المواطنين لامتهان هذه المهنة العظيمة لخلق جيل متعلم ومثقف بجميع العلوم لنقلها الى الأجيال القادمة. * ومن السبل الكفيلة بالتركيز على مهنة المعلم وتعظيم دورها من الضرورة بمكان أن يتم غرس مفاهيم أهمية هذه المهنة وأثرها في المجتمع لأبنائنا الطلاب منذ مرحلة الأساس لتنشأ أجيال للمستقبل محبة لهذه المهنة، وذلك بإعداد مناهج متدرجة لكل مرحلة حسب مستواها وإقامة نشاطات وفعاليات ومسارح ترسخ في أذهان هؤلاء الطلاب أهمية هذه المهنة ودورها في المجتمع وتدريب الطلاب على طرق تقديم عبارات الشكر والتقدير لمعلميهم، بالإضافة الى عمل ورش وندوات في جامعاتنا بتهيئة الطلاب وتشجيعهم لامتهان هذه المهنة، كما ان الجهات المعنية بالدولة لها دور كبير في تشجيع المواطنين لامتهان مهنة المعلم كمجلس الشورى وتوصياته بهذا الخصوص وكذلك مجلس الوزراء الموقر لإصدار القرارات اللازمة لتحفيز المواطنين الراغبين في توظيفهم في مهنة المعلم وتحسين مستواهم الاجتماعي والمادي. * يواجه العالم نقصاً غير مسبوق في أعداد المعلمين على الصعيد العالمي، وتفاقم هذا النقص بسبب تراجع ظروف عمل المعلمين وأوضاعهم في العديد من الدول كل حسب ظروفها، وقطر لا تدخر جهداً في تهيئة البيئة المناسبة للعملية التعليمية والظروف المناسبة ليمارس المعلمين مهنتهم بكل احترافية، ومعلم الأمس يختلف كثيرا عن معلم اليوم، وقد كنت من معلمي الرعيل الأول منذ عام 1981، وتنقلت في عدة مدارس ابتدائية حتى شغلت منصب مديرة عدة مدارس منها مدرسة روضة راشد ومدرسة خديجة بنت خويلد ومدرسة مدينة خليفة الجنوبية ومدرسة المنتزه الابتدائية، وكمديرة منتدبة بمدرسة الأقصى الإعدادية، كما عملت عضوة في تقييم الأداء المدرسي قبل احالتي للتقاعد، وكنا ومعي زملائي وزميلاتي المعلمات في قمة التفاني في العمل رغم الحوافز القليلة التي كنا نتقاضاها مقارنة باليوم، وكانت تنقلاتنا كأنها أمر لنا يجب تنفيذه وننتقل الى المدارس التي يتم اختيارها لنا من الوزارة بدون تذمر حتى لو كانت بعيدة عن مواقع سكننا، وكان الحافز الوحيد لنا في العمل هو الواجب الوطني وتعليم ابنائنا ليكونوا على أعلى مستوى من العلم، لذلك كان الجيل الذي تمدرس في أيامنا جيلا متميزا وأساسه التعليمي متينا اكثر من الجيل الحالي، ورغم ذلك عندما تقاعدنا عن العمل لم تكن مكافآتنا مجزية كما هو التقاعد اليوم، وذلك نظراً لتزامن تقاعد ذلك الجيل قبل صدور القانون الجديد للمعاشات، فوقع الظلم على ذلك الجيل. *ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أشيد بمجهودات سعادة المربية الفاضلة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزيرة التربية والتعليم وذلك لما لمسناه من تطور كبير في العملية التعليمية والارتقاء بمهنة المعلم والكوادر المدرسية لتصبح من المهن المرغوبة للمواطنين الدخول فيها للعائد المادي والمحفزات التي تصدرها الوزارة يوما بعد يوم في سبيل تطوير أداء هذه الكوادر لدفع عجلة التعليم في بلادنا، ونناشد الوزارة التي على رأسها الوزيرة الهمامة في إعادة النظر في أوضاع الرعيل الأول من المعلمين والمعلمات الذين تقاعدوا برواتب ضعيفة لا تفي باحتياجاتهم خاصة ان البعض منهم أصيب بأمراض مزمنة وزادت متطلباتهم واحتياجاتهم اليومية. كسرة أخيرة احترام وتقدير المعلم يجب أن يكون من واجبات أولياء الأمور وتلقين الأبناء عبارات الشكر والتقدير لمعلميهم وتعظيم دورهم ومكانتهم، مثال أن يكتب الطالب لمعلمه عبارات تدل على هذا التقدير، لما لهذه العبارات من تأثير معنوي وفعال في تحسين العلاقة بين المعلم والطالب لتسهيل وتبسيط عملية نقل المفاهيم التعليمية الى الطلاب بكل سلاسة.
1572
| 09 أكتوبر 2024
رجل يبلغ من العمر 60 عامًا يعاني من اكتئاب حاد، وقامت زوجته بحجز موعد له مع مستشار نفسي، قالت له الزوجة: «إنه يعاني من اكتئاب حاد يرجى الاهتمام به، بدأ المستشار بسؤاله بعض الأشياء الشخصية، تحدث الرجل وكان هذا هو جوابه: (أنا قلق للغاية، في الواقع، وغارق في هموم قضايا الأسرة، وضغوط العمل، والأصدقاء، وتعليم الأطفال، وتوتر العمل، وقرض الرهن العقاري، وقرض السيارة، وما إلى ذلك)، وأضاف: لقد فقدت الاهتمام بكل شيء كنت أحبه حتى يعتقد الناس أنني مرتاح ويعتقدون أنني أملك كل شيء، لكن ليس لدي الكثير من الأشياء «أنا مكتئب جدًا)، ثم سأله المستشار «أي مدرسة ثانوية التحقت بها؟»، أخبره الرجل باسم المدرسة، قال المستشار: أريد أن أنصحك بالذهاب إلى تلك المدرسة عندما تصل إلى المدرسة، أطلب «سجل الفصل» الخاص بك إذا كان لا يزال موجودا في المدرسة وابحث عن أسماء زملائك وحاول الحصول على معلومات حول حالتهم الصحية الحالية، دوِّن جميع المعلومات التي تحصل عليها عنهم وقابلني بعد شهر. نتائج مفاجئة ذهب الرجل إلى مدرسته السابقة، ووجد السجل، ونسخ كل اسم فيه، كان هناك 120 اسمًا في المجموع، حاول ليلًا ونهارًا طوال شهر واحد لكنه بالكاد تمكن من جمع معلومات عن حوالي 75 - 80 من زملائه في الفصل، وكانت النتيجة:- - 20 منهم ماتوا. - 7 منهم بدون زوجات - 13 منهم مطلقون. - 10 منهم تبين أنهم صاروا مدمنين على المخدرات. - 5 منهم أصبحوا فقراء للغاية لدرجة أنه لا أحد يستطيع حتى التواصل معهم. - 6 منهم تبين أنهم أثرياء للغاية لدرجة أنه لم يستطع تصديق ذلك - بعضهم مصاب بالسرطان. - بعضهم مشلول. - بعضهم مصاب بالسكري. - بعضهم مصاب بالربو. - بعضهم مصاب بأمراض القلب. - كان اثنان منهم في الفراش مصابين بإصابات في الذراع/الساق أو الحبل الشوكي. - تبين أن أطفال بعضهم مجانين ومتشردون، إلخ. - كان أحدهم في السجن بعد طلاقين. - كان أحد الأشخاص يسعى إلى الزواج الثالث. ثم عاد الرجل المسن إلى المستشار بعد شهر، سأله المستشار النفسي: «الآن أخبرني كيف هي حالة الاكتئاب لديك»؟ أدرك الرجل أنه لم يكن يعاني من أي مرض، لم يكن يتضور جوعًا، كان عقله سليمًا، لم يكن سيئ الحظ، كان محظوظًا لأن زوجته وأطفاله كانوا في صحة جيدة للغاية، كان يتمتع بصحة جيدة أيضًا، وكان قادرًا على تحمل تكاليف ثلاث وجبات يوميًا، كانت تحدياته ضئيلة الأهمية مقارنة بتحديات الآخرين. لا تقارن نفسك بالآخرين كل شخص يتحرك وفقًا لمصيره، الذي كتبه الله له، فقط اعمل واجتهد وارض بنصيبك، وكل أمر المؤمن خير، فاذا أصابه خير حمد الله وشكر، وإذا اصابته ضراء صبر واحتسب الأمر لله فعوضه الله خيراً منه، لتكن سعيداً لا تقارن نفسك بغيرك واعلم أن لديك حياةً وظروفاً وفكراً وشخصيةً مختلفةً، ونصيبا وقدرا خاصا بك لا يشبه غيرك ودائماً قل الحمد الله. كسرة أخيرة عندما يقارن الشخص نفسه بالآخرين هذا ما يجعله يُدمر سعادته بنفسه والمقارنة دائماً ظالمة، أتعلمون لماذا؟ لأن الإنسان دائماً يقارن أسوأ ما عنده بأفضل ما عند غيره، فهناك من لا يستطيع الشعور بالرضا عن ذاته أو حياته لأنه يقارنهما بما يمتلكه الآخرون بشكل يقزّم ما يمتلكه، والمشكلة في هذه المقارنات هي أنها تؤخذ بالظاهر فقط، دون الانتباه إلى أن حياة الآخرين تخفي كثيراً من الأمور الأخرى التي قد تساعدهم في أن يكونوا أفضل، أو التي تجعلهم في الواقع أسوأ حظاً ولا يعلمون ما مر به الآخرون من الصعاب حتي يصلوا إلى ما هم عليه الآن، الشخص الوحيد الذي يجب أن تقارن نفسك به هو نفسك، لأن الظروف تختلف كليّا من شخص لآخر، لذا فمن غير العدل أن تقارن حالتين مختلفتين في الأمر ذاته، فلكل مجتهد نصيب.
639
| 02 أكتوبر 2024
تزوجت امرأة من تاجر غني، له محل كبير يبيع فيه القماش والملابس وكان بخيلا جدا، وذات يوم اشترى الرجل دجاجة، وطلب من زوجته أن تطبخها ليتناول جزءا منها على العشاء، وبينما كان الزوجان يتناولان طعام العشاء سمعا طرقا على الباب. فتح الزوج الباب، فوجد رجلا فقيرا يطلب بعض الطعام لأنه جائع، رفض الزوج ان يعطيه شيئا وصاح به وقال له كلاما قاسيا وطرده، فقال له السائل: سامحك الله يا سيدي، فلولا الحاجة الشديدة والجوع الشديد ما طرقت بابك، لم ينتظر الرجل أن يكمل السائل كلامه، وأغلق الباب بعنف في وجهه، وعاد إلى طعامه، قالت الزوجة: لماذا أغلقت الباب هكذا في وجه السائل؟، فقال الزوج بغضب: وماذا كنت تريدين ان افعل؟. فقالت: كان من الممكن ان تعطيه قطعة من الدجاجة، ولو اخذ جناحيها يسد بها جوعه، قال الزوج: أعطيه جناحا كاملا أجننت؟. قالت الزوجة: إذن، قل له كلمة طيبة. وبعد أيام ذهب التاجر إلى متجره، فوجد أن حريقا قد أحرق كل القماش والملابس، ولم يترك شيئا، عاد الرجل إلى زوجته حزينا وقال لها: لقد جعل الحريق المحل رمادا، وأصبحت لا أملك شيئا، قالت الزوجة: لا تستسلم للأحزان يا زوجي واصبر على قضاء الله وقدره، ولا تيأس من رحمة الله، ولسوف يعوضك الله خيرا، لكن الرجل قال لزوجته: اسمعي يا امرأة، حتى يأتي هذا الخير اذهبي إلى بيت أبيك، فأنا لا أستطيع الإنفاق عليك، وطلّق الزوج زوجته، ولكن الله أكرمها فتزوجت من رجل آخر كريم يرحم الضعفاء، ويطعم المساكين، ولا يرد محروما ولا سائلا. وذات يوم بينما كانت المرأة تتناول العشاء مع زوجها الجديد، دق الباب فنهضت المرأة لترى من الطارق ورجعت وقالت لزوجها: هناك سائل يشكو شدة الجوع ويطلب الطعام فقال لها زوجها: أعطيه إحدى هاتين الدجاجتين، تكفينا دجاجة واحدة لعشائنا، فلقد أنعم الله علينا، ولن نخيب رجاء من يلجأ إلينا، فقالت: ما أكرمك وما أطيبك يا زوجي، أخذت الزوجة الدجاجة لتعطيها السائل، ثم عادت إلى زوجها لتكمل العشاء والدموع تملأ عينيها. لاحظ الزوج عليها ذلك، فقال لها في دهشة: ماذا يبكيك يا زوجتي العزيزة؟ فقالت: إنني أبكي من شدة حزني، فسألها زوجها عن السبب فأجابته: أنا أبكي لأن السائل الذي دق بابنا منذ قليل، وأمرتني أن أعطيه الدجاجة، هو زوجي الأول. ثم أخذت المرأة تحكي لزوجها قصة الزوج الأول البخيل الذي أهان السائل وطرده دون أن يعطيه شيئا وأسمعه كلاما لاذعا قاسيا. حسن التصرف حفاظاً على النعمة فقال لها زوجها الكريم: يا زوجتي، إذا كان السائل الذي دق بابنا هو زوجك الأول فأنا السائل الأول، سبحان الله الايام دول يوما لك ويوما عليك فلا تستقوِ بما معك اليوم فسبحان الوهاب، اذا لم تحسن التصرف فيما اعطاك اخذه منك، هذه هي الحكمة التي نأخذها من هذه القصة، اذا دعتك قدرتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك، وتحمل هذه الحكمة في طياتها رسالة عميقة عن العدالة والتواضع نستفيد منها عدة أمور منها التذكير بالعدالة وبأن القوة والقدرة يجب أن تُستخدم لتحقيق العدالة وليس للظلم، كما تعلمنا التواضع وأن هناك من هو اقوى منا وهو الخالق سبحانه وتعالى، وأن الرحمة تحثنا على التعامل بلطف مع الآخرين حتى عندما نكون في موقف قوة. كسرة أخيرة الكرم والنفقة لهما فوائد عظيمة تعود علينا بالخير وزيادة البركة في النعمة عندما نشارك ما لدينا مع الآخرين، سواء كان ذلك مالاً أو وقتاً أو معرفة، فإننا نساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وتعاوناً، ومن الفوائد العظيمة تحقيق السعادة وذلك بالشعور بالرضا عندما نرى تأثير ما قدمناه على حياة الاخرين، كما أن الكرم والنفقة تحقق التوازن بين الأخذ والعطاء في حياة متوازنة ومثمرة، ومن واقع تجاربنا تعلمنا أن دعوة الآخرين لتناول الطعام معنا يعزز الروابط الاجتماعية ويقوي العلاقات بين أفراد المجتمع بالإضافة الى انه يجلب الخير ويزيد والسعادة، قال تعالى في محكم تنزيله: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) – سورة الروم (39)، أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء، كما جاء في الصحيح: «وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله، حتى تصير التمرة أعظم من جبل أحد).
2259
| 25 سبتمبر 2024
وقع حصان أحد المزارعين في بئر مياه عميقة، لكنها كانت جافة، بدأ الحصان بالصهيل طالباً النجدة واستمر على هذا النحو عدة ساعات، كان المزارع حينها يدرس الموقف ويفكر بكيفية استعادة الحصان؟ لم يستغرق الأمر طويلاً كي يقنع المزارع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزاً، وأن تكلفة استخراجه تقارب تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردم، نادى المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آن واحد (التخلص من البئر الجافة، ودفن الحصان)، وفعلاً بدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر، في بادئ الأمر أدرك الحصان حقيقة ما يجري، فأخذ بالصهيل بصوت عال يملأه الألم وطلب النجدة، وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة فاعتقدوا بأنه مات. نظر المزارع إلى داخل البئر فصعق مما رأى، لقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره، وكلما سقطت عليه الأتربة يرميها بدوره على الأرض فيرتفع هو بمقدار خطوة واحدة للأعلى. هكذا استمر الحال، الكل يلقي الأتربة والنفايات إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز ظهره فتسقط على الأرض حيث يرتفع خطوة بعد خطوة إلى أعلى، وبعد فترة من الزمن اقترب الحصان من فوهة البئر، فقفز قفزة بسيطة وصل بها إلى خارج البئر بسلام. الحكمة من قصة الحصان، كذلك هي الحياة تلقي بأوجاعها وأثقالها ومخلفاتها عليك، فإما أن تدفنك، وإما أن تلقيها من على ظهرك وترتقي، وكل مشكلة قد تواجهك في الحياة هي حفنة تراب يجب أن تنفضها من على ظهرك كي تتغلب عليها وترتفع بذلك خطوة للأعلى انفض مخلفات الحياة لا تستسلم أبدا، ومهما شعرت أن الآخرين يريدون دفنك حيّا لا تستسلم. اجعل قلبك خالياً من الهموم، وعقلك خالياً من القلق، وعش حياتك ببساطة، وأكثر من العطاء، وتفاءل بالخير. الحياة ليست مجرد مسألة البقاء، بل الأهم هو أن نعيشها بمعنى، الحياة ليست قصة تروى، بل مغامرة تعاش ولن تكون الحياة رائعة إلا إذا كنت جريئًا بما يكفي لتتبع قلبك وذكيًا بما يكفي لتثق بتفكيرك، ولا يمكن أن تعيش حياة لمجرد انتظار العاصفة تمر، بل ما تعلمته من تجاربك اليومية، ولا تجتمع العقلية السلبية مع حياة إيجابية، بل لابد أن تعيش في أمل دائم حتى في أصعب الأوقات كما فعل الحصان عندما فكر كيف يخرج من الحفرة التي وقع فيها، ونضع في بالنا دائما بأن الحياة قصيرة جدًا لتقضيها في ممارسة الكراهية والانتقادات، فابحث عن الجمال والإيجابية في كل لحظة، وان أهم ما تقدمه الحياة لنا هو الأشخاص الذين نلقاهم على طول الطريق، فالحياة أجمل عندما نعيش كل لحظة ونقدر قيمتها. ** لا يمكن تعلّم أي شيء من الأخطاء التي يرتكبها الفرد في حياته دون أن يعترف بها ويتقبلها، فالمرور بأخطاء عديدة خلال الحياة هو أمر طبيعي يجب تقبله والتعامل معه، ولهذا ليس هناك ضرر لو اعترف الفرد بخطئه واعتذر عنه إن لزم ذلك، كما أن الاعتراف بالأخطاء هو دليل قوة وشجاعة وليس ضعفًا، ويمكن أن يسبب الوقوع في الأخطاء العديد من المشاعر السلبية، كالغضب والإحباط والحزن وغيرها، ولكن لا يجب على الفرد أن يترك هذه المشاعر تسيطر عليه طويلًا، وعليه تجاوزها والتركيز على الإيجابيات والإنجازات التي حققت، كما يجب علينا وضع خطة لتطبيق الدروس المستفادة بعد تحديدها من الأخطاء التي تم الوقوع بها، ولابد من وضع خطة محكمة تطبق لضمان تطبيق جميع هذه الدروس لتكون مرجعاً للفرد لعدم تكرار الأخطاء. *كسرة أخيرة* من المفيد أن ينقل الشخص ما تعلمه من الأخطاء التي وقع فيها للآخرين بعد أن يكون عرف حلولها وأسبابها، وبذلك ينقل خبرته للآخرين ليساعدهم في تجنب الأخطاء التي وقع بها، ويفضل استخدام هذه النصيحة في بيئة العمل، يمكن للعامل مساعدة زملائه لمنع تكرار نفس الأخطاء وبالتالي تراجع العمل وتأخره، وتعم الفائدة على المجتمع وتساهم في إصلاحه.
1089
| 18 سبتمبر 2024
يقول شارلي شابلن، أشهر كوميدي في تاريخ السينما: عندما كنت صغيراً، ذهبت برفقة أبي لمشاهدة عرض في السّيرك، وقفنا في صف طويل لقطع التذاكر، وكان أمامنا عائلة مكوّنة من ستة أولاد والأم والأب، وكان الفقر بادياً عليهم، ملابسهم قديمة لكنها نظيفة، وكان الأولاد فرحين جداً وهم يتحدثون عن السيرك، وبعد أن جاء دورهم، تقدم الأب إلى شباك التذاكر، وسأل عن سعر البطاقة، فلما أخبره عامل شبّاك التذاكر عن سعرها تلعثم الأب، وأخذ يهمس لزوجته، وعلامات الإحراج بادية على وجهه. فرأيت أبي قد أخرج من جيبه عشرين دولاراً، ورماها على الأرض، ثم انحنى والتقطها، ووضع يده على كتف الرجل وقال له: لقد سقطت نقودك، نظر الرجل إلى أبي، وقال له والدموع في عينيه: شكراً يا سيدي، وبعد أن دخلوا، سحبني أبي من يدي، وتراجعنا من الطابور، لأنه لم يكن يملك غير العشرين دولارا التي أعطاها للرجل، ومنذ ذلك اليوم وأنا فخور بأبي، كان ذلك الموقف أجمل عرض شاهدته في حياتي، وكان أجمل بكثير حتى من عرض السيرك الذي لم أشاهده. - المواقف أقوى من النصح بالكلام الحكمة من هذه القصة هي أن التربية بالمواقف أفضل بكثير من مجرد كلمات، فجميعنا ينصح ولكن كي تربي صغيرك يجب أن تعلمه بالفعل والمواقف الإيجابية، هذه المواقف هي التي ترسخ في أذهان أبنائنا ولكل واحد منا موقف أو عدة مواقف يتذكرها دوماً من أحد والديه ولا ينساها مهما طال به العمر خاصة بعد أن يفارقا الدنيا، وتظل ترويها لأبنائك، فلذلك نحرص جميعا أن تكون نصائحنا باختلاق المواقف وتوصيل الرسالة والنصيحة التي نريد توصيلها لأبنائنا، وهذا من أقوى طرق ومناهج التربية الصحيحة، لذلك نرى أن كثيرا من المحاضرين والمعلمين يبدأ محاضرته بتجربة عملية كإجراء بعض التجارب أمام طلابه كمدخل لمحاضرته، وهذا يساعد كثيرا في ترسيخ المفاهيم المراد تعليمها وعدم نسيانها. - ولنا في نبينا أسوة حسنة وكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الأخلاق والأدب وتعاليم الدين عن طريق المواقف والأحداث التي تمرعليهم أمامه، وأحيانا يوجه إليهم أسئلة وعندما يصعب إجابتها يجاوب هو عليها، وكثير من الأحاديث النبوية عبارة عن مواقف تربوية مرت على الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كما حدث في غزوة بدر المليئة بالمواقف التربوية ولعل من أبرزها تأكيده صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى، حيث استشار أصحابه في تلك الغزوة أربع مرات، حين الخروج لملاحقة العير، وعندما علم بخروج قريش للدفاع عن أموالها، واستشارهم عن أفضل المنازل في بدر، وكذلك في موضوع الأسرى، وموقف آخر جسد معاني العفو عند المقدرة عندما تم فتح مكة وخطب الرسول صلى الله عليه وسلم في كفار قريش أمام الكعبة وقد امتلأت قلوبهم رعبا وهلعا وهم يفكرون ماذا سيفعل معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بعد أن أذوه في بداية الدعوة، وقال قولته الشهيرة: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وكانت ملحمة تربوية ورسالة نبوية للأمة رسخت معاني العفو والصفح عند المقدرة، وهكذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يربي أصحابه، ويصحح ما يظهر من انحراف في القول أو السلوك أو الاعتقاد، حتى في أشد الظروف والمواجهة مع الأعداء، فالمخطئ والجاهل له حق على مجتمعه، يتمثل في نصحه وتقويم اعوجاجه برفق، وبأفضل الطرق وأقومها، فلو أن المسلمين ـ وخاصة الدعاة والمربين ـ اقتدوا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمواقفه التربوية مع أصحابه، وما فيها من حلم ورفق، ونصح وحكمة، لأثروا فيمن يعلمونهم تأثيراً يجعلهم يستجيبون لتنفيذ أمر الله، ولنا في رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة في تربيتنا لأبنائنا وانتهاج نهجه. - كسرة أخيرة ليس هناك شيء نهائي بالنسبة للطفل، الوسائل التربوية الناجحة اليوم قد لا تكون غدا، لذا نحرص أن نكون صبورين وواثقين من أنفسنا، ونكون لطيفين مع أبنائنا ونهنئهم على تصرفاتهم الحسنة بشكل واضح دقيق ولا نكتفي بقول (أنت لطيف) بل نقوله له (جميل تصرفك الفلاني ونشكره على ذلك)، ونحسن الاستماع إليهم في ما يقولونه، ونخاطبهم برفق ونتجنب الأصوات العالية وقد يكون الهمس في أذنه ملفتا للانتباه أكثر من مخاطبته بصوت عال.
978
| 11 سبتمبر 2024
أثبتت حرب غزة أن الشعوب العربية والإسلامية ما زالت تحمل قضاياها في قلوبها وأفكارها وإن تخاذلت حكوماتها والمنظمات الدولية عن نصرة قضاياها، الحرب في غزة بدون شك أثارت ردود فعل واسعة في العالم العربي وتخطت تلك الآثار إلى كثير من الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية، حتى أن كثيرا من حكومات تلك الدول تباينت مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وأحدثت شرخا في سياساتها وأفكار شعوبها وتراجع الإعلام كثيراً في دعم الدولة الصهيونية التي زرعها الغرب في قلب الشرق الأوسط، كما أثبتت حرب غزة أن الشعوب العربية والإسلامية، والعديد من الحكومات العربية وجدت نفسها في موقف معقد بين دعمها الشعبي للفلسطينيين والتزاماتها الدبلوماسية والسياسية، خاصة تلك التي قامت وبادرت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأظهرت كثير من استطلاعات الرأي العام تغيُّرات في مواقف الشعوب العربية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، مع تزايد الدعم للمقاومة المسلحة وإيران كقوة معارضة لإسرائيل. كما دعا البرلمان العربي المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهم وتطبيق قواعد القانون الدولي لمحاسبة إسرائيل وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني. زرع الجسم الغريب المفترض ألا تنسى الشعوب العربية ما حدث عام 1907 حيث دعا في ذلك الوقت رئيس وزراء بريطانيا (كامبل بالرمان) سبع دول أوروبية ليس من بينهم ألمانيا، في مؤتمر في بلاده، وقال لهم إننا في حالة انحدار شديد وبيننا تنافس خطير، وسألهم هل تريدون البقاء على القمة أم مواصلة الانحدار، وأجمع الحاضرون بأنهم يريدون البقاء على القمة، ووزع عليهم خارطة الشرق الأوسط، وقال لهم إن هذه المنطقة من الخليج إلى المحيط هي سر قوتنا وسر ضعفنا وهي الآن منطقة ضعيفة جاهلة متشرذمة يتقاتلون على قطرة ماء، لكنهم يمتلكون كل مقومات النهضة ويمتلكون ما لا نمتلكه نحن في الغرب، كل هذه الدول تتبع دينا واحدا وتتحدث لغة واحدة، بينما في أوروبا عشرات الأديان والمذاهب وعشرات اللغات، ويقول إن من يذهب من الكويت إلى نواكشوط لا يحتاج إلى مترجم لأنهم يتحدثون لغة واحدة، كما أن هذه المنطقة تشرف على أوروبا من ناحية الشمال وعلى أفريقيا من ناحية الجنوب وعلى شبه الجزيرة الهندية وعلى دول آسيا، وهي غنية بالمواد الخام التي يحتاجها الغرب، وتستطيع أن تخنق العالم كله من مضيق هرمز شرقاً، وحتى جبل طارق غرباً، ومن قناة السويس شمالاً حتى باب المندب جنوباً، ولا تحتاج هذه المنطقة إلا لقيادة صالحة فقط لتنهض هي ونحن نواصل السقوط. وخلص المؤتمر إلى قرار واحد ذي ثلاثة أهداف، وهو زرع جسم غريب في هذه المنطقة يحقق لهم ثلاثة أهداف مهمة، الأول هو أن يفصل المشرق العربي عن المشرق الغربي، والثاني أن يكون ولاؤه للغرب، والهدف الثالث وهو الأهم أن يجعل المنطقة في حالة لا توازن، لأن التوازن يؤدي إلى الاستقرار، والاستقرار يولد النهضة، ونحن نريد أن نخلق أجواء تمنع حدوث هذه النهضة، لأنها ستكون على حساب الغرب، وإذا باليهود عندما علموا بمقررات هذا المؤتمر أرسلوا وفدا بقيادة (حاييم وايزمان) إلى بريطانيا والدول الأخرى، وقالوا لهم: ما رأيكم إذا كنا نحن هذا الجسم الغريب ونعاهدكم على أن يكون ولاؤنا لكم ولكن بشرط ألا تتركونا لوحدنا وكل ما نطلبه منكم يكون مستجاباً، ودورنا سنقوم به على أكمل وجه وهو تعطيل هذه الأمة. وما نراه يحدث اليوم هو عقد بين إسرائيل والدول الغربية، لذلك لا تسمح هذه الدول بهزيمة الدولة الإسرائيلية لكي لا يفشل مشروعها الذي ولد عام 1907م. تغيرت المعادلة العالم كله يشهد بأن المعادلة تغيرت تجاه الاحتلال الإسرائيلي، في الغرب هناك حركة مناهضة للصهيونية، استيفن هوكنغ وهو أكبر عالم فيزياء والبعض يعده أكبر من العالم (اينشتاين) في أحد المؤتمرات حضره شمعون بيريز خرج هذا العالم ورفض أن يحضر مؤتمرا يحضره شمعون بيريز، وأعلن المقاطعة العلمية لإسرائيل بسبب موقفها من فلسطين. رونالدو اللاعب البرتغالي الشهير الذي فاز بالحذاء الذهبي، أعلن بيع هذا الحذاء وتبرع بريعه لبناء مدارس بقطاع غزة وذلك بسبب هذا الموقف الصهيوني من فلسطين، عدة كنائس في أوروبا وأمريكا أعلنت سحب كل استثماراتها من الشركات الأمريكية وبأي شركة لها علاقة بإسرائيل، وهذا يدل على أن كل العالم معادلاته تتغير تجاه القضية الفلسطينية، ولابد أن نفهم أن تحرير فلسطين هو فوق قدرة المقاومة الفلسطينية. كسرة أخيرة لا يجوز أن نعتبر معركة المقاومة الفلسطينية مع إسرائيل هي المعركة الكبرى، بل لابد أن نشعر كلنا العرب بأنها هي معركتنا، ويجب أن يتحرك لهذه المعركة كل الشعوب الإسلامية، والتغيرات الجذرية التي حدثت في العالم هي فرصة لكي ينهض العرب والمسلمون لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، ذلك الجسم الغريب جغرافياً وتاريخياً المزروع في صدر الأمة الإسلامية.
1038
| 04 سبتمبر 2024
أيام قليلة تفصلنا عن بداية العام الدراسي الجديد 2024 – 2025 ونشكر جهود وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في الاستعداد لاستقبال العام الدراسي الجديد سواء بإرسالها رسائل نصية لجدولة الحضور والانصراف أو وضعها لبرامج استقبال للطلاب الجدد وإطلاعهم على المتطلبات والواجبات وإشراك أولياء الأمور في هذه الخطوات الهامة وبداية العام الدراسي وحل المشاكل والعوائق المحتملة التي قد تواجه الطلاب وأولياء الأمور يجب أن يكون من أولويات الجهات المعنية سواء في وزارة التربية أو الوزارات ذات العلاقة مثل وزارة الداخلية التي يقع عليها الحمل الأكبر في تنظيم الحركة المرورية وضمان السلامة المرورية وتخفيف الازدحام. في كل عام نكرر وصفاتنا لاكتساب النجاح للعام الدراسي لأبنائنا الطلاب الذي يبدأ من الأسرة أولاً وهي وصفة بسيطة وسهلة يجب أن تنتبه لها الأسرة وأولياء الأمور مثل عدم تراكم المذاكرة على الطالب لكي لا تصبح ثقيلة ترزح تحته، وتنظيم الوقت بعمل جدول معين للمذاكرة لكن المهم هو تنظيم الوقت ولا يجعل مادة بعينها تطغى على المواد الأخرى بحجة أنه لا يحبها أو أنها صعبة تحتاج لوقت أطول أو لأي سبب آخر، فالطالب لا يستفيد إذا تفوق في مادة بعينها دون المواد الأخرى، وكذلك الاستفادة من أخطاء العام السابق. هاجس الذي يؤرق الكثير الجهات المعنية لاشك أنها معنية بحل إشكاليات الازدحامات المرورية في مواسم العام الدراسي وتقوم بدراسة كل السلبيات والأسباب التي تؤدي إلى الاختناقات المرورية المتكررة والحادة في كثير من مناطق الدولة خاصة أن هناك مناطق يكتظ فيها عدد كبير من المدارس في مساحة صغيرة وتتكدس السيارات وسط الشوارع الداخلية لهذه المناطق وتعيق حركة المواطنين في الدخول والخروج من منازلهم بالإضافة إلى امتداد هذا الازدحام ليؤثر على الشوارع الرئيسية التي تقع حول هذه المناطق، وهناك إجراءات نتمنى على الجهات المعنية في وزارة التربية والمرور والتخطيط اتخاذها للحد من هذه الاختناقات وذلك بعد دراسة وتنسيق يتم بين هذه الجهات والمناطق التي يزداد فيها الاختناق ، وليس الحل من قبل إدارة السلامة المرورية في إدارة المرور في تسيير دوريات مرور حول هذه المدارس، ولكن يجب أن تتضافر الجهود المعنية في التخطيط العمراني ووزارة المواصلات وأشغال لاقتراح الحلول المناسبة وذلك بإعادة النظر في إنشاء مدارس خاصة في هذه المناطق تكون قريبة من المدارس الحكومية، وإيجاد حلول مرورية سريعة للمناطق التي تتكدس فيها المدارس بتحويل اتجاهات بعض مسارات الطرق التي تؤدي إلى هذه المدارس وتطبيق نظام الاتجاه الواحد لعدد من الشوارع التي تقع حول هذه المدارس حتى لو أدى ذلك إلى أن يكون طريق العودة الموازي بطرق بعيدة وضرورة اختلاف الدخول والخروج ولو بصورة مؤقتة لبعض هذه الطرق أثناء العام الدراسي لتخفيف معاناة أولياء الأمور والطلاب في الذهاب إلى مدارسهم، وتطبيق نظام الـ (School zone)، وهي إيجاد منطقة الأمان الخاصة بالمدارس لتأمين المشاة بين الشوارع المحيطة بالمدرسة بوضع مطبات ولوحات إرشادية لتخفيف السرعة كنوع من الأمن والسلامة، والمفترض أن يشترك في ترتيب وتنظيم هذه المنطقة الآمنة عدة جهات على رأسها إدارة السلامة المرورية وهيئة الأشغال العامة ووزارة التربية والتعليم ووزارة المواصلات لوضع تصورات فنية وتصميمية تساهم في تخفيف حدة الاختناقات المرورية. كسرة أخيرة لتفادي الاختناقات المرورية في المناطق المزدحمة بالمدارس يجب أن تكون هناك لجنة دائمة يتم تشكيلها من قبل الجهات المعنية مثل إدارة المرور ووزارة المواصلات ووزارة التربية وأشغال والتخطيط العمراني، لدراسة المشاكل التي تحدث أثناء العام الدراسي وإيجاد الحلول السريعة لها بدلاً من اقتراح الحلول وكثرة الإجراءات الروتينية، وذلك بعدة طرق منها تشجيع الطلاب على استخدام وسائل النقل العام بدلا من السيارات الخصوصية، وتنظيم أوقات الدخول والخروج بشكل متدرج لتجنب الازدحام، والتخطيط المسبق للرحلات الطلابية والأنشطة، كما يمكن استخدام التكنولوجيا الذكية لتتبع حركة المرور وتحديد الطرق الأقل ازدحاما من قبل شركة المواصلات الناقلة للطلاب، ولا ننسى التوعية والتثقيف للطلاب وأولياء الأمور وذلك بالتعاون المجتمعي المحلي مع الجهات المعنية، مع تمنياتنا لأبنائنا الطلاب بعام دراسي خالٍ من المشاكل وبيئة تعليمية صحية.
1140
| 28 أغسطس 2024
الحرب مستمرة على غزة منذ أكتوبر من العام الماضي وبلغت حصيلة القتلى أكثر من 40 ألف شهيد وإصابة أكثر من 92 ألف شخص، على الرغم من هذا العدد الكبير من الضحايا فالعالم يرى ان إسرائيل لم تحقق أهدافها المعلنة والواضحة من هذه الحرب، من الناحية العسكرية لم تتمكن إسرائيل من القضاء على المقاومة الفلسطينية بشكل كامل وما زالت الهجمات الصاروخية مستمرة يومياً منذ ذلك الوقت في مساحة أرض لا تتعدى ال 300 كيلو متر مربع، ومن الناحية السياسية تعرضت إسرائيل لضغوط دولية متزايدة بما في ذلك انتقادات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة وكل العالم الحر بسبب الانتهاكات الإنسانية. المقاومة الفلسطينية لا تزال صامدة على الرغم من الظروف الصعبة والخسائر الكبيرة، هذا الصمود يعكس قوة وإرادة الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات والضغوط لأنهم يسعون وراء استرداد حقوقهم التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي، هذا الصمود لدى المقاومة في الدفاع عن حقوقهم يزيد من تضامن المجتمع الدولي الى معاناتهم وحقوقهم المشروعة، وفي المقابل يتسلل اليأس والخذلان لدى قوات الاحتلال التي كانت تعتقد انها القوة التي لا تُقهر في العالم كما تدعي قياداتهم العسكرية، واعترف كثير من قياداتهم بانهم يمضون في طريق صعب وطويل وليس كما كانوا يعتقدون كما اعترف وزير دفاع الاحتلال بانهم أمام عدو عنيد، رغم إمكانيات المقاومة الضعيفة اذا قورنت بمعدات وعتاد الجيش الإسرائيلي الذي يسانده الكثير من الدول العظمى عسكريا واستخباراتياً، وهذا واضح من رفض الكثير من الجنود الاحتياطيين في الانخراط في العملية العسكرية في غزة، وسمعنا ان هناك ضابطا برتبة كبيرة من الجيش الإسرائيلي طلب اللجوء الى دولة عربية رغم ان هؤلاء الضباط ممنوعون من الخروج من بلادهم، وانتهز هذا الضابط الفرصة لسفره في إحدى الدول لجلب عتاد عسكري وانتهز الفرصة للهروب لهذه الدولة العربية وهو يحمل جواز إحدى الدول العربية. *إسرائيل مهمتها مستحيلة فالخيار الوحيد المتاح للجيش الإسرائيلي للوصول إلى مقاتلي حماس الذين يعملون تحت الأرض هو قصف كل شيء فوق الأرض، لذلك تقوم بالقصف العشوائي على جميع أراضي غزة ورغم ذلك تعجز في الوصول الى مخابئ ابطال المقاومة، وبدأ اليأس يدب في نفوس افراد الجيش في استحالة تحقيق أهدافهم المعلنة بالقضاء على المقاومة الباسلة، وبدأت الدول المساندة للاحتلال تشعر بتأنيب الضمير الإنساني في معاونة الجيش الإسرائيلي في مهمته غير الإنسانية، ورغم كل ذلك لازالت الحكومة الإسرائيلية تضع العراقيل امام الوصول لاتفاق يضمن عودة الأسرى اليهود الى اسرهم، ويتضح للعالم كله ان استمرار الحرب ليس الهدف منه عودة الرهائن بل الهدف الأساسي هو القضاء على اهل غزة لأن معظم القتلى من النساء والأطفال وكبار السن وليس من ابطال المقاومة. كسرة أخيرة الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة في تحديد ومهاجمة كامل منظومة العمل الأمني لحركة حماس والتي لا تزال تقف على قدميها وتنشط كل يوم وينضم اليها عناصر من الجناح العسكري يرتدون ملابس مموهة، ولا زالت حماس تقدم الانتصارات البطولية في جميع نواحي غزة رغم الحصار الذي يطوقه الجيش الإسرائيلي على امتداد الأرض في غزة، ولا زال العرب يسجلون مواقف متباينة من هذه الحرب وفشلهم في اصدار أي قرار او رأي موحد وقوي أمام قضيتهم المصيرية، حتى الاتفاق في ضرورة ادخال مساعدات إنسانية للمواطنين وحماية أرواح المدنيين اختلفوا فيه وفشل صدور بيان قمة القاهرة الأخيرة، وانتهت اجتماعاتهم الجماعية والانفرادية مع المسؤولين الأمريكيين والوسطاء بدون تحقيق أي خطوات نحو حل المشكلة الإنسانية لأهل غزة.
501
| 21 أغسطس 2024
صُلح الحُديبية هو صلح عقد قربَ مكة في منطقة الحديبية التي تُسمى اليوم (الشميسي)، في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة في مارس 627م، وكان بين المسلمين وبين مشركي قريش بمقتضاه عقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات، لكن ما لبثت أن نُقضت الهدنة، نتيجة اعتداء بني بكر بن عبد مناة من كنانة على بني خزاعة، واختار المشركون سفيراً لهم وهو سهيل بن عمرو لعقد الصلح وبعد الاتفاق على بنود الصلح الذي رآه الكثير من المسلمين أن هذه البنود فيها إجحاف كبير عليهم، واعترض بعض الصحابة الحاضرين على البنود، ولما حان وقت كتابة الاتفاق، قال له النبي ﷺ:هات اكتب بيننا وبينك كتاباً، فدعا النبي ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه و قال: اكتب بعد (باسمك اللهم) هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو فاعترض سهيل بن عمرو وقال: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولكن اكتب محمد بن عبد الله. تجاوز الصغائر حفاظا على العظائم فقال رسول الله ﷺ لعلي: امحها يا علي واكتب محمد بن عبدالله، فقال علي رضي الله عنه: والله لا أمحوها أبداً فقال ﷺ: هاتها يا علي، فمحاها بيده الشريفة ﷺ، ثم كان هذا الاتفاق الذي رآه الصحابة وقتها إجحافا في حقهم نصرا مبينا للمسلمين وتحولت كل البنود المجحفة في حقهم الى فتح لم يستوعبوه وقتها، وكان النبي ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ذا نظرة بعيدة لما يحدث من وراء هذا الاتفاق وقال عمر بن الخطاب في ذلك الموقف قولته الشهيرة: (ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟، قال ﷺ: بلى، فقال: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذاً؟)، لكن الرسول كان مدركا وموقنا أن هذا الصلح سيكون فاتحة خير وبركة على المسلمين، وقد حيل بينهم وبين نسكهم، فانقلبت كآبتهم فرحا وسرورا، وأدركوا أن التسليم لأمر الله ثم انصرف رسول الله قاصدا المدينة. إنا فتحا لك فتحا مبينا فكان تنازل المسلمين عن الصغائر في صلح الحديبية هو خسارة لحظية لأجل مغانم استراتيجية وخطوة تكتيكية حكيمة وتم بها الفتح المبين الذي بشر به المولى عز وجل نبيه الكريم في سورة (الفتح): إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ١ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ٢﴾. فلو انتهج المسلمون اليوم هذا النهج النبوي العظيم لما كانت هناك حروب ومشاكل ونزاعات استمرت لعدة سنوات وخسرت فيها الشعوب العربية والإسلامية الكثير من الأرواح والمقدرات وهدمت ما بناه سلفهم، وذلك بسبب تعنتهم وعدم تنازلهم قبل ان يخسروا الخسائر الجسيمة وفي النهاية يرضخون الى بعض التنازلات التي كان لو تنازلوا عنها في بداية الأمر لتجنبوا الكثير من الخسائر لبلادهم وشعوبهم، كما يحدث الآن في ليبيا واليمن والعراق والسودان. كسرة أخيرة (امحها يا علي) فتح بها نبيكم مكة وحفظ الأمة،، (امحها يا علي) تلك استراتيجية نبيكم مع كفار قريش فما بالكم مع الأصحاب والأرحام، (امحها يا علي)، تتطلب شجاعة المسامحة من جهة وشجاعة الاعتذار من جهة أخرى. فما أحوج الرجل وزوجته لها، وما أحوج الوالد والولد لها، وما أحوج الأخ وأخوته لها، ما أحوج الجار وجاره لها، ما أحوج الصديق وصديقه لها، ما أحوج المجتمع كله إليها.
972
| 14 أغسطس 2024
«إنّ دماء أبنائي وأحفادي الشهداء ليست أغلى من دماء أبناء الشعب الفلسطيني. أشكر الله على هذا الشرف العظيم الذي أكرمني به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض أحفادي». كلمات نطق بها الشهيد إسماعيل عبد السلام هنية (أبو العبد) القائد في حركة المقاومة الإسلامية حماس ورئيس المجلس السياسي عندما بُلغ بخبر استشهاد أبنائه وأحفاده، وكان هذا الحدث قبل أيام قليلة من الغدر به بأيدي الأعداء، وارتقى ما يقرب من 60 فردا من عائلته شهداء شأن كل أبناء الشعب الفلسطيني ولا فرق بينهم، والاحتلال يعتقد بأنه سوف يكسرعزيمة الشعب الحر عندما يستهدف أبناء القادة، وفقدت المقاومة داخل وخارج فلسطين رمزا وطنيا في عالم يعاني من شح الرموز، وكان الشهيد رجلا شامخاً كالسنديان في أرض معطاء بالأبطال، وكان قائداً ومقاوما ضد الاحتلال الصهيوني الأعتى في العالم ويقف أمامه شعب فلسطيني حر يسعى دوما لحريته ولم يكِل أو يمِل من هذا السعي، وكأنه إذا تحرر فسيحرر العالم معه. هذا القائد الذي مثل رمزًا للصمود والمقاومة، لم يعرف يومًا للاستسلام طريقًا، وظل ثابتًا على مبادئه حتى آخر لحظة في حياته، رحل هنية بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال، مسطرًا بدمه قصة رجل لم يهُن ولم يلِن، وهو ابن مخيم الشاطئ للاجئين، الذي أَحبه فلم يتركه حتى بعد وصوله لرئاسة الوزراء، ووصفه إعلام الاحتلال الإسرائيلي بأنه «السياسي العنيد والمفاوض الصلب» قاد عملية التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة على مدار الأشهر العشرة الأخيرة، فلم يُعرف عنه إلا الثبات على المبادئ والمواقف، والسعي الدائم لوقف العدوان عن شعبنا. الشعب الفسلطيني كله أحب هنية، وبادل أبا العبد الحب، حتى باتت كلماته أهازيج يرددها الفلسطينيون في كل محافلهم، وهو الذي كان يقول «لن ينالوا من عزيمتنا، لن يكسروا إرادتنا، لن تُخترق الحصون، ولن يسرقوا منا المواقف، وسنبقى ثابتين على طريق الجهاد حتى تحرير كل شبر من أرض فلسطين، ولن نعترف بإسرائيل»، هذه الكلمات ستظل نبراسًا للسائرين على ذات النهج، يسترشدون بها في كل خطوة يخطونها على طريق تحرير القدس والأقصى، وكل فلسطين. هذه الأمة العظيمة، ولّادة للأبطال، تقدم الشهيد تلو الشهيد، ولا يزعزعها فقدان الرجال، بل يزيدها صلابةً وإصرارًا. استشهاده هو تذكرة لنا بأن من صدق اللهَ صدقه الله، وأن من عاش على شيء مات عليه، وأن الأمة لا تموت بموت رجالها، وقد شاهدنا أسماءهم وقد تحولت إلى أسلحة تضرب الاحتلال في كل مكان، فكما لم يزد استهداف الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والجعبري وغيرهم من الأبطال إلا قوة وعزيمة، فإن استشهاد هنية لم تزد الشعب إلا إصرارا على مقاومة الاحتلال، وها هي المقاومة اليوم أقوى وأشد صلابة مما كانت عليه بعد استشهاد كل بطل من أبطالها، وهم على درب قادة السلف الصالح سائرين، ولن تموت الأمة الإسلامية باستشهاد قاداتها فبعد أن استشهد زيد وجعفر وعبدالله بن رواحة رزق الله الأمة سيفا من سيوفه (خالد بن الوليد) الذي فتح الله على يديه ومع استشهاد كل قائد يولد ألف قائد جديد يحملون راية المقاومة ويواصلون الطريق نحو النصر المؤزر وتحرير الأراضي المحتلة. قطر كعبة المضيوم البداية والنهاية شيّعت جماهير قطر هنية في أفضل صورة بعد أن أكرمته الدولة وهو مقاوم وأكرمته وهو يودع هذه الدنيا الفانية، وكان ينطلق من هذه البلاد الطيبة في كل جولاته منذ إقامته فيها منذ العام 2019م، حيث كانت الدوحة هي محور رئيسي للمفاوضات التي تدور مع الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وصلى عليه جمع غفير من المصلين في أكبر جوامع الدولة (جامع محمد بن عبدالوهاب) ورأينا تقاطر الجماهير منذ الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الماضي وهم يتسابقون لنيل شرف لحظة الصلاة على جثمانه الطاهر وامتلأ الجامع الذي يسع ثلاثين ألف مصلٍّ بالإضافة إلى ألف ومائتين مصلية في مصلى النساء، وفاض المسجد حتى امتلأت الساحات الخارجية حول المسجد بالمصلين والمصليات، وهتف الجميع بعد أداء صلاة الجنازة ضد الاحتلال وبعبارات كان يرددها الشهيد هنية، وكان لمشاركة هذا الجمع الغفير من المواطنين والمقيمين بأرض قطر الأثر الكبير على عائلته المقيمة بقطر الحبيبة (كعبة المضيوم)، وتخفيف وطأة الحزن عليها. كسرة أخيرة استشهاد إسماعيل هنية لن يكون نهاية لمسيرة النضال، بل هو بداية لمرحلة جديدة من الصمود والمقاومة، سنظل نذكره بكلماته ونضاله وتضحياته التي أضاءت لنا الطريق نحو الحرية، لقد كان شعلة لا تنطفئ، وسيظل نبراسًا يهتدي به المقاومون في طريق التحرير. نستودعك الله يا أبا العبد، سلامًا لروحك الطاهرة في الخالدين، ستبقى ذكراك حيّة في قلوبنا، وستظل تضحياتك نورًا يضيء لشعبنا ومقاومتنا درب الحرية والكرامة، وسيبقى أبناؤك المقاومون على عهدك، ماضين في دربك، حتى يتحرر كل شبر من أرض فلسطين. سلامٌ عليك يا أبا العبد، ورحمك الله وأسكنك فسيح جناته، والسلام لروحك في الخالدين.
732
| 07 أغسطس 2024
التربية هي مجموعة القيم الأخلاقية المستمدة من القواعد الدينية، والعادات الاجتماعية، والتي تساهم في توجيه سلوك الأفراد داخل مجتمعهم، كما تُعرف التربية أيضا بأنها هي المؤثرات التي تؤثر على الأفراد، ضمن البيئة التي يتواجدون فيها، وتقسم إلى العائلة، والمحيط الخارجي، وتوصيل هذه المفاهيم التربوية يتم عبر ست قنوات أو مؤسسات، وإذا بحثنا في هذه القنوات وتعمقنا فيها نجد حالها متذبذبا بين عصر وآخر وتختلف من مجتمع وآخر. *مؤسسة البيت* يعتبر البيت أو الأسرة هو القناة الرئيسية والمؤثرة الأولى في توجيه سلوك الأفراد، والإعداد الأولي لنشأة الطفل، والسؤال هنا هل البيت في عصرنا الحالي يقوم بدوره المنوط به، الأب والأم في العمل خارج البيت لمدة عشر ساعات في اليوم وينامون مثلها في الليل وما تبقى من الوقت قد يقضونه في بعض المشاوير ولم يتبق لهما أي وقت سوى القليل لأداء دورهما المطلوب منهم تجاه تربية الطفل، والسؤال هنا أين مكان تربية الأبناء في الجدول اليومي للأسرة. * مؤسسة الشارع (الفريج)* المقصود بالشارع هنا الحارة أو الفريج والجار الذي ينصح ويربي، وصاحب البقالة أو الدكان الذي ينصح ويرشد الأبناء، والطفل يعمل ألف حساب لكل هذه العوامل بالشارع لذلك لم يرتكب أي سلوك خاطئ أمامهم بل سيكون مستمعا جيدا لكل نصيحة من الأكبر منه، والسؤال هنا، هل ما زالت مؤسسة الشارع تؤدي دورها كما كانت تؤديه في السابق بعد التغيرات التي حدثت في مجتمعاتنا المعاصرة؟. *مؤسسة المدرسة والجامعة* المؤسسات التعليمية الآن تعاني من عدة عوامل غير مساعدة لتهيئة بيئة تربوية مثالية، وتواجهها تحديات عديدة سواء كانت عوامل سياسية أو اقتصادية تعاني منها الكثير من دولنا العربية والإسلامية، ومعظم هذه المؤسسات التعليمية أصبحت تجارية يدير معظمها رجال أعمال، والسؤال الذي يطرح نفسه هل مؤسساتنا التعليمية تؤدي دورها المطلوب في ظل هذه الظروف؟. *مؤسسة المسجد* كانت مساجدنا هي المعلم والمربي الأول في بعض العصور السابقة فهي مكان لتعليم وتحفيظ القرآن وتلقي الدروس الدينية والدنيوية، وتخرج منها علماء دين وعلماء فقه وعلماء فلك وعلماء فيزياء ورياضيات ودعاة نشروا الدين الإسلامي في جميع بقاع العالم، ورغم تهيئتها عمرانيا في عصرنا الحالي ومدها بكافة الوسائل التعليمية وسبل الراحة لكنها تحولت معظمها اليوم من أماكن للدروس والتفاكر وإقامة المحاضرات والندوات الدينية والتربوية إلى أماكن للعبادة وأداء الصلوات والفروض والعبادة فقط. *مؤسسة الإعلام* كما هو معلوم بأن جميع وسائل الإعلام الآن مخترقة ودخلت فيها كثير من السموم والعادات الدخيلة على مجتمعاتنا وأضف على ذلك سلبيات ما يتم نشره في صفحات التواصل الاجتماعي، ويصعب على الأسرة وأولياء الأمور التحكم والرقابة في اختيار أولادهم لوسائل الإعلام المفيدة منها نظرا للدخول الحر والمتاح لأولادنا في وسائل الإعلام المختلفة بدون ضابط أو رقابة. *مؤسسة الكتاب والقراءة* معدل القراءة سواء لدى الكبار أو الصغار في تراجع مخيف خاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فأين يكمن الخلل إذن؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟ أهي ظاهرة عابرة كما يقول البعض، أم هي مشكلة مستفحلة كما يقول البعض الآخر؟. بالنظر لزمن غير بعيد يكاد الجميع أن يجزم أن مسألة القراءة كانت جزءا لا يتجزأ من حياة الأفراد، بل كانت تشكل هاجساً عند الكثيرين من ذلك الجيل لأن القراءة كانت الوسيلة الأولى في كسب المعرفة والتبحر في أغوارها، نعم كان الكتاب فعلا «خير أنيس»، فازدهرت الكتابة والتأليف والإبداع في شتى مناحي ودروب العلم والأدب والفنون، أما في الوقت المعاصر فمؤسساتنا التربوية والتعليمية لا تشجع على تحسين الطلاب لمهارات القراءة وثقتهم بأنفسهم كقراء، بل تحصر وتربط ما يقرأه الطلاب بالاختبارات فقط، فأصبح الكتاب خارج مؤسساتنا التربوية أو كاد أن يخرج إلا من رحم ربي. *كسرة أخيرة* قامت دولتنا قطر بالعديد من المحاولات والاجتهادات لجعل مؤسساتنا التربوية ترتقي إلى توصيل رسالاتها السامية وتؤدي دورها التربوي كما يجب أن يكون، بالنسبة للأسرة تقوم وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة بدورها في إطلاق المبادرات لتهيئة البيت القطري ليؤدي رسالته التربوية، وتقوم مكتبة قطر الوطنية بالتشجيع على القراءة، كما أن مؤسساتنا التعليمية ولله الحمد تعتبر من أرقى المؤسسات في الشرق الأوسط، وكذلك القائمين على دور العبادة والمساجد وإقامتهم لمراكز تحفيظ القرآن والدروس والمحاضرات الدينية، وتبقى لنا أن تقوم الجهات التخطيطية والإحصائية بتقييم تجارب الدولة في هذا المجال والعمل على تطويرها وتحسينها.
1281
| 24 يوليو 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2184
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
1977
| 10 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1797
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
978
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
732
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
672
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
651
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
573
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل