رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كل لحظة يقضيها الأب والأم مع أبنائهما اليوم هي استثمار في غدٍ مشرق، وفي شخصيات ستصون الأسرة والمجتمع. لا يوجد وقت ضائع إذا بدأنا الآن. في كثيرٍ من بيوت هذا الزمن، بدأ الهاتف يأخذ مكان الأب، وبدأت الشاشات تحتل مساحة الأم، حتى غدت التربية مسؤولية تكنولوجية أكثر منها إنسانية. لم يعد الدفء العائلي كما كان، ولا الحوار جزءًا من يوم الأبناء، بل حلّت الإشعارات محلّ الأسئلة، والرسائل محلّ النظرات. نلوم أبناءنا حين يكبرون باردي المشاعر، لا يعبّرون عن الحب، ولا يقدّرون الجهد، لكننا ننسى أن جذور البر تُزرع في طفولتهم، لا في وعظهم بعد أن يكبروا. فمن غاب في البدايات، لا يحق له أن يتساءل عن نتائج النهاية. مثال واقعي قصير: طفل صغير ينتظر من والده دقيقة واحدة يوميًا من اهتمام حقيقي، لكنه يجد الهاتف هو الرفيق الدائم، فتتراكم مشاعر الغربة والفراغ العاطفي، رغم الحب الكبير الذي يكنه الأب. الأبوة الحاضرة: استثمار القرب بدلاً من انتظار الهدايا، إنّ الأبناء لا يحتاجون آباء أغنياء، بل آباء حاضرين. لا ينتظرون الهدايا بقدر ما ينتظرون اللحظة التي ينظر فيها الأب في أعينهم ويستمع حقًّا لما يقولونه. فالقرب لا يُقاس بالمسافة، بل بالاهتمام، والاهتمام لا يُشترى، بل يُمنح من القلب. للأسف، في كثير من البيوت، يضيع وقت الأبوين بين انشغالات متعددة: • الأب يقضي معظم وقته في المجلس مع الرجال أو متابعة عمله خارج البيت. • الأم تمضي ساعاتها بين المولات والزيارات أو العمل والدراسة، بينما يُترك الأطفال مع الخدم والمربيات. • وإن جلس الاثنان في المنزل، فالهاتف هو الرفيق الدائم، لا صوت فيه سوى ضجيج الإشعارات. أمثلة عملية للحضور الصادق: • تخصيص عشر دقائق يوميا للحديث المباشر مع كل طفل بلا هواتف. • وجبة طعام واحدة يومياً بلا شاشات، تكون فرصة للحوار. • نشاط أسبوعي أو رحلة قصيرة للعائلة لتعزيز الترابط. التربية واجب شرعي ورأس مال الأمم إن مسؤولية التربية ليست مجرد اختيار اجتماعي، بل أمر إلهي يوجب الحماية والرعاية. فالأسرة هي القدوة الأولى، وقد وجهنا الله تعالى إلى أخذ زمام المبادرة قبل فوات الأوان، فقال عزّ وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) هذه الآية الكريمة تجعل من التربية وقاية وحماية، وهي جوهر الرسالة التي حملتها كلمات سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لكل بيت، حين أكّد أن التربية ليست مسؤولية المدرسة أو المربيات أو المجتمع فقط، بل هي واجب الأبوين أولًا. كما قال سموه في خطابه الأخير بمجلس الشورى: «رأس المال الحقيقي للأمم هو الإنسان، لذا نواصل تطوير منظومة التعليم والتدريب، لأنها الوسيلة التي نصوغ بها مستقبلنا». وهنا تتجلّى أهمية أن يبدأ هذا الاستثمار في الإنسان منذ سنواته الأولى، في بيئة أسرية متوازنة تمنحه الأمان والقدوة الحسنة، وتغرس في داخله القيم قبل الدروس. الخطر الصامت: ضياع الهوية والاعتماد على العمالة إنّ الاعتماد المفرط على المربيات خطر صامت يهدد تماسك الأسرة: • المربيات قد تتولى الرعاية الجسدية، لكنها غالبًا مسؤولة أيضًا عن اللغة والثقافة، مما يؤدي إلى ضعف ارتباط الطفل بالعربية الفصحى أو باللهجة المحلية، وهذا أخطر جوانب ضياع الهوية. • مع مرور الوقت، تضعف الصلة بين الأبناء وذويهم، وتفقد الأسرة دورها التربوي الحقيقي. غياب الأب والأم لا يولد فراغاً فقط، بل يملأه اضطراب في تقدير الذات والعلاقات المستقبلية للطفل الذي يُترك وحيداً أمام الشاشة؛ فسيتعلم العزلة قبل أن يتعلم اللغة، والبرود قبل أن يتعلم العاطفة. التحفيز الإيجابي: إمكان التغيير حاضر بالرغم من التحديات يبقى الأمل حاضرًا: • الأب الذي يخصص بضع دقائق يوميا لطفله يترك أثرًا أكبر من هدية ثمينة متأخرة. • حضور الأم والأب في تفاصيل حياة الطفل، ولو بشكل بسيط ومنتظم، يبني الثقة والقيم والهوية. • البدء بالتغيير اليوم أفضل من الانتظار للغد، فكل لحظة حضورية تزرع في الطفل ذكريات ودروسًا تدوم مدى الحياة. الخاتمة: دعوة وطنية لـ «الحضور الصادق» ندرك أن ضغوط الحياة والعمل تأخذ من الأبوين الكثير من الوقت والطاقة، ولكنّ التربية ليست رفاهية يمكن تأجيلها، بل مسؤولية لا تغيب مهما اشتدت الظروف. ليس المطلوب أن نكون مثاليين، بل أن نكون صادقين في حضورنا العاطفي. إن رسالة سمو الأمير ليست فقط توجيهًا للأسر، بل دعوة وطنية إلى مراجعة الذات، وإعادة التوازن بين العمل والحياة، بين الراحة والمسؤولية، وبين الرفاهية والتربية. فالأسرة ليست مجرد اسم في بطاقة، بل وطنٌ صغير، إذا ضاع - ضاع كل شيء.
159
| 07 نوفمبر 2025
في زمن السرعة والهاشتاقات، يبدو أننا وضعنا التوثيق أحيانًا قبل العيش. صرنا نبحث عن الكاميرا قبل الإحساس، وعن الزاوية قبل الذكرى. ندخل المطعم فنجهّز الجوال قبل أن نفتح المنيو، نرتّب الطبق، نلتقط اللقطة، ثم نأكل باردة… لكن المهم أن الصورة “طلعت فخمة”! لقد فقدنا شيئًا ثمينًا: حرارة الطبق، بساطة النكهة الأولى، والانغماس التام في متعة اللحظة العابرة. حتى السفر تغيّر، لم يعد راحة أو اكتشافًا، بل جدول تصوير طويل من لحظة الإقلاع إلى لحظة العودة، كأن الرحلة صُممت لإرضاء المتابعين لا المسافرين. ربما الأمر ليس مجرد صورة. ربما هو بحث عن تقديرٍ خارجي، أو عن “لايك” يمنحنا شعورًا بأننا مهمّون، أو الأسوأ: خوفٌ من أننا لو لم نُوثق اللحظة، فكأنها لم تحدث أصلاً. وكأن اللحظة لا تكتمل إلا حين يصدقها الآخرون. صحيح أن التوثيق بحد ذاته ليس خطأ — فهو يُبقي الذكريات حيّة، ويقرّب المسافات، ويحفظ لحظاتٍ جميلة للأحباب — لكن حين يتحوّل إلى هوس مزمن، يصبح سارقًا للّحظة التي نحاول تخليدها. أحيانًا نُضحّي بوقتنا من أجل مشهدٍ مثالي، نوقف السير لالتقاط “ستايل كوفي”، أو نُزعج غيرنا لنُثبت أننا عشنا لحظة جميلة — ولو كانت زائفة. وحتى في لحظات الخطر، يغلب هاجس التوثيق أحيانًا على غريزة إنسانيتنا. اقتراح عملي للتوثيق الواعي: ربما الحل هو أن نخصص اللحظات الأولى لأي لقاء أو منظر نعيشه بكل حواسنا، ثم نلتقط صورة سريعة لنحتفظ بها، لا لنصمم بها واقعًا. بهذه الطريقة، نستعيد السيطرة على تجربتنا ونعيشها بالكامل. ما أجمل أن نعيش اللحظة كما هي، دون مرشح أو فِلتر. أن نحتفظ بها داخلنا لا في معرض الصور. في ذلك الصمت الخالي من إشعارات الشاشة، سنشعر بالألوان أعمق، والنكهات أغنى، والمحادثات أصدق، والقلب أكثر هدوءًا، ونعيد اكتشاف متعة الحياة البسيطة مع الآخرين. في النهاية، الصور تحفظ الذكريات، لكنها لا تمنح راحة البال. ماذا لو تركنا الهاتف في الجيب لعشر دقائق فقط في جلستنا القادمة؟ هل سنختار حقًا أن نعيش اللحظة كما هي، بدلاً من مجرد تصويرها؟ في تلك اللحظات، سنكتشف أن الحياة أقرب، أصدق، وألذ مما كنا نظن. فهل نعيش اللحظة أم نصوّرها؟
144
| 31 أكتوبر 2025
في زمنٍ ليس ببعيد، كانت المجالس الاجتماعية هي نبض الحياة اليومية في مجتمعاتنا. جمعة الجمعة، سوالف المجلس، طلعات القهوة، وأحاديث الليل كلها كانت لحظات نعيش فيها دفء الإنسان وصدق المشاعر. لكن اليوم، يبدو أن هذا الدفء بدأ يخبو، والمجالس التي كانت تشكل عمودًا فقريًا لعلاقاتنا بدأت تتلاشى. لماذا بدأ المجتمع يفقد المجالس؟ هناك عوامل كثيرة أثرت بشكل مباشر على طريقة تواصلنا واجتماعنا: 1. التكنولوجيا والانشغال الرقمي: أصبحت الشاشات تحل محل الوجوه، والرسائل النصية تحل محل الحوار المباشر. لم يعد الجلوس معًا وتبادل القصص أمرًا شائعًا كما كان، بل أصبح كل فرد منهمكًا في هاتفه. 2. ضغوط الحياة وزيادة المسؤوليات: مع تطور الحياة وزيادة التزامات العمل والأسرة، قل الوقت المتاح للقاء الأهل والأصدقاء، وصار التعب والضغط سببًا في تقليل رغبتنا في الخروج والاجتماع. 3. تغير الأولويات والقيم: أصبحت كثير من العلاقات سطحية ومصالحية، وأحيانًا نفضل العزلة على المجازفة بالدخول في علاقات لا تستحق الوقت والجهد. الوحدة والانعزال.. واقع مؤلم كثير من الناس صاروا يشعرون بالوحدة حتى وهم بين أهلهم، وكثير منهم صاروا يفضلون الجلوس في البيت على الخروج، وهذا انعكاس لغياب التواصل الحقيقي. لما تكلمهم تسمع شكاوى مثل: • “حتى في البيت أحس نفسي وحيد، الكل مشغول بجواله.” • “صار ما عندي طاقة أخرج أو أزور أحدا، التعب زايد والهموم كثيرة.” • “العزائم قلت كثيرا، وصار الواحد يحس إنه ما له مكان وسط الناس.” • “حتى إذا جمعتهم، الكل صامت وكل واحد في عالمه.” • “تغير الناس صار واضحا، العلاقات صارت سطحية، ما فيها صدق ولا عمق.” • “أحيانًا أحس أن الناس تفضل العزلة بدل ما تتعب نفسها بالسوالف.” هل يمكننا استعادة روح المجالس؟ العودة للحياة الاجتماعية ليست مستحيلة، لكنها تحتاج منا لمبادرات حقيقية: • البدء بأنفسنا: لكل منا دور يبدأ به، سواء بزيارة الأهل، أو تنظيم مجلس بسيط مع الأصدقاء. • التشجيع على اللقاءات البسيطة: ليس شرطًا أن تكون اللقاءات رسمية أو مكلفة، فالوقت المشترك والحديث الصادق هو الأهم. • إعادة إحياء العادات الاجتماعية: العودة إلى عاداتنا القديمة مثل السؤال عن الأحوال، المشاركة في المناسبات، وتقديم الدعم. في النهاية، المجتمع هو مرآة أفراده، وكلما حرصنا على لقاءاتنا وتواصلنا، كان المجتمع أقوى وأدفأ.
150
| 19 سبتمبر 2025
في السابق، كنّا إذا قضينا عطلتنا في منازلنا أو بين أهلنا في الخليج، نشعر بالراحة والسعادة، ولم يكن أحد يسأل: أين ذهبت؟ أو كيف قضيت إجازتك؟ أما اليوم، فأول سؤال يُطرح: أين سافرت؟ وإن قلت: لم أسافر، تبدأ نظرات الاستغراب والتعجب: لماذا؟! لم تسافر؟! وإن سافرت، تبدأ التحقيقات والاستفسارات: – إلى أين سافرت؟ – هل يُعقل أن تختار هذه الوجهة؟ – على أي خطوط طيران سافرت؟ درجة رجال أعمال أم الدرجة السياحية؟ – هل الفندق خمس نجوم أم فندق عادي؟ وكأن السفر قد تحول إلى وسيلة استعراض، لا وسيلة راحة. اليوم، أصبح الإنسان يفكر ألف مرة قبل أن يسافر، ليس من أجل التكلفة فقط، بل من أجل نظرة الناس. وإن قرر البقاء في بلده، قيل عنه إنه لا يملك الإمكانيات! رغم أن الدول لم تقصّر، فالشواطئ مجانية، والمهرجانات والفعاليات في كل مكان، والأسواق المفتوحة والمكيّفة موجودة، ومعالم جميلة مثل سوق واقف، كتارا، لوسيل، وغيرها الكثير. حتى الأطفال لم يسلموا من هذا الضغط. فعندما يعود الطفل إلى المدرسة، يكون أول سؤال من المعلّم: أين سافرت؟ أما من سافروا فيُمدحون ويُثنى عليهم، ومن لم يسافروا إمّا يضطرون لاختلاق قصص وهمية، أو يعودون إلى منازلهم حزينين: لماذا لم تسافروا بنا؟ جميع أصدقائي سافروا! فيشعر الطفل بالنقص مقارنة بغيره، وقد يلوم والديه، رغم أن ظروفهم قد لا تسمح لهم بالسفر لا ماديًا ولا عمليًا. لقد أصبح السفر، للأسف، مظهرًا اجتماعيًا وليس مجرد إجازة. أتمنى أن تخف هذه الظاهرة، وأن يتغير السؤال ليُصبح: كيف قضيت وقتك؟ وليس: أين سافرت؟ فليس الجميع يملكون نفس الظروف، وليس كل سفر يعني سعادة. هناك من سافروا وعادوا مرهقين ومثقلين بالديون، وهناك من بقوا في أوطانهم واستمتعوا من أعماق قلوبهم. في النهاية، ليس السفر شرطًا للسعادة، أحيانًا تكمن راحة البال في أقرب مكان إليك، وأهم شيء أن تبتعد عن ضغوط الناس وأحكامهم.
372
| 22 أغسطس 2025
يواجه مجتمعنا اليوم أزمة اجتماعية صامتة لكنها آخذة في التفاقم، تتجلى في ارتفاع نسب العنوسة، وازدياد حالات الطلاق المبكر. والغريب في الأمر أن السبب لم يعد خفياً: إنه غلاء المهور والمغالاة في تكاليف الزواج. تحوّل الزواج - الذي جعله الله ميثاقًا غليظًا وسكنًا ورحمة - إلى عبء مالي كبير، يبدأ بمهر يتجاوز المائة ألف، ويُستكمل بحفل زفاف تتجاوز تكلفته أحيانًا نصف مليون ريال، وقد تصل إلى مليون عند احتساب الصالات، والفنادق، والهدايا، والمظاهر الاجتماعية التي لا تُرضي الله ولا تنفع العبد. وقد قال النبي ﷺ: «أعظمُ النكاحِ بركةً أيسَرُه مؤونةً» [رواه أحمد والبيهقي] فأين البركة اليوم في زواج يبدأ بالقروض، ويستمر بالأقساط، وينتهي بالمحاكم؟ الشاب في مجتمعنا لا يعارض الزواج، بل يتمنّاه، لكنه يُجبر على الاقتراض ليبدأ حياته، فيقع في دوامة ديون قد تمتد لعشر سنوات أو أكثر. ثم يبدأ التقصير تجاه زوجته - لا عن تقصير في المحبة - ولكن لانشغاله بعبء السداد، فتراه متوترًا، مشغول البال، محدود الإنفاق. وحين تعتقد زوجته أنه بخيل أو غير مبالٍ، لا تعلم أن ما يُثقله هو دينٌ فُرض عليه من البداية. وفي المقابل، تنتظر الفتاة في بيت أهلها، وكل من يتقدم يُصاب بالصدمة من المتطلبات، فيتراجع رغم رغبته في الزواج والاستقرار. وهكذا، تتسع دائرة العنوسة، ويتأخر الاستقرار، ويضعف الترابط الأسري في مجتمعٍ يُفترض أن يكون أقرب إلى الرحمة والتيسير. ورغم أن الدولة لم تُقصّر - فقد وفّرت قاعات أفراح بأسعار رمزية، ورفعت قيمة قرض الزواج بدون فوائد للمواطنين في بداية مشوارهم الوظيفي - إلا أن كثيرًا من هذه المبادرات تصطدم بعادات المجتمع التي باتت تُكبّل الشباب وتُثقل كاهلهم. في حفلات الرجال، أصبحت التكلفة لا تقل عن 150 ألف ريال، ما بين كوفيهات، ومطاعم، وخرفان، وضيافة، وتصوير، وإنتاج، و”برستيج” اجتماعي. أما في حفلات النساء، فبعض العائلات تشترط على العريس عدم إقامة العرس في قاعات الدولة التي وُفرت لتيسير الزواج، ويُلزم بإقامته في فندق فخم بأسعار باهظة، مما يرفع التكلفة إلى أكثر من 500 ألف ريال، فقط للفندق والتجهيزات. وقبل العرس، تتوالى المناسبات: «الخطوبة”، و”الملكة”، و”الحنّة”، و”التوزيعات”، حتى يجد الشاب نفسه قد أنفق كل ما يملك، بل وتديّن فوق ذلك، ليبدأ حياته الزوجية وجيبه فارغ. وقد جاء رجل إلى النبي ﷺ يريد الزواج، فقال له النبي: «التمس ولو خاتمًا من حديد” [رواه البخاري] إشارة واضحة إلى أن الزواج ليس قائمًا على الكماليات، بل على البساطة والنية الصالحة. قال تعالى: «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” [النور: 32] فكيف نردّ من وعده الله بالغنى؟! وكيف نحاربه بالمغالاة والتشدد؟! لقد آن الأوان أن نُراجع عاداتنا، ونُحيي سُنّة التيسير، ونضع حدًا لهذا التفاخر الذي أفسد بيوتنا قبل أن تُبنى. فالمجتمع الذي يُصعّب الحلال، سيفتح باب الحرام، وسيُنتج جيلًا ممزقًا بين الأمنيات والواقع المؤلم. الزواج شراكة، لا صفقة. ومسؤولية، لا مناسبة استعراضية. فإن بدأ بالدَين، فلا عجب إن انتهى بالطلاق.
504
| 12 أغسطس 2025
في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه ورش تصليح السيارات في قطر أماكن تقدم خدمات فنية واضحة وبأسعار معلنة، نجد أن الواقع مختلف تمامًا. كثير من المواطنين والمقيمين يشتكون من غياب التسعيرة الواضحة، ووجود تفاوت كبير في الأسعار من زبون إلى آخر، بناءً على جنسيته، أو شكل سيارته، أو حتى مظهره الخارجي!. لا توجد في معظم الورش لوحات توضح تكلفة كل نوع من أنواع الإصلاح، بل يتم تحديد السعر بناءً على “تقدير العامل” للشخص الواقف أمامه. المواطن القطري على وجه الخصوص، غالبًا ما يُعامل على أنه “محفظة مفتوحة”، فيُفرض عليه أعلى سعر دون نقاش، وكأن مجرد كونه قطريًا يعني أنه لا يسأل عن المال. ولم تقف المشكلة عند حدود التسعيرة، بل إن بعض الورش تفتقر إلى الكفاءة المهنية. تصليحٌ يستغرق أسبوعًا، لا يلبث أن يتعطل من جديد بعد أيام قليلة! لتكتشف أنك دفعت مبلغًا كبيرًا مقابل عمل غير متقن، وربما – وهنا الكارثة – يكون العطل قد تُرك عمدًا لِيُجبَر العميل على العودة لاحقًا ودفع المزيد. السؤال المطروح: أين الرقابة على هذه الورش؟ وأين الجهات المعنية بحماية المستهلك من هذا التلاعب؟ المواطن والمقيم بحاجة إلى شفافية في الأسعار، وضمان حقيقي على جودة الإصلاح، ومحاسبة جدية لأي جهة تتلاعب أو تستغل حاجات الناس. نحن لا نطلب الكثير، بل نطالب بما هو منطقي وعادل: • تسعيرة موحدة ومعلنة • جودة في العمل • ضمان على الإصلاحات • رقابة صارمة وعقوبات رادعة للمخالفين كلمة أخيرة الورش وُجدت لخدمة الناس، لا لاستغلالهم. نريد أن ندخل ورشة التصليح ونحن مطمئنون أن ما سندفعه معلن، وما نأخذه مضمون، وأن ما يتم إصلاحه لن يعود ليُعطِّل حياتنا من جديد بعد أيام. نريد ورشًا تعمل بأمانة، لا بورقة وقلم ومزاج العامل.
219
| 08 أغسطس 2025
كنا أول، ما نحتاج أحدا يذكرنا من نكون. كانت الهوية القطرية واضحة في كلامنا، لبسنا، ضحكتنا، وحتى جلساتنا. اليوم؟ كل شيء قاعد يذوب شوي شوي… وبدون ما نحس، قاعدين نفقد ملامحنا واحدة واحدة. اليوم، تلقى الطفل يتكلم إنجليزي أكثر من عربي. يسألك: «What’s this ?” بدل «شنو هذا؟”. تدخل بيت قطري، ما تسمع «سلام عليكم” تسمع «هاي” و”باي”، كأنك برا البلد. وين لعبنا القديمة؟ وين الحزاوي اللي كنا نسمعها من يد جداتنا؟ وين رائحة خبز الرقاق في الفريج؟ كلها قاعدين نخسرها بسبب «التطور”، بس ترى مو كل تطور زين، خصوصًا إذا جا على حساب الروح. خلونا نكون واضحين: الهوية مو بس غترة وعقال. الهوية مزيج من لغة، عادات، حكايات، أكل، صوت، وشعور بالفخر من نكون. اليوم إحنا محتاجين نشتغل على أنفسنا كمجتمع: نعلم عيالنا لهجتنا. نحيي الحزاوي الشعبية في المدارس. ندعم المشاريع اللي توثق تراثنا (مثل مبادرة «أم خلف”). نحكي لأولادنا عن «أول”، ونخليهم يعيشونه، مو بس يسمعون عنه. هويتنا مسؤوليتنا إذا ما حافظنا على هويتنا، محد بيحافظ عليها. إذا ما علمنا أولادنا من نكون، بكرا بيصيرون يعرفون كل شيء… إلا نفسهم. قطر الغد محتاجة أهلها يوقفون، يرممون، ويورثون… قبل لا تصير الذكرى أهم من الواقع.
237
| 25 يوليو 2025
في عصر الشاشات الصغيرة والصور السريعة، نعيش اليوم واقعًا لم يعد فيه الأب هو قدوة الأبناء، ولا المعلم هو مصدر الحكمة، بل أصبحت القدوة مرئية على شكل “محتوى” لا يُسأل عن مصدره، ولا يُحاسب على أثره. تغير الزمن، نعم. ولكن القيم لا تتغير، بل طريقة غرسها هي التي تحتاج مراجعة. جيل اليوم لا يرفض القيم، بل لا يجدها أمامه بشكل واضح. فهو لا يرى في الإعلام من يتحدث عن الأمانة، ولا يجد في المنصات الشعبية من يُكرم الحياء، ولا يشاهد من يحتفي بالصدق أو بالشهامة. بل يُعرض عليه يوميًا نموذج مختلف: شهرة بلا محتوى، مال بلا تعب، جرأة بلا حدود، وسخرية بلا احترام. ليست المشكلة في الجيل، بل في المرآة التي نضعها أمامه. كيف نطلب من أبنائنا أن يتمسكوا بالقيم، ونحن لا نُظهرها إلا في المواعظ، لا في السلوك اليومي؟ نحتاج أن نُعيد صياغة وجود القيم في حياتنا، ليس بالكلام، بل بالفعل. •أن يرى الطفل والده يعتذر. •أن تشاهد البنت أمها تكرم الخادمة. •أن يرى الشاب معلمه يرفض الغش. •أن يرى الموظف مديره ينصف الضعيف. هكذا تُغرس القيم: لا في الصفحات، بل في المواقف. لا في المحاضرات، بل في القدوة. جيل اليوم ذكي، واعٍ، لكنه يحتاج إلى مرآة نظيفة تعكس له شكله الحقيقي، لا نسخة مزيفة من القيم تُعرض فقط وقت الحاجة. فلنعد للقيم كرامتها. فهي لا تموت، لكنها تُهمّش إن لم نُحيها في سلوكنا، ونُزين بها حضورنا في البيت والعمل والمجتمع.
225
| 18 يوليو 2025
أيام قليلة ونستقبل شهر رمضان المبارك، بأيامه المباركة المليئة بالخيرات، تلك الأيام التي تغلق فيها أبواب النار وتصفد الشياطين، وتفتح فيها أبواب الجنة، أيام فيها ليلة القدر، وهي ليلة خير من ألف شهر، أي بالعمر كله، أيام قليلة ونودع شهر شعبان -أعاده الله علينا وعلى قيادتنا وكل الشعوب العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات- ونحن في أحسن صحة وحال، وشعوبنا العربية والإسلامية تعيش حالة كاملة من الاستقرار، والإنسانية في كل مكان تعيش بدون صراعات أو مشكلات تهدد الأطفال والكبار.أيام قليلة ونستقبل أفضل شهور السنة، وقد بدأ الجميع يستعد بالمآكل والمشرب وبرنامج الولائم، وهو أمر ليس بغريب، إلا أنه يحتاج إلى برنامج آخر في غاية الأهمية، وربما يزيد على برنامج الولائم، وهو برنامج العبادة، ذلك البرنامج الذي يؤهلنا للقاء المولى -عز وجل- ونحن أطهار بإذن الله وفضله وكرمه ورحمته حال اغتنمنا الفرصة، فرصة العبادة والتقرب إلى الله في أطهر الأيام، فرصة لنصحح مسارنا وسلوكياتنا الخاطئة وتعاملاتنا مع الأهل والأقارب واليتامى والوالدين، فرصة عظيمة لو تم اغتنامها لحصلنا على المغفرة بإذن الله في هذا الشهر الفضيل.أيام قليلة ونستقبل شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن يبلغنا إياه وينعم على بلدنا وبلاد المسلمين بكل الخيرات، أيام يستعد لها الجميع بالبرامج المختلفة، وسهواً قد يهتم البعض ببرنامج الولائم والأطعمة بشكل ربما يفوق اهتمامهم ببرنامج العبادة، وهو ما يتوجب علينا جميعاً الحرص على ألا يحدث، فإن برنامج العبادة هو الأهم، أما برنامج الولائم والأطعمة والسهرات الرمضانية فسهل تعويضه طوال شهور العام.أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، ذلك الشهر الذي يحتاج من الجميع تنظيم برنامج متكامل لمعايشة واقعنا اليومي الطبيعي، مع الاهتمام ببرنامج العبادة، وفى ذات الوقت الحرص على القيام بواجباتنا تجاه العمل، فالبعض قد تصيبه حالة من التكاسل في شهر رمضان بحجة الصيام والقيام، وهنا نذكر بأن العمل عبادة، وعلى كل موظف وموظفة بذل الجهود في شهر رمضان طوال الساعات المخصصة للعمل وهي قليلة، ليتسنى إنجاز معاملات المراجعين في كل المؤسسات والهيئات والوزارات، كما يجب الحرص على مراعاة حقوق الأهل والأقارب وخاصة الوالدين والزوجات والأبناء، وعدم الانشغال عنهم بالولائم والإفطار بعيداً عنهم دون عذر مقبول، أو تناول السحور يومياً مع الأصدقاء والمعارف وتضييع الوقت بدون الاستفادة منه في رعاية الأهل والأقارب والعبادة، كما يجب علينا جميعاً مراعاة حقوق اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين في هذا الشهر المبارك، فلنتسابق من أجل دعم هؤلاء بالمودة والرحمة وكل وسائل الدعم النفسي والاجتماعي والمادي.قال الله -تعالى- في كتابه الكريم "يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، اللهم بلغنا شهر رمضان، وأعطنا من الصحة والرؤية والبصيرة ما يجعلنا نغتنم أيامه في حسن العبادة، لعلنا نفوز بخيرات هذا الشهر المبارك، والله من وراء القصد.
2395
| 30 مايو 2016
دوما ونحن على مشارف بدء اختبارات نهاية العام الدراسي لطلاب المدارس، تعلن كافة البيوت حالة الطوارئ، والتي ربما تسبق موعد بدء الاختبارات بشهر على الأقل، ورغم أن هذا الأمر صحي ومطلوب تفعيله، بهدف تنظيم الوقت لأبنائنا، ودعمهم بشكل إيجابي نحو تحقيق النجاح بنسب مئوية تسمح لكل منهم بالإلتحاق بالكلية التى يرغب في استكمال حياته العلمية فيها، إلا أن بعض العائلات قد تتعامل بطرق سلبية مع الأمر، وبدلاً من وضع برنامج (يدعم) الطلاب ويأخذ بأيديهم نحو تحقيق أهدافهم والحصول على معدل نجاح كبير، نجد بعض العائلات تضع (عراقيل) سلبية تهدد الأبناء من غير قصد، حيث قد تغلق أجهزة التلفاز، ويحرم الأبناء من الهواتف وكل وسائل الترفيه بشكل كامل، وهو ما ينتج عنه سلبيات قد تجعل بعض طلابنا يتأثرون ويرهقون لساعات طويلة في المذاكرة دون نتائج مرجوة، وهنا تبرزأهمية دور الأسرة في القيام بوضع برنامج يضمن تحقيق (التوازن) بين الترفيه والمذاكرة، ليتسنى لأبنائهم عبور مرحلة الثانوية بنجاح وتحقيق أعلى معدلات هذا النجاح.ما بين طوارئ الاختبارات و( برامج العائلات والطلاب) لاستقبال اختبارات نهاية العام، وخاصة طلاب المرحلة الثانوية، باعتبارها مرحلة فاصلة، تحدد مصير ومستقبل الطلاب من الناحيتين (الجامعي والمهني)، تبرز على السطح ظاهرة (تجار الإختبارات)، ونشير هنا إلى غير المؤهلين علمياً أو مهنياً من (تجار الدروس الخصوصية) وليس أصحاب الكفاءات من المعلمين سواء كانوا في المدارس بمختلف تصنيفاتها أو نظرائهم الذين يعملون في مراكز تعليمية متخصصة، تستقدم المؤهلين علمياً ومهنياً فقط دون غيرهم، وسط الذي تعيشه العائلات وأبنائهم الطلاب في مثل هذه الفترة من كل عام (تنتعش)ظاهرة المعلمين الذين يدعون قدرتهم على تدريس كل المناهج لكل المراحل، والعجيب أن بعض هؤلاء قد يكونوا من غير المتخصصين في التعليم، فقد تجد محاسبا أو مهندسا يمارسون في هذا (الموسم المربح) مهنة التدريس لحصد (الأرباح) وبأسعار خيالية، والنتيجة (طلاب ضحايا) لمثل هؤلاء الذين يتلاعبون بمستقبل الطلاب، في ظل حرص العائلات على دعم أبنائهم بحصص (تقوية).ورغم أن الكثير من العائلات ربما تكون تعاملاتها (مقتصرة) على معلمين أو مراكز تعليمية أو متخصصين معروف عنهم (مؤهلاتهم ووظائفهم في التعليم)، إلا أن عدداً كبيراً أخر من أولياء الأمور والعائلات قد يقعون ضحية مروجي (إعلانات الدروس الخصوصية) عبر الصحف ووسائل الإعلام واللوحات الإعلانية في المجمعات، وتلك التي قد نجدها منتشرة على أبواب وأسوار بعض الأسواق وفى مواقع التجمعات، وللأسف مثل هذه العائلات، قد تخسر الكثير من (الوقت والجهد والمال) قبل اكتشاف حقيقة هؤلاء الذين يدعون أنهم معلمون لكل المواد، أو متخصصون في مواد دراسية بعينها، من هنا اقترح سن قوانين أو وضع لوائح صارمة تحول دون عمل (غير المؤهلين) في تدريس أياً من المواد الدراسية لأي طالب في كل المراحل التعليمية، وذلك حفاظاً على مستقبل أبنائنا الطلاب، وحماية لأولياء أمورهم من دفع تكلفة كبيرة من (الجهد والوقت والمال) دون حصد نتائج طيبة في تعليم أبنائهم، كما أننا بذلك نحمي عشرات المشاريع المتخصصة في تقديم الخدمات التعليمية، كالمراكز التعليمية التى تسدد (فاتورة شهرية) باهظة التكاليف، من إيجارات ورواتب وعمالة وغيرها من الإلتزامات، لتجد من ينافسها (علانية) من غير المؤهلين والدخلاء على مهنة التدريس، دون أن يجد هؤلاء من يردعهم، وأخيراً علينا أن نعي أن (غير المؤهلين) من تجار الدروس الخصوصية وخاصة في أيام الاختبارات (يهددون) مستقبل طلابنا وعلينا حمايتهم ، والله من وراء القصد.
2122
| 24 مايو 2016
قبل عامين من الآن وقبل شهر رمضان المبارك في 2014، فقدت إحدى حبات مسبحتي "النادرة" التي لا يمكن لكنوز الدنيا "إن ملكتها" تعويضها، فقدت شقيقي "ناصر بن جمعان السعدي" رحمة الله عليه هو وموتانا وموتى المسلمين، فقدت أخي الذي أخذه الموت وهو (قدر الله)، وأحمده سبحانه وتعالى أن عوضني بآخرين "أطال الله في أعمارهم"، وأسكن أخي "ناصر" وأخي سالم ووالدي وجميع موتانا وموتى المسلمين "الجنة" بإذنه وفضله وكرمه ورحمته، وقد قال تعالى(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ)، و( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) و(أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) وغيرها من الآيات في القرآن الكريم التي "تحدثت" عن الموت، وجميع البشر يوقنون أنهم ميتون لا محالة، وأنهم سيرحلون عن الحياة في يوم من الأيام، وإن طالت حياتهم فإنها سوف تنتهي بالموت "حاصد الأرواح".قبل أيام، وأيضاً ونحن على مشارف استقبال شهر رمضان المبارك في 2016، فقدت حبة جديدة من حبات مسبحتي النادرة، فقدت والداً وأخاً غالياً عزيزاً على قلبي وعقلي، وهو رجل تقي صالح من أبناء قطر المخلصين، فقدت الوالد والأخ الفاضل (حسين بن علي الحمادي)، وبرحيله دمعت العيون، وحزنت القلوب، واحتارت وتاهت الأفكار، وغابت الكلمات وتجمدت المعاني، واستعدنا الذكريات، وتبعثرت الأوراق من أمامي، لدرجة أنني لم أكن استطع لأيام كتابة هذا (المقال) وكأن قلمي قد أصابه الشلل التام.إن لكل ميتة طعمها الخاص، تتشارك جميعها في طعم "المرارة والحزن" لفراق أغلى الأحباب من الصالحين والمتقين المشهود لهم بكل الصفات الحميدة، لقد كان الحمادي ( بوعلي) رحمه الله (تقياً ، ورعاً ، قارئاً للقرآن ، وحافظاً لآياته الكريمة)، وكان مستمعاً جيد للخطباء، مناقشاً إياهم بالعلم الغزير لديه، أحبه كل من عرفه بصدق وأمانة، وله في الجيران والناس الذين تعاملوا معه بُعداً وعمق مكانة، حيث كان (يغمر) كل من حوله بأخلاقه وطيب أفعاله ، وكان من النخبة المضيئة في المجتمع، مرسخاً فى أفئدة كل من التقي به (فيضاً مضيئاً) في ذاكرة الجميع، مخلداً داخلهم ذكريات جميلة تدل عن الأصالة والطيبة والأخلاق الحميدة والعطاء الدائم للوطن ولكل من حوله.لقد اهتم (رحمة الله عليه وأمواتنا وأموات المسلمين) بالثروة الحيوانية، وظل طوال 60 عاماً، مهتماً بهذا القطاع بالغ الأهمية، وأصبح أحد الرواد، حيث أدخل آلاف السفن المحملة بآلاف الأغنام من شتى بقاع الأرض، وكان ناصحاً أميناً لأصحاب العزب الجدد من أبناء الوطن، مقدماً إليهم خبرات السنين، داعماً لهم في استثماراتهم بالثروة الحيوانية، وظل دائماً مهتماً بقضايا أمته، متابعاً من الدرجة الأولى للأخبار المحلية والدولية، مردداً دوماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم). لقد كانت لي معه جلسات طويلة، ودوماً كنا نلتقي بعد الصلوات الخمس يومياً، نتناول ذكريات الأجداد وتاريخ البلاد، منذ الخمسينيات والستينيات، جميعها ذكريات جميلة معطرة بروائح ذكية نادرة، وعرفت منه الكثير من تلك الذكريات الجميلة والأصيلة المشرفة، والتي أتمنى أن أسجلها في مؤلف جديد لي بإذن الله.لقد كان رحمة الله عليه ملماً أيضاً بالأشعار، وخاصة أشعار المغفور له سلطان العلي والد سعادة السفير السابق علي بن سلطان العلي، كما كان محباً لقضاء أوقات كثيرة في مكة والمدينة، حيث يذهب إلى الديار المقدسة من بداية شهر رمضان المبارك ولا يعود إلى الدوحة إلا بعد قضاء مناسك الحج، كما أنه كان محباً للعلم وحريصاً على التعليم ولديه ذرية ناجحة ومتفوقة علمياً ومهنياً (حفظهم الله وصبرهم على فقدان والدهم الغالي).وأخيراً .. أتمنى على سعادة وزير البلدية والبيئة (تكريم) مثل هؤلاء الرواد الذين ساهموا في زيادة الثروة الحيوانية في البلاد، وكل من كان له دور وشأن في تكثير(الحلال)، كما أرجو تخصيص جائزة سنوية للمهتمين القدامى بالثروة الحيوانية بالبلاد، (رحم الله الفقيد الغالي) وأنزل على أهله الصبر والسلوان، والله من وراء القصد.
4484
| 17 مايو 2016
اختتمت الأسبوع الماضي فعاليات البطولة الدولية الثالثة لمناظرات المدارس، التي أقيمت بمركز مناظرات قطر في الفترة من 10 إلى 13 أبريل الجاري، اختتمت بفوز الفريق القطري وحصوله على المركز الأول، بعد تغلبه على نظيره السوري في نهائي البطولة التي شارك فيها 54 فريقا تمثل 50 دولة عربية وأجنبية، وهو ما يعد إنجازا جديدا من إنجازات طلابنا في مجال المناظرات في الداخل والخارج والحمد لله.إن "المناظرات" تدعم ثقافة الحوار عالميا، وتنمي الأفكار، ومن خلالها "تثقل" المهارات وقدرات الخطابة، وتزيد الوعي بالثقافة والعلوم والآداب، كما أنها "تبني" الشخصية بشكل يبعث "الطمأنينة" على مستقبل أبنائنا طلاب المدارس بشأن قدرتهم على مواجهة نظرائهم حول العالم، وفي المناظرات تتلاقى الثقافات المختلفة، وهو ما يدعم عملية تقبل الآخر، ولا ننسى أن"مناظرات اللغة العربية" هدفها أيضا الحفاظ على "لغتنا الأم" ودعم فكرة نشرها وحمايتها من "الاندثار" على جميع المستويات (داخل وخارج قطر)، وهو الدور المميز الذي يقوم به (مركز مناظرات قطر) برعاية القيادة الرشيدة "حفظها الله ورعاها" وجهود وتفاني قيادات المركز ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.إن للمناظرات أهدافا نبيلة وعظيمة، تساعد في خلق أجيال جديدة قوية (واعدة)، وقد تلاحظ مدى حجم الاشادة بتلك المناظرات، (براعة التنظيم وتميز البطولة)، وهو ما يوجب علينا تهنئة القائمين على تنظيم البطولة، التي نال المشاركون فيها حظهم من "الترفيه والمتعة" في رحلات ترفيهية تم تنظيمها لهم في أبرز المواقع السياحية في بلدنا الحبيب قطر، منها على سبيل المثال وليس الحصر، المعالم السياحية مثل سوق واقف ومتحف الفن الإسلامي، وهو ما يخدم ايضا السياحة في قطر، حيث إن مثل هذه الفعاليات والبطولات والمسابقات والمؤتمرات، جميعها فرصة للتسويق السياحي لبلدنا الحبيب الذي يتميز بموقع استراتيجي رائع.نهنئ الفريق القطري لفوزه بلقب البطولة الثالثة لمناظرات المدارس باللغة العربية، ومنافسة 54 فريقا من 50 دولة، ونحمد الله أن لقب "المناظرات" قطري، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على جهود كبيرة، وكفاءات من الطلاب الذين ينتظرهم مستقبل باهر، متمنين دوام التوفيق لطلاب المدارس والجامعات، في قطاعات العلم والمناظرات وسوق العمل بعد التخرج، والله من وراء القصد.
2102
| 18 أبريل 2016
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4260
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2022
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1785
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1452
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1167
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
909
| 03 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
834
| 09 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
675
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
669
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
645
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
585
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية