رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حمداً لله فقد تقرر وقف بث سموم المسلسلات التركية.. التي أتخمتنا بكثرة مشاهد العري والخمر وحمل السفاح، والعلاقات غير الشرعية، حتى غدا الأمر أشبه بالطبيعي الذي لا يحتمل أن نضعه على طاولة النقاش بين كونه صحيحاً أو هداماً.. وحتى بات تعاطفنا مع البطلة التي ترتكب تشكيلة منوعة من الموبقات أمراً عائلياً نمارسه بإنسانيتنا ومشاعرنا، حتى أننا قد نبكي حين تبكي، ونضحك ونبتهج حين تكون سعيدة، وذلك لأنها البطلة. أو البطل الذي نسانده بكل ما يفعله، ونتمنى في بداية كل حلقة أن يحقق ما لم يحققه في الحلقة الماضية... نجتمع في المساء بدلاً من أن نناقش ما يدور في منازلنا وبين أفراد أسرنا، أو مايدور حولنا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأحوالنا التي أصبحت بين عشية وضحاها مقلوبة رأساً على عقب، أو كانت مقلوبة وبدأت ترد إلى سالف عهدها لا نعلم.. المهم هو أننا بدلا من أن نناقش كل تلك الأحداث العظيمة التي تعصف بنا.. فإننا اصبحنا منشغلين بكل جوارحنا بأحداث تلك المسلسلات المخلخلة للقيم والمبادئ. وبات أبناؤنا يشاهدون تلك المهازل المدمرة بدلا من أن يشاهدوا ويسمعوا القصص البطولية التي طالما تربى عليها أسلافنا، حتى غدا كل واحد منهم بأمة، وبدلا من أن يكون قدوتهم هو ذلك الجد المكافح الذي ربى أبناءه على الرجولة والفروسية والكرم والشجاعة وكل تلك المآثر، أو الأب الذي بدأ طريقه في الحياة منذ صغره، فعرف معنى الشرف والنزاهة والكسب الحلال، وعرف كيف يحفر مستقبله ومستقبل عائلته وحياته وكيانه وسط الصعاب بكل جد وعمل مخلص وإصرار في الحياة، فبدلاً من أن يكون هؤلاء هم قدوته، أصبح يحذو حذو أبطال هذه المسلسلات الذين لا يملكون من الرجولة إلا الأسماء.. وقد يحاول أن يقتفي أثر أشباه الرجال هؤلاء ليفتخر بين زملائه وأقرانه بأنه الأفضل.. وهنا تكمن الكارثة.. أو تحاول الفتاة المراهقة أن تفعل مثل هذه المسماة بالبطلة، أو تلك.. وما هي في الحقيقة إلا صورة سوداء معتمة لشخصية لا تعرف من الدين أو العادات شيئاً.. فلا تهدي إلا إلى الضياع.. لهذه الأسباب كلها ولأسباب كثيرة أخرى فقد تقرر وقفها في إعلامنا العربي المسلم فهنيئاً لنا جميعاً... ومضة: قبل أن يسألني أحدكم عن صحة هذا القرار.. بوقف تلك المسلسلات الهدامة، أو عن تحقق هذا الحلم على أرض الواقع، وتنقية إعلامنا وحياتنا من تلك المهازل.. أحببت أن أقول لكم إن غداً هو أول نيسان...
361
| 31 مارس 2011
لاتخلو الحياة من الابتلاءات والمحن.. فلا يخفى على أحد أن الحياة الدنيا مليئة بالمصائب والبلاء، وأن كل مؤمن ومؤمنة عرضة لكثير منها: فمرة يُبتلى بنفسه، ومرة يبتلى بماله، ومرة يبتلى بحبيبه، وهكذا تُقلَّب عليه الأقدار فتراه مابين حال وحال بين عشية وضحاها. وإذا لم يحمل المؤمن النظرة الصحيحة للبلاء فسوف يكون زلـلُه أكبر من صوابه، ولا سيما أن بعض المصائب تطيش منها العقول لضخامتها وفُجاءَتها. لابد أن نعي أننا جميعاً في قاعة امتحان كبيرة نُمْتحن فيها كل يوم.. فكل ما فيهـا امتحان وابتلاء: المال فيها امتحان، والزوج والزوجة والأولاد امتحان، والغنى والفقر امتحان، والصحة والمرض امتحان، وكلنا ممتحن في كل ما نملك وفي كل ما يعترينا في هذه الحياة حتى نلقى الله، قال تعالى: "كُل نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ وَنَبلُوكُم بِالشر وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ". "الأنبياء: 35". وقال جل ذكره: "أَحَسِبَ الناسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا ءامَنا وَهُم لاَ يُفتَنُونَ (2) وَلَقَد فَتَنا الذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَن اللهُ الذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَن الكَـاذِبِينَ}. "العنكبوت: 2 — 3" حين ينزل البلاء بالناس فإن صبرهم أو جزعهم هو الذي يكشف حقائقهم كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله "الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم؛ فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه". فلم الجزع والتسخط من امر الله تعالى، وكل شيء مقسوم إنَّ الله تعالى قسم بين الناس معايشهم وآجالهم، قال تعالى: "نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم في الحَياةِ الدنيَا". [الزخرف: 32 ]. فالرزق مقسوم، والأجل مقسوم، والسعادة مقسومة، وكل شيء في هذه الحياة مقسوم. فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك... يـــا صـــاحب الهمِّ إنَّ الهــم منـفـرجٌ أبشِر بخيرٍ فــــــإنَّ الفــــــارج الله اليــأس يقطـع أحيــاناً بصــاحبــــه لا تيــأسنَّ فـــــــإنَّ الكــــافي الله اللـه يُحدِث بعــد العســــر ميســـرة لا تجـــزعــــنَّ فــــإن القاســم الله إذا بُـــليـت فثِـقْ باللـه وارضَ بـــــه إنَّ الذي يكشــــف البلـــوى هـــو الله واللهِ ما لكَ غير الله مـن أحــــــــــدٍ فحسبُك الله في كــــــــــــلٍ لك الله ومضة: قيل... إن الزيتون عندما يُضغط: يأتي لنا بالزيت الصافي،، والفواكه عـنـد عصــرها: تعطينــا ألــذ العصــائر..فإذا شعرت بمتاعب الحياة تضغطك بهمومها.. وتعصر قلبك بآلامها.. فلا تحزن!!إنه "الله... يريد أن يخرج أحلى ما فيك... ايمانك وصبرك...".
1824
| 24 مارس 2011
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ودعت أرض قطر وساحتها الإعلامية وقناة الجزيرة وعائلة علي الجابر شهيدها.. ذلك الفارس الذي ترجل عن صهوة جواده.. ليكمل زملاؤه المسير، وليمضي رحمه الله تعالى إلى ماقدم.. فكم من ساحات للحقائق عرفته، وكم من أعلام شهدوا له بأنه لم يرض يوماً إلا بأن يكون حيث تكون الصورة التي يجب أن يراها العالم بوضوح ودون تزييف أو تعديل.. فقد آلى على نفسه بأن يكون هو ذاك الفارس الذي يمتطي جواد الحقيقة ولا يترجل عنه إلا حين يكون القدر والأجل معه على ميعاد. بقي الشهيد — نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله — علي الجابر يتبع نيران الأحداث المشتعلة دون خوف أو تردد، كما يفعل البعض ممن يخشون تلك المخاطر، فأين ماوجد مايجب أن ينقل تجده يتبعه. مضى - رحمه الله تعالى - وتركنا نسأل هل كان سيسكت نظام الطاغية شبه المخلوع صوت الحق بقتل الأعزل الذي لا يملك سلاحاً إلا كاميراته؟ وهل كان يظن بأن ماحدث سيثني فرسان الحقيقة عن إكمال المسير؟ إن جواد الحقيقة سيمضي وسيبقى مابقيت الحرب بين الحق والباطل، وإن ترجل فارس فسيكمل آخرون. ومهما حاول الحاقد أن يلقن قناة الجزيرة درساً بهذه العملية الإجرامية فلن يستطيع ذلك.. لقد فعل مافعل لأن كاميرا الحقيقة قد فضحت جرائم النظام ضد الشعب وقد رأينا التهديدات التي كالها للإعلام لأن الساحة إذا خلت من الإعلام بإمكان القذافي أن يستفرد بشعبه ويبيد منهم ماتصل إليه يد بطشه والجزيرة وضعت الرأي العام العربي والعالمي أمام ما يحدث من انتهاكات هناك.. لقد شاءت الأقدار أن تختلط الدماء القطرية هناك مع دماء الأبطال من أهل ليبيا وأن يسطر اسم الشهيد القطري علي الجابر مع اسم الشهيد البطل عمر المختار.. الذي كان له مع ضريحه ميعاد.. وبالرغم مما صورته كاميرا الشهيد علي الجابر - رحمه الله - من آلاف المشاهد والصور، فإنني أعتقد بأن ذاكرتنا لن تحمل أجمل من تلك الصورة التي ألتقطت لذلك الوجه الباسم المستبشر يحيط به البياض وهو يرقد وحوله الآلاف من الجموع التي جاءت لتودعه لمثواه الأخير.. بعد مسيرة عطرة من الجهد والعمل والإخلاص..فرحمك الله يا أباعبدالله. ومضة: لم أجد أجمل من أن أقتبس بعضاً من الأبيات التي قالها الدكتور عبدالخالق العف في رثاء الشهيد علي الجابر رحمه الله حيث قال: عين الحقيقة لم تزل مكحولة...بالنصر والمجد الأبي يا مخرز التتري أحرقك اللظى...من جذوة مسروجة بيدي "علي" عين الحقيقة لم تنم....والفجر آذن بالظهور و"علي" أوقد شعلة التحرير... من دمه الطهور عين الحقيقة لم تزل محروسة...بسنا الحواضر حرة في قلب ثائر يا مقلة الأحرار جودي بالدما...حزناً على فقدان "جابر"
1151
| 18 مارس 2011
لعل أمراً يحدث معنا جميعاً، ونفسره بطرق مختلفة.. أو أحياناً نقف أمامه بكل حيرة وتعجب.. وقد نلقي بالأمر في نهاية المطاف إلى الأقدار.. إنه ذلك الإحساس الذي يجتاحنا حين نعرف أحدهم عن بعد.. حتى ولو لم نلتقه.. أو حين نقابل أحدهم ولو لمرة واحدة أو لفترة قصيرة فنجد أنفسنا ودون أن نشعر.. نرسي مراكبنا جميعها على شواطئه، ونفتح له دفاترنا ليقرأها دون تردد.. ونشعر بأنه الجزء المفقود من ذواتنا.. وما إن وجدناه حتى اكتملت به أنفسنا، ودون أن نعرف حتى مبرراً لذلك الشعور الغريب وتلك الكيمياء التي سمعنا عنها وقد نكون قد أنكرنا وجودها ذات يوم، حين قال علماء الكيمياء "الكيمياء هي الحياة" أو (life is chemistry) مؤكدين أن تناغم الأرواح ما هو إلا كيمياء عجيبة تتفاعل مركباتها بداخلنا وتنتج عنها ردود أفعال مختلفة.. لكنها خلافاً للكيمياء التي نعرفها لا تخضع للقوانين ولا المعادلات ولا يملك أحد عناصر تركيبها في المختبر فهي تتفاعل تلقائياً وتعمل بداخلنا كقطب المغناطيس.. تجذبنا لهذا وتنفرنا من ذاك.. وتحرك مشاعرنا باتجاهات مختلفة.. فتشكل لغة خاصة ما زالت أبجدياتها غامضة.. كما قالوا.. لقد خلق الله تعالى أرواحنا وجعل القلوب بيديه الكريمتين يقلبها كيفما يشاء فقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ). فقال ابن حجر انه يمكن أن يكون من باب تشاكلها على الخير أو الشر فتتآلف تبعا لذلك، ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام، فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم. ومضة: قد نعيش مع أناس لسنوات طويلة ولكن لا يجمعنا بهم سوى المكان أو الصلة فقط أو ظروف أخرى فرضتها علينا الحياة.. وقد تجمع الأقدار أرواحنا بآخرين نشعر أنهم رفقاء الروح نبوح لهم بلحظات بكل مكنوناتنا.. ونرفع على أعتابهم رايات استسلامنا بعد طول جموح وعناد.. وتزهر بساتين أيامنا في ربيع وجودهم.. وتعود مراكب ثقتنا التي كانت تائهة وسط الأمواج منذ أول رحلة خذلان خضناها لترسو على موانئهم.. قاطعة عهداً أبدياً بألا تعاود الرحيل.. وكل هذا ليس لأنهم وقعوا لنا عقوداً ولا مواثيق بالأمان، ولا لأنهم هم الوحيدون حولنا، ولا لأنهم أفضل من مد يده إلينا، ولا لأي سبب آخر من الأسباب.. بل العكس قد يكون غيرهم قد عرض أضعاف تلك المواثيق، وطال عليه الأمد ينتظر منا أن نقبل به ليشاركنا مشاعرنا وحياتنا.. ولكن كل ما في الأمر أنها كيمياء الحياة وتلاقي الأرواح وإن بعدت المسافات..
1998
| 10 مارس 2011
ومضة: قبل قرون من امتلاء وسائل الإعلام بأخبار عما يسمى (تأثيرات العولمة)، حكى الشيخ (قالندار شاه) القصة التالية في كتابه (أسرار الوحدة). في شرق (أرمينيا) كانت هناك قرية صغيرة تقع بين طريقين متوازيتين، تُعرفان بالطريق الجنوبية والطريق الشمالية. وذات يوم وفد إلى القرية مسافر قادم من مكان بعيد، جاء سائراً عبر الطريق الجنوبية، وقرر زيارة الطريق الثانية أيضاً. ولاحظ التجار المحليون امتلاء عينيه بالدموع. وقال الجزار لتاجر الملابس (لابد أن شخصاً ما قد لقي حتفه على الطريق الجنوبية. انظر كيف يبكي هذا المسافر المسكين بعد أن مر بها). والتقطت أذنا أحد الأطفال تلك الملحوظة، ولأنه يعرف أن الموت شيء سيئ للغاية، بدأ البكاء الهستيري. وفي الحال بكى جميع الأطفال بالشارع. وانزعج المسافر، وقرر الرحيل على الفور. وألقى من يديه ثمار البصل التي كان يقشرها ليأكلها وهي سبب امتلاء عينيه بالدموع، ثم اختفى. وبعد برهة، شعرت الأمهات بالقلق لبكاء أطفالهن، فأسرعن لمعرفة ما يحدث، وسرعان ما اكتشفن أن الجزار وتاجر الملابس ثم غيرهما من التجار قد انشغلوا بأمر المأساة التي وقعت على الطريق الجنوبية. وسرعان ما انتشرت الشائعات. ولأن عدد سكان القرية محدود للغاية، عرف جميع القاطنين بالقرب من الطريقين أن شيئاً خطيراً قد حدث. وبدأ الكبار يشعرون بالخوف من حدوث الأسوأ، متوقعين الانكشاف التدريجي لأبعاد المأساة، وفضلوا عدم طرح أية أسئلة حتى لا يزيدوا الوضع سوءاً. وكان هناك رجل أعمى يعيش عند الطريق الجنوبية ويجهل ما يحدث، ولذلك سأل: ما سبب كل هذا الحزن في مكان كان سعيداً دائماً. فأجابه أحد السكان: هناك شيء فظيع حدث بالطريق الشمالية، فالأطفال يبكون، والرجال متجهمون، والأمهات ينادين أطفالهن ليعودوا إلى البيوت، والزائر الوحيد لهذه المدينة منذ سنوات عديدة، غادر وعيناه ممتلئتان بالدموع. ربما ضرب الطاعون الطريق الأخرى. ولم يمر وقت طويل حتى انتشرت شائعة وجود مرض قاتل — لم يكن معروفاً من قبل — في القرية كلها. ولأن البكاء بدأ مع مجيء مسافر إلى الطريق الجنوبية، أصبح واضحاً بالنسبة لسكان الطريق الشمالي أن الطاعون لابد ظهر هناك. وقبل مجيء الليل، ترك السكان منازلهم إلى الجبال في الشرق. واليوم — بعد قرون — مازالت القرية التي مر بها المسافر وهو يقشر البصل، مهجورة. وغير بعيد عنها، ظهرت قريتان أخريان تدعوان (الطريق الشرقية) و(الطريق الغربية). وما زال السكان، من ذرية سكان القرية الأولى، لم يتحدثوا إلى بعضهم البعض لأن الزمن والخرافة وضعا حاجزاً من الخوف بينهم.. فلقد استقر بداخلهم أنه إذا ما حاولوا إعادة الصلات، فسيواجه مجتمعهم خطراً هائلاً. ويعلق الشيخ (قالندار شاه): لا يعتمد كل شيء في العالم على الأشياء ذاتها، بل على علاقتنا بها.
391
| 03 مارس 2011
في اليونان القديمة (399 — 469 ق.م) اشتهر سقراط بحكمته.. وفي أحد الأيام صادف الفيلسوف أحد معارفه الذي جرى اليه وقال له بتلهف: سقراط، أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟ رد عليه سقراط: انتظر لحظة قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحانا صغيرا يدعى امتحان "الفلتر الثلاثي" تابع سقراط: "هذا صحيح قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله. الفلتر الأول هو الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟ رد الرجل: "لا، في الواقع لقد سمعت الخبر" قال سقراط: "حسنا، إذاً ليس أكيدا أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ. لنجرب الفلتر الثاني، فلتر الطيبة، هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟ "لا، على العكس" تابع سقراط: "حسنا إذاً ستخبرني بشيء سيئ عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟" بدأ الرجل بالشعور بالإحراج. تابع سقراط: "ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك فلتر ثالث، فلتر الفائدة، هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟" "في الواقع لا" تابع سقراط: " إذاً، إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا ذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟" فسكت الرجل وشعر بالهزيمة والإهانة، لهذا السبب كان سقراط فيلسوفا يقدره الناس ويضعونه في مكانة عالية.. هذا كان رأي سقراط الحكيم.. والأحرى بنا نحن المسلمين أن نعمل بما جاء به ديننا الحنيف، وما علمنا إياه منهج ديننا، فقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات/6 لقد بتنا نرى تلك الفتن التي تعاني منها أمتنا العربية والإسلامية في هذا الوقت الذي صار فيه الحليم حيران، وغدت الحقائق فيه أشبه بجبال شاهقة ولكن تخفيها الغيوم والضباب حتى نكاد نجزم بأن الأرض هناك مستوية.. وبأن الجبال لا وجود لها أصلاً.. لقد عانت أمتنا الأمرين من وجود المنافقين والكاذبين، وتجار الحروب ومروجي الاكاذيب والشائعات، والمؤججين لنار الفتن ودس الأقاويل والشائعات لتحقيق مآربهم الشخصية، ولزرع بذور الخلاف والشقاق بين صفوف الأمة الواحدة، فلو أن كلا منا فلتر ما يصله من أخبار أو دسائس كما فعل سقراط، او حتى كما أمرنا ديننا الحنيف أن نفعل، لكنا في منزلة أعلى بكثير مما نحن فيه الآن.. ولما دبت في خيمنا نار الحقد والبغض والفرقة التي لا تزيدنا إلا ضعفاً ووهنا وتأخراً.. ومضة: وغير بعيد عنها، ظهرت قريتان أخريان تدعيان (الطريق الشرقية) و(الطريق الغربية). وما زال السكان، من ذرية سكان القرية الأولى، لم يتحدثوا إلى بعضهم البعض لأن الزمن والخرافة وضعا حاجزاً من الخوف بينهم.. فلقد استقر بداخلهم أنه إذا ما حاولوا إعادة الصلات، فسيواجه مجتمعهم خطراً هائلاً. ويعلق الشيخ (قالندار شاه): لا يعتمد كل شيء في العالم على الأشياء ذاتها، بل على علاقتنا بها..
2173
| 24 فبراير 2011
رأيتها بتلك العيون الدامعة، والوجه الحزين، والملامح التائهة.. جاءت تستغيث من ظلم ذلك الزوج الذى صبرت معه وأنجبت له الأطفال، وتحملت معه قسوة الحياة والغربة وكل أنواع المعاناة.. املاً بأن يأتى يوم يعرف فيه حقها وحق أولئك الأطفال الأبرياء الذين كان يكيل لهم الضرب والشتائم دون ذنب اقترفوه، وكانوا يرون كيف تعانى أمهم من هذا الزوج الذى لا يعرف الرحمة.. لكنها كانت مرغمة على تحمل هذا العذاب لأنها لا تملك سبل الحياة اذا اختارت الطلاق.. ولا تستطيع أن تصطحب أطفالها معها لبيت عائلتها لفقرهم الشديد، ولضيق منزلهم، ولأنهم كانوا فى كل مرة تحاول فيها الفرار من جمر محنتها يقولون لها اننا لانستطيع ان نربى أبناءك فى ظروفنا القاسية هذه، فاذا أردت العودة لهذا المنزل فعليك أن تعودى وحدك كما خرجت منه يوما من الأيام وحدك فقط. وفى أحد الأيام ازداد غضبه وانفجر حين وصوله للمنزل وبدأ يضرب زوجته وأبناءه حتى كاد يقتل أحدهم.. حينها قررت ودون تراجع أن ترحل الى المجهول.. أخذت أطفالها وخرجت مسرعة لجأت لصديقة لها، فاصطحبتها لجهة مسؤولة عن النساء المعنفات، وهناك مضت فى اجراءات الطلاق، مرت أشهر قليلة فكان ما أرادت وبعدها شاءت الأقدار أن يراها أحد أصحاب الشركات المجاورة للدار امرأة متدينة خلوقة منقبة، تسير بكل حشمة ووقار، فتبعها وسأل عنها حتى عرف قصتها، فسارع ليخطبها لكنها كانت مصرة على أن تجد عملاً لتربى أطفالها، فعرض عليها أن تمنحه هذا الأجر ليربيهم ويعوضهم قسوة الأب، فترددت لكنها لم تجد سبيلاً آخر.. فتزوجته وانتقلت الى بيته الكبير هى وأطفالها، وما هى الا أشهر قليلة حتى رأيتها وكأنها امرأة أخرى.. قد غيرت السعادة قسمات وجهها.. والابتسامة لا تفارق وجهها.. فتقسم لى بأن طيبة هذا الرجل وعطفه عليها وعلى أطفالها قد أنساهم ما عانوه مع ذ لك الأب القاسي.. حمدت الله تعالى على ان عوضها وعجبت حين عرفت أن زوجها السابق قد أضحى سجينا نتيجة لجريمة اقترفها.. فعرفت حينها حقا أنها عدالة الله فى أرضه. ومضة: يقول الشاعر الكبير حسين حرفوش.. يا سيدى يكفي!!! ياسَـيِّدِي..أَوَ قُـلْـتَـهَا؟! طالقةٌ.. طالقةٌ............ طالقةْ يا سيِّدى أنا بها مسرورةٌ... يا سيدى أنا لك......مُـصَـفِّــقَـةْ... يا سَـيِّـدِى يكفى بــِأَنـِّى عشتُ هذا العمرَ بين يديك مثل الورقةْ كم مرةً طويْـتَـها...كم مرة نشرتـَها... كم مرة مزقـتَـها... أحرقتها ورغم ذا تستقبلُ الغُـثـَاءَ منكَ مسلوبةَ الارادةِ.... منزوعةَ الثـِّـقَـةْ..... يا سيدى يكفي فان غرامَكَ ما عاد يستثيرني ماعاد يستفزنى لعالم الاثارة المنطلقةْ يا سيدى يكفى مللتُ عيونك المحترقة ْ ووجنتى ملت شفاهك المنطبقةْ أنفاسك تلسعني.... كشمس صيف محرقةْ وصوتك الأجش فى مسامعي كالوخز يضنيني ولمسة الكفين تؤذيني كضرب المطرقةْ ما دمت أنت قُـلْـتَـها.... أنا قد كَسَرْتُ الحلقةْ ما العيبُ انْ صرتُ غداً مُـطَـلَّـقَـةْ غداً أنا فراشةٌ.. كسرتْ جدار الشَّرنقةْ قَطَعَتْ حِـبالَ المشنقة ْ وفى المدى ألقت جناحَـيْـها...... غَدَتْ مـُحَـلِّـقَـةْ تـَــوَدُّ أنْ تلقَى غدًا خلفَ الغُيُومِ بُلْبُلاً..... يَـهْوَى الحقائِقَ مُـطْـلـَقَـة يـَحْمِلُـها.... برقةٍ..... فى رقةٍ.... الى حدائق بابلَ المُـعَـلَّـقَـةْ
717
| 10 فبراير 2011
أعجب كيف يستطيع الآباء القساة الذين حكموا على أبنائهم بأن يكونوا أبناء طلاق أن يزيدوا معاناتهم، ويضعوهم في دوامة تصفية الخلافات والنزاعات ويجعلوهم خط الوسط الذي يلعب عليه الطرفان بين هجوم ودفاع.. غير آبهين بتلك القلوب الصغيرة التي تتألم.. والعيون الحزينة التي طالما ذرفت دموع الألم والحرمان.. وكل ذلك من أجل الانتقام، أو تحقيق مكاسب في رصيد المصالح الشخصية على حساب تلك الزهور الرقيقة التي لا تقوى على شمس الهجير.. إن العاقل هو الذي يعي ويفهم أن هناك ما يسمى بالطلاق الصحي، وذلك حين تتعذر الحياة الزوجية، ويصبح الكي هو آخر العلاج، ولا يبقى إلا الفراق.. هنا لابد على الآباء من وضع منهجية سليمة وآليات تطبيق واضحة أساسها المصلحة العامة وعلى رأسها الأبناء.. لأنهم ببساطة الحلقة الأضعف في تلك السلسلة.. وعلى الأرجح سيعيشون حياة مليئة بمواقف محرجة، ومعاناة بين أقرانهم، وفي مدارسهم، وبين أقاربهم.. فمهما عاش الطفل برعاية أحد والديه، وحاول أن يسد غياب الطرف الآخر، فلن يستطيع تعويضه لحظات الحب ودفء الحياة الأسرية بين الوالدين، وتلك الساعات الجميلة حول المائدة، وأمام التلفاز، وفي الرحلات العائلية، وعلى سرير الوالدين، وحين يمرض فيفتقد مشهد والديه وهما يصطحبانه للطبيب بكل حب وخوف عليه، ومهما حاول أحدهما إعطاءه فلن يكون قادراً على تعويضه لحظة سعادة يعيشها حين يرى والديه وهما يحضران ليزوراه في مدرسته أو يصطحباه للعودة إلى المنزل الذي يمثل له الحصن الذي يقيه كل خطر.. لذا كان لزاما على الوالدين أن يعرفا حق المعرفة كل تلك المعاناة وذلك الألم الذي يعانيه أطفالهما دون أن يتحدثوا به على الأغلب، لأنهم كثيراً ما يشعرون بأنهم طرف أو سبب فيما حدث وبأنهم غير قادرين على البوح بما يدور في أذهانهم لأنها مشكلة تمس كيانهم، وتمس أقرب الناس بالنسبة لهم.. ولابد على الآباء أن يجنبوا أبناءهم كل ما حدث بينهم، وأن يتصالحوا مع أنفسهم ومع الطرف الآخر من أجل التخفيف على الأبناء، وأن يحذروا كل الحذر من ذم الطرف الآخر أمام الأبناء، أو ذكر سلبياته، أو تحريض الأطفال عليه، أو غرس الكراهية والحقد في قلوبهم، لأن الكره والعقوق لا يمكن أن ينشئا طفلاً سليماً، كما يفعل الحب والطاعة والتواصل.. ومضة (قصة واقعية): تزوجا فكانت له نعم الزوجة الصالحة، عطاء متواصل واهتمام وحب وتقدير واحترام.. ولكنه كان من بيئة أخرى ولم ينشأ على الأخلاق القويمة والتربية الدينية كما نشأت هي.. بدأت معاناتها منذ أول يوم حين اكتشفت أنه مريض بمرض أخفاه عنها قبل الزواج، وأخلاق سيئة تجعل من العيش معه ضرباً من المستحيل.. صبرت وتحملت واحتسبت طمعاً بما عند الله من أجر للصابرين، وكان يخفف عنها أن رزقها الله ولداً وبنتاً كانا ربيع عمرها.. والبسمة الوحيدة في حياتها معه.. ولكن لم تعد تقوى على قسوته وإساءة عائلته اليومية لها ولأطفالها فكان الفراق..قالت له منذ أول يوم إن ما بيني وبينك هو بيننا فقط، ولكن أطفالك هؤلاء هم أبناؤك وسيحملون اسمك طوال حياتهم، وبقدر ما يدخلهم البر بي الجنة، بقدر ما يكون ذلك حين يبرونك.. فالباب لن يوصد أبداً في وجهك حين تريدهم.. وأصبح الأطفال يزورون والدهم كل يوم عند عودتهم من المدرسة، وكبر الأولاد شيئاً فشيئاً حتى جاء يوم تزوج فيه والدهم، واشترطت عليه زوجته عدم زيارة أبنائه فعاد الأطفال بقلوب كسيرة والدموع في أعينهم البريئة ولكن الأم وعائلتها احتضنوهم بكل حب واهتمام وباتت رعايتهم هي الشغل الشاغل للجدة وللعائلة..وكبر الأطفال وكانت الأم كل مرة يتقدم أحد لخطبتها تذهب في المساء لتنظر لوجوه أطفالها البريئة وهم نائمون فتسأل نفسها هل أختار سعادتي أم سعادتكم؟.. وفي كل مرة كانت تختار أن ترى البسمة على تلك الوجوه البريئة بدلا من أن ترسمها على وجهها الحزين.. كبر الأطفال شيئاً فشيئاً وكبر معهم حبها وحب عائلتها لهم.. ومازالوا بعينيها هم الماضي والحاضر والمستقبل.. لأنهم أغلى ما تملك في هذه الحياة.
631
| 03 فبراير 2011
رأينا كيف تشير الإحصاءات لزيادة متسارعة في أعداد حالات الطلاق في مجتمعاتنا بشكل ملحوظ لم نعتد عليه في السابق، ويرجع المختصون ذلك لأسباب كثيرة لست هنا بصدد شرحها والحديث عنها. ولكن الشيء بالشيء يذكر، فقد يرجع ذلك التزايد لأسباب كثيرة منها اختلاف المعايير والقيم التي اختلت بفعل العوامل الدخيلة التي تبعت العولمة والانفتاح غير المنظم، مما أفقد الكثير من مجتمعاتنا توازنها النسبي، وجعلها مذبذبة بين ذلك..لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. أو قد يعزى مايحدث من خلل في بناء الأسرة إلى اختلاف نمط الحياة وتسارع وتيرتها وتقلب الظروف الإقتصادية والمعيشية الذي أدى بدوره لتحويل الحياة في كثير من الأحيان إلى حياة مادية أكثر من كونها مشاعر وأحاسيس ومشاركة وتفاعل.. مماأفقدها دفئها وقدرتها على المحافظة على ديمومتها.. وقد يكون التغير في الوضع الاقتصادي للمرأة عاملا من تلك العوامل التي جعلت كثيراً من النساء اللواتي لم يدركن أن العمل والارتقاء في المجتمع ووجود نوع من الاستقلال المادي لايعني أن تستغني المرأة عن الرجل ولاتعود قادرة على احتوائه والتعامل مع معطيات وجوده في حياته والتأقلم معه لإكمال مسيرة الحياة الأسرية.. فجعلت أولئك النساء غير قادرات على تحمل أي خطأ أوتقصير يقع من الطرف الآخر.. وبالمقابل فقد تكون تلك الفئة التي تمثل شريحة لايستهان بها من الشباب غير القادر على تحمل مسؤولية الأسرة وأعباء الزوجة والأطفال، لأنه ببساطة لم يتعود على أي نوع من المسؤوليات في عائلته، قد يكون ذلك النوع من الشباب المستهتر الذي يفضل ألف مرة الجلوس مع "الربع" في القهوة أو لعب الورق أوالألعاب الإلكترونية في المجلس أو "كشتة" البر ألف مرة عن قضاء ساعة في منزله أو بصحبة شريكة حياته وأبنائه مما يجعل استمرارية الحياة الأسرية ضرباً من المحال. وقد يكون ضعف الوازع الديني وخلل التربية المعتمدة على الخدم سببا من تلك الأسباب، إلى جانب دور الإعلام وغير ذلك من الأسباب التي لايتسع لها المجال.. وأياً كان السبب من تلك الأسباب أوغيرها فإن الأسرة حين تتعرض لذلك الصدع الذي لايمكن رأبه، فإن طرفي العلاقة أو أحدهما هو الذي يتسبب بهذا الصدع، ولكن من يدفع الثمن الأعلى لتلك المأساة هم الأطفال.. فالأسرة بالنسبة لهم هي الحضن الذي يكبرون فيه وهي الأمان والحب والحنان الذي يسقي غرس طفولتهم حتى يكبروا ويكونوا قادرين على خوض غمار الحياة بكل مافيها.. فحين يفقد الأطفال ذلك الأمان والاستقرار يصبحون معرضين لشتى أنواع المعاناة والحرمان العاطفي والشعور بعقدة النقص الشديد أمام أقرانهم، ويغدو التصالح مع الذات أمراً في غاية الصعوبة عند أولئك الأطفال.. وأكثر من ذلك كثيراً مما يعانيه أطفال الطلاق الذين يدفعون فواتير أخطاء لم يكونوا أصحابها.. بل هم ضحية لمأساة صنعها آباؤهم..
622
| 27 يناير 2011
لقد شاهدنا وعشنا بمشاعرنا في الأيام الماضية انتفاضة الشعب التونسي، ورأينا كيف اندلعت شرارة تلك الانتفاضة العارمة على يد الشعب ببساطته وتلقائيته، فعبر فيها كل مواطن مقهور ومقموع عن إرادته الكامنة، حتى تدفقت سيول المتظاهرين بشكل أذهل العالم أجمع.. وكل ذلك لأن النظام قد تناسى أن للشعب إرادة وبأن الكأس لها حد من الامتلاء ثم لابد أن تفيض... بالرغم من أن التاريخ يحمل من الوقائع ما يحذر من تجاهل تلك القوة الكامنة وذلك البركان الخامد الذي لابد أن يأتي عليه يوم ويثور فيه.. قاذفاً كل ما فيه من حمم ونيران.. تحرق ما تأتي عليه من أخضر ويابس.. لقد عانى ذلك الشعب المقهور من صعوبة العيش وقسوة الحياة.. والحرمان حتى من أدنى الحقوق المرتبطة بانسانيتهم وحقوق الممارسات الدينية والعبادات، وحرية الاختيار، وأساسيات الحياة التي تضمن لهم العيش الكريم على أرضهم وبين أهلهم.. فأصبح الحجاب جريمة تعاقب عليها من تسول لها نفسها وضعه، والمساجد جعل استخدامها ببطاقات ممغنطة وبشروط قاسية تحدد مكان السكن والمسجد المجاور له، ويوضع مستخدمها في دائرة تحت الرقابة الشديدة وتسلط عليه الأضواء، وكل ذلك لأنه من رواد المسجد.. أما عن أصحاب الشهادات والخبرات والمؤهلات العالية فلم يعودوا قادرين على إيجاد وظيفة لهم ليعيلوا أسرهم بها.. ولا ما يعملونه ليسدوا به رمق أسرهم المحرومة... حتى الأذان فقد منع بث الأذان وضيق الخناق على أهل الدين فبلغ الظلم والطغيان حده.. فغيبت السجون منهم الآلاف، وغربت الحدود أولئك الهاربين منهم من جمر المحنة والقهر، والاستيلاء على ممتلكاتهم ظلما وعدواناً، ففضلوا أن يفروا إلى ديار بعيدة وحياة غريبة، تاركين وراءهم الأهل والمال والسكن، على أن يقمعوا في بلادهم ويكبلوا بسلاسل النظام الظالم.. كل ذلك لم يكن إلا جزءاً صغيراً مماعاناه الشعب التونسي طوال تلك السنوات، وما خفي كان اعظم.. فقد أدت تلك الظروف القاهرة إلى تلك الثورة غير المنظمة من قبل أحزاب سياسية وقيادات معارضة، وإنما كان قائدها وبطلها هو إرادة الشعب التي ايجب ألا يستهان بها مهما كبلت بأصفاد فولاذية، او قمعت بمقامع من حديد.. فخرج الشعب عازماً على أن ينتزع حقوقه المسلوبة من بين أنياب الطغاة. إن الدرس التونسي درس قاسٍ وبليغ وحاد يجب على الطغاة استيعابه، فإرادة الشعب وحركته هي التي ترسم مسار التاريخ في نهاية المطاف، وقوة الحق هي اليد التي ترتفع عند نهاية المضمار.. فلا داعي لأن يستبد الطغاة حتى يجعلوا من أجساد الشباب المحترقة فتيلاً لقنبلة تفجر عروشهم.. لأن الحق لا يحتاج لشهادات وفاة وحوادث انتحار حتى يرجع لأصحابه، وإنما يكفي لاسترجاعه تلك الإرادة الصادقة التي تحرك الأحياء.. وصوت هتافهم المزلزل وهم يرددون: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر
514
| 23 يناير 2011
إن أشد ما يؤلم القلب ويفجر مشاعر الاستياء هو الواقع المر الذي نحياه ونعيش أحداثه، ونجد أنفسنا مرغمين على أن نقارن بين الكيفية التي يعاملنا الغرب بها، وبين تعاملنا معهم في جميع الجوانب. فإذا همَّ أحدنا بالسفر لإحدى الدول الأجنبية، لا بد من أن يستصدر تأشيرة من السفارة، وأن يخضع راغماً لكل شروطهم وإن كانت تتعارض حتى مع تعاليم ديننا الحنيف (فهذه دولة تشترط أن تلتقط للمرأة صورة للتأشيرة دون تغطية الأذنين والرقبة، وتلك دولة تشترط أن تجلس المرأة بمفردها مع موظف السفارة لإجراء مقابلة شخصية) وغير ذلك الكثير من الأمور التي وإن كنا نشتاط غضباً منها، ولكننا ننفذها بكل أدب والتزام لأنها ببساطة أوامرهم التي لن نستطيع أن نقترب من بلادهم حتى نطبقها بحذافيرها.. بينما لا يحتاج الأمر منهم إلا أن يحمل مواطنوهم حقائبهم ويتوجهون بها للمطار قاصدين الدولة العربية التي يريدونها فلا يكلفهم ذلك إلا ختماً صغيراً على جواز السفر عند الوصول. وحين يصل العربي المؤدب الذي صبر واحتسب إلى هناك فإنه يقف دون أي اعتراض في مطاراتهم ليخضع لأجهزة التفتيش في المطار والتي تمتاز بأنها تجرده ودون أن ينزع ثيابه حتى من ورقة التوت التي تواري سوأته بحكم الإجراءات الأمنية ودرأ لمخاطر الإرهاب الذي يتزعمه العرب (البندلادنيون).. أما هم فإننا نستقبلهم بابتسامة عريضة وترحيب حار قد يتمناه أبناء ملتنا ولا يجدونه. وحين نسير في شوارعهم فإننا قد نتعرض وبكل عدوانية وهمجية للهجوم من قبل حاقد أو حتى مراهق من الذين يفعلون ما يحلو لهم من الجرائم دون حسيب أورقيب.. وذلك لأنهم مجرد صبية في سن المراهقة.. وقد يتعرض أحدنا للأذى أو حتى القتل كما حصل مع الطالب القطري (محمد الماجد) رحمه الله أو شهيدة الحجاب (مروة الشربيني) رحمها الله والتي طعنت في المحكمة دون ذنب إلا لأنها محجبة وغيرهما الكثير من الذين ذهبوا ضحية العنصرية على حد زعمهم. أما نحن فإنهم يسيرون في بلادنا كما يحلو لهم متنعمين بخيراتنا آمنين مطمئنين. ومن يدافع منا عن عرضه وأرضه ويقاتل في سبيل دينه فإنه إرهابي مجرم لا بد أن ينكل به ليكون عبرة لمن يعتبر. وهم عندما يقتلون من أبنائنا وطلابنا ونسائنا العزل في الشوارع فإنهم مجرد صبية ثملين أو مرضى نفسيين لا يؤاخذون بماعملوا. أما نحن فلا نستطيع حتى الدفاع عن أنفسنا.. وحين يسافر العرب المقهورون في بلادهم ويهاجرون للدول الأجنبية فإنهم يعانون الأمرين في عناء البحث عن لقمة العيش والعمل في شتى الوظائف الوضيعة وبأجور زهيدة جداً لأنهم مهاجرون أو مقيمون غير شرعيين، او ببساطة لأنهم مجرد عرب. ولكن يا تُرى ما هي حالهم حين نستقدم أحدهم من هناك.. حتى ولو كان لا يعدو أن يكون في بلاده موظفاً بسيطاً يقبع على مكتبه بأجر عادي.. فما أن يصل لبلادنا حتى يعين بوظيفة مستشار في المكان الفلاني وبأجر يوازي أجور قسم كامل أو مؤسسة كاملة من أبناء الوطن المخلصين الذين يعملون لأنهم ينتمون بكل جوارحهم لهذا الوطن.. وبالرغم من ذلك لا تعدو رواتبهم الشهرية أن تكون جزءا لا يذكر من رواتب أقرانهم من أصحاب الرؤوس الصفراء والعيون الزرقاء.. وكل ذلك لأننا ببساطة نعاني من عقدة الأنبهار بالغرب والإيمان المطلق بقدراتهم وإن قلت أمام قدراتنا وعطائنا. ولم يا ترى يترك لهم الحبل على الغارب في بلادنا حتى أضحت فتياتهم وشبابهم يسيرون في حدائقنا المائية وعلى شواطئنا بلباس السباحة ضاربين بتقاليدنا واحترام مشاعرنا عرض الحائط وهم على أرضنا، أما نحن فتمنع فتياتنا في كثير من بلادهم من دخول المدارس حتى أو الجامعات وهن محجبات. ولِمَ نبني لهم الكنائس على أرضنا وبأموالنا.. ونقيم المؤتمرات والحورات مقربين بين ديننا وأديانهم، ويصدرون القوانين لمنع بناء المآذن، وإغلاق المساجد.. نحترم أديانهم ودساتيرهم ويحرقون كتابنا المقدس بكل حقد واستهتار. يصفون أطفالهم المخربين القتلة بأنهم مراهقون أبرياء.. وأطفالنا الذين ينامون على القتل والدمار ويستيقظون على دوي المدافع بأنهم إرهابيون صغار يجب قتلهم. فإلى متى نركض خلفهم لاهثين لنقارب وجهات النظر ونفتح أتوسترادات الحوار والسلام الوهمي.. ويوصلوننا لنهايات مغلقة؟؟. وإلى متى الكيل بمكيالين؟؟ والإزدواجية في المعايير؟؟ والأهم من هذا كله متى ندرك هذه الحقائق الساطعة كنور الشمس.. ولكننا نرفض أن ننزع نظاراتنا السوداء لنراها.. أظن أن الجواب في كتاب الله تعالى حين قال عز من قائل: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ).
1062
| 13 يناير 2011
إننا جميعا ندرك حقيقة أن الحياة مراحل وأحداث نحياها بكل مافيها، من أيام جميلة.. وأيام مؤلمة.. وأخرى بلا ملامح.. نعيش بين حل وترحال في المكان والزمان الذي قدر لنا أن نحيا فيه.. وحين يتوقف أحد قطارات حياتنا في محطة من محطات الوصول، نجد أنفسنا مرغمين على أن نغادر ربما لأن محطته القادمة ليست هي مبتغانا.. أو ربما لأنه علينا أن ننزل في هذا المكان ونواصل حياتنا.. في أثناء رحلتنا تلك نلتقي بأناس ونترك آخرين.. فهذا راكب جديد.. وذاك الذي كان يجلس بجانبنا يغادر وهكذا.. تلك هي سنة الحياة.. وعلى أرض الكنانة قدر لنا أنا ومجموعة من زملائي الطلبة أن نكون في رحلة دراسة قاربت العامين.. عشنا فيها أياماً لن تنسى عشناها بحلوها ومرها وبكل مافيها من أحداث ودراسة وإيقاع حياة سريعة لايمكن أن تمل.. في أيام تواصل فيها نهارنا مع ليلنا.. إلتقينا بأساتذة كبار رسموا بعلمهم وعطائهم وتعاملهم معنا أجمل اللوحات، فذاك يعاملنا كأبنائه حتى شعرنا حقاً أنه أب يغمر أبناءه بحبه ورعايته.. وهذا يرشدنا ويوجهنا حتى نشعر بأنه ذلك المنقذ الذي لاتفلت يده أيدينا حتى يوصلنا لبر الأمان.. وتلك أستاذة تركت بحرصها علينا ونصحنا وارشادنا والتخفيف عنا من عناء الغربة وفراق الأهل تركت لنا أجمل اللمسات الحانية التي لاتنسى.. وبين زملائي الطلبة كانت لي أجمل الذكريات..عشنا معاً أياماً جمعتنا فيها قاعات المحاضرات والدروس ونادي الطلبة القطريين ومعالم مصر وشوارعها ومطاعمها.. درسنا معاً وضحكنا معاً وبكينا معاً.. وكنا عوناً لبعضنا البعض في كل صغيرة وكبيرة.. جمعتنا بهم ذكريات سطروها في صحائف قلوبنا.. فمن منا يمكن أن ينسى كيف كنا يداً واحدة.. وقلباً واحداً في أجساد متفرقة.. حتى عشنا معهم معظم تفاصيل الحياة.. كنا نتفق في كثير من الأوقات معاً.. وحين نختلف سرعان ماتردنا أيامنا الجميلة لنتصالح ونتصافى كما كنا من قبل.. بل وأكثر. على أرض الكنانة أرض العراقة والحضارات والآثار والعلم والمعرفة والثقافة كان لقاؤنا.. وكانت ذكرياتنا.. وها نحن نستعد للإمتحانات النهائية لمرحلة الماجستير.. لنلملم أوراقنا بعدها خلال أيام معدودة.. ونجمع معها كل ذلك الرصيد من الذكريات والأيام التي أصبحت جزءاً لايتجزأ منا.. ومضة: باقة إحترام وتقدير وعرفان لكل من علمنا حرفاً أو سكب في أكواب معرفتنا خلاصة علمه وخبرته وتجاربه بكل تفان وعطاء. وباقة إعتذار لكل من أخطأنا يوماً عليه أو قصرنا معه ولم نوفيه حقه.. وباقة عفو وصفح لكل من ترك في ثنايا قلوبنا جرحاً أو أبكانا يوماً.. وأجمل باقات الحب والوفاء لكل زملائنا الذين عشنا معهم ربيع أيامنا.. وأروع تفاصيل حياتنا.. ومن نقشوا بودهم ومشاعرهم الدافئة وقربهم منا أجمل الذكريات على جدران قلوبنا وأقول.. لإن كان لنا على أرض الكنانة لقاء.. فكلي أمل بأن تجمعنا الأقدار في الدنيا على ميعاد آخر.. وفي الآخرة على منابر من نور..
3607
| 30 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
5652
| 11 نوفمبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
4062
| 04 نوفمبر 2025
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
3864
| 11 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف...
2349
| 05 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
2349
| 11 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2193
| 04 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
1623
| 10 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1344
| 04 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1140
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1080
| 09 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
1020
| 04 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
1005
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية