رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل و الشرع وهو ضبط النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه و هو عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقل معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب والصبر ضياء، فقد تمر بالإنسان أوقات عصيبة ومصائب كثيرة فيحس باليأس ويكره الحياة ولايحب الناس عندئذ لا يستطيع فيها فعل شيء، فيكون في غاية الضعف والهزيمة يتضجر ويسخط وكأن هذه المصائب ليست من عند الله وكأنها ليست خيرا له ولكنه ينسى شيئا فعله قبله الكثير وأولهم الأنبياء و بالأخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذي يضرب أروع الأمثلة للبشرية في الصبر عند المصائب واحتساب الأجر عند الخالق سبحانه وتعالى، فالصبر هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسانا ذا مكانة عالية وعظيمة، يتزين بالوقار والاتزان والحكمة فهدي الدين الحنيف يدعو الناس إلى كل خير لما فيه من صلاح حياتهم الدنيا وسعادتهم في الآخرة لذا فعلينا كأمة وسط وخير أمة أخرجت للناس أن نكثر من الطاعات فهي تدربنا على الصبر، والذي يجب علينا جميعا أن نتواصى به والنصح له والحرص على تقوى الله في جميع الأمور، لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع.فالصبر صفة يتسم بها المسلمون وتعتبر من صفاتهم وأخلاقهم التي يتسمون بها عن غيرهم والصبر يكون في جميع وجهات الحياة اليومية ونحتاج إليه في الحياة لكي نعيش بهدوء وعقلانية وحياة خالية من المشاكل، والصبر متعلق بالإيمان لذلك ينال المرء عليه الأجر والثواب فمن غمر قلبه الإيمان تزين بالصبر لأن هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسانا ذا مكانة عالية وعظيمة يتزين بالأدب مع الله والاتزان والحكمة ويعطى الإنسان الهيبة واحترام الآخرين له، فالصبر صفة من صفات الأنبياء، وبالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وذوي الجبن والضعف والخور وعندما نتكلم عن الصبر فإننا نتكلم عن نصف الإيمان وعن مبدأ أساسي من مبادئ ديننا والذي يساعدنا على الصبر هو فهم قيمته ومعرفته، لأن الله فرض علينا الفرائض ليزكي أنفسنا ونتعلم منها الصبر وضبط النفس وقوة التحمل فمن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبر على أذى المشركين رغم أنه قادر على الدعاء عليهم بالهلاك ولكنه فضل أن يصبر عليهم رغبة في نيل الأجر من الله تعالى ورغبة في إسلامهم أو إسلام أبنائهم من بعدهم، فالصبر عند المصائب من الأشياء الواجبة على الإنسان وأنها سبب لتكفير ذنوبه وقد صبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق على الأذى الذي ناله من كل حد وصوب فهؤلاء قريش يحاصرونه وبنو هاشم في الشعب وأما أهل الطائف فلقي منهم ما لقي حتى إن ملك الجبال قال له: لو شئت أطبقت عليهم الأخشبين وهما جبلان محيطان بمكة المكرمة فقال لا: لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله، فالكثير من البلاء حصل له صلوات ربي وسلامه عليه في سبيل الدعوة لكنه صبر واحتسب، فعلينا الاقتداء برسولنا في الصبر والتحمل لكي ننال الأجر والثواب فالصبر على البلاء أو على المصائب أو على الإيذاء من الآخرين أو على أي شيء يحتاج منا إلى صبر فإننا بصبرنا ننال الأجر والثواب إن شاء الله وكذلك الصبر على ضيق الحياة وعسرها مثل أن يكون الإنسان فقيرا فعليه أن يصبر على ما قسمه الله له ولا يشكو إلى الناس وإنما يصبر ويشكو حاله إلى الله وعليه أن يصبر كما صبر رسول الله صلى الله علية وسلم.ومن أنواع الصبر المحمودة والتي يؤجر عليها المرء الصبر على طاعة الله تعالى لأن الطاعات تحتاج من الإنسان إلى بذل الجهد في القيام بها وأدائها على أكمل وجه مثل أداء الصلوات في أوقاتها وغيرها من الطاعات التي تحتاج إلى صبر وعزيمة في القيام بها والصبر على العبادة والامتناع عن الراحة والنوم وتحمل المشاق والمتاعب والالآم في سبيل التقرب بالعبادة إلى رب السموات فينال الأجر بغير حساب، وكذلك الصبر على المعصية، فالمغريات كثيرة لذلك نحتاج إلى الصبر العظيم والإرادة القوية لعدم الوقوع في المعصية، فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس، فمن هذا الأصل الكبير من أصول العقيدة الإسلامية تتفرع الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلم الصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، فهو صابر مع الناس جميعا لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه أن الصبر رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق.
2675
| 23 يوليو 2015
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره فكان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر والقراءة والصلاة والاستعداد لذلك بالطاعة وغيرها وفي الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيى ليله وأيقظ أهله، ألم يأن أن يحي المسلم العشر بقلبه ولسانه وجوارحه ويبدأ البعض بتعويد نفسه في هذا الشهر على الصلاة والصوم ويستمر عليه ولكن بعد انتهاء الشهر ينهي عبادته وتفتر لديه الرغبة للطاعة لذلك نرى المساجد تمتلئ ببداية الشهر وفي النهاية يهملون صلاتهم ويقصرون والسبب نهاية شهر عظيم مبارك فينشغلون عن ربهم ويبتعدون عنه لأجل الدنيا ومشاغلها، ويبدأ المسلمون يستهلون ليالي العيد بالخير والسرور،فهكذا تمر الأيام وتنقضي الليالي وقد أذن الله لرمضان بالرحيل،فقد ربح فيه المسلم الذي أدرك سرائر الصيام فخرج من هذا الشهر وقد غفر الله له ذنوبه مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه) رواه الجماعة.فإن ما رأيناه في رمضان ليثلج الصدور ويفرح القلوب مساجد ممتلئة بالمصلين والذاكرين لله تعالى والقارئين لآيات القرآن الكريم،قلوب عمرت بالإيمان فتقربت إلى الواحد الديان ترجو رحمته وتخشى عذابه وألتهجت الألسن بالدعاء والرجاء، وامتدت الأيدي بالأنفاق والإحسان الكل يطمع في مغفرة الذنوب وتفريج الكروب شيء مفرح أن يتعرض المسلم لنفحات الله تعالى لعل أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبد،،ولكن إنه لمن المؤسف والمؤلم أن تهجر المساجد بعد رمضان وتنسى آيات الله وتبخل الأيدي بالأنفاق،وكأن العبادة اقتصرت على رمضان فقط ألم يكن رب رمضان هو رب غير رمضان؟ بلى إن رب رمضان هو رب الشهور كلها وإن كان رمضان انتهى فإن الله باقي لاينته وإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ففي ظلال هذه الهداية ينضر العيش وتطيب الحياة ويهنأ الأحياء وأولى الخطوات نحو هذه الحياة الراشدة الهنيئة إيجاد الفرد المسلم الصادق الذي تتمثل فيه صورة الإسلام المضيئة المشرقة يراها الناس فيرون الإسلام ويتعاملون معها فيزدادون إيمانا به وإقبالا عليه، ومن هنا يزن أعماله بميزان مرضاة الله عز وجل فما رجحت به كفة هذا الميزان قبله وارتضاه وما شلت به الكفة أعرض عنه وجفاه وبذلك تستقيم مقاييس المسلم وتتضح أمام عينيه معالم الطريق المستقيم والسبيل القويم، فلا يقع في متناقضات مضحكة سخيفة كأن تراه يطيع الله في أمر ويعصيه في آخر أو يحل الشيء عاما ويحرمه عاما وإذ لا مجال للتناقص ما دامت المنطلقات صحيحة والمنهج بينا والمقاييس ثابتة.يطل علينا بعد عدة أيام عيد الفطر ونحن على مشارف استقبالنا لعيد الفطر ونهاية الشهر الفضيل حيث نلمس مظاهر البهجة تعم البيوت والشوارع، ومهما كانت المبالغة في استقبال عيد الفطر لدى البعض إلا ان سمة الحب والتسامح تبقى هي الهدف الاسمي، لأن شهر رمضان يعتبر مرحلة جديدة في حياة الناس فان استقبال عيد الفطر هو تتويج لما قام به هؤلاء من مبادرات وسلوكيات سمحة لكيفية استقبال عيد الفطر ولكن نتمنى ان يكون الهدف واحد ألا وهو بداية مرحلة جديدة خالية من الأخطاء والسلبيات، وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجبلة طبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات يحتفلون فيها ويتجمعون ويظهرون الفرح والسرور فهذه أعياد نسك جاءت بعد العبادة وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا )متفق عليه، كما ظهر جليا اختصاص المسلمين بهذين العيدين وهما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها، لذا لا يستطيع المسلم إلا أن يكون صاحب رسالة في هذه الحياة هي أن يكون الحكم لله وحده في شتى شؤون الحياة، لا يكمل إسلامه إلا بحملها ولا تتحقق عبادته لربه إلا بالعمل الجاد الدائب المخلص على تحقيقها في واقع الحياة، وهذه الرسالة هي التي تعطي للمسلم هوية الانتساب الصحيح للإسلام وهي وحدها التي تدخله في زمرة المسلمين المجاهدين الصادقين، فلا يفرط في طاعة الله تعالى بالامتثال لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه لأن المسلم لابد وأن يدرك أن أفضل الأعمال أدومها وإن قل.
354
| 16 يوليو 2015
إن بلاء الإنسان من اللسان أما أهل الاعتدال وهم أهل الصراط المستقيم الذين ساروا على هدي الإسلام وتعاليمه فقد كفوا ألسنتهم عن الباطل و أطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الدنيا و الآخرة ،فكنْ منهم واحرص ألا تقول إلا ما يرضي الله و رسوله صلى الله عليه وسلم ،فلقد شبه الله سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي يبارك الله سبحانه في ثمارها فتؤتي أكلها بإذن ربها ،هذه هي الكلمة الطيبة وهذا هو قدرها وفضلها عند الله تعالى، فالمسلم في رمضان يعلم قيمة الوقت وفوائده فهو يستثمر أيام رمضان ولياليه في الذكر وتلاوة القرآن والبر ووجوه الخير ولا يقتصر اهتمامه بالوقت على رمضان فقط ،إنما يستثمر في كل زمان ومكان ما ينفع ويفيد فلا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك ثروات مهمة وطاقات لايستهان بها تهدر وتذهب سدى في مجتمعنا وليس لذلك سبب إلا لعدمتقدير الناس لعامل الوقت ومدى الاستفادة منه ،وحتى نستفيد من هذه الطاقات ومن الجهد المبذول يجب علينا أن ننشِّىء أجيالنا على إدراك مسؤولية الوقت وبيان قيمة الوقت الحقيقية والوعي بخطورة الزمن، فلنهيىء أنفسنا على احترام الزمن والانتفاع من أوقاتهم وعدم ضياعها سدى ،ولندرك أن الحياة والعمر رأس مالك الضخم ولسوف تسأل عن كل لحظة قضيتها وتصرفك فيها فقد علمنا حبيب الله صلى الله عليه وسلم أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع :عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا فعل فيه.والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه، فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيما في محاربة طوائف المبطلين الذين ينادي بعضهم بعضا خاصة في أيام رمضان، تعال نقتل الوقت بشيء من التسلية وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر ، وإن قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد وإضاعة للجماعة ،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم :نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ، إننا لا ننكر الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في حياتنا اليوم ،فهي تعتبر عاملا من عوامل النمو والتطور الذي يجب أن نغتنمه في سبيل الرقي والتقدم ،ولكن لا يغيب عن أذهاننا أنه لا يمكنلهذه الوسائل أن تؤدي دورها إلا باستخدام أذهاننا التي تحسب للزمن حسابه وتقدره تقديرا ،فبدون هذه العقول لا يمكن أن ننتظر النتائج المرجوة وهنا يظهر لنا دور استثمار الوقت والذي نقصد به تلك العملية التي تقوم على إكتساب الفرد وعي بالزمن وبأهميته ؛ ذلك بتلقينه الطرق والوسائل الكافية لتنظيم أوقاته والتعامل معها تعاملا إيجابيا وفق أهداف وغايات يستفيد منها المجتمع ويحقق الرفعة والتقدم لأمته ،وحتى يكون مهيأ لا ستقبال ظروف مجتمعه والمساهمة في حل مشاكله، ولكي يقدر الناس قيمة أوقاتهم علينا أن ندرب أبناءنا على تنظيم أوقاتهم منذ نعومة أظفارهم ،فإننا نعيش بالفعل في عصر تسيطر فيه التكنولوجيا وآلياتها التي تجتاح بيوتنا لتتعايش فيه عاداتنا وتقاليدنا جنبا إلى جنب، فما أحوجنا في هذه الظروف إلى خطة ومنهج يتعلقان بترشيد هذه العملية التي هي استثمار الوقت فيما يفيد وينفع وما يعود على الفرد من خلال تطوير ذاته وما يعود على المجتمع من رقي وتقدم ،فلا ننتبه إلا بعد مرور الوقت وعندها نتذكر أيامنا وما ذهب منها سدى بلا فائدة وحينها لاينفع الندم بعد فوات الأوان ،وإننا نريد أن نعرف قيمة الوقت واستثماره والاستفادة منه في طاعة الله عز وجل والعمل بما ينفع وما يعود علينا بالفائدة وما يحقق لأمتنا الريادة وسط الأمم ،فالعمر قصير واللحظات محسوبة على الإنسان والواجبات أكثر من الأوقات واللحظة التي تمضي لن تعود مرة أخرى ولن يعرف الإنسان قيمتها إلا في يوم الحساب
385
| 16 يوليو 2015
من أخص صفات المؤمن الصمت وحفظ اللسان بما يكون فيه السلامة من الوقوع في الزلل ولعل الكلام أوسع نشاط يقوم به الإنسان، في حياته ، والكلام خاضع لمنهج الله فرب كلمة ارتقيت بها إلى أعلى عليين، ورب كلمة هويت بها إلى أسفل سافلين ،فحفظ اللسان أن يصون المرء لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور وغير ذلك مما نهى عنه الشرع الحكيم ،فإن من بعض معاصي اللسان وجوب النار وهل يجر الناس يوم القيامة إلى النار إلا حصائد ألسنتهم ،لأن الذي يتحدث بما قاله الناس عن رجل ينقله إليه يحدث شرخا كبيرا في العلاقات الاجتماعية، فمعظم المسلمين ولست مبالغا في معظم لقاءاتهم وسهراتهم يتحدثون عن بعضهم بعضاً غيبة ونميمة، فحفظ اللسان أن يصون المرء لسانه لأنه في رمضان يصوم وتصوم جوارحه عن فعل كل محرم ، يخاف الله يرجو رحمته ويخشى عذابه، فلقد خلق الله تعالى الإنسان لغايات ؛ وأسمى هذه الغايات العبادة وقد من علينا سبحانه وتعالى بنعم عظمية وجليلة (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ،ومن هذه النعم الجوارح التي ينبغي على كل إنسان توظيف هذه الجوارح وتسخيرها في طاعة الله تعالى والقرب منه حتى تكون هذه الجوارح لنا نعمة وليست نقمة.ومن هذه الجوارح اللسان فهو نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل له في الخير مجال واسع وله في الشر ذيل طويل فمن أطلق لسانه وسلك به سبل الشيطان ،فإن مصيره الهلاك بلا شك و لا ينجو الإنسان من شر اللسان إلا من قيده بأمور الشرع فلا يتكلم إلا بما ينفعه في الدنيا و الآخرة واللسان أعصى الأعضاء على الإنسان وهو أعظم وسيلة يستخدمها الشيطان ضد بني آدم، ومن هنا فإن النبي صلى الهم عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه (كف عليك هذا يعني اللسان فقال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال صلى الله عليه وسلم :ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم )رواه أحمد، لذلك يجب على كل مسلم امتلأت نفسه رضا وطمأنينة بروح الإيمان الندية و خالطت نفسه تعاليم الإسلام وهدايته السمحة ،أن يعلم أن اللسان له تبعات خطيرة ربما تكون سببا لحتف الإنسان في المهالك خاصة وهو صائم حتى لا يضيع صيامه فهو يحفظ لسانه من كل سوء ومن اللعن والسب والشتم وما يكون سببا للقطيعة بين المسلمين ،لذلك فهو عنها بعيد جدا و إنه ليزداد عنها بعدا كلما تبدت له الأسوة الحسنة مجسدة في هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لم تصدر عنه كلمة واحدة تخدش سمع السامع ،أو تجرح شعوره أو تمس كرامته و يبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم الذروة في اجتثاث عوامل الشر و الحقد و العدوان من النفوس حتى يصور للمسلمين المصير الأسود الخاسر لمن أطلق لسانه في أعراض الناس ،فإذا بتلك الشتائم الجوفاء و القذف الأرعن و الاعتداءات البشعة الرخيصة التي بدرت منه ذات يوم ،تأتي على كل ما جناه في حياته من حسنات و ترده مفلسا خالي الأعمال من كل عاصم يعصمه من النار يوم الحساب الرهيب ،ومن حكمة الله تعالى أن جعل جميع أعضاء الجسم تطالب اللسان بالاستقامة فما من صباح يصبح فيه الإنسان إلا و أعضاؤه تذكر اللسان وتقول له : اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا واللسان فيه آفتان عظيمتان إن تخلص من إحداهما لم يتخلص من الأخرى آفة الكلام و آفة السكوت فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله مراء و المتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله ولقد صدق من قال عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان.
1700
| 15 يوليو 2015
الإسلام يربي أبناءه على تحمل المسؤولية ومعرفة دور الفرد في التعاون مع مجتمعه والعمل على رفعته وتقدمه، فتجد المسلمين يتعاونون فيما بينهم ويترابطون كل منهم يحس بمسؤوليته عن إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين ،فيساعد ويعلم ويتعاون ويعلم أن من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،وذلك مما يميز الفرد في المجتمع الإسلامي وهو فاعليته ونشاطه ودأبه في خدمة إخوانه المسلمين, فمن أجل العهد مع الله والأمانة والوفاء في الحياة الدنيا لابد أن يدرك الحقوق والواجبات في الإسلام، فلا تطغى حياته الدنيا على آخرته فيخسرهما جميعا، وبما أن هذه الأيام أيام خير وعطاء فلا بد وأن تجعل همك هو ابتغاء مرضاة الله تعالى حتى تجعل من صومك وسيلة للانتفاع به في الدنيا و الآخرة ويكون ذلك بحرصك على المساكين والاهتمام بشأنهم وتقديم يد العون لهم، الإنسان في رمضان لابد وأن يعلم أن عليه مسؤولية ينبغي أن يؤدي ما عليه من واجبات حتى يكتب عند الله من السعداء ،فمسؤوليتنا نحو أبنائنا وأزواجنا عظيمة والحذر من التقصير فيها ،فالبشرية كلها قديمها وحديثها أجمعت على أن الولد ثمرة الفؤاد وريحانة القلب وبهجة الحياة ،وجذور الإنسان التي تمتد ولا تذبل إذا ذوى أو انطفأ، يكون فيه للإنسان امتداد لذا لا يماري أحد في أن الرغبة في الولد فطرة إنسانية ثابتة راسخة في حياة الإنسان.فما أحوج أبناءنا في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمتنا إلى مثل عليا وقدوة صالحة يتخذونها نبراسا يهتدون بها في حياتهم الخاصة والعامة ،وتاريخ سلفنا الصالح حافل بهذه المثل التي نمر عليها في قراءتنا بدون وعي ولا تأسٍّ ولا اهتداء كأنما نقرأ للثقافة فحسب، وما جدوى الثقافة والمعلومات إذا لم يكن لها أثر في توجيه شباب الأمة إلى خير العمل وعمل الخير في هذه الحياة، لقد نزل القرآن الكريم للبناء والعطاء ,لبناء الإنسان الخير السوي وعطاء الحضارة الندية السخية ،وإن بعد الناس عنه فسيبقى نداؤه ملحا وهديه ميزانا ،لأنه جاء للإنسان وإن أي فكرة لا تتصل بالإنسان وأي عقيدة أو مبدأ لا يتوجه للإنسان بخير أو ضر لن يكون لها في البشرية صدى ولن تعمر طويلا من المدى ،وإن من أعظم الأفكار التي كانت تصاحب البشرية على امتدادها ،هي تنشئة الإنسان تنشئة صحيحة وتربيته تربية سليمة قويمة ووضعه الموضع الصحيح المريح من هذا الكون بأحيائه وجماداته في حاضره ومستقبله,فما من أب في الحياة إلا ويسعده أن يرى أبناءه على أدب جم وخلق كريم وهو يستمد هذا من سعادتهم بأنفسهم وسعادة المجتمع بهم ،ولكنه هدف كبير يحتاج إلى التخطيط له والاحتفاء به ووضعه نصب العين من أول يوم يرى الولد فيه النور ،فكلما رأينا ولدا يملأ السمع والبصر يسعد الناس بأفعاله ويشد انتباههم بحسن سلوكه أيقنا أن وراء ذلك أبا أو أما تعهده أحدهما أو كلاهما في كل أموره لم يغفلا عنه لحظة,وعلى العكس من ذلك لو رأينا ولدا منحرفا أو هازلا لا يعبأ بنقمة الناس عليه ؛ لرددنا ذلك في الغالب إلى ضعف الرعاية وسوء التربية الأولى ،وليس أمر التنشئة الأولى صعبا إذا وضعنا في اعتبارها أمورا منها أن الولد في حال الطفولة مستعد أن يتقبل كل توجيه متأثرا بغريزة التقليد فمن السهل أن نظهر أمامه في أحسن مظهر سيرة وسريرة وقولا وعملا إنه في هذه الحالة سيستوعب كل شيء أمامه ويختزنه في ذاكرته ثم يقلده ثم يصبح له شيئا مألوفا وعادة يقلدها متى أراد، فلتعي أن كلا منا مسؤول ومحاسب عن أهله وأولاده وأبناء مجتمعه يرشدهم إلى الخير ويحذرهم من الشر خاصة في هذه الأيام أيام رمضان وأنت تحس بمسؤوليتك تجاه أسرتك ومجتمعك فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
212
| 14 يوليو 2015
إن أمة الإسلام خير الأمم بما تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وأفرادها خير البشر بما يمتازون به من إيمان وصدق مع الله وامتثال لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ،فمجتمع يتصف أفراده بالإيجابية يحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وإنجازا رائعا، لأن من يتمتع بالإيجابية يحفز و يشجع على عكس من يثبط ويحبط ويكون صاحب نظرة تفاؤلية ويبشر ولا ينفر وليس صاحب نظرة تشاؤمية، فهو مقبول عند الله وعند الناس لأن همه ليس تصيد أخطاء الآخرين بل إصلاحها، إنها درجة عظيمة يبلغها الإنسان الإيجابي ؛درجة ينسى فيها نفسه ومشاعره ويكون همه الآخرين وإصلاح المجتمع بقدر ما يستطيع ،إنه ارتقاء بالنفس لمنزلة عليا والسمو بالروح إلى خارج نطاق الإطار البشري المحدود وخارج القيود الأرضية الضيقة ونقصد بهذا التأثير الإيجابي على أنفسنا وعلى الآخرين، فشهر رمضان هو شهر القرآن فرض الله عز وجل علينا صيامه وسن لنا النبي صلى الله عليه وسلم قيامه، فهو ركن حصين من الأركان التي بني عليها الإسلام لذا فالمرء يغتنم شهر رمضان ليكثر من أعمال البر والخير والتي تكون في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،وليتذكر المسلم أن الله عز وجل فرض علينا في رمضان صدقة الفطر والتي شرعها الله عز وجل طهرة للصائم من اللغو والرفث وصغائر الذنوب وطعمة للمساكين كما علمنا الهدي النبوي بأن نغنيهم في مثل هذه الأيام فلا يسألوا الناس في أيام العيد.فالإسلام دين يقوم على البذل والإنفاق ويضيع عند الشح والإمساك ولذلك حبب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية ،وأوصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم لا ينفكون عنه في صباح أو مساء، من هنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبذل كل ما تصل إليه يده، فيوزعه على الناس لا يدخر منه شيئا لنفسه ولا لآله ،دربه في ذلك أن يرد الخير إلى مستحقيه يفتح به مغاليق القلوب الصلدة ويؤصل في النفوس خليقة الكرم ،فإن هذا النمط العالي من الكرم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو المثل العلي للكرم الخالص البعيد عن الغايات والمطامع والشبهات حققه الرسول الكريم في واقع الحياة ،ليكون مثالا للإنسانية يحاول كل مسلم الارتقاء إليه وإنه ليؤكد استعداد الإنسان للصعود في مدارجه وقدرته على بلوغ مستويات رفيعة فيه ،متى تألقت حقيقة الإيمان الكبرى في نفسه ومن هنا يزداد الإنسان كرما كلما ازداد من الله قربا وكلما استشعر ما أعده الله من نعيم للكرماء الأسخياء الباذلين في سبيله ازداد سخاء وبذلا، وكلما قويت صلته بالله ازداد شعوره بثمرات الكرم عمقا وزاد عطاؤه امتدادا وسعة ،فلقد كان الهدي النبوي حريصا على تأصيل فضيلة الكرم في نفوس المسلمين وجعلها من الفضائل التي يتسابق المسلمون إلى التحلي بها والتنافس فيها، فلقد بين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم فضل الإنفاق والتصدق في سبيل الله وثماره وآثاره، أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده بما يحصل فيه من بركة الإنفاق والعطاء، لأن كثيرا من المبتعدين عن الإنفاق والتصدق يظنون أن الصدقة تذهب بالمال وتفنيه أو تنقصه، وهذا بسبب غلبة حب الدنيا على قلوبهم، فما نقص مال من صدقة، فالإسلام في يسره وإنسانيته يوصي بالمودة بين المسلمين ويحث على الإنفاق ،لهذا ينبغي على كل عبد واعٍٍ أن يكون متصدقا لا ينسى صدقة الفطر في مثل هذه الأيام المباركة ولا تلهيه الدنيا عن تفقد المحتاجين والمساكين وبرهم وإكرامهم ومعونتهم، فهدي الإسلام الحنيف أوجب على كل مسلم أن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه وهذا يعني الحرص على نفعهم والتعاون معهم ومد يد العون لهم.
272
| 13 يوليو 2015
إن المسلم يعلم أن الله فرض عليه العبادات ليطهره بها فيجلب الخير لنفسه ويدفع عنها الشر بالتزامه بفرائض الدين وهدي الإسلام، فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري ،وهزته الذكرى فارتد بصيرا متيقظا تائبا مستغفرا ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: جددوا إيمانكم قيل : يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا ؟ قال :أكثروا من قول لا إله إلا الله ،فالمسلم يستعين على تقوية روحه وإصلاح نفسه بضروب من العبادة والذكر مراقب لله في السر والعلانية ،مستحضرا خشية الله ومراقبته إياه ولا يحيد عن الحق ولا ينحرف عن جادة السبيل، فاحذر أيها المسلم الغفلة عن الله تعالى إذا أردت أن تكون قريبا منه وجليسا له وأكثر من الذكر وداوم عليه لعلك تفوز برضاه إنه سميع قريب مجيب، واحذر أن تتجرأ على المعصية واستحي من الله حق الحياء ولا تكون من الذين لا يستحيون فيصنعون ما شاءوا، فالحياء من أعلى خصال الإيمان فعلى كل إنسان في رمضان ،أن يعي أن الحياء ملاك الخير كله وهو عنصر في كل عمل يفعله الإنسان ،فما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه فلو تجسم الحياء وصار محسوسا لكان رمزا للصلاح والإصلاح فمن حياء المرء مع الناس أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم وأن يؤتي كل ذي فضل فضله.وحياء العبد من ربه أن يتقي الله تعالى ويصبر ويخش الله عز وجل ويخاف منه، وحياء الخالق سبحانه وتعالى من عبده حياء كرم وجود وجلال،فإنه تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، أما الحياء الذي بين العبد وبين الناس فهو الذي يكف العبد عن فعل ما لا يليق به، فيكره أن يطلع الناس منه على عيب ومذمة فيكفه الحياء عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق والذي يستحي من الله يجتنب ما نهاه عنه في كل حالاته، في حال حضوره مع الناس وفي حال غيبته عنهم وهذا حياء العبودية والخوف والخشية من الله عز وجل وهو الحياء المكتسب من معرفة الله ومعرفة عظمته،وقربه من عباده واطلاعه عليهم،وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا يعد من أعلى درجات الإحسان، ومن يستحيي من الناس لا بد أن يكون مبتعدا عما يذم من قبيح الخصال وسيء الأعمال والأفعال، فلا يكون سبابا ولا نماما أو مغتابا ولا يكون فاحشا ولا متفحشا ولا يجاهر بمعصية، ولا يتظاهر بقبيح فحياؤه من الله يمنعه من فساد الباطن، وحياؤه من الناس يمنعه من ارتكاب القبيح من الأفعال والأخلاق الدنيئة خاصة في هذه الأيام المباركة وهو صائم لله تعالى يبتغي عند الله العزة ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، فإن الله إذا أراد بعبده هلاكا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا فإذا كان مقيتا نزع منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا كان خائنا مخونا نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزع ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه، لم تلقه إلا شيطانا، ومن قلة الحياء ضعف الغيرة في قلوب بعض الرجال والحياء في أسمى منازله وأكرمها يكون من الله عز وجل ،فنحن نطعم من خيره ونتنفس في جوه وندرج على أرضه ونستظل بسمائه ،فإن حق الله على عباده عظيم فلو قدروا الله حق قدره لسارعوا إلى الخيرات يفعلونها من تلقاء أنفسهم ولبعدوا عن السيئات خجلا من مقابلة الخالق ،فإن على المسلم تنزيه لسانه من أن يخوض في باطل وبصره من أن يرمق عورة أو ينظر إلى شهوة وعليه أن يفطم بطنه عن الحرام ثم عليه أن يصرف أوقاته في مرضاة الله.
313
| 12 يوليو 2015
إن هدي الإسلام جاء ليعلم الناس الإيجابية وكيف يكون المسلم كالشجرة التي تظل من حوله وكيف يكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار، فيكون متعاونا صاحب مودة يحب الناس ويحبه الناس ينظر بعين الرضا بعيدا عن السلبية حقا فهو خير البرية، وهذا ما يوائم طبيعة النفس البشرية التي هي تميل إلى البدء بالبر والتعاون والعطاء ويلائم منهج الإسلام العام في تنظيم المجتمع الإسلامي، إذ جعل التكافل الاجتماعي يبدأ من محيط الأسرة ثم يمتد إلى دائرة الأقربين ثم ينساج في محيط الجماعة في سهولة ويسر وفي تراحم ورضا ومودة، مما يجعل الحياة حلوة جميلة لائقة ببني الإنسان، وحسبه أن يعلم أن رحمة الله تحجب عن القاطع السلبي فلا تتنزل عليه يدعو فلا يستجاب له دعاء، ويعمل فلا يرفع له عمل ويفيء إلى رحمة ربه فتبتعد عنه، إن الإنسان في رمضان يفعل الخير دوما فتراه دائما يحب الخير ويكثر من فعله لأنه علم قيمة الإيجابية فهو بعيد عن السلبية.فالإيجابية هي أن يكون الإنسان فيضا من العطاء متفائلا لا ييأس حتى وإن قنط الآخرون يستطيع أن يصنع من الشمعة نورا، فهو جميل لذا فإنه يرى الوجود جميلا خاصة في أيام الصيام والتي يكون فيها المسلمون قدوة لغيرهم، فهذه سمة من سمات أبناء هذه الأمة، ومن أجل ذلك تعد أمتنا أمة رائدة بما تحمل من عقيدة قوية وإيمان راسخ وبما تنتهج من وسطية واعتدال في شؤون حياتها الدنيوية والآخروية، فلا تعنت وتشددا يحدث خللا في أوساطها ولا تسيب وانفلاتا يقلبها رأسا على عقب وإنما بما لديها من إيجابية تستطيع من خلالها حمل راية القيادة فتدرك بذلك الأخطار الناجمة التي تحيط بها، فتعمل جاهدة على الحفاظ على كيانها واستقرارها فتعمل على تحقيق الرفعة والتقدم، فإن جميع من يعيش على ظهر المعمورة يدركون أن أمة الأسلام أمة عريقة واسعة الأرجاء غنية التجربة راسخة الجذور، فالمرء الذي تربى على هدي الإسلام وارتوت نفسه من معينه الطاهر حريص كل الحرص على نفع الناس في مجتمعه، لكي يكون عضوا فعالا في جسد هذه الأمة التي ترتقي بسواعد أفرادها فهو يرفع من شأن أمته ويدفع الأذى عنها، ذلك أنه بحكم تكوينه وتنشئته على مبادئ الحق والخير والفضيلة والقيم أصبح عنصرا بناء فعالا نافعا ،لا يطيق أن يرى الفرصة متاحة لفعل الخير إلا وينتهزها، وإنه ليعلم أن فعل الخير يؤدي إلى الفلاح، فإنه ليسارع إلى فعل الخير واثقا بمثوبة الله له في كل خطوة يخطوها في فعل الخير فهو صائم وكل يوم يمر عليه يكون فيه إيجابيا يصلح فيه بين المتخاصمين ويعدل بينهما يكون له بذلك صدقة وأجر. ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ويميط الأذى عن الطريق صدقة، فالثقافة الإسلامية تطبع شخصية الفرد بطابع معين يميزه عن غيره، ومن تلك السمات الفريدة التي يمتاز بها المسلم الإيمان والتقوى والورع والخشوع لله تعالى والطاعة والصبر والمصابرة، والأمل والرجاء والتوكل والاعتماد على الله تعالى، فيتربى المسلم على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر والحلم والوفاء بالعهد والعقود وطلاقة الوجه والتمسك بالآداب العامة والنظافة وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية، لأن الكمال البشري لا يصنعه شكل ولاصورة ولا تصنع في أمور الدين، إنما الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الإنسانية تزكو به وتسمو، لذلك تبرز أهمية الإيجابية في أنها تحقق جوانب دينية واجتماعية فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالإيجابية يكون همه كيف يصلح ويبني ويبتعد عن أي تصرف يفسد ويهدم فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى.
248
| 11 يوليو 2015
التفكر أصل الخير والشر فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب وأنفع الفكر الفكر في مصلحة العبد وفي طرق اجتلاب الخير، وفي دفع مفاسد الشر وفي طرق اجتنابها، فالتفكر نشاط واسع جدا أن تُعمِل فكرك في الشيء تقلبه على وجوهه، وأعلى درجات الفكر التفكر في آلاء الله ونعمه وأمره ونهيه، وطرق العلم به، وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما، وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة، تعرفه وتحبه إن فكرت في آلائه، فإذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها وفي الدنيا وخستها وفنائها، أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، وكلما فكر في قصر الأمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع في اغتنام الوقت، هذه الأفكار تعلي همته وتحييها بعد موتها وسكونها، والأفكار الرديئة التي تجول في قلوب أكثر الخلق كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه، ولا أعطي الإحاطة به من فضول العلم الذي لا ينفع، فإن أيام شهر رمضان حقا هي أيام طيبة مباركة يعيشها المرء الآن مما يستوجب عليه أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به، دائم الذكر له والتوكل عليه يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ،ويحس في أعماقه أنه بحاجة دوما إلى قوة الله وعونه وتأييده ،مهما بذل من جهد ومهما اتخذ من أسباب يقول الله سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكر كثير وسبحوه بكرة وأصيلا )الأحزاب:41-42.فإن إيمان المسلم يجعله يذكر ربه في كل وقت ويراه في كل شيء من مشاهد الطبيعة وأحداث الحياة ومثله الأعلى في ذلك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان يذكر الله في كل أوقاته وأحيانه في يقظته ومنامه وذهابه وجلوسه ،وليست حقيقة الذكر باللسان فقط بل لابد أنه ينشأ أولا في الشعور والوجدان ثم يفيض على اللسان مناجاة وتسبيحا وتحميدا وتنزيها وحينئذ يكون المسلم من الذاكرين لله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما ،والمسلم الذي يذكر ربه يذكره ربه كما يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ) رواه أحمد، فما أعظم هذا الذي يذكره ربه ويرعاه وإذا سأله استجاب لدعائه ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه لأن الذكر حياة للقلب ونور له والغفلة عنه موت وظلام ،أما الذي يغفل عن ربه وذكره فهذا ينسى حقيقة الوجود ويجهل سره ،ولهذا لا ينبغي للمسلم أن ينسى ربه أو يغفل عنه وإلا فماذا يذكر إن نسي ربه، إن من أعظم الذكر وأجله تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه والتفكر في آلاء الله وحسب المسلم التقي الواعي أن يتأمل الصورة الجميلة المحببة إلى قارئ القرآن التي رسمها الرسول الكريم ببيانه البليغ الفذ ،ليملأ بياض أيامه وسواد لياليه بتلاوة القرآن الكريم والتغني بمعانيه العالية المباركة ،فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ فقال :أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل فما أجمله في أيام الذكر وأيام القرآن وهي أيام وليالي شهر رمضان، فلا ينسى المسلم الحق وهو يتعهد نفسه ويبني كيانه الجسمي والعقلي ،أنه ليس مكونا من جسم و عقل فحسب وإنما يدرك أن له قلبا يخفق وروحا تهفو ونفسا تحس وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة ،والتطلع إلى ما عند الله من نعيم والخشية مما لديه من أنكال وجحيم ،ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعتني بروحه ،فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار بحيث يبقى يقظا متنبها متقيا أحابيل الشيطان الماكرة ووسوسته المطغية.
293
| 10 يوليو 2015
إن أمتنا الإسلامية خير أمة أخرجت للناس تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير إنه لمجتمع إنساني راق متواد متماسك مترابط متعاون تقوم أركانه على منهجية الحب والألفة، يكرم فيه الإنسان وتحترم على أرضه الأخلاق تنتشر السماحة والود بين أفراده والتعاون على البر والتقوى والبعد عن كل ما يقطع أواصر المودة والمحبة وتسوده القيم الإنسانية العليا،فأيام الصيام والمسلم قريب من الله تعالى توقظ القلوب وتحي الضمائر ولا يؤتى هذا الصوم ثماره إلا بسلامة الصدور وطهارة القلوب وسخاء النفوس، فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فشهر الصيام هو شهر القرآن وشهر البر والإحسان يتقرب فيه المسلم بالطاعة فيربح هذه الأيام الطيبة ويكتب عند الله تعالى من الفائزين، فيكون الصيام شفيعا له يوم القيامة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فالصيام والقرآن يشفعان للعبد، فكل مسلم يستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، فهو يحب الله تعالى فيسعى جاهدا في أداء الفرائض والبعد عن المنكرات ويحب الناس فيتخلق معهم بالأخلاق الحسنة ويعاملهم بالمعاملة الطيبة،فالمرء الصالح يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، عندئذ هنيئا لهذا المؤمن الحق نعيم جنة التي فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.فكل منا يسعى بكل ما يملك من جهد وطاقة نحو رضا الله تعالى والسعي للفوز بجنة عرضها السماوات والأرض فيغتنم الأيام والليالي الطيبة في التزود بتقوى الله تعالى والعمل الصالح الذي يكون حصنا للمؤمن وأمانا له من النار فيقربه من الجنة ويباعده عن النيران، فشهر رمضان شهر مبارك خصه الله تعالى بمزايا عديدة عن بقية الشهور، فيه يغتنم المرء اللحظات في التقرب إلى رب الأرض السماوات فيفوز بعظيم الجنات، وإننا في هذه اللحظات المباركة نتاجر مع الله تجارة رابحة، الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف، فالعاقل الذي ينفق ويعطى ويتاجر مع الله تعالى تجارة لن تبور، فهذه الأيام المباركة التي نعيشها أيام طيبة خصها الخالق سبحانه بالتكريم والتفضيل فهي خير أيام خاصة العشر الأواخر من رمضان التي نلتمس من خلالها ليلة القدر، فالذكريات كثيرة، صيام وبر وقرآن وذكر وطاعة وإحسان، فشهر رمضان أيامه كلها مباركة خصها الله تعالى بالتشريف، ومنهجية ديننا الحنيف تقوم على أواصر المحبة والبعد عن الضغينة ويظهر هذا عندما نعيش مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسكب في أسماع هذه الأمة أن المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، يعلم هذه الأمة الاعتصام بحبل الله المتين حتى لا تقع فريسة للضغينة وتتناولها السهام من هنا وهناك فتضعف قواها وتوهن عزيمتها، إنه لحق المجتمع الإسلامي الذي أقيمت أركانه على أسس شرعية سليمة قامت على مبادئ تربوية تحترم من خلالها الإنسانية وتشد من أواصر الأخوة والتعاضد،فهدي الإسلام هو الذي يدعو إلى المحبة والتواصل والتعاطف والعطاء والإنفاق حبذا في هذه العشر الأواخر،وهو الذي حرم التباغض والقطيعة والهجر وبين أن المتحابين المتواصلين لا تفرق بينهما الهفوات العارضات،ذلك أن عروة الحب في الله أوثق من أن تنفصم من أول ذنب يقترفه أحدهما، فإفشاء السلام وصلة الأرحام واطعام الطعام والانفاق في الصيام مدعاة للمحبة ومجلبة للمودة،فإن الهدي النبوي في سماحته وإنسانيته يوصي بالمودة بين الأقارب ويحث على صلة الأرحام،لهذا ينبغي علينا أن نكون ممن يصلون أرحامهم خصوصا في هذه الأيام الطيبة المبارك، فالإسلام حفي بالرحم حفاوة ما عرفتها الإنسانية في غيره من الأديان والنظم والشرائع، فأوصى بها ورغب في صلتها وتوعد من قطعها بعذاب أليم، فلنحرص على القرب من الله تعالى في هذه الأيام المباركة بنفوس راضية مطمئنة مما يدفعنا على بقاع المعمورة للعمل الصالح والتقرب إلى الله تعالى بفعل الخيرات والبعد عن المنكرات لعلنا نفوز بما أعده الله لعباده الصائمين من جنة عرضها الأرض والسماوات،فلا ينقي الصدور ويطهرها ولا ينتزع الحسد من النفوس إلا أخوة صادقة عالية تسود حياة المسلمين وتقوم على المحبة والتواد والتناصح والألفة والبشاشة ويطهرها من الكيد والغل والحسد والتباغض، فالصائم لا يسعه إلا أن يخفق قلبه بحب إخوانه وأخلائه ويقبل عليهم بقلبه ومشاعره، فإذا هو عنصر خير ووئام وبناء في دنياه والفائز برضوان ربه ومحبته في أخراه،فمن مقتضيات المحبة النصيحة والبر والوفاء،فتجده لطيف المشاعر مع إخوانه رفيقا بهم إلفا لهم مألوفا لديهم وهو في ذلك كله يستقي من توجيهات الإسلام التي تحض على مكارم الأخلاق.
278
| 09 يوليو 2015
إن الله سبحانه أنزل القرآن الكريم فسلك أبرع أسلوب في دفع النفس الإنسانية إلى ذلك المرتقى العالي الصعب إذ بين لنا عبر آياته البينات، أن الذي أصابه الشح له أن ينتصر لنفسه ويرد عنها شحها ذلك أن جزاء السيئة سيئة مثلها ،ولكنه لم يدع الإنسان الذي أصابه الحيف والبغي من أخيه لعاطفة التشفي والانتصار والانتقام، بل أخذ بيده برفق إلى مرتقى الصبر والغفران والتسامح وأكد له أن بلوغ ذلك المرتقى من عزم الأمور فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ،فهذه معانٍ قرآنية محكمة من أصول الدين تدل على أخلاقه الإسلامية الأصيلة التي شرعها الإسلام لأبنائه، وحث عليها قبل أن تولد الفلسفة في الفكر الحديث، وهذا هو خلق المؤمن الذي يكون خير البرية بخلقه وعفوه وتعميره وبنائه حيث تضافر الهدي النبوي على تأصيله في نفوسهم، إن المرء الذي امتلأ قلبه بالإيمان يسير على قيم الإسلام وآدابه كما أمر بها، فهو يصوم شهر رمضان ويقوم لياليه طمعا في رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء ،فما تجده في هذه الأيام المباركة إلا باحثا عن رحمه لوصلها والبر معها لأنه يعلم حق العلم أن في صلته لرحمه وفي أدبه مع أقاربه لقربة من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله ويدرك أن هذا البر والصلة يجلب البركة في الرزق وفي العمر فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) رواه أحمد ،فالنفس البشرية بطبيعتها محبة للخير، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الرزق والبركة في العمر والأجر.والهدي النبوي يخاطب هذه النفس فيرشد إلى طريق السعة في الرزق وكثرته، ووسيلة بلوغ ذلك كله صلة الرحم ولاشك أنها باب خير عميم فيها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان، إذ يبقى المرء دوما بمنجى عن الوحدة والعزلة، ويتأكد أن أقاربه يحيطونه بالمودة والرعاية، ويمدونه بالعون عند الحاجة، وإن البر والصلة يكونان سببا في محبة الناس والثناء عليه وبالمقابل تكون قطيعة رحمه شؤما عليه وبلاء ومقتا له من الله ومن الناس وبعدًا له عن الجنة في دار القرار، فالإسلام في سماحته وإنسانيته يوصي بالمودة بين الأقارب ويحث على صلة الأرحام ،لهذا ينبغي على كل عبد واعٍ أن يكون واصلا لرحمه ،لا تلهيه الدنيا ولا المال ولا الزوجة والولد عن تفقد ذوي رحمه وقرابته وبرهم وإكرامهم ومعونتهم، وهو في ذلك يتبع هدي ديننا الحنيف الذي نظم هذه الصلة وديننا الحنيف حفي بالرحم حفاوة ما عرفتها الإنسانية في غيره من الأديان والنظم والشرائع فأوصى بها ورغب في صلتها وتوعد من قطعها ،وليس أدل على حفاوة الإسلام البالغة بالرحم من تلك الصورة الرائعة التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للرحم تقوم بين يدي الله في الساحة الكبيرة التي خلق الله فيها الخلق فتستعيذ به من قطيعتها، ويجيبها الله عز و جل إلى سؤلها فيصل من وصلها ويقطع من قطعها . ولقد جاءت آيات القرآن الكريم تترى مؤكدة منزلة الرحم في الإسلام حاضَّة على الإحسان إليها ،وإرهاف المشاعر للإحساس بوشائجها وأداء حقوقها وتوقي هضم تلك الحقوق أو خدشها أو مسها بظلم أو أذى ،محذرة من الإساءة إليها ومن هذه الآيات الكريمة قول الله تعالى : (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )النساء:1 فقد أمر الله بالتقوى وثنى بالأرحام إعظاما لها وتأكيدا على توقيرها، ثم يمتد البر من ذوي القرابة ويتسع نطاقه وينصب خيره على المحتاجين جميعا في الأسرة الإنسانية الكبيرة ،ثم يشيع في محيط الجماعة في سهولة ويسر وفي تراحم ورضا ومود ة يجعل الحياة حلوة جميلة لائقة ببني الإنسان.
706
| 09 يوليو 2015
إن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بين فضل الإنفاق والتصدق في سبيل الله وثماره وآثاره وأن الصدقة لا تنقِص المال، بل تزيده بما يحصل فيه من بركة الإنفاق والعطاء، فالعفو و الصفح و المسامحة مرتقى عال لا يستطيع بلوغه إلا الذين انفتحت مغاليق قلوبهم لهدي الإسلام وانفعلت نفوسهم بأخلاقه السمحة , فآثروا ما عند الله من مغفرة وثواب وتكريم على ما هجست به النفوس من حب الدنيا والمال ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين ولا شك أن اليتيم وهو الذي لم يزل في عالم الطفولة والذي يأنس بالملاعبة والحنان، سيأنس جدا بمثل هذه المسحة الحانية وهذا التلطف الأبوي ، وسيجد بذلك من يعوضه عن أبيه في مثل ذلك الأنس الذي فقده ، وما كان سينال ذلك لولا هذا التوجيه النبوي العظيم الذي يجعل كل المسلمين أبا حنونا علي اليتيم ،فإن الإسلام قد وسع دائرة الخير ليلجها كل مسلم ففتح له أبواب هذه المشاركة فجعل كل عمل نافع يقوم به صدقة له يثاب عليها كما يثاب الغني على إنفاقه فكل معروف صدقة ،وبذلك ضمن مشاركة جميع الأفراد في بناء المجتمع وخدمته وتحسينه،والمسلم وهو صائم كثير العطاء لأن يستثمر أيام رمضان المباركة في كل خير،فهو صاحب الأيادي الندية التي تنفق من عطاء الله تعالى كالمياه العذبة تنساب على الأرض العطشى لتعود الحياة إليها وتزهر وردا لتغدو طاقة وسعادة بعطاءات مباركة على بيوت اغتمت بدموع حارقة لفقدان الراعي والمعيل لتحول نفوس ساكنيها إلى طمأنينة، بوركت تلك الأيادي البيضاء التي امتدت إليها وأنارت ظلمتها وزرعت فيها ابتسامة يشرق منها نهار يمتلئ بالأمل لجني ثمار فردوس ربنا الدائمة ومرافقة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فيها.فالمسلم الحق كريم مهما كان فقيرا و مهما كان عطاؤه قليلا يأمره الإسلام أن تنبجس في نفسه عاطفة الرحمة بمن هو أفقر منه ،و يحس ما يعانيه غيره من ألم و حرمان و من أجل ذلك جاءت النصوص تحض المسلمين على الإنفاق من طيب ما يملكون كل منهم حسب استطاعته ،لتبقى نفوسهم ممتلئة بنداوة المشاركة الوجدانية لإخوانهم ،ووعد الله هؤلاء المنفقين على عطائهم باستثمار صدقاتهم وتنميتها حتى تصبح كالطود الشامخ ،ولكي لا تنغلق النفوس وتحتجب عن المشاركة الوجدانية في المجتمع وحتى لا تجف ينابيع الخير والرحمة والتعاطف فيها دعاها الرسول الكريم إلى الإنفاق اليسير وحذرها من السلبية والانغلاق والإمساك لأن في ذلك مهلكة وبوارا وعذابا فعلمنا أن نتقي النار ولو بشق تمرة ،فلقد أراد الله للمسلم أن يكون عنصرا بنَّاءً فيه منفعة وخير لمجتمعه يفيض دوما بخيره على الناس سواء أكان غنيا أم فقيرا، ومن هنا جاء الهدي النبوي حاضا الإنسان المسلم على فعل الخير حسب قدرته وإمكاناته، وجعل له في كل فعل للخير صدقة,فكفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف وجعلها من الأدوية التي تعالج أمراض النفس البشرية ،وبها يتضح المجتمع في صورته الأخوية التي ارتضاها له الإسلام، وكفالة اليتيم ليست في كفالته ماديا فحسب، بل الكفالة تعني القيام بشؤون اليتيم من التربية والتعليم والتوجيه والنصح، والقيام بما يحتاجه من حاجات المأكل والمشرب ؛ فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه مسلم ،فلقد كانت عناية الإسلام باليتامى غير مقتصرة علي الحث على الكفالة والرعاية، بل كذلك في إشعارهم بالحنان والمحبة وإدخال الأنس في قلوبهم الذي كانوا يألفونه من آبائهم حتى لا يشعروا بفقد الأب الحاني لوجود من يعوضهم عن حنوه وعطفه وبره.
422
| 08 يوليو 2015
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1122
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...
945
| 16 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
669
| 18 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
651
| 19 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
645
| 18 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
606
| 21 ديسمبر 2025
هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...
579
| 19 ديسمبر 2025
يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...
555
| 16 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
519
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
498
| 22 ديسمبر 2025
في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...
432
| 18 ديسمبر 2025
من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...
426
| 16 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية