رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

زمن المشاعر... أين أنت؟!

لا يستطيع أحد أن ينكر أنه قد خفتت في الآونة الأخيرة شمس العلاقات الاجتماعية المبنية على المشاعر الرقيقة من حب وتسامح وإنسانية، بعد أن أكلت نيران المصلحة طبيعة الحياة وجمالياتها وقيمها الروحية، وهذا – بلا شك – أثر على الوزن النسبي لقيمة المشاعر في التعاملات اليومية، مقارنة بالقيم المادية، فهل حقا كما يدعي الكثيرون أن (عصر المشاعر) انتهى بلا رجعة؟! رغم ذلك الطغيان المادي الذي نلمسه في مظاهر حياتنا المتنوعة وعلى مستوياتها كافة – فإنه لا تستقيم الحياة دون مشاعر، ولا يتمكن مصلح أو قائد من بناء حضارة قوية، إلا وكان عمادها الترابط الاجتماعي القوي القائم على الحب والصفح والاحترام المتبادل. إن المتأمل لسيرة خير من أقام حضارة على وجه الأرض، يجد المشاعر الإنسانية في أرقى صورها، وما أجمل أن نعيش مع ما يرويه لنا أنس بن مالك – رضي الله عنه – حيث يقول: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أوسع الناس صدراً، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، وكان يمازح أصحابه، ويخالطهم ويحادثهم، ويداعب صبيانهم، ويجلسهم في حجره، ويجيب دعوة الحُرّ والعبد، والأمَة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة)، فهو – صلى الله عليه وسلم – يقدم لنا مبادئ الإسلام صورة حية في مراعاة المشاعر. وأتركك – أيها القارئ الكريم – مع ذلك الموقف الراقي، تعيش معه بقلبك قبل عقلك، فقد كان هناك رجل اسمه (زاهر)؛ وهو رجل فقير دميم من أهل البادية؛ يأتي لزيارة النبي؛ ويحرص هذا الرجل على ود النبي أشد الحرص؛ لذا فقد فكان منتظما على فترات أن يزور النبي؛ وكان يأتي لزيارة النبي ومعه أشياء زهيدة جداً يعدها ليهديها للنبي؛ والنبي عند عودة زاهر إلى قبيلته يرد التحية بتحية أعظم منها ؛ فيحمل له من تمر المدينة ونحوه.  وذات مرة جاء هذا الرجل الى بيت النبي؛ فلم يجده؛ فذهب الرجل إلى السوق ليبيع بعض متاعه؛ فلما علم النبي بقدومه؛ لم ينتظره في بيته حتى يعود؛ بل خرج النبي بنفسه يبحث عنه؛ حتى وجده الرسول يقف في السوق يبيع بعض متاعه الذي أحضره لهذا الغرض؛ وكان العـرق يتصبب من زاهر وجاء النبي من خلف زاهر واحتضنه؛ والرجل يريد أن يتخلص ممن احتضنه من خلفه؛ والنبي ممسك به ويمازحه قائلاً: من يشترى هذا العبد؟ فلما التفت زاهر ووجده النبي أخذ يتمسح بظهره في صدر النبي ويقول: إذن تجدني كاسداً يا رسول الله، فيقول له النبي: لكنك عند الله ليس بكاسد؛ أنت عند الله غال؛ ويداعب كل منهما الآخر؛ ثم يصطحبه النبي عائداً به إلى داره يحادثه ويقريه ضيفاً عزيزاً.  ما أرق تلك المشاعر! وما أروع أثرها في النفوس؛ تصنع مجتمعاً منسجماً؛ يسود بين أفراده المحبة والوئام والود؛ وتقرب بين أفراده؛ لتتقدم الأمم.  

1297

| 04 يوليو 2018

وكبرتِ يا ابنتي!

هاتفني صديقي متحدثا في نبرة تكسوها الحيرة: ( ابنتي كبرت أمام عيني، وأصبحت الآن في مرحلة المراهقة، وهي بعيدة عني الآن بحكم الغربة، وعندما تحدثت إليها شعرت بأنها تعاتبني، حيث إنني دائم الحديث معها عن دراستها وتفوقها والتزامها الأخلاقي، فشعرت بأنها تلمح لي بخصوص الحديث عن اهتماماتها ومشاعرها، فتساءلت: هل كنت على صواب في طريقتي معها؟ هل كنت على حق عندما انصب اهتمامي على المذاكرة والانضباط وفقط؟ وبدأت أستعيد شريط ذكرياتي: لم أتحدث معها يوما عن أحلامها ومواهبها، لم أمدح مرّة واحدة أناقة ملابسها، لم أخبرها شيئا عن جمال شعرها، لم أشاركها مشاعرها، ولا أدري الآن: ماذا يجب أن أفعل ؟! ) فأجبته: الأب! وما أدراك ما معنى الأب في حياة ابنته، الأب هو الرجل الأول وفارس الأحلام في حياة كل فتاة، مشاعره الأبوية تلعب دورا فريدا في حياتها، هو يمثل لها صورة الرجل الحقيقي أو (سوبرمان) في عينيها، بل أفضل رجل في العالم، فهي تريد أن تتربع وحدها على عرش الحب في قلبه، ولا شيء يمكنه أن يزعزع هذه الفكرة عن رأسها، ومسؤوليته كأب تستلزم إظهار الحب ومزيد من الثقة، لمواجهة العالم بسعادة وقوة في جميع مراحل حياتها، فالأب يحفر حياة ابنته. وقد أكدت الدراسات النفسية أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل التي تحتاج فيها الفتاة إلى أن تكون قريبة من والدها، لأنها تكون نفسيا قد بدأت تتشكل كامرأة وتريد أن تتعرف على الجنس الآخر بشكل أعمق، ويكون أول من تصادف في حياتها من هذا الجنس هو الأب، ما يجعل علاقة الأب بابنته في تلك الفترة مهمة جدا لأنها تتحكم في مدى توازنها النفسي. إن وجود الأب الإيجابي في حياة الفتاة يسهم في نجاحها، وكذلك فإن غياب صورة الرجل المتمثلة بوجود الأب في حياة الفتاة ينعكس أيضا سلباً على تعاملها مع الجنس الآخر، حيث ستجد نفسها مرتبطة بأي شاب أو رجل تشعر بالأمان معه، وقد تتعلق به بدرجة غير طبيعية، محاولة بذلك التعويض عن صورة الأب المفقودة، وتوفير الأمان والحماية التي تحتاج إليهما، وهو ما قد يدفعها للقبول بعلاقة تسيء إليها. جميل أن تخصص وقتًا كل يوم للحديث مع ابنتك، اخرجا معا للعشاء خارج المنزل، أو الذهاب في نزهة قصيرة حتى تزداد الثقة والمحبة بينكما، أخبرها بأنها جميلة، وقل لها ذلك في كثير من الأحيان، اهتم بكل شيء يخص حياتها مثل الصديقات، والحياة المدرسية، والإنجازات، أضحكها من خلال نكتة، ومتعها بالحديث عما يجري في حياتك أيضا من مواقف، دائما بين لها أنك تصدقها وتثق فيها، وعندها ستحبك، وتثق فيك، وتكون موضع سرها، ومحل مشورتها. 

1401

| 16 يونيو 2018

إنها الموهبة!

أثبتت الدراسات الحديثة أن نسبة المبدعين من الأطفال من سن الولادة حتى سن الخامسة تصل إلى 90% منهم، وعندما يصل هؤلاء الأطفال إلى سن السابعة تقلّ تلك النسبة لتصل إلى 10%، وما إن يصلوا إلى الثامنة حتى تحط الموهبة رحالها على 02% منهم فقط. وعند قراءة هذه الدراسات بعين ثاقبة نلاحظ أنها تشير إلى مدى أهمية دور أنظمة التربية والتعليم، والعادات الأسرية في إظهار معالم الموهبة لدى أطفالنا وإفساح المجال أمامها كي تبزغ وتؤتي ثمارها، أو – للأسف - طمسها داخلهم وإجهاض أحلامهم وآمالهم.  ومما لا شك فيه أن أي مربٍ يحب لأبنائه التميز والإبداع، ولكن المحبة شيء، والإرادة شيء آخر، فلكي نمهد لأطفالنا سبل الرعاية ونحثهم على بذل الجهد والتقدم نحو الأفضل، يجب علينا التعرف على طاقتهم ودراستها محاولة لفهمها وتوجيهها. ولذا فإن قضية اكتشاف طاقات المتربين من أهم القضايا التي تُؤَرِّق المربي الناجح، والذي إن أحسن استثمار طاقاتهم لنفع بهم وطنه وأمته نفعًا كبيرًا، وحقق بهم التطور والازدهار، وتلك أهم صفات القائد والمربي الناجح. وعندما نتأمل سيرة أعظم المربين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- نجد أنه أدرك هذه الحقيقة المتعلقة بأهمية الموهبة، ولم يغب عنه أن أية نهضة ناجحة تتطلب إيجاد كوادر مؤهلة لقيادة منظومة حضارية قادرة على الابتكار والإبداع ومسايرة الزمن، فعمل على اكتشاف المواهب والكفاءات وحُسْن استثمارها، وقد أظهر- صلى الله عليه وسلم- كفاءة لا نظير لها في تلمس قدرات أصحابه ومواهبهم في مختلف صورها، واستنطاق جميع طاقات أصحابه، فلقد وجد الموهوبون في ظل رعاية النبي الكريم لهم أرضًا خصبة لنمو إبداعهم، فاستخرج مكنونات وذخائر أصحابه – رضي الله عنهم -، كلاً على قدر طاقاته واستعداده وميوله. ولا عجب حينئذ عندما نرى تنوع تلك المواهب، فيسمع القرآن مرة من أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – فيقول له معبرا عن إعجابه بجمال صوته: (لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود)، ويجد زيدا بن ثابت – رضي الله عنه - متوهج العقل، سريع الفهم، قوي الذاكرة، فيقول له: (يا زيد تعلَّم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتاب)، والأمثلة على ذلك أعظم من أن تُحصى.  كم نقسو على أبنائنا حين نربط مستقبلهم بمدى تحصيلهم الأكاديمي فقط، وننسى أن لديهم مواهب وطاقات تنتظر العين البصيرة، واليد الحانية التي تأخذ بهم نحو العُلا. وختاما ستبقى قضية (الموهبة) التحدي الأعظم أمام المربين والمؤسسات القائمة على رعايتهم.  

2568

| 16 مايو 2018

البنات ولا عجب!

(لا أدري: لماذا يُهضم حقي؟ لم تُساء معاملتي؟ أتعجب من اعتباري مواطنة من الدرجة الثانية!) بهذه الكلمات المؤلمة التي تنبض بالأسى والوجع، نقلت إليّ إحدى الفتيات شكواها، فقلت لها: لاشك أن هذا موقف فردي لا يُعبر عن منهج ديننا الحنيف في التعامل مع المرأة، ولا يُمثل قيم مجتمعنا الرشيد في نظرته للفتاة، فأنتِ – ابنتي الغالية – دُرة مصونة، ولؤلؤة مكنونة، كرمكِ الإسلام أبلغ تكريم، وفضّلك أعظم تفضيل، فإذا بها تنظر إليّ في عجب، فتفهمت تلك النظرة، وقلت لها: إن الإسلام رحب بكِ منذ ولادتكِ واعتبركِ هبة من الله عز وجل، فالله تعالى يقول: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ) وقدم الإناث على الذكور للمبالغة في التصحيح لثقافة كانت رائجة في المجتمع العربي القديم، وهي أن الإناث بلاء ونقمة، فردّ القرآن بأنها من النعم المستحقة للحمد.  والإسلام أمر بإكرام المرأة، سواء كانت أما أو ابنة أو زوجة، ومن مظاهر تكريم الإسلام للبنت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه). والجميل في الحديث الشريف أن الثواب الذي ذكره النبي في تربية البنات لم يذكر في تربية الأولاد، وذلك أن البنت إذا كبرت وأصبحت فتاة ثم امرأة، فهي مصنع الحب وإشاعته، ومصدر القيم والخلق الكريم ومنبعه، وعلى قدر تربيتها في الصغر وحسن تنشئتها يكون حبها الذي تفيض به صافياً وعظيماً يدفع الآخرين للنجاح في صناعة الدنيا والتميّز، ومما يميّز الحب الأمومي أنه لا يضع شروطاً للحب، ويعطي من غير مقابل، وهو أساس كل مشاعر الحب الأخرى، والتي تشكّل حماية وأمنا للإنسان، ومما يعجب له الإنسان أن الدراسات الحديثة أثبتت ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال الذين ترعاهم المستشفيات ولا يحصلون على الحب الأمومي. والآن أدعوك – ابنتي الغالية – إلى التأمل في ذلك الموقف النبوي، حيث ذهب الرسول الكريم وصاحباه وهم في شدة الجوع إلى أبي أيوب الأنصاري، والذي رحب بهم، وأكرم ضيافتهم، وقدم الطعام إلى رسول الله، فأخذ منه رسول الله قطعة من لحم الجدي ووضعها في رغيف، وقال: "يا أبا أيوب، بادر بهذه القطعة إلى فاطمة – ابنة النبي- فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام". ابنتي الغالية، هذا التكريم وذلك التفضيل يأتي تقديرا لدوركِ في تربية المجتمع وحسن تنشئته، فانهضي بذلك الأمر، وأعدي نفسك للاضطلاع بتلك المسؤولية العظيمة. وتذكري دائما: "المرأة نصف المجتمع، وتربي النصف الآخر".

2819

| 12 مايو 2018

أبناؤنا والتفكير الإستراتيجي

قد يتعجب البعض من فكرة تعليم أبنائنا كيفية التفكير الاستراتيجي، وتدريبهم على ذلك اللون من التفكير، بدعوى صغر سنهم، وضعف عقلهم عن إدراك ماهية التفكير الاستراتيجي. ولكن بإمعان النظر في حال المجتمعات التي حققت قفزة نوعية في النهضة والتقدم ، نجد اهتماما ملموسا بهذا الجانب في مناهجها الدراسية، وورش العمل التي تقدمها للطلاب، وكذلك في الدورات المتقدمة التي تعقد  لهم، إيمانا منهم بقدرة عقول أبنائهم على استيعاب تلك الموضوعات ابتداء، وتأثرا بما رأوه من إنجازات على أرض الواقع نتيجة تدربيهم على ذلك اللون من التفكير. ومن هنا تقع المسؤولية على المهتمين بالتربية أن يعلموا ويدربوا أبناءهم على الألوان المختلفة من التفكير، فنجعله يبدي رأيا مؤيدا أو معارضا في مواقف مختلفة مع إبداء الأسباب المقنعة لكل رأي ليتدرب على التفكير الناقد، وندفع عقله نحو التفكير الإبداعي، وذلك بالنظر للمألوف بطريقة أو بزاوية غير مألوفة، ثم تطوير هذا النظر ليتحول إلى فكرة، ثم إلى تصميم ثم إلى إبداع قابل للتطبيق، ونعرفه  أن العملية العقلية التي يتم بموجبها حل المشكلات أو اتخاذ القرارات بطريقة صحيحة من خلال التفكير المنظم و المنهجي – هي ما يسمى بالتفكير العلمي  ، ونصرف ذهنه عن التفكير السلبي التشاؤمي، ونرغبه في التفكير الإيجابي، ونوضح له أن التفكير الاستراتيجي هو بحث واستكشاف وفهم كل الخيارات الإستراتيجية.  ونوضح له أن الاستراتيجي ليس معناه  طويل الأجل – كما يعتقد الكثيرون - فهذا تعريف خطأ وناقص، إنما الاستراتيجي هو ثلاثة موضوعات معا: الكل قبل الجزء، والأهم قبل العاجل، والغاية ( النتيجة ) قبل الوسيلة.  وكي نقرب إليه المعنى  نحكي له قصة سيدنا موسى (النبي) مع العبد الصالح الحكيم، حيث ذهب إليه موسى – عليه السلام -  ليتعلم منه الرشد ( التفكير الاستراتيجي ) ليسترشد به ويهتدي، وكانت الدروس الثلاثة هي: خرق جزء من السفينة لإنقاذ السفينة كلها (لأن الكل أهم من الجزء )، وقتل الغلام الصغير لطغيانه وكفره  ( الوسيلة ) لإنقاذ الوالدين المؤمنين ( الغاية ) لأن ( الغاية أهم من الوسيلة )، أما المبدأ الثالث فتمثل في تأجيل حصول الأطفال اليتامى على أموالهم لقضاء حاجياتهم العاجلة في مرحلة الطفولة حتى يبلغوا أشدهم و يستعينوا بها في قضاء حاجياتهم الأهم (مثل الزواج أو بناء بيت أو التجارة الخ) وخاصة أنهما كانا يعيشان في بلد ليس عند أهلها الحد الأدنى من القيم الإنسانية، لأن ( الأهم الآجل أولى من العاجل الأقل أهمية ). ويظل التحدي الأكبر أمامنا في كيفية إيجاد المسارات التي يسلكها أبناؤنا نحو التفكير الاستراتيجي، إنه حُلم عظيم يحتاج إلى تكاتف الجهود حتى يصبح واقعا ملموسا، ولعله يكون قريبا!

1028

| 28 أبريل 2018

أين جسوري؟

يحكى أن أخوين متحابين كانا يعيشان في توافق تام في مزرعتهما، يزرعان معا ويحصدان معا، وفي يوم من الأيام حدث خلاف بينهما واستمر عدة أسابيع. وذات يوم طرق شخص باب الأخ الأكبر باحثا عن عمل، فأجابه الأخ الأكبر بالإيجاب وأخبره بوجود قِطَع من الحجارة قرب منزله، وأنه يرغب في بناء سور عال يقسم المزرعة بينهما انتقاما من أخيه الأصغر الذي أساء إليه. فأجابه العامل بأنه قد فهم الوضع، فأعطاه الأخ الأكبر الأدوات اللازمة، ثم سافر تاركا إياه يعمل أسبوعا كاملا، وعند عودته من السفر وجد مفاجأة بانتظاره، فبدلا من بناء سور بنى العامل جسرا بديعا! في تلك اللحظة خرج الأخ الأصغر مسرعا صوب أخيه قائلا: يا لك من أخ رائع! تبني جسرا بيننا رغم كل ما بدر مني! وبينما كان الأخَوَان يحتفلان بالصلح، أخذ العامل يجمع أدواته استعدادا للرحيل، فطلب منه الأخَوَان البقاء معهما، فأجاب بأنه يرغب في البقاء، لكن العالم يحتاجه لبناء جسور أخرى كثيرة. هذه القصة تعبر عن واقعنا الأليم الذي نعيشه الآن، فقد انقطعت جسور وأواصر وعلاقات بين الكثير من الأفراد، بل والمجتمعات والدول، وكم نحتاج إلى من يبني تلك الجسور. وما أجمل أن ننطلق لبناء تلك الجسور من اللبنة الأولى في حياة أي إنسان، من شعلة القيم والمبادئ، من الحصن المنيع، من (الأسرة )، والتي إذا عادت لدورها الذي نفتقده الآن — لتغيرت الظروف وتبدلت الأحوال إلى أفضل ما نتمنى. ما أحوجنا إلى أن نفكر — نحن الآباء والأمهات — في أنشطة تعيد للأسرة رونقها ومكانتها التربوية والاجتماعية، ما أحوجنا إلى التفكير في أعمال هدفها الرئيس بناء جسور المحبة بين أفراد الأسرة، وإزالة الحواجز، وكسر الروتين، وتنمية الجوانب الاجتماعية، والفكرية، وإبراز المواهب، وحل المشكلات التي تواجه الأسرة أو أحد أفرادها، وإشاعة الحوار والتدريب عليه، إلى غير ذلك من المكاسب العظيمة. المهم أن تكون تلك الأعمال مكتنزة بالجديد المفيد، ومفعمة بالحيوية والنشاط في جوٍ من الدعابة والمرح، والثقافة والتعليم، وحل المشكلات، بعيدًا عن النقد وإثارة الموضوعات الحسَّاسة التي ربما تسبب نفرة أحد أفراد الأسرة، وعندها لن نتخيل مدى التأثير الإيجابي الذي سينعكس على أسرنا، وستصبح هذه الأعمال من الذكريات الجميلة لدى كل فرد من أفراد الأسرة فيما بعد، يكفيك من تلك الأعمال أنه يمكنك أن تكتشف مواهب أطفالك وإبداعهم، ويمكنك أن ترى رسوماتهم، وتستمع لأناشيدهم، ومغامراتهم وقصصهم المسلية، يمكنك أن تشاركهم اللعب والمرح. ما أروع أن نضع أسرنا على قائمة أولوياتنا! وما أجمل أن يسأل كل منا نفسه: أين جسوري؟!

901

| 11 أبريل 2018

ولدي.. الآن فهمتك!!

(الآن فهمت ولدي!!) عبارة قالها لي صديقي، وهو يتحدث عن معاناته مع ولده المراهق، والتجارب الطويلة – شديدة القسوة في معظمها – التي خاضها معه، فقلت له: إذا أردت أن تنقل لي خبرتك بعد هذه التجارب، وتسدي إلي معروفا - فابني على وشك الدخول في هذه المرحلة العاصفة، وأنا في شدة القلق منها – فبماذا تنصحني؟ فردَ على الفور:  اقرأ، فعندما تأملت المشكلات التي واجهتها مع ولدي، وجدت أنها في الغالب ليست كبيرة بقدر ما هي مستفزة ومزعجة، فالطفل الوديع الذي كان يُلقي بنفسه في حضن والدته، ويطيع كلمتي بمجرد نظرة من عيني -  يحبو الآن نحو الرشد والاستقلال، ويرفض الكثير من الأمور الجيدة والمنطقية حتى يؤكد لنفسه ولغيره أنه قد كبر، وصارت له رؤيته الشخصية، فكن حريصا على القراءة في خصائص تلك المرحلة وكيفية التعامل معها. اقترب بحكمة، فقد كنت أرى مشكلات ولدي المراهق كبيرة لأنني قريب جدًّا منه، والعجيب أن كثيراً من الناس يعتقدون أن أبناء الآخرين أفضل من أبنائهم، وما ذلك إلا لأنهم يرون أولادهم من قرب، ويرون أبناء غيرهم من بعد، فإياك أن تجعل قربك منه سبباً في نفوره منك، وانظر إلى إيجابياته كما تدقق في سلبياته.  لا تغضب، راجعت نفسي في أسباب غضبي الكثيرة من ولدي وتصرفاته، فوجدت أن معظمها يعود إلى حرصي الشديد عليه، ورغبتي أن يكون أفضل الناس، وخوفي أن يقع في الأخطاء التي وقعت فيها عندما كنت في مثل عمره، وأستطيع أن أقول لك بمنتهى الثقة: (لن تستطيع فعل ذلك)، فالأمر سيأخذ مداه الطبيعي، سيظل المراهق يتعلم من أخطائه أكثر من تعلمه من نصائح والديه. فقلت له مستنكرا: هذه دعوة منك إلى  ..! ، فلم أكمل عبارتي حتى قاطعني معتذرا، لا، ليست دعوة لعدم الاكتراث، أو إهمال النصح والتوجيه، ولكن قصدت من ذلك تخفيف درجة الشعور  بالمرارة لديك من تصرفاته، وأن تتعامل معه بسعة صدر وحكمة عقل، وأن تتوقع منه الأخطاء وتتقبلها، لكي تستطيع الاستمرار في حسن إرشاده، وهذا لا يعني التوقف عن التواصل معه باستمرار، وحسن الاستماع إليه، وجميل صحبته. تذكر، وأنا أتعامل معه كنت في أمسَ الحاجة لأتقبله، ولكي تتقبل ابنك ينبغي أن تتذكر أنك كنت مراهقا، وكم ارتكبت من أخطاء قد تضحك منها الآن، وأيضا تذكر أن ما يفعله ابنك أمر مؤقت، وبمرور الوقت سيتحسن سلوكه، ويتميز خلقه. فشكرت له جميل نصائحه، وقلت في نفسي: (ولدي، الآن أفهمك).

2040

| 28 مارس 2018

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2334

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2256

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1458

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

1185

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

765

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

663

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

642

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
الإسلام منهج إصلاح لا استبدال

يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...

582

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

570

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

507

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

492

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة

أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...

468

| 08 ديسمبر 2025

أخبار محلية