رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما كنت فى المرحلة الاعدادية حضرت أول فيلم سينمائى فى حياتى فى عرصات السينما، ومازلت أتذكر اسم الفيلم الذى شاهدته بانبهار الذى كان يحمل عنوان " Independent Day " مازلت أتذكر تفاصيل الفيلم ومشاعرى المتوهجة وهمتى العالية وطاقتى المتأججة حين خرجت من باحة السينما، وذلك الدفتر الصغير أصفر اللون الذى أخرجته من حقيبتى لأسجل فيه ما استفدته من هذا الفيلم، فكتبت بعض العبر فى سطور ثلاثة، وأخذت أفعل الفعل ذاته فى كل فيلم أحضره، أكتب فى دفترى الصغير اسم الفيلم وتاريخ مشاهدتى اياه والعبر التى استفدتها منه، والجميل أن هذه العادة امتدت من دائرة الأفلام الى دائرة الأفراد، فبت أكتب اسماء الشخصيات التى تعرفت عليهم فى حياتي، وأكتب بفخر كل ما تعلمته منهم، وكم أجد فى هذه العادة من الفوائد، فالكتابة ترسخ الفوائد والعبر، وهى بمثابة الناقوس الذى يذكرنى بين فترة وأخرى عندما أفتح الدفتر المصاحب لي، وكم فتحت هذا الدفتر فى أوقات أكون بحاجة الى مافيه، رغم علمى بماكتبت، الا ان الذكرى دائما تنفع المؤمنين.صاحبت هذه العادة الجميلة وصاحبتني، فانتقلت من دفترى الاصفر الصغير الى آخر كلما أمتلأ واحد اشتريت آخر مع محافظتى على ماقبله، وصرت أكتب الفوائد واستسقى العبر وأدون الملاحظات، وانقش العبارات الجميلة أو الأبيات الرائعة التى أسمعها ممن حولى مصادفة، لكى لا تذهب هباء ، فنحن بنى البشر أصحاب العقول نعلم أن المرء يعيش مرة واحدة فمن الأجدر أن يتعلم من كل ماهو حوله ولكلٍ منا وسائل فى حفظ العبر ووسيلتى الكتابة فهى القاعدة الذهبية التى تعلمتها فى الدرس الأول من دروس تنمية الموارد البشرية التى تنص على " اكتب.. اكتب.. اكتب".وهكذا فعلت فعلا حينما قدر الله أن أكون جزءا من صرح مجموعة بروة العقارية كرئيس قسم الاتصال الاعلامى والاعلام، فتشرفت بمعرفة نخبة من القادة الرائعين، على رأسهم المهندس عبدالله عبدالعزيز السبيعي، الرئيس التنفيذى السابق لمجموعة بروة العقارية، فكم تعلمت منه رغم مدة عملى القصيرة معه، ولكن هذه المدة كانت حافلة بالدروس التى تستحق الوقفات وتستحق أن تقيدها الكلمات بل وتستحق أن يقرأها الأفراد والجماعات، ناهيكم أنه يستحق الثناء والتبجيل، فالقادة الرائعون يستحقون أن نذكر أفضالهم، وتأثيرهم وعطاءاتهم النيرة، ولم لا؟ فقد قال الذى لا يكذب ابدا:" من لا يشكر الناس لا يشكر الله".كنت خارج الدولة، تحديدا فى سلطنة عمان عندما بلغنى خبر استقالته من احدى الزميلات العزيزات بالمجموعة، وبعدها بدقائق بلغتنى رسالة الوداع الراقية التى أرسلها الى جميع الموظفين عبر البريد الالكتروني، هنا وفى هذه اللحظة اخرجت دفترى الصغير من حقيبتي، وأخذت أكتب كلماتى تحت عنوان " علمنى عبدالله السبيعي" دعونى اشارككم بعضها:علمنى عبدالله السبيعى أن مقياس التفاضل بين الموظفين هو الكفاءة والقدرة على العطاء والخبرات العلمية والعملية لا بالاسماء الاخيرة التى تختم بها اسماؤهم ولا بعلاقاتهم الحميمية معه، بل كان يؤمن بتوظيف من يستحق ويمنح الدرجات من هو كفء للدرجة والمنصب.علمنى عبدالله السبيعى أهمية التغافل، حين تسقط الأقنعة، فهو من المؤمنين بأن التغافل من الطباع التى يتقنها الناجحون وكأنه يردد بافعاله قول أبى تمام: "ليس الغبى بسيد فى قومه ولكن سيد قومه المتغابي" وقصد ابوتمام هنا المتغافل.علمنى عبدالله السبيعى المهنية العالية التى كان يتقنها واضعا أمام عينيه الآية القرآنية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ اِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).علمنى عبدالله السبيعى أن الموظف المتميز المخلص هو الذى ديدنه أن يضيف الى منصبه لا يجعل المنصب اضافة اليه، وألا يجعل هدف البقاء على الكرسى بل أن يكون هدفه العطاء وترك الأثر وهكذا حرص أن يفعل.لقد رحل عنا المهندس عبدالله عبدالعزيز السبيعى لكنه ترك فى النفوس الأثر الجميل وترك فى العقول العبر والدروس، لقد رحل وترك انجازاته تتحدث عنه، هكذا يكون القائد الحق، حفظ الله عبدالله السبيعي ورفع شأنه في الدنيا والآخرة.
1810
| 10 يونيو 2014
في الحياة المهنية نرى أصنافا عديدة من الناس، ممن يروقون لك وممن لا تستطيع حتى أن تهضمهم وإن أردفتهم بجعبة من الماء المستساغ. فترى بعضا منهم يتسم بالنفاق، يتلون كل يوم بلون، يجاملك بأروع العبارات حين يراك، وما إن يفارقك لا يلبث حتى يبدأ في نهش لحمك وأكله، مبللا ثغره من دمك، والجميل في ذلك أنه رغم كرهه لك إلا أنه يمنحك أفضل ما لديه من الحسنات، هذا فضل الله.وترى بعضا منهم مسالماً، يقوم بعمله ويمضي في سبيله دون أن ينقص أو يزيد من حق أحدهم ، يبتعد عن الحديث في الآخرين كل البعد، يتقي شر الناس ما استطاع إليه سبيلا. وترى صنفا من الناس طيبا سهلا لينا، معاونا مساندا، حتى يسمع بعض الشائعات التي قد تُفقدك منصبك، فيسقط من على وجهه القناع ليظهر على حقيقته، الحقيقة التي لابد لها أن تظهر، فتراه شخصا مختلفا عن ذلك الذي اعتدته، وتتطاير روح التعاون التي اعتدتها فيه، فتحمد الله أن الحقائق قد بانت، وأدركت معادن الناس، أوما قيل قديما أن الناس معادن؟وهناك نوع فريد، ذلك النوع الأصيل من الناس الذي لا يغيره المد والجزر ولا يتلون بمليون لون، ومهما واجه من صعاب العمل يبقى كما هو لا يتبدل ولا يتلون، لأنه ببساطة لا يحسن ارتداء الاقنعة، والجميل أنه يحب أن يُظهر من حوله ليثبتوا قدراتهم ويطوروا مهاراتهم قدر المستطاع.. فتفتكر أخي القارئ من أي الاصناف أنت؟أما المديرون من الناس فأصنافهم كُثر وألوانهم لا حصر لها، فمنهم من يديرالفريق بالترهيب ، ومنهم من يديرهم بالترغيب، منهم من يديرهم بالاجتماعات، ومنهم من يديرهم بالتفويض، وقلة منهم من يديرهم بالحب.لقد قرأت في أنواع الادارات كلها، ووجدت أن أفضل أنواع الادارات هي الادارة بالحب، فإذا ما انتهجها المدير، صار الموظفون يشعرون أنهم يعملون لانفسهم لا لشركاتهم، يتحول ثقل المسؤولية إلى حب الأداء، تنقلب المفاهيم العملية كلها، فيغدوا مكان العمل مكانا محببا لفريق العمل ، لا يُمانع أن يقضي فيه ليله ونهاره، يفكر ألف مرة إذا جاءه عرض سخي من شركات منافسة، يسوق سيارته متوجها إلى عمله صباحا مبتسما سعيدا وكأنه سيقابل حبيبا قريبا له، هكذا يكون المدير المتمكن، الذي تمكن الحب من قلبه فانعكس على فريقه وموظفيه، المدير الذي استطاع بحبه لمن حوله تحويل السخط إلى رضا، وتحويل الشكوى إلى ثناء، إلا أن هذا المدير الفذ، الذي استطاع بقلبه الرحيب أن يكسب الأغلبية، سيبقى بعضٌ قليل من حولة لم يغيره الحب والعطاء والعدل، "لأن قانون الارتداد لا يعمل مع جميع الناس، فالكرة إذا رميتها في الطين لا تظن أنها سوف ترتد إليك" هكذا قال لي أحد الأخوة المدربين. حمد بن راشد الكواري، مدير شؤون إدارة الاتصال بمجموعة بروة العقارية، المدير الذي طالما رغبت في الكتابه له وعنه وفيه، فكم يستحق هذا الإنسان الثناء، إلا إنني أجمحت حروفي ولثمت كلماتي فأبقيتها بين جنبي لأخرجها في الوقت المناسب، الوقت الذي أغادر فيه العمل أو يُغادره حتى لا تُحسب كلماتي تملقا او توددا أو مداهنة، جاء اليوم الذي يودعنا فيه حمد، الوداع الأليم، فمثله نادر الوجود، ذلك المدير الذي يُدير كل من حوله بالحب، المسؤول الذي يصنع قادة مخلصين، لا أتباعا متذللين، حمد المدير الناجح الذي همه تطوير العمل، ليس كبعضهم همهم البقاء على الكرسي، حمد الذي يريد أفرادا يقترحون ويطورون، لا يريد أفرادا يرضخون للأوامر ولا يناقشون، حمد المدير الرائع الذي يسمع منك ليس كبعضهم يُملي عليك، هو ذلك المدير الذي يشكرك أمام الناس ليس كغيره يحب أن يشكروه أمام الناس، حمد المدير الذي يطور افكارك وينسبها إليك، لا يسرق أفكارك وينسبها إلى نفسه، حمد هو ذلك المدير الذي يكون معه العمل ممتعا ليس كبعض المديرين متعب ومنفر.من هذه الزاوية الغرّاء أرفع له جزيل الشكر والتقدير فضلا وحبا وامتنانا وعرفانا، فقد كان نعم القائد والمعلم والمدير، هكذا نود أن يكون المديرون في مجتمعاتنا العربية، فكم من قائد سيولد حينها؟ وكم من فكرة عظيمة ستنفذ؟ وكم من بناء سيشيد؟.. حمد بن راشد الكواري نموذج المدير الذي نريد.
2027
| 15 أبريل 2014
يعيش المرء في حياته سلسلة من المراحل المتلونة، فأحيانا تكون بيضاء نقية، وأحيانا وردية جميلة، تارة تكون حمراء شهية، وتارة أخرى تكون شفافة رقراقة، وللأسف بعضها تكون سوداء دامسة. يعيش كل الناس هذه المراحل المتلونة بغض النظر عن أجناسهم وأعمارهم وديانتهم وألوانهم، وكوني من سائر الناس، فقد مررت بجميع ما سلف من الألوان.مازلت أذكر أنه في عام 2006 مررت بمحنة شعرت فيها بأن الدنيا قد ضاقت بي رغم رحابتها، وأن الألوان قد اضمحلت وما بقي أمامي غير السواد، دموعي كانت تحرق وجناتي في تلك اللحظات، في تلك اللحظات قررت قرارا غير مدروس، أن أذهب مع بعض من صحبتي إلى المستشفى لزيارة المرضى هناك، مرضى السرطان تحديدا، وهكذا فعلنا، اشترينا بعض الورود المرفقة ببطاقات عليها عبارات إيجابية خصصنا لكل مريض زنبقة حمراء وكتبنا على البطاقة: "إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد فاعلم أن الحبل سوف ينقطع وإذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فاعلم أن خلفها رياضا خضراء وارفة الظلال، إن بعد الدمعة بسمة وأفضل العبادة انتظار الفرج"، عبارات اقتبسناها من كتاب لا تحزن للدكتور عايض القرني.توجهنا إلى المستشفى، الطابق المخصص لمرضى السرطان تحديدا، وبدأت الزيارة هناك بالسلام على المريض وأهله - إن كان هناك أحد منهم – ومن ثم مجالسته بروح إيجابية، وفي الأخير تسليمه هذه الزنبقة الحمراء شريطة أن يقرأ ما هو مكتوب على البطاقة بصوت مسموع، لقد ذهبت إلى هناك وأنا أتقلب بين الوجع والألم ولكنني خرجت من هناك وأنا أبتسم وبكامل قوتي وإيماني، فتحولت المرحلة من اللون الأسود الحالك إلى اللون الأبيض النقي، الأمر الذي جعلني استهين بمصائب الدنيا وهمومها جميعها وأحول الدمعة بسمة والوجع إلى رضا فقط لأني أملك العافية.صديقتي تحدثني عن جارتها التي أصابها المرض ذاته، فتصفها بأنها غدت بلا شعر، ولا أهداب ولا حاجبين! تضيف أن بشرتها البيضاء الوردية أضحت سمراء داكنة من أثر "الكيماوي"، وتحولت من فتاة محبة للحياة إلى منعزلة تماما لا تقبل الزيارة، خجلة مما وصل إليه شكلها، ولا داعي أن أنقل لكم كيف تراجعت صحتها النفسية.يتألم البعض لأنه فقد وظيفته، ولا يعلم أن هناك وظيفة أروع من ذي قبل في انتظاره، يبكي البعض لأنه خسر حبيبته، ولا يدري بأن خلف ذلك الخير الكثير، يتحسر البعض لأن تجارته قد بارت ولا يدري بأن القادم أفضل مما مضى وانجلى، يتنهد البعض في وفاة قريب، ولا يدري أن في الصبر الأجر العظيم، يحترق البعض لأنه لم يستطع شراء السيارة الذي يحلم بها، أو أن يسكن في بيت رحب فسيح، وتتحسر الفتاة بأنها لا تملك من الجمال ما تملكه صاحبتها، أو تلبس ما تلبسه من "الماركات"، ولا يدرين جميعا أن من يملك العافية فقد ملك الدنيا وما فيها.حينها أدركت أن من ملك العافية لا يحق له أن يطول حزنه، فكل شيء يهون حينما تكون معافى في جسدك، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".
1626
| 02 أبريل 2014
عندما كنت في مرحلة دراستي للبكلاريوس، السنة الثانية تحديدا، كانت معنا زميلة "غير متحجبة"، وكانت الفتيات بالدفعة يرمونها بنظرات الازدراء والترفع، نظرات ثاقبة وكأنهم قد جردوها من الإيمان والتقوى والعمل الصالح. كانت فتاة مجتهدة، لا أعرفها عن كثب ولكني كنت أرى دون قصد للمراقبة تصرفات البعض لها، معاملتهن، نظراتهن التي توحي بأنها أخلت بموازين المجتمع، وداست على الأعراف، ورمت بتعاليم الدين عرض الحائط لأنها غير متحجبة!انتقلنا للسنة الثالثة، واجبرتنا بعض المقررات أن نعمل كمجموعات في بعض المشاريع الدراسية، فكانت معي مصادفة في احدى المجموعات تلك الزميلة غير المحجبة، فاصبح لزاما علينا الجلوس معها لساعات متواصلة للعمل وانجاز المشاريع الجامعية، والذي لم استغربه البته انها كانت تهرع للصلاة حين ينادي المؤذن، وكانت تنهرنا إذا سمعت بعض الغيبة والبهتان أو أبصرت بعض من الهمز واللمز، والأجمل أنها كانت تكرر دائما، لا أحب أن أرى الناس بنظرة التمحيص والتدقيق فإني هنا لم أخلق لأقوم بهذا الدور.في الطرف الآخر بعض من الفتيات المحجبات أو حتى المنقبات، يؤخرن الصلاة دون اكتراث بحجة أن الحمامات بالجامعة متسخة ويصعب الوضوء فيها، ويقضين الساعات الطوال في الغيبة والقهقهة على "فلان وعلان"، يتبرجن تبرج الجاهلية وهم باللبس الملتزم! يتناقضن كثيرا ويتلّوّن بمليون لون..!في "الإنستجرام" وضعت إحدى الأخوات جزءا من مقابلة على هيئة فيديو للاعلامية "حليمة بولند" وهي تتحدث عن أدائها للعمرة وكيف قضتها في الصلاة والاستغفار والدعاء بأن يكون مثواها الجنة.. وحينما ذكرت الجنة سبقتها دموعها فبكت.. المؤسف أن الناس جميعهم كانوا يضحكون ويستهزئون بها وبإيمانها وكرروا كثير عبارة: "من صجها؟!"، الإجابة "نعم من صجها" لأن حليمة قد تكون أقرب إلى الله منكن جميعا. هذه أمور لا يعلمها إلا الله.مازلت أتذكر، حينما خرجت مع زميلاتي لإحدى المجمعات، مر بنا رجل لحيته مُطلقة وكثيفة، ثوبه أقصر من المعتاد، تظهر عليه علامات التدين والالتزام، إلا أنه ـ رغم تلك العلامات ـ كان يلاحقنا بنظراته، يراقب مشينا ولبسنا وطريقة أكلنا! حتى نطقت إحدى الصديقات ما لم أتمنى سماعه: "متدين ويغازل"!أعرف إحدى الفتيات المنقبات التي تحاجج في كل مجلس وتحاول أن تقنع الجميع بوجوب النقاب من خلال القرآن والسنة، وتبذل الجهد الجهيد لتغير الآراء من حولها، وتنجح في معظم الأحيان، إلا أنني في إحدى المرات جلست مع والدتها فأخذت تبكي بحرقة وهي تشكو سوء معاملتها، ولا أنسى عبارة والدتها حين قالت: "شفايدة النقاب واهيه ما تبر أمها!"إحدى الفتيات تنهر كل من يسمع "الموسيقى بأي شكل من الأشكال" وتتحدث بالدين وكأنها من كمّلها الله بين الأنام، إلا أنني في كل اسبوع أعرف من القاصي والداني أنها تقض مضجعهم بعبارات مسيئة، تخلق المشكلات والفتن بطرق ابداعية، كل من يذكر اسمها يردفه بصفة اللاخلق.. أين الدين إذن؟الحديث في هذا الموضوع طويل، والمواقف لا تعد ولا تحصى، وأنا اليوم أكتب في هذا الشأن لا لأثبت للعالم بأن المنقبات والملتحين على خطأ أو لأثبت أن السافرات والحليقين على صواب، بل لأذكر نفسي وإياكم بإننا خلقنا لا لنصنف الناس بناء على مظهرهم ونحن لا نعرف الجوهر، البعض يحكم على إيمان الناس من ملابسهم فقط، فيشفعون للمنقبة والملتحي الكبائر ويحبطون لتلك الفتاة أعمال الخير العظيمة لأنها سافرة! هيهات يا ابن آدم، لم نخلق لنحاسب الناس، ولنصنفهم ونمنحهم مراتبهم من الجنة ومقاعدهم من النار.
2216
| 18 مارس 2014
يُحدثني أحد الاخوة المدربين، أنهُ منح سيارته القديمة " تويوتا كامري 2000" إلى أحد معارفه المحتاجين دون أي مقابل مادي، ودون تطلع لمقابل آخر، يقول: "إنني بعد أن أهديته هذه السيارة كانت لدي دورة تدريبية جماهيرية في التحفيز وتطوير المهارات، بعد انتهائي من الدورة تواصل معي أحد المتدربين يسألني أن كنتُ أرغب في بيع سيارتي الحالية " تويوتا لاندكروزر"، فأجبته:"نعم، أود بيعها" فأجاب إذا أنا المُشتري، فأخبرتهُ لم تسألني عن السعر فأجاب: "بأي سعر كان"، فمنحته سعرا مقاربا جدا للسعر الذي اشتريتُ فيه السيارة رغم استخدامي لها لسنوات، والغريب أنهُ قَبَلْ! اتفقنا على موعد لتسليم المبلغ ومن ثم تحويل السيارة باسمه، كانَ هناكَ على الموعد ينتظرني وفي يده ظرف يشمل المبلغ بالكامل، أخذته منه ومن ثم قلت لهُ لنتوجه للمرور لتحويل السيارة باسمك، فأجاب أنا الآن سأسافر لمدة ثلاثة أيام وحين أعود سوف استلمها منك. بانت على وجهي علامات الاستغراب ولكني قَبلت. مرت الثلاثة أيام ولم يتصل، فحاولت الاتصال به مراراً دون أن يُجيب، أجاب بعد محاولاتي المستمرة: " أخي في الحقيقة أنا لم أود شراء سيارتك، أنا وددت أن أمنحك هدية بطريقة غير مباشرة لأنك استطعت ومن خلال دورتك التدريبية تغيير حياتي بالكامل.. أفلا تستحق الهدية؟" يواصل: "لو منحتك الهدية بطريقة اعتيادية لم تكن لتتقبلها، الآن لديك قيمة السيارة والسيارة، تستطيع بيعها وشراء السيارة التي كنت تخطط لها " نيسان باترول"!دون أن اتطرق لردة فعل المدرب حينها وسعادته وارتباكه، فإن المدرب هنا تذكر "تويوتا كامري" السيارة المستهلكة التي منحها لمن احتاج دون أن يستلم منه مليما، لقد منح أخونا المدرب "تويوتا كامري موديل 2000" ورزقه الله ب"نيسان باترول 2013"! هذا قانون العطاء الذي لا يفهمه كثير من الناس.في كتاب "مع الناس" للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله يذكر الشيخ قصة المرأة التي كان ولدها مسافراً، وكانت قد قعدت تأكل وليس أمامها إلا لقمة ادام وقطعة خبز قد وصلت فمها، فجاءها سائل فنزعت اللقمة من فمها وأعطته إياها وباتت جائعة. فلما جاء الولد من السفر جعل يحدثها بما رأى. قال: ومن أعجب أمري أنه لحقني أسد في الطريق، وكنت وحدي فهربت منه، فوثب علي فما شعرت إلا وقد صرت في فمه. وإذ برجل عليه ثياب بيض يظهر أمامي ويخلصني من الأسد ويقول: ’’لقمة بلقمة‘‘. ولم أفهم مراده. فسألته عن وقت الحادث وإذا هو في نفس اليوم الذي تصدقت به على الفقير. نزعت اللقمة من فمها لتتصدق بها فنزع الله ولدها من فم الأسد، إنه قانون العطاء..ويذكر في كتابه قصة الشيخ سليم المسوتي رحمه الله فيقول:"قد كان شيخ أبي، وكان — على فقره — لا يرد سائلا قط، ولطالما لبس الجبة أو " الفروة " فلقي رجلا يرتجف من البرد فنزعها فدفعها إليه وعاد إلى البيت بالازار، وطالما أخذ السفرة من أمام عياله فأعطاها للسائل، وكان يوم في رمضان وقد وضعت المائدة انتظاراً للمدفع، فجاء سائل يقسم أنه وعياله بلا طعام، فابتغى الشيخ غفلة من امرأته وفتح له فأعطاه الطعام كله!، فلما رأت ذلك امرأته ولولت عليه وصاحت وأقسمت أنها لا تقعد عنده، وهو ساكت.. فلم تمر نصف ساعة حتى قرع الباب وجاء من يحمل الأطباق فيها ألوان الطعام والحلوى والفاكهة، فسألوا: ما الخبر؟، وإذا الخبر أن سعيد باشا شموين كان قد دعا بعض الكبار فاعتذروا، فغضب وحلف ألا يأكل أحد من الطعام وأمر بحمله كله إلى دار الشيخ سليم المسوتي، حينها قال لزوجته: أرأيت يا امرأة؟قانون العطاء ذلك القانون الذي لا يفهمه إلا كبار النفوس وأصحاب النهى، القانون الذي ينص أن تمنح ما تتمنى لتنال أكثر مما تتمنى، أمنح دون أن تنتظر المقابل البتة، واعط عطاءك بتواضع وحب لا تواضع الترفع والاعتلاء لتكون ممن استجاب لأمر الله " وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ*" حينها فقط سوف يُغدق عليك بالعطاء الجزيل.
6214
| 04 مارس 2014
منذ كنت طفلة وأنا لا أحسن التوفير، كان من حولي جميعا يمتلكون "حصّالات" للادخار لمدة تطول وتطول لسنوات، أما أنا فما تلبث "الحصّالة" الفخار عندي غير ثلاثة أيام، ولا داعي أن أخبركم أنني طيلة هذه الأيام القصار أحاول كسرها ثم أتوب وأرجع، حتى يتمكن مني الشيطان فأكسرها وأمضي إلى أقرب بقالة أو محل للألعاب فأحقق مبتغاي. كبرتُ وكبرت هذه الخصلة عندي،أرمي بجميع قوانين التوفيرجانباً وأضرب بجميع الحكم والأمثال التي تشجع الجميع على التوفير عرض الحائط، أعيش اللحظة، فلا أفكر في غد حتى يأتي ولا آبه بما مضى من مال، رغم أن جميع من حولي ينصحني ويمنحني بعض الاستراتيجيات التي قد تعينني على التوفير بل ويرفقونها بقصص مؤثرة خلاصتها أن القرش الأبيض سينفعك يوما في اليوم الأسود، وكان ردي دائما "أيامي كلها بيضاء الحمدلله، لا قَرّبَ الله اليوم الأسود". رغم أني كنت لا أعمل للمال قيمة، ولا أنتهج مبدئ التوفير، فإنني كنت — منذ صغري — محبة للكتب التي تتحدث عن طرق الثراء، والطريق إليه، وكيفية الوصول إلى لقب مليونير، وكنت استوعب الطرق جميعها ولكن هيهات أن أطبق، حتى طُلب مني مرة أن أقدم دورة جماهيرية تحت عنوان "كيف تصبح مليونيرا"، بالطبع رفضت رغم العرض المغري، لأنني رغم مخالفتي للمثل القائل: "فاقد الشيء لا يعطيه" ورغم علمي بالمنهجيات التي توصلني للثراء من خلال قراءاتي لتلك الكتب، إلا أنني لم أحقق الهدف لأدعو الناس لتحقيقه!، عندما أصرّت مديرة التدريب والتطوير عليّ لتقديم الدورة تذكرت حينها بيتين من قصيدةٍ لأبي الأسود الدؤلي: لا تنه عن خلق وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيمُ.. ابدأ بنفسك فانهها عن غيها.. فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ ورشحت لها من يستحق أن يكون في هذا المحل. كانت جدتي دائما ومازالت تحدثني عن أمجاد بعض أفراد العائلة، كيف انتقلوا من مراتب الطبقة المتوسطة حتى وصلوا إلى الثراء، فقط لأنهم قدّروا المال قليله قبل كثيره، وكنت دائما أجيبها.. "يايمة لا تعورين راسج معاي.. الفلوس وصخ دنيا". "رضا عبدالكريم"، أحد الذين بنى له مجدا من عدم، فقط لأنه أدرك قيمة المال، كان ينصحني كثيرا ولكني كعادتي لم استجب للنصح، حتى جاء اليوم الذي ليس ببعيد، منذ ثلاثة أسابيع تقريبا، تذكرت جميع تلك النصائح، وتذكرت عزائي لنفسي: "ان المال وصخ دنيا" ونسيتُ قول الله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) تماما كمن يقول لنفسه "السلطان من اعتزل السلطان" فقط لأنه لا يستطيع الاقتراب من السلطان فيعزي نفسه بنفسه.. تغيرت حولي ألوان الحياة، والمفاهيم، وتذكرت الوجوه بقسماتها وحُرقتها وهي تنصحني، تذكرت ماقرأت لمجرد العلم لا التطبيق، وأدركت كم أضعت من السنين، وعلمت أني لن أجذب الشيء حتى أحبه، ولن أبقي المال في حوزتي إلا اذا بنيت بيني وبينه رابط، وجعلت في نفسي قناعة تجعلني أحول المفاهيم إلى قيم ومنها إلى أفعال. الجميل أن الله — كما يفعل معي دائما — يُوجد لي الحلول الشافية الوافية، إلا أن الحل هذه المرة لم يكن سهلا يسيرا ككل مرة، بل جاء مع صفعة تعلمتُ منها أن أيامي مهما كانت بيضاء جميعها، إلا أنهُ كان يجب علي أن أدرك أنني لست في الجنة بعد، فالدنيا بين لونين أسود وأبيض، وبين حالتين صحة ومرض، بسمة ودمعة، ولا بد من الأخذ بالأسباب. علاقتي بالمال اليوم مختلفة تماما عما مضى، جاء هذا الدرس بعد صفعة من الزمن قوية، ولكن عزائي أن المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت ومن حيث يوجد لا من حيث يولد وأدركت الدرس البسيط بقناعة تامة " لا إفراط ولا تفريط".
2296
| 05 نوفمبر 2013
زوجي "أحمد" اعتاد أن يفتح صفحة "اليوتيوب" قبل أن ينام، ليرى بعض المقاطع الكارتونية وشيئاً من الرسوم المتحركة التي اعتاد مشاهدتها وهو في عمر الزهور، كنت في بداية الأمر أستغرب فعله، ولكني حين خضت التجربة معه شعرت بشعور جميل، أكاد أعجز عن وصفه، الأهم من هذا وذلك أنني شعرت بأنني قد أحييت ذلك الطفل الذي بداخلي من جديد، ولا داعي لأن أصف جمال شعور الأطفال وأجوائهم، فأدركت حينها أنه ما أجمل أن تحافظ على ذلك الطفل الذي بين جنبيك بأي ممارسة بريئة، مهما امتد بك العمر.. الموقف الذي أعجبني جداً، والذي صادفني حين كنت في إحدى الحدائق العامة بالبلاد، مصطحبة بعض أطفال العائلة، لأرافقهم وأشرف عليهم، وبالطبع أدفع لهم. وبينما أنا معهم في تلك الرحلة، رأيت أحد وجهاء البلد مع بعض من الأطفال، أظنهم أحفاده، لم تكن مهمة ذلك الوجيه كمهمتي الإشرافية، بل كان يشارك أحفاده — كما أحسبهم — اللعب والصراخ والأكل والشرب، فكان يلعب معهم ويصرخ مثلهم، ويشرب تلك المشروبات الملونة التي يحبها الأطفال، ويأكل الحلويات التي يأكلونها، حتى بلغت به الحماسة أنه وهو يلعب إحدى الألعاب، سقط عقاله على الأرض، وأخذ الأطفال يضحكون، ويخبرونه أن عقاله لم يعد فوق رأسه، وما كانت ردة فعله إلا أنه ضحك معهم، وواصل الجولات كلها دون عقال، بل ونزع الغترة من فوق رأسه وواصل الرحلة، العجيب أنني كنت أعرف ذلك الوجيه جيداً، وأعرف شخصيته القوية، ومدى اتزانه، ولكني في تلك المرة رأيت طفلاً في شكل رجل، كنت أشعر بأنه كان يضحك كما لو لم يضحك قط، وكان يلاحق الأطفال ويشاكسهم ويشاكسونه وكأنه في عمرهم تماماً، بل وأصغر منهم بقليل. ابتسمت حينها وحادثت نفسي: "المرء الذي يقتل ذلك الطفل الذي بداخله يفقد الكثير، نعم الكثير". تأخذنا الحياة إلى مشاريع عدة ومناصب ذات مسؤوليات كبيرة، فنفشل في البعض وننجح في البعض الآخر، فتصقلنا المشكلات، لنحول قصة الفشل قصصاً من النجاح، وفي خضم تلك الصولات والجولات، والتحديات والمواجهات، وبين مد الحياة جزرها، ترتسم على ملامحنا آثار الزمان، فننسى أن نغذي ذلك الطفل الذي تأصل فينا، فتجاهلنا وجوده، وفقدنا بالتالي كل جميل يحتويه، تلك المرحلة العمرية التي تتسم بالطهارة والنقاء والصدق، الابتسامة لا تفارقهم، فحياتهم بسيطة؛ إن تعبوا فمن اللعب، وإن حزنوا فلسبب مشابه، ترى في تلك العيون الشفافية الحقيقية، وفي تلك الخدود الجمال الحق. فجربت بعد تلك الأحاسيس المتداخلة، أن أحيي الطفل الذي تجاهلته كثيراً، قد لا يحتاجني أبداً، ولكني أحتاجه، قد لا أضيف إليه شيئاً، ولكنه سيضيف إلى حياتي أشياء!! قد لا أمنحه شيئاً، ولكنه سيمنحني المنح، وسيعطر أيامي بجمال الطفولة، فلمَ يقتل الناس الطفل الذي بداخلهم؟ وهم أحوج ما يكونون إليه؟!، وهكذا فعلت بعد أن قررت أن أغذي ذلك الطفل الجميل، بعد إهمال طويل، فاصطحبت أطفال الأهل إلى الملاهي مرة أخرى، ولكن مهمتي هذه المرة لم تكن إشرافية وحسب، بل كنت معهم أشاركهم اللعب والأكل والصراخ والركض، فشعرت حينها بأن للحياة لذة مختلفة، طعمها البساطة، ولونها البراءة. خرجت من تلك الرحلة وأنا أقول في خَلَدي: "إياكِ إياكِ أن تهملي ذلك الطفل الذي بداخلك مرة أخرى، بل احتويه، واجعليه معك في كل حين، وعيشي معه بين الفينة والأخرى، فأنت الأحوج إليه منه إليك، فلا أجمل من أن يشعر الإنسان بالبراءة، ويعيش البساطة، ويلبس الطفولة!!.
15159
| 01 أكتوبر 2013
وأنا على متن الطائرة، عائدةً ادراجى الى أرض الدوحة بعد قضاء رحلة ممتعة وقصيرة فى عطلة نهاية الاسبوع، قادتنى المضيفة الى الكرسى المخصص لى للجلوس، جلست عليه، ولبست حزام الأمان، وبعد قراءة دعاء السفر قررت أن أغفو قليلا.. ولكن! لم أستطع.. لمَ..؟ دعونى أحدثكم. كان يجلس على الكرسى الموازى فى الجانب الآخر رجل فى منتصف العمر تظهر عليه هيئة التدين، ذو لحية طويلة وكثيفة، ثوب قصير، وفى الكرسى الخلفى له مباشرة رجل لم أشاهد ملامحه، ولكنى كنت أستمع الى صوته بوضوح شديد، لم أكن الوحيدة القادرة على سماعه بل أنا وجميع من فى النصف الأخير من الطائرة، بدء الحوار من خلال الرجل الذى كان خلف الشيخ والرجل الذى تظهر عليه علامات التدين، فبدأ بعبارات " تمسخر" واستهزاء بأصحاب اللُحى والمشايخ، وكان صوته قويا مدويا، وكان يستخدم عبارات ذات ألفاظ قوية محاولا جهده أن يثير غضب الشيخ، العجب الآن فى ردود الشيخ، اذ كنت أسمع منه كلمات ايجابية بصوت هادئ مثل: " تسلم، ربى يحفظك، الله يجزيك الخير.."، فى تلك الأثناء كانت مضيفة الطيران توزع على الركاب بعض العصائر والمياه المعدنية، فبدأ الرجل مهمته من جديد محاولا اثارة زوبعة الغضب.. فأخذ يردد: "برد على قلبك شيخ.. اشرب ماي.. والا المشايخ ما يشربون ماى بعد!!" وكان رد الشيخ: "أبشر"..، كرر الرجل تلك العبارة مايقارب السبع مرات محاولا أن يسمع ردا مخالفا لما استمع اليه، الا أن الشيخ كان محافظا على هدوئه والبسمات مرتسمة على وجهه وعلامات الرضا بيّنة وجليّة، كنتُ فى عجب من أمري، كم من الحلم يملك هذا الرجل! كان زمن الرحلة ما يقارب الثلاثين دقيقة، وأكاد أجزم بانه منذ أن أقلعت الطائرة حتى حطّت، لم يكف ذلك الرجل عن العبارات التى تثير الغضب وتكدر الخاطر، وعجبت العجب كله من ذلك الحلم، وكظم الغيظ الذى كان يتسم به "أخونا" الشيخ. تذكرت حينها موقف معن بن زائدة الذى اشتهر بالحلم والكرم، فعندما ولاه أبو جعفر المنصور على اليمن تراهن أعرابيان على اغضابه، مقابل مائة بعير فدخل أحدهما على معن وأخذ يقول: أتذكر اذ لحافك جلد شاة واذا نعلاك من جلد بعير؟ فقال معن: نعم اذكره ولا أنساه فقال الأعرابي: فسبحان الذى سواك ملكا وعلمك الجلوس على السرير فقال معن: ان الله قادر على كل شيء. فقال الأعرابي: سأرحل من بلاد أنت فيها وان جار الزمان على الفقير فقال معن: ان جاورتنا فمرحبا بك وان فارقتنا مصحوب السلامة. فقال الأعرابي: فجد لى يا ابن ناقصة بشيء فانى قد عزمت على المسير، فأمر له معن بألف درهم فقال الأعرابي: قليل ما أتيت به وأنى لأطمع منك بالمال الوفير، فأمر له معن بألف درهم أخرى. تأثر الأعرابى وأقبل على معن يقبل يديه يستسمحه ويقول: سألت الله ان يبقيك ذخرا فما لك فى البرية من نظير فمنك الجود والاحسان حقا وفيض يديك كالبحر الغزير فقال معن الى الأعرابي: ما حملك على هجونا؟ فأجابه: ذلك الأعرابى اللعين الذى راهننى لاغضابك لقاء مائة ناقة. فقال معن: اذن خسرت الرهان؟ وأمر له بمائتى ناقة. مائة له. ومائة للرهان..!! من السهل جدا أن تأخذ حقك، وتنتقم ممن أساء اليك، ومن المعتاد الا ترضى على كرامتك حين تسمع من يسبك ويعاديك ويهجوك ويطأ على مناطق الوجع عندك، فيذكرك بخفقاتك وعثراتك، ويردد ما لا تحب ويحطُ من انجازات تفخر بها ويجعلها هشيما تذروها الرياح، ولكن الرفعة حقا والانتصار والقوة فى الحلم وكظم الغيظ وادارة المشاعر السلبية بل وتصييرها الى ايجابية بكرم وشكر واستحسان، لقد ساد الأحنف بن قيس فى زمانه وبقى خالدا حتى يومنا لأنه اشتهر بحلمه، واليوم اننى لانحنى اعجابا لحلم ذلك الشيخ على متن الطائرة اذ تحمل وأمام الملأ ما لا تتحمله النفوس وما لا تتقبله الاذان، كنت اردد فى قلبى طوال الرحلة "ليتنى أمتلك حلما كهذا الحلم". اللهم اجعلنا من الكاظمين لغيظهم والعافين عن الناس واجعلنا اللهم من المحسنين.. آمين
1914
| 24 سبتمبر 2013
دخلت "المول" ذلك المجمع الصغير الهادىء القريب من منزلي، لقضاء بعض الحاجات والمعاملات البنكية، لم أكن حينها في صحة جيدة، ولولا الاضطرار لما أخذتني قدماي إلى هناك، دخلت أحد البنوك لقضاء معاملتي البنكية الأولى، فأخذت رقماً لأنتظر دوري ثم أخذت مقعداً بالقرب من موظفة خدمة العملاء، كنت أرقبها وهي تقوم بعملها، فكانت "تتحلطم" وتتذمر على الزبون الآسيوي، الذي جاء يودع مبلغاً، بطريقة لا شك أنه فهم فحوى كلامها، رغم أنه لا يعرف اللغة، فهو بمعنى آخر يعلم ما تقول، وهو لا يعلم، مرت على جلسة انتظاري ساعة كاملة، وأحسستُ حينها بأن صحتي لم تعد تقوى على انتظاري، فتوجهتُ إليها وأخبرتها بعد السلام: "أختي تسمحين تمشين معاملتي لأني مش بخير، ومستعجلة" فأجابتني بتمعر، ووجهها تعلوه علامات التجهم: "آسفة أنا أمشي بالدور، وإذا مش عاجبج روحي كلمي المسؤول"! ارتسمت على محياي بسمة، وكأني أقول لها في نفسي "لا بأس".. ولكنها كانت تستطيع إيصال نفس الرسالة إلي بطريقة لائقة أكثر.. جاء دوري بعد انتظار قاتل، وأنهيت إجراء المعاملة، ولحسن الحظ أنها لم تقم بخدمتي، حين جاء دور رقمي، فقد كان من حسن الطالع أن يظهر رقمي على شاشة زميلها موظف خدمة العملاء، شكرته ثم توجهت لمصرف الريان لإجراء المعاملة الثانية والأخيرة.. دخلت مصرف الريان فإذا به مزدحم، كانت معاملتي مع موظف خدمة العملاء مباشرة، أخذت رقماً وهممت بالجلوس لأنتظر دوري!! ولكن، إليكم الفارق، جاء مدير الفرع مباشرة ليسألني — كما سأل غيري من بعدي — كيف أخدمك؟ فأخبرته بالمهمة التي أريد، نفذها لي في غضون دقائق، بابتسامة عريضة وأخلاق عالية، فحين أنهى لي الخدمة سألته عن اسمه فأجاب: "عبدالله عقيل"، نقشت الاسم في عقلي، لأنني قد عقدت العزم أن يكون ذلك محور مقالي القادم، شكرت عبدالله وتوجهت نحو الباب، فإذا به يخدم أحد الآسيويين بنفس الطريقة، فتذكرت الفارق، بين موظفة خدمة العملاء تلك في ذلك البنك، وبين مدير الفرع في مصرف الريان!! إنه الخلق الذي يرفع من مقامك، أو يحط منه، فما ضر المدير التواضع وخدمة العملاء ببشاشة ولباقة؟!! خرجت من المصرف وكأني شفيت حين رأيت تلك الأخلاق العالية والمعاملة الراقية.. إنها الأخلاق الدمثة التي هي بمثابة العطر الذي لا يزول. عندما كنت في المرحلة الإعدادية كنت أرى جدتي وهي تتعامل مع الجميع — من يُحسن لها أو يُسيء — بطريقة راقية وبأخلاق عالية، فكنت أصرخ في وجهها وأخبرها كيف تعاملين المحسن والمسيء بخلق!؟، هذا ضعف، وعليك أن تردي الحسنة بعشر، والإساءة بمليون، فكانت تجيبني: "الطيب يا بنتي غلب الطبيب"، وفعلاً كنت أرى المسيء لها يندم بعد حين، والعدو ينقلب إلى صديق!! إنها الأخلاق العالية التي هي بمثابة العطر الذي لا يزول. مازلت أتذكر د. هشام العمال، دكتوري حين كنت في مرحلة البكالوريوس، والذي أصبح عميداً لكلية تقنية المعلومات بعدها، كان يعامل جميع الطلبة بطريقة راقية، لم يكن متحيزاً في المعاملة البتة، فالذكي والغبي والمسلم والمسيحي والسني والشيعي والفقير والغني؛ له نفس المعاملة، ونفس مستوى الخلق، كنت أعجب من بعض الأسئلة التي تطرح عليه خلال المحاضرة، حيث لابد للسامع من أن يقول في نفسه: "يا لَهذا الغباء"!! ولكنه كان يجيب بطريقة تجعل الجميع يتفاعل معه.. طريقة محفزة ترفع من ثقة الطلاب والطالبات. كنت كثيرة الصمت في محاضراته، لأني كنت أقيد في عقلي الباطن شخصيته، وطريقته وأخلاقه، فهو من نماذج الأساتذة الفريدة التي قلما تتكرر، لقد مضى على تخرجي سنوات طويلة، ولكني مازلت أتذكر تفاصيل شخصية هذا الدكتور، ولا عجب.. إنها الأخلاق الراقية التي هي بمثابة العطر المعتق الذي لا يزول.
967
| 10 سبتمبر 2013
أترى تلك الهموم التي تُثقل كاهلك، وتثقل كاهل غيرك من بني جنسك، كلٌ له همه في هذه الحياة، وجميعنا يتفق على أنه لا يوجد كائن على وجه الأرض يحيا الحياة أفراحا دون أحزان وبسمات دون دمعات، ولكن لنقف قليلا عند تلك الهموم: أصنافها وأحجامها وأنواعها، قل لي همك أقل لك من أنت؟ أتلفتُ حولي بعمق ولا أنسى أن ألتفت إلى نفسي، فاستمع إلى الهموم والغموم، وأصنفها، فمنهم من همه وضيع ومنهم من همه رفيع، أو كما قال أبو الطيب على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارمُ، بعض الناس همتهم في الحياة عظيمة، فتراه مشغولا في رسالة عظيمة وهدف سام كأن ينهض بنفسه والآخرين، ويسعد نفسه والآخرين، وبعضهم يعملون جاهدين لتغيير أنفسهم ومن حولهم للأفضل، أو إيصال رسالة معينة للكون، أو الارتقاء بنفسه والآخرين في مهارات معينة، فتراه يعمل ليل نهار لتحقيق الهدف، والنية لله عز وجل، تلك النية التي تجعل من العادة عبادة، فدعوني الآن اسألكم عن بعد.. كيف أنتم والهموم؟ وما الذي يؤرقكم ليلا؟ وما الذي يقض مضاجعكم؟ ويبكي مدامعكم.. لنُجيب بعضنا بعضا فنتعرف على بعض.. حين يمر المرء بالأحزان ودوائر الخطوب يشعر أن شخصيته تنصقل، والدنيا تقويه بتلك الضربات المتتالية، فتجعل منه إنسانا مختلفا مهيئا ومدربا وخبيرا، ولكنها الخطوب والهموم الراقية، لا همَّ فتاة يصيبها، أو رجل تمنيته زوجا ففارقكِ.. لتقضين العمر كله حسرات وآهات. أحيانا أرى ملامح الحزن في من حولي فأبادر: "سلامات.. شصاير؟"، لأسمع الردود العجيبة، ردود لا تبشر الأمة بخير، فبت أحدث نفسي أننا علينا أن نرتقي حتى في أحزاننا وهمومنا.. لنسمو ونرتقي، رحم الله عمر بن عبد العزيز حين قال: (إن لي نفسًا تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارة حتى نالتها، فلما نالتها تاقت للخلافة، فلما نالتها تاقت إلى الجنة، فأرجو من الله أن يرزقنيها). لذلك صرنا نعرف الناس من همومهم لا من أصحابهم وحسب، تلك الهموم والخواطر التي تمر عليك فتصيدها وتقيدها في دفاتر نفسك وتسطرها في دواوين خلدك هي التي تصنعك، وتجعلك عزيزا أو ذليلا، عظيما أو صعلوكا، فتأمل وكم للتأمل والوقفات من فوائد. إليك هذا الواجب مني، سطر في دفتر صغير همومك وحينها قدر نفسك في أي المناصب أنت، أهمتك في علو أم سفول؟ لتستطيع حينها إصلاح ذاتك ورفع همتك ولن يكون ذلك إلا حين تُصلح رسالتك في الحياة فتجعل من حياتك هبة لمعالي الأمور. يقول أحد الحكماء:" ذو الهمة إن حُطَّ، فنفسه تأبى إلا عُلُوّاً، كالشعلة ِ من النار يُصَوِّبُها صاحبها، وتأبى إلا ارتفاعا "
1478
| 03 سبتمبر 2013
وأنا أقضي عطلة عيد الفطر المبارك، قابلتُ إحدى الأخوات التي اكتشفتُ مؤخراً أنها مصابة بمرض السرطان، فلاحظتُ على وجهها التعب والألم، وأثر "الكيماوي" طغى على شبابها ولوّن بشرتها بالسواد، فحاولتُ جهدي ألا تَفضحني ملامحُ الألم التي انتابتني حتى لا أزيد من همها هماً، ومن ألمها جرعةً زائدة. ركبتُ سيارتي، وأخذت أفكر بموفور العافية الذي نحويه، وبلغ عندي الامتنان رقماً صعباً وحذرتُ نفسي يوماً أن يزلَّ لساني بشكوى أو تذمر، فمن ملكَ العافية ملك الدنيا بما فيها، فالحمدلله..الحمدلله. تلك الليلة لم تكن سهلة العبور، ملامح تلك الأخت كانت لا تفارقني، أخذت أفكر في من حولي جميعاً، وفي جميع النعم التي تغمرنا، فصرتُ أحمد الله حمداً عظيماً.. حتى بلغني النعاس، في صباح اليوم الآخر، خرجتُ مع إحدى صاحباتي لتناول الإفطار معاً، فبدأت حديثها تشكو من عملها ومن زميلاتها، فقاطعتها: "هل فكرت يوما أن هناك ملايين العاطلين عن العمل يتمنون أن يكونوا في مكانكِ الذي تشكين منه؟" فاندهشت من سؤالي غير المتوقع، تابعت: "هل فكرتِ يوما أن تشكري الله في كل صباح توقعين فيه حضوركِ للعمل، فأنتِ موظفة وغيركِ يَحلم بأن تكون له وظيفة.. أيةَ وظيفة" فابتسمت ثم همست "الحمدلله..". نحن بني البشر نُحسن الشكوى، بإبداعٍ وتفننٍ واتقان، نفكر في المفقود كثيراً ولا نلتفت للموجود، نطمع في كل شيء ولا نقنع بأي شيء، فنصل مرحلة الجحود السقيمة التي حذرنا الله منها في كتابه، ولا يكون المرء حكيماً إلا اذا جعل من الامتنان ديدنه وطريقه، أفكرتَ يوما في النعيم الذي تعيش، في صحتك، ووظيفتك، وغرفتك، وأهلك، والأمان من حولك؟ هل فكرت يوماً في قدميك..وساقيك ولسانك وعينيك.. هل فكرت يوماً في طعم الحرية الذي تستنشق؟ بيدَ أن هناك من يقبع في السجون مظلوماً محروماً، هل فكرت يوماً أن تغمض عينيك دقيقة كاملة بثوانيها الستين، فتعيش ظلام الضرير، لتدرك نعيم النور الذي أنت فيه؟.. تساؤلات لا حد لها ولا سد، أوَما قال الله:"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.."، نعم هيَ لا تُحصى أبدا. يقول روبرت إيمونسن الباحث في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في دايفيس، إن الأشخاص الذين يشعرون بالامتنان، عادة ما يتمتعون بصحة أفضل من غيرهم، كما تقل لديهم الأعراض المرضية، ولديهم طاقة كبيرة، ولهم علاقات اجتماعية أوسع، إضافة إلى تمتعهم بروابط زوجية أقوى، وربما بمدخول مادي أكبر، وأضاف الباحث، وفقاً لما نقلته صحيفة "ماكلاتشي تريبيون" الأمريكية، ان الشاكرين يخلدون إلى النوم بسهولة، وينامون بعمق ولفترات أطول، ويستيقظون هانئي البال. لقد لاحظت وبعمق أن الناجحين لا يعرفون الشكوى والتذمر، ولا يرون السماوات المظلمة، ولا يتذكرون الذكريات الأليمة، ولا يكررونها في أنفسهم، يتخيرون الخير لذكره، وتسطيرهِ في نفوسهم، ويشكرون من حولهم على كل شيء، كل شيء، وينظرون للموجود بامتنان وحب وشكر، وينظرون للمفقود بطموح ورغبة وهمة، لا بطمع وجحود وحسرة، هنا يكمن الفرق بين الممتن الطموح والجاحد الطامع، فالأول سيحافظ على النعيم الذي بين يديه وسيرزقه الله ما يتمنى وزيادة، والآخر سيخسر ما لديه ولن يطول مما يتمنى نقيرا، فتفكر في نفسك من أيّ الصنفين أنت؟ اللهم لك الحمد حمداً لا يُعدُّ ولا يُحصى..
696
| 27 أغسطس 2013
لطالما أبعدتُ قلمي عن الأمراء والملوك والشيوخ وأصحاب المناصب، ولطالما حِدتُ بشعري ونثري وكلماتي بعيداً عنهم، وكم رددتُ قول أبي القاسم الشابي: "لا أنظمُ الشعر أرجو بهِ رضاءَ الأميرِ.. بمدحةٍ أو رثاء تُهدى لرب السرير.. حسبي إذا قلت شعراً أن يرتضيه ضميري". وكم رأيت أولئك الذين يتملقون أصحاب المناصب والعروش بنظرة دون، حين لا يكون الثناء إلا لمصلحة، وحين يكون القصيد في غير محلة، أولئك هم أنصاف الشعراء والكتاب، الذين يجيدون النظم والكتابة، ولكن كلماتهم لا تكون فيمن يستحق.. اليوم أثبتُ للعالم أن لكل قاعدة استثناء، فقد ضربت قاعدتي هذه بعرض الحائط مع الأمير الوالد حمد بن خليفة، حينما رأيتُ ورأى العالم بأسره عطاءه.. اليوم أكتب بقلمي رغم أن جميع الكتاب والشعراء حركوا أقلامهم ليكتبوا فيه مايستحق طيلة الأيام المنصرمة، إلا أنني مازلت متعطشة، وما استطعتُ أن أروي عطشي إلا بحبر كلماتي.. فهأنذا أخطُها. لن أسرد إنجازات حمد بن خليفة، فبضربة زر واحدة يستطيع أي منا أن يرى الإحصاءات، وتحول الأرقام منذ تسلمه مقاليد الحكم حتى تسليمه إياها، والنقلة النوعية والنهضوية التي ارتقت بها البلاد، ولكن.. دعوني أحدثكم عن حمد بن خليفة الإنسان. إذ إنني منذ زمن قرأتُ كتاباً جميلا لأبي بكر الطرطوشي، عنوانه سراج الملوك، وأكاد أجزم أن الأمير الوالد قد قرأه سطراً سطراً لأنني رأيت في فعاله قبل أقواله ما قرأت. إذ تحدثني إحدى البائعات في سوق واقف عنه، فتقول: "أراه بين الفينة والأخرى دون حرس أو حاشية يجالسنا ويستمع لطلباتنا بل ويحققها لنا"، كانت تتكلم وعيناها مغرورقتان بالدموع، فأخذتُ أقول في نفسي، حمد بن خليفة يحقق ما لم يحققه أمراء وملوك وسلاطين هذا العصر.. بفِعاله يُذكرني بعهد العمرين، الفاروق وخامس الخلفاء الراشدين، فأي أمراء عصرنا اليوم ذاك الذي يمشي دون حراسة، متفقداً رعيته وأي منهم ذلك الذي تسمع من شعبه قاصيه ودانيه كلمات المديح له بحب وولاء وتمسك. في اليوم الذي انتظرنا فيه خطابه لتسليمه الحكم لنجله، كنتُ أرقبُ الشعب القطري عن كثب، شعرت حينها وكأن ستائر سوداء قد أُسدلت على قطر حزناً منهم على فقده، رغم وجوده بينهم، كنت أرمق العيون الحزينة في كل الوجوه، حتى في وجوه المقيمين رأيت ملامح الأسى والشجن في قسماتهم، لله درك يا حمد!! أن جعل الله لك هذا القبول العظيم في أهل الأرض. لقد كان ومازال أمر تسليمه للحكم حديث العصر، إذ عَجبتْ الدنيا كلها شرقُها وغربُها من بادرته، ومن يفعل ما فعل عن طيب خاطر، في زمن يقاتل فيه السلطان شعبه، ليبقى عرشه على جماجمهم مصوناً، أرأيتم في زماننا شعباً يبكي أميره ليبقى؟ وهو يرحل ببسمات الرضا وكأنه يقول لا بأس، فقد دربت لكم قائداً سيمشي على الخطى ذاتها، فلا ملكَ دائمٌ إلا ملكُ ملك الملوك.. الله الواحد القهار. حمد بن خليفة، أكرم شعبه حتى جعل الشعب القطري يفتخر بجنسيته في جميع أنحاء الأرض قاطبة، واستثمر في بلاده حتى سميت قطر "قرطبة الخليج"، وجوهرة العالم، بل وجعل من بلاده ملاذا لكل مظلوم ومحتاج، فمد يد العون له، ورفع قدره بما يستحق. حمد بن خليفة يكفيك فخراً وعزاً وراحة أن الناس كلها تدعو لك في ظهر الغيب، وليس أثمن عطاء وأصدق هدية من دعاء صادق، من شعب رأى الخير كله من أميره، حمد بن خليفة، لقد عدلت فأمِنْتَ، حفظك الله إنساناً وأميراً ووالداً.
775
| 02 يوليو 2013
مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
1968
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...
1290
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1137
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...
1074
| 26 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...
1032
| 24 ديسمبر 2025
-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...
852
| 25 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
729
| 21 ديسمبر 2025
لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...
663
| 24 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
645
| 23 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
558
| 23 ديسمبر 2025
منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...
528
| 26 ديسمبر 2025
في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...
510
| 23 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية