رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد... الحج يعدل أجر الجهاد بالنسبة لغير القادر على الجهاد، كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، الذي رواه البخاري بلفظ: (لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور) .. وللحج فوائد اجتماعية وتربوية، واقتصادية فقال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) سورة الحج / الآية 28، فهو في حقيقته مدرسة للتربية والصبر والتعامل مع الناس. السؤال الأول: ما هو الحج؟ الجواب: الحج هو ركن من أركان الإسلام مَنْ أقامها فقد أقام الدين، ومن لم يقم بها جميعاً فهو من المبعدين عن رحمة الله، ومن ترك واحدا ًمنها فقد ارتكب خطيئة كبرى واستحق عذاب الله تعالى، فقال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) سورة آل عمران / الآية 97 وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل الحج، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة)، وهو حديث صحيح عند جمع من علماء الحديث، ومنها الحديث الصحيح الذي جعله من أفضل الأعمال. وفضائل الحج كبيرة، وآثاره عظيمة في الدنيا والآخرة، منها: أداء الواجب والفريضة، ومنها أنه أداء لأعظم القربات بعد الإيمان والجهاد، حيث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن: (أي عمل أفضل؟) قال: (الإيمان بالله تعالى ورسله، ثم الجهاد في سبيل الله، ثم "الحج المبرور") رواه البخاري ومسلم وغيرهما. بل الحج يعدل أجر الجهاد بالنسبة لغير القادر على الجهاد، كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، الذي رواه البخاري بلفظ: (لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور). وللحج فوائد اجتماعية وتربوية، واقتصادية فقال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) سورة الحج / الآية 28، فهو في حقيقته مدرسة للتربية والصبر والتعامل مع الناس. السؤال الثاني: ما هو الحج المقبول؟ الجواب: الحج المقبول هو الحج المبرور الذي تتوافر فيه الشروط الآتية: 1- الإخلاص والنية البعيدة عن الرياء والنفاق. 2- أداؤه بمال حلال، وإلاّ حينما يحج بالمال الحرام، يقال له: لا لبيك ولا سعديك، ملبسك حرام، ومأكلك حرام ووو. 3- التوبة النصوح بشروطها من الندم، والعزيمة على عدم العودة إلى الذنوب، وأداء حقوق الناس، أو تبرئة ذمته من قبل من له عليه الحق. 4- عدم ارتكاب المحظورات الشرعية أثناء الحج وبعده، وعدم الجدال والخصام، والفسوق في الحج فقال تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) سورة البقرة / الآية 197 وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري ومسلم. السؤال الثالث: ما هي رسالة الحج لجميع المسلمين في هذا العصر الصعب؟ الجواب: الحج يحمل مجموعة من الرسائل العظيمة، من أهمها: 1- أن المسلمين هم الوحيدون الذين يعبدون الله تعالى حق عبادته ويوحدونه ويعظمونه ويضحون في سبيله بكل ما أُتوا. 2- رسالة الوحدة في المشاعر والشعائر والنُسك، بل وحدة الملابس والحركات والخطوات الأساسية للحج. فهذه الرسالة تؤكد على وحدة المسلمين التي يجب أن نسعى لها، وتدل على أن جميع عناصر الوحدة متوافرة في هذه الأمة ، إذن لماذا تختلف؟ 3- رسالة التوجيه بالاستفادة من الحج اقتصادياً حتى تكون المنافع للمسلمين (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) سورة الحج/الآية 28 والاستفادة منه لتوحيد الكلمة ، وللتشاور. السؤال الرابع: كيف يُستثمر الحج في حياة المسلم بعد أداء الحج؟ الجواب: إن من أهم آثار القبول أن يتغير الحاج بعد الحج عما كان عليه قبله بأن يتغير نحو الأحسن، فهذا هو الهدف الأسمى الدال على قبوله عند الله تعالى، فقد بيّن الله تعالى بأن المطلوب منه هو تحقيق التقوى فقال تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ) سورة الحج / الآية 37 فهذه التقوى الداخلية هي التي تقي الإنسان من الذنوب لأنها تؤدي إلى: (أن تعبد الله كأنك تراه فإنْ لم تكن تراه فإنه يراك). نصائح عامة: أطالب إخواني وأخواتي الذين يريدون أداء الحج والعمرة بما يأتي: (1) إخلاص النيّة لله تعالى، والنيّة الصادقة المجردة عن الرياء والنفاق. (2) التوبة النصوح، وردّ الحقوق قبل الاقدام على الحج. (3) اختيار المال الحلال لأداء الحج. (4) المعاملة الطيبة، والسلوك السامي والالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية السامية في التعامل مع الجميع، مع الرفقاء، ومع الخدم، مع العمال، مع أهل السوق، مع كل إنسان فقد أمرنا الله تعالى بأن تعامل السيئة بالحسنة فقال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) سورة فصلت / الآية 34 فمن المعلوم أن آثار الدين تظهر في التعامل، فالدين هو المعاملة وما بُعث رسول الله إلاّ ليُتمم مكارم الأخلاق. (5) الابتعاد عن الجدال والنقاش، والغيبة والنميمة ونحوها. (6) انشغال القلب واللسان بذكر الله تعالى، في جميع الأحوال، وبخاصة في عرفات، ومنى، وداخل الحرم، وعدم تضييع هذه الفرصة العظيمة حتى يعود الحاج طاهراً مطهراً من الذنوب كيوم ولدته أمه وحتى يكون حجّه مبروراً فيكون جزاؤه الجنة بفضل الله تعالى. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب الله العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

2920

| 16 أغسطس 2016

يا قادة العرب: لا تتركوا الأردن وغيرها كما تركتم العراق

من المؤكد أن العالم اليوم أصبح بمثابة قرية واحدة تتأثر أطرافها بكل ما يحدث لها من مصائب وكوارث وحروب، ولذلك تدعي الدول الكبرى أن أمنها لا يتحقق بحماية الداخل بل بحماية الخارج. فإذا كان ذلك حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها فكيف بأمن عالمنا الإسلامي، وعالمنا العربي، وعالمنا الإقليمي؟!!ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الفتن والشرور والمصائب فتحت على أمتنا الإسلامية والعربية لعدة أسباب، منها احتلال الكويت من قبل النظام العراقي، ومنها ترك العراق من قبل القادة العرب للاحتلال الأمريكي بسهولة، وكذلك ترك العراق بعد الاحتلال دون أن يكون للدول العربية والإسلامية أي دور في تقرير مصيره، والمساعدة من خروجه من أزماته الكبرى، وحمايته من الأطماع الدولية والإقليمية، والقيم بمصالحة شاملة لمكوناته.ولما لم يكن للجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي أي دور سياسي أو اقتصادي، أو اجتماعي في العراق، تفرّد المحتل ومن عاونه باتخاذ القرارات (مثل تفكيك الجيش العراقي والمحاصصة الطائفية ونحوها)، وهي مقصودة، وأنها في نظر المحللين كانت هدفاً لتوصيل العراق إلى الفوضى الخلاقة (الهدامة).وذلك لأن العراق بدون إحداث فوضى هدامة كان من الصعب تفكيكه، وإثاره هذه النعرات الهدامة حيث كان متماسكاً طوال عصوره، فلم تكن هناك كراهية بين مكوناته (السني والشيعي، والكردي والعربي) على الرغم من وجود مشاكل سياسية وظلم سياسي في ظل النظام السابق، ولكنه كان متحضراً يتجاوز ذلك بحضارته وقيمه.وتحقق الهدف المنشود من الاحتلال بإيجاد فوضى هدامة، وطائفية بغيضة عمياء قتلت ولا زالت تقتل دون أي رعاية للدين، والقيم والأخلاق، والإنسانية، والعرق والنسب والقومية والقبلية، فلم يشهد التأريخ قتلاً لا أخلاقياً بهذه الصورة التي نشاهدها في العراق إلاّ في ظل المغول والتتر، عند احتلالهم لبغداد فعاثوا فيها قتلاً واغتصاباً وفساداً، وإلاّ في ظل نظام بشار الأسد الذي يتعامل مع الشعب السوري الأصيل بالطريقة التي يشاهدها العالم والتي فاقت بكثير طرق الصهاينة والنازيين.وزاد الطين بلة واكتمل دور الفوضى الهدامة بما فعلته (داعش) حينما احتلت المناطق السنية فقتلت ودمرت وعاثت فيها فساداً، ثم جاء الحشد الطائفي ليكمل دوره في القتل والتدمير للبيوت والمساجد، والتهجير القسري، فبلغ عدد المهجرين والنازحين حوالي ثلاثة ملايين، منهم حوالي مليونين في داخل إقليم كردستان العراق وأطرافه.والغريب أن معظم الجمعيات والمؤسسات الاغاثية العربية تركت أهل العراق الكرام النازحين ليتضوروا جوعاً دون رعاية تذكر.وقصدي من ذلك كله أن العراق (بلد الحضارة وحصن الأمة) تركته الدول العربية والإسلامية فلم تهتم به منذ الاحتلال، ولم يكن لها دور في حماية الشعب العراقي من الأطماع الخارجية، ومن عمليات القتل والتهجير، والاقصاء، والاجتثاث لطائفة معينة، وإنما ترك الأمر والدور لأمريكا وإيران — كما نشاهد —. واليوم نشاهد أن بعض البلاد تحتاج إلى رعاية وعناية سياسية واقتصادية قصوى مثل الأردن، وليبيا، وتونس، وجزر القمر، والصومال، وجيبوتي ونحوها، حيث إذا تركت ستضطر إلى الاستعانة ببعض الدول التي لها أطماعها السياسية أو المذهبية.وأرى أن على رأس هذه الدول العربية المملكة الأردنية الهاشمية التي تحتاج إلى دعم اقتصادي شامل بسبب الأعباء والظروف التي تمر بها.فالأردن لها مكانتها العظيمة أيضاً في تاريخنا الإسلامي فهي من الشام الشريف الذي تشمله كل الآيات والأحاديث الدالة على بركاته وخيراته، ووردت بعض الأحاديث التي تدل على أن الأردن سيظل أرض الرباط والدفاع عن مقدسات الأمة، (وأن جيش المسلمين وهم في شرقي نهر الأردن يقاتلون عدوهم الدجال، وهم غربيه)، قال الهيثمي (7/352): هذا الحديث رواه البزاز، ورجاله ثقات، كما أنه وردت أحاديث صحيحة تدل على أن عيسى بن مريم عليهما السلام: (يقتل الدجال هناك غرب الأردن)، يراجع فتاوى نور على الدرب لابن باز رحمه الله (4/290).وأثناء الفتوحات الإسلامية كان للقبائل العربية (التي كانت موجودة، والتي جاءت من الجزيرة فسكنت في الأردن) دور عظيم في ترسيخ الإسلام، وظلت الأردن على مرّ تأريخها مستهدفة للهجمات الصليبية، ثم الصهيونية، وشاركت بأولادها وفلذات كبدها وأموالها في قضايا أمتنا، وتحملت العبء الأكبر من تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم خلال القرن العشرين كله، وبخاصة بعد عام 1947م وعام 1967م، وكذلك بعد اختلال العراق للكويت، وهكذا.وفي هذا القرن (الواحد والعشرين) أيضاً تحملت الأردن الكثير، حيث وقعت المشاكل والمصائب في العراق فهجر إليها مئات الآلاف بل وصل عدد العراقيين إلى ما يقرب من مليون، وكذلك في الأزمات الأخيرة وبخاصة في سوريا حيث تدفق عدد كبير من اللاجئين والنازحين والمهجرين إليها.والأردن معروفة أن مواردها الاقتصادية ليست كبيرة، ولديها حاجة ملحة إلى البترول ومشتقاته، وعليها أعباء كبيرة، لذلك فواجب الدول العربية وبخاصة الدول الخليجية ان تقف بجانب الأردن من خلال ثلاثة محاور رئيسية وأساسية، هي:المحور الأول: وهو المحور الاقتصادي وذلك بتوفير الاحتياجات الاقتصادية على شكل هبات، أو قروض بدون فوائد، او من خلال القيام بتوفير الاحتياجات البترولية والغذائية ونحوهما، والقيام بالمشاريع الاستثمارية والصناعية والتقنية لتوفير أكبر قدر ممكن من الوظائف، ولتحقيق التنمية الشاملة، بالإضافة إلى المساهمة الفعالة في حل مشكلة اللاجئين.المحور الثاني: السعي الأخوي الجاد لحل الصراعات السياسية الداخلية بين الحكومة، والأحزاب والجماعات السياسية بما يحقق الخير والعدالة والاستقرار لجميع الفرقاء.المحور الثالث: القيام بخطوات عملية مشرفة لإدماج الأردن في مجلس التعاون الخليجي، سياسياً واقتصادياً، واجتماعياً.وكلي أمل ورجاء أن لا تنتظر الدول العربية إلى حين وقوع الكوارث والمصائب، بل تتسابق إلى الوقاية منها، والتخطيط لمنعها بكل الوسائل والامكانيات المتاحة، وأنا لا أشك في أنه لو قامت الدول العربية بواجبها في العراق وكان لها وجود سياسي واقتصادي قوي منذ الاحتلال إلى الآن لما حدث للعراق ما حدث حسب سنن الله تعالى، ومن باب ربط الأسباب بالمسببات.والله المستعان.

661

| 16 مايو 2016

دور رائد للجمعيات والمؤسسات الخيرية

أينما ذهبت إلى مناطق الكوارث والمصائب والحاجة وجدنا — بفضل الله تعالى — آثار الجمعيات والمؤسسات القطرية الخيرية (جمعية قطر الخيرية، ومؤسسة الشيخ عيد، ومؤسسة راف وغيرها) شاخصة أمام العيان، فتسر القلوب الرحيمة، وتقريها الأعين الرؤوفة.ونجد — والحمد لله — على إدارتها رجالاً نذروا أنفسهم لله تعالى لخدمة الإنسانية أملاً في الفلاح، والأجر العظيم، كما قال الله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) }الحج — 77{، ورجاءً في أن يدخلوا في قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة للعالمين: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة: رواه البخاري ومسلم (متفق عليه)وإخواننا في هذه الجمعيات يبذلون كل جهودهم، ويتسابقون في الخيرات، فجزاهم الله خير الجزاء (هكذا نحسبهم ولا نزكي على الله أحداً).وحسب معلوماتي — بل وجودي مع معظم هذه الجمعيات — فإنها حريصة اشد الحرص على توصيل هذه الأموال إلى المستحقين بأسرع وقت، وأقل كلفة، وعلى أحسن وجه، ولو وجدت تكاليف مقبولة فهذا مشروع لأن الله تعالى خصص لأداء هذا العمل مصرفاً خاصاً يسمى (والعاملين عليها) التوبة جزء من الآية (60).وأرجو أن يكون أصحاب الجمعيات والإداريون فيها يطبق عليهم ما قاله بعض السلف (إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله1وقد طور إخواننا هنا وسائل جمع التبرعات، ومنها الاستعانة بالدعاة المشهورين الذين لهم القبول والمحبة في قلوب الناس، وهؤلاء أيضا يريدون نيل الثواب في الآخرة، وهم قمم في خدمة الإسلام فجزاهم الله خيراً.هذه شهادتي في الجمعيات والمؤسسات الخيرية بقطر ودعاتها المخلصين لذلك أدعو بقوة إلى دعمها وأقول: إن دعمها فريضة شرعية، وخدمة إنسانية، والأدلة على ذلك كثيرة لا يسع المجال للخوض فيها.وأنا شخصياً أتشرف بوجودي في بعض هذه الجمعيات، وقربي من جميعها، وبالتالي فشهادتي تأتي من الداخل وليست من الخارج، وأقول: ولا يجوز لأي شخص أن يشكك في هذه الجمعيات، وأن التشكيك فيها داخل ضمن الحملة العالمية ضد الجمعيات الخيرية الإسلامية حتى لا تقوم بدورها، بل تتفرغ الساحة لأهل التضليل والتنصير.والله المستعان1 رواه الطبراني بسند ضعيف مرفوعاً إلى النبي في الأوسط (5/227)، ولكنه مشهور ونسبته إلى بعض السلف.

449

| 31 مارس 2016

الفتن المحدقة وحرمة السفارات

أتابع بقلق بالغ واستغراب ما يحدث في العالم الإسلامي، وبخاصة العالم العربي الذي تسير فيه الأوضاع في فلسطين، وسوريا، والعراق، ومصر، واليمن، وليبيا، وميانمار وغيرها من سيء إلى أسوأ، سياسيًا واجتماعيًا وإنسانيًا.وفي ظل هذه الأزمات التي يستفيد منها الأعداء لإحداث مزيد من التمرد والتفكيك، ظهرت أزمة أخرى وهي أزمة الاعتداء السافر المشين على مقري السفارة والقنصلية السعودية بإيران وما ترتب عليها من نتائج خطيرة، وكذلك التدخلات السافرة في شأن دول المنطقة المشتعلة فعلًا، ما يجعلها أكثر اشتعالًا وتحرق الأخضر واليابس (والله المستعان).وأمام هذا الوضع الخطير المتفجر أؤكد للقارئ الكريم على أمور عدة: أولًا- إن هذه التدخلات السافرة في العراق، وسوريا، واليمن، وغيرها، وإثارة الطائفية البغيضة، والقتل على الهوية، والاستعانة بالشرق والغرب لحماية النظام الإجرامي بدمشق الذي شرد معظم الشعب السوري، وقتل هو وأعوانه وميليشياته مئات الآلاف من النساء والأطفال، وجوّع أهالي مخيمات اليرموك سابقا، ومضايا حاليا، وجرائم أخرى تفوق جرائم النازية والصهيونية- كل ذلك له عواقب وخيمة وآثار خطيرة على مستقبل أمتنا الإسلامية، وإن الله تعالى لن ينصر هؤلاء الظلمة مهما كانت لهم صولاتهم وجولاتهم، فقال تعالى: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ" (227) سورة الشعراء. وقال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" (42) سورة إبراهيم.وقال تعالى في حق الفراعنة ونحوهم" "الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ" (14) سورة الفجر. بل بين الله تعالى عاقبتهم فقال عز وجل: "فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (36) سورة الأنفال.ثانيًا- أؤكد على تنديدي الكامل لانتهاك حرمة سفارة المملكة العربية السعودية، وقنصليتها بإيران. وإن هذا عمل مشين تحرمه جميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية، فللسفارة عهد وأمان يجب الحفاظ عليه، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (1) سورة المائدة.ثالثًا- أدعو العالم العربي والإسلامي للوقوف صفًا واحدًا أمام المؤامرات الخارجية والداخلية، وأمام إثارة الفتن بأشكالها كلها، وأطالبهم بتوحيد صفوفهم، فقد أراد الله تعالى لهذه الأمة أن تكون خير أمة أخرجت للناس من حيث الوحدة، والوقوف مع الحق والعدل ضد الظلم والطغيان.والله غالب على أمره

259

| 13 يناير 2016

دلالات ورسائل واستقطاب غريب في الانتخابات التركية

تنفس جميع الذين يتبنون المشروع الإسلامي، أو وقفوا مع الربيع العربي، أو وقفوا مع حرية الشعوب، الصُعداء، بعد أن كبسوا أنفاسهم طوال فترة العد والإحصاء في الانتخابات التركية الأخيرة، فلم أشهد في عمري حالة انتخابات جذبت الناس، بل جعلتهم على فُسطاطين مثل هذه الانتخابات، فقد رأيت حالات شديدة من الهلع والجزع والخوف والريبة على الفريقين، وتابعت إلى حد ما، مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية ووسائل الإعلام المرئية، والمسموعة، والمقروءة، فلم أشهد حالات الاستقطاب الشديد مثلما حدث في هذه الانتخابات.وهنا أود أن أسجل ملاحظاتي حول هذه الحادثة التاريخية:أولاً: أن العالم قد انقسم حول هذه القضية إلى فريقين، فريق معارض لحزب العدالة والتنمية بقيادة الأستاذ أردوغان، والأستاذ أوغلو.والغريب في هذا الفريق أنه جمع مجموعات كثيرة متناقضة في أهدافها، وأيدلوجياتها ولا يمكن أن تتفق إلا على هذه المسألة، حيث جمع معظم الغرب والشرق والمشروع الأمريكي الصهيوني، كما جمع بين معظم الاشتراكيين والرأسماليين، وبين بعض التوجهات الإسلامية كجماعة فتح الله جولان، والأحزاب العلمانية المتوغلة، كما جمع بين القوميين الأكراد والقوميين الأتراك، الذين كانوا على تضاد تام على مر تاريخهما، ولم يجمعهما إلا هذه القضية، كما جمع بين الطائفيين، وأهل البدع والضلالة. إنه لخلط غريب أكد لنا خطورة الأيديولوجية المادية البشرية، فإنها تعمى الأبصار والقلوب، كل العقلاء كانوا يقولون- وأنا منهم- إن من مصلحة الشعب الكردي في تركيا أن نقف مع أردوغان وحزب العدالة، لأنهم هم وحدهم أقروا للشعب الكردي معظم حقوقهم، ولكن الأيديولوجية والمصالح الحزبية أعمت الأبصار فضيعوا هذه الفرصة أيضا. فهؤلاء جميعا بذلوا جهودا مضنية، مادياً ومعنوياً، ومن خلال وسائل الإعلام المسخرة لشيطنة حزب العدالة فكانوا ينتظرون النتائج بفارغ الصبر.وأما الفريق الثاني المؤيد لحزب العدالة والتنمية وللأستاذ أردوغان فقد كان منسجما، لأنه يتكون من أصحاب المشروع الإسلامي، والمشروع التحرري الذي يريد الحرية لشعوبنا العربية والإسلامية، ومؤيدي الثورات العربية، وأصحاب الضمير الإنساني الذين رأوا في حزب العدالة أنه ناصر قضايا الحق، وخاصة القضية الفلسطينية، ودافع عن الأقصى بقوة، ووقف مع الحق والعدل، وبذل جهودا كبيرة في خدمة المضطهدين والمظلومين في كل مكان في فلسطين، وسوريا والشام، ومصر والعراق، وليبيا، وميانمار، والصومال وغيرها.فهؤلاء جميعا كانوا ينتظرون النتائج بفارغ الصبر، ويتمنون أن تكون مبشرة بالخير، وكانت كذلك بفضل الله.ثانيا: ومن قدر الله تعالى أن يكون هذا النصر المبين لحزب العدالة والتنمية في اليوم الأول من نوفمبر، وهو نفس اليوم الذي أصدر فيه مصطفى كمال قراره بإسقاط الخلافة العثمانية.ثالثا: أني تابعت إخواننا المهاجرين المصريين، والسوريين، والعراقيين وغيرهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فوالله ذكرتني حالتهم بحالة المهاجرين إلى الحبشة، حيث آواهم الملك العادل النجاشي، ولكن ابن عمه قد تمرد عليه، واستعان بدول أخرى مجاورة، فجاء بجيش عظيم للقضاء على النجاشي، وهنا زلزل المهاجرون زلزالاً شديداً وعرضوا على النجاشي أن يكونوا معه في هذه الحرب، لكن النجاشي أبى فقال: أنتم ضيوفي. فذهب بجيشه لمواجهة جيش ابن عمه الكبير، فالتقى الجيشان، وانتصر فيه النجاشي. فالمهاجرون لم يستطيعوا أن يبقوا في أماكنهم، فذهبوا وراء جيش النجاشي، ويدعون لهم، بل علموا جنوده كيفية الاستفادة من العبور الفردي للنهر الذي كان بين الجيشين، من خلال الاستفادة من القرب الجلدية.فقد استعرض قلبي حالة إخواني المهاجرين في تركيا لهذه الحالة، لأنه لو نجح الفريق الثاني المقابل لحزب العدالة، لقاموا بطرد اللاجئين، ووقفوا مع بشار الأسد القاتل الظالم، ومع الانقلابي القاتل الظالم.رابعا: أعجبني ثبات الأستاذ أردوغان، والأستاذ أحمد داوود أوغلو، ومن معهما من القياديين، أنهم لم يتنازلوا عن سيادتهم، وآرائهم الخاصة بالقيم والإسلام واللاجئين، والموقف من الانقلاب في مصر، ومن الصهاينة..فقد سمعت وقرأت وشاهدت أن بعض من يسمي نفسه بالمحلل السياسي يقول: إن حزب العدالة لم ينجح النجاح المطلوب في الانتخابات الماضية بسبب مواقفهم، وأن عليهم أن يتنازلوا بعض الشيء، لكن هؤلاء قد ثبتوا على مواقفهم المبدئية وأكدوا عليها حتى في برامجهم الانتخابية، وكأنهم تشبثوا بقوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).. آل عمران 173. نعم إن الإخوة في العدالة راجعوا أنفسهم، وعدّلوا بعض برامجهم وخطاباتهم، ولكنهم ازدادوا إيمانا بالله تعالى، وبالوقوف مع الحق والمضطهدين، ولذلك لم يخذلهم ربي، ولن يخذلهم ما داموا على الحق، فتلك سنة الله تعالى.خامسا: أعطى نجاح حزب العدالة والتنمية آمالاً عريضة بنجاح المشروع الإسلامي التنموي في تركيا، بل في العالم الإسلامي أجمع، ولو فشل – لا سامح الله – لكان إجحافاً كبيراً لجميع المسلمين، (لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).. الروم 4-5.والله الموفق وهو المستعان

624

| 04 نوفمبر 2015

لماذا هذه الحملة العالمية على تركيا اليوم؟

أثيرت منذ السنوات الأخيرة حملة تحت عنوان (إبادة الأرمن) تكاد تكون عالمية ضد تركيا اليوم التي تتقدم يوماً بعد يوم بقيادة حزب العدالة والتنمية ورئيسه الأستاذ رجب طيب أردوغان، ورفاقه الأستاذ عبدالله كَل، والأستاذ أحمد داود أوغلو وغيرهما، فقد تحقق للشعب التركي خلال السنوات (12) السابقة ما يأتي - بإيجاز شديد -: - العناية بالتعليم، وبخاصة التعليم الجامعي، حيث جعلت الدراسة في جميع الجامعات الحكومية مجانية، في حين رفعت الجامعات الأوروبية والأمريكية الرسوم الدراسية بسبب الأزمة العالمية، وتسعى تركيا لتكوين 300 ألف عالم متفرغ تكون له إبداعاته، وكذلك العناية بالتعليم الديني وإعادة الاعتبار والاعتراف بالدراسات الشرعية حتى بلغت كليات الشريعة (الإلهيات) إلى مائة كلية، والعناية بتدريس القرآن الكريم في المدارس التركية.- وفي مجال الاقتصاد ارتفع معدل دخل المواطن التركي من 3500 دولار أمريكي في عام 2002، إلى 11000 دولار في عام 2014 وارتفعت نسبة الأجور 300%، وتم بناء أضخم مطار في العالم، وفوز شركة الطيران التركية كأفضل شركات الطيران في العالم لثلاث سنوات متتالية، وقد تم تسديد حجم عجز خارجي كان أكثر من 47 مليار دولار، ولم يبق على تركيا اليوم عجر بل لديها فائض، وأصبح ترتيبها الآن 16عالمياً في الاقتصاد، وكان ترتيبها 111 قبل عشر سنوات والناتج القومي 1.1 تريليون، ونسبة البطالة من 38% إلى 2%. كما أن صادراتها بلغت اليوم 153 مليار دولار، وكانت سابقاً 23.5 مليار دولار. وكذلك مما يفيد الاقتصاد والبيئة أنه تم إعادة تدوير القمامة لاستخراج الطاقة وتوليد الكهرباء، حيث استفاد من هذه الخدمة حوالي ثلث السكان، وتم زرع 2.77 مليار شجرة خلال السنوات العشر الأخيرة. وفي مجال التصنيع، فقد تم تصنيع قمر صناعي عسكري لأول مرة، وتصنيع المدرعة والدبابة التركية، وأول طيارة من دون طيار، والعمل قائم لشق قناة عالمية تسهل عمليات النقل العالمي بالسفن مع الدخل الكبير.- ومن الجانب الديني فقد أنجر الكثير فقد ذكرت بعضه، حيث تسير الدولة بالتدرج الشعبي نحو دينه وقيمه وتأريخه وهويته دون إكراه، وإنما عن قناعة ورضا تام.- وعلى مستوى السياسة، فقد تم إحلال السلام بين شطري جزيرة قبرص، ولتركيا اليوم دور كبير في الصومال بإعادة الأمن والأمان إليها، ولها دور إيجابي أيضاً في آسيا، وأوروبا. وبالنسبة للعالم العربي فقد تغيرت السياسة التركية في عهد ما قبل حزب العدالة والتنمية التي كانت داعمة لإسرائيل وللمشروع الصهيوني، إلى الدعم السياسي القوي والشعبي للقضايا العربية والإسلامية، وبخاصة القضية الفلسطينية، كما أن تركيا اليوم تقف مع اليمن، ودول الخليج وعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن السعيد، وكذلك فإن مواقفها مبدئية من سوريا، ومن الانقلاب في مصر، ومن ليبيا، وأما موقفها من العراق فهو موقف صحيح وقائم على المصالح المشتركة حيث يريد للعراق أن تكون المكونات الثلاث الكبرى مشتركة شراكة حقيقية في الحقوق والواجبات دون الإقصاء والاجتثاث لأي مكون منها، وبذلك وحده يتحقق الأمن والأمان للعراق، وأعتقد أن دعم تركيا لإقليم كوردستان قائم على المصالح المشتركة، وتبيّن أن استقرار الإقليم كان نافعاً لكل العراقيين، وبخاصة لأهل السنة الذين هاجروا ديارهم بسبب الإرهاب (داعش والحشد الشعبي).- وبالنسبة لتحقيق الأمن والأمان داخل تركيا فقد كانت تركيا في حالة حرب خطيرة ضد حزب العمال الكوردستاني، وتصرف عليها المليارات، وراح ضحيتها وبسببها عشرات الآلاف من أبناء الشعب تركاً أو كرداً، بالإضافة إلى أن المنطقة الشرقية تعيش حالة من التدمير والفوضى، والفقر والبطالة. فقد تم الصلح والسلام في هذه المنطقة، وعاد إليها الأمن والأمان وتم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الكردي في ظل وحدة البلاد وقوتها، وانتهت هذه الحرب المدمرة بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود الأستاذ أردوغان ورفاقه وحزبه. واليوم يشارك الشعب الكردي في بناء تركيا القوية الموحدة التي يستفيد منها الجميع، تركيا المساواة والحقوق التي لا تفرق فيها بين شخص وآخر على أساس العرق، أو الدين، أو الطائفة، لذلك لا يجوز، ولا يليق لأي حزب كوردي أن يقف ويتعاون مع الأحزاب القومية الطورانية التي ظلمت الشعب الكوردي، وحاولت صهره والقضاء علي هويته طوال سبعين عاماً.إذن لماذا هذا الهجوم على تركيا؟وهنا يرد السؤال: هل يُوَجّه الاتهام نحو تركيا بإبادة الأرمن في هذه السنوات الأخيرة لأجل هذه المكاسب الداخلية والإقليمية والدولية؟ أم أن هذه الحملة لأجل العيون السود للأرمن؟ أم لأجل العدالة الدولية وحقوق الإنسان وأن القائمين على هذه الحملة قد نذروا أنفسهم لأجل حماية حقوق الإنسان، وبالتالي فإن ضمائرهم تحسّ بالألم والأذى إذا لم يقفوا مع المظلومين في كل مكان؟!! وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود أن أبيّن حقيقة معروفة في القوانين، ومبدءاً من المبادئ المعترف بها في جميع العالم وهو أنه (لا تزر وازرة وزر أخرى). وبناء على ذلك فإن ما حدث في عام 1915م - على فرضية الصحة- قد وقع داخل فوضى الحرب العالمية الأولى، وراح ضحية هذه الحرب عشرات الملايين، وأكثر منها راحت في الحرب العالمية الثانية، فهل تحاسب هذه الدول التي تكونت بعد هاتين الحربين؟ ومن جانب آخر فإن الدولة التركية اليوم قد أنشئت عام 1925م باسم جديد، وبجغرافية جديدة، وبدستور جديد، وبفكر جديد، وو..... نحن لا نستهين بقتل أي إنسان مهما كان دينه فقال تعالى: (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة: 32] ولكن أيضاً لا يجوز اتهام أي شخص (طبيعي أو معنوي) إلاّ بالبينات والحجج الواضحات المسلم بها على أنه ارتكب تلك الجريمة فعلاً. ولذلك كانت العدالة تقتضي أن تشكل لجنة محايدة للتحقيق في هذه المسألة بمهنية وحرفية - كما دعا إلى ذلك أردوغان- تبحث في أصل التهمة، وتبحث كذلك مدى قانونية اتهام تركيا اليوم بها لو ثبتت، وتعطي لتركيا حق الدفاع عن نفسها كما هو الحال في جميع دساتير العالم ومواثيقه. ومن جانب آخر فإنه قد وقعت جرائم حقيقية بقتل الملايين وإبادة الشعوب في كثير من بلاد العالم، ومع ذلك لا تثار، فمثلاً الاتحاد السوفيتي في عهد ستالين قد ارتكبت جرائم خطيرة بحق بعض الشعوب أثناء الحرب العالمية الثانية ولم يصدر قانون من أي دولة باتهام روسيا الاتحادية بها، وكذلك حدثت في أميركا إبادة جماعية للهنود الحمر ومع ذلك لم يصدر قانون من دولة أخرى بذلك، وأن الاستعمار الفرنسي فعل في الجزائر المجازر وراح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد. وإذا كانت هذه الدول الغربية التي أصدرت القوانين بإبادة الأرمن، وتحميل تركيا بها، من باب تأنيب الضمائر الحية!! فلماذا لم تتحرك هذه الضمائر الحية، والقلوب النظيفة ضد ما تشاهده من محاولة إبادة الشعب السوري على يدي نظام الأسد، والشعب الفلسطيني وبخاصة في غزة على أيدي الصهاينة، وكذلك ما حدث من محاولة الإبادة للشعب الكردي في حلبجة والأنفال، وما حدث في البوسنة والهرسك وإفريقيا الوسطى، وماينمار التي يبدي لها جبين الإنسانية.ومن جانب آخر فلماذا تأخر اتهام تركيا بها من 1915 إلى 2015 أي مائة سنة كاملة.ومن جهة أخرى فإن علاقة تركيا اليوم جيدة مع أرمينيا، فكان المفروض أن تقوم حكومة الأرمن بهذا الاتهام لو كان هناك مصداقية؟ إن هذه القضية مسيسة تماماً يراد بها النيل من سمعة تركيا التي تتقدم بفضل الله تعالى في جميع الجبهات، وهي قضية تثأر على مواقفها نحو أمتها الإسلامية، وقضيتها الأولى قضية فلسطين. إن المتربصين الطامعين الذي يريدون أن تبقى أمتنا الإسلامية متخلفة فاشلة تابعة مفعولاً بها لا فاعلة هم الذين يجمعون هذه الملفات لكل عمل ناجح، ويمكرون مكراً كباراً (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) [إبراهيم: 46] ويخططون بكل قواهم السياسية والإعلامية والاقتصادية لافشال أي مشروع ناجح في بلادنا حتى ولو لم يكن باسم الإسلام فقد قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120] أي حتى نكون تابعين لملتهم أي لثقافتهم، فلا يريدون لنا السيادة والاستقلال، ولا الوحدة والتعاون، ولا الازدهار والتقدم والتحضر، ولكن الله تعالى وعد وعداً ناجزاً بأنهم لن يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم بشرطين: التوكل والإخلاص لله تعالى، والأخذ بسنن الله تعالى التي تقتضي أن تأخذ الأمة بجميع أسباب القوة، والحذر الشديد، والعمل وفق الخطط والبرامج فقال تعالى: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى) [آل عمران: 111] وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 105-107]. ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أن على الدول والشعوب الإسلامية أن تقف صفاً واحداً أمام المؤامرات الدولية وأن تتعاون فيما بينها لإجهاضها، لأنها اليوم تتهم تركيا، ويمكن غداً أن تتهم دولة أخرى.

759

| 14 مايو 2015

حول الأوضاع في المنطقة...فقدنا البوصلة فهل نرجع إليها؟!

تتكرر كلمة (التأريخ يعيد نفسه)، وهي كلمة لها مصداقيتها في الواقع حيث يراد بها أن الأحداث تتكرر في مآلاتها وأهدافها، وحركاتها، وليس المقصود تكرار حادثة ما بعينها، فالتأريخ مدرسة عظيمة تحمل بين طياتها سنن الله تعالى في الأمم والحضارات والجماعات، وسنن العباد والبلاد من التجارب الناجحة، أو الفاشلة على مرّ الحقب الماضية. ومن أهم الفوائد المستقاة مما سبق أن أهل الحق حينما يضعفون ويتفرقون ويتنازعون تكون النتيجة الفشل الذريع، وأن الحق الذي معهم لن يشفع لهم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[الأنفال: 46]، وعملياً وقعت خسائر كبيرة جداً يوم أُحد، ويوم غزوة حُنين لم تُغن عنهم كثرتهم بسبب خلل في المعركتين. وفي عصرنا الحديث أذكر واقعة تخص منطقة الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، التي كانت يهددها ما يتمثل في الخطر الشيوعي الذي عمّ المنطقة العربية في الخمسينيات وحدثت انقلابات عسكرية في مصر، وسورية، والعراق، والسودان وغيرها، وجاء الفكر القومي بقيادة جمال عبدالناصر بقوته ليضرب ما سماه بالأنظمة الرجعية، وتحولت هذه الأيدلوجيات إلى صراعات عسكرية أعدّ لها الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، إعداداً جيداً حينما تسلّم الحكم في عام 1964-1975 فأدار المعركة وفق خطة استثمر لنجاحها كل الوسائل المتاحة، وبخاصة الجانب الديني، والعواطف الإسلامية، واكتسب بذلك الإسلاميين، وبخاصة الإخوان المسلمين الذين اضطهدوا في مصر، فخرجوا أو أُخرجوا فآواهم الملك، وهم أيضاً ساندوه علمياً وفكرياً وتعليمياً، فنهضوا بهذه الجوانب، بالإضافة إلى الجانب التخطيطي والسياسي، ثم شاء الله تعالى أن تصيب جيش مصر أكبر هزيمة - خلال فترة قصيرة - في تأريخ الجيوش وهي هزيمة يونيو 1967م التي نتج عنها احتلال القدس، والضفة، وغزة، وسيناء، وجولان وغيرها، فضعف المشروع الناصري القومي وبدأت الصحوة الإسلامية، ثم توفي الرئيس جمال عبدالناصر، وحلّ محله الرئيس أنور سادات الذي غيّر سياسته تماماً، فوقف الملك فيصل معه، ودعم حرب العاشر من رمضان (أكتوبر1973م) بكل إمكاناته. وقصدي من ذلك أن الملك فيصل رحمه الله وقف مع المظلومين، وتبنى الأيدلوجية الدينية في صراعه فنجح، وخسر الطرف الآخر. وكذلك الحال في أفغانستان حيث استطاعت العقيدة الإسلامية أن تهزم الأيدلوجية الشيوعية، ولكن من خلال المؤمرات أجهضت مقاصد الجهاد في أفغانستان. ولكن الذي حدث في هذه السنوات الأخيرة هو أن الأيدلوجية قد تغيرت، حيث استطاع المعادون للثورات الشعبية ذات الطابع الإسلامي التي حدثت في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن أن يغرسوا الكراهية والخوف والريبة في نفوس بعض الحكام والأمراء ويزينوا لهم أن القضاء على نتائج هذه الثورات لمصالحهم، وأنها الخطر، ومن هنا تغيرت المعادلة وحتى الأيدلوجية من أيدلوجية مساندة للتيار الإسلامي المسيطر على هذه الثورات إلى أيدلوجية تدعم التيار العلماني حيث نجح هؤلاء في ترسيخ: أن ضرب التيار الإسلامي المعتدل في مصر وفي كل مكان هو حماية لأمن تلك الدول!، مع أن الواقع يشهد على أن ظروف دول الخليج تختلف، وباعتقاد الكثير من المحللين المنصفين: فقدت البوصلة اتجاهها، وتغير مسار السفينة، وكدنا أن نتوه لولا عناية الله تعالى بعباده. وبالنسبة لليمن قامت الثورة الشعبية العارمة ضد النظام الجاثم على صدر اليمنيين ثلاثين سنة وثبت للأمم المتحدة أن الرئيس علي صالح يملك أكثر من ستين مليار دولار جمعها من ثروات بلد يعاني معظم شعبه من فقر مدقع وبطالة كبيرة. وأثناء ذلك تدّخل مجلس التعاون الخليجي - ما عدا قطر - بمبادرة أدت إلى خلع الرئيس علي صالح ولكن مع منحه الحصانة، والقوة بيده، فتعاون مع الحوثيين، وقد غض الطرف عن كل ذلك بسبب الكراهية لجمعية الإصلاح والقبائل المؤيدة لها، فوقعت الكارثة، وتلقى الحوثيون الدعم المادي والمعنوي الكبير اللامحدود من إيران وغيرها، فتمدد الحوثيون وسيطروا على باب المندب والمناطق الإستراتيجية، واليوم يريدون الهيمنة على عدن وكل اليمن، وفعلوا ما فعلوا مما لا يجهله أحد في المنطقة. أمام هذا الوضع الخطير المهدد لأمن دول الخليج بصورة واضحة ما الذي يمكن أن تفعله دول الخليج؟ في نظرنا المدعم بالتجارب التأريخية، عليها ما يأتي: 1- عقد قمة خليجية مغلقة لدراسة الموضوع وحماية المنطقة، وإدخال اليمن في مجلس التعاون الخليجي وكذلك الأردن.2- حشد كل الطاقات المادية والمعنوية والسياسية والعسكرية للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله بأقرب فرصة دون تضييع للوقت.3- فضح مخططات أعداء اليمن والطامعين فيه.4- وضع إستراتيجية جديدة تقوم على تجاربنا السابقة، وعلى إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، يعتمد فيها على الشرعية المتمثلة بحكومة الرئيس هادي، والتيارات الإسلامية القوية المعتدلة المدعومة بالقبائل اليمنية الأصيلة، سوءا كانت من المذهب الشافعي، أو الزيدي.5- ومع الاستعداد التام يُدعى الحوثيون لإعادة الأمور إلى حالتها السابقة، وإلى التحاور البناء المحدد بزمن دون مماطلة يستفيدون منها.6- جعل الإستراتيجية معتمدة على العقيدة والشريعة الإسلامية من حيث إن خروج الحوثيين على الشرعية خروج عن الشرع ويصنفون بذلك في صفوف البغاة الخارجين عن الشرعية حيث بيّن الله تعالى حكمهم فقال تعالى: (..فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الحجرات: 9] كما فعله سيدنا عليّ رضي الله عنه مع الخوارج والبغاة في عصره، ولا أشك في أن النصر يكون حليف اليمنيين ومن يساندهم - بإذن الله تعالى - إذا أخلصوا النيّات لله تعالى، واستعدوا للتضحيات، لأن قضيتهم عادلة وحق، ولأنهم ظُلموا فالله ينصرهم (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر: 14].7- القيام بعمل دبلوماسي نشيط لكسب الأصدقاء من المؤسسات الدولية، والدول الإسلامية، ودول العالم الذين لهم الرغبة في دعم الشرعية في اليمن. وأخيراً فإن اختيار الدوحة عاصمة للحوار لليمنيين له دلالاته الكبرى، كما أن ذلك يبشر بالخير لنجاح دولة قطر - بفضل الله تعالى، ثم بفضل قادتها وإخلاصها ومصداقيتها لدى الجميع - في الإصلاح في كثير من الملفات الشائكة.والله تعالى أسأل بتضرع أن تحل هذه المشكلة الكبيرة في اليمن وأن لا تحدث فتنة بين أهلها. آمين

562

| 26 مارس 2015

استحضار الثوابت

ماتمر به أمتنا الآن يستدعي من كل الطوائف استحضار الثوابت الموحدة المشتركة بين الطائفتين ، وهي : - الإيمان بأركانه الستة من الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، حسب التفصيل والإجمال الواردين في القرآن الكريم ، فهو محل اتفاق بين المسلمين : والمسلمون جميعاً متفقون على أن القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه : (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) وأنه رسالته الخاتمة الكاملة التي تمت بها رسالة الدين الإلهي الخالد ، وأنه المهيمن والمرجع عند الاختلاف فقال تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) . والمسلمون جميعاً يؤمنون بأن الإسلام هو الدين الخاتم الكامل فقال تعالى : ( .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) وقال تعالى : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) وقال تعالى : (.. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ). والمسلمون جميعاً يؤمنون بأن التحاكم إلى القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم فريضة شرعية ، فقال تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) وقال تعالى : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) . وهذا محل اتفاق ، ولكن بما أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشر قد مات والتحق بالرفيق الأعلى فإن سنته الصحيحة – مع القرآن الكريم – تكون هي المرجع للمسلمين ( في ضوء علوم أصول الفقه والحديث رواية ودراية ) . - الالتزام بأركان الإسلام الخمسة ( الشهادة بتوحيد الله تعالى ، وبرسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً ) .وكذلك الالتزام بما شرعه الله تعالى من حيث المبدأ .فهذا البند هو أيضاً محل اتفاق بين المسلمين جميعاً سنة وشيعة . - أن قبلة المسلمين هي الكعبة المشرفة وأنها بيت الله الحرام ، ورمز وحدة المسلمين ، وأقدس مكان على وجه الأرض ، ويليها المسجد النبوي الشريف ، ثم المسجد الأقصى ، وأن المسلمين مسؤولون عن حماية هذه المساجد الثلاثة التي تجتمع عليها أفئدتهم في كل مكان . - أن السنة النبوية الصحيحة في نظر جميع المسلمين بيان للقرآن الكريم فقال تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) وهذا محل اتفاق بينهم جميعاً من حيث الجملة والمبدأ ( وإن كان هناك تفاصيل خاصة بالشيعة ، لكن الاتفاق على المبدأ ثابت ). - إن المسلمين جميعاً بجميع طوائفهم متفقون على محبة آل البيت عليهم السلام ، وإنهم يصلون عليهم مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تشهد الصلوات ، ويقولون جميعاً بعد الشهادة : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد.... ) وأنهم يؤمنون بأن لهم منزلة مباركة ، وأنهم يعتبرون حمزة سيد شهداء الجنة ، وأن الإمام علياً عليه السلام نام في فراش الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة الهجرة ، وأنه أسد الله تعالى في بدر ، وخيبر وغيرهما ، وأن سيدنا الحسن وسيدنا الحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن لهما منزلة عظيمة ، وأن أمهما فاطمة الزهراء بضعة من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حباً وتقديراً فحب آل البيت جميعاً مغروس في قلوب جميع المسلمين ، وهذا محل اتفاق (والاختلاف في العصمة والوصاية والولاية وعدد الأئمة ونحو ذلك فهذا داخل في تفاصيل المذهب الشيعي) . - إن المسلمين جميعاً متفقون على حب صحابة رسول الله من حيث المبدأ فلا أحد منهم يستطيع أن ينكر دورهم الذي ذكره القرآن الكريم للمهاجرين والأنصار فقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) وقال تعالى : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) .

829

| 27 يوليو 2014

الجسد الواحد لا يؤذي بعضه بعضاً

إن الجسد الواحد (اليد الواحدة، والبنيان المرصوص) لا يمكن أن يؤذي بعضه بعضاً، فلا يؤذي مسلم مسلماً ما دام تربى على هذه العقيدة الجامعة التي صهرت المؤمنين في بوتقة حب الله تعالى وبالتالي يمتنع عن كل ما يؤذي أخاه في الدين وبالأخص في المجالات الآتية: أ) يمتنع عن إيذاء أخيه مهما كان الأمر تحقيقاً للأخوة الحقة، وتنفيذاً للنهي الوارد فيه، حيث يقول الله تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً). فقد حرم الله تعالى على المسلم أن يؤذي أخاه في نفسه وعرضه وكرامته وماله، وأهله، وكل ما يخصه، فشعار المسلم الحقيقي هو (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) بل إن لسانه صامت وصائم إلاّ عن قول الخير حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت) وقد بين الله تعالى بأن كل ما يقوله الإنسان يكتب له أو عليه فقال تعالى: (ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) يقول الإمام النووي: (واعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلاّ كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام، أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء). ويدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، ينزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب) ويقول أيضاً: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم) وعن معاذ قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني عن النار؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلاّ حصائد ألسنتهم). وتقوم العلاقات بين المسلمين على الحقوق المتقابلة، فليس في الإسلام شخص له حق دون أن يكون عليه واجب، ولا آخر يكون عليه واجبات، وليس له حقوق، فهذا هو المجتمع الإسلامي المتوازن الذي يتحمل كل واحد ما عليه مهما كان صغيراً أو كبيراً، فقيراً أو غنياً، حاكماً أو محكوماً، راعياً، أو رعية، فلا يكون بمنأى عن هذا المنهج المتوازن، وهذا التوازن لا يوجد في المجتمعات الأخرى، فالمجتمع الرأسمالي قائم على الحقوق، والمجتمع الاشتراكي يقوم على الواجبات، أما المجتمع الإسلامي فهو مجتمع الحقوق والواجبات، وإن كل مسلم يجب أن يؤدي واجبه قبل أن يطالب بحقه، فكل مؤمن مطالب ـ بفتح اللام ـ في حين أن الإنسان في المجتمعات الأخرى يطالب بحقه أولاً، ثم يؤدي واجبه ثانياً، ولذلك تكثر فيها النزاعات في حين أن النزاع قليل في المجتمعات الإسلامية الملتزمة بشرع الله تعالى.وبناءً على ذلك فلا يقوم المجتمع الإسلامي على الإيثار المجرد والتطوع، وإنما الإيثار زيادة خاصة بالمجتمعات الإسلامية لتقوية المجتمع وتماسكه حيث يقول الله تعالى: (والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون). فأساس المجتمع الإسلامي هو الحقوق المتقابلة وإما الإيثار فزيادة فضل وتمايز. ويترتب على ذلك وجود التنافس في الخير، والتسارع نحو الأفضل، والتسابق نحو مزيد من الكسب والبناء والحضارة والتقدم، حيث يتميز من خلال ذلك الصالح منت الطالح، والقوي من الضعيف، والحسن من الشين، وهكذا. إضافة إلى أن ذلك يؤدي إلى عدم استغلال أحد لآخر فيجب أن يأخذ كل واحد حقه ما دام قد أدى ما عليه من واجب.

724

| 26 يوليو 2014

الولاء بين المؤمنين

بيّن الله تعالى أن عدم تفعيل الولاء والنصرة بين المؤمنين يؤدي إلى فتنة كبيرة ؛ لأن أهل الكفر والشرك والإلحاد أمة واحدة ، وهم ولاء بعضهم لبعض أمام المسلمين ، فقال تعالى : (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) .وهذا الولاء والحب والنصرة للمؤمنين على ميزانين : أ – ميزان الحرب ، فيجب على المؤمن نصرة المسلمين ، ومقاطعة المعتدين ، والغلظة عليهم ، والبراءة منهم ، وعدم إظهار المودة والمحبة لهم ، وهذا ما بينه القرآن الكريم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) .ب – ميزان السلم ، حيث يجب على المؤمن البر والإحسان ، ويجوز له التعايش ، والتعامل مع الآخر كما حدد هذه العلاقة قوله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، ومن المعلوم أن هاتين الآيتين من سورة الممتحنة التي تبدأ بالبراءة من أعداء الله تعالى ، مما يفهم منها بوضوح أن البراءة والمقاطعة تخص الأعداء المعتدين فقط . ولذلك فلا تعارض بين الولاء لله وللمؤمنين والبراء من الأعداء والمعتدين مع الإحسان والبر إلى غير المعتدين ، ولا مع المودة الشخصية " الحب على أساس العلاقات الشخصية " وليس على أساس الكفر .وقد دلت النصوص الشرعية على أن أسس العلاقات بين المسلمين تقوم على أخوة قائمة على الدين مقدمة على جميع الوشائج ، دون أن تلغيها ، ولكنها تتقدم عليها بحيث إذا تعارضت الأخوة الإيمانية مع وشائج القربى من الأبوة والبنوة والقرابة الأخرى ولم يمكن الجمع بينهما) فإن الأخوة الإيمانية هي التي يجب أن تتقدم ، وعلى هذا تكاثرت الآيات والأحاديث الكثيرة ، وإجماع المسلمين ، وتربية رسول الله للجيل الأول ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم أجمعين) . وهذه الأخوة الإيمانية التي تصهر المسلمين في بوتقة واحدة وليست مجرد شعار يرفع ، أو خطبة تقال وإنما لا بدّ أن تكون واقعاً مجسداً تترتب عليه الآثار الآتية :1. الجسد الواحد ، واليد الواحدة : يريد الإسلام من المسلم أن يكون مع أخيه كالجسد الواحد وكالبنيان الواحد يشد بعضه بعضاً ، بل كاليد الواحدة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ويقول أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ، (وشبك بين أصابعه) .

844

| 25 يوليو 2014

تحقيق الأخوة الإيمانية

دلت النصوص الشرعية على أن أسس العلاقات بين المسلمين تقوم على أخوة قائمة على الدين مقدمة على جميع الوشائج ، دون أن تلغيها ، ولكنها تتقدم عليها بحيث إذا تعارضت الأخوة الإيمانية مع وشائج القربى من الأبوة والبنوة والقرابة الأخرى ولم يمكن الجمع بينهما؛ فإن الأخوة الإيمانية هي التي يجب أن تتقدم ، وعلى هذا تكاثرت الآيات والأحاديث الكثيرة ، وإجماع المسلمين ، وتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم للجيل الأول ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم أجمعين) . وهذه الأخوة الإيمانية التي تصهر المسلمين في بوتقة واحدة وليست مجرد شعار يرفع ، أو خطبة تقال وإنما لا بدّ أن تكون واقعاً مجسداً تترتب عليها الآثار الآتية :1. الجسد الواحد ، واليد الواحدة : يريد الإسلام من المسلم أن يكون مع أخيه كالجسد الواحد وكالبنيان الواحد يشد بعضه بعضاً ، بل كاليد الواحدة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ويقول أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ، (وشبك بين أصابعه) .2. غير متكبرين ، بل أذلاء بعضهم أمام بعض : من المعروف أن الذل منبوذ في الإسلام ، وأن العز هو المنشود ، ولكن الله تعالى أمر بالذل وأثنى عليه في موضعين فقط ، وهما الذل للوالدين (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ...) والذل للمؤمنين فقال تعالى : ( يا أيها الذين من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين....) فقد رتب الله تعالى على حب هذا القوم المختارين من الله لله تعالى ، وحب الله تعالى لهم : أن يكونوا أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين ، وأن المراد بالذل هنا ذل اليسر واللين ، فالمؤمن ذلول للمؤمن ، غير عصي عليه ، ولا صعب ، فهو لين لأخيه المؤمن من غير مذلة ولا مهانة ، إنما هو ذل كل واحد للآخر ، وليس من طرف واحد ، فهو كما يقول سلمان الفارسي : (إنما مثل المؤمن للمؤمن كاليدين توضئ إحداهما الأخرى) فهي الأخوة التي ترفع الحواجز ، وتزيل التكلف ، وتخلط النفس بالنفس ، فلا يبقى فيها ما يستعصي ، وما يحتجز دون الآخر ، فقد أزيلت الحساسية بين المؤمنين ، لأن المؤمن مهما كان كبيراً وغنياً وحاكماً فهو متواضع غاية التواضع مع أخيه الآخر مهما كان منصبه ، وحالته الاجتماعية . وكيف تبقى الحساسية بين المؤمنين وقد أصبحوا بنعمته إخواناً يحبون الله ، وهو يحبهم ، وأصبحوا كالجسد الواحد ، واليد الواحدة ، والبنيان الواحد ، وهل في تواضع الأجزاء والأعضاء لبعضها ذل ومهانة ؟! ثم إن هذا الذل للمؤمنين أو العزة على غيرهم ليس من باب اتباع الهوى والشهوات ، بل هو الطاعة والسمع لموجبات العقيدة ، ومقتضيات الأخوة الإيجابية .3. صفاً واحد ، وليسوا صفوفاً ، راية واحدة وليست رايات مختلفة : لم يرض رب العالمين بأن يصف المسلمين جميعاً بالصفوف ، وإنما وصفهم بالصف الواحد فقال تعالى : (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بينان مرصوص).

8734

| 24 يوليو 2014

جهود وتضحيات

إن الوحدة الإسلامية لن تتحقق دون حقوق وواجبات ، وجهود وتضحيات . إن مما لاشك فيه أننا إذا أردنا أن ننجح في إقامة علاقة متوازنة محترمة مع غير المسلمين والحوار معهم ، فلا بدّ أن نقوي ونؤصل العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض على مختلف مذاهبهم وطوائفهم التقليدية ، وعلى مختلف الجماعات الفكرية الحالية من الإخوان والسلفية ، والتبليغ ونحوها . فإذا لم نجتمع نحن المسلمين على مجموعة من الثوابت ولم يتسامح ، أو يعذر بعضنا البعض في المتغيرات الاجتهادية المختلف فيها فحينئذٍ لا يكون لنا وزن وقوة في الحديث مع الآخر، والحوار معه ، وهذا ما يتشدق به ممثلو الكنائس والأديان الأخرى ، حيث يحاولون توزيع الإسلام وتقسيمه حسب المذاهب والطوائف والجماعات ،بل والأشخاص فيقولون : الإسلام السني والإسلام الشيعي ، والإسلام الأصولي والإسلام التقليدي ، والإسلام الحداثي والإسلامي الديمقراطي ، والإسلام الإخواني ، و الإسلام السلفي ، والإسلام التبليغي وهكذا . فقد بين الله تعالى أن غير المسلمين يواجهون المسلمين كتلة واحدة ،وملة واحدة ، ولذلك يجب أن يواجهوهم كذلك صفاً واحداً بولاء واحد ، فقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) وهذه حقيقة تكررت في التاريخ القديم والمعاصر ، فقد اتفق اليهود ـ وهم أهل الكتاب ـ مع المشركين الجاهليين الوثنيين في غزوة الأحزاب للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم ودولته الفتية ، حتى شهدوا أن هؤلاء الوثنيين أهدى من المسلمين ، حتى يزيلوا الحواجز الفكرية بين الغزاة ، حيث سجل الله تعالى هذه الشهادة الزور فقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ) . وفي التاريخ الحديث تنازل الفاتيكان عن أهم عقيدة ظل النصارى يؤمنون بها طوال القرون الماضية ، وهي أن اليهود هم الذين قتلوا المسيح عليه السلام ، حيث برأ اليهود في عام 1965 من دم المسيح تميهداً للوحدة ، وتعاونت الشعوب المسيحية مع اليهود في حربها ضد الغرب والمسلمين ، بل ظهرت المسيحية المتصهينة التي هي أخطر من الصهاينة أنفسهم في حربهم ضد الاسلام والمسلمين . فالوحدة بين المسلمين فريضة شرعية من أهم الفرائض ، وضرورة عقلية وواقعية يفرضها واقعنا القائم على العولمة السياسية والعملقة الاقتصادية والحقيقة نحن المسلمين أمام أن نكون أمة وسطاً قادرة على حماية نفسها ودينها وسيادتها وثرواتها ، وحينئذ ليس أمامنا إلاّ طريق الوحدة بأي ثمن كان ، وبأية طريقة مناسبة ، فقد نبدأ بالتعاون الفعال الجاد للوصول إلى الوحدة الاندماجية ، وإلاّ فيكون مصيرنا ( ألا نكون ) حقاً وفعلاً وأثراً ، والله المستعان .

428

| 23 يوليو 2014

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

1992

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

1593

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

1122

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1083

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

927

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

666

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
مشــروع أمـــة تنهــض بــه دولــة

-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...

663

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
حين يتقدم الطب.. من يحمي المريض؟

أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...

663

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
احتفالات باليوم الوطني القطري

انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...

558

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

534

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
التحول الرقمي عامل رئيسي للتنمية والازدهار

في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...

513

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
أول محامية في العالم بمتلازمة داون: إنجاز يدعونا لتغيير نظرتنا للتعليم

صنعت التاريخ واعتلت قمة المجد كأول محامية معتمدة...

480

| 26 ديسمبر 2025

أخبار محلية