رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، المرسوم رقم (87) لسنة 2024، بدعوة كافة المواطنين ممن أتموا سن الثامنة عشرة للمشاركة في استفتاءٍ عامٍ، على مشروع التعديلات الدستورية، التي أقرها مجلس الشورى بجلسة 28 أكتوبر 2024م. وفي مطلعِ القولِ، فإن مرسوم الاستفتاء ليس مُنبت الصلة عن الخطاب السامي الذي ألقاه سموه في الانعقاد الـ53 لمجلس الشورى، بل إن المرسوم هو الأداة التشريعية التي تُعلن بها دعوة المُواطنين للاستفتاء، وتنظمه من حيث الإجراءات. وهذا الاستفتاء تمت الإشارة إليه سلفاً في الخطاب السامي، ويُعد مشاركة شعبية قوامها الاقتراع العام، الذي يُدعىَ إليه المواطنون للفصل في القضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد، والدعوة إليه اختصاص أصيل لسمو الأمير ويُعد من أعمال السيادة، حيث نصت عليه المادة (75) من الدستور الدائم. والجدير بالذكر، أن الاستفتاء ليس ضرورياً لتعديل مواد الدستور كأصلٍ عام، حيث إن التعديل قد نصت على اجراءاته المادة (144) من الدستور، وتتمثل هذه الإجراءات في مرحلتين، الأولى: إقرار أغلبية أعضاء مجلس الشورى على التعديل من حيث المبدأ، والثانية: إقرار التعديل بموافقة ثُلثي أعضاء المجلس، وكما اوضحت المذكرة التفسيرية ففي الأخير لابد أن تقترن هذه الموافقة بتصديق الأمير حتى يصبح التعديل نافذاً، وبطبيعة الحال فإن التعديل يسري بعد نشره في الجريدة الرسمية. أما الطبيعة القانونية للاستفتاء هُنا، أنهُ طلب رأي المواطنين علاوةً على الإجراءات الدستورية لتعديل مواد الدستور، وهي رغبةٌ سامية أطلقها حضرة صاحب السمو، ويستتبع هذه الرغبة أن مرسوم الاستفتاء يُقيد نفاذ إجراءات تعديل مواد الدستور المذكورة سلفاً ويُخضعها لاستفتاء المواطنين، بحيث تكون النتيجة بشأن التعديل من عدمه هي ما يُقرره المواطنون، وتتسم نتيجة الاستفتاء بالإلزامية والنفاذ من تاريخ إعلانها. واستناداً على ما سبق، تتضح اهداف الرغبة السامية في إخضاع التعديلات الدستورية لاستفتاء الموطنين والذي يُعد استثناءً على الأصل العام في إجراءات تعديل الدستور، وذلك لإثبات مبدأ الشورى الذي جُبلنا عليه منذ القدم، ولتعزيز وحدة الشعب من جهة والمواطنة المتساوية من جهةٍ أخرى، بحيث يصبح الاستفتاء حدثاً دستورياً تستحضره ذاكرة المواطنين، وقد أدلوا بأصواتهم جميعاً. وفي الختام، فما نحنُ إلا أحفاد أولئك الأجداد الذين قال عنهم المؤسس "إلى قِلت قولٍ ما يرون سِواه".
1488
| 01 نوفمبر 2024
كثيراً ما نسمع بـ "مبدأ الفصل بين السُلطات" على ألسنة السياسيين والحقوقيين ونجد صدأه في دساتير دول العالم، فلا يكاد يُعدل دستور أو يُصاغ إلا وهذا المبدأ أول ما تتم مُناقشته والتأكيد عليه، حتى أصبح حجر زاوية لدراسة القانون الدستوري، ويرتبط هذا المبدأ ارتباطاً وثيقاً باسم الفيلسوف الفرنسي شارل لويس دي سيكوندا والمعروف باسم (مونتسكيو). وارتباط المبدأ باسم مونتسكيو ليس لكون المبدأ وليد بنات أفكاره، إذ أن المبدأ في حقيقة الامر من وليد بنات أفكار افلاطون وتعود جذوره كمصطلح ونواة الى ذاك العصر، لكن مونتسكيو هو أول من تناوله بالبحث والدراسة في كتابه الشهير "روح القوانين" بعدما انتقل إلى إنجلترا، واستفاد من نظامها السياسي وتطوره، وانتقل المبدأ إلى الميدان التطبيقي على إثر الثورة الفرنسية، فكان مُستحقاً لارتباط المبدأ باسمه. ويرى مونتسكيو، أن في كل دولة ثلاثة أنواع من السُلطات (تشريعية وتنفيذية وقضائية)، ويجب أن تُفصل السُلطات الثلاث عن بعضها وتوزع بشكل هيئات مُستقله، وذلك لأنه على حد قوله "تنعدم الحريةُ إذا اجتمعت السلطة التشريعية والتنفيذية، في يد شخص واحد أو هيئة واحدة حتى وإن كانت الشعب، إذا يُخشى أن تُسن القوانين بشيءٍ من الجور، فتُنفذ من قِبل ذات من أصدرها بشكل جائر، كما أن الحرية تنعدم إذا لم تُفصل السلطة القضائية عن غيرها من السُلطات، لأن القاضي في حال دمج القضائية بالتشريعية سيكون مُشرعاً وبِلا سقف قد يصل للاستبداد، وفي حال دمج القضائية بالتنفيذية سيكون ظالماً". ويُعلل مونتسكيو فلسفته بقوله "إن الحرية السياسية غير موجودة إلا في الحكومات المعتدلة، لكنها ليست دائماً في الحكومات المعتدلة، فهي توجد فيها عندما لا يُساء استخدام السلطة، وتعلمنا الخبرة الدائمة، أن أيّ شخص يمتلك سلطةً، يميل الى إساءة استخدامها، ويمضي بها الى أن يجد حدوداً". وهو بذلك يذهب الى ابعد من فكرة الفصل المُجرد، ويُشير الى ضرورة كبح السلطةُ بالسلطةَ، وذلك لا يكون بالفصل المُجرد أو أن يُعهد لكل سلطة بمباشرة اختصاصاتها استقلالاً عن السُلطات الأخرى فقط، بل لابد من إعطاء كل سلطة ثُقلاً ووزناً تستطيع أن تقاوم به الأخرى، مع إبقاء التناغم والتعاون فيما بين السُلطات. وبعد أن وزع السُلطات وناغمها -كما رأينا- أشار لضرورة تبادل الرقابة بين السُلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يرى أن للسلطة التنفيذية الحق في كبح تجاوزات السلطة التشريعية، كي لا تستبد هذه الأخيرة، والعكس صحيح، للسلطة التشريعية حق الرقابة على السلطة التنفيذية، لفحص الطريقة التي نُفذت بها القوانين التي سنتها. وبذلك اظهر مونتسكيو المبدأ الذي زعزع مسلمات الفكر الاستبدادي في ذاك الزمان، وسارت عليه دساتير ودول هذا الزمان.
1194
| 02 أغسطس 2024
يُخبرنا التاريخ، أن في بعض الأحيان قد تكون نهاية الطاغوت من صنع يده، ولنا في الملك هنري الثامن مضربَ مثل، حيث تسلم هذا الملك مُلكَ إنجلترا خلفاً لوالده الملك هنري السابع. وظل في سُدة المُلك 38 عاماً، ابتداءً من عام 1509 حتى 1547، طرأت على الدستور الإنجليزي تعديلات كثيرة وجذرية إبان فترة مُلكه، وكان القصدُ منها الإصلاح السياسي على وجه العموم والديني على وجه الخصوص، وأبرز هذه التعديلات فصله للكنيسة عن السُلطة البابوية، وتعيينه لنفسه رئيساً أعلى لكنيسة إنجلترا، وعمل على توحيد القوانين في إنجلترا وويلز. ولا يُنكر لهُ التاريخ، خدمته لبلده وعمله على رفعة شأنها، إلا أنهُ وصل بهِ الحال في نهاية المطاف الى الطُغيان، والانفراد بالسُلطة لدرجة أن المصير الوحيد لمعارضيه هو «الإعدام» بتهمة الخيانة العظمى، وكان وزراؤه يساندونه في ذلك، بل لا يمكن لاحد منهم مخالفته، لأن مصير المخالف منهم كمصير المعارض، فكان بسبب انفراده بالسلطة يملك كافة سُلطات الدولة، وعلى رأسها السلطة التشريعية، التي شرع بها عِدة قوانين تساعده على تصفيه مُعارضيه وتحقيق أمانيه. وبلغ به الامر من حب السلطة وحب الذات، حتى شرع القانون الذي قتله، حيث نص هذا القانون على أن يُدان بتهمة الخيانة العظمى كل من يتنبأ بوفاة الملك أو بقرب وفاته، دون استثناء، فكان الغموض والتوسع في هذا القانون سبباً في وفاته، ففي المرض الأخير لهذا الملك، وعند معاينته وتشخيصه من قِبل الأطباء، لم يجرؤ أحد من الاطباء على القول أنه في خطر وأن هذا المرض يُهدد حياته، حتى يتمكنوا في المقابل من معالجته، وذلك خوفاً من وقوعهم تحت طائلة القانون الذي يُجرم الخوض في مسائل وفاة الملك، وتوفي الملك بما اقترفت قوانينه الاستبدادية، وكما قال الفيلسوف الفرنسي «مونتسكيو» إن الاستبداد فظيع لدرجة أنه ينقلب حتى ضد الذين يمارسونه.
1077
| 19 يوليو 2024
حثت الشريعة الإسلامية، منذ نزول الرسالة المحمدية على حُسن اللباس والمظهر، حيث ورد في السنة النبوية قول النبي صلى الله عليه وسلم «أصْلِحُوا رِحالكُم وأصْلِحُوا لِباسكمْ حَتى تَكُونوا كَالشامةِ في النَّاس» (رواه الإمام أحمد)، ويُعد المجتمع القطري – ولله الحمد – من أكثر شعوب المنطقة حفاظاً على اللباس اللائق والعاكس لهويته الوطنية، حتى أصبحنا نسمع في كثير من الأحيان اندهاش وإعجاب الأخوة العرب، بالمظهر العام للشعب القطري. وأخذاً بما أمرت بهِ الشريعة الإسلامية وسار عليه عُرف المجتمع القطري، فرض قانون الموارد البشرية – والذي يُعد الشريعة العامة التي تحكم حقوق وواجبات الموظف العام – على الموظف العام المحافظة على كرامة الوظيفة والظهور بالمظهر اللائق بها وذلك بصريح نص (البند الرابع من الفقرة الأولى من المادة 79) من قانون الموارد البشرية. اعتباراً بأن الموظف العام، لا يُمثل نفسه داخل الوظيفة، وإنما يُمثل المظهر المدني للدولة، ويتضح أن المعيار الذي أخذ به قانون الموارد البشرية معيار موضوعي مرن بقوله «.. الظهور بالمظهر اللائق ..» بحيث يجعل للموظف حرية الاختيار في حدود المظهر اللائق، وبطبيعة اللباس القطري فهو يكاد يكون موحدا، إذ أن الثوب والغترة والعقال، يعدون اللباس الوطني والرسمي، ويبقى الاختلاف البسيط في شكل (ياقة العنق) و(كُمْ الثوب) (ولون الغترة) وهي بالمناسبة اختلافات، لا تُخرج اللباس من دائرة الرسمية، بل يبقى اللباس رسمياً ولائقاً. إلا أن هذا المعيار على ما يبدو ليس وافياً بالغرض في عين التعميم رقم (13) لسنة 2024، وهو تعميم صدر من قِبل وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، يوصي الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة باتخاذ اللازم لتقييد موظفيها وفق ضوابط خاصة وردت برفق التعميم. وأتت هذه الضوابط بزي رسمي بشكل محدد على سبيل الحصر، فلا اختلاف، بل لا مكان للاختلاف في نموذج هذا الزي المطروح، وإن كان الباعث على هذا التعميم هو ضبط وانضباط مظهر الموظف العام، إلا أن بعض هذه الضوابط (ياقة العنق، كُمْ الثوب، لون الغترة) فيها شيءٌ من التكلف والتكليف المُجهد، خصوصاً وأنهُ كما ذكرنا بأن الزي القطري يمتاز بالرسمية رغم الاختلافات البسيطة في الاذواق والتي لا تُخرجه من طابع الرسمية. ودون خوض من قِبلنا في مشروعية هذا التعميم من حيث الصفة أو الاختصاص، نجد أن هذا التعميم من حيث موضوعه قد تطرق لِما فضل المشرع تركه للذوق الخاص، وكان يُستحسن لو أن التعميم اكتفى بتوصياته بشأن بروتوكول ألوان البشت القطري، وحظر ارتداء (الحذاء الرياضي مع الثوب) دون تحديد وتقيد لمعالم الثوب ولون الغترة.
1521
| 05 يوليو 2024
حثت الشريعة الإسلامية، منذ نزول الرسالة المحمدية على حُسن اللباس والمظهر، حيث ورد في السنة النبوية قول النبي صلى الله عليه وسلم «أصْلِحُوا رِحالكُم وأصْلِحُوا لِباسكمْ حَتى تَكُونوا كَالشامةِ في النَّاس» (رواه الإمام أحمد)، ويُعد المجتمع القطري – ولله الحمد – من أكثر شعوب المنطقة حفاظاً على اللباس اللائق والعاكس لهويته الوطنية، حتى أصبحنا نسمع في كثير من الأحيان اندهاش وإعجاب الأخوة العرب، بالمظهر العام للشعب القطري. وأخذاً بما أمرت بهِ الشريعة الإسلامية وسار عليه عُرف المجتمع القطري، فرض قانون الموارد البشرية – والذي يُعد الشريعة العامة التي تحكم حقوق وواجبات الموظف العام – على الموظف العام المحافظة على كرامة الوظيفة والظهور بالمظهر اللائق بها وذلك بصريح نص (البند الرابع من الفقرة الأولى من المادة 79) من قانون الموارد البشرية. اعتباراً بأن الموظف العام، لا يُمثل نفسه داخل الوظيفة، وإنما يُمثل المظهر المدني للدولة، ويتضح أن المعيار الذي أخذ به قانون الموارد البشرية معيار موضوعي مرن بقوله «.. الظهور بالمظهر اللائق ..» بحيث يجعل للموظف حرية الاختيار في حدود المظهر اللائق، وبطبيعة اللباس القطري فهو يكاد يكون موحدا، إذ أن الثوب والغترة والعقال، يعدون اللباس الوطني والرسمي، ويبقى الاختلاف البسيط في شكل (ياقة العنق) و(كُمْ الثوب) (ولون الغترة) وهي بالمناسبة اختلافات، لا تُخرج اللباس من دائرة الرسمية، بل يبقى اللباس رسمياً ولائقاً. إلا أن هذا المعيار على ما يبدو ليس وافياً بالغرض في عين التعميم رقم (13) لسنة 2024، وهو تعميم صدر من قِبل وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، يوصي الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة باتخاذ اللازم لتقييد موظفيها وفق ضوابط خاصة وردت برفق التعميم. وأتت هذه الضوابط بزي رسمي بشكل محدد على سبيل الحصر، فلا اختلاف، بل لا مكان للاختلاف في نموذج هذا الزي المطروح، وإن كان الباعث على هذا التعميم هو ضبط وانضباط مظهر الموظف العام، إلا أن بعض هذه الضوابط (ياقة العنق، كُمْ الثوب، لون الغترة) فيها شيءٌ من التكلف والتكليف المُجهد، خصوصاً وأنهُ كما ذكرنا بأن الزي القطري يمتاز بالرسمية رغم الاختلافات البسيطة في الاذواق والتي لا تُخرجه من طابع الرسمية. ودون خوض من قِبلنا في مشروعية هذا التعميم من حيث الصفة أو الاختصاص، نجد أن هذا التعميم من حيث موضوعه قد تطرق لِما فضل المشرع تركه للذوق الخاص، وكان يُستحسن لو أن التعميم اكتفى بتوصياته بشأن بروتوكول ألوان البشت القطري، وحظر ارتداء (الحذاء الرياضي مع الثوب) دون تحديد وتقيد لمعالم الثوب ولون الغترة.
801
| 05 يوليو 2024
نشرتُ في يوم الرابع عشر من يونيو مقالاً بعنوان (نشأة المحكمة الجنائية الدولية)، وتضمن المقال إشارةً لمواقف الدول تجاه نشأة المحكمة ومن ضمنها الولايات المتحدة الامريكية، والتي كان موقفها مُعارضا لنشأة المحكمة، بل إن صح القول فقد جاوز حد المُعارضة الى حد العِداءَ. نعم عزيزي القارئ، فإن أمريكا التي نصبت نفسها حاميةً للحقوق والحريات، ومنارةً للعدل، كانت ترفض إرساء العدل الدولي والمُتمثل بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، فمنذُ بزوغ فجر المفاوضات حتى إقرار نظام المحكمة الأساسي، كانت تحاول جاهدةً إفشال المشروع، وعارضت منذ 1998 (تاريخ إقرار نظام المحكمة) حتى عام 2000 والذي انضمت فيه الى المعاهدة (معاهدة إنشاء المحكمة)، وكان يُعد انضمامها أشبهُ بالعدم وذلك لكونها اطلقت عِدة تحفظات على النظام الأساسي للمحكمة أهمها الاختصاص، كما أتت عام 2001، وأصدرت قانون حماية افراد القوات المسلحة الامريكية، والذي يحظر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية متى ما كان المطلوب من قادة القوات المسلحة الامريكية، كما يحق للرئيس الأمريكي طبقاً لهذا القانون استخدام جميع الوسائل اللازمة للإفراج عن أي مسؤول امريكي أو مسؤول حليف لأمريكا، مُحتجز أو مسجون من قِبل المحكمة. وفي ذات العام أوصىَ السيناتور هيلمز بسحب توقيع الولايات المتحدة من مُعاهدة إنشاء المحكمة، واعتمد الكونغرس التوصية، وبالفعل قام الرئيس الأمريكي الأسبق – جورج بوش الابن – في عام 2002 بسحب توقيع الولايات المتحدة الامريكية من المعاهدة، وتحررت منها أمريكا تماماً، قبل حتى أن تدخل المُعاهدة حيز التنفيذ. ولم تكتفِ بذلك بل واصلت الضغط على الدول الموقعة والدول التي تعزم على التوقيع، لإهدار النظام الأساسي للمحكمة. وظهر الوجهُ الحقيقي للولايات المُتحدة الامريكية اخيراً، عندما تقدم المدعى العام للمحكمة الجنائية بطلب إصدار مُذكرات اعتقال بحق قادات الاحتلال، بتهمة ارتكابهم لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فانتفضت أمريكا لذلك وهب مجلس النواب الأمريكي، لإقرار قانون يسمح بفرض عقوباتٍ على المحكمة الجنائية الدولية متى ما حققت أو حاكمت اشخاصاً محميين من واشنطن وحلفائها، كوسيلةٍ للضغط على المدعى العام وقُضاة المحكمة الجنائية الدولية. ولم يعد هُناك وصفٌ يليق بِمُصطنعة الحقوقية – أمريكا – سوى القول بأنها دولةٌ مارقة.
840
| 21 يونيو 2024
ضاق صدر المجتمع الدولي وسئم ويلات الحروب، والجرائم المُرتكبة ضد الإنسانية، فيما مر عليه من أبشع الجرائم في الحربين العالميتين (الأولى، الثانية)، وكان يعقب كل حرب محاكم دولية مؤقتة تُنشأ لمحاكمة مُجرمي الحرب، ومن أشهرها (محكمة نورمبرغ)، وبعد سنواتٍ طويلة أدرك المجتمع الدولي أنهُ آن الأوان لوجود محكمة جنائية دائمة، تختص بالجرائم الخطيرة التي تشغل اهتمام المجتمع الدولي. وبعد محاولاتٍ عِدة شهدت الكثير من الجهود، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992، بتكليف لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، بإعداد مشروع النظام الأساسي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، كمحكمة دولية دائمة، وفي عام 1994 أنهت اللجنة المعنية مشروع النظام الأساسي، وعُرض على الجمعية العامة والتي بدورها شكلت لجانا مُخصصة لاستعراض المسائل الفنية والإدارية لمشروع النظام الأساسي، ولإعداد الترتيبات اللازمة لعقد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وعقد هذا المؤتمر الأخير في روما عام 1998، ونتج عنه إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد تصويت (120) دولة بالموافقة، وامتناع (21) دولة عن التصويت، ومعارضة (7) دول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية والصين. ويُعد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، معاهدة دولية تصبح نافذةً بعد (60) يوماً من مصادقة الدول الستين عليها، وكان لابد من مصادقة (60) دولة على الأقل لنفاذ اتفاقية نظام المحكمة الأساسي، والذي تحقق بعام 2002 بعد اكتمال النصاب. ويتألف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من ديباجة وثلاثة عشر باباً، وقد جاءت الديباجة مُذكرةً الدول الأطراف بالروابط المشتركة بين شعوب المنطقة ومدى أهمية حماية نسيج الشعوب من الجرائم الخطيرة، التي تهدد سلم وأمن العالم. وتضمن الباب الأول القواعد المتعلقة بإنشاء المحكمة، وحدد الباب الثاني القواعد المتعلقة بالاختصاص والمقبولية والقانون واجب التطبيق، وننتهز هذه الفرصة للتأكيد على اختصاص هذه المحكمة بالجرائم الواقعة على الأراضي الفلسطينية كنتيجة مُباشرة، لانضمام هذه الأخيرة لنظام المحكمة الأساسي – المعاهدة – عام 2015، فيما تضمن الباب الثالث المبادئ العامة للقانون الجنائي، ووضح الباب الرابع كيفية تكوين المحكمة وإداراتها، وبيَّن الباب الخامس القواعد المتعلقة بالتحقيق الابتدائي والمقاضاة وعلى وجه الخصوص باختصاص المدعي العام واختصاص دائرة ما قبل المحاكمة، وجاء الباب السادس بقواعد المحاكمة، ونص الباب السابع على العقوبات الواقعة على المُدان، ونظم الباب الثامن قواعد الاستئناف وإعادة النظر، والباب التاسع مبادئ التعاون الدولي والمساعدة القضائية، وقرر الباب العاشر كيفية إجراءات التنفيذ والتي – بطبيعة الحال – ذات طابع دولي، كما نظم الباب الحادي عشر جمعية الدول الأطراف والتي لا يفوتنا الحديث عن ذكر أن اللغة العربية لغة رسمية بعمل جمعية الدول الأطراف أخذاً بكونها كذلك بالجمعية العامة للأمم المتحدة (كما نصت المادة 112 من النظام الأساسي للمحكمة)، وحدد الباب الثاني عشر قواعد التمويل المُعتمدة بالنظام المالي للمحكمة، وأخيراً فقد تضمن الباب الثالث عشر، الأحكام الختامية المتعلقة بتسوية المنازعات والتحفظات والتعديلات التي يمكن أن تطرأ على أحكام النظام الأساسي ذات الطابع المؤسسي البحت، وكذلك إجراءات التوقيع، التصديق، القبول، الموافقة، الانضمام، وبدء النفاذ. وفي الختام، نأمل أن تُحقق هذه المحكمة العدل الدولي المنشود والاستقرار المفقود، بعيداً عن التسييس وازدواجية المعايير التي أُسبغ بها المجتمع الدولي.
1050
| 14 يونيو 2024
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4767
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3195
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2856
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2592
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1212
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
981
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
948
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
822
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
801
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية