رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يبدو أن الشتاء القارس مثير للمشاعر المصابة – في عالمنا العربي- بالجفاف العاطفي فما نكاد ننتهي من قصص العشاق الذين بدأوا في التسابق في إظهار مشاعرهم على الملأ وإعلان قصص حبهم في عدد من المواقع الاجتماعية حتى ظهرت لنا تقليعة جديدة تدعى "حملة الأحضان المجانية" أو ما يسمونها في الغرب"free hug "فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعية بالدعوات من قبل الجنسين لممارسة العناق الجماعي ومن خلال وقفات جماعية في عدد من المدن والجامعات العربية! عندما قام أحد الشباب السعودي برفع لافتة مكتوب عليها "free hug" وسار بها في أحد الشوارع في السعودية ونشر مقطعه على موقع اليوتيوب ظننت أنها نزوة عابرة لشاب باحث عن الشهرة. لكن بعد أن شاهدت صورا ومقاطع لعدة شباب وفتيات يحاكون سلوكه الغريب حتى أن منهم من دخل الأسواق بكل جراءة ليطالب بالقبل المجانية أيقنت أننا نعاني من خلل كبير في منظومة القيم ومن غياب واضح للتوجيه وافتقاد الشباب للقدوة الحسنة. فشبابنا المتلهف لمحاكاة الغربيين في كل شيء لم يأخذ من هذه الحضارة الغربية إلا مظاهرها وطقوسها السلبية فلهث خلف بريق حضارتهم وقام بمحاكاة الغربيين في الملبس والمأكل والمسكن لكنه بالمقابل تجاهل النهل من علومهم وتمسك بقشور حضارتهم فقط. أو كما قال نزار قباني "لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية". من المثير للسخرية أن هناك من يدافع عن مثل هذه الدعوات الدخيلة علينا كمجتمعات شرقية ومحافظة ويتحجج بأنها من باب نشر السلام والمحبة بين شعوب العالم خاصة أننا نعيش في قرية كونية واحدة ولكنه ينسى أو قد يتناسى أن في ديننا الحنيف ممارسات أكثر فعالية وتدعو للألفة ونشر المحبة بين الشعوب كإفشاء السلام والابتسامة في وجه الآخرين وصلة الرحم الذي قد غفل عنه الكثيرون. فلماذا يهرولون ويلهثون وراء تقليعات الغرب وديننا الحنيف عامر بدعوات أكثر فعالية من تلك التقليعات العجيبة والتي لا تتناسب مع ديننا وقيمنا. فالعولمة لا تعني الانسلاخ من الهوية والتخلي عن القيم الخاصة بكل شعب كما يظن البعض. حملة "احضن ببلاش" أو "الحضن المجاني" أو غيرها من الحملات التي تحاكي الغرب ليست إلا مؤشرا خطيرا على البرمجة التي نعاني منها وبشدة في العالم العربي والخلل الكبير في العملية التربوية. وهذا الأمر يستلزم من الباحثين والأكاديميين الاهتمام بدراسة تلك المؤثرات الخطيرة وملاحظة التغير الحادث في منظومة القيم لتدارك الخلل وتحفيز الشباب على العمل والإبداع والاعتزاز بالهوية العربية والإسلامية.
1673
| 25 نوفمبر 2013
اعتدنا كمجتمعات عربية أن نقرأ عن تحرش الرجال بالنساء في الأسواق والأماكن العامة ونطالب بإيقاع أقصى العقوبات بحق هؤلاء المتحرشين. ولكننا لم نعتد أن نتحدث عن العكس وهو تحرش النساء بالرجال. فدائما ما نتهرب من الحديث عن تلك القضية ومن مشاهدتنا لما يحدث في الأسواق وبعض الأماكن العامة من سلوكيات سلبية وتصرفات طائشة لا مبالية من قبل بعض الفتيات والسيدات تجاه الباعة أو مرتادي تلك الأماكن من الرجال والتي قد تصل أحياناً إلى معاكسة الزوج في حضور زوجته! قبل فترة ليست بالطويلة اشتعلت المواقع الاجتماعية كتويتر والفيس بوك بالحديث عن عدد من حوادث التحرش بالنساء في السعودية وكان الجميع يتحدث عن سلوكيات الشباب المتحرشين ويطالبون بالتشهير بهم. وتناسوا دور بعض الفتيات في وقوع مثل تلك الحوادث. فقبل أن نطالب بالتشهير بالشباب المتحرش ومحاسبته علينا ألا نغفل دور المرأة المتحرشة وننظر لسلوكها العام ونحاسبها. فكثير من الفتيات تمارس السلوكيات الطائشة وتلعب بالنار ثم تحاول إخراج نفسها من تلك المشكلة بالتباكي واتهام الرجل بالتحرش بها! يسري على مجتمعاتنا العربية ما يسري على بقية المجتمعات. ففينا الأسوياء وفينا غير ذلك فلا ينبغي التهرب من واقعنا بالعيش في أوهام المدينة الفاضلة والحديث عن جرائم الشباب وإغفال التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض السيدات والتي تساهم في إشعال فتيل الفتنة. حوادث التحرش تتكرر وبشكل شبه يومي في كثير من المدن العربية والجميع يتحدث عن الظاهرة من جانب واحد وهو الرجل ونادرا ما يتم الحديث عن السلوك العام للمرأة المتحرشة والتي قد تمارس تحرشها بالرجل وهي مطمئنة وعلى ثقة بأنها في مأمن من العقاب ولن تقع تحت طائلة القانون أو اللوم فهي تدرك تماما بأنه لا أحد سيصدق الرجل إذا قال عنها ذلك. وأذكر أنني اطلعت على خبر حول تقديم إحدى المؤسسات الإعلامية في بريطانيا الاعتذار لعائلة موظف أقدم على الانتحار في خريف العام الماضي إثر تجاهل شكاوى الموظف المتكررة ضد مسؤولة في المؤسسة بتهمة التحرش الجنسي. فقد كان الموظف يعاني ضغوطا نفسية على خلفية مشاكل مرتبطة بظروف عمله ومستمرة منذ ما لا يقل عن خمس سنوات. ومشاكل العمل هذه كما ظهر في جلسات تحقيق قضائي لتحديد ظروف الوفاة مرتبطة بخلاف بينه وبين مسؤولة بارزة في المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها دون أن تتحرك المؤسسة لوضع حد لتصرفاتها. هذه الحادثة وغيرها معاكسها للمألوف، فالرجل هو من يتحرش بالمرأة وليس العكس. ولكننا في السنوات الأخيرة بدأنا نسمع خاصة في الغرب عن رفع قضايا تكون المرأة هي من تستغل العاملين لديها جنسيا وتحت طائلة التهديد بالطرد أو التهميش. وفي أمريكا هناك نحو 15 ألف حالة دعاوى تحرش جنسي تُعرض سنوياً أمام «مفوضية تكافؤ فرص العمل» الأمريكية (لا تشمل هذه الأرقام الدعاوى التي يتولاها محامون في شكل خاص). وبحسب الأرقام، فإن الشكاوى التي يرفعها الرجال بزعم تعرضهم للتمييز أو المضايقة الجنسية ارتفعت ثلاثة أضعاف خلال السنوات القليلة الماضية. وحالياً، تمثّل الدعاوى المرفوعة من رجال ضد رئيساتهم في العمل بتهمة التحرش أو المضايقة الجنسية ما نسبته 11 في المائة من مجموع كل الدعاوى. وفي هذا الإطار، أظهرت أرقام لمؤسسة محاماة أمريكية («لويس هاريس وشركاؤه») أجرت استفتاء شمل 782 موظفاً وموظفة، أن 31 في المائة من الموظفات يزعمن أنهن تعرضن للتحرّش في مقار العمل، فيما يقول 7 في المائة فقط من الموظفين الرجال إنهم تعرضوا للأمر ذاته. وفي حين قالت الموظفات النساء بنسبة 100 في المائة إن المتحرشين بهن هم رجال، قال 59 في المائة من الرجال إن المتحرش امرأة (41 في المائة منهم قالوا إن المتحرش بهم هم رجال أيضاً). ومن بين النساء اللواتي تعرضن للتحرش، قالت 43 في المائة منهن إن المتحرش هو «المشرف» على عملهن، فيما قالت 27 في المائة إن المتحرش مسؤول أعلى منهن رتبة. وقالت 19 في المائة منهن إن المتحرش موظف بالرتبة ذاتها، فيما قالت 8 في المائة إن المتحرش أدنى منهن رتبة. وفي مصر سجلت وحدة الدراسات الاجتماعية لمركز حماية المجتمع إحدى الجمعيات الأهلية في بحث ميداني بالقاهرة الكبرى نسبة 9% من عينة البحث من الرجال الذين تعرضوا لتحرشات جنسية من نساء. وأشار البحث نفسه إلى أن نسبة 4% من الرجال اضطروا لإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج بناء على ضغط من سيدات، فيما كانت معظم السيدات المتحرشات جنسيا بالرجال هن مديرات أو مالكات للشركات التي يعمل بها الرجال الذين اضطروا للعلاقات الجنسية غير المشروعة مع هؤلاء النساء. في عالمنا العربي دائما ما نتحدث عن استغلال الرجال للنساء والتحرش بالإناث في الأماكن العامة وفي العمل وعرض خدماتهم وتضيق الخناق على المتحرش بها في حال الممانعة والرفض. ولكن ماذا عن تحرش النساء بالرجال واستغلال المرأة للرجل للوصول إلى المناصب والترقية من بوابة الأنوثة وليس للجدارة في العمل؟ هذه القضايا وغيرها بدأت تطفو على السطح وهي أعطاب اجتماعية موجودة وتحتاج لتسليط الأضواء عليها من قبل الباحثين والكتاب والحديث عنها بصراحة وشفافية والبحث عن حلول رادعة لها حماية للأفراد والمجتمعات.
2923
| 04 نوفمبر 2013
احتفل العالم قبل عدة أيام بيوم الطفلة العالمي والذي يوافق 11 أكتوبر بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 هذا اليوم ليكون مخصصا لتسليط الأضواء على حقوق الفتيات في التعليم الجيد والذي يشكل نقطة تحول في حياة الفتاة والمجتمع ككل. خاصة في العالم الثالث الذي تعاني كثير من نسائه في سبيل النهوض والتحرر من التخلف والفقر والأمراض. فالأمية من الآفات التي تعرقل أي تنمية حقيقية أو تقدم ملموس، خاصة في العالم العربي الذي يعاني من ارتفاع في معدلات الأمية بين سكانه، مما دفع بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" الألكسو" إلى التحذير من ارتفاع نسبة الأمية في المنطقة العربية بسبب عدم وجود تقدم حقيقي بالنسبة إلى ملف الأمية، خاصة في بعض الدول العربية. فمجموع عدد الأميين العرب من الفئة العمرية 15-45 يبلغ حاليا قرابة 67 مليون أمي وأمية. منهم %60 من الإناث. كما تشير أيضا إلى أن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى الكبار في الفئة 15 عاما وما فوق يصل إلى 72.1% وهذا يعني أن قرابة 27.9 من سكان الوطن العربي أميون.هذه الأرقام الخطيرة تشكل واحدا من أكبر الأخطار والتحديات التي تعترض التنمية البشرية والاقتصادية والإنسانية في عالمنا العربي، خاصة إذا علمنا أن أعداد الأطفال المتسربين من التعليم يزداد يوما بعد يوم، وهو وصمة عار في جبين أمة عرفت يوما بأنها منارة العلم والثقافة. فحسب تقرير الرصد العالمي للتعليم للجميع عام 2011 وصل عدد الأطفال العرب غير الملتحقين بالتعليم ممن هم في سن الالتحاق بالتعليم إلى 6.188 مليون طفل وطفلة.العالم الذي يعيش في الألفية الثالثة التي يتصدر العلم والمعرفة والتقنية الأولوية فيها يعيش بين جنباته أطفال أميون لا يعرفون القراءة أو الكتابة ولا يهتمون لها. ورغم الجهود التي تبذلها بعض البلدان بالتعاون مع المنظمات العالمية كاليونيسف وغيرها لمحاربة الأمية وتسرب الطلاب والطالبات من المدارس فمازال هناك ملايين الفتيات خارج المدارس من بينهن 31 مليون طفلة خارج المدرسة الابتدائية، و34 مليون فتاة خارج المدرسة الثانوية، ولنا أن نتخيل نسبة الفتيات العرب منهن، خاصة اللواتي حرمنا من التعليم بسبب الفقر وانتشار البطالة والحروب والصراعات الداخلية، بالإضافة إلى النظرة السلبية لتعليم الفتاة في بعض المجتمعات العربية، مما أسهم في تسرب كثير من الفتيات من المدارس وخروجهن في سن مبكرة إلى سوق العمل للمساعدة في تأمين احتياجات عائلاتهن أو تزويجهن لأول عريس قادر بغض النظر عن صغر سن الفتاة وقدرتها على تحمل مسؤولية الزواج وتربية الأطفال.عندما رفع شعار "عندما تعلم طفلة واحدة فإنما تعلم أمة بأكملها" لم يكن من باب المبالغة، بل هو حقيقة تؤكدها العديد من الدراسات والتقارير الدولية حول دور التعليم في زيادة دخل العائلات الفقيرة وزيادة الإنتاج الزراعي وكذلك خفض نسب وفيات الرضع والنساء في الدول النامية، فتعليم الفتيات هو محفز قوي لإحراز الأهداف الإنمائية في أي مجتمع، وبدونه ستبقى المرأة وكذلك المجتمعات في دوامة الأمراض والعوز.يمكن للتعليم، خاصة التعليم الثانوي، تغيير حياة أي فتاة وتعزيز مجتمعها المحلي، وهذا الأمر مرتبط بالجهود التي تبذلها الحكومات ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في دعم جهود محو الأمية في الدول العربية والعمل على تعميم التعليم الأساسي وتوفير فرص حصول جميع الأطفال عليه. فرغم التقدم الكبير والمحرز في إلحاق الأطفال، خاصة الفتيات بالمدارس، إلا أن بقاء الفتيات وإكمالهن التعليم حتى المرحلة الثانوية لا يزال يمثل تحديا صعبا، خاصة في بعض المناطق والبلدان العربية التي تحرم فيها الفتاة من إكمال تعليمها، إما بسبب فقر عائلتها وعدم قدرتها على تغطية الرسوم الدراسية ومصروفات الانتقال والكتب الدراسية أو بسبب الحروب والصراعات الداخلية التي ابتلينا بها في السنوات الماضية أو العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي حرمت كثيرا من الفتيات من حق التعليم رغم إسهامات المرأة العربية منذ البداية في نشر الدين الإسلامي وبناء الحضارة العربية وكانت منهن العالمات والفقيهات والطبيبات والمجاهدات في سبيل الله ومن تتلمذ على يدها كبار العلماء والفقهاء. فتنمية المجتمعات العربية وتقدمها رهن بمحاربة الأمية المتفشية بين النساء والفتيات العربيات، فلا تقدم ولا تطور لأمتنا ومعظم نسائها يعانين من ظلمة الأمية والجهل.
1675
| 14 أكتوبر 2013
"عفوا أيها القانون" من الأفلام التي تحدثت عن قضية مهمة وتمس حياة كثير من الأسر، فالفيلم طرح التناقضات المجتمعية حول جرائم الرجل خاصة جريمة الزنا، فالمجتمعات العربية تتغاضى عن زلات الرجل، وأحيانا القائمون على تطبيق القانون قد يتساهلون مع جرائم الرجل وقد يجدون له الأعذار وقد يحصل على البراءة في بعض الحالات، بينما يختلف الأمر مع هفوات المرأة وجرائمها حيث قد تتعرض للهجوم ويغلظ عليها العقوبة وتوصم بالعهر والتمرد، رغم أن الإسلام لا يفرق في العقوبات بين الرجل والمرأة! تذكرت هذا الفيلم حينما كنت أقرأ خبرا حول مطالبة إحدى السيدات بخلع زوجها بحجة أنه "مبيعرفش يبوس" مما أثر على حياتهم الزوجية وأضر بمشاعر الزوجة المتعطشة للحب والاهتمام والتي حاولت أن تغيره وحتى بعد أن صارحته بحقيقة مشاعرها اتهمها بأنها غير سوية وقام بالاعتداء عليها بالضرب ووصل الأمر بالزوج إلى تشويه سمعتها في محيط عائلتها حينما طلبت الطلاق. قد تكون القضية مثيرة للسخرية والتندر لدى البعض ولكنها تتحدث عن التناقض الكبير الذي نعيشه في مجتمعاتنا التي تتعاطف مع الرجل وهفواته وحتى جرائمه، معاناة السيدة مثال حي للقانون المجتمعي الأعور وتلقي الضوء على واقع كثير من السيدات فالمجتمع الذي يغلب عليه تنزيه وتقديس الرجل يتجاهل حقيقة أن للمرأة مشاعر كالرجل تماما فحالما يعجز عن إيجاد متعته مع الزوجة قد يبادر إلى تطليقها بينما يتم انتزاع هذا الحق من المرأة بحجة العيب فحالما تقرر طلب الطلاق أو الخلع خوفا من عدم إقامة حدود الله وحتى لا تقع في الحرام تتعرض للضغوطات والحرب النفسية من قبل المحيطين بها لإجبارها على التراجع عن فكرة الانفصال ويكتفون بترديد الاسطوانة المشروخة "ظل رجل ولا ظل حيطة" متناسين الضرر الواقع عليها وإمكانية وقوعها في المحظور. قضية السيدة ومعاناتها من النبذ والهجوم الشديد عليها سواء من قبل الزوج أو من قبل عائلتها فقط لأنها قررت أن تكون صادقة مع نفسها وتبحث عن سعادتها أكبر دليل على أن ثقافة العيب تسيطر على أدق تفاصيل حياتنا فالعيب في بعض الأحيان يكون أكثر قداسة من الدين نفسه وأهم من سعادة الإنسان، رغم أن الدين الإسلامي الحنيف يراعي احتياجات الإنسان ويأمر بحسن التعامل بين الزوجين ومراعاة حقوق الزوجة وأباح الطلاق – عند استحالة العشرة - منعا للانحراف والوقوع في المحظور، فالجميع تجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت بتلك المرأة لطلب الخلع واكتفوا بالهجوم عليها واتهامها بأنها غير سوية ومتمردة! فالمرأة السوية – من وجهة نظرهم – يجب أن تبقى في ظل الزوج – حتى لو كان متبلدا وقاسيا - وعليها أن تتجاهل مشاعرها الحقيقية وتكتفي بالصبر ولعب دور الزوجة الصالحة حتى الرمق الأخير من حياتها ولا يهم أن كانت سعيدة أو تعيسة في حياتها الزوجية فالرجل أولاً وثانياً وثالثاً في قانونهم الأعور. هذه الأفكار البعيدة كل البعد عن تعاليم الدين الحنيف هي من أهم الأسباب التي أدت إلى تعاسة كثير من الأزواج، فثقافة العيب وعدم الشفافية بين الزوجين وضعت جدار عازل بين الأزواج، يجعلهم أشبه بالغرباء، يراقبون تصرفاتهم وحتى أفكارهم خوفا من النقد وسخرية الطرف الآخر من مشاعرهم واحتياجاتهم مما دفع ببعض الزوجات الباحثات عن الحب والاهتمام إلى الوقوع في حبال الرذيلة. صاحبة القضية من وجهة نظري مثال للشجاعة والصدق مع الذات فهي قدمت الخوف من الله على الخوف من العباد فلم تتأثر بكلام المحيطين بها ولم تجاري ثقافة العيب وتكتفي بالتمثيل ولعب دور الزوجة الصالحة أمام الآخرين وتعيش حياة مزدوجة كبعض السيدات المتزوجات وتتخذ لها عشيقا في السر، وقبل أن يهاجمني أحد بدعوى تشجيع ابغض ما حلل الله أو تبرير خيانة الزوجات عليه أن يفكر بالأسباب الحقيقية التي تدفع بالمرأة لكراهية الزوج والمطالبة بإنهاء العلاقة، فالطلاق النفسي أشد على المرأة من الطلاق الحقيقي وتجاهل مشاعرها وحقوقها قد يدفع بها لمنزلق الرذيلة، فبدلاً من سن الألسنة وإطلاق الاتهامات ونصب المشانق لأمثالها من النساء عليهم أن يتخلصوا من كمية التناقضات التي تسكن قوانينهم وأعرافهم العمياء والتي تحكم على المرأة بأن تكون أدنى من الرجل منزلة وبلا أي حقوق أو مشاعر.
2014
| 30 سبتمبر 2013
من الظواهر الشائعة هذه الأيام والتي تدعو للقلق الشديد ظاهرة بدانة الأطفال, فظاهرة تكاد أن تتحول إلى"وباء" يهدد حياة الأطفال حول العالم وخاصة في الخليج الذي يعاني ثلثا سكانه من البدانة,فنسبة الأطفال الخليجيين الذين يعانون من السمنة دون العاشرة 12% ونسبة اليافعين دون 18 بلغت 46% ,وهذه النسب المرتفعة تدق ناقوس الخطر, فالطفل البدين اكثر عرضة لزيادة البدانة والأمراض المرتبطة بها عندما يكبر وخاصة أمراض القلب والشرايين والسكري والسرطان. علينا أن نعترف أن ثقافتنا الغذائية شبه معدومة فنحن كشعوب عربية وخليجية تحديدا من اكثر المجتمعات التي تعاني من العادات الغذائية السيئة ومن ارتفاع معدلات السمنة بين سكانها سواء البالغين أو الصغار, فغالبا ما نهمل وجبة الافطار رغم أهميتها للأطفال ونتغاضى عن "لمة الأسرة" حول طاولة الطعام بحجة الركض خلف لقمة الحياة وتأمين حياة كريمة للعائلة , فالأب مشغول بأعماله والأم تنازلت عن دورها كأم للخادمة أو الطباخة ليتناول الصغار الأطعمة المقلية والحلويات والمشروبات الغازية أمام شاشة التلفاز,وحتى حينما تحين العطل الاسبوعية يسارع الوالدان بأطفالهم إلى مطاعم الوجبات السريعة غير مكترثين بالأمراض التي ستنهش اجساد صغارهم جراء تناول تلك الوجبات المليئة بالدهون والسكريات. اطلعت قبل سنوات على دراسة علمية تحدثت عن ارتفاع معدلات السمنة بين الأطفال في الخليج وزيادة مخاطر اصابتهم بالنوع الثاني من مرض السكري وارتفاع مستوى الدهون بالدم وارتفاع ضغط الدم بسبب استبدالهم العابهم الحركية بالجلوس امام القنوات الفضائية لمشاهدة افلام الكرتون واللعب لساعات طويلة على أجهزة الكمبيوتر. حينما شاهدت اليابان ارتفاع معدلات البدانة لدى الأطفال في العالم قررت ان تتعامل بصورة مختلفة مع هذه المشكلة التي لها اثار صحية واقتصادية فأطلقت العديد من السياسات التي عملت على التصدي للارتفاع في بدانة الأطفال ,ومن اهم هذه السياسات وجبات الغداء المدرسية فالمدارس لا تعطي الطالب حرية اختيار طعامه فهو ملزم بتناول الوجبات المدرسية حتى المرحلة الثانوية, ورغم ان هذه السياسة لم تحل مشكلة بدانة الأطفال من جذورها لكنها على الأقل حققت بعضا من النجاح, فالأطفال اليابانيون مازالوا أقل عرضة للسمنة من غيرهم . للأسف رغم كثرة الدراسات التي تتناول هذه الظاهرة الخطيرة والتحذيرات التي يطلقها الخبراء والأطباء العرب في كل عام حول ظاهرة سمنة الأطفال المفرطة ومالها من آثار سلبية سواء على صحة الأطفال أو نفسيتهم أو حياتهم الاجتماعية إلا أن تلك التحذيرات يتم تجاهلها ولا يلتفت لها فما زالت بعض العائلات تؤمن بأن سمنة الطفل وامتلاء خديه دليل على الصحة وأنه "ابن عز"! وتيرة الحياة السريعة و الركض خلف لقمة العيش لا يلغي مسؤوليات وواجبات الأبوين تجاه أولادهم, فمسئولية الوالدين لا تنحصر في توفير الحياة الكريمة لأطفالهم بل أيضا في توعيتهم لنوعية الطعام المناسب لهم وخاصة أن الأطفال لا يختارون البيئة التي يولدون ويعيشون بها أو الغداء الذي يتناولونه.
1259
| 25 سبتمبر 2013
" نسمع جعجعة ولا نرى طحنا" تذكرت هذا المثل حينما سمعت خبر إقرار قانون لمنع العنف الأسري في السعودية بهدف حماية النساء والأطفال من العنف الذي قد يمارسه بعض الرجال عليهم. بصراحة لم أتحمس كثيراً لهذا القانون. ولا لغيره من القوانين التي صدرت في عدد من الدول العربية. فالقوانين التي تمس المرأة وتزعم أنها تعالج قضاياها غالبا ما تكون مجرد ديكور ولا تنفذ أيا من تلك القوانين بجدية على أرض الواقع. فغالبا ما يتم إصدار القوانين والحديث عن العقوبات ضد المعتدين وتبقى في النهاية حبرا على ورق بسبب غياب التوعية المجتمعية وعدم تمهيد المجتمع لتلك القوانين من خلال حملات إعلامية مكثفة بالإضافة إلى جهل المرأة بحقوقها والطرق القانونية التي يجب أن تسلكها.ورغم كثرة الأبحاث والدراسات التي تتناول ظاهرة العنف ضد المرأة في العالم تبقى المرأة العربية التي يمارس ضدها أشكال متنوعة من العنف بعيدة عن الباحثين وتتهرب من المشاركة في الأبحاث والدراسات المعنية بقضاياها. فقلة قليلة من النساء يكسرن حاجز الخجل ويتحدثن عن ما حدث لهن من اعتداء واضطهاد بينما الأغلبية يفضلن الصمت والإنكار. وتجرع مرارة الألم خوفا من المعتدي وكذلك خوفا من كلام الناس.. فالدعم المجتمعي للمرأة المعنفة شبه معدوم حيث ينظر لها –غالبا- نظرة اتهام وريبة ويبدأ ماراثون الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي تدفع الرجل لممارسة العنف ضدها. فالمرأة في عالمنا العربي متهمة حتى يثبت العكس! وهذه النظرة المليئة بالشك والريبة والاتهامات هي سبب رئيسي في تأخير طلب النساء المعنفات للعون والمساعدة وكذلك تأخير إعادة دمج وتأهيل ضحايا العنف الأسري. أحيانا يتم التعاطف مع معاناة المرأة المعنفة لكن دون تقديم أي مساعدة فعلية مما جعل كثيرا من النساء يفضلن السكوت وعدم الحديث عن العنف الممارس ضدهن يائسات من وجود الدعم والملاذ الآمن وكذلك هربا من نظرة المجتمع التي لا ترحم. خاصة أن قضايا كالعنف الأسري يتم التعامل معها داخل مجتمعاتنا العربية بحساسية شديدة. وقد يدفع بالجيران والأقارب إلى التنصل وعدم تقديم الدعم والمساعدة للمرأة المعنفة بحجة أن الموضوع شأن عائلي وأسرار بيوت يجب أن لا تتعدى أسوار المنزل.تجاهل الظاهرة في المجتمعات العربية عمدا جعل وجود تقارير إحصائية دقيقة حول حجم الظاهرة عربيا مهمة صعبة فثقافة المجتمع السائدة تركز على العيب ومبدأ القوامة ومكانة الرجل العالية. وقد يساهم المجتمع نفسه في زيادة معاناة المعنفات من خلال عدم إفشاء حوادث العنف إعلاميا ومحاولة إخفائها خوفا على صورة المجتمع دون الاكتراث بحجم معاناة المرأة المعنفة.نتفق جميعا على أن لكل بلد قوانينه وظروفه الحياتية والمعيشية وطرق التعامل مع العنف ولكن يبقى العنف في النهاية عنفا ومعاناة المرأة واحدة سواء كانت المرأة المعنفة في الخليج أو في أمريكا أو في أي بقعة على هذه الأرض. فالمرأة شبعت من القوانين التي لا تردع الرجل الذي يمارس العنف ضدها على أرض الواقع. فبدون تطبيق قوانين الحماية والتصدي للمعتدي بحزم. ونشر التوعية في المجتمع سواء في المدارس أو في وسائل الإعلام حول مكانة المرأة في الإسلام وأهميتها كعضو منتج وفعال لا يمكن انتهاك كرامته وممارسة العنف ضده - بحجة الولاية والقوامة- ستبقى معاناتها مستمرة ولن تمتلك المرأة المعنفة الشجاعة الكافية لطلب العون والمساعدة للنهوض من جديد والدفاع عن حقوقها.قبل أن نصدر القوانين علينا توعية المجتمع الذي يميل خاصة في العالم العربي لمحاباة الرجل وإيجاد المبررات له حينما يمارس العنف ضد المرأة سواء في الشارع أو في المنزل أو حتى في العمل. فالعبرة في التنفيذ وكذلك طريقة التنفيذ وإيقاع العقوبات الرادعه على ممارسي العنف - بكافة أشكاله- وبدون أي تهاون. فبدونها ستبقى القوانين مجرد حبر على ورق ولن تعالج هذه الظاهرة المقيتة والتي تنتهك إنسانية وكرامة النساء.
1551
| 09 سبتمبر 2013
قضية المتاجرة بالمرأة من قبل من يدعون أنفسهم "بالناشطين الحقوقيين" من أكثر الأمور التي تستفزني فالحديث بلسان المرأة والتباكي على حقوقها "المسلوبة" أصبح مهنة من لا مهنة له وبضاعة رائجة تساعد صاحبها على صعود سلم الشهرة - وربما العالمية- وتبقيه في دائرة الأضواء دائما وزد على ذلك الدعوات التي لا تنتهي لحضور المؤتمرات والندوات في شتى بقاع المعمورة للحديث عن حال المرأة العربية والظلم الواقع عليها. يتنقل خلالها الناشط من بلد لآخر مستمتعا بالسفر في الدرجة الأولى والنزول في أفخم الفنادق بينما تبقى مشاكل المرأة الفعلية محلك سر وبلا حلول جذرية!ابتلينا بكثرة الناشطين المتباكين على المرأة في العالم العربي وأصبحنا نشاهد في كل يوم نماذج ودعوات غريبة لتحريرها فساعة ينادون بتحريرها من تعسف وظلم الرجل وساعة من ملابسها. فقد فهم البعض أصول "اللعبة" وقرر اللعب حسب أنظمتها وفي خانة الأمان. فالناشط الحقوقي الذي يتباكى على حرية المرأة الجنسية ويهاجم الدين الإسلامي ويسخر من الحجاب يعامل في الغرب معاملة الملوك ويسارع الإعلام الغربي للدفاع عنه والمطالبة بالإفراج عنه في حالة القبض عليه أو إلغاء قرار منعه من السفر حينما يمنع بينما يتم تجاهل أخبار اعتقال المدافعين عن حقوق البسطاء والمطالبين بالعدالة الاجتماعية لجميع أفراد المجتمع والذين قد يقبعون في السجون العربية -سواء السرية أو العلنية- لسنوات طويلة وبلا محاكمات دون أن يتذكرهم الإعلام الغربي ولو بخبر صغير!قبل فترة ليست بالطويلة كنت أشاهد برنامجا في إحدى القنوات الفضائية يناقش فيه الضيوف حقوق المرأة السياسية وكان أحد المشاركين ممن يسمي نفسه بناشط حقوقي يتحدث وبحماس مبالغ فيه عن ظلم المجتمعات العربية للمرأة وحرمانها من حقوقها السياسية وتهميشها في المجالس من خلال منحها مقاعد قليلة وغاب عن هذا المتسلق أن للمرأة العربية أولويات فأين ذهبت حقوقها الإنسانية والاجتماعية؟ فهناك احتياجات أساسية كحق التعليم وغيره لم تحصل عليه كثير من النساء حتى الآن وهناك تحديات يومية ومصاعب تواجهها المرأة سواء المرأة العاملة أو الأم التي تراعي أولادها داخل وخارج منزلها لم يلتفت لها كثير من المشرعين والناشطين الحقوقيين الذين ملأوا الفضائيات والصحف بكاء ونواحا على حقوقها المهدورة والتي مللنا من سماعها دون أن نرى تحركا فعليا يخدم مصالحها واحتياجاتها الفعلية. فمطالباهم تدور في فلك تحرير جسد المرأة والحرب على الأديان وتمجيد الغرب. بينما تبقى كثير من القضايا الخاصة بالعنف الأسري والتحرش الجنسي وحقوق أبناء الزيجات "السياحية "ومعاناة المرأة المعلقة بعيدة عن أطروحاتهم. فلم أسمع يوما بناشط حقوقي تحدث عن معاناة النساء المعلقات وطالب بإنصاف هذه الفئة المغيبة والمضطهدة. رغم أن أعداد المعلقات في ازدياد وبعض المعلقات يقضين سنوات طويلة مهجورات يعانين الأمرين فلا هن زوجات ولا هن مطلقات. يتجرعن بصمت الألم ويعانين من مرارة الحرمان جراء قسوة الزوج وإهماله وتجاهل المجتمع لمعاناتهم. ومن المعلقات من أفنت شبابها في دهاليز المحاكم في سبيل الحصول على الطلاق والتحرر من هذا الوضع المزري. وفي النهاية يخرج معظمهن وبعد الحصول على الطلاق -وبشق الأنفس - خاليات الوفاض دون أن يحكم لهن القاضي بتعويض مادي جراء الضرر الواقع عليهن طوال السنوات الماضية والتي بقين فيها معلقات بلا حقوق وبلا نفقة بسبب تعنت أشباه الرجال وتجاهل المجتمع والناشطين الحقوقيين لأحوالهن المتردية ولا عجب في ذلك فمثل هذه الحقوق وتلك القضايا "ما توكل عيش" وليست بذات أهمية بالنسبة لهؤلاء المتسلقين.للأسف قضايا وهموم المرأة الفعلية مغيبة حتى من قبل بنات جنسها ممن يترشحن للحصول على مقعد في المجالس والبرلمانات العربية فالمرشحات يتسابقن عند بداية ماراثوان الانتخابات في الحديث عن قضايا المرأة وحقوقها ليس اعترافا بحقوقها المهدرة بل لكسب دعمها وصوتها للوصول للكرسي وحالما يصلن لأهدافهن تختفي الشعارات والوعود مما حول وجود المرأة وتمثيلها في تلك المجالس إلى مجرد ديكور. فنادرا ما نشاهد سيدات يدافعن عن قضايا وهموم المرأة الحقيقية في المجالس ويطالبن بتشريعات وسن قوانين تخدم بنات جنسهن وتعالج قضايا المرأة والأسرة بشكل يحقق العدالة للمرأة ويحافظ على تماسك المجتمع. وفي وسائل الإعلام الوضع ليس بأفضل حال فقضايا المرأة تحتل أسفل سلم اهتمامات القائمين على تلك القنوات. الصحف. الإذاعات فالحديث عن احتياجاتها الحقيقية وهمومها يتم في وسائل الإعلام-عادة- بشكل عابر وسطحي ودون وجود مساعٍ حقيقية وجادة لإيجاد الحلول الجذرية لهذه القضايا. فحينما تحدث مأساة تزلزل المجتمع أو تثار فضيحة تشغل الرأي العام يتسابق الإعلاميون ودعاة حقوق المرأة للحديث عنها ويبدأ مسلسل اللطميات والشجب والاستنكار ومع مرور الأيام تخفت الأصوات ويتناسى الجميع الحادثة ونعود لنسمع ونشاهد نفس القضايا والحوارات المتكررة والتي لا ترتقي لهموم المرأة البسيطة والكادحة والتي تعاني للنهوض بأسرتها من ركام الفقر والحاجة وغدر الأزواج بينما يتسابق المتسلقون لتحقيق المكاسب ونيل الأضواء على حساب معاناتها! فيا أيها المتسلقون الحقوقيون كفوا عن المتاجرة بالنساء وقضاياهم...رجاء "خلونا في حالنا".
2155
| 02 سبتمبر 2013
قرأت قبل أيام خبرا حول مطالبات بعض الأطباء وأولياء الأمور في إمارة رأس الخيمة بضرورة إلزام البقالات ومحال السوبر ماركت التي تبيع السجائر ببيعها عبر بطاقة الهوية للحيلولة دون وصولها إلى الأطفال, وكم أسعدتني هذه المطالبات والرغبة الجادة في مكافحة استغلال القصر من قبل هؤلاء الباعة, فالعديد من الأسر في الخليج تعاني من جرائم الموردين وعمال السوبر ماركت والبقالات الذين لا يترددون - ولو لثانية - في بيع السجائر بالتجزئة للصغار, وأحيانا يمنحون السيجارة الأولى – مجانا- للقاصرين من باب الترغيب وجرهم لدائرة الإدمان، غير مكترثين بمدى الخطر الذي يهدد صحة هؤلاء الصغار, فجمع الأموال غاياتهم ومن أجله قد يبتكرون وسائل جديدة لجر الصغار إلى التدخين والوقوع في شركه. ويرى الباحث السعودي "عبد الهادي العمري" أن انعدام تطبيق قرارات منع بيع السجائر لمن هم دون سن الـ 18 عاما يعد الدافع الاجتماعي الأول لانتشار التدخين بين المراهقين, يليه كثرة المحال والمتاجر التي تبيع السجائر وخاصة قرب المدارس, ورغم أهمية هذه الدراسة ونتائجها إلا أنها ستلاقي نفس مصير بقية الدراسات التي تحذر من تدخين القاصرين وتطالب بتجريم بيع السجائر والشيشة لصغار السن، فطالما لا توجد رغبة جادة -سواء من المشرع أو مؤسسات المجتمع المدني أو أولياء الأمور- لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة وحماية حياة القاصرين ستبقى موجودة وستفتك بحياة الملايين من المراهقين في العالم العربي. في رمضان الماضي كنت أقف خارج إحدى الأسواق حينما شاهدت مراهقا لا يتجاوز عمره الثالثة عشرة وهو يدخن السيجارة، شعرت بالدهشة، فالصبي يدخن أمام المارة بلا مبالاة ولم يتوقف أي شخص لنهره أو تحذيره من تلك السموم التي يدخنها وقد يلقى حتفه بسببها، فالكل يسير في طريقه وكأن الأمر طبيعي, وهذا الموقف ليس الأول ولن يكون الأخير في ظل غياب القوانين التي تجرم بيع السجائر والشيشة للقاصرين في عالمنا العربي والذي ينتشر فيه تدخين الأطفال والمراهقين رغم كل الحملات الجادة من قبل جمعيات مكافحة التدخين لمحاربة هذه السموم, فالسعودية تحتل المركز الثالث عالميا في عدد المدخنين من القاصرين, وفي الإمارات وصلت نسبة المدخنين من صغار السن – حسب منظمة الصحة العالمية- إلى 29% بين الذكور و14% لدى الإناث, وفي المغرب تصل نسبة التدخين في مؤسسات التعليم إلى 14% في المرحلة الإعدادية و25% في المرحلة الثانوية –حسب الجمعية المغربية لمكافحة التدخين والمخدرات- وكلما استعرضت نسب المدخنين من المراهقين في العالم العربي شعرت بالفزع وبأننا بحاجة ماسة لدق ناقوس الخطر، فوباء القرن الحادي والعشرين يهدد حياة الملايين من شبابنا العربي والكثير منهم معرض للإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض المرتبطة بالتدخين. أكثر ما يثير دهشتي وغضبي أن يكون الشخص الذي يفترض به حماية المراهق من كل المخاطر التي تحيط به هو أول من يدفع به لعالم المدخنين, فهناك آباء وأمهات – من فئة المدخنين – وعلى مرأى من الجميع يمنحون سيجارة لأبنائهم القصر أو يمدون خرطوم الشيشة أو كما يسمونه "الأرجيلة " في بعض البلدان العربية وهم يبتسمون لأخذ نفس غير عابئين بصحة فلذة أكبادهم وشبابهم الذي قد يذبل بسبب هذه السموم القاتلة, فهل هذه السلوكيات من باب التحرر المزعوم أو من باب إعلان أنهم أصبحوا من فئة البالغين وقادرين على التصرف مثلهم ومحاكاتهم في سلوكياتهم الضارة ؟!! للأسف أصبح منظر المراهق أو المراهقة وهم يدخنون السجائر أو يتعاقبون على تدخين الشيشة مع أصدقائهم في بعض المرافق العامة -والتي تسمح بالتدخين وبيع الشيشة- من المناظر الطبيعية وغير المستنكرة في العالم العربي, وقد وصل الأمر ببعض الأسر المستهترة إلى ابتداع تقليد جديد وهو توزيع السجائر والشيشة في حفلات عقد القران والزفاف على الحاضرين ومنهم فئة المراهقات، غير عابئين بصحة الحضور وغير واعين إلى أن السجائر تقتل خمسة ملايين شخص في كل عام. فأي رسالة سلبية يريدون إيصالها لفئة المراهقين والذين لا يدركون حجم الأضرار المترتبة على تدخينهم تلك السموم ؟! وأي قدوة يقدمون لأبنائهم الذين قد يحاكون سلوكهم من باب الإعجاب؟!
1305
| 26 أغسطس 2013
في كل مرة أحاول الخروج من دائرة الأحداث المأساوية التي تمر بها الأمة العربية والبحث عن بصيص الأمل بقرب انفراج الأزمة المصرية والسورية ونهوض شعوبنا من ركام سنوات طويلة من القمع والطغيان أصدم بكم العقول التي تتوق لاستمرار بقاء جلاديها على كراسي الحكم وكأنهم عاجزون عن تنفس هواء الحرية وتقبل فكرة التحرر من الأنظمة القمعية التي فعلت بشعوبها ما لم يفعله نيرون بروما وأهلها! فما يكاد النقاش يبدأ سواء في المجالس أو على مواقع التواصل الاجتماعية حول الأزمة المصرية وما حدث في رابعة العدوية وميدان النهضة من قتل وحرق لمدنيين عزل وإعلان البعض وأنا منهم عن رفضنا لمسلسل إراقة الدماء المصرية وانتهاك حرمة المساجد بهذا الشكل الوحشي -بحجة فض الاعتصامات- حتى يبدأ مسلسل التخوين والحديث عن جرائم الإخوان -المزعومة- في العالم العربي. وكأنهم يحدثوني عن جرائم شارون وليس عن أحداث تنقل بشكل مباشر وبالصوت والصورة!! حينما أعلن رفضي للمجازر والتنديد بقتال الأخوة وما حدث من حرق خيام المعتصمين يبادرني المؤيدون لتلك المجازر الوحشية بالهجوم الشرس ضد المعتصمين العزل وضد الإخوان وكأنهم السبب الرئيسي وراء كل ما جرى ويجري للمصريين من ويلات ومصائب.ويكرر البعض في سؤال أشبه بالاتهام "هل أنتي من الإخوان؟" وكأن علي أن أتحرر من الإنسانية ولا أستنكر قتل المعتصمين. وعلي أن أتقبل مبررات القتل والحرق التي يتم الترويج لها من قبل العسكر في مصر -والذين ادعوا في السابق أنهم انقلبوا على الرئيس الشرعي حقنا لدماء الشعب المصري- دون أدنى نقاش حتى لا أوصم بدعم الإرهاب والتطرف الإخواني! المذبحة التي حدثت في مسجد رابعة العدوية ومنظر الجثث المتفحمة -والتي تذكرني بمجازر بورما وما قام به العسكر ضد مواطنيهم المسلمين - ستبقى نقطة سوداء في تاريخ العسكر في مصر. وشاهد على نفاق كثير من الأنظمة العربية التي دعمت تلك المجازر بالمال بحجة محاربة الإرهاب والذي لا يوجد إلا في عقولهم وعقول آلة الإعلام التي يسيطرون عليها بأموالهم ودعم بلطجيتهم المأجورين والذين يظهرون هذه الأيام على شاشة التلفاز وعلى صفحات الجرائد مهللين فرحين بذبح المعتصمين الرافضين لانقلاب العسكر. وكأن القتلى مرتزقة أجانب وليس جزءا من الشعب المصري! أحداث مصر المأساوية كشفت أقنعة كثير من الناشطين الحقوقيين سواء في مصر أو غيرها من البلدان العربية. فمعظمهم أداروا ظهورهم للمجازر وصرخات المعتصمين وكأن الأمر لا يعنيهم بشيء. كما كشفت أقنعة عديد من ملاك القنوات الفضائية. والذين طالما تحدثوا عن دعمهم لحرية الرأي وحق الشعوب في التحرر من حكم الطغاة. فقبل عدة أيام قام أحدهم بإقالة رئيس قناته الإسلامية ذات التوجه الوسطي المعتدل -كما يحب أن يطلق عليها -بحجة دعم التطرف الإخواني من خلال بضع تغريدات له على موقع تويتر الاجتماعي عبر في تلك التغريدات "المتطرفة" – كما يطلق عليها هذا الملياردير- عن رفضه للانقلاب العسكري في مصر وما يحدث فيها من مجازر مروعة. فالملياردير الذي كثيرا ما تحدث عن حقوق الشعوب في تغريداته وتغنى بالربيع العربي قرر خلع القناع وتقمص شخصية جورج بوش الابن ورفع شعار "إن لم تكن معي فأنت ضدي" ورفع الكارت الأحمر في وجه الداعية -الذي طالما أمطره حينما كان رئيسا لقناته بعبارات الثناء والمديح - بعد أن اكتشف أنه "إخواني" رافض للانقلاب على الشرعية في مصر. فأين ذهبت شعارات هذا الثري وحديثة عن حرية التعبير.وحق الشعوب في التحرر من حكم الطغاة؟!!
1230
| 19 أغسطس 2013
يبدو أن مقولة جوزيف غوبلز وزير الإعلام الألماني في عهد هتلر "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس" أصبحت شعار كثير من الطغاة ومصاصي الدماء من بني البشر والذين يظهرون بعد كل مذبحة تحدث -بفضل الإعلام المضلل في العالم العربي- بهيئة الوطنيين الشرفاء ومنقذي الأمة من شر الإرهابيين. فهاهو الفريق أول عبدالفتاح السيسي يسير على نفس نهج جوبلز ولكن مع اختلافات هائلة. فجوبلز استخدم هذا المبدأ لأهداف واضحة وأهمها تجنيد الشعب الألماني وتوحيد صفوفه أمام قوى عظمى تريد الشر ببلاده. أما السيسي ومؤيدوه من داخل وخارج مصر فيبدو أنهم مجبولون على الكذب والخداع وتلفيق التهم لمعارضيهم للسيطرة على كرسي الحكم بعد الانقلاب العسكري المشؤوم. فالأحداث الجارية والمجازر المروعة التي حدثت في رابعة العدوية وغيرها من المناطق تؤكد أن الجيش ما عاد للمشهد إلا ليبقى في الحكم من جديد وليس كما يردد هو والأبواق الإعلامية المأجورة التي ترقص طربا على إيقاع جرائمه. دعوة السيسي للشعب المصري لتفويضه من أجل قمع المعتصمين والرافضين للانقلاب على الشرعية بحجة محاربة الإرهاب قد أزالت القناع أخيرا عن حقيقة الانقلاب وأهدافه.فهاهو السيسي يغالط نفسه فرغم تكراره مرارا على نبذ العنف بكافة أشكاله واحترام إرادة الشعب المصري يمهد لحملة قمع دموية ضد الرافضين للانقلاب ومن تعاهدوا على الثورة على القمع والطغيان. كل الأصوات التي أعلنت رفضها لما حدث من إزهاق للأرواح وقتال الأخوة قوبلت بحرب شرسة من الأبواق الإعلامية الداعمة للسيسي في انتهاك صارخ لحرية الرأي التي يتشدقون بالدفاع عنها. وبالطبع كانت التهم معلبة وجاهزة للتوزيع. فيكفي أن تعلن رفضك لتلك المجازر المروعة والتنديد بها حتى تصبح إخوانيا ومن القاعدة وأحد طيور الظلام. وكأن تلك الأرواح التي أزهقت رخيصة ولا قيمة لها!! هذه الممارسات الفاشية وقمع الرأي الآخر يطرح سؤالا أخلاقيا وجوهريا يمس إنسانيتنا وآدميتنا: كيف يمكن تبرير إزهاق الأرواح وأنهار الدماء التي سالت في نهار رمضان؟ كيف يمكن تبرير رفع الأخ سلاحه في وجه أخيه وقتل المدنيين العزل؟ رغم عدم وجود ممارسات حقيقية تدل على الإرهاب الإخواني- كما يسمونه- في الميادين. ورغم أنهار الدماء التي سالت أمام أنظار العالم أجمع في رابعة العدوية وغيرها من الأماكن لا يزال البعض يكيل الاتهامات للمعتصمين. ويبارك جرائم السيسي. وقتل الأبرياء على يد القناصة. ويردد الأكاذيب التي تطلقها الماكينة الإعلامية السوداء بحق مؤيدي الشرعية. ويتشمت بالقتلى الذين سلبت أرواحهم وفي نهار رمضان دون أي ذنب أو جريمة سوى أنهم رفضوا أن يرجعوا لعنق الزجاجة حيث القهر والظلم والاستبداد. ذكرني دعم الفنانين والإعلاميين في مصر لجرائم السيسي ومباركتهم لمجازره التي ارتكبها بحق أبناء شعبهم وخروجهم في مظاهرات مؤيدة له رغم أنه نسخة مكررة من النظام السابق بعشاق العبودية. فهناك نوعان من البشر نوع يناضل لأجل التحرير من العبودية وحياة الاستبداد ويدفع حياته ثمنا لأجل حلمه لأنه مؤمن بأنه خلق حرا. ونوع آخر يعشق ذل العبودية ولا يتخلى عن عبوديته أبداً حتى لو جاءته الفرصة للتحرر لأنه لا يستطيع العيش من دون سيد يذيقه أصناف العذاب. وكما يقول المثل "لو أمطرت السماء حرية...لرفع العبيد الشمسية"!
1452
| 29 يوليو 2013
يكثر الساسة والإعلاميون العرب هذه الأيام من الحديث عن خطر "الإخوان " المسلمين ومخططاتهم المزعومة. ويهللون فرحا بالانقلاب الذي قام به العسكر ضد الرئيس الشرعي لمصر محمد مرسي بينما ينسون أو يتناسون الحديث عن جرائم الطاغية بشار الأسد واستخدامه للسلاح الكيماوي- المحرم دوليا- ضد المدنيين العزل وتجويع شعبه المغلوب على أمره. فالتحذير من الخطر الإخواني أكثر أهمية من الحديث عن قضية شعب يتعرض للإبادة والفناء منذ أكثر من عامين!! مواقف بعض الدول العربية من القضية السورية لا تختلف كثيرا عن مواقف هؤلاء الإعلاميين. ففي الوقت الذي يعاني فيه المدنيون العزل في سوريا من القتل والتشريد والجوع. والذي وصل لحد المجاعة حتى أفتى لهم بعض العلماء بأكل لحم القطط لسد جوعهم يدفع حكام بعض الدول الخليجية عشرات المليارات لدعم الانقلاب ضد الرئيس المصري والذي جاء من خلال صناديق الاقتراع ومن خلال انتخابات حرة ونزيهة!! هذه المواقف المتناقضة تثير حيرتي وتدفعني للتساؤل من هو الأحق بالدعم والمساعدة وتلك المليارات نضال شعب مهدد بالفناء بسبب تمسك رئيسه –غير المنتخب- بكرسي الحكم الملطخ بدماء مئات الآلاف من أبناء شعبه الكارهين لحكمه الدموي وطغيانه أم دعم التيارات التي لا تتقبل –كما بعض الدول الخليجية – فكرة أن يحكم مصر رجل ملتح جاء من عباءة الإخوان المسلمين؟!! ليت تلك الأموال التي أنفقت لإزاحة مرسي والتخلص من الخطر الإخواني كما يسمونه خصصت لإغاثة المحاصرين في حمص وغيرها من المدن السورية. والمهددين بالموت قتلا أو جوعا أو اختناقا بغاز الساريين. فأخطاء مرسي والإخوان المسلمين مهما كانت لا تقارن بجرائم النظام السوري. ولا بالوضع الخطير والمتدهور في المناطق المحاصرة منذ شهور والذي أقل ما يقال عنه مأساوي وينذر بمجاعة كبيرة كتلك التي حدثت في الصومال وغيرها من الدول الإفريقية وقد دفع تدهور أوضاع المحاصرين بكثير من المنظمات الدولية لتوجيه نداءات عاجلة لتقديم المساعدات للشعب السوري المنكوب. فثلثا سكان سوريا مهددون بالمجاعة. وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من تدهور الأوضاع داخل حمص وأكدت أن واحدا من بين كل أربعة من السكان بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة. وبينما تناشد المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال دول العالم لحماية مليوني طفل سوري من ويلات الحرب التي أشعلها الطاغية بشار وجعل وقودها جثث الأطفال والمدنين العزل يتجاهل الإعلاميون العرب مأساة أطفال سوريا والذين يتعرض كثير منهم للقتل والاغتصاب واستخدامه كدرع بشري على يد قوات الطاغية وشبيحته! صور الأطفال السوريون الجوعى وأشكالهم الهزيلة والتي تذكرني بمجاعات إفريقيا لم يهتز لها مشاعر هؤلاء الإعلاميين والساسة الذين أصموا أذاننا بنواحهم وبكائهم على الحريات التي رحلت بوصول الإخوان للحكم في مصر بينما تجاهلوا عن عمد حق الشعب السوري في الحياة. فقتل الأطفال وهدم المنازل على سكانها وقصف المستشفيات وانتهاك أعراض الحرائر وتجويع شعب قضايا ثانوية وليست بمستوى خطر الإخوان والذي ملأوا الفضائيات وأعمدة الصحف حديثا عنه وتحذيرا منه!
1150
| 15 يوليو 2013
حينما أقرأ مقالات عن الاحتقان الطائفي والمذهبي في الدول العربية ومناداة البعض بوضع كاميرات مراقبة في المساجد والكنائس لمحاربة خطابات الكراهية يتبادر إلى ذهني سؤال ملح: هل ستتمكن تلك القوانين- في حال صدورها- من وأد الطائفية المنتشرة في بلداننا العربية ونزع بذور الكراهية من الصدور والمساعدة على التعايش السلمي بين أصحاب الديانات والمذاهب المختلفة؟ لا يوجد شعب على وجه الأرض لم يقع في براثن الصراع الطائفي ولم يعان من الاحتقان الطائفي والمذهبي في مرحلة من مراحل تاريخه. وقد تكون الشعوب العربية من أكثر شعوب الأرض التي تعاني من هذا الداء ورغم الأحداث المأساوية التي مرت بها الأمة لم نستفد من أخطاء الماضي فحالما تتصاعد حدة الخلافات بين الفرقاء وتتسارع الأحداث يبدأ العزف على وتر الطائفية وإشعال فتيل الاحتقان الطائفي وحشد وتأليب الرأي العام. فالاحتقان الطائفي كان السبب في اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام1975 م وقاتل فيها أبناء الشعب الواحد ضد بعضهم البعض وكان القتل يتم وفق الديانة - كما يحدث في العراق الآن- فرفع أبناء الوطن الواحد مدافعهم وبنادقهم تجاه صدور بعضهم البعض وليس باتجاه عدوهم المشترك وهو الكيان الصهيوني الذي كان يحتل أرضهم ويسرق أنهارهم! ما حدث في الحرب الأهلية في لبنان من أحداث طائفية ومجازر مروعة أسهم في تشريد مئات الآلاف من مختلف المذاهب والطوائف من مناطقهم بسبب حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. فتبني قادة الأحزاب الدينية والسياسية في لبنان للشعارات الطائفية وتأجيج الفتن الداخلية أسهم ولا يزال يسهم في فرقة أبناء الوطن الواحد وتمزيق الوحدة الوطنية وانتهاك الحرمات وقتل الأبرياء، فنيران الحرب التي يوقدها تجار الحروب وأعوانهم في بلداننا العربية لا توفر امرأة ولا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا تكترث لحرمة بيت أو مسجد أو كنيسة. ما يتعرض له الشعب السوري منذ عامين من إبادة على يد الطاغية ونظامه الوحشي والتدخل السافر من قبل قوات ما يسمى بحزب الله اللبناني –الموالي لإيران- يعيد للأذهان ما حدث في الحرب الأهلية في لبنان من مجازر مروعة فالقتل الوحشي والتمثيل بالجثث يتم وفق الهوية وكذلك التهجير القسري فالمليشيات الطائفية المسلحة التي أرسلها زعيم حزب الله حسن نصر الله والمعروفة بتاريخها الدموي شاركت في ذبح الآلاف من المدنيين السوريين الأبرياء وتقديمهم قربانا لحليفهم المجرم كما فعلوا من قبل في الفلسطينيين في لبنان الذين أشبعوهم قتلا وتنكيلا بينما يزعمون أنهم يسعون لتحرير القدس. فالمدعو بحسن نصر الله يريد أن يمزق وحدة سوريا ويحولها إلى عراق آخر قائم على الطائفية والهمجية بعد أن نجح شركاؤه في العراق والذين قام بتدريبهم على القتل والتدمير في تحويل بلاد الهلال الخصيب إلى دولة مليشيات طائفية مسلحة. كان بيد كثير من المشاهير في عالمنا العربي سواء من خطباء أو إعلاميين أو سياسيين الفرصة لاستنباط العبر من الأحداث المأساوية التي مرت بها أمتنا في الماضي والمساهمة في حماية الوحدة العربية والإسلامية من خلال بث كثير من رسائل المحبة والعمل على إيقاظ مشاعر الإخاء بين الفرقاء والمساهمة في نزع فتيل الاحتقان الطائفي الذي ما يكاد يخمد في بلد عربي حتى يشتعل في أخرى ويقولون للجميع: نحن أمة ولسنا طائفة فتعالوا لنبني الأوطان معاً بدل أن نتقاتل ونحول بلداننا العربية وساحاتها لميادين قتال ومشاحنات وكراهية مما يساهم في تحقيق أحلام أعداء الأمة الطامحين إلى خلق شرق أوسط جديد قائم على الطوائف والمذاهب المتناحرة. رغم ما مرت به الأمة من ويلات وحروب طائفية طوال السنوات الماضية إلا أن هذه المآسي لم تؤثر في كثير من القادة السياسيين خاصة في البلدان التي تكتوي بنيران الطائفية فكثير منهم اختار الجري خلف مصالحه ورفع شعار"أنا ومن بعدي الطوفان" وقرر أن يبيع نفسه لمن يدفع أكثر من القوى الخارجية سواء إيران أو غيرها من الدول الطامحة لاحتلال أراضينا ونهب ثرواتنا فساهم في لعبة الطائفية وزيادة التوتر بين "السين "و"الشين" و "الواو" كما يسمونهم وتأجيج الفتن بين اتباع الديانات المختلفة في عالمنا العربي من خلال نشر الإشاعات المغرضة وتأليب أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض والدفاع عن مجرمي الحروب ومن أسهموا في انتهاك الحرمات وقتل الآلاف من المدنين الأبرياء وكل هذا من أجل زيادة أرصدتهم في البنوك! وتر الطائفية الذي تعزف عليه معظم الأنظمة القمعية لحماية نفسها من وعي شعوبها والتغطية على جرائمها وما تقوم به من نهب ثروات شعوبها مستمدة من القوى الخارجية العون والمساعدة ومن المليشيات الطائفية القوة لنشر الرعب وزرع بذور الكراهية بين الإخوة سيكتوي بنيرانها الشيني والسيني والمسيحي والكردي وجميع الطوائف والملل والعرقيات التي تسكن عالمنا العربي فنيران الحروب لن ترحم طفلا أو شيخا ولن يخرج منها أحد منتصرا إلا أعداءنا فعلينا أن نوحد الصفوف ونتعاون للدفاع عن وجودنا ومصالحنا كأمة واحدة لها أعداء كثر لهم أديان مختلفة ولغات متعددة وهدف واحد مشترك هو القضاء علينا ونهب ثرواتنا فلا عيش ولا استمرار لنا إلا بالتعاون ونبذ الخلافات جانبا.
2100
| 01 يوليو 2013
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
3066
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3003
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2856
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2574
| 21 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2313
| 16 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1404
| 16 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1101
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
972
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
933
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
819
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
795
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
759
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية