رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

كل ما يفعله السائق الأوكراني مخالفة

في أوكرانيا قد تكون المسافة من بيتك إلى مكتبك 3 كيلومترات، ولكنك تقطعها في ساعتين، والسبب في ذلك هو يقظة رجال المرور، فما أن يتحرك شخص ما بسيارته في الثامنة صباحاً بضعة أمتار حتى يوقفه شرطي مرور، ويسأله: لماذا مصابيح سيارتك مضيئة والدنيا صباح والشمس مشرقة؟ فيحتار صاحبنا ويكاد يقول له: هذا أمر لا يخصك، ثم – يا غبي – هذه سيارة تضيء مصابيحها أوتوماتيكيا بمجرد أن يدور محركها؛ ولكنه يعرف أن التحرش بالشرطة الأوكرانية ضرب من الحماقة، فيقول مبتسماً: يبدو أنني أشعلت المصابيح سهوا! فيقول الشرطي: ولو! هذه مخالفة لقوانين المرور وإهدار للطاقة! وتشكل خرقا لمعاهدة كيوتو للحفاظ على البيئة، فيقول السائق: لا حول ولا قوة إلا بالله، يا حضرة الضابط لم أسمع في حياتي أن أترك مصابيح السيارة مضيئة في أي جزء من اليوم مخالفة في أي مكان في العالم، ثم أن دونالد ترمب قال ان معاهدة كيوتو كلام فارغ؛ هنا يشتعل الشرطي غضباً: هل تعتقد أنك تفهم القانون أحسن مني يا جربوع يا حمار؟ تدفع الغرامة أم أسحب سيارتك إلى ساحة البلدية لتدفع فوق الغرامة مبلغاً ضخماً للإفراج عن سيارتك؟ فيسأل المسكين عن الغرامة فيقول له مثلاً: 60 روبل (عملة أوكرانيا الجديدة اسمها هرفنيا أو شيء من هذا القبيل)، فيتوسل إليه الرجل: خليها 30، فيبلغه الشرطي: خلاص 40، هذا آخر كلام عندي. ويضع الشرطي الغرامة المزعومة في جيبه، وينطلق الرجل بسيارته بعد أن يتأكد من أنه أطفأ مصابيح السيارة، ولكن وبعد أن يقطع 209 أمتار يوقفه شرطي: لماذا مصابيح السيارة مطفأة؟ ج: لأن الدنيا صباح والشمس مشرقة؛ بلاش فصاحة، لازم المصابيح تكون مضيئة لأنه من المفترض حسب النشرة الجوية أن يكون هناك ضباب؛ ولكن كما ترى يا حضرة الضابط فإنه لا يوجد ضباب والرؤية مائة في المائة، ويثور الشرطي: هل تفهم في أمور الطقس أحسن من الحكومة التي تدير مصلحة الرصد الجوي؟ بلاش وقاحة وادفع غرامة عدم إضاءة مصابيح السيارة صباحاً، وإلا سأسحب سيارتك إلى ساحة البلدية... هنا يقاطعه الرجل: متأسف جداً، خذ.. هذه ثلاثون روبل، هي كل ما عندي، فيقول له الشرطي سأقبل بهذه الغرامة الهزيلة تقديراً لظروفك.. يللا تحرك.. ويتحرك صاحبنا.. وعندما يصل إلى الإشارة المرورية يوقفه شرطي: لماذا تخالف القانون بركوب سيارة حمراء؟ والله ما عندي فكرة وهناك نحو تسع سيارات حمراء تقف أو تسير من حولنا في هذه اللحظة.. ثم إن السيارة جاءت حمراء من المصنع وقد اشتريتها من وكيلها الأوكراني وهي حمراء، ولو كان ذلك ممنوعاً لما سمحت له الحكومة باستيرادها!. شرطي المرور الأوكراني لا يحب «الفلسفة» ويخرج عصاه من جرابها: ألا تعلم أن الشيوعية انتهت في أوكرانيا؟ هل تريد أن تتحدى الإدارة الشعبية بركوب سيارة بلون الشيوعية؟ تدفع الغرامة أم نسحب سيارتك إلى ساحة البلدية. يخرج صاحب السيارة محفظة نقوده ويهزها أمام الشرطي ليؤكد له أنها خاوية وتغشى الشرطي نوبة من الإنسانية و «الحِنِيَّة» ويقول للرجل: هات الساعة وروح لحالك. وهكذا لم يكن أمام الرئيس الأوكراني من حل لمعضلة فساد شرطة المرور سوى تسريح كل قوة شرطة المرور في البلاد، وحدث هذا قبل نحو سنتين، ولنحو عام كامل بعدها لم يكن في أوكرانيا شرطي مرور واحد مما جعل حركة المرور تنساب في سلاسة وانضباط. وصار السائقون يتفقون على تسوية حالات الاصطدام بين السيارات وديا، بأن يعترف الطرف المخطئ بخطئه، وصارت شركات التأمين تحترم تلك التسويات. في بعض الدول الأفريقية تستطيع أن تدعس وتسحل وتفرم تسعة أشخاص بسيارتك على مشهد من الملأ وفي أكثر الشوارع ازدحاما بالبشر والسيارات، وإذا كنت تعرف الأصول تظل جالسا في سيارتك الى أن يأتيك الشرطي، فتعطيه حزمة من الأوراق المالية فيقوم المسكين بإلقاء جثث الضحايا أمام سيارات أخرى، أو على الرصيف ويقيد الحادث ضد مجهول. jafabbas19@gmail.com

2169

| 27 يوليو 2019

كاد يقتلني ولكنه مظلوم

مررت قبل سنوات قليلة بتجربة التحديق في عيون الموت، لدرجة التجمد والتبلد من الخوف، فقد كنت أسير بسيارتي في شارع رئيسي عندما فوجئت بشاحنة ضخمة آتية من طريق جانبي، وتندفع نحو سيارتي بسرعة عالية، لا أعرف كيف نجوت من الهرس والسحل، فقد كان حجمها كفيلاً بسحق سيارتي وعظامي، لكنني أذكر أن عدة سيارات من حولي ولولت وانعطفت ذات اليمين واليسار، وشاء الله ألا ترتطم أي منها بأخرى. أوقفت سيارتي في منتصف الطريق وجلست بداخلها أرتعد كمن أصيب بإنفلونزا الدجاج والشلل الرعاش في آن، ورغم الذهول كنت متعجباً من أن هناك سيارات أتعس حالا من سيارتي بدليل أنها تحرشت بها، ثم انتبهت إلى أن شرطياً ينظم المرور حول سيارتي التي كانت تقف في منتصف الطريق، فقد أدرك الرجل أنني في حالة لا تسمح لي حتى بالسير على القدمين، وتركني أسد جزءاً من الطريق الرئيسي، وبعد قليل نزلت من السيارة وجلست على الرصيف فقاد الشرطي سيارتي وأوقفها جانباً، ثم أتاني مبتسماً: يا زول سلامتك.. الحمد لله ما صار شيء. عندها فقط تحسست أجزاء جسمي وتأكدت أنه «ما صار شيء»، ورفعت عيني كي أشكر الشرطي فوجدت الشاحنة تقف على بعد خطوات من مكان جلوسي، فتوجهت نحوها والشر والشرر يتطايران من عيني، ولحسن حظي كان سائقها ضخم الجثة، ولو صدم سيارتي بجسمه لهشمها تماماً، وكان هو أيضاً يرتعد.. وقفت محدقاً فيه ثم انضم إلينا الشرطي وشرع في تحرير مخالفة مرورية له. مد سائق الشاحنة أوراقه إلى الشرطي دون أن يقول كلمة، وبعد أن صمت دهراً قال: أنا في واجد متأسف.. أنا في يشتغل عشرين ساعة بدون بريك (فترة راحة).. والله أنا ما يعرف شارع كبير ولا شارع سقير (صغير).. متل مجنون أنا يروح سيدا وما يشوف سيارة مال أنت.. بس الله كريم.. ما في سوي دعم (صدم)، قلت للشرطي: هل تسامحه إذا سامحته أنا؟ قال: بالتأكيد؛ أنا أصدق ما قاله عن السواقة المتواصلة لعشرين ساعة، ثم طبطب على ظهر السائق بما يفيد عدم وجود مخالفة، وقال للسائق: خلاص خان روح.. توكل على الله.. نزل الرجل من السيارة وصافحني معتذراً مجددا ثم أغلق باب السيارة بالمفتاح وأوقف تاكسياً وانطلق به، وقال لي الشرطي إنه سعيد بعدم تسجيل مخالفة على ذلك السائق «فها هو من هول ما جرى يؤكد عجزه عن قيادة شاحنته ويتركها ويستقل سيارة تاكسي!». إذن من كاد أن يتسبب في موتي لم يكن سائق تلك الشاحنة، بل صاحب الشاحنة، أو مدير الشركة/ الجهة التي تملك الشاحنة فهو رجل لا يعرف قلبه الرحمة وإلا لما أرغم ذلك المسكين على أن يبقى خلف عجلة القيادة لنحو يوم كامل حتى فقد الإحساس بالزمان والمكان، والمعروف أن الحرمان من النوم من أقسى أنواع التعذيب الذي يتعرض له السجناء السياسيون، فبعد أن يظل الواحد منهم مستيقظاً بسبب الضجيج والأضواء الباهرة والرش بالمياه المثلجة لنحو ثلاثة أيام يدخل مرحلة الهذيان ويعترف بمسؤوليته عن مقتل جون كينيدي وجيفارا وجمال عبد الناصر وسعاد حسني والمتنبي، فالمحققون يريدون أي اعتراف «يبيض وجوههم» أمام كبار المسؤولين، وعلى كل حال فالحمد لله جاءت سليمة، وسلمنا الله وإياكم من المحققين ومن غوانتنامو التي ليس فيها شيء من الجزء الأخير من اسمها «نامو». (سمعت تفاصيل التعذيب بالحرمان من النوم من الصديق سامي الحاج الذي كان نزيل فندق غوانتنامو لـ8 سنوات، فصرت كلما استيقظت من النوم أدرك أنه من أكبر النعم). وبالمناسبة فإن الأطباء من أكثر المهنيين تعرضا للظلم ففي كل مستشفى فإن نصف الأطباء تقريبا قد يعملون لأربع وعشرين ساعة أو أكثر متصلة، وهم من ينصحوننا بالنوم ما بين ست وثماني ساعات يوميا على الأقل، بارك الله فيكم لأنكم تريدون لنا أن ننعم بشيء أنتم محرومون منه.

909

| 05 يوليو 2019

حمير فيها خير

سامحوني فقد كان آخر مقالي هنا كله نهيق حمير، تعرضت للذبح ودخلت بطون البشر، وقد ظللت لسنوات طويلة أكتم سراً شخصياً تفادياً لتعريض نفسي للسخرية والتنكيت، ولم أجد الشجاعة للبوح به إلا قبل نحو عشر سنوات، ثم كتبت عنه مرارا، وعن كيف أن لي إخوة من الماعز في الرضاع، لأنني كنت وأنا فوق الخامسة أقاسم سخلة (بيبي المعزة) لبن أمها شفطة بشفطة، والسر الذي تكتمت عليه حينا طويلا من الدهر، هو أنني أصبت وأنا في نحو السابعة بالسعال الديكي، وكان في بلدتنا مركز صحي يعاني من سوء الحالة الصحية، وليس فيه من الأدوية سوى ستة أنواع، لم يكن بينها دواء للسعال الديكي، ومع هذا تعافيت من هذا المرض المزعج بسرعة، فقد سقتني أمي لبن أتان (أنثى الحمار) ثلاث مرات يومياً لمدة يومين متتاليين وصرت مثل الحصان. أليست معجزة أن تشرب لبن الحمار فتصبح مثل الحصان؟ طبعاً لم أعد أتحرج في الاعتراف بشربي لبن الحمير بعد أن عرفت أن مواطني العديد من الدول العربية أكلوا لحوم الحمير حتى بغير مرض. ثم قرأت حكاية السيدة ماريا استير هيريديا ليكارو من إكوادور بأمريكا الجنوبية التي تعتبر أطول الناس عمراً على وجه الكرة الأرضية، إذ تجاوز عمرها 116 سنة، وقالت إنها تعزو تمتعها بصحة جيدة لكونها تعيش على لبن الحمير. ركّز معي أيها القارئ: أبو الجعافر وكثيرون من أقرانه تعافوا من السعال الديكي بشرب لبن الحمير، والست ماريا عاشت أكثر من قرن كامل لأنها تشرب لبن الحمير بانتظام! فهمت قصدي؟ اللهم طوّلك يا روح!! طيب، إنفلونزا الطيور على الأبواب ومن أسوأ أعراضها السعال. فهمت؟ يعني عليك بالمبادرة بشراء حمار أنثى، وتخصيص غرفة مكندشة له تحسباً لتلك الإنفلونزا، وعليك الشروع فوراً في شراء الحمارة! لماذا؟ لأنه بمجرد أن يسمع الأغنياء أن لبن الحمير يطيل العمر سيهجمون على أسواق الحمير ويصير سعر الحمارة في سعر السيارة بي ام دبليو، فكلما ازداد المرء ثراء إزداد تشبثاً بالحياة، بل قد تقوم شركة تحمل اسم (الشركة المتحدة للحمير) وتطرح أسهمها في البورصة، وعلى مسؤوليتي حاول شراء أكبر عدد من أسهم تلك الشركة لأن ربحها مضمون. طبعاً عيب أن تناقش شؤون أسهم الحمير مع الأهل والأصدقاء. يعني تكون المسألة «كتّامي»، من تحت لتحت، حتى وأنت تعرف أن من هم حولك أيضاً من حملة الأسهم الحميرية، وبعد كذا سنة سيصبح امتلاك قطيع من الحمير مدعاة للتباهي والتفاخر وستجد في كل فيلا أنيقة (كراجاً) للحمير وحلاقاً للحمير ودادة للحمير و»بامبرز» للحمير. وأعرف أن بعض الحاقدين يشككون في قواي العقلية، ولكنني أعلن بضمير مستريح وبكل ثقة أن الجبن المصنوع من لبن الحمير هو الأغلى في العالم، وإذا كنت سائحا في أوروبا وعاشقا للجبن واشتريت وأكلت في مدينة أوروبية جبنا يحمل اسم بيول pule فأعرف أنك أكلت من انتاج ثدي / ضرع حمارة، وأفضل أنواع الأجبان الحميرية تلك التي تصنع من ألبان حمير الصرب في البلقان، وتبلغ قيمة الكيلوغرام الواحد من هذا الصنف من الجبن أكثر من ألف دولار، لأن عشرين لتر لبن حمير تنتج كيلوغراما واحدا من الجبن. ولو زرت سانتياغو عاصمة جمهورية تشيلي في أمريكا الجنوبية فستألف عيناك مشهد أشخاص يتجولون في الشوارع بحميرهم فيوقفهم الزبائن ويطلبون أكواب فريش / طازة من لبن الحمير فيجلس صاحب الحمار على الرصيف ويحلب اللبن في أكواب يباع الواحد منها بنحو ثلاثة دولارات. وأقول للطلاب وصغار الموظفين: لا تزعلوا إذا وصفكم المدرسون والمديرون بالحمورية، فالحمار عزيز وغال لمن يعرفون قيمته واللي ما يعرف الصقر يشويه، واللي ما يعرف الحمار يركبه.

3674

| 28 يونيو 2019

الخصام الراقي علاج ناجع

تزوجت أنجيلا بـ «أولي نيوستاتر»، قبل ثلاثين عاماً، أنجبا خلالها ولدين تجاوزا الآن الخامسة والعشرين وصار لكل منهما عائلته الخاصة، وفي مقال كتبته في «الديلي ميل» البريطانية تقول أنجيلا إنها أحست في السنوات الأخيرة أنها وزوجها غير متوافقين في أمور كثيرة، فهي (وبعكس معظم النساء) لا تحب النظام، ولا يهمها كثيراً أن يكون البيت مبهدلاً وغير مرتب، ولكنها في النفس الوقت تحب تنظيم الحفلات في بيتها لأنها تحب الهيصة والفرفشة والنعنشة والثرثرة والنميمة، وبالمقابل فإن زوجها مرتب ومنظم في كل شيء، ودقيق في مواعيده وعمله، ولا يحب الحفلات والضجيج ويفضل تمضية وقت الفراغ أمام التلفزيون أو الكمبيوتر، وهكذا بدأت أنجيلا في النقنقة والطنطنة وهي موهبة نسائية محضة: أنت مش فاضي لي... وجودك في البيت مثل عدمه.. يلعن أبو الكورة على أبو اللي يتفرج عليها.. أنت لا تهش ولا تنش؛ قطيعة تقطع الكيبل والدِش، وجالس نصف وقتك مثل التنبل على الإنترنت أو التلفزيون تطالع شن سموها!! ويوماً بعد يوم ظلت الولية تولول اي تواصل ذلك الموال إلى أن التفت زوجها «أولي» نحوها ذات يوم وقال لها: أنا أيضاً لم أعد أتحمل سخافاتك وحماقاتك وثرثرتك، وشكواك من كل شيء ما عدا صديقاتك الهايفات مثلك، والإنترنت أحسن منك ومن اللي خلفوك لأنه لا يتكلم إلا بما يُطلب منه، والتلفزيون لا يطالب المشاهد بالرد على ما يصدر منه!! تقول أنجيلا إنها ما أن سمعت تلك الكلمات حتى دارت الأرض بها وأحست بالمهانة: أنا بنت أبوي يشتمني هذا الرجل أبو حال «مائل»؟ (عبارة أنا بنت أبوي التي تقال للفخر، في منتهى العباطة لأن كل إنسان في الدنيا ابن أو بنت أبيه، حتى لو كان الأب «مجهولا»)؛ والله لأطربق الدنيا على دماغه؛ وكخطوة أولى في مشوار الطربقة سألته: ما هو اقتراحك لفك الاشتباك بيننا؟ تعترف أنجيلا بأنها ندمت على السؤال، خوفا من أن تكون الإجابة هي الطلاق، ولكن «أولي» أثبت أنه ابن أصول، وقال لها ببرود: كل حي يروح لحاله، يعني أنت تقيمين في الطابق العلوي من البيت، وأنا أقيم في الطابق الأرضي؛ وفي اليوم التالي كان قد أحضر البنائين لإقامة مدخل منفصل يؤدي إلى الطابق العلوي، واستغرق تقسيم البيت قرابة العام، وانتقلت أنجيلا بعد ذلك إلى الطابق العلوي و... كانت النتيجة أنهما صارا يقضان أوقاتاً أطول مع بعضهما البعض، فإما تهبط هي بالسلم الداخلي إلى الطابق الأرضي لزيارته فيعد لها الشاي أو الفطائر، وإما يصعد هو إليها، ويجلسان يتآنسان بدون مناكفات أو عتاب، وهكذا انتهى الصدام الذي كاد أن يؤدي إلى طلاق بينهما. لم أسرد هذه الحكاية لأنني معجب بالحل الذي توصل إليه الزوجان، وليس لأنني متعاطف مع هذا الطرف أو ذاك. ولكن لتأكيد حقيقة أن صمود الزواج لسنوات طويلة لا يعني أنه خال من المشاكل، فالمرأة قد لا تتخلى عن النقنقة حتى لو كانت كل رغباتها وطلباتها مجابة، إذا وجدت الزوج الذي يصغى إليها، والرجل لن يكف عن أنانيته واعتبار أنه «حر»، حتى لو كانت تلك الحرية على حساب زوجته، وهو لا يعتبر جلوسه أمام التلفزيون والإنترنت، بل وممارسة الونسة والسوالف/ «التشات» مع أناس لا يعرفهم لساعات طويلة، لا يعتبر أن في ذلك ما ينبغي أن يغضب الزوجة، ونفاجأ بين الحين والآخر بأن كوثر وعنتر تطلقا على الرغم من أنهما كانا «مثالاً» للتفاهم طوال ربع قرن، فهناك حاجة إلى توازن قوي عاطفي ليستمر الزواج: المرأة «تخف شوية» عن الزوج،... والزوج يكون «عنده دم» ولا يتعامل مع زوجته كأنها مجرد «أمر واقع».. و»يكفي أننا نعيش تحت سقف واحد»! أقول هذا وأنا أرجو من الله ألا يقع هذا المقال في يد زوجتي كي لا تقف في وجهي هازئة: كمان عندك وجه تنصح غيرك؟ jafabbas19@gmail.com

2129

| 30 أبريل 2019

البلبطة والتفحيط معاً

شهدت منطقة الدوكلاندس في لندن قبل أيام قليلة حدثاً تاريخياً يهم قطاعات كبيرة من أبناء أمتنا البواسل، ففي ذلك اليوم دخل النيوزيلندي ألن جيبس التاريخ باختراعه الجديد، وجيبس هذا ديبلوماسي متقاعد، ولم يفعل ما يفعله جماعتنا الذين يعتقدون أن التقاعد يعني اكتساب المهارات في طاولة الزهر والدومينو والبلوت والكنكان، وتخصيص سبع ساعات يومياً لسب الدهر الذي حرم الوطن من خبراتهم وسلم مقاليد الأمور في الوزارات والشركات لشباب «طائش لا يعرفون كوعهم من بوعهم»! بالمناسبة فإنني لم أقابل قط شخصاً يعرف كوعه من بوعه، وعلى وجه الدقة لم أجد من يعرف ما هو البوع! وسألت القراء مرارا أن يدلوني أيضا على موقع الكراديس في الجسم، في قولنا إن فلان ضخم الكراديس، وما هو مفرد كراديس؟ كردس؟ وهل يجوز ان نقول عن فلان إن لديه كردس ضخم وآخر هزيل؟ على كل حال فإن النيوزيلندي جيبس كرس سبع سنوات من عمره، ونحو 30 مليون دولار استدانها من مختلف المصادر، لتصميم أول سيارة برمائية حقيقية قابلة للتداول والتسويق؛ والسيارة التي تحمل اسما طويلا يسبب نطقه التهاب الأذن والأنف والحنجرة، وهيجان القولون، يرمز إليها اختصار بـ «اتش. أس إيه» وتعني المركبة البرمائية فائقة السرعة، وهي قادرة على السير في الطرق العادية بسرعة 180 كيلو متراً في الساعة، ثم تدخل بها الماء وتضغط على زر معين، فتنسحب العجلات والإطارات إلى أعلى، ويقوم جهاز نفاث بشفط الماء ودفعه خارجاً بقوة تجعل المركبة تتهادى كالعروس ذات فستان الزفاف طويل الذيل، بسرعة 50 كيلو متراً فوق الماء. والسيارة ليست بها أبواب، وجسمها كتلة واحدة متماسكة منعاً لتسرب الماء إليها، مما يعني أن ركوبها يستوجب القفز فوق حوافها للجلوس بداخلها، يعني إذا كان مقاس خصرك أكثر من 36 بوصة فانس الموضوع!! وتخل عن التطلعات البرمائية!! (للمرة ال87635242 يا جماعة لا تكتبوا «لا تنسى ذكر الله»، في سياراتكم بل «لا تنس ذكر الله»، فاللام حرف جزم ولا يقبل حروف العلة في آخر أي كلمة يدخل عليها، وإذا لم تكن تعرف حروف العلة، فأنت تعاني من علة لغوية، وليس عليك من حرج أكثر من ذلك). يعني من حيث التصميم فإن السيارة البرمائية شبابية ولا تكلف أكثر من 85 ألف دولار (يا بلاش)، وتخيل أنك في العاصمة القطرية، الدوحة على متن سيارتك «اتش أس إيه»، وكنت تلف بها بسرعة جنونية لتثبت أن الأرض كروية، وطاردك شرطي مرور، كل ما عليك في هذه الحالة هو أن تبتسم في وجهه، وتنطلق صوب البحر في اتجاه إيران مثلا؛ طبعاً ليس من الوارد أن يكون هناك تنسيق بين شرطة المرور في البلدين! ولكن ومن باب اللعب ع المضمون وحتى تتفادى الشرطة في البلدين عليك أن تقود سيارتك إلى منتصف المسافة بين البلدين، أي تقف في المياه الدولية ولن يتجرأ أي شرطي من الاقتراب منك لأنك ستصبح سائق أوفشور، وهب أنهم تآمروا عليك و»صادوك» وأنت في عرض البحر! ولا يهمك! لن يستطيع الشرطي أن يسجل لك مخالفة بتهمة قيادة السيارة داخل الماء لعدم وجود مادة في القانون تمنع ذلك!! هل سمعت عن مركب سجلوا عليه مخالفة إشارة أو سرعة أو «تخطي من اليمين»؟ وبالمناسبة هل تعرف أنه لا توجد أي مادة في أي قانون للمرور في أي بلد عربي تمنع قيادة دبابة في الطريق العام!! القانون مليء بالثغرات وفي ذات عام كانت هناك محاولة انقلابية فاشلة للإطاحة بحكومة جعفر نميري في السودان وبعد قمع المحاولة تم فرض حظر التجوال منذ الساعة السادسة مساء، وحتى الخامسة صباحا، وفي نحو التاسعة مساء عثر الجنود على محام معروف مستلقياً على الحشيش في الحديقة المقابلة للقصر الجمهوري في الخرطوم وصاحوا في وجهه: يا زول.. أنت ليه قاعد هنا؟ مش عارف إنه في حظر تجوال؟ فقال لهم بكل برود: عارف... ولكنني راقد ولا أتجول. jafabbas19@gmail.com

850

| 09 أبريل 2019

متفوقات رغماً عن أنوفنا

عشت في منطقة الخليج سنوات أطول من تلك التي عشت فيها في وطني، ومعظم تلك السنوات في قطر، لدرجة أنني أعرف تضاريس الدوحة أكثر من معرفتي بتفاصيل الخرطوم، وكتبت مرارا، وسأظل أكتب عن اعجابي المتنامي بالمرأة القطرية، بسبب القفزات التي حققتها في المجالات الأكاديمية، أولا ثم العمل العام في السنوات العشرين الأخيرة، ورغم نفوري من الامتحانات كطالب ومدرس وأب، إلا أنني أحرص على متابعة نتائج الشهادة الثانوية العامة عاما بعد عام، وكما أتوقع، لم «تفشّلني»، الفتيات القطريات قط، فقد انفردن بالسيطرة والسيادة في الساحات الأكاديمية، بينما سيطر بعض الفتيان على المولات ومجمعات التسوق والشوارع التي تعينهم على إثبات قلة العقل بالدوران بالسيارات تحدياً لقوانين المرور وقانون الجاذبية، فنتائج الجامعات والشهادة الثانوية تؤكد أن الفتيات أكثر جدية وأفضل استيعاباً من نظرائهن الفتيان، ومن المعلوم أننا نفسد أولادنا بإعطائهم هامش حرية مفتوحا منذ دخولهم مراحل المراهقة، والحرية هنا ليست حرية التفكير والتعبير، بل حرية الصياعة والصرمحة، بينما تعيش البنت في ظل قوانين الطوارئ حتى تدخل بيت الزوجية، وإذا كان الزوج عنتريا فإنها تعيش في ظل الطوارئ من المهد الى اللحد، ويكون متنفسها التفوق الدراسي أو المهني إذا أتيحت لها فرصة العمل المناسبة. وقد أثبت العلم الحديث أن دماغ المرأة به خلايا عصبية أكثر تجعلها متفوقة في القراءة والتحدث، ويفسر هذا لماذا ننهزم نحن الرجال في أي حوار مع زوجاتنا، ونضطر إلى اللجوء إلى البلطجة اللفظية والجسمانية لتغطية إفلاس منطِقِنا، وفوق أنها تتمتع بنظام أفضل للإرسال، فإن أنظمة الاستقبال (السمع) عند المرأة تتميز أيضاً بالكفاءة، ولهذا تكون غارقاً في النوم وزوجتك تشخر بعد أن سدت الكبسة قنوات التنفس لديها، وفجأة تضربك على صدرك بقوة لأنها سمعتك وأنت تحلم وتهذي بأشياء تثبت أن عينك زائغة، ويصعب عليك نفي التهمة عن نفسك، بينما هي قد تسجل هذيانك في هواتف آخر الزمان وتقدم لك دليل إدانتك. وتبدأ حاسة السمع عند الرجل في التدهور في نحو سن الـ 32، بينما تبقى أُذن المرأة فعالة حتى الأربعين، والإصابة بعمى الألوان بين النساء قليلة، ولهذا فإن ذوقهن في اللبس أفضل، ولولا أن زوجتي تضحي بجزء من ساعات نومها لاختيار ملابسي قبل خروجي للعمل، لأصبحت أضحوكة في مكان العمل بسبب عمى الألوان وفساد الذوق الذي يجعلني ارتدي زوجين من الأحذية «كل واحد من بلد»! كما أن المرأة بحاسة شم حادة، وذات مرة أصبت بدوار بعد وصولي إلى مكتبي بقليل، فهرع زملائي لنجدتي، ووضعت إحدى الزميلات عطراً على أنفي ووجهي (بينما كان الزملاء الذكور يبحثون عن بصلة)، واستعدت الوعي في المستشفى، ثم واصلت العمل لـ 8 ساعات ثم عدت إلى البيت، وكانت أم الجعافر في المطبخ الذي كانت تفوح منه رائحة سمك مقلي، فإذا بها تصيح: أين كنت يا قليل الحياء؟ كمان جاي معطّر؟ كدت أن أدخل في غيبوبة ثانية وشرحت لها ما فعلته الزميلة عندما فقدت الوعي لبعض الوقت، وأبرزت لها ورقة تثبت أنني كنت في المستشفى فعفت عني مشكورة. وهرمون الإستروجين يجعل مفاصل المرأة أكثر مرونة، ولهذا تستطيع أن تتجول في السوق لست ساعات يومياً، طوال أسبوع كامل لإجراء دراسات مقارنة، توطئة لشراء طرحة بخمسة ريالات مثلاً، كما أن قناة المرأة الهضمية تعمل ببطء أكثر مما يتيح لجسمها وقتاً أطول لامتصاص المواد المغذية، ولهذا السبب فإنه لا تصدر عنهن أصوات «باااااع» النشاز التي تلازم الرجال بعد كل وجبة، وفي هذا الصدد أيضاً لابد أن نذكر أن النساء أفضل رائحة من الرجال حتى دون عطر، لأنهن أقل إنتاجاً للعرق بسبب قلة غددهن العرقية، ولهذا تجد أن رائحة امرأة تطبخ الفسيخ، أفضل من رائحة رجل يطبخ جلي الفراولة!. Jjafabbas19@gmail.com

1205

| 19 مارس 2019

الأمومة ليست دائماً صك حب على بياض

بعد جهود مضنية، عثرت الشرطة في مدينة ليدز بإنجلترا على الطفلة شانون ماثيوز، وكان البحث عنها برا وجوا قد استغرق 24 يوما، أنفقت الشرطة خلالها أكثر من ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، وكان من الطبيعي أن يتعاطف الملايين مع أم البنت المفقودة واسمها كارِن ماثيوز التي كانت طوال أكثر من ثلاثة أسابيع في حالة انهيار تام، وهي تناشد الناس عبر وسائل الإعلام ان يساعدوها على العثور على بنتها الحبيبة ، صحيفة ذا صن وحدها رصدت جائزة قدرها 70 ألف استرليني لمن يعثر على شانون، في حين كانت الجائزة المعروضة من قبل الشرطة لنفس الغرض 35 ألف إسترليني، وتدافع الجيران لمواساة الأم والتخفيف عنها ونظموا حملات تفتيش شارك فيها الآلاف الذين جابوا كل شبر في المنطقة التي يرجح ان شانون اختفت فيها. عثرت الشرطة على شانون بنت التسع سنوات في شقة في ضاحية في مدينة ليدز، وكانت وقتها مربوطة بحبل يتدلى من السقف، يسمح لها بالوصول إلى مختلف أنحاء الشقة ما عدا الباب الخارجي، وعند نقلها إلى المستشفى، اكتشفوا أن جسمها يحوي جرعات عالية من العقار المهدئ (فاليوم). واتضح ان من اختطف شانون واسمه مايكل دونوفان هو خال «صديق/عشيق» أمها كارن ماثيوز، ولكنه فعل ذلك بأوامر منها؛ خلي بالك: أوامر وليس «رجاء» من الأم التي قالت له: تخطف بنتي شانون في يوم كذا في طريق عودتها من المدرسة، وما لم تفعل ستتعرض للقتل، ولو نجحت في اختطافها «ينوبك من الطيب نصيب» لأن المسألة فيها فلوس، وكانت تلك المرأة الحقيرة تدرك أن الناس يتعاطفون مع ذوي الأطفال المختطفين وأنها ستربح من العملية بطريقتين: تأتي التبرعات لتقوم هي بعمليات بحث بواسطة مخبرين خاصين؛ ثم – وفي توقيت معين – تأتي المرحلة الثانية حين يجعل مايكل الذي قام بالخطف، شانون تسير وهي مخدرة أمام متاجر بها كاميرات فيديو في واجهاتها، ثم يدخل هو في الصورة و»يتعرف» عليها، ويحتضنها ودموع الفرح تسيل من عينيه، ويتصل بالشرطة وتكون جائزة العثور عليها من نصيبه: «بس أوع تصدق نفسك.. تتسلم الفلوس وتجيني دوغري سيدا.. وأنا أبقششك». طوال 24 يوما وكارن تواصل أمام الكاميرات إنتاج الفيلم الهندي عن «بنتي الحبيبة الأمورة» المختطفة؛ وأهملت أمر نفسها وحرصت على الظهور مبهدلة وشعرها منكوش، أي أنها كرست كل وقتها وجهدها لتمثيل دور الأم المكلومة؛ وما هو أنكى من ذلك أنها ظلت لتسعة أشهر قبل مسرحية الاختطاف تعطي شانون أقراصا مهدئة لضمان ان تكون «مستوية على الآخر»، أي في حالة تبلد ذهني عند لحظة التنفيذ. هذه امرأة لا تستحق لقب «أم» الذي يساوي كنوز الدنيا كلها، فقد باعت أسمى العواطف نظير مبلغ تافه. والشاهد يا أعزائي هو أن الجري وراء «المادة» صار ميسما لعالمنا المعاصر، ولكننا ما زلنا بخير إلى درجة كبيرة، لكوننا لا نزال نعرف التراحم والتكافل، ولكن فيروس «السعار» المادي بدأ ينتشر في مجتمعاتنا، فقد صرنا نسمع حكايات محزنة عن أشقاء يتحاربون باللسان واليد على التركات، وعن عقوق أبناء أنفق الوالدان القليل الذي عندهما ليربوهم ويعلموهم ولما اشتدت سواعدهم «رموا» الوالدين. الإنسان السوي ينسى ملذاته ورغباته بمجرد ان يرزق بالذرية ويكرس ماله وجهده لإسعاد العيال، ومتعة الأمومة والأبوة في العطاء، بل إن في إعطاء الآخرين حتى من غير ذوي الرحم متعة تفوق متعة الأخذ، والأهم من كل ذلك هو أن كونك الأب أو الأم البيولوجي / الشرعي لشخص ما لا يكفل لك حبه ووفاءه ما لم تغذيه أنت بالحب والعطاء، وياما هناك بيوت تجد فيها طفلا أو أكثر تربطه بخادمة البيت عواطف أقوى من تلك التي تربطه بوالديه لأن الخادمة تمنحه جرعات عالية من الحب والحنان والرعاية. jafabbas19@gmail.com

1080

| 05 مارس 2019

هدية لعشاق الحمية

لا أتعاطف كثيرا مع مدمني الرجيم/ الحمية؛ أتكلم عن مدمني وصفات فقدان الوزن الذين ينقسمون الى فئتين، إحداهما تتكلم عن الطعام حديث بروفيسور، والأخرى لا تكف عن الشكوى من عدم نجاعة هذه الوصفة او تلك، وعلى كل حال فإنني أجد الحديث عن الحمية مملا. كل بضعة أشهر يتداول الناس، خاصة النساء، وريقات تزعم أنها الوصفة السحرية لفقدان الوزن واكتساب الرشاقة، وبالفعل فان الكثير من تلك الوصفات تجعل من يتبع إرشاداتها رشيقا، لبعض الوقت، ليسترد بعد بضعة أشهر كل ما فقده من وزن، ومن ثم فان الاطباء يقولون إن مروجي تلك الوصفات يمارسون نوعا من التجارة الخطرة، لأن فقدان الوزن السريع، كثيرا ما يصاحبه فقدان بعض مقومات العافية والصحة، ومعروف أن المجلات الطبية والعلمية الرصينة لا تنشر الأبحاث التي يزعم من أجروها أنهم توصلوا الى معادلات للإنقاص السريع للوزن، او ما يسمى بالـ «كراش دايت» والكراش هو الهبوط السريع الصاخب، وإذا حدث كراش في الكمبيوتر فمعنى ذلك أنه أصيب بانهيار عصبي يجعله عاجزا عن أداء مهامه. تبنت أكبر ثلاث مجلات طبية في الولايات المتحدة مؤخرا دراسة تقول ان هناك 14 صنفا من الأطعمة تضمن لمن يتناولها السلامة الصحية، وعدم اكتساب وزن إضافي، وتأخير أعراض التقدم في السن، والدراسة من إعداد ستيفن برات أشهر خبراء التغذية وأمراض الشيخوخة في الولايات المتحدة، وأهم ما فيها انها لا تزعم ان تلك التشكيلة من الأطعمة تجعلك تفقد كذا كيلوجرام في كذا شهر او أسبوع، بل تقول ان تلك الأطعمة صحية وتحوي سعرات حرارية قليلة، وأنها توفر لك الوقاية من أمراض القلب وبعض السرطانات والسكري والخَرَف، هذه الأطعمة هي: البقوليات ويعتبر الفول والفاصوليا والعدس وبقية أفراد هذه العائلة من أطعمة الفقراء، وعلى الأغنياء ان يتواضعوا ويأكلوها مما سيسهم في تحسين تغذيتهم ومنع «الصراع الطبقي»!، وهناك الوجبة المفضلة للبحار الكرتوني الشهير باباي: السبانخ، ولحسن الحظ فان فطائر السبانخ متوفرة في كل ركن وشارع، والسبانخ مشبع بالحديد ولهذا يتنصر باباي على بلوتو الشرير في كل معركة، وتقوم الرِّجلة (البربير) مقام السبانخ. أضف اليهما خبز الشوفان/الشعير والبرتقال والقرع (في سبتمبر المنصرم نشر طبيب القلب الأمريكي وليام ديفيس، نتيجة دارسة استغرقت منه عشرين سنة مؤداها أن الأطعمة المصنوعة من القمح (الخبز والمكرونة إلخ) تسبب كوكتيلا من الأمراض على راسها السكري وعلل القلب). وأفضل من يطبخ القرع هي المرأة السودانية بشرط ان يكون عمرها فوق الخمسين، لأن مَن هن دون ذلك يصرخن كلما نطقت أمامهن بكلمة قرع: يخ، أما المرأة المصرية فوق الخمسين فهي أفضل من يعد مربى القرع، فابحث لنفسك عن زوجتين من تلكما الجنسيتين تكونان فوق الخمسين لتضمن لنفسك التغذية المفيدة، علما بأن نساء الجنسيتين يجدن إعداد الخبز الأسمر والفول والعدس والفاصوليا!! والطماطم أيضا في قائمة الـ 14 المفيدة للصحة وتؤخر الشيخوخة.. وكذلك القنبيط (القرنبيط)، وبصراحة فإنني لا أطيق مجرد النظر الى هذا الشيء لأنه يشبه مجموعة من الحشرات الصغيرة المتشابكة، بل أخاف لمس بعض انواع القنبيط لأنها تشبه القنفذ الميت، ولكن كما يقال «يضع سره في أبشع خلقه»؛ وفي الأسماك هناك السالمون (ولكن إياكم والسالمون الاسكتلندي فقد منعت العديد من الدول تداوله بعد الارتياب في انه يحوي مواد مسرطنة).. والصويا (ولكنني سمعت مؤخرا ان الإكثار من فول وزيت الصويا يصيب الرجال بنوع من العجز الجنسي)،... آه، وهناك حبيب الجماهير العربية: الشاي بجميع أشكاله وألوانه، ولكن إياك ان تشرب الشاي مع شخص سوداني لأن كوب الشاي السوداني الواحد يحتوي على نحو 8976 سعرة حرارية، لأن ما به من سكر يكفي عائلة بريطانية لشهر كامل،.. والزبادي (الروب) متوفر وبأسعار معقولة، وقد اتضح ان البلغار والمنغوليين يعمرون لأنهم يتعاطون الزبادي بانتظام، ومن المكسرات هناك الجوز وهناك فاكهة بلوبيري التي يقول قاموس المورد انها تسمى بالعربية العنيبة.. والمقصود ليس ان تأكل فقط هذه الاصناف الـ 14 بل أن تحرص على تناول بعضها بانتظام لضمان وجبات متوازنة، مع الإقلال من تناول أطعمة من خارج القائمة. كتب الله لنا ولكم العافية وحسن الفال وراحة البال. jafabbas19@gmail.com

856

| 12 فبراير 2019

حيوان نحس وحشرة فأل حسن

ظلت مصر تورد أموالا لحساب تركيا العثمانية، حتى ستينيات القرن الماضي، ولم يكن ذلك من باب الولاء لدولة زالت، ولكنها كانت زلة من جهاز الخدمة المدنية الذي يلتزم بقوانين «العادة» - تسأل موظفا لماذا اتخذ اجراء معينا فيقول لك: هكذا هو «النظام». في السودان صدر في ثلاثينيات القرن الماضي، أي في الحقبة التي كانت بريطانيا تستعمر فيها السودان، قانون يمنع إدخال الآلة الكاتبة (التابيرايتر) إلا بموجب تصريح صادر من وزير الداخلية، وكان الغرض من ذلك القانون منع التنظيمات السرية المناهضة للاستعمار الانجليزي من حيازة ذلك النوع من الطابعات، لإصدار منشورات تدعو الى جلاء الإنجليز من البلاد، وحسب علمي فما زال ذلك القانون ساريا رغم أن معظم مصانع الآلات الكاتبة أغلقت أبوابها بعد ظهور الكمبيوتر، والغريب في الأمر أنه كان بمقدور اي سوداني إدخال اي نوع من الكمبيوترات الى البلاد، بدون تصريح من وزارة الداخلية طوال الفترة التي كانت فيها الآلات الكاتبة محظورة، وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلابد من الاشارة هنا الى ان حكومة صدام حسين لم تسمح للمواطنين العراقيين بامتلاك اجهزة الفاكس إلا في يوليو من عام 2000م، يعني قبل سقوطه بثلاث سنوات، وكان الفاكس وقتها قد أوشك على التقاعد بعد ظهور البريد الالكتروني!! طيب ممكن القول بان السودان والعراق من البلدان «المتخلفة»، ولكن ما قولكم في ان القانون البحري الفرنسي يمنع وجود الأرانب على متن السفن والقوارب، فقد قررت عائلة كيلن الهجرة من منطقة مانشستر الانجليزية والاستقرار نهائيا في اقليم نورماندي بفرنسا، ووضعت العائلة أمتعتها في سفينة صغيرة ثم صعد أفراد العائلة الى السفينة وكان الصغير لي كيلن يحمل معه أرنبين، ولكن مسؤولا في الشركة المالكة للسفينة أبلغه بانه لا يستطيع اصطحاب الارنبين معه! لماذا؟ لأن هناك قانونا صدر في القرن الخامس عشر يقول ان الأرانب «شؤم ونحس»، وأن وجودها على السفن يسبب الكوارث! ولم يكن امام العائلة من سبيل سوى ترك الأرنبين في مكاتب الشركة ليتم شحنهما إلى فرنسا جوا في تاريخ لاحق على متن طائرة بريطانية، لأن نحس الأرانب لا يسري في الطائرات! أذكر كيف أن أمي كانت تصرخ مفزوعة كلما رأت حذاء مقلوبا داخل البيت ونعله الى أعلى، لأن أهلنا النوبيين يعتقدون أن الحذاء المقلوب فأل سيئ، وكنت أسخر أيضا من أهلي الذين يعتقدون أن نثر مخلفات الدجاج على الطريق العام يجلب البركة للدجاج فيبيض ويفرخ أكثر!! وذهبت الى بريطانيا في السبعينيات وكنا في زيارة لعائلة في كيمبريدج في يوم شديد المطر وما إن فتح لنا أهل الدار الباب حتى دخلت ومظلتي لا تزال مفتوحة فوق رأسي، فإذا بصاحب الدار يطلب مني في أدب أن أخرج لأطوي المظلة ثم أدخل ثانية، وحسبت بادئ الأمر أن المسألة تتعلق بحرصه على ضمان عدم تساقط الماء الذي في المظلة على سجاد بيته، ولكنه شرح لي أن المظلة المفتوحة داخل البيت تجلب سوء الحظ!! وعلى مر السنين اكتشفت أن الغربيين المتحضرين، مثلنا أو أكثر منا إيمانا بالخرافات، فالفرنسيون مثلا يعتقدون أن المرأة الحامل التي تسمع نعيق البوم تلد بنتا، وبما أن البوم يعتبر طائر شؤم عند الفرنسيين فمعنى هذه الخرافة انهم يعتبرون البنت نفسها شؤما!!.. ويعتقدون أيضا أنه إذا حط العصفور المسمى بالزرزور على كتفك فإن ذلك يعني أنك ستموت قريبا.. واليهود الأورثودوكس يعتبرون المرأة الحائض مصابة بلوثة شيطانية، ويرغمونها على البقاء بمفردها في غرفة لا يدخل عليها فيها أحد خوفا من أن يطخه الشيطان، ويتركون لها الماء والطعام قرب الباب، لتتناولهما بعد أن يختفي من أتى بهما، لأن مجرد وقوع عينها على شخص كفيل بإلحاق الأذى بذلك الشخص، وبالمقابل فان أهلنا في شمال السودان يتفاءلون عندما تمشي العناكب فوق أجسامهم لأن ذلك بشارة بأن ملابس جديدة في الطريق إليهم، ولكنني كنت أضرب أي عنكبوت يمشي فوق جسمي فتصيح أمي: ستعيش طول عمرك مبهدل ومُقطّع! jafabbas19@gmail.com

3596

| 05 فبراير 2019

نجهل فوق جهل الجاهلينا (2)

حدثتكم عن صاحبي وبلدياتي الذي غاب عني سنينا، ثم اكتشفت أن المنصب والراتب الكبير جعلا منه مسخاً مغرورا ومتعجرفا، لا يتحدث إلا عن نفسه وسفراته ومقتنياته، فعاقبته مبدئياً بدعوته لطعام في مطعم ركيك يبيع الفول وتوابعه بسعر التكلفة، (مع تقديم البصل والفجل مجانا فوق البيعة كحوافز)، ثم تسامرنا وظل يستعرض إمكاناته المادية وعلاقاته الواسعة مع الناس «اللي هي»: وزراء ومثقفين أعلام ورجال أعمال من صنف بيل غيتس وانت طالع، وبمهارة لا تنقصني ولا ينقصها الخبث، حولت دفة الحديث إلى «الذكريات» وبدأت أسرد أحداث طفولة وصبا عايشناها أنا وهو، موجهاً الحديث إليه معظم الوقت: تذكر لما كنا نرعى الغنم وقمت أنت بكسر ساق معزة ناشزة لأنها دوختك بالهرب من القطيع؟ هل تذكر لما كنا نسرق البطيخ من المزارع المطلة على النيل ونختبئ بالمسروقات في حظائر الأبقار؟ أين بالله عليك أخونا مصطفى الذي كنت أنت تقوم بالتَنَمُّر عليه وتخويفه ومقاسمته إفطاره؟ هل تذكر يوم تسللنا سوياً إلى بيت جارتنا سكينة وسرقنا الكعك الذي كانت قد أعدته بمناسبة قرب قدوم زوجها من مصر؟ هل عندك أخبار أستاذ عزالدين الذي طردنا أنا وأنت من المدرسة لأن ملابسنا كانت خطراً على الأوزون؟ وهكذا صرت أردد على مسمع من شلة من الأصدقاء حصاد ذكرياتنا المشتركة في قرية ليست على الأطلس، ولم تكن قد عرفت الكهرباء ولا الماء الجاري في أنابيب، وهي الأشياء التي يستعر منها كل من يتعمد نسيان قديمه، وإظهار نفسه وكأنه من مواليد هوليوود، ولكن الظروف القاسية جعلته يعود للانتماء رسميا، وليس عاطفيا إلى بلد من بلدان العالم الخامس عشر، وأنا متأكد من أن صاحبنا ما كان ليتردد في إطلاق النار عليّ، ولو كان يملك مسدساً أو حتى قنبلة عنقودية!! والشاهد هو أنني وصاحبي ذاك أولاد جيل واحد، ونشأنا سوياً في ظروف بائسة بمقاييس هذا الزمان، و «عاجنين وخابزين» بعض، ولا أحسده على المنصب أو الراتب الكبير لأن وضعي الوظيفي والمالي أفضل مما حلمت به طوال حياتي، وليس من عادتي اشتهاء ما عند الآخرين، ويعرف عيالي عندما أرفض لهم طلباً، أن العبارة التي قد تحرمهم من الميراث هي «اشمعنى فلان أهله اشتروا له كذا وكذا»، فلا يهمني أن كان أهل فلان من أصحاب الملايين أم من مستحقي الزكاة، ما يهمني هو ألاّ ينظر عيالي إلى ما عند الآخرين ليتساءلوا: لماذا ليس عندنا ما عندهم؟ على كل حال حاصرت صاحبي بحديث ذكريات كان قد حسب أنه دفنها فكان أن تنازل قائلاً: سبحان مغير الأحوال، فقد تحول البؤس إلى نعيم.. وعيالي اليوم لا ينقصهم شيء... يقضون إجازاتهم في أوروبا... بالمناسبة عندي شقة في لندن.. ولا أحرمهم من شيء يشتهونه!!... باختصار هزمني الرجل، فقد كنت سادياً معه لأذكره بأن حاله الراهن «طارئ»، وأنه لا يعيب الإنسان أن يكون قد نشأ في أسرة فقيرة، بل يعيبه أن يتنكر لجذوره ويحسب أن الوظيفة هي «النعيم»! وأن التباهي بالعز والجاه أمر سمج وسخيف ومستهجن في كل الظروف والأحوال. جاريته لبعض الوقت بالزعم بأن لندن لم تعجبني، وبالتالي اشتريت شقة في بيفرلي هيلز في هوليود، وأخرى في مدغشقر، وتحدثت عن وديعة مصرفية في جزر فيرجن، وكيف أن شركة طيران اضطرت إلى الاستعانة برافعة «ونش»، لإدخال أم الجعافر الطائرة، لأن المجوهرات التي كانت ترتديها كانت تزن نحو عشرين كيلوجراما مكعبا، عندما كانت مسافرة إلى إيطاليا لشراء أحذية من فيتو أريتولي وهو الجزمجي الذي يزود بيونسيه وأوبرا وينفري، وطبعاً بإمكان أي عاقل أن يدرك أن كل ذلك كذب وخراطي وخرابيط وتخبيص، ولكن الغريب في الأمر أن كلامي ذاك أصاب صاحبي بالاكتئاب، خاصة أن صديقاً خبيثاً تبادل الحديث مع طرفٍ ما عبر الهاتف، وقال موجهاً الحديث إليَّ: يا أبو الجعافر، جماعة بي أم دبليو بيسألوا ممكن تصبر عليهم شهرين حتى تكون السيارة «التفصيل» جاهزة؟ فقلت له: قل لهم بلاش.. غيرت رأيي.. سأطلب رولز لنفسي، وفيراري لأم الجعافر ولامبورجيني للخدامة!! jafabbas19@gmail.com

1246

| 22 يناير 2019

نجهل فوق جهل الجاهلينا (1)

قبل حين ليس ببعيد من الزمان، التقيت صديق طفولة يعمل في مركز مرموق بدولة خليجية، وأول ما لفت انتباهي في شخصيته، هو عدم مقابلته لاندفاعي العاطفي لتحيته باندفاع مماثل؛ يعني تعامل معي ببرود لا يخلو من «القنزحة» والعنطزة، فعندما حاولت لقاءه بالأحضان السودانية المعهودة وضربه على ظهره بباطن كفي حتى تتفتح شعب صدره الهوائية، مد إلي يده من بعد بطريقة خواجاتية، وهو يقول: هاو آر يو؟ وتصنعت البلاهة وسألته: نسيت اسمي يا صاحبي؟ أنا مش «هاو» فلماذا تخاطبني ب»هاو .. يو»؟ ورغم انني كنت أغلي داخليا من الغيظ، إلا أنني لم أظهر له أي استياء، فخلال ثوان قليلة كنت قد عقدت اجتماعا مع نفسي قررت فيه شطبه من قائمة معارفي بعد القيام بواجب الضيافة، ولا أحزن عادة لفقد صداقة أو زمالة أي شخص مغرور، أو يمارس الاستعلاء على الآخرين بسبب وجاهة افتراضية، كسبها من المنصب او الراتب او النسب، بل أجتهد في مرمطته ببرود، وأمارس عليه غطرسة تجعله في منتهى التواضع أو الضعة. وكما يليق بسوداني ابن بلد، لم أتردد في دعوته إلى العشاء، وتعمدت ألا تكون الدعوة في بيتي، حتى يدرك أنه ليس موضع ترحيب فيه، ودعوت معه أصدقاء مشتركين، عرفت أنهم كانوا على علم بالتحول الذي طرأ على شخصيته، وكانت الدعوة في مطعم من الدرجة الثالثة متخصص في بيع الفول وملحقاته، مع كميات خرافية من الشطة والبصل والمخللات، ولك أن تتخيل مقدار سعادتي وأنا أرى الضيق على وجهه عندما رأى حال المطعم البائس، الذي كانت القطط (ويظهر أنها كانت من الصنف النباتي)، تتجول فيه بين الطاولات، وكما لا يليق بمضيف فإنني لم أترك له حرية اختيار الطعام – بالأحرى لم تكن هناك أصلاً خيارات – فكلفت الجرسون بأن يحضر لنا عدة أطباق من الفول والطعمية (لم أقل الفلافل) والمخلل والبصل والحمص والجرجير والفجل، وهي لعلم من لا يعلم فعالة جدا في تهييج القولون وتوليد الغازات السامة، وكان «شكل» صاحبي وهو يستمع إلى تلك الطلبات «يحنن قلب الكافر»، وأعجبني فيه أنه لم يتنازل عن كبريائه، فقد طلب من الجرسون أن يأتيه بشوكة وسكين، ولسوء حظه كان الجرسون مصرياً لسانه متبرَّئ منه، فقد صاح فيه: هو البيه طالب فول مشوي، وللا ستيك طعمية، وللا فجل بالبشاميل؟ ثم زوده بمعلقة، وتناول الرجل بعض الفول بالملعقة وهو ينظر إلى الخبز «البلدي» الأسمر بتقزز، وهو يكاد يبكي. وبصراحة، فقد رأفت لحاله، فخرجنا من المطعم إلى مقهى محترم وانضم إلينا هناك مزيد من أصدقائي، وتناول الرجل بعض المعجنات الفاخرة ليمسح بها آثار الفول الذي تناوله على مضض، وشرب بوكاتشينو او شيئا من هذا القبيل، وتبسط معنا في الحديث، وكان جل حديثه عن منصبه وأثاث بيته وجولاته الخارجية، وبنته التي نالت الماستر وتسعى لنيل ال»بي إتش دي» من جامعة أوروبية، ثم سألنا عن أفضل محل مجوهرات في المدينة «لأن من عادته أن يعود إلى زوجته بعد كل سفرة بهدية ثمينة»، هنا ندمت لأنني لم اصطحبه للعشاء في كشك كومار الواقع جوار مدرسة البنين الثانوية، وكان قد أُعيد افتتاحه بعد إغلاق دام شهرين، بعد أن تسمم بعض الطلاب من الوجبات الملوثة التي قدمها لهم كومار، المتخصص في علاج الإمساك المزمن، فسندويتش كيما واحد تشتريه منه يضمن لك نقيض الإمساك خلال دقائق، ومن ثم فإن سندويتشاته نموذجية للشخص المتغطرس من النوع الذي شبع بعد جوع طويل ولم يحمد الله، وحسب أن المنصب الطارئ الذي حصل عليه مما وفر له راتباً عاليا، يخول له نسيان جذوره و»ساسه» وأساسه، والتعالي عن الآخرين. وفي الأسبوع المقبل بمشيئة الله أحدثكم عن ممارساتي السادية لمسح أنف صاحبي المتغطرس بالأرض! jafabbas19@gmail.com

1135

| 15 يناير 2019

القطط (لا تستاهل) !

القطط «لا تستاهل»!يحترم الغربيون حقوق الحيوان، لأنهم يحترمون الإنسان، وكفلوا له كافة الحقوق الأساسية، بل إن حمير فرنسا تحظى برعاية ممثلة الإغراء الأشهر بريجيت باردو، والتي من فرط أن قلبها «حنيِّن»، تستنكر كل عام قيام ذبح المسلمين لملايين الخراف في عيد الأضحى بدون بنج! القرآن الكريم يقول لنا إن الله كرم ابن آدم، ولكننا نرى المسلم المعاصر مهانا ذليلاً في عقر داره/ وطنه، وقد سخر لنا الخالق النبات والحيوان والهواء وكافة العناصر ولكننا صرنا «ملطشة» مقارنة بالحيوانات التي تعيش في دولة غربية. «على هامش سيرة اهتمام الغربيين بالحيوانات، كان زوجان هولنديان في زيارة سياحية لبلد عربي، ولفت انتباههما قط يتسلل الى مطعم الفندق، فصارا يدللانه بالطعام الفاخر ثم قررا اصطحابه إلى هولندا؛ وقد كان؛ استخرجا له جواز سفر وأركبوه طائرة، وفي البيت وفروا له ركنا خاصا عليه فراش وثير يجاوره حوض رملي ليستخدمه كدورة مياه وأشياء أخرى، وذات يوم عادا إلى البيت ولم يجدا القط وخرجا في الشوارع يناديان عليه (كانا قد أطلقا عليه اسما أوروبيا حلوا)، وأبلغهما بعض جيرانهما أن القط كان دائم التسلل من البيت إلى مقالب القمامة في الحي، فتعجبا من أمر حيوان يقدمان له الاستيك والبفتيك والمورتديلا بالبشاميل «يفشِّلهم» ويهيم في الشوارع. المهم أنهما لمحاه في ذات برميل قمامة، وهرولا نحوه، ولكن الصايع هرب منهما وهرسته سيارة مسرعة، وتولت الصحافة الهولندية رثاءه» أذكر أنه أتى إلى الخرطوم فريق من مراجعي الحسابات المصريين لمراجعة حسابات «بنك مصر» قبل تأميمه في عهد جعفر نميري واكتشف أحدهم أن المدير العام يتقاضى «بدل كلب» وأن ذلك البدل يرتفع من سنة إلى أخرى فصاح: يا حلاوة يا حلاوة... الكلب جات له علاوة! وفي العالم الغربي حيوانات تتمتع برفاهية لا يحلم بها الأوادم، وفي بريطانيا ينفق الناس سنوياً ما يعادل ثلاثة مليارات دولار على القطط، في حين أن هذا المبلغ يعادل مخصصات التعليم والصحة والطرق والرشوة في عشر دول عربية لعشر سنوات، وتجد أن نفس تلك الدول التي تبخل على مواطنيها بالخدمات الأساسية، تنفق ضعف ذلك المبلغ على التجسس على مواطنيها الجربانين العيانيين والأميين. شغل الدكتور عبد الرحيم حمدي منصب وزير المالية في السودان مرتين منذ عام 1989، وذات مرة سأله صحفي لجوج: كيف يتسنى للمواطن العيش بمستوى الدخل المتردي الحالي؟ فأجاب: والله لا أعرف... وذلك أمر يحيرني! وأحمد للرجل أنه كان على الأقل أمينا في إجابته على السؤال. وأعود إلى قطط بريطانيا وأقول إن المبلغ الذي ينفق عليها جعلني أكثر كراهية للقطط، فالقط المنزلي كائن طفيلي لا يبذل أي جهد للحصول على طعامه، بل ويتدلع ويرفض أنواعاً معينة من الطعام، والقط لا يأتي لصاحبه الا إذا كان محتاجا لشيء، ولا يلبي النداء كما الكلب مثلا، وحتى القطط الضالة تجدها تدرس محتويات برميل القمامة قبل اختيار ما تأكله! وعلى الرغم من أن حاسة الشم عند القط أقوى منها عند الإنسان بنحو 200 ألف مرة، وعيناه تحتاجان إلى سُدس الضوء الذي يحتاجه الإنسان ليرى الأشياء، إلا أن القط لا يستخدم هاتين الحاستين إلا لتحديد موقع الطعام، ليقوم بعدها باستثارة العطف بإطلاق موائه السخيف حتى يتلطف عليه أحدهم بحصته، وإلا فإنه يطربق الدنيا ويقلب آنية الطعام ليحصل على بغيته، والقط بطبعه بكاش ويصدر أصواتاً تقطع نياط القلب إذا أراد نيل شيء! والهواية الأساسية للقط هي النوم ويستطيع أي قط أن ينام 16 ساعة يومياً، ومن حقه أن يفعل ذلك فهو بلا شغل أو مشغلة، ففي البيئة المنزلية المعاصرة لم تعد هناك فئران، وصارت القطط من فرط تدليلها بحاجة إلى طبيب نفسي إذا اعترض فأر طريقها. والقط السيامي يباع في الغرب بنحو 8 آلاف دولار، في حين أن النوع الفارسي يباع بنحو 5 آلاف دولار، وهو ضعف قيمة المواطن في بعض بلداننا بالتسعيرة المحلية، فقد سمعنا عن أم عربية باعت وليدها نظير ألف دولار، ومواطنين عرب على استعداد لبيع كلياتهم نظير 1500 دولار.. بل إن حياة بعضنا لا تساوي شيئاً فيتم إنهاؤها... مجاناً! jafabbas19@gmail.com

1401

| 01 يناير 2019

alsharq
وزارة التربية.. خارج السرب

هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...

12804

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
تصحيح السوق أم بداية الانهيار؟

وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...

2463

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1770

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...

1350

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
المغرب يحطم الصعاب

في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...

1152

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
عمان .. من الإمام المؤسس إلى السلطان| هيثم .. تاريخ مشرق وإنجازات خالدة

القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...

1134

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
حديث مع طالب

كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...

960

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
العزلة ترميم للروح

في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...

909

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
وزيرة التربية والتعليم.. هذا ما نأمله

الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...

894

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
ارفع رأسك!

نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...

804

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
إستراتيجية توطين «صناعة البيتومين»

يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت...

690

| 17 نوفمبر 2025

alsharq
اليوم العالمي الضائع..

أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...

645

| 20 نوفمبر 2025

أخبار محلية