رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الصمت الدولي أمام ما يحدث في العالم العربي من مجازر خاصة مجزرة القصير ومجزرة الحويجة يشعرني بأننا أمام ملحمة فناء عربية. ففي ظل انهيار منظومة القانون الدولي وحقوق الإنسان لم يعد للعربي ودمه المهدر قيمة. فالعالم يشاهد في كل يوم المجازر المروعة والتي يندى لها جبين الإنسانية في سوريا. ويرى ما يحدث للعراقيين بعد وصول المليشيات المذهبية المسلحة للسلطة من قمع وتعذيب للمعتقلين في السجون وفي النهاية يدير ظهره مكتفيا بالشجب والاستنكار! حينما أشاهد القنوات الإخبارية وما تبثه من أحداث مأساوية في العراق وسوريا أشعر بالقلق الشديد وأسأل نفسي: من التالي؟ فنيران الحروب والمجازر والفتن الداخلية طالت معظم بلداننا العربية ولم يبق بقعة خضراء سوى دول الخليج. فالحروب لم تتوقف يوما في المنطقة العربية وكأنها تتوالد فما تكاد تخمد نار الحرب في منطقة حتى تشب في منطقة مجاورة. وحتى بعد انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق لا تزال المنطقة غارقة بالنزاعات والحروب التي أكلت الأخضر واليابس. فقد قرر صناع القرار الأمريكي بعد تسليمه العراق- على طبق من ذهب- لإيران أن يغير خارطة العالم العربي من خلال سياسة دموية قائمة على إغراق المنطقة بنزاعات وحروب مفتعلة وتجاهل المجازر التي قامت بها المليشيات المذهبية المسلحة في سوريا والعراق ولبنان والتي تدعمها إيران بالمال والسلاح والاكتفاء بسياسة التنديد والتهديدات الجوفاء دون حلول عملية تعيد الأمن والاستقرار في تلك الدول. ففي كل مرة ترتكب فيها مجزرة يروح ضحيتها الآلاف من الأبرياء يخرج علينا الساسة الغربيون ومجلس الأمن بقرارات التنديد ثم الصمت لتذهب شعاراتهم وحديثهم الدائم عن حقوق الإنسان أدراج الرياح! النزاعات المسلحة وحالة الفوضى التي تعم الدول العربية هذه الأيام يدشن العالم فيها كما يقول الدكتور مهند العزاوي في مقالته "حرب تلد أخرى" مرحلة جديدة من التفكك الدولي فصناع الحروب يقومون على تجزئة الحروب الكبرى إلى حروب خاصة ونزاعات ديموغرافية متعددة الأوجه. ولم يعد هناك نظام دولي يعتمد القانون وتطبيق العدالة فقد أسقطت الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا وروسيا الأقنعة وأظهرت الوجه الحقيقي لها وبدأت تتنافس فيما بينها للوصول إلى الرقع الخضراء وتحويلها إلى رقع حمراء ملتهبة لتغيير خارطة عالمنا العربي من خلال إشاعة الأزمات المفتعلة بغية استمرار الحروب التي تتغذى عليها مصانع الأسلحة -التي يملكها كبار الساسة في تلك الدول- وشركات الأمن والمرتزقة والتي أصبحت عائداتها تفوق عائدات النفط العربي. خارطة الشرق الأوسط الجديد التي يحلم بها الغرب الآن ترسم بالدم العربي فالشعوب العربية الغارقة بهمومها ومشاكلها الداخلية أصبحت دون أن تعلم وقودا لمخططات تلك الدول الطامحة إلى "سايكس بيكو طائفي مذهبي" ينتج دويلات مذهبية متناحرة حتى تستمر مصانعها في التغذي على أموال ودماء العرب. فمتى تستيقظ الشعوب العربية ومن قبلها الحكام العرب من هذا السبات وقبل أن نفنى جميعا على يد صناع الحروب؟!
1290
| 10 يونيو 2013
اطلعت قبل سنوات طويلة على رواية "لقيطة" للروائي المصري محمد عبد الحليم عبد الله, كانت الراوية – من وجهة نظري – من أجمل الروايات التي تحدثت عن واقع اللقطاء في العالم العربي, ومعاناتهم من قسوة المجتمع والتمييز الظالم والذي يصل إلى درجة النبذ, ورغم أن بطلة العمل الممرضة "ليلى" وجدت من يمسك بيدها ويقدم لها الحب والرعاية لتتجاوز واقعها المر وتعيش الحياة كما تحب وتشتهي ودون أن يطاردها الماضي إلا أن النظرة القاسية تجاه اللقطاء وتحميلهم أخطاء آبائهم طوال الوقت دفعت بالبطلة في النهاية للاستسلام لواقعها والظروف المحيطة بها، فتلبست بالتشاؤم رغم التقائها أخيراً بوالدتها ورغم وجود شخص اختار أن يتزوجها رغم معارضة عائلته لارتباطه بفتاة مجهولة النسب, فالبطلة اختارت الموت في ريعان شبابها على أن تقطع ذراعها التي تعرضت لجرح من مشرط الجراحة مما تسبب في تسممها وتدهور صحتها، فهي لم تعد تتحمل فكرة رفض المجتمع لها, فالمجتمع نبذها رغم جمالها, فكيف سيقبلها بذراع واحدة؟ ما يميز هذه الراوية أنها ليست عن فرد بعينه بمقدار ما هي رواية عن الأنانية وعن المجتمع الظالم الذي ينكر على من قسا عليهم الدهر وغدر بهم آباؤهم حق الحياة وتحرض المجتمع على أن يقبلهم بين صفوفه دون أي تمييز ظالم، فيكفيهم ما تعرضوا له من الظلم, والعيش بلا أب ولا أم, مجهولي النسب يحملون أسماء وهمية, متنقلين بين المؤسسات الإيوائية أو في الشوارع, تطاردهم وصمة مجتمعية "سلبية" وعيون تنظر لهم بازدراء ودونية، فقط لأنهم مجهولو النسب. تذكرت هذه الراوية الجميلة وأنا أقرأ قصصا واقعية تعصر القلب ألما وحزنا، كقصة "مريم" و"أمل" اللتين أصبحتا حديث المجتمع السعودي، فكلتاهما عاشت مرارة الفقر والحرمان والظلم المجتمعي كما حدث مع بطلة الرواية "ليلى"، رغم أنهما نتاج علاقة شرعية، فمريم عاشت 27 عاما في كنف عجوز تشادية فقيرة تعمل بائعة ملابس وهي تجهل حقيقتها وأنها ابنة لرجل أعمال ثري استغل نفوذه على أحد العاملين لديه ليرمي عليه ابنته بعد ولادتها بأيام ليقوم بتربيتها بحجة أنه متزوج بالسر من امرأة هندية بعقد "عرفي" ولا يريد أن ينكشف أمره لدى زوجاته وأبنائه, فقام بتسفير الزوجة خارج البلاد والتخلي عن ابنته للأبد, وقصة أمل لا تختلف كثيراً عن مريم التي اكتشفت بعد 37 عاما بأن الرجل الذي قام على تربيتها وحرمها من التعليم وزوجها وهي بسن 13 عاما لأول خاطب ليس بوالدها الحقيقي, وأنها ابنة شرعية لرجل اختار أن يحولها للقيطة – خوفا من زوجته الأولى - ويرمي بها لرجل غريب ليرعاها مقابل منحه المال. رغم عدم مسؤولية اللقيط عن أخطاء وجبن من أتوا به إلى الحياة – سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية- إلا أنه لا يزال يدفع ضريبة هذه الزلات قهرا وعناء وخاصة أنه يعيش في ظل مجتمعات تقدس الألقاب وتسود فيها ثقافة الرفض لهذه الفئة المظلومة, وكما يقول المثل "الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون" فتلك الأرواح البريئة دفعت وستدفع ثمن زلة الآباء والأمهات وأنانيتهم طوال حياتها وستحمل وصمة مجتمعية "سلبية" تطاردها حتى الممات. في رواية "لقيطة" اختارت البطلة أن تكون سلبية وتخضع لقوانين المجتمع الجائرة وترفع راية الاستسلام دون أن تحاول مواجهة الصعاب من أجل تغيير واقعها المليء بالقهر والشقاء لتموت في ريعان الشباب, بينما في قصة أمل ومريم كان موقف الصمود والمواجهة، فخرجت قصصهما للعلن من أجل انتزاع حقوقهما ورفع الظلم الواقع عليهما، وكلي أمل أن تنتهي حكاياتهما بخاتمة سعيدة.
10824
| 03 يونيو 2013
في الشهر الماضي أرسل لي أحد القراء العراقيين رسالة استغاثة يطلب فيها المساعدة في علاج طفلته التي تعاني تشوها في إحدى قدميها فوقعت في حيرة من أمري، فالأمر يتجاوز حدود طاقتي وبريدي يمتلئ في كل يوم بالعديد من الرسائل التي يطلب فيها أصحابها العون والمساعدة ولكنني عزمت على البحث عن من يساعد الطفلة الصغيرة ويخرجها من العراق من أجل العلاج وكانت المهمة صعبة في ظل رفض والدها لتسليط الأضواء على حالة أبنته فهو يخشى على عائلته – كما هو حال الآلاف من السنة – من بطش الحكومة العراقية فالطائفية أصبحت شغلها الشاغل ونهب ثروات الشعب العراقي مما حول حياة الملايين من العراقيين إلى جحيم لا يطاق وحول العراق الذي كان يعد أغنى دولة عربية إلى أفقر دولة ومكان لا يأمن فيه الإنسان على نفسه وعائلته ويعاني في الحصول على حقوقه وأبسط الخدمات مما يضطره إلى أن يبحث عن حقوقه في العمل والعلاج خارج بلاده."تعرف أحدا؟" من أكثر الأسئلة التي تستفزني وتشعرني أننا نتسول الحقوق ولكنني اضطررت إلى طرحها على من أعرف وعلى من لا أعرف من أجل مساعدة تلك الطفلة المسكينة. وكانت محاولاتي المستمرة والحثيثة في طرق أبواب بعض الشيوخ والأمراء ورجال الأعمال من أجل علاج الطفلة تقابل في كل مرة بالرفض واللامبالاة وأحيانا بالإنكار الشديد لطلبي المساعدة لشخص مجهول لديهم! وأكثر ما أثار سخريتي أن أحدهم قبل فترة أهدى فنانة عربية سيارة غالية الثمن بينما يبخل اليوم في مساعدة طفلة لا تطلب سوى علاج قدمها. وبين اتصالات الأب المكلوم وخوفه على حياة طفلته وبين الأبواب التي كانت تقفل في وجهي في كل مرة أطلب مساعدة الحالة الإنسانية شعرت بالحزن الشديد فالمواقف كشفت لي زيف شعارات البعض وكذلك حرص البعض على مساعدة الحالات التي تظهر في وسائل الإعلام حتى يقال عنه المحسن الكبير ويمتدحه الشعراء ويثني عليه العامة.بعد أن أعيتني الحيلة وأوصدت الأبواب أمامي وقلت الخيارات تناقشت مع الأب وقلت له إننا مجبرون على نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك دخول الإعلام في قضية ابنته فبدون وسائل الإعلام لن نجد من يقدم العون والمساعدة للطفلة فوافق على مضض ونشرتها – ويالتني لم أفعل – فقد وصلني بعد نشر النداء الإنساني على صفحاتي في مواقع التواصل الاجتماعي وفي إحدى الإذاعات الخليجية اتصال من الأب شعرت فيها بانكساره وشعوره بالألم لطرح قضية ابنته في الإعلام فحتى تلك المحاولات لم تثمر عن نتيجة فقلت له: لقد طرقنا جميع الأبواب ولكننا نسينا أن نطرق بابا واحدا. فقال لي: ما هو؟ فقلت: باب الله. فهو الباب الوحيد الذي لن نحتاج فيه إلى سؤال الآخرين "تعرف أحدا؟" فالتوكل على الخالق قولا واعتقادا هو من سوف يسوق لنا الخيرين وما علينا إلا الصبر والدعاء والاجتهاد في مساعينا حتى يسخر الله لطفلتك أحد الصالحين فيأخذ بيدها ويقدم لها العون والمساعدة. ماراثون طرق الأبواب من أجل تلك الطفلة المسكينة تجربة اثرت كثيرا في وكم تمنيت لو أنني مررت بها من قبل. فرغم أنها كانت مليئة بالمرارة وشعوري بالإحباط واليأس وأحيانا الصدمة بشخصيات كنت أتوسم فيها حب الخير. إلا أنها كانت تجربة مثمرة علمتني عددا من الدروس أهمها التوكل على الله ليس باللسان فقط بل بالاعتقاد القلبي ثم الاجتهاد في البحث عن الأسباب لتحقيق أحلامنا بدلاً من اللجوء إلى الآخرين وترديد سؤال "تعرف أحدا؟" وكما قال الدكتور سلمان العودة في آخر حلقة من برنامجه وسم: "يالله إن عرفتك فلن أحتاجهم".
1326
| 29 أبريل 2013
لا أعلم أي روح شريرة تسكن عقول وأجساد بعض المسؤولين الذين ابتلينا بهم في القطاعات الحكومية التي تدار معظمها بنظام العلاقات والمحسوبيات. فما يكاد أحدهم يصل إلى منصب مهم حتى يتحول إلى شخصية سادية تعشق التجبر والطغيان فيبدأ عهده الاستبدادي بجملة من القرارات التعسفية ومنع مرؤوسيه من بعض حقوقهم وكذلك تصيد الأخطاء والهفوات لموظفيه المغلوبين على أمرهم مستمدا من منصبه وصلاحياته القوة لقهر وظلم من حوله والتحكم في مستقبل من هم أقل منه مرتبة فيصدر القرارات التعسفية والظالمة من مجازاة وخصم ولفت النظر ونقل تأديبي إلى أماكن نائية دون الاكتراث بحال وظروف موظفيه ومدى تأثير مثل تلك القرارات على إنتاجيتهم. ويتفنن أمثال هؤلاء المسؤولين الذين وصلوا لمناصبهم –غالبا دون تدرج وظيفي ومن خلال الواسطة والعلاقات الاجتماعية- بالقرارات ذات الطابع المزاجي متظاهرين بأنها جاءت لصالح العمل والموظفين. ليدفع الموظف المسكين في النهاية ثمن قراراتهم التي لا تستند على أي أساس واقعي بل بناء على رغبتهم في فرض عضلاتهم. وتقديم الموظفين كقرابين للإدارة العليا من خلال سلسلة من القرارات والتعاميم التي تنتهك حقوق الموظفين وتدمر علاقاتهم الاجتماعية والأسرية. وقد نجد مثل تلك النماذج غير المبالية بحقوق الموظف في بيئات العمل الرجالية والنسائية وكذلك المختلطة. فتلك النوعية من الشخصيات تمتاز بالأنانية وتبحث عن مصالحها الخاصة واستمراريتها في مناصبها لأطول فترة ممكنة حتى لو كان الثمن تدمير حياة الموظفين الأسرية. فينعزل الموظف بسبب ساعات العمل الطويلة ونظام الشفتات-الورديات- عن أسرته وأطفاله لتكون حياته عبارة عن رحلات مستمرة بين سريره ومكتبه. حينما كانت صديقتي تشتكي لي من القرارات والتعاميم المجحفة الصادرة من قبل الوزارة التي تعمل بها والتي أصابتها بالإحباط واليأس حتى وصل بها الحال للتفكير بالاستقالة للحفاظ على أعصابها وأسرتها تذكرت المثل المصري "الحكم فرحة ولو على فرخة" فمازال البعض يعتقد بأنه أن امتلك منصبا كبيرا وأصبح من صلاحيته إدارة أشخاص أقل منه مرتبة فمعناه أنه امتلكهم وأصبحوا بمثابة العبيد له وأصبح من حقه قهرهم وتحطيم مستقبلهم حسب مزاجه ودون أن يشعر بالخوف من العقاب أو الخجل من أفعاله التي قد تدفع ببعض مرؤوسيه للاستقالة مفضلين البطالة على تحمل الظلم والقرارات التي تتعامل معهم كالآلات وليس كبشر. دائما ما نسمع عن تقييم الموظفين من قبل المديرين والإدارة العليا ولكننا لم نسمع يوما عن تقييم الموظفين لقرارات وتعميمات المديرين والإدارة العليا ومعرفة رأيهم بمدى فعالية تلك القرارات. وهل أسهمت فعلا في جودة العمل وزيادة الإنتاجية والحفاظ على مصلحة العمل -كما يدعي المسؤولون دائما -فمصلحة العمل أصبحت شماعتهم المفضلة التي لا يكلون ولا يملون من ترديدها في كل خطاباتهم وتعاميمهم التي لا تنتهي. دائما ما نسمع عن التطوير الإداري ودائما ما يفكرون بالإنتاجية ويتحدثون عن رفع الكفاءة. ولكن نادرا ما يتحدثون عن حقوق الموظف نفسه ومدى مناسبة بيئة العمل لتحقيق الإنتاجية المطلوبة. فأين حق الموظف بتقييم تلك القرارات؟ وأين حق الموظف بتقييم التعماميم التي تملا درج مكتبه؟ ليقول رأيه بتلك القرارات ومدى تأثيرها على عمله وحياته الخاصة. حديث صديقتي المليء بالمرارة الممزوجة بالألم دفعني للتفكير بتأليف كتاب بعنوان "كيف تصبح حمارا" ففي عالم مليء بالمفارقات العجيبة والفساد الإداري والمحسوبيات نحن بحاجة لأن نتعلم من هذا الحيوان الصبر والتجلد في بيئات العمل حتى لا نفقد عقولنا.
2511
| 22 أبريل 2013
حينما أخبرتني إحدى الزميلات عن رغبتها في إدخال ابنها لإحدى المدارس الأجنبية شعرت بالقلق، فاللغة هي العمود الفقري لهوية أي أمة. نصحتها بأن يبدأ بتعلم لغة القرآن أولا ثم يتعلم ما يشاء من لغات، فتلك المدارس الأجنبية المنتشرة في المجتمعات العربية والإسلامية تعد من التهديدات ذات التأثير السلبي على هويتنا العربية، فهي تنشئ جيلا غير مبال بلغته العربية رغم أن اللغة هي الركيزة الأساسية للحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية، فالعبث باللغة هو بداية لتفكيك الشعوب وتمزيق البلدان والحفاظ عليها والتمسك بها البداية الحقيقية لنهوضنا من السبات الذي نعيشه، ولكن حديثي لم يعجبها فأجابتني ساخرة: ما البدائل؟ هل أدخله مدارس تحفيظ القرآن ليصبح ابني مشروعا إرهابيا؟ في الحقيقة لم أشعر بالدهشة من ردة فعلها وحديثها السلبي عن مدارس تحفيظ القرآن بسبب الهجوم المستمر عليها منذ سنوات من قبل وسائل الإعلام بحجة نشر الأفكار المتطرفة بين صغار السن، والنيل من تلك المدارس وتشويه سمعتها جعلت كثيرا من العائلات ترفض تدريس أبنائها في مدارس تحفيظ القرآن وتمنعهم من الدخول في حلقات تحفيظ القرآن في المساجد خوفا من التلاعب بعقولهم وأن يتحولوا إلى أفخاخ تستخدمها جهات خارجية للقتل والتدمير. وأتذكر أن أحد الكتاب كتب في صفحته على الفيس بوك عن معاناته مع عائلته وكيف أنه تعرض لضغوط شديدة من المحيطين به حينما أراد تسجيل ابنه في مدارس تحفيظ القرآن خوفا عليه من أن يتحول في المستقبل إلى إرهابي. مما أثار دهشتي وحيرتي، فهل يوجد مسلم على وجه الأرض يساوم على أهمية تعليم القرآن للنشء وتحفيظهم كتاب الله؟! أليس هذا القرآن الذي نقرأه على أطفالنا أورادا ونحصنهم به وكنا نسعى ونحن أطفال لحفظه كاملا ومن قبلنا أجدادنا الذين كانت عائلاتهم تتفاخر بدخولهم لحلقات تحفيظ القرآن عند "المطوع" و"المطوعة" وتقام الولائم عند ختمهم كتاب الله؟! لا أعلم كيف تحول تعليم النشء تلاوة القرآن -وهو من الخير الذي يعد أعظم القربات إلى الله- إلى خطر يهدد العالم ونشر التطرف والإرهاب وكراهية أصحاب الديانات الأخرى- كما يزعمون- ولكنني على ثقة بأن الإعلام في العالم العربي مسيس ويسير لخدمة أهداف تيارات معينة تستعين به كالعادة عندما تريد التلاعب بالرأي العام وتحريضه ضد فئات معينة أو أفكار تتعارض مع أطروحاتهم وتسخر الكتاب المأجورين لسن أقلامهم المسمومة للهجوم والنيل من معارضيهم حتى وصل الحال بهم للحديث عن خطر حلقات تحفيظ القرآن على المجتمعات وأنها أحد منابع الإرهاب وتجنيد القتلة والإرهابيين، حتى أن إحدى الكاتبات قبل سنوات طالبت وبشكل صريح بإغلاق حلقات تحفيظ القرآن في المملكة -منبع الوحي والرسالة- بحجة أنها تخرج طلابا لا يفقهون شيئا في العلوم الأخرى. التناقضات الكبيرة التي تعيشها مجتمعاتنا العربية بسبب الانتقال السريع من وإلى مجتمعات تتميز بالمحافظة أو الانفتاح الشديد على الثقافات الأخرى والمطالبة بفصل الدين عن الدولة من أهم الأسباب في ضياع الهوية التي يعاني منها كثير من شبابنا الآن وجعل بعضهم يتأرجح بين التدين الشديد والإلحاد، فعلينا قبل محاربة التعليم الديني وكيل التهم لحلقات تحفيظ القرآن والعلوم الشرعية بحجة الخوف على الشباب من الفكر المتطرف، أن نعلم أبناءنا أمور دينهم ونمدهم برصيد قيمي وديني، ونقوي لديهم الاعتزاز بهويتهم العربية والإسلامية والحرص على الحفاظ على لغتهم العربية من العبث مما قد يساعدهم على الوصول إلى الوسطية، فلا يكونوا بعد ذلك دمى تحركها تيارات الفكر المتطرف سواء أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
478
| 01 أبريل 2013
تعد ظاهرة التجمهر عند وقوع الحوادث المرورية أو الحرائق من الظواهر الاجتماعية الخطيرة والمنتشرة في كثير من المجتمعات، خاصة العربية، فهي تساهم في إعاقة وصول سيارات الإسعاف والمطافئ وتأخير عمليات الإنقاذ وكذلك تعريض المتجمهرين أيضا للخطر في حال تطور الحادث وتضاعف. وهذا السلوك غير الحضاري نشاهده كثيرا على الطرقات وفي الشوارع رغم التحذيرات الصادرة من الجهات الأمنية بعدم التجمهر عند وقوع الحوادث من أجل السيطرة على منطقة الحادث بشكل آمن وفعال. فالبعض يرى أن هذه العادة من باب النخوة والشهامة ومساعدة المحتاج ومن المعيب أن يشاهد من هم بحاجته فلا يقدم لهم أي مساعدة والبعض الآخر يرى أن الظاهرة ما هي إلا فضول وحب استطلاع دون أن يفكر بأن فضوله قد يؤذي الآخرين ويهدد حياتهم وقد يساهم في عرقلة السير وإعاقة وصول سيارات الإسعاف لإنقاذ المصابين. ظاهرة التجمهر بدأت تأخذ منحى آخر خطيرا، فبعد تطور وسائل الاتصال تحول البعض إلى مراسلين وباحثين عن السبق حتى لو كانت على حساب حياة الآخرين وأتحدث ومن واقع تجربة، فقد كنت إحدى ضحايا التجمهر الفضولي، ففي الأسبوع الماضي تعرضت وعائلتي لحادث مروري خرجنا منه –والحمد لله - سالمين إلا من بعض الرضوض والكدمات لكننا أصبنا بالرعب الشديد جراء الحادث وجموع الفضوليين الذين أحاطوا بسيارتنا والسيارة الأخرى فما كادت سيارتنا تتوقف عن الدوران وترتطم بالحاجز الأسمنتي حتى توقف السير في الطريق وتجمهر الفضوليون الذين جاءوا من كل حدب وصوب ليس لنجدتنا بل لإشباع فضولهم - القاتل- على حسابنا دون الاكتراث بما حدث لنا. ووصل عدم المبالاة وموت الضمير بأحدهم إلى تصوير سيارتنا والوقوف بالقرب منها لوقت طويل ولم يحاول الاطمئنان على حال من هم بداخل السيارة وهل هم أحياء أم أموات! رغبة الشخص "المتطفل" في توثيق الحادث وتصويره من أجل نشره على مواقع التواصل الاجتماعي لنيل الشهرة والسبق في نقل الحوادث تحول لدى البعض إلى إدمان وهوس شديد. فما يكاد يقع حادث إلا ونجد عشرات وربما مئات الفضوليين قد تحلقوا حول مكان الحادث كالنسور الجارحة لالتقاط بعض الصور والمقاطع لوضعها على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر دون الاكتراث بحال المصابين أو بمشاعر عائلات المتوفين. وقد لا تتورع تلك النوعية من المتجمهرين عن إيقاف سياراتهم على قارعة الطريق وتعريض أنفسهم والآخرين للخطر وتسلق الجدران ومزاحمة رجال الشرطة والإسعاف من أجل توثيق كل شيء والتقاط الصور لضحايا الحوادث حتى أشلاء الموتى لم تسلم من عبثهم. فهل انعدم الشعور بالإنسانية لدى هؤلاء الأشخاص وأصبحت جثث الموتى مستباحة ورخيصة عندهم؟!! تلك السلوكيات الشاذة والاستهتار بالأرواح تعبر عن تربية خاطئة وقائمة على الأنانية وعدم المبالاة وافتقار الشخص لحس المسؤولية وعندما تتنامى ظاهرة التجمهر داخل المجتمع فهي تجر معها خسائر هائلة سواء في الأرواح أو الممتلكات وتؤثر سلبا على المجتمع وأمنه واستقراره. انحسار هذه الظاهرة مرتبط بوعي المجتمع وطرق التعامل مع الكوارث والأزمات، فقبل أن نطالب بسن القوانين ومعاقبة المتجمهرين علينا أن نعمل على تكثيف البرامج التوعوية والثقافية حول خطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع وعلى أداء الأجهزة المعنية بالأمن والسلامة حتى نحقق النتائج المرجوة، فبدون الوعي بمخاطر التجمهر ستبقى هذه الظاهرة في ازدياد.
3109
| 01 أبريل 2013
شهدت العقود الأخيرة في العالم العربي والإسلامي مطالبات متكررة من قبل الحركات النسوية بمساواة المرأة بالرجل وفي جميع الميادين وتحريرها - كما يزعمون - من عبودية الرجل الذي يريدها أن تتفرغ لخدمته وتربية أطفالها تماشيا مع الصورة البراقة التي رسمها الغرب لنسائه بأنهن سعيدات بعد أن انتزعن "حقوقهن" وتحررن من العبودية والاستكانة وإذلال الرجال وتم إيهام المرأة العربية بأنها قادرة على القيام بكل الأدوار سواء داخل أو خارج المنزل وبكفاءة عالية كما تفعل المرأة الغربية وكأن تلك النسوة يتحدثن عن مواكبة الموضة وشراء ماركات عالمية وليس عن حياة بشر ومسؤوليات متعددة ومستقبل أجيال كاملة واستنسخنا التجارب من خلف البحار دون الاكتراث بأهمية التروي عند التعاطي مع تجارب الغير وضرورة دراستها والتمعن في إيجابياتها وسلبياتها قبل الدعوة للسير على خطى المرأة الغربية خاصة أن اللبيب من يستفيد من أخطاء من سبقوه.وتجاهلت الحركات النسوية في العالم العربي وهي تتغنى بإنجازات الناشطات في مجال حقوق المرأة كيف انتهت حياة معظم الناشطات الغربيات كأمثال سيمون دي بوفوار وجيرمين غرير وغيرهن كثير وحيدات وبلا أطفال. وتناست وهي تنادي بكسر القيود والثورة ضد الحجاب والمطالبة بالمساواة مع الرجال في كل شيء أن العديد من رائدات الحركات التحررية في الغرب قد تراجعن عن معظم تلك الأفكار التحررية ومنهن الكاتبة البريطانية – الاسترالية جيرمين غرير صاحبة كتاب "الأنثى الخصي" فالكاتبة التي اشتهرت بأنها من أكثر النساء اللواتي أسهمن في بلورة اتجاهات الحركة النسوية في الغرب تراجعت وبعد ربع قرن عن معظم أفكارها حيث ترى الآن أنها مع الحرية وليس المساواة مع الرجل. وأن حصول المرأة على حقوقها ليس معناه التضحية بأنوثتها أو بالعلامات الفارقة التي تميزها عن الرجل وقد توصلت لتلك الحقيقة متأخرة وبعد أن أيقنت أنها كانت تطارد السراب وأن إشباع غريزة الأمومة لا يعادلها أي مكاسب قد تحققها المرأة خارج منزلها. وأن الأمومة لم تكن يوما من الأيام وسيلة استعباد للنساء كما كانت تظن في السابق. قضية المساواة وتحرر النساء من سيطرة الرجال والتي كانت الشغل الشاغل لرائدات الحركات التحررية في الغرب ثبت فشلها والمرأة الغربية الآن تدفع ثمن تلك المطالبات وأصبحت مجبرة على القيام بعدة ادوار في ظل غياب الرجل الذي يمكن أن يخفف عنها الأعباء خاصة المادية ويساعدها في تربية الأطفال وأجزم أنه لو عاد الزمان بتلك النسوة مرة أخرى وخيرن أي الطريقين يسلكن المساواة والحرية أم الزواج والاستقرار وإنجاب الأطفال لاخترن الزوج والأسرة بدلا من مطاردة وهم المساواة الذي حرمهن الأمومة والاستقرار ولرددن "يقطع المساواة وسنينها" فأي إنجاز أو تكريم يمكن أن يعوض المرأة عن الزواج وإنجاب الأطفال؟!الحرية..المساواة مصطلحات فضفاضة يحملها الإنسان ما يشاء من معاني لتخدم مصالحه وأهدافه وأكثر ضحايا تلك المصطلحات هم النساء اللاتي يتم استغلال مشاكلهن ومطالبهن بالحياة الكريمة من قبل بنات جنسهن - سواء من إعلاميات أو ناشطات حقوقيات- لنيل الشهرة والمال. والعجيب أن كثير من السيدات العربيات اللاتي يدعين أنهن ناشطات حقوقيات ومناصرات لحقوق المرأة "المهضومة" لا يمتلكن عند الحديث عن الحرية والمساواة مع الرجال معنى محدد للحرية أو المساواة التي يطالبن بها ويرددن كالببغاوات شعارات الغرب الرنانة حول الحريات وكسر القيود دون الاكتراث بالفوارق الدينية والاجتماعية التي تميزنا عن الغرب.أنا هنا لا أنكر أن الكثير من النساء في عالمنا العربي يعانين الأمرين جراء اضطهاد أشباه الرجال أو حرمانهن من حقوقهن خاصة حق العمل ولكن هذا الحق لا يقدم على الزواج ورعاية الأبناء ويجب أن يتناسب مع ظروف المرأة وطبيعتها الجسمانية ولا يحرمها من منزلها ورعاية أطفالها والعناية بزوجها.على من يسمين أنفسهن بناشطات حقوقيات ومدافعات عن حقوق المرأة العربية قبل الحديث عن الغرب وتمجيد إنجازات المرأة الغربية والحديث عن المساواة المزعومة المطالبة بخفض ساعات العمل للمرأة المتزوجة والمرأة التي ترعى أطفالها مع احتفاظهن بالراتب كاملا. فالمرأة بحاجة لمن يهتم لمشاكلها وهمومها ويطالب بحقوقها الفعلية ويتحدث عن الآثار السلبية لعمل المرأة المتزوجة لساعات طويلة أو بنظام الورديات"الشفت" كما يحدث مع الطبيبات والممرضات والعاملات في الدور الإيوائية وغيرها من المهن التي تحرم فيها المرأة من مشاهدة عائلتها والعناية بأطفالها بسبب طبيعة العمل فتوكل مهمة العناية بأطفالها للجيران أو الخادمة مما قد يؤثر سلبا على علاقتها بالزوج والأطفال وقد ينتهي بها الأمر مطلقة ووحيدة. فيا أيها الناشطات هذه عينة من الهموم والقضايا التي تشغل بال المرأة العربية التي تدعين الدفاع عن قضاياها فهل تنبرين للمطالبة بها أم أنها قضايا "لا تؤكل عيش" بالنسبة لكن؟!
1062
| 04 مارس 2013
وقعت بالصدفة اثناء ابحاري في عالم الانترنت على قصة جميلة يحكي فيها شاب إماراتي معاناته مع عائلة والده والتي نبذته منذ طفولته بسبب والدته الهندية وكيف كان ينادى دائما داخل أسوار منزله "بابن الهندية "حتى نسي اسمه الحقيقي, ولم تتقبله عائلته وتعترف به إلا بعد بزوغ نجمه وحصوله على اعلى المراتب في عمله, وسواء كانت القصة حقيقية أو خيالية فقد أعجبتني وذكرتني بالواقع المرير الذي يعيشه البعض من أبناء الأمهات الاجنبيات والذين يدفعون ثمن نزوات أبائهم طوال حياتهم فيتعرضون للسخرية والألقاب المهينة والظلم والذي قد يصل في بعض الأحيان لحرمانهم من حقوقهم في الجنسية والإرث ,هذه المعاناة التي يتعرض لها الكثيرون بسبب لونهم أو عرقهم والتي تتعارض مع ديننا الذي يحث على العدل والمساواة بين بني البشر والبعد عن التنابز بالألقاب تطرح سؤالا مهما وملحا لماذا يتم قمع المختلف عنا سواء في لونه أو جنسيته ؟ , ولماذا لا نعترف باختلاف الآخرين ونحترمهم كما هم؟ الانحياز لذات العرق والجنس يكاد يكون توجها بشريا عاما وفطريا إلا أن هذا التوجه قد يكون حجر عثرة في طريق بناء الأمم وتطورها فعندما ينظر لفئة معينة دون غيرها على أنها تستحق افضل معاملة ,فهذا الأمر يقود إلى هدر حقوق الفئات الأخرى وظلمهم, وهذه العنصرية الذميمة والتي تدمر المجتمعات حاربها الدين الإسلامي منذ البداية فجعل التقوى هي المعيار الوحيد للتمايز بين الإخرين وليس معايير النسب واللون . من الصعب حصر العنصرية في عالمنا العربي في جانب واحد كالزواج مثلا فمشاعر العنصرية تطغى على جوانب كثيرة ومختلفة في حياتنا وتؤثر عليها سلبا, بل أنها توجد حتى بين شعوب الأقطار العربية تجاه بعضهم البعض ,وهناك شعور بالتعالي والتفوق بين هذا الشعب وذاك وبدرجات متفاوتة, وهذا الأمر يدعو للقلق فالعنصرية ستبقى حجر عثرة أمام الوحدة العربية التي نطمح لها جميعا, فطالما بقيت تلك المشاعر والسلوكيات العنصرية بيننا سنبقى مشتتين وضعفاء أمام اعدائنا. وللأسف أن العنصرية وصلت حتى إلى الإعلام العربي على الرغم من أن صناعة الإعلام يجب أن تنأى بنفسها بعيدا عن الممارسات العنصرية التي تساهم في زيادة الهوة بين الشعوب العربية, فما يكاد يقع خلاف بين دولتين عربتين حتى تسارع القنوات الفضائية والصحف في كلا الدولتين إلى التراشق الإعلامي وتبادل التهم والاساءة للشعوب , وفي السينما العربية مازالت عقلية صناعي الأفلام والبرامج الترفيهية عنصرية تجاه الخليجيين و اصحاب البشرة السوداء والذين يظهرون في الغالب بشخصيات( الساذج والخادم والكسلان) , بينما يتم تقديم شخصية الخليجي في معظم الأفلام العربية بطريقة سلبية وعدائية كشخص ثري وسطحي يحاول شراء النساء بأمواله., هذه التصنيفات العربية – العربية وهذه العنصرية الإعلامية المتبادلة والتي وصلت حتى إلى الأخبار والبرامج الوثائقية التي تتسم بالجدية هي انعكاس حقيقي لواقعنا المليء بالعنصرية تجاه بعضنا البعض,فكيف نلوم الغرب وإعلامه على الصورة المشوهة للعرب بينما نحن نتسابق في الاساءة لبعضنا البعض واحيانا بلا سبب؟! الكثير منا يدعي أنه يمقت ازدراء الآخرين ولم يمارس العنصرية وإقصاء الآخر ونبذه بسبب -لونه أو جنسيته أو وظيفته- بحجة أن التعصب ضد مبادىء ديننا وأن ما يطلق من مفردات على الآخرين "كالعبد" و"ابن الهندية" و"بدوي" و"صانع" وغيرها من المفردات ذات الطابع الاقصائي مجرد دعابة أو مجرد كلمات جرت على الألسن ليس ألا ,ولكن السلوكيات التي نشاهدها والعبارات التي نسمعها في كل يوم سواء داخل منازلنا أو في حواراتنا اليومية أو في الشارع تثبت العكس وتؤكد لي أننا متعصبون فعلا ونعشق الإنكار و البقاء داخل بالون من الأكاذيب والأوهام .
409
| 18 فبراير 2013
في الأسبوع الماضي أرسل لي أحد القراء يطالبني بالحديث عن قضايا تهم الشباب العربي ويخص بالحديث النهم المبالغ فيه لمواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت في متناول يد كل مراهق عبر تطبيقات الهواتف الذكية. والحقيقة أنني كنت بصدد الكتابة عنها خاصة مع ملاحظتي للصعود الكبير للعرب في تلك المواقع واحتلالهم للمراكز الأولى..فهل هو من باب التميز أم من باب الفراغ أم من باب قلة وسائل الترفية في مجتمعاتنا؟!! الغزو العربي لمواقع التواصل الاجتماعي بحسب تقرير عملي حديث صادر عن مركز مدار للأبحاث والتطوير يكشف عن احتلال السعودية للمركز الأول من حيث استخدام شبكات التواصل الاجتماعية وأن السعودية تساهم بـ28 بالمائة من المحتوى الرقمي العربي. وأظهر التقرير أيضاً احتلال مصر المرتبة الأولى عربيا والمرتبة 21 عالميا من حيث مستخدمي الفيس بوك إذا تجاوز عدد المستخدمين 11 مليون مستخدم فيما جاءت السعودية في المرتبة الثانية بما يربو على5 ملايين مستخدم تلتها المغرب في المركز الثالث بنحو 4 ملايين مستخدم. أما بالنسبة لتويتر فالسعودية تحتل المركز الأول عربيا من حيث نسبة مستخدمي تويتر فالسعوديون يقودون العالم العربي بأكثر من800 ألف مستخدم نشط يمثلون 37% يليهم الكويتيون بـ371 ألف مستخدم نشط يمثلون نسبة 17%. ثم مصر 296 ألف مستخدم نشط يمثلون نسبة 14% من مستخدمي تويتر النشطين في العالم العربي. ولم يكتفي شبابنا بتلك الانتصارات وقرروا غزو موقع الكييك-الخاص بالتدوين المرئي- كما فعلوا في مواقع التواصل الأخرى ويحتلوا – كالعادة – الصدارة في قائمة أكثر دول العالم زيارة للموقع ونشرا لمقاطع الفيديو. وبحسب تقرير لصحيفة الاقتصادية السعودية يشكل السعوديين ثلث زوار الموقع بنسبة 33.2% يليهم الأمريكان بنسبة 19.5% وفي المركز الثالث الكويتيين بنسبة 6.3% ثم الإماراتيين بنسبة5.5% وفي المركز التاسع سلطنة عمان بنسبة 1.5%. الغزوة الأخيرة للشباب العربي لم تكن موفقة كما حدث في تويتر والفيس بوك والتي أحدث فيها الشباب تأثيرا كبيرا وإيجابيا وقادوا التغيير في بلدانهم -كما حدث في ثورات الربيع العربي- فقلة قليلة استثمروا موقع الكيك لإبراز مواهبهم أو لتسجيل رسائل فيديو سامية تدعو للتبرع للفقراء والأعمال التطوعية بينما الغالبية العظمى من الشباب استثمروه في بث تسجيلات شخصية تتطرق لنوعية سياراتهم أو ماذا يأكلون أو التنمر والسخرية من المقاطع التي ينشرها بعض الزائرون خاصة من فئة الأطفال والمراهقين. بينما تستعرض معظم الفتيات في الموقع -مستعينات بالنقاب والشماغ لإخفاء هوياتهن- مواهبهم في الغناء والرقص والتعري فما الذي يريد أن يصل إليه هؤلاء الشباب والفتيات من بث تلك المقاطع المخجلة والمعيبة أهو طلب السخرية أم البحث عن الشهرة حتى لو كانت سلبية؟! انتشار تلك المقاطع وبسرعة هائلة في مواقع التواصل الاجتماعي أثبت أن لدينا مشكلة في التعامل مع التقنيات الحديثة فبدلاً من استخدامنا واستثمارنا لإمكاناتها المذهلة وتوظيفها لإبراز مواهبنا وطرح الآراء والأفكار حول مختلف القضايا التي تهم الشباب يحول البعض نفسه إلى مادة للسخرية والتندر وخلال 36 ثانية ! نحن بحاجة ماسة لتجاهل موجة مقاطع الكيك التي ليس لها لا لون ولا طعم ولا حتى رائحة والتي تسيء لأصحابها وعائلتهم قبل مجتمعاتهم حتى لا نساهم في انتشارها وحتى يدرك أصحابها تفاهة أطروحاتهم فيراجعوا أنفسهم ويرتقوا بما ينشرونه من مقاطع.
601
| 11 فبراير 2013
عندما استشارتني إحدى الزميلات في اللجوء لمواقع الزواج الإلكترونية وأرقام الخطّابات المنتشرة في عالم الفضاء الإلكتروني بحثاً عن عريس لابنتها التي تجاوزت الثلاثين دون أن تتزوّج أو يطرق بابها خاطب، شعرت بالصدمة والتعجّب فالأم من أكثر المعارضين لهذه الطريقة ولكن يبدو أن قلة الحيلة أعجزتها ولا تريد لابنتها أن تنتهي وحيدة وبلا أطفال. كانت الأم تشعر بالحرج من اللجوء لهذه الطريقة وترى أنها لا تليق بأسرتهم ولكنني شجّعتها على المضي في البحث عن عريس لابنتها وقلت لها: ما المانع فالعالم اليوم يتجه لتسخير التكنولوجيا لخدمة الإنسان في كل جوانب حياته، المهم أن تحرصوا على السؤال عن العريس وأخلاقه وعدم الاكتفاء بالمعلومات التي تقدّمها الخطابة سواء كانت خَطبة تقليدية أو إلكترونية، فالعائلة مسؤولة عن التحقق من صحة المعلومات التي تقدّم لهم والبحث في ماضي العريس حتى لا تقع ضحيّة للنصابين فتنتقل ابنتهم من لقب "عانس" إلى لقب "مطلقة" بسرعة الضوء فتكون كالمستجير من الرمضاء بالنار. حديث زميلتي وقلقها على مستقبل ابنتها خاصة في ظل تأخرها في الزواج والإنجاب وما أسمعه من الصديقات وما أشاهده في مواقع الإنترنت من لجوء كثير من الفتيات والعائلات لأرقام الخطابات الإلكترونيات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية بحثاً عن العرسان لبناتهم حتى الصغيرات منهن خوفاً من شبح "العنوسة الذي يطارد الكثير من الفتيات العربيات، يدفعني للتساؤل عن مدى انتشار هذه الظاهرة في عالمنا العربي خاصة في ظل ازدياد نسبة العنوسة بين الفتيات وارتفاع سن الزواج لدى الشباب ومدى تقبّل العائلات خاصة المحافظة منها لهذه الطريقة الحديثة والتي لا تختلف عن الطريقة التقليدية عدا كونها أصبحت أكثر مرونة وعابرة للقارّات، فالعائلة في السابق تكتفي بما تعرضه الخطابة التقليدية من صور العرسان ومواصفاتهم والذين لا يتجاوزن حدود الحي أو المدينة التي تسكن بها والآن أصبح بإمكان العائلة البحث عن عريس لابنتها سواء داخل أو خارج البلد، والأمر في النهاية مرهون بجديّة الخطابة وحرصها على جمع رأسين بالحلال وليس الحرص على جمع المادة -كما يتهمن عادة-. والمجال أصبح الآن يشهد منافسة كبيرة من قبل بعض الرجال خاصة أن المقابل المادي في بعض الحالات يكون مرتفعاً. وفي ظل الطلب المستمر من قبل الفتيات على العريس الثري وصاحب الجاه شهدنا ما يسمّى بخطابات وخطابين الشيوخ وعلية القوم والذين يصل أسعارهم في بعض الحالات لعشرات ومئات الآلاف ومقابل تدبير"عريس لقطة" وصاحب منصب وجاه، على الفتاة وعائلتها أن تدفع الأموال الطائلة لتنال المراد، وأصبحنا نقرأ إعلانات عن زواج شرعي معلن أو زواج مسيار وغيرها من المسمّيات التي يتحفنا بها هؤلاء الخطابين والخطابات في إعلاناتهم المنتشرة في عدد من المواقع. ورغم أن معظم العائلات سواء كانت من الطبقة الراقية أو الكادحة لا تعترف صراحة أمام الأقارب والمعارف بأن العريس جاء من خلال خطابة- سواء كانت تقليدية أو إلكترونية- خوفاً من النظرة الدونيّة للفتاة ووصمها بالعانس وتكتفي بالإشارة إلى القسمة والنصيب حتى لو كان العريس من بلد أو قارّة أخرى، ورغم أن النظرة للخطابات ولمن تلجأ لهن لا تزال كما هي في مجتمعاتنا العربية إلا أن هناك إقبالا على الخطابات والخطابين المنتشرين على الشبكة العنكبوتية وبكثرة طمعاً بالحصول على عريس، خاصة أن بعض العائلات -سواء في البلدان العربية أو المهجر- ليس لديها إلا القليل من الأقارب والمعارف، ممّا يقلل من فرص الحصول على عريس مناسب لإحدى بناتهم. ذات مرّة أبحرت في الشبكة العنكبوتية واطلعت على الإعلانات الغزيرة سواء للخطابات أو الفتيات وكانت معظم الطلبات من فتيات صغيرات بالسن وليس كما يشاع عادة بأن أكثر من يطلب خدمات الخطابات من فئة العوانس والأرامل والمطلقات واللاتي عفا عليهن الزمن وهذا ممّا أثار حيرتي! فهل تلجأ الفتاة خاصة من تكون دون الخامسة والعشرين لخدمات الخطابة الإلكترونية بحثاً عن الزواج والحياة المستقرّة أو بحثاً عن التسلية.. خاصة أن معظم الإعلانات خياليّة أو تركز على المنصب والجاه والوسامة دون الاهتمام بالأخلاق والدين؟ إن وجود الخطابة سواء كانت زائرة للمنازل أو مبحرة في الشبكة العنكبوتية لن يختفي من مجتمعاتنا العربيّة خاصة في ظل رفض كثير من العائلات لاختيار الشاب أو الفتاة لشريك الحياة والاكتفاء بخدمات الخطابة والمعارف للجمع بين رأسين في الحلال، ولا أهاجم أو أؤيد هنا أي من الطريقتين ولكنني أشعر بأن على العائلات مسؤوليّة كبيرة في البحث عن خطابات على قدر من المسؤوليّة والجديّة خاصة أن كثيرا من الخطابات لا تحرص على مصلحة الفتاة بل على الحصول على أجرها ممّا قد ينعكس سلباً على الفتاة ومستقبلها. ولطالما لا توجد قوانين تحد من الخطابات والخطابين العابثين والباحثين عن المال وتنظم العاملين في هذا المجال وتراقب أنشطتهم، فحبذا لو تنشأ جمعيات مؤهلة ومختصة مهمتها إنقاذ الفتيات والأسر من الاستغلال وتساهم في سعادة الفتيات والشباب على حد سواء.
2711
| 28 يناير 2013
حينما كنت أشاهد الأخبار وطلب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من دول الخليج تقديم الدعم، خاصة المادي، للعمليات العسكرية الفرنسية في مالي لطرد الإرهابيين الإسلاميين تذكرت مثلا مشهورا له حضور على الألسنة " فلان صوفته حمراء"، أي عرضة للتهم يسرع إليه ظن السوء فلو تمنعت الدول الخليجية عن دعم التدخل الفرنسي في شؤون مالي وشعبها المسلم وقالت لهم "وأنا مالي" فستكون بنظرهم داعمة للإرهاب، فالعرب والمسلمون – في نظر الغرب- صوفتهم حمراء على الدوام وإرهابيون بالفطرة.فرنسا – منبع الحرية والديمقراطية- قررت غزو مالي والتدخل في شؤونها الداخلية وضرب بإرادة شعبها عرض الحائط لتظهر للشعب المالي والعالم – كما فعلت أمريكا من قبل – أن المصالح أهم من الشعارات البراقة وأن إرادة الشعوب، خاصة الإسلامية، يتم الحجر عليها وتجاهلها عندما تكون الموارد الطبيعية لتلك البلدان بعيدة عن أيديهم، ففرنسا لن تفرط بالموارد الطبيعية لمالي من الذهب واليورانيوم والحديد وغيرها من الثروات الطبيعية من أجل حقوق الإنسان واستقلال الشعوب والحريات وغيرها من الشعارات التي تستخدمها الدول الغربية للاستهلاك الإعلامي. وعندما تشعر بالطمع والرغبة في وضع يدها على ثروات الشعوب في العالم الثالث تتباكى على الحريات وتنادي بمحاربة التطرف الإسلامي فتمارس القتل والقصف وتذبح المدنيين الأبرياء من أجل مصالحها فقط ومعاييرها المزدوجة، لذا لا يمكن أن نطلق على ما تقوم به فرنسا بالإرهاب- والعياذ بالله - فإرهابنا أحمر متعطش للدماء وإرهابهم أخضر وسلمي وقائم على نشر المحبة والسلام العالمي.المسلمون في مالي رغم أنهم لم يغزوا الشعوب الأخرى ويقصفوا المدنيين ويقتلوهم بدماء باردة. ورغم أنهم لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية ولم يهددوا الأمن والسلم الإقليمي فضلا عن الدولي. إلا أنهم مجرمون وإرهابيون بالفطرة ويجب القضاء عليهم وحشد الجهود وجمع الأموال –خاصة من الدول الخليجية- لمحاربتهم وإبادتهم – وفق الشرعية الدولية- بينما يتم تجاهل جرائم الطائفيين في العراق وبورما والأحواز وما يحدث في سوريا من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ومنح نظام بشار الدموي الفرصة تلو الأخرى والاكتفاء بالشجب والاستنكار لجرائمه!الحرب التي تشنها فرنسا على شعب أعزل – بحجة محاربة الإرهابيين- لا تصنف وفق معاييرها المزدوجة بأنها تدخل في شؤون دولة مستقلة وذات سيادة، بل ضمن محاربة الإرهاب الإسلامي الأحمر الدموي الذي يحارب القيم التي تقاتل فرنسا من أجلها وهي الحرية والعدالة والمساواة، رغم أن المسلم في فرنسا نفسها متهم دائما حتى تثبت براءته وحقوقه مهدرة ولكن لا يمكننا وصف ما تقوم به فرنسا من انتهاك حقوق المسلمين سواء داخل أو خارج فرنسا بالإرهاب والتعدي على الحريات ومخالفة شعاراتها التي تزعم الدفاع عنها. فالإرهاب الفرنسي أخضر سلمي حتى وإن كان ضد شعاراتها الرنانة ودعاواتها باحترام حرية الإنسان وحتى وإن كان ضد إرادة شعب مالي المسلم. وعلى العالم أن يتفهم الإرهاب الفرنسي وغزو الأراضي المالية كما تفهم من قبل الإرهاب الأمريكي الأخضر السلمي في العراق وأفغانستان وغيرها من الدول التي اكتوت بنيران ديمقراطيتهم المزعومة. رغم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولكن العرب والمسلمين – حسب قوانين الغرب وفكرهم العنصري- هم وحدهم الإرهابيون والقتلة ومن يجوب القارات حول العالم بحثا عن الضحايا وارتكاب المجازر ونشر الدمار والفوضى في كل دولة يتواجدون على أراضيها. ورغم أننا دول وشعوب – رغم ثرواتها الهائلة – لا نملك مصانع للأسلحة كما في أمريكا وأوروبا والتي تضخ ملايين الأسلحة عبر قارات العالم لتبقى الحروب في العالم مستمرة.. ولا نسوقه على مستوى الأفراد والدول لتعتدي الدول على بعضها البعض ويقتل الأبرياء بلا ذنب ولا جريمة، لكن لا حياة لمن تنادي، فيبقى الإسلام والعرب –حسب أعينهم العوراء- منبع الإرهاب الأحمر الدموي وأما إرهابهم فهو أخضر وسلمي وهدفه الدفاع عن الديمقراطية والحريات! ومن أجل حرياتهم الغربية على العالم، خاصة المسلمين، دفع الثمن سواء من أموالهم أو أرواحهم.الأجدى بأمريكا والدول الغربية قبل أن توزع التهم على العرب والمسلمين وتنعتهم بالإرهاب والتطرف وقتل الأبرياء ونشر الفكر المتشدد الدموي أن تنظر لمواقفها وتدخلاتها غير المبررة في الدول العربية والإسلامية ومحاربتها لإرادة الشعوب في اختيار حكامهم أو أنظمة الحكم في بلدانهم وتكف يدها عن التدخل في شؤون الدول المستقلة وذات السيادة لينعموا بالحريات والاستقلال التي تزعم أنها تنادي بها وتدافع عنها.فبينما تنادي باحترام حقوق الإنسان وإرادة الشعوب تقوم وفق معاييرها المزدوجة بتجنيد المرتزقة والطوابير الخامسة في داخل كل دولة حول العالم لنشر الفوضى والدمار ولتبني أفكارهم وإرهابهم الأخضر السلمي.
402
| 21 يناير 2013
تكتفي جامعة الدول العربية في كل الأزمات والأحداث المأساوية التي مرّت بأمتنا بعقد القمم والاجتماعات والجلسات المغلقة لتخرج علينا في النهاية بقرارات لا تخرج عن الشجب والاستنكار والإدانة! وفي كل أزمة تعصف بالأمة العربية نشاهد مواقف متخاذلة ومخزية لما يسمّى بجامعة الدول العربيّة. وكما هو واضح من اسمها يفترض أن تعمل الجامعة على الجمع والتضامن بين الشعوب العربية وحمايتها وتمثيلها في المجتمع الدولي.الحديث عن جامعة الدول العربية حديث ذو شجون فمنذ تأسيس الجامعة في عام 1945م وحتى يومنا هذا لم نشهد من تلك الجامعة ما يرضي أو يحقق طموح الشعوب العربية في التضامن العربي والوحدة حتى يرجع للعرب مجدهم ومكانتهم بين الأمم الأخرى كما في السابق، فطالما عُرف العرب منذ القدم بالشهامة والحميّة فكان كبار قادتهم من المشهود لهم بالشجاعة والحنكة والحرص على كرامة شعوبهم والتي من أجلها يخوضون أشرس المعارك غير آبهين بالتهديدات الخارجية فكرامة شعوبهم فوق أي اعتبار وأي تهديد، ولكن تلك الأمجاد ضاعت واندثرت بسبب المواقف المتخاذلة للجامعة وصمتها وخنوعها غير المبرّرين أمام المجازر التي ارتكبها الغرب والكيان الصهيوني والفرس في بلداننا العربية. والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدّة خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمة هو ما الفائدة من هذه الجامعة التي بتنا – بسبب مواقفها المريبة- لا نميّز بين الجاني والمجني عليه، فهي لا تحرّك أي ساكن تجاه أي قضيّة من قضايا الأمة وتكتفي بقرارات غير واضحة المعالم.الجامعة أثبتت مع مرور السنوات عجزها وافتقارها للزعامة القيادية وفشلها في حماية الشعوب والبلدان العربية من أي عدوان خارجي- كما ينص ميثاقها- لتتحوّل إلى مجرّد إطار مؤسّسي يخدم مصالح الأنظمة العربية التي لا تكترث لهموم الشعوب المغلوب على أمرها وجل همّها المحافظة على كرسي الحكم، وبعد أن أوهمت الجامعة الشعوب العربية لسنوات طويلة بالدفاع عنها وعن مصالحها ودغدغت مشاعر الجماهير بأحاديثها عن حقوق المضطهدين وبإيهامهم بأنها تسعى نحو العدالة ونصرة المظلومين وخدمة المصير العربي المشترك جاء صمتها تجاه المجازر التي يرتكبها الطاغية بشار وما يحدث في العراق من جرائم على يد الطائفيين وما يحدث للأحوازيين من إعدامات بالجملة ليدق آخر مسمار في نعش ما يسمّى بالجامعة العربيّة.هذا العجز والتخاذل غير المبرّر نتج عنه قتل الملايين من العرب الأبرياء في فلسطين والعراق والأحواز وسوريا وغيرها من البلدان التي كانت تنتظر انتصاراً لقضاياها وشعوبها المقهورة فلم تجد في النهاية سوى الصمت المريب وتجاهل قضاياها ممّا جعل الكثير ينظر للجامعة كونها شريكة في الجرائم المرتكبة طوال السنوات الماضية، فهي مدانة إما بقراراتها المتخاذلة أو بصمتها وخنوعها لقرارات القوى العظمى الطامحة للسيطرة على الشعوب العربية وثرواتها الطبيعية. ونتيجة لتجاهلها لقضايا الشعوب العربية المستقلة أو الرازحة تحت الاحتلال، عانت الشعوب من الظلم والاضطهاد ونهب ثرواتها، فمن يعفي الجامعة من تخاذلها تجاه قضايا الأمة؟ ومن يعفيها من تخاذلها تجاه قضية العرب الأولى " فلسطين" على مدى أكثر من ستة عقود؟ ومن يعفيها من دماء الشهداء الأبرياء في الأحواز وسوريا؟ ومن يعفيها من الصمت أمام احتلال الجزر الإماراتية الثلاث؟ ومن يعفيها ممّا حدث ومازال يحدث في العراق من جرائم يندى لها جبين الإنسانية؟ ومن يعفيها من ضياع سبتة ومليلية والجولان والإسكندرون؟وهل تحولت الجامعة إلى مجرّد إطار مؤسّساتي يضر أكثر ممّا ينفع وبوق من أبواق الغرب؟ خاصة أنها لا تستجيب لتطلعات الشعوب العربية الطامحة للوحدة والدفاع عن مصالحها واسترداد مكانتها بين الشعوب وتتذرّع بكونها جامعة دول عربية، وليست جامعة شعوب عربية! مما يعني على الشعوب العربية الرازحة تحت الاحتلال – كما هو حال الشعب العربي الأحوازي- أن تعتمد على نفسها وبعيداً عن الجامعة وتحرّر نفسها وتؤسّس دولتها المستقلة، ثم قد تتكرّم عليها جامعة الدول العربية بقبول عضويّتها!على جامعة الدول العربية فتح أبواب المؤسّسات التابعة لها كمنظمة الآلكسو للتربية والثقافة والعلوم وغيرها أمام الشعوب العربية التي ليس لها دول - كالأحوازيين والبلوش وغيرهم- تمهيداً لضمها كلياً كأعضاء دائمين أو مراقبين في الجامعة، فالعالم اليوم يتجه للوحدة والتكتل ونحن كعرب أحق من غيرنا بالوحدة فنحن لسنا كالاتحاد الأوروبي الطامح إلى جمع شعوب وقوميات متعدّدة ولغات وعادات وأعراف مختلفة من أجل إقامة مجتمع رأسمالي وسوق كبير لمنتجاته، فنحن بالأساس شعب واحد فصلتنا القوى الاستعمارية بمكائدها وحدودها التي رسمتها بمكر ودهاء ومن خلال أنظمة مستبدة -تحمي مصالح الغرب أكثر من مصالح شعوبها- فنحن نملك اللغة والعادات والتقاليد نفسها ولا يمكن لأي جزء من أمتنا أن ينمو ويحقق أمنه بمعزل عن البقيّة.أحد أهم أسباب ثورات الربيع العربي يكمن في كون الشعوب قد سبقت أنظمتها بالفكر والرأي والانفتاح، بينما بقيت تلك الأنظمة على حالها ولم تغيّر شيئا من أساليبها عدا تطوير أساليبها القمعيّة فقط لا غير، فلماذا لا تفكر جامعة الدول العربية بتغيير أولوياتها والقيام بالإصلاحات الضرورية-خاصة على ميثاقها- والاستجابة لمطالب الشعوب العربية الطامحة لإقامة جامعة تمثل الشعوب العربية لا حكامها قبل أن تجرفها موجة ربيع الثورات العربيّة، فالشعوب العربية لن تسكت طويلاً عن جامعة لا تنتصر للحق ولا تنصف المظلوم؟
886
| 14 يناير 2013
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4884
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3630
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2889
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2736
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2712
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2229
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1485
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1053
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
840
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية