رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أوراق ما قبل الغروب

أوراق صغيرة متناثرة على طاولته ،يحاول أن يملأها بالحروف قبل أن يحل الغروب، يود بعدها أن يكتفي بالصمت إلى أن يأسره التأمل ليلاً ، فيُنصت إلى تلاوة عذبة من القرآن الكريم في شهر فضيل تاركاً خلفه حياة هالكة .لا يرغب في شيء سوى العيش بهدوء بنسيان الماضي والبدء من جديد بروح موقنة برحمة الله -تعالى- يتمنى أن يمطر الاستغفار حياته فتنبت في محيطه وروداً من الابتهاج، فلا هماً يخالطه ولا عذاباً يقاسيه مؤمناً بأن من كان مع الله كان الله معه ." في كثير من الأحيان يتوقف نبض أحدهم وصدره مليء بالآهات المكبوتة فتُدفن معه في قبره " هو يؤمن بذلك ، والآن خلجات نفسه قد شارفت على الوقوع في كنف الأوراق، فأصبح غائباً عن واقعه بعد أن أمسك القلم مستسلماً لهيمنة الحروف .الورقة الأولى :في رمضان سأغيّر واقعي الذي يحيط بي، سأمنح نفسي فرصة لأن أتبدل وتتطهر روحي الغائبة عن الجو الإيماني، سأحاول جاهداً أن تصبح حياتي بمفهوم آخر وبنفس راضية بحكم الله وقضائه ، سأرفع يدي إلى السماء وقلبي يختزن الكثير من الدعوات ، لكي أجعلها تتطاير إلى الأعلى عليّ أحظى بالاستجابة، وربي لا يُخيّب من دعاه .الورقة الثانية :في رمضان يتوقف الناس لساعات عن التهام الطعام، وطوبى لمن يتوقف أيضاً عن أكل لحوم البشر والطعن بهم ومجاراة السيئة بالسيئة ، والتمادي في استخدام اللسان السليط الذي يتناثر منه " السم الهاري"، فإن كانت الشياطين مصفدة في السماء برمضان، فإن بعض البشر على الأرض يحتاجون إلى تصفيد أيضاً !الورقة الثالثة :القرآن يمتص همومك وآلامك وشجونك كالإسفنجة فيُزيلها تماماً، لاسيما إحاطتك بالحسنات، فبكل حرف حسنة ، وفي رمضان تتضاعف إلى أجر عظيم، وهو الصاحب الذي لن يخذلك ، ولن يتركك وحدك إن جعلته جزءا لا يتجزأ من حياتك، والعبرة لمن جعله ملازماً له في جميع أيامه وليس فقط في رمضان .الورقة الرابعة :بعض البشر وجودهم شر في هذه الحياة ، منهم من يؤذيك بلسانه، وآخر يسترق السمع وراء بابك لكي يُخزّن ما تقوله في القرص الصلب المغروس في عقله ! لكي يُعيد تشغيله وقت الحاجة عندما يقع تحت وطأة أحدهم ممن يُكنون لك العداء والحقد! فيُسهب الحديث عما قلته وبحت به دون علمك ، ففي رمضان فرصة عظيمة لكي تدعو لهم بالهداية والصلاح وأن يمنحهم الله -سبحانه وتعالى- العقل السليم ، فالدعاء لهم بالهداية خير من الدعاء عليهم، ولله في خلقه شؤون .الورقة الخامسة :السير في طريق الحياة ليس إلا غُربة ، مهما كانوا أحبابك حولك، فهناك حياة أخرى في عالم أخروي تنتظرنا ، ومنها سنبدأ، ولكن علينا أن نعُد لها ونبني من أجلها قصور من الحسنات، قبل أن يحين وقت الرحيل المجهول إليها ، فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً .ورقة ختامية :رمضان سيعود دائماً إلى أن تقوم القيامة، وأما نحن فإننا سنغيب يوماً عنه ، وهذه فرصتنا لكي نتغير، نصلح الكثير من عيوبنا وأخطائنا، ونتسامح ونتقاضى عن أمور عدة يرتكبها الناس في حقنا ، فعودتنا إلى الله -سبحانه وتعالى - هي لوحدها جنة في الدنيا، وأسأل الله لي ولكم أن يجمعنا في الفردوس الأعلى ، ومبارك عليكم الشهر .

1174

| 29 يونيو 2014

على ضفاف التغافل

لم يعد يكترث! ولم يعد يُدير بالاً للمُهاترات التي تتمايل حوله كالأفعى!"هناك أشياء مُستجدة...انتبه!! " يقول له أحدهم.ولكنه فضّل أن يضع داخل أذنيه شاشا قطنيا يحول دون أن يسمع ما يحدث حوله أو كلمات التحذير وأبيات العتاب المملة... وأحياناً يكتفي بتفجير طبلة أذنه بموسيقى صاخبة وهو يتأمل شفاة أحدهم وهي تتحرك موجهة له شيئاً من الكلام الذي لا فائدة منه. على ضفاف التغافل قرر أن يُكمل ما تبقى من عُمره... يحمل حقيبة ممتلئة بالمُذكرّات... وفي عمقها مدينة بلا ساكنين...ليست إلا بيوتاً من طين... وساكنوها قد هجروها منذ زمنٍ بعيد...صورة على الحائط مكسورة... في منزله الصغير... قطع هشة من أصباغ حائطه متناثرة على الأرض، يرى نفسه في المرآة فيُخاطبها بجفاء... أهو حزن؟ أم عتب؟ أو قد يكون مجرد ملل لا أكثر!يمرر قلمه على دفتره فيسمع صريره صارخاً، لم يكترث يوماً لمصلحته بقدر الاستماع إلى آلام الآخرين والشعور بأنينهم في صدره الشجيّ... غالباً ما يعود إلى منزله أو يسير وسط المباني وعينيه تدر دموعاً كثيفة تكاد تُغرق المكان فتُعلن بعدها حالة الطوارئ...هكذا كانت حياته... ومع ذلك يرونه...المخطئ... المُدان...المذنب...الأثيم! لذا قرر أن يعيش على ضفاف التغافل...ربما كان ذلك أمثل! وسيجعله يعيش في حال أفضل بلا تذمر مُباغت... أو حزن كنود... فتُسيّره الحياة كما شاءت، دون أن يهمس بحرف مُعاتب... أو يحرر غريزة المقاتل الفطرية بداخله في سبيل قضية ما... فقد كان يؤمن بما قاله أحد الحكماء اليابانيين (مياموتو موساشي): " المحارب هو من يستخدم القلم والسيف بمهارة متساوية"... أما الآن فآثر أن لا يستخدم السيف... فقط يستخدم القلم بعض الوقت لينثر خربشاته اليومية على مفكرته... ماذا فعل؟ أين التهم طعامه؟ آخر كتاب قرأه؟ أجمل " كاب كيك " تذوقه؟ وغيره.... قد يكون التغافل هو الطريق الآخر الذي يمكن أن يسير به عندما يجد بأنه لا توجد أدنى فائدة من تكرار إبداء النصح لأحدهم أو رشق الحجارة على إحدى الصفات الوضيعة التي يتحلى بها شخص ما...أو فرك عين "سين" من الناس لكي ينظر حوله بوضوح ويفوق من غفلته اللامتناهية... روايات...مذكرات...خربشات تباغت ليله ونهاره...انتعال الأرصفة والمشي طويلاً بلا هدف...هذا هو اختصار حياته في الوقت الراهن...قد يؤلف كتاباً ما في يوم من الأيام وبه بقايا طموحه... أو قد يكتب سطوراً لا تُعبّر عن شيء أو من وحي الخيال.... ولربما يعود مرة أخرى مرتدياً رداء المُقاتل...مستلاً سيفه ليقاتل بشراسة!من يدري؟!!

1635

| 15 يونيو 2014

تم اجراء اللازم

إنها سُنة الله في خلقه... أحدهم راحل والآخر باقٍ إلى أجلٍ مسمى... قد تطول المدة وقد تقصر... والنهاية هي النهاية.. زوالٌ لا محالة... رحيلٌ بلا عودة... فخامة تعيشها اليوم وغداً تعود كما لو لم تكن... في هذه الحياة كل شيء مؤقت... وكل أمر له نهاية.... أنت بطل الحكاية إما أن تترك بصمة جميلة أو تسمع جملة " الله يحللنا من طاريه "... لا أحد يستسيغ أن يُقال من ورائه وهو يحمل أمتعته "دفعة مردي "... ولكن هناك من يجبرنا على هذا الشيء... وعند خروجه من بوابة الرحلة نقول لقد تم إجراء اللازم!ليس هناك أجمل من التحرر من شخص ظالم وهو يجهل أنه ظالم...يمتطي ضميره الغائب بغرور... فكيف ينام بهوادة؟ قُل لي كيف؟ الحظ أحياناً يلعب دوراً جللا... فيبقى الظالم ثابتاً في مكانه لا يتأثر بانبثاق النصائح التي تتخلل ثغرات حياته... لا أحد يسمع أنين من هو تحت سلطته سوى الله... الواحد الأحد! قد تمر السنوات والظالم كنبات"الشوكران الأبقع " يستخدم سمومه لإضرار مُعارضيه... ولكنه حتماً سيقع على الأرض... والله يملي له... فيأخذه على حين غرة... ولن يُفلته... والله ثم والله لن يُفلته... حينها سنقول: "تم إجراء اللازم".يا صبر أيوب على بلواه...أحدهم يرتدي نظارته ويلتفت حوله... يرى الخطأ بأُم عينيه وبيديه يستطيع وضع النُقاط على الحروف... ويا للأسف ارتضى أن يكون شيطاناً أخرساً! يمتنع عن إدلاء الحق... فحياته مجرورة بالكسرة... منصوبة بفكر متذبذب...يُعاتبه قريبه.. فيرد دامعاً: " مُجبرٌ أخاك لا بطل "... الصبر.. الصبر.. الصبر! يرددها وبين ييديه جمرةً تشتعل! يحتضر... وفي ذات الوقت يخشى أن يُقضى عليه وتُختم على جبهته عبارة: "لقد تم إجراء اللازم ".سين من الناس... حاصل على بكالوريوس في " العيارة " بتقدير امتياز... وها هو يُحضّر لماجستير في " الجمبزة "، يتمايل كما هو الثعبان... ملمسه ذو نعومة فائقة، ولكن لدغته و" القبر "!، يتمسكن... يدّعي البراءة والعنفوان... عندما يرغب بطلب... يضع يده اليُمنى على خصره الأيمن موهماً أحدهم بالألم مُردفاً ما تبقى من " العيارة ": "كنت عند الدكتور... قال لي فيك أملاح "... بعدها يبقى صامتاً منتظراً أن تُسدل مرادفات التدليل ماسحةً على رأسه... فيتلون... ويصبح كالطفل الصغير ولكنه يُخبئ وراءه أقنعة شتى تُحيّرك لاسيما أنها مقاومة بعض الشيء لتأشيرة " تم إجراء اللازم "...امرأة ذات نفوذ اداري بنفس المفهوم السابق... وبذات التركيبة المذكورة أعلاه... نثرت أدوية " ارتفاع ضغط الدم " على طاولتها... حتى يُصبّحها مرتادي مكتبها بتقديم أمنيات الشفاء العاجل... فتُشرّع ظهرها للــ " طبطبة "... في كل لحظة تسقط دمعة تلو الأخرى من عينيها "عيارةً ": " اي والله تعبانة من الضغط "... وهي في المقابل: "فاقعة مرارة اللي حولها"... تخشى ما تخشى أن يركلها أحد من فوق عرشها فيتغنى ويقول: " تم إجراء اللازم "...نهاية القول:عبارة " تم إجراء اللازم " لا بد منها في حياتنا...ولكن العبرة لمن ترك بصمة طيبة..طاهرة...نقية....ورحل بهدوء فتتبعه دعوات عطرة وثناءً حَسن...وذكرى لا تُنسى للأبد...

3058

| 08 يونيو 2014

نأسف على الإزعاج

وضعت المُديرة "الديرم" على شفتيها متأملةً وجهها الأشبه بــ "الطابي" لما يعتريه من كبر، وكأنما غضب الرب قد حلّ عليه! تتحدث مع نفسها بصوت متوسط قائلةً: "أنا عندي واااااسطة".. فيرتفع صوتها تدريجياً: "أنا واصلة فووووق"! تذكرت من رشحها لتتقلد منصب مدير إدارة، فظنّت أن لن يقدر عليها أحد.. أو أنه خُيّل إليها أن جذورها قد تماسكت بأرضية الكرسي الذي تجلس عليه فلن يزحزحها من فوقه بشر.. راسخةً بشموخ.. غطرسة.. مُعقدّة! كجبروت ابليس، تقف على رؤوس الموظفين وتتكئ على شوكتها التي طالما وخزت بها الكثيرين..كلمتها مسموعة.. قد يكون خوفاً منها! ولربما لاسمها؟ ربما أيضاً! وقد يكون تصدياً لإزعاجها غير المبرر للــ " عود "، عندما تسير في ممرات الإدارة يدب الرعب في قلوب الموظفين وكأنما جرس إنذار الحريق قد "صرخ" من قمة رأسه ففجرّ أخمص قدميه! عند مرورها العالم يهرول هرباً منها! وكل ذلك لا يهم حضرتها.. المهم مكانتها.. كرسيها.. مكتبها العامر.. بدلاتها وعلاواتها الدورية.. راتبها.. درجتها.. والأهم من ذلك رأي الوزير فيها، أما اختناق الموظفين من عجرفتها، فإنه يُخبط عرض الحائط!مازالت تتأمل وجهها في المرآة ويدها على خدها، تنظر إلى المرآة بابتسامة مُغَطْرَفَه، عطوراتها ترتجف وتُصدر رائحةً عذبة مختلطة بشيءٍ من العرق، قد يكون رعباً ليس إلا، بينما هي تنظر باختيال إلى المرآة سألتها: "مرآتي.. يا مرآتي من الأجمل؟"، فردت: "طبعاً انت يالـــ..!"..ثم همست في قلبها: "بومة!"..سعيدة جداً بمركزها المرتفع.. بالرغم من انكسارها اللا محدود عند العتب عليها بعض الشيء على عملها، عندما يتم توبيخها "تمد البوز شبرين" وتقف بافتقار وكأنها مسكينة، الأمر الذي يجعلك وأنت تراها بهذا المنظر المرير تسحب شيئاً من النقود وتضعه في حقيبتها ماركة "لويس فويتون" غير الأصلية التي تباهي بها زميلاتها المديرات.. تشعر بالغيرة حينما يدور الحديث الإيجابي حول أحد المتفانين في العمل، فهي ترغب بأن يقتصر الثناء على حضرتها.. ويشتعل حريقها حينما تجد أن الوزير يثني ثناءً عطراً على أحدهم..ذهبت إلى عملها وتسابقها خطواتها، لكي تبحث عن مشكلة تُثيرها.. فهي تخلق المصائب من بين أضلعها، وفي نهاية الأمر تبكي وتتطاير دموعها في الهواء الطلق متناثرةً على وجوه الموظفين والموظفات الأحياء منهم والأموات، مُطبقةً في ذلك المثل القائل "ضربني وبكى سبقني واشتكى"... تتعارك من أجل الدخول على سعادته بكافة الطرق، تطير على "سعفة" متوجهةً إلى الهدف.. لا تكترث بمدير مكتب الوزير، بل عند وصولها إلى خط الاستواء يُغني العالم من أجلها "فزّوا لها لين اقبلت فزّوا لها" ... لا ضير فهي قد تجاوزت طابور الصباح منذ طفولتها وطلباتها أوامر، فلا تكترث بطابور المنتظرين أمام مكتب سعادته..هناك في ذلك المكان الذي تلتصق به بجسدها تجلس بكبرياء في برجها العاجي، تضع قائمة سمتها قائمة المُبشرين بالعلاوة، تحتوي على أسماء عدة ممن تُفضلهم على الآخرين ممن هم تحت إمرتها الذين يحتضرون نفسياً ومهنياً منها، مطبقةً في ذلك المثل القائل "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر"، جباه تسجد على الأرض تدعو الله الصبر والسلوان وأيدٍ مرفوعة للسماء ترتجي المولى بأن يزحزحها من منصبها، ومنهم من يتغنى ويقول "ده حلمنا طول عمرنا مسؤول طيب يضمنا كلنا.. كلنا".. العقاب تُطبقه على "ناس دون ناس".. والثواب على من أحبتها عيونها.. وتمر الأيام.. والشهور.. والسنوات العجاف، والحال كما هو عليه.. والمسلسل يُعاد مراراً وتكراراً.. والأحداث كما هي تماماً، والمديرة هي ذاتها لم تتغير.. والنتيجة صفعات على وجوه الكثير من الموظفين والموظفات بسبب سوء اختيار المديرين، والوضع الإداري الآن تحت الصيانة وجميع طرق النجاح المهني مغلقة مؤقتاً لذا نأسف على الإزعاج.بيان من وزارة قلمي:لا أقصد أحداً معيناً في هذا المقال.. لا أقاتل سوى الصفات السيئة في المسؤولين فقط لا غير.. لا دموع بعد اليوم إن شاء الله بعد زيادة الجرعات في المقالات.. فهذه كلمات من وحي قلمي ولكنها تمت إلى الواقع بصلة وثيقة..حتماً ستزعج البعض.. وعليه نكرر ونقول نأسف على الإزعاج..

2248

| 01 يونيو 2014

في قاعة المحكمة

جلس المحامي المُحنك في قاعة المحكمة ، مُلتفاً برداء المحاماة الأسود كلون الغراب ، ويبدو على ملامح المحامي شيئ من القلق ، وقد بان ذلك الشعور من تكرار وضع يده في جيبه، والمسح على صدر ردائه، وأحياناً ترتيب الورق المبالغ فيه، يترقب دوره للمرافعة أمام حضرة القاضي. " محكمة !!! " ... وصل القاضي ومساعديه إلى المنصة، ذلك القاضي المُفعم بالغضب، فعروق وجهه تكاد تبين من سهولة فورانه في جلسات المحاكم المختلفة، ناهيك عن تقطيب حاجبيه الأبدي الأزلي في تلك الجلسات، و له هيبة يقف لها الجميع احتراماً وتوقيراً... وماهي إلا دقائق فطلب من المحامي المثول أمامه والجري في مضمار المرافعة والدفاع ، فبدأ مرافعته بـ " ياحضرات القضاة إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة ..." العدالة كما تعلمون هي ميزان يتساوى عليه الثواب والعقاب فجعلت الناس سواسية أمامها، العدالة هي امرأة تقف بشموخ وإباء ... ثابتةً باتزان ... وضعت على عينيها قماش سميك لا ترى فيه أحد عند تطبيق القانون ... وقفت معصوبة العينين .. تمسك... بيمينها سيفا ذا حد رقيق تقطع به أواصر الظلم ... وبيسارها الميزان المُتسم بالعدالة والثواب ...لا خوف مع العدالة ، وإن كان هناك من يخدش رجليها ... محاولاً قمع ما يُمليه عليه ضميرها الذي لا ينام حتى يرتاح المظلوم فتقتص حقه من الظالم ... ضميرها ... هو محكمة لا تحتاج إلى قاضٍ ولا كاتب ... ولا محامٍ يكتنفه القلق في مدى إمكانية ربح القضية من عدمه ... يا حضرات القضاة ... إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة ... ولكنها تحتاج إلى شيء قليل من الانصات ، وشيئ من الفلسفة ... ناثراً عليها شذرات العدالة ...فأنا مُحامٍ أو جندي حق لا أملك سوى سيفٌ أحارب به وأُدحض به الظلم ، ولا أخاف في الله عند كشف الحقيقة لومة لائم ... ياحضرات القضاة ... إن موكلي قد وقع عليه الظلم وارتسمت عليه معاني التوجس فأصبح كما قال تعالى : "فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى" يا حضرات القضاة إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة ، بالرغم من تثاقل الأسئلة حولها : لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ تنحدر علامات التعجب عن تواجد موكلي خلف القضبان ... قضبان حديدية لا ترحم ، وأساور قاسية تُحيط يديه، لا يهنأ له نوم ولا يرتاح له بال ، رعديد لا شيء يطمئنه ولا رجاء له سوى السلوان ... أظلمٌ يسامره ؟ أم عدالةٌ أصبحت في عالم النسيان ؟ يا حضرات القضاة ... إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة ... وإن كان يشوبها شيئ من الجَمْجَمْة ، أتساءل وأنا أدرس هذه القضية كيف السبيل إلى دنيا خالية من الجور والتجاسر ، أقلوبنا هجرت العدل و الإنصاف ؟ أم أن ميزان العدالة قد اختلَّ توازنه ؟ والمرأة معصوبة العينين قد كشفت الغطاء عن عينيها؟ ووضعت سيفها في غمده بعد أن كانت تسلَّه في وجه كل مُعتدٍ أثيم ؟ كل هذه التساؤلات ليست إلا خلجات نفس محامٍ يغار على العدالة ، ويأبى أن تُهمّش وتُقطع أواصرها ، ومع ذلك يا حضرات القضاة إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة ... رد القاضي بامتعاض : " لو قلت مرة تانية إن هذه القضية واضحة وسهلة وبسيطة أنا حسجنك" ! فأكمل المحامي مرافعته قائلاً : "إن هذه القضية صعبة ومُعقدة ومتنيلة بستين نيلة ...." ومع ذلك عندما يقف الظلم أمام العدالة فلا بد للأخيرة أن تنتصر، وعندما يتصارع الباطل مع الحق لاشك بأن الحق سيغلب ، فصاحب الحق لا يُغلب ولو اجتمع عليه من اجتمع ... هي كلمات يا حضرات القضاة قلتها في قاعة المحكمة ... مُجرد عدالة أشرح معانيها... وظلم أدحضه ... وانصاف أبحث عنه، فتعلمت أن الحياة " سلف و دين" وضعا في ذلك الميزان " وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ "، وذلك الإنسان إما أن يأخذ عقابه في الدنيا أو يُدخر له للآخرة... أو يعاقب بالعقوبتين معاً كما هو حال الظالم...وأقول ما قاله المُستنصر بالله : "والله ما ذُل ذو حق وإن أطبق العالم عليه ، ولا عَزَّ ذو باطل ولو طلع القمر من بين جنبيه" .وفي جميع الأحوال: إن هذه القضية صعبة ومعقدة ومتنيلة بستين نيلة ... كما يرغب حضرة القاضي.

2808

| 25 مايو 2014

الطاولة المستديرة

تتعالى الهمهمات والأحاديث الجانبية في غرفة الاجتماعات، بحضور كبيرهم المُتسم بالحكمة والفصاحة، فهو جالس على عرشه الفخم متوسطاً الحضور المتكئين على كراسيهم يمنةً ويسراً، في اجتماع مُغلق يسوده التوتر ويكأن سحابة سوداء قد انحدرت على رؤوسهم تمهيداً لإنهمار الأمطار الغزيرة، يلتفتون لبعضهم البعض والأسئلة يتكاثر نموها على ألسنتهم في ذهول مُريب وأفئدتهم هواء، بعد أن ركبهم الغيظ والغضب من كلمات أحدهم التي اختالت بغتةً عمودا في صحيفةٍ ما، فهو يكتب بعفوية دون إساءة لاسم مُعيّن ولا يهمه سوى الإصلاح ما استطاع...عدة أشخاص من أكابرة القوم يجلسون على الطاولة المستديرة المُفعمة بالفخامة، خشب عتيق من صناعة يدوية، تلك الطاولة الصابرة على خبطات أيديهم المُباغتة، وقد وصل التذمر إلى أعلى سقف غرفة الاجتماعات فكاد يسقط "الجبس" وتسقط معه الإضاءات الساطعة من ثُقل احتدام الحضور بسبب حروفٌ كُتبت وأُلصقت على صفحات الجرائد... أو سطرٌ يتيم احتضنته ورقةٌ ما..التوتر اكتسح المكان، والكبير ينظر إليهم بتركيز مُفرط، مُستمعاً جيداً لهم، فقد كان مُنصتاً لثرثرة أفواههم دون أن يُحرّك ساكناً، يتلاعب بأسفل ذقنه الأسود المُختلط بالبياض، أحدهم احتج بامْتِعَاض وقال: " يجب إيقافه فوراً! لقد أساء إلينا! وإن لم يذكر اسماً أو مكاناً، ولكنه حتماً يقصدنا، لأنه استخدم غمزاً ولمزاً! "، ثم صفع بيده الطاولة، فقالت الطاولة دون أن يسمعها أحد: "ويعة"!أكواب شاي وفناجين قهوة تحملها الطاولة على ظهرها، أحدهم غير مُنتبه لما يدور في هذه الغرفة سوى إلتهام بسكويتات هشة، متطايرة بقاياها من فمه، ولا تعليق لديه سوى هز رأسه بالإيجاب لكل ما يُثار من تعليقات إلى أن قضى على جميع القطع! ورشفة قوية من فمه لكوب الشاي شفطت ما بداخل الكوب من أشلاء! فأبدله بكوب آخر باحثاً عن طعام يلتهمه بالرغم من هزالة جسده إلا أنه لا يكف عن تذوق ما هو أمامه، مُصدراً ضحكات عالية ليس لها سبب وفي وقت غير مُناسب...وآخر اكتفى ببحلقة عينه إلى الكبير، دون أي همس، إلا أن رأسه يكاد ينفجر من الحَنَق على ذلك الكاتب، بالرغم من أنه يعمل على تأليف كتابه الموسوم بــ " يوميات حنطور في الجيزة " مُسهباً الحديث فيه عن درجات جمال النساء والطعن في العالم والكلام الفارغ، مُخرجاً تلك الأفكار من الباب الخلفي ليوهم نفسه والآخرين بأنه يفهم في عالم الكتابة، ولكنه لم ينتبه إلى أن الآخرين يعرفون ما يحمله من سوء سريرة فيتأملون تصرفاته " الغبية " من النافذة، مستأنفاً بلاهته بسوء تعامله مع الناس في حياته الواقعية... ومع ذلك عند انتقاده "يفتر حول نفسه" من الغضب!الآخرون والكبير وطاولتهم المستديرة في نبأ عظيم... اتكأ الكبير على ظهر الكرسي فأخرج زفيراً طويلاً، ثم قال بعد ذلك: " لا أملك سوى إسداء النصح إلى ذلك الكاتب، فلا ننسى بأنه محسوبٌ علينا "!، فإذا بالجميع يرفعون أصواتهم بالرفض والاعتراض، وقد كانت تجلس بجانبهم امرأة حانقة مكثت تضرب الطاولة بقوة وتقول: " إن لم توقفه عند حده فأنا من سيقوم بذلك "!! وازداد التوتر في المكان، وانتثر غبار الاعتراض الممزوج بالبسكويتات الهشة على الطاولة المستديرة التي تُعاني من خبطات أيديهم على ظهرها، والرفسات المباغتة على أرجلها!" أرجوكم هدوء.. هدوء... يُرجى ضبط النفس " قال الكبير بنَفَسٍ يغلبه الحكمة... ارتشف شيئاً من القهوة ثم أكمل حديثه: " لا بُد من علاج هذا الأمر بالنصح بدلاً من العقاب، لاسيما بأن الكاتب لم يذكر اسماً مُعيناً، ومع ذلك اللي على راسه بطحة يحسس عليها اعزائي الأكابر "! فازداد الشجب أكثر، وبينما تتشابك أصواتهم وتعلوا، فإذا بأحد الحضور يتزحزح من مكانه وبيده هاتفه المحمول " عن اذنكم... دقايق بس! " خرج من غرفة الاجتماعات... ليجري اتصالاً...." واحد... اثنان... ثلاثة... أربعة... خمسة.... " الكاتب متمدد على سريره الدافئ يحاول النوم، يحسب الخراف التي تدور في خياله، فلطالما شاكسته الحروف عند وضع رأسه على المخدة، فتجبره على السهر معها وسط الحبر والورق فيتصارع معها لتتركه ينام، وفجأة " تررررررررررررن "!! يرن هاتفه االمحمول، " ألوووو " رد الكاتب، فأتاه صوتاً مُحذراً: " يا صاح إن القوم يأتمرون بك ليُعاقبوك فانفذ بجلدك إني لك من الناصحين... " ثم أنهى المكالمة...ابتسم الكاتب غير آبه بما سمع..ولا زالوا مجتمعين... ورافعين رايات الإعتراض... فإذا برسالة تخترق الهاتف المحمول للكبير...مكث لوهلة يقرأها بهدوء، فقال للجمع: " إن الكاتب في رسالته يقول لكم ما قاله المتنبي:أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبيوَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُأنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَاوَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُالصمت عم الغرفة... سكوت مُريب حلّ على الحضور... الإحراج غطى وجوههم...ولكنهم سرعان ما عادوا إلى استئناف الشجب والاحتجاج في المكان... خرج الكبير من غرفة الاجتماعات تاركاً ما يدّعون... وخرجت معه الطاولة بعد أن نفضت ما على ظهرها من أكواب على ملابسهم... وعاد الكاتب إلى نومه مبتسماً... هادئاً كهدوء ضميره الذي يؤمن بأنه لا يضره كيد الكائدين طالما هو على الطريق السليم... بلا تجريح لأحدٍ بإسمه... لأنه يقاتل الصفات السيئة وليست الأسماء... ولكن من يفهم؟

1755

| 18 مايو 2014

لم يعد يسمعها أحد

في هذه اللحظة جميعهم حولها يجلسون.. يتبادلون الأحاديث.. ويرشقون بعضهم البعض بكلمات مُبعثرة.. إلا هي.. فقد آثرت السكوت! تحاول أن تتمالك حزنها وسطهم.. إلا أن دموعها اختارت ألا تحتبس في عينيها.. فتنهمر بين الفينة والفينة راسمةً على خديها آثار الحنين!"رباه" تناجيه في صمتها الذي يُباغتها أثناء تجمعهم.. تشعر وكأنما هي في وسط عتمة.. أو طريق يخلو من البشر.. فلم يعد يسمعها أحد.. تجاعيد وجهها السمح قد رسمها الزمن على مر السنين، وبيديها تحاول تهدئة شهقات الدموع.. فتسأل نفسها بأسى: "وين رحتوا؟"..رفعت رأسها لوهلة بعد أن كان نظرها موجها إلى أحد أطراف السجّاد بسرحانٍ قَصيّ، تنظر إلى وجوه من حولها، مكان مُكتظ بالجالسين، أفواههم تتحرك فتبَدَّدَت منها بعض الحروف والجُمل.. حديث يجر خلفه حديثاً آخر.. قصص مُفتعلة تحكي أحداثاً لم تُخلق بعد.. أخبار الكرة الأرضية التي نعيش على سطحها.. حكاياتهم بالنسبة لها مُجرد حسيس! يحاولون اخراجها من مُعتقل الحزن.. وسبي الذكريات..بجانبها طاولة رخامية صغيرة.. وُضع عليها المصحف الشريف مستنداً بهيبة مُقدسّة.. ظلّت تتأمل الكتاب مُستدمعة العين، تُردد في نفسها وكأنها تُخاطبه: "أحتاج إليك".. وقد أصبح فؤادها كفؤاد أُم موسى فارغاً، لا تشعر بمن حولها، سارحةً في فراق من رحلوا فتسأل الله لقلبها الصبر والسلوان..دموع متساقطة كتساقط المطر.. جميع من حولها وإن اعتراهم الحزن فترةً من الزمن فإن ذلك الحزن سيداهمه النسيان.. أما هي فلن تنسى ما حيت.. وسيظل حزنها مكبوتا بداخلها ولن يسمعها أحد.. ترى خيالاً يُضيء نوراً يمشي في نهاية غرفة الجلوس.. أهؤلاء هم؟، تشعر بأنهم فجأة سيدخلون عليها وسط المُعزيّن..رُفع أذان العشاء.. والمعزون هموا للصلاة... بين ركوع وسجود.. منهم من انشغل في خشوعه ومنهم من اعترى صلاته التفكير في مشاغل الحياة، فلا يعلم ما الذي رتله.. وأي سور قرأها..وأما هي فقد دخلت إلى غرفتها ترافقها الهواجس تُحدثها وتسألها: "وين راحوا؟"، وبين يديها محرم تمسح به دموعها.. اكتفت بإضاءة خافتة، وأسدلت سجادتها مُستعدةً للصلاة، ما هي إلا لحظات إيمانية فكبرّت الله تاركةً وراءها الدنيا ومن فيها، وقد شعرت بحشرجة في قلبها تُذكرها بهم! فلم تتمالك تلك الدموع ثانيةً.. فلم يعد يسمعها أحد سوى الله سبحانه وتعالى.. تُناجيه.. وتسأل لهم الرحمة والمغفرة..وقفت تلك الهواجس عند رأسها تنتظرها تنتهي من الصلاة.. لتعود إليها.. وتُذكرّها بصوت خطوات أرجلهم التي لن تسمعها مُجدداً.. كغريب تائه.. أو طفل يتيم أصبحت! وجعها يمتد من مكانها إلى مكان رحيلهم الأبدي.. تسمع أصوات المُعزيّن خارج غرفتها.. فهمّت بالخروج إليهم بِنَفَسٍ ضيّقٍ مجروح.. لتجلس على كرسيها مرة أخرى..فيعود بها شريط الذكريات المستمر..الآن هم رحلوا بأجسادهم.. ولكن أثر أرواحهم باقٍ.. ولن يتوارى!

2389

| 11 مايو 2014

بقعة الزيت

مضحكة بعض المواقف التي تمر علينا في العمل حتى وإن كان يشوبها شيئاً من القهر نتيجة أفعال بعض المديرين، الأمر الذي يُخيل إليك أنك تُشاهد مقطعاً كوميدياً من مسلسل "خالتي قماشة"، أو مشهدا من إحدى المسرحيات الكوميدية، فالفن الكوميدي ليس مقصوراً على الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، بل أيضاً في مجال العمل، فيرتدي بعض المديرين "جلابية خالتي قماشة" ويتكأون على عصاتها التي تمشي بها بطريقة متعرجة، ويرتدون نظارتها الطبية المائلة على أنفها، ولا ننسى غرّتها البيضاء التي على جبينها وهي تتطاير كما يتطاير الشرار من عينيها عندما تُراقب "زوجات أبنائها".هكذا هم بعض المديرين والذي يمكن أن نطلق عليهم لقب "بقعة الزيت"، فيسترقون السمع مثل الشياطين على موظفيهم بطريقة "خالتي قماشة" ولكن بالأسلوب الكلاسيكي وذلك بوضع الإذن على باب أحد الموظفين ومراقبته والاستماع إلى حديثه مع أحدهم، خوفاً من أن يؤكل لحمه الطازج المُتبل بأفخر أنواع البهارات… بمعنى خشية أن تتم "العقرة فيه"، خاصةً إذا كان المدير من ذوي الإعاقة الفكرية! فيُسيئون استعمال حقهم كمديرين ويطلبون من الموظفين الوقوع في حبهم! يا لهذا الغربال!تكمن المشكلة لدى بعض المسؤولين في أنهم لا يفصلون مابين العلاقات الشخصية والعمل، فإذا كانت هناك مشكلة شخصية مابين الرئيس والمرؤوس فإنها تؤخذ على محمل الجد والانسياق إلى الإيذاء أيضاً على مستوى العمل، كأن يقوم الرئيس بإتلاف أوراق ومعاملات أحدهم عمداً نظراً لحصول موقف سلبي فيما بينهما في السابق … فيُصبح الرئيس أشبه بــ "بقعة الزيت" فيتعمد إزلاق المارة الذين يكرههم.وأيضاً هناك قصص في هذا الشأن مختلفةً في الأحداث، فإحدى المديرات المتسلطات فئة "أسلوب ولسان" في إحدى الجهات، كانت تكره موظفة من الموظفات لأسباب شخصية لا صلة لها بالعمل، فقط من باب المزاجية، بمعنى "أكرهك وفي المقابل أطفشك"!، في يوم من الأيام اجتمعت عدد من الموظفات في استراحة قصيرة لتناول وجبة الإفطار وذلك في ذات الإدارة التي تمسك زمام أمرها تلك المديرة المتسلطة، فكن مجتمعات في حالهن وكانت من بينهن الموظفة المغلوب على أمرها، فإذا بهن يسمعن صوتاً آتٍ من مكانٍ بعيد يصدر صدى راعداً وكأنما الرعد قد توسط سطح الأرض: "وينهاااااا؟ وينهاااااا؟؟؟ طلعوها؟؟"، الأمر الذي يُخيل إلي أن شارة مسلسل "خالتي قماشة" قد تم تشغيلها: "يتكم بقعة الزيت …. يتكم بقعة الزيت"!وتنتفض الأرض من ثقل قدميها، ورفيف أجنحتها أصدر ريحاً عاصفاً قد سقطت اثره لوحات الإعلانات من الحائط، مُكشرةً على أنيابها مثل "دراكولا" استعداداً لمص دم الضحية، وتهتز الأبواب خوفاً.. وتسيح أصباغ الحائط حزناً وألماً … والمتسلطة سابقتها خطواتها هرولةً، فأصبحت كالقطار تسير دون الاكتراث بمن هو أمامها … تنظر بعينيها الناتئة إلى الأمام بتركيز مُفرط وكأنما تبحث عن المجهول …. ابليس هرب من أمامها … خشية أن تركله! حاضناً أطفاله وهم يُغنون بصوت خافض: "يتكم بقعة الزيت …. يتكم بقعة الزيت"، فقد تجاوزت ابليس في التسلط والشر!وأما الموظفة المغلوب على أمرها فقد اختبأت وراء الباب خوفاً من أن تراها المديرة المتسلطة وكأنها "أم عليوي" عندما اختبأت في "الكبت"، إلى أن حطت المديرة رجليها داخل ذلك المكتب الصغير الذي يحوي أربع موظفات والخامسة وراء الباب، تصرخ بشدة تبحث عن فضولي! وينها؟؟؟، صحون الإفطار تتقارع بشدة من هول الموقف … حبيبات زيتون أخضر تناثرت من أفواه الموظفات رعباً … وانقلبت "غرشة الفلفل" رأساً على عقب … يارب سلّم … يارب سلّم … فإذا بالمديرة شاخصةً عينيها مثل الليزر، تبحث وتبحث … وأخيراً بيدها الضخمة الساخنة تدفع الباب وتقبض على الموظفة المسكينة الملتصقة بالحائط، بعدها بدأ كرنفال التوبيخ والتهديد والوعيد … ووصل الأمر إلى سعادة الوزير … وتم التحقيق في الأمر … وكل ذلك لأسباب شخصية! وتكسرت الصحون! وبها بقايا حمص … وقليلاً من مربى التوت! ويا للفشيلة …والنتيجة باختصار هي أن عقول بعض المديرين على المحك.قصص أخرى كثيرة من هذا النوع لا يسعني الوقت لذكرها … وبغض النظر عن اسهابي في الخيال الواسع في الوصف … إلا أنه حدث واقعي اختصاره مجرد تسّلط … اختناق … عقاب دون دليل … خلط سفاسف شخصية في العمل …. لا يوجد احترام … وكل ذلك باسم "الكرسي"!قصص متنوعة وواقعية من بطولة مديري "بقعة الزيت" فلا يتركون لك المجال للسير في طريقك المهني دون سكب ذلك الزيت أمامك لتنزلق وينكسر فيك الطموح … الشكوى لله!

2659

| 04 مايو 2014

كاتب في مهب الريح

كان يغالبه النعاس، ففرك عينيه مراراً وتكراراً محاولاً كبح جماح النوم والاستسلام لكتابة مقال.. يحك شعر رأسه الجعد المفلفل بين عشية وضحاها، علّه يخرج بفكرة مبتكرة لتصفّق له الدنيا ومن فيها... اتكأ بظهره على الكرسي رافعاً رأسه لأعلى ومتمتماً بكلمات فخر واعتزاز بالنفس: "أنا الكاتب الفذّ"... أوراق منثورة على طاولته المُثقلة بكتب عن التنويم المغناطيسي وفنون الكاراتيه، جهاز لاب توب ذو شاشة مخدوشة موجهة أشعتها على وجهه باهت اللون، يرتدي نظارة طبية تُضفي على ملامحه معاني الثقافة والعلم، وأما العقل فهو في حقيقة الأمر علبة فارغة... يتصارع مع اصبعه الإبهام لقطع مقدمة أظافره بأسنانه الصفراء لإخراج فكرة ما... يعصر مخيخه الأيمن تارةً والأيسر تارةً أخرى مردداً: "أنا الكاتب الفذّ"، شَرَّعَ عيناه لوهلة مُركزاً على دفتره، رافعاً حاجبيه بدهشة مبهوتة، مغلقاً فمه بإحكام ولكن بطريقة بلهاء، إنه يحاول أن يخرج بفكرة... فكرة... ف. ك. ر. ة، وفجأة وضع يده في جيبه كأنما يبحث عن شيء تائه، إلى أن أخرج علبة السجائر لتهدئة بقايا حيرته، أشعل سيجارة شحيحة، مرتشفاً بها نفساً عميقاً مليئاً بالتلوث، ثم أخرج زفيراً طويلاً راجياً أن تتناثر بعض الأفكار المُختلطة بالنيكوتين...ظل يتساءل: ماذا أكتب أيتها الأنا العظمى؟ لم يجد أية إجابة!فراوده سؤال آخر: هل تعلمي أيتها الأنا من حضرتي في عالم الكتابة؟ فردّت الأنا بِأُهْكُومَة: "مزهرية من العهد العثماني!"..فخبط طاولته بيده الضخمة ثم قال: "أنا الكاتب المشهور الفذّ لذا قررّت كتابة يومياتي!!!".هدوء مُضطرب عم المكان لدقائق معدودة... دهشة جليّة رُسمت على قلمه! اعتدل دفتره في جلسته والصمت يُخيّم على سطوره... رجل ميّت مرسوم في لوحة مُعلقة على حائط غرفته الباردة، أخرج رأسه من اللوحة ونظر إليه بذهول مُخيف... سيجارته انطفأت لوحدها بعد أن أُغشي عليها من هول الصدمة، شاشة اللاب توب أغمضت عينيها مرددةً الحولقة، لا تسمع سوى صوت صرصار الليل وهو يُصفّر ويُخالط صفيره شيئا من الاستغراب قائلاً: "يا حافظ... يا كافي!!!".وفجأة انفجر الجميع من الضحك... والدفتر شق منتصف وريقاته من شدة القهقهة... كل من في الغرفة في حالة إِهْزَاق يُرثى لها، وبينما هم يضحكون التفت عليهم "الكاتب الفذ" وعيناه يخرج منها الشرار، فصرخ بهستره على حِين غِرَّة: "خلاااااااااااص!"، حينها صمت الجميع مرتعدين، فظلّ مكفهرّ الوجه حرْدان! التفت يمنةً ويُسرةً قائلاً: " ألأنني رغبت في كتابة يومياتي للناس تسخرون؟ ألم تعلموا بأنني كاتبٌ حصيفٌ... أريبٌ.. ألمعيّ، لم ولن يكتب أحدٌ كما أكتب أنا، ما لكم كيف تحكمون؟قال قلمه: "إني أبرأ إلى الله مما تعمل! وأشهدُ بأنك مُشَمْخِرٌ ولا تعي ما تقول!، أتترفع عن التواضع يا من أدخلت على نفسك الغرور؟ تظن بأنك كاتبٌ فذٌ وعبقري وليس كمثل كتاباتك شيء؟ فلا تُضحكني يا هذا بيومياتك التي ستجعل الآخرين يرمونها جانباً، أتعتقد نفسك "كولن باول" يا مغرور؟ أبذكائك الذي تدعّي ترى الناس صغاراً مدحورون؟ "مايصحش يا أونكل مايصحش" تكن متكبراً في الكتابة كتكبر فرعون!.... أم أنك تناسيت قوله تعالى: "وفوق كل ذي علمٍ عليم"؟ وفي نهاية المطاف تسألنا ما لكم كيف تحكمون؟ ... فبُهت الكاتب من كلمته، فإذا به يركبه الغضب فتشابك مع قلمه حتى صباح اليوم التالي فصرعه، فركب سيارته (البيجو) مرتدياً نظارته الشمسية كأنه "جيمس بوند" وهو يقود سيارته الاستخباراتيه، متوجهاً إلى عمله، عاقد النية على أن يستأنف جنونه و"حرّته" في سكرتيراته اللاتي يعاملهن كالخادمات، كاشفاً عن سوء سريرته، وأن الكتابة بالنسبة له مجرد "شووو" وغرور لا أكثر، ناثراً بعضاً من الجمل والمبادئ التي تنافي شخصيته تماماً، مُحثاً على الأخلاق العالية وهو يخالفها في الواقع، فهو كمثل البعض الذين يقولون مالا يفعلون.ومضة أخيرةهذه قصة خيالية من عالم آخر.. حدثت في العصر الحجري المُنعم بالتطور... قام بتأليفها قلمي المجنون.... ولكن بطل القصة قد يكون على قيد الحياة!

2040

| 27 أبريل 2014

ذات صمت

جلست على ذلك الكرسي المصنوع من الخشب المحروق المقاوم للاندثار رغم قدمه، لا تسمع سوى أصوات خطوات المارة وهي تقارع أرضية المجمع الرخامية، أسكون يُباغتها فجأةً؟ أم أن القدر أغدق عليها بالصمت الأبدي؟تشعر بحُبور من حولها، وفي داخلها تعاني من الكمد! موسيقى عابرة تقتحم المكان لوهلة، أحدهم تخطفه قدماه سريعاً قاصداً الانقباض على مأربة ملقاة على رفوف إحدى المحلات، أقدام شتى تسير على مهل... وجوه ارتسمت عليها ملامح الدهشة دون سبب.... أذهان شاردة وقعت أسيرة للسرحان... مرتادو المقاهي يتسارعون وبين أيديهم جرائدهم يبحثون عن طاولات لكي يلقون عليها أفئدتهم وعقولهم عند احتساء القهوة...تتراود ذلك المكان نظرات تلك المرأة التي تجلس على كرسي مسكون بالوحدة، خطوط مُتجعدة ومُرتسمة تحت عينيها... لقد أضناها الوصب! ترتدي ملابس مهلهلة، علامات وجهها تدل على اجتياح الفقر لأواصر حياتها، أخرجت صورة رميمة الأطراف من جيبها الصغير الذي بالكاد يكفي لبضعة نقود تتأمل حبيس تلك الصورة...ملامح ثابتة... عيون موجهة للأمام... ألوان باهتة... دمعة ذُرفت من عينيها برقة متناهية فانتثرت على وجه ابنها الصغير، حشدت تلك الدمعة ما بها من جيوش الحزن... فأغاروا على قلبها الكسير...اللهيف... الكامد...الوحدة تجلس بجوارها... تتعايش معها... تتقاسم معها كسرة الخبز... يتأملن معاً وجوه روّاد المجمع... أطفال بصحبة ذويهم.... أصواتاً متداخلة... همسات مُستفاضة مندمجةً بحكايات تعبر أرجاء المكان... لا تملك الحق في أن تروي همها لأحد المارة... فكلٌ مُحمّل بخلجات مختلفة تُراود النفس بين الفينة والفينة... لن يُصغ لها بإمعان سواها... فهي غريبة... تائهة... وحيدة... ابنها الوحيد ينتظرها في مُستقرٍ ما...تأملت وجه أحد مرتادي المُجمّع يجلس في سكون على طاولة متوسطة الحجم وأبخرة القهوة تتصاعد بإشفاق... رأسه مُسدل على هاتفه المحمول متنقلاً مابين رسالة وأخرى... تغريدة تُسابق التغريدة التي تليها... موزعاً ابتساماته الخاطفة عندما يرفع رأسه بغتةً... ويلتفت يمنة ويُسراً محاولاً اصطياد من تقع عيناه عليه.... ثم يُكمل تجميع بعثرته في ذلك الجهاز الصغير...ضحكات تتصاعد من أُناس شُكلَّت على ملامحهم معاني عدم الاكتراث بأي شيء سوى قطع مسافات طويلة من المشي في المجمع بلا هدف... وريقات صغيرة... محارم مُتَقَبِّضٌه ملقيّه على الأرض، كل ما على تلك المرأة القيام بمسح وتنظيف ما يقترفه البشر من رمي لتلك النفايات وهي صامتةً بوجوم، وعند الانتهاء تعود إلى ذلك الكرسي، لتُكمل الحديث مع وحدتها البارَّة، فتتسامران طويلاً لتصبحا أكثر ألفه من ذي قبل، دون أن يُعكر صفوهما أحد عند التفكير بإبن تلك المرأة التي تعيش بعيداً عنه... منتظراً منها بضعة نقود ليتصدَّى بها خناجر الفقر.... لقمة عيش تتقاسمها مع ابنها الوحيد... مُجبرةً على الغربة... والتنحي جانباً والاستماع بإفاضة إلى أصوات خطوات الأرجل السريعة... والتأمل بإطناب في الوجوه الغريبة...تركت آلامها جانباً لوهلة... فقررت الانهماك بالاستغفار... فأخرجت مسبحتها لتراود حبيباتها الصغيرة عن يديها، ولفظت مراراً مستغفرةً... استغفر الله... استغفر الله... استغفر الله....وباحت ما يختلجها من ابتئاس وشجون... فأُمطر فؤادها بالسكينة بعد أن كان فارغاً... لم تعد تسمع خطوات الأرجل وهمهمات البشر... لم تعد تسمع سوى صوتاً ايمانياً يُخالط أنفاسها مُشعلاً نوراً يُضيء طريقها الحالِك... ابتسامة رُسمت على شفاهها انعكست على وحدتها التي قررت هجرها لتحل محلها منتصرةً قوة القرب من الله، ومؤمنةً بأن الخيرة فيما اختارها الله عز وجل، فالبشر ليس في يديهم رزقها ولا رزق أحد... فالرزاق هو الله وحده ولا غيره أحد...ثُم تلت: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)) صدق الله العظيم.

1513

| 20 أبريل 2014

فاطمة وهنادي

"صار لنا حادث... أمي وخالتي ما تتكلمان"!كانت هذه كلمات نُثرت من شفاة الصغيرة " بنة " ابنة هنادي وهي تتحدث بالهاتف مع أبيها تبلغه بما حدث... سيارة متهورة داهمت حياتهما فخرجت روحاهما بغتةً... لم تعلما بأنه قد حان وقت الرحيل... وأن الموت كان بانتظارهما هناك ويلوح لهما من مكانٍ بعيد... فأقترب منهما وأنجلت ملامحه بعد أن شاء القدر فداهمت سيارة مستبدة سيارتهما باصطدام قاسٍ....فاطمة... هنادي... و"بنة" في تلك السيارة المستأجرة بدبي، فقد كن في زيارة قصيرة مع عائلتهن لعيادة خالتهن المريضة التي تعيش هناك، فقد كان موعداً مع الموت راحت ضحيته فاطمة وهنادي ليلاً، في طريقٍ قد رسم عليه القدر أجلهما! فتُركت روحاهما الطاهرتان تطيران... كعصافير ترفرف أجنحتها في الأفق... تساور أضواء الشوارع الحزينة... فأبكيا معهما نجوم الليل اللامعة...سكون مخيف راود الليل...هدوء رتيب حل المكان بعد الحادث الأليم... فلم يتبق في السيارة سوى "بنة" فهي لم يحدث لها شيء لكنها بقيت في حالة من الروع تترقب في أن تسمع صوت أنفاس والدتها وخالتها... قلوب متوقفة عن النبض... أجساد عفيفة عاجزةً عن الحركة، قطرات من الدم أذرفت كما تذرف العين دموعها..." أمي وخالتي ما تتكلمان!! " طفلة لم تفهم الموت بعد... أو قد تحاول أن تقنع نفسها البريئة بأنهما في حالة إغماءه قصيرة، أو غفوة عميقة... لم تعلم بأنهما رحلتا بعيداً جداً عن هذه الحياة المريرة، إلى عالم آخر لا يملك علمه سوى الباري عز وجل... طفلة أكتافها الصغيرة لا تحتمل سوى حمل حقيبتها المدرسية المليئة بألوان السعادة والحروف والأرقام المُركبَة، أقسى أنواع تعاستها هو البحث عن دمية مفقودة... لا تملك سوى ابتسامة والدتها... حبها... حنانها المُستفيض بالرحمة... ليس لديها أخ أو أخت... فقد وُلدت وحيدةً لأب وأم.... وخالة تحبها بجنون!ولكنهما رحلتا إلى السماء... هناك في ذلك المكان السرمدي... وتركتا بعض الذكريات... أثر خطوات أرجلهما في ذلك المنزل الجميل الذي أعادت تأثيثه " فاطمة " مؤخراً لوالدتها وكأنما كانت تشعر بأنه قد دقت أجراس الوداع والسفر إلى دار أخرى في عالم آخر، فإذا به جمعٌ من المُعزّين... غرفتها الدافئة لوّنتها إلى الأبيض كبياض قلبها الواقف عن النبض قبل أن يبتلعها الغياب، وكأنما تودّع ذلك المنزل وساكنيه... تركت بصمة طيبة بين أحبابها وأهلها... لقد غادرت الحياة بصحبة أختها " هنادي " صاحبة الخلق الحسن والقلب النقي... ولا تزال "بنة" ترسم ملامح وجه أمها وخالتها وهما تفيقان من نومهما الأبدي... وتراودها بعض الأسئلة الحزينة: " أين أمي؟ لماذا لم تعد هي وخالتي معنا إلى الدوحة؟ لم يمت أحد منهما! " تترقب عودتهما في أي لحظة... أركان المنزل حزينة... نوافذها أسدلت عليها الستائر... هواء يدفع أبواب المنزل ونوافذه فلا تسمع سوى طرقات خفيفة تُعبّر عن الترَّح...خلجات وهمهمات ممزوجة بالدموع تُداهم قلب والدتهما والمُعزيّن... صوت عذب تغلغل وسط أحشاء الحزن مرتلاً آيات من الذكر الحكيم... مهدئاً ما بتلك الأحشاء من لوعة وفجع...وإلى الآن "بنة" تجلس عند باب المنزل.... تنتظر عودتهما... فمن سيجبر ذلك الخاطر سواك ربي؟ومضة حزن:لقد جمعتنا أواصر القرابة والأخوة وذكريات الطفولة... وها نحن نودعهما على أمل أن نلتقي بهما في جنات الخلد إن شاء الله...رحم الله فاطمة وهنادي يوسف المال وأسكنهما فسيح جناته... اللهم آمين..

6549

| 15 أبريل 2014

فما حيلتي يارب؟

حياتي تُسابقها تلك الخطوات.. أبحث عني في طرق مجهولة.. أتأمل وجوه المارة، علّي أجد روحاً تشبهني في غموضي.. أصوم نهاراً عن شتات الفكر.. لكي أفطر على حبيبات من الاستقرار الذهني.. أستمع لأحدهم يدندن على العود، يحاول أن يقلدني في سباق الخطوات.. فيتنافس على أن يُسابق معزوفته.. حروف تسكنني.. كلمات تُباغتني مسرعةً.. أراني أحياناً بين أدراج الرياح… وأحياناً في كهوف الألم أبحث عن شمعة لأضيء بها بقايا طريقي الغائر… ظلم أُعايشه… وغيري واقع أسير به… قلمي يقاومه بشدة دون أن يُساعدني أحد… فما حيلتي يا رب؟!مكدودةٌ أحط قدمي في نزاعات الحياة… أحدهم يجهش بالبكاء أمامي ولا أملك سوى الاستماع إليه وأوراقي ابيضت من الحزن… وقلمي بالرغم من ألمه فهو كظيم! أفكاري أحياناً جنونية… يُباغتني التهور عند نثر الحروف … أقف عند رفوف الكتب، علّي أجد ضالتي… وأبحث عن إجابة لسؤال يراودني لماذا يظلم البشر بعضهم البعض؟ أتكئ بجسدي جانباً على أطراف إحدى تلك الرفوف أتأمل أغلفة الكتب… وأتذكر وجوه من حولي… فهم كبعض الكتب أغلفتها رائعة ومضمونها فارغ!يُلازمني الصمت… وعند مقابلة أحدهم تبدأ الثرثرة… يُقاتلني البعض لأني أفرد الصحيفة من منتصفها وأفطر عليها كالبسطاء، وأُشجب لأنني أثرت غضب أحد الظالمين دون أن أكترث بعواقب الأمور… أحدهم ينصحني وينظر إلي بعين الشفقة… وهو أولى بتلك النظرة… لا تكتبي… هنا قلمي أثاره الذهول! ألأنني وقفت في وجه الظلم أُنصح وكأنني أجرمت بحق الإنسانية! فما حيلتي يا رب؟أُتابع بريدي الإلكتروني… أتأمل شتات الآخرين… منتثرة شكواهم بين أروقة البريد… تنتظر من يفتحها لتبث في وجهه ذلك الحزن الدفين، فتُغرق عينيه من الدموع، لا أملك سوى ذلك القلم الذي طالما حاول كسرَه آخرون، وهو لا يُبالي! يتركون الذي بين أيديهم وينشغلون به… ولو ذكروا الله كما يذكرون حروفي لاستقاموا على الصراط المستقيم. أخرج في الصباح الباكر بارتشافة سريعة لقهوة دافئة تأسرني أبخرتها… أتأمل في ذلك الشارع الوجوه المختلفة… ابتسامات خاطفة… أو عبوس مُكتنز… أسمع أصوات أبواق السيارات وأحدهم يرشق الطرقات بألفاظ التهكم والتذمر والازدراء بسبب ازدحام الشارع… أتأمل المباني الشاسعة المتوقلّة ذات الارتفاع الآهل، وغيوم السماء مرتسمة وراءها، وكأنما لوحة فنيّة قد رُسمت على يد فنان ماهر… فسبحانك يا خالق الكون… تزدحم تلك الطرقات وهي تشح بالعابرين… ولكي أزاحمها لأصل إلى وجهتي سريعاً.. عليّ أن أطلق العنان للسرحان… فأهيم بالحروف وأتذكر الكلمات التي نطقتها ذات يوم وقُيّدت تحت قبضة التوبيخ والزراية… فلله درُّها!! حروفي أيقظت أحدهم عنوةً وألجمت أفواهاً عدة، كل الأبواب أغلقها عند نثر الحروف ما عدا الباب الذي بيني وبين الله، فلا أكتب حرفاً إلا وأتذكر أن ربي؛ رقيبٌ عتيد ولا تخفى عليه خافية!ظللت أسير وتتبعني صناديق الحزن فهي تخاويني منذ زمنٍ بعيد، ترافقني أينما رحلت… ولا تكف عن الثرثرة… انتعلت الأرصفة الرمادية ووجهي كليل… أبحث بإغراق عن ضالتي إلى أن وصلت إلى سور صرح العدل لأسأل عن العدالة، علّي أجدها عرَضاً في مكانٍ ما فأستقي منها معنى الإنصاف، فوجدتها مُجندلة ويجلس عندها أحدهم وهو مُذرف الدمع… محاولاً ترميم ساقها المبتورة! فما حيلتي يا رب؟

1668

| 13 أبريل 2014

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2559

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

2259

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2079

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1509

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

1245

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1113

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1077

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

864

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

834

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

759

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

747

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
بعد آخر توقيع... تبدأ الحكاية

ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...

702

| 29 أكتوبر 2025

أخبار محلية