رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

العدوان على الدوحة.. اغتيال السلام

قطر دولة آمنة ومسالمة، تقود الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وأصبحت ركنا أساسيا في فض النزاعات حول العالم، وسياستها مبنية على قيادة وترسيخ التعاون الاقليمي والدولي، ولها في كثير من الملفات العربية والاقليمية والدولية اليد الطولى، التي تعزز السلام والمصالحة وفض النزاعات، استهدافها بعدوان صهيوني غادر لمحاولة قتل وفد المفاوضات الفلسطيني، يهدد السلم الإقليمي والدولي، ويضرب مصداقية دول وازنة لهذا التوجه القطري مثل الولايات المتحدة. العدوان الإسرائيلي على الدوحة بالغ الخطورة، وله تداعيات محلية، وعدوان على سيادة دولة مستقلة. وهو تحد خليجي مرتبط بمعاهدة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تقر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعاً إن الرد على العدوان يتطلب بالحد الأدنى قطع العلاقات مع الاحتلال، لأن العلاقة مع دولة الشر والإرهاب، إن كانت بشكل وساطة أو تطبيع وتحالف وغيره لا يؤتمن جانبه، واستهداف الدوحة بعدوان على مبانٍ سكنية مدنية، هو إجرام ينسف جهود الوساطة وعملية التفاوض التي ترعاها واشنطن وتستضيفها قطر لوقف إطلاق النار في غزة. إسرائيل ماضية في سلوك إرهاب الدولة على كل المحيط العربي والإقليمي، ويكشف العدوان على الدوحة سقوط كل الأكاذيب والأوهام المتعلقة بإمكانية تغيير دولة الإرهاب جلدها وعظمها، والعدوان على الدوحة باختصار هو عدوان على دولة مسالمة وآمنة، من غير المقبول مع هذا العدوان اجترار لغة وعبارات الإدانة والشجب، بل يتطلب أمرا فوريا لقطع العلاقة وفرض عقوبات على إسرائيل حتى تفهم هذه العقلية الاستعلائية العدوانية الفاشية أن هناك من يستطيع ردعها، والعالم العربي والاسلامي مطالب بحماية أمنه القومي. العدوان على الدوحة هو اغتيال لكل جهود السلام والمفاوضات، ويكشف كم الأكاذيب التي كانت تسوق عن المفاوضات ، هذه لحظة عربية مناسبة للعرب، للوقوف خلف الدوحة وبوجه نتنياهو وحكومته الفاشية، وبموقف موحد عربي وخليجي بمراجعة المصالح بشكل حقيقي وبالحرص ألا تكون المصالح تدعم فاشية لا تستثني أحداً في منطقة ستبقى تمتلك تاريخا وحضارة وإرادة يظن الإرهابي أنه سيكسرها.

177

| 13 سبتمبر 2025

العدوان على الدوحة.. اغتيال السلام

قطر دولة آمنة ومسالمة، تقود الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وأصبحت ركنا أساسيا في فض النزاعات حول العالم، وسياستها مبنية على قيادة وترسيخ التعاون الاقليمي والدولي، ولها في كثير من الملفات العربية والاقليمية والدولية اليد الطولى، التي تعزز السلام والمصالحة وفض النزاعات، استهدافها بعدوان صهيوني غادر لمحاولة قتل وفد المفاوضات الفلسطيني، يهدد السلم الإقليمي والدولي، ويضرب مصداقية دول وازنة لهذا التوجه القطري مثل الولايات المتحدة. العدوان الإسرائيلي على الدوحة بالغ الخطورة، وله تداعيات محلية، وعدوان على سيادة دولة مستقلة. وهو تحد خليجي مرتبط بمعاهدة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تقر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعاً إن الرد على العدوان يتطلب بالحد الأدنى قطع العلاقات مع الاحتلال، لأن العلاقة مع دولة الشر والإرهاب، إن كانت بشكل وساطة أو تطبيع وتحالف وغيره لا يؤتمن جانبه، واستهداف الدوحة بعدوان على مبانٍ سكنية مدنية، هو إجرام ينسف جهود الوساطة وعملية التفاوض التي ترعاها واشنطن وتستضيفها قطر لوقف إطلاق النار في غزة. إسرائيل ماضية في سلوك إرهاب الدولة على كل المحيط العربي والإقليمي، ويكشف العدوان على الدوحة سقوط كل الأكاذيب والأوهام المتعلقة بإمكانية تغيير دولة الإرهاب جلدها وعظمها، والعدوان على الدوحة باختصار هو عدوان على دولة مسالمة وآمنة، من غير المقبول مع هذا العدوان اجترار لغة وعبارات الإدانة والشجب، بل يتطلب أمرا فوريا لقطع العلاقة وفرض عقوبات على إسرائيل حتى تفهم هذه العقلية الاستعلائية العدوانية الفاشية أن هناك من يستطيع ردعها، والعالم العربي والاسلامي مطالب بحماية أمنه القومي. العدوان على الدوحة هو اغتيال لكل جهود السلام والمفاوضات، ويكشف كم الأكاذيب التي كانت تسوق عن المفاوضات ، هذه لحظة عربية مناسبة للعرب، للوقوف خلف الدوحة وبوجه نتنياهو وحكومته الفاشية، وبموقف موحد عربي وخليجي بمراجعة المصالح بشكل حقيقي وبالحرص ألا تكون المصالح تدعم فاشية لا تستثني أحداً في منطقة ستبقى تمتلك تاريخا وحضارة وإرادة يظن الإرهابي أنه سيكسرها.

201

| 12 سبتمبر 2025

اغتيال القائد أبو العبد.. يقظة المتجبر واسترخاء الضعيف

تضج الذاكرة الجماعية الفلسطينية، بطفحٍ هائلٍ من الدم المسفوك لأبنائها وقادتها وأبطالها، واغتيال القائد الوطني اسماعيل هنية "أبو العبد" يضيف لهذه الذاكرة أوجاع عسف عمليات الاغتيال والاستهداف الصهيوني للشعب الفلسطيني وقادته، وتتكثف ذاكرة الدم الفلسطيني في كل محطاته منذ عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني، مروراً بالقافلة الطويلة التي نذكر منها غسان كنفاني وأبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر ومحمود الهمشري ووائل زعيتر وماجد أبو شرار وابو علي مصطفى وأبو جهاد وأحمد ياسين والشقاقي وأبو عمار. بالخسارة الفادحة وبتثبيت الصفة الهمجية والجانب الإرهابي الملتصق بعدو الشعب الفلسطيني، فالعملية الارهابية في طهران التي استهدفت قائداً وطنياً ممارساً لكل ما اقترن بشعارات الانتماء والتواضع، قد نجحت للأسف بالإضافة لخسارتنا الفادحة بالشهيد ابو العبد، اشعرتنا بالمهانة وأصابتنا بالدوار، لأن مدلولاتها تتخطى الخسارة العينية المباشرة، رغم صعوبة اللحظة وفداحة الخسارة. نلاحظ أنه منذ أول عملية اغتيال قام بها العدو الاسرائيلي ضد قيادات فلسطينية وشخصيات ونخب مؤثرة، أنه ينفذ الينا الى عقر دارنا بصعوبة أقل وبخسائر أدنى، والوصول للقادة في المكاتب والبيوت والمخادع أمرٌ لا مكابرة فيه والأمثلة كثيرة، لكن يطرح سؤال لماذا يتكرر ذلك؟ ليس لأن اسرائيل تمتلك امكانات تقنية واستخبارية عسكرية هائلة، وهي تمتلك ذلك فعلا، وليس فقط باستطاعتها اختراق الحواجز والأجهزة والحدود العربية والصديقة، وهي تخترق فعلاً، بل وأيضا لأن ما يقدم لها من فرصٍ على طبق من ذهب بالتراخي عن الحذر والحيطة هو أحد اسباب نجاح العدو بتحقيق أحد أهدافه من وراء عمليات الاغتيال والتصفية للقادة والمقاومين الفلسطينيين. طالما ردد الشهيد أبو العبد أن" الموت علينا حق" وأن قضاء الله سبحانه وتعالى لا راد له، وأن الموت قادم الينا ولو كنا في بروج مشيدة، لا بأس هنا أن يكون القادة عندنا مشاريع شهداء، وهم كذلك في مثال قادة حركة حماس الذين حملوا أرواحهم على أكفهم دون خشية من الموت ولم يتهيبوا التضحية من قادة الصف الأول والثاني الى الكوادر المناضلة، وذلك أمرُ يدعو للإعتزاز والفخر، لكن التساؤل المشروع والمرير لماذا يكون الاغتيال سهلاً الى هذه الدرجة ؟ ولماذا تكون النهاية مأساوية على هذه الصورة، هذا ليس جلداً للذات وتعذيباً للنفس لكنه نقد ذاتي في لحظة صعبة يمر بها الشعب الفلسطيني ومقاومته لتشخيص نقطة ضعف خطيرة، ومن ثم اليست مفارقة عجيبة واقعة الاغتيال لإسماعيل هنية التي قال عنها وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن بأن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد بـ غزة يدفع لتساؤل عن كيفية إجراء مفاوضات فيها طرف يقتل من يفاوضه. العدو القوي والمتفوق نراه دائماَ مشدوداً ومتحفزاً ومستنفراً، لتحين فرصة استرخاء أو طمأنينة من الضحية، والضحية هنا كل فلسطيني يعيش فوق أرضه أو خارجها، والفلسطينيون لم ينتظروا أن يعاملهم عدوهم بحنان أو يقتلهم بلطف أو يمازحهم في ساحة المواجهة، لأن الفلسطينيين وقادتهم في المقاومة لم يختاروا زهد العيش بل اختاروا مصارعة عدوهم والتصدي لفاشيته عن وعي وسابق اصرار، هذا الاختيار جسده كل القادة الكبار الشهداء الذين تضج بهم مسيرة الكفاح الفلسطيني، وأمثولة القائد اسماعيل هنية ورفاقه في حركة حماس وفي الجناح العسكري لكتائب القسام التي تتكلم قليلاً وفعلت كثيراً في " الطوفان" والتي حولت الانفعالات إلى أفعال من تدبير وخطط وتنفيذ بعد كل عملية اغتيال كما هو حال بقية شهداء فلسطين الذين يثرون في حياة أبنائها الإلهام المتجدد والمستمر بالمقاومة. أخيراً، عملية اغتيال اسماعيل هنية، ترتدي قيمة ودلالات خاصة جداً من حيث الزمان أو من حيث الهدف ذاته بأبعاده، ودوافعه ونتائجه المستندة للبنية الأيديولوجية والعنصرية للمشروع الصهيوني بمجموعة عقائد ناظمة تقوم على الضرب الساحق للخصم وتنفيذ إبادته، والتي ترتقي لانعطافة تاريخية تحمل معها أسئلة كثيرة ستثار وتطرح الآن ولاحقاً عن مصير مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة أو منع التصعيد في المنطقة ونحن نشهد عملية شحن تاريخية هائلة تبقي على حالة استنفار روحي وأمني للمجتمع الصهيوني وتبقي على يقظة المتجبر لينقض على استرخاء الضعيف.

975

| 01 أغسطس 2024

فرصة عربية لاستعادة عدالة القضية

كلما مر يوم على العدوان الإسرائيلي على غزة، تبتعد معه المسافة الوهمية الفاصلة ما بين جنون الوحشية الصهيونية، ومحاولات عقلنتها ومواجهتها، فأقل أرقام العدوان تتحدث عن أكثر من 100 ألف ضحية بين شهيد وجريح، مع كارثية الأوضاع على الأرض التي تُواجه بمواقف إنهاكية عن معالجة «الآفة» الاستعمارية الصهيونية في فلسطين، وهذا يحد من التفاؤل الذي تحاول الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية اشاعته لليوم التالي في غزة، بعد القضاء على المقاومة بالحديث عن ضرورة قيام دولة فلسطينية، دون التمكن من الخوض في مسائل جوهرية لإنهاء الاحتلال، فوفق المشهد العربي الجديد المعني نظرياً بما يجري في المنطقة، من غزة والضفة والقدس، إلى اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ومقياساً للآثار الفادحة التي تركها غياب مواقف عربية صلبة توقف العدوان الإسرائيلي، وتبني بعض النظام الرسمي العربي لعدائية واضحة مع الشارع العربي، يعمق ذلك فقدان النظام العربي لقوته الناعمة، والمستحقة الذكر عن المصالح المشتركة والأمن العربي، والتزامه بقضيته المركزية التي يتمسك بها العربي رغم ظروفه القهرية. والتحالفات العربية الباقية بشكلياتها ومجاملاتها، دون الالتزام بما يقال ويصدر عنها، ليس بمقدورها رد الصفعات التي توجه لسياسات دول كبرى ووازنة فيها، بتحويلها لمتلقي إملاءات وشروط إسرائيلية وأمريكية، وتُفضي لبروز خلل جدي في العلاقة التي تحكم معادلتها الإستراتيجية بالقضايا المصيرية، وبافتراق واضح عن مصالح عربية بينية، لا تحكمها العواطف ولا تتحكم فيها التجربة الماضية وحدها، فليس دقيقاً القول إن ما يمس كينونة العرب ووجودهم وهويتهم وقرارهم، قد تخلى عنها الشارع العربي، الذي انشغل في عقده الأخير بالمطالبة بالديمقراطية والتحرر من الاستبداد، ونحن نشهد يقظة الوعي مجدداً بقضية فلسطين وعدالتها على المستوى الدولي، وما بينته الوقائع العربية وإسقاطاته الفجة من قبل القوى الغربية وإسرائيل، أنها قادت لعلاقة مأزومة بين الشارع العربي وأنظمته التي تخسر جوهر القوة الناعمة، إن أرادت امتلاكها والعمل بها طبعاً، لكن للأسف استبدلت بتلقي الخشونة منها بعكس المتوقع والمأمول. عزز العدوان الإسرائيلي على غزة، الخلل العميق الذي يضرب بصورة واضحة وجذرية، مصالح وأهدافا سياسية عربية ثقافية واقتصادية وحضارية للشعب الفلسطيني، والتي تتركز في ميله لانتزاع حريته والتخلص من الاحتلال، بينما يسعى الأخير بدعم أمريكي وغربي فاضح، لتعميق هذا الخلل بضرب مقومات صمود الشعب الفلسطيني وتشويه نضاله ووسمه « بالإرهاب» وتمزيق مظلة حمايته العربية، من خلال إحداث فجوات تطبيع مجاني مع فاشية صهيونية تعمل على إبادة الشعب الفلسطيني، وترفع شعارات طرده من أرضه، وهو مسعى لم يخفه بنيامين نتنياهو بأن القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني ستفتح آفاقاً أوسع للتطبيع في العالم العربي، وهو ما تسوقه الإدارة الأمريكية على هذا الصعيد، بادعاء الحرص على دولة فلسطينية وإقامة سلام، دون التعمق بتفاصيل ما تبقى من هذه الدولة الموعودة، والمهم هنا ليس ما يقوله نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وعميحاي الياهو وكل خلطة الإرهاب الصهيوني، بل ما يفعله النظام العربي لتبديد هذا الخلل والاهتزار في مصالحه وأمنه. هكذا تدور المواجهة بين الشعب الفلسطيني والمشروع الاستعماري لنظام الفصل العنصري الصهيوني، ودون هزيمته لن تترسخ قواعد سلامٍ وأسس للدولة الفلسطينية، باستمرار النظر للقضية الفلسطينية بوصفها حاجزاً يمكن القفز عنه وبصورة كاملة، بعيداً عن الركائز الأساسية والثوابت الرئيسية لحقوق الشعب الفلسطيني، التي ناضل وضحى من أجلها عقوداً طويلة من الزمن، وما دام الصراع قائماً وأساساته موجودة موضوعياً وذاتياً، والحلول المطروحة منذ أوسلو والى اليوم، لم تعالج جوانب أساسية منه، بل جرى تشويهها وترويضها، وإخضاعها بمنطق الطرف الأقوى، فالحديث عن نهاية المطاف بالقضاء على مقاومة شعبٍ تحت الاحتلال حديثٌ غير علمي ودقيق بشواهد كثيرة. وعليه فإن إبراز القيمة الهائلة لعدالة القضية الفلسطينية، بدحر الاحتلال ومقاومته، وبإعادة الاعتبار للقيم الأخلاقية والسياسية التي تمثلها، على غرار مكانتها المستعادة في شوارع غربية وحول القارات الخمس هي فرصة عربية رافعة، لما فيها من إعادة اعتبار وتقريب للمسافة بين مصالح الإنسان العربي والفلسطيني البديهية.

657

| 08 فبراير 2024

عُقدة الجزيرة عند الاحتلال والاستبداد

بقيت قناة الجزيرة الإعلامية، تظفر بمناسبةٍ انتظرها ولامسها العربي منذ انطلاقتها قبل أكثر من ربع قرن، والمناسبة المنتظرة، كانت وأد كل المفاهيم القديمة للإعلام الرسمي العربي، ودوره الذي كان عادياً وجديراً « بالثقة « في مدار تطبيع العقل العربي وتغييره إلى السوي المألوف، الذي يُطلق الشعارات حفاظاً على ما هو مألوف، غير أن للأمر صورته الأخرى وصوته المختلف في قناة الجزيرة القطرية التي غيرت وجه الإعلام العربي واستطاعت تثوير العقل في مواضيعها وبرامجها الأثيرة لربع قرنٍ مضى ومستمر في ردم الهوة الواسعة التي أحدثها الإعلام العربي الرسمي في كل قضاياه. في حدود التغيير الذي أحدثته الجزيرة، من خرق الضوابط والقواعد المقيدة لمعرفة الخبر والحدث وتحليله وتقديمه، كان لافتاً انحياز الجزيرة في العقد الأخير للثورات العربية وقضايا الإنسان العربي في الحرية والتنمية والديمقراطية، لكن بقي الخبر الفلسطيني في الآونة الأخيرة، وتغطية العدوان على غزة بكل مراحله السابقة، وصولاً لـ طوفان الأقصى، ومن على قناة الجزيرة التي استنفرت كل طاقتها ومراسليها وغرفة أخبارها للحدث الفلسطيني وتداعيات العدوان، ومقارنة مع وسائل إعلام عربية ودولية لمتابعتها وتغطيتها، يُعطيها فرادة وتميزا واضحا، جعلت من مشاهديها على امتداد الوطن العربي يتسمرون أمام الشاشة لمتابعة الحدث وتحليله ونقله من مراسليها وضيوفها، حتى الذين ينتقدون الجزيرة من نظرية « المؤامرة» يتابعونها، او من بعض وسائل الإعلام المُقلدة لها بطريقة أخرى وتحمل كلمات التخفف من الشهيد والشهادة ليصبح الفلسطيني « القتيل « صفةً سلبية وقعت عليه قذيفة عادلة، ولأنه استحق عقاباً أداته التهجير والتدمير لأنه اختار أن يكون حُراً . من يعيش عُقدة الجزيرة، في وسائل إعلام عربية كثيرة تناسخت بعض العناوين والبرامج، وطريقة الحضور، مع الاكتفاء بما يجب الاكتفاء به من حيث نقل الحدث أو يوميات العدوان الاسرائيلي على غزة، فشل بشكلٍ مريع بالحفاظ على لغةٍ تحنو على ضحايا العدوان ليصبح من يقاومه طريد الرواية الصهيونية « الإرهاب» في وسائل إعلام عربية تسعى للهروب من الواقع، في هذا التزوير يتوارى اسم الشهيد والمقاوم للعدوان على أرضه ويكون البديل مجموعات « المسلحين « في لغةٍ عربية فقدت دلالات كلماتها عندما وقع عليها رصاص الاستبداد وأرداها قتيلةً، هذا الانتقال المأساوي في التغطية الإعلامية العربية بمواجهة الجزيرة، يؤكد التطور المعاق لوسائل إعلامية تماهي حضور التغطية الغربية والإسرائيلية للوقائع العربية والفلسطينية، ومن دون إضافة نوعية للإجابات التي قدمتها شبكة الجزيرة طوال أكثر من ثلاثة أشهر ونصف من بدء العدوان، وربع قرنٍ من الاقتراب من الانسان العربي والقبض على أسئلته وقراءة وضعه وتاريخه. مهما كان شكل النقد الموجه لقناة الجزيرة، بسبب مقايسة خاطئة لا تميز بين النقد والهجوم، فإنها تندرج تحت سياق الهجوم على من يرعاها «دولة قطر» في اشكالية عامة ونمطية السؤال عن الدور و « الحجم» للدولة، لا عن الموروث التنويري العربي للإعلام، الذي يفتش عن الإجابات المحتملة بعيداً عن الزمن الخانق الذي حاصر فيه الإعلام الرسمي الواقع وإجاباته المحتملة، ومن دون تدقيق كبير في الفوارق الجوهرية الذي استغرقه الانبهار الرسمي بالحضور على شاشات وصحف غربية تنظر للعربي باستعلائية مريضة، استطاعت الجزيرة تبديدها بالتحرر من مراجع قديمة والانفتاح على مراجع واسعة في الميدان وفي الشوارع والبيوت العربية، وجعل من بعض مراسليها وصحفييها أيقونات إعلامية وإنسانية في العالم العربي والغربي وجعلها هدفاً مشتركاً للاحتلال والاستبداد. على ضوء كل ذلك، يبقى سؤال منافسة الجزيرة اليوم زائفاً، لأن الجوهري في الإعلام كما أظهرت تجارب عديدة خاضتها الجزيرة في التغطية الحصرية والمباشرة للعدوان على غزة وللخبر الفلسطيني، ومن قبل في تغطيتها المميزة للثورات العربية وبقية الأحداث والقضايا، أن الشفافية والموضوعية وحدهما لا يحققان تميزاً وإبداعاً دون تراكم أخلاقي وانساني، وهما عنصران مدلولهما العميق في جعل الإعلام كيانا فاعلا في مجتمعات جديدة مع سلطات متحررة من عُقدة الجزيرة المراكمة لشروط الإنسان الطليق والمتحرر.

456

| 03 فبراير 2024

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5058

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

4437

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3696

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2799

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2361

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1518

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1071

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1005

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

978

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

954

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

846

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

825

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية