رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مكارم الأخلاق

قال حكيم: مكارم الأخلاق عشرة: العقل والعلم والحلم والصبر والصدق والشكر والجود والكرم والرفق واللين. * روى عن سهل التستري رحمه الله أنه كان له جار ذمي وكان قد انبثق من كنيفه إلى بيت سهل بثق (قذارة). فكان سهل التستري يضع كل يوم إناء كبيرا تحت ذلك البثق فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف جاره الذمي ويطرحه بالليل حيث لا يراه أحد فمكث - رحمه الله - على هذه الحال زماناً طويلاً إلى أن حضرت سهلاً الوفاة. فاستدعى جاره الذمي. وقال له: ادخل ذلك وانظر ما فيه. فدخل فرأى ذلك البثق والقذر يسقط منه في الإناء وضعه سهل تحته. فقال الذمي: ما هذا الذي أرى؟ قال سهل: هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى بيتي وأنا أتلقاه بالنهار وألقيه بالليل ولولا أنه حضرني أجلي وأنا أخاف ألا تتسع أخلاق غيري لذلك وإلا لم أخبرك فافعل ما ترى. فقال الذمي: أيها الشيخ أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل وأنا مقيم على كفري؟ مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم مات سهل رحمه الله. * تقدمت امرأة إلى مجلس القاضي موسى بن إسحاق بمدينة الري سنة 286ه؛ فادعى وكيلها بأن لموكلته على زوجها خمسمائة دينار (مهرها). فأنكر الزوج، فقال القاضي لوكيل الزوجة: شهودك. قال: أحضرتهم. فطلب بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة؛ ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد وقال للمرأة: قومي. فقال الزوج: ماذا تفعلون؟ قال الوكيل: ينظرون إلى امرأتك وهي سافرة الوجه لتصح عندهم معرفتها. (وذلك للحاجة) قال الزوج: إني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الذي تدعيه ولا تسفر عن وجهها. فقالت المرأة: فإني أشهد القاضي أني وهبت له هذا المهر وأبرأت ذمته في الدنيا والآخرة. فقال القاضي وقد أعجب بغيرتهما: يكتب هذا في مكارم الأخلاق أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض بالمال.. فما أكثر وما أروع تلك القصص التي وردت في مكارم الأخلاق، وياليت الأرحام تلد مثل أولئك الرجال الذين يعدون خير قدوة وخير مثال، لذلك خلدوا مآثرهم على مر الأزمان والعصور.

2918

| 02 أغسطس 2012

منديل يصنع ابتسامة

كانت فتاة صغيرة لايتجاوز عمرها الست سنوات بائعة للمناديل الورقية تسير حاملة بضاعتها على ذراعها الصغرى فمرت على سيدة تبكي توقفت أمامها لحظة تتأملها فرفعت السيدة بصرها للفتاة والدموع تغرق وجهها فما كان من هذه الطفلة إلا أن أعطت للسيدة مناديل من بضاعتها ومعها ابتسامة من أعماق قلبها المفعم بالبراءة وانصرفت عنها حتى قبل أن تتمكن السيدة من إعطائها ثمن علبة المناديل وبعد خطوات استدارت الصغيرة ملوحة للسيدة بيدها الصغيرة ومازالت ابتسامتها الرائعة تتجلى على محياها. عادت السيدة الباكية إلى إطراقها ثم أخرجت هاتفها الجوال وأرسلت رسالة ((( آسفة... حقك علي!!! ))) وصلت هذه الرسالة إلى زوجها الجالس في المطعم مهموما حزينا! فلما قرأها ابتسم وما كان منه إلا أنه أعطى (الجرسون) 50 جنيهاً مع أن حساب فاتورته 5 جنيهات فقط!!! عندها فرح هذا العامل البسيط بهذا الرزق الذي لم يكن ينتظره فخرج من المطعم ذهب إلى سيدة فقيرة تفترش ناصية الشارع تبيع حلوى فاشترى منها بجنيه وترك لها 10 جنيهات صدقة وانصرف عنها سعيداً مبتسماً!!! تجمدت نظرات العجوز على الجنيهات فقامت بوجه مشرق وقلب يرقص فرحاً ولملمت فرشتها وبضاعتها المتواضعة وذهبت للجزار تشتري منه قطعاً من اللحم ورجعت إلى بيتها لكي تطبخ طعاماً شهياً وتنتظر عودة حفيدتها وكل ما لها من الدنيا جهزت الطعام وعلى وجهها نفس الابتسامة التي كانت السبب في أنها ستتناول (لحم) لحظات وانفتح الباب ودخلت البيت الصغيرة بائعة المناديل متهللة الوجه وابتسامة رائعة تنير وجهها الجميل الطفولي البريء...وهكذا عادت الابتسامة والإحسان على من بدأ فيه... يقول رسولنا الحبيب صلى الله عليه واله وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة" ما رأيكم لو أن كلا منا حاول أن يفعل كما فعلت هذه الطفلة البريئة التي لاتملك إلا المناديل؟؟ ماذا لو حاولنا رسم ابتسامة من القلب على وجه مهموم او مسحنا دمعة ألم من عين حزينة؟ وماذا لو حاولنا أن نقدم يد العون لمن يستحقها حتى نفرج عنه كربة أو نغير مصيره ولو بالقليل؟ ماذا لو فعلنا الخير في شهر الخير فكنا بذلك خير أمة... إن الخير ورسم الابتسامة الصادقة لايحتاج للكثير، فقد لايكلفنا إلا منديلاً ورقياً أو أقل.

472

| 25 يوليو 2012

شهر الخير والرحمات

كلنا يعرف كيف كان صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يقضون نصف العام بالدعاء بأن يبلغهم الله تعالى شهر رمضان، ونصفه الآخر بأن يتقبل الله عز وجل منهم عباداتهم وطاعاتهم في هذا الشهر الفضيل، وكيف كانوا يصومون نهاره ويقومون ليله، ويكثرون من الصدقات وفعل الخيرات والعبادات فيه، وكذلك سار السلف الصالح رضوان الله عليهم، وعلى طريقهم سار المقتدون، حيث ان الله عزوجل يضاعف الأجور والحسنات ويقبل الدعوات في رمضان المبارك. لقد نشأنا وكبرنا ونحن نعرف فضله والأجور العظيمة فيه، وحين يقبل علينا فإن إستعدادنا له يكون غالباً بتلك الأمور الظاهرة التي اعتاد عليها مجتمعنا جيلاً بعد جيل، ولكن الإستعداد الروحي وتنقية القلب قبل البدن هل ياترى تأخذ نصيبها منا بالقدر الكافي؟ إن كثيراً منا يسرع ليشتري إحتياجات هذا الشهر الفضيل بطريقة عشوائية حتى يظن الناظر أن حرباً سوف تشن في اليوم التالي، فتزيد الحوادث، وتغلق الطرقات، ويصبح الإزدحام وحشاً يخنق مستخدمي الطرق، ويبيت الحصول على المواد الإستهلاكية ضرباً من المعاناة، وكأن هذا الشهر المبارك هو شهر طعام وشراب وشراء، ويتناسى معظم الناس أن العبادات وتنقية القلوب من الأحقاد والأدران هي الكنز الثمين الذي لابد من الحرص كل الحرص على جمعه. إن الأهم من الإستعدادات المادية الملموسة لشهر رمضان الفضيل هو الإستعداد الروحي والإقدام على الله تعالى بقلب نقي صادق مخلص منيب، والدعاء بأنني قد عفوت مابيني وبين الناس فاعفو اللهم مابيني وبينك. لعل الله عزوجل أن يتوب علينا لنتوب بشهر رمضان، ولعل الله يعيننا على صيامه وقيامه، ويرزقنا طاعته وإغتنام كل يوم وساعة فيه. ومضة: اللهم بلغنا رمضان، وإكتب لنا فيه الأجر والرحمة والغفران اللهم أعنا على صيامه وقيامه، وتلاوة كتابك الكريم فيه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم بلغنا رمضان مرات عديدة، وسنوات مديدة بارك الله لكم بالشهر الفضيل، جعله الله تعالى عليكم شهر خير وبركات.

737

| 19 يوليو 2012

من ستر مسلماً ستره الله

قال أحمد بن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد، ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس، وقالت: أسألك بالله أن تسترني، فقلت: وما محنتك؟!، قالت أكرهت على نفسي أي يبدو أنها اغتصبت، وأنا الآن حامل، وبما أنني أتوقع منك الخير والمعروف، فقد ذكرت لكل من يعرفني أنك زوجي، وأن ما بي من حمل إنما هو منك فأرجوك لا تفضحني، استرني سترك الله عز وجل. سمعت كلامها وسكت عنها، ثم مضت. وبعد فترة وضعت مولوداً، وإذا بي أفاجأ بإمام المسجد يأتي إلى داري ومعه مجموعة من الجيران يهنئونني ويباركون لي بالمولود. فأظهرت لهم الفرح والتهليل، ودخلت حجرتي وأتيت بمائة درهم وأعطيتها للإمام قائلا: أنت تعرف أنني قد طلقت تلك المرأة، غير أنني ملزم بالنفقة على المولود، وهذه المائة أرجوك أن تعطيها للأم لكي تصرف على ابنها، هي عادة سوف أتكفل بها مع مطلع كل شهر وأنتم شهود على ذلك.. واستمررت على هذا المنوال بدون أن أرى المرأة ومولودها. وبعدما يقارب من عامين توفي المولود، فجاءني الناس يعزونني، فكنت أظهر لهم التسليم بقضاء الله وقدره، ويعلم الله أن حزناً عظيماً قد تملكني لأنني تخيلت المصيبة التي حلت بتلك الأم المنكوبة. وفي ليلة من الليالي، وإذا بباب داري يقرع، وعندما فتحت الباب، إذا بي أفاجأ بتلك المرأة ومعها صرة ممتلئة بالدراهم، وقالت لي وهي تبكي: هذه هي الدراهم التي كنت تبعثها لي كل شهر مع إمام المسجد، سترك الله كما سترتني. حاولت أن أرجعها لها غير أنها رفضت، ومضت في حال سبيلها. وما هي إلاّ سنة وإذا بها تتزوج من رجل مقتدر وصاحب فضل، أشركني معه في تجارته وفتح الله عليّ بعدها أبواب الرزق من حيث لا أحتسب. كانت هذه قصة واقعية تحمل أرقى معانٍ للرجولة والشهامة التي أمر بها الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. وتذكرنا بقصة الصحابي الجليل الذي تزوج بامرأة وبعد 4 أشهر فإذا بها تضع مولوداً، فأخذه ووضعه خلف باب المسجد دون أن يراه أحد، وحين تجمع المصلون تقدم إلى الطفل وقال هل لي بأخذه إلى بيتي لأرعاه حتى نجد أهله؟ فوافقه الصحابة، فأخذه وأرجعه إلى زوجته وستر عليها وربى ذلك الطفل.. والكثير من قصص الشهامة والرجولة التي سطرها التاريخ بمداد من نور على مر السنوات والعصور، فأين نحن يا ترى بهذا الزمن من أولئك الرجال الذين قلما تلد الأرحام أمثالهم؟.

25717

| 11 يوليو 2012

بلا عيوب!!

يُحكى أنه كان يوجد ملك أعرج ويرى بعين واحدة.. وفي أحد الايام.. دعا هذا الملك {فنانين} ليرسموا له صورة شخصيه بشرط "ألا تظهر عيوبه" في هذه الصورة.. فرفض كل الفنانين رسم هذه الصورة! فكيف سيرسمون الملك بعينين وهو لا يملك سوى عين واحدة..؟ وكيف يصورونه بقدمين سليمتين وهو أعرج؟؟!! ولكن وسط هذا الرفض الجماعي، قبل أحد من الفنانين رسم الصورة، وبالفعل رسم صورة جميلة وفي غاية الروعة كيف؟!! تصور الملك واقفاً وممسكاً ببندقية الصيد بالطبع، كان يغمض إحدى عينيه ويحني قدمه العرجاء، وهكذا رسم صورة الملك بلا عيوب، وبكل بساطة!! ليتنا نحاول مثله ان نرسم صورة جيدة عن الآخرين، مهما كانت عيوبهم واضحة.. وعندما ننقُل هذه الصورة للناس نستر الأخطاء.. فلا يوجد شخص خال من العيوب..لــــذا: فلنأخذ الجانب الايجابي داخل أنفسنا وانفس الآخرين ونترك السلبي.. فقط لراحتنا وراحة من حولنا. ولعل من أعظم المشاكل التي تواجهنا في الوقت الحالي هي الصورة السلبية التي يرسم بها بعضنا البعض، والصور المشوهة التي تملؤها العيوب والسلبيات وقد يرسمها أحدنا للأسف بناءً على موقف واحد أو مواقف بسيطة، فلا ينتظر حتى يعرف حق المعرفة الصورة الحقيقية لهذا الإنسان الذي يتعامل معه، والذي لاشك أنه يحمل من الملامح الإيجابية والسلبية، لأنه ببساطة شديدة لا أحد منا كاملا، فالكمال لله وحده.. وحين يؤمن كل منا بأنه ليس كاملاً، وأن الآخرين بالمقابل كذلك، هنا لاشك أننا سنتقبل عيوب الآخرين وأخطاءهم ونتعامل معها بشكل واع وبإيجابية، وسنتقبل حينها مزاياً من حولنا ونتغاضى عن سلبياتهم وسيئاتهم، وحين نفكر برسم صور لهم لاشك بأنها ستكون خالية من العيوب، بالرغم من عدم كمالهم، ولكننا نكون قد تعاملنا ببصيرة مستنيرة، وبعين تدرك أنها كما ترى عيوب نفسها وتتغاضى عنها، لاشك أنها حين ترى عيوب الآخرين ستتجاهلها وتمضي. لسانك لا تذكر به عورة امرئ، فكلك عورات وللنــــاس ألسن.. وعينك إن أبدت إليك معايباً، فصنها وقل يا عين للناس أعين إن أولئك الأشخاص السلبيين الذين لا يرون غير عيوب الآخرين، لاشك بأنه سيأتي يوم يجدون فيه أنفسهم وحيدين، وغير قادرين على التعامل مع من حولهم، كما قال الشاعر: إذا كنت في كل الأمور معاتبــاًً، صديقك لم تلقَ الذي لا تعـــــــاتبه.. إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى، ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه فعش واحداً أو صل أخاك فإنه، مقارف ذنب مرة ومجانبه.

545

| 29 يونيو 2012

مسؤوليتنا المجتمعية

كم مرة رأينا فى الشارع من يريد الاصطفاف فيختار أن يوقف سيارته بين موقفين بحيث لا يدع مكاناً لغيره، بينما كان بامكانه أن يأخذ مكاناً ويدع الآخر لغيره، وكم مرة صادفنا من يتصرف وكأنه لاحدود لحريته بالرغم من أن حرية كل منا تنتهى حين تبدأ حرية الآخرين. لقد وعى الكثير من المؤسسات والجهات والأفراد لأهمية وأثر أن يكون لكل منهم مسؤولية تجاه المجتمع المحيط به، بحيث انه جعل لشخصه مساحة دون نسيان أو تجاهل الآخرين، وكما رأينا فى الكثير من قصص النجاح أن هذا الوعى كان له أعظم الأثر فى التميز وتحقيق الأهداف، والعكس صحيح. ان الانسان الذى لا يكترث الا لمصلحته الشخصية، ونراه يتصرف بأنانية مطلقة كذلك الذى يتجاوز الصف للوصول للموظف من أجل تسديد فاتورته غير آبه بمن ينتظر قبله، أو ذلك المرتشى الذى يدفع من أجل الحصول على ما يريده حتى ولو لم يكن يستحق ذلك، وان كان الحصول على هذا الأمر سيحرم غيره منه، وقد كان أحق منه بالحصول عليه. لقد قرأنا الكثير من القصص التى كان أبطالها على مر العصور فرسانا للتضحية والايثار والحفاظ على مساحة من حولهم فرسموا بذلك أروع الأمثلة، لأن الانسان بطبعه مخلوق اجتماعى لايمكن أن يحيا وحده دون تعايش وتعاون وتخالط مع المجتمع المحيط به، وبالتالى فان ما نقوله ومانفعله والمواقف التى نتصرف بها لابد أن تترك أثراً فيمن حولنا، ومما أذكره حكمة تقول اننا خليط من الأشخاص الذين قابلناهم فى حياتنا سواء  أحببناهم أو كرهناهم حين التقيناهم. وهذا بالطبع يعكس مدى أهمية تصرفاتنا وردود أفعالنا تجاه من نلتقيهم ونتعامل معهم من الناس، فعندما نتصرف بأخلاق عالية واكتراث لمصالح من يشاركنا المكان أو الموقف فلابد أن يكون لذلك الموقف أثر ايجابى اما أن يتجلى بالمعاملة بالمثل من قبلهم، أو على الأقل بالرضا الذى يحققه فى أنفسنا. ومضة: رسالة عاجلة لكل فرد منا بأن لاننسى أننا جزء من المجتمع وبأن حياتنا نصنعها بأنفسنا وبمعاملتنا وبعلاقاتنا المتكاملة مع بعضنا البعض، وومضة تذكرة لكل من جهل أو تجاهل حدود حرياته بأن حريتنا تنتهى حيث تبدأ حرية الآخرين.

828

| 13 يونيو 2012

أين أنت من أبويك؟

كان أمية الكناني رجلاً من سادات قومه وكان له ابن يسمى كلاباً، هاجر كلاب إلى المدينة في خلافة عمر رضي الله عنه فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم بعض الصحابة فسألهم أي الأعمال أفضل في الإسلام؟ فقالوا: "الجهاد"، فذهب كلاب إلى عمر يريد الغزو، فأرسله عمر رضي الله عنه إلى جيش مع بلاد الفرس فلما علم أبوه بذلك تعلق به وقال له: 'لا تدع أباك وأمك الشيخين الضعيفين، ربياك صغيراً، حتى إذا احتاجا إليك تركتهما؟ فقال: "أترككما لما هو خير لي" ثم خرج غازياً بعد أن أرضى أباه، فأبطأ في الغزو وتأخر. وكان أبوه وأمه يجلسان يوماً ما في ظل نخل لهم وإذا حمامة تدعو فرخها الصغير وتلهو معه وتروح وتجيء، فرآها الشيخ فبكى فرأته العجوز يبكي فبكت ثم أصاب الشيخ ضعف في بصره، فلما تأخر ولده كثيراً ذهب إلى عمر رضي الله عنه ودخل عليه المسجد وقال: "والله يا ابن الخطاب لئن لم ترد علي ولدي لأدعون عليك في عرفات"، فكتب عمر رضي الله عنه برد ولده إليه، فلما قدم ودخل عليه قال له عمر: "ما بلغ برك بأبيك؟" قال كلاب: "كنت أُفضله وأكفيه أمره، وكنت إن أردت أن أحلب له لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في ابله فأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها — أي ضروعها — حتى تبرد ثم أحلب له فأسقيه، فبعث عمر إلى أبيه فجاء الرجل فدخل على عمر رضي الله عنه وهو يتهاوى وقد ضعف بصره وانحنى ظهره وقال له عمر رضي الله عنه: "كيف أنت يا أبا كلاب؟" قال: "كما ترى يا أمير المؤمنين" فقال: "ما أحب الأشياء إليك اليوم" قال: "ما أحب اليوم شيئاً، ما أفرح بخير ولا يسوؤني شر" فقال عمر: "فلا شيء آخر" قال: "بلى، أحب أن كلاباً ولدي عندي فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت" فبكى رضي الله عنه وقال: "ستبلغ ما تحب إن شاء الله" ثم أمر كلاباً أن يخرج ويحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه، فقام ففعل ذلك ثم جاء وناول الإناء إلى عمر فأخذه رضي الله عنه وقال أشرب يا أبا كلاب فلما تناول الإناء ليشرب وقربه من فمه قال: "والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب" فبكى عمر رضي الله عنه وقال: "هذا كلاب عندك وقد جئناك به" فوثب إلى ابنه وهو يضمه ويعانقه وهو يبكي فجعل عمر رضي الله عنه والحاضرون يبكون ثم قال عمر: "يا بني الزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا ثم اعتنِ بشأن نفسك بعدهما" فأين نحن من آبائنا وبرهم؟ وأين نحن من مراعاتهم وإيفاء حقوقهم علينا بعد أن عانوا الأمرين من أجل أن يكبر أبناؤهم ويكونون على ماهم عليه.

740

| 06 يونيو 2012

الخير الذي تقدمه يعود إليك

يحكى في قصة من الأدب المترجم أنه كانت هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يوميا تصنع رغيف خبز إضافيا لأي عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف الإضافي على شرفة النافذة لأي مار ليأخذه. وفي كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلا من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بالقول ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”.. كل يوم كان الأحدب يمر فيه ويأخذ رغيف الخبز ويدمدم بنفس الكلمات ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”، بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة:“كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟ في يوم ما أضمرت في نفسها أمرا وقررت ” سوف أتخلص من هذا الأحدب!”، فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة، لكن بدأت يداها في الارتجاف ” ما هذا الذي أفعله؟!”.. قالت لنفسها فورا وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة. وكما هي العادة جاء الأحدب واخذ الرغيف وهو يدمدم ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!” وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة. كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذي غاب بعيدا وطويلا بحثا عن مستقبله ولشهور عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته لها سالما، في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساء وحينما فتحته وجدت - لدهشتها - ابنها واقفا بالباب!! كان شاحبا متعبا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعا ومرهقا وبمجرد رؤيته لأمه قال ” إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيبا بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كامل لأكله!! وأثناء إعطاءه لي قال ان هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي اكبر كثيرا من حاجته”بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحا!!لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله ولكان قد فقد حياته! لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!” وهذا هو الأمر الذي قد يغفل عنه الكثيرون منا، حين يفعل أحدنا خيراً فقد يظن أنه لاجدوى من الإستمرار بهذا العمل، فيقرر أن يوقفه، ولايعلم أن الله تعالى قد يكون دافعاً عنه الكثير من الإبتلاءات والعقوبات الدنيوية بفضل هذا الخير، والعكس صحيح. وصدق القائل: من يصنع المعروف لايعدم جوازيه لايضيع العرف بين الله والناس.

6551

| 23 مايو 2012

هل نعلمهم سلوكنا أم العكس؟؟

قرأت قصة رائعة كتبها الدكتور ميسرة الطاهر يقول فيها...في كل صباح يقف عند كشكه الصغير ليلقي عليه تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية، وفي كل صباح أيضا يقف بجواره شخص آخر يأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا لذلك الرجل، وتكررت اللقاءات أمام الكشك بين الشخصين كل يأخذ صحيفته ويمضي في طريقه، وظن صاحبنا أن الشخص الآخر أبكم لا يتكلم، إلى أن جاء اليوم الذي وجد ذلك الأبكم يربت على كتفه وإذا به يتكلم متسائلا: لماذا تلقي التحية على صاحب الكشك؟ فلقد تابعتك طوال الأسابيع الماضية.. وكنت في معظم الأيام ألتقي بك وأنت تشتري صحيفتك اليومية؟؟فقال الرجل: وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟ فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟ فقال صاحبنا: لا. قال: إذن لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟ فسأله صاحبنا: وما السبب في أنه لا يرد التحية برأيك؟ فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية. فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟ قال: نعم. قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟ فسكت الرجل لهول الصدمة.. ورد بعد طول تأمل: ولكنه قليل الأدب وعليه أن يرد التحية. فأعاد صاحبنا سؤاله: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟ ثم عقب قائلاً: يا سيدي أياً كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن مايجب أن نؤمن به أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أن نسلمها لغيرنا، ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكه الذي تسميه قلة أدب، وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هو الأقوى وهو المسيطر، وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ، ولكن حين أحافظ على مبدئي في إلقاء التحية على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به، وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق. ومعظمنا نواجه مثل هذه المواقف في حياتنا، فكثيراً مانواجه أناساً نحسن إليهم ويسيئون إلينا، نهديهم ورداً ويهدوننا الشوك، نتعامل معهم بحسن الأخلاق ولكنهم يقابلوننا بسوء الخلق والمعاملة السيئة، ولكن هل تنعكس أخلاقهم علينا أم نعكس أخلاقنا عليهم هذا هو مربط الفرس، فالإنسان المتزن العاقل هو الذي يكون مؤثراً فيمن حوله بسلوكياته الإيجابية وليس متأثراً بالسلوكيات السلبية ممن حوله، لأن صاحب المبدأ الذي يحافظ على مبادئه وأخلاقه هو محط إحترام وتقدير.

1380

| 16 مايو 2012

القهوة والأكواب

من القصص الواقعية الجميلة التي قرأتها قصة تقول: من التقاليد الجميلة في الجامعات والمدارس الثانوية الأمريكية أن خريجيها يعودون إليها بين الحين والآخر في لقاءات "لم شمل" ويتعرفون على أحوال بعضهم البعض من نجح وظيفيا ومن تزوج ومن أنجب.... الخ.. وفي إحدى تلك الجامعات التقى بعض خريجيها في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي وبعد عبارات التحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر وغاب الأستاذ عنهم قليلا ثم عاد يحمل ابريقا كبيرا من القهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون، أكواب صينية فاخرة، أكواب ميلامين، أكواب زجاج عادية، أكواب بلاستيك، وأكواب كريستال، فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت. قال الأستاذ لطلابه: تفضلوا، وليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بكوب، تكلم الأستاذ مجددا: هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية؟؟؟من الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر ما كنتم بحاجة إليه فعلا هو القهوة وليس الكوب ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة وبعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين. فلو كانت الحياة هي القهوة فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة ونوعية الحياة (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير وعندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين وبدلا من ذلك أنصحكم بالاستمتاع بالقهوة. في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه فمهما بلغ به الثراء أو المنصب أو حتى شريك حياته فإنه يبقى ينظر لغيره، ويرى جمال مابأيدي الآخرين، ولكنه لايرى ما رزقه الله تعالى إياه، ولايقتنع بما عنده، بالرغم من أنه يمكنه الاستمتاع بطعم القهوة بغض النظر عن لون الكوب أو شكله.

615

| 10 مايو 2012

أمامنا خياران

قرأت قصة واقعية رواها والد طفل معاق في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة، ألقى كلمته وطرح في خطابه السؤال التالي: حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان...لكن ابني "...." لا يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الآخرون الذين لا يعانون من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهمونها، فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟ وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.. وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها الآخرون من هم في نفس ظروف ابني.. ثم قص عليهم القصة التالية: مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول وسألني ابني "هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟ وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم. ولكني كأب كنت أعلم أنهم إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلونه رغم إعاقته واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته إن كان يمكن لابني أن يلعب معهم. ودار الولد ببصره، ثم قال يمكننا أن نعطيه المضرب، وتهادى إبني بمشيته المعوقة وكله فرح وحماس، وبدأ اللعب معهم في الجولة الأخيرة من المباراة التي كان فريقه مهزوماً فيها بفارق نقطة واحدة، وحين جاء دوره ليضرب الكرة تقدم منه لاعب الفريق الخصم وقد فهم مغزى الفريق الثاني من إشراك هذا الطفل المعاق بالمباراة، فقام بدوره بإلقاء الكرة بطريقة ضعيفة جداً وقريبة من إبني حتى يتمكن من ضربها، ومن ثم بدأ المشجعون جميعاً بالصراخ باسم إبني مشجعين إياه على الجري بين نقطة وأخرى حتى بلغ النقطة الرابعة بصعوبة وهو في قمة السعادة، وبدأ بالقفز والبكاء فرحاً بماحققه.. في ذلك اليوم -أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه- ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم. يقول الراوي متابعاً القصة: ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة، مما ملأني بالفرح وبقيت أتذكر حين رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم.. وحين قرأت هذه القصة المحزنة الرائعة تساءلت: ياترى كم واحدا منا يسأل نفسه أمام المواقف التي يتعرض لها في حياته اليومية إن كان سيقدم قبسة نور من الحب والإنسانية ويترك بصمته الإيجابية، أم سيترك الفرصة تضيع ويبقي الحياة حوله جافة وخالية من المشاعر والمواقف النبيلة؟. أظن أن الكثير منا لايكترث لكونه بين خيارين، ويتجاهل أن الحياة ماهي إلا مجموعة من الفرص التي يمكنها أن تصنعنا وتصنع تفاصيل السعادة أو التعاسة لمن حولنا.

623

| 02 مايو 2012

الأسرة الممتدة جنة أم نار؟

تشتكي الكثير من السيدات اللواتي يتزوجن رجالاً يكونون جزءاً قوياً من أسر ممتدة تجمعها القرابة والدم والسكن من أمور كثيرة تجعل المرأة هنا تشعر بأنها لا تستطيع السيطرة على مجريات حياتها الأسرية في الأسرة النواة، وذلك بدعوى تدخل الجد والجدة والوالدين وربما العم والعمة وباقي العائلة التي اعتادت أن تتخذ قراراتها بشكل جماعي، وفي إطار القيم والعادات والطقوس التي اعتادت عليها وتناقلتها عبر الأجيال، وهنا تأتي نقطة الخلاف.. في السابق كانت مجتمعاتنا وتحديداً الشرقية تعيش تحت مظلة هذه الأسرة التي تنشئها وتمدها بالأمن والأمان والقيم والمبادئ، ويكون هذا الكيان مسؤولاً عن الإنفاق والمأوى واختيار الزوج أو الزوجة للأبناء حين يكبرون وحتى اختيار العمل، فغالباً ما كان الأبناء يتوارثون مهنة الجد والأب وهكذا، بينما تساعد الفتيات الجدة والوالدة في الزراعة أو الخياطة أو الحرفة التي تمارسها نساء العائلة. ولكن مع التطور الذي شهدته المجتمعات وتغير أنماط الحياة الحديثة، والطفرة العمرانية، وتنوع الدراسات والوظائف الحديثة، أدى ذلك وغيره من العوامل لتفكك كثير من تلك الوحدات والخلايا الأسرية التي أصبحت كل واحدة منها عبارة عن أسرة نواة تلتقي مع بعضها في المناسبات والأعياد وعند الحاجة لهذا الاجتماع. فيما بقيت أسر محتفظة بتماسكها المعيشي يجمعها السكن وتفاصيل الحياة، بقيت بجمال وحدتها وتلاحمها تغمر أفرادها بالدفء والمشورة والدعم، تسقي أطفالها الأصالة والعراقة والعادات المتوارثة. وحين تدخل لهذه الأسرة زوجة لأحد الأبناء من الجيل الحديث كثيراً ما تشعر بأن مملكتها التي حلمت بها لسنوات طويلة لن يكتب لها القيام لأن الجميع سيشاركها القرارات والأوقات وحتى أسماء الأطفال وتربيتهم وغير ذلك، لكن ما لا تعرفه تلك الزوجة أن الحب والحنان والأصالة التي ستغمرها هي وعائلتها الصغيرة لن تجدها في أي من جدران المنازل الصغيرة التي كانت ستسكنها، وبأن الدعم الذي سيغمرهم لن يؤمنه لهم غريب ولا صاحب عابر، وإنما هذه الأسرة التي أثبتت على مر السنوات والأجيال أنها أساس المجتمعات الصالحة التي كانت ومازالت محط الاحترام والتقدير. وهذا لا ينفي بالطبع وجود بعض السلبيات التي من ضمنها عدم وجود الحرية المطلقة للأسرة النواة في اتخاذ القرارات وغير ذلك من التفاصيل مما يرفضه الكثير من أبناء الجيل الحديث. ومضة: تحية إجلال وتقدير لكل عائلة حافظت على تماسكها وقيمها رغم أعاصير الحداثة المتسارعة، وباقة حب لكل أسرة تمثل نهر العطاء والحنان والحماية لكل فرد فيها.. وشمعة أمل بأن تبقى هذه الجنة وسط نار التغريب وفقد الهوية.

11282

| 26 أبريل 2012

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3645

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2187

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2082

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1290

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

936

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

936

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

894

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

876

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

861

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
عمدة نيويورك

ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...

741

| 06 نوفمبر 2025

alsharq
الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة

تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025،...

696

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
التعلم بالقيم قبل الكتب: التجربة اليابانية نموذجًا

لفت انتباهي مؤخرًا فيديو عن طريقة التعليم في...

678

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية