رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تركيا وتغيير النموذج الفكري في السياسة الخارجية والأمن

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما كنت مشاركًا برفقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (كان وقتها رئيس وزراء) باجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك (2009)، طلبت مجلة التايم، التقاط صورة لأردوغان من أجل استخدامها في مواضيع لاحقًا. نقلت طلبهم لأردغان ووافق. الصورة الشهيرة في التايمتقرر أن يكون موعد التصوير في وقت مبكر جدًا من صباح اليوم التالي بسبب جدول الاجتماعات المكثفة. قامت المجلة بتجهيز مكان يشبه الاستوديو في الفندق الذي كنّا نقيم فيه. وصل رئيس الوزراء إلى الاستوديو في ساعة مبكرة حيث التقطوا له الصورة. كان أردوغان في الواقع لم ينم بعد، حيث واصل العمل طوال ساعات الليل وبدا في جميع الصور كما لو أنه غاضب قليلا. لاحقًا استخدمت التايم الصورة التي التقطتها لأردوغان ضمن مجموعة من "الوجوه الأكثر تأثيرًا" حول العالم. ثم وفي عام 2011 وضعت الصورة على غلافها الذي حمل اسم "طريقة أردوغان". لاحقًا نشر العديد من الصحف والمجلات تلك الصورة ووضعتها جنبًا إلى جنب مع المقالات الناقدة. أما الموضوع الذي نشرته التايم، فكان يتناول الأسلوب الخاص الذي أسسه أردوغان، وعلاقته بمواضيع مثل العلمانية والديمقراطية وقربه من الغرب وتأثيرات الربيع العربي.وبعد بدء مرحلة الربيع العربي، أجريت زيارات إلى المنطقة من لبنان إلى المغرب، وصور الرئيس أردوغان ملصقة على الجدران، وفي المنزل قد علقت الأعلام التركية، وفي التلفزيونات شاهدت مسلسلات تركية، وفهمت كما الجميع أن تركيا كانت مصدر إلهام لشعوب الربيع العربي. وبعد قدوم مرحلة الشتاء العربي، فهمت بشكل أفضل، الأسباب التي وقفت وراء قدومه وخلفيات الكوارث التي ألمت بنا. لاحقًا سأفرد موضوعًا لمناقشة المشاريع المطروحة من أجل إضعاف التأثير التركي وتأثير أردوغان في المنطقة. أردوغان يغيير الأنماط الفكريةأعتقد أن بإمكاننا تعريف الشيء الذي يمكن أن نسميه "أسلوب أو مدرسة أردوغان" بشكل واضح أكثر، خلال السنوات القادمة، أي عندما تخمد الأحداث الساخنة في منطقتنا. ومع ذلك، فإن رؤية تأثير أردوغان لا بد أن تكون تجربة تُكسِبُ الإنسان الكثير من الخبرة. في الوقت الحاضر، نشهد تغييرات يدخلها أردوغان على النموذج الفكري الخاص بالسياسة الخارجية التركية والمفهوم الأمني. في السنوات اللاحقة، ربما يطلق على ذلك الأسلوب الذي يعتمد في تركيا اسم "أسلوب أو مدرسة أردوغان". لكن مما لا شك فيه هو أننا بدأنا بالابتعاد عن النمط التقليدي في إدارة الأمور الخارجية والأمن، وتحولنا إلى مسار مختلف تمامًا. في كلمة له في وقت سابق من هذا الأسبوع، عرَّف أردوغان النموذج الفكري الجديد قائلا:"تركيا تخلت من الآن فصاعدًا عن هذا المفهوم الزائف بالأمان، وأنهمت العمل به. اعتبارًا من اليوم لن ننتظر حتى تطرق الأزمات أبوابنا، ولن نصبر حتى يبلغ السيل الزبى... من الآن فصاعدًا، نحن من سيذهب إلى مصادر الأزمات. هل هناك مشكلة إرهاب؟ لن ننتظر مجيء المنظمات الإرهابية لمهاجمتنا، بل سنذهب نحن إلى معاقلهم حيث وجدت وسنقضي عليهم هناك. إنهم يريدون أن تجلس تركيا جانبًا، وأن تبقى مراقبًا لما يحدث، ثم أن تدفع حصتها التي ستُملى عليها من التكاليف... نحن نريد أن نكون في المكان الذي ينبغي أن نكون فيه لحماية منطقتنا واستقلالنا ومستقبلنا. إن ذلك الموقع حاليًا اسمه الموصل. لذا ينبغي علينا التواجد هناك. ميدانيًا وعلى طاولة المفاوضات". إن هذه الكلمات تضع تعريفًا واضحًا للنموذج الفكري الجديد، المعمول به في الواقع منذ فترة، في مجالي سياسة تركيا الخارجية والأمنية. رؤية أحد السفراءأعتقد أن بيت القصيد يكمن في التواجد بالميدان وعلى الطاولة وامتلاك قدرة التأثير على اللعبة. أثناء زيارة رسمية إلى المغرب (2004)، التقيت هناك بأحد السفراء الأتراك الذي قال لي أثناء تبادلنا لأطراف الحديث: "الدبلوماسية هي مثل لعبة الشطرنج. يجب عليكم أن تكونوا قادرين على استخدام كل الأحجار في اللعبة. نحن الآن نقول للقلعة (للعسكر) تحركي، لكنها تقول لنا "لا"، نقول للفيل (الاستخبارات) امش، يقول لنا "لا"، ونقول للحصان (الاقتصاد) اقفز فيقول لنا "لا استطيع"، ثم ينتظرون منّا (الدبلوماسية) أن نحرز فوزًا في طاولات المفاوضات. بدأت تركيا في إطار النموذج الفكري الجديد للدبلوماسية، باستخدام أدوات القوة الناعمة إلى جانب الجيش والاستخبارات والاقتصاد وغيرها. ففي الوقت الذي تتمركز فيه القوات العسكرية في بعشيقة، والاستخبارات في أربيل، يجري الدبلوماسيون المفاوضات اللازمة في بغداد وواشنطن. وكما كتبت مجلة تايم، إن "أسلوب أردوغان في فهم السياسة الخارجية والأمن، سيؤثر بشكل كبير على مستقبل تركيا والمنطقة".

534

| 02 نوفمبر 2016

داعش الشيعة: الحشد الشعبي

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أخرج أحد الإخوة التركمان في أربيل، هاتفه الجوال وبدأ يعرض علي مقاطع مسجلة من على هاتفه. شعرت كأن قلبي على وشك التوقف. بقر للبطون وقطع لأوصال أشخاص على قيد الحياة. قال لي: "هؤلاء هم الحشد الشعبي". بعيون مليئة بالخوف. كان الناس يتناقلون مثل تلك الصور لإظهار وحشية تنظيم القاعدة وداعش. في البداية اعتقدت أن ثمة في الأمر مبالغة. لكن وبعد أن تحدثت مع ساسة أكراد وزعماء عرب، وممثلي قبائل وصحفيين، ومواطنين عاديين، عرفت أن كلمة الرعب أصبحت رديفًا لـ "الحشد الشعبي" هناك. داعش يمثل عنصر الرعب بالنسبة للعالم الغربي، والحشد الشعبي يمثل نفس الوجه الموجه للمسلمين السنة في العراق. ولكن لسبب ما، لا ينبس الغرب ببنت شفة تجاه ذلك التنظيم. فالحشد الشعبي "لم يدمر آثارًا من العهد الروماني ولم يهاجم مواطنين غربيين". كيف احتل داعش العراق؟في يونيو 2014 انطلق مسلحو داعش بعدد لا يتجاوز 3 آلاف من سوريا باتجاه تلعفر والموصل بسرعة أذهلت العالم. أفراد الجيش العراقي تركوا دباباتهم وخوذهم وملابسهم العسكرية، وفروا إلى بغداد.تمكن داعش من السيطرة على تلعفر والموصل (ثاني أكبر مدينة في العراق يبلغ عدد سكانها أكثر من 2 مليون نسمة)، وسامراء، والرمادي، وتكريت، والأنبار بسهولة. نسي الجميع مسألة مهمة للغاية عند الحديث عن قوة التنظيم وجبروته. كانت تلك المدن ذات غالبية سنية. تسكنها عشائر تركمانية وعربية، وكردية. ضاقت تلك العشائر ذرعًا من السياسات الطائفية التي انتهجها نوري المالكي بعد إطاحة الولايات المتحدة بصدام. لخص سكان المنطقة سياسات المالكي الطائفية بالقول: "ذهب صدام، فجاءنا ألف صدام". إن تلك السياسات دفعتهم للقول لاحقًا "العيش مع داعش أفضل من العيش تحت نير دكتاتورية شيعية". ما سبق دفعهم للتواصل مع التنظيم. في الواقع، إن السبب الرئيسي لتمكن داعش من السيطرة على المنطقة كان الممارسات والاضطهاد الذي ارتكبه المالكي وإدارته والجماعات الشيعية الأخرى. تأسيس الحشد الشعبي بعد يومٍ من احتلال داعش للمنطقة، أعلن الزعيم الديني الشيعي الأكثر نفوذًا في العراق، السيستاني، "الجهاد" لحماية العتبات والأماكن المقدسة لدى الشيعة. وفي اليوم ذاته، نزل مئات الآلاف من الشيعة الموالين للسيستاني في وقت واحد إلى الشوارع. وفي تلك الأثناء، وجه المرشد ورجل الدين الإيراني خامنئي قوات الحرس الثوري من أجل تنظيم تلك الجموع الغاضبة، والمليئة بالرغبة بالانتقام للحسين والتواقة للقائه. وهكذا ظهر قاسم سليماني في العراق، وأصبحت أسطورته أكبر من حجمه. فتحت إيران أبواب خزائن أموالها ومخازن أسلحتها على مصاريعها، مغرقًة العشائر هناك بالمال والسلاح. أشرف قاسم سليماني على تقديم التدريب العسكري لتلك العشائر، ومنح الجموع المدربة أسماءً طائفية. "كتائب الإمام علي، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق، وألوية علي الأكبر، وسرايا عاشوراء" وغيرها الكثير الكثير. جميع تلك المجموعات أطلقت على نفسها اسم "الحشد الشعبي". نال هذا الجمع مباركة زعماء دينيين مثل السيستاني، والحكيم، والصدر. هذا الجمع الغاضب العازم على الانتقام والذي نال مباركة الزعماء الدينيين الذين درسوا في إيران، قالت عنهم الولايات المتحدة أنهم "جمع يستحق الاحترام"، ما أضفى عليه شرعية على مستوى العالم. الخوف من الحشد الشعبي يتمددلم ينضم الحشد الشعبي إلى الجيش العراقي. يختلفون عنه بزيه العسكري، والأعلام، والرايات، والشعارات. يتلقى هؤلاء الأوامر من قبل مرجعياتهم الدينية أولا، ثم من المرشد والزعيم الديني الإيراني خامنئي. في الواقع، هم جيش إيران في العراق.كان الحشد الشعبي في طليعة القوات المتقدمة لانتزاع سامراء والرمادي وتكريت والأنبار من داعش، في إطار العمليات التي تقودها الولايات المتحدة. بعد تلك الأحداث انتشرت شهرة الحشد في كل مكان، سيما أن هذه الميليشيات لا تخاف من الموت، بل تتحرك بشكل أسرع وبفارغ الصبر من أجل القتل.يسجل أفراد تلك الميليشيات على هواتفهم المحمولة أعمال التعذيب المروعة التي يمارسونها ضد من يدعون أنهم ينتمون لتنظيم داعش من السنة، ثم يشاركون تلك المقاطع في كل مكان بكل فخر. بات العالم الافتراضي بفضل هؤلاء، يعج بمقاطع الذبح والسلخ وقطع أطراف أشخاص وهم على قيد الحياة، وغير ذلك من المقاطع غير الآدمية. ولجعل الأمور أكثر سوءًا، ومع بدء عملية تحرير الموصل، بدأوا ببث مشاهد لأعضاء في تلك الميليشيات يقضمون قططًا وكلابا وغير ذلك من الحيوانات بأسنانهم بصورة رهيبة. الحشد الشعبي، كما فعل داعش تمامًا، نجح في نشر الخوف من خلال هذه الأعمال والمشاهد الوحشية. جميع هذه المدن التي دخلها الحشد، هي مدنٌ سنّية. ولكن وفجأة بدأت التركيبة السكانية لهذه المدن بالتغيير وازداد عدد السكان من الشيعة فيها. فالسنة إما رضخوا للحشد الشعبي أو أجبروا على مغادرة المكان.

908

| 26 أكتوبر 2016

من هم الحلفاء في الشرق الأوسط ومن هم المنافسون؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من وقت لآخر، ألتقي مع أحد كبار المسؤولين في الأمن التركي، ونتبادل الأفكار حيال بعض القضايا. خلال لقائنا الأخير الذي تبادلنا فيه الأفكار حيال ما يحدث ميدانيًا وفي كواليس السياسة، قال لي حول سوريا: "الأمور قد اختلطت للغاية، ولم يعد من الواضح من يتحالف مع من ومن ينافس من. التحالفات التي تعقد اليوم تفض في يوم الغد. لتعقد تحالفات أخرى من أطراف غير متوقعة".يكاد يكون من المستحيل فهم التغيرات المذهلة التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية. لم يعد من الممكن حل الأزمات الراهنة باستخدام أدوات السياسة التقليدية. إن الأرضية السياسية في المنطقة، أصبحت متبدّلة ومتغيرة وغير موثوق بها، بحيث أن القواعد والأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية والتحالفات باتت قابلة للتلاشي في برهة واحدة. فالدول باتت تعقد تحالفات جزئية بدلا من التحالفات المتكاملة. حليف شرق الفرات وعدوٌ غربه اسمحوا لي أن أقدم بعض الأمثلة. كانت المملكة العربية السعودية وتركيا بموضع المتنافسين في مصر فيما يخص موضوع الانقلاب العسكري. وفي سوريا، فإن السعودية وتركيا حليفان، فيما الأخيرة تعتبر منافسًا لإيران في هذا الملف. هكذا كان الحال قبل بضع سنوات. رغم أن هذا الوضع يسبب الارتباك، إلا أنه ليس عصيًا على الفهم. الوضع الحالي أصبح أكثر خلطًا وتعقيدًا. انظروا إلى اللوحة الراهنة في سوريا.نحن حلفاء مع روسيا ومنافسون للولايات المتحدة في مناطق غرب الفرات، وإلى الشرق من الفرات فنحن نتنافس مع روسيا ونعتبر حلفاء جزئيًا للولايات المتحدة. رغم اعتراضاتنا، فإن روسيا التي تواصل قصف حلب تدعم تركيا في جرابلس. إلى ذلك، تحظى تركيا بدعم إيران والولايات المتحدة في مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، لكنهما تعارضان مشاركة تركيا في مكافحة داعش بالموصل. وعليه أستطيع القول إن التحالفات الدولية باتت تعقد في سوريا وفق المدن بل والأحياء إن صح التعبير، وباتت الدول تتنافس فيما بينها هناك، وتشن أيضًا عمليات ضد بعضها البعض، أيضًا هناك. لا أحد يعلم ما الذي تفعله 63 دولة هناقبل أيام قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في أحد تصريحاته الصحفية: أرسلت 63 دولة قوات ومعدات عسكرية إلى سوريا والعراق بحجة القيام بعمليات ضد تنظيم داعش الإرهابي. هل هناك في الواقع من يعرف ما الذي تقوم به تلك القوات؟ بالطبع لا أحد يعلم. لماذا أتت كل هذه الدول من على بعد آلاف الكيلومترات، بطائراتها وسفنها ومدافعها وسائر أسلحتها، لماذا؟، ما الذي يريدون فعله هنا؟في الواقع، القتال يستعر في الموصل، إلا أن القضية أكبر من ذلك. فالقضية باتت تؤثر على شمال العراق بالكامل ووحدة أراضي العراق كبلد، ما من شأنه أن يغيّر خريطة المنطقة. كنت الأسبوع الماضي في نينوى ورأيت مدى تعقيد الوضع هناك.في الموصل، نرى أن الولايات المتحدة متحالفة مع إيران، وتتنافس مع روسيا. لكن وفي الوقت نفسه، إيران أكبر حليف لروسيا في المنطقة. قضية الموصل كانت على الدوام مثار أزمات في المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى. وتشغل حاليًا لب الصراع الذي قد يثير حربًا عالمية ثالثة. للأسف، فإن تركيا هي البلد الأكثر تضررًا من حالة الارتباك والفوضى هذه. كما أن البلدين اللذين باتا يشكلان مركز الأزمات العالمية مجاوران لنا. الإرهاب يولد في هذين البلدين، ويكبر فيهما، وتركيا من تعاني من نتائجه السلبية. لذا فإن الولايات المتحدة باتت الخصم الأكبر لنا في المنطقة.إننا نرى عمليات تشن ضدنا يوميًا من قبل أكبر "حليف" لنا في العالم. يعقب ذلك بيانات متناقضة. فيما عقدنا قبل يومين اتفاقيات كبيرة وإستراتيجية مع البلد الذي يعتبر "عدو تاريخي" بالنسبة لنا وهو روسيا. ومع ذلك، فإن هذا البلد لا يزال يصب حممه على حلب. إن هذه المعادلة حقًا تتسبب لنا بكثير من الارتباك. إننا نقف على أعتاب وضع معقد للغاية وغير مكتمل. في الوقت الذي لا نملك فيه أشخاصًا يمتلكون القدرة على قراءة المنطقة بشكل صحيح وإنتاج إستراتيجيات جيدة. لسنا نحن الوحيدين الذي نعاني من ذلك، بل وحتى نائب الرئيس الأمريكي، بات غير قادر على مواكبة الجهات التي تدعمها بلاده بالسلاح والعتاد في سوريا والعراق. لهذا السبب أرجو الاستماع بعناية إلى الأشخاص الذين يقدمون تحليلات حول ما يحدث في المنطقة ومستقبلها. سيما أننا بتنا في مرحلة يجب فيها تطوير برنامج رقمي لمتابعة التحالفات والتنافس في الأطراف الفاعلة في المنطقة بشكل يومي. إن التطورات في المنطقة بهذه السرعة وهذا التعقيد. هل ستكون الأيام المقبلة مشرقة؟بداية علينا الانتباه ومراقبة ما يجري في الموصل عن كثب. فقد تراكم توتر كبير هناك. والولايات المتحدة تثير العداء تجاه تركيا بشكل مثير للدهشة. حيث بدأت منظمة "بي كا كا" و"داعش" الإرهابيتان بالهجوم علينا جنبًا إلى جنب مع إيران والحكومة العراقية. في المقابل، فشلت محاولة اقتطاع جزء من سوريا وتحويله إلى دويلة كردية تديرها منظمة إرهابية، بعد تحرير جرابلس. لذا فإن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لرد الصاع في سوريا صاعين لتركيا في العراق. كنت أود القول إن المستقبل سيكون مشرقا يومًا. إلا أن التوتر في المنطقة يتصاعد يومًا بعد يوم. سيما وأن دخول إيران والولايات المتحدة وروسيا بشكل فعلي إلى المنطقة، ومساهمتهم في حرقها وتدمير مقدراتها، يجبرنا على الدخول في هذه الدوامة. فضلًا عن أن الاضطرابات الجارية والتي ستتبع هذه المرحلة لن تنتهي في وقت قصير. حقيقةً، كان الله في عون الحكومة والدولة التي تسعى للخروج من هذه البيئة الفوضوية والاضطرابات الداخلية. علينا جميعًا تقديم كل الدعم لهم. وفي المقابل، على الحكومة تقاسم العبء مع الشعب، وإطلاعه على تفاصيل ما يجري، لخلق روح التضامن والتعاون بهدف الخروج من هذه الأيام الصعبة.

2788

| 19 أكتوبر 2016

الشيعة الذين لم يفهموا كربلاء

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان استشهاد سيدنا الحسين أكبر صدمة واجهت صميم العالم الإسلامي. لقد أثرت تلك الحادثة المروعة التي وقعت في كربلاء قبل ألف وأربعمائة سنة، على جميع الأجيال فيما بعد. من قتل كان حفيد نبي هذا الدين (ص). لم تكن تلك الحادثة المروعة بالطبيعية وقد ترتب عليها آثار كبيرة. منذ ذلك اليوم وحتى الآن، لم يجف دم الحسين في الواقع. واستمر الألم عليه يحرق الأفئدة. من بعد هذه الحادثة افترق الفقهاء والسياسيون في العالم الإسلامي إلى فريقين، السنة والشيعة. اختلفوا فيما بينهم لمئات السنين، وسفكوا دماء بعضهم البعض. أشعلوا بين بعضهم البعض نار التمييز فامتدت نار كربلاء لتشمل معظم البلدان الإسلامية.هل وقف السنة إلى جانب يزيد؟الشيء الغريب في هذا الموضوع، هو أن الشيعة الذين يقفون بجانب الحسين ويناهضون يزيد، سعوا لسنوات من أجهل إظهار السنة بأنهم يؤيدون يزيد ويناصبون العداء للحسين. في الوقت الذي يقف فيه السنة إلى جانب الحسين ويشجبون فعلة يزيد ويدينونها ويكتوون بنار كربلاء ويعتصرون ألمًا على استشهاد الحسين.والغريب أيضًا هو أن بعض الشيعة، بدؤوا بتفسير واقعة كربلاء بأشكال مختلفة على مر التاريخ، وتعليمها وفهمها بأشكالٍ مختلفة أيضًا. لم يقف ذلك عند هذا الحد، فقد عادوا إلى مرحلة ما وراء الواقعة، وبدؤوا بإعادة محاكمة عهد سيدنا علي، وموقعه في الإسلام وموقع سائر الخلفاء الراشدين قبله. عادوا لإعادة كتابة التاريخ والفقه الإسلامي انطلاقًا من العودة إلى الخلف.والحقيقة المحزنة في هذا الموضوع، هو استغلال العباسيين والأمويين حادثة كربلاء وتسخيرها في معركة صراعهم على السلطة السياسية. تم تسييس واقعة كربلاء في وقت لاحق، واستغلت كأداة للصراع على السلطة السياسية.رغم أن الصراع على النفوذ كانت العاطفة السائدة في الصراع بين الصفويين والعثمانيين، قلب الشيعة تلك المعادلة ليجعلوا من ذلك الصراع صراعًا بين السنة والشيعة. ولعل ثاني أكبر تحول شهده العالم الإسلامي في هذا الإطار كانت معركة "جالديران". إيران تستخدم الشيعة كأداة سياسيةلو انتصر الشاه إسماعيل في تلك الحرب، أعتقد أن سير العالم الإسلامي كان سيتم في سياقات تاريخية مختلفة، ولكتب التاريخ أيضًا بشكل مختلف. إن سعي إيران اليوم، نحو استخدام المذهب الشيعي الذي تمثله كأداة سياسية، ربما يكون قد بدأت في عهد الشاه إسماعيل. منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، خاضت إيران جميع حروبها تقريبًا ضد الدول السنية، وأذكت تلك الحروب بروح الطائفية.استغلت إيران تلك الروح واستخدمتها أولًا في حرب العراق، ثم في سوريا. نعتوا الطرف الآخر في المعارك باسم "يزيد"، وهيمنت على شعبها وجيشها بغطاء الانتقام للحسين. وهذا هو الخطأ الكبير الذي ترتكبه في هذا الإطار. إن عهد التطبيع والتكامل مع العالم الإسلامي الذي شهدته إيران في عهد الخميني بعد الثورة، انتهى مع وصول خامنئي إلى السلطة. وهذا ما دفع البعض للقول إن "الأخوة الشيعية والسنية" التي رفعها الحميني كشعار لم تكن إلا نوعا من أنواع "التقية". ومع ذلك، أنا لست من مؤيدي هذا الرأي.وحتى يومنا هذا، هناك في إيران بعض الشيعة المعارضين لتحويل مذهبهم لأداة بيد السلطة السياسية التي تقطع الروابط التي تجمعها مع العالم السني. أستطيع القول إن هؤلاء يدافعون عن خط الإمام الخميني في السياسة الإيرانية. صراع السياسة والنفوذ مصدر الحرب الطائفيةومع ذلك، نستطيع القول إن عهد خامنئي هو الأكثر إشكالية في العلاقات بين السنة والشيعة منذ عهد الشاه إسماعيل. لم تكن إيران بهذه العدوانية، والطائفية، في أي مرحلة تاريخية، كما هي عليه اليوم. ونتيجة لذلك، انجرفت سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، وأفغانستان إلى حالة عدم الاستقرار الشديد وفقد الآلاف من الناس حياتهم على أثر ذلك. وضع الشيعة لجيوشهم وفرقهم وتنظيماتهم وكتائبهم التي أعدوها للحرب، أسماءً لأهل البيت. وكان الأشخاص الذين قتلوا على يد تلك القوى المسلحة دائمًا من أهل السنة، تم وصفهم من قبل الشيعة بأنهم "جيش يزيد"! وكردٍ طبيعي على ذلك، فقد وصفت جميع المنظمات المتطرفة، الشيعة بـ"الفئة المنحرفة"، وقاتلوهم. رغم أن داعش تصف الشيعة بأنهم "منحرفون"، لكنها لا تقل عنهم انحرافًا، فهي تتحرك لنشر هرطقة جديدة لا علاقة لها بالواقع. إن الحرب الطائفية أو المذهبية هي شيء من هذا القبيل، سببه ليس فقهيا أو عقائديا إنما هو في الواقع صراع سياسة ونفوذ.لو أن إيران أنفقت كل هذه الأموال والطاقة التي بذلتها من أجل تشييع السنة على دعوة الملحدين والمسيحيين إلى اعتناق الدين الإسلامي، لكنّا اليوم نعيش في شرق أوسط مختلف تمامًا.وفي المقابل ردت المملكة العربية السعودية على تلك السياسات الإيرانية بالعمل على نشر الوهابية، ورد الصاع بالصاع. فبتنا نعيش في عالم إسلامي تحول إلى أشلاء بسبب تلك السياسات. أرجو منكم الانتباه إلى احتفالات كربلاء غدًاانظروا إلى مأساة كربلاء عشناها خلال الأيام الماضية. ألقيت في الاحتفالات التي أقيمت في إيران والعراق وسوريا ولبنان بل وحتى في تركيا، كلمات تقول في مضمونها بأن "يزيديو العصر يقتلون الحسينيين الأبرياء في العراق وسوريا ولبنان واليمن". مكررين بذلك نفس الطريقة التي خبروهها على مدى مئات السنين، وهي استغلال كربلاء، وتحويلها إلى أداة سياسية. أقول أنا كشخص من أنصار سيدنا الحسين، علينا أن نذكر الحسين وكربلاء بما هو خير للبلاد والعباد، وألا نحيد عن النهج الذي يهدف لتوحيد الأمة ولملمة جراحها.

1203

| 12 أكتوبر 2016

الدم الذي تلطخت به جائزة نوبل للسلام

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كرَّس الجزء الأكبر من عمره الممتد على مدى 93 عامًا لقضيته. كان أحد أفراد الفريق المؤسس لدولة إسرائيل، كان واحدًا من أفراد الفريق الأكثر وحشية ممن تلطخت أيديهم بالدم. كان لاعبًا أساسيًا في عملية تسليح إسرائيل. ولم يتردد ولو لوهلة في استخدام هذه الأسلحة ضد الفلسطينيين. كان مسؤولًا أساسيًا عن ارتكاب مجزرة قانا والتي كان ضحاياها من المدنيين الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى أحد مقار الأمم المتحدة في لبنان.واليوم، يعتبر مشروع الاستيطان اليهودي واحدًا من أهم الأسباب التي تحول دون إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إن هذا المشروع هو أحد منجزاته. بسبب مثل هذه السياسات التي يقف وراءها هو وأمثاله في جناح الصقور، نشأة مأساة الشعب الفلسطيني الذين طرد من وطنه وما زال يعيش مأساته حتى يومنا هذا في مناطق بائسة تدعى "المخيمات".أمير الأسلحة الرهيبةلقد رأيت، خلال زيارة أجريتها العام الماضي إلى مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حجم المأساة والألم في وجوه الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم عام 1960 ليصبحوا مشردين بلا مأوى، ومجهولي الهوية، وبلا مستقبل مأمول. لقد كان ذلك الشخص أحد أعضاء الفريق الذي حكم على الفلسطينيين أن يعيشوا هذه الحياة.عانت تلك المخيمات من القصف المتكرر، وأمسى الكثير من أبنائها ضحايا لعمليات الاغتيال والقنص، فيما أجبر الأطفال على العيش في تلك المناطق النائية التي لا توفر أدنى المتطلبات الإنسانية. اسودت بسبب ذلك الشخص، الحياة في وجه الفلسطينيين، الذين تفرقوا في جميع أنحاء الأرض فيما الشوق إلى رؤية الوطن والدار يقتلهم كل يوم، ذلك الشعب الذي عانى الاضطهاد بشكل لم يسبق له مثيل. واليوم، إن كانت إسرائيل تمتلك أسلحة رهيبة وفتَّاكة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك تمتلك القدرة النووية، فإن ذلك بفضل الجهود التي بذلها ذلك الشخص قبل 50 عامًا. لعل بيريز هو السياسي الوحيد الذي يظهر على أنه حمامة سلام، إلا أنه لا يتردد في ارتكاب الفظاعات بلا رحمة، ويحصل بعد كل هذا على "جائزة نوبل للسلام". إن موته، أعاد إلى الذاكرة مشاعر الألم والحزن الناتج عن ذكريات المذابح والفظاعات التي ارتكبها ضد الفلسطينيين. أم فلسطينية، رفعت لافتة كتب عليها "بيريز هو قاتل ابني"، عندما تلقت خبر وفاته. أعتقد أن تلك الأم هي واحدة من آلاف الأمهات.لماذا نال جائزة نوبل للسلام؟أنا متأكد من أن أي أحد يقرأ السيرة الذاتية لبيريز أو أي سياسي إسرائيلي قلبه مملوء بالحقد والقسوة والكراهية والعداء، لن يجد أي فروقات حقيقية بينهما.أما أنا، فأرى أنه أصبح مميزًا عن رفاقه بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام. وأعتقد أن منح تلك الجائزة لبيريز، هو إهانة كبرى وسخرية منّا جميعًا. ولعل هذه الخطوة هي مؤشر مهم على إفراغ تلك الجائزة من مضمونها والتأكيد على أنها عبارة عن أداة سياسية. لقد منحت الجائزة نفسها لأوباما، لتصبح هذه الخطوة دليلًا آخر على المعايير المتضاربة التي تحكم منح الجائزة. حصل أوباما على جائزة السلام في الشرق الأوسط، علمًا أن القتل والموت في تلك المنطقة وصل في عهده إلى مراحل غير مسبوقة. استغلال القيم الإنسانيةلهذا السبب، على ما أظن، أشعر دائمًا أن هذه الجائزة ملطخة بالدماء. كما أنها تشكل نموذجًا لاستغلال الغرب للقيم الإنسانية، والعواطف، والرموز، وتسخيرها لتصبح أدوات لخدمة مصالحه الخاصة.إنها تمامًا تشبه جائزة الصحافة العالمية التي تدعمها العائلة المالكة في هولندا، وجائزة الأوسكار في هوليوود، المدعومة من قبل الإمبريالية الأمريكية...إن الغرب شرعن من خلال هذه الجوائز دائمًا المجازر، والتمييز، والإقصاء، وجعلها في خدمة مصالحه السياسية. إن هذه الجوائز، أفرغت القيم الإنسانية من مضمونها، وتربعت على قمة أحزاننا، فمنعتنا عن محاسبة الذين تسببوا بكل هذه المآسي. كما استخدمت هذه الجوائز كأدواتٍ لتهميش بعض المجتمعات، وإقصائهم، وقرارات منحها كانت دائمًا سياسية، لكن لم يعترف أحدٌ بذلك.جوائز لإضفاء الشرعية على تقسيم فلسطينقال بيريز بعد أن حصل على الجائزة، إن السلام سيحل على فلسطين، لكن في الواقع لم يحل عليها سوى الموت والتشرد. تلك الجائزة أقصت عرفات، وعزلت رام الله عن التراب الفلسطيني، وفرضت الحصار على غزة. في الوقت الذي ترزح فيه غزة ومليون ونصف المليون فلسطيني من سكانها تحت وطأة الحصار والجوع، تطلع الجميع إلى بيريز وعرفات في رام الله. وفي الوقت الذي قصفت فيه الطائرات الإسرائيلية الأطفال على شاطئ غزة، لم ينبس العالم ببنت شفة تجاه غزة الخاضعة أساسًا للحصار. كذلك فعل العالم تجاه الشهداء الأتراك الـ 10 الذين استشهدوا على متن سفينة "ماوي مرمرة"، التي أبحرت تجاه القطاع، الذي تحول لأكبر سجن في تاريخ البشرية. عندما حدث كل هذا، كان بيريز رئيسًا لإسرائيل وشاهدًا على ما جرى. كان أحد الجناة وصناع القرار المسؤولين. كانت الجائزة التي حصل عليها موضوعة بجانب الطاولة التي وقع عليها على قرارات المجزرة. وأعتقد أن لهذه الأسباب، صرخ الرئيس أردوغان في وجه بيريز في دافوس موجهًا له تلك الكلمات: "حين يتعلق الأمر بالقتل أنتم تعرفون جيدًا كيف تقتلون! أنا أعرف جيدًا كيف قتلتم الأطفال على الشاطئ، كيف قمتم بقصفهم". نعم كلنا سنشهد يوم الحساب على تلك الجرائم، كما أن الدم الموجود على تلك الجائزة هو دم فلسطين، الذي تسبب بإراقته صاحب الجائزة بيريز.

467

| 05 أكتوبر 2016

حالة الطوارئ في تركيا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا نظرتم إلى وسائل الإعلام الغربية، فسترونها تتحدث عن كوارث تشهدها تركيا منذ إعلان حالة الطوارئ. وسائل الإعلام تلك تقول إن قانون الطوارئ الذي تم استخراجه لمكافحة منظمة فتح الله جولن الإرهابية، بات يستخدم من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، لضرب كل قوى المعارضة.وفقًا للغرب، فإن وضع حرية الصحافة، وحرية التعبير، والقانون، والنظام العام، تعيش مآزق كبيرة في تركيا التي تأخذ منحى سيئا للغاية.إن الأخبار التي نشرتها وسائل الأعلام تلك، إضافة إلى تعليقات السياسيين الغربيين على تلك الأخبار، أسهمت إلى حد بعيد بتشويه صورة تركيا في الخارج.ماذا يحدث في تركيا؟هكذا يسعون لإظهار تركيا في الخارج، لكن كيف نحن نرى الوضع من الداخل؟ ماذا يحدث في تركيا وهل أثرت حالة الطوارئ في البلاد على حياتنا؟لربما أن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 15 يوليو الماضي، كان الحدث الأكثر تأثيرًا على المجتمع والأحداث السياسية في تركيا. كما أن الحدث ذاته سيبقى مجال حديث وبحث لسنوات عديدة، سيكتب عنه كتبٌ ويعدُّ حوله أفلام وثائقية.إن حالة الطوارئ التي نتحدث عنها قد أعلنت بعد محاولة انقلاب حدثت في البلاد. وأعتقد أن اتخاذ مثل هذا الإجراء هو بالتأكيد حق طبيعي لتركيا. بعد إعلان حالة الطوارئ تزايدت في وسائل الإعلام وكواليس السياسة الأوروبية نبرة العداء ضد تركيا. علمًا أن فرنسا على سبيل المثال أعلنت حالة الطوارئ لمرتين عقب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد. وهي تعيش منذ 9 أشهر في حالة طوارئ.عقب محاولة الانقلاب أعلنت تركيا حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، إلا أن ردود الفعل الأوروبية على ذلك الإعلان جعلت تركيا تصاب بالدهشة والغضب أيضًا. فالمعايير المزدوجة للغرب وعدم فهم مواقف أقرب الحلفاء جعلت التوتر هو سيد المواقف في العلاقات التركية الغربية.هل يفتح قانون الطوارئ الباب أمام حدوث انتهاكات؟إن إقالة بعض الموظفين الحكوميين واعتقال بعض الصحفيين والكتاب الذين يعتقد أنهم على صلة مع منظمات إرهابية كان على رأس الإجراءات التي أسيء فهمها في الخارج، وأخذت بعين الاعتبار.بلغ عدد الموظفين الحكوميين الذين تم استبعادهم عن العمل حتى الآن أكثر من 100 ألف موظف، نصفهم تم إخراجهم من العمل بشكل نهائي. والسبب هو حرص تنظيم فتح الله جولن الإرهابي على التغلغل في معظم مؤسسات الدولة من قضاء وتعليم ووزارات وذلك لفترة تزيد عن 30 عاما.إن هذا التغلغل الذي وصل إلى الشرايين الحيوية والإستراتيجية في الدولة والقادر على إصابة أعضائها بالشلل، دفع الدولة نحو حماية بنيتها بشكل غريزي واتخاذ إجراءات حازمة في هذا المجال.أظهرت الدولة ردة فعل قوية لحماية نفسها من جميع الموارد البشرية التي تشكل خطرا عليها وحفظ الأمن في عموم البلد، لذا وكما نقول بالتركية فمن الممكن أن يكون "الأخضر احترق مع اليابس"، أي أن بعض غير المذنبين أيضًا قد تضرروا إلى جنب المذنبين، جراء تلك الإجراءات.وقد اختصر الرئيس أردوغان ما حدث في تركيا بقوله: "اختلط الحابل بالنابل"، فالخيرون اختلطوا مع الأشرار وبات من الصعب الفصل بينهم.تعديلات دستورية مرتقبة لإعادة الحقوق لأصحابهاوأنا واحد من الكتاب الذين كتبوا منتقدين بعض تلك الإجراءات. فإن أعتقد بضرورة توخي الحيطة والحذر في المواضيع المتعلقة بالعدل والإنصاف. لا شك في أنه من الممكن وقوع بعض التجاوزات في مثل هذه الحملة الكبيرة لتقويم مسار الدولة، لكن المهم في الموضوع هو إنشاء آليات تضمن إعادة الحقوق إلى أصحابها.أصدر الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم تصريحات مطمئنة في هذا الصدد، وأعلنا عن قرب إصدار تعديلات دستورية تضمن عودة الحقوق لأصحابها. وأشارا أيضًا إلى أن تلك التعديلات ستتحول إلى قوانين قريبًا.صحفيون وكتَّاب رهن الاعتقالهناك أحداث معقدة يشهدها عالم الإعلام والفكر حول العالم. فالصحفيون والكتاب الذين تم توقيفهم هم أولئك الذين وقفوا دومًا إلى جانب تنظيم فتح الله جولن الإرهابي، وعملوا دومًا على شرعنة أفعاله، وسعوا إلى التمهيد لقيام انقلاب عسكري في البلاد. في الواقع، إن هذه الحالة، تشهد جدلًا أيضًا بين المثقفين والسياسيين الغربيين منذ فترة طويلة جدًا. دعونا نقل إن هنالك مجموعة من الكتاب والصحفيين تدعم أفكار تنظيم داعش الإرهابي في فرنسا، ما الذي كانت ستفعله فرنسا حيالهم؟ أعتقد أنها كانت ستعتقلهم كما اعتقلت بعض خطباء المساجد.إن تركيا الآن، تشهد صراعًا بين الأمن والحرية. لا شك أن هنالك بعض الممارسات الخاطئة التي تخللت تلك العملية، لكن تلك الممارسات ليست بتاتًا كما تسعى بعض وسائل الإعلام إلى الترويج لها، كما أنها ليست موجهة ألبتة لإسكات أصوات المعارضين.إن كل دولة تسعى لضمان استمرار وجودها، وأمنها، ونظامها، كان لزامًا عليها أن تتخذ مثل تلك الإجراءات. الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، غزت بعد هجمات 11 سبتمبر بلدين (أفغانستان والعراق) من دون أي تحقق أو مساءلة. إن واشنطن أعلنت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يعيش في أحد الكهوف، أنه الإرهابي الأخطر حول العالم، بعد أحداث 11 سبتمبر، وحملته مسؤولية ذلك العمل الإرهابي الكبير الذي هزَّ العالم آنذاك، لكنها في الوقت نفسه، غير مقتنعة بأن ذلك الشخص القابع في بانسلفانيا، ويملك مدارس ومؤسسات وشركات ورجال أعمال يعملون لحسابه في 170 بلدًا مختلفًا، هو المسؤول عن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا. لعمري إن هذا لتناقض خطير.إن تركيا تشعر بغضب عارمٍ جراء كل هذه التناقضات والظلم.

586

| 21 سبتمبر 2016

أوباما نال جائزة نوبل للسلام

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أعتقد أن الفترة الثانية من رئاسة أوباما، تسببت بخيبة أمل ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل للعديد من البلدان. علمًا أن وصول شخص من أصل إفريقي إلى رئاسة الولايات المتحدة، قوبل بتوقعات كبيرة في إفريقيا والعالم الإسلامي.تطلعت جميع الشعوب والبلدان التي سحقها النظام الإمبريالي والرأسمالية العالمية إلى أوباما وهو يعتلي سدة الحكم في أقوى وأغنى دولة في العالم. تلك الدولة التي تستهلك أيضًا معظم الموارد وتحرق أي بلد تشاء في سبيل مصالحها.كان العالم يتوقع من أوباما أن يكون متفهمًا للشعوب المظلومة، التي انتهكت حقوقها، واغتصبت ثرواتها.أوباما هو خيبة أمل كبيرةانخفضت التوقعات يومًا بعد يوم لتتحول في النهاية إلى خيبة أمل. لم يتمكن أوباما من إنصاف السود وذوي الأصول اللاتينية والمسلمين و"المنبوذين" والأقليات داخل المجتمع الأمريكي كما لم يتمكن من تأسيس نظامٍ جديد في العالم.أعتقد أن أكبر خطأ تم ارتكابه كان منح أوباما جائزة نوبل للسلام. بعد نيله الجائزة، سعى لعدم تعرض أي جندي أمريكي لضرر، ولم يدخل الجيش الأمريكي في أي معركة برية. لكن الولايات المتحدة وقفت تتفرج على مقتل مئات الآلاف من البشر مما جعل إدارتها تتسم بجملة من التناقضات.لا تريد أن تكون في اللعبة لكن تريد فرض قواعدهاتمتلك الولايات المتحدة الحق في ألا تعرض مواطنيها لأي أذى، لكنها في الوقت ذاته لا تريد ترك الشرق الأوسط. من حق الولايات المتحدة أن توقف تدفق التوابيت إلى بلادها لكنها في الوقت ذاته لا تريد احترام حق دول المنطقة بتقرير مصيرها وبناء سياساتها.الولايات المتحدة لا تريد أن تكون ضمن اللعبة لكنها تريد ضبط تلك اللعبة بقواعدها الخاصة. تبدي رغبة بالخروج من الشرق الأوسط، لكنها تريد الحافظ على هيمنتها في تلك المنطقة. كل هذه القضايا خلقت تناقضات عميقة داخل الإدارة الأمريكية، وولَّدت سياسات خاطئة معرضة للتغير في أي لحظة.وفي الوقت الذي تتفاخر فيه الولايات المتحدة بكونها الدولة الأكثر قوة في العالم، تدخل التاريخ من باب إنتاج أكثر السياسات الخرقاء في العالم. وبالتزامن مع ذلك يعيش الشرق الأوسط، بسبب سياسات أوباما الخاطئة أعمق أزمة شهدها خلال السنوات الخمسين الماضية.تحويل الصديق إلى عدوتسببت إدارة واشنطن بإزعاج صديق مهم لها مثل تركيا وإبرام تحالفات مع دولٍ كانت "العدو الأكبر" بالنسبة لها لسنوات. أعتقد أن تلك السياسات كانت بدافع تلك الجائزة التي تلقاها أوباما. لا نسجل اعتراضًا على ذلك. لكن ما يصعب فهمه هو هذا التحالف مع إيران، وانتهاج مواقف معادية لتركيا.نعم، لا نقول إن على الولايات المتحدة إرسال جنودها إلى سوريا، لكنها تقوم بعمليات جوية وتقدم دعمًا مخابراتيًا ولوجستيًا لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، التي تنفذ بدورها عمليات إرهابية داخل تركيا، وتسعى أيضًا إلى تغيير التركيبة السكانية في سوريا، وتتسبب بموت مئات الآلاف من الأشخاص. أعتقد بضرورة سحب جائزة نوبل للسلام من أوباما.اعترافات من الأمريكيينبعد كل هذه السياسات الغريبة وغير المبررة هناك من يبحث عن "إستراتيجيات عميقة" لدى الإدارة الأمريكية. علمًا أن رأي السياسيين الأمريكيين السابقين لا يتوافق مع ذلك.قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، هاغل إن أوباما "لا يملك سياسة محددة تجاه سوريا"، معترفًا بأن ذلك البلد ترك ليواجه مأساته بمفرده.أما مجموعة من المسؤولين السابقين في وزارتي الدفاع والخارجية، فقد أعلنوا من خلال بيان مشترك لهم، ضرورة التدخل في سوريا ووضع نهاية لنظام الأسد. تلك الاعتراضات التي أتت من قبل مسؤولين في الولايات المتحدة إنما تشير إلى أن سياسة أوباما في الشرق الأوسط، "غير متوازنة وغير متناسقة".أما السفير الأمريكي السابق لدى تركيا، جيفري، فقد انتقد سياسات الإدارة الأمريكية بشكل علني. إضافة إلى أن الدعم غير المعلن الذي قدمته الولايات المتحدة لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا يوم 15 يوليو الماضي، تسبب بنقاشات وتجاذبات حادة داخل الإدارة الأمريكية. أعتقد أن "جولن" كان سيصبح مقربًا جدًا للإدارة الأمريكية لو نجحت عملية الإطاحة بأردوغان. لكن وعلى أرض الواقع لم تحقق منظمة جولن إلا "جبالًا من الإخفاقات".كما قال جيفري: "ما لم تلتزموا بالوعود التي قطعتموها للأتراك فستندمون كثيرًا، أعتقد أن تركيا محقة في الشأن السوري بخلاف ما تروج له الولايات المتحدة ومنظمة "ب ي د"، مقدمًا شرحًا مفصلًا عبر محطة "بي بي سي" التلفزيونية حول الأساليب التي انتهجتها الإدارة الأمريكية لخداع الحكومة الأمريكية.لن يترك أوباما إلا الحطاملعل دعم الولايات المتحدة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية وذراعها في سوريا، يعتبر من أكثر الحركات السياسية التي تسبب بمعضلة للسياسة الخارجية الأمريكية. إن عملية جرابلس العسكرية كشفت عن هذا المأزق وأظهرته أمام العالم أجمع. إلى ذلك "أقسم" نائب الرئيس الأمريكي بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة التركية أنقرة على أن بلاده ترفض المحاولة الانقلابية مطالبًا منظمة "ب ي د" بالانسحاب إلى شرق الفرات. ومع ذلك، فإن تركيا لم تعد تثق بأي من هذه الكلمات.وأخيرًا، أعلن المرشح الرئاسي الأمريكي ترامب أن "داعش" ما هي إلا صنيعة أوباما ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي ايه). لكن لم يصدقه أحد.وبالمحصلة، فأوباما الذي حصل على جائزة السلام لكنه قتل السلام في الشرق الأوسط إفريقيا سيذهب قريبًا. ولا أعتقد أن القول بأنه "لن يترك خلفه غير الحطام" ستكون تهمة كبيرة بحقه.

542

| 14 سبتمبر 2016

الإصلاح في العالم الإسلامي

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لدينا مشكلة خطيرة. فحالة الفوضى التي يشهدها العالم الإسلامي تسببت بدمار وصدمة عميقة تجاوزت جميع التوقعات. ذهبت مشكلتنا أبعد من السياسة، وتسببت بفقدان الأرض، وتقسيم البلاد، وهجرات جماعية، وأخيرًا زلزال سياسي، وموت الكثير من المواطنين. والأسوأ من ذلك، أن الأزمة ليست ذاهبة نحو التهدئة، بل إن عمقها ومجال تأثيرها آخذ بالاتساع. أنا لست ممن يديرون وجوههم نحو الغرب ويناقشون مسؤوليته عن كل هذا الكم من الحرائق المشتعلة في المنطقة. وبدلًا من ذلك، أفضل الانغلاق على الذات وإجراء نقد ذاتي. ذلك أن الجميع يعرف ما الذي فعله الغرب خلال حملاته الصليبية وما الذي يفعله الآن ويريد فعله لاحقًا. ما أريد مناقشته هو، ما الذي نفعله نحن في ظل تعرض بلادنا، وأرضنا، ومجتمعنا لكل هذه الهجمات؟ ما الذي نفعله من أجل حماية بيوتنا ومدننا من هذا السيل العارم؟ وكيف يمكننا مواجهة هذه الهجمات؟ علينا مناقشة المشاكل الموجودة في بنيتنا الفكرية قبل الحديث عن مشاكلنا البنيوية، علينا النظر إلى ما هو أعمق. فطريقة تفكيرنا هي التي تتسبب لنا بمشاكل بنيوية. أعرف أن هذا النقاش قديم جدًا. إلا أن أساس المشكلة تبدأ من هنا، لذلك ينبغي أن نبدأ العمل من النقطة ذاتها. المسلمون لم يتمكنوا من إنتاج بديل خلاق للحضارة الغربية. رغم أن الحداثة قلبت حياتنا رأسًا على عقب، إلا أننا لم نتمكن من صياغة بديل عنها حتى الآن. في الواقع، ينبغي قبل كل شيء، إعادة صياغة نموذج الفكر الإسلامي، ومراجعة الأسباب التي تقف وراء ظهور منظمات مثل "داعش" التي تتبنى التطرف والعنف، و"فتح الله جولن" الذي يدعي الدفاع عن الإسلام المعتدل، وكيف تحولت تلك المنظمات إلى صف المعادين للمجتمعات المسلمة. بات لزامًا علينا إجراء مساءلة جادة تتناول المصادر الفكرية والفهم الديني والبنية الفكرية التي تغذي تلك المنظمات. يجب إيقاف هذا النزيف الحاد نحن بحاجة لتدخل يوقف هذا النزيف الحاد، ويوفر علاجًا للمناطق الملتهبة المنتجة للبكتيريا. ما دام هذا النزيف الحاد موجودًا، فلن يكون بإمكان العالم الإسلامي الحديث عن مشاكل ومفاهيم أخرى مثل التطور والتقدُّم. وأعتقد أن لهذا السبب بالضبط، تعمل الدول الغربية على دعم المنظمات الإرهابية وإطالة عمرها مما يوفر استمرار النزيف الحاد أطول فترة ممكنة. وعليه، ينبغي إجراء إصلاحات فكرية تقاوم تلك البكتيريا وتجفف مصادرها. علينا أن نفعل ذلك بجرأة. علينا أن نواجه أخطاءنا وعيوبنا. وقتئذ نستطيع استئصال البنى المريضة ومعالجة الالتهابات التي تسمح بتكاثر البكتيريا. علينا مناقشة عشرات المواضيع المهمة جدًا مثل الإدراك الديني، والتصورات الطائفية، ومفهوم الإنسان المسلم، والعلاقات بين الدين والدولة، والمصادر الإسلامية، والعلمانية، والحضارة، والعلاقات بين الإسلام والغرب، والحداثة، والتقاليد، كما علينا اتخاذ قرارات صعبة في هذا المجال. ولتحقيق ذلك ينبغي أن يكون هنالك رغبة حقيقية لدى علماء الدين والفقهاء والفلاسفة والمفكرين والنخب المثقفة في العالم الإسلامي. يجب أن تكون تلك الشرائح تحمل هم الأمة، وتدرك حجم المشكلة وأهمية الإصلاحات. بهذه الطريقة فقط يمكن إيجاد وسائل حقيقية للحل. تأثيرات السلطة السياسية في الإصلاحات إن التسييس يشكل العقبة الأكثر أهمية في هذه المسألة. من أهم المشاكل التي تعترض سبل الحل، هو تدخل السلطة السياسية وسعيها لعرقلة الإصلاحات أو توجيهها أو حتى إجهاضها بسبب مخاوف سياسية. ونظرًا لأن الأوساط السياسية في العالم الإسلامي من أكثر الأوساط التي تتأثر بالأزمة الموجودة في المنطقة، لذا يجب على تلك الأوساط دعم جهود الإصلاح سيما أن تلك الجهود هي السبيل الوحيد الذي يضمن استمراريتها وبقاءها على قيد الحياة. وعليه نستطيع القول إن الأفكار الصحيحة تلد مؤسسات سليمة، كما أن المؤسسات السليمة تلد دولًا قوية. إن الأسس الضعيفة لم تكن أهم الأخطاء المرتكبة من قبل بعض الدول القليلة في العالم الإسلامي، التي سعت نحو مبادرات إصلاحية وإعادة هيكلة، إنما البناء على أسس استندت إلى تصورات خاطئة سبب ترهلًا شاملًا في مؤسسات الدولة. إن ما سبق يؤكد أن المشكلة الأساسية تكمن في طريقة تفكيرنا التي تصيغ آراءنا وانطباعاتنا ومواقفنا وردود أفعالنا.

454

| 07 سبتمبر 2016

كيف للتدخل التركي في سوريا أن يغيّر التوازنات؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن العملية التركية في جرابلس مؤهلة لتغير جميع التوازنات بشكل جاد. في الواقع اضطرت تركيا إلى تأجيل هذه العملية التي خططت لها مسبقًا مرة أو مرتين، وذلك لعدّة أسباب. لماذا لم تبدأ العملية قبل هذا التاريخ؟ أولاً، العلاقات المتوترة بين تركيا وروسيا على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية التي انتهكت الأجواء التركية. وبسبب هذا التوتر لم يكن بوسع تركيا القيام بأي عمليات جوية داخل سوريا، حيث لم توافق روسيا على أي عمليات تكون في صالح الأتراك. ثانيًا: العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة. أبدت تركيا ردود فعل قوية ضد الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا، وقد اقتربت تلك العلاقات من نقطة الانهيار. ثالثًا: الأعذار التي ما فتئ بعض الضباط في الجيش التركي من منتسبي منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية بتقديمها من أجل عدم تنفيذ هذه العملية. رابعًا: حالة عدم الاستقرار التي شهدتها الأجندة السياسية المحلية في تركيا، ما منع دخول سوريا. لكل هذه الأسباب، لم تتمكن تركيا من شن عملية جرابلس رغم نيتها في ذلك. وهو ما زاد من الضغط على القوى المدعومة من قبل تركيا في المنطقة وهم التركمان والجيش السوري الحر. أيهما كانت الخطوة الحيوية والإستراتيجية لتركيا؟ قبل المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو الماضي، ربما كان تطبيع العلاقات مع روسيا أهم خطوة إستراتيجية وحيوية بالنسبة لتركيا. إن ذلك التطبيع ساهم في عودة المرونة للتحركات التركية مرة أخرى. كما أن عدم تقديم كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية الدعم لتركيا عقب المحاولة الانقلابية كشف عن مدى الخطر الذي باتت تواجهه البلاد. وعندما جاء هذا الدعم من روسيا، باتت أوروبا والولايات المتحدة مضطرة للإعراب عن دعمها خشية من أن تخسر تركيا. يا لها من مصادفة مثيرة للاهتمام، فقد بدأت عملية جرابلس في نفس اليوم الذي بدأ فيه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة إلى تركيا. قدم نائب رئيس الولايات المتحدة الاعتذار أمام الرأي العام التركي لتأخر زيارته وكذلك تأخر دعم بلاده لتركيا عقب المحاولة الانقلابية. ثم قال جملة مهمة: "لن تجدوا صديقًا أفضل منّا". إن هذه الجملة جاءت ردًا على التقارب التركي مع روسيا. وبشكل طبيعي، وجه الصحفيون لبايدن خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة التركية أنقرة، أسئلة حول موقفه من عملية جرابلس. وهو من جانبه أبدى دعمًا قويًا للعملية. وأعلن من أنقرة عن ضرورة انسحاب تنظيم "ب ي د"، الذراع السوري لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، إلى شرق الفرات، وهذا إنما يشير إلى وجود تغيير كبير في سياسات واشنطن. وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة لتقويم علاقاتها مع تركيا، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، والمناورات السياسية التي أجرتها تركيا لتطبيع علاقاتها مع روسيا، وقد اشترطت تركيا مقابل ذلك، التخلي عن مشروع إقامة دولة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية شمالي سوريا. لم يكن لدى الولايات المتحدة ومنذ البداية سياسة فعلية تجاه سوريا ما عدا بناء دويلة تابعة لها للأكراد شمالي سوريا. لقد انقلبت الموازين في المنطقة بين عشية وضحاها حيث أعلن بايدن ثم كيري عن ضرورة انسحاب ذراع "بي كا كا" في سوريا إلى شرق الفرات، مؤكدين عدم دعم الولايات المتحدة لتلك المنظمة في حال أبقت على وجودٍ لها غربي الفرات. لقد كانوا مجبرين على تلك التصريحات. لاسيما وأن تركيا، وروسيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، قد اتفقت على ضرورة حماية وحدة الأراضي السورية، وأعلنت ذلك بوضوح. ولأن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم أنها غير قادرة على مواجهة جميع هذه الدول، فقد أوعزت لمسلحي "بي كا كا" وذراعهم السوري بالوقوف في مناطق شرق الفرات. إلى أي مدى ستواصل تركيا التقدم؟ لن يقف التقدم التركي عند جرابلس. فهي لن تسمح لوجود مسلحين تابعين لـ "داعش" و"بي كا كا" الإرهابيتين في مناطق منبج وعفرين (ريف محافظة حلب). ويبدو أنها حصلت على دعم من محور روسيا / إيران في هذا الصدد. وفي هذه الحالة، ما الذي سيحدث إلى الشرق من نهر الفرات؟ إن تركيا ستعمل على التدخل في تلك المنطقة مقابل الموافقة على بقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية. حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ردًا على سؤال أحد الصحفيين له "من سيستقر في المناطق المحررة مثل جرابلس؟" جملة مهمة للغاية في هذا الصدد "إن من سيستقر في تلك المنطقة هم أهلها الذين كانوا يعيشون فيها". وهذا يعني أن سكانها العرب سيعودون إليها. لذلك، على الأكراد الانسحاب من جميع المناطق التي قاموا باحتلالها رغم أنهم لا يشكلون فيها سوى أقلية. على سكان تلك المناطق العودة إليها... عربًا كانوا أو تركمانًا. إن عملية جرابلس قد تكون بداية عملية طويلة الأمد، حتى الوصول إلى الاتفاق على نظام محدد في سوريا لا يشمل الأسد.

396

| 31 أغسطس 2016

حرب الاستقلال التركية الثانية

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يصفانها بـ"حرب الاستقلال الثانية"، كل من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم. في الواقع، نعم، إن تركيا تقف في مواجهة هجمات صعبة وقذرة ومتعددة الأقطاب، وغادرة لا هوادة فيها. إماطة اللثام عن الأعداء الذين كنَّا نحسبهم أصدقاء، على الأقل كان عدونا واضحا خلال حرب الاستقلال التي خضناها قبل مائة عام من الآن، وكنَّا نعرف من نقاتل. أما الآن فالأعداء مستترون وراء الكواليس، ويهاجمون تركيا بواسطة الدمى والقتلة المأجورين الذين يدارون من قبلهم. ثم هو لمن المحزن، أن هؤلاء الذين يديرون تلك الحرب القذرة من وراء الكواليس، يظهرون أمامنا كحلفاء وأصدقاء. ولهذا السبب بالضبط، الوضع في البلاد أكثر صعوبة من حرب الاستقلال التي خضناها قبل نحو مائة عام. لقد رأينا خلال السنوات الخمس الماضية، أن جميع العمليات الرامية لإسقاط الحكومة المنتخبة وتسليم إدارة البلاد إلى جهة أخرى، كانت في الواقع تدار من قبل مواقع ودوائر محددة، وبؤر مترابطة ببعضها بعضًا. للأسف، عند دراسة معمقة لهذه الأحداث، وجدنا أن جميع القرائن المتعلقة كانت تقودنا إلى "حلفائنا في الغرب". وهذا ما خلق في تركيا خيبة أمل كبيرة وغضبًا عارما. هجمات التنظيمات المعادية خلال الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف حفل زفاف في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، قتل أكثر من خمسين مدنيًا، معظمهم من الأطفال والنساء. إنهم يشنون هجمات بهذه القسوة والوحشية. إن صاحب كل هذا الحقد وروح العداء تجاه تركيا، هو تنظيم داعش الإرهابي. شهدت ولايات مثل بتليس، ووان، وألازيغ، هجمات إرهابية قبل غازي عنتاب. خسرت البلاد الشهر الماضي جراءها نحو 70 شخصًا من مواطنيها، بينهم نساء وأطفال. وقد تبنت منظمة "بي كا كا" الإرهابية هذه الهجمات. نعم إن هذه المنظمة الإرهابية أيضًا زادت من وتيرة هجماتها الوحشية خلال الفترة الماضية. علمًا أن هذه المنظمة تناصب تركيا العداء منذ نحو 40 عامًا حتى الآن. قبل كل هذه الهجمات الإرهابية شهدت البلاد في 15 يوليو الماضي وقوع محاولة انقلابٍ فاشلة، استشهد خلالها 240 من أبناء شعبنا وجرح نحو 1500 آخرين. هاجم الانقلابيون أبناء الشعب بالطائرات والمروحيات والدبابات. لقد كانوا بهذا الحقد والقساوة والبلطجة. وكان وراء هذه المحاولة الانقلابية تنظيم فتح الله جولن الإرهابي، الذي يعد من أكثر التنظيمات قذارة وظلامية. تركيا التي تعيش تحت وقع المعاناة جراء تلك الهجمات الإرهابية، تكافح في هذه الآونة ضد البلدان التي تدعم وتغدق على تلك التنظيمات. يا لها من مفارقة تستحق التأمل! من يدعم تلك المنظمات؟ بات الجميع متفقون الآن على أن تنظيم داعش الإرهابي يتم توجيهه من قبل مركز ظلامي. وفي هذا السياق، تواصل وسائل الإعلام الغربي مهاجمة تركيا بكثافة واتهام أنقرة بدعم داعش. إن السياسيين الغربيين أيضًا يواصلون ضخ مثل هذه الافتراءات التي لا يقبلها عقل أو منطق، في الوقت الذي دخلت فيه الولايات المتحدة وأوروبا إلى البحر المتوسط بحجة مكافحة تنظيم داعش، وإذا بهم يطيلون أمد الأزمة السورية ويعملون على تقسيم ذلك البلد وإقامة دويلة كردية على جزء من أراضيه. وفي هذا الخضم، نرى مواصلة منظمة "بي كا كا" الإرهابية بافتتاح مكاتب لها في بروكسل، وبرلين، وباريس، وتنظيم مظاهرات، وجمع إتاوات، وشن حملات تحريض وتشويه إعلامية. باتت أوروبا اليوم تقدم دعمًا علنيًا لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية المسلحة التي تشن حربًا قذرة ضد تركيا. قائد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فتح الله جولن، يعيش في هذه الأثناء رغيدًا قرير العين في مزرعته بالولايات المتحدة، ويواصل إدارة تنظيمه من هناك. وفي المقابل ترفض الولايات المتحدة تسليم هذا الشخص الذي تسبب بمقتل 240 شخصًا تركيا، وتواصل دعم تنظيم "ب ي د" الذراع السورية لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية. إضافة إلى ذلك، دعوني أسجل ملاحظة فحواها، أن أحد ضباط المخابرات السابقين في بلد مثل مصر كان من المشاركين في هذه الحرب القذرة ضد تركيا. كل ما سبق يظهر حجم الحرب الكبيرة التي تخوضها تركيا، وحجم الأوقات الصعبة التي تقضيها البلاد. إن حرب استقلالنا الثانية، هي في الواقع أكثر صعوبة من الأولى. لكن ثقتنا كبيرة بتضامن شعبنا وقوته وشجاعته وإيمانه، فهو الداعم الأكبر لنا في هذه الحرب. وبإذن الله جل وعلا تركيا ستفوز في حرب استقلالها الثانية أيضًا.

1482

| 24 أغسطس 2016

مدخل إلى "النظام العالمي غير العقلاني"

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الجميع لا يستطيع تصديق ما يحدث. جميعنا نقول إن الأحداث التي تجري في العالم "شيء لا يصدَّق". ونواجه أحداثًا لا يمكن تفسيرها بواسطة العقل والمنطق والعقلانية. أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بواسطة المنطق مجرد إلقاء نظرة على محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تركيا يوم 15 يوليو الماضي. كانت محاولة للانقلاب في بلد يمتلك قوة اقتصادية تحتل المرتبة الـ 17 في العالم والـ 6 في أوروبا، وعضو في مجموعة الـ20، ويمتلك جيشًا من أقوى الجيوش في حلف الناتو... وهو مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وأكبر شريك تجاري لأوروبا والولايات المتحدة حليفهما الإستراتيجي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 78 مليون نسمة!. انقلاب على رئيس فاز بـ 52 بالمائة وحكومة فازت بـ 50 بالمائة من أصوات الناخبين، في بلد من أكثر الدول استقرارًا رغم مجاورته لدول الشرق الأوسط، نعم انقلاب في هذا العصر... "أيعقل هذا؟". من سيستفيد من بلدٍ جرَّ إلى الفوضى، ويشهد اندلاع حرب أهلية، ويعاني من احتلال قضم بعض أجزائه؟ الاتحاد الأوروبي، تصدع بسبب أزمة كالأزمة السورية، ووصل إلى حافة الإفلاس بسبب أزمة اللاجئين. فلماذا يرغب باندلاع حالة من عدم الاستقرار في دولة تجاوره؟. ولماذا لترغب الولايات المتحدة بتفكك حليفها الأقوى في المنطقة؟ ما الذي ستجنيه؟ وفي الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الإرهاب القادم من البلدان المحتلة والمفككة، لماذا تعملان على الدفع بتركيا نحو نفس المربع؟. دعونا نقول إنهم لم يتمكنوا من الحؤول دون تنفيذ الانقلاب، لكن لماذا لم يقفوا إلى جانب تركيا، ويسعون إلى حماية زعيم منظمة فتح الله غولن الإرهابية، فيما تواصل جميع وسائل إعلامهم ضخ المواد التي تهدف لتشويه صورة تركيا؟ لماذا يغضبون من إيماءات تركيا بتغيير محورها، فيما يدفعونها فعليًا للقيام بذلك. لماذا؟. لا يمكن إعطاء إجابات لهذه التساؤلات انطلاقًا من الواقعية السياسية، لا يمكن تفسير ذلك منطقيًا. إذن نحن أمام وضع غير منطقي. وهذا يعني أن هنالك أفكار وآراء وخطط ومخططات يحاوَلُ وضعها موضع التنفيذ. لا يوجد أي تفسير آخر لذلك. ما كان لأحد منّا البتة، ليصدق قبل 15 يوليو الماضي، وجود سعي من منظمة فتح الله غولن الإرهابية من أجل تنفيذ انقلاب عبر نفوذها داخل مؤسسة الجيش، من منّا كان يتنبأ أن يتحول أولئك المخدَّرون والمسحورون والمحولون لروبوتات إلى مجرمين قتلة؟. لكن كل ذلك كان صحيحًا. إفلاس العقل، وولادة نظام الجنون أوروبا والولايات المتحدة تعيش أيامًا كما لو أنه تم أسرها. لم يكن لأحد أن يتخيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكنه حصل، والآن، تعاني المملكة المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي من ذعر الانهيار وانفراط العقد. فكروا قليلًا... شخص مثل ترامب ينظر إلى جميع المسلمين واللاتينيين والثقافات الأخرى نظرة عداء، هو اليوم مرشح بشكل رسمي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. إن مجرد التفكير في هذا الشيء يضر العقل. وماذا لو تحقق أيضًا؟. نحن كما لو كنّا نعيش في فترة يفلس فيها العقل الرشيد في هذا العالم. السياسات الحكومية تفلس أيضًا واحدة تلو الأخرى، ونشهد آلام مخاض لولادة نظام الجنون. هذا هو "النظام العالمي غير العقلاني". إن الكثير من الناس الذين رأوا في أطروحة "هنتنغتون" حول صراع الحضارات أنها تتنافى مع العقل والمنطق، يقفون مندهشين وخائفين فيما تتحقق تلك الأطروحة خطوة تلو أخرى. منظمات أكثر قوة وهرطقة من غولن كنا نتحدث دومًا عن الأسباب التي تقف وراء الأحداث، والقوى الدولية التي تؤثر على السياسات الحكومية. والآن هل من الممكن أن تكون القوى التي تختطف الدول وتعمل على فرض قرارات لا تريدها السلطة، هي عبارة عن قوى ظلامية غاية في الخطورة؟. دعونا ننظر إلى تركيا. اشرحوا لأحد العلماء الأجانب طرق ووسائل وأعمال وأهداف تنظيم فتح الله غولن الإرهابي. لن يصدقكم أبدًا وسيقول "إن ذلك ليس بمنطقي، هذا أمر مثير للسخرية". نعم إنه كيان سريّ مُنظمٌ في 170 دولة، وقادر على استخدام التكنولوجيا والموارد البشرية الأكثر تقدمًا في العالم لينفذ انقلابًا... هو تنظيم مؤثر ومستعد لإسقاط طائرة روسية لافتعال حرب بين روسيا وتركيا... دعونا نفكر بوجود منظمات مماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا وفرنسا. ماذا لو كانت تلك المنظمات تسيطر على هذه البلدان، وأنها قادرة على أن تتخذ قراراتٍ لا تريدها سلطات تلك البلدان؟ هذه هي بالضبط الحالات غير المنطقية، هكذا فقط يمكن تفسير التحركات السياسية الجارية. إن سياسات الدول التي لا تستند إلى العقلانية والمصلحة، لا شك أنها تكون في واقع الأمر تخدم أغراضًا أخرى. حسنًا، من هي الجهة المستفيدة من هذه السياسات التي لا تنتج سوى خلق الفوضى والاضطرابات حول العالم؟ إذن هناك جهة مستفيدة تملك أحلامًا وأهدافًا غير منطقية. إننا نشعر بالدهشة كلما خرجت معتقدات كفرية تدعو لمهدي مشوَّه يطمح للهيمنة على العالم، أليس كذلك؟ رغم أن هذه الأحلام غير منطقية إلا أن هناك تنظيمات تعمل بنشاط على أرض الواقع من أجل هذه الأهداف مستخدمة وسائل غسل الأدمغة وتجنيد البشر. منظمة فتح الله غولن الإرهابية تمارس هذا النشاط منذ 40 عامًا. وأعتقد أن علينا أيضًا أن نفكر قليلًا بتنظيمات تنشط في هذه المجال منذ 400 عام. تنظيمات تجذّرت في معظم الدول القوية حول العالم، ما الذي من الممكن أن تفعله تلك المنظمات التي تمتلك أحلامًا غير عقلانية، مجرد التفكير في الأمر يدعو إلى الخوف. سيما أن أحلام تلك التنظيمات وأهدافها مرعبة أكثر من تنظيم غولن. لقد شاهدنا بأم أعيننا الثمن الذي جعلونا ندفعه بدلًا لأحلامهم في "النظام العالمي الجديد". وهذا يعني أن الأبدال التي سيجعلوننا ندفعها كرامة لإقامة "النظام العالمي غير العقلاني" ستكون أكثر شدّة وقساوة. لذا لا طريق أمامنا سوى بالتعقل، ومقاومة النظام العالمي الفاسد وغير العقلاني. وبما أنه لا يمكننا أن نقاوم ونتصدى للرياح العاتية كل منّا على حدة، فلابد أننا بحاجة لتحالفات وآفق تعاون جديد.

413

| 17 أغسطس 2016

المحاولة الانقلابية في تركيا كانت جزءًا من سيناريو رهيب

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هناك في العالم الإسلامي أربعة بلدان كبيرة ومهمة، هي تركيا والمملكة العربية السعودية ومصر وإيران. إن تلك البلدان تمثل أرجل الطاولة الأربعة. العالم الإسلامي كالطاولة، يقف على هذه الأرجل الأربعة. لقد ركزت جميع الهجمات الأخيرة خلال السنوات الخمس الماضية على كسر تلك الأرجل. اقتلاع الأرجل واحدة تلو الأخرى تم اقتلاع إيران من جسد العالم الإسلامي عبر صفقة حول برنامجها النووي مقابل رفع الحصار وتحسين العلاقات مع الغرب، وعبر دخولها في معترك الحرب الأهلية السورية، وتوفير المناخ الملائم لانتهاجها سياسات طائفية تتمحور حول المذهب الشيعي. وهكذا فقد تم اقتلاع إحدى الأرجل بمحض إرادته لزعزعة استقرار العالم الإسلامي وبات هذا الجزء يتخندق في الجبهة المقابلة. أما الرجل الأخرى وهي مصر، فقد شهدت انقلابًا عسكريًا أطاح بحكومة منتخبة. أسهم في نجاح الانقلاب عدد من المسؤولين السابقين في الاستخبارات والذين بات من المعروف أنهم يعملون لصالح إسرائيل أمثال دحلان وأحمد شفيق. . أما الغرب والولايات المتحدة فقد شجعا منذ البداية هذا الانقلاب. فسقطت مصر، وتم قلب مسيرة الربيع العربي واقتلاع الرجل الثانية والمهمة في العالم الإسلامي. أما المملكة العربية السعودية، فقد استطاعت التصدي لمحاولات زعزعة استقرارها من خلال قضية اليمن والبحرين والاضطرابات الداخل التي يقوم بها بعض أتباع المذهب الشيعي. . تواصل السعودية مقاومتها لجميع تلك الأجندات . الانقلاب المرحلة الثالثة من السيناريو وأخيرًا، تم إطلاق عملية لإسقاط تركيا التي تمثل الرجل الرابعة والأقوى لهذه الطاولة. كانت هنالك مساعٍ حثيثة من أجل قلب نظام الحكم في تركيا خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك من عبر أحداث حديقة "كَزي بارك" (مظاهرات ميدان تقسيم وسط إسطنبول)، ومحاولة اعتقال رئيس الاستخبارات التركية خاقان فيدان، وقلب نظام الحكم باستخدام القضاء، وهجمات منظمة "بي كا كا" الإرهابية، ومجازر تنظيم "داعش" الإرهابي، وأخيرًا محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو الماضي. إن هذه الهجمات التي استهدفت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم تصل إلى النجاح الكامل، ولكنها غيرت إلى حد كبير اهتمامات تركيا تجاه العالم الإسلامي. لم تتلق تركيا الدعم المطلوب من الولايات المتحدة وأوروبا، تم عزلها وتركها وحيدة. أما وسائل الإعلام الغربية، فعوضًا عن إدانة الانقلاب الذي استهدف الديمقراطية، حرصت على توجيه الاتهامات لأردوغان بالسعي لإنشاء "نظام استبدادي". وكما يبدو، فإن تلك الأرجل الأربعة التي يقوم عليها العالم الإسلامي، تم فصلها عن بعضها بحرفية ومن ثم تعطيلها. ومع ذلك، لم يكتفوا عند هذا الحد، فقاموا بتقسيم كل من اليمن، وليبيا، والعراق، وسوريا على أرض الواقع، وتعميق الفوضى والإرهاب على أوسع نطاق في جميع البلدان الإسلامية. فدُمّرت المدن وقُتِل مئات الآلاف من الأشخاص، وأصبح الملايين من السكان لاجئين في أصقاع الأرض. ولعدم السماح لأوروبا بالتدخل في هذه الأزمة تم نشر إرهاب تنظيم داعش والعداء تجاه الإسلام فيها. وهكذا دفع بالعالم الإسلامي نحو فوضى عارمة، وتم عزله لكي لا يجد أي دعم. حرب بين تركيا وإيران لو كتب النجاح للمحاولة الانقلابية في تركيا، لكانت البلاد بصدد التعرض لهجمات يشنها تنظيم داعش ومسلحون من ميليشيات شيعية وأخرى من منظمة "بي كا كا" انطلاقًا من العراق وسوريا. وهكذا كانت منطقة شرقي تركيا ستذهب فعليًا نحو التقسيم. لا سيما وأن بعض الضباط سحبوا خلال محاولة الانقلاب الفاشل قوات حرس الحدود في المناطق الشرقية لتوفير المناخات الملائمة لتلك الخطة. ويقال أيضًا إن الخطة كانت تتضمن افتعال حرب بين إيران وتركيا بعد نجاح الانقلاب. ووفق الخطة كان الجيش المصاب بالشلل والمرهق بفعل الأزمات الداخلية والفوضى سيجر تركيا إلى حرب مع إيران تحت ذريعة وقف التمدد الشيعي والهجمات الشيعية القادمة من سوريا، وتمامًا مثلما حدث في العراق وسوريا، كانت المناخات ستوفر لإيران من أجل الاستيلاء على تركيا، بدعم غربي. وبالتالي، تسليم إيران مفاتيح الرقابة وضمان استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة. قد يبدو ذلك السيناريو غير عقلاني. وأنا باعتباري كاتبا يعارض منذ البداية نظريات المؤامرة كنت أرى أن هذا السيناريو غير منطقي. أما الآن، فإني أرى أن المجموعات القوية داخل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وإيران وألمانيا وفرنسا والأوساط الرأسمالية كانت متحمسة جدًا لهذا السيناريو. لذا فإن جميع التطورات التي شهدناها لا تشير إلى نظرية مؤامرة، بل تبين وجود إستراتيجية يجري تطبيقها. إن هذا السيناريو مخيف بقدر ما هو سيء، ويبدو أن تأثيرات فشل الانقلاب قد أوقف احتمال تكرره لفترة من الوقت، وأعتقد أن قدرة الشعب على وقف الانقلاب وإفشاله لم يكن ضمن حساب كاتب السيناريو. لذا فهم الآن منكبون على تأليف سيناريوهات وخطط جديدة. ينبغي للعالم الإسلامي السعي لإقامة تحالفات خير تواجه الشر. وإلا سوف نُستَعبد جميعًا.

384

| 10 أغسطس 2016

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4200

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1836

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1755

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1608

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1422

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

903

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

657

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

615

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

549

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
المقاومة برصاص القلم

ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...

495

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية