رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواد كريم

إن المؤمن بنى حياته على العطاء لأنه أيقن أنه مخلوق للجنة، وأن ثمن الجنة يدفع في الدنيا عطاء، فأنت إن آمنت بالآخرة قطعا تنعكس مقاييسك للإيجابية وإن آمنت بالآخرة رأيت الذكاء والتفوق والنجاح والفلاح في أن تعطي، لذلك الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا والطغاة أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم، والأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم، فأنت حينما تؤمن بالآخرة السلوك الأمثل والأقوى أن تعطي والإنسان في رمضان يداه ممتلئتان بالخير ،فهو كثير العطاء يتاجر مع الله تجارة رابحة ينفِق لينفَق عليه ، يتصدق ويحب العطاء ،فأمر الصائم كله خير ولاعجب فكل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لله يجازي الله عليه بالكثير لأنهم صاموا وأنفقوا وتصدقوا فمن فضل الله تعالى على عباده وإحسانه إليهم أن خلقهم ورزقهم وأمرهم بالإنفاق مما وهبهم من نعمه التي لا تعد ولا تحصى ،ليدخر ثوابه لهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،فالخالق سبحانه وتعالى هو الذي أغنى وأقنى ووعد من أعطى واتقى وصدق بالحسنى بأن ييسره لليسرى وتوعد من بخل واستغنى وكذب بالحسنى بأن ييسره للعسرى ، ومن فضل الله تعالى على عباده ورحمته بهم أن شرع لهم من الدين ما يقربهم إليه،وما يوصلهم إلى مرضاته ويكون سببا في دخولهم الجنة والنجاة من النار، وكان مما شرعه لهم وأمرهم به أن يفعلوا الخيرات،وينفقوا مما جعلهم مستخلفين فيه، تزكية لنفوسهم وتطهيرا لأخلاقهم وتنمية لأموالهم منهاجا على قول الحق سبحانه وافعلوا الخير لعلَكم تفلحون.فلقد كان الهدي النبوي حريصا على تأصيل فضيلة الكرم في نفوس المسلمين وجعلها من الفضائل التي يتسابق المسلمون إلى التحلي بها والتنافس فيها ،فقد وعد الله سبحانه وتعالى من يفعل الخير أن يوفيهم أعمالهم، ويضاعفها لهم أضعافا كثيرة في وقت هم أحوج ما يكونون إلى ذلك، فالمسلم يخاف الله تعالى ويشكره على ما رزقه من نعم وينفق مما آتاه لأنه يعلم أن ليس له إلا ما قدم ،فهو ينفق من ماله في حال حياته في وجوه البر والإحسان من صدقات وإقامة المشاريع الخيرية والأوقاف النافعة وكفالة اليتامى وإطعام الجائعين وسد حاجة المحتاجين وإعانة المعسرين وإطعام الصائمين ،كل هذا سيجده أمامه ويجد ثوابه مدخرا عند الله ومضاعفا أضعافا كثيرة، فهو ماله الحقيقي الذي يبقى لديه ويجري نفعه عليه وما عداه فإن ملكيته له محدودة بحال صحته وسلامة فكره ،فالإنسان مجبول على حب المال فهو يحرص على اقتنائه ويضرب في مناكب الأرض بجدية بحثا عن الثراء وللأثرة في نفسه إيحاء شديد، ولو أنه أوتى ما في الأرض جميعا بل لو أنه امتلك خزائن الرحمة العليا لم تطوع له نفسه أن ينفق منها بسعة ولقامت له من طبيعته الضيقة علل شتى تجعل في يديه الأغلال، لكن مبادئ الإسلام وقيمه ترشد الإنسان بالحسنى لمحاولة إقناعه أن محبته الشديدة للمال والثراء قد تورده المتالف، وأنه لو فكر في حقيقة ما يملك وفي عاقبته لرأى أن السماحة أفضل من الأَثَرة والعطاء خيرمن البخل وعجيب أن يشقى المرء في جمع ما يتركه لغيره، الإسلام دين يدرب أبناءه على البذل والإنفاق ،لذلك حبب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم لا ينفكون عنه في صباح أو مساء، وإنه ليؤمن أيضا وهو يجود بماله أن ما ينفقه سيعود عليه بالفائدة الجمة والخير العميم، فالمسلم الصادق ينفق ماله وهو على يقين أن الله تبارك وتعالى سيعوضه عما أنفقه من ماله في هذه الدنيا بركة ونماءً وخلفا وإذا ما غلبه شح نفسه وأمسك يده عن العطاء والبذل فسيبتليه ربه في ماله نقصانا وضياعا وتلفا فيبوء بالخسران المبين.

1029

| 07 يوليو 2015

يعفو ويصفح

إن السيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أحرقت الصدور و أورثت الأحقاد و أنبتت الضغائن، أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أثوار الغضب و هدأت من فورة النفس وغسلت أدران الضغينة، و إنه لفوز عظيم لمن دفع السيئة بالتي هي أحسن ولا ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم ،فلدوام الألفة بينك وبين من تتعامل معهم من بني البشر حُسن المعاشرة واستمرار المحبة، ما أجمل أن ترى الألفة والمحبة بين الصائمين فأخلاق الصائم ينبغي أن تقوم على التسامح وليعلم إذا أصابه أحد بسوء فليقل إني صائم حتى يعلِّم نفسه أنه في حالة إيمانية عالية، لأن المجتمع الإيماني لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة و المحاسبة و الانتصار للذات والانتصاف لها في كل صغيرة و كبيرة وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على المسامحة والتغاضي والصفح والصبر وهذا ما دعت إليه نصوص الإسلام و حض عليه هديه العالي القويم ،فالإنسان التقي المستجيب لهدي دينه عفو غفور والعفو خلق إنساني عال أشادت به النصوص القرآنية إشادة بالغة وجعلت المتخلقين به من أرقى النماذج التقية في الإسلام إذ أدخلهم في زمرة المحسنين الذين فازوا بمحبة الله ورضوانه يقول تعالى:(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)آل عمران:134، ذلك بأنهم كظموا غيظهم ولم يحقدوا و لم يضغنوا، بل تحرروا من وقر الضغينة و الحقد وانطلقوا في آفاق العفو والمغفرة و الصفح و التسامح ،ففازوا بصفاء النفس وغبطتها و نقائها وراحتها وبما أكبر من ذلك فازوا بمحبة الله و رضوانه.الغضب غليان في القلب وهيجان في المشاعر يسري في النفس فترى صاحبه محمر الوجه تقدح عيناه الشرر فبعد أن كان هادئا متزنا، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة فيصبح كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد ،ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالنهي عن هذه الآفة وبيان آثارها بل بين الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب وتجنب غوائله ،فكل إنسان يغضب وعادة ما يكون الغضب في بدايته صعبا ،فإذا استطعت أن تسيطر عليه في بدايته ترتاح وتتخلص منه بسهولة لكن إذا سيطر عليك ووصل إلى القمة يصبح بعد ذلك مصيبة, فلابد أن نسعى للتخلص منه من البداية و هذا ما دعت إليه نصوص الإسلام ،فلو تأملت في كلمة التسامح لوجدت أنها عذبةً في اللسان سلسلةً ورقيقة في المنطوق ذات رنين جميل في السماع، لكنها ثقيلة على النفس يقبلها العقل كلمة مجردة لكنه يجد كلفة ومشقة في تطبيقها في الواقع، فما الذي يمنع كثيرا من البشر من تطبيقها؟ ورفضِ التخلقِ بها وتحبيذ الغلظة والحدة والغضب والكبرياءِ بديلا عنها، فإن المسامح كريم كما يقال في المثل و إن هذا الكرم يصدر من نفسٍ زكية واسعة لا تضيق من أغلاط الناسِ، ولا تتكدر من سقطات النفوس ولا تهيج لاستفزازاتهم، إنه كريم لأن الكرم هو بذل العطاءِ في وقت الشدة،والشدة هنا حين يغلظ الناس في قولهم المهين ونقدهم المشين، فيقابله بعطاءِ التسامحِ والعفو وهنا يعلو بمكانته فوقهم ،ويسمو بخلقه مرتبة عالية يحسده الناس عليها، التسامح كلمة جميلة باتفاق اللغات والأعراف والأمم كلها،إنه يعني الصفح عمن أخطأ عليك أو تجاوز حده أو اختلف معك اختلافا غير أخلاقي، فالمفهوم بهذا الاعتبار قيمة أخلاقية عظمى، وانتصار لروح الخير والأخلاق في النفس الإنسانية على روح الشر من الاستجابة لنزغات الشيطان وهو أساس التعامل الذي يفترض أن يحكم علاقة الناس بعضهم ببعض، أما الإصرار على رفضه فهو إصرار على إلحاق الأذى بالنفس قبل الآخرين ،فيجب أن نأخذ بيده برفق إلى مرتقى الصبر والغفران والتسامح فمن عفا وأصلح فأجره على الله، ومن هنا يتطلب من المؤمن في مثل هذه المواقف أن يصفح الصفح جميل.

770

| 06 يوليو 2015

يحافظ على جاره

إن هدي الإسلام الحنيف يجعل المجتمع كتلة واحدة فيحثهم على الترابط والتعاون والتعاضد "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان "،فالحضارة ليست باستعمال الهاتف الخلوي، ولا بالدخول على الإنترنت ولا بركوب سيارة فارهة، فالحضارة والرقي والتقدم في هذه الأخلاق، وما عرف البشر حضارة أخلاقية أرقى من هذه الأخلاق، فكم من إنسان يعطي ابنه للمدرسة أشياء غالية جداً وهو في بحبوحة ، يجب أن تعطي ابنك الشيء الطبيعي المقبول الذي يستطيعه كل الناس، يجب أن تراعي حق الجار ،فهذا ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع المسلم بعيدا عن التباهي والتفاخر والتعالي على الناس بما يملك من نعم الله ،وهذا ما يجب أن تكون عليه أخلاق الناس في شهر رمضان ، قتكون أكثر صلاحا يسعون نحو الخير ويجنون الخير فيزرعون المحبة ويجنون السعادة لأن الله يجازي الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف أضعافا كثيرة .فإن الأخلاق الحسنة تتبوأ مكانة عالية في الإسلام ومنزلة رفيعة عظيمة و حسن الخلق هو الدين كله وهو جماع لكمال الإيمان ،لذلك جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته هو ترسيخ مبادئ الأخلاق في نفوس الأمة فوضع المنهج للأمة في مكارم الأخلاق و حرص صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة حتى تعلمها أمته جيدا لكي نكون نحن خير البرية ،فلا تهون لدينا قيمة الخلق وترتفع قيمة الامتثال في أنفسهم فعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وأشرف المنازل وأنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم )رواه أحمد ،ولكن بعض المنتسبين إلى الدين قد يستسهلون أداء العبادات المطلوبة ويظهرون في المجتمع العام بالحرص على إقامتها وهم في الوقت نفسه يرتكبون أعمالا يأباها الخلق الكريم والإيمان الحق، وإن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم توعد هؤلاء الخالطين وحذر أمته منهم، وفي هذا ورد عن النبي أن رجلا قال له : يا رسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، فقال:لا خير فيها هي في النار,ثم قال يا رسول الله إن فلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بالقليل ولا تؤذي جيرانها فقال رسول الله:هي في الجنة ،فالمسلمون الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان الصحيح بالله تعالى والذي يثمر العمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق وأحوال الدنيا وأهوال الآخرة ،لهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، ويبعد عنهم أسباب القلق والهم والأحزان ،فللجار على الجار في القيم الإسلامية وفي الآداب الشرعية حقوق تشبه حقوق الأرحام،وهو الشيء الذي يلفت النظر،فمن هذه الحقوق المواصلة بالزيارة والتهادي تعبيرا عن المودة والزيارة حين المرض والمواساة حين المصيبة والمعونة عند الحاجة وكف الأذى، فالمسلم الواعي لأحكام دينه أحسن الناس معاملة لجيرانه وأكثرهم برا بهم وخوفا عليهم ، وذلك لأنه يعي هدي الإسلام وتوصياته الغنية بالجار والمكانة الرفيعة التي أحله إياها في سلم العلاقات البشرية ،فقد أمر الله تعالى في محكم كتابه بالإحسان إلى الجار وبين أنواع الجيرة ،فالجار ذو القربى هو الذي تجمعك به مع الجوار آصرة النسب والدين ،والجار الجنب هو الذي لا تجمعك به صلة من نسب والصاحب بالجنب هو الرفيق في أمر حسن ،فكل من جاورك في السكن له عليك حق الجوار ولو لم يكن بينك وبينه وشيجة من نسب أو رابطة من دين وفي هذا تكريم للجار أي تكريم في شريعة الإسلام السمحة الغراء للإنسانية ،فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم : أنه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ،فالمسلم الحق الذي استنار قلبه وعقله بهدي الدين الحنيف تجده سمحا مع جاره حسن العشرة معه وهذا ركن من أركان السعادة في الحياة.

258

| 05 يوليو 2015

يحافظ على الأمانة

إن الحق سبحانه وتعالى جعل الإسلام خاتم الأديان والنبي صلى الله عليه وسلم خير البشر وأمة الإسلام خير الأمم، وعلة خيرية هذه الأمة التي ذكرت في القرآن الكريم هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي اللحظة التي لا تأمر فيها الأمة بالمعروف ولا تنهى عن المنكر فقدت خيريتها، بل هي أمة كأية أمة لا شأن لها عند الله، ونحن في هذه الأيام المباركة نريد أن نكون خير البرية، والمسلم في رمضان يحرص كل الحرص على الامتثال لتوجيهات الدين وتعاليمه حتى يفوز بما أعده الله لعباده المخلصين, فهو يحافظ على قيم الإسلام وآدابه ومن القيم الأساسية في الإسلام أداء الأمانة، وهي التزام الإنسان بالقيام بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصا له الدين وكذلك التزام بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير، فكما تحب أن يقوموا بحقوقك من غير تقصير فإنهم يحبون أن تقوم بحقوقهم من غير تقصير فالحرص على أدائها أمر واجب يلتزم به الإنسان بصورة عامة تؤدي جميعها إلى هدف واحد وهو أداء الأمانة حسب مقتضيات الحال، فالأمانة قد تعني المحافظة على الشيء الذي يتم إيداعه لدى الإنسان كما أن الأمانة قد تعني المحافظة على العهد في الحالات العامة كالموظف الذي يحافظ على أداء عمله بإتقان وإخلاص ومن أبرز معاني الأمانة دخولها في مجال العبادة لله عز وجل ولذلك ورد في كثير من توجيهات القرآن الكريم وهديه الأمر لكل مسلم بالمحافظة على أداء الأمانات إلى أهلها. إن عبادة الله عز وجل وعمارة الكون بما يرضي الله سبحانه وتعالى باعتبارهما الهدف من وجود الإنسان أمانة يجب على كل إنسان الوفاء بها، فلا راحة في الحياة مهما تيسرت فيها سبل الرخاء، وتنوعت فيها وسائل المتع والملذات دون أن يشعر فيها الإنسان بالأمان من البوائق، والسلامة من الشرور وينعم بظل الأمن الوافر حتى تستقر القلوب في حنايا الصدور، ولا يتحقق ذلك إلا بالإيمان الصادق بالله، والقيام بالأمانات الموكولة إلى الناس، فالأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة وهي من أبرز أمارات الإيمان ودلائل التقوى بل إن الإيمان نفسه أمانة في عنق العبد، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له و لا عجب فرسل الله يختارون من أشرف الناس طباعا وأزكاهم معادنا فظلت نفوسهم معتصمة بالفضيلة والمحافظة على حقوق الله وحقوق العباد وهدا يتطلب أخلاقا لا تتغير لاختلاف الأيام ومنها تحلي الرسل بالأمانة وإن من أجل الصفات لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الصادق الأمين لدلك تجد حرصه في هديه لأمته وتربيتهم على الفضائل وحسن الخلق، فمن معاني الأمانة أن يحرص المرء على أداء واجبه كاملا في العمل الذي يناط به ويستنفذ جهده في إتمامه تمام الإحسان وأن يخلص الرجل لشغله وأن يعتني بإجادته، فلقد فرض الإسلام على المسلمين الأخذ بخلق الأمانة، وحرم عليهم أن يسلكوا مسالك الخيانة، فمن كان أمينا كان مطيعا لربه في إسلامه، ومن كان خائنا كان عاصيا لربه في إسلامه، إن أداء الأمانة من أجل صفات المسلم التي تظهر بها ديانته ويتأكد بها إيمانه، فهي الفضيلة العظمى والمسؤولية الكبرى، وهي قيمة كبرى من قيم الدين الحنيف التي تصان بها الحقوق وتحفظ بها الواجبات من الضياع، إنها الفريضة التي يتواصى المسلمون برعايتها، ويستعينون بالله تعالى على حفظها وقد أمر الله عباده المؤمنين بالمحافظة على الأمانة وأدائها إلى أهلها، وأن يحكموا بين الناس في تقويم أفعالهم وتصرفاتهم بالعدل يقول الله تعالى:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )النساء:58، لذلك يحثنا ديننا الحنيف أن يكون كل مسلم ذا ضمير يقظ, تصان به حقوق الله تعالى وحقوق الناس شعور المرء بتبعته ومسؤوليته في كل أمر يوكل إليه وإدراكه الجازم أنه محاسب عنه أمام ربه.

6464

| 04 يوليو 2015

لا يغضب

إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجمَّله في أحسن صورة وركب فيه الجوارح والأعضاء وسيُسأل عنها يوم القيامة ،فالسمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ،وأعصى الأعضاء على الإنسان هو اللسان فإنه لا تعب في إطلاقه ولا مكنة في تحريكه إذا أطلقته لا تتعب وإذا حركته لا يحتاج على مؤونة، ويمكن بهذا اللسان أن يقوم من الشر ما لا يوصف، فاليوم كثير من الشرور الناتجة من إطلاق اللسان في الأعراض وفي الغيبة والنميمة لا تنتهي، فتجد المجتمع ممزقا على مستوى مدينة أو حي أو أسرة أو أقارب وفي أي مستوى المجتمع ممزق من آفات اللسان، فالنفس البشرية بطبيعتها محبة للخير، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الرزق والبركة في العمر والأجر، والهدي النبوي يخاطب هذه النفس فيرشدها إلى طريق السعة في الرزق وكثرته وإلى طريق التوفيق في العمل، فيستطيع المرء من خلال العمل الكثير أن يحصل على الأجر الجزيل في عمره القليل، ووسيلة بلوغ ذلك كله هو البر والإنفاق والإحسان إلى المعسرين وغيرهم من أبناء المجتمع ، ولا تجعل من غضبك حاجزا لفعل الخير وكن أنت خير البرية بما تقدم من خير ومساعدة .إن الصيام فريضة من فرائض الله تعالى وركن من أركان الإسلام التي يطهر الله بها المؤمن من أدران الذنوب والآثام ،وهذا ما أوجبه الإسلام علينا في هذه الأيام المباركة ؛ أن نتزود وخير الزاد التقوى ونبتعد عن كل ما يقطع أواصر المحبة بين الناس ،فالغضب جمرة في جوف ابن آدم والناس يحتاج بعضهم إلى بعض وهذه سنة اجتماعية في الكون فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ومن المعلوم علميا أن الإنسان مدني بطبعه ،فهو يحب أبناء جنسه ومجالستهم ومؤانستهم والتعامل معهم في حياته اليومية بمختلف المجالات فتتكون لديه كثير من العلاقات، ولكن قد تنفصم هذه العلاقة بل ربما تتحول إلى كره شديد وانقطاع دائم وذلك يرجع إلى التقصير في حفظ أسباب العلاقات الجيدة والتواصل الحسن، لذا ركب الله في الإنسان العديد من الغرائز والأحاسيس فهو يتأثر بما يجري حوله ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين، فيضحك ويبكي ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية ،فلقد خلق الله تعالى الإنسان من تراب الأرض بجميع أنواعه الأبيض منها والأسود والطيب والرديء فنشأت نفوس الناس متباينة الطباع مختلفة المشارب،فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه وما يعينه في تهذيب النفس وتزكيتها بما يؤدي إلى دوام المحبة بين أفراد المجتمع المسلم,لأن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة و المحاسبة و الانتصار للذات،و إنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على السماحة والصفح والصبر، فمن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها الاسترسال في الغضب،فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره وربما جره إلى أمور لا تحمد عقباها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني قال :(لا تغضب فردد مرارا : لا تغضب)رواه مسلم، بهذه الكلمة الموجزة يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم، فالغضب جماع الشر ومصدر كل بلية فكم مزقت به من صلات وقطعت به من أرحام وأشعلت به نار العداوات، وارتكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم، فالسيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أحرقت الصدور و أورثت الأحقاد ،أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أثوار الغضب و هدأت من فورة النفس وغسلت أدران الضغينة ،و إنه لفوز عظيم لمن دفع السيئة بالتي هي أحسن ولا ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم.

516

| 03 يوليو 2015

أطيب المجالس

إن أيام رمضان أيام مباركة ولياليه أفضل الليالي تحيا فيها القلوب وتطهر فيها الألسنة وتعيش الأنفس أطيب المجالس، فمجالس الذكر هي خيرها وأزكاها وأطهرها وأشرفها وأعلاها قدرا وأجلها مكانة عند الله، فهي حياة القلوب ونماء الإيمان وزكاء النفس وسبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ومجالس الذكر سبب عظيم من أسباب حفظ اللسان وصونه عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والسخرية والباطل، فإن العبد لابد له من أن يتكلم وما خلق اللسان إلا للكلام، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره بالخير والفائدة، تكلم بهذه المحرمات أو ببعضها، فمن عود لسانه على ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو، ومن يبس لسانه عن ذكر الله نطق بكل باطل ولغو وفحش، فأيام شهر رمضان ولياليه أيام طيبة مباركة تتنزل فيها الرحمات فيزداد المؤمن قربا من الله بالقول الحسن والعمل الصالح، ما يستوجب على المسلم أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به دائم الذكر له والتوكل عليه، يستمد منه العون يقول الحق سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا) الأحزاب 41-42، فصيام العبد الصالح يجعله يذكر ربه في كل وقت ويراه في كل شيء فيزداد قربا من الله تعالى، وليست حقيقة الذكر باللسان فقط، بل لا بد أنه ينشأ أولا في الشعور والوجدان ثم يفيض على اللسان مناجاة وتسبيحا وتحميدا وتنزيها وحينئذ يكون المسلم من الذاكرين لله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما، والمسلم الذي يذكر ربه يذكره ربه كما يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) رواه البخاري.فما أعظم هذا الذي يذكره ربه في رمضان فيقبل عمله ويوفقه للخير ويرعاه وإذا سأله استجاب دعائه، ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه لأن الذكر حياة للقلب ونور له والغفلة عنه موت وظلام، أما الذي يغفل عن ربه وذكره فهذا ينسى حقيقة الوجود ولهذا لا ينبغي للمسلم أن ينسى ربه أو يغفل عنه وإلا فماذا يذكر إن نسي ربه يقول الله سبحانه وتعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) الكهف: 28، ومما ينبغي للمسلم أن يتفطن له في هذا المقام أن ذكر الله تعالى لا يختص بالمجالس التي يذكر فيها اسم الله بالتسبيح والتكبير ونحوه بل تشمل ما ذكر فيه أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه وما يحبه و يرضاه، بل إنه ربما كان هذا الذكر أنفع من ذلك لأن معرفة الحلال والحرام واجبة في الجملة على كل مسلم بحسب ما يتعلق به من ذلك، وأما ذكر الله باللسان فأكثره يكون تطوعا وقد يكون واجبا كالذكر في الصلوات المكتوبة، وأما معرفة ما أمر الله به وما يحبه ويرضاه وما يكرهه فيجب على كل من احتاج إلى شيء من ذلك أن يتعلمه، ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعتني بروحه، فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار، بحيث يبقى يقظا متنبها متقيا أحابيل الشيطان الماكرة ووسوسته المردية، فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري تذكر فإذا هو مبصر يحفظه ربه ويكتب له الدرجات الرفيعة ،فقد خلق الله الإنسان وجمله وحسنه وفي أحسن صورة ما شاء ركبه وجعل له الجوارح مذللة ميسرة، فهنيئا لعبد وظف الجوارح في الطاعة والقرب من الله فيفوز بعظيم الجنان في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فإن من أعظم الذكر وأجله تلاوة القرآن الكريم، وخاصة في هذه الأيام المباركة أيام رمضان الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه:(جددوا إيمانكم قيل: يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا ؟ قال :أكثروا من قول لا إله إلا الله ) رواه الترمذي، فالمسلم يستعين على تقوية روحه وإصلاح نفسه بضروب من العبادة والذكر مراقبا لله في السر والعلانية مستحضرا خشية الله ومراقبته إياه وأكثر من الذكر في كل أحيانك في المسجد وفي البيت وفي السوق وفي السيارة، بل في كل أحوالك وخاصة في شهر تضاعف فيه الحسنات وتغفر فيه الزلات ورطب لسانك بعذب القول من القرآن الكريم وذكر الواحد الديان حتى تكون من الذين كتبت لهم عظيم الجنان.

434

| 02 يوليو 2015

يساعد المحتاج

إن هذا الدين جاء بكل خير للبشرية يحفظ عليهم حياتهم الدنيا ويضمن لهم النجاة يوم القيامة لذا دعا أفراده ليكونوا خير البرية بما كان بينهم من تعاون وترابط وإلفة ورفق ولين ،لذلك كان الرفق في هدي هذا الدين هو الخير كله من أوتي هذا فقد حاز الخير كله ومن حرمه حرم الخير كله ولقد بين الهدي النبوي أن هذا الخير ينصب على الأفراد والبيوت والأقوام إذا ساد حياتهم الرفق وكان من خلائقهم الإحسان، ويعد ذلك من الإحسان وهو أعلى المراتب التي يرقى إليها الأتقياء الصالحون ،فإن المرء الذي يسعى إلى السعادة ينشدها لابد وأن يعلم أن السعادة تتحقق له عند إسعاد الآخرين ،وإننا في هذه الأيام الطيبة أيام شهر رمضان أيام البر والإنفاق أيام يضاعف الله سبحانه وتعالى فيها الأجور والحسنات ،لمن أراد أن يتاجر مع الله فيبحث عن المحتاجين ويدخل عليهم السرور والسعادة ،فالإسلام دين التكافل الاجتماعي والتراحم والتعاون جعل العدالة الاجتماعية إحدى دعائم الدين وتكاليفه الشرعية,فالأغنياء والقادرون في مجتمع المسلمين وجب عليهم المبادرة إلى تفريج ضائقة المحتاج وتنفيس كرب المكروب من خلال اقتسام اللقمة معه في أشد الساعات الحرجة حتى لا يسود الحقد والصراع أفراد المجتمع ،فإن رقي المجتمعات وتقدمها لا يقاس بما حققت من منجزات العلم وما اكتسبته من مجال في المعارف العامة، وإنما يقاس بشيء أهم من كل ذلك وهو سيادة القيم الإنسانية فيها وانتشارها بين أفرادها والتي تقوم على قسط كبير من حب وتعاطف وإيثار وتضحية واستقامة ونظافة في التصور والسلوك والمعاملة ،لذا فإن المجتمع الإسلامي يختلف عن كثير من المجتمعات الأخرى لأنه مجتمع متكامل مترابط تقوم دعوته على زرع القيم والتعاون بين أفراده فهو من أرقى المجتمعات، ويعد الإنسان المسلم فيه اجتماعي من النمط الرفيع بما لقن من أحكام دينه الحق,وبما تمثل من أخلاقه الإنسانية الرفيعة النبيلة التي دعا إليها وحض على التخلق بها في مجال التعامل الاجتماعي فهو يحرص على نفع الناس في مجتمعه ودفع الأذى عنهم وذلك بحكم تكوينه وتنشئته على مبادئ الحق والخير والفضيلة.إن أبواب الخير في هذه الأيام المباركة مفتوحة أمام الإنسان التقي يلجها متى شاء مستنزلا رحمة الله الواسعة مستكثرا من ثوابه الجزيل وفضله العميم، فإنه يعلم أن أمر الرزق موكول إلى الله تعالى والذي كفله للجميع إلا أن البركة في الأرزاق لا يحصل عليها إلا الذين يتاجرون مع الله فينفقون أموالهم ولا يخشون من ذي العرش إقلالا، فلنعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن كل معروف صدقة وأنه في صباح كل يوم ينزل ملكان من السماء يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ،فوجب على كل محب للخير أن يبحث عن ألوان البر والخير والمعروف والتي يستطيع المسلم أن يجني منها أجور تلك الصدقات ،فهو يقوم بالأعمال البناءة الخيرة في مجتمعه فإيجابيات المرء وحياته كلها موجهة في خدمة أهله وعشيرته وأبناء مجتمعه، لأن الذي استضاء قلبه بنور الإيمان يسير على قيم الإسلام وآدابه كما أمره الله تعالى بها، فهو يدرك تمام الإدراك أن مساعدته للمحتاجين، تعد قربة من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله تعالى يبتغي بها رحمة الله الواسعة فهو ينفِق لينفَق عليه ويدرك أن هذا البر والصلة يجلب البركة في الرزق وفي العمر ولاشك أن مثل هذه الآداب والأخلاق باب خير عميم فيها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان، فهدي الدين الحنيف أوجب على كل مسلم أن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه ،وهذا يعني الحرص على نفعهم والتعاون معهم ومد يد العون لهم فمن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

354

| 02 يوليو 2015

رفيق بالناس

لقد أراد الإسلام لأبنائه أن يغشوا المجتمعات وهم شامات مشتهاة ،لا مناظر مؤذية تقتحمها الأعين وتصد عنها النفوس ،فليس من الإسلام في شيء أن يتناسى الإنسان مظهره إلى درجة الإهمال المزري بصاحبه بدعوى أن ذلك من الزهد والتواضع ،فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد الزهاد والمتواضعين كان يلبس اللباس الحسن ويتجمل لأهله وأصحابه ،ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام إظهارا لنعمة الله عليه إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده ويوصي الإسلام بأن يكون المرء حسن المنظر كريم الهيئة ،وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة وعند الذهاب للمسجد وعند مقابلة الأهل والأحباب مما يشيع المحبة والقبول بين الناس، فالإنسان هو المستخلف في هذه الأرض لتعميرها فهو يعمرها بالخير ويهدمها بالشر، لذا ينبغي عليه أن يعلم أن الله جعل له في أيام دهره نفحات وأمره بالتعرض لها لعل يصيب أحدنا نفحة فتكون سببا لسعادة البشرية لما يعود النفع على الفرد والمجتمع وهذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان والتي نتعلم من خلالها الخلق الكريم.فالمسلم الحق يتصف بالخلق الحسن تأسيا بالنبي الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه، وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله : (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم :4 ،فالمسلم الصادق التقي الخلوق مهذب دمث مرهف الشعور لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس ،بل تجده رفيقا بإخوانه ولا يقصر في حق أحد ،فإن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله ,يميز الإنسان المسلم عن غيره بالإخلاص العميق في الأخلاق التي يتصف بها وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الأحوال ,ذلك بأنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحيي من الخلق السيئ ويجتنبه ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحيي منه قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره ،وهذا الحياء من الله هو مفرق الطريق بين أخلاق المسلم وأخلاق غير المسلم ،وذلك لأن الإنسان الحق الخلوق لطيف متأن رفيق بالناس حين يحسن اللطف ويستحب الرفق وتحمد الأخلاق وذلك لأن اللطف والرفق خصال حميدة يحبها الله في عباده المؤمنين ،لأنها تكسب من تحلى بها دماثة الخلق ورقة الجانب وحسن العشرة وتجعله قريبا من نفوس الناس محببا إلى قلوبهم ،ولقد جاءت النصوص متضافرة متتابعة تحبب في الرفق وتحض عليه وتؤكد أنه خلق عال وينبغي أن يسود مجتمع المسلمين ويتصف به كل مسلم عاش في هذا المجتمع ووعى أحكام دينه واستنار بهديه المضيء، وعلى المرء أن يعلم أن الرفق من صفات الله تعالى العليا التي أحبها لعباده في الأمور كلها ،فإن الله رفيق في الأمر كله وإنه لخلق عظيم يثيب الله عليه من عطائه الجزيل ما لا يثيبه على خلق آخر يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه ويشيد الهدي النبوي العالي بالرفق ،فيجعله زينة كل شيء فما حل في شيء إلا زانه وحببه إلى النفوس والأبصار، وما نزع من شيء إلا شانه ونفر منه القلوب والأرواح ،وكان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه يعلم المسلمين الرفق في معاملة الناس ,ويسددهم إلى التصرف اللبق الأمثل الذي يليق بالمسلم الداعية إلى دين الله الرحيم الرفيق بالعباد مهما كان الموقف مثيرا للحفائظ داعيا للغضب والاشمئزاز ،فبالرفق والتيسير تفتح مغاليق القلوب ويدعى الناس إلى الحق لا بالعنف والتعسير ومن هنا كان من هدي الرسول الكريم في مثل هذه الأمور بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وذلك لأن الناس ينفرون بطبائعهم من الخشونة والعنف ويألفون اللين والرفق.

777

| 01 يوليو 2015

نظيف طاهر

إن المرء دائما يحاول السعي نحو الكمال و يحثو السير إلى الارتقاء المادي والنفسي ،فإن مستقبله عند الله مرتبط بالمرحلة التي يبلغها في تقدمه ،فإذا أدركه الموت وهو في القمة كان من أصحاب الفردوس الأعلى وإن ادركه وهو في هذه اعمى حشر يوم العرض أعمى الإنسان ،ففي ساعة الغفلة قد يشتت أسرته قد يفقد عمله بساعة الغفلة قد يفقد أنصاره، لأن الحمق لا يأتي إلا بالشر والحكمة لا تأتي إلا بالخير والحكمة أكبر عطاء إلهي للمؤمن الحكمة تقلب الأشياء على ضدها، فالفقير الحكيم يغتني بمال حلال والغني الأحمق يفتقر بماله ويعود محطم النفس ،والنظيف الطاهر يكتسب محبة الناس والقذر الذي لا يعرف النظافة مكروه لدى الناس، ففي أي مكان وفي أي مجال وفي أي نشاط الحكيم هو الفائز، والله هو الحكيم، فإذا كنت مع الحكيم كنت حكيما والحكيم دائما يسلك المسلك الصحيح الكامل الذي يقتضيه الظرف، إصابة في القول وسداد في الفعل ومن الحكمة أن تعمل وفق الشرع وأن تتعرف على الله عز وجل مع نفاذ البصيرة، وهي دليل كمال العقل ويلبس صاحبها تاج الكرامة في الدنيا والآخرة، ويدرأ الله لصاحبها أبواب كثيرة من الشر، وإنها سمة من سمات الأنبياء الصالحين والعلماء العاملين، ومن الحكمة المحافظة على نظافة البدن والمكان والشارع لتكون خير البرية الذين منحهم الحكمة في القول والعمل فمن كان نظيفا بعث على هيئته نظيف، ومن كان قذرا بعث كذلك وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل الحريص على نقاوة بدنه ووضاءة وجهه ونظافة أعضائه يبعث على حالته تلك وضيءالوجه أغر الجبين نقى البدن والأعضاء.فكيف بالمرء وهو صائم يذهب إلى المساجد يتزين ليظهر أمام الناس شامة فإن الهدي النبوي يعلمنا أن النظافة من الإيمان وإن صحة الجسد وطهارته لها أثرها العميق في تزكية النفس وتمكين الإنسان من النهوض باعباء الحياة ،فإن المسلم الحق وإن كان في الغالب صحيح الجسم قوي البدن لبعده عن المنهكات والمهلكات من الأشياء الضارة الخبيثة المحرمة ولتجنبه العادات السيئة المجهدة والمنهكة والتي توهي العزيمة وتحط بالجسد ليعمل جاهدا على كسب المزيد من القوة لجسمه ،فهو يحافظ على نظافة جسمه وجمال هيئته لأنه كما أراده الإسلام شامة بين الناس يحافظ على النظافة في فترات متقاربة مستجيبا في ذلك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي حث على الاغتسال الكامل والتطيب. وتبلغ عناية الإسلام في المحافظة على النظافة الأمر بنظافة الفم حدا تجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وسئلت السيدة عائشة عن أي شيء يبدأ به الرسول الكريم إذا دخل بيته فقالت: السواك، وإنه لمن المؤسف أن نرى بعض المسلمين يهملون هذه الجوانب وإنها لمن لب الإسلام وصميمه، فلا يعتنون بنظافة أفوههم وأبدانهم وملابسهم ،فتراهم يغشون المساجد وغيرها من مجالس الذكر وحلقات الدروس والمذاكرة وروائحهم البشعة تؤذي إخوانهم الحاضرين وتنفر الملائكة التي تحف هذه الأماكن الجليلة المباركة ،ومن عجب أنهم يسمعون ويرددون قول رسول الله صلى الله عيله وسلم فيمن أكل ثوما أو بصلا ألا يقرب مصلانا لكيلا يؤذي برائحة فمه الملائكة والناس فالإنسان الحق يعتني بلباسه وهندامه ولذلك تراه حسن الهيئة أنيق المظهر من غير مغالاة ولا سرف ترتاح لمرآه العيون تأنس به النفوس لا يغدو على الناس في هيئة مزرية مهلهلة بل يتفقد نفسه دوما قبل خروجه على الناس فيتجمل لهم باعتدال فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجمل لأصحابه فضلا عن تجمله لأهله، فإن الأناقة في غير سرف والتجمل في غير صناعة وتزويق وإحسان الشكل بعد إحسان الموضوع من تعاليم الإسلام , الذي ينشده لبنيه من علو المنزلة وجمال الهيئة.

557

| 30 يونيو 2015

يطعمون الطعام

إن الإنسان يأخذ من الليل ويصوم الهواجر ويكثر من الصدقة ويحسن معاملة بعض الناس ويبذل من وقته وماله الكثير في الخير والدعوة إلى الله وقد ترى عليه مسحة من الزهد متزينا بالورع لأجل من ؟ لأجل أنه فلان ابن فلان الداعية لا لأجل الله وحده ولا لأجل أن يلقى ثواب ذلك عند الله ،إن الإنسان المطيع لله تعالى هو الذي يسعى نحو القرب والكمال يغتنم الأيام والليالي في سبيل الظفر بجنة عرضها السموات والأرض وإن المسلم في هذا الشهر الكريم شهر رمضان شهر القرب والإحسان والطاعة والغفران فهو يسعى لعمل الخير ونشر الخير يسعد نفسه ويسعد من حوله ومن هذه السعادة إطعام الطعام، فإن مبادئ الإسلام وقيمه ترشد الإنسان بالحسنى لمحاولة إقناعه أن محبته الشديدة للمال والثراء قد تورده المتالف، وأنه لو فكر في حقيقة ما يملك وفي عاقبته لرأى أن السماحة أفضل من الأثرة، والعطاء خيرا من البخل، يقول العبد : مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى أو ما لبس فأبلى أو ما أعطى فأبقى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس وعجيب أن يشقى المرء في جمع ما يتركه لغيره، وإذا لم يستفد المسلم من ماله فيما يصلح معاشه ويحفظ معاده فما قيمة هذا المال، فالإسلام دين يقوم على البذل والإنفاق ويضيع على الشح والإمساك ولذلك حبب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر.ومن هنا يزداد الإنسان كرما كلما ازداد من الله قربا وكلما استشعر ما أعده الله نعيم للكرماء الأسخياء الباذلين في سبيله ازداد سخاء وبذلا ،وكلما قويت صلته بالله ازداد شعوره بثمرات الكرم عمقا، وزاد عطاؤه امتدادا وسعة فإطعام الطعام في سورة الإنسان في القرآن ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا وما أعظم الإطعام في أيامنا على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له فهو من موجبات المغفرة فوا أسفاه على مسلم يجلس على مائدة إفطار عليها ما لذ وطاب وينسى الفقراء ،ولقد كان السلف يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح، فمن ثمرات إطعام الطعام ينشأ عنه فضائل كثيرة منها التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم، فيكون ذلك سببا في دخول الجنة فلا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا بادر في إطعام أسرة فقيرة في رمضان تكون لك أمان من النيران، وذلك لأن إطعام الطعام مستلزم لسلامة اليد والصدر واللسان نحو المسلمين فحصاد ثمار الجنة ورحيقها لمن أطعم الطعام، فعلى المسلمين أن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم لا ينفكون عنه في صباح أو مساء، فهو بهذا الإرشاد الدقيق يريد أن يرتب النفقات المشروعة الترتيب المثمر الصالح، فإن الأسرة قوام المجتمع الكبير والخلية الحية التي تؤسس ويتكون منها بناءه الضخم ،فتوجيه العناية إليها أولى وأجدى على الأمة كلها من حرمانها وتحويل حقوقها عنها، فإنه إذا كان إلى جنب الإنسان محتاج فلا معنى لمجاوزته والذهاب بالخير بعيد عنه، بل إن ذلك قد يزرع الضغينة في قلوب المحرومين، ويشعر بأن إهمالهم متعمد لنكاية بهم والبعد عنهم ،فالمسلم الحق المستنير بتعاليم دينه القائم بتطبيقها على نفسه في صدق وإخلاص كريم جواد يداه مبسوطتان، تمطران بالخير الوفير على أبناء مجتمعه في شتى المناسبات والأحوال ،فهو إذ ينفق يبذل بسخاء المؤمن الواثق بأن عطاياه لا تضيع إذ هي محفوظة لدى عليم خبير، وإنه ليؤمن أيضا وهو يجود بماله وأن ما ينفقه سيعود عليه بالفائدة الجمة والخير العميم وسيخلفه الله عليه أضعافا مضاعفة في الدنيا والآخرة إنه ينفق ماله وهو على يقين من أن الله تبارك وتعالى سيعوضه عما أنفقه من ماله في هذه الدنيا بركة ونماء وخلفا.

1672

| 29 يونيو 2015

مخلص في عبادته

إن المغريات في الحياة الدنيا كثيرة لذلك نحتاج إلى الصبر العظيم والإرادة القوية لعدم الوقوع في المعصية، فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس، فمن هذا الأصل الكبير من أصول العقيدة الإسلامية تتفرع الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم التقي المرهف في سلوكه، وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلم الصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، فهو صابر مع الناس جميعا لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه، فالإخلاص رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق، والإنسان يخلص العمل لله تعالى طمعا في نيل الثواب والأجر وإننا في هذه الأيام المباركة أيام رمضان والتي فرض الله علينا صيامه والذي يعد عنوانا للإخلاص والقرب من الله تعالى، فعندما يسطع شعاعه في النفس يزداد المرء قربا لله تعالى، وأشد ما يكون تألقا في الشدائد المحرجة فإن الإنسان عندها ينسلخ من أهوائه ويبرأ من أخطائه ويقف في ساحة الله أوابا , يرجو رحمته ويخاف عذابه, فالقلب المقفر من الإخلاص, لا ينبت قبولا كالحجر المكسو بالتراب لا يخرج زرعا والقشور الخادعة لا تغني عن اللباب الرديء شيئا, إلا ما أنفس الإخلاص وأغزر بركته أنه يخالط القليل فينميه حتى يزن الجبال ويخلو منه الكثير من العمل فلا يزن عند الله هباءة، ويظهر أن تفاوت الأجور التي رصدت للحسنات من عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة يعود إلى سر الإخلاص الكامن في خفاي الصدور وهو ما لا يطلع عليه إلا عالم الغيب والشهادة.فعلى قدر نقاء السريرة وسعة النفع تكتب الأضعاف وليس ظاهر الإنسان ولا ظاهر الحياة الدنيا هو الذي يمنحه من الله رضوانه، فإن الله تبارك وتعالى يقبل على عباده المخبتين المخلصين ويقبل منهم ما يتقربون به إليه أما ما عدا ذلك من زخارف الدنيا وتكلفات البشر فلا قيمة له ولا اكتراث به لذلك يعلمنا الهدي النبوي إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم فمن ربط حياته بهذه الحقائق فقد استراح في معاشه ، وتأهب لمعاده فلا يضيره ما فقد ولا يحزنه ما قدم وحرارة الإخلاص تنطفئ رويدا رويدا، كلما هاجت في النفس نوازع الأثرة والأنانية بحب الذات والتلذذ بالثناء بين الناس وحب السمعة، والتطلع إلى الجاه والرغبة في التصيت وحب العلو والافتخار، وما يعد ذلك إلا من نواقض الإخلاص التي تدمر الأعمال الصالحة ولا تجعل لها قيمة عند الله تعالى وما تكون إلا هباء منثورا وتعود على صاحبها بالخسران، إن الله تعالى لا يحب من العمل إلا النقي من الشوائب المكدرة وتكمن الخطورة الشديدة لهذا المرض الفتاك بالأعمال الصالحة والمدمر لها وهو الأنانية والتطلع لحب المدح، إن عدم الإخلاص محبط للعمل, فلا يجني العامل من عمله إلا الحسرة والندامة، فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب، فبذلك يخسر الإنسان الخسران المبين وفي كثير من الأحيان يكون مرضا خفيا لا يظهر للناس ولا يرى من صاحبه إلا الأعمال الطيبة، بل يعد خفيا جدا حتى على صاحبه وخاصة عندما ينتبه أن الناس ينظرون إليه أو يتتبعونه ومنه ومن أظهر عوارض الإخلاص وأشهرها الرياء الذي يمكن أن نقول بأنه العمل لأجل البشر وهناك عارض آخر يطرأ على الإخلاص ولا يقل خطورة عن سابقه وربما يكون قسيما له لكن قل من يتفطن له وهو عبادة النفس بأن يعمل العامل العمل لأجل نفسه وامتداحها والثناء عليها فالمرائي يعمل العمل لأجل أن يقول عنه الآخرون ما يحب من الثناء وصاحبنا يعمل لأجل أن يقول هو عن نفسه، لأجل أن يرضي نفسه فيفرح في الدنيا ويسعد أمام الناس ويخسر في الأخرة يوم لا ينفع سمعة ولا رياء.

545

| 28 يونيو 2015

صابر محتسب

إن تحري الصدق في جميع المواقف يدفع عن المجتمع المسلم غائلة الظنون لتبقى الحقائق راسخة لا يغشاها ظن أو ريب ما دامت عادة الخلق تسود سلوك أفراده فيكونوا خير البرية، فالشرع المجيد لا يؤسس أحكامه على الظن الواهم، بل يحتم وضوح الحقائق، وهو بهذا يرسي للمجتمع الإنساني الأسس التربوية والأخلاقية التي تضمن أن تسير فيه الحياة في ثبات واستقرار، فإن عادة الصدق دعامة أساسية في خلق المسلم وصبغة دائمة ثابتة في سلوكه علاوة على قوة إيمانه ويقينه. وأما الكذب فهو رذيلة تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس كل كذاب أشر كما تنبئ عن سلوك معوج شاذ، وحيث إن البر كلمة جامعة لأبواب الخير والفضل، لذلك فإن الصدق من أسباب البركة في المعاملات وأن الكذب والغش من أسباب محقها، فالإسلام يدعو الناس إلى كل خير لما فيه من صلاح حياتهم الدنيا وسعادتهم في الآخرة وإننا في هذا الشهر العظيم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فرض الله علينا صيامه وأمرنا أن نكثر فيه من الطاعات، فهو يدربنا على الصبر والذي يجب علينا جميعا أن نتواصى به والنصح له والحرص على تقوى الله في جميع الأمور، لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع.فالصبر صفة يتسم بها المسلمون وتعتبر من صفاتهم وأخلاقهم التي يتسمون بها عن غيرهم والصبر يكون في جميع وجهات الحياة اليومية ونحتاج إليه في الحياة لكي نعيش بهدوء وعقلانية وحياة خالية من المشاكل والصبر متعلق بالإيمان، لذلك ينال المرء عليه الأجر والثواب، فمن غمر قلبه الإيمان تزين بالصبر، لأن هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسان ذا مكانة عالية وعظيمة يتزين بالوقار والاتزان والحكمة ويعطي الإنسان الهيبة واحترام الآخرين له، فالصبر صفة من صفات الأنبياء، الصبر هو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع وهو حبس النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه وهو عادة الأنبياء والمتقين وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقل معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب والصبر ضياء، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور وعندما نتكلم عن الصبر، فإننا نتكلم عن نصف الإيمان وعن مبدأ أساسي من مبادئ ديننا والذي يساعدنا على الصبر هو فهم قيمته ومعرفته، لأن الله فرض علينا الفرائض ليزكي أنفسنا فهذا رمضان الذي أوجب الله علينا صيامه والصيام يدربنا على الصبر وضبط النفس وقوة التحمل فمن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبر على أذى المشركين رغم أنه قادر على الدعاء عليهم بالهلاك ولكنه فضل أن يصبر عليهم رغبة في نيل الأجر من الله تعالى ورغبة في إسلامهم أو إسلام أبنائهم من بعدهم، علينا الاقتداء برسولنا في الصبر والتحمل لكي ننال الأجر والثواب، فالصبر على البلاء أو على المصائب أو على الإيذاء من الآخرين أو على أي شيء يحتاج منا إلى صبر، فإننا بصبرنا ننال الأجر والثواب إن شاء الله، كذلك الصبر على ضيق الحياة وعسرها مثل أن يكون الإنسان فقيرا، فعليه أن يصبر على ما قسمه الله له ولا يشكو إلى الناس وإنما يصبر ويشكو حاله إلى الله وعليه أن يصبر كما صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.ومن أنواع الصبر المحمودة والتي يؤجر عليها المرء الصبر على طاعة الله تعالى لأن الطاعات تحتاج من الإنسان إلى بذل الجهد في القيام بها وأدائها على أكمل وجه مثل أداء الصلوات في أوقاتها وغيرها من الطاعات التي تحتاج إلى صبر وعزيمة في القيام بها، لذا يحتاج المسلم إلى الصبر العظيم والإرادة القوية لعدم الوقوع في المعصية.

1174

| 27 يونيو 2015

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

2013

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

1623

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

1149

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1083

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

966

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
حين يتقدم الطب.. من يحمي المريض؟

أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...

759

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
مشــروع أمـــة تنهــض بــه دولــة

-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...

678

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

672

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
احتفالات باليوم الوطني القطري

انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...

558

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

534

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
التحول الرقمي عامل رئيسي للتنمية والازدهار

في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...

513

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
أول محامية في العالم بمتلازمة داون: إنجاز يدعونا لتغيير نظرتنا للتعليم

صنعت التاريخ واعتلت قمة المجد كأول محامية معتمدة...

489

| 26 ديسمبر 2025

أخبار محلية