رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

السينما .. وخروج اليهود من مصر

أعتقد أنه لا يوجد شخص أكثر سعادة منى بوقف عرض الفيلم الأمريكى ( الخروج .. ملوك وآلهة ) فى عدد من الدول العربية والإسلامية وفى مقدمتها مصر والإمارات والمغرب .. ما حكاية هذا الفيلم ؟ ولماذا تم منع عرضه ؟ . بداية هذا الفيلم من إخراج المخرج الأمريكى ريدلى سكوت .. وبطولة الممثل الأبيض كريستيان بيل .. وقام بمعظم الأدوار الرئيسية فيه ممثلون بيض .. وهو يعتبر من أضخم الأفلام العالمية من حيث تكلفة الإنتاج – وفقا لما جاء فى وكالات الأنباء العالمية – مائة وأربعون مليون دولار .. وهو مبلغ جد كبير بالنسبة للأفلام العالمية .. وقد تم تصويره ما بين إنجلترا وأسبانيا .. بالإضافة إلى تصوير بعض المشاهد فى مصر . أما عن سبب منع عرض الفيلم فذلك لأنه فيلم صهيونى يروج للدعاية الصهيونية وبه الكثير من المغالطات التاريخية والدينية .. ومن هذه المغالطات أن الفيلم يظهر معجزة شق البحر بعصا نبى الله موسى – كما ورد فى القرآن الكريم – بأن ذلك الشق حدث طبيعى لظاهرة المد والجزر .. بالإضافة إلى أن ذلك تواكب مع حدوث زلزال ضخم ساعد فى حدوث عملية شق البحر التى وردت فى القرآن الكريم على أنها معجزة النبى موسى .. وأكثر من هذا أن الفيلم أظهر النبى موسى وهو يحمل سيفا .. لا عصا .. وهو ما ينسف معجزته من الأساس . وفوق كل ذلك أن فى الفيلم تجسيد لشخصية النبى موسى وشخصيات أخرى واردة فى الكتب المقدسة وهو ما يعتبر من الأخطاء التى تمس الديانات السماوية الثلاث . والأدهى من كل ذلك هو تصوير الذات الإلهية فى مشاهد عديدة على شكل طفل يخاطب نبى الله موسى والذى جسد شخصيته الممثل كريستيان بيل .. كما أسلفنا .. وتجسيد الذات الإلهية من وجهة نظر الكثيرين – وأنا منهم – لا تعتبر مخالفة أو مغالطة دينية فقط .. ولكنها جريمة فى حق الأديان السماوية .. وكفر بالله سبحانه وتعالى . هذا عن المغالطات الدينية .. أما المغالطات التاريخية فتتمثل فى تصوير خروج اليهود من مصر فى عهد نبى الله موسى بشكل يتناقض مع ما جاء فى القرآن الكريم .. بل وفى سفر الخروج فى العهد القديم . والفيلم بطبيعة الحال يعرض الأمر من وجهة نظر صهيونية فظاهر الأمر هو الخروج من مصر أما ما يهدف إليه فى الحقيقة فإنه يجعل النبى موسى ومن معه من اليهود – أنذاك – هم البناة الحقيقيون للأهرامات .. وهو ما يتناقض مع الوقائع التاريخية الثابتة وأبسطها أن النبى موسى دخل مصر بعد سبعمائة عام من بناء الأهرام .. أكرر .. بعد سبعمائة عام من بناء الأهرام .. يعنى بعد سبعة قرون . وتجدرالإشارة أن منع هذا الفيلم جاء بقرار من وزير الثقافة بعد تدارس الأمر بعناية مع مستشارى الوزارة من الرجال الأوفياء المخلصين لبلدهم ودينهم .. وأن هذا المنع أيضا جاء بالمصادفة بعد حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف الإحتفال بمولد " أبو حصيرة " فى محافظة البحيرة .. وهو ما كان يمثل جزءا من الإلتفاف والمراوغة ليكون هذا المولد هو " مسمار جحا " لليهود والذى يؤكد وجودهم فى مصر فى فترات تاريخية معينة تتوافق مع فترة بناء الأهرامات كما أسلفنا .. كما أن الحكم المشار إليه يقضى بمنع نقل رفات المذكور إلى إسرائيل لتعارض ذلك مع مبدأ نبش القبور المحظور فى الإسلام . ولابد أن نذكر أن هذا الفيلم لاقى ضجة إعلامية كبيرة حال عرضه فى العديد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وأسبانيا والمكسيك وروسيا وكوريا الجنوبية . والخوف كل الخوف أن يكون منع الفيلم مدعاة للبحث عنه على مواقع الإنترنت كما حدث مع أفلام أخرى تم منعها ومنها على سبيل المثال فيلم " الرسالة " و " الوصايا العشر " .. وهنا حتما سيتأثر به من يجهلون الحقائق الدينية والتاريخية تأثيرا سلبيا .. وهنا يأتى دور المثقفين ورجال الدين فى تفنيد الأخطاء وإظهار الحقائق .. نأمل ذلك . وإلى لقاء قادم ومقال جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

728

| 08 يناير 2015

قطـــر .. شهادة حق

طوال عملى الصحفى على مدى سنوات طويلة – سواء فى الصحافة الأليكترونية أو الورقية – لم أكتب فى السياسة مطلقا .. ربما لأننى لا أحب ذلك ولا يستهوينى فى السياسة إلا أن أكون مجرد قارئ فقط .. برغم حرصى الشديد على متابعة كل ما يجرى على الساحة من أمور سياسية . واليوم أجد نفسى أعزائى القراء مدفوعا للخروج عن هذه القاعدة .. فالكل يعلم الأزمة الحالية بين مصر وقطر والتى استمرت لعدد من السنوات .. وحمدا لله أن هناك من بين القادة العرب من يتمتعون بالحكمة ورجاحة العقل .. وفى مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين جلالة ملك السعودية الذى رأى أن من صميم واجبه رأب هذا الصدع الذى يشكل شرخا فى جدار البنيان العربى . كان من الطبيعى أن تكون هناك مراحل لمحاولة الصلح هذه .. بداية من الإستماع إلى وجهات النظر المختلفة .. وجس نبض الأطراف .. ولابد أن يكون ذلك على مستويات متعددة ولفترات طويلة . ولأنه لا يوجد إنسان عربى مخلص لعروبته يرضى بوجود ذلك الشرخ .. بالإضافة إلى توافر حسن النوايا من أطراف الخلاف .. فقد تعهد أمير قطر الشاب بالعمل على كل ما من شأنه إصلاح الأمور بين البلدين .. معتبرا – وهذه حقيقة تؤمن بها كل الشعوب العربية – أن مصر هى الشقيقة الكبرى للدول العربية .. وأن أمن مصر هو أمن للعرب .. والعكس صحيح .. وحمدا لله أن فى مصر قيادة حكيمة واعية .. متمثلة فى الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسى الذى يلقى حبا جارفا من جموع المصريين .. بالإضافة إلى التأييد الكاسح والغير مسبوق منذ أيام الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .. هذه القيادة أيضا لم تمانع فى قبول المساعى المبذولة فى هذا الصدد . إلى هنا لا يوجد جديد فى الأمر .. وكل ما سبق يعلمه الجميع .. ولكن تبقى شهادة من عاش فى قطر مثلى .. فقد عشت هناك لمدة ثمان سنوات .. أعتبرها من أجمل وأحلى سنوات عمرى .. وكذلك الأمر بالنسبة لعائلتى وكل من أعرف من الأصدقاء . الناس هناك فى غاية الطيبة والبساطة .. سواء أغنى الأغنياء .. أو متوسطى الحال .. والكل يتعامل ب " شياكة " وإحترام مع كل من يعيش بينهم .. وعلى أرضهم .. والكل يعرف أن من جاء إلى قطر فهو صاحب فضل .. وقد جاء ليعمل .. ليعالج أبناء الشعب القطرى أو يعلمهم .. أو يشيد المبانى ويمهد الطرق من أجلهم .. إلى آخر المهن الشريفة التى من الممكن أن يأتى من أجلها الناس من بلادهم للعمل فى دول مثل قطر .. ومن الطبيعى أن يكون ذلك مقابل أجر مجز يساعدهم على العيش الكريم والإدخار لحين العودة إلى بلادهم وموطنهم الأصلى . وفضلا عن ذلك فإنه لا توجد تعقيدات أو مبالغات بسبب الأمن كما هو الحال فى بعض البلاد الأخرى .. وسأسوق مثالا واحدا للتدليل على هذا الرأى .. فقد حضرت أحد المؤتمرات في قاعة بأحد الفنادق الكبرى فى الدوحة .. كان المؤتمر عن حقوق الإنسان ويجلس على المنصة الرئيسية السيد سليم الحص رئيس وزراء لبنان الأسبق إلى جوار سمو الشيخة موزة رائدة العمل النسائى والإنسانى هناك .. وعندما وصلت إلى الفندق وجدت كل الأمور هادئة .. ولا شئ سوى الإجراءات العادية فى تأمين الفنادق فى كافة الأوقات .. ووجدت مكانا فى الصف الثانى من القاعة .. وبعد قليل إكتشفت أنه تجلس أمامى مباشرة إحدى بنات أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة .. وكل شئ عادى وهادئ .. لولا تلك المبالغات من مصورى الصحف فى التقاط صور للشيخة موزة والأميرة الشابة .. وبعد إنتهاء المؤتمر كان " البوفيه المفتوح " .. والشيخة وبنت الأمير تأكلان مع من حضر وتتحدثان فى بساطة وبدون تكلف .. وعند الإنصراف كانت الحراسة كلها حول رئيس وزراء لبنان الأسبق .. أما الشيخة فقد إنصرفت فى سيارة يركب فيها أحد ضباط الحراسة إلى جوار السائق وتتقدمهم سيارة شرطة واحدة .. ولا شئ غير ذلك .. نسيت أن أقول أن الأميرة الشابة إنصرفت فى سيارة قادتها بنفسها دون أى حراسة . أما عن التحيز لمواطنيهم ضد الأجانب والوافدين من قبل بعضهم البعض .. أو من قبل الشرطة والسلطات بشكل عام – وهذا موجود بالفعل – وعايشته بنفسى فى دول خليجية أخرى .. ولم يحدث مرة واحدة أن تعرضت أو تعرض أحد معارفى أو أصدقائى لموقف سخيف فى الشرطة أو المرور أو أى جهة حكومية بغير مبرر سوى أن هذا مواطن وذاك " أجنبى " برغم كونه مواطنا عربيا كما هو الحال فى الدول الأخرى التى أشرنا إليها حالا . أما عن حب الشعب القطرى لمصر والشعب المصرى فالأمر يحتاج إلى صفحات وصفحات .. والكل يود أن يُعالج عند الطبيب المصرى .. وأن يتعلم أولاده على أيدى المعلم المصرى وهكذا .. ودائما يكون اختيار المصرى فى البداية .. ثم تأتى سائر الجنسيات الأخرى بعد ذلك . هناك أيضا دليل آخر على ذلك الحب للجالية المصرية التى تعيش فى قطر وهو تخصيص قطعة أرض فى حدود أربعين ألف مترا مربعا لتشييد مدرسة مصرية لأبناء العاملين هناك من الجالية المصرية .. هذا بالرغم من تأخر أبناء الجالية فى البناء مما دفع السلطات لسحب التخصيص طبقا للقوانين القطرية .. ولكن سمو الأمير السابق حمد بن خليفة – والد الأمير الحالى – أصدر مرسوما أميريا بإعادة التخصيص . هذه شهادة حق أقولها لوجه الله تعالى .. مع دعواتى أن يكلل الله جهود الصلح بالنجاح . وإلى لقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

347

| 01 يناير 2015

كلمات .. عن الأصدقاء والزمن

ما سنتعرض له هنا هو مجموعة من الأقوال المأثورة .. وبعض أبيات الشعر .. مع بعض التوابل من الخبرات الشخصية .. أقدمها لعل وعسى تروق لكم .. أو يكون لها فائدة لأصدقاء هذا الزمان .. إليكم . إذا دعت الحاجة للعتاب .. عاتب صديقك وتذكر أنه : إذا ذهب العتاب فليس ود .. ويبقى الود ما بقى العتاب . الموتى والناجحون لا أصدقاء لهم . إذا أردت الإحتفاظ بأصدقائك فاعمل بالحكمة القائلة : إقبل معاذير من يأتيك معتذرا إن بر عندك فيما قال أو فجر الصداقة من الصدق .. والصادق لا يكذب .. والكاذب لا يصدق . وعطفا على ما سبق .. سيظل الصدق دائما نقطة البداية الأفضل . مثل الأخلاق .. الصداقة أهم للإنسان من الخبز والثوب . دعائى لمحبينى وأصدقائى .. هو دائما نفس دعائى لمن يكرهوننى .. رب زدهم بما يتمنون لى . عندما ترتفع .. سيعرف أصدقاؤك من أنت .. لكن عندما تسقط .. ستعرف من هم أصدقاءك . الغنى وصاحب الجاه لا يستطيع أن يعرف أيهم صديقه . وإليكم أبياتا من الشعر أعجبتنى إلى درجة كبيرة : لا تأسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابا لبعض الناس ممن قابلتهم .. وخانوا العهد .. أو باعوا الصداقة أقول : أنتم كغوازى الغجر لا يحزنكم من غاب ولا يسعدكم من حضر إنما هى مصالح تبتغونها ولو كانت على جسر من جماجم البشر ولهم أيضا الفضل فى أننى صرت دوما أتذكر الحكمة القديمة التى ينطوى عليها بيت الشعر الذى يقول . إحذر عدوك مرة وإحذر صديقك ألف مرة فقد ينقلب الصديق إلى عدو فيكون أعلم بالمضرة من أقوال بوفار .. فى الحب يحتاج المرء إلى أن يصدق .. وفى الصداقة يحتاج إلى أن يفهم مهما غازلتك الغانية فهى عدو فى ثوب صديق . وليس الذئب يأكل لحم ذئب .. ويأكل بعضنا بعضا عيانا . ومما أعجبنى كذلك ما قيل عن جوجل : على عكس الأصدقاء .. جوجل لا يُهيئنا قبل نقل الأخبار السيئة .. لأنه يؤدى عمله على الوجه الأكمل . ومثل الأصدقاء .. جوجل لا يكذب علينا إلا إذا كنا خزنا فيه أكاذيب .. لأنه ببساطة يعيد إلينا أماناتنا . من كل الأصدقاء يوجد صديق تستطيع أن تشبهه بالبحر .. تزوره كلما ضاق صدرك وفاضت آلامك ومتاعبك .. هذا الصديق دائما لا تغادره إلا وقد زال همك .. على الرغم من أنك لم تبح له بشئ مما كان فى نفسك . إلى صديقى الذى أحبه ويشقينى بصداقتنا أقول .. عندما احتملت منك مالا يحتمل .. لم أكن شخصا خارقا .. ولكن صداقتى معك كانت صداقة خارقة .. هل فهمت ؟ وهو نفسه أذكره ونفسى أيضا بالحكمة التى جاءت فى هذا البيت : كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا ترمى بطوب فتلقى أطيب الثمر وفى النهاية أتمنى من كل أصدقائى ألا ينطبق علينا قول الشاعر : ناديت لو أسمعت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى وإلى لقاء قادم فى بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

4597

| 25 ديسمبر 2014

وتبقى ذكرى نجيب محفوظ

تحتفل الأوساط الثقافية فى مصر والعالم العربى فى ديسمبر من كل عام بيوم ميلاد شيخ الكتاب .. وصاحب نوبل .. الأديب العالمى نجيب محفوظ .. والمولود بحى " الجمالية " فى القاهرة فى الحادى عشر من ديسمبر عام 1911 لأسرة محافظة من أصول أزهرية .. والذى رحل عن عالمنا فى الثلاثين من أغسطس عام 2006 بالقاهرة .. وما بين التاريخين هناك رحلة كفاح تستحق الإشادة من كل المثقفين الناطقين بالعربية وغيرها من لغات العالم . بداية فلنتعرف على حى " الجمالية " الذى ولد وتربى فيه أديبنا الكبير .. إسمه بالكامل نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم وقال عن الحى الذى ولد فيه : " منذ مولدى فى الجمالية .. وهذا المكان يسكن فى وجدانى .. عندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جدا .. أشبه بنشوة العشاق " . والجمالية هى الواقع المصرى التى استوحى منه نجيب محفوظ أهم وأشهر رواياته .. مثل ثلاثيته الشهيرة .. " السكرية " و " قصر الشوق " و " بين القصرين " .. وأيضا " زقاق المدق " و " خان الخليلى " و " الحرافيش ".. وكلها أعمال ساهمت فى تنوير العقول وسعة الإدراك بالأمور العامة والخاصة .. وستظل باقية ومؤثرة ومعبرة عن واقعنا الإجتماعى فى فترات محددة من تاريخنا فى القرن الماضى حيث رسم ملامح الشخصية المصرية التى لم يستطع التاريخ رسمها .. وعلى سبيل المثال نسوق شخصية الرجل من الطبقة المتوسطة .. فى هذه الفترة التى ذكرناها .. وهى شخصية السيد أحمد عبد الجواد فى الثلاثية .. أو " سى السيد " .. والذى كان رمزا لإستبداد وسيطرة الرجل الكاملة على مقاليد حياة أسرته .. وفى مقدمتهم بالطبع زوجته .. والتى ما زال الناس يذكرونها ب " الست أمينة " .. والتى أصبحت - حتى - يومنا هذا رمزا للطاعة والإستكانة وتنفيذ الأوامر مع عدم المناقشة .. والرجل كما هو فى روايات محفوظ يحافظ على بيته ويلبى احتياجات أسرته بمنتهى الحب .. وبرغم الصرامة الواضحة فى حديثه وتصرفاته فإنه – أى الرجل – لا يعبر عن هذا الحب .. وعن أن بيته وزوجته وأولاده هم أهم شئ فى حياته . هذا طبعا برغم سهره مع أصدقائه فيما كان يسمى ب " شلة الأنس" .. ولكن ترى هل كانت أمينة تدرك هذا الحب وتشعر به .. أم أن الطاعة العمياء من جانبها كان تعبيرا عن حب من طرفها فقط .. ورغبة منها فى أن تسير الحياة .. هذا ما يتركه محفوظ لفطنة القارئ ليستخلص منه ما يشاء . عودة إلى حى الجمالية الذى أثر فى محفوظ كل هذا التأثير .. فإننا نذكر – لمن لا يعرف – أنه يقع فيه جامع سيدنا الحسين .. وأنه عاش فيه عميد الأدب العربى طه حسين أثناء دراسته بالأزهر الشريف . وأخيرا فإنه يسعدنا أن نذكر أن ذلك الحى العتيق قد خرج منه الزعيم عبد الفتاح السيسى رئيس مصر الحالى .. كما قيل أن أسرة والد الزعيم جمال عبد الناصر قد عاشت هناك طويلا . نكتفى بهذا القدر فى هذا المقال على أمل أن نتناول أدب صاحب نوبل بالتحليل فى مقالات قادمة بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : dr.mostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

505

| 20 ديسمبر 2014

المرأة العاملة .. وأثر عملها على الأبناء

كنا قد تكلمنا فى مقالنا السابق عن المرأة العاملة .. واستطلعنا آراء بعض السيدات العاملات اللاتى تراوحت أراؤهن بين الفخر بالعمل .. والتمسك بالإنجازات التى حققتها حواء فى رحلتها الطويلة من أجل المساواة بالرجل .. وبين البعض الآخر اللاتى يتحسرن على اضطرارهن للخروج إلى العمل .. بسبب ظروفهن المادية .. ويتمنين لو تتحسن تلك الظروف .. للعودة مرة أخرى إلى المنزل .. والعناية بالزوج والأبناء .. تحت زعم أن خروجهن للعمل يكون دوما خصما من نصيب الأولى بالرعاية .. وعلى حسابهم . وقد تزامن مؤخرا نشر عدة دراسات فى العديد من الدول .. منها إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية .. جاءت كلها فى صالح تفضيل المرأة العاملة .. باعتبارها الأكثر وعيا ومقدرة على العناية بالزوج والأبناء .. ولكونها تمتلك المقدرة الأفضل على تخصيص الوقت – على قصره نسبيا – فى الوفاء بتلك المتطلبات .. كيف ؟ يعتقد كثير من الناس أن الطفل له احتياجات خاصة بالنظافة والطعام .. غافلين عن حاجته لمن يتحدث معه .. ويجيب على أسئلته .. بل ويشاركه فى نشاطاته المختلفة .. ومن بينها اللعب .. وترى هذه الدراسات – وأنا معهم – أن الأم العاملة بما تتمتع به من مدارك أوسع .. ووعى أكثر .. وخبرات حياتية أرحب .. تكون أقدر على تلبية تلك الاحتياجات بشكل أفضل من تلك الأم القابعة فى المنزل .. والتى تتحرك فى نطاق محدود نسبيا .. ولا يأتى هذا الرأى نتيجة إنحياز لوجهة نظر أو هوى .. ولكنه مبنى على استطلاعات رأى .. قامت بها مراكز متخصصة .. شملت المئات من الأسر .. حيث كانت الأسباب التى ساقها الجميع .. هو مقدرة المرأة العاملة على استثمار وقتها بشكل افضل . وتظهر هذه الدراسات أيضا أن الأبناء الذين ينشأون فى كنف أسرة فيها إمرأة عاملة يتحملون بالضرورة بعض المسئوليات البسيطة الخاصة بهم الأمر الذى سوف يقلل من الاتكالية لديهم .. وهو ما سينعكس عليهم بشكل إيجابى فى المستقبل .. وسيعمل على أن يصبحوا أكثر مقدرة على مواجهة أعباء الحياة .. وسيصبحون أزواجا غير مزعجين .. بخلاف الأطفال الذين يتعودون على وجود أمهاتهم فى المنزل طول الوقت والاعتماد عليهن فى كل صغيرة وكبيرة . ومما أكدت عليه تلك الدراسات كذلك مقدرة المرأة العاملة على تفهم الظروف الإقتصادية للأسرة بشكل أفضل .. نتيجة خروجها للعمل .. ومعايشتها للمجتع الخارجى .. وهو ما ينعكس بشكل إيجابى على علاقتها بالزوج الذى ولابد أن يقدر ذلك .. بالمقارنة بمن تطلب منه الكثير .. غير عابئة .. أو حتى غير مدركة للمتغيرات التى باتت تجتاح حياتنا الحديثة فى كل وقت . ولا يقتصر الأمر على ذلك .. بل يتخطاه إلى مقدرة السيدة العاملة على التفاعل مع تقلبات الحياة وعثراتها .. نتيجة انخفاض دخل الأسرة بسبب وفاة الزوج مثلا .. أو تعطله عن العمل لبعض الوقت لسبب أو آخر .. وهنا حتما ستظهر قيمة الخبرات التى اكتسبتها المرأة فى مسيرة حياتها العملية .. وتكون صلابتها أكثر وضوحا .. وبالرجوع إلى الجهاز المركزى للإحصاء .. وجد أن أكثر من ثلث الأسر تعولها الزوجة منفردة .. ناهيك عن مساهمتها التى لا يمكن إنكارها فى زيادة دخل الأسرة . وفى النهاية .. فإننا نرى - بشكل عام - أنه لابد أن يكون للمرأة هدف فى الحياة .. تسعى إلى تحقيقه .. ولابأس من ذلك طالما أنه لن يتعارض مع واجباتها الأساسية .. والأهم أن عمل المرأة مفيد جدا لها من الناحية النفسية .. حيث يساعدها على توكيد ذاتها وزيادة ثقتها بنفسها .. وهو ما لا يتوفر لربة المنزل . وإلى لقاء جديد فى موضوع آخر بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

448

| 10 ديسمبر 2014

المرأة العاملة

مما لا شك فيه أن المرأة لها شأن عظيم في كل المجتمعات بما في ذلك المجتمع المصري.. والمرأة هي الزوجة والأم.. وهى – إلى جانب الرجل – عماد الأسرة.. وتلعب دورا محوريا في سعادة واستقرار المجتمعات.. إذا ما كانت صالحة ومثقفة.. وكما قال الشاعر العظيم حافظ إبراهيم في قصيدته الرائعة بعنوان " العلم والأخلاق ": الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق وكل إنسان عاقل لابد أن يتفق مع شاعرنا العظيم فيما ذهب إليه.. ولا شك أيضا أن المرأة المصرية لم تكن تحيا في ظروف مماثلة للحياة في الوقت الراهن.. كانت زوجة وأما وتتمتع بهذا القدر الكبير من الأهمية وهى لم تخرج بعد إلى ميدان العمل.. فما بالك وهى تعمل الآن في كافة مجالات الحياة.. وتشارك الرجل دون تمييز.. ومن بين النساء الآن الوزيرة.. والقاضية.. فضلا عن الأعمال التي تميزت فيها في السنوات الأخيرة.. مثل الطب والتمريض والتدريس والصحافة والإعلام وغيرها من المجالات.. يعنى لم تعد الأم أبداً " أمينة ".. كما كانت في ثلاثية " نجيب محفوظ " القابعة في منزلها.. والتي لا ترى المجتمع إلا من خلال خصاص النافذة.. ولا تعرف عن المجتمع شيئا غير ما يخبرها به " سي السيد ".. وغني عن القول أنها مرت برحلة كفاح حتى انتزعت لنفسها حق احتلال مكانها الطبيعى إلى جانب الرجل.. وغنى عن القول أنها كانت رحلة طويلة ومضنية. المرأة إذاً هي نصف المجتمع كما في كل المجتمعات المتقدمة.. ولكن أيهما أكثر سعادة.. " أمينة محفوظ ".. أم السيدات العاملات في الوقت الراهن؟ هذا نصف السؤال فقط أما النصف الآخر فهو.. أى المجتمعات أكثر سعادة.. مجتمع الأمس أم مجتمع اليوم؟ يعنى ما مدى تأثير خروج المرأة للعمل على أطفالها وزوجها.. بل وعليها هي نفسها؟ الإجابة ليست سهلة أو بسيطة.. وفي الوقت نفسه لا يمكن الوصول إلى إجابة يمكن تعميمها على الجميع.. ولكن الشئ الحتمي والمؤكد هو أن كل شيء وله ثمن.. وهذه المكتسبات العظيمة التي حصلت عليها سيدة اليوم لابد أن يقابلها تأثيرات – هي في الغالب سلبية – عليها وعلى أسرتها.. كيف؟ دعونا نتناقش بهدوء.. مع اعترافنا الكامل بداية أننا نقر بفضل المرأة.. سواء كانت تعمل في أي مجال.. أو كانت ربة منزل.. فهى نصف المجتمع.. وهى الأم والابنة والزوجة والأخت.. وفي جميع الأحوال لها مكانتها العظيمة في نفوسنا. خرجنا إلى الميدان لنستطلع الآراء على أرض الواقع.. فماذا قالت حواء وما هو رأى الرجل؟ السيدات أولا.. ما رأيهن: تقول السيدة منار عزت – أخصائية مكتبات – بأنها تقوم بكل ما كانت تفعله جدتها " أمينة " مضافا إليه قيامها بتوصيل الأبناء إلى المدارس ومساعدتهم في المذاكرة وحل الواجبات بالإضافة إلى عملها والذي يتطلب الكثير من التركيز والانتباه.. وأنها تفعل كل هذا بكفاءة دون تقصير وإن كان هذا على حساب راحتها الشخصية. وتتفق معها السيدة نسرين فؤاد درويش – أخصائية كمبيوتر ومسؤولة النشر في إحدى المجلات – فيما ذهبت إليه.. وأن السيدة العاملة تتحمل كل هذه المسؤوليات خصما من رصيد راحتها الشخصية.. ولكن فرحتها بنجاح الأبناء وتفوقهم لا يعادله شيء آخر..ولكنها تعترف بأنها تشعر بالذنب إذا اضطرتها ظروف مرض أحد الأبناء إلى التغيب عن العمل.. ولا تنكر أن ذلك يكون سببا في ارتباك في العمل.. وأحيانا يكون مدعاة لغضب الرؤساء في العمل. أما المهندسة أميره مصطفى فتقول أن الزوجة والأم العاملة تكون دائما بين نارين.. فهي مضطرة للاستعانة بمربية أطفال وهى لا تأمن عليهم من المكتسبات الخاطئة.. أو إيداعهم في إحدى دور الحضانة.. يعنى أن عملها يكون دوما على حساب الأطفال. وتؤكد الدادة إيمان – عاملة نظافة بإحدى المدارس – أنه لولا حاجتها للمرتب لما خرجت للعمل.. لأن بيتها أولى بها على حد قولها.. ولأنها تتحمل الكثير في العمل وتعود آخر اليوم غاية في الإجهاد.. ولا يمكنها أخذ قسط من الراحة لاضطرارها لمواصلة تحمل أعبائها المنزلية. وتضيف إحدى السيدات – رفضت ذكر اسمها – أنها تعمل بالتدريس وتتحمل في سبيل ذلك مالا يطيقه بشر.. فهي تستيقظ قبيل الفجر.. وتعمل كالنحلة حتى منتصف الليل.. وتقول بصراحة أنها فقدت الكثير من أنوثتها.. وأن الحياة لا ترحم حسب رؤيتها للأمر.. ولكنها لن تيأس وستواصل الكفاح إلى جوار زوجها حتى يمكنهما مواجهه أعباء الحياة. فماذا يقول الأزواج.. محمد على – محاسب بإحدى الشركات الخاصة – يرى أننا نعيش في عصر مختلف وأن خروج المرأة للعمل أصبح أمرا حتميا لمساندة الرجل ومساعدته في أعباء الحياة.. وأضاف أن زوجته تتعاون معه حسب ما اتفقا عليه منذ خطبتهما وأن أي مورد مالي يُجمع على الآخر ويتم الصرف أو الادخار وفق متطلبات الحياة.. وعما إذا كان يجد غضاضة في مساعدة زوجته ماليا أجاب بالنفي.. بل اعتبر ذلك مصدر فخر له. أما سمير زخارى – مرشد سياحى – فيتفق مع ما ذهب إليه المحاسب محمد على.. ويزيد بأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق.. ولا بأس أن تعاونه زوجته طالما أنها قادرة على ذلك.. وأضاف أنه بعد مرور عدة سنوات قد لا تتمكن الزوجة من الاستمرار في العمل فيجب أن يكون الزوج مستعدا لذلك وأن يتقبل الأمر بصدر رحب. م.م. – مدرس لغة عربية – يرفض عمل المرأة تماما لأن مكانها الطبيعي هو المنزل وخدمة الزوج ورعاية الأبناء وأن كل إنسان مُيسًر لما خُلق له.. وواجب الزوج أن يلبى كافة متطلبات الأسرة المادية.. ورداً على مقولة أن المرأة الريفية تعمل في الحقل إلى جوار زوجها.. بل حتى إن المرأة البدوية كانت ترعى الأغنام في البادية.. وكانت امرأة منتجة يقول الأستاذ م. م. أنه غير ملزم بالسير على هذا النهج لأن الحياة الحديثة مختلفة ومليئة بالمفاسد والشرور مما يجعله مصراً على أن مجال المرأة الأمثل هو المنزل.. كما وأن هذا يتيح فرص عمل أوسع أمام العاطلين من الشباب. أما محسن س.- ضابط شرطة – فكان رده ساخرا.. لقد تزوج من فتاة من خريجات كليات القمة.. وهى تعمل منذ تخرجها وراتبها لا يكفيها للصرف على مظهرها.. بل إنها تطالبه بمصروف شخصي تعتبره حقا مكتسبا لها.. ويسأل.. لماذا العمل إذاً؟ ويكمل بسخرية.. الصيت ولا الغنى كما قال من سبقونا في الأمثال. وحتى تكتمل الدائرة توجهنا بالسؤال إلى الشيخ أحمد السمنودي من علماء الأزهر الشريف الذي أكد أن الإسلام دين سماحة ويصلح لكل الأزمنة وكل المجتمعات وأنه لا يجد غضاضة في عمل المرأة طالما أن هذا العمل يحفظ لها كرامتها ويجب أن يكون عملها بموافقة الزوج.. أما عن مساعدة الزوجة ماديا فيرى أن ذلك جائز على أن يكون هذا بكامل إرادتها حيث إن الإسلام جاء بمبدأ واضح وهو فصل الذمة المالية لكلا الزوجين ولا يجوز للزوج أن يجبر زوجته على المساهمة المادية.. ويرى في النهاية أن الزواج شركة تتطلب التعاون من كافة الجوانب وليس الجانب المادي فقط. والآن عزيزى القارئ.. عزيزتى القارئة.. فقد طرحنا القضية للمناقشة ونحن على استعداد لتلقي آرائكم أو تجاربكم الشخصية.. وسنطرح بدورنا جميع الآراء للمناقشة دون تحيز منا لجانب على حساب الآخر بغية الوصول إلى ما فيه الخير للجميع. وإلى قضية أخرى بحول الله.

1253

| 03 ديسمبر 2014

الفن والمجتـــمع

بداية فإننى أعترف بأننى أتطرق إلى موضوع شائك وفى نفس الوقت شديد الحساسية .. فكما يعلم الجميع فإن الفن أصبح عنصرا مؤثرا فى حياة المجتمعات .. وبالتالى مؤثرا فى جميع البشر بشكل مباشر أو غير مباشر .. ويكون هذا التأثير فى سلوك الإنسان .. وطرق تعامله مع غيره من البشر .. بل ومزاجه العام .. وقد يتخطى الأمر ذلك بكثير جدا ويؤثر على نهج الإنسان فى تنشئته لأبنائه .. والمقصود بالفن هنا جميع الأعمال الإبداعية من الرسم والنحت والتمثيل بكافة أشكاله المسرحية السينمائية والتليفزيونية والإذاعية .. وغير ذلك . ما سبق كان مقدمة لابد منها للدخول إلى موضوع هذه المقالات .. حيث يرى بعض المفكرين أن الفن يعكس واقع المجتمع .. بينما يرى البعض الآخر أنه – أى الفن – ينقد المجتمع .. بمعنى أن يوضح الإيجابيات والسلبيات فى المجتمع وعلى المتابع أن يفهم ما يشاء .. أى أن الفن لا يقود المجتمع إلى طريق معين .. وتنحصر وظيفته فى النقد والتوضيح كما أسلفنا .. ويرى البعض الثالث والذين تغلب عليهم روح الرومانسية أنه يجب على الفن أن يقدم لنا صورة جميلة للمجتمع تخلو من أى سلبيات بإعتبار أن ذلك هو النموذج الذى ينبغى أن يُحتذى من الجميع .. وأخيرا هناك فريق رابع – وأنا منهم – يرى أن الفن هو مرآة المجتمع التى تعكس كل قضاياه بإيجابياتها وسلبياتها .. ويتناول كافة القضايا .. أو بمعنى آخر كل ما هو موجود على أرض الواقع .. دون أى تجميل .. أو تصفية للشوائب .. ولكن فى النهاية – ومن خلال طرق غير مباشرة – يوضح للمتلقى المنهج الذى ينبغى عليه أن يختاره من خلال تأثره بما يستخلصه بنفسه من خلال تأثره بالفن والبدائل والرؤى المختلفة التى عكسها العمل الفنى .. وما سلطه من ضوء على القضية أو القضايا التى تناولها .. ومع هذا فإننا يجب أن ننبه – وبمنتهى الشدة وبأكبر قدر من الوضوح – إلى أن الإبداع الفنى الحقيقى لا يمكن أن يكون ذات رسالة مباشرة للإصلاح الذى ينشده المبدع أو الفنان .. وفى رأى الكثير من النقاد – فى مختلف البلدان والثقافات قديما وحديثا – أن ذلك لو حدث فسيتحول الفن إلى مجرد رسالة أخلاقية لا تنتمى إلى الإبداع أو الفن بل سيكون مجرد توجيهات أو إرشادات تنفى عنه روح الإبداع . وقد يتساءل البعض هنا عن العلاقة بين الفن والإبداع والواقع من ناحية وبين حرية الإبداع والتعبير من ناحية أخرى .. وهذا الأمر كان مثار جدل طويل ومناقشات لم تنته إلى رأى حاسم حتى الآن – ولا أعتقد أنها ستصل إلى رأى قاطع فى المستقبل القريب .. ولا حتى البعيد – نظرا لاختلاف الرؤى إلى درجة كبيرة .. حيث يرى المبدعون أن لهم الحق المطلق فى الخيال والإبداع .. بينما ترى شرائح كبيرة من المجتمعات وفى مقدمتهم معظم المعلمين وبعض أساتذة الجامعات ورجال الدين بالطبع أن ترك حبل حرية التعبير على الغارب سوف تضاعف من السلبيات .. خاصة أن جميع الناس ليسوا على درجة واحدة من التعليم والثقافة .. وبالتالى درجة الإستيعاب .. ومن رأى هذه الشريحة الهامة من رجال الفكر أنه مهما كانت درجة تباين الأراء واختلافها فيجب أن نتركها تتفاعل مع بعضها البعض حيث أن ذلك يثرى الخبرات من خلال الإطلاع على آراء كافة الشرائح المجتمعية .. ولكنهم فى نفس الوقت يصرون على ضرورة قيادة الفن للرأى العام بطرق مباشرة أو غير مباشرة كما أسلفنا فى بداية المقال .. وأكثر من ذلك فإن عدم قيادة الفن للمجتع سوف يؤدى حتما إلى تفتيت وحدة المجتمع . ونحن إذ نطرح هذه القضية التى ندرك كم هى شائكة – كما أسلفنا فى البداية – فإننا على استعداد لتلقى كافة الآراء ومناقشتها ونشرها . على أمل اللقاء بكم فى قضايا جديدة ومقالاتنا القادمة بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

9691

| 28 نوفمبر 2014

البُخل العاطفى

تكلمنا فى المقال السابق عن البخل والبخلاء وتطرقنا إلى أنواع البخل والآثار النفسية والإجتماعية السلبية المترتبة على هذه الصفة المكروهة فى كل المجتمعات .. وتوصلنا إلى أن خير الأمور الوسط . هذا عن البخل المادى .. وقد يتساءل البعض .. هل هناك بخل فى غير المادة ؟ هناك نوع آخر من البخل لم نتطرق إليه فى مقالنا السابق .. ولا أعتقد أن الكثير من الكتاب تناولوه .. خاصة عند الكتابة عن البخل .. وهو البخل العاطفى .. أو البخل الإنسانى .. وهو - على سبيل المثال - بخل الرجل تجاه شريكة حياته .. بالمشاعر الرقيقة .. والكلمات الحانية .. أو حتى المعاملة الإنسانية الكريمة . وهذا النوع من البخل نجده سائدا فى المجتمعات الشرقية أكثر منها فى المجتمعات الغربية .. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى الإعتقاد السائد لدى الشرقيون - وخاصة الرجال منهم - أن البوح بالمشاعر الإنسانية .. أو حتى مجرد إظهارها .. يعتبر نوعا من أنواع الضعف الذى لا ينبغى أن يكون سائدا وسط الرجال . والغريب فى هذا الأمر أن معظم الرجال – إن لم يكن جميعهم – يشكون من أن الزوجات لا يمنحونهم المحبة والإهتمام بدرجة كافية .. حيث تذهب كلها إلى الأبناء متى صارت الزوجة أما .. ويصبح البيت ورعاية الأطفال هو الشغل الشاغل لهذه الزوجة.. والتى تزوجها الرجل لتكون له حبيبة ورفيقة . وللبخل العاطفى – من أى من الزوج أو الزوجة – آثار إجتماعية ونفسية فى غاية الخطورة تهدد كيان الأسرة وقد تؤدى بها إلى التفكك .. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من المشكلات الأسرية غالبا ما يكون السبب الأساسى لها هو إفتقار المودة والرحمة بين الزوجين حيث يكون أحد الطرفين بخيلا من الناحية العاطفية أو الإنسانية .. وعلينا – نحن معشر الرجال – أن نعترف بأن معظمنا يجامل أصدقائه وزميلاته فى العمل بأكثر مما يفعل مع الزوجة القابعة فى المنزل .. والمحملة بمسئوليات البيت والأولاد بكلمة حانية أو لمسة محبة أو حتى نظرة شكر .. لا شك أنها تنتظر ذلك وأكثر .. ونهمس فى أذن صاحبنا – الرجل الشرقى – أنك ستثاب على معاملتك الحسنة لزوجتك . وفى الوقت ذاته من الواجب أن تكون الزوجة متفهمة لما قد يكون لدى زوجها من ضغط أو مشاكل تحول دون تواصله معها بالشكل الذى تنتظره .. ومن ناحية أخرى فإن الزوجة مطالبة أيضا بأن تمنح زوجها الإهتمام الكافى ولا تهمله ولا تهمل نفسها لإنشغالها فى الأمور الحياتية مثل البيت والأبناء فالزوج أيضا مثلها يحتاج الى الدفء العاطفى . وللوصول إلى ما يكفل السعادة للزوجين .. يجب علينا التسليم بأن الدفء والمحبة والإهتمام بمثابة الغذاء لقلب المرأة وروحها .. وأن الرجل لا يختلف عنها فى ذلك .. وأن الله تعالى جعل المرأة سكنا للزوج والعكس صحيح .. فكلاهما يحتاج إلى المشاعر الإنسانية والمودة والرحمة وأن يكون كل منهما على ثقة من حب الطرف الآخر وإخلاصة . فإحذر البخل العاطفى عزيزى القارئ وإحذريه كذلك عزيزتى القارئة وليرفع كلاكما شعار المودة والرحمة والتفاهم .. فهذا أفضل لكما ولأطفالكما .. واعلما أن اليوم الذى يمر لن يعود فاحرصا على أن تكون حياتكما يملؤها الصفاء .. مع أطيب التمنيات للجميع بالسعادة والهناء . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

6744

| 19 نوفمبر 2014

عن البخل والبُخلاء

بداية عزيزى القارئ ليس لعنوان هذا المقال علاقة بكتاب البخلاء للجاحظ .. ولكننى أحاول فى هذ المقال أن أتناول قضية البُخل وهو صفة ذميمة لا يحبها معظم البشر .. ويحاول كل الناس نفيها عن أنفسهم بما فى ذلك البخلاء ذاتهم . دعونا نتساءل معا .. من هو البخيل ؟ وهل البخل فطرى أم مكتسب ؟ وما تأثير البُخل على البخيل نفسه ؟ وعلى المحيطين به ؟ هذا ما سنحاول التطرق إليه فى هذا المقال . البُخل هو حب كنز المال وجمعه وعدم إنفاقه فى الحلال .. والحجة دائما واحدة عند كل البخلاء .. وهى الخوف من المستقبل .. ولكن – بشكل عام – يجمع الناس على أنه من أسوأ الصفات التى لا تلقى ارتياحا من كافة المجتمعات . والبخل فى أغلب الحالات صفة مكتسبة نتيجة خبرات أو ظروف اجتماعية قاسية ومتراكمة .. مثل الحاجة .. أو الفاقة .. أو الحرمان .. وإن كان هذا لا ينفى تأثير البيئة التى نشأ فيها الشخص الذى يتصف بهذه الصفة .. خاصة الأبوين .. والأشخاص ذوى التأثير فى حياته . وجدير بالذكر أن هناك فارقا كبيرا بين البخل والحرص .. كيف ؟ فعل سبيل المثال .. يتهم الكثيرون أبناء دمياط أو الدمايطه بالبخل .. ولكننى أنفى عنهم هذه الصفة تماما .. أقول ذلك عن معرفة .. ومعايشة .. وخبرة شخصية .. فقد كنت فى فترة طفولتى وصباى أعيش فى دمياط لظروف عمل والدى .. وأمضيت فترة دراستى الثانوية فى هذه المدينة الجميلة الرابضة فى أحضان النيل .. وخلاصة تجربتى أن الدمياطى ليس بخيلا على الإطلاق .. بل هو حريص فقط .. فهو ينفق على مأكله وملبسه وبيته بطريقة سخية .. وإن كانت تخلو من المبالغة .. والرأى عندى أن مرد ذلك لكون معظم الشعب الدمياطى يعمل فى الصناعات التى اشتهرت بها دمياط عالميا .. وهى الأثاث .. والأحذية .. والألبان .. فضلا عن الحلويات .. يعنى البيئة فى الغالب عمالية .. بمعنى أنها تعتمد على الدخل اليومى .. وهو غير مضمون فى كافة الأوقات .. الأمر الذى يجعل المواطن الدمياطى حريصا على القرش الأبيض .. للأيام التى قد لا يعمل فيها بانتظام .. وهذا يعنى أنه ينفق فيما هو ضرورى .. ومفيد فقط .. بعيدا عن المظاهر الكاذبة .. أو ما اصطلحنا على أن نطلق عليه اللفظ الدارج " الفشخرة " . ولعل المثال السابق يوضح لنا الفرق بين البخل والحرص .. ولكنه يؤكد ما ذهبنا إليه من تأثير البيئة على الأشخاص . وقد يكون من المفيد قبل أن نتطرق إلى تأثير البخل على الأشخاص أنفسهم .. وعلى ذويهم .. أن ننوه أن البخل درجات .. فمنهم البخيل الذى ينفق على نفسه بسخاء .. بل ويغدق عليها .. ولكنه بخيل فيما يختص بالآخرين .. عموما هو حر فى نفسه .. أما الشحيح فهو أسوأ أنواع البخلاء .. وأكثرها قبحا .. حيث يكون بخيلا على نفسه وعلى أولاده وأقاربه ومعارفه .. وهو بالضرورة سئ المعشر .. ولا يطاق .. وهناك ما بين هذا وذاك . وللبخل آثار اجتماعية ونفسية خطيرة ..أبرزها معاناة الزوجة والأبناء من نقص الحاجات الأساسية .. حتى ولو كانت إنسانيه .. الأمر الذى قد يترتب عليه فقدان الثقة والاحترام للأب .. أو الزوج البخيل .. وهو نتيجة منطقية لمعاناتهم للتفاوت بينهم وبين أقرانهم فى المدرسة أو العائلة حيث يؤدى ذلك إلى شعورهم بالدونية والحرج .. ولا شك أن هذا لابد أن يفقدهم الثقة فى أنفسهم . وقبل أن ننهى مقالنا فإننا ننصح كل فتاة مقبلة على الزواج أن تتأكد أن من سترتبط به ليس بخيلا .. وأن نقول لكل شخص أنه لا بأس من الحرص .. وعلينا أن نتذكر دائما أن خير الأمور الوسط .. أما البخل فها نحن قد عرفنا بعضا من عواقبه .. وللبخيل نقول : " يا سيدى .. ليس للكفن جيوب " . وأختم مقالى بتجربة شخصية رواها لى أحد جيرانى المعروف عنه شدة البخل والذى شكا لى ذات مرة أن سمع بأذنيه أولاده وهم يتمنون موته . فهل الأمر يستحق كل ذلك ؟ للإجابة .. أرجوك أعد قراءة المقال من البداية . للمضوع بقيه .. أرجوك إنتظرنا فى المقال القادم . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

9410

| 13 نوفمبر 2014

إكتشف مواهبك بنفسك

يقول عالم النفس الشهير " كارل جوستاف يونج " أن العقل الباطن لأى إنسان يستطيع أن يعرف الإجابة على أى سؤال ولكن إدراك الإجابة لا يتم إلا بعد انتقالها من العقل الباطن إلى العقل الواعى .. وهذه العملية – إن حدثت – تكون بالمصادفة .. ولكنها يمكن أن تحدث بالتدريب .. نعم بالتدريب .. ولكن دعونا نعرف أولا ما هى حكاية العقل الباطن والعقل الواعى هذه . هناك إتفاق بين علماء النفس على تقسيم العقل الإنسانى إلى قسمين رئيسيين : الأول يسمونه " العقل الواعى " أو " الوعى " .. ويطلقون على الثانى " العقل الباطن " أو " اللاوعى " . ويتفق العلماء كذلك على أن العقل الواعى هو المسئول عن استقبال المعلومات التى تصل إليه عن طريق الحواس الخمس وهى كما يعرف الجميع السمع والبصر والشم واللمس والتذوق .. وهذه الحواس هى التى تمكن الإنسان من الإدراك والتمييز والتصور والتخيل والتفكير والاستيعاب فضلا عن التذكر .. وجميعها تمكنه من اتخاذ القرار .. أما العقل الباطن فيختلف عن العقل الواعى وإن كان يقوم بنفس وظائفه إلا أنه لا يعتمد على المعلومات التى تصله عن طريق الحواس الخمس فقط ولكنه يستعين بحواس أخرى ذات قدرات فائقة قادرة على تمكينه من التنقل بين الماضى والحاضر والمستقبل .. ويتم ذلك دون نظام معين وغالبا دون تدخل من الإنسان نفسه – أى بطريقة لا إرادية – وهو بهذا يتمكن من السمع أبعد .. وتكون رؤيته أعمق .. بل ويستطيع أن يختزن المعلومات التى يلتقطها حتى ولو كانت على شكل رموز .. وهو فى هذه الحالة يختزنها دون أن يحاول تفسيرها .. يعنى يختزنها كما هى . ولعل هذا يفسر لنا ما يطلق عليه أعمال التنبؤ والعرافة .. وسنتعرض لذلك حالا .. ولكن يجب علينا أن نعلم أن علماء النفس – فى كل مكان وزمان – قد أجمعوا على أن بعض الناس يستطيعون تدريب عقولهم الواعية على السيطرة على حواسهم المتفوقة التى ذكرناها .. وبذلك يتمكنون من تحليل بعض الرموز وإدراك معانيها .. وهذا هو ما يمكن ببساطة شديدة أن نطلق عليه " البصيرة الثانية" .. أو " الحدس " أو " الحاسة السادسة " . ليس هذا فحسب بل إن علماء النفس يؤكدون أن الإنسان يمتلك مئات من هذه الحواس الأخرى المتفوقة والتى يستطيع عن طريقها التعامل مع العالم " اللامادى " أو " غير المحسوس " والذى يحيط بالعالم المادى ويتخلله .. وعن طريق هذه الحواس يستطيع الإنسان أن يتفوق على كل الأجهزه الأليكترونية التى اخترعها الإنسان مثل الرادار والأقمار الصناعية .. وأكثر من هذا يمكنه معرفة حدس ما يحتمل أن يقع فى المستقبل وهو ما يطلق عليه العرافة أو التنبؤ . ويمكن للإنسان – من خلال التدريب – الغوص فى أعماق نفسه المظلمة .. والانفصال عن الواقع .. والقيام بعملية التأمل الداخلى حيث يكون العقل الواعى خلال ذلك منفصلا عن العقل الباطن .. وعن طريق ذلك يمكن اكتشاف المواهب التى خلقها الله وحفظها لديه .. ولكن علينا أن نعمل على اكتشافها . ليس هذا هو كل ما هناك .. ولكن يجب على الإنسان التدرب على صقل هذه المواهب وتنميتها .. وإلا ستضمحل بالتدريج .. وفى النهاية ستموت .. وكل واحد فينا لديه الكثير والكثير من هذه القدرات وتلك المواهب .. ولكن الفرق يكمن فقط فى كشفها وتنميتها .. أكرر فى الاكتشاف والتنمية فهل تساعد نفسك .. جرب بنفسك وأنا على ثقة كاملة – ومعى كل علماء النفس فى كل زمان ومكان – أن هذا ممكن وسهل . جرب وسوف ترى . وإلى موضوع آخر ومقال جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

1699

| 05 نوفمبر 2014

أنيس منصور

فى مثل هذه الأيام من عام 2011 حمل لنا الناعى نبأ رحيل أستاذنا أنيس منصور فسال الدمع واتشحت الدنيا بالسواد .. وفاضت دموع محبيه أمام الفاجعة .. وردد الجميع .. إنا لله وإنا إليه راجعون . ومع تسليمنا التام بأن كل نفس ذائقة الموت .. وأن أنيس منصور بشر ولابد أن يرحل .. إلا أننا شعرنا جميعا بفداحة الخطب .. وكان أكثر الناس – وأنا منهم – لا نتخيل الدنيا بدون كاتبنا العظيم ولا أتصور أن أفتح جريدة الصباح ولا أقرأ " مواقف " التى أسعد بها الملايين لسنوات طويلة .. لقد كان أنيس منصور السبب فى قراءتنا للجريدة من الصفحة الأخيرة أولا . لم يكن أنيس منصور كاتبا عاديا بل كان إنساناً "سوبر" .. ذا قدرات متعددة .. وجميعها فائقة .. نعم فائقة بمعنى الكلمة .. وأستطيع أن أقول جازما أنه لايوجد كاتب حتى الآن حظى بحب هذا العدد من ملايين القراء مثلما كان كاتبنا الراحل الذى لم يكن إنسانا عاديا . دعونا نسأل .. هل كان أنيس صحافياً؟ .. هل كان أديباً؟ .. هل كان مترجماً؟ .. هل كان فيلسوفاً؟ .. أم تراه كان رحالة؟ .. والصحيح أنه كان كل هؤلاء وأكثر.. لقد درس افقلسفة ودرسًها.. وتتلمذ على يد العقاد.. وأعجب به.. وكتب عنه مدافعاً ومُحللاً.. وقبله كان عبد الرحمن بدوى وسارتر. ودخل أنيس منصور الصحافة من أجمل وأوسع أبوابها .. من الباب الملكى للصحافة - إذا جاز لنا أن نستخدم هذا التعبير .. وهو " البساطه " .. نعم البساطه .. وسلاسة الأسلوب مما يعنى الوصول الى قلب القارئ وعقله من أقصر الطرق . وكانت المعلومات – فى شتى – المناحى تفيض منه غزيرة .. دون تكلف .. فترسخ فى وجدان القارئ .. وتحفر فى ذاكرته أثرا لا يمحى .. هذا مع اعتراف الجميع بأن كتاباته كانت موسوعية وتكاد السطور تنطق أن الحكمة والمعرفة تعرف طريقها من خلال هذه الكلمات المنسابة كما الماء ينحدر من عل فى يسر وتدفق . وكان مغرما بالتكرارلإيمانه أن الحياة قائمة على ذلك .. وكان دائما يقول أن أوراق الشجر متشابهة .. وأن المفكر أو الفنان مثل البلبل يعزف لحنا واحدا .. ولكن بنغمات مختلفة .. وهو بهذا يستحضر المعانى من زوايا متعددة .. مختلفة .. وإن بدت لغير المتخصص متشابهة . وكان أنيس منصور رحالة .. عاشقا للسفر .. جاب بقاع الأرض .. ولم يترك قارة إلا وزارها وكتب عما شاهده .. حتى سطر أعظم كتب الرحلات فى الأدب العربى على الإطلاق .. وخير شاهد على ذلك كتاب " 200 يوم حول العالم " .. حتى أنه قد طبعت منه عشرات الطبعات .. وفى كل مرة كان ينفذ فور صدوره .. وهو أمر قل أن يحدث فى هذا الزمان . وفى مجال الترجمة نقل إلى القارئ العربى أعمالا مسرحية عديدة لسارتر و دورنمات .. وكانت ترجمته غاية فى البراعة والإتقان .. فضلا عن النقل الأمين للفكرة والمعنى العميق .. وليست معانى الكلمات فقط كما يفعل الكثيرون . وفى مجال السياسة كان محللا بارعا للأحداث الجسام التى عاصرها .. وكانت كل تنبؤاته تصدق فى عالم السياسة وكأنه كان يعرف ما سيحدث .. وهذ يدل على بعد نظره وفهمه العميق للأمواج العاتية التى تتلاطم فى هذا العالم الملئ بالمفاجآت والأسرار والحسابات المعقدة التى يندر أن يفك شفرتها محلل كما فعل هذا الفيلسوف . وعاصر ثلاثة من رؤساء الجمهورية – جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك – ولكنه أحب السادات .. واقتنع بفكره ودافع عنه فى حياته وبعد مماته .. وكان من أقرب الكتاب إلى قلب السادات .. خاصة فى أهم أحداث حياته .. وهى انتصارات أكتوبر واتفاقيات السلام مع اسرائيل .. وتضمنت مذكراته كل ذلك .. ونحن على ثقة من أن هذه المذكرات – عند نشرها – ستثرى المكتبة العربية ولعله – رحمة الله عليه – كان يدرك ذلك فحرص على الانتهاء منها فى أيامه الأخيرة .. برغم الآلام ومصارعة المرض .. ولكنه كان يدرك أنه صاحب رسالة .. ولابد له أن يسلم الأمانة كاملة . رحم الله كاتبنا العظيم الذى لايمكن أن توفيه الكلمات حقه .. فهو أكبر من كل الكلمات .. وأعظم من كل العبارات .. ونسأل المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح الجنات .. وسيظل أنيس منصور دائما فى عقولنا وقلوبنا ولن ننساه مهما دارت الأيام . وإلى لقاء جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

1116

| 29 أكتوبر 2014

عن الإعلانات أتحدث .

مما لا شك فيه أن الإعلان أصبح علما يدرس فى الجامعات كجزء من علوم الإعلام .. كما أنه يدرس أيضا ضمن العلوم وثيقة الصلة بعلم النفس .. فضلا عن كليات التجارة وما يحتله علم الإعلان من مكانة كبيرة ضمن علومها .. وأصبحت الإعلانات تحتل مساحة كبيرة من حياة الإنسان فى العصر الحديث حيث تعتبر الجسر الموصل بين المنتج والمستهلك حتى أصبح لا غنى عنها للطرفين .. فهى تقوم بتعريف الجمهوربالمستجدات فى كافة السلع ابتداء من رقائق الشيبسى وحتى العقارات والسيارات مرورا بالهواتف النقالة وأجهزة الكومبيوتر وكل ما يخطر ومالا يخطرعلى بالك .. وفى نفس الوقت لا غنى عنها للمنتج أو البائع فى تسويق السلع .. بالحق أحيانا .. وبالباطل أحيانا أخرى .. وما بينهما من مبالغة وخداع بصرى ولفظى فى معظم الأوقات . وبين هذا وذاك هناك فئة كبيرة مستفيدة من الإعلانات وهم الذين يقومون بنشر هذه الإعلانات .. مثل الصحف والمجلات .. عوضا عن الوكالات الإعلانية التى تحتكر حق استغلال اللوحات والمساحات الإعلانية فى الشوارع والميادين وكافة الأماكن الظاهرة للعيان .. فضلا عن البث على شاشات التليفزيون والفضائيات .. وتلك هى ما سنتحدث عنها فى هذا المقال .. وقد أصبحت الإعلانات هى المورد المالى الرئيسى لكل الصحف تقريبا لدرجة أن معظمها – إن لم يكن كلها – لا يمكنها الصدور بدون تغطية مالية من الإعلانات تكفى النفقات .. ولا يختلف الحال كثيرا فى التليفزيون .. ومن الطريف أن أجور الفنانين – الكبار منهم والصغار على حد سواء – بات يتم تحديده بناء على إقبال شركات الإعلانات وأحيانا المنتجين أنفسهم على الإعلان أثناء أو قبيل وبعد بث العمل الفنى . ومن البديهى أن يلجأ العاملون فى مجال الإعلانات من مصممين ومخرجين إلى الاستعانة ببعض وسائل الجذب متمثلة فى الألوان الجذابة والملابس الجميلة والمناظر الخلابة فضلا عن وجه طفل جميل أو فتاة حسناء .. أما أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه مؤخرا من خلاعة ورقص وتمايل وإشارات باليد وإيحاءات بالصوت أو الحركة والغمز واللمز فإن هذا يخالف ميثاق " الشرف الإعلانى " .. نعم عزيزى القارئ فإنك لم تخطئ القراءة لأن للإعلان ميثاق شرف يمنع الدعاية للمنتجات بأى وسيلة تخدش حياء الأسرة ويحدد الضوابط التى تحفظ الآداب العامة . ولعلنا نتفق على أن الكثير مما يعرض الآن على شاشات الفضائيات غير لائق أدبيا مثل الإعلان عن الملابس الداخلية بشكل فج .. ناهيك عن المستحضرات الطبية .. والمقويات الجنسية للرجال .. والفوط الصحية للسيدات .. بل وفتيات المدارس .. هذا فضلا عن الأدوية التى تعالج العديد من الأمراض بدون تراخيص من الجهات الصحية مما جعل بعض الظرفاء ينادون بإلغاء كليات الطب والإكتفاء بهذه الأدوية التى ترجع بنا إلى عصر " شربة الحاج محمود " التى كانت سائدة فى خمسينيات القرن الماضى .. وهكذا أصبحت الإعلانات فى معظمها تدعو إلى نشر ما يخدش الحياء جريا وراء إنعاش السلوك الشرائى دون ما اعتبار للجانب الأخلاقى مما يوقع مالكى هذه القنوات والقائمين عليها والمعلنين ذاتهم تحت طائلة القانون ويعرضهم لتهمة جنحة الفعل الفاضح فى مواد قانون العقوبات والتى تقضى فى بعض موادها بالحبس ووقف بث هذه القنوات وقد يصل الأمر إلى إغلاقها بشكل مؤقت أو دائم . والحل هو تفعيل ميثاق الشرف الإعلانى والوقف الفورى لكل الإعلانات التى تخدش الحياء وكذلك تطبيق مواد القانون بكل حزم قبل أن نتحول إلى مجتمع يغلب عليه الخروج على الآداب العامة بالصوت والصورة ويصبح التمسك بالأخلاق – لا قدر الله - هو الاستثناء تحت سمع وبصر القانون . وإلى لقاء جديد وموضوع آخر فى مقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين . e mail : drmostafaabdeen@gmail.com dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

390

| 18 أكتوبر 2014

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

4854

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3591

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2877

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2736

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2652

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

1794

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1482

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1407

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1041

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

975

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

837

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

813

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية