رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثورة مصر والنهضة العربية القادمة

لقد كان الاستبداد هو أهم العوامل التي أدت إلى تخلف العرب وهزيمتهم أمام الحضارة الغربية . والغرب أدرك ذلك بوضوح فشجع حكام العرب على قهر شعوبهم وبناء أجهزة أمنية قوية لتبث الرعب والخوف في النفوس حتى لا يفكر أحد في الحرية والتحرر وتحقيق أهداف كبيرة . ونتيجة للخوف انكفأ الناس على أنفسهم ، وانحصر تفكيرهم في البحث عن رزق العيال . ومن أجل الحصول على هذا الرزق تناسوا المعاني الإنسانية الجميلة والحاجات المتميزة للإنسان كمخلوق كرمه الله . وكان الغرب يسخر من تخلفنا وخضوعنا واستسلامنا بينما يفخر بأنه حقق الديمقراطية والحرية .ومن حق الغرب أنه يفخر بما حققه من حرية تقوم على احترام حقوق الإنسان ، وديمقراطية تقوم على تقييد الحكام ، وإجبارهم على القيام بوظائفهم لصالح الشعب . ذلك أن الحرية والديمقراطية هما أساس التقدم . كان من الطبيعي أن يتقدم الغرب لأنه أدرك أن الشعب الحر وحده هو الذي يصنع التقدم . وكان توماس جيفرسون حكيماً ووطنياً عندما قال إن الشعب الذي يضحي بحريته من أجل الأمن لا يستحق أمنا ولا حرية . ولذلك قيد الغرب أجهزة الأمن وأرغمها على أن تكون خادمة للشعب وأن تحترم حقوق الإنسان . وفي الوقت نفسه شجعت أمريكا حكام العرب المستبدين على أن يصنعوا أجهزة أمنية قوية وأن يستخدموا هذه الأجهزة في قهر شعوبهم وإضعافها وتخويفها وترويعها . وديكتاتور مصر حسني مبارك كان أقوى المستبدين العرب وأكثرهم ظلماً وبطشاً بشعبه . ولقد ورث عن أسلافه المستبدين السابقين جهازاً أمنياً قوياً . واستمر يزيد في قوته ، وأمدته الولايات المتحدة بكل وسائل التعذيب والقهر . رغم كل ذلك قام الشعب المصري بثورته ليؤكد أن الحرية أغلى من الحياة ، وأن شعباً يكافح من أجل الحرية هو شعب عزيز كريم يستطيع أن يبني حضارة عظيمة . وتطلعت عيون العرب وقلوبهم لشعب مصر الذي كان يعبر عن أشواق الأمة للحرية . لذلك فإن نجاح ثورة مصر هو انتصار لكل العرب الذين قهرهم حكامهم المستبدون . وسوف تنطلق شعوب العرب قريباً من المحيط إلى الخليج لتقلد الشعب المصري ، ولترفع الشعار المختصر الجميل الذي التف حوله شعب مصر ... وهو الشعب يريد إسقاط النظام . لماذا ؟!!. لأن شعب مصر قد أدرك أن ذلك النظام المتوحش المغرور المستبد هو سبب الفقر والتخلف والتبعية والهزيمة الحضارية ... وأنه عندما ينجح في إسقاط النظام وينتصر على أجهزة الأمن ويحقق حريته فسوف يبني دولة عصرية متقدمة تقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن . وعندما تحترم كرامة المواطن فإنه سينتج ويبدع ويبني ويزرع الأرض ويقيم المصانع . والشعب الذي انتصر على الطغيان يستطيع أن ينتصر على الاستعمار والتبعية وسيحقق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الشامل. لذلك فإن ثورة مصر هي مقدمة لنهضة عربية شاملة وبداية لدورة حضارية عربية قادمة رغم أنف أمريكا وإسرائيل وكل قوى الاستكبار الغربي .

398

| 18 فبراير 2011

الإعلام البديل وكشف الانحرافات والفساد

كشف الانحرافات والفساد من أهم وظائف وسائل الإعلام. وبقيامها بهذه الوظيفة تحذر المجتمع ليقوم بعملية تصحيح في الوقت المناسب، ويطلق الغرب على الصحافة كلب الحراسة لأنه يقوم بالدفاع عن المجتمع وحمايته ضد الفاسدين الذين يسيئون استغلال السلطة. وعندما ينام كلب الحراسة كما يقول فيليب سيب ينشط اللصوص في الظلام فينهبون ثروة الشعب، ويدمرون اقتصاد الدولة، ويزيدون السخط والحنق في نفوس الناس. هذا ما حدث في تونس عندما قام نظام ابن علي بتقييد حرية الإعلام. وسيطر على ملكية وسائل الإعلام أصهار الديكتاتور وأقاربه. وبينما كانت وسائل الإعلام التونسية تستعرض بشكل دائم إنجازات النظام ومعدلات التنمية المرتفعة وتمجد الرئيس إلى درجة التأليه، كان أقارب ابن علي وأصهاره يقومون بعملية استغلال وإفقار للشعب. وعندما قام صحفيان فرنسيان بإصدار كتاب عن فساد زوجة الرئيس وأقاربها بعنوان حاكمة قصر قرطاج نجح النظام في منع وصول هذا الكتاب أو أي معلومات يتضمنها إلى الشعب التونسي. لكن تطور الإعلام البديل فتح مجالات واسعة لكسر التحكم الحكومي في تدفق المعلومات إلى الجماهير وزاد قدرة الشعوب على كشف الانحرافات والفساد كما يتضح ذلك من دراسة حالة تونس. وقد جاء عام 2010 ليوضح أن الإعلام البديل قد تطور بدرجة كبيرة، وقد تزامن هذا التطور مع زيادة سخط بعض الذين يمتلكون حق الإطلاع على الوثائق الرسمية، وبالتالي زيادة إمكانات نشرها. وجاء كشف موقع ويكيليكس لآلاف الوثائق من أهم تجليات هذا التطور، فهذا الموقع قام بنشر رسائل رسمية كتبها سفراء ودبلوماسيون أمريكيون. وقد كشفت هذه الوثائق عن اعتراف الدبلوماسيين الأمريكيين بحالة الفساد العام التي يعيشها نظام تونس الذي يعتبر من أهم حلفاء أمريكا. يثير ذلك العديد من الملاحظات أهمها الارتباط بين الفساد والتبعية، فأمريكا كانت تعرف تماماً فساد حليفها ولكنها لم تكشف ما لديها من معلومات ولم تنشر وسائل الإعلام الأمريكية أي معلومات عن هذا الفساد، وكان الفضل لموقع ويكيليكس في نشر هذه البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي تكشف معرفة الإدارة الأمريكية بفساد نظام بن علي. أما فرنسا فإنها كانت تعرف أيضاً الكثير عن فساد نظام بن علي، والدليل على ذلك كتاب حاكمة قصر قرطاج لكن هذا الكتاب لم تقم وسائل الإعلام الفرنسية بنشر الكثير مما جاء فيه من حقائق وأدلة على فساد نظام بن علي. يشير ذلك إلى عملية إخفاء وتعتيم تمارسها الدول الغربية على فساد حلفائها العرب، ولذلك فإن الفضل للإعلام البديل في كشف الكثير من المعلومات عن الفساد الاقتصادي المرتبط بإساءة استخدام السلطة. ولقد استخدم الشباب التونسي الفيس بوك واليوتيوب والتويتر والمدونات والمواقع الإخبارية لنشر الكثير من المعلومات والتي أسهمت في تأجيج الثورة. كان من أهم ما كشفه الشباب التونسي على هذه المواقع قيام أقارب بن علي وأصهاره يفرض الحصول على نسبة من أي مشروع ناجح في تونس، وهو ما أدى إلى إفلاس الكثير من المشروعات، وخوف التونسيين من إقامة مشروعات اقتصادية، وانتشار البطالة. وكان لكل ذلك تأثيره السلبي على الاقتصاد التونسي، كما أن الأموال التي نهبها أقارب بن علي وأصهاره كان يمكن أن تستغل في توفير فرص العمل، وتقليل عوامل السخط والثورة. يوضح ذلك أهمية قيام وسائل الإعلام بوظيفتها في كشف الانحرافات والفساد وحماية المجتمعات من سوء استغلال السلطة. وذلك ينطبق على كل الدول العربية التي تحكمت في وسائل إعلامها ومنعتها من القيام بهذه الوظيفة. مع ذلك فإن هناك الكثير من أوجه الفساد والتي أسهم الإعلام البديل في كشفها من أهمها تزوير الانتخابات حيث أن هذا التزوير يشكل عملية سرقة لإرادة الشعب. وقد أسهم الإعلام البديل وصحافة المواطن في الكشف عن عمليات تزوير واسعة في الانتخابات المصرية. كما أسهم الإعلام البديل ولكن بشكل أقل في الكشف عن سوء استغلال السلطة في قهر المواطنين وتعذيبهم وقتلهم في بعض الأحيان كما في حالة المواطن خالد سعيد والمواطن سيد بلال في الإسكندرية. لكن هناك إمكانات لتطوير قدرات الإعلام البديل وتمكين الشباب العربي من كشف فساد النظم الحاكمة وسوء استغلالها لسلطاتها. ويتزامن تطور الإعلام البديل مع تزايد الغضب الشعبي وشعور الناس بالإحباط نتيجة تزايد الفقر والبطالة وتقييد الحريات والديمقراطية. يوضح ذلك أن النظم العربية لم يعد بإمكانها أن تمنع وصول الحقائق إلى الناس، وكل ما يمكن أن تفعله هو أن تضعف وسائل إعلامها التقليدية.

563

| 04 فبراير 2011

خطورة تقييد حرية الإعلام.. التجربة التونسية

توضح دراسة حالة تونس مدى خطورة تقييد حرية الإعلام ، فلقد فرض النظام التونسي كل أنواع القيود على كل وسائل إعلامه ، بالإضافة إلى تقييد كل أشكال الاتصال الشخصي والجمعي . ولقد أبدع نظام بن على في تقييد حرية الإعلام في تونس ، فكان تنوع القيود بديلاً عن تنوع الرسائل الإعلامية ، والمضمون المقدم للجماهير . وكانت هذه القيود المتنوعة التي طبقها بن علي على وسائل الإعلام التونسية مستمدة من أكثر النظم الإعلامية تخلفاً وهي النظرية السلطوية . وارتبط تقييد حرية الإعلام بإطلاق يد أجهزة الأمن لقهر المواطنين ونشر الخوف والتجسس وكتابة التقارير الأمنية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة وحقوق الإنسان . أدى ذلك إلى فرض حالة تعتيم إعلامي على الواقع التونسي ، بينما كانت وسائل الإعلام تقدم واقعاً تونسياً مصطنعاً وغير حقيقي . وفي ذلك تشترك وسائل الإعلام التونسية مع الكثير من وسائل الإعلام العربية في عملية تصنيع واقع زائف ، وتجاهل الواقع الحقيقي ... لكن في النظام التونسي تطورت عملية تصنيع الواقع الإعلامي الذي يتناقض مع الواقع الحقيقي ... وفي خلال هذه العملية انكسرت الحدود بين الإعلام والدعاية ، واختفت القيم المهنية ، وتم تقييد كل الحقوق الإعلامية والاتصالية والمعرفية للشعب التونسي . لقد أصبح الهدف الرئيسي لوسائل الإعلام التونسية تسويق بن علي ونظامه وتمجيده حتى أن صحيفة الصباح التي يملكها صهر بن علي نشرت 48 صورة لبن على في عدد واحد . وقد أشار محمد حسنين هيكل إلى اهتمام بن علي بصورته الشخصية المادية ( الفوتوغرافية ) ، وأن هيكل قد قال له : إنه يبدو شخصياً أفضل كثيراً من صورته التي تنشرها الصحف ، وعلى إثر ذلك طلب بن علي استدعاء أفضل المصورين من باريس ليقوم بالتقاط صور له تتناسب مع جمال طلعته . واعتبر هيكل ذلك دليلاً على سطحية بن علي وتفاهة تفكيره . وبالرغم من صحة ملاحظة هيكل إلا أن ذلك يشير أيضاً إلى اتجاه ساد في العقدين الماضيين في عملية التسويق الاجتماعي والدعاية حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يتم التركيز على صورة الرئيس ، أو صورة المرشح الشخصية بدلاُ من التركيز على أفكاره وآرائه وبرنامجه ومؤهلاته العلمية . وقد أثبت هذا الاتجاه نجاحاً في حالة الرئيس الأمريكي كلينتون حيث جذبت صورته أصوات النساء في الولايات المتحدة نتيجة لإعجابهن بصورته الشخصية ... وحتى بعد فضيحة مونيكا زاد إعجاب النساء به . لذلك اتجه الكثير من خبراء الدعاية والتسويق الاجتماعي إلى استخدام الصور الشخصية للمرشحين والرؤساء كعامل أساسي في تشكيل الاتفاق العام والهندسة الاجتماعية . أما في حالة أوباما فقد تم تطوير هذا الاتجاه لاستخدام الصور التلفزيونية الإنسانية كبديل عن البرامج والأفكار . وحالة بن علي لا تختلف عن اتجاه الرؤساء العرب لاستخدام وسائل الإعلام في نشر صورهم الشخصية ، لكن نظام بن علي بالغ بشكل كبير في هذا الاتجاه ، حيث أصبح مضمون وسائل الإعلام التونسية يتمحور حول صورة بن علي ، والتي انتشرت بشكل واسع في الميادين وعلى واجهات المؤسسات حيث كان هناك نوع من التنافس المحموم بين المؤسسات الحكومية على رفع أكبر صورة لبن علي على واجهاتها . هذا الاتجاه يتناقض مع الحضارة الإسلامية ويشكل تحدياً لثوابتها فهو يشير إلى تأليه للحاكم ، وهذا بدوره يشكل صدمة للضمير الحضاري الإسلامي والمشاعر الإنسانية الإسلامية ، وهذا يفسر اتجاه المظاهرات إلى تحطيم صور بن علي الضخمة المرفوعة في الميادين وعلى واجهات المؤسسات ارتبطت هذه العملية أيضاً بعملية تجهيل الشعب التونسي وذلك يمنع نشر الكثير جداً من المعلومات عن الواقع Disinformation التونسي ، وفي الوقت الذي قامت فيه وسائل الإعلام بإغراق الشعب التونسي بالحديث عن إنجازات النظام ومعدل التنمية الذي حققه . وقد أدى ذلك إلى أن تفقد وسائل الإعلام التونسية مصداقيتها . يوضح ذلك أن عملية التجهيل ارتبطت بعملية استخدام وسائل الإعلام لتضليل الشعب التونسي وذلك بنشر الكثير من المعلومات التي تهدف إلى تصنيع Misinformation الاتفاق الزائف وإلهاء الجمهور عن مشاكله الحقيقية .وقد اعترف بن علي في آخر خطاب له قبل هروبه أنه قد تم تضليله ، ونحن يمكن أن نصدقه في ذلك حيث إنه فصل نفسه عن شعبه وأصبح المصدر الأساسي له هو الوسائل الإعلامية التي تنقل فقط ما يرضيه ، وما يكتبه إعلاميون خائفون أو منافقون . ومن المؤكد أن تلك المعلومات التي تنقلها له وسائل الإعلام تسعد الرئيس ونظام حكمه لكنها تخفي الحقائق عن سخط الناس الذي يتجمع حتى ينفجر في ثورة شعبية . حالة تونس توضح أن حرية الإعلام صمام أمان ،وأن التحكم في وسائل الإعلام يمكن أن يخفي الواقع الحقيقي ويصنع واقعاً زائفاً ويؤدي إلى تزايد حدة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية .

597

| 28 يناير 2011

من تونس بدأت ثورة العرب ضد الطغاة

قالت الصحف البريطانية إن الثورة الشعبية ممكنة حتى في العالم العربي ... وبالرغم من أن هذه المقولة تصدر عن تحيز غربي ونظرة استكبارية وعنصرية وصورة نمطية مشوهة للعرب ... إلا أنني لأول مرة لم أغضب لكرامتي كعربي !!. لو أنني سمعت تلك المقولة العنصرية المتحيزة قبل ثورة تونس لتمعر وجهي غضباً ... فلماذا لم أغضب اليوم ؟ حاولت أن أفسر ذلك ... لكن يبدو أنني نسيت نفسي ومشاعري وتطلعت إلى المستقبل على ضوء هتافات أهل تونس . تمنيت أن أقبل رأس كل تونسي يهتف تونس حرة حرة . فأنا أعشق الحرية لأنها أساس النهضة والتقدم . ولكي نشحذ أبصارنا لنرى المستقبل لابد أن نقرأ بشكل صحيح الإنجاز الحضاري التونسي . أهمية الثورة التونسية أنها جاءت في لحظة قد خضع فيها العرب بشكل تام للطغاة التابعين للغرب ، والذين يقهرون شعوبهم بالوكالة عن الدول الاستعمارية . ولذلك شكلت الثورة التونسية صدمة للغرب جعلته يتعجب من أن العرب يمكن أن يقوموا أيضاً بثورات شعبية وأن العرب يعشقون الحرية ويكافحون من أجل التحرر وأن الشرارة التي انطلقت في تونس ستحرق الطغيان والاستعمار . أعتقد أن الغرب لابد أن يبدأ عملية مراجعة شاملة لكل المسلمات التي تعامل على أساسها مع العرب بعد ثورات الاستقلال ، فثورة تونس تؤكد أن مخططه في الاعتماد على الطغاة المحليين قد فشل . ولقد كان بن علي نموذجاً للطاغية الذي عمل لتحقيق كل أهداف الاستعمار ... لقد كان مجرد عبد لأمريكا وفرنسا ، وحاول أن يقضي على الهوية العربية الإسلامية لتونس ليحول هذا الوطن الجميل إلى منتجع سياحي لإسرائيل ، ولقد كانت معركة بن علي مع شعبه الذي أصر على التمسك بهويته العربية الإسلامية ، وتلك أهم العوامل التي جعلته يستخدم أجهزة أمنه ليسجن مئات الآلاف ويعذبهم ، وليصنع حالة خوف في نفس كل تونسي جعلت الآلاف يفرون هرباً من ظلمه وقسوته إلى بلاد الله الواسعة . كان بن علي نموذجاً للطاغية الذي يتميز بالقسوة والوحشية في مواجهة شعبه بينما كان مجرد عبد للغرب حاول أن ينفذ الهدف الذي لم يستطع الاستعمار أن يحققه . لقد اعتبر بن علي أن الإسلام هو عدوه الوحيد فأطلق أزلامه وعصابته يطاردون كل من يصلي في المساجد ، أو تظهر على وجهه سمات الصلاح والتقوى ، أو ترتدي الحجاب . ولم تسمح أجهزة أمنه بتوظيف أي شاب تشك في التزامه بالإسلام . ولأن هؤلاء الشباب يتميزون بالكفاءة العالية التي كان يمكن أن تصنع التقدم ، وأن تقيم اقتصادا إنتاجياً يوفر فرص العمل بدلاً من اقتصاد الخدامين الذي يقوم على السياحة ، والذي يحتكره أقارب زوجته الذين يمتلكون الملاهي ويتاجرون في المخدرات ، وبذلك حقق بن علي للاستعمار ما كان يتمناه وهو أن تظل بلاد العرب متخلفة وتابعة وفقيرة حتى لا تتطلع الشعوب للحرية والمجد والتقدم وتحقيق الانتصارات . وهذا الطاغية القاسي المتوحش لم يكن فقط عبداً للاستعمار ، ولكنه كان أيضاً مجرد عبد لامرأة . فلقد أطلق يد هذه المرأة لتفعل في تونس ما تشاء ... ولقد سرقت هذه المرأة وعائلتها ثروة تونس حتى أن جريدة لوموند قالت إن هذه المرأة قد فرت بطن ونصف من سبائك الذهب بينما لا يجد أهل تونس خبزا ولا ماء ولا حرية . إنه الظلم والفساد والطغيان في أبشع صوره . لم يكن بن علي زوجاُ لهذه المرأة الجشعة ولكنه كان عبداُ لها تأمره فيطيع ، وتغير الوزراء كما تشاء ، وتدير الدولة كما تريد، وانتشر أفراد عائلتها ينهبون وينشرون الفساد ، فقد تصوروا أنهم يملكون الأرض ومن عليها تماماً مثل الإقطاع في فرنسا في فترة ما قبل الثورة الفرنسية . لقد كانت هي الحاكم الفعلي لتونس ، وكانت تعد زوج ابنتها ليخلف الطاغية الذي تختفي وراءه . وزوج الابنة هو مجرد عبد آخر لها ، وهو يملأ الأرض فساداً وينهب ما يشاء من الأموال ، وعليه فقط أن يطيع أوامرها . وبن علي وقف في آخر ساعته يقول لشعب تونس الآن فهمتكم ... لكن هذا الفهم جاء متأخراً وبعد أن غرق في الآثام وارتكب من الجرائم ما يجعل شعب تونس يلعنه ويكرهه ويتمنى أن يرجمه بالحجارة . لكن هل يفهم الآن بن علي بعد أن ضاعت أبهة الملك والسلطة والعز أنه كان مجرد عبد لامرأة ولقوى الاستعمار ، وأنه سيعيش ما بقى من حياته ذليلاً طريداً شريداً ... فليتجرع الآن كاسات الندم إن كان له عقل يفهم ، وليشرب دموع الحزن على أنه ارتضى لنفسه العبودية لامرأة ولقوى الاستعمار ... أما شعب تونس فليهنأ بالحرية .

693

| 22 يناير 2011

كيف استطاع بن جوريون أن يتلاعب بعقول المسيحيين؟

يشير معظم الذين كتبوا عن بن جوريون إلى عدم إيمانه بالدين، ولكنه استخدم الدين اليهودي والمسيحي لإقامة دولة إسرائيل، وخداع المسيحيين فهو يرى أن الحركة القومية اليهودية الحديثة تقوم على ارتباط اليهود بالأرض الموعودة وباللغة العبرية والرؤية اليهودية المسيحية حول إعادة البعث. وتعود فكرة إعادة البعث في اليهودية والمسيحية إلى أن الرب يرسل مبعوثيه لتخليص البشر من ذنوبهم وإعادتهم إليه، والمخلص هو المسيح لكن المسيح في اليهودية لم يأت بعد، والمسيحيون يعتقدون أن المسيح هو ابن الرب وقد جاء وسوف يعود. وما قام به بن جوريون هو عملية توفيق بين الرؤيتين اليهودية والمسيحية في رؤية واحدة، واستغلالها لتحقيق هدفه في إقامة دولة إسرائيل. يقول أفراهام أفي هاي إن بن جوريون قد قام بخطوة خطيرة هي أنه صور عودة اليهود إلى أرضهم الموعودة وتجمعهم فيها مقدمة لعودة المسيح، وبذلك فقد قام بالتوفيق بين الرؤية المسيحية واليهودية، وخدع المسيحيين وزرع هذه الخرافة في عقولهم لتصبح عقيدة عامة. ونتيجة ذلك فقد أقنع بن جوريون المسيحيين بأن تأييد إقامة الدولة الإسرائيلية التي يتجمع فيها اليهود هو مقدمة للخلاص وعودة المسيح وما قام به بن جوريون هو عملية استغلال للعقيدة المسيحية في عودة المسيح، وربطها بالهدف الصهيوني، وتحويلها إلى وسيلة يستخدمها للحصول على دعم الدول الغربية، واستغلال مشاعر المسيحيين الدينية ورغبتهم في الخلاص. ولقد استطاع بن جوريون أن يوفق بين نصوص العهدين القديم والجديد، وبين التلمود والتراث الكهنوتي المسيحي، واستخدم لغة الإنجيل لتبرير إقامة دولة إسرائيل مع استخدام لبعض المصطلحات الغامضة التي تهدف إلى التوفيق بين الرؤيتين المسيحية واليهودية حول الخلاص والمخلص. هكذا يمكن أن نفهم كيف يصف بن جوريون والصهاينة أنفسهم بعدم الإيمان ويستخدمون النصوص الدينية، مع التوفيق بينها، لتحقيق أهدافهم، ودفع المسيحيين لتأييد إقامة دولة إسرائيل بهدف تحقيق الخلاص. لقد استوعب بن جوريون المسيحية واليهودية، واستطاع أن يستخدم النصوص الدينية في أكبر عملية تضليل وتزييف وتوفيق بين هذه النصوص، وجعل المسيحيين يؤيدون المغامرات العسكرية الإسرائيلية والجرائم الصهيونية والرغبة في التوسع باعتبار أن هذا التأييد يأتي استجابة لنصوص كتابهم المقدس. ولم يتذكر بنجوريون موسى إلا عام 1956 حين اشترك مع بريطانيا وفرنسا في الهجوم على مصر، ودفع قواته لاحتلال سيناء، حيث قال إن آلاف الجنود قد شاركوا في القتال في صحراء سيناء لأنهم تذكروا كيف قاد موسى أسلافهم في هذه الصحراء إلى جبل سيناء ليتلقى الوصايا العشر من الرب. يقول بن جوريون إنها ليست مجرد معركة... لقد كانت التجارب مرتبطة حيث طافت الذكريات عبر آلاف السنين برؤوس جنودنا، حيث كان آباؤهم يقفون على جبل سيناء. هكذا استطاع بن جوريون أن يحارب عبر كل الجبهات باستخدام النصوص الدينية بعد أن قام بتطويعها لتحقيق أهدافه، فهو يقتبس من الإنجيل والتلمود طبقاً للمواقف المختلفة نصوصاً يبرر بها جرائمه ويقنع بها المسيحيون بتأييده ويحول بها جنوده إلى مجرمين يقتلون ويدمرون وهم يتذكرون صور آبائهم وهم يتلقون الوصايا العشر على جبل سيناء من الرب. وبالطبع لم يتذكر بن جوريون أن موسى قد ذهب إلى الجبل ليتلقى الوصايا من ربه وعندما عاد وجد بني إسرائيل آباء بن جوريون وجنوده يعبدون عجلاً من ذهب صنعه لهم السامري، وأن الله قد غضب عليهم وأمرهم بان يقتلوا أنفسهم. لكنه تذكر فقط ما يمكن أن يقنع جنوده بارتكاب عمليات القتل والتدمير. إنه يجب الاعتراف بأن بن جوريون كان عبقرياً ولكن في الدهاء والخداع والكذب والتضليل وصنع الخرافات، وقبل أن يموت علم الإسرائيليين صناعة الخرافات وتضليل الشعوب وتبرير الجرائم.

730

| 14 يناير 2011

كيف تحول الإسرائيلي إلى مجرم؟!

من يدرس الجرائم الإسرائيلية طوال التاريخ يدرك أنها نابعة من عملية تشكيل ديني وثقافي للشخصية اليهودية، وأن الحاخامات ورجال السياسة قد تضامنوا لتحويل الشخصية الإسرائيلية إلى عبادة الذات بحيث يجعلونه يعتقد أنه هو الأفضل والأقوى ـ وأنه فوق البشر، وأن كل البشر بالنسبة له مجرد حيوانات. وطبقاً لذلك فإنه لا يتعرض لتعذيب ضمير عندما يرتكب جريمة، ومع الزمن يموت الضمير الإنساني نتيجة الشعور بالفوقية والسيادة والعظمة والاحتقار للبشر. لذلك فإنها جريمة دينية ثقافية معادية للإنسانية والحضارة والدين تلك التي ارتكبها حاخامات إسرائيل عبر قرون طويلة. وهي أيضاً جريمة سيكولوجية ارتكبها الحاخامات في حق اليهود أنفسهم حيث جعلوهم يعبدون ذواتهم وينفصلون نفسياً وشعورياً عن البشر، فلا يأمن أحد لهم، ولا يفكر في التعامل معهم طبقاً للأخلاقيات والأعراف والتقاليد التي توافقت عليها الحضارات الإنسانية. وأهم الخرافات التي زرعها الحاخامات والسياسيون في نفوس الإسرائيليين أنهم شعب الله المختار، وأن كل الشعوب قد خلقت لخدمتهم، فهم أعظم من البشر. وعندما يكذب اليهودي فإنه لا يشعر بأنه يرتكب إثماً، لكنه يفعل ذلك لخداع الأغيار كعملية مشروعة دينياً لتحقيق الأهداف. وهكذا نجد القادة الإسرائيليين يكذبون بشكل مستمر، ولا يلتزمون بأي اتفاقيات، ويتضح ذلك من خلال دراسة السلوك السياسي الإسرائيلي، وتطبيق الاتفاقيات التي عقدها القادة الإسرائيليون مع الفلسطينيين. ففي خلال الفترات التي التزم فيها القادة الإسرائيليون بعدم بناء المستوطنات، كانت عملية بناء هذه المستوطنات تتم بشكل سريع. وعلى سبيل المثال فقد شهدت الضفة الغربية أكبر عملية توسع في بناء المستوطنات خلال فترة حكم باراك رغم التزامه المعلن بعملية السلام مع الفلسطينيين وعدم بناء المستوطنات. كانت الحكومة الإسرائيلية تدعي أن بناء هذه المستوطنات تم بشكل غير قانوني، لكن الحقيقة التي يكشفها جون روز في كتابه خرافات الصهيونية أن الحكومات الإسرائيلية كانت تقوم بتشجيع المستوطنين على إنشاء هذه المستوطنات وترفض تطبيق القوانين عليهم. ما يهمنا في ذلك هو أن القادة الإسرائيليين يكذبون بشكل مستمر ويخدعون العالم ويحاولون تغيير الواقع على الأرض بينما يقومون بالتفاوض. ومع ذلك فقد استطاعوا أن يروجوا لخرافة هي أنهم يحترمون التزاماتهم واتفاقاتهم، وابتلع الزعماء العرب تلك الخرافة حتى أن أحدهم قد روجها في خطاب له قائلاً إنه عانى كثيراً من عملية التفاوض معهم، لكنهم في النهاية يحترمون توقيعهم، والواقع يؤكد أن هذه الخرافة تتناقض مع التاريخ والواقع. لذلك يأتي الإسهام التاريخي الذي قدمه جون روز، حيث كشف عملية الكذب وصنع الخرافات التي تميز التاريخ اليهودي، وربما يكون هذا من أهم ما يميز الشخصية اليهودية، ويعتبر مدخلاً مهماً لتفسير أحداث التاريخ. ولقد راجت خرافة في العالم هي أن اليهود عباقرة، وأنهم قدموا الكثير من الإنجازات العلمية ويشيرون إلى بعض الأسماء التي اكتسبت شهرة واسعة في العالم وربما يكون من أهمهم دار ون وفرويد. لكن الحقيقة التي يمكن أن يكتشفها كل من يدرس التاريخ بعمق أنهم عباقرة فقط في الكذب والتضليل والدعاية وصنع الخرافات وتشويه الواقع. كما يمكن أن يكتشف أن تلك العبقرية ناتجة عن عملية تشكيل ديني وثقافي تمت منذ عهد السبي البابلي حتى الآن، هذه العملية صنعت المبررات الدينية للإسرائيلي لكي يكذب على الآخرين ويخدعهم لكي يحقق أهدافه. وهو يكذب على الآخرين لأنه يشعر بأنه أفضل منهم، وبالتالي فإن الكذب والخداع لا يشكل جريمة، فهو ينتمي إلى شعب الله المختار، وعليه أن يحقق أهدافه، فهذه الوسائل مبررة دينيا طالما أنها ستحقق للشعب المختار أهدافه، لذلك فإننا يجب أن نهتم بدارسة الجريمة الثقافية الدينية التي ارتكبها حاخامات اليهود في حق البشرية، فهي جريمة احتقار للإنسان كجنس وتحويل اليهود إلى حالة عنصرية فأصبحوا يعبدون ذاتهم ويتعالون على البشر، ويرتكبون الجرائم ضد الإنسانية ويجدون لكل تلك الجرائم مبررات دينية وثقافية. في ضوء ذلك يمكن أن نفهم سلوك الجندي الإسرائيلي في الحروب المختلفة، فهو يتسلى بقتل الأسرى المصريين في حرب 1967، وهو يتلذذ بقتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم في غزة، ويعتقد أن ما يقوم به من قتل وتدمير هو عبادة لرب إسرائيل.. وهو يكذب ويتحرى الكذب ويخدع العالم ويروج الخرافات لأنه يعتقد أنه فوق البشر!!

794

| 07 يناير 2011

فوكوياما يعترف بخطئه : إنها ليست نهاية التاريخ

فرانسيس فوكوياما هو صاحب نظرية نهاية التاريخ اعترف بأنه أخطأ ، وأن مالم يتوقعه هو أن السلوك الأمريكي يمكن أن يثير كل هذا العداء لأمريكا على المستوى العالمي . ولقد كان أكبر أخطاء أمريكا عقب 11 سبتمبر هو توسيع نطاق الحرب والتي كلفتها مئات المليارات من الدولارات ، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الضحايا . أما الخطأ الثاني فهو أن أمريكا لم تحاول التعرف على ما يمكن أن تثيره ممارستها للقوة من ردود أفعال على المستوى العالمي . لقد رأى رجال بوش أن أمريكا يجب أن تتصرف اعتماداً على قوتها دون اعتبار للأمم المتحدة أو حتى حلف الناتو . ولقد أوضحت حرب العراق مدى قوة أمريكا العسكرية لكن ذلك أثار غضب الكثير من دول العالم حتى حلفاء الولايات المتحدة ، وأدى ذلك إلى تزايد العداء لأمريكا على المستوى العالمي . أما الخطأ الثالث الذي ارتكبته أمريكا فهو أنها لم تستطع أن تقدر فعالية القوة العسكرية عند التعامل مع دول ضعيفة ومع تنظيمات ذات طبيعة عالمية . إن أمريكا تمتلك قوة عسكرية تفوق قوة أية دولة طوال التاريخ الإنساني ، وهي تنفق على قوتها العسكرية ما يزيد على الإنفاق العسكري لكل دول العالم . لكن هذه القوة لا تستطيع التعامل مع قوى تجتماعية معقدة غير منظمة بشكل مركزي . يضيف فوكوياما إن إسرائيل ارتكبت الخطأ نفسه حين استخدمت قوتها الضخمة لتدمير حزب الله في جنوب لبنان . يمكن أن نضيف إلى ما كتبته فوكوياما إن إسرائيل استخدمت كل قوتها بهدف تدمير حماس في غزة ، لكن تلك القوة لم تكن قادرة على تحقيق النصر ، واضطرت إسرائيل لوقف الحرب لأنها أدركت أنها يمكن أن تتعرض لهزيمة إذا ما دخل جنودها إلى قطاع غزة للإشتباك بشكل مباشر مع مقاتلي حماس . ولذلك ظلت إسرائيل تدمر المباني بواسطة الصواريخ ولم يجرؤ جنودها على مواجهة قتالية على الأرض . يفسر فوكوياما ذلك بأن أمريكا وإسرائيل لم تدركا خطورة التحديات ، حيث قامت تجاربهم على مواجهة الدول القومية وتدمير الجيوش النظامية لهذه الدول ... لكن استخدام القوة لا تجدي نفعا مع تنظيمات لها جذور اجتماعية ، ولا يمكن التعامل معها باستخدام القوة التقليدية ، الخطأ الرابع الذي ارتكبته إدارة بوش إنها لم تخطط لما بعد الاحتلال ، ولم تحاول التعرف على التهديدات التي يمكن أن تواجه جيشها بعد السيطرة على الأرض ، وإزالة النظم . ففي العراق لم تستطع أمريكا إقامة نظام ديموقراطي أو تحقيق الأمن لشعب العراق ، كما أن الجيش الأمريكي لم يستطع مواجهة الموقف حينما اكتشف أنه قد أخطأ . ولقد تجاهل بوش حكمة الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وهي أن استخدام القوة يشكل خطراً على أمريكا نفسها ، حتى لو كان هذا الاستخدام مبررا من الناحية الديموقراطية ، لذلك فقد اخترعوا نظاماً دستورياً يفصل بين السلطات ، لمنع السلطة التنفيذية من اتخاذ قرارات باستخدام القوة . لكن الإدارة الأمريكية في عهد بوش أضعفت هذا النظام نتيجة لرغبتها في شن الحرب على العراق . ولعل أهم الأخطار التي يتعرض لها العالم هو أن أية دولة يمكن أن تستخدم القوة دون الحاجة إلى موافقة عالمية أو تبرير وبشكل غير مشروع طالما أن الولايات المتحدة قد استخدمت القوة لشن الحرب ضد العراق . لقد وجهت أمريكا ضربة شديدة للنظام العالمي ، واحتقرت هذا النظام ولم تهتم بالقانون الدولي هكذا صور فوكوياما أخطاء أمريكا الأربعة التي جعلته يتراجع عن نظريته التي نشرها في بداية التسعينات متأثراً بانهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج الثانية . وكان فوكوياما قد كتب هذا المقال الذي أعلن فيه تراجعه عن نظرية نهاية التاريخ عام 2007 ، ترى ماذا يمكن أن يقول فوكوياما الآن بعد أن تعرض العالم لأزمة اقتصادية تهدد بانهيار الكثير من الدول . ومن المؤكد أن أحد أهم أسباب هذه الأزمة ممارسة أمريكا للقوة وقيامها بشن الحرب على أفغانستان والعراق حيث أنفقت أمريكا أكثر من تريليون دولار ... ومازال الاحتلال مستمراً ، وأمريكا تحتاج إلى إنفاق مستمر على جيشها الذي لا يمكن أن يحقق نصراً . ومالم يتوقعه فوكوياما هو أن الأزمة الاقتصادية سوف تزيد عدد الفقراء في كل أنحاء العالم ، وقد لا يجد هؤلاء الفقراء أمامهم سوى أن يقلدوا االتنظيمات العنكبوتية التي واجهتها أمريكا في العراق وأفغانستان ... ولن تجدي القوة التقليدية في مواجهة هذة التنظيمات التي يمكن أن تنتشر عبر العالم ، وتهدد الرأسمالية العالمية التي تصور فوكوياما أنها قد حققت انتصاراً تاريخياً ... وأن هذا النصر الرأسمالي هو نهاية التاريخ . إن القوة التقليدية الأمريكية نجحت في احتلال العراق وأفغانستان ، ويمكن أن تنجح في تقويض النظم في دول قومية ، لكن هذه القوة أعجز من أن تحقق للولايات المتحدة أمناً أو نصراً ، وكل ما يمكن أن تحققه هو أزمة اقتصادية عالمية وتزيد العداء لأمريكا .

1508

| 24 ديسمبر 2010

هل أفسد المستبدون الأدب؟

إن شئت أن تعرف أسباب ضعف الإنتاج الأدبي العربي الحديث، وانفصاله من طموحات الأمة، فاعلم أن الاستبداد قد أفسد أدبنا وثقافتنا كما سمم حياتنا، وشل طموحاتنا وزاد فقرنا. فمنذ أعوام قليلة اعترف وزير ثقافة دولة عربية مهمة بأنه يشتري أديباً بوجبة عشاء، ويشتري آخر بمنصب. فماذا نتوقع من أديب يشترى بلقمة سوى أن ينتج قصيدة غامضة يسب فيها أمته ويتطاول على الذات الإلهية، أو رواية ساقطة ليس لها قيمة حقيقية بكل مقاييس الأدب، تتحدى مشاعر المسلمين وتسيء إلى مقدساتهم لأن ذلك يعجب الغرب الذي يتبعه المستبدون العرب. والأديب الذي اشتراه المستبدون بوجبة عشاء من الطبيعي أن يقطع علاقته بثقافة وطنه، ويحاول أن يبحث عن أسوأ ما في أمته فذلك يرضي أسياده المستبدين الذي يخافون من القوى الإسلامية التي تكافح لبناء مشروع حضاري. المستبدون يعرفون أن هذا المشروع يكسب كل يوم مزيداً من الأنصار، وأنه يشكل مقاومة شاملة للاستعمار والاستبداد ولذلك فإن المستبدين العرب يستخدمون الأدباء الذي اشتروهم بعشوة طبقاً لتعبير وزير الثقافة لكي يقوموا بإلهاء الجماهير وتزييف وعيها وخدمة صناعة التسلية وتضييع جهد الحركة الإسلامية في مواجهة بعض الأعمال التي تسيء إلى الذات الإلهية أو المقدسات والرموز الإسلامية. وفي الوقت نفسه يتم تصوير الحركة الإسلامية بأنها ضد الإبداع وتهاجم الأدباء وتريد تقييد حرية الرأي والتعبير، وأن كل ما ستفعله إذا وصلت للحكم هو تقييد حرية الإبداع والثقافة والفكر. وهذا يعني أن الأدباء قد تحولوا إلى وسيلة يستخدمها المستبدون في تحقيق أهدافهم ومحاربة معاركهم مع القوى التي تحافظ على ثقافة الأمة. ولم يحارب هؤلاء الأدباء دفاعاً عن كرامتهم التي أهانها المستبدون. بعد أن حصلت على درجة الدكتوراه دعيت إلى مؤتمر في الجمعية المصرية للتشريع لأتحدث عن الرقابة.... وخلال الجلسات التي سبقت الجلسة التي تحدثت فيها كانت هناك مطالبة مستمرة من القاعة بمناقشة مشكلة الرقابة باعتبارها أخطر المشكلات التي تقيد الحرية... وهو الأمر الذي أدى إلى وقوف الأستاذ كامل زهيري ليطمئن الجميع إلى أن المشكلة ستتم مناقشتها في جلسة متخصصة وأنه تمت دعوتي لأقدم الرؤية العلمية. وكما توقع الأستاذ الكبير كامل زهيري فقد قدمت عرضاً لاستخدام السلطات الاستعمارية والاستبدادية للرقابة منذ عام 1914، وأوضحت كيف أن هذه السلطات قد أعاقت تطور الصحافة ووسائل الإعلام والثقافة، وطالبت الحضور بأن تبدأ مرحلة جديدة من الكفاح ضد الرقابة. لكن مجموعة من مدعي الثقافة، والذين يصورون أنفسهم بأنهم ينتمون لليسار عبروا عن غضبهم علي لأنهم كانوا يريدون أن أركز على الرقابة التي يمارسها الأزهر باعتباره مؤسسة دينية على الإنتاج الأدبي وتقييد حرية الإبداع، ومنع نشر المواد التي تسيء إلى رموز الإسلام. وبأسلوب علمي ناقشت الاعتراضات وأثبت أن السلطة هي التي تقيد حرية الأدب والثقافة والصحافة والإعلام. وأننا نكافح لنحمي حق الأمة في حماية حرية الجميع وليس حماية حرية مجموعة من التابعين للسلطة في الهجوم على الإسلام. هذه التجربة أوضحت لي الكثير من الحقائق وهي أن السلطة المستبدة والأدباء التابعين لها يريدون الحرية بمعنى محدد هو حرية استخدام التعبيرات الجنسية التي تصدم الحياء الإنساني، والهجوم على المقدسات والرموز الإسلامية.. ولكنهم لا يريدون الحرية للكفاح ضد الاستعمار والاستبداد ولحماية حقنا في تطوير صناعة المضمون الثقافي والإعلامي وبناء مجتمع المعرفة. وهم لا يريدون أن يكون الأدب وسيلة لتشكيل وعي الأمة، والكفاح لتحقيق الاستقلال الثقافي والحضاري، ولتحقيق الديمقراطية والعدالة ومقاومة الاستبداد. ولذلك فإن الأدباء الذين اشترتهم السلطة بعشوة يثورون ضد أية محاولة حتى من جانب المؤسسة الإسلامية الرسمية مثل الأزهر إذا طالبت بمصادرة رواية تافهة تسيء إلى الإسلام. كأن هؤلاء قد أرادوا اختزال الحرية في الهجوم على الإسلام وفي استخدام الجنس. وفي الوقت نفسه كانت السلطات المستبدة تمنع نشر الكثير من الإنتاج الأدبي الملتزم بقيم الإسلام والذي يكافح ضد الاستعمار والاستبداد، ولأن معظم دور النشر الخاصة لا تنشر سوى القليل من الكتب التي تعتقد أنها ستحقق أرقام توزيع كبيرة لأسماء مشهورة، فلم يستطع الكتاب الذين تكرههم السلطات والتي لا تنشر لهم وزارات الثقافة والهيئة العامة للكتاب أن ينشروا إنتاجهم رغم أهميته. وهكذا سيطرت السلطات على الأدباء ووجهتهم واستخدمتهم لتزييف وعي الأمة واشترت معظمهم بوجبة عشاء... أما الذين حرصوا على كرامتهم وشرفهم وضمائرهم واعترفوا بانتمائهم لأمتهم فقد ظلوا مغمورين. واتجه معظمهم إلى البحث عن لقمة خبز شريفة وهجر الأدب والثقافة.

999

| 10 ديسمبر 2010

إنه أدب التبعية والخضوع للاستعمار الثقافي!

التبعية للغرب هي السمة الرئيسة التي شكلت سياسة الدول العربية واقتصادها بعد الاستقلال الصوري الذي حققته في الخمسينيات والستينيات. لكن قوى الاستعمار الجديد وجدت أن نشر ثقافة الغرب وإلهاء الجماهير وإخضاعها وإضعافها هو أهم الضمانات الاستمرارية التبعية السياسية والاقتصادية. والنظم الحاكمة في الدول العربية وجدت أن ارتباطها بالغرب أهم وسائل حمايتها في مواجهة شعوبها التي كانت تريد أن تتمتع بامتيازات الاستقلال الذي كافحت من أجله. وأهم هذه الامتيازات الحرية والديمقراطية والعدالة، إذا درسنا الإنتاج الأدبي العربي سوف نلاحظ أن التبعية للغرب قد تزايدت في هذا الإنتاج خلال الستينيات، وفي دول خاضت تجارب كفاحية مهمة ضد الاستعمار مثل مصر والجزائر. كان تزايد ظاهرة التبعية في الأدب نتيجة لتشجيع السلطات التي تشكلت عقب الاستقلال من مجموعة من الشخصيات المتغربة ثقافياً رغم أنها كانت ترفع شعارات الاستقلال. ما هذا التناقض وكيف نفسره؟ كيف يمكن للسلطات التي تشكلت عقب الاستقلال والتي ادعت أنها تستمد شرعيتها من هذا الكفاح، ومن الإنجاز الوطني الذي تحقق بفضل الكفاح الوطني، وكيف يمكن لوزارات الثقافة في دول مثل مصر والجزائر والعراق أن تشجع على فرض التبعية للغرب في الإنتاج الأدبي؟! الأخطر من ذلك أن تلك الوزارات قد حاربت الإنتاج الأدبي الذي ارتبط بالحركة التي أسهمت بشكل كبير في تحقيق الاستقلال وهي الحركة الإسلامية، وحاربت أي اتجاهات إسلامية في الأدب، أي أنها فرضت التبعية الأدبية فرضاً، ولم تسمح إلا ببعض الإنتاج الذي يشوه صورة الشخصية الإسلامية، أو يفسر التاريخ الإسلامي تفسيراً مادياً متغرباً. يمكن أن نلاحظ أيضاً أنه في الوقت الذي رفعت فيه بعض الدول العربية مثل مصر شعار القومية العربية، كانت وزارة الثقافة تشجع الإنتاج الأدبي الذي يمجد القطرية ويزيد من عوامل الفرقة والتشرذم والخلافات وتشكيل صور نمطية لشعوب عربية أخرى. كما أنه يمكن أن نلاحظ أن الأدب العربي قد تبني التفسير المادي الطبقي لحركة الحياة والتاريخ، وبالتالي دارت معظم الروايات التي أنتجت خلال الستينيات على الصراع الطبقي وتجاهلت الكفاح ضد الاستعمار حتى في رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ يمكن أن نلاحظ أنه صور الأنبياء فتوات الحارة بأنهم قادة حركة الصراع الطبقي. عندما نقارن ذلك بمحاولة مؤرخين عرب تصوير الفتوحات الإسلامية بأنها نتيجة لرغبة العرب في الحصول على موارد جديدة بعد أن ضاقت بهم جزيرتهم... وهو تصوير مادي مستمر من كتابات المستشرقين ويهدف إلى التزييف والتزوير وبناء صور نمطية لصالح الاستعمار الغربي ولم يكن هدفه تصوير الحقيقة. يوضح ذلك أن الأدب قد استخدمته السلطات المستبدة عقب الاستقلال لتزييف وعي الأمة، ولفرض التبعية عليها. فهذه السلطات لم تكن تريد الاستقلال الشامل ولم تكن قادرة على تحمل تبعاته أو الكفاح من أجل تحقيقه، وكانت تخاف من شعوبها التي كافحت ضد الاستعمار... ولذلك استخدمت الأدب لإلهائها حتى لا تواصل الكفاح ضد الاستبداد والاستعمار الجديد... وكان تشجيعها للتبعية في الأدب من أهم الأسلحة التي استخدمتها السلطات المستبدة ضد الحركة الإسلامية التي كافحت ضد الاستعمار ولتحقيق الجلاء. هذه السلطات المستبدة أرادت أن تلهي الشعوب بالصراع الطبقي كبديل للكفاح ضد الاستعمار، وأرادت أن تفرض فكرة أن الحياة مادة... فإن كانت الحياة كذلك فلا ضرورة لكفاح ضد الاستعمار والاستبداد... لذلك فإن أمتنا لابد أن تكافح لتحرير أدبها وثقافتها من التبعية للغرب لتستخدم الأدب كسلاح في كفاحها من أجل الحرية.

2402

| 03 ديسمبر 2010

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

2025

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

1635

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

1152

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1089

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

1026

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
حين يتقدم الطب.. من يحمي المريض؟

أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...

792

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

672

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

537

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
أول محامية في العالم بمتلازمة داون: إنجاز يدعونا لتغيير نظرتنا للتعليم

صنعت التاريخ واعتلت قمة المجد كأول محامية معتمدة...

492

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
عولمة قطر اللغوية

حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا...

459

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
أين المسؤول؟

أين المسؤول؟ سؤال يتصدر المشهد الإداري ويحرج الإدارة...

459

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
لُغَتي

‏لُغَتي وما لُغَتي يُسائلُني الذي لاكَ اللسانَ الأعجميَّ...

450

| 24 ديسمبر 2025

أخبار محلية