رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مثلما قدمت المملكة المغربية نموذجا للاستثناء في التفاعل الذي بدا إيجابيا مع الربيع العربي في زمانه، فإنها قدمت أخيرا نموذجا مماثلا لتفريغه من مضمونه.(١)تتردد في كتابات النشطاء والمدونين المغاربة في الأسابيع الأخيرة، عبارات مثل «عودة المخزن إلى صدارة المشهد» و«إغلاق قوس الحراك الديمقراطي» و«الفوز في الانتخابات تحول إلى هزيمة سياسية»، و«أهم نجاحات الثورة المضادة»... إلخ. وهي العبارات التي تختزل ست سنوات من خبرة السياسة المغربية، التي بدا أنها دخلت منعطفا جديدا مع هبوب رياح الربيع العربي في عام ٢٠١١، وتلك خلفية لا مفر من استدعائها.آنذاك، بعد نجاح ثورة الشعب التونسي وسقوط نظام بن علي، وهروبه، وكذلك انطلاق شرارة الثورة في مصر، كان لذلك الحراك صداه القوي في المملكة المغربية، ذلك أن مليكها محمد السادس كان قد ورث نظاما بوليسيا سلطويا لم يختلف كثيرا عما كان عليه الحال في تونس ومصر، وربما كان أشد، ورغم أن الملك بعد توليه العرش في سنة ١٩٩٩ حاول امتصاص غضب المغاربة وسخطهم من خلال تشكيل «لجنة الإنصاف والمصالحة»، إلا أن التجربة أثبتت أن رحيل الملك الحسن لم يغير كثيرا في النظام وأدائه نظرا لرسوخه وعمقه التاريخي.حين هبت رياح التغيير في بداية عام ٢٠١١، كانت الساحة المغربية جاهزة لاستقبالها. ذلك أن بعض الشباب المغاربة سارعوا إلى إعداد مقطع فيديو قصير دعوا فيه إلى التظاهر يوم ٢٠ فبراير لإعلان المطالبة بالإصلاح. وكان للدعوة صداها السريع، إذ ظهرت بعده تسجيلات عدة مؤيدة ومؤازرة له. وظلت كرة الثلج تكبر ومعها ظل صوت الدعوة للتغيير يعلو، إلى أن ذاع خبر انتصار الثورة المصرية وتنحي الرئيس مبارك في ١١ فبراير. حينذاك قررت ٢٠ هيئة حقوقية مغربية يوم ١٧ فبراير الانضمام إلى الحركة الاحتجاجية وتأييد انتفاضة ٢٠ فبراير. وفي اليوم نفسه (١٧ فبراير) عقد شباب حركة ٢٠ فبراير مؤتمرا صحفيا في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أعلنوا فيه صراحة مطالبهم التي حدودها في أمور عدة هي: إقامة نظام ملكي برلماني ــ وضع دستور ديمقراطي جديد ــ حل البرلمان وإقالة الحكومة.(٢)لأن الغضب كان عاما وعارما، كما أن المطالب كانت كلها إصلاحية بالدرجة الأولى، مع الديمقراطية وضد الاستبداد والفساد، ولأن الرياح بدت شديدة في العالم العربي، فإن الموجة بدت أعلا وأقوى من أن تتصدى لها المؤسسة الأمنية. وحين أدرك الملك ذلك فإنه سارع إلى ضم صوته إلى الدعوة للتغيير، ووجه خطابا يوم ٩ مارس، وصفته بعض الصحف بأنه «ثوري»، عبر فيه عن تجاوبه مع طموح الشارع المغربي، فدعا إلى تعديل الدستور وشكل لجنة استشارية لذلك الغرض، حتى بدا وكأنه رفع شعار «الشعب يريد وأنا معه».الدستور الجديد بعد تعديله أشاع بعض التفاؤل. إذ نص على الفصل بين السلطات واحترام استقلال القضاء. كما أنه وسع من اختصاص الوزير الأول (رئيس الوزراء) بحيث أصبح هو المسؤول عن إدارة الحكومة وليس فقط منسقا بين الوزراء. كما نص على اختيار رئيس الوزراء من الحزب الفائز بأعلى الأصوات في الانتخابات. الأمر الذي بدا تعبيرا عن احترام نتائج صناديق الاقتراع. واعتبر الأمازيغية لغة وطنية إلى جانب العربية، في تعبير آخر عن احترام التعددية العرقية والإثنية. ووصفته بعض وسائل الإعلام باعتباره نقلة أحدثت ثورة سياسية وثقافية في المملكة، (٣)كان حزب العدالة والتنمية (الذي بدأ باسم حركة التوحيد والإصلاح) جزءا من الخارطة السياسية وفي المعارضة منذ ١٤ عاما. إذ بدأ في عام ١٩٩٧ بتسعة مقاعد في مجلس النواب، أصبحت بعد ذلك ١٤ مقعدا وتضاعفت إلى ٤٢ مقعدا (في سنة ٢٠٠٢) ثم ٤٦ مقعدا في الانتخابات التالية. إلا أن أجواء الربيع العربي مكنت الحزب من تقدم الصفوف والفوز بـ١٠٧ مقاعد في عام ٢٠١١.المناخ الذي أتاح فرصة الفوز، كان له دوره في تيسير تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة الأمين العام للحزب السيد عبد الإله بنكيران. وقد اشترك معه فيها ثلاثة من أحزاب الوسط السياسي هي: حزب الاستقلال والحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية. ولم تكن مهمة الحكومة سهلة ولا كان الطريق أمامها ممهدا. إذ فضلًا عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتحديات الفساد التي يعانى منها المجتمع المغربي، فإن مراكز القوى في الدولة لم تكن سعيدة بالتركيبة الجديدة للحكومة التي أفرزتها أجواء الربيع العربي، خصوصا أنها جاءت بوزير أول ينتمي إلى حزب له مرجعيته الإسلامية. فالقصر كان يراقب وحلفاؤه من أصحاب المصالح وعناصر الدولة العميقة ظلوا كامنين ومتربصين. أما الخصوم السياسيون والفكريون فقد ظلوا في الواجهة يناوؤن ويتصيدون. وهو ما يسوغ لنا أن نقول إن أجواء تلك المرحلة اقتضت إقامة «هدنة» نسبية على المسرح السياسي، خصوصا أن رئيس الحكومة حرص طوال الوقت على أن يحتفظ بعلاقة إيجابية مع القصر، وهو يحاول تنفيذ برنامج حكومته في الإصلاح ومكافحة الفساد. ويذكر له في هذا الصدد أنه قام بإصلاح صندوق المقاصة الذي كان يدعم السلع الأساسية، كما أن حكومته رفعت أسعار بعض السلع (المحروقات والكهرباء وبعض السلع الغذائية)، إلا أنها بالمقابل دعمت صندوق التضامن الاجتماعي ورفعت معاشات المتقاعدين وزادت من دعم الأدوية لتخفيض أسعارها ورفعت نسبة الطلاب المستفيدين من المنح... إلخ.ما يثير الانتباه، أن رفع الأسعار لم يؤثر على شعبية الحكومة. دلت على ذلك نتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في ٧ أكتوبر من العام الماضي (٢٠١٦)، ذلك أن حزب العدالة والتنمية لم يحتفظ بصدارته للفائزين فحسب، وإنما ارتفع عدد المقاعد التي حصدها، إذ فاز بـ١٢٥ مقعدا مقابل ١٠٧ مقاعد في انتخابات عام ٢٠١١، وكان الحزب قد فاز برئاسة البلديات في أهم المدن المغربية في الانتخابات التي جرت في العام السابق. إلا أن ذلك الفوز في الانتخابات التشريعية والبلدية تم في مناخ مختلف ــ بل مناقض تماما ــ لذلك الذي هبت رياحه على العالم العربي عام ٢٠١١.(٤)الحكومة التي تشكلت في أجواء انطلاق الربيع العربي لم يكن مستغربا أن تختلف عن تلك التي أريد لها أن تتشكل في أجواء انتكاسته، لذلك لم يكن مفاجئا أن تنتهي الهدنة التي كانت منعقدة ضمنا بين الفرقاء في عام ٢٠١١. وكانت النتيجة أن بنكيران الذي استطاع تشكيل حكومته في عام ٢٠١١، جرى إفشال محاولته حين كلف بالمهمة ذاتها في عام ٢٠١٦. فالذين تراجعوا وسكتوا في عام ٢٠١١ تقدموا وارتفعت أصواتهم، والذين كمنوا ظهروا مرة أخرى على المسرح، والذين راقبوا أصبحوا أكثر جرأة في فرض شروطهم. كما أن القوى الإقليمية التي آثرت السكون والحذر صارت طرفا فاعلا ومؤثرا. لذلك فإن بنكيران حين قاوم ضغوط المرحلة الجديدة ورفض المساومات والإملاءات فإنه لم يستطع عقد الائتلاف الذي يشكل به حكومته الجديدة. ووصف المشهد في الإعلام المغربي بأنه «بلوكاج» وهو مصطلح فرنسي يعبر عن «الانسداد». إزاء ذلك أعفاه الملك من تشكيل الحكومة، وأسند المهمة إلى الدكتور سعد الدين العثماني، الرجل الثاني في حزبه. وهو طبيب دارس للعلوم الشرعية، كان قد تولى حقيبة الخارجية في وقت سابق. وأمهله الملك ١٥ يوما لأجل ذلك.حين صدر الأمر الملكي بإجازة وزارة العثماني تبين أنها أقرب إلى وزارات ما قبل ٢٠ فبراير ٢٠١١. صحيح أن حزب العدالة والتنمية الفائز انتخابيا حصل فيها على ١٠ وزارات من ٣٩، إلا أنها كانت الأقل أهمية، في حين أن الوزارات الأخرى الأكثر أهمية وزعت على رجال القصر ومراكز القوى المنافسة فضلا عن الخصوم السياسيين إضافة إلى التكنوقراط ورموز العائلات الغنية. فإلى جانب أن «المخزن» يعين مباشرة وزراء الدفاع، الداخلية، والأوقاف. فإن الحزب الرابع في ترتيب الفائزين (التجمع الوطني للأحرار الذي له ٣٧ نائبا في البرلمان فقط) حصل على أهم وزارات المال والفلاحة. ورئيسه المقرب من القصر عزيز أخنوش حصل على وزارة تختص بالفلاحة (الزراعة) والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. وعين أشد خصوم العدالة والتنمية عبد الوافي لفتيت الذي كان واليا على الرباط وزيرا للداخلية. أما وزير الداخلية السابق محمد حصاد الذي كان بدوره خصما للإسلاميين فإنه عين وزيرا للتربية والتعليم. أخذ على الوزارة أيضا أنها غير متجانسة في اتجاهات عناصرها، وإن القصر وراء تعيين عشرة منهم على الأقل، وإن العثماني لن يكون له سلطة عليهم لأنهم جاءوا من جهات أعلا.فضلا عن الاستياء الذي قوبلت به الوزارة الجديدة، فإن تشكيلها أحدث صدمة وصفت بأنها زلزال في أوساط حزب العدالة والتنمية. ومن نشطاء الحزب من وصفها في المدونات بأنها حكومة «الإهانة». إلا أنني فهمت أن الدكتور العثماني ــ وهو من حكماء الحزب وقادته التاريخيين ــ بالتنازلات التي قدمها فإنه وضع في اعتباره أمورا ثلاثة، أولا أنه راهن على كفاءته المشهودة في التوفيق بين المتناقضات ومرونته في الإدارة. وثانيا أنه حافظ على شعرة التفاعل الإيجابي مع القصر، لأن البديل هو الانتقال إلى المعارضة والصدام مع الملك. وفي ذلك من الضرر الذي يصيب المجتمع واستقراره بأكثر مما فيه من النفع. الثالث أنه حين خُيِّر بين السيئ والأسوأ فإنه قبل بالسيئ، معتبرا أن ذلك يصب في مصلحة البلد وإن بدا خصما من رصيد الحزب.أيا كانت المبررات فإن العودة الظاهرة إلى أجواء ما قبل فبراير ٢٠١١، إذا كانت صدى لانتكاسة الربيع العربي في الإقليم فإن ذلك يظل شأن الطبقة السياسية ولاعبيها. لكننا سنحتاج إلى وقت أطول لكي نتعرف على صدى كل ذلك في الشارع العربي الذي يعيش تلك الأجواء ويمر بمختلف العواصم، والرباط من بينها بطبيعة الحال.
7106
| 25 أبريل 2017
حين دعا الرئيس السيسي إلى مصالحة وطنية في العراق، أثناء لقائه مع السيد عمار الحكيم، قلت إن الفكرة جيدة لا ريب، ليتنا نطبقها في مصر. الدعوة تحدثت عنها صحف الأربعاء الماضي 19 أبريل وأبرزتها جريدة «الأهرام» على رأس صفحتها الأولى، مع صورة استقبال الرئيس للسيد الحكيم الذي قدم باعتباره رئيس التحالف الوطني العراقي، ولم يشر إلى صفاته الأخرى باعتباره أحد رموز الإسلام السياسي ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى في بلاده. وهو الموقع الذي ورثه عن أبيه وجده آية الله العظمى السيد محسن الحكيم.فهمت مما نشرته بعض الصحف المصرية يوم الخميس أن أفكارا أخرى مهمة أثيرت في لقاء الرئيس مع السيد الحكيم (مثل اقتراح عقد مؤتمر إقليمي تشارك فيه مصر مع إيران وتركيا والسعودية والعراق)، إلا أنني لست في موقف يسمح لي بالتعرف على صدى تلك الأفكار لدى الجانب المصري. مع ذلك فإنني أرحب وأحيي كل جهد إيجابي يبذل للتواصل مع الأشقاء العرب بوجه أخص، بغض النظر عن موضوعه.استوقفتني فكرة المصالحة لعدة أسباب، أهمها أنها لم تعد هما قوميا وعربيا فحسب، ولكنها صارت هما وطنيا وقطريا أيضا، ذلك أن انفراط العقد أصبح إحدى سمات المرحلة في منطقتنا، حتى بات محزنا ومفجعا أن ينقلب المشهد في عالمنا العربي، بحيث يستمر التباعد بين العواصم العربية في حين تتزايد مؤشرات التقارب بين بعض تلك العواصم وبين إسرائيل.لست أخفي أن حديث الرئيس السيسي عن المصالحة الوطنية في العراق، هو ما أثار لدي السؤال عن مصيرها في مصر. ذلك أنها أصبحت ملفا منسيا من جانب عامة الناس، أو مستهجنا من جانب بعض عناصر النخبة. حدث ذلك في حين أن خارطة الطريق التي أعلنها الفريق (آنذاك) عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو عام 2013 نصت على: «تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية، من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى النخب الوطنية وتمثل مختلف الاتجاهات». وهي الدعوة التي لم يعد يأتي على ذكرها أحد. حتى يبدو وكأنها سقطت من الذاكرة المصرية، في حين أنها باتت الآن ــ في عام 2017 ــ أكثر إلحاحا عما كانت عليه الأوضاع في عام 2013 ــ إذا سألتني لماذا؟ فردي كالتالي:في عام 2013 كان قطبا الصراع آنذاك هما جماعة الإخوان وحلفاؤها من ناحية، وفي الناحية الأخرى ائتلاف ثورة يونيو الذي ضم طيفا واسعا من النخب والقوى السياسية إلى جانب القوات المسلحة، وهي التي أعلن الفريق السيسي باسمها خارطة الطريق في 3 يوليو آنذاك. أما الآن فإن موقع جماعة الإخوان لا يزال كما هو، أما ائتلاف ثورة يونيو فقد انفرط عقده ولم يعد له وجود، إذ توزعت مكوناته على مواقع المعارضة والاستقلال والموالاة، وأصبح الأخيرون يسيطرون على مجلس النواب في تحالف غير معلن مع السلطة التنفيذية المؤيدة بالقوات المسلحة.إزاء ذلك فإن مفهوم المصالحة الوطنية لم يعد مقصورا على التصالح مع الإخوان، ولكن المصالحة صارت مطلوبة مع الشريحة الأوسع من القوى الوطنية في مصر. وليس خافيا على أحد أن تلك الشريحة الأخيرة يزداد حجمها حينا بعد حين، خصوصا بعدما أثيرت قضية مصرية جزيرتي تيران وصنافير إلى جانب موقف السلطة من الجمعيات الأهلية وانتهاكات حقوق الإنسان فضلا عن الاعتداء على استقلال القضاء، وشكل تعويم الجنيه والغلاء الفاحش الذي قصم ظهور الجميع. طفرة مهمة في مؤشرات السخط والغضب الشعبي.هذه الخلفية بمؤشراتها وتداعياتها المؤرقة تدق الأجراس بقوة منبهة إلى ضرورة فتح ملف المصالحة الوطنية، ويظل مدهشا ومستغربا ألا تسمع تلك الأجراس رغم الدوى الذي تحدثه، بحيث لا تخطئه عين مفتوحة ولا يفوت سماعه على أذن مفتوحة. وهو ما يوجب ليس فقط التنويه والتذكير، وإنما التحذير أيضا.
593
| 22 أبريل 2017
هذا خبر يجمع في صداه الفرح والفزع. إذ لابد أن يفرح المرء حين يقرأ أن ثمانية أشخاص سجنوا ظلما لثلاث سنوات أطلق سراحهم بقرار من قاضي الجنايات، إلا أن ما روعني وأفزعني اكتشاف أن التهم المشينة والجسيمة التي وجهت إلى أولئك الأشخاص وأدت إلى سجنهم طوال تلك المدة كانت جميعها ملفقة، ولا أساس لها من الصحة، ليس ذلك فحسب، وإنما كان مثيرا للحزن والشعور بالخزي أن تربط وسائل الإعلام بين القرار وبين ضغوط خارجية مورست دفاعا عن المتهمة الرئيسية في القضية تبين أنها تحمل الجنسية الأمريكية فضلا عن المصرية، كأنما سجنت واتهم معها سبعة آخرون لأنها مصرية، ثم برئت ومعها الجميع لأنها أمريكية.أتحدث عن قضية جمعية «بلادي» التي أنشأتها السيدة آية حجازي وزوجها محمد حسانين لرعاية أطفال الشوارع في مصر، كانت جريمة السيدة التي اكتسبت الجنسية الأمريكية ودرست القانون في جامعة جورج ميسون أنها عادت إلى مصر بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ أملا في أن تسهم بأى جهد لتحقيق الحلم الذي راود الجميع آنذاك لبناء مصر الجديدة. وقد بدأت تنفذ مشروعها بعدما أنشأت الجمعية وحصلت على التصريح القانوني اللازم لذلك. إلا أنها لم تسلم من الأذى أثناء الإعصار الأمني الذي ضرب مصر في عام ٢٠١٣، إذ في أول مايو ٢٠١٤ ألقت الشرطة القبض على أحد الأطفال في ميدان التحرير أثناء إحدى المظاهرات. وكان ذلك خيطا أوصلها إلى الجمعية وأدى إلى إلقاء القبض على عشرين طفلا بعد اقتحام المقر، كما ألقي القبض على آية وزوجها. ومعهما بعض المتطوعين الذين اشتركوا في رعاية أولئك الأطفال. التهم التي وجهت إلى المجموعة شملت تشكيل وإدارة عصابة متخصصة في الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال وهتك أعراضهم، وتسخيرهم في جمع تبرعات مالية. وكذلك تكوين عصابة منظمة لاختطاف أطفال الشوارع والهاربين من سوء معاملة ذويهم، واحتجاز أطفال داخل كيان مخالف للقانون بدون ترخيص.بسبب تلك الاتهامات أصبح الجميع متهمين في القضية رقم ٤٢٥٢ لسنة ٢٠١٤ التي انبنت على التقارير والتحريات الأمنية التي تضمنت المعلومات سابقة الذكر. وجرى تجديد حبسهم عدة مرات منذ ذلك الحين، إلى أن قررت المحكمة تبرئتهم هذا الأسبوع (الأحد ١٦/٤). وكانت تلك مفاجأة سارة وصادمة في الوقت ذاته، والملاحظ أن القرار الذي صدر بحقهم لم يكن عفوا رئاسيا ولكنه كان تبرئة من التهم التي نسبت إليهم. وهو ما يعني أن كل تقارير الأجهزة الأمنية التي انبنت عليها القضية وأدت إلى تجديد حبسهم حينا بعد حين كانت تلفيقا لم تأخذه المحكمة على محمل الجد. وكان طبيعيا أن يثير ذلك عاصفة من تساؤلات الاستنكار والدهشة، التي طعنت في صدقية تقارير الأجهزة الأمنية واستغربت استمرار تجديد الحبس للأبرياء المتهمين بناء عليها طوال السنوات الثلاث السابقة. كما تحدثت عن كيفية تعويض المتهمين عن الظلم الذى تعرضوا له. وكان ما كتبه زميلنا الأستاذ حمدي رزق في المصرى اليوم (عدد ١٨/٤) وافيا في هذا الصدد، إلا أن ثمة جانبا في القضية لم يلق حظه من الاهتمام رغم خطورته وكثرة ضحاياه، ذلك أن ما جرى مع المسؤولين عن جمعية بلادي ليس استثناء، لكنه القاعدة في القضايا التي تمت الإدانة في أغلبها خلال السنوات الثلاث السابقة. ومشكلة ضحايا التقارير الأمنية التي يتم الاعتماد عليها في سجن الألوف أو إدانتهم أنهم جميعا ليسوا محظوظين، لأنهم يحملون الجنسية المصرية. صحيح أن المنظمات الحقوقية المستقلة لم تتخل عنهم، لكن تقاريرها ليست من النوع الذي تأبه به السلطات المعنية في مصر، لذلك فإن الأفق أمامهم يبدو مسدودا. ولا يبدو أن ثمة أملا مرئيا في إطلاق سراح الأبرياء منهم، في الأجل المنظور على الأقل، وليس أمام الجميع في هذه الحالة إلا أن يرفعوا أيديهم إلى السماء مرددين استغاثة السوريين التي يقولون فيها ما إلنا غيرك يا ألله.
633
| 20 أبريل 2017
نتائج التصويت على الاستفتاء التركي غطت على موضوعه، إذ استأثر التقارب النسبي بين المؤيدين والمعارضين بأغلب التعليقات، أولا لأن دلالتها لها أهمية خاصة، وثانيا لأن ذلك التقارب وظفه البعض للنيل من مكانة الرئيس رجب طيب أردوغان والتدليل على تراجع التأييد له. بما يوحى بأن نجمه فى طريقه إلى الأفول. وفى مصر بوجه أخص فإن الخصومة السياسية أثرت كثيرا على المعالجات الإعلامية، فجريدة «الأهرام» مثلا ذكرت أمس (الثلاثاء ١٨/٤) أن أول المهنئين لأردوغان كان أمير قطر ووزير خارجيته، والشيخ راشد الغنوشى زعيم حزب النهضة فى تونس. فى حين أبرزت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية على صفحتها الأولى تهنئة مجلس الوزراء السعودى برئاسة الملك سلمان له، وكذلك تهنئة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.لا يختلف أحد على أن نصف الشعب التركى تقريبا عارض الانتقال إلى النظام الرئاسى، الأمر الذى يعنى أن ثمة انقساما هناك يوجه رسالة إلى الرئيس أردوغان وحزبه. ذلك لم يخطئ كثيرا من وصف نتيجة الاستفتاء بأنها «فوز بطعم الهزيمة»، أو أنها «نصر مُر» أو أنها «إنذار لأردوغان».. إلخ. إذ إن ذلك كله صحيح، لكنه يدعو إلى الملاحظة والترقب وليس إلى الشماتة أو التسرع فى إصدار الأحكام. لم يكن لدى اعتراض على فكرة النظام الرئاسى الذى يظل أحد أشكال الممارسة الديمقراطية (مطبق فى الولايات المتحدة). إذ لم أشك فى أنه يمكن من إقامة حكومة لديه، إلا أن ضمانات نجاحه أوفر في مجتمع قوي له مؤسساته المستقلة التي تستطيع أن تضع حدا لنزُوع الحكومة القوية إلى الطغيان والاستبداد إذا ما وظفت سلطاتها الواسعة في التغول على حق المجتمع ــ كان في ذهنى موقف القضاء الأمريكي الذي أوقف قرارات الرئيس ترامب بمنع رعايا بعض الدول من دخول الولايات المتحدة ــ وكان تساؤلي هو: هل يستطيع القضاء في تركيا أن يكبح جماح الرئيس أو من يخلفه إذا تغول أو زلت قدمه؟بكلام آخر فإن تحفظي لم يكن منصبا على فكرة النظام الرئاسي وإنما على عدم توفر الظروف المناسبة بحيث يصبح سعيا إلى الاستقرار لنظام ديمقراطي وليس خصما من الديمقراطية في المجتمع التركي. وللعلم فإن عددا غير قليل من الزعماء الأتراك السابقين أيدوا ذلك النظام ودعوا إليه لمواجهة التقلبات السياسية المزعجة في البلاد (سليمان ديميريل مثلا) ــ لكن أردوغان كان وحده من فعلها، أغلب الظن اطمئنانا إلى رصيد الثقة الذي توفر لحزب العدالة والتنمية والنجاحات التي حققها في الانتخابات التشريعية والبلدية المتوالية التي أجريت منذ عام ٢٠٠٢ وحتى عام ٢٠١٥.حين أيد النظام الرئاسي ٥١.٣٪ من الناخبين الأتراك وعارضه ٤٧.٧٪ فإن ذلك يعني أن أردوغان نجح هذه المرة بدرجة «مقبول» كما يقال فى التصنيفات الجامعية، ولم يستطع أن يحصل على تقدير جيد أو جيد جدا كما حدث فى مرات سابقة. وفي حدود علمي فإن ارتفاع نسبة المعارضين راجع إلى أن أعدادا من أعضاء حزب العدالة والتنمية لم يؤيدوا مشروعه. وتلك رسالة تحذير تمنيت أن يقرأها الرئيس التركي جيدا. ذلك أن نجاحه المحدود، يثير أكثر من تساؤل حول خطواته التالية وهل ستكون سعيا إلى احتواء الآخرين خصوصا بين صفوف حزبه الذي اهتزت صورته وصفوفه، أم أنها ستدفعه إلى الذهاب إلى أبعد فى طموحاته دون مبالاة بمخالفيه في داخل الحزب وخارجه. إن موضوع الاستفتاء طويت صفحته بالنتيجة، وما بعد الاستفتاء هو ما يستحق الرصد والمتابعة. لأن فوز الديمقراطية في تركيا أهم عندي من فوز أردوغان. والخير كل الخير في أن يجتمعا معا.
526
| 19 أبريل 2017
لم تجف دموع الحزن على ضحايا تفجير الكنيستين في طنطا والإسكندرية، ومع ذلك انتشر في مصر سيل من الشائعات التي تهز الثقة في كل ما جرى. وليس مستغربا أن تنتشر الشائعات في بلد تشيع فيه البلبلة والثرثرة، خصوصا بعدما أصبح بمقدور أي أحد أن تكون له جريدته الخاصة، وقناته التلفزيونية التي هو مديرها ومذيعها. مع ذلك فأزعم أن شائعات هذا الزمان تميزت بأمرين. أولهما أن غير المعقول فيها أصبح ينافس المعقول والمقبول. وثانيهما أن غير المقبول صار له من يصدقه ويروج له.أحدث ما صادفته من ذلك القبيل اتصالات تلقيتها من أناس محترمين وتساؤلات سمعتها من أناس لا أعرفهم في الشارع تساءلوا عما إذا كان حادث تفجير الكنسيتين مدبرا ليكون ذريعة لإعلام الطوارئ وإسكات كل الأصوات وتمرير كل ما تريد السلطة تمريره من قضايا عالقة أو متعثرة. بعض الذين حدثوني لم يكونوا يتساءلون، ولكنهم كانوا يرون القصة عن اقتناع بخلفيتها. وهؤلاء كانوا يستندون إلى خبر قيل أن إحدى الصحف الكويتية قد نشرته، وتحدثت فيه عن أن الشاب الذي فجر كنيسة طنطا كان داعشيا يعمل بالكويت، لكن السلطات الكويتية ألقت القبض عليه وقامت بترحيله إلى مصر. إلا أن الأجهزة المعنية المصرية لم تكترث به وأطلقت سراحه، وقد اختفى الرجل لبعض الوقت ثم تبين أنه «أبو فلان» الذي فجر نفسه في الكنيسة.أحد المحترمين الذين حدثوني وعبروا عن تصديقهم للقصة قال: إن مصر حين تتسلم داعشيا من الكويت ثم تتركه مطلق السراح فإن ذلك يصبح أمرا غريبا للغاية، لأن المعتاد في مثل تلك الحالة أن يتم احتجازه هو وأهله وأصدقاؤه، حتى يتم التحري عنهم جميعا، وبعد سنة أو اثنتين أو ثلاث يطلق سراح الأهل والأصدقاء، ويضم المذكور إلى المتهمين في أي قضية. وليس مستغربا أن يتم استنطاقه لكي يعترف بكل ما يريده منه المحققون.سألت صاحبي عما إذا كان واثقا من صحة الخبر الذي قيل أن الصحيفة الكويتية نشرته، فكان رده أن ذلك لم يحدث، إلا أن تسلل الحوادث التي تلاحقت بعد ذلك يؤيد صحة الخبر. وخص بالذكر من تلك الحوادث قرار إعلان الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر لترهيب الجميع وإسكاتهم، ثم مسارعة مجلس النواب إلى تشغيل ماكينة الموافقة على الطوارئ، وعلى التعديلات التي اقترحت على قانون الإجراءات الجنائية. ثم عرض الاتفاقية الخاصة بجزيرتي تيران وصنافير على البرلمان في ذلك التوقيت بما يضمن الموافقة عليها وتحدي قرار المحكمة الإدارية العليا بأبطالها. أضاف أن المسارعة إلى إصدار تشكيلات المجالس الثلاثة المختصة بضبط الخطاب الإعلامي ووضع حد للسخط الحاصل في مصر بسبب تفشي الغلاء وتعالي مؤشرات الإحباط السياسي. وهي قرائن تؤيد أن التفجير كان مفتعلا ومدبرا، وأن الصدمة التي أصابت المجتمع جراء التفجير أذهلت الناس وجعلتهم على استعداد لتقبل أي إجراء يسهم في وقف الإرهاب وقمع الإرهابيين.محترم آخر أضاف إلى ما سبق أن تطبيق الطوارئ في مصر كان الحل الوحيد الذي يمكن في ظله تمرير «صفقة القرن» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بالتفاهم مع الرئيس الأمريكي الجديد الساعي إلى تحقيق «الإنجاز» وفاء منه لإسرائيل ولتغطية فشله في سياساته الداخلية.استغربت أن تنتشر الشائعة على ألسنة البعض. واستغربت أيضا أن يكون آخرون على استعداد لتصديقها. ولم أجد لذلك تفسيرا إلا أنه ناشئ عن تفاقم أزمة ثقة المجتمع. والحاجة الملحة إلى ردم الفجوة المتسعة بينه وبين السلطة. وإذ أزعم أن بيان النفي لتلك الخلفية الذي أصدرته وزارة الداخلية حسم الأمر، رغم أنه تأخر عدة أيام، إلا أن أزمة اهتزاز الثقة التي كشفت عنها التجربة تحتاج إلى دراسة لأنه ليس «في كل مرة تسلم الجرة». ذلك أن نفي الواقعة إذا كان ميسورا، فإن تصحيح المناخ أكثر تعقيدا وصعوبة..
631
| 17 أبريل 2017
بالاستفتاء الذي يجرى في تركيا إما أن يكرم أردوغان أو يهان. حيث يفترض أن يصوت الأتراك اليوم (الأحد ١٦/٤) حول مشروع النظام الرئاسي الذي دعا إليه الرئيس التركي، وبمقتضاه يتغير نظام الحكم القائم هناك منذ إعلان الجمهورية في عام ١٩٢٣. ورغم أن استطلاعات الرأي تتحدث عن أغلبية بسيطة تؤيد الانتقال إلى النظام الجديد، إلا أن الأمر لن يحسم إلا بانتهاء فرز أصوات الأتراك في داخل البلاد وخارجها. وإذ يفترض أن يحسم الفرز النتيجة، إلا أنه لن ينهي التوتر والتجاذب الحاد بين مؤيدي التغيير ومعارضيه حيث أزعم أن تأييد مشروع أردوغان سيفتح الأبواب لعديد من المشكلات التي تواجه النظام الجديد. أما إذا لم يحصل على أكثر من ٥٠٪ من الأصوات التي تسمح بتمرير المشروع، فستواجه تركيا مشكلات وقلاقل أخرى قد تضطر أردوغان إلى إجراء انتخابات جديدة. وفي كل الأحوال فإن تداعيات الفوز أو الخسارة ستشكل نقطة تحول ليس في تاريخ أردوغان فحسب، ولكن في مسيرة المجتمع التركي أيضا. أنصار الانتقال إلى النظام الرئايي يقولون إن تركيا عانت طويلا في ظل الائتلافات الحكومية سيئة السمعة، وهو ما ظهر جليا في تتابع تشكيل ٦٥ حكومة خلال فترة ٩٣ عاما، بمعدل حكومة كل ١٧ شهرا ــ وترتب على ذلك أن البلد لم يعرف الاستقرار السياسي والاقتصادي إلا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية منذ عام ٢٠٠٢. وكان لذلك تأثيره المباشر على مؤشرات التنمية في المجتمع. يضيفون أن تركيا التي باتت مؤهلة للانضمام إلى أهم ١٠ دول من الناحية الاقتصادية في العالم، تحتاج إلى نظام سياسي مسقر يضمن لها الاستقرار، كما تحتاج إلى إدارة حكومية قوية وناجزة. وذلك ما يكفله النظام الرئاسي، الذي تصبح السلطة في ظله برأس واحد وليس رأسين (بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء). كما يوفر فرصة مواتية لتشكيل حكومة متجانسة تقود عملية الإنجاز إلى جانب الرئيس. المعارضون يحذرون من مغبة توسيع صلاحيات الرئيس في النظام المقترح بما يضعف من ضمانات الديمقراطية ويفتح الباب لاحتمالات عودة الدكتاتورية في المستقبل. إذ يقولون إن الرئيس سيكون له حق إعلان الطوارئ وعقد الاتفاقيات، وسيعين الوزراء وقادة الجيش ونصف أعضاء المحكمة الدستورية ومحكمة النقض والهيئة العليا للقضاة. وفي الوقت الذي ستتضاعف فيه سلطاته، فإن البرلمان سيصبح في موقف أضعف لأنه لن يكون بمقدوره سحب الثقة من الحكومة أو من أي وزير فيها. علما بأن الدستور الجديد لا يشترط حصول الحكومة على ثقة البرلمان أصلا. التقارب بين نسب المؤيدين والمعارضين يوحي بأن المجتمع التركي منقسم حول المشروع. ورغم أن ذلك يعد استباقا يمكن أن تعصف النتيجة به، إلا أن ذلك لن يلغي حقيقة الانقسام، الذي بمقتضاه يقف حزب العدالة والتنمية الحاكم ومعه اليمين المحافظ والقومي في جانب. أما اليسار العلماني والأكراد والعلويون فإنهم يقفون في الجانب المقابل. المعارضة التي يقودها رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو ما برحت تحذر طول الوقت من الأخطار التي تترتب على التصويت بنعم لصالح النظام الجديد، وتقف إلى جانبها في ذلك بعض الدول الأوروبية (ألمانيا وهولندا)، التي اتهمها أردوغان بالتآمر على بلاده وتأييد الإرهاب، ممثلا فى جماعة فتح الله كولن. وحزب العمال الكردستاني. وفي مؤتمر جماهيري كبير عقد في أنقرة أخيرا قال كليتشدار إن النظام الجديد يؤدي إلى تسييس الجيش والقضاء والمساجد، وهي مجالات يفترض أن تكون مفتوحة للناس جميعا. وفي حالة التصويت بنعم على الانتقال الدستورى، فإن ذلك سيوفر الذريعة للانفصال في تركيا وتقسيمها. طوال الأشهر التسعة الأخيرة (منذ محاولة الانقلاب الفاشلة) احتدمت المعركة حول النظام الجديد التي شاركت فيها كل القوى السياسية، واليوم حان الوقت لكي يقول الشعب كلمته.
842
| 16 أبريل 2017
خلال القرنين الماضيين تقريبا (منذ تشكيل جهاز الدولة المصرية في عهد محمد علي باشا عام ١٨٢٠)، لم تعرف مصر الرقابة الدستورية الشعبية الفعالة من خلال مؤسسات نيابية حقيقية إلا مددا متقطعة، لا تزيد في مجملها على عدد أصابع اليدين. وكانت مصر قد دخلت تلك المرحلة بعد نحو مائة سنة من تأسيس جهاز الدولة، أي في ظل دستور ١٩٢٣ الذي أثمرته ثورة ١٩١٩ التي تجلت فيها قوة الحركة الوطنية بقيادة حزب الوفد آنذاك، وأثبت المجتمع حضوره إلى جانب قوة الملك وقوة الإنجليز المحتلين لمصر. بعد إعلان الدستور عرفت مصر السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. وخلال سنوات تطبيقه وإلى حين إلغائه في عام ١٩٥٤ (بعد قيام ثورة) يوليو جرت في مصر عشرة انتخابات منها ستة حرة ونزيهة كان حزب الوفد هو الفائز بها دائما. إلا أن تلك البرلمانات لم تستمر إلا لفترات متقعطة لا تبلغ في مجموعها ثماني سنوات. أطولها كان في السنوات ١٩٣٦ و١٩٤٢ و١٩٥٠ (سنتان لكل منها)، ومنها مجلس لم يبق أكثر من ثماني ساعات.على الجملة، يمكن القول إن مصر لم تعرف نظاما دستوريا ديمقراطيا قبل دستور ١٩٢٣ أو بعده. ورغم صواب ما يقال عن إيجابيات وإنجازات الحكم الوطني في عهد جمال عبدالناصر (من عام ١٩٥٢ إلى وفاته عام ١٩٧٠)، إلا أن ذلك النظام كان وطنيا وتقدميا من النواحي السياسية والاجتماعية، في حين كان استبداديا وغير ديمقراطي. وقد صفيت جميع مكاسبه السياسية الوطنية والاقتصادية والاجتماعية على يد خليفته أنور السادات بذات الأسلوب الاستبدادي الذي كان مطبقا، وبذات أدواته في الحكم. وخلال ثلاث سنوات فقط (من عام ١٩٧٥ إلى عام ١٩٧٨)، تمت تصفية كل ما أنجزه عبدالناصر خلال ١٨ عاما.كان واضعو دستور ١٩٢٣ قد استصدروا قبل العمل به عدة قوانين استبدادية ومنها قانون الأحكام العرفية (الطوارئ لاحقا)، لاستخدامها عند اللزوم، إلا أن أحكام الدستور خولفت بعد عامين من العمل به لهذا السبب، ثم أوقفت بعض أحكامه الخاصة بالانتخابات بقرار صادر من الملك في سنتي ١٩٢٨ و١٩٢٩، ثم ألغي تماما سنة ١٩٣٠، وصدر دستور غير ديمقراطي بديلا عنه. ثم عاد سنة ١٩٣٥ ورغم أنه لم تنشأ حالة تستدعي فرض الأحكام العرفية، إلا أن ذلك العبث بالدستور استمر بعدما تبين أن بالإمكان السياسي مخالفته صراحة ووقف العمل به ثم إلغاؤه واستبدال غيره به.لما عاد دستور ١٩٢٣ وأعيد العمل به في انتخابات ١٩٣٦، ما لبثت أن استغلت حالة الحرب العالمية الثانية التي بدأت في خريف سنة ١٩٣٩ لفرض الأحكام العرفية، التي تمكن السلطة التنفيذية وحدها بواسطة من يعين «حاكما عسكريا» أن يصدر أوامر لها قوة القوانين، وتمكنه من إصدار القرارات باعتقال من يرى اعتقاله من المواطنين والتحفظ على أموالهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة. كما أن هذه الحالة تمكن من إنشاء محاكم خاصة تشكل حسبما يرى منشئوها للنظر فيما يرون من أمور فهي بديل متكامل عن النظام الدستورى وإن قامت في ظل وجوده الصوري.حالة الطوارئ (الأحكام العرفية) فرضت سنة ١٩٣٩ واستمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥ فألغيت، ثم عاد فرضها مع حرب فلسطين سنة ١٩٤٨ حتى تولى حزب الوفد الحكم في ١٩٥٠ فألغيت، ثم عاد فرضها مع حريق القاهرة في يناير ١٩٥٢ واستمرت مع ثورة ٢٣ يوليو حتى ألغيت بوضع دستور مؤقت صدر بقرار من الرئيس جمال عبدالناصر في سنة ١٩٦٤، وبمناسبة إلغائها صدر «قانون تدابير أمن الدولة» ليحل محلها في ذات تاريخ إلغائها. ثم فرضت من جديد مع حرب سنة ١٩٦٧ حتى سنة ١٩٨٠ حيث ألغيت وحل محلها قانون لحماية الجبهة الداخلية، ثم فرضت مع اغتيال أنور السادات في أكتوبر سنة ١٩٨١ واستمرت حتى بعد نهاية حكم حسني مبارك وثورة ٢٥ يناير سنة ٢٠١١. ثم ألغيت وحل محلها الآن قانون التظاهر ثم قانون مكافحة الإرهاب. (إلى أن أعلنت رسميا في العاشر من شهر إبريل الحالي).معنى ذلك أنه خلال المدة من سنة ١٩٣٩حتى الآن، وعلى مدى ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن كانت حالة الطوارئ مفروضة رسميا، ولم ترفع إلا سنوات قليلة متقطعة حلت محلها خلالها قوانين بديلة تقوم بذات المهام وتتيح ذات السلطات.النتيجة أن جهاز إدارة الدولة المصرية اعتاد على الحكم بواسطة حالة الطوارئ. إذ تشكلت فى إطارها تجارب رجاله ومهاراتهم وأساليب إدارتهم للشؤون العامة والتعامل مع المواطنين ومع أنشطتهم المختلفة، بمعنى أن الثقافة الإدارية لهذا الجهاز ورجاله التي تراكمت بالتجارب والخبرات والممارسات، صارت وليدة تلك السلطة الاستثنائية بحيث إنه لم يعد يستطيع الحكم ولا الممارسة لمهام عمله في التعامل مع المواطنين إلا من خلال حالة الطوارئ وما تتيحه من سلطات وقرارات غير مقيدة.(النص مقتبس من كتاب المستشار طارق البشري: «دراسات في الديمقراطية المصرية»).
480
| 15 أبريل 2017
صحح لى الصحفي السوداني محمد آدم بعض المعلومات التي أوردتها عن ملابسات تأجيل سفر وزير الخارجية المصري إلى الخرطوم الذي كان يفترض أن يتم يوم السبت الماضى (8 أبريل)، وكنت قد أرجعت سبب تأجيل سفر الوزير المصري إلى توتر الأجواء السياسية وليس سوء الأحوال الجوية كما ذكرت التصريحات الرسمية. واعتمدت فيما نشر لي بهذا الخصوص يوم ١٠/٤ على ما أوردته النشرة الجوية التي تحدثت عن صفاء الجو في الخرطوم. إلا أن الزميل محمد آدم أكد أن الأحوال الجوية كانت سيئة فعلا يومذاك، وأن رحلة الطائرة المصرية تأجلت ثلاث ساعات لذلك السبب قبل إلغائها، رغم انتهاء إجراءات سفر ١٥٠ راكبا كانوا على متنها.المعلومة الثانية التي صوبها الكاتب تعلقت بالقرار السوداني الخاص بفرض تأشيرة دخول على المصريين التي اعتبرتها من قرائن توتر العلاقات بين البلدين، إذ ذكر في هذا الصدد أن قرار الخرطوم لم يأت ردا على قرار القاهرة بضرورة الحصول على موافقة أمنية قبل السفر إلى السودان. فذلك القرار تم اتخاذه منذ أكثر من عام. وإنما جاء قرار الخرطوم لأن المواطن السوداني يشترط عليه الحصول على تأشيرة مسبقة قبل دخول مصر. وهو ما يتعارض مع اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين، والتى شرع السودان في تطبيقها على الفور منذ أكثر من ٧ سنوات. حيث ألغى التأشيرة والإقامة وتصاريح العمل بما كفل حرية التنقل للمصريين، إلا أن الجانب المصري ظل متمسكا بفرض التأشيرة واشترط الحصول على تصريح الإقامة. وبعد فشل المحاولات السودانية لإقناع الجانب المصري بأخذ خطوة إلى الأمام وإلغاء التأشيرة وشرط تصريح الإقامة، قررت الخرطوم الرجوع خطوة إلى الخلف تحت ضغط الرأي العام. إذ طالما عجزت مصر عن اتخاذ الخطوة الأمامية فقد صار ذلك مبررا للتساوي بين الطرفين إعمالا لمبدأ المعاملة بالمثل، مع أن قرار السودان لم يشر إلى مسألة الإقامة التي يتمتع بها المصريون في السودان، ويعاني منها السودانيون في مصر.النقطة الثالثة التي صوبها الصحفي السوداني أن مراجعة الموقف من اتفاقية عنتيبي (الخاصة بإعادة النظر في حصص مياه نهر النيل) كانت قرارا مصريا وليس سودانيا. ذلك أن مصر هي من قرر ذلك. وكان دور السودان مقصورا على استضافة الاجتماعات فقط.ثمة تصويب آخر تلقيته من خبير الري المصري الدكتور محمد صفوت عبدالدايم. وكان تعليقا على مقالة لى نشرت في ١٧/٣، عنوانها «هزل في موضع الجد»، وفيها انتقدت تصريحات أطلقها وزير الري في مناسبتين تعاقبتا خلال أربعة أشهر عن دخول مصر في عصر الفقر المائي، لأن ذلك التحذير الخطير أطلق في مؤتمرين علميين في حين كان ينبغي أن يخاطب الرأي العام بذلك حتى يتحمل المجتمع مسئوليته فى مواجهة الأزمة. تعليق الدكتور عبدالدايم ركز على أن خبراء الري المصريين لم يقفوا متفرجين أمام تداعيات الأزمة وإنما بذلوا جهودا لا تنكر للتعامل معها، منها أنهم وضعوا خطة قومية لتقنين استخدامات المياه وضبط العملية، وفي العقد الأول من الألفية الجديدة تم إعداد استراتيجية ٢٠٥٠ لتأخذ مختلف المتغيرات في الاعتبار. وعقدت لأجل ذلك ندوات ومؤتمرات تابعتها مختلف وسائل الإعلام. وفي كل ذلك ظل الموضوع المشترك هو كيفية التعامل مع تحدي ندرة المياه المتزايدة ودور كل فرد أو مؤسسة في مواجهتها، وقد شهد العام الماضي كثافة غير مسبوقة في التعبئة من خلال الإعلانات التليفزيونية والإذاعية لوزارتي الموارد المائية والإسكان. وكانت وزارة الري قد أنشأت في نهاية التسعينيات جهازا للإرشاد المائي للتعامل المباشر مع الفلاحين وتوعيتهم بأساليب توفير المياه.رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي.
1232
| 13 أبريل 2017
هذه بعض العناوين التي ظهرت في الفضاء المصري خلال الثماني والأربعين ساعة التي أعقبت تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية. فبعض الأصوات دعت إلى عدم الاكتفاء بإعلان الطوارئ وإضافة ما أسموه «إعلام الحرب» الذي يكمم كل الأفواه. في الوقت ذاته تعالت أصوات أخرى داعية إلى التوسع في الإعدامات بحيث تشمل من يفجر نفسه (يقتل مرة ثانية). كما رفع شعار «لا صوت يعلو فوق صوت الأمن». في الوقت ذاته فوجئنا بإعلان رئيس البرلمان أنه سيتولى من جانبه تجديد الخطاب الديني، دون انتظار جهة أو وزارة.على الأقل، فذلك بعض ما أعلن خلال اليومين الأخيرين. ولا علم لنا بما لم يعلن. وهي قرائن كافية في التدليل على أن الانفعال بلغ مداه حتى خرج أو كاد يخرج عن السيطرة. وهو أمر مبرر ومفهوم، لأن الصدمة أحدثت زلزالا هز المجتمع المصري وفجر في كل جنباته عوامل السخط والنقمة والغضب. وإذ أزعم بأن الغضب جراء ما جرى بات فرض عين على كل مواطن مصري شريف، إلا أن له محظورا واحدا هو أن يتجاوز الأفراد ويصبح حاكما للقرار السياسي. ذلك أن غضب الأفراد إذا كان من علامات الصحة والتوازن النفسي، إلا أن انفعال أو غضب أهل القرار له حسابات أخرى مختلفة تماما. فغضب الأفراد يؤثر على محيطهم الخاص، لكن غضب أهل القرار له مردوده الذي يتعلق بمصالح ومصائر المجتمعات.ولئن قيل في الأثر إنه لا يقضي القاضي وهو غضبان (الأرجح أنه حديث نبوي) فإن ما يسرى على طرفين متخاصمين أولى له أن يصبح نهيا حين يتعلق الأمر بالناس كافة. وإذا اعتبر الغضب مفسدا لعدالة القاضي، فإنه أيضا يجرح ــ بدرجة أكبر وأخطر ــ عدالة السياسي.إن استسلام الأفراد للغضب يظل محدود الأثر في أسوأ فروضه. إلا أن السياسي إذا وقع في ذلك المحظور فإن الأثر يصبح أفدح وقد يفضي إلى ويلات لا تخطر على البال. وتدفع أعدادا غفيرة من البشر أثمانا باهظة جراءه. وليس غائبا عن البال أن شرارة الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ ــ ١٩١٩) انطلقت في لحظة غضب استسلم لها امبراطور النمسا والمجر فرانسوا جوزيف، حين قتل ولى عهده على يد دولة صغيرة هي صربيا. فشعر الرجل بالإهانة التي دفعته إلى إعلان الحرب عليها مع إدراكه بأن موازين القوى في أوروبا لم تكن في صالحه. الأمر الذي أشعل الحريق الكبير الذي راح ضحيته نحو ٢٠ مليون شخص.أرجو ألا يلتبس الأمر على أحد لأن ما أدعو إليه على وجه الدقة أن يستمر الغضب بشرطين أولهما ألا يصبح حاكما للقرار السياسي. وثانيهما أن تقدر الأمور بقدرها، فلا نشتط فيه. بحيث يهدر مصالح أخرى تتعلق بأمن الناس وحرياتهم، ولا نتخذه ذريعة لتمرير أمور أخرى لا علاقة لها بالموضوع، مثل قضية تيران وصنافير التي أثير حولها لغط كبير نظرا لحساسيتها الوطنية، الأمر الذي من شأنه أن يوقعنا في محظور أكبر.إن أكثر ما يبعث على القلق فيما يجري أن توظف دماء الأقباط التي أريقت ليس في توثيق عُرى اللُحمة الوطنية، وإنما في تشديد قبضة السلطة وإهدار مبادئ الدستور وضمانات القانون. وأزعم في هذا الصدد أن إسقاط أولوية الديمقراطية ورفع شعار «الأمن أولا» يمثل منزلقا خطرا يخدم نزعات السلطة ويلحق ضررا فادحا بالمجتمع. ذلك أن الأمن تحرسه الأجهزة الأمنية ولا توفره. في حين أن وحدها الديمقراطية التي ترسى قواعد السلام والأمن للمجتمع. وأي تجاهل لها أو إهدار لمبادئها يخدم الإرهاب وإن ظن بعض حسنى النية أنه يخدم السلطة.
514
| 12 أبريل 2017
لا أحد يجادل في ضرورة التصدي للإرهاب بكل حزم، لكن ذلك الواجب لا ينبغي له أن يحول دون المراجعة ونقد الذات.(١)أهم ثلاث مقالات عن جريمة تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية «كتبها» في جريدة «المصري اليوم» أمس (الإثنين ١٠/٤) ثلاثة من رسامي الكاريكاتير. في الأولى ظهر رمز للتاريخ ممددا أمام طبيب نفسي، يعبر عن حيرته ماذا يقول وماذا يكتب. فالحوادث واحدة والسيناريو واحد. وإذ يطلب من الطبيب العون والنصيحة، فإن الأخير لا يجد ما يقوله، لكنه يصوب مسدسا إلى حلقه قاصدا الانتحار. (دعاء العدل). في الثانية ظهر رجل يعبر عن حيرته فيقول لزوجته وهو يبكى، هل هم الدواعش «الكلاب» أم هو الفساد والمحسوبية أم هو التستر والمداراة التي تدعى أن كل شيء مراقب «وكله قشطة ومِيه مِيه (عمرو سليم). الثالثة لمسؤول جالس على مكتب عائم فوق بحر من الدماء التي تناثرت حوله. بيده اليمنى منديل يجفف به عرقه، في حين أمسك سماعة الهاتف باليد الأخرى وهو يقول لمسؤول أكبر منه إن «كله تمام» (أنور).رغم أن الشائع عن الكاريكاتير أنه باب من أبواب السخرية والهزل، إلا أنني قرأت في الصور الثلاث ملاحظات وآراء سياسية تتسم بالجدية، التي جاءت معبرة عن البلبلة والحيرة والنقد الرشيق. ولا أعرف ما إذا كانت تلك مجرد مصادفة، أم إنها من مقدمات النقد الذي سيلجأ إليه بعض الصحفيين في ظل «الطوارئ» وإزاء النقد الذي وجه إلى ممارسات الإعلام المقروء، أيا كان الأمر، فإنني أتفق تماما مع الرأي القائل بأن كل ما في جعبة اللغة من إدانة وهجاء للإرهاب وأهله قيل بالفعل في مرات عديدة سابقة، كما أن كل عبارات العزاء والمواساة للأقباط جرى استهلاكها، حتى أن ترديدها فقد رنينه ومات فيه المعنى. ليس ذلك فحسب وإنما ثبت أننا لم نتعلم شيئا من التجارب السابقة، وإننا اكتفينا بالرثاء والأحزان، فذرفنا الدموع بأكثر مما استنفرنا العقول. وشغلنا بالتنديد بالإرهابيين وصب اللعنات عليهم بأكثر مما شغلنا بمراجعة أوضاعنا، وتحرى الثغرات التي تمكنهم من تحقيق مرادهم في إرهابنا. وفي أحيان كثيرة بدا أننا ركزنا على ملاحقة الإرهابيين وإنزال العقاب بهم ولم نقم بما يجب نحو ملاحقة المقصرين ومحاسبتهم على تقاعسهم.(٢)الرسامون الثلاثة كانوا أكثر توفيقا في الإفصاح عن بعض ما ينبغي أن ننتبه إليه ونفعله. إذ وجدت مثلا أن صاحبنا الذي أكد أن كله تمام وهو جالس على مكتب عائم فوق بحر الدماء، هو ذاته الذي علم بأن قنبلة عثر عليها في كنيسة طنطا قبل عشرة أيام من حلول مناسبة العيد ولم يكترث بالأمر. فلا رفع مستوى الطوارئ في محيط الكنيسة، ولا عزز من الحراسة على مداخلها. ولم يفرق بين يوم أحد عادى تقام فيه الصلوات بالكنيسة، ويوم عيد تؤم المكان فيه أعداد غفيرة من الأقباط. وأثار دهشتي وانتباهي ما تناقلته وكالات الأنباء خلال اليومين الماضيين عن أن البريطانيين كانوا قد أصدروا تعميما حذر من السفر إلى مصر في فترة الأعياد وبسبب احتمال حدوث عمليات إرهابية، وأن الاستخبارات الإسرائيلية هي التي نقلت المعلومة إليهم. وهو ما يعني أن الإسرائيليين عرفوا وحذروا البريطانيين، لكن السلطات المصرية ظلت نائمة في العسل كما يقال. لا أريد أن أذهب إلى أن السلطات المصرية لم تفعل شيئا، لأنها فعلت الكثير، لكن ما فعلته ظل دون ما ينبغي أن يفعل في الظروف الطارئة الراهنة. ذلك أن السؤال الأول الذي لم يختلف عليه أحد بعد كل فاجعة عرفتها مصر من قبيل ما جرى هو: أين الأمن؟، ليس فقط بقواته واحتياطاته، ولكن أيضا بتحرياته ومعلوماته، وضاعف من البلبلة والحيرة أننا لم نعرف حزما في محاسبة المقصرين يتناسب مع الشدة التي عومل بها الفاعلون أو المشتبه بهم، لقد دأبت التصريحات الرسمية التي باتت تصدر في أعقاب كل كارثة على تذكيرنا بالتضحيات التي بذلت، والجرائم المماثلة التي اكتشفت قبل وقوعها، وذلك أمر مقدر لا ريب. وهو يستحق التنويه فعلا، إلا أنه ينبغي أن يستقبل باعتباره أداء للوظيفة وقياما بالواجب. إلا أن ذلك لا يمنعنا من التساؤل عن السبب في أن ذلك «الواجب» لم يقم به المسؤولون عنه في حالات أخرى.صورة الرجل الحائر الذي لم يعرف على وجه الدقة ما إذا كان إرهاب داعش وحده المسؤول عن أزمة البلد، أم أنه أيضا الفساد ومشتقاته تطرح سؤالا حقيقيا وجادا. لأن تحميل الإرهاب بالمسؤولية عن كل ما يحدث في مصر لا يخلو من مبالغة. لأن الإرهاب إذا كان بمثابة الشر الأكبر، فإن هناك شرورا أخرى تنخر في عظام البلد وتنال من عافيته يتعين الانتباه إليها والتحذير منها. إن شئت فقل إن الإرهاب هو أحد الهموم وليس كل الهموم.(٣)إذا كانت مثل تلك الرسوم تقرع بعض الأجراس، فثمة أجراس أخرى ينبغي أن يسمع رنينها في الأجواء الراهنة، ليس فقط للتنبيه إلى مواضع الخلل ولكن أيضا للتحذير من المزالق وإزالة الالتباسات، كي يصوب المسار وتوضع الأمور في إطارها الصحيح. من ذلك مثلا أنني لست من مؤيدي الفكرة القائلة إن تفجير الكنائس على بشاعته يعبر فقط عن استهداف الأقباط واضطهادهم. وأقر ابتداء بأن الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن التفجير (تنظيم داعش) لهم رأيهم السلبي في مخالفيهم في الاعتقاد من غير المسلمين، أو حتى بالفكر في المسلمين (لاحظ أنهم كفروا حماس في غزة واعتبروهم مرتدين). مع ذلك فينبغي ألا ننسى أن تلك الكنائس كانت أمامهم ولم تمس طوال السنوات الثلاث السابقة، وإذا كانت بعض الكنائس قد تعرضت للهجوم من جانب بعض المتعصبين أو المجهولين في السنوات السابقة، فلم نسمع أن تنظيم داعش كان طرفا في تلك الاعتداءات. لذلك فإنني أزعم أن استهداف الكنائس في سيناء أو في خارج حدودها تم بعد التضييق الشديد عليهم والردع القوي لهم هناك من قبل القوات المسلحة والشرطة. الأمر الذي اضطرهم إلى البحث عن أهداف خارجها يمكن الوصول إليها لإزعاج السلطة ومواصلة تحديها. وهو تقدير إذا صح، فهو يعني أن ما أقدموا عليه هو جريمة أريد بها مكايدة النظام القائم، وكان الأقباط ضحية له.في هذا الصدد من المهم ملاحظة أمرين: أولهما أن العمليات الإرهابية قامت بها عناصر داعش وسجلت ذلك في البيانات التي أصدرتها. وهو ما يعد كاشفا عن حقيقة الفاعلين في هذه الحالة، في حين أن هناك حالات أخرى عديدة نسبت إلى «الإرهابيين» دون تحديد لهوياتهم، وهو ما فتح الباب لتعميم التهمة على الجميع.الأمر الثاني إن نشاط تلك المجموعات ظل مستهدفا مراكز السلطة ومؤسساتها ومفاصلها وليس المجتمع. فلم نسمع عن عمليات إرهابية استهدفت المقاهى أو المجمعات السكنية أو المتاجر و«المولات». وربما عد ذلك من الفروق المهمة بين جرائم الإرهاب الواقع في بلادنا، وبين نظيره في الدول الأوروبية، فالأول يستهدف السلطة والثاني يضرب في المجتمع.(٤)لدى خمس ملاحظات أخرى لا أعتبرها أجراسا لكني أزعم أنها من قبيل التفاعل مع قرارات مجلس الأمن القومي التي أعلنت مساء يوم التفجير (الأحد ٩/٤). هذه الملاحظات هي:< إن إعلان حالة الطوارئ وإن بدا مفهوما ومبررا، إلا أنني تمنيت أن يكون قد صدر بعد دراسة وافية لتجربة الطوارئ في سيناء، لاستخلاص العبرة منها وضمان تحقيق الهدف المراد منها. من ناحية أخرى فإن الطوارئ تعد سلاحا بحدين، فهي قد تشدد من القبضة الأمنية التي لم نعرف أن هناك ما يعطلها في الظروف العادية. إلا أنها يمكن أن تصبح قيدا على الحريات العامة يعمق من الاحتقان في المجتمع فضلا عن انقسامه. والاحتمال في هذه الحالة ليس مستبعدا، لأن الطوارئ حين تعلن في المجتمعات الديمقراطية فإنها تتم في ظل ضوابط صارمة ورقابة قضائية تجعل من الطوارئ عاملا يحقق الأمن للمجتمع وليس خصما من رصيد الحريات فيه.< إنني لا أعرف مدى ملائمة إنشاء مجلس قومي مطلق اليد في مكافحة الإرهاب، في العام الرابع من عمر النظام الحالي، وبعد ثلاث سنوات من الصراع أثر فيها الإرهاب على الاستثمار والسياحة. وحين يحدث ذلك بعدما بذلت جهود حثيثة لتشجيع تلك المجالات فأخشى أن لا تحقق تلك الجهود مرادها في ظل المجلس الجديد، الذي قد يكون وجوده طاردا للمستثمرين والسائحين.< إنني أتمنى أن يحيد الخطاب الديني في ساحة المواجهة، لأن اللغط المثار حول تجديده مستمر منذ سنوات ولم يحقق نتيجة تتجاوز تشديد سيطرة الأمن على المساجد، وفتح الأبواب للمهرجين والأدعياء والخصوم للحط من التعاليم وتجريحها، علما بأن الصراع في جوهره سياسي وليس فكريا أو دينيا.< إن الإجراءات إذا كانت ضرورية فهي قد لا تخلو من فائدة، لكن مراجعة السياسات تظل ضرورية أيضا. وربما صارت أكثر أهمية وإلحاحا. بكلام آخر فإن تقوية قبضة السلطة لا يجادل فيها أحد، لكن إضعاف قوة المجتمع والتضييق عليه لا يخدم الاستقرار، ولكنه يغرى بمزيد من التغول الذي يشكل بيئة مواتية لتمدد الإرهاب. لذلك أزعم بأن المواجهة تحقق نجاحها المنشود إذا تضافرت فيها قوة السلطة مع قوة المجتمع.< أخيرا فإنه إذا كانت انتخابات الرئاسة القادمة تتم بعد عشرة أشهر من الآن، وفرضت الطوارئ لثلاثة أشهر، فإن المعادلة الصعبة التي يتعين حلها هي كيف يمكن توفير المناخ المواتي لإجراء الانتخابات الرئاسية في الأشهر السبعة التالية، دون أن تتأثر بأجواء الطوارئ وإفرازاتها؟
1111
| 11 أبريل 2017
أغلب صحف القاهرة وكذلك الصحف العربية المهتمة بالشأن المصري تحدثت أمس (الأحد ٩/٤) عن سفر وزير الخارجية المصري إلى الخرطوم للمشاركة في اجتماع لجنة المشاورات السياسية بين البلدين، واحتواء الخلافات العالقة بينهما. (صحيفة الشرق الأوسط ذكرت أنه وصل إلى العاصمة السودانية). وحدها جريدة «الأهرام» ذكرت أن الوزير المصري لم يسافر «بسبب سوء الأحوال الجوية». لكني حين رجعت إلى النشرة الجوية وجدت أن الطقس في مدينة الخرطوم يوم السفر (السبت) كان «صافيا نهارا ودرجات الحرارة العظمى ٤١، أما الطقس ليلا فسيكون صافيا وتكون درجة الحرارة الصغرى ٢٨. وعندئذ استنتجت أن ما أجل الزيارة هو الطقس السياسي وليس العاصفة الترابية التي أشارت إليها «الأهرام». رجح ذلك الظن عندي أن صحف الجمعة التي صدرت قبل ٢٤ ساعة من موعد السفر المقرر لوزير الخارجية المصري سامح شكري تحدثت عن صدور قرار سوداني طالب المصريين من الرجال بين ١٨ و٤٩ عاما بالحصول على تأشيرة دخول قبل سفرهم، كما فرض رسما لمغادرة أي مصري للخرطوم بقيمة ٥٣٠ جنيها سودانيا (ما يعادل ٣٠ دولارا تقريبا). وفهم أن القرار السوداني جاء ردا على قرار القاهرة الذي اشترط حصول كل مصري يقل عمره عن ٤٥ عاما على موافقة أمنية قبل السفر إلى السودان. وهو ما يعزز الرأي القائل بأن ثمة أزمة مكتومة بين القاهرة والخرطوم تتداخل فيها عوامل عدة، تطفو على السطح حينا ثم لا تلبث أن تتوارى في أحيان كثيرة.من بين ما ظهر على السطح أن القاهرة غير مستريحة إزاء موقف السودان من موضوع سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا ويزعج مصر كثيرا بسبب احتمال تأثيره على مواردها المائية. كما أن مصر غير مستريحة لفكرة مراجعة السودان لموقفها الرافض لاتفاقية عنتيبي التي تدعو إلى إعادة النظر في حصص توزيع مياه النيل. وكان ذلك الرفض يقوى مركز مصر إزاء الاتفاقية التي تؤثر على حصتها من المياه. في حين أن تغيير الموقف السوداني يضعف الموقف المصري كثيرا. من ذلك أيضا أن ثمة خلافا بين البلدين حول تبعية منطقتي حلايب وشلاتين الحدوديتين، وحول علاقة مصر بجنوب السودان الذي تحرص الخرطوم على أن تظل بوابة المرور إليه. وكان القرار السوداني بحظر استيراد بعض المنتجات الزراعية والسيراميك من مصر من أصداء التوتر بين البلدين.يستوقفنا في هذا الصدد سعى البلدين إلى محاولة احتواء الخلافات من خلال وضع ميثاق للشرف الإعلامي. وإذ أقر بأن التناول الإعلامي يؤجج الخلافات ولا يهدئ منها، إلا أننا نعرف جيدا أن الإعلام ليس بعيدا تماما عن السياسة، وأن ما يظهر في الإعلام مجرد عرض لتراكمات ورواسب تمثل أصل المرض. كما أن ميثاق الشرف لن يغنى عن التفاهم السياسي والتفاعل المجتمعي والثقافي.إن الاختلاف بين الأشقاء أمر طبيعي ومفهوم، ولكن التحدي الحقيقي يتمثل في كفاءة إدارة الاختلاف. وحين يكون الأشقاء جيرانا فإن الاختلاف يصبح خطا أحمر لا يجب المساس به. ولأن السودان في الوجدان المصري شقيق وجار له وضع شديد الخصوصية، فإن الاختلاف معه يصبح من الكبائر السياسية التي تدين كل أطرافها. وحين يحدث ذلك فهو يعني أن الطرفين فشلا في التواصل والتفاهم، وأن الشعبين هما من يعاني ويدفع الثمن.هل يعقل أن نهلل في مصر لفتح صفحة جديدة مع الإدارة الأمريكية، في حين نفشل في ذلك بالنسبة لأقرب المقربين إلينا؟!
1144
| 10 أبريل 2017
في أعقاب كارثة غارات الغاز السام التي ضربت ريف إدلب، حفلت وسائل الإعلام بالتصريحات والتعليقات التي انتقدت فشل المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة السورية، كما صوَّب البعض سهام الاتهام نحو إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وذلك صحيح لا ريب، لكن الأصح أن الفشل الأكبر من نصيب العالم العربي الذي تنتمي إليه سوريا. وإذ لم أستغرب أن يتجاهل المعلقون الغربيون دور العالم العربي. لأنه بالفعل غائب ولا حضور له يستحق الذكر، إلا أن ما يبدو غريبا ومدهشا أن تتبنى التصريحات والتعليقات العربية الموقف ذاته، وتتصرف كأن العالم العربي صار ميئوسا منه، فتحول إلى جثة هامدة، لا ينتظر منها فعل ولا يرجى خير، وهو اعتراف ضمني يضاعف من الشعور بالفجيعة والخزي.بطبيعة الحال فليست الكارثة السورية هي النموذج الوحيد، لأن الكارثة اليمنية نموذج آخر، إذ يعاني ذلك البلد العريق من الدمار والمجاعة والكوليرا ولا أحد في العالم العربي يأبه به والحاصل في ليبيا لا يقل فداحة إذ وصل الاقتتال الأهلي إلى مرحلة العبث، حتى قرأت أن إيطاليا دخلت على الخط ورتبت اتفاق سلام ومصالحة بين ٦٠ قبيلة منخرطة في الصراع (جريدة «الشروق» ٣/٤)، ولن أضيف شيئا إلى ما هو معلوم عن العراق، الذي تمزق وغرق في الدماء حتى صار القتل طقسا يوميا وجزءا من الحياة العادية.للهوان أشكال أخرى أبرزها استباحة التدخلات الأجنبية للفضاء العربي أرضه وبحره وسمائه، حتى صار لكل من هب ودب من أهل العافية موطئ قدم فيه، والأنكي من ذلك والأفدح هو الانبطاح في مواجهة إسرائيل، والاحتشاد الحاصل لتجهيز المسرح للصراع بين الشيعة والسنة الذي اصطفت فيه إسرائيل لصالح أهل السنة بدعوى حمايتهم من «العدو» الشيعي.لست في وارد رصد أوجه بؤس العالم العربي (لاحظ أنني لم أتحدث عن إرهاب داعش وجرائمها لأنني أزعم أنها بمثابة كابوس لا مستقبل له، فضلا عن أن ما ذكرته أشد خطرا وأفدح).إذ صار الغياب العربي معلوما من السياسة بالضرورة، إلا أنني أدعو إلى التفرقة بين الأنظمة والشعوب. أزعم في هذا الصدد أن الشعوب مظلومة ومغلوبة على أمرها، بل إنها ضحية لها. لذلك طالما تحفظت على مقولة «العرب ظاهرة صوتية»، وأعتبر أنها تصم العرب بما ليس فيهم بالضرورة وتدمغهم بجرائم الأنظمة التي تحكمهم.بكلام آخر فإنني أحد الذين فقدوا الثقة في الأنظمة، وأراهن ولا يزال لدى بعض الأمل في الشعوب العربية. لذلك فإنني إذا لم أستغرب تعويل المسؤولين على المجتمع الدولي والنفوذ الأمريكي في حل مشاكل الأمة (من فلسطين فنازلا)، فإن ما يقلقني حقا هو سكون الجماهير العربية وغياب صوتها. أفهم أن غياب الديمقراطية أدى إلى تخريب النخب وإضعاف المجتمعات وترهيب الجماهير. إلا أن انتفاضة الجماهير في عام ٢٠١١، التونسية والمصرية والمغربية والسورية واليمينية والليبية كان بمثابة إعلان عن أنها لم تمت ولاتزال فيها بقية من حياة. وأخشى ما أخشاه أن يكون الجهد الهائل الذي بذل لإفشال حركة الجماهير بقمعها وترويعها قد أصابها بالوهن المفضي إلى اليأس والانكفاء على الذات.في هذا الصدد يلح على استحضار مقارنة موقف المصريين إزاء احتلال الفرنسيين لبلادهم في عام ١٧٩٨ باحتلال الإنجليز الذي تم في عام ١٨٨٢. إذ في الحالة الأولى انتفض المصريون في مواجهة الفرنسيين الغزاة حتى اضطروهم إلى مغادرة البلاد بعد ثلاث سنوات. وفي الحالة الثانية نجح الإنجليز في التغلب على مقاومة المصريين حتى وصلوا من الإسكندرية إلى القاهرة، واستمر احتلالهم لمصر ٧١ عاما.للإمام محمد عبد ه (١٨٤٩ ــ ١٩٠٥) مقولة يمكن أن تسهم في تفسير المفارقة. قال فيها إن محمد علي باشا حين حكم مصر (من عام ١٨٠٥ إلى ١٨٤٨)، فإنه إلى جانب إصلاحاته الكبرى، فإن بطشه وقهره للناس «كسر عزم الأهالي فضاع منهم معنى الرجولة» ــ وهي مقولة يتعذر تعميمها بطبيعة الحال، إلا أنها تدعونا إلى التساؤل عن الدور الذي قام به الاستبداد في إشاعة الوهن والنيل من العزائم في العالم العربي.
1277
| 08 أبريل 2017
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6531
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6405
| 24 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3900
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3126
| 23 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2859
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1866
| 23 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1677
| 26 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
1659
| 28 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1575
| 21 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1179
| 27 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1014
| 24 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية