رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يروي شاب قصته مع زوجته وأم أطفاله فيقول: اخترتها من بين جميع الفتيات، كانت حينها قد مرت بتجربتين فاشلتين للزواج أثمرت كل منهما طفلا دفع ثمن هذا الفشل، وحين قابلتها رأيت أن أمنحها فرصة ثالثة لعيش حياة كريمة، وكان أن ارتبطنا وأعطيتها كل ماتتمناه إمرأة في الكون من حب وحنان واهتمام وكل ماكانت تتمناه يوماً.. وبدأت مع الأيام تمارس سلوكاً كان يؤلمني، ألا وهو العناد، كانت تصر على التمسك برأيها مهما كان، وكانت كلما طلبت منها شيئاً تعاندني، وكنت أحاولت التجاوز عن ذلك من أجل أطفالي الذين أنجبتهم منها، ولكنها كانت تتمادى في عنادها ظناً منها أن سكوتي هو ضعف مني، أو أنني لاأستطيع أن أعيش دون أطفالي ولذلك سوف أرضخ لها، وفي أحد الأيام طلبت منها بإصرار أن تحترم عائلتي وأهلي لأنهم كانو خير أسرة لها، ولطالما أكرموها وكانوا يعاملونها كابنتهم ويعطفون عليها كما لم تفعل أسرتها الحقيقية... ولكنها أساءت معاملتهم وخرجت والدتي العجوز من بيتي وهي تبكي بعد أن حضرت لزيارتنا حاملة الهدايا، لكن زوجتي العنيدة جعلتها تخرج مكسورة القلب باكية، وهي تحلف علي أن لاتدخل بيتي ثانية ليس من أجلها بل من أجل أن لاتؤذي زوجتي بزيارتها... وهنا انقلبت كل الموازين وقررت أن اغير كل حياتي، ولحقت بوالدتي وقبلت رأسها، وأقسمت على أن لا تعود المياه إلى مجاريها مالم تتخل زوجتي عن عنادها وسوء تصرفاتها، وماهي إلا أيام قليلة حتى كانت هذه الزوجة تبكي وتتوسل لعائلتي أن تعيد مابينها وبيني، وبكل قلب متسامح تطلب مني أمي العجوز وأخواتي أن أعيدها إلى بيتي وقلبي، لكنني كنت قد عانيت منها الكثير فقررت أن أعيدها إلى بيتي فقط، ولكن ليس إلى قلبي وإلى حياتي... وها أنا أرى كل يوم في عيونها دموع الندم ولست أدري إن كنت سأغفر لها إذا شعرت حقاً أنها قد غيرت من نفسها، وتخلت عن عنادها... أم أن قلبي قد أغلق دونها.. ولم يبق لها مكان فيه... والآن هاأنا ذا أعيش معها دون قلب حتى إشعار آخر... ومضة: إن من بعض أسوأ طباع البشر: العناد.. لأنه ببساطة يدمر كل ماهو جميل بين الزوجين، ويجعل من البيت جحيماً لايطاق بدلاً من أن يكون جنة يستظل بأشجارها أفراد العائلة.. وبدلاً من أن تسير الحياة بحب وتفاهم يحول العناد كل ذلك إلى حرب يكون وقودها الزوجان والأطفال..
488
| 05 يوليو 2011
تعيش مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة ثورة من التقدم والتطور والتحديث الذي يطرأ بشكل ملحوظ على كافة جوانب الحياة، من ثورة صناعية واقتصادية وتكنولوجية وغير ذلك من جميع جوانب الحياة التي بتنا نشهدها ولا نكاد نستوعب سرعة حدوثها.. ودوماً لكل تطور وتقدم لابد أن يكون هناك سلبيات وليس فقط إيجابيات، فكم من مجتمعات مصغرة أوكبيرة دفعت أغلى الأثمان في سبيل اللحاق بركب التحديث، على حساب قيمها ومبادئها وتراثها وأصالتها. وبالمقابل فهناك مجتمعات تسعى جاهدة لتمسك العصا من الوسط، حين تبذل قصارى جهودها في الحفاظ على ماضيها من خلال العناية والاهتمام بالتراث والمتاحف والأسواق الشعبية والعادات والتقاليد والقيم الإسلامية، وتسعى لتعزيز الهوية الأصيلة في شبابها وفي مناهجها التعليمية حتى ينشأ أجيالها على بنيان قوي ومتين.. إن التاريخ خير شاهد على هشاشة الحضارات التي لم يكن لها جذور عميقة تحملها، والعكس صحيح، فكم من الحضارات نشأت وتعاظمت وطال عمرها لأنها مبنية على أساس صحيح وعلى ماض لم تستغني عنه حين بلغت من العلو مكاناً لم تكن لتبلغه لولا ذلك الماضي الذي كان لها بمثابة حجر الأساس الذي أقامت عليه جدرانها الحديثة.. إن هناك حقيقة لا يختلف عليها إثنان وهي أن من لاماضي له لاحاضر له، وأن من تنكر لماضيه لابد أن يأتي عليه يوم يصبح فيه كالغراب الذي قلد مشية الحمامة، فأضاع مشيته ومشية الحمامة، فلا يمكن أن يكون يوماً مثلها لأنه ببساطة غراب.. وهكذا لايمكن أن تقوم لمجتمع قائمة دون أن يكون معتزاً ومتمسكاً بأصالته وبدينه وبعاداته.. ومن ظن أن التطور هو خلع ثوب الماضي واستبداله بالحاضر لاشك أنه واهم، ولايدرك قيمة الاعتزاز بالأصل، ولايعي خطر أن يقوم بناء بدون أعمدة أساس صلبة، ولا يعرف كم من الخسارة سيلحق به حين يصبح في مهب الريح ويغدو كما قال تعالى (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) وحينها فقط سيدرك أنه رجعي وليس متحضرا، وأن كل ماصنعه سيذهب أدراج الرياح.
665
| 23 يونيو 2011
يروي شاب قصته حين سافر إلى ألمانيا فيقول: عندما وصلت الى هامبورغ، رتب زملائي الموجودون في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم. وعندما دخلنا المطعم، لاحظنا أن كثيرا من الطاولات كانت فارغة. وكانت هناك طاولة صغيرة موجود عليها زوجان شابان لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات. كنت أتساءل إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية، وماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الرجل. وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن. كنا جياعا، طلب زميلنا الطعام كما طلب المزيد لأننا نشعر بالجوع.. وبما أن المطعم كان هادئا، وصل الطعام سريعاً. لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام. عندما غادرنا المكان، كان هناك حوالي ثلث الطعام متبقٍ في الأطباق. لم نكد نصل باب المطعم الا وبصوت ينادينا!! لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا إلى مالك المطعم!! …. عندما تحدثن إلينا، فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لإضاعة الكثير من الطعام.! قال زميلي: "لقد دفعنا ثمن الغذاء الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لايعنيكن؟" إحدى السيدات نظرت الينا بغضب شديد. واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم، وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه" ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية" وحرر لنا مخالفة بقيمة 50 ماركا! التزمنا جميعا الصمت. وأخرج زميلي 50 ماركا قدمها مع الاعتذار إلى الموظف. قال الضابط بلهجة حازمة "اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها..... المال لك لكن الموارد للمجتمع. وهناك العديد من الآخرين في العالم الذين يواجهون نقص الموارد.. ليس لديك سبب لهدر الموارد "!. احمرت وجوهنا خجلاً... ولكنا اتفقنا معه.. نحن فعلا بحاجة إلى التفكير في هذا. نحن من بلد ليس غنياً بالموارد ومع ذلك ومن أجل حفظ ماء الوجه نطلب الكثير من الطعام عندما ندعو أحدهم، وبالتالي يكون هناك الكثير من الطعام المهدور الذي يحتاجه الآخرون. إن هذا الدرس يجب أن نأخذه على محمل الجد لتغيير عاداتنا السيئة. قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية. جميعنا ألصق صورة المخالفة على الحائط لتذكرنا دائماً بألا نسرف أبداً... يا ترى كم منا يحتاج لمخالفة مثل هذه حتى يتعلم أن يلتزم بتعاليم ديننا الحنيف (إن المبذرين كانو إخوان الشياطين)، وكم منا يحتاج لأن يفكر بأنه بالرغم من أن بلادنا لا تعاقب المسرف على إسرافه إلا أن الله تعالى يعاقب على ذلك، وأن كل ما نسرفه وما نلقيه في النفايات من بقايا موائدنا التي نتفاخر فيها هناك أناس في أشد الحاجة لها ولا يجدون ما يسد رمقهم، فنلتق الله تعالى في أنفسنا وفيما رزقنا الله إياه.. فنحن مسؤولون ومحاسبون يوم القيامة.. وليتذكر كل منا أن المال وإن كان مالنا ولكن الموارد ملك للمجتمع.
2767
| 16 يونيو 2011
كثيراً ما نقابل أناساً في حياتنا نضع أيدينا بأيديهم، سواء في العمل أو الحياة الاجتماعية، أو العلاقات التي تفرضها الظروف أحياناً علينا لا يعرفون حدودهم ولا حدود الآخرين.. فكل علاقة بين اثنين لابد أن تكون وفق ضوابط معينة تفرضها طبيعة العلاقة ومكانة كل من الطرفين وغير ذلك من السن والمكان والزمان وما إلى ذلك من الأمور التي ترسم شكل التعامل وطبيعته.. فإذا التزم الطرفان بتلك الضوابط والقيم والحدود سارت الأمور على أحسن حال، وحقق الطرفان ما يريدان تحقيقه، أما إذا اختلت تلك المعايير ولم يعرف الطرفان أو أحدهما أين يقف، هنا تكمن الكارثة، وتختل المعادلة وتضيع الحقوق والواجبات.. ليس من الخطأ التحالف مع أحد، أو مشاركة من تجمعك به مصالح مشتركة، ولكن الخطأ هو وضع يدك بيد الشخص الخطأ أو الجهة الخطأ، وحينها يستنزف قدراتك ويستغل وجودك ليصعد على أكتافك ويحقق ما يريد دون أدنى اعتبار لمصالحك أنت، وهذا ما نراه كثيراً في حياتنا، سواء في علاقات العمل، أو الصداقة، او حتى الزواج. إن ما لا يجب تغافله أو التغاضي عنه هو ذلك الخط غير المرئي بين كل إنسان وبين الآخرين، فمعنى أن يرجع طرف من الأطراف للخلف بعيداً عن هذا الخط هو أن يسمح للآخر بالاقتراب منه أكثر فأكثر وبالتالي التعدي على هذا الخط الذي يمثل حفظ حدود وحقوق وكيان هذا الشخص، فإذا سمح أحد بحدوث ذلك، فقد رضي بالضرورة على أن يأخذ الآخر من مساحته ضمنياً.. وكان الأولى له أن يحفظ مكانته قبل أن يبدأ بلوم الطرف الآخر على هذا التجاوز، والتعدي على حدوده. سمعت في محاضرة للدكتور عبدالرحمن ذاكر يقول فيها إن هرم الأولويات هو: الله - أنا - الآخر... إذن فلابد أن نعي حين نتعامل مع الآخرين أنه بعد الله عز وجل لابد أن نكون نحن، ثم يأتي الآخر.. فيجب ألا نفرط بحقوقنا وحدودنا ليتجاوزها من حولنا حتى نبقى في توازن صحيح وفي إطار صحيح.. وتبقى علاقاتنا وتعاملاتنا صحيحة سوية. ومضة: أورد (إيسوب) في كتابه الذي كتبه في القرن السادس قبل الميلاد (خرافات).. قصة يقول فيها يروى أن الأسد وقع اتفاقاً مع الحمار الوحشي أن يصطادا الحيوانات معاً، الأسد بقوته وشهرته يمكنه أن يرعب القلوب ويتعب أي حيوان، والحمار الوحشي بسرعته يمكنه الإيقاع به، فرح الحمار بهذا الاتفاق لأن الأسد ملك الغابة وضع يده بيده وهو أمر يجعله في القمة، وبعد يوم عمل شاق جداً وصيد وفير قسم الأسد الغنائم لثلاثة أقسام وقال أنا آخذ الحصة الأولى لأنني الملك وأخذ الحصة الثانية لأنني شريك في الصيد، أما الحصة الثالثة فصدقني ستكون أذى كبير لك إن لم تسلمها لي.. فأدرك حينها الحمار خطأه الفادح من هذا التحالف، فهو لم يأخذ الضمانات الكافية التي تحفظ له حقه، إلى جانب أمر آخر في غاية الأهمية.. ألا وهو أنه لا يأكل سوى العشب!!!
694
| 09 يونيو 2011
يسافر كثير من أبنائنا للخارج من أجل اكمال دراساتهم هناك، فنجا منهم من نجا؟، ويواجه غيرهم مصير الضياع.. كما سمعنا ورأينا فى كثير من الحالات التى مزقت قلوبنا وجعلتنا نتألم لأولئك الطلاب الذين دفعوا ثمناً لغربتهم من رصيد حياتهم وصحتهم ودينهم. لعل كثيراً منا قرأ قصة الفتاة التى بعثت للشيخ العريفى حكايتها لتكون عبرة لمن يعتبر، فهى الآن فى ال 21 من عمرها، ووالدها امام مسجد..سافرت حين كان عمرها 17 سنة مع أخيها الذى يكبرها بعامين الى دولة أجنبية، وفى السنة الثانية لهما هناك تعرف هذا الأخ على مجموعة شباب فاسدين بدأ يتعاطى معهم الحشيش والمخدرات، وحين أصبح مدمناً عليها بدأت أخته تهدده بابلاغ والدهما اذا لم يقلع عن تلك المفسدات المدمرة، فوضع لها قرصاً من المخدرات فى العصير وهكذا أصبحت مدمنة، حتى فقدت عفتها بسبب رغبتها وأخيها بالحصول على المخدرات، وبعد تدهور حالتهما اتصلت فتاة من جنسيتهما كانت تدرس معهما بوالد الفتاة، وأخبرته بما يحدث، فأرسل لهما الأخ الأكبر فسارع بارجاعهما لبلدهما، وهناك أودعهما فى مركز لعلاج الادمان ليكتشف الطبيب بأنهما مصابان بمرض نقص المناعة الايدز.. وتقول الفتاة انهما قد تابا الى الله تعالى وبدآ بحفظ القرآن الكريم، وتبكى ندماً على ما حدث معها وعلى ضياع حياتهما هناك بدلاً من الدراسة. يجهل الكثير من الأهالى عن أمر فى غاية الأهمية، وهو ضرورة غرس الوازع الدينى فى الأطفال منذ الصغر، وذلك لأن الحياة لابد وأن تسير فى أحداثها، ولا يمكن لأبوين أن يبقيا أطفالهما تحت المراقبة طوال العمر، فلابد أن يزرعا فيهم الخوف من الله تعالى والرقابة الذاتية حتى يعرف الطفل كيف يحافظ على نفسه حين يصبح مراهقاً ويافعاً وحين يواجه مغريات الحياة ومفاتنها، فيعرف حينها أنه مراقب، وأن الله تعالى يراه حتى وان لم يكن والداه هناك... ان هذه القصة المؤلمة بالطبع ليست مقياساً على الجميع، فكم من الشباب والفتيات سافروا ودرسوا وحافظوا على أنفسهم من جميع المعاصى وسبل الضياع، بل ورجعوا لبلادهم أفضل مما غادروها، ولكن يبقى الأمر الأهم هو أن ينشأ الأبناء على الخوف من الله تعالى والشخصية القوية التى تؤثر ولا تتأثر، وبأن يكون رقيبهم هو ضمائرهم، وحدودهم هى الحدود الشرعية، لأنه من الصعب جداً أن يثبتوا فى الغربة حيث المفاسد والمفاتن وغياب الأهل وانعدام الرقيب. ولا بد بأن يقيم الآباء أبناءهم وما يمكن أن يواجهوه فى الخارج وان يفكروا ألف مرة قبل أن يلقوا بهم الى التهلكة... وقبل ذلك لابد أن يكونوا قدوة صالحة لهم ليكونوا صالحين مصلحين فكيف يمكن لغصن صغير أن ينمو معتدلاً اذا كان الفرع الذى يحمله مائلاً... وصدق من قال: مشى الطاووس يوما باعوجاج * فقلد شكل مشيته بنوه فقال علام تختالون؟ فقالوا: * بدأت به ونحن مقلدوه فخالف سيرك المعوج واعدل * فانا... ان عدلت معدلوه أما تدرى أبانا كل فرع * يجارى بالخطى من أدبوه؟ وينشأ ناشئ الفتيان منا * على ما كان عوده أبوه
1886
| 02 يونيو 2011
لعل معظمنا يعرف قصة هذا المثل، الذى مفاده بان امرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً مسنا، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة واجلال واكرام، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها، وحرصها عليها وقابلت ذلك باعراض وتضييع، وبجحود وانكار، فكانت العاقبة أن طلّقها..... تزوجها الذى كانت تحبه لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور، ولا معاملة محفوفة بالاعزاز والاكرام، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها، لكنها لم تنح باللائمة على غيرها، وانما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها، وتبيّن لها سوء تدبيرها، فجاءت يوما تطلب الرزق وتتسول فلما وصلت بابه طلبت منه لبناً فقال: " الصيف ضيعت اللبن "، ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط فى الغنيمة.. هذا المثل نطلقه على من يحظى بانسان يعتبر كنزاً ثميناً فى هذا الزمن الصعب الذى عز فيه الاخلاص والوفاء، فلا يقدر قيمته، ولا يعرف قدره، فيفرط به، وبعد أن كان تحت ظلال سمائه، غدا مستحيلاً لا تطوله حتى عيناه، ولا يحلم حتى بأن يرجع يوماً اليه... لأنه ببساطة قد أضاع الفرصة منه.. وفقد ذلك الانسان الذى لن يرجع اليه يوماً. يقع أحدنا كثيرا بهذا الخطأ الفادح حين يشعر بأن وجود انسان مقرب منه هو أمر واقع، ولن يتغير هذا الواقع أبداً، ولن يمل هذا الانسان أو يفكر الهروب أبداً ما دام على قيد الحياة، فيزهد به ويقصر معه، ويخلف معه بالوعود، وحين يسمع نداءات الاستغاثة التى يستثير بها مشاعره ويحاول أن يحيى بها غرس علاقتهما يظن مستهتراً أنه غير جاد فيما يقول.. لسبب بسيط جداً وهو أنه يظن ويعتقد أن هذا الانسان هو شخص مضمون.. ولن يرحل من أرضه مهما جفت ونضب ماؤها، واكفهرت سماؤها، فهو قدره ولن يغادره.. لكنه واهم اذ أن لكل كوب حدا للامتلاء مهما كبر هذا الكوب، و ان لكل انسان حدا للاحتمال مهما كان صبوراً، ومهما احتمل التقصير والاجحاف.. ومضة: قالت وهى مبتسمة لقد تواعدنا على الزواج، وشرعت له كل أبواب قلبي، فكان كل مرة يسوف لى ويختلق الحجج الواهية ويتذرع بالظروف، ويؤجل موعد مجيئه لبلدى حتى يتقدم للزواج بي.. حتى ساءت صحتى وأصبحت انسانة حزينة لا تفارق حجرتها.. وبدأت أصلى وأطلب من الله أن يجد لى فرجاً قريباً..وذات يوم واذا بشاب من بلدى يتقدم لخطبتي، من عائلة كبيرة، وعلى مستوى عال جداً من الدين والخلق والتعليم، صليت استخارة وسرعان ما وافقت عليه وتمت الخطبة، وقررت أن أمزق صفحة ذاك المخادع دون أن أحاول يوماً أن أتذكره وبدأت أعيش أيامى مع هذا الشاب الذى اختارنى من بين بنات الدنيا لأكون شريكة لحياته.. أعيش معه أجمل لحظات وأيام.. ويعيش ذاك المراوغ مع ذكرياته المؤلمة.. ويعرف أنه فى الصيف قد ضيع اللبن.
1399
| 31 مايو 2011
لقد سجل التاريخ بمداد من نور ونار قصص الكثير من النساء اللواتي كانت كل واحدة منهن بأمة كاملة، فقد ثبتت أم المؤمنين خديجة رضي الله دعوة الإسلام حين ساندت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وقاتلت نسيبة بنت كعب ودافعت عن رسول الله بنفسها وبزوجها وأبنائها حتى التفت إليها نبي الله وقال لها "ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة". وحكمت نساء حتى غيرن ممالك عظيمة، وسطرن بذكائهن وعطائهن أروع قصص البطولة والذكاء.. وقرأنا كيف ألقت فتاة بضفائرها لخطيب المسجد الأموي فقالت له إجعل منه لجاماً لخيلكم حتى تقاتلوا بها وتحرروا فلسطين من براثن الصليبية، فقام سبط إبن الجوزي خطيب المسجد وخطب خطبة من نار ألهبت حروفها مشاعر المصلين، حتى وصل لتلك المقولة "هذه والله ضفائر المحجبات التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها، فخذوها واجعلوها ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعور النساء، ألم يبق فى نفوسكم شعور ؟!!!، وألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس، وصرخ: تصدعي أيتها القبة، ميدي يا عُمُدَ المسجد، انقضي يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم فصاح الناس صيحة ما سُمِعَ مثلها، ووثبوا يطلبون الموت". وهاهو التاريخ يعيد نفسه، لنرى المرأة الفلسطينية تقاتل دون أرضها وعرضها ودينها وأبنائها، تقاتل دون خوف من القتل أو الأسر، فلطالما كانت شقيقة الرجال في الإنتفاضة وفي المعتقلات ولكنها لم تتردد يوماً لأن تكون جزءاً من منظومة الجهاد الباسل على أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وفي تونس رأينا كيف كانت النساء تسير في الشوارع مع الرجال غير آبهات لما يتعرضن له من قمع وتنكيل، رأينا تلك الصور لنساء كن يسقطن على الأرض ويتعرضن للضرب وسرعان مايقفن مرة أخرى ليكملن المسير والهتاف ومساندة الثوار من أجل الحصول على الحرية المنشودة. وعلى أرض الكنانة رأينا كيف صنعت الثورة بسواعد رجالها ونسائها على حد سواء، فكانت النساء في الميدان شقائق الرجال، رأينا تلك المشاهد التي تبكي العيون وتدمي القلوب من شجاعة فتيات مصر وهن يهتفن ويداوين الجرحى، ويوزعن الطعام على الثوار، ويصنعن من ضعفهن الأنثوي حاجز قوة لايسمح ليد النظام العاتية بإختراقه. حتى تحقق لشعب مصر ماأراد.. وبالأمس بث التلفاز تصويراً لتلك المرأة العجوز الليبية التي تصنع الطعام بكميات كبيرة للثوار، وتعد لهم مايطلبونه من الشاي والماء وغيره، فإذا حان وقت الوجبات، توجه الثوار لبيتها وإفترشوا الأرض، وتزودوا بالطعام والشراب ثم غادروا لمواصلة ثورتهم.. فلله در هذه العجوز التي نذرت نفسها لله عزوجل ولخدمة أبناء بلدها من أجل الوصول لغايتهم ورفع راية الحرية على ذرى أرضهم.. ولله در كل إمرأة جعلت من نفسها وقوداً للمعركة من أجل نصرة دينها ووطنها وحرية شعبها... ولله در كل إمرأة جعلت من ضعفها قصة لقوة غيرت مسار التاريخ.. فهذه هي المرأة الحقيقية.
610
| 19 مايو 2011
صادف وجودى فى مكة المكرمة هذا الأسبوع فقرأت هذه القصة الرائعة فأردت أن أنقلها اليكم التى تدور أحداثها كالتالي: بعد انتهاء مراسم الحج جلس رجلان بالمطار فسأل أحدهما الآخر عن كيفية أدائه للحج فقال والله يا أخ سعيد أنا أعمل مقاولا وقد رزقنى الله من فضله وفزت بمناقصة اعتبرها صفقة العمر وقد قررت أن يكون أداء فريضة الحج للمرة العاشرة أول ما أفعله شكراً لله على نعمته التى أنعم بها على وقبل أن آتى الى هنا زكيت أموالى وتصدقت كى يكون حجى مقبولا عند الله... ثم أردف بكل فخر واعتزاز وها أنا قد أصبحت حاجا للمرة العاشرة. — أومأ سعيد برأسه وقال اتمنى لك: حجا مبروراً وسعيا مشكوراً وذنبا مغفورا. — ابتسم الرجل وقال: أجمعين يا رب وأنت يا أخ سعيد هل لحجك قصة خاصة؟ — أجاب سعيد بعد تردد: والله يا أخى هى قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها. ضحك الرجل وقال: بالله عليك هلا أخبرتنى فكما ترى نحن لا نفعل شيئا سوى الانتظار هنا. — ضحك سعيد وقال: نعم، الانتظار وهو ما ابدأ به قصتى فقد انتظرت سنين طويلة حتى أحج فأنا اعمل منذ أن تخرجت معالجا فيزيائيا قبل 30 سنة وقاربت على التقاعد وزوجت أبنائى وارتاح بالى ثم قررت بما تبقى من مدخراتى البسيطة أداء فريضة الحج هذا العام فكما تعرف لا يضمن أحد ما تبقى من عمره وهذه فريضة واجبة.. — وفى نفس اليوم الذى كنت اعتزم فيه الذهاب الى متعهد الحج بعد انتهاء الدوام وسحبت لهذا الغرض كل النقود من حسابي... صادفت احدى الأمهات التى يتعالج ابنها المشلول فى المستشفى الخاص الذى أعمل به وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لى استودعك الله يا أخ سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى..استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجى لابنها وتفكر فى نقله لمكان آخر لكنى اكتشفت أنها فعلت ذلك لأن زوجها فقد وظيفته والمسألة مسألة مادية فقط، بعدها ذهب سعيد الى المدير ورجاه أن يستمر بعلاج الصبى على نفقة المستشفى، وفجأة يقول سعيد وضعت يدى لا اراديا على جيبى الذى فيه نقود الحج، فتسمرت فى مكانى لحظة ثم رفعت رأسى الى السماء وخاطبت ربى قائلا: اللهم أنت تعلم بمكنون نفسى وتعلم أن ليس أحب الى قلبى من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمرى وعددت لأجل ذلك الدقائق والثوانى لكنى مضطر لان اخلف ميعادى معك فاغفر لى انك أنت الغفور الرحيم. وذهبت الى المحاسب ودفعت كل ما معى له عن أجرة علاج الصبى لستة أشهر مقدما وتوسلت اليه أن يقول للمرأة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة. دمعت عين الرجل: بارك الله بك وأكثر من أمثالك، لكن اذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت اذا؟ قال سعيد ضاحكا: أراك تستعجل النهاية، هل مللت من حديثي؟ اسمع يا سيدى بقية القصة، رجعت يومها الى بيتى حزينا على ضياع فرصة عمرى فى الحج وفرحاً لأننى فرجت كربة المرأة وابنها ونمت ليلتها ودمعتى على خدى فرأيت نفسى فى المنام وأنا أطوف حول الكعبة والناس يسلمون على ويقولون لى حجا مبرورا ياحاج سعيد فقد حججت فى السماء قبل أن تحج على الأرض، دعواتك لنا يا حاج سعيد، حتى استيقظت من النوم وأنا أحس بسعادة غير طبيعية على الرغم من أننى كنت شبه متأكد من أننى لن أتشرف يوما بلقب حاج، فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره. — وما أن نهضت من النوم حتى رن الهاتف وكان مدير المستشفى الذى قال لي: يا سعيد انجدنى فأحد كبار رجال الأعمال يريد الذهاب الى الحج هذا العام وهو لا يذهب دون معالجه الخاص الذى يقوم على رعايته وتلبية حاجاته، ومعالجه زوجته فى أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديتنى خدمة وذهبت بدلا عنه؟ لا أريد أن افقد وظيفتى اذا غضب منى فهو يملك نصف المستشفى. قلت له بلهفة: وهل سيسمح لى أن أحج؟ فأجابنى بالموافقة — فقلت له اننى سأذهب معه ودون أى مقابل مادي، وكما ترى فقد حججت وبأحسن ما يكون عليه الحج وقد رزقنى الله حج بيته دون أن ادفع أى شيء.. والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على اعطائى مكافأة مجزية لرضاه عن خدمتى له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها فى المستشفى على نفقته الخاصة وأن يكون فى المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد أعطى زوجها وظيفة لائقة فى احدى شركاته.. — نهض الرجل وقبل سعيد على جبينه: والله لم اشعر فى حياتى بالخجل مثلما اشعر به الآن. فكم منا من فكر أن يكون الحج سعيد أو أن يفرج كرب مسلم كما فعل سعيد؟؟
780
| 15 مايو 2011
لعلنا قرأنا أو سمعنا عما يسمى بحمى الثورات، تلك العدوى التي تنتقل بين الشعوب، فالثورات هي ظواهر معدية كالوباء والموضة، فإذا ما حقق الشعب مطالبه وتحرر من قيود الظلم والإجحاف التي تطوقه، انتقلت هذه الثورة والتمرد على النظام الحاكم لشعب آخر، وهكذا.. وتلك حقيقة وظاهرة قديمة يذكرها التاريخ منذ القدم، ويروي فيها قصصاً عديدة منها حينما "أصابت بالعدوى" الثورة الامريكية (1776) الثوار الفرنسيين في 1789، وجاءت الواحدة تلو الاخرى ثورات "ربيع الشعوب" في اوروبا في منتصف القرن التاسع عشر وفي شرقي اوروبا في سنوات 1989 — 1990. وبالرغم من أن الضائقة الشديدة ليست هي الدافع الوحيد لانطلاق ذلك النوع من الثورات، فإنها عامل محرك مهم جداً لإشعال فتيل تلك الثورات إلى جانب عوامل كثيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر: وجود شق في سور النظام القمعي يمكن لرياح التغيير أن تتسلل منه، أو التعرض لصدمة وطنية تزعزع الثقة بالنظام، أو التعرض لأحداث وظروف عصيبة ولفترات طويلة من شأنها أن تدفع بالمحكومين للتمرد على النظام الحاكم. ومع أن النتيجة لهذه الثورات ليست دائماً هي الحصول على الديمقراطية، وهذا ما رواه التاريخ عن العديد من الثورات منها الثورتان الروسية والصينية إلا أن الشعب حين يصل لمرحلة الغليان وتصبح عودته لخط البداية أمراً مستحيلاً قد لا ينظر للنتائج بقدر رغبته الجامحة في الانتفاضة وتكسير قيود الضعف التي طالما كبلته وجعلت منه مسلوب الإرادة وعاجزا عن تحقيق ما يريد. إننا حين نتلفت الآن وننظر حولنا نرى ما يحدث في الشوارع العربية في ليبيا وسوريا واليمن وهنا وهناك نرى من المشاهد ما يدمي القلوب ويبكي العيون، شباب في سن الزهور تروى الطرقات من دمائهم الزكية، وأطفال صغار يلعب أقرانهم في البلاد الآمنة بالألعاب ويلعبون هم بالرصاص والحجارة، ونساء كن يوماً من الأيام آمنات في البيوت مع الزوج والأبناء، فأصبحن بين عشية وضحاها أرامل وثكالى يذرفن دموع الألم والعذاب ويتجرعن الآلام في كل يوم وكل ساعة.. كل هذا الواقع المرير الذي يشكل طاحونة وقودها دماء الشباب الأبرياء قد بات كابوساً تنام أمتنا العربية والإسلامية وتصحو عليه، ولا تملك أن توقف من نزيفه شيئاً، ولا تملك إلا أن تقف مكتوفة الأيدي.. تشاهد التلفاز حيناً وتقرأ الصحف حينا، وإذا ما زادت حرارة الضمير الحي فيها ذرفت بضع دمعات على تلك المشاهد والمجازر التي ترتكب بحق العزل الذين لم يرتكبوا جرماً إلا أنهم أرادوا لأنفسهم ولذويهم الحرية والحياة الكريمة.. إذا نظر كل منا لنفسه كجزء من الكيان والجسد العربي والمسلم شعر حينها أن عليه أن يصلح من نفسه بداية ثم يسعى لإصلاح من حوله، لكي تصلح أمورنا ولا نحرم نعمة الأمن والأمان التي تعد من أكبر نعم الله تعالى علينا وقد لا يشعر بقيمتها إلا من فقدها.. فإذا غيرنا ما بأنفسنا حتماً سيغير الله تعالى ما بنا.. (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..
551
| 28 أبريل 2011
إذاً، فقد تحدثنا معاً عن ذلك التصور لجون جراي بأن الرجال من كوكب والنساء من كوكب آخر، وفرق التكوين والطبيعة بينهما يشكلان عاملين أساسيين من عوامل الاختلاف بينهما في الاهتمامات والأولويات والرغبات وتحقيق الرضى عن الذات وغير ذلك من الأمور الأخرى التي تشكل حياة كل منهما في النهاية.. ورأينا كيف وصف الكاتب الأمريكي مارك جونجر بطريقة كوميدية عقل الرجل بأنه أشبه ما يكون بصناديق منفصلة، وعقل المرأة بمجموعة من النقاط الشبكية المنفصلة والمتصلة معاً بنفس الوقت.. وبعد هذا نقف لننظر بعقول مستنيرة باحثين عن الجواب الشافي لسؤال طالما تكرر على مر الأجيال والأزمنة.. ما الحل لمشكلة الاختلاف بين آدم وحواء؟ إن الحل الأمثل لهذه المشكلة التي لا تنتهي ولن تنتهي هو الفهم الصحيح والعميق لطبيعة الاختلافات التكوينية بينهما، والإيمان الواعي والتسليم المطلق بأن هذه الاختلافات ليست أمراً سلبياً، أو أن الخالق تبارك وتعالى قد جعلها فينا لنعاني في علاقاتنا مع الطرف الآخر، فالله عز وجل أمره بين الكاف والنون، وهو قادر على أن يجعل الطبيعة واحدة والقدرات والأمزجة واحدة ومن ثم تسير الحياة بوتيرة واحدة وهكذا، ولكن الحق تبارك وتعالى له حكمة عظيمة في ذلك، فالمرأة خلقها بهذه الفطرة وهذه الميول والمشاعر لتستطيع برصيد حبها أن تحمل أعباء الحمل والوضع والتربية ولتقوم بدورها في خلق روح الحب ودفء العاطفة في البيت، ولتتمكن من تزويد زوجها وأبنائها بما يكفيهم من الحب والأحاسيس التي تشكل الوقود بالنسبة لهم ليتمكنوا من مواجهة الحياة خارج المنزل، هي كذلك لأن الله تعالى خلقها كذلك.. ذلك الجزء اللطيف والرقيق من العلاقة.. والرجل خلق بهذه الطبيعة الصلبة لأنه ذلك الطرف الذي أعطاه الله القوامة، وجعل مسؤولية إقامة العائلة والحفاظ عليها منوطاً به، فهو الذي كلف بالعمل والسعي من أجل امرأته وأبنائه، فكان لابد أن يكون بهذا العقل وهذه التركيبة التي لا تسمح له بالاستسلام والضعف والانكسار عند مواجهة منعطفات الحياة، وهو المعني بعقد رباط الزواج وحله، لأن الله تعالى قد أهله بقدرته العقلية وحكمته على تحمل العواصف والتيارات التي تجتاح أرض الحياة الزوجية والتعامل في كثير من الأمور بعقلانية أكثر منها بعاطفية.. فما دام الأمر كذلك، ففهم هذه الحقيقة يجعل من الحياة أكثر سلاسة وأقل تعقيداً ويجعلنا نتعايش معاً بوعي ونضج فكري مدركين بعمق أن الله تعالى خلق آدم وحواء مكملين لبعضهما البعض وكل منهما له أدواره ومسؤلياته وواجباته في الحياة، ولم يخلقهما متناقضين أو متعادين، وإنما كل ما في الأمر أن هذه العلاقة والشراكة الوطيدة عبارة عن جزء صلب عقلاني، وجزء رقيق شاعري.. وبين صلابته ورقتها تدور أحداث قصة الاختلاف بينه وبينها على مر العصور.
796
| 25 أبريل 2011
إذن فالخلاف بين آدم وحواء نشأ بالأصل بسبب اختلاف الطبيعة لكل منهما، والتكوين العقلي والجسدي، وتركيبة المشاعر والعواطف والقناعات الراسخة لكل منهما.. فالمرأة تشكو من أن الرجل لا يحس بها، خاصة بعد أن تصبح في بيته، وتحمل جميع تلك المسؤوليات التي تبتدئ بالأبناء وتنتهي بالمطبخ مروراً بكل ما يحتاجه المنزل والزوج، وحين تهدأ تلك الزوبعة تكون المرأة بانتظار أن يسدد الرجل الفاتورة بالحب وإظهار العرفان والتقدير لها ولكل جهودها وليعطيها الحافز بذلك على بدء يوم جديد في الصباح التالي يحمل كل تلك الأعباء.. أما الزوج الذي قضى يومه منذ الصباح في العمل والتفكير والإنجاز، وربما الكثير من التوتر والضغط على الأعصاب، أو الإخفاق في تحقيق بعض صفقاته أو طموحه لهذا اليوم، أو حتى تحقيقها، هذا الزوج يعود لبيته منهكاً، وحالِما بأن ينعم بالهدوء والسكينة ليحط رحاله ويلقي بأحماله وحين يطفئ جوعه وتعبه، يحتاج لأن يدخل أحد تلك الصناديق الأخرى التي يحويها عقله وقد يكون صندوق اللا شيء.. والذي لا يريد أن يكون معه أحد فيه، وهذا ما يصعب على المرأة تقبله.. يقول مارك جونجر الكاتب والمحاضر الأمريكي الذي صاغ مجموعة من المحاضرات الجماهيرية فى قالب كوميدي بالغ الروعة والإدهاش: "عقل الرجل مكون من صناديق مُحكمة الإغلاق، وغير مختلطه. هناك صندوق السيارة وصندوق البيت وصندوق الأهل وصندوق العمل وصندوق الأولاد وصندوق الأصدقاء وصندوق المقهى وصندوق اللا شيء.. إلخ. وإذا أراد الرجل شيئاً فإنه يذهب إلى هذا الصندوق ويفتحه ويركز فيه.. وعندما يكون داخل هذا الصندوق فإنه لا يرى شيئاً خارجه. وإذا انتهى أغلقه بإحكام ثم شرع في فتح صندوق آخر وهكذا. وهذا هو ما يفسِّر أن الرجل عندما يكون فى عمله، فإنه لا ينشغل كثيراً بما تقوله زوجته عما حدث للأولاد، وإذا كان يُصلح سيارته فهو أقل اهتماماً بما يحدث لأقاربه، وعندما يشاهد مباراة لكرة القدم فهو لا يهتم كثيراً بأن الأكل على النار يحترق، أو أن عامل التليفون يقف على الباب من عدة دقائق ينتظر إذناً بالدخول.. عقل المرأة شيء آخر: إنه مجموعة من النقاط الشبكية المتقاطعة والمتصلة جميعاً في نفس الوقت والنشطة دائماً.. كل نقطة متصلة بجميع النقاط الأخرى مثل صفحة مليئة بالروابط على شبكة الإنترنت. وبالتالى فهي يمكن أن تطبخ وهي تُرضع صغيرها وتتحدث فى التليفون وتشاهد المسلسل فى وقت واحد. ويستحيل على الرجل — فى العادة — أن يفعل ذلك، كما أنها يمكن أن تنتقل من حالة إلى حاله بسرعة ودقة ودون خسائر كبيرة، ويبدو هذا واضحاً في حديثها فهي تتحدث عما فعلته بها جارتها والمسلسل التركي، وما قالته لها حماتها ومستوى الأولاد الدراسى ولون ومواصفات الفستان الذى سترتديه فى حفلة الغد ورأيها فى الحلقة الأخيرة لنور ومهند وعدد البيضات فى الكيكة فى مكالمة تليفونية واحدة، أو ربما فى جملة واحدة بسلاسة متناهية، وبدون أى إرهاق عقلى، وهو ما لا يستطيعه أكثر الرجال احترافاً وتدريباً.. الأخطر أن هذه الشبكة المتناهية التعقيد تعمل دائماً، ولا تتوقف عن العمل حتى أثناء النوم، ولذلك نجد أحلام المرأة أكثر تفصيلاً من أحلام الرجل.. (وللحديث بقية بإذن الله).
488
| 17 أبريل 2011
منذ الأزل ونحن نقرأ عن الاختلاف بين الرجل والمرأة ونعيش هذه الحقيقة بمستويات مختلفة من الإدراك والقدرة على التعامل معها بحسب البيئة والنضج الفكري والعاطفي وفهم اختلاف الطبيعة والقدرة على المرونة في التعامل والتعاطي مع هذه الحقيقة وغير ذلك من العوامل الأخرى التي تتحكم في هذا الأمر. تشتكي المرأة أحياناً بأن زوجها قد تغير معها ولم يعد كسابق عهده، ولكن الحقيقة هي ان الرجل يحتاج لأن يتصرف على طبيعته كما يقال من فترة لأخرى، أي يصبح غير قادر على المجاملة أو سكب الحب والاهتمام في أكواب امرأته، فيتصرف على طبيعته كرجل ودون تكلف أو تصنع، وهنا تظن المرأة أنه قد تغير وتثور وتبدأ غالباً بالشك بأن امرأة أخرى قد دخلت حياته أو أن حبه لها قد تقلص، وتدب الخلافات بينهما.. مع العلم أن الرجل هنا كل مايحتاجه هو فاصل زمني قصير ليعود كما كان معها.. ونادراً ما تدرك المرأة ذلك.. وحين تشعر المرأة بان مشاعرها وكل ما قامت به من أجل هذا الرجل لا يحظى منه بالاهتمام الكافي والتقدير والإطراء فإنها سرعان ما تصاب بخيبة الأمل والإحباط.. وكثيراً ما لا يدرك الرجل هذا الواقع وتلك المشاعر، بالرغم من أن كلمة حب واحدة أو إطراء من قبله قد تقي من الوقوع في الكوارث. أظن أن كثيراً منا قد قرأ ذلك الكتاب الشهير جداً، والذي ترجم لكثير من لغات العالم وهو كتاب الدكتور جون جراي (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) حيث تخيل في كتابه بأن الرجال من كوكب المريخ حيث يمجدون القوة والفاعلية والكفاءة ويشعرون بالكفاءة عن طريق الإنجاز والنساء من كوكب الزهرة حيث يقدرن الحب والاتصال والجمال ويعشقن اللباس والاهتمام بأنفسهن ويشعرن بالكفاءة بالمشاركة والتواصل والانسجام. وذات يوم اكتشف أهل المريخ بمناظيرهم ذلك الكوكب المليء بالمخلوقات اللطيفة، وصنعوا سفينة فضائية تنقلهم اليهن، واستقبلتهم النساء بكل الحب، وكان حباً سحرياً متبادلاً.. إلا أنهم سافروا ونزلوا معاً إلى الأرض، وهنا بدأ ظهور الاختلافات والاحباط حين لا يجد كل طرف ان الآخر يشعر مثل شعوره ويرغب بما يرغب به هو، ويتناسى كل جنس ان الجنس الآخر له طبيعة مختلفة وتكوين مختلف ومن مكان مختلف.. وهنا تتحول الحياة لكم من الخلافات والصراعات التي لا ضرورة لها لو كان كل طرف مستوعباً لحقيقة وطبيعة هذه الاختلافات. "وللحديث بقية بإذن الله".
472
| 07 أبريل 2011
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3519
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2142
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2052
| 04 نوفمبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1554
| 30 أكتوبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1263
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
918
| 04 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
876
| 03 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
876
| 05 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
828
| 05 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
825
| 02 نوفمبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
768
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية