رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
جاءت احتفالات البلاد باليوم الوطني أمس متفردة في كل شيء، فقد كان يوماً للفخر والاعتزاز بالنجاح، حيث شاركت شعوب العالم أهل قطر فرحتهم باليوم الوطني، في مشاهد تعبر عن الوفاء والفرح بما تحقق من إنجازات عاشتها هذه الشعوب لحظة بلحظة، منذ بداية انطلاقة المونديال حتى المباراة النهائية. تعرفت شعوب العالم وعن قرب، على الثقافة العربية والهوية القطرية والحضارة الإسلامية والمشاعر الإنسانية التي وجدوها متدفقة أمامهم في كل خطوة في هذا البلد المضياف. كان اليوم الوطني أيضا مناسبة للاحتفال بالإنجازات التي حققتها دولة قطر هذا العام، ويأتي في مقدمتها هذا المونديال الاستثنائي الذي أكد كل ضيوف قطر أنه كان مناسبة غير مسبوقة واستثنائية وسوف يسجلها التاريخ. إن شعار اليوم الوطني عام 2022، يعكس التكاتف والتلاحم للشعب القطري، حيث تتجلى معاني الفخر بالوطن والوفاء للأجداد والآباء والاعتزاز بالقيادة". ويأتي التكاتف والتلاحم هذه المرة على مستوى الوطن وعلى مستوى العروبة وبمشاركة شعوب العالم في مسك ختام المونديال، فاكتست شوارع الدوحة بكل مشاعر الفرح بهذه المناسبة العظيمة التي تزامنت مع أهم بطولة عالمية شدت أنظار العالم إلى قطر في ليلة الثامن عشر من ديسمبر 2022. وقد استقبلت قطر وهي تحتفل بيومها الوطني وتستضيف في ذات الوقت المونديال أكثر من مليون و400 ألف زائر من أنحاء العالم، وبلغ إجمالي عدد الحضور الجماهيري لمباريات البطولة قرابة 3,4 مليون مشجع، مما يعني أن متوسط حضور المباراة الواحدة تجاوز 53 ألف مشجع، بطاقة استيعابية إجمالية تجاوزت 96 بالمائة. وهي نسبة تفوق ما حققته البطولات السابقة من حيث الدخول والانتقال بين الملاعب والتمتع بأكثر من مباراة في ذات اليوم. وقد استمتع المشجعون بطبيعة البطولة متقاربة المسافات، حيث تمكن الآلاف من حضور أكثر من مباراة في يوم واحد خلال المراحل الأولى من منافسات البطولة، لأول مرة في التاريخ الحديث لكأس العالم، بفضل تقارب المسافات بين الاستادات الثمانية، عالمية المستوى، التي تقع جميعها ضمن مسافة لا تتجاوز ساعة واحدة من وسط مدينة الدوحة، ويمكن الوصول إليها بسهولة باستخدام المترو أو الحافلات، أو سيارات الأجرة. ووفرت الدولة كافة الوسائل التي تساعد الجمهور على التنقل بسهولة كبيرة وفي كل الأوقات. واستمرت حافلات النقل في الخدمة حتى الساعات الأولى من الفجر منذ انطلاق البطولة. إلى جانب ذلك، حظيت الأنشطة الترفيهية، التي أقيمت في أجواء تلائم جميع أفراد الأسرة، بشعبية كبيرة، حيث حضر أكثر من 530 ألف شخص فعاليات مختلفة يومياً خلال أيام البطولة، في مهرجان الفيفا للمشجعين بحديقة البدع، والمناطق المحيطة بالاستادات، وعلى كورنيش الدوحة، وفي مناطق المشجعين في أنحاء البلاد. ونجاح قطر في تنظيم نسخة مبهرة من كأس العالم، سيمثل علامة فارقة في استضافات الفعاليات العالمية الكبرى". ولا شك أن تجربة قطر في تنظيم هذا الحدث التاريخي سيترك إرثاً اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً مستداماً للدولة والمنطقة بأسرها. حوار ثقافي دولي وشهدت فعاليات درب الساعي حواراً ثقافياً دولياً مفتوحاً للجميع، تعرف فيه زوار قطر على الثقافة والحضارة العربية والهوية القطرية في أكبر حوار حضاري شعبي مفتوح لجماهير من كل دول العالم. وتسابق بعض المشجعين لحفظ بعض مفردات اللهجة المحلية مثل الكرك والمكبوس وارحبو وهلا فيكم وحياكم، وكثيرون يستخدمون اللغة العربية الفصحى ويحفظون كلمات منها، بل ويلبسون الزي القطري ويحملون تذكارات من قطر، تعيد إلى أذهانهم اللحظات التاريخية التي عاشوها في قطر. لقد ظلت صورة العرب في الخارج تعاني من استهداف ممنهج، يصورهم بأنهم أمة غير قادرة على صناعة الحدث والمشاركة في الأحداث العالمية الكبرى بفاعلية، لذلك كان الاحتفال باليوم الوطني مناسبة ثقافية ووطنية مهمة وبسبب تزامنها مع ختام مونديال قطر 2022 وجدت شعوب العالم الأخرى فرصة طيبة في التعرف على المجتمعات العربية عن قرب ومعايشة دورها في استضافة العالم في بطولة هي الأكبر على مر التاريخ. لقد تعرفت شعوب العالم على حسن الضيافة في الفنادق الفارهة والمنتجعات الباهرة والفعاليات الترفيهية المنتشرة على كورنيش الدوحة وساحات لوسيل الواسعة وميادين سباير الرياضية الفسيحة، وتنقلوا عبر قطارات المترو الحديثة إلى كل مناطق الدوحة المختلفة خاصة من الملاعب إلى مساكن المشجعين وإلى ساحات الفعاليات المختلفة. هزيمة إعلام التضليل جاء جمهور المونديال إلى قطر والإعلام المغرض يحرض ويؤلف ويضلل بأن قطر غير مستعدة لاستضافة المونديال، وبعد وصولهم اكتشفوا أن الحقيقة عكس ما يدعيه المغرضون والمضللون، وجدوا استضافة ملؤها الكرم والضيافة وحسن الاستقبال. وجدوا ملاعب كأس العالم المكيفة والمهيأة لكل المباريات لتوفر لهم الدخول السهل والمرونة الكبيرة في الانتقال من ملعب إلى آخر. وجدوا ملاعب حديثة لا شبيه لها في أي مكان في العالم. والحديث يطول عن الطرق المعبدة والجسور والمعابر التي وفرت سهولة في الحركة وأعلى معايير السلامة والأمان. وجد زوار قطر؛ العمال وهم يتقدمون الصفوف في التطوع والعمل والتشجيع بكل حرية فعقدت الدهشة ألسن من صدقوا تلك الأكاذيب. حاولت بعض الجهات المعروفة التي أزعجها فوز قطر باستضافة هذا المونديال التاريخي، ولأنها كانت تعلم بأن النتيجة النهائية ستكون تنظيماً رفيعاً يلهج بالثناء عليه الكثيرون، سعت لكل ما تملك من قوة إلى إثارة الشكوك حول التنظيم، ولكن هيهات. وكانت محاولتهم المستميتة الأخيرة هي تسييس المونديال وإطلاق الشعارات السياسية علها تؤدي إلى الفرقة فكانت هزيمتهم المدوية أمام مشاعر الشعوب وهي ترفض الاستماع إلى أحاديث الكذب والتضليل والخداع، فقد فات عليهم أن الإنسانية متفقة على قيم الأخلاق والوفاء، والقيم، واحترام العادات، والتقاليد. استدامة الإنجاز والنجاح تلقت قطر التهنئة من قادة العالم الذين شاركوا في حفل اختتام كأس العالم 2022 الذين أشادوا جميعا بقوة التنظيم وبالنجاح الاستثنائي في تنظيم بطولة سوف يسجلها التاريخ، وهو ذات ما شهد به جمهور المشجعين من كل دول العالم. لقد قال الجمهور كلمته عندما تمنى أكثرهم لو استمرت بطولة كأس العالم ولم تنته هذه الفعالية بهذه السرعة. لقد حققت دولة قطر بالتخطيط السليم والعمل المشترك هدفها في تنظيم بطولة عالمية يفخر بها كل عربي، والمطلوب اليوم هو العمل الجاد لاستدامة النتائج الإيجابية التي حققتها دولة قطر في هذه البطولة، وهي تستضيف الملايين من الزوار، وتقدم لهم الخدمات المتطورة والحديثة والسريعة. رئيس التحرير
1446
| 19 ديسمبر 2022
اليوم تحقق الحلم وأصبح الوعد واقعاً، حيث توافدت المنتخبات العالمية المشاركة في مونديال قطر 2022 لتنطلق صافرة الحكم الإيطالي دانييلي أورساتو الذي اختير لقيادة المباراة الافتتاحية التاريخية لكأس العالم بين قطر المضيفة والإكوادور، لتتوالى الإثارة التي يشارك فيها 32 منتخباً هي الأقوى في العالم. ومنذ أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا فوز قطر بتنظيم المونديال في عام 2010 خفقت قلوب الملايين من القطريين والعرب وهم يعانقون التاريخ وماتت قلوب أخرى غيظاً بسبب فوز قطر بشرف الاستضافة التاريخية لهذا الحدث العالمي الكبير. واجهت قطر خلال عشر سنوات سيلاً من الاتهامات والافتراءات والأكاذيب دون أي مبرر سوى سعيها لتحقيق نصر للأمة العربية والمنطقة، وقد ظلت منذ انطلاق هذه البطولة والشعوب العربية في مقاعد المتفرجين لكنها اليوم أصبحت في قلب الحدث صانعة للمجد وللتاريخ وأتت شعوب العالم إلى الأرض العربية للاستمتاع بأجواء بطولة استثنائية واستضافة لم يشهد لها العالم مثيلاً. فهي المرة الأولى التي يتمتع بها الزوار بأجواء احتفالية مثالية في جو رفيع من الترفيه والخدمات المتكاملة بما في ذلك شبكة اتصالات دولية متاحة للجميع وشبكة قطاعات مترو مكيفة الهواء مجانية لكل ضيوف المونديال وشعارات للتشجيع حاضرة في كل التجمعات وترحيب دافئ من أهل قطر جميعهم يلمسه الجميع في كل التجمعات الرياضية ومناطق استضافة المشجعين. لقد استضافت قطر المونديال لتؤكد للعالم أن المنطقة غنية بتراثها ولها حضارتها وقدراتها على صناعة الحدث وأنها قادرة على استقبال هذه التجمعات الكبيرة من الجماهير وتوفير احتياجاتها وكامل خدماتها. لقد كان قدر الشعوب العربية لسنوات طويلة أن تبقى في مقاعد المتفرجين وانتقلت اليوم إلى مقعد المنظمين وسيتاح للعرب قريبا المنافسة على الكأس الغالية والوصول إلى المباراة النهائية. لم تهتم قطر للافتراءات وحملات التضليل والتشويه لأنها كانت تدرك مآل هذه الحملات ومصيرها فالحقيقة دوما ستهزم الأكاذيب وها هي جماهير العالم تصل إلى الدوحة ولم تجد إلا الاستعداد الاستثنائي وكرم الضيافة العربي الأصيل ووجدت العمال وهم يسبقون الجميع للمشاركة في المهرجانات الاحتفالية والأجواء الرياضية العالمية يعبرون عن انتمائهم إلى البلدان التي يحبونها ويبادلهم الجميع ذات الود والمحبة والانتماء إلى الشعار. المشروعات التي أنجزتها قطر لم يكن هدفها المونديال فقط، فهي جزء من رؤية قطر الوطنية 2030 ومشروعات البنية التحتية المخطط لها تزامنت مع هذا الحدث فآتت أكلها مرتين ليستفيد منها زوار قطر من كل شعوب العالم قبل أهل قطر من مواطنين ومقيمين وهذا هو الأصل في الأعمال العظيمة التي يتجاوز أثرها صانعها ليستفيد منها الجميع. والفائدة التي تحققت من هذه الاستضافة هي تسريع الاستفادة من مشروعات البنية التحتية الكبرى، فكانت الطرق والجسور والأنفاق والطرق السريعة هي حديث كل من زار قطر لتقدم قطر نموذجا في الإرادة والرغبة في العمل والتخطيط السليم لمواكبة متطلبات النمو والتطور وصناعة المستقبل المزدهر. والفائدة الثانية أن المونديال استنهض همم الشباب والمواطنين في الابتكار والريادة وإطلاق المشروعات التجارية والاستثمارية والخدمية لاستقبال زوار وضيوف قطر وتوفير الخدمات المختلفة لهم وبأعلى معايير الإنجاز والمواصفات. لقد ركزت القيادة الحكيمة على الاستثمار في الإنسان باعتباره الهدف الرئيس للتنمية والتطور والرفاهية وبناء الأوطان. وقد كسب أهل قطر الرهان فقد شارك الكل في صنع الإنجاز وعلى كافة المستويات ولم يتخلف حتى الصغار عن التطوع في خدمة المونديال. والفائدة التي تحققت من هذا المونديال تمثلت في الدهشة التي لمسها الناس في وجوه زوار قطر وهم يقفون على واقع الاستعدادات الكبيرة وكل أهل قطر أمامهم في فتح الطرقات وتقديم الإرشاد وتوفير كل ما يحتاجونه من متطلبات الضيافة وعلى كافة المستويات. ولأن الحقيقة هي أقوى رسالة يتلقاها الإنسان فسوف تتغير صورة المنطقة في أذهان الكثيرين، خاصة أولئك الذين خدعتهم حملات التضليل والكذب بادعاء أن قطر تسيء معاملة العمال أو تنتهك حقوق الإنسان، ليجدوا أنفسهم أمام بحر من السماحة العربية والكرم القطري الأصيل والمعاملة الإنسانية التي تفرضها علينا تعاليم ديننا الإسلامي ومجتمعنا العربي قبل مواثيق المنظمات الدولية ولجان الحقوق العامة وتقارير وسائل الإعلام. إن الشعار المرفوع في كل شوارع قطر وميادينها الفسيحة هو مرحب بكم في بلدكم وأنتم بين أهلكم وقطعا سيذهل كثير من الجماهير، التي سمعت لكل الأكاذيب، أمام هذه الروح الرياضية الرفيعة وهذا التقدير العالي للإنسان وكرامته. نعم قطر ترحب بالجميع ودون شروط، لكنها في ذات الوقت تتوقع من الجميع احترام ثقافتها وقوانينها وتقاليد شعوبها المضيافة. والفائدة الأخرى من فوائد تنظيم المونديال في بلد عربي وفي المنطقة العربية أن المنتخبات العربية ستجد الدعم الجماهيري الكامل لأول مرة، لتلعب بين شعوبها وتحظى بالتشجيع الكافي في كل المباريات التي تخوضها. إن استضافة قطر للمونديال كسرت قواعد لعبة كرة القدم في شكلها القديم الذي جعل الشعوب العربية دوما ضيفا على هذه البطولة العالمية الكبرى لتصبح الشعوب العربية اليوم في قلب الحدث وفي صناعة الحدث وأصبحت مضيفا مضيافا بعد أن كانت مجرد ضيف وزائر خفيف الإقامة لا تتعدى مشاركته المراحل الأولية للمنافسة على الكأس الغالية. والدروس المستفادة من هذا الحدث هي التأكيد على أن قطر وكذا بقية الدول العربية لديها ما تقدمه وأنها قادرة على صناعة الحدث وتنظيم مثل هذه البطولات وتوفير المتطلبات الإدارية الدقيقة لها مثل فنون إدارة الجماهير والقدرة على إدارة الفعاليات الكبرى وتوفير المستشفيات والملاعب المناسبة، كل هذه المهام الجسيمة لم تعد مثل الغول والعنقاء والخل الوفي، بل أصبحت قدرات حقيقية نملكها نحن العرب ونستطيع من خلالها التصدي لما هو أصعب وأهم من تنظيم بطولة كأس العالم. وهؤلاء الذين كانوا يطالبون بعدم خلط السياسة بالرياضة هم من فعلوا ذلك، والذين كانوا ينادون بحرية الإعلام والدفاع عن الحقيقة والالتزام بالموضوعية، وجدناهم قد سقطوا في اختبار المهنية. نعم سقطوا وهم يطلقون الأكاذيب ضد المونديال وليس ضد قطر لأن المونديال لقطر ولكل عربي ولكل دول المنطقة. سقطوا في اختبار المهنية عندما تجاهلوا الإصلاحات الكبرى التي أنجزتها دولة قطر في ملف العمالة. وسقطوا في اختبار إخفاء الحقيقة وقطر توفر كل متطلبات الاستضافة الاستثنائية ليدّعوا أن آلاف العمال ماتوا في تشييد الملاعب والغريب أن الملاعب اكتملت قبل ما يقارب عامين من إطلاق حملاتهم المسعورة. وسكتت وسائل الإعلام المأجورة عن الحديث عن الخدمات المتكاملة التي توفرت لجماهير المونديال وللفرق المتنافسة مثل ملاعب التدريب والمستشفيات والخدمات الطبية الرفيعة. ولأن النصر دوما حليف للحقيقة ولمن يعمل، فقد تحول زوار قطر ومشجعو المونديال إلى صحفيين وإعلاميين نقلت كاميرات هواتفهم الذكية الدهشة والجمال والبنية التحتية الرائعة والملاعب المدهشة وأماكن الإقامة الراقية والطرق النظيفة وابتسامة الضيافة التي تشع من وجوه أهل قطر في وجه ضيوف المونديال. تلك الرسائل الإعلامية التي تدفقت على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تحمل ملايين الرسائل الصادقة من أرض الحدث جرفت معها كل رسائل الزيف والتضليل والأكاذيب وأعطتهم درسا مفاده أن العمل والإنجاز لا يُهزَم وأن ضوء الشمس لا يُحجَب بغربال. هنيئاً لكل أهل قطر، وهنيئاً لكل زوار قطر، وهنيئاً لكل المشجعين، ومبروك لقطر فوزها الساحق في مباراة الاستضافة والضيافة والتنظيم، ونتمنى للعنابي إكمال لوحة الجمال بانتصار عريض في كل مبارياته. والتحية لكل من ساهم في هذا الإنجاز الكبير. رئيس التحرير
4206
| 20 نوفمبر 2022
حتى وقت قريب لم تكن قرية الخرسعة معروفة سوى أنها بلدة هادئة تقع على بعد حوالي 80 كم غرب الدوحة، يسكنها عدد قليل من المواطنين ونصف منازلها تستعمل للتخييم في الإجازات والمواسم، وفي عام 1908، وثق الباحث البريطاني ج. ج. لوريمر قرية الخرسعة في دليله الجغرافي للخليج العربي، مشيراً إليها أنها أرض تخييم، وكانت بها حينها 18 بئراً من المياة العذبة. هذه الروضة الهادئة كانت على قوائم محركات البحث بعد أن شهدت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 18 أكتوبر حدثين مهمين لا يقل أحدهما عن الآخر، حيث قام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، بافتتاح محطة الخرسعة للطاقة الشمسية وبعدها زار سموه مدرسة الخرسعة الابتدائية الإعدادية حيث قضى سموه بعض الوقت في أنحاء المدرسة، وزار بعض الفصول الدراسية والتقى عدداً من الطلاب والهيئة الإدارية والتدريسية. لن أتحدث كثيراً عن المحطة رغم أهميتها في حاضر ومستقبل البلاد في إنتاج طاقة كهربائية عبر مصدر مستدام وهو الشمس، وهناك في الخرسعة توجد 1,8 مليون لوحة شمسية ممتدة على مساحة 10 كيلو مربع تعمل على تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء بدون انبعاثات كربونية في مساهمة جادة من الدولة لتقليل آثار التغير المناخي. وبعد أن قام سمو الأمير بافتتاح المحطة الاستراتيجية المهمة، كانت هناك زيارة لا تقل في أهميتها عن ذلك المشروع، لقد كانت زيارة لجيل المستقبل الذي هو المستهدف الأول ورأس مال الدولة وصندوقها الاستثماري البشري الحقيقي. لم يكن هناك ترتيب مسبق، كانت زيارة عفوية من والد لأبنائه الطلاب ولإخوانه المعلمين والإداريين، قدم خلالها سموه دعماً لامحدوداً للعملية التعليمية برمتها، وكان، حفظه الله، تلقائياً في زيارته ولم يتردد في نصح طالب بأن يربط حذاءه جيداً حتى لا يصاب أثناء ممارسة الرياضة، وحضر سموه إحدى الحصص الدراسية، وقام بالتصفيق لطالب أجاب إجابة صحيحة، وتشجيع آخر أحرز هدفاً، كما أن استماعه لشرح عدد من المعلمين أثناء الحصة الدراسية كان رسالة احترام وتقدير لدور المعلم والتعليم وحافزا كبيرا للمعلم الذي علي يديه يكون بناء جيل المستقبل الذي تراهن عليه البلاد في استمرار تقدمها، ومن يقدر دور المعلم هو قائد له بصيرة تجعل من هذا التقدير طاقة كبيرة ودفعة معنوية ورسالة واضحة بأن التعليم بأركانه (الطالب والمعلم والمدرسة) هم محط اهتمام يعول عليها كثيراً في إنشاء وتخريج جيل صالح متعلم خلوق يستطيع مواجهة التحديات والاستفادة من الفرص وأن يكون مصدراً للإنتاج لا عبئاً على الدولة. بالتأكيد، إن باقي المدارس تغبط مدرسة الخرسعة بمعلميها وإدارييها وطلابها، ولكن هم يعلمون تماماً أنها زيارة لهم جميعاً، وهي تقدير وتحفيز لكل معلم وإداري وطالب وطالبة. الرسالة واضحة والهدف محدد: التعليم له الأولوية ولا يقل شأنا عن أي مشروع استراتيجي تقيمه الدولة وترعاه حتى يصبح علامة تميز مستمرة لبلد لا يقبل إلا أن يكون في مصاف الدول المتقدمة. ختاما،، أقتبس مقولة للكاتب جلال عامر يصف فيها أهمية التعليم قائلًا: "الزراعة تسد الجوع، والصناعة توفر الاحتياجات. لكن التعليم يزرع ويصنع وطناً". رئيس التحرير
3309
| 23 أكتوبر 2022
جاءت مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين في نيويورك أمس، معبرة تماماً عن الظروف التاريخية التي يمر بها العالم بسبب التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والصراعات فضلاً عن الحرب الروسية الأوكرانية التي القت بظلالها على أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت كلمة سمو الأمير متسقة مع مواقف قطر ومبادئها الثابتة تجاه التطورات الدولية الحالية والمشاكل التي تعاني منها المنطقة. احتوى خطاب سمو الأمير على قراءة متعمقة لهذه التحديات مع تقديم اقتراحات موضوعية للتعاون الدولي في سبيل إيجاد الحلول الجذرية لها في ظل الشرعية الدولية والدور الإستراتيجي المهم الذي تقوم به الأمم المتحدة. ويمثل خطاب الأمير وثيقة سياسية إستراتيجية تعكس قضايا العالم بوضوح وشفافية ورؤية موضوعية تفصل بين الأزمات ودوافعها وكيفية الوصول إلى حلول منطقية لها. العالم قرية أول رسالة وجهها سمو الأمير إلى المجتمع الدولي مفادها بأن العالم أضحى قرية صغيرة تتداخل فيها همومنا وتتشابك قضايانا، ومع أن عالمنا تغير بوتيرة سريعة لناحية انتشار آثار أي حدث بيئي أو أزمة اقتصادية أو مواجهة عسكرية على المستوى العالمي، إلا أن مقارباتنا وأساليبنا لم تتطور بالوتيرة ذاتها لتواكب هذه التغيرات الثورية، وسواء أكان الرأي أن العالم أحادي القطب أم متعدد الأقطاب، فإن السياسة الدولية ما زالت تدار بمنطق الدول المتفاوتة القدرات والمصالح والأولويات، وليس بمنطق العالم الواحد والإنسانية الواحدة، وتحديدًا إدارة الأزمات العالمية من منظور مصالح ضيقة قصيرة المدى، وتهميش القانون الدولي، وإدارة الاختلاف بموجب توازنات القوى، وليس على أساس ميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول. الحرب الروسية الأوكرانية الرسالة الثانية التي وجهها صاحب السمو في خطابه تتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، حيث قال سموه: ندرك تماماً تعقيدات الصراع بين روسيا وأوكرانيا والبعد الدولي له، ومع ذلك ندعو إلى وقف إطلاق النار ومباشرة السعي إلى حل سلمي للنزاع، فهذا ما سوف ينتهي إليه الأمر على كل حال مهما استمرت الحرب، ودوامها لن يغير هذه النتيجة، بل سوف يزيد من عدد الضحايا، كما يضاعف آثارها الوخيمة على أوروبا وروسيا والاقتصاد العالمي عموماً. قضية العرب الأولى لا يكاد أي خطاب لسمو الأمير أن يخلو من التذكير المستمر بالقضية الفلسطينية، وجدد سمو الأمير ذكر مواقف قطر الثابتة تجاه القضية العربية الأولى وما يعانيه الفلسطينيون من ويلات الاحتلال، وأشار إلى ذلك بقوله: لا أعتقد أن مندوبي الدول الحاضرين يحتاجون إلى التذكير بأن القضية الفلسطينية ما زالت دون حل، وأنه في ظل عدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومع التغير المتواصل للوقائع على الأرض أصبح الاحتلال الاستيطاني يتخذ سياسة فرض الأمر الواقع، مما قد يغير قواعد الصراع وكذلك شكل التضامن العالمي مستقبلاً، وأضاف سموه: من هنا أجدد التأكيد على تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق في تطلعه للعدالة، كما أكرر التأكيد على ضرورة تحمل مجلس الأمن لمسؤوليته بإلزام إسرائيل بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. مجرمو الحرب لفت سمو الأمير النظر كذلك حول عجز المجتمع الدولي عن محاسبة مجرمي الحرب في سوريا على ما ارتكبت أيديهم، وإمعاناً في الخذلان أصبح البعض يسعى لطي صفحة مأساة الشعب السوري دون مقابل، ويتجاهل التضحيات الكبيرة التي قدمها هذا الشعب المنكوب دون حل يحقق تطلعاته. وتقدم القضية السورية درساً مهماً بشأن عواقب غياب الرؤية البعيدة المدى لدى قوى المجتمع الدولي الفاعلة حين يتعلق الأمر بمعالجة معاناة الشعوب من الطغيان اللامحدود والفقر المدقع والحروب الأهلية قبل أن تصبح ظواهر مرافقة لها مثل اللجوء وهي المشكلة التي تحتاج إلى حل. العملية السياسية في ليبيا وحول الوضع في ليبيا، طالب سمو الشيخ تميم - حفظه الله - باتخاذ إجراء دولي وفوري لاستكمال العملية السياسية والاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة، والجميع بات يدرك أنه لا يمكن استعادة الدولة دون توحيد القوى العسكرية وإعادة تأهيل الفصائل المسلحة في جيش وطني واحد، ونبذ من يرفض هذا الحل ومحاسبته. بصيص أمل في اليمن وتطرق سمو الأمير إلى الأزمة في اليمن حيث قال: نرى بصيص أمل في توافق الأطراف على هدنة مؤقتة، ونتطلّع إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار تمهيداً للتفاوض بين الأطراف اليمنية على أساس مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار 2216. التوافق الوطني عبر سمو الأمير في خطابه عن أمله في أن يتحقق التوافق الوطني في كل من العراق ولبنان والسودان، من خلال ارتقاء النخب السياسية إلى مستوى المهام المطلوبة والمعروفة اللازمة ليكون ممكناً تحقيق تطلعات المواطنين، والتي تضمن وحدة الشعب والوطن وتحفظ تنوعه في الوقت ذاته، مشيراً إلى ان الأمر ليس ممكناً فحسب، بل هو واقعي للغاية لو توافرت الإرادة والاستعداد لتقديم التنازلات للتوصل إلى تسويات والتخلي عن نهج المحاصصة الحزبية الطائفية التي ترفضها الأجيال الشابة. قطر والتحديات الدولية وقدم سمو الأمير رؤية قطر تجاه هذه التحديات الدولية الراهنة قائلاً: نحن في قطر نؤمن بضرورة التوصل إلى اتفاق عادل حول البرنامج النووي الإيراني يأخذ في الاعتبار مخاوف الأطراف كافة، ويضمن خلو المنطقة من السلاح النووي، وحق الشعب الإيراني في الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، ليس لدى أحد بديل عن مثل هذا الاتفاق، وسوف يكون التوصل إليه في صالح أمن واستقرار المنطقة وسيفتح الباب لحوار أوسع على مستوى الأمن الإقليمي. أما في أفغانستان، دعا سموه جميع الأطراف إلى الحفاظ على مكتسبات اتفاق الدوحة للسلام والبناء عليه، ومنها ألا تكون أفغانستان ملاذاً للأفراد والجماعات الإرهابية والمتطرفة، حتى يحظى الشعب الأفغاني بالاستقرار والازدهار الذي طال انتظاره، وأضاف سموه: لقد أكدنا مراراً على ضرورة حماية المدنيين في أفغانستان، واحترام حقوق الإنسان والمواطن، بما في ذلك حقوق المرأة، وحق الفتيات في التعليم، وتحقيق المصالحة الوطنية بين فئات الشعب الأفغاني، وحذر سمو الأمير من خطورة عزل أفغانستان وما يمكن أن يترتب على محاصرتها من نتائج عكسية. مساهمة قطر في حل مشاكل الطاقة قدم سمو الأمير في الخطاب رؤية قطر في المساهمة في حل هذه الأزمة بفضل استثمار قطر في الغاز الطبيعي المسال منذ عقود خلت، وقال: تمكنا الآن من الشروع في توسعة حقل غاز الشمال، والذي سيلعب دوراً محورياً في التخفيف من أزمة نقص إمدادات الطاقة في أجزاء مهمة من العالم، مشيراً إلى أن ثمة سلعا مثل الطاقة والغذاء والدواء تحمِّل مصدّريها مسؤولية تتجاوز المسؤولية التجارية، وذلك بدءًا بالموثوقية واحترام العهود، ومن ناحية أخرى، لا يجوز حظر مرور مثل هذه السلع أو منع تصديرها أو استيرادها في مراحل الأزمات السياسية وفرض الحصار على الدول، وبالدرجة ذاتها لا يجوز استخدامها أداة في النزاعات، فهي ليست سلاحاً، تماماً مثلما لا يجوز التحكم بمصادر المياه كأنها أدوات سياسية. المستقبل إلى أين؟ قدم خطاب صاحب السمو تحليلا سياسيا لمستقبل العالم في ظل هذه التحديات والكيفية التي يمكن بها مواجهة هذا الواقع فقال: قد ترسم وقائع عالمنا اليوم صورة قاتمة عن مستقبل الإنسانية، ولكننا نؤمن بالحوار والعمل المشترك ومحاولة تفهم كل طرفٍ للطرف الآخر بأن يحاول أن يضع نفسه في مكانه ليرى الأمور من منظوره. والدول الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر حاجة لقواعد ثابتة تنظم العلاقات الدولية، فلا يصح أن تكون الاتكالية على الدول العظمى سبباً في التقاعس عن تحقيق التواصل بيننا، ويرى سموه أن لكل منا دورا يقوم به، وما يبدو اليوم مستحيلاً سيكون واقعاً إذا توافرت الرؤية والإرادة والنوايا الحسنة. إن النهج الذي اتخذناه في قطر هو التركيز على التنمية الوطنية والتنمية الإنسانية داخلياً، وعلى السياسة الخارجية القائمة على الموازنة بين المصالح والمبادئ، والوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية، وإدراك مسؤوليتنا كمصدر للطاقة. وهو ما مكننا من ترسيخ سمعتنا كشريك موثوق به دولياً. وفي ختام خطابه وجه سمو الأمير الدعوة إلى قادة العالم لحضور الحدث الدولي الاستثنائي الكبير وهو مونديال قطر 2022 قائلا: سوف ترحب قطر بالعالم في نوفمبر من هذا العام عندما نستضيف بطولة كأس العالم. لقد تطلب التحدي الذي أقدمنا عليه منذ اثني عشر عاماً تصميماً وعزماً حقيقيين والكثير من التخطيط والعمل الجاد، وها نحن اليوم نقف على أعتاب استضافة منتخبات العالم وجماهيرها، ونفتح أبوابنا لهم جميعاً دون تمييز ليستمتعوا بكرة القدم وأجواء البطولة المفعمة بالحماس، وليشهدوا النهضة الاقتصادية والحضارية في بلادي. في هذه البطولة، التي تقام لأول مرة في دولة عربية ومسلمة، ولأول مرة في الشرق الأوسط عموماً، سيرى العالم أن إحدى الدول الصغيرة والمتوسطة قادرة على استضافة أحداث عالمية بنجاح استثنائي، كما أنها قادرة على أن تقدم فضاء مريحاً للتنوع والتفاعل البناء بين الشعوب. واستعرض سموه مؤشرات الأثر الإيجابي لهذا الحدث في منطقتنا فقد قامت دول عربية شقيقة باعتبار بطاقة هيّا التي تشمل تأشيرة الدخول إلى قطر تأشيرة للدخول إلى تلك الدول أيضاً، مما قوبل بترحيب الرأي العام، وحفز الشعوب. وقد خلص خطاب سموه بقراءة واقعنا اليوم مع تقديم رؤية واقعية وخريطة طريق للتعاون الدولي الذي يسهم في وضع الحلول لهذا الواقع. رئيس التحرير
1956
| 21 سبتمبر 2022
رؤية متكاملة للأمن الاقتصادي والاستقرار العالمي بهذه الضوابط تتحقق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي انتهاج مقاربة تترجم الأقوال والنوايا الحسنة إلى خطوات عملية قطر مؤهلة أكثر من غيرها للمساعدة في قيادة العالم نحو الأفضل المنتدى الاقتصادي منبر عالمي لمواجهة التحديات الاقتصادية يجسد الخطاب الذي تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإلقائه في افتتاح منتدى قطر الاقتصادي 2022 بالتعاون مع بلومبيرغ، رؤية متكاملة لتحقيق الأمن الاقتصادي المنشود، والاستقرار العالمي الذي يستحيل تحققه في غياب شروطه الموضوعية وظروفه المواتية من حيث التكامل والتعاون في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة، وتقاسم المسؤوليات التاريخية لأداء الواجب نحو الإرث الانساني المشترك، الذي يرتبط به مصير مختلف الأمم والشعوب على هذه المعمورة. لقد قام سموه - حفظه الله - بتشخيص الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يهدد الجميع بركود تضخمي لم يشهد العالم مثله منذ الفترة الواقعة بين عامي 1976 و1979، وفق تقارير البنك الدولي، حين أدت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة لغرض مكافحة التضخم إلى ركود اقتصادي في بداية الثمانينيات، مشيراً إلى أن ثمة قضايا لا يوجد حل اقتصادي لها، ومنها الحرب وآثارها المدمرة على أوكرانيا وعلى دول وشعوب كثيرة أخرى، حيث يرى سموه، أن الحل في هذه الحالة لا يمكن أن يكون سوى سياسي. في ذات السياق نوه سمو الأمير إلى أن نجاح العالم في تجاوز هذه التحديات يبقى رهين قدرة دولنا كافة على الالتزام بمجموعة من المبادئ، وأولها تكريس العدل والمساواة والتضامن ورفض ازدواجية المعايير، كما شدد سموه على عدم القبول بترك أزمة الغذاء في ظروف الحرب لقانون العرض والطلب، كما لا يجوز ترك قضية الفقر الشديد للدول الفقيرة كي تواجهها وحدها. ولا يخفى علينا جميعا أن أخطر ما يواجه العالم اليوم هو الدوس على هذه القيم بآلة الحرب الطاحنة، والتلويح بالقوة العسكرية المتعاظمة، في حين تضرب أسعار الغذاء في عنان السماء، وتتهدد مختلف دول العالم بأزمة غذائية واقتصادية غير مسبوقة، والخوف كل الخوف أن تستعجل هذه العقليات التي لا تفكر أبعد من حدود مصالحها في التعجيل بالحرب الاستراتيجية التي كانت منتظرة منذ فترة، وهي حرب الغذاء والمياه. خطاب حضرة صاحب السمو، جاء شاملاً ومتكاملاً، برؤية تستنطق الواقع وتتطلع إلى المستقبل، رؤية تقدم للعالم ما يمكن أن يكون في ظل البحث عن «تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي»، وذلك بقدر ما هو ممكن ومتاح، وما هو مطلوب في هذا المنتدى من طرح عقلاني ومسؤول لإثراء الحوار حول القضايا الاستراتيجية التي تتصدر أولويات الاقتصاد العالمي، خاصة بعد أن ارتفعت المؤشرات الإيجابية الصحية إثر رفع القيود وانتعاش حركة التجارة وارتفاع الإنفاق العام وزيادة الطلب العالمي على جميع المستويات. هذا الطرح الإثرائي المطلوب والمنتظر في هذا المنتدى الاستراتيحي يحتاج إلى تشخيص علمي وواقعي في نفس الوقت، وهو ما تفضل سمو الأمير بتقديمه للعالم أجمع من خلال كلمته المكتملة، حيث أوضح سموه أن الاضطراب الذي طرأ على سلاسل التوريد ما زال من أهم عوامل ارتفاع الأسعار، وقد أضيفت إليه الآثار المدمرة للحرب الجارية حالياً في القارة الأوروبية على أرض أوكرانيا، كما كشفت الجائحة عن حجم الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة وأسهمت في توسيعها، ولا سيما من خلال تعثر الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية والحد من الفقر، وهنا يقدم سموه الخطوط العريضة لمعالجة هذا الواقع، حيث أكد أنه على المجتمع الدولي انتهاج مقاربة تترجم الأقوال والنوايا الحسنة إلى خطوات عملية تحقق المساواة في التعافي الاقتصادي بين الدول وإنقاذ أهداف التنمية المستدامة بما يدعم الشعوب الفقيرة وتلك التي تعاني من اضطرابات وحروب. وأضاف سموه أن دعم الاقتصاد والاستثمار والابتكار بالتوازي مع تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وحفظ السلام، هو السبيل لبناء القدرات اللازمة لتجاوز الأزمات والتغلب على التحديات التي تواجه الإنسانية جمعاء مثل خطر الأوبئة والتغير المناخي الذي يعد واحداً من أخطر التحديات التي نشهدها في عصرنا. ولتقديم النموذج المسؤول لقيادة دفة العالم نحو الأفضل، أشار سمو الأمير إلى ما تضطلع به دولة قطرمن مسؤوليات كشريك فاعل في المجتمع الدولي لمواجهة الأزمات، وفي مقدمتها التغير المناخي في مختلف أبعاده الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. حيث كانت قطر من الدول السباقة والرائدة على المستوى العالمي لتأسيس «منتدى الحياد الصفري للمنتجين»، والذي يعد مبادرة دولية تهدف لترسيخ المبادئ التي بنيت عليها اتفاقية باريس للتغير المناخي لا سيما في مجال تطوير استراتيجيات عملية للوصول بالانبعاثات الكربونية إلى الحياد الصفري، وتعزيز نهج الاقتصاد الدائري، وتطوير تقنيات الطاقة. لقد لفتت كلمة سمو الأمير، أنظار الخبراء والباحثين وصناع القرار، فقد نوه سعادة الشيخ نواف سعود الصباح، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، بمضامين كلمة صاحب السمو، قائلاً إن المحاور التي تطرقت إليها كلمة سمو الأمير، جاءت في التوقيت المناسب على غرار تلك المتعلقة بالمخاطر التي تواجه التجارة العالمية، والأمن الغذائي، وتضخم الأسعار وما رافق ذلك من قرارات لرفع أسعار الفائدة للحد من تبعات هذا الأمر. من جهته أكد آندي تريفور، الباحث بشؤون الشرق الأوسط بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والأكاديمي المتخصص في ملف العلاقات الإقليمية، في حديث خاص لـ الشرق أن خطاب سمو الأمير، أوضح الكثير من المعايير المهمة والإستراتيجية بما في ذلك ضرورة المرونة الاقتصادية لمواجهة التحديات، حيث إن الخطاب يجسد نهجاً إنسانياً للتعامل مع التحديات الاقتصادية الدولية، لافتاً إلى أن خطاب صاحب السمو، حذَّر من واقع اقتصاد الحرب وتبعاتها الكارثية التي لا يعبأ العالم بمخاطرها اليوم، مشيراً إلى أن المنتدى فرصة لاستعراض التجربة القطرية، وخططها المستقبلية التي حدد معالمها حضرة صاحب السمو، وفي ضوء ما تملكه دولة قطر من أدوات اقتصادية ودبلوماسية متميزة، تجعلها في مكانة مهمة أكثر من غيرها للمساعدة في قيادة العالم نحو الأفضل، بما في ذلك العمل على إيجاد اقتصاد عالمي متعدد الأطراف. لعل ما يميز هذا المنتدى أنه جاء بالتعاون مع بلومبيرغ، ليوفر منصة عالمية تناقش بحديث الخبراء والعارفين كافة تحديات العالم الاقتصادية في ظل الكثير من الصعوبات الماثلة أمام صناع القرار. وجميعها تحديات تتطلب رؤى مشتركة وتعاوناً دولياً ووقفة متأنية من صناع القرار، حتى يتمكن العالم من تخطي هذه الصعوبات وإنقاذ البشرية جمعاء من المخاطر الناجمة عنها، وأبرز هذه التحديات مشكلة الركود العالمي الذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية أمس، وهو إعلان له ما بعده على اقتصاديات العديد من الدول، خاصة تلك التي لا تملك القدرة على وضع الحلول العاجلة لمشاكلها الاقتصادية المتراكمة. إن نجاح دولة قطر في تنظيم هذا المنتدى، ومستوى الحضور العالمي، والإعلامي الذي سينقل رسائله إلى مختلف بقاع الأرض، يؤكد الدور القطري الرائد في قيادة العالم نحو مستقبل أفضل، وقد أجمع المشاركون على أهمية هذا المنتدى باعتباره منصة مهمة، يناقش عبرها صناع القرار في العالم موضوعات وقضايا عالمية على درجة كبيرة من الأهمية، من بينها تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي على المدى الطويل، ومستقبل الأسواق العالمية وآفاق العولمة، وسبل دعم سلاسل التوريد العالمية، والتحولات التي يشهدها قطاع الطاقة والاقتصاد الأخضر، وآليات الحد من الانبعاثات الكربونية. وهو ما يؤكد أهمية الأخذ بنتائج هذا المنتدى ونقاشاته وما سيتم تداوله خلاله من أفكار ورؤى، وفي مقدمة ذلك الكلمة المهمة لحضرة صاحب السمو، للمساعدة في صياغة نظام جديد لعالم أكثر أماناً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. sadeq@al-sharq.com
1567
| 22 يونيو 2022
تكتسب مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في منتدى دافوس أهمية خاصة في ظل التحديات التي يمر بها العالم اليوم، إذ لم يفق العالم من الآثار الكارثية لأزمة جائحة كورونا ليستقبل الأزمة الأوكرانية لتشكل تحديا جديدا يمس الاقتصاد العالمي في مدخلات الطاقة وواردات الغذاء ويفاقم من التحديات الأمنية التي تقلق العالم. ويمثل منتدى دافوس منصة عالمية رفيعة المستوى تضم 1000 من قادة كبرى الشركات العالمية ذات التأثير القوي على الاقتصاد العالمي والقادة السياسيين وزعماء الدول لمناقشة تطورات القضايا العالمية واقتراح الحلول لها ورسم خطط اقتصادية مبتكرة تسهم في تطور الاقتصاد العالمي. وجاءت كلمة حضرة صاحب السمو في هذا المنتدى العالمي معبرة عن هذه التحديات، حيث أكد سموه أن الدورة الحالية لمنتدى الاقتصاد العالمي ذات أهمية استثنائية لأنها تعقد في خضم تحديات اقتصادية واضطرابات جيوسياسية، وقبل أن نأمل في الازدهار الاقتصادي، يجب علينا أولًا مراجعة وإصلاح وتعزيز إطار عملنا من أجل السلام. ونحن بحاجة إلى إرسال رسالة تعيد الطمأنينة للناس في جميع أنحاء العالم، مفادها أنه: فقط من خلال الوحدة يمكننا التغلب على الصراع الذي يقسمنا. ويتابع سموه القول: أستطيع أن أقول لكم إنه بعد سنوات من التمهيد للسلام، من خلال الوساطة، لا يمكننا أبدًا أن نفقد الأمل، ويجب ألا نتخلى عن محاولة الجمع بين الأطراف، طالما أننا نعتقد أن جهودنا يمكن أن تساعد ولو في إنقاذ حياة واحدة، فإن محاولاتنا للتوسط تستحق ذلك العناء. ويرى سمو الأمير أنه لأجل تطبيق ذلك لابد أن تستند جهودنا الموحدة إلى المبادئ المتفق عليها مسبقًا في ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والاحترام المتبادل لسيادة بعضنا البعض. وقد عبرت هذه الكلمات عن خلاصة الأوضاع التي يمر بها العالم والتحديات الحقيقية التي تواجه شعوب العالم وقضايا منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. تهميش الأمم المتحدة وحذر صاحب السمو مما شهدته المنظمة الدولية خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه في العقود الأخيرة، شهدنا تهميش دور الأمم المتحدة، وانتهاك سيادة حكم القانون في العلاقات الدولية، وانهيار الاحترام الأساسي لاستقلال بعضنا البعض، وقد أدى ذلك إلى كمّ هائل من العنف والعدوان والمعايير المزدوجة، كما أن حل النزاعات من خلال العدوان آخذ في الازدياد، حيث وصل إلى واحدة من أسوأ ذرواته في الحرب الدائرة هنا في أوروبا. ولم يكتفِ سمو الأمير بتحديد أسباب الأزمات، بل قدم المقترحات التي تسهم في الحد منها، قائلا: نحن على اتصال مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، وأنا على استعداد للمساهمة في كل جهد دولي وإقليمي لإيجاد حل سلمي فوري للصراع بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا. وجدد سموه موقف قطر الثابت برفض التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أن دولة قطر ترفض بحزم الاعتداء على سيادة الدول، كما ترفض أي عمل من شأنه أن يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، مضيفاً: نقف متضامنين مع ملايين اللاجئين الأبرياء الذين هم ضحايا الحرب الأوروبية، كما نقف متضامنين مع ضحايا جميع الحروب الأخرى الدائرة الآن، ومع الضحايا من كل عرق وجنس ودين. والمطلوب منا هو أن نساعدهم جميعًا. أزمات يعاني منها العالم ولفت سموه النظر إلى الأزمات الأخرى التي يعاني منها العالم حين أشار إلى قضية مهمة وهي ضرورة النظر إلى جميع المشكلات الدولية بنفس المنظار، حيث قال سموه: في ظل التركيز الدقيق لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، فإني آمل أن نولي نفس القدر من الاهتمام والجهد لحل جميع النزاعات المنسية أو المهملة، لأن الناس جميعًا يستحقون السلام والأمن والكرامة، ودلل سموه على ذلك بالقضية الفلسطينية، حيث بين أن "المثال الأكثر وضوحًا في هذا الصدد يتمثل في فلسطين، التي ظلت جرحًا مفتوحًا منذ إنشاء الأمم المتحدة، لقد ظلت هذه العائلات ترزح تحت الاحتلال منذ عقود، بينما لا يلوح أي مخرج في الأفق، لقد استمر تصعيد العدوان الاستيطاني غير القانوني بلا هوادة، ونفس الأمر ينطبق على الاعتداءات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. وما زلت أدعو الله أن يستيقظ العالم ليعي المظالم والعنف ثم يتخذ موقفًا إزاءه". شيرين أبوعاقلة وقتل الصحفيين وتحدث سموه عن اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وقال: قبل أسبوعين تم قتل شيرين أبوعاقلة في فلسطين، وهي صحفية فلسطينية أمريكية مسيحية، وتم حرمانها من جنازة تصون كرامة الموتى، كانت شيرين تغطي معاناة الفلسطينيين لعقود، ولقد تفطرت قلوبنا لمقتلها، إن مقتلها لا يقل رعبًا عن الصحفيين السبعة الذين قتلوا في أوكرانيا في مارس من هذه السنة، والثمانية عشر صحفيًّا الذين قتلوا في فلسطين منذ عام 2000، وكذلك العدد الكبير من الصحفيين الآخرين الذين قتلوا وهم يؤدون مهامهم في العراق، وليبيا، وسوريا واليمن. ازدواجية المعايير وعبر سمو الأمير عن موقف الملايين تجاه الازدواجية في المعايير عندما قال: "في القرن الحادي والعشرين، لا ينبغي أن نتسامح مع هذا الكم من العدوان، كما يجب ألا نقبل العالم الذي تطرح فيه الحكومات معايير مزدوجة حول قيمة الإنسان على أساس الانتماء الإقليمي أو العرقي أو الديني، إننا نعتبر أن قيمة حياة كل فرد أوروبي غالية، ويجب أن يكون شأنها شأن حياة أي فرد في منطقتنا". ولفت سموه إلى أن الشرق الأوسط ظل لسنوات يعاني من التمييز ووصف هذه الظاهرة بأنها تنطلق إلى حد كبير من أشخاص لا يعرفوننا، وفي بعض الحالات، يرفضون محاولة التعرف علينا. سرعة البرق وأشار إلى أن استضافة قطر لكأس العالم للمرة الأولى في الشرق الأوسط، في آخر هذا العام ونحن نعمل بكل جهد حتى يتيح هذا الحدث الرياضي الكبير لمنطقتنا بأكملها فرصة لاستضافة العالم. ولفت سموه النظر إلى أنه وحتى اليوم، لا يزال هناك أناس ليس بوسعهم قبول فكرة استضافة دولة عربية إسلامية لبطولة مثل كأس العالم لكرة القدم، لقد شنَّ هؤلاء الأفراد، بمن فيهم كثيرون في مواقع نفوذ، هجمات بوتيرة لم يسبق لها مثيل، عندما استضافت دول أخرى في قارات مختلفة من العالم حدثًا رياضيًّا ضخمًا، على الرغم من حقيقة وجود مشاكل وتحديات خاصة تواجه كل دولة من تلك الدول، إنّ قطر شأنها كشأن كل بلد من بلدانكم، ليست مثالية، إنها تحاول باستمرار إدخال تحسينات، وهي تزخر بالأمل في مستقبل أكثر إشراقًا. ووجه سموه رسالة مهمة مفادها أننا في غاية الفخر بسبب التطوير والإصلاح والتقدم الذي أحرزناه، وأنا ممتن للأضواء التي سلطها كأس العالم، والتي ألهمتنا القيام بإجراء هذه التغييرات بسرعة البرق. وأؤكد لجميع المستمعين أن هذه النسخة من كأس العالم ستكون نسخة خاصة. ونعتقد أن الرياضة أداة للتغيير الإيجابي، وتعزيز التسامح والاحترام. أمريكا والصين وقد أجاب سمو الأمير عن العديد من التساؤلات التي تؤرق العالم اليوم في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن وشرح مواقف دولة قطر تجاه تلك التحديات ومن ذلك قدرة قطر على موازنة علاقاتها بالصين والولايات المتحدة الأمريكية، وأسباب نجاحها في تسوية العديد من النزاعات حول العالم ليعود الاستقرار والسلام والحوار محل الحرب والاقتتال. وقد أجاب سمو الأمير، حفظه الله، عن تلك الأسئلة وعن سؤال للبروفيسور كلاوس شواب، الرئيس التنفيذي لمنتدى الاقتصاد العالمي، حول الكيفية التي توازن بها دولة قطر علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أجاب سموه: إن دولة قطر لديها علاقات مميزة وإستراتيجية مع أمريكا، مشيرًا إلى أن تصنيف فخامة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدولة قطر كحليف رئيسي من خارج الناتو هو إقرار بأهمية دور قطر في الشرق الأوسط والعالم، كما قال سموه: إن علاقات قطر مع الصين علاقات قوية أيضًا، خاصة في الجوانب الاقتصادية، مشيرًا إلى لقائه الأخير مع فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية خلال مشاركة سموه في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، بدعوة من فخامة الرئيس الصيني، مما يؤكد جهود دولة قطر في تيسير السلام. سياسة قطر الخارجية لقد جاءت كلمة سمو الأمير في دافوس معبرة عن مواقف قطر تجاه الكثير من التحديات الدولية الراهنة، مما يشير إلى أن سياسة الدولة الخارجية مستندة على رؤى إستراتيجية تهتم بالتعاون الدولي وتقوم على مواقف أخلاقية وتقدير للقانون الدولي والشرعية الدولية والاهتمام بقضايا الشعوب. وكشف منتدى دافوس أن قطر لها نشاطات مميزة على مختلف المستويات، مثل دعم التعليم، وخلق فرص العمل، ومكافحة الإرهاب. وتلك هي المقومات التي تعتمد عليها الدبلوماسية الدولية، وأولوياتها الرئيسية وسجلها الحافل بالمصداقية والتوفيق بين الدول وتحقيق أهداف الدولة الرامية إلى تيسير محادثات السلام وتزويد السوق بالطاقة، والمحافظة على نهجها القائم على إيجاد حلول سلمية لمختلف النزاعات. لقد عانت منطقة الشرق الأوسط بسبب تغييب الرؤى والإهمال من قبل المنظمات الدولية مما أعطى مساحة واسعة لانتشار آراء غير منصفة لقضايا وشعوب المنطقة، لذلك تمثل مشاركة صاحب السمو في منتدى دافوس خطوة مهمة وإستراتيجية ساهمت بقدر كبير في تعريف قادة العالم المشاركين في المنتدى بالوقوف على قضايا المنطقة العادلة بما يحفظ الحقوق ويحمي من المعايير المزدوجة والعدوان وعدم الإنصاف. رئيس التحرير sadeq@al-sharq.com
1400
| 24 مايو 2022
انتهت انتخابات مجلس الشورى بنجاح كبير، وتم اختيار 29 مرشحاً لعضوية المجلس الجديد بعد فوز دائرة واحدة بالتزكية، بعد تنافس قوي وطويل، لكنه تنافس شريف ونبيل هدفه التسابق من أجل خدمة الوطن، وهو سباق الكل فيه فائز، ناخبين ومرشحين ومشرفين على العملية الانتخابية. تدخل البلاد اليوم مرحلة جديدة تعزز العملية التشريعية وتمنحها مزيداً من المؤسسية والمشاركة الشعبية في صنع القرار والاعتماد على حكم القانون. وهي تجربة تقدم لنا جميعا العديد من العبر والدروس المستفادة منها، منذ صدور القرار الأميري بإجراء انتخابات مجلس الشورى وحتى لحظة الإعلان عن نتائج الانتخابات والاستعداد لمرحلة جديدة في البناء التشريعي للدولة. لقد جرت عمليات تسجيل الناخبين في أجواء تسودها الروح الإيجابية والرغبة في خدمة الوطن، فكانت هذه المرحلة ناجحة ومبشرة ووضعت الأسس لما يليها من خطوات. وأعقب تلك الخطوة مرحلة تسجيل المرشحين وفقاً للوائح والقوانين المنظمة لعملية الترشح والطعون والاستعداد لخوض هذه التجربة الجديدة، وجرت هذه العملية أيضاً بنجاح وبدقة وبروح حضارية. وباكتمال هذه المرحلة دخلت العملية الانتخابية المرحلة الثالثة وهي مرحلة الدعاية الانتخابية والتي كشفت عن برامج طموحة لدى المرشحين وتفاعل كبير من كافة قطاعات المجتمع لاختيار العضو المناسب والقادر على خدمة الوطن والمواطن. وكشفت البرامج الانتخابية عن رغبات وطموحات المواطنين والمرشحين معاً، حيث تركزت البرامج في مجالات حيوية وتنوعت بين السياسي، والتشريعي، والخدمي والاجتماعي. وقد سيطرت ملفات مثل قضايا المتقاعدين وحقوق ما بعد الخدمة على هذه البرامج. وكانت قضايا النساء والشباب والطفل والأرامل وذوي الاحتياجات في أولوية هذه البرامج ووجدت الاهتمام من المرشحين والناخبين معاً. وكانت ملفات التعليم والصحة من الخدمات الملحة التي جذبت اهتمام الجمهور. ومن العبر المستفادة من هذه التجربة الوعي الكبير لدى المواطنين، فقد انحصر التنافس الانتخابي على البرامج وليس الأشخاص وعلى الواقعية وليست الوعود البراقة غير القابلة للتنفيذ، مما يعكس وعياً سياسياً كبيراً يدعو للتفاؤل والاعتداد بهذه التجربة الجديدة التي قدمت نموذجاً رائعاً ورائداً على مستوى المنطقة. وقبل أن نهنئ الفائزين علينا أن نهنئ المواطنين بنجاح أول تجربة انتخابية في مناخ علت فيه حقوق الوطن والمواطنة على المكاسب والطموحات الشخصية. ونهنئ الناخبين الذين توافدوا في وقت مبكر وحرصوا على المشاركة في انتخاب الأعضاء الثلاثين الفائزين بمقاعد مجلس الشورى، من بين 233 مرشحاً، حيث شهدت لجان الاقتراع إقبالاً كبيراً ورغبة حقيقية في المشاركة في الانتخابات. ومن واجبنا أن نهنئ المشرفين على العملية الانتخابية لما لمسناه من سهولة الإجراءات والتنظيم الذي قامت به وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للقضاء والجهات ذات الصلة بإدارة العملية الانتخابية في كل مراحلها. ومن إيجابيات هذه التجربة أيضاً المشاركة الفعالة للمرأة القطرية حيث توجه آلاف النساء للإدلاء بأصواتهن واختيار مرشحيهن، كما تنافست 26 سيدة على الفوز بمقاعد في مجلس الشورى في الانتخابات وهي نسبة تعكس المكانة المتميزة التي تتمتع بها المرأة في المجتمع القطري. وتكشف هذه التجربة الانتخابية عن نجاحات متعددة في ترسيخ بناء دولة القانون والمؤسسات وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين، وبما يكفل مشاركة الجميع في مسيرة التنمية والتطوير والتحديث، وبقدر النجاح الذي تحقق في هذه المرحلة فإننا موعودون بالمزيد من الإنجازات في المستقبل بمشيئة الله. انتهت مرحلة مهمة في مسيرة البناء التشريعي وهي انتخاب عضوية المجلس، لتبدأ مرحلة أكثر أهمية وهي العمل الجاد والمفيد الذي يحقق طموحات وتطلعات الناخبين وهي المهمة الأساسية التي جرت الانتخابات من أجلها. ولا شك أن العملية الانتخابية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل هي وسيلة لبناء دولة القانون والمؤسسات والمشاركة في صنع القرار واستلهام آراء وأفكار وطاقة المجتمع وموارده في عملية البناء وصناعة المستقبل. أمام مجلس الشورى المنتخب مهام وملفات كبيرة بقدر طموحات أهل قطر وبقدر البرامج الانتخابية التي أعلنها الأعضاء قبل انتخابهم، ولا شك أن البرامج الانتخابية هي في الأساس عهود وعقود بين الناخب والمرشح وبدون تنفيذها يكون المرشح قد أخل بأهم بنود العلاقة بين الطرفين. وعلى جميع الأعضاء، وهم يتحملون أمانة التكليف، أن يتصدوا لهذه المهمة، وهم على قدر هذا الواجب، ويدركون أنهم حلقة الوصل بين المواطن والحكومة وهم الجهة التي تتحدث بلسان المجتمع بكامله، وهم الأمناء على هذا التكليف. ونذكّر أعضاء الشورى المنتخبين بالبرامج التي جذبت الجمهور ودفعته للتصويت والاهتمام بهذه التجربة وهي ملفات مهمة تتمثل في قضايا التقاعد والإسكان والتعليم والصحة والمرأة والأرامل والطفل ومشروعات البنية التحتية وتمكين الشباب والتأهيل والتوظيف وملفات التشريع واستكمال المهام القانونية لكثير من الخدمات التي بذلت فيها الدولة الكثير من العمل الإيجابي، والمهام الجديدة تتمثل في إشراك المواطنين في مهمة البناء. ورسالة أخرى نضعها في بريد الذين لم يحالفهم الحظ هذه المرة مفادها أن الطريق في خدمة الوطن طويل، وأمامهم فرص قادمة. سيكون من نصيبهم شرف هذا التكليف بلا شك. نعم الكل فائز في هذه التجربة الانتخابية، ناخبون ومرشحون وفائزون، لأن الفائز الحقيقي هو الوطن. sadeq@al-sharq.com
2230
| 03 أكتوبر 2021
الرسائل تتضمن الانتخابات وتطوير الخدمات والأداء ومكافحة الفساد وتطوير السياحة بهذه السياسات أصبحت قطر محل تقدير وإعجاب المراقبين قانون التقاعد يمثل انحيازاً لمن أفنوا حياتهم في خدمة الوطن الأداء الإيجابي الذي تشهده دولة قطر في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخدمية، والذي مهد الطريق إلى بناء دولة المؤسسات والشفافية والقانون، هذا الأداء نتاج لسياسة رشيدة وتخطيط سليم وحشد مدروس للموارد والطاقات وتوظيف أمثل لكل هذه المقومات. هذا هو الانطباع العام الذي نجده في كل مرافق الدولة وفي تقييم المنظمات ومؤسسات التصنيف العالمية التي دائماً ما تضع دولة قطر في صدارة الدول التي تحقق التنمية المستدامة والأداء المتطور تنفيذاً لموجهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، عندما حدد لمؤسسات الدولة الرؤى والأهداف والنتائج المرجوة في المجالات المختلفة. والحوار الصريح والمهم الذي أجراه معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، سلط الضوء على التفاصيل الشاملة التي تكشف للمواطنين وللمراقبين السياسات التي تعتمدها الدولة والتي يسعى إلى تطبيقها في مجلس الوزراء. وبهذا المفهوم يصح القول إن الحوار يمثل وثيقة وعهدا يكشف توجهات الدولة بوضوح وشفافية كاملة ويحدد المهام والأدوار والواجبات ويرسم خريطة المستقبل في كافة القطاعات، بل يمضي أكثر من ذلك، فيبين ما تم إنجازه من مهام وما تبقى من واجبات لتصبح الدولة وبأمر واقع الأشياء هي دولة المؤسسات والقانون والشفافية والحقوق المتساوية في المواطنة وجميعها من المطلوبات التي تسعى دول العالم المتقدمة إلى تطبيقها لتحقيق الرفاهية لشعوبها. قدم معالي رئيس الوزراء للصحافة المحلية وللمواطنين صورة متكاملة وحقيقية لنشاط الدولة جعلت الجميع على بينة من السياسات والقرارات والأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها ولا شك أن هذه الخطوة تمثل الأساس في تمتين العلاقة بين كافة القطاعات وإلى التنسيق الدقيق والتفاهم الكامل في أداء الواجبات مما يتيح للمواطن مساندة هذه السياسات بوضوح وثقة في نتائجها وما تحققه من فوائد له وللحكومة والمجتمع بكامله. ولمزيد من الوضوح نقدم هذه الخطط في خريطة طريق محددة ترسم لنا ملامح المستقبل الذي تنشده دولتنا الفتية على طريق التنمية والبناء والتقدم والرفاهية الاجتماعية للجميع: 1 - انتخابات الشورى.. النزاهة وتوسيع المشاركة تمثل انتخابات مجلس الشورى تجربة سياسية وحضارية وفخرا للدولة والمواطنين لإجراء أول انتخابات لمجلس الشورى وفقا لرؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإجراءات انتخابات نزيهة وشفافة لتعزيز تقاليد الشورى القطرية وتطوير عملية التشريع وتعزيز مشاركة المواطنين. والانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق جملة من الموجهات التي كانت ولا تزال سببا في النهضة الاقتصادية التي شهدتها الدولة وحققت من خلالها العديد من الإنجازات ويأتي في مقدمة ذلك: تطوير الأداء الحكومي ومحاربة انتشار الفساد وإرساء دعائم القانون ودولة المؤسسات والخطط السياسية والإدارية واستمرار الإصلاحات الجارية في جميع المجالات. لقد بلغت الجوانب الإجرائية نهايتها بتنفيذ توجيهات ما جاء في خطاب حضرة صاحب السمو في الثالث من نوفمبر العام الماضي خلال افتتاح الدورة التاسعة والأربعين لمجلس الشورى، والذي أكد فيه سموه أن «الاستعدادات لانتخابات مجلس الشورى كادت تصل إلى ختامها، وسوف تجرى في شهر أكتوبر المقبل». لذلك تصبح مهامنا في المرحلة المقبلة هي العمل على تحقيق تلك الأهداف الرئيسية لتعزيز تقاليد الشورى القطرية وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين. والحكومة حريصة على مشروع قانون نظام الانتخاب على ألا يكون للمال دور في العملية الانتخابية فوضعنا سقفاً للإنفاق على الدعاية الانتخابية وتم تجريم حصول أي مرشح على دعم أو تمويل أجنبي، وكذلك تجريم اية محاولة لشراء الأصوات. ودورنا كحكومة هو ضمان نزاهة الانتخابات وحيادية كافة المؤسسات تجاه أي مرشح.. تحقيقاً لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ويشمل هذا الحياد الإعلام، بإتاحة فرصة عادلة في التغطية الإعلامية لكل مرشح.. كما حرصنا على توسيع الدوائر لتشمل جميع شرائح وفئات المجتمع. وبذلك تصبح العملية الانتخابية محكومة بالنزاهة والشفافية والقانون والعدالة وهي القيم التي أجريت من أجلها العملية الانتخابية نفسها. 2 - النجاح في مواجهة كورونا لقد حققت دولة قطر نجاحا ملحوظا في مواجهة كورونا وحددت خطط التعامل مع الأزمة منذ بدايتها من خلال إعادة تنظيم اللجنة العليا لإدارة الازمات والتي فرضت بدورها إجراءات احترازية مشددة، مع الحرص على ألا تؤثر تلك الإجراءات سلبا على سير المشاريع الكبرى والحيوية في الدولة أو تلقي بظلالها على الجانب الاقتصادي والاجتماعي لأفراد المجتمع. ونجحت جهود الحكومة في تطويق الوباء لكننا لم ننتصر عليه كلياً بعد، وتغلبنا على آثار الموجة الأخيرة من السلالات المتحورة (البريطاني والجنوب افريقي) في شهر مارس الماضي. ومنذ اللحظة الأولى كانت فكرة الإغلاق التام مرفوضة من الحكومة وذلك بسبب عدم وجود دراسة واضحة حتى في الدول التي طبقتها، واعتمدنا تطبيق إجراءات مدروسة لكل من الأنشطة والمجالات للحد من انتشار الفيروس، ومن الأمثلة العملية قمنا بإغلاق جزء من المنطقة الصناعية بعد اكتشاف أول حالة، وكانت أول بؤرة للجائحة، والتي نجحنا في تطويقها، ومنع تحولها إلى مصدر لانتشار الوباء، واستفدنا من تلك التجربة في الاستجابة السريعة ومحاصرة مصادر زيادة معدلات الإصابة. تلك هي الحلول الناجعة التي وضعتها الدولة والتي مكنت من محاصرة الفيروس وفي ذات الوقت عدم اللجوء إلى الاغلاق كوسيلة سهلة نظرا لما تسببه من تداعيات سالبة على مجتمع الأعمال والأنشطة التجارية والاجتماعية بشكل عام. 3 - استعدادات قياسية للمونديال استضافة دولة قطر لكأس العالم 2022 تمثل تجربة غنية ومهمة لكل الدول العربية، وهنا قدم معالي رئيس مجلس الوزراء صورة كاملة للجهود المبذولة وما تحقق من منجزات قياسية رغم التحديات الكبيرة التي ألقت بظلالها على كل دول العالم، حيث أكد معاليه أن استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم تسير بشكل جيد وبوتيرة متسارعة ومتميزة، رغم الظروف الصعبة التي اجتاحت العالم بسبب جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19». واليوم أصبحت البنية التحتية لكأس العالم جاهزة من جميع النواحي وعلى أعلى المستويات من شبكة مواصلات وخدمات مختلفة بما في ذلك الإقامة والرعاية الصحية.. الأمور بشكل عام تسير بشكل جيد ووفق الخطة الموضوعة. 4 - حماية حقوق العمالة الوافدة ومن السياسات الجوهرية التي طرحها معالي رئيس الوزراء ما يتعلق بقضايا العمالة، حيث أكد أن تأمين حياة كريمة للعمالة الوافدة، يتصدر أولويات دولة قطر، لذلك كانت الإصلاحات في قوانين العمل والممارسات المتعلقة به لتحقيق نظام ملائم لاحتياجات كل من العمال وأصحاب العمل وتطبيق إصلاحات رائدة وواسعة النطاق لتعزيز قوانين العمل، لضمان حماية حقوق العمال الوافدين. وأكد معاليه المنطلقات التي تعتمد عليها تلك الإصلاحات بقوله انها جزء من قيم المجتمع القطري نفسه وهي رسالة لكل الجهات المهتمة بأوضاع العمال « تلك الإصلاحات تنبع من أخلاقنا وتقاليدنا ومبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والتي لا تسمح بإساءة معاملة العمالة أو إهدار حقوقهم، وإنما تحرص على ضمان حياة كريمة لهم والتصدي للحالات والمخالفات الفردية لبعض الأفراد أو الشركات واتخاذ إجراءات صارمة ورادعة في مواجهتهم. إن الإصلاحات في مجال حماية حقوق العمالة الوافدة تحظى بإشادة دولية واسعة من أهم مجموعات حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة، مما يجعل قطر رائدة في المنطقة فيما يتعلق بإصلاحات سوق العمل، حيث تعد تلك الإصلاحات فعّالة وطويلة الأمد، وهي نتيجة سنوات من التخطيط المدروس، والتفاعل الإيجابي مع أية ملاحظات داخليًا وخارجيًا. 5 - كفالة حياة كريمة للمتقاعدين لقد وعد سمو الأمير، في أكثر من مناسبة بأن المواطن هو الثروة الحقيقية للدولة لذلك كانت توجيهات سموه تقضي بكفالة الحياة الكريمة للمواطنين المتقاعدين. وبرفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي الى 15 ألف ريال. وسيتضمن القانون المزمع إصداره العديد من المواد التي تصب في مصلحة المتقاعد، كما أن هناك تعديلات على القانون، لإضافة بدل السكن من ضمن العلاوات، وكذلك تعديل الاحكام الخاصة بـ «السلف»، لمواكبة أعباء الحياة وتلبية تطلعات المتقاعدين وضمان حياة كريمة لهم. وهذا التوجه يمثل تقديرا خاصا للمتقاعدين ووفاء لما قدموه خلال سنوات عملهم الطويلة. 6 - دولة القانون ومكافحة الفساد لقد ثبت بالدليل القاطع ان مكافحة الفساد في دولة قطر حقيقة تؤيدها الوقائع، ولذلك مكافحة الفساد قضية يهتم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى منذ أن كان ولياً للعهد، حيث يحرص سموه على التأكيد دومًا أنه لا أحد فوق القانون وأنه لا حصانة لأي فرد في المجتمع في هذا المجال، وذلك للحفاظ على أموال الدولة وحقوق الأجيال القادمة. كما أن الدولة حريصة على مواجهة كافة صور الفساد واشكاله، بما في ذلك الفساد والتقصير الإداري، والذي من ضمن أشكاله تعطيل مصالح المواطنين، والذي نرفضه أيضا ونتخذ الإجراءات اليومية لمواجهته. لقد أكد معاليه ان الإجراءات مستمرة في مكافحة الفساد حيث يتم إصدار تشريعات جديدة لحماية الأموال العامة. والجهات القضائية المختصة هي وحدها من سيحدد نشر المعلومات الخاصة بالتحقيقات والمحاكمات من عدمه، ولا نتدخل في ذلك. ووجه معالي رئيس الوزراء رسالة مهمة في مجال تأهيل الكفاءة الحكومية فقال: مررنا بتجارب عديدة في مسيرة النهوض بالكفاءات الإدارية بالوزارات والمؤسسات المختلفة والارتقاء بمستوى الأداء الوظيفي.. رؤيتي كرئيسٍ للحكومة هي أننا نستطيع النهوض بالكفاءات الوطنية عبر خطط ودراسات واضحة ودقيقة، ولتحقيق ذلك الهدف قمنا بتشكيل لجنة للكفاءة الحكومية، والتي ستنتهي من أعمالها قريبًا، ومن أهدافها الرئيسية تحسين أداء الجهات الحكومية ووضع توصيف أوضح للوظائف، وكذلك دراسة تغيير اختصاصات بعض الوزارات وإعادة النظر في بعض الجهات الحكومية. 7 - تطوير الخدمات والنوافذ الإلكترونية سيجني المتعاملون مع المؤسسات ثمار تطوير التعاملات، حيث كشف معاليه عن جهود مكثفة لتطوير الخدمات والنوافذ في الحكومة الإلكترونية، وذلك بإشراف من وزارة المواصلات والاتصالات، والتجربة الرائدة في وزارة التعليم وهي الحقيبة الإلكترونية التي بدأت عام 2013 وكانت تجربة ناجحة بالإضافة الى النافذة الواحدة في وزارة التجارة والصناعة، 8 - مستقبل القطاع السياحي وحدد معالي رئيس الوزراء وبكل شفافية ووضوح الأهداف المرجوة من القطاع السياحي، حيث قال إن مرافقنا السياحية ليست بالطموح المطلوب الذي نتطلع إليه، فهناك تفاوت في أسعار الفنادق والمرافق السياحية المختلفة.. فلدينا فنادق 5 نجوم وبها مستويات عالية من الخدمة، وهناك فنادق ومرافق أخرى ذات تصنيف منخفض والخدمات بها محدودة، وبين هذا وذاك لا توجد المرافق أو الخدمات ذات التصنيف المتوسط، على الرغم من أهميتها الكبرى وأنها الأكثر انتشارًا في أغلب الدول السياحية، وهي التي تحتاجها فئات متعددة من السائحين والزوار. ونسعى لخلق أماكن جديدة تتلاءم وتهم كافة شرائح المجتمع والسائحين. خلاصة القول يمثل الحديث الذي أدلى به معالي رئيس الوزراء خريطة طريق لعمل الوزارات ومشاركة من الحكومة للمواطنين في المعلومات والسياسات والأهداف والواجبات التي تقع على عاتق كافة قطاعات المجتمع. وهذه من أهم مراحل الشفافية ودولة القانون والمؤسسات. sadeq@al-sharq.com
3383
| 21 يونيو 2021
هذا العام كان مختلفًا بعض الشيء، نشرت الصحف ووسائل التواصل أخبارًا عن القبض على بعض المسؤولين وأصحاب المناصب بتهم تتعلق بالفساد واستغلال الوظيفة، بعضهم صدرت أحكام بحقهم والبعض الآخر رهن التحقيق. تسببت هذه الأخبار غير المألوفة في إلقاء حجر كبير في بحيرة الفساد الراكدة، ليس بسبب طبيعة الجريمة فقط التي نعرف بوجودها في كل المجتمعات، وإنما لأن صاحب القرار قرر محاكمة الفساد والمفسدين، مهما كان مرتكب الفساد أو مكانته أو منصبه. لم يعد خافيًا على أحد أن الدولة قررت معالجة الفساد في غرفة عمليات مفتوحة، مع الإعلان عن اسماء المتهمين بهذه القضايا، وخاصة الشخصيات التي تتقلد المناصب العليا أو التي تعتقد أن مكانتها الاجتماعية تعطيها حصانة ضد القانون. في 24 مارس 2005 استيقظ الناس على خبر لم يألفوه من قبل، النائب العام يستدعي 3 من كبار المسؤولين وعددا من رجال الأعمال، للتحقيق معهم في تجاوزات غير قانونية قاموا بها عند الاكتتاب في إحدى الشركات الكبرى، وجاء في الخبر الذي نشرته الصحف أن عمليات تدقيق الاكتتاب كشفت أن 131 شخصًا من المتوفين اكتتبوا في اسهم هذه الشركة بقيمة 5 ملايين ريال، كما أن بطاقة أكثر من متوفى بيعت لأكثر من شخص، بخلاف عمليات شراء غير قانونية لبطاقات أشخاص آخرين. منذ ذلك التاريخ وبعد هذا الخبر اللافت لإحالة المسؤولين إلى النيابة لم نقرأ خبرًا عن كشف قضايا فساد، ربما كنا نسمع من هنا وهناك عن موظفين يحاكمون بتهم فساد، لكنها كانت تبدو مثل جبل الجليد الذي يخفي أكثر مما يظهر. صحيح أن الإحالات إلى نيابة الأموال العامة كانت مستمرة وما زالت، ولكنها كانت تتعامل مع مستوى وظيفي معين من المتهمين، مدير إدارة أو رئيس قسم وربما موظفين عاديين، وكانت غالباً ما تخلو من مناصب أعلى من ذلك، مما اعطى انطباعًا عامًا بملائكية تهيمن على الوظائف الأعلى، وأن أصحابها لا يطمعون في المال العام، على الرغم من أن بعض الموظفين الأقل منهم كانوا ينتفعون دون أن يلفت ذلك انتباه كبار المسؤولين في الجهة التي وقعت بها الجريمة. لقد كان حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حازمًا وصريحًا منذ السنة الأولى لتوليه مقاليد الحكم، حيث أكد سموه - في افتتاح دور الانعقاد الثاني والأربعين لمجلس الشورى في نوفمبر عام 2013 - أنه: «لا يمكن أن تُنفَّذ سياسة تنمية بشرية إذا كنا لا نحاسب على التقصير، أو سوء الإدارة، أو الفساد، من يعمل يخطئ أيها الإخوة، والامتناع عن المبادرة والعمل ليس حلا، ولكن لا يجوز بأي حال من الأحوال الاستخفاف بمعايير العمل، أو مكافأة من يستخف بها بدلا عن محاسبته». كما أكد سموه في نفس الخطاب ومن منطلق حرصه على الوقاية من الانزلاق إلى الفساد حيث قال - حفظه الله -: «لا بد من دراسة الأسباب التي ترفع تكلفة بعض المشاريع في دولة قطر بشكل لا يتلاءم مع التكلفة والربح والعرض والطلب، والبحث في سبب ارتفاع تكلفة العقارات والتخزين، وسوء الإدارة الذي يؤدي إلى التغيير المتواتر في مواصفات المشاريع على حساب الدولة، أو في تأجيلها والمماطلة في تنفيذها، ثم القيام بتنفيذها على عجل، وبشروط أسوأ تزيد من الكلفة». هنا في هذه الفقرة تحديدًا من الخطاب حذر سموه من سوء الإدارة الذي يتسبب في تنفيذ المشاريع بشكلٍ خاطئ، وشروط سيئة تزيد من تكلفتها، وبالتالي تكبد الخزانة العامة مبالغ طائلة كان يمكن توجيهها لمشروعات أخرى، أو إنفاقها في الصالح العام، وسوء الإدارة هذا هو شكل من أشكال الفساد الذي يجب وقفه ومعالجته. في الحقيقة أعجبني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي أطل على المشاهدين عبر قناة الجزيرة في 7 مايو 2021 لتوضيح أن ما حدث بشأن القضية الأخيرة له علاقة مباشرة بالوظيفة العامة، لكن الشركات والمؤسسات الأخرى التي كان يديرها هذا المسؤول تتبع نظام حوكمة واضحة، ويكون هناك مراجعة دورية لها، والعمل فيها مستمر، ولا يتأثر العمل بغياب أي شخص. لكن وفي غمرة إعجابي بهذ التوضيح لاح أمامي سؤالان: الأول: هل الشركات والمؤسسات التي كان يديرها المسؤول أو يرأس مجالس إداراتها تتبع نظام حوكمة بينما تخلو الحكومة نفسها من هذا النظام؟ وهل الوزارات بلا أنظمة شفافية أو أجهزة إنذار تستطيع كشف الفساد قبل وقوعه؟. الثاني: لماذا يتم تكليف شخص واحد بكل هذه المناصب الكبيرة في وقت واحد؟ ومهما كانت قدرة الإنسان ونبوغه إلا أنه يظل ذا قدرات محدودة، وفي اعتقادي هناك الكثير من الشباب والكفاءات وذوي الطموح والأفكار الخلابة على استعداد لخدمة بلادهم ورهن الإشارة. لنتكاتف جميعنا ضد الفساد؛ لأنه يأكل من قوتي وقوتك ومن ثروات الوطن، وعلينا دور في المراقبة والإبلاغ عن أي شبهة فساد قد نراها أو نعلم بها، ولنساعد الجهات المختصة في الرقابة والشفافية ليقوموا بدورهم على أكمل وجه. نعوذ بالله من المال الحرام ونسأل الله الرزق الحلال وأن يبارك فيه. sadeq@al-sharq.com
6420
| 25 مايو 2021
التنمية بوابة الاستقرار في العالم ومفتاح لاجتثاث جذور الإرهاب لا سيادة بدون تنمية ولا تنمية بدون استقرار ولا استقرار بدون عدالة قطر وضعت التنمية في أولويات رؤيتها الوطنية بوصفها من أركان السيادة جاءت كلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، أمس في قمة كوالالمبور2019 لتضع منهجا متكاملا في التعامل مع قضايا التنمية والسيادة الوطنية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والعدالة والسلم والأمن على كافة الأصعدة. فالقمة التي انطلقت في ماليزيا تحت عنوان «دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية» تركز على محاور هامة تمثل تحديات واسعة للعالم الإسلامي بشكل خاص، وكافة دول العالم بشكل عام، وهي التنمية والسيادة الوطنية، والأمن والسلام والدفاع، والنزاهة والحكم الرشيد، والعدالة والحرية، وغيرها من المجالات الحيوية في عصرنا الحديث. هذه المحاور الحيوية والبالغة الأهمية تضمنتها كلمة صاحب السمو ليقدم قواعد وأسسا لبناء الحلول المتكاملة والشاملة لجميع التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذه المرحلة التاريخية التي يشهدها العالم. حيث دعا سمو الأمير إلى عدم الاستسلام للصعوبات والمعوقات الثقافية القائمة في بعض المجتمعات، مؤكدا أن التجارب والممارسات أثبتت أنه لا يوجد تناقض بين قضايا التنمية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والعدالة والثقافة الإسلامية، باعتبارها حاضنة لأنظمة تنموية قائمة على آليات الحكم الرشيد ومنظومات واضحة لحقوق الإنسان، لأن ذلك يتوافق مع جوهر الحضارة الإسلامية التي هدفها الإنسان وتقدمه وكرامته . التنمية ركيزة أساسية وبما أن التنمية مرتكز رئيسي في تاريخ الدول والشعوب، فإنه لا يمكن تحت أي ظرف فصلها عن مفهوم السيادة الوطنية، وهو ما أكد عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في كلمته حيث قال سموه: « ونحن إذ نجتمع هنا لبحث العلاقة بين التنمية والسيادة، نؤكد على أن التنمية الوطنية، خاصة تلك التي تأخذ التنمية البشرية بالاعتبار، غير ممكنة من دون سيادة وطنية في دولٍ مالكةٍ لقرارها". ومن ناحية أخرى، يكاد يستحيل الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار في ظروف من التخلف والتبعية الاقتصاديين، ولهذا فإن التنمية ركن أساسي من أركان الاستقلال والسيادة الوطنية. التنمية والسيادة والهوية الوطنية لقد أدركت قطر هذه الحقيقة منذ مرحلة مبكرة ووضعت التنمية في جوهر رؤيتها الوطنية وأولوية في إستراتيجيتها الوطنية. وبقدر الحرص على التنمية لتحقيق الاستقلال والسيادة فإن قطر كما يقول صاحب السمو اختارت سياسة تنموية تعتبر أنّ الثقة بالهويّة الوطنيّة وتمسكنا بقيمنا الأخلاقيّة وديننا الإسلامي الحنيف، ينسجم مع العقلانيّة في التخطيط الاجتماعي والاقتصادي، والانفتاح على العالم، والنظرة الكونيّة الإنسانيّة في قضايا العدالة وحقوق الإنسان. وهذا يعني أيضًا التسامح مع العقائد الأخرى، وقبول التعددية والتنوع في عالمنا بوصفه سُنّةَ الله في خلقه. بوابة الاستقرار في العالم وانطلاقا من إيمان قطر الراسخ بأن التنمية هي بوابة الاستقرار والأمن في جميع أنحاء العالم، أكد سمو الأمير أن دولة قطر لم تدخر جهدا في دعم كافة مناحي التنمية على المستويات الإقليمية والدولية، حيث تقدمت ببرامج مساعدات تنموية للدول النامية لتتمكن من تنفيذ أهداف التنمية بشكل سلس، وتطوير منظومات التعليم والصحة ومحاربة الفقر والبطالة، وذلك بسبب إيمانها الراسخ. معالجة أسباب التطرف ويأتي تأكيد سمو الأمير المفدى بأن التعصب العنيف، الذي يحاول البعض أن يلصقه بدين وثقافة معينة، هو مشكلة عالمية، ليظهر للعالم أن هذه الظاهرة يغذيها التعصب الديني، وكذلك الأيديولوجي غير الديني، واليأس والإحباط وظروف الجهل والفقر والبطالة. ولهذا فإن مواجهتها البعيدة المدى يجب أن تتضمن اجتثاث جذورها، وفق رؤية قطر، لأن التنمية البشرية والاقتصادية هي المفتاح لحل مشكلة التعصب والتطرف. وبطبيعة الحال، فإن أبرز أوجه التنمية البشرية هو التعليم، فالشباب المتعلم القادر على التفكير هو الوحيد القادر على محاربة الأيديولوجيات المتعصبة والمتطرفة. كما أن التنمية الاقتصادية تحمي الشباب من مخاطر التطرف، لأن عجز الشباب عن تأمين عيش كريم يدفعهم إلى براثن التطرف والإرهاب. وكل تلك الجهود التنموية تحتاج إلى الحكم الرشيد، في ظل مجتمع قادر على المساءلة والمحاسبة. الأمن الجماعي والعدل إن من أهم شروط نجاح التنمية، الاستقرار والأمن الجماعي سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وهو يتطلب علاقات متوازنة بين الدول تقوم على المصالح المشتركة والمسؤوليات الإقليمية والدولية المشتركة، والاحترام المتبادل للسيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم الإملاء في السياسة الخارجية، كما أوضح صاحب السمو في كلمته. ويتوافق مع ذلك، أهمية تحقيق العدالة، حيث لا تستمر أي تسوية لأي صراع إلا إذا كانت قائمة على العدل. ومن هذا المنظور يأتي انحياز الدوحة إلى مختلف القضايا العادلة، انطلاقا من المبادئ الأخلاقية والاستقرار على السواء. ولعل أحد أهم القضايا التي تخلق حالة انعدام الاستقرار هي القضية الفلسطينية، حيث يضرب عرض الحائط بالحقوق والشرعية الدولية، كما أن هناك محاولات لفرض أمر واقع باستمرار سياسة الضم والاستيطان بما في ذلك تهويد القدس وتغيير هويتها، بما يشكل استفزازا لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم. شروط العلاج لمواجهة التحديات من المؤكد أن كلمة صاحب السمو تستحق الكثير من التعمق والدراسات لكل الباحثين عن حلول ناجعة لأزمات العالم الإسلامي والعالم بشكل عام، حيث قدم سمو الأمير خلاصة للقواعد والشروط التي يتم على أساسها العلاج، وهي: • أولا: لا تناقض بين الثقافة الإسلامية والتنمية. • ثانيا: لا سيادة بدون تنمية. • ثالثا: لا تنمية بدون استقرار. • رابعا: لا استقرار بدون عدالة. كما أن العدالة لا تتجزأ ولا يمكن أن تستقيم مع ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين. ولذلك حرص صاحب السمو على المطالبة بالعدالة والحكم الرشيد داخل الدول، وعلى العدالة والحوكمة الرشيدة في العلاقات الدولية. sadeq@al-sharq.com
1746
| 20 ديسمبر 2019
صاحب السمو قدم توصيفا دقيقا لما يكتنف العالم من مخاطر قطر لا تكتفي بنقد الواقع لكنها تحاول الإسهام في حل الأزمات بناء جسور الحوار يجنب العالم مخاطر تفاقم الأزمات وتأجج الصراعات دور قطري رائد لحل النزاعات سلمياً عبر الوساطة وتوفير فضاء للحوار رغم كل التحديات الصعبة التي تواجه البشرية إلا أن هناك أيضاً الكثير من الخير قبل تسعة عشر عاماً أطلقت قطر منصة للحوار وتبادل الأفكار تحت عنوان منتدى الدوحة. كانت تلك الخطوة يومئذ استشرافاً للمستقبل الذي نعيشه اليوم، حيث كانت نهاية الحرب الباردة واستبشار العالم بمستقبل أكثر تفاؤلاً. وبعد تسعة عشر عاماً يطرح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، رؤية أمام منتدى الدوحة يقدم من خلالها تشخيصاً دقيقاً للأزمات الدولية في عالم بات أكثر استقطاباً وتوتراً. إذ تشهد العديد من الدول المتقدمة تغيراً جذرياً في شكل علاقاتها مع نظيراتها من الدول النامية، وتتعامل القوى العالمية مع الصراعات في مختلف أنحاء العالم بإحدى طريقتين: إما بتجاهلها وغض الطرف عنها، أو بتأجيجها للنيل من خصومها. ويزداد حجم التحديات التي تواجه العالم لدرجة عجز أي دولةٍ عن حلِها منفردة. من هنا جاءت دعوة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، أمام منتدى الدوحة في استشراف جديد يلفت به سموه، أنظار العالم إلى محاذير لا تقل خطراً عما شهده العالم في نهاية الألفية الأولى. فبعد أن مالت الدفة لصالح الرؤى المشككة في أهمية المسؤولية المشتركة والقانون الدولي ؛ كمرجعية جامعة مما أفسح المجال لفعل قانون القوة على الساحة الدولية بدلاً من العمل على تعزيز قوة القانون. ومن أجل عالم يسوده السلام جاءت دعوة سمو الأمير، بوجوب البحث عن مواطن الخلل التي جعلت الكثيرين يفقدون إيمانهم بنجاعة النظم والآليات الأممية القائمة. تشخيص دقيق لفت انتباه القادة ورؤساء الحكومات وصناع القرار من أنحاء العالم الذين شاركوا في منتدى الدوحة ليدعوهم صاحب السمو، ومن على منصة الحوار للتنبه لما ينتظر العالم من مخاطر، أملاً في تجنبها حتى لا تضيع مكتسبات الدول بفعل حالة التشظي التي يمكن أن تحدث وتتنصل فيها الدول الكبرى من مهامها ومسؤولياتها. التحذير الذي أطلقه صاحب السمو، يمكن أن يجنب العالم صراعاً على النفوذ بين محاور من دون مسؤوليات كونية متفق عليها ورؤى لمصلحة العالم. هي دعوة من دولة تستشعر مسؤولية دولية إزاء محيطها الإقليمي والدولي للأقطاب المتعددة. وكما قال صاحب السمو، في كلمته أمام المنتدى: فلو كان الوضع مجرد تعدد للأقطاب، لما كانت ثمة مشكلة. فتعدد الأقطاب لا يمنع التكامل في الأدوار لكن ما جرى وصفه صاحب السمو، بأنه تشوش في الرؤية الأممية المشتركة أدى إلى تفاقم الأزمات واستفاد من تلك الحالة مجرمو الحرب ليفلتوا من المحاسبة باختبائهم خلف أنظمة فاسدة. ولقيت دعوة صاحب السمو، استجابة فورية من عدة أطراف ابتليت بلادها بالاضطرابات والنزاعات، ومنها شعوب عربية تعاني من غياب العدالة، ويفلت فيها مجرمو حرب من الحساب بعدما قتلوا شعوبهم، ويستمرون في التسلط على المدنيين الأبرياء في غيبة المجتمع الدولي الذي يقف عاجزاً عن محاسبة هؤلاء المجرمين، كما استفادت ميليشيات مسلحة من صراعات المحاور، وتعقدت عملية محاسبة مجرمي الحرب. لقد آن للمجتمع الدولي أن يتنبه للمخاطر التي ستتفاقم وتفاقم معاناة الشعوب بعد هذه الدعوة التي أطلقها صاحب السمو، وكما أكد سموه، فإن قطر لا تكتفي بنقد الواقع، لكنها تحاول الإسهام في الإجابة على هذه الأسئلة، ولو جزئيا. فبالإضافة إلى سياسات قطر القائمة على احترام القانون الدولي والشرعية الدولية والإسهام في حل النزاعات سلمياً عبر الوساطة وتوفير فضاء للحوار، قامت قطر كذلك بإنشاء منصات مثل منتدى الدوحة، ومؤتمر حوار الأديان الذي أطلقته منذ 16 عاماً لبناء جسور الحوار. تحذير سمو الأمير، من تجاهل هذه المخاطر بات مطلباً دولياً حتى لا يختبئ مجرمو الحرب وراء الدول. لقد خاطب صاحب السمو، منتدى الدوحة محذراً من طغيان قانون القوة على الساحة الدولية في وقت تتهرب فيه الدول من مسؤوليتها تجاه المجتمع الدولي وتعزيز قوة القانون. ورغم كل التحديات الصعبة التي تواجه البشرية إلا أن هناك أيضا الكثير من الخير، وتسهم قطر في سريان نهر الخير للعالم عبر عدة مؤسسات تحتضنها ومنها؛ مؤسسة التعليم فوق الجميع التي تعمل على تعليم عشرة ملايين طفل، وصندوق قطر للتنمية الذي يقدم سنوياً 600 مليون دولار لمشاريع إغاثية في 59 دولة. فضلاً عن تخصيص قطر مبلغ 100 مليون دولار للدول الجزرية الصغيرة لمواجهة تغير المناخ، كما تعهدت دولة قطر بتعليم مليون طفل في مناطق النزاعات بحلول العام 2021. كما أن قطر الخيرية أسهمت بحوالي 400 مليون دولار لصالح مشروعات تنموية استفاد منها حوالي عشرة ملايين إنسان في 50 دولة. الأعمال الخيرية التي تقودها قطر والتي وجدت التقدير من المجتمع الدولي بكامله، ستظل عنواناً يطابق سياسات وأقوال قطر تجاه القضايا الدولية، وهي سياسة تقوم على مصداقية القول والعمل والتصدي الإيجابي لتحقيق مصالح الشعوب. sadeq@al-sharq.com
2521
| 15 ديسمبر 2019
اللجنة العليا للانتخابات تتويج لمسيرة ناجحة قطر قدمت نموذجها في العمل البرلماني الدورة الـ 48 لمجلس الشورى تستشرف المستقبل المواطن محور المرحلة المقبلة لإنجاح الانتخابات ضمان الحقوق والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار فتح المجال واسعاً للمشاركة في انتخابات الشورى ترسيخ الشورى ومواكبة روح العصر ومنجزاته استدامة المسيرة الديمقراطية لتحقيق الأهداف الوطنية تدخل قطر مرحلة جديدة في مسيرة بناء الدولة الحديثة، وتطوير مؤسساتها ومن بينها مجلس الشورى، بعد مسيرة 47 عاما للسلطة التشريعية، والتي تعد إحدى الدعائم الثلاث لنظام الحكم، حيث ارست قطر تجربة برلمانية جديرة بالاقتداء، بفضل القيادة الحكيمة، والتفاف الشعب حول قيادته صفا واحدا في تحمل المسؤولية الوطنية لتحقيق الغايات التي حددها الدستور ولمواكبة منجزات الحضارة الانسانية المعاصرة والاسهام في مسيرتها، وبما يعكس نهضة قطر وثقافتها وهويتها وتقاليدها الراسخة في الحكم القائم على مبدأ الشورى. يكتسب القرار الأميري رقم (47) لسنة 2019 الذي اصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإنشاء لجنة عليا للتحضير لانتخابات مجلس الشورى، برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء والمختصين، اهميته من كونه يمثل مرحلة جديدة ومهمة في تاريخ قطر بتكوين مجلس الشورى بالانتخاب، وهو تتويج لمسيرة ناجحة، ومدروسة ومتدرجة وناضجة، وايضا وفاء قائد لشعب رائد، وهنا نستذكر خطاب صاحب السمو في افتتاح الدورة الـ47 لمجلس الشورى، حينما اشار إلى أن الإعداد لانتخاب المجلس التشريعي جار على مستوى اللجان الوزارية ولجان الخبراء، والمضي قدما في تنفيذ هذا القرار الذي اصبح واقعا، بصدور القرار الأميري رقم(47)، كما أن تولي معالي رئيس الوزراء رئاسة اللجنة العليا للتحضير للانتخابات، لهو دليل على حرص القيادة على السير بإجراءات مدروسة لانجاز هذا العمل الوطني الكبير، خاصة أن قطر تعتبر من الدول العربية الرائدة في إرساء سلطتها التشريعية التي تمكن الشعب من المشاركة ترشحا وانتخابا، لا شك ان التجربة على ارض الواقع اثبتت ان المواطنين يتحلون بروح المسؤولية الوطنية، من خلال الممارسة الراشدة لحقوقهم التي كفلها الدستور القطري، من خلال المشاركة في مجالس الشورى المتعاقبة، والتي تتوافق مع الدستور القطري الدائم الذي نص على قيام مجلس للشورى بالانتخاب. كما افرزت التجربة التزاما بالشورى والممارسة الديمقراطية، والتحلي بالمسؤولية والتنافس الحر في كسب ثقة الناخبين وتولي المسؤولية الرقابية والتشريعية، وخلال تلك المسيرة تعاقبت اجيال واكتسبت خبرات برلمانية، اسهمت في مسيرة البناء الوطني وما تحقق من منجزات في كافة المجالات. المرحلة الجديدة من شأنها الارتقاء بمسيرة مجلس الشورى، وفتح المجال واسعا للمشاركة في الانتخابات القادمة والتي من شأنها تعزيز مشاركة المواطن في السلطة التشريعية، والقيام بدور الرقابة على السلطة التنفيذية واقرار الموازنة العامة للدولة، فضلا عن ابداء الرأي والتوصيات على الوجه المبين في الدستور، هذه المرحلة ينبغي التعامل معها بكامل الجدية، وروح المسؤولية، والتجاوب مع اللجنة العليا للتحضير للانتخابات، وبنفس القدر الذي يتوفر للمواطن حقه في الانتخاب وتولي المسؤولية في السلطة التشريعية، فإنه تنتظره واجبات في مقدمتها التعاون مع اللجنة العليا لإنجاز انتخابات حضارية تعكس التجربة القطرية الرائدة في الممارسة الرشيدة بكل حرية ومسؤولية، ويتساوى فيها الجميع ويتنافسون على خدمة الوطن والمواطن. دعوة حضرة صاحب السمو لمجلس الشورى لعقد دور الانعقاد العادي الثامن والأربعين، يوم الثلاثاء الثامن من ربيع الأول عام 1441هجريا، الموافق للخامس من نوفمبر عام 2019م، تشكل مرحلة جديدة يتطلع فيها الجميع الى رؤى القيادة الحكيمة واستشراف المستقبل، انسجاما مع نهج استدامة المسيرة الديمقراطية بما يحقق الاهداف الوطنية وفي ظل قيم وتقاليد المجتمع القطري والتي تضمن النجاح وتقديم تجربة مستقرة، وتكون عاملا للبناء ونهضة الوطن. وتحرص قطر على تطوير وتقديم نموذجها في العمل البرلماني، والذي يتوافق مع العمل المشترك داخل المنظومات الاقليمية والدولية، وتحقيق اهدافها والاسهام في تطوير تلك المنظمات من خلال عضويتها في الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان العربي، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد البرلماني العربي وجمعية الأمناء العامين لاتحاد البرلمانات للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي، وفي هذا الصدد تولت قطر رئاسة الجمعية العامة الـ 140 للاتحاد البرلماني الدولي واستضافت الاجتماعات في ابريل الماضي، وعكست المشاركة الكبيرة في هذه الدورة ثقة المجتمع الدولي بدولة قطر وقيادتها الحكيمة. ويمكن القول إن مجلس الشورى الحالي كون خبرات متراكمة وحصيلة تشريعية كبيرة من القوانين وأرسى قواعد برلمانية متينة وقوية سوف تسهل على الأعضاء القادمين عملهم البرلماني. وفي المحصلة، يبقى المواطن محور المرحلة المقبلة لإنجاح انتخابات مجلس الشورى، حيث صقلت الممارسة البرلمانية خلال السنوات الماضية كل من تولى المسؤولية، الامر الذي يساعد في ان تصل هذه التجربة إلى غاياتها وتحقيق اهدافها، وما يبشر بنجاحها ان استراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018 – 2022 دخلت مرحلة التنفيذ وشـرعت كافة الوزارات والأجهزة الحكومية بتفعيل برامج هذه الاستراتيجية وتحقيقاً للأهداف السامية في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي وتجسيد المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وضمان الحقوق والحريات وإدراكا لأهمية الانتماء الى وطن رائد. sadeq@al-sharq.com
2183
| 31 أكتوبر 2019
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4773
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3303
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2862
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2592
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1233
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
981
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
948
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
822
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
801
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية