رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لقد خلق الله الإنسان ليستخلفه في الأرض فعرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، والعاقل من يحمي نفسه بالقرب الحقيقي لله بالطاعة والعبادة فالتوحيد هو الأساس الذي يعلو فوقه البناء الإسلامي في ضمير الفرد والأمة وسلوكهما، فالأبنية والهياكل المادية ترتكز على قواعد ثابتة راسخة ضاربة في أعماق الأرض إذ بدونها لا يرتفع البناء ولا يستقر شكل على هيئة واحدة أكثر من لحظات، فكلما كانت القواعد مثبتة ارتفع البناء وثبت مكانه لا تزعزعه العواصف ولا تهزه الأعاصير بل ولا ينال منه طول الزمن وتقلبات الأحداث حتى النظام الكوني لا يخرج عن هذه القاعدة فهو ثابت بقواعده مستقر بأركانه التي جعلها الله -تعالى- رواسي له كذلك كل نظام فكري لابد له من أسس يقوم عليها وإلا كان صورة من الخيال الذي لا مضمون له فالعقيدة لها سلطان على الفرد كما أنها بمثابة العقل الذي يكبح جماح الأمة فيمنعها من الزلل أو السقوط في متاهات الهلاك والدمار، فالحق -بحكمته ورحمته- خلق الليل والنهار والشمس والقمر والظلمات والنور والحر والبرد والشتاء والصيف لحكم عظيمة ومنافع جسيمة، فهذه المخلوقات من آياته ودلائل قدرته وعظمته وتوحيده فيها مصالح للعباد في ليلهم ونهارهم في أمور دينهم ودنياهم، لقد اقتضت حكمة الخالق -سبحانه وتعالى- في وجود الإنسان أن يكون وجوده على الفطرة السليمة النقية، فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ومن المسلم به في طبائع الأشياء أن يكون هناك عنصر يمثل المركز الرئيسي فيها بحيث لو غاب عن الوجود فقدت باقي العناصر قيمتها، فالقلب هو مركز حياة الإنسان فلو توقف توقفت معه الحياة، والعقل هو مركز التفكير فلو عجز عنه اختل سلوك الإنسان واضطربت تصرفاته،فالتوحيد هو العنصر الأساسي في الإسلام فإذا لم يوجد في قلب وعقل الإنسان لا يكون مسلما، فإذا فعل المسلم ذنبا فهو يسارع بالتوبة الصادقة إلى ربه وكله أمل في عفو الله عنه وقبول توبته فالأمل يدفع الإنسان إلى العمل ولولاه لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها وأصبح يحرص على الموت، فالمسلم لا ييأس من رحمة الله لأن الأمل في عفو الله هو الذي يدفع إلى التوبة واتباع صراط الله المستقيم وقد حث الله -سبحانه وتعالى- على ذلك، ونهى عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته فقال تعالى:( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جمعيا) الزمر53، فالخالق- سبحانه وتعالى- خلق الإنسان وزوده بقدرات وطاقات متعددة كامنة في داخله وللأسف الشديد لم يكتشف كثير منا هذه القدرات والطاقات فتضيع أعمارنا سدى وإذا بنا نتحرك في هذه الحياة بقدرات بسيطة وطاقات مهدرة، فلا نملك إلا الأماني والأحلام والحسرات على ما فاتنا من هذه الحياة، لذلك كان لابد من التغيير حتى نجد لحياتنا معنى نعمر من خلاله الأرض كما أمرنا الله -عز وجل- بذلك ونشعر فيها بمتعة الحياة ولذتها، فإن التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا حتى نحس بكياننا ووجودنا أما إذا استسلمنا لحياتنا اليومية دون تغييرفإن عقولنا وطاقاتنا وكياننا وإحساسنا بكل شيء يتوقف ولا نشعر بمعنى الحياة وكفاحها، لأن لسان حالنا يقول اليوم مثل الأمس فمن هنا كان التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا المتغيرة المتسارعة، فنقطة البداية تبدأ من الإنسان نفسه يقول الله -تعالى-:( إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد:10وحتى تتم عملية التغيير لابد لها من قوانين تحكمها وتسيرها بثبات ومرونة، ومن أهمها الاستعانة بالله -تعالى- وحسن التوكل عليه، ولايمس هذا التغيير أسس الإسلام وعراه الثابتة والحرص على رسوخ العقيدة الصحيحة والسير وفق قيم الإسلام وآدابه، فالمجتمعات البشرية تحتاج إلى عناصر أساسية تقوم عليها حياتها ويستقيم بها أمرها وترتكز عليها عجلة الزمن وحركة التاريخ في دورانها فإذا غاب عنصر ما من هذه العناصر اختل التوازن في المجتمع واضطربت أمور العيشة، فلا يجد الفرد مأمنا يركن إليه ولا مستقبلا يسعى له ولا هوية يعرف بها فتتقطع الروابط الاجتماعية وتتلاشى الصلات الإنسانية فيصبح الأفراد في المجتمعات وحدات مستقلة بعضها عن بعض لا يشعر أحد بأي صلة تقربه من الآخر ولا يحس بأدنى شعور يجذبه إلى أخيه الإنسان في المجتمع الذي يضمهم بين جنباته ولهذا مال الإنسان بفطرته إلى العقيدة يقول الله -تعالى-: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم).
3449
| 12 مارس 2015
إن الحق سبحانه وتعالى قد من علينا بنعمة الاسلام وأمرنا ان نطبقه في حياتنا وعلى الارض فهو يمثل نظام حياة شامل وعليه وجب على الانسان ان ينشأ على الدين الإسلامي ويتربى في ربوعه وفي عزة لأنه أساس الحياة يتفق مع الطبيعة البشرية والحياة الفطرية اتفاقا تاما، كثير من الناس وبالأخص من العاملين في الهيئات الحكومية ترى منهم ما يسعد القلوب حيث تراهم يتقربون إلى الله بأداء كثير من الفرائض تقربا إلى خالق السماوات والأرض، فتظهر عليهم حالة التدين التي تسعد البشرية فالشباب يؤدون الفريضة والنافلة ومنهم من يصوم لله تطوعا،فحالة التدين على أشدها بينهم والعاملات منهن محجبات وقبل أذان الظهر بقليل ينقطع العاملون جميعا تماما عن العمل، ويشرعون في الوضوء وفرش سجاد الصلاة في الطرقات استعدادا لأداء صلاة الجماعة، بالإضافة إلى اشتراكهم في رحلات الحج والعمرة التي تنظم فيما بينهم، فلتعلم الأمة وتتذكر وتستشعر بل وتستيقن أنه لا رفعة ولا سداد ولا توفيق ولا رشاد إلا باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، والمسيرة الجادة على هديه في الاعتقاد والأعمال والسلوك والأخلاق وفي الحكم والتحاكم "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".فما أجمل أن يكون الإنسان متدينا ورغم هذا كله سرعان ما تكتشف أن كثيرا من العاملين بالرغم من التزامهم الصارم بأداء الفرائض، يرتكبون انحرافات جسيمة كثيرة بدءا من إساءة معاملة الناس والكذب والنفاق وظلم العاملين وحتى الرشوة ونهب المال العام، ألم يعلم مثل هؤلاء العامل الذي أظهر حقيقة التدين شكلا ومظهرا ولكن للأسف لم ينعكس ذلك على سلوكه،ألم يعلم ان الذنوب والمعاصي تحجب المرء عن نور الله من علم وهدى ومعرفة، فصاحب السلوك السييء من يخالف ظاهره باطنه يكون عنصرا سيئا في المجتمع فلا يفيد المجتمع وتكثر الفواحش والرذائل التي تفتك بالمجتمع المسلم، ولكن لابد أن يسعى كل مسلم لإصلاح نفسه وإبعادها عن خطر المعصية فيستفيد بنور الله من علم وهدى ويفيد مجتمعه الذي يعيش فيه، لذلك لابد أن تعلم أنه لن يفتح لك بابا إذا أغلق الله باب رحمته في وجهك، وتوقع حينها كل أمر يحدث لك ومنازل الناس في الدنيا من السعادة والشقاوة على حسب منازلهم في الدنيا وتقربهم فيها بالإيمان والعمل الصالح، فاستمع إلى عبد الله بن عباس وهو يقول: "إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق" فكيف يمكن أن يكون المسلم الأكثر تدينا والأكثر انحرافا في نفس الوقت يسعى إلى إشباع شهواته الخسيسة وهو يتظاهر بالتقوى، فالمسلمون متدينون فعلا عن إيمان صادق لكن كثيرا منهم يمارسون انحرافات بغير أن يؤلمهم ضميرهم الديني "لا يجب التعميم بالطبع"، فيوجد متدينون كثيرون يراقبون ضمائرهم في كل ما يفعلونه.إن المجتمعات تمرض كما يمرض الإنسان ومجتمعنا العربي المسلم يعاني الآن من انفصال العقيدة عن السلوك وانفصال التدين عن الأخلاق وهذا بسبب الطمع وحب الدنيا الذي يؤدي بالضرورة إلى شيوع الكذب والغش والنفاق، والقراءة عن الدين إجرائية أكثر منها سلوكية بمعنى أنها لا تقدم الدين باعتباره مرادفا للأخلاق وإنما تختصره في مجموعة إجراءات إذا ما أتمها الإنسان صار متدينا،لا وألف لا، إنما التراث الإسلامي حافل بما يؤكد أن الأخلاق أهم عناصر الدين لكننا لا نفهم ذلك أو لا نريد أن نفهمه فالنبي صلى الله عليه إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فإن الفهم القاصر للدين سبب رئيسي في تردي الأوضاع في العالم الإسلامي،فالفضيلة تتحقق بالتدين الحقيقي المرادف للأخلاق، فإن التدين الحقيقي يجب أن يتطابق مع الأخلاق، وإلا فإن الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين المجرمين، فمن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند، فسارع إليه بالتوبة قبل فوات الأوان، ولا تجعل هذه النشوة المؤقتة تذهب بك إلى منزلق خطير وتطيش بك إلى منحدر سحيق حيث التمرغ بأوحال الخطايا والآثام فتنسيك نفسك وتفسد عليك أمرك وتكون من أصحاب هذه الآية، يقول الله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) الحشر 19.
839
| 05 مارس 2015
إن كل إنسان خلق على وجه الأرض سوف يأتي الله عز وجل فردا وكل فرد من ذكر وأنثى في مجتمعه يمارس مجموعة من المسؤوليات التي يفرضها عليه مكان وجوده وقدراته ومقدار معرفة الفرد لمسؤولياته وفهمه لها ثم حرصه على تحقيق المصلحة والفائدة المرجوة منها، ومما يجعل المجتمع متعاونا فعالا تسوده مشاعر الانسجام والمودة بين أفراده، فالمرء حسب ما تقتضيه الشريعة الإسلامية منوط بالتكليف فهو مسئول عن عمله إن خيرا فسوف يجزى به وإن شرا فسوف يعاقب عليه ويؤتى يوم القيامة كتابه إما بيمينه أو بشماله فهو يقوم بدوره وواجباته في المجتمع انطلاقا من المسؤولية التي سيسأل عنها يوم القيامة، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة،فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)رواه البخاري، فالتوجيه النبوي يستخدم ضرب الأمثال لتقريب المعنى إلى الأفهام والاعتبار والعظة بما يضرب لنا من أمثال في الشريعة الإسلامية. وفي هذا المثل العظيم يشبه فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حال الناس وموقفهم مما يكون في المجتمع من منكرات بحال قوم ركبوا سفينة فاقتسموا أماكنهم فيها بطريق القرعة،فكان من نصيب بعضهم الجزء الأعلى من السفينة،وكان من نصيب الآخرين الجزء الأسفل منها وكان لابد لأهل المنطقة السفلى من الماء أن يصعدوا لأعلى السفينة ليستقوا الماء،ولما كان ممرهم على أهل العلو قد يتأذون بهم، إذ ربما أصابهم شيء من رشاش الماء أو أُقلقوا وقت راحتهم أو غير ذلك، فلما رأوا تأذي أهل العلو بهم عزموا على أن ينقبوا في نصيبهم نقبا يحصلون منه على الماء دون الحاجة إلى إيذاء من فوقهم ولم يدر هؤلاء أن هذا الخرق الصغير سيؤدي إلى هلاك الجميع،فإقامة فرائض الدين وأحكامه يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية، والساكت بالرضا بها وفي هذا استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ومعلوم أن المجتمع هو هذه السفينة يركب على ظهرها البر والفاجر،والصالح والطالح والمحسن والمسيء والمتيقـظ والغافل تحملهم هذه السفينة جميعا لوجهتهم، ولكنها وهي محكومة بالموج المضطرب والرياح الهوجاء من كل جانب، تتأثر بكل حركة تقع فيها فتهتـز مرة ذات اليمين ومرة ذات الشمال وقد تستقيم على الأفق أحيانا أو ترسب إلى الأعماق أحيانا.إن كثيرا من الناس لينسى في غمرته هذه الحقيقة ينسى سفينة المجتمع أو سفينة الحياة،ينسى فيخيـل إليه أنه ثابت على البر قوي راسخ لا يضطرب ولا يميل ولا يزول ومن هنا يفجر ويطغى ولو تذكـر من استكبر وطغى أنه ليس راكزا على شاطئ الأمان، وليس دائما في مكانه ولا خالدا في سطوته وإنما هي رحلة قصيرة على سفينة الحياة لو تذكر ذلك ما استكبر ولا طغى،ولعاد إلى مصدر القوة الحقيقيـة في هذا الكون يستلهم منه الهدى ويطلب منه الرشاد ويسير على النهج الذي أمر به وارتضاه للناس،ولكنها الغفلة السائدة التي تخيم على البشرية إلا من آمن واتـقى وعرف ربه واهتدى والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من هذه الغفلة التي ترين على القلوب، ويصورها في صورة السفينة الماخرة في العباب، يقسم ركابها بحسب أماكنهم الظاهرة في المجتمع،فالأمر حينئذ لا يخلو من إحدى نتيجتين إما أن يقوم أهل العلو بواجبهم في منع هذه الكارثة فينجو الجميع،وإما أن يتركوهم وشأنهم بدعوى أن هذا نصيبهم يفعلون فيه ما يشاءون وحينئذ تكون النتيجة الحتمية هي هلاك الجميع،فلابد للفرد المسلم معرفة مواطن النقص والخلل في المجتمع والتي تحتاج إلى تحسين وإحساس النفس بالمسؤولية تجاهها والحرص على المشاركة الإيجابية في بناء المجتمع وإصلاحه،فمن أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها مصداقا لقوله تعالى:واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.
1104
| 26 فبراير 2015
على كل رب أسرة أن يكون قائدا في بيته متجها لأولاده يرق قلبه لهم ويفخر بينابيع الحنان ويزكي أواصر الحب، فالأولاد قطع من القلب تسعى على الأرض ولهذا كله زكى الإسلام عاطفة الوالدين الفطرية بما أعده لهما من ثواب عظيم تهون أمامه التضحيات ويصغر العذاب ويتلاشى البؤس والإملاق ويكون الأبناء وسيلة إسعاد وسرور، فصلاح الأسر لهو السبيل الحقيقي الذي يقوم عليه بناء المجتمعات، لأن الأسرة هي اللبنة التي يبنى منها المجتمع فكلما صلح أمر الأسرة انصلح حال المجتمع وكلما فسد حال الأسرة فسد حال المجتمع وصلاح الأسر يقوم على عاتق أفرادها وحيث قيادة الأسرة يكون زمامها في أيدي ربان السفينة وهو الأب الذي جعلت له القوامة فكان أقدر وأجدر بهذه القيادة، لذا فإن حقوق أفرادها توجب عليه أن يكون له دور كبير مع أهله وأسرته وعشيرته وأبنائه وإن هو قصر في رعايتهم وأهمل في إرشادهم فليراجع نفسه في صدق حبه لهم، وليحذر غضب الله -تعالى- القائل في كتابه الكريم: (يا أيها الَذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) التحريم- 6.الأسرة في حاجة ماسة إلى قائد حكيم ينفذ القوانين ويحمي مصالحها ويفرض سيطرته عليها ويكون هو المرجعية لها ولا يصلح لهذه المهمة سوى الأب، فالرجل سيد بين أهله والمرأة سيدة في بيتها والأب هو أفضل ملاذ للطفل وهو الذي يتخذ القرارات ويقوم بالتوجيه والبناء والتنفيذ، إنه ملجأ لأفراد أسرته والمسؤول عن الإنفاق والمشرف على التزامات الأسرة، والعقل المفكر لأسرته وقوتها واقتدارها وهو الذي يوفر لها الأمن، لذلك فإن الأطفال ينظرون إلى الأب نظرة لاشعورية أنه يمثل القانون وأنه سبب اقتدارهم، وذلك دون أن يتدخل الآخرون في تحقيق هذه النظرة كما إنهم ينظرون إليه أيضا على أنه المرشد والحامي والمراقب وأنه مصدر الخوف والغضب والأمن والحب، فدورك أيها الأب القائد مع أهلك وأبنائك واجب عليك، لذا فعليك أن تدرك عظم المسؤولية وخطورتها وأن تتعهد أبناءك بالرعاية والتوجيه والإرشاد القائم على المحبة والتعاون، فإن الهداية والطاعة لله رب العالمين لهما سفينة النجاة فلا تركبها وحدك وكن محترق القلب على ابنك الذي هو منك وأنت منه، فأين أنت وهو يأوي إلى رفقاء السوء؟ ويظن أن معهم النجاة والفلاح و يهمل واجباته ويقصر في أداء فرائض دينه فيكون عرضة لطريق الشيطان، أين صوتك ليرتفع مدويا بالتوجيه والإرشاد والمتابعة الجادة التي تقوم على الحب والترابط والمودة أين أنت قبل أن يقضى الأمر ويضيع طفلك ويتيه في بحار الظلام والظلمات؟ إذا أهمل الأب أسرته وتهاون في رعايتها عندئذ سيحدث خلل نفسي بين أفراد الأسرة الذين يشعرون أنهم يعيشون في جو غير صحي نفسيا يمكن أن يؤدى إلى التفكك الأسري، علما أن مجتمعاتنا العربية يلعب فيها الأب دور القائد فالمطلوب منه أن يراعي عملية التوازن النفسي هذه وأن يسعى للاهتمام أكثر بأبنائه وأسرته وعدم الاكتفاء بدور الممول أو الضيف، والبحث عن طريقة للتواصل مع الأبناء وإشعارهم أنه موجود في كل لحظة يحتاجون فيها إليه كقائد لسفينة الأسرة والاهتمام بعلمية التربية لأن الطفل السليم هو الطفل الذي ينشأ في بيئة سليمة وصحية نفسيا، فما أحوج أبناءنا في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمتنا إلى مثل عليا وقدوة صالحة يتخذونها نبراسا يهتدون بها في حياتهم الخاصة والعامة وتاريخ سلفنا الصالح حافل بهذه المثل التي نمر عليها في قراءتنا بدون وعي ولا تأسي ولا اهتداء كأنما نقرأ للثقافة فحسب، وما جدوى الثقافة والمعلومات إذا لم يكن له أثر في توجيه الأبناء إلى خير العمل وعمل الخير في هذه الحياة؟ فكلما رأينا ولدا يملأ السمع والبصر و يسعد الناس بأفعاله ويشد انتباههم بحسن سلوكه أيقنا أن هناك والدين عظيمين، وعلى العكس من ذلك لو رأينا ولدا منحرفا أو هازلا غير مهتم بنقمة الناس عليه به لرددنا ذلك في الغالب إلى ضعف الرعاية وسوء التربية الأولى.
1937
| 19 فبراير 2015
أمانة الكلمة توجب على المتحدث تحري الدقة والصدق، لأن الإعلام إن استخدم في الشر يعد من أقوى الوسائل في إفساد المجتمع وانحلال أبناء الأمة والتحرر من ضوابط الأخلاق وفضائل الدين وذلك لأن الإعلام يخاطب الملايين من البشر ببرامجه وكلماته وتوجيهاته والكثير من هذه الملايين ساذج منقاد صاحب مصالح وأهواء تؤثر فيهم الكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية، لذلك فقد تستخدم هذه الوسائل استخداما سيئا يعطل في الإنسان عقله ووجدانه واهتمامه بالقيم مما يؤدى إلى حالة من اللامبالاة أو ما يسمى بعدم الاهتمام، فكما أن لها استخداماتها الفعالة فإن لها استخدامات ضارة أيضا، لذا يجب أن تتوجه اهتمامات الإعلام الإيجابية من تبصير وتأثير وإقناع من أجل صياغة الإنسان وبنائه من خلال جوانبه الروحية والفكرية والخلقية والوجدانية، فخطورة وأهمية وسائل الإعلام في مجال تنمية القيم وتفعيلها والمعبرة عن حركة المجتمع الإسلامي ظاهرة وجلية فهي تقوم بدور فعال لذا يجب أن تنبثق من تصور إسلامي خالص وبطرق ايجابية وفعالة في سبيل رفع شأن الأمة والسعي بها خطوات جادة نحو المعرفة التي تقوم على أسس واضحة المعالم.ومن هنا كان اهتمام الإسلام بالكلمة وأمانتها وتأثيرها فإما أن ترتفع بالمؤمن إلى سماء الطهر والسمو والكرامة وإما أن تهوي بقائلها في النار سبعين خريفا يقول الله تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها ويضرب الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) إبراهيم:24 — 26، فقد تزداد خطورة وأهمية وسائل الإعلام في مجال تنمية القيم وذلك مع ما يمر به المجتمع العربي والإسلامي من ظروف التغير وسرعته وما يعانيه الإنسان من وقت الفراغ واهتزاز في نظم العلاقات الاجتماعية الناتج عن اهتزاز القيم لدى الأفراد والمجتمعات،وما يتطلبه هذا المجتمع من جهود تنموية تدفعه نحو التقدم ليعبر هوة التخلف المادي التي يعاني منها والتي تتطلب تنمية القيم اللازمة لمساندة هذه الجهود لتحقيق إنسانية الإنسان وتوفير جهده وحفظه وحفظ كرامته،فإن وسائل الإعلام تقوم بدور بالغ الأهمية في حياة الناس بصفة عامة وفي حياة الناشئة بصفة خاصة،فقد احتلت مركزا بالغ الأهمية لديهم، حتى أنها أصبحت في كثير من الأحيان بديلا عن كثير من وسائل المعرفة وعن كثير من مؤسسات التربية والتعليم والتثقيف، وبما أنها تقدم مواد متنوعة ومختلفة فإن تأثيرها في مجال تنمية المفاهيم والقيم والاتجاهات بالغ الأهمية، فهي تنقل إلى الناس معتقدات واتجاهات وقيما في شكل قصة أو في شكل أنماط سلوكية قد تحظى بالقبول وقد تحظى بالرفض.ومن خلال وسائل الإعلام هذه يتلقى الناس تلك المعتقدات والاتجاهات والقيم والتي من المفروض أن تكون متوافقة مع ما يرتضيه المجتمع الذي تنتمي إليه وما ترضيه ثقافته وأن تعرض المثل العليا المنشودة في المجتمع وأن تعكس أهداف المجتمع على الإنسان والحياة،لأن وسائل الإعلام متنوعة ومتعددة فإنها تلقي الضوء على بعض القضايا العامة والأشخاص والمؤسسات وتؤيدها أو ترفضها مما يضفى عليها مكانة إيجابية أو تؤثر في مكانتها سلبا، فهذه الوسائل تعمل على الوقاية من مظاهر الانحراف عن المعايير والقيم لإعادة تثبيتها ودعمها وتطبيقها وجعلها في بؤرة الوعي الاجتماعي ولب اهتماماته والترغيب في العمل الاجتماعي المنظم وفقا المعايير الأخلاقية والمثالية في المجتمع ولو حدث انحراف ما عن هذه المعايير تقوم تلك الوسائل بالتنبيه عليه،حيث تقوم بإعلام أفراد المجتمع به وبحقائقه وبأساليب مواجهته كي تتفق الأنماط السلوكية للناس مع المعايير الاجتماعية المقبولة،فهي تساعد وتكمل عمل التربية وتعمل على تشكيل الشخصية الإنسانية القادرة على تحقيق التقدم والتنمية وذلك عن طريق بيان أهمية العمل وتغيير المفاهيم السائدة التي لا تصلح لمسيرة المجتمع وتقديم المعلومات التي تفيد،كما أنها تساعد في عملية التطبيع الاجتماعي عن طريق نقلها لأنماط السلوك المقبولة ومساندتها وبالتالي يكتسبها الناس صغارا وكبارا ويحتضنوها فتؤثر في تكوين الشخصية وتساعدها على التكيف للمواقف واكتساب الخبرات الجديدة فأهمية وسائل الإعلام قد غدت واضحة في مجال التربية فإنها تقوم على قيم معنية هي قيم المجتمع الذي تعيش فيه فإما تساعد على تثبيت هذه القيم ودعمها وإما تعمل ضدها.
4438
| 12 فبراير 2015
إن قيم الإسلام وآدابه تقوم على الإيجابية والطموح فيربي أبناءه على الهمة، فمن فضائل العبودية لله تعالى الافتقار إلى الله تعالى بأن يجرد العبد قلبه من كل الفتن والأهواء، ويقبل على العبادات متذللا مستسلما لربه متعلقا قلبه بمحبة الله تعالى وطاعته، فحياة المؤمن كلها صراع بين الحق والباطل والهدى والضلال، فإن هو استجاب لداعي الحق والهدى ارتقى إلى أعلى الدرجات العالية والرؤية الواضحة فيحقق الإنسان هدفه وعندئذ يفرح بنجاحه، فالإسلام دين الحضارة والرقي والتقدم اهتم بالحث على طلب العلم وحب التعلم، لأن العلم في نظر الإسلام له أهمية خاصة، فلقد نفى القرآن الكريم التسوية بين من يعلم ومن لا يعلم فقال الحق سبحانه وتعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) الزمر:9، لذا فالعلم يشمل كل علم نافع سواء كان العلم دينيا أو دنيويا نظريا أو تجريبيا ما دام أنه في خدمة الدين والدنيا وما دام أنه في إصلاح الكون والحياة والإنسان. فالعبد يتقرب إلى ربه ويطمع في المغفرة والرحمة فيحفظه الله بها ويهذب نفسه، لذا تعد الإيجابية والإرادة القوية التي تنبعث من داخل الإنسان شعورا يرفعه إلى قمة الثبات والعطاء ويدفع عنه الجزع والهلع، وفيها إعانة للعبد المسلم على ما يواجهه في دنياه من مصائب ونكبات فالدنيا دار ابتلاء وامتحان، فلا توجد كلمة مستحيل في قاموس الحياة فمهما كانت الصعوبات والمشاكل شاقة فإن الإيمان والإصرار والعزيمة والإرادة كفيلة بالتغلب عليها.. فالدافع للكتابة في هذا الموضوع هو توجيه القارئ لبعض النقاط التي تصل به إلى النجاح وكسر قيود الفشل والإحباط حتى يصعد المرء سلم النجاح ويغير حياته إلى الأفضل، بهمته العالية وسعيه نحو النجاح وتحقيق ما يصبو إليه، وعندها تتذكر أن من كانت همته بالثريا نالها، فهدي الإسلام يولي أهمية خاصة لبناء الذات فهو يركز على حب التعلم والتعليم والمعرفة العقلية والنقلية والاهتمام بالنواحي الأكاديمية التي تنتج جيلا يكتسب الخبرات التعليمية، بما يجعله عنصرا مفيدا في مجتمعه، ولا يتحقق هدا النفع إلا إذا توج بالاجتهاد والمثابرة لذلك فإن منظومة التعليم تولى اهتماما خاصا للتعليم القائم على أسس سليمة مما يكون له الأثر الإيجابي على الفرد وعلى المجتمع.إن الإنسان الإيجابي هو الذي يقبل على الحياة بقلب مشرق ونفس راضية ويكون الإخلاص عنوانه والإتقان سبيله، وتكون له أمنياته وطموحاته التي يحقق بها الإنجازات التي تجعله ناجحا في حياته، لذا فهو جميل يرى الوجود جميلا، فالإسلام جعل الإتقان قربة يتقرب بها المرء إلى الله تعالى لأن المسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية مقبلة على الحياة متفاعلة معها، فالإنسان مطالب بتحقيق شروط الخلافة في الأرض والسعي في مناكبها عبادة لله وإعمارا للأرض، ولا تتم الاستفادة مما فيها من ثروات وخيرات إلا بالعمل الجاد المخلص والمتقن، فإنه مما لاشك فيه أن لكل منا العديد من الأمنيات والآمال والكثير من الطموحات، ولاشك أيضا أن كلا منا يتطلع نحو الأفضل ويسعى للحصول على أكثر مما لديه، فهذه هي طبيعة جميع البشر وهي الفطرة التي تظهر بجلاء بشكل أو بآخر في شخصية الإنسان الإيجابي، الذي يحب النجاح ويسعى إليه جاهدا. ومما لاشك فيه أن تطلع المرء وسعيه لتحقيق طموحاته حق طبيعي ومشروع، وأنه الأمر الذي يبرر وجودنا ويمنح حياتنا قيمتها ومعناها، فليس هناك من بإمكانه أن يعيش على هامش الحياة لذلك يتم تطبيق منهج تعليمي لهذا الغرض في جميع المراحل التعليمية، فمنظومة التعليم حريصة كل الحرص على الأمانة وتعميق القيم في نفوس الناشئة، وتعمل جاهدة بكل الوسائل في هذا المضمار والأخذ بقيم الإسلام وآدابه في الدعوة إلى العلم كمنهج حياة متكامل، من أجل تطوير المسلمين وزيادة تقدمهم في مجالات العلوم والتقنية والإدارة والأخلاق، وانه السبيل القويم الذي يقوم على مثل وقيم الإسلام الخالدة لتعزيز تقدم المجتمع وهي طريقة لعرض الإسلام بواقعية وعملية وعودة الأمة إلى المصادر الإسلامية الأصيلة ومبادئه القويمة لزيادة جودة الحياة الإنسانية لكل الناس وتحقيق مبادئ طلب العلم الحقيقي والتي تبني جيلا يستطيع حمل أمانة الأمة لأن العمل معنى من معاني الحياة الإنسانية فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف، فالمثابر هو الذي يحقق نجاحا علميا عاليا يكسبه في أعين الناس مهابة وإجلالا وتقديرا فينفع نفسه وينتفع به الناس من حوله فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف في إخلاصه وجده ودأبه، فالعلم مفتاح كل خير ويحتاج لعزيمة قوية وإرادة راسخة فمن جد وجد ومن زرع حصد.
1362
| 05 فبراير 2015
إن بناء الحضارة واجب لا ينصب على الدول فحسب، ولكنه واجب الدول والشعوب، واجب يستوي فيه الكبير والصغير، والغني والفقير ولا يستثنى منه أحد، فلا تبنى الحضارة بمعناها الإنساني إلا بوجود الإيمان، فمهما تطورت المدنية الحديثة ومهما استخدمت من تقنيات حديثة ومهما عملت لتطوير آلياتها ليل نهار تبقى ضعيفة من داخلها إذا خلا باطنها من عظمة الإيمان ونور اليقين المبني على أسس الإسلام الصحيحة، ومهما أردنا أن نبني حضارة من غير إيمان فإننا واهمون فهدي الإسلام وتعاليمه هو طريق الحضارة والرقي والتقدم، لذا تجد هدي الإسلام يهتم بالحث على طلب العلم وحب التعلم فعندما نقرأ قوله تعالى «اقرأ باسم ربك الذي خلق» عندئذ نتذكر غار حراء ومكث النبي صلى الله عليه وسلم فيه متفكرا متدبرا في الكون، فكانت نبرات الوحي تذكر الحبيب بالقراءة لأنها الطريق إلى المعرفة والعلم وهي غذاء العقول فلبى الحبيب النداء بالقراءة باسم الخالق العلي منزل القرآن وخالق الإنسان معلمه البيان، فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة للعلم والقراء والمعرفة، ومن مظاهر هذا التكريم أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه اعتبر الطريق الذي يسلكه طالب العلم للتعلم طريقا موصلا إلى الجنة،»فمن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة» فالإيمان وقود الحضارة الإنسانية ومن غير هذا الإيمان لا تتحرك مركبة الحضارة، فعلى درب هذه التوجيهات الإسلامية في رفع الإسلام لمنارات العلم وشعار المعرفة.فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها فكانت تربيته لأصحابه لونا آخر يختلف عن ذلك ففي ميدان العلم علمهم على الجد والاجتهاد فهو الذي يعلم معاذا ماذا يفعل عندما أرسله إلى أهل اليمن وقال له "بم تحكم قال بكتاب الله فإن لم تجد فبسنة النبي صلى الله عليه فإن لم تجد قال أجتهد رأي ولا آلو فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله" وغير ذلك من المسائل التي تحتاج إلى قادة مفكرين مبدعين ليسوا عبيدا مقلدين، فأين نحن من هذا الهدي التربوي من التربية النبوية العظيمة،فالكل عليه مسؤولية عظمى وتتمثل هذه المسؤولية في الشعور الصادق لدى كل واحد منا بالمسؤولية وحينما يتلاشى هذا الشعور يعيش كل واحد منا حالة الأنانية، فكل منا مسؤول عن نفسه وأسرته وعن صحبه وإخوانه ومجتمعه ووطنه، ومسؤول عن بلده وعن زهرة زرعت في حديقة وعن نظافة طريق قد وضع ليسير الناس عليه، فهذا الشعور الصادق ينبغي أن نربيه في أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، وأن ندعمه في شبابنا وأن نكون حاضرين معهم، إنه الشعور بالمسؤولية، لذلك كرم الله سبحانه الإنسان بالعقل والحواس لأنهما الطريقان إلى المعرفة واستجلاء الحق والحقيقة واكتشاف عظمة الله في دقائق الكون وإبداع الحياة وكرمه أيضا بالاستخلاف في الأرض كما هو واضح في قوله سبحانه وتعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة:30،أي أنه يسير على وفق ما أراده الله تعالى والذي يريده الله منه أن يكون سيد هذه الأرض ومالكا لزمامها ومستخرجا لدفائنها ومتجليا لكل سر فيها، وهذا لا يتأتى إلا أن يسلك سبيل العلم والمعرفة ويبحث بعزم وصدق عن كل ما يتصل بفنون الكون نواميس الحياة،فمن تكريم الله تعالى للإنسان تسخير الكون له وجعل الطبيعية كلها تحت تصرفه،وهذا مما بينه القرآن الكريم أوضح بيان، يقول تعالى: (وسخرلكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الجاثية: 13،وما دام أن هذا الكون مسخر للإنسان ومذلل له فعليه أن يستخدمه لخدمة الإنسانية ومصلحة الحضارة وارتقاء الحياة، فالمسلم يبقى دوما ينور عقله بالجديد من مستحدثات ذلك العلم بالمطالعة الدائبة والاطلاع المستمر في شتى ألوان العلم ومعارفه،فيكون عنصرا فعالا في وطنه فينفع نفسه وينتفع به الناس من حوله،فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف وترتفع أمته بارتفاع دعوته إلى الشأو الذي بلغه ما دام يمثلها في إخلاصه وجده ودأبه وما دام ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله يسعد بها نفسه ويبني بها حضارته العظمى.
1400
| 29 يناير 2015
إن الإيمان وقود الحضارة الإنسانية ومن غير هذا الإيمان لا تتحرك مركبة الحضارة ،فعلى درب هذه التوجيهات الإسلامية في رفع الإسلام لمنارات العلم وشعار المعرفة ،فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها ،فالمرء الناجح هو الذي يحقق نجاحا علميا عاليا يكسبه في أعين الناس مهابة إجلالا وتقديرا فيكون عنصرا فعالا في وطنه فينفع نفسه وينتفع به الناس من حوله فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف ما دام يمثلها في إخلاصه وجده ودأبه ،وما دام ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله ويتخذ من العلم وسيلة لمرضاته سبحانه وتعالى فيعلم أن الكتاب يطوي العالم بين دفاته يجتاز الحدود كلها ليعبر إلى عقول الآخرين يفك قيود عقل الإنسان لينطلق إلى مرابع الحياة، يصنع ويبني ويؤسس أوطانا فقد هذب عقله وجعله ذواقا بناء واضح الأهداف والمرامي، لذلك فخير جليس في الزمان الكتاب لأنه الصديق الذي لا تمل من رفقته يعطيك بلا سأم ولا ضنن. فالكتاب هو الباب الذي يقودنا إلى جنة العلم ونعيمها والفرار من جحيم الجهل ودركاته، لأن القراءة تبعث العزيمة وتحرك همم الشجعان وتصلح سوء الخلق ،فللقراءة سحر تروض النفوس الغاضبة وتطمئن القلوب الحزينة ،فعندما يقرأ المرء يكون كالشجرة المثمرة تعطي مثلما تأخذ فبالقراءة تفتح طرق نفع المجتمع عن طريق البحث والبناء فإن هذا المداد الأسود هو خير لباس يرتديه العقل، ففيه يصعد الإنسان إلى مرتبة العظام الكرام فدوحة الخير و العطاء تبذل ما في وسعها لنشر الثقافة و القيم على ربوع أرضها الطاهرة، فهي تواكب النهضة وتسعى إلى الرقي فتنمي العقل و الفكر بمختلف الفنون و الثقافة وترتقي بهما على طريق العلم و المعرفة، فعلى صعيد الأيام الماضية التي عشناها من خلال معرض الكتاب الذي حمل بين طياته رسالة سامية لنشر الوعي و الفكر بين أبناء الوطن ،فديننا الحنيف هو الدين الوحيد على ظهر المعمورة الذي يدعو إلى الحضارة والرقي والتقدم ،فقد أهتم بالحث على طلب العلم وحب التعلم فكانت أول آيات القرآن الكريم نزولا على رسوله صلى الله عليه وسلم هي قول الله تعالى :(اقرأ باسم ربك الذي خلق )العلق:1,ومن مظاهر هذا التكريم أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه اعتبر الطريق الذي يسلكه طالب العلم للتعلم طريقا موصلا إلى الجنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ) رواه مسلم فعلى درب هذه التوجيهات الإسلامية في رفع الإسلام لمنارات العلم وشعار المعرفة، فمعرض الكتاب من الوسائل التي تنشر العلم بين الناس و تجعل الكتاب في متناول الجميع وإنه يعد من أعظم وسائل الثقافة و المعرفة فالكتاب يعرف قيمته أصحاب العقول النيرة الذين يسعون بحثا عن المعرفة و حبا في التعلم ,فهو حبيب نأى مزاره و شطت داره وهو المسامر الذي لا يبتدئك في حال شغلك و لا يدعوك في وقت نشاطك و لا يحوجك إلى التجمل له، الكتاب هو الجليس الذي لا تمله والصديق الذي لا يغريك و الرفيق الذي لا يملك و الناصح الأمين الذي لا يستذلك ،فهو باب الثقافة و المعرفة الذي نستطيع به أن نعيد بناء صرح حضارتنا الشامخة التي بناها الأجداد بعرقهم و جهدهم فكان لها السبق و الريادة.إن أمتنا العربية هي رائدة الحضارات بما تحمل من عقيدة هي أرقى العقائد لأنها تساهم و تساعد في بناء الإنسان الفكري و الوجداني و هي عقيدة علم تحترم العقل و تدفعه دفعا حثيثا نحو العلم والمعرفة و هي عقيدة خلق إنساني معتدل كريم يتجافى عن الإفراط في الحب و التفريط في الواجب ،وهي عقيدة تشريع يدفع إلى اليسر و يتوخى المصلحة و مصلحة الإنسانية كلها من غير محو لفضائل الشعوب و خصائص الأمم و قضاء على كرامتها فإننا أصحاب روحانية إيجابية بناءة و روحانية إلهية تلازم المرء في ميدانه بل تنقله من كمال إلى كمال و تذكره بالله الذي خلقه و الأرض التي درج عليها و الناس الذين يعيشون معهم و عبوديته لله رب العالمين .
521
| 22 يناير 2015
إن الأمة الإسلامية تمر في هذا العصر بمرحلة من الهوان والضعف لم تبلغها في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي، فقد اجتمعت قوى الشر من شرق وغرب فرمت بسهامها عن قوس واحدة، تعمل على تمزيق الجسد المتماسك وتفتيت لحمه وتكسير عظامه، حتى توهنه فلا يستطيع أن يقوم مرة ثانية ويقف على رجليه، فأصابت الأمة في مقاتل عدة فأوهنت قواها وضعفت كلمتها وذهب ريحها وسقطت هيبتها بين الأمم، فليعلم كل إنسان عاقل أن الاتحاد يقوي الضعفاء ويزيد الأقوياء قوة على قوتهم، فهو وسيلة العزة لهذه الأمة التي يجب أن تعود لعزتها وتستعيد هيبتها بين الأمم، فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين، ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى في تماسك منظم قوي ومتين، أصبحت قوة لا يستهان بها، وهذا ما أشار إليه الهدي النبوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه» متفق عليه.فعلى الجميع في أرجاء المعمورة أن يستيقظوا لما يتعرض له ديننا الحنيف من هجمات شرسة من هنا وهناك بالإساءة إلى الدين ومحاولة تمزيق صفوف المسلمين.. أقول لأبناء هده الأمة: هل نسيتم قضيتكم الأساسية وسرتم وراء أهواءكم الشخصية؟ إن أمتنا الإسلامية تختلف عن سائر الأمم، فإن أوطاننا تحتاج لقوة التماسك والترابط، وأفضل من هذا كله أن تجتمع الأمة على عقيدة وعلى مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي يجب أن نلتف حوله ونتمسك به.. يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران: 103، فكلما حدثت جفوة أو حصل هجر عدنا إلى الدين وتذكرنا أننا نصلي الصلوات الخمس وأننا نتجه إلى قبلة واحدة ونتبع رسولا واحدا ونعبد ربا واحدا ومعنا كتاب واحد وسنة واحدة، فلله الحمد، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف، ومن هنا فلا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق، وكيف يكون في حياته شيء من هذه الخلائق الوضيعة وصوت النبوة يسكب في سمعه أروع منهج للأخلاق عرفته البشرية منذ أن كان إنسان على ظهر الأرض بقوله "لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله" رواه مسلم، لذلك يجب أن يكون هدف أئمة الإسلام والقائمين على شؤون هذه الأمة الدعوة إلى الاتحاد والألفة واجتماع القلوب والتئام الصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة وكل ما يمزق جسد الأمة من العداوة الظاهرة أو البغضاء الباطنة وكل ما يؤدي إلى فساد ذات البين مما يكون سببا في ضعف الأمة ووهن دينها ودنياها، فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي يتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه، فالاتحاد عصمة من الهلكة، فالفرد وحده يمكن أن يضيع ويمكن أن يسقط ويفترسه شياطين الإنس والجن، ولكنه في الجماعة محمي بها كالشاة في وسط القطيع، لا يجترئ الذئب أن يهجم عليها فهي محمية بالقطيع كله، إنما يلتهمها الذئب حين تشرد عن جماعتها وتنفرد بنفسها، فيجد فيها ضالته ويعمل فيها أنيابه ويأكلها فريسة سهلة، فدور المسلم في مجابهة هذا الواقع المؤلم يكون دورا فعالا ومؤثرا عندما يصل المسلم إلى الفهم الواضح لأهمية دوره، الذي ينبغي أن يكون ايجابيا في إحداث التغيير في المجتمع، وهو ما يوجبه الإسلام على المسلم من مسؤولية تجاه مجتمعه، من إخلاص في العمل ومحبة ومودة، يحرص على نفع بلده ووطنه فيقوى به المجتمع ويحس بآلام مجتمعه ويحرص على نفعه ويتضامن مع المسلمين ويتعاهدهم بالرفق واللين، ويبتعد عن كل أسباب الفرقة والاختلاف، ويحرص على ما ينفعه وينفع أمته، وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع.
920
| 15 يناير 2015
إن المجتمع الإسلامي بحاجة ماسة لكوادر فتية تتسلح بسلاح العلم والمعرفة، فهيا طلابنا شمروا عن سواعدكم وتسلحوا بقوة العلم لأنه القوة التي تخضع أمامها الرقاب وتجعل الناس ينظرون إليك بكل تقدير واحترام، فالعلم مفتاح كل خير بالجد والاجتهاد وأعلم أن طريق العلم ليس مفروشا بالورود وإنما يحتاج لعزيمة قوية وإرادة راسخة، فمن جد وجد ومن زرع حصد فبالعلم وصل الإنسان إلى القمر وكشف أسرار الكون بغزوه للفضاء، فليكن منهجنا معتمدا على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع؛ فمع إشراقة هذه الأيام التي نعيشها الآن والتي ترتفع معها دقات قلب الآباء على أبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الامتحانات، فأداء الامتحان يشكل ركيزة مهمة في مستقبل الطالب الأكاديمي، مما يجعله يجني أفضل الثمار لمجهود أيامه الماضية، فكل منا يعرف أن قلق الامتحان حاله نفسية انفعاليه تؤثر على اتزان الطالب وقدرته على استدعاء المادة الدراسية أثناء الامتحان، مما يصاحبها أعراض نفسية وجسدية كالتوتر والانفعال والتحفز وينتج ذلك عن الخوف من الرسوب أو الفشل والرغبة في المنافسة والتوقعات العالية المثالية التي يضعها الوالدان له ويعتبر هذا القلق أثناء الامتحان وقبله أمرا مألوفا بل ضروريا لتحفيزه على الدراسة مادام يتراوح القلق ضمن مستواه الطبيعي ولا يؤثر بشكل سلبي على أدائه للمهام العقلية المطلوبة فكيف يستعد الطالب لأداء الامتحانات بنجاح ؟لكي يحقق المرء ما يصبو إليه من تفوق ويهنأ بما أحرزه من نجاح ويسعد الوالدان بهذه اللحظات التي تنسيهم تعب الليالي والأيام، فالوصول إلى طريقة الدراسة والاستذكار المثالية عملية تستغرق بعض الوقت، لذلك فمن المهم أن يستعد الطالب جيدا قبل الاختبارات بفترة كافية حتى يصل إلى الطريقة المناسبة له كما أن الاستعداد قبل الاختبارات بفترة كافية يفيد الطالب في رفع مستوى تركيزه والاستقرار على أكثر من طريقة للدراسة والاستيعاب، فهناك بعض الصعوبات التي يمكن أن تعوقك عن المذاكرة والتي يجب عليك أن تكتشفها وتحاول التغلب عليها حتى تستطيع أن تدخل في المذاكرة الفعالة وتحقق أعلى الدرجات وتكون إن شاء الله من المتفوقين، فالعلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يخفض بيت العز والشرف فهو سبيل تقدم الأمم ورقيها وهو من مفاتيح الحضارة وبالعلم ترتقي الشعوب وترتفع النفوس والجهل يخفض أعظم البيوت وأعزها، لذا جاء النهج القرآني في بدايته يدعو إلى العلم والقراءة فكان أول ما نزل من القرآن الكريم قول الله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق:1 فإن طلابنا في هذه الأيام يستقبلون امتحان الفصل الأول والوقوف على مستوى تحصيلهم في العام الدراسي يمتحنون على ما حصلوه ويختبرون فيما تلقوه من علم وتوجه إليهم الأسئلة ويجلسون في قاعات الاختبار يحصدون ثمرة جهدهم في الفصل الأول من العام الدراسي؛ فلهذا الاختبار هيبة في نفوس الطلاب بل وهيبة في نفوس الآباء والأمهات، فالامتحانات موسم يتكرر ولقاء يتجدد وهي مصدر قلق وتوتر ورهبة لبعض الطلاب المقصرين في الاستعداد لها مبكرا، وفرصة سانحة للمراجعة وتثبيت المعلومات عند الجادين من الطلاب وهي أيضا لحظات استنفار وأيام اجتهاد لكل المعنيين بها؛ الطالب والأسرة والقائمون عليه فعليها يتوقف ثمرة المجهود وحصاد العام، يبدي الطالب فيها حصيلته ويظهر حقيقة ما اكتسبه ويظهر فيها قدراته ويحصد ثمرة جهده بنجاح ولكل مجتهد نصيب، لذا يجب على كل طالب نجيب وكل والدين يهتمان بشؤون أبناءهم وكل معلم مشغول على طلابه أن يعوا ما يجب على الطالب من استعداد وذلك يكون بالاستعانة بالله والتوكل عليه والدعاء بأن يوفقهم الله والتفاؤل بالنجاح والحذر من التفكير السلبي، والسقوط فريسةً للمخاوف من الفشل، فذلك يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالنفس والعمل الجاد من أجل تنظيم الوقت بطريقة مناسبة يراعى فيها تقسيم الوقت بين الدراسة الجادة واستقطاع بعض الوقت للراحة بين كل فترة وأخرى والبدء بالمواد الدراسية حسب أهميتها وإعطاء فرصة للذهن لاسترجاع المعلومات، لذلك كان دور الأسرة والمعلم مهما في تقليل حدة القلق وتوفير الجو الدراسي المريح والآمن الذي يزرع الثقة بالنفس ويساعد الطالب على اجتياز مرحلة الامتحانات بتفوق ونجاح.
399
| 08 يناير 2015
إن حقوق النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم أوجب علينا من حقوق السادات على مواليهم، والآباء على أولادهم لأن الله تعالى أنقذنا به من الضلال إلى الهدى، فما أجمل ان يعيش المسلم لحظات طيبة مباركة في ذكرى مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم يتدبر ويعتبر ويملأ قلبه بحب النبي يعلم أن البشرية شرفت بمولده ففتح الله به أعينا عميا وأحيا به قلوبا ميتا وأسمع به آذانا صما فيزداد حبا له وامتثالا لسنته، ثم إن الحق جل ثناؤه ألزمنا طاعته وتوعدنا على معصيته بالنار، ووعدنا بإتباعه الجنة فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة وأي درجة تساوي في العلا هذه الدرجة، فوجب علينا أن نحبه ونجله ونعظمه ونهابه، فبهذا نكون من المفلحين يقول الله تعالى:( َفالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الأعراف:157 ومن هنا ندرك أن من جل الأدب مع النبي صلي الله عليه وسلم التوقير والتعزير ونرى بيان الفلاح إنما يكون لمن جمع إلى الإيمان به وتعزيره والتعزير هنا التعظيم،وقال الله تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) الفتح: 8 — 9،أي لتعظموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفخموه في أدب المخاطبة والتحدث إليه ومجالسته واعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته وذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته وتعظيم أهل بيته وصحابته،لذلك يجب على كل مؤمن متى ذكرالرسول صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته،ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله به.ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في صدق وتمام المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للعباس: إن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب لأن ذلك أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل على بن أبي طالب رضي الله عنه:كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول:(ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه) فرأس الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق،وإذا كانت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره من أجل أعمال القلوب وأفضل شعب الإيمان،فإن بغضه من أشنع الذنوب وأخطرهاوسأل الخليفة هارون الرشيد الإمام مالك بن أنس في رجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له أن فقهاء العراق أفتوه بجلده؟ فغضب مالك وقال:يا أمير المؤمنين ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها صلى الله عليه وسلم، فهلا أدركت أيها القارئ اللبيب مقدار حبك لنبيك وأين أنت من الأدب مع مبعوث العناية الإلهية وشمس الهداية الربانية اصغى جيدا لقوله صلي الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )رواه البخاري،ولا ريب أن علينا تجاه هذا النبي الكريم صلوات ربي وتسليمه عليه حقوقا كثيرة يجب القيام بها وتحقيقها،فلابد من تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع،وأن ننصره ونؤيده ونمنعه من كل ما يؤذيه ويسيء إليه وإن من أهم ما يجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقادا وقولا وعملا ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين.
933
| 01 يناير 2015
إن الحق سبحانه وتعالى قد اختص أمة الإسلام بالقرآن العظيم والحبل المتين الذي أنزله الله تعالى تبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي أقوم فشمل أسس الأحكام وكليات الشريعة وقواعد الملة، فجعل من خصائص الدين شموليته في تناوله للأمور من جميع زواياها وأطرافها ومقوماتها، فهو تصور كامل وشريعته شاملة وواضحة، يتسم بيسر المنهج وصفاء السريرة، فالمنهج الصادق والذي يتسم بالصدق انطلاقة للحياة على الأرض وليس مجموعة من الكلمات والتعاليم التي تضمها الأوراق أو تتناقلها الألسنة، فديننا الحنيف دين يحترم العقل، فقد دعا القرآن الكريم الإنسان إلى الإيمان بالله والحياة الآخرة التي فيها نتائج المسؤولية والحساب والجزاء وسلك في دعوته إلى الإيمان بالله طريقين ليصل بهما الإنسان إلى معرفة حقائق الوجود: أحدهما: العقل الذي خلقه الله تعالى في الإنسان وجعله قوة نامية وبه يدرك حقائق العالم المحسوس، أما الطريق الثاني فقد جعله الله تعالى لإدراك حقائق عالم الغيب وما وراء عالم الشهادة مما لا يستطيع العقل وحده إدراكه لأنها من طبيعة مختلفة عن طبيعته، وذلك لئلا يدع الإنسان جاهلا غافلا عما وراء الكون.تعد الصحافة منبرا من منابر الدعوة الإسلامية وكمرآة للمجتمع تنقل عيوبه ومميزاته يجب على أبنائها أن يتحلوا بأخلاق الدعاة المخلصين وعلماء الدين الصالحين وبأخلاق المطلع على أحوال الناس وعوراتهم المؤتمن عليها صاحب الدواء لكل داء وما يتصف به من تقوى وصدق، فالصحفي كأي مسلم يجب عليه أن يلتزم بالخلق الإسلامي قولا وفعلا كما أن متطلبات مهنته من وجهة نظر الإسلام تفرض عليه أن يكن أشد التزاما وأكثر تمسكا بالخلق لإسلامي وأقل تهاونا وتفريطا فيه من غيره، وحيث ان المسلمين جميعا قدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم:4 ومن أهداف دعوته ما قاله عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وأنه ربط الأخلاق بالإيمان قال عليه الصلاة والسلام عندما سئل: أي الناس أكمل إيمانا قال: أحسنهم أخلاقا، لذلك فالصحفي هنا لابد أن يكون أمينا صادقا في كل كلمة أو خبر ينقله لا يزيد ولا ينقص منه بما يغير معناه أو مضمونه والغرض منه وينبغي عليه أن يتخير كلمات يصوغ بها موضوعه تكون أخف وطأة من التي تستحق أن تطلق على الواقع، بما يهون المشاكل والأزمات على أصحابها وحتى لا تتفاقم آثارها فتصيبهم السلبية واللامبالاة والتقاعس عن حلها ولا يشتد في وطأتها بما يثير النفوس ويعلي روح التمرد والعصيان فيها فتخرج الجماهير معبرة عن ذلك بطريقة تهورية تصيب الحياة بالشلل وتسبب عجزا لأهل الحل والقيادة في اختيار القرار المناسب، وقد أمرنا الإسلام بتحري الصدق والبعد عن الكذب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة وتجنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة) رواه أحمد.والصحافة بقدرتها على إعادة تشكيل أخلاقيات وسلوكيات بل ومعتقدات الناس لذلك يجب على أبنائها ألا يعملوا على نشر الأفكار الهدامة والمعادية للدين أو إشاعة الفاحشة، فعلى الصحفي أن يعلم أنه يعيش ويعمل في مجتمع إسلامي له قيمه ومبادئه التي يستمدها من الإسلام والتي من ضمنها سد أي باب يؤدي إلى مفسدة أو فاحشة، وبالتالي لا يجوز له نشر الصور العارية أو المثيرة وكتابة القصص الجنسية والغرامية والتي من شأنها إشعال الشهوات والنزوات لدى الشباب مما يؤدي بهم إلى الوقوع في المعصية، والصحفي المسلم وقته ثمين يمضيه في البحث عن مشاكل الناس ومتاعبهم وهكذا الصحافة فلا يشغل الناس بما لا يعنيهم، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه، فلا يخوض في الباطل واللهو ويبعد الناس عن أهدافهم ويشغلهم بما لا ينفع والصحفي المسلم يتريث عند سماع أية واقعة أو حدث ويتأكد من صدقها ومصدرها قبل إعلانها على الناس حتى لا يسهم في نشر الشائعات وما تلحقه بالمجتمع وأفراده من أضرار.
1420
| 25 ديسمبر 2014
مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
1968
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...
1257
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1137
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...
1074
| 26 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...
972
| 24 ديسمبر 2025
-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...
852
| 25 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
723
| 21 ديسمبر 2025
لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...
663
| 24 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
642
| 23 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
558
| 23 ديسمبر 2025
منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...
528
| 26 ديسمبر 2025
في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...
510
| 23 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية