رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اخترت مقعداً بجانب النافذة وطلبت كوباً من الشاي الساخن، لاستمتع بمشاهدة حياتي وعالمي ممزوجاً بذرات المطر المتناثرة على اللوح الزجاجي، ورحت أتأمل محطاتي الجميلة وقطار العمر يمضي بي مسرعاً مستذكرة محطات تملؤها السعادة وأخرى اكتست بثوب الحزن الشاحب، وحين تلبدت الغيوم تخلصت من نظارتي السوداء ورميتها على الكرسي المجاور وكأنها لا تخصني، ثم اقتربت قليلاً من الزجاج حتى كدت اسند رأسي عليه متأملة لأدقق النظر في كل شيء حدث حولي أو مررت بجانبه، لأميز جماله من قبحه، واسترجع الحكمة التي تسكن زواياه مستكشفة عمق الأثر الذي تركه بداخلي. كم هي سريعةٌ تلك المحطات، لقد خُيل لي أنها ومضات ضوئية غابت بعض تفاصيلها إن لم تكن أغلبها، بالرغم أن بعض المحطات كانت صعبة ومصيرية، لم امتلك قراراتها، وكان واجباً علّي أن أقف في ذلك المعترك وحدي دون عكاز أو دروع بشرية تتلقى عني الضربات ولكنها فقدت جزءا من أهميتها بسبب اتضاح الصورة الكبرى مما عظم من تأثيرها واستنقص أثرها. في حين أن هناك محطات كثيرة أذكر تفاصيلها الدقيقة وأشتم عطرها مبتسمةً وكأني بمنتصف بستان زهور من جمال الأثر وعمق التأثير. ومن أهم المحطات التي تشكل فارقا كبيرا بحياتنا، هي محطات "مفترق الطرق"، من خلالها تنكشف الحقائق وتتغير المسارات، لتغدو بعدها شخصا آخر، فبعد ان كنت متمسكا بهذه المحطة وتقاتل لتطيل البقاء بها، ويعتصر قلبك ألماً عند توديع أفرادها، قاضياً أياما وشهورا معتكفاً تنتظر أن يعودوا لك ملوحين، تكتشف بأن فراقهم هو أجمل ما حدث لك. لذا فجميعنا نقف ونطيل الجلوس في بعض المحطات في حين عبورنا يكون سريعاً بمحطات أخرى، لكونها محطات معنوية "اختيارية" نمر بها مرور عابر السبيل فلا نعي ملامحها ولا نستذكرها، أو نتلقى شيئاً من دروسها، ومنا من يقف فيها باحثاً عن درس واحد فقط ومتجاهلاً كل العبر والدروس المهمة الأخرى، ومنا "الحاذق" الذي يتعمق بها وينتبه لكل العبر ويحللها للاستفادة منها بالمحطات التالية حين نستقبل ركاب جددا ليشاركونا المواقف والمشاعر ثم نودعهم بسلاسة لاستقبال آخرين، وهكذا تمضي الحياة. نعم هناك دروس وعبر نجدها في كل محطة نمر بها وعلينا الانتظار والوقوف أمام "الفوائد" للاستفادة منها بالمحطات التالية، وكذلك التوقف أكثر عند "العواقب" لنتجاوز المشكلات والصعاب في المحطات اللاحقة. إذا فعلينا بالنهاية أن نتعلم من كل هذه التجارب أنه ليست هناك محطة دائمة، فلا لقاء دائم ولا سعادة أبدية ولا حزن مستمر، وبأن بقايا الفرح تبقى بداخلنا وإن داهمنا الحزن، كما أن الأمل لن يفارقنا بعد أن نتذوق حلاوته. وبما أننا مُخيرون ولسنا مُسيرين فيمكننا اختيار المحطة التي نرغب في إطالة الوقوف بها ويمكننا كذلك تجاوز المحطات التي لا تعجبنا أو تناسبنا. وبالرغم من توفر العديد من المحطات الجميلة والسعيدة فإنه للأسف هناك أناس يتوقفون عند محطات مؤذية كالفشل أو الألم ويطيلون البقاء بها متقمصين واقعها وكأنها آخر محطاتهم ونتيجة لذلك ينحرف القطار بهم تماماً عن السكة، وبدلاً من تغيير المسار إلى جهة أخرى، ينحرف تماماً نحو الهاوية. وهكذا تنقضي أيام العمر وهم فيها إما راقصون على "ماض" تليد أو متوجسون من "حاضر" وليد أو حائرون أمام "مستقبل" جديد. خلاصة القول: ضع قطار حياتك على السكة من جديد وتول قيادته وامنعه من الانحراف مجدداً فلا تكتئب ولا تيأس ولا تهرب، بل واجه واصبر واصمد، واعلم أن الدافعية مادة خام لصناعة الهمم وأن الهزيمة مصير مؤقت تلغيه العزيمة، وبأننا نحن من يحدد فترة وقوفنا بتلك المحطات، وتغيير المسار يخضع لسيطرتنا. ببساطة كلما كثرت محطاتك وتجاربك بالحياة سترى تغيرا جذريا لأفكارك، فمحطات الحياة تجعل منا أشخاصاً جدداً لا يشبهون أشخاص الأمس، يرون الحياة والأشخاص بنظرة مختلفة، مستفيدين من الرسائل الكونية التي تصلهم عبر الأشخاص والمواقف والظروف الحياتية، ويترجمونها إلى أفكار وسلوكيات تتناسب مع المحطات التي يصبون إليها. لذا فإن الارتهان للمواقف والمضي في درب الاعتبار والنهل من معين الاقتدار أسس لصناعة النجاة وأصول لقيادة الحياة. فلا تدع قطار حياتك يتوقف على محطة اليأس والألم، احتفظ دوما بتذكرة الأمل، لتطيل البقاء بمحطات السعادة والجمال.
7260
| 05 أكتوبر 2020
اختلطت الأمور في دوامة الحياة لتجرفنا معاركها الضارية مُجردين من اسلحتنا البديهية كالتمعن والادراك والتفكر، فنغفل عن منابع أفكارنا ومصادرها الضبابية، ليستعصي علينا التمييز بين ما نفعله ونفكر به وبين ما يجب ويفترض علينا فعله والتفكير فيه. وكل ذلك بسبب تجاهلنا لتسلسلها ونتائجها التي تجعلنا نغوص في وحل من الأفكار والتوقعات السلبية دون ان نعي بأن ما نفكر به الآن هو حاضرنا ومستقبلنا. لقد اثبتت الدراسات أن 80٪ من الناس يُفكر بسلبية مع ذاته ويتبنى أفكارا سيئة عن الآخرين دون ان يعي ان هذه المعتقدات ستتحقق عندما نقتنع بها ونترجمها لمشاعر وسلوكيات يومية لتغدو مصيرنا المحتوم. هل هذا هو الفكر الذي نصبو اليه؟ وهل هذه هي الحياة التي نرجوها؟ لن نجد إجابات محددة لتساؤلاتنا، ولو فتحنا لها بابا لتباينت المبررات والأعذار بانية سداً عظيماً يحجب نور شمس السعادة والتصالح الروحي الذي نصبو إليه. لتعلم عزيزي القارئ ان دائرة حياتك تبدأ بفكرة تشغل حيزاً من عقلك فتولد لك مشاعر (سعيدة أو حزينة)، عندما تترجمها لسلوك وتكرره تغدوا عادة من عاداتك اليومية مما يُكون شخصيتك مع مرور الوقت وبالاستمرارية تحدد مصيرك لتغدو بالنهاية ذا فكر (إيجابي أو سلبي) ينقلك الى مشاعر عميقة تحثك على فعل سلوك أكثر تطوراً وبمواصلة تكراره تتشكل شخصية عظيمة بمصير أسمى وهكذا تدور الدائرة إلى ما لا نهاية. وبما ان العقل البشري حسب تقارير علماء الطب لا يستطيع ان يركز بكفاءة إلا على معلومة واحدة فقط في وقت واحد. فإن عليك ان تحرص على ان تركز على الأمور والأفكار الإيجابية وتبتعد عن كل ما هو سلبي. لأن مقولة (كل ما تُركز علية يصبح واقعك)، حقيقة تستدعي الانتباه لكل فكره قبل تبنيها والاسترسال فيها، فالأفكار تؤثر على مشاعرك وبالتالي تنعكس على أحكامك حول أمور الحياة والأشخاص من حولك كما لها تأثير قوي جداً على نظرتك وايمانك بذاتك، فأي أمر تتوقعه وتكرره سيصبح اعتقاد يلازمك طوال حياتك. هذا وكن على يقين بأن كل ما تؤمن به سيثبت الكون لك صحته، فإن كنت عازفا عن الزواج ومناصراً للعزوبية، عليك ان تلاحظ وتراقب رسائل الكون حولك التي تثبت لك صحة معتقداتك من خلال المقربين منك وتجاربهم السابقة، كما أنك ان حدث وفكرت بخوض هذه التجربة ستظهر لك العديد من المعوقات لتثبت لك بأن هذا القرار لا يناسبك. ولكن المشكلة ليس بقراراتك أو بالتجارب المحيطة بك، بل هي افكارك الدفينة التي تراكمت من تجربة شخصية ومعتقد قديم بنيت عليه توقعاتك لهذا النوع من العلاقات بسبب مخاوف عميقة لم تتمكن من الوصول إليها. إما بسبب نكرانك لوجودها وهي الحالة الأصعب أو لكونك لم تحاول ان تتخلص من رواسبها التي تثقل ظهرك كل تلك السنوات. لذا علينا ان نراقب أفكارنا عن ذواتنا ونحدد كيف نراها الآن؟ توقف قليلاً لتسأل نفسك هل أنا شخص متشائم أم محب للحياة كما انه من الضروري الانتباه لتوقعاتنا عن الاخرين والحياة المحيطة بنا ولا نغفل توقعات الاخرين عنا لما له من أثر كبير وعميق على انتاجيتنا وتطورنا. بالإضافة الى ملاحظة التوقعات التي نضعها في أهدافنا المستقبلية والتي بدورها ستحدد إمكانية تحقيقها من عدمه. فقد تمتلك الدوافع والامكانيات والمهارات اللازمة لتحقيق هدف معين ولكنك لن تبلغ مبتغاك بسبب تفكيرك السلبي وتوقعاتك المتشائمة مما يجلب لك نهايات تعيسة. كحال الكثير من الأمهات والاباء الذين يعتقدون بأن كثرة التفكير في أبنائهم وتخوفهم المستمر سيحقق الأمان والسعادة لأطفالهم، في حين انهم لا يدركون أنهم بهوس المخاوف والتوقعات السلبية يقترب أطفالهم أكثر فأكثر لكل مخاوفهم واعتقاداتهم السلبية. لذا فإنه من المهم جداً ان نتدرب على توقع الخير من أنفسنا والآخرين وكل ما يحيط بنا ونظهر الجانب الإيجابي ولا يعني ذلك ان نبتعد عن الحرص، ولكن ينبغي ان نركز على النوايا وليس السلوك (فوراء كل سلوك نية). لذا ابحث عن النوايا، ولا تعتمد النوايا السلبية، فيصبح مصيرك التشاؤم، بل جاهد نفسك على تبني الأفكار الإيجابية والتوقعات الجيدة لتتحقق وتنال الخير كله (أحسنوا نواياكم فعلى نياتكم تُرزقون).
1173
| 08 سبتمبر 2020
مساحة إعلانية
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
6300
| 11 نوفمبر 2025
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
5169
| 11 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف...
2604
| 05 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
2391
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
1704
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1371
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1089
| 09 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
1005
| 05 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
1005
| 05 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
918
| 09 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
882
| 06 نوفمبر 2025
الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...
852
| 07 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل