رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

لماذا جيل الطيبين؟!

تتردد على مسامعنا عبارة ”جيل الطيبين“ أو ”زمن الطيبين“ وهي عبارة تطلق مجازًا على جيل ثمانينيات القرن الماضي، ولا يقصد بذلك أن الأجيال اللاحقة ليست طيبة أو أن زمانها زمن الشر، ولكن هناك بلا شك تحولات جذرية طرأت على المجتمعات الإنسانية عموما والخليجية خصوصا منذ مطلع الألفية الثالثة، لم تكن تلك التحولات متدرجة بشكل طبيعي كما كانت بل كانت أقرب للطفرة منها للتطور الذي شهدته الإنسانية فيما قبل، تلك التغيرات أخذت الطابع الكوني أكثر من الطابع الإقليمي أو المحلي إلا أن تداعياتها متباينة بين المجتمعات الإنسانية. وكما هو معلوم فإن لكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية إرثه الحضاري والديني والثقافي وقيمه وعاداته وتقاليده، والمجتمعات في ذلك تتقارب لدرجة التطابق كالمجتمعات الخليجية مثلًا، وقد تختلف اختلافًا بيّنا كاختلاف الشرق عن الغرب، وفي كلتا الحالتين كان للموروث الحضاري والعادات والتقاليد الدور الرئيس في ضبط إيقاع المجتمع وتوجيهه، وكذلك كان الوضع في المجتمعات الخليجية، حيث كان الدين والعادات والتقاليد تشكل الإطار المرجعي لأفراد المجتمع ومؤسساته، وذلك لا يعني الجمود وعدم التطور بل يعني التمسك بالثوابت والتعامل مع المستجدات بما لا يتعارض مع الإطار العام لثقافة المجتمع وموروثه. لا شك أن الأشخاص الذين ولدوا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي قد شهدوا تحولات كبيرة على مدى الخمسين سنة الماضية، وفي جل مجالات الحياة كالمواصلات والاتصالات والإعلام والعمران وحتى الفن والترفيه شملته تلك التحولات البيّنة، لكن ومع بداية التسعينيات دخلت المجتمعات الخليجية في حالة من الاضطراب إذا صح التعبير، فقبل أن تمتص صدمة إدماج الحاسوب في مؤسسات الدولة وخسارة شريحة من الموظفين لوظائفهم بسبب تحديات استخدام الحاسب الآلي اقتحمت الشبكة العنكبوتية ”الإنترنت“ المشهد لتضيف العديد من الأبعاد وتمهد للنقلة الكبرى لثقافة المجتمعات الإنسانية بحيث تصبح أكثر تقاربًا من بعضها وتبتعد أكثر فأكثر عن هويتها ومرجعيتها. إن قراءة ذلك المشهد من ناحية تقنية بحتة قد يكون اختزالًا مخلا لما كان يحدث بالفعل، إن دعوات العولمة والحقوق وتحرير التجارة هي جزء لا يتجزأ من ذلك الحراك وتلك ”الفوضى الخلاقة“ إذا صح التعبير، بل البعض يشبه تلك الدعوات بحصان طروادة يقتحم حصون المجتمعات، محاولًا أن يعبث بهويتها ويهز ثقافتها وموروثها، مهيئًا إياها لتقبل الجديد مرة بدعوى الإنسانية والمساواة والحرية، ومرة بدعوى التقدم والتمدن، وأخرى بدعوى التغير المناخي… إلى آخره. لقد نجحت القوى المهيمنة في هذا العالم أن تجعل المجتمعات وخصوصا المحافظة منها أكثر تقبلًا لما كانت ترفضه بالأمس حتى على مستوى الأفراد بعد أن استطاعت بسط نفوذها الثقافي والقيم التي تخدم مصالحها على العالم، ومع دخول الألفية الثالثة أصبحت الأطر المرجعية للمجتمعات المحافظة باهتة أو هلامية وتراجع دورها الذي كان حاضرًا بقوة في الثمانينيات من القرن الماضي لصالح وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الوسيلة الأكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل ثقافة المجتمع ووجدانه، لذلك يعيش جيل الثمانينيات اليوم في غربة حقيقية لا يعلمها إلا من تجاوز الخمسين من العمر.

3057

| 04 سبتمبر 2024

آفاق الذكاء الاصطناعي ومآلاته

قبل أكثر من خمسة وثلاثين عامًا كان الإنترنت حديث المجالس، وقد أخبرني أحد المهتمين بأخبار التكنولوجيا في ذلك الوقت بأن العالم منقسم بين من يستخدم الإنترنت ومن لا يستخدمه، وأن الفرق بن القسمين كالفرق بين النور والظلام، وبعد ذلك بعدة أشهر فقط أصبح الكل يبحث عن أي معلومة تشرح له فائدة واستخدامات هذا القادم المجهول، أصبح هناك خشية وقلق من تداعيات الجهل بالإنترنت على مستوى المؤسسات والأفراد، وها هو الإنترنت اليوم أصبح بمثابة العمود الفقري للأعمال والمعاملات وأصبحت تطبيقاته هي القلب النابض لتسيير شؤون الحياة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وما أشبه اليوم بالبارحة ونحن نسمع عن الذكاء الاصطناعي ونشاهد جزءًا بسيطًا من إمكانياته على شبكات التواصل الاجتماعي ونجهل الكثير الكثير عن قدراته ومستقبله وغاياته ومخاطره، هذا القادم الأشد خطورة لو أسيء استغلاله سيكون من أخطر الأسلحة التي ابتكرتها البشرية على الإطلاق. وتشمل تلك المخاطر جوانب متعددة، تتراوح بين الاقتصادية والأمنية والأخلاقية، ومن تلك المخاطر فقدان الوظائف حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى أتمتة العديد من الوظائف، مما يسبب فقدان وظائف على نطاق واسع. كما أشار الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، إريك شميدت، «الأتمتة والذكاء الاصطناعي سيؤديان إلى فقدان كبير للوظائف، وسيؤثر ذلك على كل مجتمع في كل بلد». وهناك خطر «التحيز والتمييز» حيث يمكن أن ترث الأنظمة الذكية التحيزات الموجودة في البيانات التي تدربت عليها، مما يؤدي إلى نتائج غير عادلة. وكما قالت عالمة البيانات كاثي أونيل: «الخوارزميات هي آراء مغروسة في الكود». ومن المخاطر الأمنية إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أسلحة أو تنفيذ هجمات سيبرانية معقدة. وقد حذر إيلون ماسك من هذا الأمر قائلاً: «أعتقد أن خطر الذكاء الاصطناعي أكبر بكثير من خطر الأسلحة النووية». أما عن انتهاك الخصوصية فحدث ولا حرج عن استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة وتحليل البيانات مما قد يؤدي إلى انتهاكات كبيرة للخصوصية، حيث قد تتمكن الأنظمة الذكية من تتبع وتوقع سلوكيات الأفراد دون موافقتهم. كما قال إدوارد سنودن: «النتيجة النهائية لهذه التكنولوجيا هي قلب مفهوم الخصوصية رأساً على عقب». ومع ازدياد قدرة الأنظمة الذكية على اتخاذ قرارات مستقلة، تصبح قضايا المساءلة واتخاذ القرارات الأخلاقية أكثر تعقيدًا، يقول العالم ستيفن هوكينغ: «قد يشكل تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل نهاية للجنس البشري». وختامًا يجب أن أعترف بأنني ولأول مرة أستعين بالذكاء الاصطناعي في كتابة المقال، لقد كتبت أول فقرتين من هذا المقال فقط وتركت الباقي لمعالجة الذكاء الاصطناعي الذي طلبت منه سرد المخاطر مع الاقتباس من أقوال المختصين في هذا المجال.

1605

| 21 أغسطس 2024

ما جدوى الإنفاق على التدريب؟!

يقول أحد المسؤولين: قبل أكثر من عشرين عامًا كنت أعمل مديرًا لإدارة المشاريع في إحدى مؤسسات الدولة، لاحظت أن أحد المهندسين يحاول جهده أن يحضر دورات متخصصة في إدارة المشاريع وبطريقة انتقائية لفتت انتباهي، وكنت أقول في نفسي لا بد أن هناك سرًا وراء انخراطه في هذه السلسلة من الدورات المترابطة، والتي كان يحرص عليها بغض النظر عن مكان انعقادها خلافًا لما اعتاد عليه معظم الموظفين الذين يطالبون الإدارة بحصتهم من التدريب ويهتمون بمكان انعقاد الدورات أكثر من اهتمامهم بمضمونها. وعندما سألته عن الدافع وراء حضوره لتلك الدورات اكتشفت أن لديه هدفًا يسعى لتحقيقه وهو الحصول على شهادة متخصصة في إدارة المشاريع من إحدى الهيئات المعترف بها دوليًا، تلك الهيئة تصدر شهادة “مدير مشاريع محترف”، لقد كان لديه هدف واضح وهو الحصول على تلك الشهادة الاحترافية، لذا لم أجد بدًا من أن أقف معه بكل ما أستطيع حتى حقق ذلك الهدف وأصبح أول مهندس محترف في إدارة المشاريع في الدولة، لقد رأيت في ذلك الهدف مكسبًا للجميع ويستحق التضحية من أجله. لا شك أن عملية التدريب مهمة جدًا من حيث إنها فرصة لرفع كفاءة الموظف أو لاكتساب خبرات ومهارات جديدة وحسب بعض المصادر الدولية تنفق المؤسسات في الغالب ما بين 1 إلى 5 في المائة من إجمالي رواتب الموظفين على التدريب في جميع المجالات، وهذا يدفعنا للتساؤل عن مدى جدوى ذلك الإنفاق، وبمعنى آخر ما هو العائد على عملية التدريب؟، هل هناك مؤشرات لقياس أثر التدريب؟، هل نهتم بتقييم مقدم الخدمة لمعرفة جدوى التعاقد معه مرةً أخرى؟، هل نقوم بما يلزم لمعرفة مدى حاجة ومطابقة الدورات التدريبية للمرشحين لها؟ إن التدريب «الفعّال من حيث التكلفة» أو ما يسمى بـ “Cost effective” أمر ضروري لضمان حصول الموظفين على المهارات والمعرفة التي يحتاجون إليها للنجاح، كما يساعد التدريب على زيادة رضا الموظفين عن وظائفهم، وخفض معدلات دوران العمالة، وتحسين الإنتاجية الإجمالية، كما أنه يخلق شعورًا بالولاء بين الموظفين، فعندما يستثمر فيهم يصبحون أكثر ميلًا للبقاء في المؤسسة. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يساعد التدريب “الفعّال من حيث التكلفة” الشركات على توفير المال على المدى الطويل من خلال تقليل الأخطاء وزيادة الكفاءة، ومن خلال الاستثمار في الموظفين يمكننا تجنب الأخطاء المكلفة في المستقبل والتي قد تؤدي إلى خسارة الأرباح أو إهدار الموارد. لذا ينبغي للمؤسسات العمل على تطوير استراتيجيات تدريبية فعّالة من حيث التكلفة دون التنازل عن الجودة وذلك باستخدام التقنيات والأساليب المبتكرة لتحقيق أقصى استفادة من الميزانية المخصصة للتدريب.

987

| 14 أغسطس 2024

أريد أن أقول شيئاً... لولا أنَّ!!

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سألتْ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الحِجرِ أمِنَ البيتِ هوَ؟ قالَ: نعَم، قالت: ما لَهُم لم يُدخِلوهُ في البيتِ، قالَ: إنَّ قومَكِ قصُرَتْ بِهِمُ النَّفقةُ، فقُلتُ: ما شأنُ بابِهِ مرتَفِعٌ؟، قالَ: فعلَ قومُكَ ليُدخِلوا مَن شاءوا، ويمنَعوا مَن شاءوا، ولولا أنَّ قومَكِ حَديثو عَهْدٍ بجاهليَّةٍ؛ فأَخافُ أن تُنْكِرَ قلوبُهُم ذلِكَ، لنظَرتُ أن أُدْخِلَ الحِجرَ في البيتِ، وأن أُلْزِقَ بابَهُ بالأرضِ. من صحيح البخاري ومسلم. ‏قد يمنعك عن فعل شيءٍ أو قوله وأنت مؤمنٌ به حداثة الفكرة في مجتمعك، أو رسوخ إيمانه بالضد وعدم انفتاحه على الرأي الآخر، أو توحش المروجين للأفكار المضادة وجبروتهم، وقد يمنعك أيضًا من إنصاف الطرف الآخر وتوضيح صورته وتبرير موقفه أمام المجتمع ذاته هو أن النافذة المتاحة لذلك المجتمع تطل فقط على دورات مياه خصومه المفروضين عليه ولا ترى واجهات قصورهم المشرقة. وإن سولت لك أخلاقك ومبادؤك يومًا ما أن تكون موضوعيًا في تناول القضايا المتعلقة بالمختلفين عن هويتك وحاضنتك لأنك تعتقد خلاف ما يروج له، فسيمنعك من ذلك أن ُتصنف بأنك منهم حتى ولو لم تكن منهم، ‏لذا قد يجبرك على الانعزال والسلبية هذا الفراغ المشحون باسم الدين والوطنية والمهووس بالتصنيف وهو في الحقيقة لا يخدم الدين ولا الوطن. بل قد تخشى أن تُرمى بالخروج من الملة لمجرد أنك رجعت لفطرتك ‏ورميت تلك الأيديولوجيات المريضة شديدة العدوى وراء ظهرك، ونظرت للآخر بعين الرحمة المحمدية «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ». إن رجوعك إلى هدي الحبيب المصطفى في كل مواقفه وحركاته وسكناته مع المؤمنين والمخالفين بغير الفهم المزكى من ‏ديوان السياسة وأجهزته الإعلامية وعناصره المؤثره ومنظّروه سيعتبر خروجا عن إجماع الأمّة... وأيّ أمّة؟، إنها ليست أمّة الإسلام التي قصدها هارون الرشيد وهو يخاطب السحابة قائلًا: «أمطري حيث شئتي سيأتيني خراجك» بل هي تلك السحابة الافتراضية المُغَيّبة والتي ستشتتها رياح الشمال يومًا ما. إلى اللقاء

1470

| 07 أغسطس 2024

بعد الياسين هنيّة.. ولن تكون هنيّة

يا غارةَ اللـــــــه إنَّ الخَطْبَ قَدْ عَظُمَـــــــــا وحُقَّ للعين أن تبـــــــكي الفُــــــــــراق دَمَا عظّم الله أجركم في شهيد الأقصى وفقيد الأمة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الشيخ المجاهد إسماعيل هنية طيب الله ثراه وتقبله في الشهداء والصالحين، وجزى الله عنه وعن رفاقه كل ما قدمته دولة قطر حكومة وشعبًا خير الجزاء لموقفها النبيل وعطائها الكريم وشهامتها المنقطعة النظير تجاه قضايا الأمة خاصة والمظلومين في بقاع الأرض عامة وهذا والله من علو الهمة ورفعة الشرف. نعود بالذاكرة إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987م والتي بدأت بعد سنتين فقط من إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من معتقله الأول، والتي سمّيت آن ذاك بانتفاضة أطفال الحجارة، في تلك اللحظة الفارقة أسس الشيخ أحمد ياسين ورفاقه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ثم اعتقلته السلطات الإسرائيلية مرة أخرى في عام 1989م، إلا أن الانتفاضة واصلت زخمها حتى عام 1991م، ثم هدأت، ثم توقفت نهائيًا إثر توقيع اتفاقية أسلو عام 1993م. ثم أطلق سراح الشيخ أحمد ياسين عام 1997م إثر عملية تبادل أسرى قامت بها الأردن مع إسرائيل مقابل عميلين إسرائيليين حاولا اغتيال السيد خالد مشعل في عمان، ثم انتقل الشيخ أحمد ياسين إلى غزة ليصبح أيقونة المقاومة ووقودها حتى اغتياله في عام 2004م بيد الغدر الصهيونية بصاروخ وهو خارج من المسجد بعد أن أدى صلاة الفجر، فهل اغتيلت المقاومة باغتيال الشيخ ياسين؟ أو أنها خمدت باغتيال كوكبة من المجاهدين بعد ذلك. وكما أن اغتيال المجاهد السوري عزالدين القسام على يد القوات الإنجليزية في عام 1935م أدى إلى تأسيس كتائب القسام في عام 1991م بعد كل تلك السنوات، وهي الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ها نحن نشهد وبعد عشرين عامًا فقط من اغتيال الشيخ ياسين أولئك الأطفال الذين تربوا على يده وكانوا يقذفون الحجارة بالأمس، هاهم يقذفون دبابات العدو بقذائف الياسين، لقد تحول الشهيد المجاهد إلى قذيفة وتحول الأطفال إلى رجال يزلزلون الأرض تحت أقدام العدو، ويقذفون ثكناته وتجمعاته بالقذائف التي صنعتها تلك الأنامل التي قذفت الحجارة بالأمس. شَعْبٌ يُصَيّـــــــــر كُـــــــلَّ مَقْتَـــــــــــلِ قــــــائــــــدٍ رُمْحًــــــــا وسَـــــــيفًــــــا قاطِعًـــــــــا ولهيبــــــــا لقد أصبحت المقاومة معادلة صعبة أشكلت على عواصم الاستكبار العالمي فشعارها لا يقبل القسمة على اثنين، إما النصر وتحرير كامل فلسطين أو الشهادة، وهكذا تصاعدت قوة المقاومة وعقيدتها القتالية خلال عقدين من مقتل زعيمها ومؤسسها، وهانحن اليوم نشهد تكرار نفس العملية الغبية من دولة الإحتلال حيث اغتالت يد الغدر الصهيونية الشيخ المجاهد إسماعيل هنيّة في محاولة أخرى يائسة لإخماد المقاومة والقضاء عليها، وذلك مؤشر لهزيمة الكيان المحتل وإفلاسه على أرض غزة تمامًا كما هو مؤشر لقرب النصر. وعلى العكس من ذلك تمامًا كان تقهقر الموقف العربي للأسف على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث بدأ بإغلاق مكاتب مقاطعة إسرائيل في الدول العربية مع بداية التسعينيات، مرورًا بمعاهدة ما يسمى السلام في أسلو عام 1993م، ثم شهدنا عمليات تطبيع من بعض الدول العربية بلا مقابل حقيقي، وانتهى بنا المطاف للأسف أن تُتهم المقاومة بالإرهاب وتُشوه إعلاميًا ويُشكك في عقيدتها ودينها وولائها من قبل قنوات مأجورة ومنابر مشبوهة تستضيف من هم محسوبين على الفكر والسياسة والعلم الشرعي، وصدق المتنبي حيث قال: لا يســـــــــلم الشــــــــرف الرفيــــــــع من الأذى حتى يـــــــــــراق علـــــــــى جوانبـــــــــــــــه الدمُ إن المعطيات الجديدة التي فرضتها المقاومة على جميع أطراف الصراع في فلسطين المحتلة تجعلنا أكثر إيمانًا بنصرٍ قريب من أي وقتٍ مضى فذلك وعد الله ولن يخلف الله وعده، وكما أن المقاومة تصاعدت كمًا ونوعًا منذ اغتيال مؤسسها فنحن على يقين بأن اغتيال رئيس المكتب السياسي ستكون له تداعيات على كل الأصعدة، وسيكون له أثر كبير على أرض الميدان فقد نسمع قريبًا عن مقذوفٍ باسم هنيّة ولكن لن يكون هنيّة على المحتل بكل التأكيد.

1533

| 04 أغسطس 2024

بضاعة الوهم

قصد رجل إحدى القرى المشهورة ببيع الدواب ليشتري حصانًا يستعين به على قضاء حوائجه، فصادف أحد الباعة في أول السوق يعرض حصانًا ضخمًا بسعر بسيط ويدعي أنه لولا الحاجة ما باعه، فاشتراه صاحبنا وامتطاه راجعًا إلى قريته البعيدة، وقبل خروجه من القرية مر بدكّانٍ فتذكر أن ليس لديه حبل ليربط به الحصان إذا ما أراد أن يستريح في طريق عودته، فنزل وأمسك بعنان حصانه وصاح بصاحب الدكان أن آتني بحبل، فقال له صاحب الدكّان ليس لدي حبل لدابتك، ولكن أوهم الدابة أنك تربطها في الشجرة ولن تغادر مكانها، فأراد الرجل أن يجرب ذلك قبل أن يغادر المكان، فأوهم الحصان أنه يلف الحبل على رقبته ويربطه في الشجرة ليرى كيف يصنع، ودخل الدكّان ليشتري بعض الأشياء ثم خرج ليجد الحصان في مكانه، فامتطاه ليواصل الطريق لكن الحصان أبى أن يتحرك، فلما استنفد الرجل كل وسيلة لحث الحصان على السير رجع لصاحب الدكّان مستنجدًا به مرةً أخرى، فقال له عليك أن توهم دابتك أنك تفك قيدها كما أوهمتها أنك تقيّدها، وبالفعل أوهم الحصان أنه يفك قيده فتحرك الحصان من مكانه فصاح بصاحب الدكّان قائلًا والله إنك لماهر لقد نفعت الحيلة مع الحصان، فرد عليه لكنني لست بأمهر من الذي أوهمك بأن هذا البغل حصانًا. وما أشبه تلك القرية بعالمنا اليوم، هذا العالم الذي يبيع الوهم على الشعوب المستضعفة ليبتز خيراتها ويشوه تاريخها ويمحي تراثها، هذا العالم الذي تقاسمته القوى العظمى وبدأت تفرض هيمنتها عليه بالقوة العسكرية تارة عبر افتعال الأزمات واختلاق المبررات، وبالقوى الناعمة الخبيثة تارة أخرى عبر المنظمات الإعلامية وتلك التي تدعي العدالة والشفافية والإنسانية والإصلاح. وهكذا هي الحياة، عندما يغيب الضمير تنشط تجارة الوهم وتستغل حاجات الناس فيباع عليها الوهم مرات ومرات، يستضعفون بالوهم، ويبتزون بالوهم، وتقيد حرياتهم بالوهم، يوهمنا الإعلام الكاذب بضعفنا، ويوهمنا أيضًا بقوة عدونا، يثبط العزوم ويثلم الهمم، يضخم الباطل ويحتقر الحق ويزور الواقع حتى يصبح البغل حصانًا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

1752

| 31 يوليو 2024

سوء الإدارة والفساد.. وجهان لعملة واحدة

من المعلوم أن الممارسات الفاسدة تؤدي إلى هدر المال العام والاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة، وأن تلك الممارسات تكون في السر والخفاء، إلا أن سوء الإدارة والجهل باللوائح والقوانين المنظمة لإدارة المال العام أو مخالفتها قد تؤدي إلى هدر المال العام في وضح النهار، لذا فإن الأثر الذي يلحقه سوء الإدارة بالمال العام لا يقل ضرراً عن أثر الفساد مع الاختلاف في التوصيف والدوافع، بل إن بعض مظاهر سوء الإدارة قد تكون منطوية على فساد وليست أخطاء أو جهلا. قد يكون ذلك الأثر مادياً أي قابلاً للقياس عند اكتشافه عن طريق المراجعة والتدقيق الذي تقوم به الأجهزة الرقابية، ومثال على ذلك ما يصدره ديوان المحاسبة من تقارير تتضمن الملاحظات والتجاوزات وأثرها المالي، وإما أن يكون غير قابل للقياس لصعوبة الوصول إليه والكشف عنه مثل الرشوة والابتزاز والمتاجرة بالمعلومات. وقد يكون أثرا معنويا، وهو ذلك الأثر الذي تتركه ممارسات مثل المحاباة والمحسوبية على بيئة العمل، وهذه الممارسات إما أن تكون مكشوفة كأن تعطى الأولوية في التوظيف أو الأفضلية في المناقصات للأقارب، أو تكون مخفية غير واضحة كأن تتم عبر صفقات خارج نطاق العمل الرسمي تضمن وصول المنفعة للموظف العمومي، وهذا الأثر غير قابل للقياس أيضًا. لذا يشكل سوء الإدارة وترهل بيئة العمل، خطرا محدقا بالمال العام يتمثل في سوء استغلال الموارد، وانحسار العدالة وتكافؤ الفرص، وعدم تحقيق الأهداف الداعمة للتنمية، والتأخير في المشروعات والبرامج وارتفاع تكاليفها وتقويض جدواها، كل ذلك يؤدي بالضرورة إلى بيئة صالحة لازدهار الفساد بكافة مظاهره. إن الحفاظ على المال العام يستوجب تكثيف جهود الإصلاح في كافة القطاعات، وتبدأ تلك الإصلاحات بمراجعة التشريعات ذات العلاقة للتأكد من شموليتها ونجاعتها، مروراً بتبني منظومة من الإجراءات وأفضل الممارسات الكفيلة بخلق بيئة رافضة للممارسات الفاسدة في القطاع العام والخاص، وتنتهي بالإصلاح الإداري الكفيل بنشر الثقافة المؤسسية الداعمة للحفاظ على المال العام والعصية على تغلغل الفساد وانتشاره.

1518

| 24 يوليو 2024

تفعيل مبدأ الشفافية

عندما ألقى نائب رئيس جمهورية مصر العربية خطاب تنحي الرئيس حسني مبارك كان هناك رجل يقف خلف اللواء عمر سليمان، كان الرجل يبدو بمنتهى الجدية وحدة الملامح وكأنه هو الذي صاغ الخطاب بنفسه أو أصدر قرار التنحي، لقد أصبح ذلك الرجل بين ليلة وضحاها أشهر شخصية في البلاد، وقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الصور المفبركة لنفس الرجل وهو يقف وراء بعض الرؤساء الذين خلعوا من مناصبهم إبان الربيع العربي، تلك الموجة من التندر في وطننا العربي تخفي خلفها شعورا عميقا لدى شريحة من الناس بأن هناك شخصيات غامضة أو أطرافا أخرى تصنع القرار من خلف الكواليس في مؤسساتنا السياسية والاقتصادية وغيرها، وأن العديد من الشخصيات العامة على أي مستوى كانت هي في حقيقة الأمر حجر على رقعة شطرنج، وأن الصانع الحقيقي هو من يحرك تلك الأحجار في إطار أجندة سرية خلافًا لتلك الأهداف المعلنة أو المنتسبة زورًا للمصلحة العامة، هكذا تعتقد تلك الشريحة من الناس. ومن المستحيل أن نصنع رأيًا عامًا إيجابيًا عن مؤسساتنا بمجرد تصريحات جوفاء أو مؤشرات مضروبة، إن السبيل الأنجع في الحد من انتشار المعتقدات السلبية هو تفعيل مبدأ الشفافية في مؤسساتنا، فعندما تغيب الشفافية عن أي مؤسسة تكون هناك الفرص سانحة لانتشار الفساد والإشاعات والعكس صحيح، إن تطبيق مبدأ الشفافية يتطلب وضوح المسؤوليات والمهمات والأدوار بحيث يعلم كل فرد في المؤسسة حدود صلاحياته ومسؤولياته ولا يتجاوز ذلك إلا بشروط معينة وتحت ظروف خاصة يُعَرِّفها النظام للجميع ولا يدعها عرضةً للاجتهاد أو الارتجالية، كما يُلزم مبدأ الشفافية المؤسسات بتطبيق أفضل الممارسات والإجراءات الخاصة بطبيعة عملها حتى لا تكون عرضة للمساءلة من الأجهزة الرقابية في الدولة. أما إذا غابت الشفافية عن مؤسسةٍ ما تداخلت الأدوار وضاعت المسؤولية وتدنى الإنتاج وغابت المحاسبة كنتيجة حتمية لذلك، وبدأ الفساد يلوّح بيديه من خلف الكواليس معلنًا الانتصار على النزاهة والقيّم، وكنتيجة لتلك الضبابية في المشهد قد يتساءل الناس عن ذلك الرجل الذي يقف خلف اللواء عمر سليمان.

2634

| 17 يوليو 2024

ما وراء سلة الفواكه تلك؟

في حديثٍ عن ذكريات الزمن الجميل مع أحد أصدقاء الدراسة الذي التقيت به بالصدفة، وقد أصبح لديه أحفاد كحالتي، تجاذبنا شريط الذكريات وكان منها هذه الحكاية، يقول في معرض ذكرياته عن اهتمامه بأبنائه عندما كانوا صغارًا، كنت كلما مررت في صالة الجلوس على سلة الفواكه ألمح شيئًا منها على وشك أن تنتهي صلاحيته فأبادر بأكله مباشرة واترك لأبنائي الفواكه الجيدة، ثم ارجع في اليوم التالي لأجد سلة الفواكه كما كانت بالأمس فأتفقدها وأعيد الكرة، وفي نهاية المطاف أجد نفسي قد أكلت سلة الفواكه لوحدي ولكن ليست تلك الفواكه الطازجة التي جلبتها من السوق، ضحكنا كثيرًا على تلك القصة ثم توادعنا وما زال عالقًا في ذهني شيءٌ مما قاله صاحبي. ذكرت تلك القصة البسيطة لبعض أصدقائي المقربين فضحكوا جميعًا، لقد لامست شيئًا في أعماقهم، بل إن البعض منهم صرح بأنه يفعل الشيء نفسه مع أبنائه، قد لا ينتبه الأبناء لهذه التفاصيل وقد يعتبرها البعض من الطبيعي أو الغريزي أن يضحي الأب أو الأم لأجل أبنائهم، في حقيقة الأمر إن الآباء والأمهات، في أغلب الأحيان، يستمتعون بما يقدمون لأبنائهم، يوفرون ما يحتاجه الأبناء حتى لو قصروا على أنفسهم، وتجدهم يفعلون ذلك بكامل الرضا والسعادة، البعض يعتبرها تضحيات ويتذكرها مباشرة عند أول خطأ أو تقصير يحدث من أحد الأبناء، فيبدأ بسرد تلك التضحيات التي في اعتقاده أنها لم تكن محل تقدير من الأبناء مع أن الموقف قد لا يحتمل كل ذلك. أعجبني أحد الأصدقاء عندما قال: « أنا عن نفسي لا أشتري الفواكه من أجلهم فقط بل أنوي أن أشتريها لي ولهم، فأنا لا أنسى حظ نفسي، لذا أستمتع بسلة الفواكه وهي طازجة وأشجعهم على مشاركتي المتعة ولا أحملهم تبعات التضحيات غير الضرورية ولا أجعل لها نصيبًا مظلمًا من ذاكرتي، وهذا النمط من الآباء غالبًا ما يعيش في سلام داخلي مع نفسه ولديه هامش كبير من التسامح والعفو. أما إن كنت مصرا على التضحيات بطريقة الزمن الجميل وأردت أن تشتري فواكه لأبنائك فابتعد عن الحساسة منها وتلك التي تفسد سريعًا، حتى لا تشكل خطرًا على صحتك عندما لا يسعفك الأبناء فتضطر أن تأكلها بنفسك.

1116

| 10 يوليو 2024

الموارد البشرية.... كائنات بشرية أيضاً!!

قد لا يختلف اثنان على أن العنصر البشري هو من أهم مقومات النجاح والازدهار في قطاعي العمل العام والخاص، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى دليل، ومن المعلوم أيضاً أن الإنسان بطبيعته جسد يمثل الجانب المادي، وروح تمثل الجانب المعنوي، وعقل يمثل الجانب الفكري وأخيراً القلب وهو يمثل الجانب العاطفي والاجتماعي، ولكن هل تعلم ما الأثر الذي يتركه إهمال جانب من هذه الجوانب على أداء الموظف ومن ثم المؤسسة؟. يقول الدكتور ستيفن كوفي مؤلف كتاب العادات السبع: « إذا أهملت أياً من الأجزاء الأربعة للإنسان المتكامل فإنك تحول الإنسان إلى شيء يفتقر إلى الحافز، عليك أن تدير الموظف لكي تحفزه»، ولكن ماذا يعني أن يفتقر الموظف إلى الحافز؟، هل يعني عدم العمل بكفاءة وفعالية مما ينعكس بالتالي على أداء المؤسسة، وهل يفسر ذلك تقهقر أداء بعض مؤسساتنا؟، أو يعني الإصابة بالإحباط مما يدفع الموظف للبحث عن مكان عمل آخر قد يجد فيه ذاته ويطلق طاقاته، أو هل يعني أن يميل إلى السلبية والتعامل في أضيق الحدود مع الوظيفة على أساس أنها مصدر رزق ومرتب آخر الشهر دون الانخراط الحقيقي في رؤية وأهداف المؤسسة أو التفاعل البناء لخدمة الوطن والمواطن؟. لا أبالغ إذا قلت إن الإحساس بالظلم لدى الموظف هو أحد مفاتيح الفساد واستغلال الوظيفة العامة لتحقيق مآرب خاصة، وهذا لا يعني أن ظروف العمل الصحية كتلك الموجودة في المؤسسات الناجحة تضمن عدم وجود أناس فاسدين أواستغلاليين لأن البعض قد يعاني من فساد «جيني»، عافاكم الله، لا ينفك عنه في أي ظرف من الظروف حتى ولو كان نظام العمل محفزاً وعادلا ومراعياً للحقوق والواجبات، ولكننا نتحدث عن فرص الفساد في النظام الذي لا يتعامل مع الموظف كإنسان بأنها اكبر بكثير من تلك التي تتعامل معه كإنسان متكامل. ويضيف ستيفن كوفي قائلاً «إن إدارة موظف ما بفعالية تتطلب معاملته كـ»إنسان متكامل»، والإدارة بفعالية تعني وجود نظام فعال أي نظام مناسب لرؤية وأهداف المؤسسة ومفعل في جميع أوجه نشاطاتها وليس حبيس الأدراج، كذلك يتطلب وجود مدير يمتلك بالإضافة إلى مهاراته الفنية مهارات إدارية ترتقي إلى متطلبات منصبه وتتناسب مع مسؤولياته ويملك القدرة والكفاءة لإدارة الموظفين، وذلك أن إدارة العنصر البشري بصورة فعالة ليس كإدارة مصنع أو آلة ما. وأكاد أجزم بأنه لو عمل استبيان في بعض مؤسسات الدولة عن أسباب إحباط الموظف ومحاولته البحث عن عمل آخر لنجد أنها لا تتعدى ثلاثة أسباب رئيسية وبترتيب الأولوية كالتالي: 1. الإحساس بالظلم وعدم المساواة بين الموظفين وغياب العدالة والنظام في تحديد المرتبات والبدلات والمكافآت. 2. عدم وضوح رؤية المؤسسة التي عادةً ما تكون غير مفعلة كأهداف وإجراءات. 3. شح التشجيع المعنوي لدى بعض المديرين وافتقاره للذكاء الاجتماعي في حين لا تجد أفصح منه عند إصدار الأوامر أو في حال توبيخ الموظف، وفي حين أن معاملات التحقيق والعقوبات الإدارية والخصم تسير بسرعة الضوء تجد معاملات حقوق الموظف وبدلاته وترقياته تتململ على ظهر سلحفاة البيروقراطية. وفي المقابل فإنني أعرف تمام المعرفة مديرين استطاعوا بحسهم الإنساني وبعدهم الاجتماعي واحترامهم الصادق لموظفيهم أن يحتفظوا بهم رغم وجود بعض العقبات وأن يقودوا إداراتهم ومؤسساتهم إلى أداء افضل، فكل التقدير والاحترام لأولئك المديرين الذين استطاعوا أن يغرسوا الانتماء للوطن في موظفيهم بممارساتهم لا بتصريحاتهم الجوفاء.

2529

| 03 يوليو 2024

غثاء على بقايا تايتانك

على رسلك فهذا ليس مقالًا رومانسيًا ولا تراجيديًا لأن جميع محاولاتي في هذا المجال باءت بالفشل ولله الحمد، ولا هو حديث في السياسة أستغفر الله العظيم، وليس حديثًا في الاقتصاد فأنا لا أملك شيئًا من مفاتيح اللعبة الاقتصادية، ولا أقصد بالغثاء من هم على سدة الحكم في طول الوطن العربي وعرضه فذلك من المحظورات الموبقات، وحتى أبرئ ساحتي من أي شبهة سأحاول شرح عنوان المقال حتى أقطع الطريق على المؤولين المتربصين. ما الغثاء؟ المقصود به غثاء السيل وهو ما يطفو على السيل من أوراق شجر وزبد وفقاقيع، يعني اشياء ليس لها قيمة، لا تباع ولا تشترى ولا ينتفع بها، فإذا وصف إنسان بأنه كغثاء السيل أصبح موته وحياته سيان، وإذا وصف قوم بأنهم كغثاء السيل فلا ترتجي منهم خيرا، يقول الشاعر لا تطلب الحبّ ممن ليس يعرفه أو تسأل الشوق قلبًا قُدّ من حجر لا يُرتجى الماء من بئر معطّلــةٍ أو يُجتنى ثمرٌ من عاقر الشجرِ أما التايتانك فهي غنية عن التعريف وإن لم أشاهد الفيلم المشهور عنها فقد شاهدت مقاطع مؤلمة منه، فتلك السفينة العملاقة والتي كانت فخر صناعة الترفيه في مطلع القرن العشرين قيل عنها بأنها السفينة التي لا تغرق فغرقت في أول رحلة لها من إنجلترا متجهة إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي، هل كانت مؤامرة؟ من كان السبب؟ الله أعلم المهم أنها غرقت. إحدى اللقطات المليئة بالمشاعر هي تشبث الركاب ببقايا السفينة العظيمة في صراع مع الموج من أجل البقاء، غرقت تايتانك وغرق معها الأمل في النجاة، غرق الترفيه وغرق الصخب وغرقت الرفاهية والأموال والمجوهرات والجاه والحسب والنسب والتاريخ والبطولات، وأصبح الكل يحاول أن ينجو بنفسه متمسكًا بسقط المتاع الطافي على سطح المحيط. أصبح الناجون من تلك الكارثة تحت رحمة المحيط الشاسع، ورحمة الثالوث الفظيع رعب وجوع وبرد، ولا بصيص أمل في الأفق ولا أحد يدري متى وكيف ستبتلعه وحوش المحيط، الفاعل الوحيد هو المحيط أما المتشبثون في بقايا تايتانك فهم الفقاعات التي ستتلاشى عندما تمد الشمس خيوطها الذهبية مؤذنةً بفجر جديد. إلى اللقاء

3519

| 26 يونيو 2024

قصها تبرى... مبدأ أصيل في الإدارة

عندما نحاول معالجة بعض الأمور سواء على مستوى العلاقات الاجتماعية وما يشوبها من منغصات، أو على مستوى بيئة العمل وما يعتريها من تحديات إدارية، فإننا نبدأ بتخصيص جزء من مواردنا لمعالجة تلك المشكلة أو ذلك التحدي، ثم نجد أن المشكلة قد ابتلعت ما خصص لها من مال وجهد ولم يتم تجاوز ذلك التحدي أو حل تلك المشكلة، ثم نعيد الكرة وبنفس الأسلوب وننفق مواردنا وطاقاتنا لعلنا نصل إلى نتيجة مرضية في هذه المرة، وننسى أو نتناسى أن ذلك الأسلوب المجرب لم يأتِ بنتيجة من قبل، الغريب أننا نواصل كأفراد أو كمؤسسات معالجة مشاكلنا بنفس الطريقة، يذهب جيل ويأتي جيل آخر يرث نفس المنهج ولا أحد يفكر خارج الصندوق أو يبتكر أسلوبا آخر لمواجهة تلك التحديات. علينا كمسؤولين وقبل أن ننغمس في البحث عن حل لمشاكل مؤسساتنا أن نأخذ خطوة للخلف نتعرف من خلالها على المشهد الكبير ونقيم كل التحديات والفرص التي تواجهنا، ونحاول فهم عمليات المؤسسة المختلفة ونشخص موقفها الحالي، ثم نضع الخطط الكفيلة بمواجهة تلك التحديات أو اقتناص تلك الفرص المواتية. إن الفهم العميق للتحديات التي تواجه المؤسسة يجعلنا كمسؤولين أقدر على تقييم حجم الموارد والجهود التي علينا أن ننفقها قبل البدء في تلك المواجهة التي قد تأكل كل مواردنا كما تأكل النار الحطب، لذا قد يكون من الأجدر بنا أن لا نواجه تلك التحديات إذا ما كانت كلفتها عالية بل نتعايش معها ونحاول فقط تقليل آثارها. وفي بعض الأحيان قد يكون من الأفضل اتخاذ بعض القرارات الجريئة التي قد يراها البعض راديكالية أو متطرفة لكنها في الحقيقة تصب في المصلحة العامة على المدى البعيد فضلًا عن استنزاف موارد المؤسسة على عمليات إصلاح ما لا يمكن إصلاحه، كإلغاء عقد ما، أو اتخاذ قرار بتخفيض التكاليف، أو تقليص الهيكل التنظيمي، أو حتى إعفاء مدير من منصبه، كل ذلك قد يكون أقل ضررًا وتكلفةً من الإصلاح. وفي الختام يقولون الأولين ما خلوا للتالين شي حتى في علم الإدارة عند شيبانا مثل يقول «قال داوها تبرى.. قال قصها تبرى». وإلى اللقاء

1419

| 19 يونيو 2024

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

16980

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

7974

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الطوفان يحطم الأحلام

العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...

7815

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
الإقامة للتملك لغير القطريين

في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...

6822

| 13 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

3555

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الوأد المهني

على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...

2988

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

2094

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
كلمة من القلب.. تزرع الأمل في زمن الاضطراب

تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...

1614

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1158

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
من مشروع عقاري إلى رؤية عربية

يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...

1086

| 12 نوفمبر 2025

alsharq
رسائل استضافة قطر للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية

شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...

1035

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
الذكاء الاصطناعي وحماية المال العام

يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...

894

| 10 نوفمبر 2025

أخبار محلية