رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ارتكزت العلاقة الخليجية الأمريكية على مدى ثمانية عقود، على معادلة توفير الأمن مقابل الطاقة من نفط وغاز. هذه الطاقة نفسها باتت اليوم محور خلاف وسجال بين الدول الخليجية الأعضاء في أوبك ومجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا على خلفية قرار المجموعة الاستباقي والتقني كما تصر أوبك والسعودية، بخفض الانتاج بمليونين برميل نفط يومياً بدءاً من نوفمبر القادم. مما أثار ردود أفعال غاضبة ومستنكرة من الرئيس جو بايدن وقيادات إدارته بوصف القرار بالمسيس وقصير النظر وبالاصطفاف مع روسيا في حربها على أوكرانيا وتوعده بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية والتحذير من عواقب خفض انتاج النفط. وطالب بعض النواب بتجميد صفقات الأسلحة وسحب الجنود من السعودية وتفعيل مشروع قانون نوبك. ردت السعودية برفض الإملاءات وأن القرار تقني واقتصادي وغير مسيس ويستجيب لمتطلبات السوق، ومؤكدة أن العلاقة مع أمريكا إستراتيجية. هذا السجال وخطاب التصعيد المستمر لأسبوع غير مسبوق بين حليفين بحدته ولغته، دون ما يشير لتهدئة في الأفق تعيد الأمور إلى مجراها، إلا بعد انتخابات الكونغرس! خفض انتاج النفط سيقود لارتفاع أسعار الوقود وغلاء السلع ومعها التضخم ما سيعمق الأزمة المالية والغضب الشعبي من الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي. لذلك سيكون لقرار أوبك بلس دور سلبي ضاغط قبل أسابيع من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 8 نوفمبر 2022، لتسببه بتعثر خطط الرئيس بايدن، بعد نجاحه خلال الصيف بخفض أسعار الوقود بدولار ونصف للغالون في موسم انتخابات التجديد النصفي الحاسمة للديمقراطيين وللرئيس بايدن في السعي للإبقاء على الأغلبية الضئيلة في الكونغرس ومنع الجمهوريين من انتزاعها حتى يتمكن بايدن من تمرير مشاريع القوانين وأجندته في السنتين المتبقيتين من رئاسته. واضح أن مقاربة الرئيس الأمريكي وإدارته فشلت في طمأنة وإعادة البوصلة لمسارها الصحيح مع السعودية ومنظمة أوبك وخاصة كبار المنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي. يُضاف ذلك للانسحاب الأمريكي المرتبك من أفغانستان وإنقاذ دول مجلس التعاون الخليجي خاصة دولة قطر ما يمكن إنقاذه في إجلاء مائة ألف من الأمريكيين والأفغان وعشرات الجنسيات الأجنبية- وقبلها عدم تحرك إدارة ترامب لدعم إسناد السعودية ودول المجلس بعد الاعتداءات على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص في السعودية، وقصف الحوثيين أبوظبي وقاعدة الظفرة التي تحتضن 2000 أمريكي مطلع عام 2022- وسحب إدارة بايدن بطاريات صواريخ باتريوت من السعودية ودول خليجية، ورفع إدارة بايدن تنظيم أنصار الله الحوثيين في اليمن من قائمة المنظمات الإرهابية، والإصرار على المضي في مفاوضات النووي الإيراني دون الأخذ في الاعتبار الهواجس الأمنية المشروعة لدول مجلس التعاون، وما قد تشكله العودة للاتفاق النووي من تهديد لأمن دولنا الخليجية، واخر المظالم الخليجية من الحليف الأمريكي موقفه من قرار مجموعة أوبك بلس خفض انتاج النفط، وشن حملة انتقادات وتهديد ووعيد من الرئيس بايدن وإدارته بالعمل على مراجعة وتقييم للعلاقات الأمريكية - السعودية. وأن دعم السعودية لخفض انتاج أوبك بلس سيكون له عواقب! تفسره إدار بايدن بانه دعم لمجهود بوتين في حرب أوكرانيا! وتلميح إدارة بايدن أنها قد لا تعارض المضي بمشروع قانون "نوبك" (NOOPEC)"لا لكرتيل الأقطار المصدرة للنفط"- والتهديد غير المخالف للقانون الدولي بسبب مساس القانون وتعارضه مع مفهوم- Sovereign Immunity- الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول، ويحمي الدول من رفع دعاوى ومقاضاة الدول الأعضاء في أوبك بلس، وعلى رأسهم السعودية والحلفاء في دول مجلس التعاون وشركاتهم الوطنية حتى روسيا، من المقاضاة في المحاكم الأمريكية بتهم تلاعبهم بالأسعار والعرض والطلب ورفع وخفض الإنتاج للإضرار بمصالح أمريكا ومستهلكيها. وذلك برغم معارضة الإدارات الأمريكية السابقة ولوبي النفط وشركات النفط الأمريكية الكبرى، وذلك لضرره على السوق النفطي الداخلي ولرد الدول النفطية بزيادة وخفض الإنتاج ورفع الأسعار لأمريكا وكما هددت السعودية عام 2019، إذا اعتمد القانون، لمحت ببيع نفطها بعملة غير الدولار- ويمكن مقاضاة الولايات المتحدة لتحكمها بأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية وغيرها من دول أوبك بلس. ما يفتح جبهات عديدة، أمريكا في غنى عنها. المستغرب حملة التصعيد ضد السعودية وصلت لمستويات غير مسبوقة منذ المقاطعة النفطية عام 1973. واصطفت فيها الإدارة والكونغرس بمجلسيه! وتأكيد الرئيس بايدن إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، بعد انتخابات الكونغرس. وهدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مننديز بتجميد صفقات الأسلحة للسعودية حتى تراجع السعودية موقفها من خفض انتاج النفط وكرر كفي! وقدم نواب ديمقراطيون من حزب الرئيس بايدن مشروع قانون سحب القوات الأمريكية من السعودية. لاشك هذه المواقف المستفزة تعمق غياب الثقة وتزيد من الخلافات وتؤكد مخاوف الحلفاء الخليجيين بأن أمريكا لم تعد حليفاً موثوقاً يعول عليه بسبب الانكفاء والتراجع والمناكفات التي لا مكان لها بين الحلفاء- ما يعزز التوجه الخليجي بتنوع الحلفاء من القوى الكبرى. لكن الواقعية السياسية والبراغماتية السياسية لا يوجد حليف يملك القدرات والامكانيات والحضور والقواعد العسكرية وأنظمة الأسلحة ونوعيتها التي تشكل العمود الفقري لأنظمة التسلح العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي سوى الحليف الأمريكي، حتى المستقبل المنظور،. برغم زيارة الرئيس بايدن للسعودية قبل شهرين ولقائه مع القيادة السعودية وقادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن ومناقشة قضايا أمنية وسياسية واقتصادية، إلا أن أزمة الثقة بين دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية مستمرة، ولم يُصحح مسار العلاقات وننخرط بإجراءات بناء الثقة لمستوى يطمئن الطرفين. بل تزعزع المواجهات والتصعيد من بايدن وإدارته الثقة، ولا تخدم مصالح الطرفين وأمن واستقرار منطقة الخليج العربي. بل بالعكس تخدم مصالح وأجندة خصوم أمريكا ودولنا الخليجية!.
1620
| 16 أكتوبر 2022
منذ اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا قبل ثمانية أشهر بقيت الدول الخليجية على الحياد، خاصة المنتجة الكبيرة للنفط وتملك قدرة زيادة الإنتاج-السعودية والإمارات، وإلى حد ما الكويت-وقطر التي انسحبت من منظمة أوبك في ديسمبر 2018، بعدم التنديد بالحرب ورفض فرض عقوبات على روسيا، وبعدم التدخل وتقديم دعم لروسيا كما تفعل إيران بتزويد روسيا بمسيرات بلا طيار تستخدم في الحرب ضد أوكرانيا، أو لعب دور الوسيط في الحرب كتركيا. وشارك وزير الخارجية الروسي لافروف مع نظرائه الخليجيين في "الاجتماع الوزاري التشاوري الخامس للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون وروسيا" في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض في يونيو 2022. وكذلك التقى وزير الخارجية الروسي وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي على هامش الدورة 77 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي في نيويورك. "لتعزيز التعاون بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي." بعد اجتماع الرياض في يونيو، للبحث في كيفية تنفيذ الاتفاقات. وكذلك زار الرئيس الأميركي وكبار المسؤولين الأميركيين السعودية، وعقد قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن في جدة منتصف يوليو 2022، للدفع بتطوير العلاقات وطمأنة الحلفاء وتوسيع التطبيع مع إسرائيل وحرب اليمن وزيادة انتاج النفط. برغم محاججة منظمة أوبك والسعودية أن قرار مجموعة أوبك بلس-تضم 13 دولة من منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية، و10 دول من خارج المنظمة بقيادة روسيا خفض انتاج النفط ب2 مليون برميل نفط يومياً بدءاً من شهر نوفمبر القادم، تقني بحت، وذلك للحفاظ على أسعار النفط وأمن الطاقة، وخاصة مع اقتراب الاقتصاد العالمي من ركود اقتصادي وتراجع الطلب على النفط والغاز، وليس سياسياً كما تلمح إدارة بايدن، التي انتقدت القرار بقسوة وخاصة السعودية والإمارات. ووصل الأمر إلى توجيه اتهامات بمحاباة روسيا المستفيدة من خفض الإنتاج ما يرفع أسعار الطاقة، ما يعود بالربح على روسيا ويخدم حربها المتعثرة في أوكرانيا. ووصفت القرار بالعدائي! وقصير النظر. ووصفه الرئيس بـ "المخيب للآمال"، وننظر في البدائل التي قد نلجأ إليها لخفض أسعار النفط، ولدينا كثير من البدائل. ورداً على زيارته إلى السعودية، وربط ذلك بقرار "أوبك بلس" زيادة الإنتاج النفطي ما يعد فشلا لزيارته وكيف سينعكس ذلك على العلاقات المستقبلية مع السعودية؟ كرر الرئيس بايدن التأكيد أن زيارته "لم تكن بهدف مناقشة قضايا النفط" بل كانت حول الشرق الأوسط. لكن منذ إعلان قرار زيادة انتاج النفط، تتعرض خاصة السعودية والإمارات لحملة تهجم من البيت الأبيض والكونغرس رداً على رفع انتاج مجموعة أوبك بلس الإنتاج النفطي. حذر جيك سوليفان مستشار الأمن الوطني في البيت الأبيض ورئيس المجلس الاقتصادي أن إدارة بايدن ستتشاور مع الكونغرس للرد بآلية تهدف لمنع منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" التحكم بالأسعار بما يضر المستهلك الأميركي وذلك لتقليص تحكم أوبك في أسعار الطاقة بالتلويح باقتراح بقانون في مجلس الشيوخ (نووبك( NOOPEC)) يسمح بمقاضاة أوبك في المحاكم الأميركية لتلاعبها بإنتاج وأسعار النفط. وقد عارضت إدارة بايدن الاقتراح بقانون-لتعديه على الحصانة السيادية للدول. لكن قد تمتنع إدارة بايدن عن معارضتها للرد على قرار أوبك بلس. يُعزى الغضب الأميركي بسبب تصعيد الرئيس الروسي بوتين في أوكرانيا والتلويح بخيار سلاح الدمار الشامل من نووي تكتيكي وبيولوجي وكيماوي-وضمه أقاليم في شرق أوكرانيا لروسيا بالقوة عن طريق استفتاء غير شرعي واستدعاء الاحتياط العسكري-وتهديده الأمن الأوروبي والعالمي والأمن والغذائي وأمن الطاقة من نفط وغاز بفعل العقوبات الأوروبية والأميركية وتلاعب روسيا بورقة الغاز الروسي وخفض وقطع امدادات الغاز لابتزاز أوروبا على أبواب فصل الشتاء القارس-تجد عدد من دول مجلس التعاون الخليجي الأعضاء في مجموعة أوبك، مقحمين في عين عاصفة النزاع الروسي-الغربي، بعد قرار خفض انتاج النفط مليوني برميل نفط يومياً. ما صدم الغرب وإدارة بايدن، وبايدن شخصياً قبل شهر من انتخابات حاسمة ومفصلية للتجديد النصفي لكونغرس لجميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وحكام بعض الولايات. هناك سبب أساسي في الداخل الأميركي لاستياء وغضب الرئيس بايدن وإدارته من قرار أوبك بلس، لانعكاسها السلبي على ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار البضائع والسلع بسبب ارتفاع أسعار الوقود. خاصة بعد نجاح إدارة بايدن بخفض أسعار الوقود للمستهلك ل 3.5$ من 5$ للغالون، ما أنعكس إيجاباً على رضا الناخبين وارتفاع الرضا عن أداء بايدن وإدارته لترتفع شعبيته ل44% لأعلى مستوى لها قبل شهر من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. ما خفض مستوى التضخم وتراجع التذمر الشعبي للناخبين. على أمل حفاظ حزب الرئيس بايدن-الديمقراطي على الأغلبية الضئيلة في مجلسي النواب والشيوخ وإغلاق الطريق أمام الحزب الجمهوري. وبذلك يتجنب من تعطيل أجندة الرئيس بايدن وحزبه وينجح بتمرير قوانين وتعيينات في مناصب قيادية في الإدارة الأميركية للسنتين القادمتين حتى انتخابات الرئاسة الأميركية في 2024-والتي يعتزم بايدن الترشح وقد ينافسه الرئيس السابق وخصمه وغريمه دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري ما يعزز فرص فوز بايدن. الملفت توحد الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس والبيت الأبيض. قدم نواب ديمقراطيون بدعم نواب جمهوريين اقتراحا بقانون لمعاقبة السعودية والإمارات، يطالب بسحب القوات الأميركية (5000) عسكري من البلدين، والمعدات العسكرية وأنظمة الصواريخ ووقف بيع السلاح للسعودية والإمارات رداً على مشاركتهما برفع انتاج النفط. ما يعني تكسب سياسي، بمشاركة بايدن وقيادات الحزب الديمقراطي بلوم ارتفاع أسعار الوقود على أوبك بلس وحرب روسيا على أوكرانيا وعلى روسيا والسعودية والإمارات بالتحديد، لتجنب غضب وانتقام الناخبين من مرشحيهم في صناديق الاقتراع!
4278
| 09 أكتوبر 2022
بعد دعوة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح للاحتكام للشعب بإجراء انتخابات مبكرة لتصحيح مسار مجلس الأمة بحسن الاختيار بعد مواجهات مستمرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت-وإصدار مراسيم في نهاية يونيو الماضي وحل مجلس الأمة في أغسطس- بالتصويت حسب مقر الإقامة في البطاقة المدنية والتشدد بمنع الانتخابات الفرعية للقبائل لتعزيز فرص فوز المرشحين الأوفر حظاً، وحتى لا تتشتت أصوات القبائل الكبيرة. ما أدى لاستفادة القبائل الصغيرة والأقليات، كما أثبتته نتائج الانتخابات قبل أيام. ساهمت مبادرات القيادة الكويتية المهمة بإشاعة أجواء تفاؤل مستحقة، بتغيير النهج، ما شجع قيادات المعارضة التي قاطعت الانتخابات منذ عام 2013 بعد تعديل قانون الانتخابات بنظام الصوت الواحد-للمشاركة، خاصة عودة المخضرم رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون-في 4 مجالس أمة سابقة-ليخوض الانتخابات للمرة الأولى منذ عقد ولعزوف رئيس مجلس الأمة السابق في العقد الأخير مرزوق الغانم عن الترشح والانكفاء ولو مؤقتاً. ما شجع التيارات والشخصيات البارزة التي قاطعت الانتخابات على الترشح. ما سيؤدي لتراجع الإحباط وانسداد الأفق الشعبي وارتفاع مستوى الارتياح والتفاؤل. انعكس ذلك بالحماسة التي شهدتها شخصياً بزيارة المقار الانتخابية ونقاش المرشحين والناخبين وندوات المرشحين في مقارهم الانتخابية، وارتفاع نسبة الاقتراع ونسبة التغيير وفوز نواب سابقين وشخصيات إصلاحية، يؤكد تغير المزاج الشعبي. على أمل أن ينعكس ذلك في قراءة السلطة التنفيذية لنتائج الانتخابات وتركيبة مجلس الأمة السابع عشر الجديدة على نهج وتركيبة الحكومة الكويتية الجديدة، بعد استقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة جديدة. وكذلك نهج وموقف الحكومة من انتخابات قيادات ولجان المجلس كما تعهد ولي العهد. بتفويض من سمو الأمير للقيام بمهام دستورية، ألقى ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الصباح في نهاية شهر يونيو 2022، خطاباً أعلن فيه خريطة طريق، بعرض قائمة من الإصلاحات المهمة بوقوف الحكومة على الحياد وعدم التدخل في انتخابات رئيس مجلس الأمة والمناصب القيادية ولجان مجلس الأمة. وذلك بعد قرار حل مجلس الأمة السادس عشر في شهر أغسطس الماضي وأن الحل تصحيح المشهد السياسي، وما فيه من عدم توافق وصراعات، وممارسة تصرفات تهدّد الوحدة الوطنية. لذلك وجب اللجوء إلى الشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار". كما خاطب ولي العهد الناخبين بتأكيده "لا تضيعوا فرصة تصحيح المسار حتى لا نعود إلى ما كنا عليه، لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين، وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث". تبع ذلك اعتماد الاقتراع في الدوائر الانتخابية الخمس بناء على عنوان الناخبين في سجل "البطاقة المدنية" وليس حسب قيد الاقتراع. كما تم إضافة 19 منطقة سكنية في الدوائر الانتخابية الخمس. وتعهد والتزام واضح بالحياد وعدم التدخل في الانتخابات وكذلك في انتخاب المناصب القيادية ولجان مجلس الأمة. وكذلك حل مجلس الأمة والعودة للناخبين لتصحيح مسار العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية المحتقنة والتي قادت لمواجهات وحل 10 مجالس أمة منذ بدء المشاركة السياسية قبل ستة عقود-والذهاب لصناديق الاقتراع 6 مرات خلال السنوات العشر الماضية. ما قصّر عمر مجالس الأمة بعد إتمام مددها الدستورية وتعدد استقالات الحكومات. انتخب الكويتيون مجلس الأمة السابع عشر في 29 سبتمبر 2022، وسط أجواء تفاؤل وثقة بالحاجة للتغيير بحسن الاختيار لتصحيح المسار الذي كان شعار الانتخابات وإنهاء المقاطعين تحت شعار الإصلاح بتصحيح المسار واختيار القوي الأمين-في 5 دوائر انتخابية في 759 لجنة لحوالي 795 ألف ناخب من بين 305 مرشحين-ما يعادل نصف الشعب الكويتي. تمثّل الناخبات 51,2% من الناخبين تنافس في الانتخابات 305 مرشحين بينهم 22 امرأة على 50 مقعدا. من الظواهر الملفتة في انتخابات مجلس الأمة السابع عشر سيطرة النهج الإعلامي الجديد والأكثر تأثيرا عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي وخاصة موقع توتير الأكثر انتشاراً وتأثيراً، والابتعاد عن الخطابات الطويلة ووسائل الإعلام التقليدية من صحف وفضائيات، وذلك للتعريف بالمرشحين وأجندتهم وما يسمى تجاوزاً برامجهم الانتخابية. أتت نتائج الانتخابات ملفتة: فازت تكتلات المعارضة غير الموحدة، وغير المتفقة على أجندة موحدة، بثلاثين مقعداً-60% من المقاعد الخمسين- وعاد 12 نائباً من النواب السابقين. خسر وامتنع عن الترشح 27 نائباً. وعاد النواب المقاطعون بعد خطاب الطمأنة. تراجع عدد نواب القبائل، بسبب تقييد الانتخابات الفرعية والحد من المال السياسي والتصويت بمقر السكن. ضاعف النواب الإسلاميون من إخوان ومقربين من التنظيمين والإسلاميين عدد نوابهم لأكثر من 10 نواب. وسجلت المرأة عودة في المجلس الجديد بفوز نائبتين في الدائرتين الثانية والثالثة، بعدما غابت كلياً في المجلس السابق. وارتفع عدد النواب الشيعة من 6 نواب في المجلس السابق إلى 9 نواب في المجلس الجديد. لكن يبقى التحدي المطلوب مواجهته والتعامل معه من المجلس الجديد، كما تكرر في مناقشات وندوات المرشحين الانتخابية، الانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي وتشريع التكتلات السياسية والانتخاب بالقوائم النسبية والعمل والتعاون بين السلطتين بوضع أجندة وبرنامج عمل حكومي وأولويات متفق عليها. سيساهم ذلك بخفض حدة المواجهات والتصعيد، خاصة بوجود المخضرم أحمد السعدون-رئيس مجلس الأمة القادم، بخبرته الكبيرة، وسياسته التوافقية، ومعه رئيس وزراء جديد. بوضع آلية للتعاون وتمرير قوانين مطلوبة لحل ملفات عالقة، خاصة بوجود اجماع على محاربة الفساد كحال الدول جميعها، وقوانين تنويع مصادر الدخل. وبالتالي تعزيز تعاون السلطتين بتجنب الصِدام والاحتقان السياسي، سيعيد ثقة الناخبين بمجلسي الأمة والوزراء معاً ويفتح صفحة جديدة تنهي المواجهات المحتدمة التي أدت لتعطيل العمل السياسي بحل مجالس الأمة واستقالات الحكومات بشكل متكرر ومتتالٍ ومكلف.
2007
| 02 أكتوبر 2022
أناقش في مقالي هذا موضوعا مهما يثير كثيرا من القلق والتساؤلات- وتتكرر منذ شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه على أوكرانيا في شهر فبراير من هذا العام؟ هل سنشهد حربا عالمية ثالثة؟ وهل سنشهد حربا نووية مدمرة؟ وهي تساؤلات مشروعة في ظل التطورات المتسارعة والتهديدات والتصريحات والتحذيرات التي تتكرر خاصة من جانب الطرف الروسي من الرئيس بوتين وقيادات نظامه. وكذلك مع تعثر الحرب في أوكرانيا، وتحولها من حرب خاطفة، كان مخططا لها أن تحسم في غضون أيام، بسبب الفارق الكبير في القدرات العسكرية الروسية بالمقارنة مع القدرات القتالية للجيش والقوات الأوكرانية، وكون الجيش الروسي ثاني أقوى جيش في العالم بعد الجيش الأمريكي، ويملك ثاني أكبر ترسانة نووية من أيام الاتحاد السوفيتي، وتم تحديثها وتطويرها بصواريخ فرط صوتية وغيرها من الترسانة العسكرية الحديثة. الجواب باختصار عن السؤالين لا.. ولكن ذلك إذا أخذنا في الاعتبار أن صناع القرار، خاصة في قرار الحرب والسلم وخاصة باستخدام أسلحة الدمار الشامل وخاصة السلاح النووي-يرتكز على نموذج اتخاذ القرار العقلاني-Rational Actor Model بحساب الربح والخسارة. ولكن في الأنظمة غير الديمقراطية لا يمكن التكهن بكيفية اتخاذ القرار- لأنه لا عواقب ولا تداعيات تعاقب متخذ القرارات الكارثية. ولكن برغم ذلك أستبعد شن حرب عالمية ثالثة وخاصة حربا نووية وحتى نووية تكتيكية، وذلك لكلفتها وحجم الخسائر الكارثية ولتحذيرات الرئيس بايدن بأن الثمن سيكون مرتفعاً ومدمراً. وتسربت معلومات أن إدارة الرئيس بايدن حذرت روسيا عبر قنوات خاصة من اللجوء لذلك! لكن سوء تقدير صانع القرار في روسيا المتمثل بالرئيس بوتين، دفعه لشن حرب أطلق عليها «عملية خاصة»، ورغم انقضاء سبعة أشهر أمس وبدء الشهر الثامن من الحرب، إلا أنه لم ينجح بتحقيق أهدافها الإستراتيجية. وبالتالي تحولت لحرب طويلة ومنهكة للطرفين وخسائر بعشرات الآلاف للجنود والمعدات والدبابات والعربات. اعترف وزير الدفاع الروسي بمقتل حوالي 6000 عسكري، بينما أعلن مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) في 20 يوليو الماضي عن مقتل 15 ألف عسكري روسي وجرح 45 ألفا آخرين. وهي حصيلة ثقيلة! بينما أعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية في شهر أغسطس الماضي مقتل 9 آلاف عسكري أوكراني في الستة أشهر الأولى من الحرب. صادف إعلان وزير الدفاع الروسي عن عدد قتلى الجنود الروس، بعد إعلان الرئيس الروسي بوتين التعبئة العامة الجزئية لقوات الاحتياط - ولوَّح باستخدام سلاح الدمار الشامل وإجراء استفتاء في 4 مناطق تسيطر عليها القوات الروسية شرق أوكرانيا في إقليم دونباس وفي الجنوب في خيرسون- يطلق عليها الروس مناطق محررة، لضمها إلى روسيا في استفتاء صوري يخالف القانون الدولي، يصفه الأوكرانيون باستفتاء المهزلة. كما شوهد في مطارات روسيا وعلى الحدود الروسية مع فنلندا وجورجيا نزوح جماعي للشباب الروس بسن التجنيد خشية استدعائهم للخدمة العسكرية ضمن الاحتياط للقتال في أوكرانيا، بعد قرار التعبئة الجزئية. ردود الفعل الغربية وحتى من تركيا ودول أخرى كانت سريعة ومنددة ووصفت التلويح الروسي باستخدام أسلحة الدمار الشامل «بالمتهورة»! كما أشار الرئيس بايدن بأنه لا رابح في تلك الحرب! وطالب وزير الخارجية الأمريكي في ترؤسه لوفد اجتماع القوى الخمس الكبرى في مجلس الأمن على هامش الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، روسيا بالتوقف فوراً عن التلويح بالتهديد بخيار السلاح النووي في حربها على أوكرانيا. وطالب بعدما أشار إلى الجرائم التي ترتكب في أوكرانيا، الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالتنديد بحرب روسيا على أوكرانيا. نجح النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بتجنب خلال سبعة قرون ونصف ليس حرب عالمية ثالثة، ولكن حتى حرب عالمية ثالثة. وذلك بسبب المؤسسات الدولية وتوازن القوى الذي تطور بسبب سباق التسلح بين الدول الكبرى بالمعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا الغربية وغيرهم وذراعهم العسكرية حلف الناتو من جهة وبين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وحلفائه في أوروبا الشرقية وذراعهم العسكرية حلف وارسو من جهة أخرى-ومواجهات بين نظامين وعقيدتين متصارعتين-الديمقراطيات والحريات والرأسمالية والاقتصاد الحر والتعددية السياسية لدى الغرب، والشمولية والحزب الواحد والشيوعية لدى الشرق. لذلك عندما سقط الاتحاد السوفيتي وتفكك لخمس عشرة جمهورية تحت قيادة غورباتشوف عام 1991، وأنهى نظام الثنائية القطبية- وانتصر الغرب وأفكاره ومبادئه السياسية والاقتصادية، هلل العالم فرحاً بسقوط ليس دولة، ونهاية حقبة، بل لإفلاس نظام وفكر وممارسة شمولية. تشير نظريات العلاقات الدولية أن النظام الدولي يكون في وضع أكثر استقراراً في نظام دولي متعدد الأقطاب، كما هو حال النظام بتوجهه للتعددية القطبية. وتبرز أقطاب، وقوى كبرى-أمريكا- الصين وروسيا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقوى اقتصادية كبيرة اليابان والهند والبرازيل وغيرها ضمن مجموعة العشرين. ما يعني توزع مراكز القوة بين أقطاب متعددة، تسعى لحماية مصالحها في نظام عالمي مترابط ومتداخل اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً. لذلك من الواقعية والعقلانية السياسية التعاون للربح والأمن الجماعي، وليس شن أي طرف من القوى الكبرى حرباً مفتوحة، دع عنك حربا نووية، حتى تكتيكية. لكن ليس مستبعداً في ظل الاحتقان اندلاع حروب محدودة، وبالوكالة بدعم أطراف متصارعة لتصفية حسابات وإرسال رسائل وإرباك النظام الأمني. كانت حروب الوكالة إحدى ظواهر الحرب الباردة لإشغال وتصفية الحسابات بين القوى الكبرى، كما كانت حربا كوريا وفيتنام بين أمريكا والاتحاد السوفيتي والصين وحلفائهم. وحرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. حيث تم دعم الطرفين لقوى عسكرية محلية في تلك الدول ضمن إستراتيجية الردع والاحتواء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي إبان حقبة الحرب الباردة. واليوم يحبس العالم أنفاسه لحرب أغلب الظن لن تقع!
3396
| 25 سبتمبر 2022
مقال خريطة طريق الشيخ تميم بن حمد لدور ومستقبل دولة قطر قرأت بتمعن مقابلة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع مجلة لوبوان الفرنسية- تطرق سموه لقضايا متعددة ومهمة، مقدماً خريطة طريق واقعية ومعبرة عن آمال وطموح دولة قطر-بتأكيد "دولة قطر صغيرة جغرافيا، لكن كل دولة، كبيرة كانت أم صغيرة، تضطلع بدور في الأحداث الجارية حول العالم. ونحن نسعى من خلال سياستنا الخارجية إلى تقريب وجهات النظر المتباينة، لمساعدة جميع الأطراف التي تحتاج إلى المساعدة، ولعب دور الوسيط في المنطقة وخارجها. فالعالم يحتاج إلى الحوار لحل مشاكله." هذا يحفز دولة قطر على لعب دور أساسي وبمصداقية في الشؤون الخليجية والعربية والإقليمية، كأمن الطاقة واستضافة قطر أول دولة خليجية وعربية ومسلمة وعالم نام ٍ بطولة كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر. كما كان لافتاً في المقابلة الاطلاع الواسع الذي عكسته إجابات سموه على مجموعة من الأسئلة حول نموذج قطر، والإسلام دين سلام، وأهمية التعليم والتنمية، وأمن الطاقة ودور المرأة والأزمة الخليجية التي باتت من الماضي، والقادة الذين الهموا سمو الشيخ تميم بن حمد، وعلى رأسهم سمو الأمير الوالد ومؤسس سنغافورة الحديثة لي كوان يو وراعي نهضة رواندا الرئيس كاغامي. تمسك سموه بالحياد حول الاستقطاب بين أمريكا والصين-كون "دولة قطر حليفا مهما للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام، لكن الصين هي المستورد الأول للغاز الطبيعي المسال القطري." وكرر سمو الشيخ تميم بن حمد أهمية استقلالية دولة قطر في مواقفها.."لا أريد أن ينظر إلينا أحد بصفتنا داعمين لجانب معين ضد جانب آخر. نحن دولة صغيرة محاطة بدول كبيرة، كما أننا عضو في مجلس التعاون الخليجي ونفتخر بتراثنا العربي، ولا نقبل أن يملي أحد علينا ما نفعله أو يتدخل في شؤوننا الداخلية. ونحافظ في الوقت ذاته على أفضل العلاقات مع الجميع، بما في ذلك جيراننا". لطالما لعبت دولة قطر دوراً في سياستها الخارجية أرتكز على دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات والدبلوماسية والوقائية بتغليب لغة الحوار لتقريب وجهات النظر المتباينة وحل المشاكل. وبرعت قطر كما كان حال الكويت في عصر دبلوماسيتها الذهبية في السبعينيات والثمانينيات في التوسط. ورأينا ذلك بتوسط قطر بين الأمريكيين وطالبان في أفغانستان، وبين الأمريكيين والإيرانيين في مفاوضات اتفاق إيران النووي للعودة للاتفاق النووي لعام 2015، انسحبت منه إدارة ترامب وفرضت أقسى العقوبات عام 2018. خاصة أن العلاقات بين قطر وإيران "مهمة وتاريخية ونشترك مع إيران بأكبر حقل غاز طبيعي"، و"إيران دولة مجاورة، ومن واجبنا ومصلحتنا أن نقوم بكل ما في وسعنا لجمع الأطراف معا وتشجيعهم للتوصل إلى تسوية سلمية." كما دعا سموه دول الخليج وطهران إلى الحوار. وشهدنا توسط دولة قطر بين فرقاء الأزمة اللبنانية، وفي اليمن ودارفور والسودان وتشاد وغيرها. مما يكسب قطر الكثير من المصداقية والحيادية، وهذه صفات أساسية لأي وسيط بين طرفين متنازعين. وكان لافتاً وموفقاً تأكيد أمير قطر عدم خوضه في الأزمة الخليجية وحصار قطر التي باتت من الماضي،" لا أرى أي طائل من التحدث عن الماضي.. بل نريد أن نتطلع إلى المستقبل. فنحن نمر بمرحلة جديدة تسير فيها الأمور نحو الاتجاه الصحيح". وكرر سمو الشيخ تميم بن حمد الموقف من "القضية الأهم هي القضية الفلسطينية، لأن السلام لن يتحقق إذا لم يتم التوصل لحل لها، ناهيك عن سوريا وليبيا واليمن..."..."والمطلوب التوصل إلى تسوية سلمية من أجل الشعب الفلسطيني، وأن نمنحه الأمل ونعيد له أرضه. نحن نتحدث مع الإسرائيليين، ونقدم المساعدات لسكان غزة والضفة الغربية أيضا. أنا أؤمن بحل الدولتين، إذ يجب أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب، لكننا بعيدون عنه للأسف". وفي موقف أخلاقي لافت أوضح سمو الشيخ تميم بن حمد الموقف من سوريا: استبعدت جامعة الدول العربية سوريا لسبب وجيه، وهذا السبب ما زال موجودا ولم يتغير....لماذا نقبل أن يقوم قائد بارتكاب المجازر ضد شعبه وطرد ملايين من بلاده؟ هل هذا مقبول بالنسبة لنا كبشر؟ يتعين علينا أن نتصرف بجدية ونضع حدا للمشكلة من أساسها في سوريا، وينطبق الأمر ذاته على ليبيا. إذا لم نكن حذرين، سنواجه عواقب وخيمة". وعن علاقة قطر بالإخوان المسلمين: أوضح سموه "العلاقة غير موجودة، وليس هناك أي أعضاء نشطاء من جماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعات متصلة بها على الأراضي القطرية. نحن دولة منفتحة، ويمر عليها عدد كبير من الأشخاص من أصحاب الآراء والأفكار المختلفة، لكننا دولة ولسنا حزبا، ونتعامل مع الدول وحكوماتها الشرعية، وليس مع المنظمات السياسية". وفي شؤون الطاقة وأمنها، أوضح الشيخ تميم بن حمد صواب استثمار وتطوير قطر قطاع الغاز المسال مبكراً، حيث باتت قطر تتبوأ مركزاً متقدماً بين دول العالم المصدرة للغاز المسال الذي هو مستقبل الطاقة وخاصة النظيفة-والتزام قطر بالاتفاقيات الموقعة لتصدير الغاز المسال للشركاء في آسيا وأوروبا-ومسؤولية قطر بدعم أمن الطاقة "وتصدير الغاز المسال "من الارجنتين إلى اليابان"-خاصة في ظل حرب روسيا على أوكرانيا وفرض عقوبات ومقاطعة الاتحاد الأوروبي للغاز والنفط الروسي. لكن أكد سموه، برغم "رغبة قطر بمساعدة أوروبا وتزويدها بالغاز، لكن ليس صحيحا أن بالإمكان استبدال الغاز الروسي". وينظر سموه للقوة بمنظورها الواسع، التي لم تعد مقتصرة على القوة العسكرية، بل "تقاس القوة بالتعليم والاقتصاد والثقافة". ورأس المال البشري من أهم الركائز الأساسية للمجتمع. وتنويع اقتصاد قطر يرتكز على 9 ركائز أساسية أبرزها التكنولوجيا، والصحة، والعلوم والسياحة وغيرها. والموارد البشرية ليست أبدية، بل ناضبة. وعلق سموه على استضافة كأس العالم لكرة القدم: دولة قطر هي أول دولة عربية تنظم هذا الحدث العالمي البالغ الأهمية للشباب، لا سيما في العالم العربي. سنستقبل مئات الآلاف المشجعين في الدولة، ونرحب بالجميع أيا كانوا وبغض النظر عن أصولهم أو ثقافتهم. ونريد من الزوار أن يتعرفوا على أوجه الاختلاف بين الثقافات وأن يكتشفوا ثقافة دولتنا، ونأمل أن يدفعهم ذلك لزيارتنا مجددا." هكذا وضع الشيخ تميم بن حمد، خريطة طريق لدور ومكانة دولة قطر برؤية وطموح كبير، مؤكدا أن الحجم لم يعد عائقاً لتحقيق إنجازات مميزة، وأن امتلاك رؤية وتوظيف القدرات واستغلال الثروات وصهر مكامن القوة هي العوامل الحاسمة في تحديد مكانة ومستقبل الدول والشعوب.
2292
| 18 سبتمبر 2022
تشكل وفاة الملكة إليزابيث الثانية -ملكة المملكة المتحدة وزعيمة دول الكومنولث في الثامن من سبتمبر 2022 عن 96 عاماً بعد حكم دام 70 عاماً-منذ كان عمرها 25 عاماً عام 1953، على التاج البريطاني نهاية حقبة تاريخية حافلة، لأطول حكم لفرد من الأسرة الحاكمة البريطانية على مدى أكثر من 1000 عام. حظيت تغطية الوفاة بتفاعل واسع وغير مسبوق، على مدار الساعة. وساهمت وسائط التواصل بإعطاء الوفاة تغطية أوسع وأشمل. ما همش بقية أزمات ومشاكل العالم كحرب أوكرانيا وتقدم القوات الأوكرانية- وزيارة وزير الخارجية الأمريكي لكييف وتقديم 2 مليار دولار حزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا. واقتصرت الأخبار العاجلة والأحداث العالمية على مدار الساعة، على "وفاة الملكة إليزابيث" وتنصيب الملك تشارلز الثالث وصدمة البريطانيين. وكأن شعوب العالم بأسره صاروا بريطانيين! ستُعرف حقبة وإرث الملكة اليزابيث بأخر حقبة لبريطانيا العظمى. في عهدها من مطلع الخمسينيات حتى اليوم- تحولت بريطانيا العظمى إلى المملكة المتحدة وزعيمة أحد أكبر التكتلات العالمية "رابطة دول الكومنولث"-56 دولة- مستعمرات بريطانية- في جميع قارات العالم بعدد سكان 2.5 مليار نسمة- فيما كان يُعرف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والسيطرة والتحكم في موارد ثلث العالم. انتقلت بريطانيا العظمى في عهد الملكة اليزابيث بعد حربين عالميتين قبل تسلمها منصبها، ومشاركتها في الحرب العالمية الثانية متطوعة- ومعاصرتها الحرب الباردة بين الغرب والشرق، بنهاية الإمبراطورية والتحول إلى المملكة المتحدة (بريطانيا-اسكتلندا-ويلز وشمال إيرلندا) وخفض مكانة ونفوذها إلى دولة من الدرجة المتوسطة في التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وصراع الثنائية القطبية العالمي إبان الحرب الباردة- في النصف الثاني من القرن العشرين، فيما عُرف بالقرن الأمريكي. تزامن ذلك مع اعتلاء الملكة اليزابيث عرش التاج البريطاني عام 1952. وامتلاك السلاح النووي ومقعد دائم في مجلس الأمن وحق الفيتو، وثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأمريكي، وعضو فاعل ومؤثر في حلف الناتو. شهدت حقبة الملكة اليزابيث في منطقتنا من المتوسط إلى الخليج العربي بالتراجع والانسحاب من المنطقة (شرق السويس بعد العدوان الثلاثي على مصر 1956). وبرغم أن الملكة والأسرة الحاكمة في المملكة المتحدة تملك ولا تحكم في ملكية دستورية، إلا أن الملكة عاصرت 15 رئيس وزراء بريطاني بينهم ثلاث سيدات من ونستون تشرشل إلى ليز تراس- والمفارقة أن الملكة اليزابيث كلفت تراس بتشكيل الحكومة 56 في تاريخ بريطانيا قبل يومين من وفاتها في آخر ممارسة لصلاحياتها الدستورية. كان الإرث الأصعب والأكثر إيلاماً للعرب، زرع بريطانيا إسرائيل وسط عالمنا العربي في فلسطين-بوعد بلفور المشؤوم عام 1917-( رئيس وزراء سابق ووزير الخارجية البريطاني)- بدعم بريطانيا تأسيس وطن قومي لليهود- ومنح من لا يملك لمن لا يستحق)- وزرع بذرة الصراع العربي الإسرائيلي بمنح موطئ قدم للصهاينة في أرض فلسطين العربية. والمفارقة، زارت الملكة 120 دولة بينها 13 دولة عربية، لكنها لم تزر إسرائيل أبداً! هل لتكفر عن ذنب بلدها؟! وقبلها، كرست اتفاقية سايكس بيكو الهيمنة والانتداب والتحكم البريطاني- والفرنسي باقتسام تركة الدولة العثمانية-الهلال الخصيب-سوريا ولبنان لفرنسا وفلسطين والعراق والخليج العربي لبريطانيا العظمى. في عهد الملكة اليزابيث تراجع الحضور البريطاني في العالم العربي بعد العدوان الثلاثي على مصر-1956-والانسحاب من شرق السويس-بدءاً من الكويت عام 1961-وانهاء اتفاقية الحماية لعام 1899. وصولاً لانسحاب بريطانية من الدول الخليجية-البحرين-قطر-الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان عام 1971. وذلك بسبب انكفاء بريطانيا عن مناطق نفوذها التاريخية، والأزمة المالية وانهيار الجنيه الإسترليني، لترث أمريكا التركة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط ويدشن الحضور العسكري والنفوذ الأمريكي في المنطقة. لكن تركت بريطانيا ألغاماً وقنابل موقوتة بترسيم حدود جغرافية جائرة وجزر متنازع عليها جغرافيا في المنطقة، رسمها المندوبون الساميون البريطانيون على خرائط دون المعاينة الشخصية على الأرض! شهد عهد الملكة اليزابيث الكثير من المتغيرات والتحديات وست حروب كبرى وإقليمية من كوريا وفيتنام إلى حروب وعدوان إسرائيل واحتلال الكويت، وإسقاط نظام صدام حسين، وحرب أفغانستان وانتهاء بحرب روسيا على أوكرانيا..وتغيرات بنية وتركيبة النظام العالمي بسقوط الاتحاد السوفيتي وتسيد أمريكا النظام العالمي. وانضمام بريطانيا المتأخر (تنظر لنفسها جزيرة كبيرة في غرب أوروبا)- إلى الاتحاد الأوروبي-وخروجها منه، نتيجة لاستفتاء البريكست عام 2020! كما عايشت جائحة كورونا! تركت الملكة اليزابيث إرثاً واسعاً لخليفتها، أصبح بعد تنصيبه يوم وفاة الملكة-الملك تشارلز الثالث. أطول ولي عهد انتظاراً وخبرة ليتبوأ العرش-وأكبر ملكاً عمراً عند تنصيبه- 74 عاماً- بينما كان عمر الملكة اليزابيث عند اعتلائها العرش 25 عاماً. سيجد الملك تشارلز نفسه برغم كونه أشهر ولي عهد في العالم وعلاقاته مع قادة العالم، محاطاً بأزمات وتحديات أبرزها طمأنة شعبه، وحل الأزمات، والعلاقة مع الأوروبيين، وحرب أوكرانيا وتوثيق العلاقة مع الأمريكيين. في وقت يتراجع حضور ودور ونفوذ بريطانيا أوروبياً ودولياً! وذلك برغم لعب بريطانيا لدور قيادي في حرب أوكرانيا في مواجهة الغزو والاحتلال الروسي لأجزاء من أوكرانيا- أحرج الأوروبيين وخاصة ألمانيا وفرنسا. زار بوريس جونسون أوكرانيا ثلاث مرات، وربما تكون أول زيارة خارجية لرئيسة وزراء بريطانيا الجديدة تراس إلى أوكرانيا. سيكون مستحيلاً على الملك تشارلز تكرار إنجازات إرث والدته الملكة اليزابيث، لتغير الظروف والمعطيات وتراجع دور بريطانيا من إمبراطورية في نهاية عصرها الذهبي عند اعتلاء عرش المملكة المتحدة قبل 70 عاماً، وقصر مدة حكمه، مقارنة بمدة حكم والدته، وتراجع دور ونفوذ بريطانيا اليوم، ونهاية "استراتيجية فرّق تسد"، وتحول بريطانيا من إمبراطورية إلى قوة من الدرجة المتوسطة.
1685
| 11 سبتمبر 2022
أحد الأسباب الرئيسية التي قادت لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو 1981 كان الخلل الكبير في موازين القوى في منطقة الخليج العربي، ودور إيران والهواجس من تهديد دول مجلس التعاون الخليجي بتصدير الثورة-وزعزعة أمن دولنا لتحالفنا مع أمريكا، وعبثية سلوك ومغامرات نظام صدام حسين في العراق. تغيرت موازين القوى في منطقة الخليج بعد سقوط نظام الشاه حليف أمريكا في فبراير 1979، انتقلت إيران من أهم حليف استراتيجي ضمن مبدأ نيكسون "العمودان التوأمان" لأمن الخليج-السعودية وإيران-في سبعينيات القرن العشرين-لتصبح إيران خصم أمريكا اللدود. بدأت الخصومة بعد إسقاط المخابرات الأمريكية والبريطانية حكومة محمد مصدق المنتخب ديمقراطياً في إيران في عملية أجاكس عام 1953 لتجرؤه على تأميم النفط، وأعادوا حكم الشاه محمد رضا بهلوي للسلطة، ما فضح ازدواجية معايير الغرب - وأمريكا وبريطانيا - وبدأت معه مظالم إيران تجاه الغرب وأمريكا. التي استقبلت الشاه في منفاه وناصبت السلطة الجديدة العداء-وقطعت العلاقات الدبلوماسية واشتبكت في مواجهات وعقوبات مستمرة حتى اليوم. العامل الثاني الذي ساهم بإنشاء مجلس التعاون الخليجي بعد الثورة الإيرانية، كان أطول حرب إقليمية-حرب صدام حسين-ضد إيران،(1980-1988)-دفعت دول مجلس التعاون فرادى للاصطفاف مع العراق لدرء خطر إيران ولاحتواء تصدير الثورة، انتقمت بقصف منشآت نفطية في الكويت وناقلات نفط كويتية وسعودية في مياه الخليج. العامل الثالث-كان احتلال السوفييت لأفغانستان عام 1979-وإعلان للمرة الأولى رئيس أمريكي مبدأه-مبدأ الرئيس كارتر، بالتعهد بحماية أمن واستقرار منطقة الخليج العربي-وصولاً للتهديد باستعداد أمريكا لاستخدام القوة للحفاظ على مصالحها وحماية حلفائها في رسالة واضحة للاتحاد السوفييتي بالبقاء بعيداً عن مياه الخليج الدافئة. لم ننجح في دول مجلس التعاون الخليجي في الانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون بعد 41 عاماً إلى مرحلة الاتحاد الدفاعي والأمني لنوازن ونحتوي إيران والعراق، قبل سقوط نظام صدام حسين ولا بعده، برغم إنفاقنا مئات مليارات الدولارات على التسلح، وتحول العراق لدولة هشة تحت نفوذ وتبعية إقليمية وحلفائها في الداخل العراقي، ما عمق المعضلة الأمنية لدولنا الخليجية. وظّفت إيران بذكاء ودهاء برنامجها النووي كرافعة لمشروعها التوسعي، وللعب دور أكبر من حجمها وقدراتها، ووصلت إلى مرحلة الندية بالجلوس مع القوى الكبرى-بتوقيع اتفاق نووي خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015-مع مجموعة (5+1)-في عهد الرئيس أوباما- ما أطلق يد إيران للتدخل في المنطقة وتفاخر قادتها "بالسيطرة عبر أذرعها على 4 عواصم عربية"-(بغداد-دمشق-بيروت-وصنعاء)- وتحول الفصائل المدعومة من إيران في تلك الدول الأربع لكيانات أقوى من الحكومات الوطنية!، بالإضافة إلى اكتشاف خلايا إرهابية وخلايا نائمة في دول خليجية من مواطنين خليجيين دربتهم وأدلجتهم وسلحهم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله-أكبر تلك الخلايا الإرهابية كان في الكويت. تضامنت دول مجلس التعاون الخليجي مع السعودية، بعد الاعتداء على سفارتها في طهران والقنصلية العامة في مشهد عام 2016-وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير الإيراني والبعثة الدبلوماسية من السعودية، بخفض التمثيل الدبلوماسي للكويت وقطر والإمارات لمستوى القائم بالأعمال- لتعيد قطر سفيرها في طهران بعد اندلاع الأزمة الخليجية-بينما عينت الكويت والإمارات سفيرين لهما، هذا الشهر. بينما تنخرط السعودية وإيران بجولات مفاوضات بوساطة عراقية منذ أبريل 2021، لكن لم تثمر عن تواصل مباشر بين وزيري خارجية البلدين أو بزيارات رسمية بينهما بعد، يبدو بانتظار انتهاء مفاوضات النووي. ساهمت الأزمة الخليجية في إضعاف كيان مجلس التعاون الخليجي الذي كان قبل الأزمة الجزء الوحيد السليم في جسد النظام العربي المترهل، كما تنبأت وشرحت في كتابي "أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2019)-ساهمت الأزمة الخليجية الأخطر والأطول في تاريخ المجلس بخسارة جماعية لدولنا وهمشت مجلسنا. تلعب دولة قطر بدبلوماسيتها النشطة دوراً محورياً في فتح قنوات تواصل تقديم مبادرات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ونقل وجهات نظر الطرفين حول برنامج ومفاوضات النووي الإيراني، للتوصل لاتفاق مرضي، وكان أمير قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الزعيم الخليجي الوحيد الذي زار البيت الأبيض بدعوة من الرئيس جو بايدن في يناير 2022-وكان من مواضيع النقاش بالإضافة لأمن الطاقة وترقية العلاقات الأمريكية لمستوى حليف رئيسي من خارج حلف الناتو-ملف ومفاوضات النووي الإيراني. كما استضافت قطر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين الأمريكي والإيراني في الدوحة في يونيو الماضي لجسر هوة الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الطرفين. آخر مساعي دولة قطر كان اتصال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مع وزير الخارجية الإيراني قبل أيام-لمناقشة العودة لخطة العمل المشتركة للاتفاق النووي، بعد تحقيق اختراقات وتقدم ملحوظ في مسار المفاوضات التي وصلت لمراحلها الأخيرة، وتأكيده: "تتطلع قطر للتوصل لاتفاق نووي بين إيران وأمريكا لأنه يصب في مصلحة المنطقة". تبقى إيران دولة مؤثرة إقليمياً، والسياسة الواقعية تحتم علينا في دول مجلس التعاون الخليجي صياغة وبلورة خطة عمل ومشروع خليجي جامع وموحد في مقارباتنا لإيران، ونساهم بقيام نظام أمني خليجي-إقليمي مستقر بعيداً عن العسكرة، حتى تعود دول مجلس التعاون الخليجي لقيادة النظام الأمني العربي على أمل تحقيق المشروع توازن قوى إقليمي، ينهي الهواجس المتبادلة، ويعزز الوصول لتحقيق التعايش بين ضفتي الخليج، وتحقيق أمن واستقرار المنطقة بأسرها. أستاذ في قسم العلوم السياسية - جامعة الكويت @docshayji
993
| 29 أغسطس 2022
في البداية أود أن أعبر عن بالغ شكري وتقديري لإدارة صحيفة الشرق الغراء التي منحتني الفرصة للعودة إلى البيت الذي بدأت منه الكتابة في الصحف القطرية قبل عقد ونصف من الزمن والعودة للإطلالة على القراء الأعزاء في قطر والدول الخليجية وحيث يوجد القراء العرب في وطننا العربي الكبير وخارجه... من يرصد المتغيرات والتحولات التي تموج في النظامين الإقليمي-الخليجي-الشرق أوسطي والدولي خلال العقد والنصف الماضي منذ توقفي عن الكتابة في "الشرق"، لا يمكنه إلا أن يلاحظ حجم صراع القوى والتجاذب والتحولات والمتغيرات الكبيرة وهامشية موقعنا فيها! شهدنا حروبا استباقية تحت يافطة الحرب على الإرهاب شنها بوش وتبعه أوباما وترامب وبايدن- واقتراب إيران من امتلاك القنبلة النووية لتعزيز مشروعها الإقليمي التوسعي الطائفي، برغم شيطنة إيران وفرض أقسى العقوبات وضم بوش لإيران قبل عقدين من الزمن في "محور الشر" مع العراق وكوريا الشمالية التي صارت دولة نووية تتخذها إيران نموذجاً ودرعاً لحماية النظام وتميزه-إلا أن الحقيقة أن إيران اليوم أقرب من أي وقت مضى لامتلاك قنبلة نووية! وتغيير طبيعة العلاقات الإقليمية. وصعود تركيا كلاعب مؤثر ووازن وحضور عسكري بقوتها العسكرية بقواعد واتفاقيات أمنية وعسكرية من قطر إلى الصومال والسودان ودورها في شمال العراق وسوريا وليبيا وأذربيجان، ودورها المهم الوساطة بين روسيا وأوكرانيا واتفاق نقل الحبوب والقمح من موانئ أوكرانيا وزيارة الرئيس التركي أردوغان أوكرانيا وقبلها لروسيا ولقائه بالرئيسين الروسي بوتين والأوكراني زلينكسي-وحتى تلميح الرئيس أردوغان بفتح قنوات حوار مع النظام السوري وعودة العلاقات على مستوى السفراء مع إسرائيل بعد سنوات من القطيعة والحرب الباردة. وتبقى المعضلة الحقيقية في جمود اللاعب المهم والمؤثر في أمن الطاقة-مجلس التعاون لدول الخليج العربية. حيث بقي الجمود بل حتى التراجع والتعثر في تحول دول مجلس التعاون الخليجي الستة التي تملك مجتمعة مقومات الارتقاء بالمجلس ليصبح أنجح تجمع إقليمي أمني عربي لو أحسنا استغلال وتوظيف مقدراتنا للردع والتوازن والتكامل لننتقل من التعاون إلى التكامل كما حلم الملك عبدالله الراحل عام 2011- لنشكل نواة مشروع أمني خليجي وعربي، بعد تحول مراكز القوى العربية من الدول العربية المركزية-مصر-العراق-سورية-إلى دول الخليج العربية-لكننا أطلقنا الرصاص على أقدامنا في أزمة استنزاف خليجي-خليجي بحصار ومقاطعة قطر على مدى ثلاثة أعوام ونصف من التيه والضياع وللأسف-خرجنا كما حذرت في بداية الأزمة في نكسة 5 يونيو 2017 جميعنا منها خاسرين-وحتى اليوم تبقى المصالحة الخليجية ناقصة ولم تكتمل-وفي هذا إضاعة فرص واستنزاف لنا جميعا! بدلاً من تضافر جهودنا لتعويض وملء فراغ ما بات واضحاً منذ عقد من الزمن في الاستراتيجية الأمريكية بتخفيض مكانة ودور منطقة الخليج العربي كمصدر رئيسي للطاقة من نفط وغاز، ويبرز ذلك بالانكفاء والتراجع الأمريكي الأمني والعسكري دون الانسحاب الكلي لأهمية أمن الطاقة وتوسع هوة تراجع الثقة بالحليف الأمريكي بعد اخفاقاته من الاستدارة نحو آسيا لاحتواء الصين وروسيا منذ عام 2011-إلى الانسحاب العسكري المرتبك قبل عام من أفغانستان ولولا تقديم دعم ومساعدة خليجية لوجستية وخاصة دور قطر التي أقامت جسرا جويا لإجلاء أكثر من 75000 أمريكي وأفغاني ومن جنسيات دول مختلفة لتركت كارثة الانسحاب من أفغانستان أثرها البالغ كأكبر فشل استراتيجي أمريكي على الرئيس بايدن شخصيا وإدارته! لذلك سارع الرئيس بايدن لترقية علاقة أمريكا مع قطر إلى أرفع مكانة لحليف أمريكي-"حليف رئيسي من خارج حلف الناتو". وتوسعت الحرب على الإرهاب من حرب على طالبان والقاعدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001- وعلى مدى 20 عاماً لتشمل داعش وأفرع القاعدة من وسط آسيا إلى اليمن والصومال والقرن الأفريقي. لا تزال الحرب مستمرة برغم اغتيال أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي وآخرهم أيمن الظواهري. وانتهت مع تلك الحقبة حروب أمريكا الطويلة والمكلفة بنزف الأرواح والأموال.. لم تحقق موجات الربيع العربي التي عصفت بجمهوريات عربية من تونس وليبيا ومصر إلى سورية واليمن إنجازات آمال وطموح الشعوب ولم تحسن مستوى معيشتهم وحرياتهم وحقوقهم. وفي المحصلة ساهمت تلك الموجات والثورات المضادة بتثبيت، بل تقوية الأنظمة كما في مصر وسورية أو بفوضى عارمة كما في ليبيا واليمن أو بانقلاب دستوري كما في تونس. وعلى المستوى الإقليمي تسببت بإضعاف النظام الأمني العربي.. كما فعل غزو واحتلال صدام حسين لدولة الكويت قبل ثلاثة عقود! عمّقت بدعة "الاتفاق الإبراهيمي" بمصالحات وتنازلات مجانية على أمل دمج إسرائيل كجزء من الأمن الإقليمي لمواجهة إيران وتطبيع دولتين خليجيتين: الإمارات والبحرين هو رهان على سراب بدمج إسرائيل بنظام أمني إقليمي-وثبت ما توقعته، فشله باصطفاف دول خليجية وعربية في قمة الأمن والتنمية في جدة بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه لا مجال لدمج إسرائيل، قبل حل الدولتين بالأفعال وليس بالشعارات، ومحورية القضية الفلسطينية التي لن تسقط بالتقادم ولن تتحول لقضية فرعية. خاصة مع عدوان إسرائيل المتكرر على الفلسطينيين في القدس وحروبها الموسمية على غزة في كل موسم انتخابات للتكسب السياسي الرخيص في نظام إسرائيلي مشلول سياسياً شهد 4 انتخابات في عامين ويتحضر للانتخابات الخامسة في نوفمبر القادم! على المستوى الدولي نشهد العودة لمناخات الحرب الباردة كما نراها اليوم بين أمريكا والغرب من طرف والصين وروسيا في أوكرانيا وتايوان وبحر الصين الجنوبي وصراع على الثروات والتجارة والمضائق والنفوذ-فيما نبقى نحن وبقية العالم متفرجين محايدين. في عودة إرهاصات أجواء النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بين القطبين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وحلف الناتو من طرف والاتحاد السوفيتي وحلفائه في الكتلة الشرقية الشيوعية في الطرف المقابل. بسقوط الاتحاد السوفيتي والشيوعية عام 1991-برزت الولايات المتحدة والغرب كقائد وأتباع لنظام عالمي جديد بأحادية قطبية مطلقة استبدلت الثنائية القطبية ولكن إلى حين. ضج الغرب حينها بقوته وتفوقه وكتب فوكاياما كتابه الشهير "نهاية التاريخ والرجل الأخير" عن انتصار الغرب المدوي.. وفاخر قادة الناتو الذين اجتمعنا معهم قبل عقد ونصف "انتصرنا على الاتحاد السوفيتي والشيوعية دون أن نطلق رصاصة واحدة." وأبلغونا أن الناتو سيعيد اكتشاف وتحويل دوره من ذراع الغرب العسكري لاحتواء الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو إلى تكريس السلام والأمن في العالم بدور في حفظ السلام في أوروبا وصربيا وجمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي السابق إلى أفغانستان والعراق. واليوم مع الغزو الروسي لأوكرانيا في شهره السادس-تحول الناتو إلى قوة ضاربة في مواجهة التمرد الروسي وتغيير خارطة أوروبا بالقوة العسكرية وتوسع ليضم السويد وفنلندا وزاد عدد أعضاء حلف الناتو إلى 32 دولة.. سأفصل في مقالاتي القادمة في الشرق كل ذلك وحاجتنا لمشروع خليجي-عربي جامع يوازن ويردع ويمنع.. وأكثر.... حياكم الله!! أكاديمي ومحلل سياسي
1433
| 21 أغسطس 2022
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5058
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3690
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2799
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
2565
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1494
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
906
| 23 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
903
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
846
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
825
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية