رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الرحمة بالذبائح

إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء لذلك يمكن أن يوصف عمل الإنسان كله في كل حياته بكلمة واحدة هي الإحسان والرحمة إذا كان زوجا محسنا وإذا كان أبا محسنا وإذا قاضيا محسنا أو تاجرا محسنا طبيبا محسنا، فالإسلام دين رحمة شاملة والله جل وعلا رحيم بعباده من أنفسهم، ومن أمهاتهم بهم فهو رحيم بخلقه من إنسان وحيوان وكل ذي روح ،فقد حث الإسلام على الإحسان بالحيوان وقتله بالطرق الشرعية ،بل وحتى السرعة في إزهاق روحه ، حتى لا يتألم ولا يتعذب وهذا من عظيم رحمة الله تعالى بخلقه ،فهو الرحيم المحسن المتفضل على خلقه بشتى النعم ،فالعبد المطيع لله تعالى هو الذي يسعى نحو القرب والكمال يغتنم الأيام والليالي في سبيل الظفر بجنة عرضها السموات والأرض وإن المسلم في هذا الشهر الكريم شهر رمضان شهر القرب والإحسان والطاعة والغفران يسعى لعمل الخير يسعد نفسه ويسعد من حوله، فلقد من الله عز وجل على هذه الأمة بأن جعلها خير أمة أخرجت للناس بما يدعون إلى الخير وبما يأمرون من معروف، فخص الله عباده المؤمنين بمواسم للخير يكثر أجرها ويعظم فضلها،حتى تتحفز الهمم للعمل فيها فتنال رضا الله وفضله ولتتعلم أن الرحمة من الرحمن.لذلك تتجلى رحمة الإسلام بالحيوان وكيف راعى حقوقه قبل ذبحه، وأثناء الذبح بل حث على الإحسان إلى الذبيحة حال ذبحها، وذلك بأن لا يذبح بآلة ضعيفة أو غير حادة ،فيعذب الحيوان وإنما يجب أن تكون الآلة حادة سريعة الذبح وإزهاق الروح ،لأن في ذلك راحة للذبيحة وسرعة لقتلها دون عناء ،فعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة وليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته ) رواه مسلم، ومن الإحسان الذي دعا إليه الشرع المطهر في حق البهيمة أن لا يذبح حيوان أو طير وأليفه يراه ،فإنها تشعر بذلك فترتاع نفسه فيحصل لها عذاب نفسي ، وألم قلبي ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة وأن لا يذبح واحدة بحضور الأخرى ،ومن الإحسان إلى الحيوان بعد ذبحه أن لا يكسر عنقه ، أو يسلخه أو يقطع منه عضوا أو ينتف منه ريشا، حتى تزهق روح الحيوان أو الطير وتخرج الروح من جميع أجزائه ،فالمسلم الحق هو الذي يعلم رحمة ربه بكل شيء وأن يكون رحيما فمن لايرحم لايرحم وخاصة وإننا في شهر رمضان فهو من أعظم تلك المواسم، فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن شهر ينادى فيه: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، ولله فيه عتقاء من النار كل ليلة فما أعظم فضل هذا الشهر وما أجل منزلته ومكانته إنها منة الله على العباد فيه تلك المنة التي من تأملها عرف عظيم فضل الله عليه حيث أحياه ومد في عمره حتى أدرك هذا الشهر العظيم ،فاحرص على اغتنام هذا الشهر المبارك في انتشار الرحمة بين أفراد الأمة ولتتأمل أن هدي الدين الحنيف يوصيك بالرحمةحتى للحيوان فما بالك بالإنسان الذي تعيش معه ،فلو فكركل إنسان في حقيقة ما يملك وفي عاقبته لرأى أن السماحة أفضل من الأثرة والعطاء خير من البخل، فالمسلم الحق المستنير بتعاليم دينه القائم بتطبيقها على نفسه في صدق وإخلاص كريم جواد يداه مبسوطتان تمطران بالخير الوفير على أبناء مجتمعه لذلك حبب إلى بنيه الرحمة والإحسان و أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر والرحمة.

1811

| 29 يونيو 2016

الرحمة بالخدم

إن هدي الإسلام وآدابه يفرض على أتباعه أن يتعاملوا مع من يخدمونهم على أنهم بشر مثلهم، لهم حقوق إنسانية لا يمكن التغاضي عنها، حتى ولو كانوا يخدمون من يمتلكون زمام الدنيا وما فيها، فالخادم إنسان وهو ليس في وضع أدنى من مخدومه، ولذلك يرفض الإسلام كل أشكال الإساءة إلى الخدم، كما يدين إهدار حقوق الخادم وحرمانه من ممارسة حياته الاجتماعية والدينية بشكل كامل، فالمسلم في رمضان يمتثل أمر الله تعالى وطاعته فهو يصوم لله ويقوم الليل يطمع في الجنة ويتعوذ من النار لذا ينبغي أن يعلم كل عاقل أن الله سبحانه وتعالى جعل حسن الخلق أفضل من درجة الصائم القائم ،فما فائدة في صوم بلا خلق أو صلاة بلا أخلاق، فالمسلم كريم الطباع لين القول يهتدي بنور الإسلام يلتزم أوامر الدين و ينتهي عما نهى الله تعالى فهو يعلم علم اليقين أن الدين الإسلامي هو دين الشمول و العموم ،فمن مظاهر الرحمة والتسامح التي جاء بها الإسلام وأكد من خلالها إنسانيته الفائقة ورحمته بكل خلق الله وتوفيره لمقومات الحياة الكريمة للضعفاء والبسطاء منهم، ما قرره هذا الدين العظيم من حقوق للخدم وحثه على معاملتهم معاملة طيبة تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية وتراعي مشاعرهم وتصون أعراضهم وتجعلهم يقبلون على أعمالهم بجد ونشاط ورغبة ومن دون خجل أو شعور بالعار، فنظرة الإسلام شاملة للحياة كلها وركن ركين لبقاء الأمة الإسلامية ،فلابد من إرشاد متصل ونصائح متتابعة ليرسخ في الأفئدة والأفكار فإن الإيمان والصلاح والخلق عناصر متلازمة متماسكة لا يستطيع أحد تمزيق عراها .فإن حسن الخلق من كمال الإيمان فالمسلم يؤمن بما لأخيه من حقوق وآداب تجب عليه، فيلتزم بها ويؤديها لأخيه المسلم وهو يعتقد أنها عبادة لله تعالى،وقربة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، إذ أن هذه الحقوق قد أوجبها الله تعالى على المسلم ليقوم بها تجاه أخيه المسلم، ففعلها يكون طاعة لله تعالى وقربة له دون شك لذلك حدد النبي صلى الله عليه وسلم أن الهدف من بعثته و الشريعة الحقيقية لدعوته من خلال قوله صلى الله عليه و سلم:إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فالخلق الحسن يتربى عليه المسلم ويتدرب من خلال دينه على مكارم الأخلاق التي ترفع منزلته في الدنيا ،فيكون له القبول في الأرض ويكون محبوبا بين الناس وترجح كفة ميزانه في الآخرة، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف، ولقد أمر الشرع الحنيف بحسن التعامل مع الخادم ومراعاة مشاعره الإنسانية، فلا يجوز نداء الخادم بلفظ قبيح أو مستهجن ولا يجوز قذفه وسب عرضه أو شتمه واحتقاره والتقليل من شأنه بين الناس، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد سمع رجلا يسب خادمه وعيره بأمه فقال له صلوات الله وسلامه عليه إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ،وإذا كان الإسلام لا يبيح شتم الخادم أو جرح مشاعره أو معاملته بما يسيء إليه ويقلل من شأنه بين الناس فهو من باب أولى يدين أي عدوان يتعرض له الخادم من مخدومه، فلا يجوز بأي حال من الأحوال ضرب الخادم، فهدي الإسلام العالي يتسم بالأخلاق كلها من حب وتعاطف وتآخ فيزرع في نفوس أبنائه القيم الإسلامية النبيلة والتي ينبغي على كل مسلم التخلق بها ،فلا يتخلق بالشحناء إلا من كان في قلبه مرض، وفي طبعه جفوة وفي فطرته التواء،فإن سبيل صلاح المجتمع هو سبيل صلاح الأخلاق.

1951

| 28 يونيو 2016

الرحمة بالأسير

إن ديننا الحنيف دين واقعي يتعامل مع الأحداث ومع الواقع، ولا يذهب في تشريعاته مع الخيال أو المثالية غير القابلة للتحقيق، ومن ثم كان من الطبيعي أن يتعامل مع قضية الأسرى كواقع يفرض نفسه على الحياة، لا أن يتجاهله أو يفرض لها حلا عاطفيا غير واقعيٍ، لذلك فإنه يتعين على المسلمين في بعض الظروف مثل أن يكون العدو قد أسر من المسلمين رجالا يلزم أن نبادلهم بأمثالهم، فلقد كانت القاعدة العامة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في أّول غزوة غنم فيها المسلمون أسرى هي أن يستوصوا بالأسرى خيرا، فلم تكن هذه المعاملة الحسنة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للأسرى مجرد قوانين نظرية ليس لها تطبيق في واقع الحياة، ولكنَها تمثلت في مجموعة من المظاهر التي تنبئ عن قلوب ملأتها الرحمة وعن مشاعر فاضت بالعطف والحنان، وذلك مما يميز الفرد في المجتمع الإسلامي وهو فعاليته ونشاطه ودأبه في خدمة الناس، فمن أجل العهد مع الله والأمانة والوفاء في الحياة الدنيا لابد أن يدرك الحقوق والواجبات في الإسلام فلا تطغى حياته الدنيا على آخرته فيخسرهما جميعا، وبما أن هذه الأيام أيام خير وعطاء فلابد وأن تجعل همك هو ابتغاء مرضاة الله تعالى حتى تجعل من صومك وسيلة للانتفاع به في الدنيا والآخرة ويكون ذلك بحرصك على الناس والاهتمام بشأنهم وتقديم يد العون لهم ومعرفة دعوة الدين الحق ومنهجه في التعامل بالرحمة حتى مع الأسرى.فالإنسان في رمضان لابد وأن يعلم أن عليه مسؤولية ينبغي أن يؤدي ما عليه من واجبات حتى يكتب عند الله من السعداء، فمسؤوليتنا نحو الناس عظيمة والحذر من التقصير فيها، فما أحوج أبنائنا في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمتنا إلى مثل عليا، وقدوة صالحة يتخذونها نبراسا يهتدون بها في حياتهم الخاصة والعامة، وتاريخ سلفنا الصالح حافل بهذه المثل التي نمر عليها في قراءتنا بدون وعي ولا تأس ولا اهتداء كأنما نقرأ للثقافة فحسب، وما جدوى الثقافة والمعلومات إذا لم يكن له أثر في توجيه شباب الأمة إلى خير العمل وعمل الخير في هذه الحياة، فقد نزل القرآن الكريم للبناء والعطاء, لبناء الإنسان الخير السوي وعطاء الحضارة الندية السخية، وإن بعد الناس عنه فسيبقى نداؤه ملحا وهديه ميزانا لأنه جاء للإنسان وإن أي فكرة لا تتصل بالإنسان، وأي عقيدة أو مبدأ لا يتوجه للإنسان بخير أو ضر لن يكون لها في البشرية صدى ولن تعمر طويلا من المدى فقد كان يتعالم المسلمون مع الأسرى بالرحمة والخلق، فكانوا يجعلونهم في أحد مكانين إما المسجد وهو أشرف مكان عند المسلمين، وإما بيوت الصحابة رضي الله عنهم، وكان المستهدف من إبقاء الأسرى في المسجد أن يروا أخلاق المسلمين وعبادتهم لعلهم يتأثرون به فيدخل الإيمان في قلوبهم، وأما إبقاء الأسرى في منازل الصحابة رضي الله عنهم فكان هذا إكراما كبيرا من المسلمين لهؤلاء الأسرى، فالفطرة السليمة تأبى التعذيب للنفوس البشرية، بل إنها لا ترضى بتعذيب الحيوان أو الطير وقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام رضي الله عنهم على الرحمة، فكان الصحابة رضوان الله عليهم نماذج عملية في الرحمة ببني البشر جميعا مسلمين وغير مسلمين، وإن من أعظم الأفكار التي كانت تصاحب البشرية على امتدادها، هي تنشئة الإنسان تنشئة صحيحة وتربيته تربية سليمة قويمة ووضعه الموضع الصحيح المريح من هذا الكون بأحيائه وجماداته في حاضره ومستقبله، فمن أخلاق الإسلام أيضا في التعامل مع الأسرى بالرفق ولين الجانب حتى يشعروا بالأمن والطمأنينة، وهذا ما نتعلمه من الهدي النبوي التي شملت البشر جميعا.

589

| 27 يونيو 2016

الرحمة بأهل الذمة

إن جميع الناس لهم الحقوق الإنسانية كبشر أمام ربهم، وإنما يتميز الناس عند ربهم بمدى تقواهم وإيمانهم وحسن أخلاقهم، وكم كان حرص محمد صلى الله عليه وسلم على إبراز هذا المعنى الإنساني واضحا في تعاملاته وسلوكياته مع غير المسلمين، فالذي ينظر إلى الرسالة المحمدية يجدها قد حفظت كرامة الإنسان ورفعت قدره، فالناس بنو آدم سواء المسلم وغير المسلم وقد كرم الله بني آدم جميعا، إن السيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أحرقت الصدور وأورثت الأحقاد وأنبتت الضغائن، أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أثوار الغضب وهدأت من فورة النفس وغسلت أدران الضغينة، وإنه لفوز عظيم لمن دفع السيئة بالتي هي أحسن ولا ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم، فلدوام الألفة بينك وبين من تتعامل معهم من بني البشر حسن المعاشرة واستمرار التعاون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعود المرضى من غير المسلمين فقد عاد الغلام اليهودي لما مرض، وحرص على القيام بحقوقهم في الجوار فشمل هديه كل جار حتى لو كان من غير المسلمين، ولم يأت الهدي النبوي ليسلب الحرية من الذين لم يتبعوه، بل قد تعامل معهم بتسامح نادر الحدوث.ما أجمل أن ترى الألفة والمحبة والرحمة بين الصائمين، فأخلاق الصائم ينبغي أن تقوم على التسامح وليعلم إذا أصابه أحد بسوء فليقل إني صائم حتى يعلم نفسه أنه في حالة إيمانية عالية، لأن المجتمع الإيماني لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة والمحاسبة والانتصار للذات والانتصاف لها في كل صغيرة وكبيرة وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على المسامحة والتغاضي والصفح والصبر، فلو تأملت في كلمة التسامح والرحمة لوجدت أنها عذبة في اللسان سلسلة ورقيقة في المنطوقِ، ذات رنين جميل في السماع، لكنها ثقيلة على النفس يقبلها العقل كلمة مجردة لكنه يجد كلفة ومشقة في تطبيقها في الواقع، فما الذي يمنع كثيرا من البشر من تطبيقها، ورفضِ التخلق بها وتحبيذ الغلظة والحدة والغضب والكبرياءِ بديلا عنها؟ المسامح كريم ورحيم بالناس، وإن هذا الكرم يصدر من نفسٍ زكية واسعة لا تضيق من أغلاط الناسِ، ولا تتكدر من سقطات النفوس ولا تهيج لاستفزازاتهم، فالرحمة كلمة جميلة باتفاق اللغات والأعراف والأمم كلها، فإن ذلك يعني الصفح عمن أخطأ عليك أو تجاوز حده أو اختلف معك، فالمفهوم بهذا الاعتبار قيمة أخلاقية عظمى وانتصار لروح الخير والأخلاق في النفس الإنسانية على روح الشر من الاستجابة لنزغات الشيطان وهو أساس التعامل الذي يفترض أن يحكم علاقة الناس بعضهم ببعض، أما الإصرار على رفضه فهو إصرار على إلحاق الأذى بالنفس قبل الآخرين، وهو إصرار على المعاناة الشخصية في مواجهة قلب مظلم، فالتعايش والتفاهم والتعاون بين الأمم والخلق أمر تحتاجه الإنسانية، ولقد سلك القرآن الكريم أبرع أسلوب في دفع النفس الإنسانية إلى ذلك المرتقى العالي الصعب، إذ بيّن لنا عبر آياته البينات، أن الذي أصابه البغي له أن ينتصر لنفسه ويرد عنها البغي والعدوان ولكنه لم يدع الإنسان الذي أصابه الحيف والبغي من أخيه لعاطفة التشفي والانتصار والانتقام، بل أخذ بيده برفق إلى مرتقى الصبر والغفران والتسامح وأكد له أن بلوغ ذلك المرتقى من عزم الأمور، فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين، فهذه معان قرآنية محكمة من أصول الدين تدل على أخلاقه الإسلامية الأصيلة، التي شرعها الإسلام لأبنائه وحث عليها قبل أن تولد الفلسفة في الفكر الحديث، وهذا هو خلق المؤمن حيث تضافر الهدي النبوي على تأصيله في نفوسهم، ومن هنا يتطلب من المؤمن المعاملة الحسنة مع كل الخلق.

562

| 26 يونيو 2016

الرحمة بالتخفيف عن الناس

إن الرحمة خلق من أخلاق المسلم وهي صفاء النفس وطهارة الروح والمسلم بمعاملتهالحسنة مع الناس وابتعاده عن الشر، هو دائما في نفس طيبة وروح طاهرة فالرحمة لا تفارق قلبه ،وهدي الإسلام يدعو الناس إلى كل خير لما فيه من صلاح حياتهم الدنيا وسعادتهم في الآخرة وإننا في هذا الشهر العظيم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فرض الله علينا صيامه وأمرنا أن نكثر فيه من الطاعات ،فهو يدربنا على الصبر والذي يجب علينا جميعا أن نتواصى به والنصح له والحرص على تقوى الله في جميعالأمور، فالرحمة هي الرقة والعطف والمغفرة والمسلم رحيم القلب يغيثالملهوف ويصنع المعروف ويعاون المحتاجين، ويعطف على الفقراء والمحرومين، ويمسح دموع اليتامى فيحسن إليهم ويدخل السرور على الناس جميعهم وصدق من قال، ارحم بني جمـيــع الخـلـق كلـهـم وانظر إليهــم بعين اللطف والشفقة ،وقـر كبيـرهم وارحم صغيـرهــم، ثم ارع في كل خلق حق من خلـقه، نحن دائما نردد في أول أعمالنا بسم الله الرحمن الرحيم، فالرحمة والشفقة من أبرز أخلاق المسلمين وتعتبر من صفاتهم وأخلاقهم التي يتسمون بها عن غيرهم رحماء بينهم فالرحمة تكون في جميع وجهات الحياة اليومية ونحتاج إليه في الحياة لكي نعيش بهدوء وعقلانية وحياة خالية من المشاكل ،والرحمة تتعلق بالإيمان لذلك ينال المرء عليها الأجر والثواب، فمن غمر قلبه الإيمان تزين بالصبر لأن هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسانا ذا مكانة عالية وعظيمة يتزين بالوقار والاتزان والحكمة ويعطىالإنسان الهيبة واحترام الآخرين له فالصبر صفة من صفات الأنبياء.فإن الصبر على الناس والرحمة بهم يعد من حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع وهو حبس النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه و هو عادةالأنبياء والمتقين وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذاالعصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقل معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى ونسيان التراحم فيما بينهم ، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخَوَر، فالحق سبحانه وتعالى فرض عليناالفرائض ليزكي أنفسنا فهذا رمضان الذي أوجب الله علينا صيامه والصيام يدربنا على الصبر وضبط النفس وقوة التحمل والتراحم فيما بيننا ،والمسلم رحيم في كل أموره يعاون أخاه فيما عجز عنه، فيأخذ بيد الأعمى في الطرقات ليجنبه الخطر ويرحم الخادم بأن يحسن إليه ويعامله معاملة كريمة، ويرحم والديه بطاعتهما وبرهما والإحسان إليهما والتخفيف عنهما، والمسلم يرحم نفسه بأن يحميها مما يضرها فيالدنيا والآخرة فيبتعد عن المعاصي، ويتقرب إلى الله بالطاعات ولا يقسو على نفسه بتحميلها ما لا تطيق ويجتنب كل ما يضر الجسم من أمراض، فرحمة المسلم تشمل جميع المخلوقات بما في ذلك الحيوانات، فقد حذر الإسلام من الغلظة والقسوة، وعد الذي لا يرحم الآخرين شقيا، أما المسلم فهو أبعد ما يكون عنالقسوة، وليس من أخلاقه أن يرى الجوعى ولا يطعمهم مع قدرته، أو يرى الملهوف ولا يغيثه وهو قادر، أو يرى اليتيم ولا يعطف عليه، ولا يدخل السرور على نفسه؛ لأنه يعلم أن من يتصف بذلك شقي ومحروم، فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس ،فمن هذاالأصل الكبير من أصول العقيدة الإسلامية تتفرع الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم التقي المرهف في سلوكه وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلمالصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه أن الرحمة رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق.

285

| 25 يونيو 2016

الرحمة بطالب العلم

إن حقيقة الأمة دعوتها للحق والفضيلة والعلم والتعلم ومبعوثها خير البشر علمنا صالح العمل، وأنه نور يستضاء به في ظلام الجاهلية ومحبة خالصة تؤلف بين القلوب، وأن الإسلام شمس مضيئة أنارت ظلام الجاهلية وهو دين الحب والأمل و الحياة واليسر و شرائعه هي شرائع الحق والعدل، وأحكامه هي أحكام الحياة، وللقيمة الرفيعة لخلق الحب والمحبة في الحياة، وأهميته في تحقيق السعادة للفرد والأسرة والمجتمع والأمة والإنسانية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سعى لتحقيقه بوسائل متعددة، وربَّى أصحابه وأمته على هذه النفسية الراقية، وحث على إشاعته بين الناس ببناء كل العلاقات على أساس من الحب حبّ الله، وحب الخير وحب الصلاح والصالحين وحب الإنسانية، فالحق سبحانه جعل رمضان موسما للطاعة والقرب من الله تعالى ففرض علينا صيامه وسن لنا قيامه وأمرنا بالصيام والقرآن والإحسان ،فالإنسان هو الكائن الوحيد في هذا الوجود الذي نفخ الله فيه من روحه وقد كانت هذه النفخة الروحية الإلهية هي مناط التكريم الذي حظى به الإنسان ومن أجل ذلك طلب الله سبحانه وتعالى من الملائكة ان يسجدوا لآدم تكريما له ليس لأنه خلق من طين ولكن لأن الله قد نفخ فيه من روحه ،وعلمه الله الأسماء كلها فكان هذا التكريم الذي جعله للإنسان سببا في استخلافه في الأرض ,وتعميره لها ببقاء النوع الإنساني. فشرائع الإسلام وأحكامه كلها دعوة للمحبة، فالزكاة مثلاً التي هي قرينة الصلاة وجوباً وأهمية، ومن هنا تتلاشى الأحقاد وتنبت المحبة والألفة وهكذا تكون الجماعة كالجسد الواحد، الغني يدفع من مال الله الذي عنده فيجد البركة والنماء، والفقير يتناول رزق ربه فيسدّ حاجته، والمجتمع ينقى ويطهر من الأمراض الخبيثة ،فمن عنده يكفل من ليس عنده وحبذا لو كان طالب علم لا يستطيع أن يقوم بسد احتياجاته فيجد في المجتمع المسلم من يكفله، ولهذا فإن حب الخير للناس مما يقوم عليه ويتقوى به إيمان المؤمن، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "،فهذه العلاقة بين المؤمن والمؤمن يحرص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم لأنها تهب الجماعة المسلمة قوتها وصلابتها فلا تهون ولا تتفتت ولا تعبث بها الفتن ،فإن كل مؤمن هو لبنة في بناء المجتمع، يدخل الإيمان بينه ثم إن من فيض الإيمان تنبعث الرحمة الهادية التي ترجو ما عند الله، فإن جميع الرسل والأنبياء جاءت دعوتهم متفقة على مبدأ واحد وأصل ثابت وهو الدعوة إلى الإيمان بالله عز وجل الواحد القهار على أسس طلب العلم والحرص على تعلمه وهنيئا لمن رحم طالب العلم، فدعوة الإسلام وضعت لذلك أسسا وشرائع من عبادات ومعاملات تقوم عليها سعادة البشرية ،فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمة يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل فما قيمة جسد ليس في قلب صاحبه إيمان وعقيدة,وما قيمة صورة لا يحمل صاحبها مبادئ ولا قيما,فإن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلب منه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب على نفسه وملذاتها، مع تنقية تلك الهمم من كل شائبة تجره إلى الفتنة والمعصية، وهذه الهمة تكون في طلب العم والحرص عليه، وإنما تفاوت الناس بالهِمم لا بالصور والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، وحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه , الأمر الذي يؤدي إلى أن يصبح بحق جديرا بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل , ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين.

1904

| 24 يونيو 2016

طموح الصائمين

المسلم يعمل الخير ويطمح في القبول لنيل الجزاء من العليم الخبير، فإن شهر رمضان المبارك يأتي ومعه موسم الخيرات والبركات والنفحات، واللبيب من يغتنم في مواسم تنزل الرحمات قبل حلول الأجل وانصرام العمر وتفلت الأوقات، فها هي أبواب الجنان تفتح في رمضان وتغلق فيه أبواب النيران، ويأتي المنادي ينادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر وهاهم عتقاء الرحمن في كل ليلة في موكب بهيج، فيا سعادة من تحرر من ربقة الإباق وأخلص لله بالعبرات وأعد ليوم التلاق، وملأ الميزان بالأعمال الصالحة التي تكون زاده في يوم لاينفع مال ولابنون إلامن أتى الله بقلب سليم، وخفف عن كاهله الأثقال وسابق إلى الصالحات ومنها نال وغرف له في كل صنف حساب وعنوان، فأفضل ما يتميز به الهدي السماوي أن منهجه منهج عبادة ولكن العبادة تحتاج إلى توضيح فهي ليست قاصرة على مناسك العبادات المعروفة من صلاة وصيام وزكاة وإنما هي معنى أعمق من ذلك، فإنها العبودية لله وحده والتلقي من الله وحده في أمر الدنيا والآخرة كله ثم هي الصلة الدائمة بالله وهذه الصلة في الحقيقة هي منهج التربية تتفرع منه جميع التفريعات وتعود في النهاية كلها إليه، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الشعائر التعبدية إن هي إلا مفاتيح للعبادة أو محطات يقف عندها السائرون في الطريق يتزودون بالزاد ولكن الطريق كله عبادة وكل ما يقع فيه من نسك أو عمل أو فكر أو شعور فهو كذلك عبادة ما دامت وجهته إلى الله وما دام قد شهد حقا، أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام حياته كلها وواقعه كله على هذا الأساس. فمن خصائص هذا الشهر المبارك مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة فيه إلى سبعمائة ضعف وفوق ذلك لمن حسنت نيته وأخلص أعماله لله وبذل الميسور من الصدقات وكانت من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يجتهدون في الطاعات في رمضان للفوز بالمنحة الربانية بمضاعفة الأجر والثواب، والعبادة بهذا المعنى تشمل مجالات الحياة كلها، فإنها لا تقتصر على اللحظات القصيرة التي تشغلها مناسك التعبد وهذا هو المقصود من الآية الكريمة في قول الله تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) الذاريات:56 وإلا فما قيمة لحظات عابرة في صفحة النفس وفي صفحة الكون لا تكاد تترك لها أثرا وتضيع في الفضاء فلا يستفاد منها الإنسان في حياته، وإنما قيمتها أن تكون منهج حياة يشمل كل الحياة، قيمتها في أن تكون خطة سلوك وخطة عمل وخطة فكر وخطة شعور قائمة كلها على منهج واضح يتبين فيه في كل لحظة ما ينبغي وما لا ينبغي أن يكون، فرمضان يدخل ديار القلوب المؤمنة يأتيها بعد طول غياب، فلايزال يزّينها حتى تخرج بيضاء نقية، ولا يزال يهديها إلى الحق ويدلها عليه حتى تتبين القلوب المؤمنة طريق النور من الظلام، فقد يعرض على النفس إن جاء الحديث عن رمضان شريط حياتها الماضي وما فيه من هفوات وهنات فتثقل النفس، ويتسرب اليأس إليها، وتتكبل الأيدي، وتعقلها عن العمل، وهذا نقيض المقصد من رمضان فهو فرصة من فرص الحياة وموسم من مواسم الخيرات، كما هو حال رجل الأعمال في تجارته فهو يبني ثروته وينمِّيها باغتنام الفرص والمواسم وانتهازها واستثمارها، فكن من أثرياء الإيمان بعد رمضان ولاتحقر نفسك، في رمضان تصوم فيه الأجسام عن الأكل والشرب، فما بال القلوب لا تصوم عن الغل والحقد والحسد، وما بال الألسن لا تصوم عن قول الزور والكذب وفيما لاينفع الناس بل يضرهم، فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي يتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه، فإننا نحب رمضان يوم يذكر فيه الله وحده، فلا يعلو إلا اسمه جلّ جلاله، وقبيل الغروب يوم تهفو القلوب لعلام الغيوب تدعو وترجو رحمته وتخشى عذابه، وفي قيامه وتراتيل آياته والوقوف عند عظاته، ويوم تصفو القلوب صفاء يصقلها من دقيق الشوائب والآفات وتقترب النفوس بعضها ببعض، وكأنها نفس واحدة، وفي هداءات السحر وقت تنزل البركات والخيرات واللسان يلهج بذكر الله والاستغفار، وفي اقتحام العقبة بإطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة، ونحبه بسكينته وروحانية تشع القلوب بنورها وبهائها وتهبها حلاوة الإيمان والحياة الطيبة المطمئنة.

310

| 23 يونيو 2016

الرحمة بالمعسرين

من تمام النعمة على عباده ومنزلة الكرامة عند الله لا يحول بينهم وبين نزول المصائب الدنيوية المرتبطة بأسبابها ،وأن تلك المصائب مظهر لثباتهم على الإيمان ومحبة الله تعالى والتسليم لقضائه ،فينالوا بذلك بهجة نفوسهم بما أصابهم في مرضاة الله ويزدادون به رفعة وطهارة ،ويزدادوا يقينا بأن اتباعهم لهذا الدين لم يكن لنوال حظوظ في الدنيا ،ويكتب لهم من ذلك ثواب الآخرة ،فقد أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها وأمرهم بالصبر وبشرهم بأجر بلا حساب ،والمؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث خصال من الخير، الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبل الهدى وعدم مطالبة المعسرين من إخوانهم المتضررين والفقراء واحتساب ذلك عند الله تعالى والصبر عليهم حتى يفرج الله تعالى عنهم فإن لهذا العمل من الفضائل مالا يخطر ببال كثير منا ومن هذه الفضائل ،فأنه في ظل العرش يوم تدنو الشمس من الناس قدر ميل أو ميلين .فالإعسار من أعظم كرب الدنيا بل هو أعظمها فجعل أجر من نفَّس عن أحد من عيال المعسرين بتفريج أعظم كرب الآخرة وهو هول الموقف وشدائده بالإزاحة من ذلك ورفعته إلى أشرف المقامات، فالمرء الذي يسعى إلى السعادة ينشدها لابد وأن يعلم أن السعادة تتحقق له عند إسعاد الآخرين وإننا في هذه الأيام الطيبة أيام شهر رمضان أيام البر والإنفاق أيام يضاعف الله سبحانه وتعالى فيها الأجور والحسنات لمن أراد أن يتاجر مع الله فيبحث عن المحتاجين ويدخل عليهم السرور والسعادة ،فالإسلام دين التكافل الاجتماعي والتراحم والتعاون جعل العدالة الاجتماعية إحدى دعائم الدين وتكاليفه الشرعية، فالأغنياء والقادرون في مجتمع المسلمين وجب عليهم المبادرة إلى تفريج ضائقة المحتاج وتنفيس كرب المكروب من خلال اقتسام اللقمة معه في أشد الساعات الحرجة ،حتى لا يسود الحقد والصراع أفراد المجتمع ،فإن رقي المجتمعات وتقدمها لا يقاس بما حققت من منجزات العلم وما اكتسبته من مجال في المعارف العامة، وإنما يقاس بشيء أهم من كل ذلك وهو سيادة القيم الإنسانية فيها وانتشارها بين أفرادها والتي تقوم على قسط كبير من حب وتعاطف وإيثار وتضحية واستقامة ونظافة في التصور والسلوك والمعاملة ،لذا فإن المجتمع الإسلامي يختلف عن كثير من المجتمعات الأخرى لأنه مجتمع متكامل مترابط تقوم دعوته على زرع القيم والتعاون بين أفراده فهو من أرقى المجتمعات، فإن أبواب الخير في هذه الأيام المباركة مفتوحة أمام الإنسان التقي، يلجها متى شاء مستنزلا رحمة الله الواسعة، مستكثرا من ثوابه الجزيل وفضله العميم، فإنه يعلم أن أمر الرزق موكول إلى الله تعالى والذي كفله للجميع إلا أن البركة في الأرزاق لا يحصل عليها إلا الذين يتاجرون مع الله فتراهم ينفقون أموالهم ولا يخشون من ذي العرش إقلالا، فعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن كل معروف صدقة وأنه في صباح كل يوم ينزل ملكان من السماء يقول أحدهما اللهم اعط منفقا خلفا ،ويقول الآخر اللهم اعط ممسكا تلفا فوجب على كل محب للخير أن يبحث عن ألوان البر والخير والمعروف والتي يستطيع المسلم أن يجني منها أجور تلك الصدقات ،فهو يقوم بالأعمال البناءة الخيرة في مجتمعه فإيجابيات المرء وحياته كلها موجهة في خدمة أهله وعشيرته وأبناء مجتمعه، فالإنسان الحق الذي استضاء قلبه بنور الإيمان يسير على قيم الإسلام وآدابه كما أمره الله تعالى بها فمساعدته للمحتاجين لقربة يبتغي بها رحمة الله الواسعة فهو ينفق لينفَق عليه ويدرك أن هذا البر والصلة يجلبان البركة في الرزق وفي العمر.

600

| 23 يونيو 2016

الرحمة بالفقراء

إن العطاء والإحسان إلى الفقراء في المجتمع المسلم قرة عين الإنسان في حياته عندما يحس بتخفيف الآلام عن المسلمين ،فبذلك تحلو الحياة وببركتهم يستجلب الرزق وتتنزل الرحمة ويضاعف الأجر، مما يجعل منهم عناصر خير وعوامل بر ومصادر سعادة ،فالفقراء والمساكين لهم حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين ألا يغفلوا عنهم وأن يعتنوا بهم، فأولئك الفقراء الكثيرون الذين ليس لهم من يتولاهم ويحسن إليهم ،فرحمة الفقير والعطف عليه من أعظم القربات والطاعات لله تعالى، فالأيام الطيبة المباركة التي نعيشها الآن تستوجب على كل مسلم أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به دائم الذكر له والتوكل عليه يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ويحس في أعماقه أنه بحاجة دوما إلى قوة الله وعونه مما يجعله يذكر ربه في كل وقت ويراه في كل شيء من مشاهد الطبيعة وأحداث الحياة ،ومثله الأعلى في ذلك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ،فقد كان يذكر الله في كل أوقاته وأحيانه في يقظته ومنامه وذهابه وجلوسه ، ولقد كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالفقراء رحمة نافعة دافعة لكل خير تهدف إلى إسعادهم سعادة حقيقية لا زيف فيها ولا تزوير.إنها رحمة لا تهدف إلى كفايتهم فقط ولكن أيضا إلى تعليمهم ورفع معنوياتهم كما تهدف في ذات الوقت إلى نجاتهم في الدنيا والآخرة في شمول عجيب لا نراه في تاريخ الأرض إلا من نبي ، فأمة الإسلام تمتاز عن غيرها من الأمم بالطاعة والقرب لله تعالى في السير على منهج الحق واتباع الهدي النبوي ،فقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآن ويقدمونها على كل عبادة،حتى روي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة، فاجتهد رحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر وليست حقيقة الذكر باللسان فقط بل لابد أنه ينشأ أولا في الشعور والوجدان ويا حبذا في رمضان ثم يفيض على اللسان مناجاة وتسبيحا وتحميدا وتنزيها وحينئذ يكون المسلم من الذاكرين لله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما إن الذكر في هذه الأيام يزاد أجره وثوابه ، الحسنة بعشر تضاعف إلى سبعمائة ضعف فيزداد القلب نورا ويضفي عليه عطاءًً ومساعدة للفقراء والمساكين، فقد كان الهدي النبوي يريد لهذه الروح الرحيمة أن تسري في مدينته وفي أُّته وأن يشعر كل إنسان بمن حوله ويسعى لتخفيف آلامه بقدر طاقته، فعلى المرء يحاول أن يعطي من عنده فإذا لم يجد اجتهد في حلِ الأزمة لكنه لا يترك الفقير هكذا بغير عون، فلقد تأصلت هذه الرحمة في المدينة، فالمسلم يرى أن ما أعطاه خير مما أبقاه فمما ينبغي أن يفهم من الحرص على العطاء ومن حثه صلى الله عليه وسلم للصحابة على الإنفاق أنه كان يرضى للفقير أن يظل فقيرا أبد الدهر، أو يعتاد أن يمد يده للسؤال بل كان حريصا على ترسيخ معنى العمل والكسب عند فقراء الأمة ليكفوا أنفسهم بأنفسهم، وليستمتعوا بلذة البذل والعطاء بدلا من معاناة ذل الأخذ والاستجداء ،فما أعظم هذا الذي يذكره ربه ويرعاه وإذا سأله استجاب دعاءه ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه لأن الذكر حياة للقلب ونور له والغفلة عنه موت وظلام ،أما الذي يغفل عن ربه وذكره فهذا ينسى حقيقة الوجود ويجهل سر لذة المناجاة والعبادة والطاعة لله تعالى ،ولهذا لا ينبغي للمسلم أن ينسى ربه أو يغفل عنه ، فيحسن التعامل مع الناس والتودد إليهم والتوغل في عوالمه الصافية البريئة مستخدما في سبيل صياغتها وتوجيهها أبرع الأساليب، وأفضل الوسائل وأنقى العبارات فيجاملهم ويمازحهم ويسمعهم من كلمات المحبة والإيثار ما تبتهج به نفوسهم.

6874

| 22 يونيو 2016

الرحمة بالأرملة والمسكين

أصبحت الرحمة خلقا نادرا في دنيا الناس، فالأرض تئن من قسوة كثير من ساكنيها لذا انتشرت الجرائم والرذائل وكثر القتل وعظم الدمار ،فالإيجابية في امتثال الرحمة مما يجعل لها تأثيرا ثنائي الأبعاد فهي عامل مشترك يقع دائما بين الفرد والمجتمع, فهناك ما يسمى بالإيجابية الفردية والتي تشتمل على الارتقاء بالنفس وتطويرها والثانية الإيجابية الاجتماعية أو الجماعية وهي قدرة الفرد على التفاعل مع قضايا مجتمعه والمشاركة في الأحداث وصنع القرار ،فالرحمة في الحقيقة كمال في التكوين الفطري للإنسان لكنه حين انحرف عن منهج الله أصيب في فطرته، مما جعله محتاجا لتذكيره بأهمية هذه الصفة وهذا الخلق فصدق منهج الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، فأهل الجنة هم من كانوا في الدنيا يرحمون الخلق ويرقون لهم ،فإن من عظمة الإسلام وكمال الشريعة أن أمر أبناءه بالرحمة، الرحمة بالناس بالمسلمين بالكافرين بل بالحيوانات وكذلك الرحمة بالأرملة والمسكين ،يقول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله)رواه مسلم فمن رحم الضعفاء من الناس رحمه الله وأعلى درجته، فأكثر ما يعاني منه مجتمعنا كون أكثر أفراده يعانون من السلبية سواء في إدراك الأمور أو التعامل معها أو في ردات الفعل تجاهها ،والمشكلة الأكبر أنهم لا يدركون ذلك أما الإنسان المسلم الحقيقي فهو من يكون لديه التأثير الإيجابي على نفسه وعلى الآخرين.مما لاريب أن الأرملة والمسكين من أحق الناس بالرعاية والعناية، وقد أكثر هدي الإسلام العظيم من الحث على الإحسان إليهما ورحمتهما ومواساتهما فجدير بالمؤمن والمؤمنة الإحسان إلى من لديه شيء منهما ،وان يكون الهدف من تصرفاتنا النظرة إلى النتيجة المتحققة وما هو التصرف الذي يحقق المصلحة عندما نعي هذا الأمر سوف تتحول تصرفاتنا وردات أفعالنا بشكل كبير للأفضل وسوف نتحكم بمشاعرنا لأن همنا ليس تحقيق مصلحة ذاتية ،بل التأثير الإيجابي على الغير والإنفاق على المساكين ورحمتهم واللطف بهم والمواساة من أقرب القربات وأفضل الطاعات، والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق ثم هذه الصدقة يتقبلها الله بيمينه حتى التمرة الواحدة يتقبلها الله سبحانه من صاحبها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوّه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل إذا كانت من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب المسلم يرتقي بدينه ويسمو به نحو الآفاق والعلا، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فالمسلم عزيز بإيمانه يحس بالالتجاء إلى الله والاعتماد عليه فيتقرب إلى الله بالطاعة ويبتعد عن المعصية فيغتنم الأيام والليالي في الإكثار من الحسنات والبعد عن السيئات، وشهر رمضان المبارك يحمل إلينا في صيام أيامه عبادة عظيمة خصها الله بخصائص، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال):كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل:إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)رواه مسلم فتبرز أهمية الإيجابية أنها تحقق الجوانب الدينية و الاجتماعية والذاتية، فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالإيجابية يكون همه كيف يصلح ويبني والابتعاد عن أي تصرف يفسد ويهدم، فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى فلو أن مجتمعا يتصف أفراده بالايجابية أو بعضهم لحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وانجازا رائعا,فمن يتمتع بالايجابية يحفز و يشجع ويرحم ويرعي على عكس من يثبط ويحبط ويكون صاحب نظرة تفاؤلية بشروا ولا تنفروا فهو مقبول عند الله وعند الناس.

1807

| 21 يونيو 2016

الرحمة باليتامى

إن هدي الإسلام الحنيف يعلمنا أنه من أسباب لين القلوب القاسية إطعام المساكين والمسح على رأس اليتيم، لما في ذلك من إثارة الرحمة في القلب القاسي حين تذكر اليتم والفقر وما تستدعيه حالهما من الرحمة والحنان ، فهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بين فضل الإنفاق والتصدق في سبيل الله وثماره وآثاره وأن الصدقة لا تنقص المال، بل تزيده بما يحصل فيه من بركة الإنفاق والعطاء، فالعفو و الصفح و المسامحة مرتقى عال لا يستطيع بلوغه إلا الذين انفتحت مغاليق قلوبهم لهدي الإسلام وانفعلت نفوسهم بأخلاقه السمحة، فآثروا ما عند الله من مغفرة وثواب وتكريم على ما هجست به النفوس من حب الدنيا والمال ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأفضلية للبيت الذي فيه يتيم يحسن إليه، والشر والشؤم لمن أساء إلى يتيم لئلا يتذمر كفلاءُ الأيتام والأسر التي ابتليت بهم، بل جعلهم مجال تنافس وسباق حتى يرى المجتمع أنهم مصدر خير وبر وسعادة بدل أن يكونوا عالة أو ثقلاء، ولم يقف الأمر على الدنيا، ولكن رتب على ذلك العمل وتلك الرحمة الرفقةَ له صلى الله عليه وسلم في الجنة.وقد عرف المجتمع الإسلامي رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأيتام، من حاله ومقاله، وأن الضعفاء أولى اهتماماته صلى الله عليه وسلم، فكانوا يقصدونه بهم رغبة في الدعاء والمواساة لشدة ما يجده من رحمة وعطف وإحساس، ولا شك أن اليتيم وهو الذي لم يزل في عالم الطفولة والذي يأنس بالملاعبة والحنان، سيأنس جدا بمثل هذه المسحة الحانية وهذا التلطف الأبوي ، وسيجد بذلك من يعوضه عن أبيه في مثل ذلك الأنس الذي فقده إياه ، وما كان سينال ذلك لولا هذا التوجيه النبوي العظيم الذي يجعل كل المسلمين أبا حنونا على اليتيم ،فإن الإسلام قد وسع دائرة الخير ليلجها كل مسلم ففتح له أبواب هذه المشاركة فجعل كل عمل نافع يقوم به صدقة له يثاب عليها كما يثاب الغني على إنفاقه فكل معروف صدقة ،وبذلك ضمن مشاركة جميع الأفراد في بناء المجتمع وخدمته وتحسينه،والمسلم وهو صائم كثير العطاء لأن يستثمر أيام رمضان المباركة في كل خير،فهو صاحب الأيادي الندية التي تنفق من عطاء الله تعالى كالمياه العذبة تنساب على الأرض العطشى لتعود الحياة إليها وتزهر وردا لتغدو طاقة وسعادة بعطاءات مباركة على بيوت اغتمت بدموع حارقة لفقدان الراعي والمعيل لتحول نفوس ساكنيها إلى طمأنينة، بوركت تلك الأيادي البيضاء التي امتدت إليها وأنارت ظلمتها وزرعت فيها ابتسامة يشرق منها نهار يمتلئ بالأمل لجني ثمار فردوس ربنا الدائمة فالمسلم الحق كريم مهما كان فقيرا و مهما كان عطاؤه قليلا يأمره الإسلام أن تنبجس في نفسه عاطفة الرحمة بمن هو أفقر منه ،و يحس ما يعانيه غيره من ألم و حرمان و من أجل ذلك جاءت النصوص تحض المسلمين على الإنفاق من طيب ما يملكون كل منهم حسب استطاعته ،لتبقى نفوسهم ممتلئة بنداوة المشاركة الوجدانية لإخوانهم ،ووعد الله هؤلاء المنفقين على عطائهم باستثمار صداقتهم وتنميتها حتى تصبح كالطود الشامخ ،لكي لا تنغلق النفوس وتحتجب عن المشاركة الوجدانية في المجتمع ولكيلا لا تجف ينابيع الخير والرحمة والتعاطف فيها بل كذلك في إشعارهم بالحنان والمحبة وإدخال الأنس في قلوبهم الذي كانوا يألفونه من آبائهم حتى لا يشعروا بفقد الأب الحاني لوجود من يعوضهم عن حنوه وعطفه وبره.

3413

| 20 يونيو 2016

الرحمة مع الجيران

إن الروابط بين الناس كثيرة والصلات التي تصل بعضهم ببعض متعددة ، فتوجد رابطة القرابة ورابطة النسب والمصاهرة ورابطة الصداقة ورابطة الجوار، وغيرها من الروابط التي يقوى بها المجتمع وللجار في هدي النبي صلى الله عليه وسلم من خلال آداب الإسلام وقيمه حرمة مصونة وحقوق وآداب كثيرة لم تعرفها قوانين وشرائع البشر ،فما أجمل أن يعمر الإنسان نفسه بالطاعة والذكر في هذه الأيام الطيبة أيام الصوم والعبادة ويبني أفراد أسرته على أسس القرب والطاعة، فقد كان حال الناس في الجوار قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما وصف جعفر بن أبي طالب بقوله إنا كنا أهل جاهلية وشر نقطع الأرحام ونسيء الجوار، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فرفع قيمة حسن الجوار ،وأعطى للجار حقوقا كثيرة ساعدت في قوة وسلامة المجتمع وإرساء قواعد المحبة والأمن والتعاون بين أفراده ،فما أحوجنا إلى الاقتداء بالهدي النبوي والاقتباس من هديه وسنته في حياتنا كلها عندئذ يكون هذا الإنسان جديرا بحق بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل ،ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين، وهذا ما ينبغي على هذا الوكيل أن يفعله إلى آخر نفس في حياته وإلى يوم القيامة.فإن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على كثير ممن خلق فاستخلفه في الأرض يعمر ويبني ،يتمثل فيها الجميل من القول والفعل ويعيش مع الخلق الحسن فيسير عليه فيكتب الله له الفلاح في الدنيا والآخرة ،لذا تتبوأ الأخلاق الإسلامية مكانة عالية ومنزلة رفيعة عظيمة ،فحسن الخلق هو الدين كله وهو جماع لكمال الإيمان لذلك جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته هو ترسيخ مبادئ الأخلاق في نفوس الأمة فوضع المنهج للأمة في قوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة ،حتى تعلمها أمته جيدا فلا تهون لديها قيمة الخلق وترتفع قيمة الامتثال في أنفسهم فعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وأشرف المنازل وأنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم ) رواه الطبراني ،ولكن بعض المنتسبين إلى الدين قد يستسهلون أداء العبادات المطلوبة ويظهرون في المجتمع العام بالحرص على إقامتها وهم في الوقت نفسه يرتكبون أعمالا يأباها الخلق الكريم والإيمان الحق، فالصائم الذي استنار قلبه وعقله بهدي الدين الحنيف وسار على هدي النبي صلى الله عليه وسلم سمحا مع جاره حسن العشرة معه لطيف المعاملة لا يمنعه من الاستفادة من بيته إن احتاج إلى شيء من ذلك مستهديا بهدي الإسلام وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره )متفق عليه، ولا ينسى هذا المسلم الحق أن يتعهد جيرانه المعسرين كلما انبعثت روائح الثراء والنعيم وهم غير قادرين على تحصيله، فلقد جعل الإسلام من سعادة المرء الجار الصالح فهو مبعث سعادة وطمأنينة، وفي هذا ورد عن النبي أن رجلا قال له : يا رسول الله (إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقاتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال: لا خير فيها هي في النار، ثم قال يا رسول الله إن فلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي أحدا فقال رسول الله: هي في الجنة ) رواه أحمد ،وتبلغ وصية الرسول الكريم بالجار حدا من الأهمية والخطورة يجعل الإحسان إليه والتنزه عن أذاه علامة من علامات الإيمان بالله واليوم الأخر ونتيجة حتمية من نتائجه الحسان.

4635

| 19 يونيو 2016

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4242

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1971

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1773

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1428

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1164

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

906

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

729

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

663

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

639

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

570

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

564

| 07 ديسمبر 2025

أخبار محلية