رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشباب والمبادرات المجتمعية في ظل الأزمات

كثير من الأفكار الخلاّقة تظل حبيسة أذهان أصحابها، أو رهينة الأوراق والدفاتر وذاكرة الحواسيب، لأنّه لا يتاح لها أن تتحوّل إلى مبادرات ومشاريع تتجسد واقعا في حياة الناس. ولعلّ أعظم المشاريع والمبادرات أهمية هي التي ينعكس خيرها على المجتمعات التي تظهر فيها، وتقدّم قيمة مضافة في إطار الخدمة المجتمعية، وحلولا مبتكرة وإضافات مبدعة للمشاكل التي تعاني منها هذه المجتمعات أو التحديات التي تواجهها. لهذا السبب أعجبني موضوع مؤتمر "إمباور 2016" في نسخته الثامنة، والذي ينعقد في الدوحة غدا، تحت عنوان: "الابتكار في ريادة الأعمال المجتمعية للشباب"، ذلك لأنه يسلّط الضوء على مفهوم ريادة الأعمال المجتمعية للشباب، وأثرها الإيجابي على المجتمع، ويهدف إلى رفع الوعي بين الشباب، ممن تتراوح أعمارهم بين (17-32 سنة)، فيما يتعلق بالفرص والتحديات التي تواجهها ريادة الأعمال، مع التركيز على ما يحفزهم لتوظيف مهاراتهم الإبداعية للابتكار في هذا المجال، وتأسيس المشاريع التي تضيف قيمة مميزة لمجتمعاتهم. دعم الأعمال والمشاريع المجتمعية الخاصة بالشباب تدريبا ورعاية مادية ومعنوية وترويجا، يكتسب أهميتين الأولى إعانة الشباب على توفير أعمال خاصة بهم، ومساعدتهم على شق طريق حياتهم العملية وتحقيق ذاوتهم، وتجسيد أحلامهم على أرض الواقع، والأخرى استثمار قدرات هذه الشرائح العمرية في مبادرات تخدم المجتمع، وتسهم في تنميته ونهضته، وتسد عجزا قائما في احتياجاته.قبل أيام قليلة اطلعت على مبادرة: "نفهم" الرائدة وخدماتها الإلكترونية عبر موقعها الإنترنت وقناتها على اليوتيوب منذ تأسيسها عام 2012، وتطبيقها الخاص بالهواتف الذكية، وعلى دورها كخدمة تعليمية رائدة لشرح المناهج الدراسية في كل من مصر وسوريا والسعودية والجزائر والكويت، بشكل مبسط ومجاني، من خلال الفيديوهات التعليمية، حيث أنتجت عشرات الآلاف من الفيديوهات، التي قاربت مشاهداتها من حوالي 43 مليون مشاهدة، وحظيت بمتابعة أكثر من 500 ألف طالب. ولعل القيمة المضافة في هذه المنصة الإلكترونية المبتكرة هي اعتمادها على مبدأ التعليم التشاركي أو الجمعي، الذي لا يقتصر على ما قد يقوم به المدرس تطوعيا فقط، بل يتيح لوليّ الأمر والطالب نفسه أن يشارك بقوة فيه. وتؤمن " نفهم" بمقولة: "كل شخص في وقت ما يجب عليه أن يكون معلماً"، وتتبنى ثقافة أن أفضل شرح مناسب لك كطالب ليس شرطاً أن تجده لدى مدرس، بل قد تجده لدى أيّ شخص من مجتمع "نفهم" المشاركين بشرح لهذا الدرس، وتشجع على ذلك من خلال البطولات (المسابقات الشهرية). ويبدو أن فضاء الإنترنت وقنوات وشبكات التواصل الاجتماعي العابرة للفواصل المكانية قد شجعت كثيرا مثل هذه المبادرة وسهلت عملها وتفاعل الجمهور معها، ووسعت من إطارها في خدمة المجتمع.وفي ظل الأوضاع الاستثنائية التي تشهدها عدد من الدول كسوريا والعراق واليمن وقبلها فلسطين، بسبب عدم الاستقرار واضطرار الملايين للنزوح واللجوء، أو بسبب معاناة الفقر والبطالة والحصار فإن الحاجة لمثل هذه المبادرات تكون أكثر إلحاحا، لأنها يمكن أن تسهم في التخفيف من النقص الحاصل في جانب التعليم والدعم النفسي وخدمات الطفولة والصحة، وتستثمر قدرات أبناء النازحين واللاجئين، وإمكانات وخبرات الشباب والمتطوعين العرب ليقدم كل في مجاله خدماته المجانية في هذا الجانب. وكذلك موضوع التوظيف عن بعد بمكافآت تشجيعية. وفي الدول التي لا تعاني من الحروب أو الحصار أو ظروف انعدام الأمن خصوصا الدول العربية والإسلامية، يقع على عاتق المبادرات والأعمال المجتمعية مهمتين الأولى استثمار قدرات الشباب الطموح التواق للعمل في نفس هذه المجتمعات، والأخرى توظيف طاقات الشباب في الدول والمجتمعات التي تعاني من الظروف الاستثنائية في أعمال تحفظ كرامتها الإنسانية وتوفر لها مصدر رزق، وتنعكس في ذات الوقت بالنفع على المجتمعات المتضررة، باعتبار أن هذه الشرائح أقدر من غيرها على تلمس معاناة مجتمعاتها، وأقدر على التعامل مع مكوّناتها، وأكثر قبولا لديها، ولعل فضاء الإنترنت وشبكات التواصل المفتوح يسهل مثل هذه المهام ويساعد عليها ويفتح الآفاق لابتكار واقتراح المزيد.

1605

| 16 مارس 2016

واجبنا نحو عشّاق العربية من غير الناطقين بها

كلما تعرّفتُ على نماذج جديدة لعشّاق اللغة العربية من غير العرب، وسعيهم لتعلّمها وإتقانها وخدمتها، وعرّفتُ بهذه النماذج، أدركتُ كم نحن مقصرون بحق لغتنا الأمّ، ومفرّطون في جنبها.حدثتكم من قبل عن الطفلة آسية الباكستانية (11 عاما) التي حصلت على الشهادة الجامعية في المحادثة بالعربية وهي في السابعة من عمرها، ثم الدبلوم المتقدّم باللغة العربية من الجامعة الإسلامية بإسلام آباد وهي في سن تسع سنوات، ثم تأليفها لكتابها الأول بالعربية للأطفال وهي بنت ثماني سنوات، ثم تأليفها لكتابها الثاني وهي في عمر تسع سنوات (وهما لغير الناطقين العربية).. وأحدثكم اليوم عن "أمينة" التركية ـ تدرس في السنة الثانية بكلية الإلهيات "الشريعة" ـ التي تطلق على نفسها "عاشقة اللغة العربية وآدابها"، وكيف تسعى للتعمق وإتقان التحدث بها، أخبرتني كيف أنها قطعت مشوارا مهما بعد حفظها للقرآن الكريم، حيث استطاعت التحدّث بالعربية بعد زيارتها للمغرب في برنامج جامعي تبادلي لمدة 5 أسابيع، متغلبة على خوفها وخجلها، وكيف تستفيد من أساتذة جامعيين سوريين يقيمون في تركيا، وتتلقى دروسا لحفظ ألفية ابن مالك وشرح المعلقات.. كما أنها تستثمر موهبتها الأدبية بالتركية فتنتقل لكتابة القصص والخواطر بالعربية، ولا تقتصر على الأخذ بل تعطي، فهي تدرس اللغة العربية للمبتدئين في اتحاد الكتاب باسطنبول. وباختصار لخصتْ عشقها للعربية بالقول: حبّ اللغة العربية لامس شغاف قلبي، فأصبحت كروحي، وتطمح بكل عزيمة للتعمق بالعربية، ونيل درجتي الماجستير والدكتوراه فيها.من المؤكد أن إهمالنا ـ نحن العرب ـ للغتنا الأم وتقصيرنا بحقها وتجاهلنا لها وتهويننا من شأنها أدى إلى غربة أجيالنا عنها، ولذلك مظاهر كثيرة ليس المقام للتفصيل فيها. ولكن ماذا عن تقصيرنا بحقّ لغتنا العربية مع غير الناطقين بها، إنه تقصير كبير ولا ريب، وهو يندرج في إطار "فاقد الشيء لا يعطيه"، فمن يقصّر بحق لغته الأم لا ينتظر أن يعنى بها مع غير الناطقين بها على الأرجح. قبل أشهر زرتُ تركيا واستمعت إلى صديق من المثقفين الأتراك، كان يركّز على أهمية أن تستثمر بلاده وجود اللاجئين السوريين الموجودين في بلاده حاليا خصوصا في مجال تعلّم العربية والقرآن والعلوم الشرعية، لاسيَّما أن بينهم كفاءات كبيرة، وبعضهم يدّرس حاليا في الجامعات والمدارس، ومما سمعته من الفتاة الطموحة "أمينة" ـ كحالة ـ يؤكد أهمية هذا الاستثمار. لغتنا العربية هي لغة القرآن ولها قداسة في نفوس مئات الملايين من المسلمين، وتعلمها يعزز من فهم كتاب ربهم وتعاليم دينهم، وتقوية صلاتهم في العالم العربي، وبالنسبة لغير المسلمين فثمة من يرغب في تعلمها في القارات الآسيوية والإفريقية والأوروبية أو الأمريكتين.. لاعتبارات مختلفة منها ما هو اقتصادي أو سياسي، ونشرها يقويّ من التعريف بثقافتنا، والترويج لتراثنا الحضاري، ولكن مع ذلك لم نفعل إلا النزر اليسير.هناك أمور يمكن أن تحدث فرقا في نشر العربية في أوساط غير الناطقين بها، وليس من الصعب القيام بها.. نوردها من باب التذكير: ـ زيادة اهتمام منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية الأهلية بتعليم العربية في أوساط العمالة غير العربية بدول كدول الخليج من خلال الدورات التدريبية و"الكروسات". ـ إضافة مراكز تعليم العربية لغير الناطقين بها إلى كليات اللغة العربية والآداب بجامعاتنا العربية، وتوسيع نطاق نشاط الموجود منها على مستوى الدورات والدبلومات العلمية والمهنية. ـ زيادة عدد مِنح تعليم العربية في جامعاتنا العربية على المستوى الجامعي والدراسات العليا.ـ تخصيص كفالات طلبة علم لدى المؤسسات الخيرية في الخليج والعالم العربي للراغبين بدراسة اللغة العربية من الأعاجم على مستوى الجامعة وما فوقها، وتمويل إقامة دورات لتعليم العربية في الدول التي لا تنطق بها، وتمويل إعداد وطباعة المناهج اللازمة. ـ تقديم دعم خاص للطلبة الموهوبين والمتميزين علميا من محبّي العربية والمتطلعين لإتقانها كآسية وأمينة، كتوفير فرص لهم للإقامة في دول عربية لعدة أشهر من أجل إتقان التحدث، أو كفالتهم تعليميا أو طباعة إصداراتهم وغيرها. ـ قيام الملحقيات الثقافية للدول العربية في الدول غير الناطقة بها بدور في هذا المجال. الأفكار كثيرة.. لكن الأهم من عرضها أن تتوفر القناعة الفعليّة لإعلاء شأن العربية بين أهلها، وتعليمها لغير الناطقين بها ونشرها في أوساطهم والتركيز على من يبلون عليها بحب وشغف.

2007

| 02 مارس 2016

"التربية الإنسانية" للناشئة والشباب ..حاجة باتت أكثر إلحاحا

لم يكتف يافع موهوب في مجال الرسم من قطاع غزة المحاصر بالسعي لتحقيق أحلامه الخاصة، وتطوير عمله في مجال الرسم (اللوحات الزيتية والبورتريه والكاريكاتير)، رغم كل التحديات التي تواجهه، بل بدأ منذ فترة بمساعدة الأطفال المحتاجين من حوله وإدخال الفرح على قلوبهم، مستثمرا شهرته الفنية، وحضوره المميّز على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد أطلق مبادرته التي أسماها: "حلم بسيط" لتحقيق ذلك.وقرأتُ عن طلاب مدرسة من مدارس اللاجئين السوريين في تركيا قامت بالتبرع للنازحين الجدد العالقين منذ أكثر من شهر على الحدود التركية السورية، رغم محدودية إمكاناتهم، وقلة ذات يدهم، في إشارة تحمل في طياتها التعبير عن التكافل وإغاثة الملهوفين بقدر المستطاع. خلال خمس سنوات تحول نصف الشعب السوري إلى نازح ولاجئ، وربما لم يدر في خلد كثير منهم أنهم سيتعرضون لما يتعرضون له الآن من معاناة ومكابدة لقسوة الحياة، وغياب لأبسط حقوقهم، كفقدان الأمان والمأوى، والاضطرار لمغادرة الديار، والعيش في المخيمات أو الكهوف، واضطرار الأطفال لترك التعليم والعمل في سن غضّة، وانخراط بعضهم في أعمال عسكرية. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن مناطق أخرى تعاني من اضطرابات وأزمات كالعراق واليمن.مثل هذه الظروف والأحوال التي تعيشها الأمة تزيد من ضرورة العمل على غرس القيم الإنسانية، ونشر ثقافة العمل التطوعي ببعديها التراثي والمعاصر، وتحويلها إلى سلوكيات عملية في حياة الناشئة واليافعين والشباب خصوصا، وفي حياة المجتمعات بكافة شرائحها عموما.ولعل ما سبق يحفزنا للدعوة إلى تخصيص مقرر أو مقررات أو مساقات أو "كورسات " يمكن أن يطلق عليها " التربية التطوعية" أو " التربية الإنسانية أو الإغاثية" تتضمن في شقّها النظري أهم القيم التي حضّت عليها الأديان كالتراحم والتعاضد وتفريج كرب المكروبين والمشي في حاجة أصحاب الحاجة ومساعدتهم وكفالة الأيتام وعلاج المصابين وغيرها، وبعض مبادئ العمل الإنساني الحديث خصوصا ما يتعلق بالتأهب والاستجابة للكوارث، وتقديم العون والمساعدة في وقت الأزمات، وكيفية المشاركة العملية في عمليات الإسعاف والإخلاء، والتكيف مع الظروف الصعبة والتعاطي معها في حال مواجهتها، والتمييز بين العمل الإغاثي والرعاية الاجتماعية والتنمية والمجالات الرئيسية للعمل الإنساني، والإعلام الاجتماعي والترويج للعمل الخيري وطرق دعمه ومناصرته، وكيفية المساهمة في تصميم برامج ومشاريع وحملات يمكن أن تشرك المجتمع في الاهتمام بشؤون الأمة خصوصا عند تعرضها للمصائب والنكبات والحروب والكوارث على المستوى الوجداني والفعلي، والإفادة من أصحاب المواهب المختلفة في هذه الجوانب، تجسيدا للهديّ النبويّ: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". وقد سرّني قيام جمعية خيرية كويتية نظمت رحلات لشباب في المراحل الإعدادية والثانوية لتقديم المساعدات في مخيمات اللاجئين السوريين في أوقات الشتاء وهطول الثلوج، كما تابعت برنامجا قيميا لجمعية خيرية قطرية اسمه "سنافي وهبة ريح" نفذته مع طالبات مدارس، حيث قمن في إطاره بترميم مدرسة بالسودان، وشاركن بتدشين هذه المدرسة، وزيارة الأيتام وإدخال الفرحة على قلوبهم. مثل هذه الزيارات تستقر في الوجدان وتنطبع في الذاكرة وتترك أثرا تربويا في النفس، وترسخ القيم وتحوّلها إلى ممارسات سلوكية فعلية وجزء من تركيبة الناشئين واليافعين والشباب منذ بواكير حياتهم، وتعزّز حبّ الخير في نفوسهم، والتطوّع في خدمة مجتمعاتهم وأمتهم بالوقت والجهد والخبرات والقدرات والمال. " التربية التطوعية" أو " التربية الإنسانية أو الإغاثية"..التي ندعو أن تتعاون جهات عديدة على تحويلها إلى واقع ملموس في حياة الناشئين والشباب كالجهات التربوية والشبابية والمنظمات الإنسانية والإعلامية، تأليفا وإقرارا وتعليما وتدريبا وتوعية.. ينتظر أن تسهم في تربية الشرائح المستهدفة والمجتمعات على تقدير النعم وشكر الله عليها، وتوعيتهم بأهمية المحافظة عليها وعدم الإسراف فيها، وكيفية التصرف في حال غيابها الكامل أو الجزئي سواء كان لفترات محدودة أو طويلة كالكوارث الطبيعية، أو الحروب والأزمات ـ لا قدر الله ـ، والتكافل مع من حرم منها من أبناء الأمة والعالم، لأنّ هذا واجب أخلاقي وديني وإنساني، كما أنه دعم للجهود الكبيرة للدول والحكومات التي تقوم بها على صعيدي الإغاثة والتنمية، وعالمنا العربي والإسلامي سيكون أكبر المستفيدين منها.

444

| 24 فبراير 2016

ملاحظات تربويّة على "أحلى صوت"

قليلة هي البرامج التلفزيونية التي تهتم باكتشاف المواهب الإبداعية لدى الأطفال واليافعين والشباب في عالمنا العربي، وتقوم برعايتها وتسهم في تنميتها وصقل مهاراتها وتسعى لتشجيعها وتطويرها، ومن هذه البرامج برنامج "أحلى صوت" الذي يعرض على شاشتي "إم بي سي، وإم بي سي مصر"، وحظي بمشاهدة عالية من قبل الأطفال والأسر العربية، رغم الملاحظات التي تسجّل عليه. يحسب للبرنامج أنه كشف عن كنز من أصحاب المواهب، وسلّط الضوء عليها، ولفت الانتباه إلى عديد منها مبكرا، وأنه سيعطي فرصا معتبرة للاهتمام بها، وتوفير الرعاية الفنية لها، من أجل تطوير قدراتها والأخذ بيدها للإجادة والاحتراف مستقبلا. فكثير من مواهب الأطفال والناشئة قد تتلاشى بمرور الزمن إن لم تحظ بالعناية والاهتمام، أو تندثر لأنها لم تجد أصلا من يكشف عنها.أعرف كثيرا من أصحاب المواهب الإبداعية أرغموا على الاهتمام بجوانب قد لا يجدون ميلا لها أو شغفا بها، لأن أهليهم أجبروهم على الدخول للفروع العلمية في المراحل الثانوية، ظنا منهم أن دراسة الهندسة والطب وما شاكلهما أفضل لمستقبل ابنهم، وربما طمس هذا التوجيه أو الإجبار الخاطئ -حتى وإن كان عن حسن نية- موهبة فنية أو أدبية أو إبداعية كان يمكن أن تكون هي المستقبل الذي يصنع قامة كبيرة، وبعض هؤلاء هجر تخصصه في أثناء الدراسة أو بعد تخرجه ليعمل أو يكرس وقته لصالح موهبته التي شغف بها منذ صغره، وكثير منهم عبّر عن لومه أسرته عندما كبر واشتد عوده، لأنّها أجبرته على السير في طريق معاكس لمواهبه واهتماماته التي يعشقها كالأدب أو الفن أو الإعلام أو الرياضة، وقلّة هم من وفِّقوا بأسرٍ ومربين عملوا على توجيههم ورعاية قدراتهم الإبداعية فبرزوا وتألقوا، ووصل بعضهم للنجومية، وأعرف ثلاثة من أصحاب المواهب الإعلامية عملوا في مؤسسات إعلامية متميزة ومرموقة قبل تخرجهم في الجامعة، لأنهم وجدوا أسرا وبرامج مؤسساتية راعية وتلقوا التدريب النظري والعملي الذي طور قدراتهم الإبداعية.لكن ثمة ملاحظات تربوية وقيمية على البرنامج، رصدتُها من خلال جلسة حوارية ونقاشية جمعتني مع عدد من المهتمين بالطفل من كتاب وفنانين وتربويين وأحببت أن أشارككم بها، ولعل أهمها: - البرنامج ذو طابع تجاري، ويستغل مواهب الأطفال من أجل إرضاء رغبات الجمهور، وزيادة الإعلانات وجني الأرباح الطائلة من وراء ذلك.- تكريس حبّ الأضواء والشهرة والنزعة الاستهلاكية في الطفل منذ نعومة أظفاره، ففي مثل هذه البرامج التي تحظى بمتابعة كبيرة يشعر الطفل بأنه صار مهما، وهو ما قد يصيبه بالزهو، والتعالي على زملائه في المدرسة والحيّ، وقد يضطر مدرّسوه إلى معاملته بصورة مختلفة عن أقرانه، وربما يشعر الأطفال الآخرون بالرغبة نفسها، فيسعون لتحقيق الغايات نفسها، فتضيع أوقاتهم بحفظ الأغاني حتى وإن كانوا غير موهوبين، فيكونون كمن يجري خلف السراب. - الأصل أن الغناء والموسيقى موهبة ربانية ومنحة إلهية، والتقييم فيهما يدخل في إطار التذوق، ويخضع لوجهات النظر من شخص لآخر، وليس للخطأ أو الصواب العلمي، لذا فالأولى أن يكون التنافس فيما هو محسوس وملموس، ويمكن استيعابه كمادة علمية أو حفظ كالحاسوب والتقنيات الأخرى، ولعله بسبب ذلك ظلمت العديد من المواهب التي غنّت في البرنامج دون أن تأخذ حظها في الفوز. - كثير من كلمات الأغاني التي قدّمها وأدّاها أطفال لم يبلغوا العاشرة أو الثانية عشرة من أعمارهم كانت عن الحبّ والعشق والغرام والهيام أو كانت كلماتها غير راقية، وهو أمر مسيء تربويا وقيميا وسلوكيّا للأطفال، وغير مشرِّف للإعلام.- العديد من الأغاني التي قدمها أطفال عرب كانت بكلمات وموسيقى غربية، وكأن لغتنا الجميلة وألحاننا الشرقية قاصرة عن أن تقدّم أعمالا فنية لائقة، ومرة أخرى فإن مثل هذا الأمر يكرّس غربة أجيالنا عن لغتهم الأم وهويتهم الثقافية، ويعزز عقدة النقص تجاهها، لصالح اللغات والثقافات الغربية.نأمل أن تكون للنسخ القادمة من هذا البرنامج ضوابط أكبر تخفف من الملاحظات السلبية عليه، وأن ننجح إعلاميا وتربويا في اقتراح أفكار أصيلة لبرامج تلفزيونية تسهم في تنمية المواهب ورعايتها، بدلا من استنساخ البرامج الأجنبية أو عمل نسخة عن البرامج الغربية.

477

| 10 فبراير 2016

هل سيكون عيد ميلاد "آسية" احتفالية مختلفة ؟!

احتفاءً بقرب حلول الذكرى الحادية عشرة لميلاد ابنته المميزة "آسية"، طلب الصديق الباكستاني العزيز د.عارف صديق من عدد من المهتمين بالشأن التربوي والثقافي في باكستان والعالم العربي مشاركتهم له بهذا الاحتفال من خلال كلمات تقيّم المشوار التي قطعته ابنته في تعلّم العربية منذ أن بدأه معها عندما كان عمرها عاما واحدا وحتى الآن، وتقديم المقترحات التي تعينها وتعينه على إثراء لغتها العربية، خصوصا أنه أعجمي وأنها تعيش في محيط أعجمي، وأعرب عن أمله في أن يكون الاحتفال بعيد ميلاد ابنته هذا المرة بأسلوب مختلف، وأن تكون الاحتفالية السعيدة مناسبة ثقافية نافعة بامتياز. وقد دعيتُ ضمن من وجّهت لهم الدعوة بحكم متابعتي لتجربة آسية منذ عدة سنوات، والكتابة عنها وتقديمها من خلال الحوارات والمقالات غير مرة، منذ عام 2010 وحتى الآن ضمن اهتمامي بإعلام الطفل، ورصد التجارب الواعدة للموهوبين من الأطفال، والمساهمة في برامج تنمية المواهب الإعلامية والأدبية للأطفال، والتأكيد على ضرورة تعليمهم الفصحى تحدثا وكتابة بها، وأهمية تحبيبهم بلغتهم، والتركيز على تذوّقهم لجمالياتها المختلفة، منذ نعومة أظفارهم.وأقدم نبذة مختصرة حول تجربة آسية كقصة نجاح تحتذى لمن لم يطلع عليها، فقد بدأ والدها الأكاديمي والإعلامي د. عارف تعليم ابنته العربية الفصحى عام 2006، وكان عمرها سنة، متأثرا بتجربة الدكتور عبد الله الدنان صاحب "نظرية تعليم الفصحى بالفطرة والممارسة"، وقد ترك لغته الأم وهي الأرديّة، وبدأ يتحدث إليها بالعربية دوما، وبعد عامين بدأت تتحدث العربية الفصحى بطلاقة، أي منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات فقط، واستمرت آسية في تعلم اللغة العربية في السنوات المتعاقبة حتى تمكنت من تسجيل بعض الأرقام القياسية على مستوى باكستان، أو ربما على مستوى العالم مثل: آه الحصول على الشهادة الجامعية في المحادثة العربية في عمر سبع سنوات من جامعة العلامة إقبال المفتوحة بإسلام آباد، ثم شهادة الدبلوم المتقدّم باللغة العربية من الجامعة العالمية الإسلامية بإسلام آباد في سن تسع سنوات، ثم تأليفها لكتابها الأول بالعربية للأطفال في عمر ثماني سنوات، ثم تأليفها لكتابها الثاني في عمر تسع سنوات (وهما لغير الناطقين بالعربية)، فضلا عن تسجيل عدد كبير من تسجيلات الفيديو تجاوز مائتين باللغة العربية. ما أريد أن أخبر به د.عارف بهذه المناسبة أن اهتمامه بالعربية الفصحى وحبّه لها وحرصه عليها، بل وحرصه على تقديم نموذج يحتذى في تعليم العربية الفصحى للأطفال منذ نعومة الأظفار رغم أنّه أعجمي، قد لا يجده عند الغالبية الكاسحة من الآباء العرب، وكذلك عند الناشئة والشبان العرب، فتجربته مع ابنته حجّة عليهم، رغم أنهم أصحاب اللسان، ولغتهم (العربية) هي اللغة الأم، لأن واقع الحال يشير إلى أن الأجيال العربية الراهنة غريبة عن لغتها لصالح اللغات الأجنبية، أو "العربيزية" لأسباب كثيرة، لايتقنونها تحدثا وكتابة، كما لايتحمسون لإتقانها، وكأنها ليست جزءا من هويتهم الثقافية والحضارية ـ إلا من رحم الله ـ.الأمر الآخر أتمنى من الجهات العلمية والتربوية والثقافية الرسمية ـ وحتى الأهلية ـ في العالم العربي أن تقدر المشوار الذي قطعته آسية في إتقان العربية بأكثر من وسيلة، وجهودها في تعليم العربيّة لغيرها من الأطفال الأعاجم، من خلال تأليف الكتب والدورات التي تقدّمها رغم صغر سنها.. فتحتضن آسية وتكسب المساهمة في دعم تجربة ناجحة، لتحقق المزيد، ويعمّ نفعها للغير، ويكون الاحتضان بما يلي: ـ توفير محضن طبيعي يمكّن آسية من ممارسة العربية الفصحى مع أقرانها من الأطفال، وتحقيق أمنيتها بالعيش في وسط عربيّ، تتلقى فيه تعليمها الأساس بالعربية ـ حتى وإن كان لعام أو عامين ـ، مما يزيد من إتقانها لهذه اللغة الشريفة. ـ تبنى دراستها الجامعية والعليا في مجال اللغة العربية. ـ مساعدتها على إكمال مشوارها ودعمها في إقامة مشاريع تعليمية وثقافية، لنشر العربية في أوساط الأطفال والشباب في شبه القارة الهندية وغيرها بعد إتمام دراستها. وأتمنى بشكل خاص على مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بقطر التي دأبت على استقطاب واحتضان المواهب الصغيرة، وخرّجت مبدعين صغارا أن تتبنى هذه الموهبة، خصوصا أنّ المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية عضو في هذه المؤسسة. والله من وراء القصد.

640

| 03 فبراير 2016

الصورة الأكثر تأثيرا في العمل الإنساني

الصورة قد تختزل ألف عبارة، وقد تكون أبلغ من ألف مقال، كما يقال، خصوصا إذا كانت عفويّة، وبعيدة عن التكلف أو التصنّع أو الاستعراض.وفي العمل الإنساني خصوصا الإغاثي منه، ثمة احتياج أكبر للصور، فهي مهمّة لإثبات مصداقية المؤسسة في تنفيذ مشاريعها، والوصول إلى المستهدفين من خدماتها فعليّا، وللحصول على لقطات متميّزة ومؤثرة، يمكن تدعم حملاتها التسويقية، وتسهم في حشد الدعم لها.لكنّ كثيرا من هذه الصور قد تأتي بنتائج عكسية، من حيث لا يحتسب بعض القائمين على العمل الخيري، أو لا تحقق أيّ تأثير يذكر على الأقل، وذلك عندما تركّز على مقدّمي المساعدة أكثر من المستفيدين منها، أو عندما تكون استعراضية، تَشخَص فيها أبصار من يتم تصويرهم إلى عدسة الكاميرا، وحتى مع ظهور ابتساماتهم مع الآخرين تشعر وكأنّها مصطنعة، لا تنبض بالحياة والصفاء والجمال. وحتى تحقّق الصور في العمل الإنساني التأثير، وتكسب التعاطف عليها أن تتصف بما يلي: ـ ألا ينشغل أعضاء فرق الإغاثة بهمّ أو هاجس التصوير، بل يتركون أمره لأشخاص أو مصورين على دراية وخبرة بالقواعد الإنسانية، وأخلاقيات الصورة بشكل مهني، وهؤلاء قادرون على التقاط الصور المطلوبة بتلقائية وعفويّة.ـ يكفي أن يكون شعار المؤسسة الإنسانية على المعونة المقدَّمة أو على معطف "صدرية" يلبسه عامل الإغاثة، بعيدا عن "النبرات" واللافتات الكبيرة، وإلزام الناس بأن تكون صورهم بجوارها أو أمامها. ـ يمكن أن تكون الصور جانبية، ولا يشترط التركيز على كامل الوجوه للمستفيدين، أو لعاملي الإغاثة والقائمين على توزيع المعونات والمشرفين على المشاريع الإنسانية، إلا أن يقتنص المصور ابتسامة طبيعية أو دمعة غير متكلفة من حيث لا يدري صاحبها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأطفال والشيوخ. ـ أن يراعي القائمون على العمل الإنساني عند تقديم المعونات ـ على الأقل ـ عدم ظهور فارق كبير في سمتهم ومظهرهم وسمت ومظهر من يقدمون لهم المساعدات قدر الإمكان، فلا يعقل أن يكون المستفيد تحت حر الشمس القائظ بلا شيء يقيه منه، ومقدّم المعونات يضع النظارات الشمسية أو يستخدم المظلة، كما أن من غير المقبول أن يركب فاره السيّارات ويلبس أفخر الثياب.. بينما لا يجد المستفيد أي ظهر يحمله رغم الإعياء أو يظهر أطفاله ببالي أو رثّ الثياب.. إن هذا سيترك انطباعا سلبيا عند المستفيد، وعند من يرى الصورة أيضا. ـ أن يُستَأذن المستفيدون عند التقاط الصور، وألا يجبروا على ظهورهم في الصور أثناء تقديم المساعدات، إذا كانوا لا يرغبون بذلك، وأن لا تلتقط صورهم بسيف الحياء، فهذا مناف للدين والخلق والمروءة والمهنية.ـ ألا تلتقط وتعرض الصور التي يتوقع أن تثير الكثير من الآلام عند من سيشاهدونها، أو التي لا تحفظ الكرامة الإنسانية لمن تلتقط له الصور. ـ التعبير عن الأوضاع الصعبة لا يكون في الصورة الحزينة والمؤلمة دوما، بل ينبغي الحرص على الصور التي تعكس الأمل وتشيع التفاؤل، كالتركيز على بسمة طفل سَعِد بكسوة عيد، أو يتيم دخلت البهجة إلى قلبه في مهرجان ترفيهي، أو شيخ أحس براحة بعد إجراء عملية جراحية، خلّصته من آلام كان يعاني منها. ـ مراعاة ألا تظهر اليد من علٍ عند تقديم المساعدات، بل ينبغي على من يقدّم المساعدات أو على من يزور المرضى أو يتحدث للأطفال أن يجلس أو يقعد القرفصاء بحيث يكون بسوية من يقابلهم أو يخاطبهم أو يمد يد المساعدة لهم، وأن يحرص على الابتسامة والرفق في التعامل مع يتوجّه إليهم. ـ صور الأطفال هي الأكثر تأثيرا في المشاهدين، بحكم الحب الفطري الذي أودعه الله في قلوبنا نحوهم "الصغير حتى يكبر"، والتعاطف معهم، وما تختزنه صفحات وجوههم من براءة، والشيء نفسه يمكن أن يقال على صور الشيوخ.تذكّروا أن الصورة التي تبرز الأثر بعفوية، أو تقتنص ابتسامة نابعة من القلب بتلقائية، وتحفظ الكرامة الإنسانية للمستفيدين وتلتزم بالقواعد والمعايير الأخلاقية والمهنية التي سبقت الإشارة إليها في الوقت نفسه، هي التي تكون الأكثر قبولا وتأثيرا.

2746

| 27 يناير 2016

سلاح التجويع في سوريا.. قضايا تبحث عن حل!

لم يعد للموت مِخلَب إلاّ وأنشبه في أجساد السوريين، والغريب أن العالم مازال يتفرّج عليهم، وفي أحسن الأحوال يعرب المجتمع الدولي عن قلقه على مصيرهم وإداناته لما يحدث لهم، وهو أمر لا يقدّم ولا يؤخّر.واضح أن الضمير الإنساني قد أصمّ أذنيه وأغمض عينيه عما يحدث في سوريا وأزمتها المتواصلة، وإذا اهتزّ فيما يخص الوضع الإنساني فيتحرك لبضعة أيام، تحت تأثير تسليط الأضواء الإعلامية المكثفة على بعض القضايا المؤلمة، كما حدث عند غرق الطفل إيلان، أو عند مشاهدته صور بعض ضحايا مضايا، أو عند إغلاق الحدود في وجه المهاجرين المتوجّهين لأوروبا، أو عند هطول الثلوج على المخيمات، ثم ما يلبث أن يدخل في سبات طويل. حتى لو بقينا في مسألة الجوع ، فمشكلة مضايا لم تحل، ولن تحل بقافلة مساعدات تدخل على مزاج المحاصرين، وإنما الحل بالضغط عليهم كي يفكوا حصارهم عنها، وينهوا استخدام سلاح التجويع بحق المدنيين تحت أي ذريعة (حسب رئيس المجلس المحلي لمضايا فإنّ المساعدات تكفي لإغاثة المدينة فقط لثلاثة أسابيع)، فضلا عن أنّ بعض الأشخاص يموتون حتى بعد دخول قافلة المعونات، بحكم أنهم مصابون بسوء التغذية.. وحسب مدير العمليات بمنظمة" أطباء بلا حدود" فإنّ بعض المرضى الموجودين حاليا في مضايا قد لا يبقون ليوم إضافي على قيد الحياة، لذلك يعدّ الإخلاء الطبي الفوري للحالات المرضية الحرجة وللمصابين بسوء التغذية أمرا حتميا يجب أن يتم على الفور، لكن إما أنّ هذا لا يتم، أو تعترضه عقبات كثيرة، بدليل أن مزيدا من الضحايا يموتون أمام أعين مندوبي هذه المنظمات الأممية والدولية حتى الآن. وإذا كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مؤمنا بأن الحصار والتجويع جريمة حرب، فلِمَ لا يعلن حزب الله كتنظيم إرهابي، ولم لا يأمر بمحاكمته هو والنظام السوري، خصوصا أن كيونج واكانج مساعدته للشؤون الإنسانية، طالبت بالوقف الفوري لحصار المدن السورية من قبل أطراف النزاع في هذا البلد، منددة بما أسمته "التكتيك الوحشي"، واعتبرته "انتهاكا خطيرا للقانون الدولي".وفي مسألة التجويع أيضا؛ فإن المشكلة لا تنحصر في مضايا فقط فالأمم المتحدة تقول: إن قرابة 450 ألف شخص محاصرون في نحو 15 منطقة في أجزاء مختلفة من سوريا، بينها مناطق تسيطر عليها الحكومة، أو تنظيم الدولة الإسلامية أو جماعات مسلحة أخرى. والأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ؛ فرغم إدراك برنامج الأغذية العالمي لحاجة " مضايا" لاستجابة عاجلة، نظرا لما تعاني منه، فإنّه يبدي قلقا أيضاً إزاء وضع 4.5 مليون سوري يعيشون في ظل الحصار، في مناطق يصعب الوصول إليها في مختلف أنحاء سوريا. ومن الأمور المتصلة في هذا الجانب إشكالات التعامل بين المنظمات الإنسانية الدولية والنظام السوري، وما تتضمنه من تدخل للنظام في عمل هذه المنظمات، وهو ما يؤدي إلى وصول المساعدات إلى غير مستحقيها، وإلى تنازلات مجحفة تقدّمها المنظمات لكي يضمنوا استمرار عملهم، ومن هذه الأمثلة ما كشف عنه موقع "ميدل إيست آي" البريطاني من أن مكتب الأمم المتحدة للإغاثة في دمشق سمح للنظام السوري بإجراء تغييرات على تقريره، وغيّر مصطلحات بناء على طلبه. وخضع المكتب لتدخّل النظام وحذف كلمة "محاصرة" عند الحديث عن مضايا واضعا بدلا منها عبارة "يصعب الوصول إليها", واستبدل كلمة "أزمة" بكلمة "نزاع". وكذلك رفض النظام السوري منح منظمات الإغاثة الدولية الإذن بتوصيل المساعدات إلى مؤيديه المحاصرين في مدينة دير الزور، لأن قادة جيشه هناك يستغلون هذه الأزمة للتربح المالي، بحسب صحيفة التايمز البريطانية، وتشير الصحيفة إلى مزاعم مكررة واتهامات للنظام بأنه يستولي على المساعدات التي توزعها الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية، ويمنحها لجنوده. كما أقرّ برنامج الأغذية العالمي أن أغلب المساعدات التي يوزعها في سوريا منذ 2014 تتم عبر منظمة "الهلال الأحمر السوري" التي ليس له عليها أي سلطة، حيث تشير مصادر إلى أن إدارتها العليا موالية للنظام السوري. والسؤال الذي يطرح نفسه أخيرا هو: ماذا ينتظر العالم كي يتحرك من أجل وقف نزيف موت السوريين وإزهاق أرواحهم، بعد خمس سنوات من الأزمة الدائرة ؟!

337

| 20 يناير 2016

حذار من خديعة رفع الحصار عن مضايا!

رغم أن الضغوط الدولية نجحت أخيرا في إدخال قافلة من المساعدات الإنسانيّة إلى منطقة مضايا بريف دمشق الإثنين الماضي، مُحدِثة ثغرة في الحصار الجائر والخانق، الذي ضربته - ولا تزال - مليشيات حزب الله وقوات النظام السوري منذ عدة أشهر، وهو ما يعطي فرصة لإبقاء سكانها على قيد الحياة، فإن الأهم هو كسر هذا الحصار بصورة نهائية، وأهمية التحرك لكسر الصمتين العربي والدولي عن هذه الجرائم الإنسانية، تجنبا لتكرار تجربة إلحاق الأذى وإزهاق أرواح المدنيين في مناطق أخرى من خلال سلاح التجويع، بحجّة تضييق الخناق على الجماعات المسلحة التي تتغلل بينهم أو تتمترس بهم.ليست المرة الأولى التي تُحاصَر فيها مناطق سورية، فقد سبق أن حوصر مخيم اليرموك، وربما لن تكون الأخيرة، والمؤشرات والتقارير تتوقّع بأن يقوم حزب الله وقوات النظام بضرب حصارات أخرى على مناطق كالمعضمية والغوطة الشرقية وغيرها، وأن يكتفوا برفع الحصار عن مضايا وليس كسره. انتصرت مضايا أخيرا وبقيت حيّة شامخة رغم حجم التضحيات وكثرة الضحايا، أما من مات حقا وسقط أخلاقيا وخاب فهو حزب الله، منذ أن فقد إنسانيته، وباع ضميره وتنكّر لحق الجوار، وردّ الجميل لمن وقف معه في ساعة العسرة، وانكشف أمام غالبية الأمة، وسقطت الأقنعة المزيفة التي طالما تخفّى وراءها بزعم المقاومة ونصرة الحق والدفاع عن المظلومين، وسيظل الخزيّ والعار يلاحقه أمام أجيال الحاضر والمستقبل. لقد باشر حزب الله مرحلة السقوط منذ أن اصطف إلى جوار النظام السوري قبل خمس سنوات، وقام بالقتال إلى جانبه ضد مطالب شعبه في الحرية والكرامة وإنهاء مظاهر الديكتاتورية، ثم نسّق مع النظام الإيراني والمليشيات التي تأتمر بأمره، ومع الروس لإتمام هذه المهمة مؤخرا. وقد افتضحت مقاومته المزعومة، هو وكل ما يسمى بمحور المقاومة، وتلاشت شعبيته التي بلغت أوجهها بعد الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان عام 2006، وتلوثت سمعته نظرا للجرائم التي ارتكبها ضد الشعب السوري من ترويع وقتل للآمنين، وتجويع للمدنيين، وتهجير لهم من بيوتهم وأراضيهم، وتدمير لبيوتهم وقراهم. وقد اغترّ الحزب بقوته مدعوما من النظام الإيراني، لكنّ الأغبياء وحدهم هم الذين لا يحسنون قراءة قائمة ربحهم وخسارتهم، ويبقون في طغيانهم سادرون.أما الخاسر الآخر فهو المجتمع الدولي باعتباره فاقدا للضمير الإنساني، الذي لم يتخذ حلا حاسما إزاء إجرام النظام السوري منذ بداية الثورة السورية في مستهل عام 2011 أولا، ثم إجرام النظامين الإيراني والروسي بتدخلهم العسكري واحتلالهم المباشر للأراضي السورية، وانتهاك سيادتها وقصف المدنيين حتى بالقنابل العنقودية، أو المساهمة في هذا الجانب ثانيا، واكتفى إما بالصمت أو غضّ الطرف أو التعبير عن قلقه ومخاوفه، أو بإدانته اللفظية الشفوية فقط.لم يوافق حتى على مطالب المعارضة بإقامة مناطق آمنة من القصف بالطائرات والمدافع، ولم يمنع النظام من استخدام القصف ولم يأخذ على يده مع تكرار استخدامه للأسلحة الكيماوية، والغازات المحرّمة دوليا، ولم يقبل بتسليح المعارضة المعتدلة لكفّ أذى النظام وأعوانه، ولم يتحرك لكسر حضار مضايا إلا بعد أن بلغ السيل الزبى، ووصل الأمر حدّ الجريمة الإنسانية. وحتى من يسمون بأصدقاء الشعب السوري من الدول لم تفعل شيئا ذا بال كذلك. يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن السماح بمرور قافلة المساعدات التي بدأت بالدخول يوم الإثنين الماضي ما هو إلا كسر لحصار مضايا، ولا يعني بأي حال من الأحوال رفع الحصار. إنها "سد رمق" مؤقت ومحاولة من النظام السوري وحزب الله لمواجهة الهجمة الإعلامية التي فضحت إجرامهم وطائفيتهم.

466

| 13 يناير 2016

مبادرات مهمّة لرد الاعتبار إلى خير جليس

كلمة السرّ تكمن دائما في القراءة ، لأنها مفتاح المعرفة ، من امتلكها فقد امتلك كنزا ثمينا لا تقدر قيمته بثمن، ومن فقدها فقد خسر خسارة كبيرة لا تعوّض. وحتى تكون القراءة عادة جميلة، والكتاب خير جليس يجب أن يبدأ المشوار من المهد، والمهد هنا ليس مجازا بل حقيقة. فمن شبّ على شيء شاب عليه.ثمة شكوى قديمة جديدة من انفضاض الأطفال واليافعين والشباب عن المطالعة، وهجرانهم للكتاب، حتى من قبل ظهور الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، فكيف الحال وقد أصبحت الهواتف الذكية بكل ما فيها من مغرَيات ومسلِّيات متاحة بيسر بيد الصغير والكبير، تأخذ معظم أوقات الناس وتصرفهم حتى عن الحديث إلى بعضهم البعض. كثيرون لا يقرؤون أكثر من كتب المناهج المدرسية والجامعية، للصعوبة في الصبر على المطالعة، ولو اعتادوا ذلك منذ نعومة الأظفار لصارت العملية سهلة عليهم، وتجذّرت لديهم كسلوك لافكاك منه، بل لشعروا بمتعة خاصة ( متعة التنزّه في عقول الآخرين). كل الدراسات تشير إلى أهمية تعويد الأطفال على القراءة منذ السنوات الأولى، وتتحدث عن دور لأرباب الأسر في القراءة المبكِّرة، وتطلب الأمهات القراءة للأجِنّة، ومن أولياء الأمور القراءة لأطفالهم الصغار، وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين لا يُقرأ لهم الأهل باكرا يبدؤون المدرسة بعوائق إضافية، فيما يصبح الأطفال قراء ناجحين نتيجة قراءة 30 دقيقة يوميا . وبالعموم القراءة للطفل ومع الطفل أهم وسيلة لتشجيعه. كثيرة هي المبادرات التي تسعى لتشجيع المطالعة ولكن قليلا منها من يتواصل دون توقف، أو يكون مخصصا للناشئة ومن أبرزها "مسابقة قطار المعرفة" التي أصبحت تقام على مستوى مدارس الوطن العربي . ولكن مالفت انتباهي مؤخرا مبادرة جديدة انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان " دفتري والقراءة 2016"، لأنها تعمل بجهود ذاتية بسيطة لكتّاب ورسامي أطفال ودور نشر ومبادرات في عالمنا العربي، ولكونها تتمتع بعدة مزايا فيما لو قدّر لها الاستمرارية إن شاء الله، ونجحت في اجتيار اختبارها الأول بسلام ونجاح / عام 2016. أهم هذه المزايا أنها تشرك الأسرة والمدرسة معا في مجال تشجيع القراءة، ولا تقتصر على أحد الطرفين، لأنها عملية متكاملة، أي أن كلّ جزء فيها يكمّل دور الآخر للوصول لطفل قارئ، كما أنها تنتظر من الأسرة الإسهام في القراءة المشتركة، فالأم تقرأ لجنينها وأولياء الأمور لصغارهم ممن لايجيدون القراءة ، كما تمتاز المبادرة بتركيزها على شرائح الأطفال والعائلات في مخيمات النزوح واللجوء، وتلك التي تعيش في ظل الحروب، وقد خصصت جائزة بعنوان: التحدي للعائلات التي تعاني من ظروف استثنائية، وأخرى للمرأة الحامل والجنين . نحن محتاجون لمزيد من هذه المبادرات، من أجل إحداث تغيير عربي لجهة القراءة والمطالعة، ودعم المبادرات القائمة حاليا، والحث على الترويج لها والتعريف بها، ومن ثم تفاعل الشرائح المستهدفة معها خلال العام الحالي ، والمشاركة في مسابقتها. أعجبتني الدوافع وراء إطلاق المبادرة .

567

| 06 يناير 2016

من أجل استدامة المبادرات التطوعية الشبابية

العمل الطوعي في عالمنا العربي ما زال مفهومه مشوّشا يتسم بالمزاجية، ويفتقد إلى الجديّة المطلوبة، والضوابط المنظِمة، ولايملك عناصر الاستدامة.. لذا فإن كثيرا من المبادرات والمشاريع والكيانات تتوقف، أو تتكلّس أو تذبل أو تُختطَف. وتأسيسا على هذه المقدمة يمكن إيراد عدة ملاحظات حول العمل الطوعي والمبادرات الشبابية التطوعية : كثير من الشباب ينظر إلى العمل التطوعي كمساحة لملء الفراغ، أو تلبية متطلبات الانتقال من الثانوية للجامعة، أو النجاح في مساق دراسي معين، أو كنوع من " البرستيج" الذي يعزّز الظهور الإعلامي والنجومية، أو كداعم للسيرة الذاتية، وما بُني على خطأ سيقود إلى خطأ أكبر، ويلحق الضرر والتشويه بهذه المبادرات. كثير من المبادرات التطوعية الشبابية لا تصمد طويلا، لأسباب كثيرة منها أنها ترتبط بمجموعة من المؤسسين الذين يحملون همّها ويتابعونها لحين من الزمن، لكن ما أن تفرض عليهم الظروف الابتعاد عن ميادين هذه المبادرات كالتخرج من الجامعة والسفر لمناطق ودول أخرى حتى تنتهي تماما، ولو أنهم اشتغلوا على مأسستها وتوفير كوادر تحمل الراية من بعدهم لاختلف الوضع .العديد من المبادرات ينفرط عقدها بسبب " الفورة" التي ترتبط بظرف معين، أو بسبب الحماس نتيجة التأثر اللحظي ، مثل فكّ الحصار عن غزة في فترة من الفترات، ثم تختفي وكأن الحصار قد تم فكّه تماما، أو أن فك الحصار لا يحصل إلا بإدخال المساعدات والطواقم الطبية أو وصول سفن الناشطين، دون التفكير بسبل أخرى ، إن حالت ظروف دون عبور الشاحنات أو وصول القوارب. ومن أسباب عدم الاستدامة الاختلاف بين المؤسسين والتناحر على مستوى قيادة دفة العمل، وتغوّل أطراف فيها على حساب أطراف بها ، وظهور التكتلات و" الكولسات"، وذلك لغياب اللوائح والقواعد المنظِّمة لسير العمل، والتداول على إدارة المبادرة ، وهو جزء من أمراض الشخصية العربية وطبيعة إدارة مؤسساتها ونظم القيادة وعدم وجود مأسسة فيها ..وغالبا ما ينتهي الأمر بموت المبادرة أو تشظيها أو ضعف مخرجاتها. ومن أسباب ذلك الفهم الخاطئ بأنّ العمل التطوعي يجب أن يتمّ كاملا بدون مقابل ، من ألفه ليائه، بما في ذلك تسخير وقتك وسيارتك ومعداتك المتاحة لديك وخبراتك ومكتبك وغير ذلك، فيما الحقيقة أن التطوع قد يكون ببعض ذلك وليس كلّه، كما أنه يكون بقدر الاستطاعة كالتطوع بالخبرة أو الجهد فقط، كما يمكن أن ينال الشخص مقابله أجرا، وإن كان مخفّضا عما يُعطى في مواقع أخرى ، أو عما يتقضاه صاحبه في مكان آخر ( مؤسسة تجارية أو حكومية مثلا).وقد يكون من ضمن الأسباب أيضا عدم وجود فكرة إبداعية خلف هذه المبادرة، وضعف جاذبيتها، وهو ما يؤدي إلى عدم استقطاب متطوّعين في إطارها أو مناصرين لها، وهو مايؤدي إلى اضمحلالها أو موتها بشكل تلقائي. ويندرج ضمن هذه الأسباب عدم توفر الرعاية أو الدعم لهذه المبادرات أو ندرة ذلك، سواء من المؤسسات والشركات التجاريّة الخاصة في إطار المسؤولية الاجتماعية، أو من الجهات الحكومية ذات العلاقة، أو من المؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى. ولأنّ هذه المبادرات ذات قيمة مهمّة في تكتيل الشباب ومحبّي العمل الطوعي وخدمة المجتمعات التي تنشط فيها.. فإنها مكسب حقيقيّ لدعم جهود التنمية والاستفادة من الطاقات الفتيّة ، لذا فإن موت هذه المبادرات أو تكلسها خسارة للدول والأمم والتجمعات. وأرى أنّ على الحكومات والجهات المحلية والمؤسسات الشبابية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية واجب الدفع بتشجيع قيام هذه المبادرات، وتقديم برامج الرعاية والدعم لها، ويمكن أن يتم ذلك إضافة للدعم المادي بتوفير التدريب النظري والعملي وتقديم الاستشارات الفنية وبعض المعدات اللازمة للعمل، وإدماج هذه الطاقات في بعض برامج ومشاريع هذه المؤسسات ولو فترات محددة، أو إشراكهم في الأعمال الميدانية، وتشجيع المتميزين من العاملين في هذه المبادرات بالتوظيف في المؤسسات الحكومية والإنسانية حال الاحتياج .

2372

| 30 ديسمبر 2015

من أجل صناعة كتب أطفال مميّزة

تحتاج صناعة كتب الأطفال لمعايير إضافية، تميّزها عن كتب الكبار ، ففي كتب الصغار نحتاج إلى مزيد من التشويق، ليكون الكتاب جاذبا يشدّ الطفل إليه، ويغريه بالإقبال عليه. ففضلا عن المضمون الذي يمتاز بمفردات وأساليب لغوية مناسبة فإنّ كتاب الأطفال يمتاز عن غيره بوجود الصور والأشكال والألوان والإخراج الأنيق، مما يجعله بحاجة إلى تضافر جهود أطراف متعددة كالمؤلِّف والرسّام والمصمّم والمخرج، فضلا عن ناشر متخصص ، تماما مثلما تحتاج الأغنية الناجحة إلى كلمات جميلة وألحان ساحرة وصوت شجي كي تؤثّر فيمن يستمع إليها.مازال إنتاج الكتاب المطبوع في عالمنا العربي متواضعا، كماً ونوعاً، رغم منافسة المواد المرئية والإلكترونية، ينظر إليه بعين الاستسهال، من قبل الكتّاب والرسامين، وتغلب على ناشريه النزعة المادية التي تصل حدّ الجشع. ومن هنا جاءت فكرة جوائز أدب الأطفال في محاولة لسدّ جزء من الفجوة الحاصلة في هذا الجانب، ارتقاءً بمضمون ما يقدّم للطفل، بحيث يكون ذا جودة عالية، وتقديمه بشكل شائق ومميّز في الإخراج والأشكال، وبحيث توفِّر هذه الجوائز زاداً سنويا من الكتب النموذجية للأطفال في المجالات المختلفة ( قصة ورواية وشعرا وأناشيد ..) بسعر مناسب ، ومثل هذا الشيء يمكن أن ينطبق على مجلات الأطفال الجيدة كالعربيّ الصغير وماجد، وهو ما قامتا به في بعض الفترات.جائزة الدولة لأدب الطفل بقطر التي أتمّت عامها السادس يحسب لها أنها شجعت الكتّاب والمبدعين القطريين والعرب على إنتاج أعمال إبداعية رفيعة المستوى في الأدب والفنون، وعملت على تنمية الوعي الأدبي لدى الطفل، وترسيخ الهوية والانتماء، في إطار الالتزام بمنظومة القيم العربية والإسلامية، ولأننا نحبّ أن تكتمل دائرة أهدافها التي وضعتها لنفسها، فإننا نعتب عليها عتب المحبّ لها الحريص عليها كي تتلافى الخلل والأخطاء في طباعة الأعمال الفائزة، وتسعى لكي تظهر بأبهى حلّة وأجمل شكل، خصوصا أن جمهور هذه الأعمال، ومَن ستصل إلى أيديهم في النهاية هم الأطفال واليافعون، ولتضمن فعلياً تحقيق أحد أهم أهداف الجائزة: ( إغناء المكتبة العربيّة في مجال ثقافة الطفل). على غلاف أحد الأعمال الإلكترونية للجائزة في دورتها الأخيرة أحصيتُ خمسة أخطاء إملائية وطباعية، علما أن إنتاج الأطفال يحتاج إلى مزيد من التدقيق والمراجعة لأنّ الأخطاء ترسخ في ذهن الطفل، خصوصا بأنه غالبا ما لا تكون لديه القدرة على تمييزها. وفي أحد ديواني شعر الأطفال المطبوعين آلمني أن إخراجه والشكل النهائي الذي ظهر به قد لايناسب الكبار فضلا عن الصغار، بدءا من ازدحام مادته، وتداخل بعض حروفه ببعضها الآخر، ومرورا بتوزيع المواد على الصفحات، بحيث تظهر مقدمة قصيدة جديدة بطريقة نشاز في نهاية قصيدة سابقة، وفي حين يغيب الفهرس عن أحد الديوانين تماما يظهر الآخر بدون أرقام الصفحات. وخلا الغلافين فلا توجد رسوم أو ألوان أو أشكال أو محسَّنات فنيّة داخل الديوانين.أما على مستوى الطباعة والشكل النهائي للمنتج فإن جودتها أقلّ في مستواها ممّا يصدر عن أغلب دور نشر الأطفال في عالمنا العربي. ومجمل ذلك يظلم المضمون الجيد، ويقلل من إقبال الأطفال على هذه الكتب، والجمال لاتظهر روعته إلا باكتمال أركانه وأجزائه. والنقطة السوداء مهما صغر حجمها تظهر في الثوب الناصع البياض. كلّي أمل أن تولي النسخ اللاحقة عناية خاصة لإصدارات الجائزة، وتسعى لتلافي هذه السلبيات، لتتكامل جودة المضمون مع جودة المخرجات، والله من وراءالقصد.

2092

| 23 ديسمبر 2015

استنهاض الهمم في اليوم العالمي للغة العربية

في الثامن عشر من شهر ديسمبر سيكون ملايين العرب على موعد مع اليوم العالمي للغة العربية، وهو مناسبة تثير الكثير من الشجون ، كما يفترض أن تستنهض الكثير من الهمم والعزائم. ورغم أن ما يزيد على‏423‏ مليون شخص يتحدثون العربية‏,‏ وتمثل لغة اثنتين وعشرين دولة‏,‏ ويستعملها بدرجات متفاوتة نحو مليار ونصف مليار مسلم وعربي.. إلا الواقع العملي يدلّ على غربة حقيقية بين العرب ولغتهم الأمّ، وفجوة كبيرة بينهم وبينها على صعيد استخدامها في حياتهم العلمية والعملية، لصالح لغات إفرنجية أخرى وفي مقدمتها الإنجليزية، أو مزيج غريب وشاذ يجمع بين العربية والإنجليزية يسمى " العربيزية" ، أو لصالح العامية على لغتنا الفصحى الجميلة. وأكثر ما تبدو الغربة في مجالي التعليم والتعليم العالي، حيث تكون المناهج ولغة التدريس باللغات الأجنبية، رغم أن المدارس والمعاهد والكليات والجامعات عربية، أو في الفجوة الواسعة بين عدد المستخدمين الذين يتحدثون العربية وحجم المحتوى العربي الرقمي على الإنترنت في الوقت الحالي، والذي لايمثّل سوى ثلاثة في المائة من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي ، وكذلك عند استخدام شبكات التواصل الاجتماعي التي صارت جزءا من حياة الناس . لذا فإن الاحتفاء بالعربية في يوم واحد قد لايكون ذا قيمة إلا إذا كان مناسبة من أجل إعادة الاعتبار إلى لغتنا الشريفة، بحسبانها جزءا مهما من هويّتنا الثقافية، ولأنّها في ماضيها المجيد وتراثها العريق تأتي في مقدمة اللغات التي نجحت بدورها الحضاري الرفيع، وارتقت بأمتنا لتكون قائدة للحضارة والمعرفة على مستوى العالم لقرون عديدة. ولا يكون ذلك إلا بإرادة سياسية ، تكون مسنودة بحاضنة شعبية، ولأن هذه الإرادة العربية غير متوفّرة أو لا ترتقي إلى المستوى المطلوب حتى الآن، فإنّ الرهانات في الفترة الحالية تكاد تكون مقتصرة على المبادرات والحملات والمشاريع التي تلقي حجرا في المياه الراكدة وتحاول أن تخطو خطوة نحو الأمام من أجل تخفيف غربة الأمة وأجيالها عن لغتهم الأم . ولعل أفضل هذه المبادرات تلك التي تضع اليد على مكمن الجرح، وخصوصا لغة التعليم والتواصل الإلكتروني والمحتوى الرقمي على الإنترنت باعتبارها الأكثر شيوعا في الاستخدام، ولتأثيرها بدرجة أكبر على حاضر ومستقبل الأطفال والناشئة والشباب، الذين هم أكثر الشرائح التصاقا بها. وبناء على ماسبق فلابد من الانحياز إلى أي مبادرة تدعم لغتنا العربية ومنها مبادرة " #باكتب_بالعربي" التي تطلِقها شركة سامسونج بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، من أجل الحفاظ على مكانة لغتنا العربية وتعزيز تواجدها في المحتوى الإلكتروني، ولأنها تمتاز بطرح خطوات عملية مبسّطة تسعى لإشراك أكبر قدر ممكن من الشرائح العمرية والجمهور العربي بالحملة والتفاعل معها.

711

| 16 ديسمبر 2015

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2847

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2472

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

1956

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

1551

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1491

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1107

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

828

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

750

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

741

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الشعبوي.. كظاهرة صوتية

من الشيق استرجاع حدث سابق تم تحليل واقعه...

690

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
بعد آخر توقيع... تبدأ الحكاية

ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...

690

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

681

| 04 نوفمبر 2025

أخبار محلية