رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تشكل وفاة الملكة إليزابيث الثانية -ملكة المملكة المتحدة وزعيمة دول الكومنولث في الثامن من سبتمبر 2022 عن 96 عاماً بعد حكم دام 70 عاماً-منذ كان عمرها 25 عاماً عام 1953، على التاج البريطاني نهاية حقبة تاريخية حافلة، لأطول حكم لفرد من الأسرة الحاكمة البريطانية على مدى أكثر من 1000 عام. حظيت تغطية الوفاة بتفاعل واسع وغير مسبوق، على مدار الساعة. وساهمت وسائط التواصل بإعطاء الوفاة تغطية أوسع وأشمل. ما همش بقية أزمات ومشاكل العالم كحرب أوكرانيا وتقدم القوات الأوكرانية- وزيارة وزير الخارجية الأمريكي لكييف وتقديم 2 مليار دولار حزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا. واقتصرت الأخبار العاجلة والأحداث العالمية على مدار الساعة، على "وفاة الملكة إليزابيث" وتنصيب الملك تشارلز الثالث وصدمة البريطانيين. وكأن شعوب العالم بأسره صاروا بريطانيين! ستُعرف حقبة وإرث الملكة اليزابيث بأخر حقبة لبريطانيا العظمى. في عهدها من مطلع الخمسينيات حتى اليوم- تحولت بريطانيا العظمى إلى المملكة المتحدة وزعيمة أحد أكبر التكتلات العالمية "رابطة دول الكومنولث"-56 دولة- مستعمرات بريطانية- في جميع قارات العالم بعدد سكان 2.5 مليار نسمة- فيما كان يُعرف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والسيطرة والتحكم في موارد ثلث العالم. انتقلت بريطانيا العظمى في عهد الملكة اليزابيث بعد حربين عالميتين قبل تسلمها منصبها، ومشاركتها في الحرب العالمية الثانية متطوعة- ومعاصرتها الحرب الباردة بين الغرب والشرق، بنهاية الإمبراطورية والتحول إلى المملكة المتحدة (بريطانيا-اسكتلندا-ويلز وشمال إيرلندا) وخفض مكانة ونفوذها إلى دولة من الدرجة المتوسطة في التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وصراع الثنائية القطبية العالمي إبان الحرب الباردة- في النصف الثاني من القرن العشرين، فيما عُرف بالقرن الأمريكي. تزامن ذلك مع اعتلاء الملكة اليزابيث عرش التاج البريطاني عام 1952. وامتلاك السلاح النووي ومقعد دائم في مجلس الأمن وحق الفيتو، وثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأمريكي، وعضو فاعل ومؤثر في حلف الناتو. شهدت حقبة الملكة اليزابيث في منطقتنا من المتوسط إلى الخليج العربي بالتراجع والانسحاب من المنطقة (شرق السويس بعد العدوان الثلاثي على مصر 1956). وبرغم أن الملكة والأسرة الحاكمة في المملكة المتحدة تملك ولا تحكم في ملكية دستورية، إلا أن الملكة عاصرت 15 رئيس وزراء بريطاني بينهم ثلاث سيدات من ونستون تشرشل إلى ليز تراس- والمفارقة أن الملكة اليزابيث كلفت تراس بتشكيل الحكومة 56 في تاريخ بريطانيا قبل يومين من وفاتها في آخر ممارسة لصلاحياتها الدستورية. كان الإرث الأصعب والأكثر إيلاماً للعرب، زرع بريطانيا إسرائيل وسط عالمنا العربي في فلسطين-بوعد بلفور المشؤوم عام 1917-( رئيس وزراء سابق ووزير الخارجية البريطاني)- بدعم بريطانيا تأسيس وطن قومي لليهود- ومنح من لا يملك لمن لا يستحق)- وزرع بذرة الصراع العربي الإسرائيلي بمنح موطئ قدم للصهاينة في أرض فلسطين العربية. والمفارقة، زارت الملكة 120 دولة بينها 13 دولة عربية، لكنها لم تزر إسرائيل أبداً! هل لتكفر عن ذنب بلدها؟! وقبلها، كرست اتفاقية سايكس بيكو الهيمنة والانتداب والتحكم البريطاني- والفرنسي باقتسام تركة الدولة العثمانية-الهلال الخصيب-سوريا ولبنان لفرنسا وفلسطين والعراق والخليج العربي لبريطانيا العظمى. في عهد الملكة اليزابيث تراجع الحضور البريطاني في العالم العربي بعد العدوان الثلاثي على مصر-1956-والانسحاب من شرق السويس-بدءاً من الكويت عام 1961-وانهاء اتفاقية الحماية لعام 1899. وصولاً لانسحاب بريطانية من الدول الخليجية-البحرين-قطر-الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان عام 1971. وذلك بسبب انكفاء بريطانيا عن مناطق نفوذها التاريخية، والأزمة المالية وانهيار الجنيه الإسترليني، لترث أمريكا التركة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط ويدشن الحضور العسكري والنفوذ الأمريكي في المنطقة. لكن تركت بريطانيا ألغاماً وقنابل موقوتة بترسيم حدود جغرافية جائرة وجزر متنازع عليها جغرافيا في المنطقة، رسمها المندوبون الساميون البريطانيون على خرائط دون المعاينة الشخصية على الأرض! شهد عهد الملكة اليزابيث الكثير من المتغيرات والتحديات وست حروب كبرى وإقليمية من كوريا وفيتنام إلى حروب وعدوان إسرائيل واحتلال الكويت، وإسقاط نظام صدام حسين، وحرب أفغانستان وانتهاء بحرب روسيا على أوكرانيا..وتغيرات بنية وتركيبة النظام العالمي بسقوط الاتحاد السوفيتي وتسيد أمريكا النظام العالمي. وانضمام بريطانيا المتأخر (تنظر لنفسها جزيرة كبيرة في غرب أوروبا)- إلى الاتحاد الأوروبي-وخروجها منه، نتيجة لاستفتاء البريكست عام 2020! كما عايشت جائحة كورونا! تركت الملكة اليزابيث إرثاً واسعاً لخليفتها، أصبح بعد تنصيبه يوم وفاة الملكة-الملك تشارلز الثالث. أطول ولي عهد انتظاراً وخبرة ليتبوأ العرش-وأكبر ملكاً عمراً عند تنصيبه- 74 عاماً- بينما كان عمر الملكة اليزابيث عند اعتلائها العرش 25 عاماً. سيجد الملك تشارلز نفسه برغم كونه أشهر ولي عهد في العالم وعلاقاته مع قادة العالم، محاطاً بأزمات وتحديات أبرزها طمأنة شعبه، وحل الأزمات، والعلاقة مع الأوروبيين، وحرب أوكرانيا وتوثيق العلاقة مع الأمريكيين. في وقت يتراجع حضور ودور ونفوذ بريطانيا أوروبياً ودولياً! وذلك برغم لعب بريطانيا لدور قيادي في حرب أوكرانيا في مواجهة الغزو والاحتلال الروسي لأجزاء من أوكرانيا- أحرج الأوروبيين وخاصة ألمانيا وفرنسا. زار بوريس جونسون أوكرانيا ثلاث مرات، وربما تكون أول زيارة خارجية لرئيسة وزراء بريطانيا الجديدة تراس إلى أوكرانيا. سيكون مستحيلاً على الملك تشارلز تكرار إنجازات إرث والدته الملكة اليزابيث، لتغير الظروف والمعطيات وتراجع دور بريطانيا من إمبراطورية في نهاية عصرها الذهبي عند اعتلاء عرش المملكة المتحدة قبل 70 عاماً، وقصر مدة حكمه، مقارنة بمدة حكم والدته، وتراجع دور ونفوذ بريطانيا اليوم، ونهاية "استراتيجية فرّق تسد"، وتحول بريطانيا من إمبراطورية إلى قوة من الدرجة المتوسطة.
1688
| 11 سبتمبر 2022
أحد الأسباب الرئيسية التي قادت لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو 1981 كان الخلل الكبير في موازين القوى في منطقة الخليج العربي، ودور إيران والهواجس من تهديد دول مجلس التعاون الخليجي بتصدير الثورة-وزعزعة أمن دولنا لتحالفنا مع أمريكا، وعبثية سلوك ومغامرات نظام صدام حسين في العراق. تغيرت موازين القوى في منطقة الخليج بعد سقوط نظام الشاه حليف أمريكا في فبراير 1979، انتقلت إيران من أهم حليف استراتيجي ضمن مبدأ نيكسون "العمودان التوأمان" لأمن الخليج-السعودية وإيران-في سبعينيات القرن العشرين-لتصبح إيران خصم أمريكا اللدود. بدأت الخصومة بعد إسقاط المخابرات الأمريكية والبريطانية حكومة محمد مصدق المنتخب ديمقراطياً في إيران في عملية أجاكس عام 1953 لتجرؤه على تأميم النفط، وأعادوا حكم الشاه محمد رضا بهلوي للسلطة، ما فضح ازدواجية معايير الغرب - وأمريكا وبريطانيا - وبدأت معه مظالم إيران تجاه الغرب وأمريكا. التي استقبلت الشاه في منفاه وناصبت السلطة الجديدة العداء-وقطعت العلاقات الدبلوماسية واشتبكت في مواجهات وعقوبات مستمرة حتى اليوم. العامل الثاني الذي ساهم بإنشاء مجلس التعاون الخليجي بعد الثورة الإيرانية، كان أطول حرب إقليمية-حرب صدام حسين-ضد إيران،(1980-1988)-دفعت دول مجلس التعاون فرادى للاصطفاف مع العراق لدرء خطر إيران ولاحتواء تصدير الثورة، انتقمت بقصف منشآت نفطية في الكويت وناقلات نفط كويتية وسعودية في مياه الخليج. العامل الثالث-كان احتلال السوفييت لأفغانستان عام 1979-وإعلان للمرة الأولى رئيس أمريكي مبدأه-مبدأ الرئيس كارتر، بالتعهد بحماية أمن واستقرار منطقة الخليج العربي-وصولاً للتهديد باستعداد أمريكا لاستخدام القوة للحفاظ على مصالحها وحماية حلفائها في رسالة واضحة للاتحاد السوفييتي بالبقاء بعيداً عن مياه الخليج الدافئة. لم ننجح في دول مجلس التعاون الخليجي في الانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون بعد 41 عاماً إلى مرحلة الاتحاد الدفاعي والأمني لنوازن ونحتوي إيران والعراق، قبل سقوط نظام صدام حسين ولا بعده، برغم إنفاقنا مئات مليارات الدولارات على التسلح، وتحول العراق لدولة هشة تحت نفوذ وتبعية إقليمية وحلفائها في الداخل العراقي، ما عمق المعضلة الأمنية لدولنا الخليجية. وظّفت إيران بذكاء ودهاء برنامجها النووي كرافعة لمشروعها التوسعي، وللعب دور أكبر من حجمها وقدراتها، ووصلت إلى مرحلة الندية بالجلوس مع القوى الكبرى-بتوقيع اتفاق نووي خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015-مع مجموعة (5+1)-في عهد الرئيس أوباما- ما أطلق يد إيران للتدخل في المنطقة وتفاخر قادتها "بالسيطرة عبر أذرعها على 4 عواصم عربية"-(بغداد-دمشق-بيروت-وصنعاء)- وتحول الفصائل المدعومة من إيران في تلك الدول الأربع لكيانات أقوى من الحكومات الوطنية!، بالإضافة إلى اكتشاف خلايا إرهابية وخلايا نائمة في دول خليجية من مواطنين خليجيين دربتهم وأدلجتهم وسلحهم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله-أكبر تلك الخلايا الإرهابية كان في الكويت. تضامنت دول مجلس التعاون الخليجي مع السعودية، بعد الاعتداء على سفارتها في طهران والقنصلية العامة في مشهد عام 2016-وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير الإيراني والبعثة الدبلوماسية من السعودية، بخفض التمثيل الدبلوماسي للكويت وقطر والإمارات لمستوى القائم بالأعمال- لتعيد قطر سفيرها في طهران بعد اندلاع الأزمة الخليجية-بينما عينت الكويت والإمارات سفيرين لهما، هذا الشهر. بينما تنخرط السعودية وإيران بجولات مفاوضات بوساطة عراقية منذ أبريل 2021، لكن لم تثمر عن تواصل مباشر بين وزيري خارجية البلدين أو بزيارات رسمية بينهما بعد، يبدو بانتظار انتهاء مفاوضات النووي. ساهمت الأزمة الخليجية في إضعاف كيان مجلس التعاون الخليجي الذي كان قبل الأزمة الجزء الوحيد السليم في جسد النظام العربي المترهل، كما تنبأت وشرحت في كتابي "أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2019)-ساهمت الأزمة الخليجية الأخطر والأطول في تاريخ المجلس بخسارة جماعية لدولنا وهمشت مجلسنا. تلعب دولة قطر بدبلوماسيتها النشطة دوراً محورياً في فتح قنوات تواصل تقديم مبادرات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ونقل وجهات نظر الطرفين حول برنامج ومفاوضات النووي الإيراني، للتوصل لاتفاق مرضي، وكان أمير قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الزعيم الخليجي الوحيد الذي زار البيت الأبيض بدعوة من الرئيس جو بايدن في يناير 2022-وكان من مواضيع النقاش بالإضافة لأمن الطاقة وترقية العلاقات الأمريكية لمستوى حليف رئيسي من خارج حلف الناتو-ملف ومفاوضات النووي الإيراني. كما استضافت قطر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين الأمريكي والإيراني في الدوحة في يونيو الماضي لجسر هوة الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الطرفين. آخر مساعي دولة قطر كان اتصال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مع وزير الخارجية الإيراني قبل أيام-لمناقشة العودة لخطة العمل المشتركة للاتفاق النووي، بعد تحقيق اختراقات وتقدم ملحوظ في مسار المفاوضات التي وصلت لمراحلها الأخيرة، وتأكيده: "تتطلع قطر للتوصل لاتفاق نووي بين إيران وأمريكا لأنه يصب في مصلحة المنطقة". تبقى إيران دولة مؤثرة إقليمياً، والسياسة الواقعية تحتم علينا في دول مجلس التعاون الخليجي صياغة وبلورة خطة عمل ومشروع خليجي جامع وموحد في مقارباتنا لإيران، ونساهم بقيام نظام أمني خليجي-إقليمي مستقر بعيداً عن العسكرة، حتى تعود دول مجلس التعاون الخليجي لقيادة النظام الأمني العربي على أمل تحقيق المشروع توازن قوى إقليمي، ينهي الهواجس المتبادلة، ويعزز الوصول لتحقيق التعايش بين ضفتي الخليج، وتحقيق أمن واستقرار المنطقة بأسرها. أستاذ في قسم العلوم السياسية - جامعة الكويت @docshayji
996
| 29 أغسطس 2022
في البداية أود أن أعبر عن بالغ شكري وتقديري لإدارة صحيفة الشرق الغراء التي منحتني الفرصة للعودة إلى البيت الذي بدأت منه الكتابة في الصحف القطرية قبل عقد ونصف من الزمن والعودة للإطلالة على القراء الأعزاء في قطر والدول الخليجية وحيث يوجد القراء العرب في وطننا العربي الكبير وخارجه... من يرصد المتغيرات والتحولات التي تموج في النظامين الإقليمي-الخليجي-الشرق أوسطي والدولي خلال العقد والنصف الماضي منذ توقفي عن الكتابة في "الشرق"، لا يمكنه إلا أن يلاحظ حجم صراع القوى والتجاذب والتحولات والمتغيرات الكبيرة وهامشية موقعنا فيها! شهدنا حروبا استباقية تحت يافطة الحرب على الإرهاب شنها بوش وتبعه أوباما وترامب وبايدن- واقتراب إيران من امتلاك القنبلة النووية لتعزيز مشروعها الإقليمي التوسعي الطائفي، برغم شيطنة إيران وفرض أقسى العقوبات وضم بوش لإيران قبل عقدين من الزمن في "محور الشر" مع العراق وكوريا الشمالية التي صارت دولة نووية تتخذها إيران نموذجاً ودرعاً لحماية النظام وتميزه-إلا أن الحقيقة أن إيران اليوم أقرب من أي وقت مضى لامتلاك قنبلة نووية! وتغيير طبيعة العلاقات الإقليمية. وصعود تركيا كلاعب مؤثر ووازن وحضور عسكري بقوتها العسكرية بقواعد واتفاقيات أمنية وعسكرية من قطر إلى الصومال والسودان ودورها في شمال العراق وسوريا وليبيا وأذربيجان، ودورها المهم الوساطة بين روسيا وأوكرانيا واتفاق نقل الحبوب والقمح من موانئ أوكرانيا وزيارة الرئيس التركي أردوغان أوكرانيا وقبلها لروسيا ولقائه بالرئيسين الروسي بوتين والأوكراني زلينكسي-وحتى تلميح الرئيس أردوغان بفتح قنوات حوار مع النظام السوري وعودة العلاقات على مستوى السفراء مع إسرائيل بعد سنوات من القطيعة والحرب الباردة. وتبقى المعضلة الحقيقية في جمود اللاعب المهم والمؤثر في أمن الطاقة-مجلس التعاون لدول الخليج العربية. حيث بقي الجمود بل حتى التراجع والتعثر في تحول دول مجلس التعاون الخليجي الستة التي تملك مجتمعة مقومات الارتقاء بالمجلس ليصبح أنجح تجمع إقليمي أمني عربي لو أحسنا استغلال وتوظيف مقدراتنا للردع والتوازن والتكامل لننتقل من التعاون إلى التكامل كما حلم الملك عبدالله الراحل عام 2011- لنشكل نواة مشروع أمني خليجي وعربي، بعد تحول مراكز القوى العربية من الدول العربية المركزية-مصر-العراق-سورية-إلى دول الخليج العربية-لكننا أطلقنا الرصاص على أقدامنا في أزمة استنزاف خليجي-خليجي بحصار ومقاطعة قطر على مدى ثلاثة أعوام ونصف من التيه والضياع وللأسف-خرجنا كما حذرت في بداية الأزمة في نكسة 5 يونيو 2017 جميعنا منها خاسرين-وحتى اليوم تبقى المصالحة الخليجية ناقصة ولم تكتمل-وفي هذا إضاعة فرص واستنزاف لنا جميعا! بدلاً من تضافر جهودنا لتعويض وملء فراغ ما بات واضحاً منذ عقد من الزمن في الاستراتيجية الأمريكية بتخفيض مكانة ودور منطقة الخليج العربي كمصدر رئيسي للطاقة من نفط وغاز، ويبرز ذلك بالانكفاء والتراجع الأمريكي الأمني والعسكري دون الانسحاب الكلي لأهمية أمن الطاقة وتوسع هوة تراجع الثقة بالحليف الأمريكي بعد اخفاقاته من الاستدارة نحو آسيا لاحتواء الصين وروسيا منذ عام 2011-إلى الانسحاب العسكري المرتبك قبل عام من أفغانستان ولولا تقديم دعم ومساعدة خليجية لوجستية وخاصة دور قطر التي أقامت جسرا جويا لإجلاء أكثر من 75000 أمريكي وأفغاني ومن جنسيات دول مختلفة لتركت كارثة الانسحاب من أفغانستان أثرها البالغ كأكبر فشل استراتيجي أمريكي على الرئيس بايدن شخصيا وإدارته! لذلك سارع الرئيس بايدن لترقية علاقة أمريكا مع قطر إلى أرفع مكانة لحليف أمريكي-"حليف رئيسي من خارج حلف الناتو". وتوسعت الحرب على الإرهاب من حرب على طالبان والقاعدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001- وعلى مدى 20 عاماً لتشمل داعش وأفرع القاعدة من وسط آسيا إلى اليمن والصومال والقرن الأفريقي. لا تزال الحرب مستمرة برغم اغتيال أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي وآخرهم أيمن الظواهري. وانتهت مع تلك الحقبة حروب أمريكا الطويلة والمكلفة بنزف الأرواح والأموال.. لم تحقق موجات الربيع العربي التي عصفت بجمهوريات عربية من تونس وليبيا ومصر إلى سورية واليمن إنجازات آمال وطموح الشعوب ولم تحسن مستوى معيشتهم وحرياتهم وحقوقهم. وفي المحصلة ساهمت تلك الموجات والثورات المضادة بتثبيت، بل تقوية الأنظمة كما في مصر وسورية أو بفوضى عارمة كما في ليبيا واليمن أو بانقلاب دستوري كما في تونس. وعلى المستوى الإقليمي تسببت بإضعاف النظام الأمني العربي.. كما فعل غزو واحتلال صدام حسين لدولة الكويت قبل ثلاثة عقود! عمّقت بدعة "الاتفاق الإبراهيمي" بمصالحات وتنازلات مجانية على أمل دمج إسرائيل كجزء من الأمن الإقليمي لمواجهة إيران وتطبيع دولتين خليجيتين: الإمارات والبحرين هو رهان على سراب بدمج إسرائيل بنظام أمني إقليمي-وثبت ما توقعته، فشله باصطفاف دول خليجية وعربية في قمة الأمن والتنمية في جدة بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه لا مجال لدمج إسرائيل، قبل حل الدولتين بالأفعال وليس بالشعارات، ومحورية القضية الفلسطينية التي لن تسقط بالتقادم ولن تتحول لقضية فرعية. خاصة مع عدوان إسرائيل المتكرر على الفلسطينيين في القدس وحروبها الموسمية على غزة في كل موسم انتخابات للتكسب السياسي الرخيص في نظام إسرائيلي مشلول سياسياً شهد 4 انتخابات في عامين ويتحضر للانتخابات الخامسة في نوفمبر القادم! على المستوى الدولي نشهد العودة لمناخات الحرب الباردة كما نراها اليوم بين أمريكا والغرب من طرف والصين وروسيا في أوكرانيا وتايوان وبحر الصين الجنوبي وصراع على الثروات والتجارة والمضائق والنفوذ-فيما نبقى نحن وبقية العالم متفرجين محايدين. في عودة إرهاصات أجواء النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بين القطبين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وحلف الناتو من طرف والاتحاد السوفيتي وحلفائه في الكتلة الشرقية الشيوعية في الطرف المقابل. بسقوط الاتحاد السوفيتي والشيوعية عام 1991-برزت الولايات المتحدة والغرب كقائد وأتباع لنظام عالمي جديد بأحادية قطبية مطلقة استبدلت الثنائية القطبية ولكن إلى حين. ضج الغرب حينها بقوته وتفوقه وكتب فوكاياما كتابه الشهير "نهاية التاريخ والرجل الأخير" عن انتصار الغرب المدوي.. وفاخر قادة الناتو الذين اجتمعنا معهم قبل عقد ونصف "انتصرنا على الاتحاد السوفيتي والشيوعية دون أن نطلق رصاصة واحدة." وأبلغونا أن الناتو سيعيد اكتشاف وتحويل دوره من ذراع الغرب العسكري لاحتواء الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو إلى تكريس السلام والأمن في العالم بدور في حفظ السلام في أوروبا وصربيا وجمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي السابق إلى أفغانستان والعراق. واليوم مع الغزو الروسي لأوكرانيا في شهره السادس-تحول الناتو إلى قوة ضاربة في مواجهة التمرد الروسي وتغيير خارطة أوروبا بالقوة العسكرية وتوسع ليضم السويد وفنلندا وزاد عدد أعضاء حلف الناتو إلى 32 دولة.. سأفصل في مقالاتي القادمة في الشرق كل ذلك وحاجتنا لمشروع خليجي-عربي جامع يوازن ويردع ويمنع.. وأكثر.... حياكم الله!! أكاديمي ومحلل سياسي
1439
| 21 أغسطس 2022
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
3948
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2667
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1722
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1569
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1401
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1155
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
963
| 07 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
876
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
648
| 05 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
636
| 30 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية