رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في قلب الرمال المحاصرة، يتكسر غرور القوة على صخرة غزة، حيث لا تنفع الجرافات، ولا تهدي الأقمار الصناعية طريق الخروج من التيه. الاحتلال يطارد وهم الحسم، لكنه يغرق أعمق في مستنقع الاستنزاف، بلا نصر ولا مخرج، فيما تظل غزة – رغم المحرقة – عصيّة، صلبة، تأبى الانكسار. مع تجاوز العدوان على قطاع غزة شهرها العشرين منذ اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تتسع دائرة المأزق الصهيوني، ويتكرس عجز المشروع الصهيوني في واحدة من أكثر المعارك تعقيدًا في تاريخه. تتشابك العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية على نحو يعمّق التيه الصهيوني ويبدد أوهام الحسم. عسكريًا: رغم تفوقه الناري المطلق، يفشل الاحتلال في تحقيق حسم ميداني نهائي. القوة الغاشمة اصطدمت ببنية دفاعية متطورة نسجتها المقاومة في الظل، عبر شبكة أنفاق متعددة المستويات، وعمليات متكررة ومتجددة مؤلمة. أكثر من 32 فرقة مشاة ومدرعة عجزت عن تفكيك بنية المقاومة أو تصفيتها، في مشهد يعيد إلى الأذهان فشل الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان. وهنا، تتحول معادلة التفوق إلى عبء: كل خطوة عسكرية تُراكم الكلفة وتستنزف الجبهة الداخلية دون جدوى حاسمة. سياسيًا: تتآكل شرعية (إسرائيل) على الصعيد الدولي، في ظل الإدانات المتزايدة من المؤسسات الأممية، والتقارير الحقوقية التي وثّقت جرائم الحرب بحق المدنيين في غزة. في الداخل، يعاني النظام السياسي من تمزق حاد، مع تصاعد الخلاف بين أقطاب اليمين المتطرف حول مستقبل القطاع، ومصير العملية العسكرية، وآفاق ما بعد الحرب. في الخارج، فقدت (إسرائيل) القدرة على تسويق روايتها الأمنية، وبدأت موجة وعي عالمي غير مسبوقة تفضح النفاق الأخلاقي الغربي، وتعيد الاعتبار للحق الفلسطيني. اقتصاديًا: تشير التقديرات إلى أن تكلفة العدوان تجاوزت 70 مليار شيكل حتى منتصف 2025، تشمل نفقات عسكرية مباشرة وخسائر في الإنتاج والسياحة وتكاليف التعبئة المستمرة. كل سيناريو يُطرح، من إعادة احتلال القطاع إلى إدارة أمنية طويلة الأمد، يعني التورط في مستنقع إداري وإنساني مكلف، وسط تعاظم حملات المقاطعة الدولية، وقلق رؤوس الأموال من مستقبل الدولة ككل. ارتدادات متسارعة: من خانيونس إلى الجبهة الداخلية بالتزامن مع الإعلان المفاجئ عن وقف إطلاق النار بين إيران ودولة الاحتلال بعد أسابيع من الضربات المتبادلة، تلقّت (إسرائيل) صفعة ميدانية جديدة في خان يونس، حيث قُتل 7 ضباط وجنود من قوات النخبة في كمين محكم يوم 25 يونيو، ما يعكس هشاشة السيطرة حتى في المناطق التي أعلن الاحتلال "تطهيرها". وبحسب مركز عكا للشؤون الإسرائيلية، بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال شهر يونيو وحده ما لا يقل عن 53 قتيلًا. هذا التصاعد الدموي جاء في لحظة حرجة تعيشها الجبهة الداخلية، حيث يتزايد الغليان داخل الشارع الصهيوني، لا سيما في صفوف عائلات الأسرى، التي تعتبر أن حكومة نتنياهو تضيّع فرصة الصفقة عبر المكابرة السياسية. وتحوّلت تظاهرات تل أبيب إلى احتجاجات ضاغطة تطالب بوقف الحرب والتفرغ لاستعادة الأسرى، وسط شعور متزايد بالعجز والتخبط. وفي ظل توقف المواجهة مع إيران، ينصبّ تركيز الاحتلال بالكامل الآن على الجبهة الجنوبية، وسط حالة إنهاك استراتيجي وشرخ اجتماعي آخذ بالتعمق، يدفع نحو ضرورة إعادة تقييم الموقف. هنا تُطرح من جديد وبقوة مسألة اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، سواء كصفقة شاملة تشمل الأسرى، أو كترتيب أمني مؤقت يتيح الخروج من التيه العسكري والسياسي الراهن، خصوصًا في ظل العجز عن تحقيق نصر واضح، وتآكل الرواية الرسمية أمام تصاعد الكلفة وفشل الأهداف. غزة ليست عبئًا، بل عقدة استراتيجية تتفجر في وجه من يحاول كسرها. في أفق الحرب: ورغم أن المشهد يبدو مغلقًا تحت سطوة اليمين الصهيوني، إلا أن تصاعد الضغط الدولي والأممي قد يفرض تسوية قسرية، تشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، أو إشراك أطراف إقليمية في هندسة "اليوم التالي". لكن هذه الرؤى، من دون معالجة جذرية للكارثة التاريخية التي أنتجت الاحتلال، ستظل حلولًا هشة لا تصمد أمام الوعي الجمعي الفلسطيني المقاوم. في النهاية، يظل الاحتلال أسير سياساته العسكرية الفاشلة، وغزة تظل شاهدًا صامدًا على فشل القوة في مواجهة الإرادة. (إسرائيل) تتيه في ماضيها المتخم بالدمار، تحاول اقتلاع مدينة لا تموت.
381
| 03 يوليو 2025
معركة السردية ليست مجرد صراع إعلامي، بل هي معركة على الوجود والهوية. فبينما سعى الاحتلال لاحتكار الرواية وتزييف التاريخ، نهضت غزة من تحت الركام لتروي قصتها بلغات الدم والمقاومة. لم تعد غزة مجرد مكان للمعاناة، بل أصبحت رمزًا للكرامة والصمود، تكسر حاجز الصمت وتفضح جرائم الاحتلال بأدوات المقاومة الحديثة. ومع تحول السردية الفلسطينية إلى قضية إنسانية عالمية، تنكشف أكاذيب الاحتلال وتنهار الرواية الإسرائيلية التي كانت تدعي الدفاع عن النفس. هذه المعركة لم تكن فقط من أجل الإعلام، بل من أجل الحق في البقاء، ومن ينجح في رواية حكاية الشعب، يكتب التاريخ ويحدد مصير الأمة. ليست معركة غزة مجرد مواجهة عسكرية أو نزاع سياسي، بل هي حرب وجود، صراع على الهوية والذاكرة والحق في رواية القصة. منذ اللحظة الأولى، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى احتكار السردية وتزييف التاريخ، ليصوغ رواية تبرر إبادة شعب كامل تحت شعار الدفاع عن النفس. لكن غزة، رغم الركام والدمار، انتفضت بصرخات أمهاتها، وصور أطفالها، ودموع شعبها، لتحطم جدار الصمت الذي حاول الاحتلال فرضه على العالم. لم تعد غزة حكاية معاناة فقط، بل أصبحت شعلة كرامة وصمود، ومقدمة خطاب تحرري جديد، يحطم أساطير الاحتلال ويكشف عن جرائمه بوضوح لا يقبل الشك. معركة السردية ليست مجرد صراع إعلامي، بل هي امتداد لصراع الوجود ذاته، حيث باتت الرواية الفلسطينية تتحدى رواية الاحتلال التي بنيت على الخوف المبالغ والمظلومية المُفتعلة. فبينما كانت وسائل الإعلام الغربية تستنطق «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، انكشفت الأكاذيب أمام صور القتل الجماعي والقصف العشوائي الذي استهدف المدنيين العزل. وهنا، تحولت غزة إلى منصة عالمية، يتابعها الملايين من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي كسرت احتكار الاحتلال للواقع، وأتاحت للكل سماع صوت الضحايا في الزمن الحقيقي، ما جعل السردية الفلسطينية تنتقل من هامش التاريخ إلى قلبه، من ضحية إلى بطل، ومن مكسور إلى منتصر أخلاقي ورمزي. هذا الانتصار في السردية ليس انتصارًا إعلاميًا فحسب، بل هو انتصار وجودي يعيد كتابة التاريخ، ويقلب موازين الشرعية الدولية. ففي حين تهاوت السردية الإسرائيلية التي حاولت تبرير المجازر، بدأت أصوات دولية وشعبية تتغير، فقد انطلقت مظاهرات تضامن عالمية في العواصم الكبرى، وظهرت مواقف دولية متجددة تدين الاحتلال وتطالب بإنهاء العدوان. الصحفيون والناشطون الفلسطينيون، رغم الاستهداف المباشر، واصلوا توثيق المجازر والانتهاكات، ليقودوا حربًا رقمية تحطمت فيها أسطورة «الحق الإسرائيلي» وزادت الحجة القانونية على جرائم الحرب والإبادة الجماعية. أما على صعيد الصراع العسكري والسياسي، فقد دخلت الحرب في مرحلة استنزاف طويلة لم تكن في حساب إسرائيل، التي شهدت تمزقات داخلية وانهيارًا في الخطاب الوطني والأخلاقي، إذ لم يعد بإمكانها تحقيق نصر حاسم على جهة غير دولة مثل حماس، رغم الدعم العسكري واللوجستي الضخم من حلفائها. فها هي الأيام تتوالى، وتُشبه تلك الحرب التي وصفها القائد بيني غانتس بـ»حرب الـ600 يوم»، مشيرة إلى فشل الاحتلال في القضاء الكامل على المقاومة. وفي المقابل، أثبتت المقاومة الفلسطينية صمودًا غير مسبوق، تجاوزت تجارب من سبقوها كحزب الله في 2006، ولم تكتف بالمواجهة العسكرية، بل دخلت في مفاوضات سياسية على أعلى المستويات، مما يعكس تحولًا تاريخيًا في موازين القوى. غزة، رغم الحصار والقصف، لم تُكسر ولم تُمحَ من الذاكرة أو الوجود، بل صارت صوتًا مسموعًا يفرض نفسه على الساحة الإقليمية والدولية، مضيئة طريق النصر الذي لا يقاس فقط بالأرض أو السلاح، بل بالشرعية والوعي والكرامة. المرحلة الراهنة تحمل في طياتها مفترق طرق خطيراً، لا يعود فيه النصر لمن يملك القوة العسكرية فقط، بل لمن يملك القدرة على صياغة السردية التي ستبقى للأجيال. فالمقاومة الفلسطينية، التي تواجه الهجمة الشرسة والتدمير المتواصل، تصنع قصة انتصارها عبر البقاء، عبر تثبيت حقها في الحياة والحرية، عبر فرض سرديتها على العالم. إسرائيل من جانبها، تواجه أزمة وجودية وأخلاقية وسياسية، مع تصدع تحالفاتها وتراجع شرعيتها أمام المجتمع الدولي. في هذه المعركة، التي هي أصعب وأعمق من المواجهات العسكرية، تكمن الرسالة الأهم: من يكتب التاريخ، يحدد مصير الأمة. ومحرقة غزة لم تكن فقط مأساة إنسانية، بل انتصارًا للسردية الفلسطينية التي تحولت إلى قضية عالمية، تفضح الاحتلال وتطالب بالعدالة والحرية. إن النصر الحقيقي اليوم هو انتصار الكلمة، والذاكرة، والكرامة، التي تعانق الدم والدمع، وتمضي نحو مستقبل يحمل بشائر الحرية التي لن تسقط.
363
| 05 يونيو 2025
إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ليست مجرد خطوة سياسية، بل هي مسار لتوحيد الشعب الفلسطيني بكل فصائله وشرائحه، وتحقيق تمثيل حقيقي للداخل والخارج. من خلال إصلاح هيكلها وتفعيل دور الجاليات الفلسطينية، وتعزيز الشراكة بين الفصائل، نعيد للمنظمة مكانتها كممثل شرعي وموحد للشعب في مواجهة الاحتلال. إنها ضرورة تاريخية لبناء قيادة ديمقراطية عادلة، تعكس تطلعات الفلسطينيين في العودة والحرية، وتؤسس لجبهة قوية قادرة على التصدي لكل التحديات. إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بشكل ديمقراطي وعادل هو خطوة أساسية نحو تحقيق وحدة وطنية حقيقية. هذا التوجه يستهدف تعزيز تمثيل جميع فصائل الشعب الفلسطيني، سواء في الداخل أو في الخارج، وتوحيد الجهود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. لا يمكن للمنظمة أن تكون ممثلة فعالة إذا لم تشمل كافة التوجهات السياسية الفلسطينية، بما في ذلك الفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي. لذلك، من الضروري أن تبدأ عملية الإصلاح بإعادة هيكلة اللجنة التنفيذية وتنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، تشمل جميع المناطق الفلسطينية الداخلية والشتات. إلغاء نظام الكوته واعتماد مبدأ التمثيل الجغرافي والجماهيري يعزز من الديمقراطية داخل المنظمة، ويعيد لها اعتبارها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. إصلاح منظمة التحرير ينبغي أن يشمل بناء شراكة سياسية حقيقية بين الفصائل الفلسطينية، بحيث يتم إقرار اتفاقات شراكة تضمن تمثيلًا عادلًا للجميع، بما في ذلك القوى الإسلامية والمستقلين. إعادة صياغة البرنامج السياسي للمنظمة يجب أن تشمل قضايا أساسية مثل حق العودة وتقرير المصير، مع الحفاظ على القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. هذا البرنامج ينبغي أن يتوافق عليه الجميع ويجمع بين التوجهات الوطنية المختلفة، ويعكس تطلعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. من جهة أخرى، تعزيز دور الجاليات الفلسطينية في الخارج يعد أمرًا بالغ الأهمية. يجب تنشيط هذه الجاليات وتفعيل دورها في الدعم السياسي والاقتصادي للقضية الفلسطينية. كما ينبغي تشجيع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، مثل المنظمات العمالية والطلابية والنسائية، على الانخراط في العمل السياسي من خلال انتخابات ديمقراطية وشفافة. أيضًا، يجب معالجة الهيمنة الفردية داخل منظمة التحرير، بحيث تكون السلطة موزعة بين مختلف الفئات الفلسطينية، بما في ذلك الشباب والنساء والمستقلين. وهذا يتطلب تغييرات في طريقة اتخاذ القرارات داخل المنظمة، بحيث تكون أكثر توافقًا مع احتياجات الشعب الفلسطيني. على الصعيد الإقليمي والدولي، من المهم بناء علاقات أقوى مع الأنظمة والحركات العربية، وتعزيز الشراكات مع القوى الإسلامية العالمية. كما يجب تعزيز حضور فلسطين في المحافل الدولية، مما يساهم في زيادة الدعم الدولي للقضية الفلسطينية ويعزز من موقف منظمة التحرير في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. الخلاصة أن إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب خطة شاملة تشمل الإصلاح السياسي، الهيكلي، والتمثيلي، بحيث تكون المنظمة ممثلًا شرعيًا وقويًا لجميع فئات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. هذا الإصلاح سيعزز من وحدة الشعب الفلسطيني ويجعل المنظمة أكثر قدرة على التصدي للتحديات الداخلية والإقليمية والدولية.
768
| 20 مايو 2025
في الوقت الذي كان فيه الحديث عن «الانقسام» في الماضي يهيمن على الساحة الفلسطينية، ومع تطورات الأحداث الكبرى كحرب غزة «طوفان» و»محرقة»، ظهر تطور جديد يعكس تكريس التفرد بالقرار الفلسطيني، وهو تعيين حسين الشيخ نائبًا للرئيس، دون العودة إلى القانون الأساسي أو المؤسسات المختصة، ودون أي مرجعية من منظمة التحرير أو الفصائل الفلسطينية. هذا التعيين يعزز من حالة الاستفراد بالسلطة ويزيد من تعميق الأزمة السياسية الداخلية، في وقتٍ تحتاج فيه القضية الفلسطينية إلى إعادة بناء الوحدة الوطنية عبر انتخابات حرة وشاملة، بعيدًا عن التعيينات الأحادية التي لا تعكس الإرادة الشعبية ولا تضمن التمثيل العادل لجميع الفلسطينيين. في الآونة الأخيرة، أصبحت كلمة «الانقسام» ممجوج فلسطينيا تكرارها، حيث ارتبطت بفترةٍ طويلةٍ من التوترات والصراعات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، بدءًا من نتائج انتخابات 2006 وتناحر الفصائل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وصولًا إلى محاولات المصالحة التي فشلت مرارًا وتكرارًا. ورغم هذه الفترة العصيبة، فقد شهدت الساحة الفلسطينية تطورات جديدة تمثلت في انتهاء الحديث عن الانقسام باعتبار اليأس بلغ مداه والوقائع أكبر منه ومع صمت المؤسسة الرسمية الفلسطينية المخزي على إبادة شعبهم في غزة، ومع الأحداث الكبرى مثل محرقة غزة والانتخابات الفلسطينية الملغاة، سقطت كل محاولات تسويغ استمرار الانقسام، وبدا المشهد صارخا باختطاف القرار الفلسطيني عيانا. وأكد ذلك متغير خطير آخر يعكس التراجع في استعادة الوحدة الوطنية. في تعيين حسين الشيخ نائبًا للرئيس الفلسطيني، وهو تعيين غير قانوني يعكس حالة التراجع عن الالتزام بالقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية. هذا التعيين جاء بدون العودة إلى المؤسسات المختصة أو الالتزام بالإجراءات القانونية المعمول بها، مما يعكس استمرار نهج التفرد بالقرار الفلسطيني. وكأن هذا التعيين يأتي ليكرس الواقع المهيمن من جهة واحدة، بعيدًا عن أي مرجعية من منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية أو حتى حركة فتح أو الفصائل الفلسطينية الأخرى. ما يزيد من تعقيد الوضع هو أن هذا القرار جاء دون أي حوار حقيقي بين الفصائل الفلسطينية أو تشاور حوله، وهو ما يعمق أزمة الشرعية داخل النظام الفلسطيني ويزيد من عزلته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال الصهيوني في انتهاكاته، وتتعاظم معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة، تزداد حالة الجمود السياسي الفلسطيني بسبب هذا النوع من القرارات الأحادية. اليوم، لم يعد الحديث عن الانقسام الفلسطيني ذا معنى. بل هناك تفرد قمعي ديكتاتوري بالقرار السياسي الفلسطيني من قبل قوى معينة تدعي تمثيل القضية الفلسطينية، لكن الحقيقة هي أن هذا الفريق لا يمثل سوى نفسه، حيث انفضت عنه الفصائل والشعب الفلسطيني ولا يشمل أياً من أطياف الشعب الفلسطيني بما فيها حركة فتح. في ظل هذا الواقع، أصبح من الضروري التفكير في خطوة وطنية حقيقية تخرج من حالة الجمود، وهذه الخطوة تتمثل في استعادة الوحدة الوطنية على أساس البرنامج الوطني الجامع، من خلال انتخابات حرة ونزيهة تشمل الضفة وغزة والشتات. إن استعادة التمثيل الشرعي للفلسطينيين يجب أن تكون من خلال آليات ديمقراطية، بعيدًا عن التعيينات الفردية التي تُعزز من التفرد بالسلطة. لا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس البرنامج الوطني المشترك، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثلة لجميع الفلسطينيين، ولا سيما عبر تقوية آليات العمل المشترك بين جميع الفصائل الفلسطينية. إن الخطوة الحقيقية نحو الوحدة تكون بإنشاء قيادة جامعة تتمتع بشرعية جماهيرية وتنبثق من حراك شعبي حيثما تواجد الفلسطيني، وتعمل لتحقيق الأهداف الوطنية بعيدًا عن أي ضغوط سياسية أو إملاءات خارجية. تحتاج القضية الفلسطينية اليوم إلى تجسيد حقيقي للتمثيل الفلسطيني العادل، والذي يحفظ الحقوق الفلسطينية ويصوب مسارها. هذا يمكن أن يحدث فقط إذا تم تفعيل العمل الوطني المشترك بناء على ميثاق شرف فلسطيني موحد، يشمل الجميع ويعمل على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
405
| 28 أبريل 2025
مشهد محرقة غزة يعكس ما يعيشه الشعب الفلسطيني والمستضعفون في الأرض تحت عدوان نازي بربري تقوده عصابات صهيونية تستند إلى عقدة تفوق عرقي ونرجسية خرافية تجاه غير اليهود (الجوييم). هذه العصابات جُلبت إلى فلسطين بدعم بريطاني ورعاية أمريكية حتى حدود السقوط الأخلاقي والإنساني الكامل. لقد هجّرت هذه العصابات الشعب الفلسطيني من أرضه، ولا تزال آثار وعد بلفور المشؤوم ماثلة، ويسعى اليوم بايدن وزمرته من ورثة بلفور وسايكس بيكو لتمديد هذا الظلم. وهو ما يستدعي وقفة وعي متجددة لترسيخ مشروع التحرر والحق الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة، تستثمر ملحمة غزة الأسطورية وتضحياتها. * لقد تبنت المنظومة الاستعمارية العالمية منذ القرن التاسع عشر فكرة إنشاء كيان يهودي سياسي في فلسطين، يُبقيه خاضعًا لنفوذها ويكون أداة لتفتيت المنطقة، فكانت اتفاقية سايكس-بيكو، ثم جاء وعد بلفور عام 1917 كتتويج لهذه السياسة الاستعمارية، مقابل موقف العرب الداعم لبريطانيا ضد الدولة العثمانية. وقد منح الوعد لليهود حق إقامة وطن في فلسطين، مع الحفاظ على امتيازاتهم السياسية في بلدانهم الأصلية، مما شجع على الهجرة دون خسارة حقوق المواطنة، وهو ما حمل بذور زوال الكيان، إذ ساهمت الصراعات القاسية في دفع الهجرة المعاكسة. وتُعد ملحمة غزة الجارية اليوم أحد فصول هذا الصراع، وقد تكون مؤشرًا على سقوط المشروع الاستيطاني، حيث يتهاوى تحت دماء الأطفال والنساء الأبرياء. إن وعد بلفور صدر عن قوة لا تملك، فقد كانت فلسطين تحت السيادة العثمانية التي رفضت ذلك الوعد، وبريطانيا لم تملك حق منح الأرض لليهود. والأسطورة القائلة بأن فلسطين «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» تتناقض مع الواقع؛ إذ كان الفلسطينيون يشكلون حينها أكثر من 98 % من السكان. ورغم أن الوعد منح أقلية مهاجرة حق إقامة كيان، إلا أنه تجاهل تمامًا حقوق الأغلبية التاريخية من الشعب الفلسطيني. * مستقبل القضية الفلسطينية لا ينفصل عن محيطها العربي والإقليمي والدولي، بل يُصاغ في قلب هذا التفاعل، وتجسّده اليوم ملحمة غزة التي تعمّق حضور فلسطين في الوجدان الإنساني العربي والإسلامي والعالمي. فقد شكّل وعد بلفور نقطة تحوّل مأساوية في تاريخ فلسطين، حين منحت بريطانيا، بدعم منظومة الظلم الدولية، ما لا تملك لمن لا يستحق، لتكرّس وجود العصابات الصهيونية على أرض فلسطين منذ أكثر من قرن. ومن هذا السياق، نؤكد أن من واجب بريطانيا وأمريكا ومنظومة الهيمنة الدولية الاعتذار عن وعد بلفور وما ترتب عليه من سياسات الإبادة والاحتلال والتهجير التي بلغت ذروتها في محرقة غزة الجارية، بكل ما لذلك من تبعات قانونية وسياسية ومعنوية. إن استمرار المشروع الصهيوني يرتبط بمحاولات تجديد نكبة ثالثة، تُستعمل فيها أدوات التطبيع وإعادة ترسيم خرائط المنطقة وفق رؤية استعمارية تقوم على التقسيم الجغرافي والطائفي، لإدراج المنطقة ضمن «الحظيرة الإسرائيلية» في زمن الهيمنة الأمريكية. ومن النكبة الأولى عام 1917 إلى النكبة الثانية في 1948، وحتى المحرقة المتجددة اليوم، يواصل الشعب الفلسطيني صموده وانتقاله من ثورة إلى انتفاضة، ومن تهجير إلى مقاومة، مقدماً الشهداء والجرحى والمعتقلين واللاجئين، في مواجهة منظومة دولية منحازة، تتغاضى عن المجازر والدمار والجرائم في غزة، التي تحولت إلى مقبرة جماعية تُقصف فيها المساجد والكنائس والمشافي والمدارس. ورغم كل ذلك، أسقط أبناء غزة، في لحظة واحدة، أوهام المشاريع الممتدة من بلفور إلى بايدن وترامب، وجعلوا الكيان الوظيفي يجثو على ركبتيه في أولى دقائق «الطوفان»، لتنكشف هشاشته ويظهر للعالم أن جيشه «الذي لا يُقهر» يحتاج لحماية الأساطيل والجيوش الأجنبية، وأنه مجرد أداة في يد قوى الهيمنة والظلم.
864
| 10 أبريل 2025
إنها معركة تفاوض قائمة في محرقة غزة، والمصلحة تقتضي صفقة تبادل شاملة، والتي ستزيد من الضغط على الاحتلال وتحقق جملة أهداف، وفصائل المقاومة مستثمرة وجود أسرى ترغم الاحتلال على الجلوس إلى الطاولة، واستجابت بمرونة ذكية لمقترح اتفاق الإطار في باريس وتقف عند محددات رئيسية وتتمثل في وقف إطلاق النار والانسحاب الشامل وعودة المهجرين والإغاثة الكاملة وتبادل أسرى. وتدير حماس التفاوض بوضوح رؤية ووحدة موقف وإسناد شعبي مع مناورات تكتيكية ما بين الثابت المتغير وتكثيف الجهود بسمت وطني وموقف موحد وبما يخدم حقوق شعب غزة والأسرى. وفي سياق تطوير الأداء التفاوضي لحماس وهي تخوض جولات مفاوضات ماراثونية في إطار محرقة غزة ينبغي التفاوض بشكل علمي أكثر ومدروس ومخطط له لتحقيق الأهداف، وتأتي هنا أهمية وضرورة قيام الوفد الفلسطيني المفاوض بأكثر من مهمة تلقي المقترحات والرد عليها، وإنما ممارسة جملة من المهارات التفاوضية اللازمة التي تشتت العدو وتضعه في الزاوية. ومن اللازم صناعة وحدة حال وتكامل بين المنابر الإعلامية المختلفة، وكذلك تنسيق تام بين القيادة السياسية والعسكرية، وتواصل مستمر مع الوفد المفاوض فيما يتم تناوله من تصريحات إعلامية، ولضمان تحقيق إنجازات سياسية، تتناسب مع التضحيات والإنجازات الميدانية، وبما يحقق الأهداف الوطنية وآمال وطموحات شعبنا. والاجتهاد في كسب الوسطاء وتوسيع دائرتهم، والأولوية للوسيط القطري والمصري، بحكم الدور التاريخي والمعاصر والقرب الجغرافي والامتداد القومي، مع المطالبة بمشاركة أطراف دولية أخرى كجهات وهيئات دولية ضامنة وأخرى استشارية، لإلزام الاحتلال بالاتفاقيات، وهذا بحاجة إلى تشكيل وفود تفاوضية وبعثات دبلوماسية تتحرك في الخارج، مع التذكير بأهمية تحقيق شراكة مع فريق من الخبراء والمستشارين، وتوفير فرصة لتواجدهم الإيجابي غير الرسمي أو المعلن في المفاوضات. بعد فشله المدوي المتراكم منذ السابع من أكتوبر، نتنياهو يدير معركة تفاوضية بالرقص على رؤوس الأفاعي بضمان شبكة أمان لحكومته الفاشية والتماهي مع رأي عام يريد استمرار الإبادة، ويدير معركة إعلامية فيعلو عنده خطاب هدنة بمرحلة واحدة على وقف إطلاق نار خاصة أنها مفاوضات تتجاوز حدود صفقة تبادل إلى مستقبل غزة بعد المحرقة. نتنياهو وحكومة اليمين يعقد الأمر ليفشل الصفقة أو بالحد الأدنى يحسن الشروط التفاوضية التي يستند إليها فيضع معوقات رغم ما يعاني من تنازع وتشظٍ داخلي واستقالات، بينما الجيش لا يضغط بثقله رغم أنه يغرق في الوحل، وضغط أهالي الأسرى والمعارضة لم يشكل فارقا. ونتنياهو يريد مواصلة العدوان ويهرب إلى الأمام ويشتري مزيد وقت مراهنا على ضغط أطراف إقليمية على حماس، متهربا من استمرار ضغط عليه من محكمة العدل والجنائية والشارع الدولي وأهالي الأسرى محاولا النجاة من سوء مستقبله السياسي والقانوني بالهرب للأمام من أي خطوة تصل إلى وقف إطلاق النار ويراوغ في كل ذلك بعد فشله الذريع في تحقيق أي من أهداف المحرقة وجرائم الإبادة، وفي ظل الكارثة الإنسانية التي يستغلها نتنياهو بشكل لاأخلاقي في التفاوض مستفيدا من عار الإنسانية التي تلوذ بالصمت وتجعل من القتل والجوع والمرض للمدنيين والأطفال والنساء أداة تفاوض في يد نتنياهو، والذي يشتري الوقت متنقلا بين وثيقة الإطار الأول في باريس والثاني وجولات الدوحة والقاهرة وروما، ثم يريده مرحلة واحدة بدل مراحل ثلاث، ويحاول توظيف تصعيد الجبهة الشمالية والانتخابات الأمريكية والضغط على شعب غزة بالقتل والتجويع. في المقابل أمريكا كمفاوض رئيسي وليس وسيطا تسعى إلى وقف مؤقت بعبارة فضفاضة أملا في كسب ورقة انتخابية لصالح الحزب الديمقراطي واعتماده مقدمة لحل سياسي طبعا تطبيع ومشهد فلسطيني خال من حماس مع مسمى دولة فلسطينية. ومن هنا جاء ضغط بايدن الشديد والمتزايد لعقد صفقة تبادل تحسن الموقف الانتخابي وترفع عنه قليلا حرج المجازر البشعة المتزايدة والصور المروعة التي تخرج من غزة، وتعقد موقفه بعد انتفاضة الطلاب وتحول الرأي العام الأمريكي، وحرق الطيار الأمريكي بوشنيل نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وأصبح هدنة مطلب أمريكي ملح من بايدن حالة عدم تحققها تمس بهيبة أمريكا وتزيد من ضعفه وختام سيئ لتاريخه السياسي وتراجع فرصهم الانتخابية. وبضغط أمريكي تسعى الهدنة المرجوة أمريكيا للجم مخاطر استمرار المحرقة واحتمالات التوسع وخاصة في الضفة والجبهة الشمالية والحرب الإقليمية وردود الفعل الشعبية، وإدراكه حاجة جيش الاحتلال لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق. هذه الهدنة تحاول أمريكا تمريرها بشكل تفاوض مباشر تشرف عليه وتضغط في اتجاه واحد وتوظيف قرار في مجلس الأمن وبذلك تحاول تنفي التلوث الذي أصابها نتيجة الفيتو المتكرر والشراكة الكاملة في جرائم الإبادة. المفاوضات علم وفن، ولا يمكن الفصل بينهما، وهي ليست عملية عفوية، فهي عملية منظمـة، لها شروط، ومبادئ، واستراتيجيات، وتكتيكات، لا بُدّ من توافرها لضمان نجاح أي عملية تفاوضية، إضافة إلى ضرورة وجود مفاوضين مؤهلين، ذوي صفات ومهارات خاصة، وتعتبر الإدارة السليمة للمفاوضات، من الضرورات المهمة لإنجاح الجهود المتعلقة بها، فإذا فُقدت أو تجاهلها المفاوضون، كانت النتيجة حتمًا سلبية.
597
| 29 أكتوبر 2024
حياتنا القصيرة مليئة بالدروس العظيمة في الإدارة والتخطيط والإعداد تدفعنا أن نساهم في تأسيس مرحلة لذواتنا إن فن التوغل في مسالك العمل والانسياب الواثق يجيده من أيقن بأن النصر حليف المؤمنين وأن المستقبل لهذا الدين.. يمضي قدماً بلا التفات للوراء حيث الإغراء بالنكوص.. والهم بالتراجع. عدا التفات المهندس المتقن البارع كلما أنجز خطوة التفت وأبصر ما قد يكون من نتوء أو هبوط أو نشاز فيعود يُشذب ويهذب وينحت ويستبدل ويملأ الفجوات. كذلك العمل العام الجماعي كلما توغلت مسافة احتجت لوقوف لرؤيته من زواياه فتكمل النقص النوعي وتلائم المختلف وتسد الفراغ وترد الزائد وتبرز المغمور وتضبط التوازي. فالعمل كقافلة سائرة كلما قطعت شوطاً أو تقدمت مرحلة خرج عنها القائد وهي مستمرة في توغلها، فاستعرضها، وفتش رباط الأحمال، وانتباه الحرس والتقط الساقط، وقارب بين البعيدين، ومن هنا كان التقويم الدوري عنصراً مهماً من عناصر التنفيذ في الخطة العامة وجزءاً أصيلاً من النهج السليم والتخطيط القويم والتأكيد على ضرورته لشدة ما أغفله واقع العمل العام اليوم. والرقابة جزء مهم وفاعل من مسيرة العمل المنظم المترابط، حيث تأتي سابقة للعمل في محاولة للتأكد من حسن الإعداد والجاهزية للانطلاق. كما تأتي كذلك متزامنة ومصاحبة للعمل كي تكشف الثغرات وتقيل العثرات لحظة وقوعها حيث الاستدراك السريع والنهوض العاجل لتلافي آثار الأخطاء ونتائجها. وهي لاحقاً حال الانتهاء من التنفيذ تعيد النظر فيما تم إنجازه وفيم تحققت أهدافه ليكن اليقين بتحقيق الأهداف وإنجاز الخطة كاملة. والترابط لذلك بين التخطيط والرقابة والتقييم لازم حيث أساس المتابعة الدقيقة والتقيد الجيد بحسن الأداء. وحال المقارنة بين التخطيط والتنفيذ ضرورة كشف الثغرات والثلمات لتصحيحها واكتشاف موطن الخلل فإذا حمل التخطيط خللاً كان قرار التعديل في الخطة كي تواجه مستحقات الواقع بعيداً عن تفاؤل مفرط أو تشاؤم مُغرق – وإلا فالتعديل يستحقه التنفيذ مع ضرورة التأكد من موطن الخلل هل بسبب مباشر من المنفذين أم بطارئ أحدث تجاوزاً، وكلٌ بحاجة إلى أسلوبه الخاص وطريقته الفضلى في التعديل والتحسين. علاوة على أن دراسة الأخطاء ومعالجتها من خلال منهاج الله تبارك وتعالى ووعي الواقع يجعل من الأخطاء مدرسة عظيمة في حياة الصادقين. وهذه صورة التدريب المستمر في مدى تحمل الرعاة مسئولياتهم ومدى التزامهم بقواعد العمل العام ونهجه ونظامه الإداري بوضوح وصدق، والصدق والوضوح أسسا الإيمان والتقوى علاوة على أنهما جوهر الأدب والإخلاص ومن ثم أسس المعالجة والإصلاح. والتحذير هنا ضرورة من سلوك خاطئ يخلط بين المتابعة والتقويم وتتبع العورات والرغبة في كشفها "إنك إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم". والعورات التي لا يجوز تتبعها هي ما لا يؤذي المسلمين ولا العمل العام وهي عيوب سترها الله على عبده فلم يفضحه بها فيأتي المسلم ويتتبع ما خفي ليكشفه ويعلنه. إن هذه الظواهر الحيوية تعلمك أن تقدم العمل في تطبيق خططه المرحلية ليس سباقاً نحو الهدف البعيد، وإنما يستطاع فيه الوقوف بعض الأحيان لمراجعة الرصيد ورؤية الثغرات الحادثة وسدها. فالعمل لا يكفي فيه ضرورة تعلم الإصلاح العام بل لا بد من استدراك تعالج فيه الأعراض الجانبية السلبية لعملية الإنجاز الملموس. نحن مع نهاية عام، نستذكر أنه مطلوب منا كآحاد تكريس معاني التخطيط العميق والتنفيذ الدقيق رغم شح من الإمكانات، مع تحليل البيئة بشقيها الداخلي والخارجي بتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر التي نحياها، ومع ملامسة عالية لمساحات العمل المنتجة للإنسان، وهذا ما تجسد سلوكاً في ملامح الإنجاز الاستراتيجية وأنتم بحاجة إلى الصبر الجميل والنفس الطويل وعدم تعجل الثمرة قبل أوانها. ونحن نطوي عام 2019 في مسيرة كل واحد منا ونفتتح عاماً؛ نؤكد أن حياتنا القصيرة مليئة بالدروس العظيمة في الإدارة والتخطيط والإعداد تدفعنا أن نساهم في تأسيس مرحلة لذواتنا. فهل من مجتهد ومثابر متميز، وموهبة واعدة ليشمروا عن ساعد الجد ويشحذوا هممهم وأقلامهم ويساهموا بجهدهم كي نضع جميعاً قواعد وأسس مسيرتنا من أجل فلسطين الإنسان والأرض. بوركت الدماء والأفكار والهمم والجهود والسواعد التي منحت عامنا الماضي 2019 مزيداً من الخضرة والعطاء، وإلى الأمام..
599
| 29 ديسمبر 2019
الرقابة بمفهومها العام هي عملية متابعة دائمة ومستمرة تقوم بها الإدارة للتأكد أن ما يجري في وحدة العمل يتم وفقاً للخطط والسياسات والبرامج.. والرقابة تشمل جوانب العمل الإداري قاطبة ولا تقتصر على الجانب المالي دون غيره.. والرقابة عملية مستمرة تبدأ مع كل عملية ولا تنتهي أو تتوقف.. والرقابة قد تكون داخلية أو خارجية.. كما أنها لا تقتصر في أدائها على المستوى الإداري الأعلى بل تؤديها كافة المستويات، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، والفكر الإداري الحالي يركز جل اهتمامه على نوعين للرقابة: 1 - رقابة السلطة التنفيذية والمتمثلة في الحكومة والوزارة والأجهزة التنظيمية التابعة لها. 2 - رقابة الرأي العام.. وهي الرقابة الشعبية والمتمثلة في المجالس النيابية والتشريعية. الرقابة في الفكر الإسلامي مستمدة من قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. فتنص الآية الكريمة على ثلاثة أنواع للرقابة: 1 - رقابة الضمير: وهي شعور المرء برقابة الله تبارك وتعالى.. وهي رقابة ذاتية وتظهر في قوله تعالى "فسيرى الله..". 2 - رقابة تنفيذية: وهي رقابة أولي الأمر "ورسوله" وتتمثل في الوقت الحالي برقابة السلطة التنفيذية ورقابة السلطة القضائية. 3- رقابة الرأي العام: وتتمثل في السلطة الشعبية سواء تمثلت في سلطة منتخبة أو علماء أو أفراد وواجبهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والفكر الإسلامي يعول على الرقابة الذاتية ويصدر بها أنواع الرقابة، بينما الفكر المعاصر لا يضع لهذه الرقابة اعتبارا، والإسلام في تحقيقه لرقابة الضمير يجعل من كل فرد رقيباً على نفسه يحاسبها قبل أن يُحاسب وتزن عملها قبل أن يوزن عليها فإذا راقب الفرد ربه فراقب نفسه وكبح جماحها لم يكن في حاجة إلى رقيب، وإذا طرح ربه وراءه ظهرياً أعيا كل رقيب.. وهذا الاهتمام بتحقيق رقابة الضمير في الفكر الإسلامي أدى إلى الاهتمام البالغ في إعداد الفرد ويستخدم لتحقيق هذا الهدف وسائل مختلفة ومتكاملة. رقابة الضمير هي خط الدفاع الأول ضد أي انحراف ولكن الفكر الإسلامي رغم ذلك لم يهمل الرقابة التنفيذية والشعبية وقد جسد الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفهوم الرقابة التنفيذية بقوله: "أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم. قال: لا حتى أنظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا". فكان رضي الله عنه يتابع عماله والولاة ويتفقد أموال المسلمين ويرسل العيون وتمثلت الرقابة القضائية في نظر القضاء بتعدي الولاة وأجور العمال وفي خصومات الجمهور. والرقابة الشعبية التي يجسدها الشعب ويراقب بها ولي الأمر حيث إن الإمام يستمد سلطاته من الشعب. من كل ذلك يتلخص جلياً الدور الفعّال الذي تؤديه الرقابة الذاتية (رقابة الضمير) في تحقيق الجدوى من العمل وفي التخفيف من عبء المراقبة والمتابعة ويغدو حينها كل فرد رقيباً على نفسه يؤدي دوره بكل جودة وإخلاص وإتقان. واليوم كحال الكثير من العلوم يعود العلم في اكتشافاته إلى منهج الإسلام الأصيل ونبعه الصافي فينادي رجال الفكر الإداري في العصر الحديث باعتماد منهج الرقابة الذاتية كسياج أول لحماية العمل الإنتاجي في شتى المواقع وذلك بعد اكتشاف أهميتها العملية والإدارية البارزة في العمل.. فتحقيق رقابة الضمير هو تحقيق للرقابة الفعّالة بأفضل صورها وأنقاها وأقواها.. ولا يمكن تحقيق هذه الرقابة دون بناء الإنسان.. ولا يمكن بناء الإنسان دون منهج السماء المتكامل الراسخ. المصدر: الجزيرة
3950
| 10 ديسمبر 2019
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تغيير رئيسي خطير في المسجد الأقصى، مجزرة صهيونية إجرامية واسعة على غرار حرق عائلة دوابشة، عملية استشهادية توقع عدداً كبيراً من القتلى، وفاة أو استقالة عباس دون خليفة، مشاركة واسعة لقوى الأمن الفلسطينية في انتفاضة مسلحة، قمعٌ متزايد لأجهزة السلطة للانتفاضة الشعبية، وقف كلي لتمويل السلطة. سيناريوهات يتزايد فرص تحقق أحدها أو جلها ستؤدي في النهاية إلى انهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، واليوم تدعو ليفني إلى اجتماع عاجل للجنتي الخارجية والأمن لبحث "انهيار السلطة"، وعلى طاولة الكابنيت الإسرائيلي لثلاث مرات وبشكل مستفيض نقاش محتدم وآراء متزايدة وأصوات ترتفع حول "انهيار السلطة" الوشيك وغياب عباس عن المشهد والذي جاء بكيري لوقف سيناريو "انهيار السلطة" وكذا "وقف انتفاضة القدس" بعد تصريحه الشهير "إذا استمر الوضع الحالي ليس من الواضح متى يمكن للسلطة الفلسطينية البقاء على قيد الحياة".درج رئيس السلطة على التهديد بحل السلطة وتسليم مفاتيحها حتى كان خطابه الأخير الذي ذهب فيه السيد عباس بعيداً في التشبث بالسلطة باعتبارها "إنجازا" لتتحول سلطة حكم ذاتي محدود إلى غاية ولا يقابلها سوى توفير أمن الاحتلال بعد أن كانت السلطة "وسيلة" وخطوة لإزالة الاحتلال وبناء الدولة، وربما التقريع المستمر دولياً وعربياً وفتحاوياً للرئيس عباس دفعه لهذا التراجع البيّن، ليتعاطى مع السلطة أنها "غاية المنى" بدلاً من الدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير كمرجعية وطنية صلبة تضم الشتات الفلسطيني مع قرار عاجل بوقف التنسيق الأمني. منذ أحكمت جنازير دبابات شارون على المقاطعة في 2002م غدت السلطة بلا سلطة، فالاحتلال يرتع معتقلاً وقاتلاً وهادماً للمنازل، وناصباً للحواجز ومغلقاً للمؤسسات والإذاعات في المناطق التي تقع ضمن تصنيف (أ)، علاوة على الإدارة المدنية للاحتلال التي استرجعت كثيراً من صلاحياتها عهد الاحتلال، ونشأ واقع استيطاني توسعي على الأرض يطرح نفسه خياراً وحيداً ممكناً نافياً وشاطباً مشروع "حل الدولتين" (الذي ترفضه إسرائيل عملياً)، والذي يعتبر المدخل الطبيعي لبقاء السلطة التي نشأت وفق فرضية تحولها إلى دولة وفق جدول زمني لم يصل منتهاه، الاحتلال بذلك يلغي مبرر بقاء السلطة. ما بين التنبؤ بسقوطها، والتحول إلى دولة، واعتبارها "دولة تحت الاحتلال"، والبعض يراها مشروعاً إسرائيلياً دولياً لتمرير صفقة، كان مشروع السلطة يتهاوى ويفقد الرهان عليه فلسطينياً، و(إسرائيل) تريدها محطة نهائية لسلطة وظيفية. كل ذلك يشير بأن السلوك المؤدي إلى "انهيار السلطة" سلوك احتلالي بامتياز، مع رغبة "إسرائيلية" لا تخطئها العين بعدم رغبتها في تحمل مسؤولية احتلالها بشكل مباشر، مما يدفعها إلى عدم الوصول إلى "حافة الهاوية" مبقية "سلطة ضعيفة عاجزة" بديلاً عن انهيارها، لذلك تسارع إلى منحها وأمريكا قبلة الحياة عبر أنبوب المال الأكسوجيني وسلسلة تسهيلات حياتية محدودة، أو عبر وعود سرابية جديدة بإحياء العملية السياسية. ويعضد هذا السلوك الإسرائيلي تقديرات أمنية يرتفع صوتها عبر "تقدير موقف" الذي قدمته الأجهزة الأمنية مطالبةً الحكومة الإسرائيلية باتخاذ تدابير ومبادرات لمساعدة السلطة خشية "الانهيار" الذي له تداعيات خطرة على (إسرائيل) سواءً أمنياً أو مدنياً، وفق هذا التقرير المعزز بإشارات هامة باستمرار التنسيق الأمني رغم "انتفاضة القدس" والذي أسهم وفق الرواية الإسرائيلية بمنع أجهزة السلطة (100) عملية منذ مطلع أكتوبر 2104م (تاريخ بدء الانتفاضة) بينما يزيد ماجد فرج أنها أكثر من (200)، وتزعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنها منعت ما يصل إلى (300) عملية، محذرين من أن تطلق السلطة يد المنتفضين، فضلاً عن الخيار الأسوأ أن تضع السلطة ثقلها خلف الانتفاضة بالسماح لأفرادها بالمشاركة كما كان في "انتفاضة الأقصى 2000" والذي قد يؤدي إلى انتفاضة شاملة غير مسبوقة، أو وفق أضعف الإيمان الالتزام بقرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني، وقد يمثل هذا الخيار إعلاناً رسمياً من السلطة عن انهيارها. ولكن يناقض أصحاب أجهزة الأمن الإسرائيلية بعض الأصوات داخل المنظومة الإسرائيلية بأن الانتفاضة اندلعت رغماً عن السلطة وأنها (السلطة) لا مبرر لوجودها طالما فقدت القدرة على القيام بدورها الوظيفي بتوفير الأمن للاحتلال عبر منع الانتفاضة، خصوصاً بعد أن أصبحت سلطتين، وتآكل نفوذها وهيبتها واختزالها في سلطة تنفيذية يجسدها شخص واحد، ومن ذلك لا يمكن الثقة (وفق رأيهم) بسلطة لا تمتلك مقومات البقاء الذاتي لأسباب أمنية واقتصادية وإدارية وسياسية، وأنها بحاجة إلى (حاضنة) بكل الأحوال ولا ضمان لاستمرار السلطة وقد تنهار لاحقاً وتؤول مقدراتها خاصة السلاح والمؤسسات إلى أطراف معادية أو إلى الفوضى والفلتان. والقراءة الإسرائيلية لانهيار السلطة الوشيك قد ينجم عن تصعيد الانتفاضة لدرجة لا تحتملها (إسرائيل)، أو لرحيل محتمل جداً للرئيس عباس ينجم عنه صراع داخل فتح، أو لتصاعد نفوذ حماس، أو لتراجع حاد في تمويل السلطة، وفي ظل الحاجة الإسرائيلية لبقاء سلطة وفق المقاس الصهيوني تواصل التعاون الأمني يهدد يعلون بتوفر البديل الفلسطيني بقوله "إن إلقاء مفاتيح السلطة سيجعل أيدي فلسطينية كُثر من فتح وغيرها مستعدة لاستلامها"، ولعل الكشف عن جاسوس في مكتب عريقات منذ عشرين عاماً يأتي في إطار صراع الوريث لرأس السلطة، والذي يمثل غيابه أحد إرهاصات انهيار السلطة، ومطلوب أن يكون مفتاحها في يد تحفظ مشروع السلطة الوظيفية التي تحمي الكيان الصهيوني، في ظل مزاد الورثة الذي تضرم ناره (إسرائيل)، وفي ظل الخلافات الداخلية التي تعصف بفتح والتي خرجت إلى العلن عبر الفضائيات ولقاءات البث المباشر، ولقاءات التشريعي التي يغيب عنها (16) برلمانيا من فتح. في الوعي الفلسطيني فإن السلطة لم تحقق غاية وجودها وفق فلسفة "حل الدولتين" فضلاً عن أنها تكرست "كسلطة عميقة" منبتة عن "منظمة التحرير" التي شكلت الحاضنة للسلطة فضلاً عن حال المنظمة غير الصحي، مما رسخ الشعور المتزايد باليأس والإحباط منها. ومثلت الممارسة الأمنية للسلطة خاصة بعد انتفاضة الأقصى المسمار الأخير في التعاطي الوطني مع السلطة وغدت صورتها مشوهة وخاضعة لرؤية آحاد تعاظم نفوذهم وتضاعف مالهم والتحقت السلطة بمصالحهم الذاتية بعيداً عن المصلحة الوطنية والإرادة الشعبية.من زاوية أخرى كُبلت السلطة بفاتورة الرواتب لقطاع كبير من الموظفين والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، والتي ترد عبر الرئة الإسرائيلية (عائدات الضرائب والجمارك) والرئة الاشتراطية الدولية (أموال المانحين)، رغم تراجع الخدمات وعجز الموازنة وتغلغل الفساد وسوء الإدارة، مما يساهم في بقاء السلطة كضرورة، ويعزز الرأي هذا الخشية الخيار البديل سواء الفلتان أو الفوضى وسلطات أمراء الأمن المتصارعة. من كل ذلك يمكن القول إن الوقائع على الأرض رسخت السلطة خياراً تتشابك فيه مصالح جميع الأطراف وربما حسب رأي البعض المصلحة الفلسطينية في هذه المرحلة قد لا تقتضي انهيار السلطة وانقطاع الخدمات وسيادة الفوضى وإنما إعادة الاعتبار للسلطة ووظيفتها ودورها وشكلها لتكون أداة وطنية بمرجعية واضحة والتي تمثلها منظمة التحرير بعد إعادة بنائها لتضم كافة أطياف وقوى الشعب الفلسطيني، وتمثل مرجعية حال قرر الاحتلال انهيار السلطة، وتتحول بذلك السلطة إلى حالة وطنية تخدم الحق الفلسطيني في التحرر والاستقلال وإقامة الدولة.
679
| 17 فبراير 2016
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3138
| 23 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2094
| 28 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1866
| 23 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1677
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1275
| 27 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1023
| 24 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
945
| 27 أكتوبر 2025
يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...
906
| 23 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
879
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية