رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا. نلتقط تلك اللحظات، نوثقها، ونحتفظ بها في ذاكرتنا لنحلق معها كلما استرجعها شريط العمر. وكما قال القائل: «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل». حدث لي موقف غريب أضاء يومي كله، رغم أن لا شأن مباشر لي به. موقف لا يعنيني شخصيًا، لكنه أبهجني بعمق، لأنني شعرت بفرح شخص آخر. كانت صديقة عزيزة على قلبي من مسقط، شاءت الصدفة أن تتواصل معي لأمر في نفسها- بداية معرفتي بها- تسألني فيه رأيًا. وأثناء حديثنا قالت لي فجأة: «أنا أخاف منك.» أدهشني قولها، وأثار في نفسي التساؤل: هل بدر مني شيء يجرحها؟ فأجابت مُبتسمة: «لا، لكنه مجرد شعور ينتابني تجاهك.» العجيب أننا لم نلتقِ من قبل، وكل ما جمعنا كان دردشة في جروب ثقافي. لكن إرادة الله تقرّب الأرواح، وتذيب سوء الظن، وتفتح نوافذ جديدة. منذ تلك المكالمة أصبحت علاقتنا أعمق، وصارت مُلهمتي وناقدة بعض كتاباتي. تمتلك حسًا مُرهفًا وفكرًا نقديًا أنيقًا، وقد شاركتني مراجعة كتابنا الجماعي «انزواء سطر». نتبادل الأحاديث، وننطلق معًا في فضاءات الكتابة، فأجد معها لذة الفكر، خليطًا بين الدراسة والممارسة. مضت الأيام، وتواصلت معي مجددًا. أسعدني اتصالها وهذا ما أشرت إليه بداية الحديث، لكنه حمل في طياته شيئًا من الحزن: تعيينها كان في محافظة ظفار، نعم، لكن في مدينة رخيوت البعيدة. فرّقتنا المسافة، لكن قلبي ظل قريبًا منها. أما اللحظة الأجمل، فكانت حين طلبت مني شتلات لتضعها في غرفتها. استغربت، فسألتها: «لماذا وأنتِ لستِ مُعلمة علوم؟» فضحكت قائلة: «أريدها صديقة، أكلمها وتكلمني، أسقيها وتؤنس وحدتي.» فكان ردي بصدق: الله… الله… الله. وبالفعل، تواصلت مع أحد المعارف، وطلبت منه أن يشتري لها شتلات ويرسلها إليها. فما أجمل أن تجد حولك «النشامى» الذين لا يخيبون رجاءك. تفاصيل صغيرة… لكنها كفيلة برسم ابتسامة على الشفاه، وبث الطمأنينة في القلب، ومنحنا شعورًا بالحب... ابحثوا أنتم أيضًا عن تفاصيلكم الصغيرة… ففيها يكمن سر البهجة.
147
| 13 أكتوبر 2025
صدرت للروائي وكاتب القصة جمال فايز روايته الأحدث له في أعماله الأدبية: (شتاء فرانكفورت) 2021 من القطع المتوسط وعدد صفحاتها (152) صفحة والمتوفرة في المكتبات من خلال الموزع المعتمد مجموعة دار الشرق. استطاع الكاتب جمال فايز بقلمه الذي اعتدنا عليه في أسلوبه أن يجعلني أكمل قراءة روايته في جلسة واحدة برغم أني لم أكمل روايات كثيرة لقراءتي لها، ولكن شدتني هذه الرواية اسقاطاتها الجميلة للكاتب التي أعطت صدق الأحداث الخيالية بواقع حدث حقيقي بمضمونها ومستواها يشبه واقع يحدث لمئات من الناس. أبرز الكاتب البعد النفسي والاجتماعي لكل شخصية كما برز حدث حقيقي في روايته والمتمثل في حدث استثنائي يقام في قطر هذه الدولة التي حملت بين أكتافها هذا الحدث الغر الكبير وهو مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022. سياقه النص الأدبي سلس، اللغة بسيطة، وبالنسبة للغلاف والعنوان، غلاف أنيق يدل على عنوان الرواية واختيار بارد للون الثلجي ودافئ بلون السواد واللون الرمادي ليبعث دفء الألوان للغلاف ورغم ان الرواية تدور احداثها في فصل الشتاء فقد نجح الكاتب في ان يشعرنا بدفء الإحساس بين الفتى أحمد ورجل الشارع دنيال. نلحظ عند قراءة الرواية إنها سردت بلسان الراوي العليم في حين استنطق شخصياته بضمير المتكلم أيضا، ولكن أذهلني حقيقة طريقة السرد فقد أدخلني الكاتب في واقعية الرواية وكأنه مشهد تتوالى أحداثه العادية في الحياة، فقد أعطى احساسا بأن الكاتب كان يكتب روايته بكل استرخاء. المكان كان متنوعا في الرواية ومتنقلا بين الفندق، الأزقة، وساحة الاستعراض وغيرها من الأمكنة المختلفة المذكورة بها في حين أن الروائي لم يتقيد بزمن معين فالأحداث وقعت في أيام معدودة التي تسلسلت فيها الأحداث وتفاصيلها، فكانت الزمكنة متوافقة مع الأحداث والشخصيات والبعد النفسي والاجتماعي للشخوص. لو تحدثنا عن شخصيات الرواية ففيها أكثر من شخصية وكل شخصية أبرز الكاتب حقها في الرواية إن كان دورًا بطوليًا أو مساعدًا ربما رغبة منه لتكوين الأدوار المساعدة في الرواية، لهذا كانت الشخصيات الثانوية للرواية لها دور في اكمال أحداثها، وتجلت هذه الشخوص من خلال الحوار والافعال والمنولوج والفلاش باك والعواطف التي تعترض حياتها الخاصة ومع المحيطين بهم. وتدور أحداث الرواية حول فتى في عقده الثاني أراد قضاء إجازته في مدينة فرانكفورت الألمانية، هذه المدينة الجميلة بعماراتها الشاهقة، واشجارها الباسقات، ومساحاتها الخضراء وغيرها من الأوصاف التي ذكرها الكاتب، ووصف عام عن حياة الناس، ولكنه - أي الفتى - بدل أن يستمتع في قضاء اجازته قضى أياما متعبة وليالي قاسية، ولولا دانيال الذين حظي به وعاونه في بحثه في العثور على مسروقاته او يجد وسيلة يجد بها السارقين الصبية الثلاثة دانيال وآرثر وايدن الذين أخذوا أمتعته. فعوضه الله بدانيال وتعايش معه، وظل خلال بحثه يحن للعودة إلى وطنه واسرته. وذكر المؤلف بعض الوقائع الحقيقية التي تستحق التوقف عندها مثل: السفر للخارج للقمة العيش كسائق التاكسي الباكستاني الذي اتى لمدينة فرانكفورت لهذا السبب ويرسل بعض الأموال لأولاده في "بيشاور" وحديثه عن مشاعر الدينيه وأمنية بتأدية فريضة الحج، والحديث عن مونديال قطر، أظهر بعض أسماء العرب وصفاتهم، مثل حديثه عن: حاتم الطائي، وحديث بطل الرواية خلال رحلة السفر إلى ألمانيا عن مشاهدته الفيلم القطري "عقارب الساعة" للمخرج خليفة المريخي. هذه رحلتي بعد قراءة هذه الرواية التي وجدت بها ترابطا انسانيا، ونجح المؤلف في الغوص في التفاصيل الدقيقة لأصغر الأمور في انسيابية سرده، وأظن هذه ستجعل القارئ متحفزا لقراءة ومتابعة الرواية للوصول إلى خاتمتها فكل التحايا للروائي وكاتب القصة جمال فايز.
2013
| 08 يونيو 2023
تتشابه أيامنا بتفاصيلها المعتادة، وربما نحن نراها هكذا وستختلف في الأيام القادمة، لأن القادم تفاصيله تختلف عن الأيام الأخرى بخفة قدومه وسرعة ذهابه دون أن نشعر به، فيه هداية وتبشير وصبر على تحمل الصعاب ننتظره بشغف. ولكي أكون منصفة فأيامنا مبهجة ولكنها متثاقلة بالروتين والانشغال، وربما أسلوب حياتنا هو ما يحتاج أن نفكر فيه بطريقة مختلفة. هل هلالك يا رمضان وآن معك وقت التغير ببركاتك وفضلك.أتذكر بداية استعداد أمي الحنون وهي تأخذ كومة الثياب وتبدأ بغسلها طهارة لرمضان. وتأخذ الكنابل وتقوم بغسلها وتبديلها. ومن ثم تجمعنا حولها لنتعلم النية لشهر رمضان. كان ذلك زمن الطيبين الذين تعلمنا منهم وما زلنا نقتدي بهم ونحذو حذوهم. المبهج في الأمر التسوق وإعداد الأطباق المتنوعة في رمضان والبحث في المجلات عن الطبخات الجديدة التي نزين بها سماط العائلة، ناهيك عن تبادل تلك الأطباق بيننا والجيران. والأجمل من ذلك إرسال أطباق متنوعة من الأكلات إلى المسجد لتكون صدقة جارية يؤجر عليها. ومن الذكريات الجميلة والتي ما زلت أقوم بها دعك التمر وإخراج اللّب منه ثم تسخينه بعد وضع الهيل المطحون والسمن البلدي عليه، بعدها نقوم بتدويره على راحة اليد وحفظه في علبة. ومن أكلاتنا الشهيرة المتداولة السمك المشوي والأرز الأبيض المعبوك بالسمن والمضروب جيدا بمضرب اليد، وهناك الهريس والعصيدة والشوربة التي لا غنى عنها على سماط الشهر الكريم، وربما تتشابه أكلاتنا الشعبية بين دول شبه الجزيرة العربية باختلاف مسمياتها. أذكر في الثمانينيات ــ ومن الذكريات الجميلة ــ في مدينتي صلالة إطلاق صوت المدفع ليذكرنا وينبهنا بأن الأذان أذن وحان وقت الإفطار وكان أول مرة أسمع صوت المدفع في الثمانينيات. وهذا شعور يشعرك بالغبطة بعد جهد جهيد لإعداد الطعام. وأقول في حديثي زمن الطيبين لأنه بالفعل بقدر ما نحن فيه من ارتياح وسعة رزق وخدمات بعد النهضة المباركة إلا أن ذكريات الطيبين برغم التعب والفقر وعيشة الضنك لم تمحَ من الذاكرة بجزئياتها وتفاصيلها لعلها نعمة القناعة التي وهبها الله لهم لبث روح الأمل فيهم. وأيضا لا أنسى تلك العادة الرمضانية «قرنقشوه» التي لا أرى فائدتها سوى سعادة عيون الأطفال وإبهاجهم وهم يستقبلون الحلويات والنقود من زياراتهم للمنازل ولا أدري أهي عادة دخيله علينا أم تقليد تعودنا عليه سنويا. وتشترك معنا الدول الأخرى فيها بمسمى أخرى كقرقيعان. في النهاية لن نحصي اللّحظات الجميلة لهذا الشهر. ونفتقد للغيبيات التي خصها الله تبارك وتعالى للإنسان، وقبل أي شيء آخر هو شهر للعبادة والاستغفار وتربية النفوس وتهذيبها. رمضان أتى ليجمعنا حاملا معه التباشير والثواب والتجمع والترابط بين المسلمين.
3546
| 12 أبريل 2023
كم أوقفني هذا المقال كثيرا; لأني لا اريده مقالا تحليليا; ولا مقالا أقارن فيه هذا عن ذاك; ولكن أجد أن بعض الفواصل تجبرنا أن يكون كذلك، أحتاج فقط أن أصل به إلى بر الأمان وأصل بها الى صناعة المجد. فليتني أنادي بقول أمي; وتقول نعم! ولكن هي هنا ليست على سبيل الحصر، وانما كل أمهات الزمن الجميل. فأمي يعني الحنين والذكريات وسمفونية الخيال الرائع تنبعث من واقع حقيقي يتراقص على عزف الناي، وأول سلم اتذكره لصورة أمي، صوتها ونهره وتقوس حاجبيها وكيف كنا نقف بخوف واحترام وتقدير لها. ثمة تفاصيل كثيرة يحملها هذا القلب، فتغرس في نفوسنا آداب واساليب تبقى وتثمر وتترسخ كما يترسخ ذاك الجذر تحت الارض فيتفرع ليثبت قاعدته بأسياج وتيده. تختلف أمي بأشياء كثيرة والصورة بيني وبينها تتشابه الا انها تختلف في أني كنت بعينها وتراني فهي لا يغيب عنها لا شاردة ولا واردة، وتهتم بكل شيء، وتعلم كل شيء، وتضم كل هذا بعناية لأننا بأعينها. فينتشر الأمان بظلها تحت ظله، وكيف صنعت منها قدوة وسلوكا ومنهجا فأنبتت جيلا متعلما واعيا مدركا للمسؤولية. هل هذا التمكين منها يرجع الى تلك الحقبة، فالماديات لم تكن منتشرة كما نعهده الآن، أم هذه حجتنا نحن نقولها لتكون تفسيرا عن بعض نواقصنا وتقصيرنا من أثر المشاغل والضغوط. فكما قلت آنفا، أنا لا أقارن هنا، لأني سأضع نفسي في حسبة التقصير، ولكن المواسم تتغير، فلماذا لا أتمايل بحرية كما كانت تتمايل أمي كالرياح في كل الاتجاهات، فلا تنحني ولا تنكسر وتلفني بحماها، في حين انا من جيل أخرجته أمي، ولكن أطفالي في عيني وأنا معهم ولكن لا أراهم. فالخوف يرهب أوصالي من هذا الجيل الذي يحتاج منا كل الأهمية في العناية به من خلال فهمه، واتخاذ أساليب لجذبه الينا ليكون بعيدا عن كل ما حوله ليفسد عقله الصغير، وأتدبر في خطواتي اليه وأحرص فهو ليس من جيل الفطرة كما كان ذاك الجيل الذي ارضعته أمي انه جيل متفتح دارك بما يدور حوله. عموما، أمي هي الأمس واليوم والغد، وأنا أيضا ست الحبايب الذي تأثرت بأمي فأتبع خطواتها مع اتباع أساليب التربية الحديثة لأواكب الظروف ليكون ابني في عيني كما كنت في عين أمي. كلمة أخيرة: رحم الله أمي وغمدها جنة الخلد، وكل عام وأمهات المسلمين في خير وعافية وحب. في عيني ولا أراه
912
| 06 ديسمبر 2022
شعور جميل تترقرق العينان له لمجرد الإحساس به، وتفز الأفئدة لصدق معانيه، مستحيل أن تنسى معه ليالي وردية كانت تخلب العقل وتنعش الأنفاس، ومحال به تهمل وعودًا نقشت بين ثنايا الزوايا… وتبقى كل تلك الذكريات رومانسية "الزمكنة" بصمة ثابتة مهما حدث من أخطاء أو سوء فهم، و فاسق قطع علاقة الود. من أجل هذا عندما تمر علينا صفحات جميلة في درب الحياة تتقلب جنباتها كأوراق الكتاب، نؤرخ أحداثنا، وعباراتنا، وتلك الكلمات التي سمعناها ونطمع بالمزيد في سماعها، لتتجدد فينا روح التفاؤل، فنتراجع للخلف لمصير مجهول لم نحسب له حسابا مع سكرة الجمال، لنجد مخلوقات شوكية تسلقت تسد عليك طريق الصفاء، لمجرد أن تشعر بحضن السعادة في دربك فتقطف سعادتك، فننصدم بأناس غابوا عن حياتنا ففقدنا وجودهم ولمساتهم، واحتواء جلساتهم ونأمل بلقائهم، ولكن نتهرب ونتوارى من لقاء الصدف بهم لبقاء الود؛ لأن وجوههم غابت عنا من ألسنة نار الغيرة، فوجدت الفتنة مكانا لتتوسد به، فقطعت حبل الوصال المتصل، بدون سابق إنذار أو تفاهم وود، فحكمت علينا من ضمن القوائم السوداء في حياتهم... ومع هذا ما زالت قلوبنا تحن إليهم، وتأمل لقاءهم، وتحاول استعادة ما كان، فهناك أمل ينبت في كل شيء، فمن يتفوه بلغة الحب والود ويفهم معاني هذه الكلمات وحروفها العميقة، لن تكون المسألة سهلة ليسد الطرقات على أماكن نقاط الوصول للقلب. فهنا أتساءل؟ إن كان الحب هو من جمع العلاقات فلماذا تجرح القلوب؟ وتبكي العيون؟ ونتناسى السبيل إلى حبل الوصال.. ونرصد الأبواب.. ونبني للظن أماكن! فنعيش في واقع مرير مكتظ بالوجع. لماذا لا تكون قياساتنا للأمور بالغلا واللطف ونثر الورد؟! فهل كل ما كان عواطف مُزيفة تناثرت كدقيق برحيل أصحابها؟! وهل استطاعت هذه العواطف أن تزرع دفء الحكايات وتُسقيها في أرواحنا بالأكاذيب وزيف المشاعر؟ فماذا نفعل لننتصر على هذه الحروب النفسية؟ وماذا نفعل إن لم تقتنع ذواتنا بالبعاد؟.. فلا أريد الفرار.. فهذه حماقة، فبعدها لن نجد حلولًا سوى الهرب. فلا أقول سوى تغيب الشمس.. ويشرق القلب بعدم نسيان ما مضى، ليبقى الأمل. ويبقى سؤال في خاطري هل هناك من يستطيع قولها بدون إحساس؟ الزمكنة: أي الزمان والمكان.
2467
| 13 أكتوبر 2021
تقرأ كتابها الصغير، وتصغي لما حولها في صمت رهيب، تدرك في قرارة نفسها أن تلك الكلمات التي تناظرها قد أعادت تكرارها مئات المرات، ترتشف شيئاً ملبداً في نفسها، فقد أدركت في لحظة سكون أن قلمها استسلم للخمول، وضيع الحروف في إكمال الكلمات، ويستلقي على راحة يدها متردداً. فمتى يعلن اشتياق الارتواء من حقيبة اللغة، ليتشرب أمله ويعود لإدراج نشاطه وعمله الدؤوب، فلا أريد عقاربه أن تتراجع للخلف، أريده كما عهدته يمشي مع عقارب الساعة. نعم.. أهذا قلمها! أم نفسها أصابها الخمول، وتتراجع للذبول، وتضع كاهل عاتق الحمل على ذاك القلم الذي لا يزفر أنفاسه ويرتشف الرحيق ويستنشق الهواء إلا منها، فتضع ملامة جفاف الفكر، وتجاعيد أنامل ماتت برقتها مع انشغالات الحياة ومعتركاتها. ماذا يحدث لتتزامن مع الزمن الحالي وتواكب مروره قبل أن ينفذ الوقت منها، فهي في تراجع وتتجه اتجاهاً عكسياً وتنازلياً، ويراودني شعور كيف أعيد هذه الحياة التي تحتاج إلى ارتواء وسقاية لتلك الجذور الناشفة لتستمد رونقها وإنتاجها في العطاء. أخذت ورقة بيضاء ومددتها لها قائلا: خذي خربشي وخربشي ما استطعت لذلك سبيلاً، نظرت لي تستنكر حديثي، فلم أرع لنظرتها اهتماما وأومأت برأسي لها بالإيجاب بأن تنفذ مطلبي، وأردفت أحدثها: فأنا دائماً طوع إشارتك وأمرك، فكوني اليوم طوع أمري فكلانا يحتاج الإشراق، فلم يتبق شيء من الوقت لنواكب عقارب الساعة. وأدرت رأسي على الورق وخربشت، وخربشت.. وأثقلت في شكل الدوائر إلى أن شعرت بدوار رأسي فعلمت أن هذا هو سبب ما يفقد حيويتها ويغمس ظلام نورها، تراكمات، دوامات، تساؤلات واستفهام، واستمددت قوتي من نخرها العميق فهي تخرج تلك الطاقة السلبية الجنونية وتثير جنوني معها، إلا أن شعرت بأن تلك الدوامة قد هدأت وأن الدوران بدأ يتجه اتجاه الزمن الحالي وأرخت يدها عني، وأصابتها نوبة من الضحك الباكي، ولم أتمالك نفسي وبادلتها ذلك الشعور وضحكت وزادت القهقهات وتعالت. وأخذتني بين يديها وتأملتني برقرقة دمع عكس بريقه ببرقة عينيها، وخطت على صدر الورقة ها أنا ذا لا تهزمني العثرات، أفاقت الحروف من سباتها وأشرقت، وعدنا لإدراج النشاط.
3941
| 29 أبريل 2021
بَيْن المعركة والأخلاق فواصل كثيرة؛ فعندما تتفاقم المشكلة تصبح معركة نفسية، يتوجب علينا محاربتها، والأخلاق أن نتعامل معها بحكمة ويقين. وعِندما يتفاقم الوباء ويصبح جائحة، فنحن في معركة، ومن الأخلاق أن نتَّخذ كل وسيلة لتنتهي هذه المعركة. عِندما تعمل الجهات المعنية كل ما بوسعها فهذه معركة جهاد، من أجل بناء الوطن والأرض، والأخلاق أن نحمل معها سلاحا، جنبا بجنب، ونحافظ على الوطن يدا بيد. ومن أجل كل هذه الصراعات التي نُجاهد أن تنتهي وجدت العناية من كل الأطراف. فنحن في معركة ذاتية؛ نعم معركة ذاتية بين ما كان سابقا وبين الوضع الراهن؛ فلربما المجتمع لم يتوقع هذه الإطالة في وجود الفيروس إلى اليوم، لم يستوعب بعد الأحداث التي يمرُّ بها؛ فعدد الأرقام يرصد أرواحا زهقت بسبب عدم الاستيعاب. الذي أدَّى للاستهتار، واختلط المستقيم والأعرج، والصالح والطالح، وبين المجتهد والمتقاعس، وتوالدت "الأنا" بين الأحشاء، وتفاقمت ونحن في غنى أن ننتهي عند هذا الأمر. فنحن قادمون على تهيئة أنفسنا وأجيالنا القادمة للدراسة، وها نحن نقترب من العد التنازلي لذلك، وهذا تحد آخر مقبلون عليه؛ فمنذ أن هجم الفيروس علينا وتوقفت المدارس، ونحن في حالة نقاهة تجاه هذا الجيل والأطفال منهم بخاصة. والتهينا بحركة حياتنا التي انشلَّت من العمل والبيت والطرقات، وأولئك القائمون على تفادي هذه المعركة يعملون جاهدين على راحة بالنا، وإيجاد الحلول للجائحة. فمتى القادم الأجمل سيقترب؟ نريد أن نغني دون التلفت والترقب بخوف ورعب، كفانا حدادا على من نحب، ملامحنا بدأت ترتسم بملامح الحزن، ومساجدنا المشتاقة لمنبرها ترفع على مسامعنا الله أكبر.. ألم تشتق أنفسكم للقاء الله؟ لا يُوجد سوى قلم لا يكل ولا يمل، يكتب ويسجل لتصل كلماته إلى أقصى حد من الفهم والإدراك والتصور لما يحدث ولما يصير، ومن أجل هذا وجدت المعارك بذهاب الأخلاق. * كاتبة عمانية
2199
| 31 مارس 2021
كَم أوقفني هذا المقال كثيرا، لأني لا أريده مقالا تحليليًّا، ولا مقالا أقارن فيه هذا بذاك، ولكن أجد أن بعض الفواصل تجبرنا على أن يكون كذلك، أحتاج فقط أن أصل إلى بر الأمان وأصل بها إلى صناعة المجد. فليتني أنادي بقول أمي، وتقول نعم!. وفي هذا الصدد.. هي هنا ليست على سبيل الحصر، وإنما كل أمهات الزمن الجميل. نطق كلمة "أمي" يرادفها الحنين والذكريات وسيمفونية الخيال الرائع، التي تنبعث من واقع حقيقي يتراقص على عزف آلة الناي، وأول سلم أتذكره يتناغم لتشكيل صورة أمي أمامي شاخصة، صوتها ونهره وتقوُّس حاجبيها، وكيف كنا نقف بخوف واحترام وتقدير وإجلال لها، رغم حنانها الدافئ علينا. ثمَّة تفاصيل كثيرة يحملها هذا القلب، فتغرس في نفوسنا آدابًا وأساليب تبقى وتثمر وتترسخ كما يترسخ ذاك الجذر تحت الأرض، فيتفرع ليثبت قاعدته بأسياج وتيدة. تختلف أمي بأشياء كثيرة، والصورة بيني وبينها تتشابه كأم، إلا أنها تختلف في أني كنت بعينها وتراني؛ فهي لا يغيب عنها لا شاردة ولا واردة، وتهتم بكل شيء، وتعلم كل شيء، وتضم كل هذا بعناية لأننا بأعينها، فينتشر الأمان بظلها، وكيف صنعت منا قدوة وسلوكا ومنهجا، فأنبتت جيلا متعلما واعيا مدركا للمسؤولية. هل هذا التمكين منها في التربية يرجع إلى بركة تلك الحقبة، فالماديات لم تكن منتشرة كما نعهد ذلك الآن، أم هذه حاجتنا نحن نقولها، لتكون تفسيرا عن بعض نواقصنا وتقصيرنا من أثر مشاغل الحياة وضغوطها؟!. فكما قلت آنفا، أنا لا أقارن هنا، لأنني سأضع نفسي في حسبة التقصير، ولكن المواسم تتغير، فلماذا لا أتمايل بحرية كما كانت تتمايل أمي كالرياح في كل الاتجاهات؟؛ فلا تنحني ولا تنكسر وتلفني بحماها، في حين أنا من جيل أخرجته أمي، ولكن أطفالي في عيني وأنا معهم ولكن لا أراهم. فالخوف يُرهب أوصالي من هذا الجيل، الذي يحتاج منا كل الأهمية في العناية به من خلال فهمه، واتخاذ أساليب لجذبه إلينا، ليكون بعيدا عن كل ما حوله، ما من شأنه أن يفسد عقله الصغير، وأتدبَّر في خطواتي إليه وأحرص؛ فهو ليس من جيل الفطرة، كما كان ذاك الجيل الذي أرضعته أمي، إنه جيل متفتح مدرك لما يدور حوله. أمي هي الأمس واليوم والغد، وأنا أيضا ست الحبايب التي تأثرت بأمي، فأتبع خطواتها مع اتباع أساليب التربية الحديثة لأواكب الظروف، ليكون ابني في عيني كما كنت في عين أمي. همسة أخيرة: "رحم الله أمي، وغمدها جنة الخلد، وكل عام وأمهات المسلمين في خير وعافية وحب". كاتبة عمانية
2221
| 24 مارس 2021
هكذا كان يغرّد صوت المذياع في السيارة حين لمحت من المرآة الجانبية في شارع الحي وجها مألوفا لديَّ يقف في عرض الشارع، رأيتُ ذلك الوجه بوضوح؛ فالبشاشة كما هي ترتسمُ على مُحيَّاه، دون شعور، وجدتُ نفسي أراقبه عن بُعد، وأسرعت أخفي نفسي في زاوية ضيقة لكي لا تراني الوجوه. هُناك وجوه جميلة تمرُّ في حياتنا، ويبقى لها جميل الأثر ولو بعد مرور الأيام والشهور والسنوات، ونتأوَّه اندهاشا، وتتفجر باقات من المشاعر الغريبة لم نكن نتوقع حضورها، ونتسمَّر في المكان نراقب من بعيد الملامح ككل وجزء، كجسد وروح، كعقل وعاطفة، هل تغيَّرت أم كما هي باقية؟ ويمرُّ شريط طويل يجدد الماضي ويحيي في نفوسنا أحلى ذكرى. تبتسمُ أرواحنا في داخلنا، لم نتوقع أنَّ الصُّدف الجميلة وبلا ميعاد تنقش فينا الحنين لصور أرشيفية اندثرت بوقتها، وقد أخطأت الظن في النسيان فمنه تُخلقُ ذكرى ووجود جديد، وانبلاج شعور، ولحظة لم نكُن نتوقع حضورها أو انتظارها، لكنها أتت وليدة نفسها، فعلَّمتنا أن البقايا ما هي إلا حياة تتصارع وتتهافت حولنا. ما أجمل الذكريات والدفء الذي تحمله، حين نسترجع الأشخاص يحملون الحنين لروح المكان والزمان، نحتاج بين الفينة والأخرى لأن نقلب ألبوم الصور، ونتأمل الملامح التي لها رونق خاص بالقلب. فإنعاش الروح رحمة، والورود لا تذبل أبدا، والكلام لا ينتهي، والحب لا يموت، والشروق حياة، والغروب نهاية لبداية جديدة. وفي لمحة بصر وانشغالتها، رحَل ذاك الوجه، تاركا ابتسامة عريضة على ملامحي، فكما أتى بلا ميعاد رحل بلا ميعاد، واحتراما للحظة المقدسة رفعت يدي ملوحة بالوداع، أيقنتُ أن الحياة تدور وقد نلتقي ربما في زمن غير الزمن، وفي مكان غير المكان، ويجمعنا الوقت صدفة وبلا ميعاد، وكما نحن لصوت الماضي، ولكن مخاطبة المستقبل أجمل، وأكملت سماع عملاق الغناء يتردد في أذني: "خلي أسر قلبي، وضحكت لنا الدنيا وغنانا الهوى... وابوي أنا". كاتبة عمانية
3590
| 04 مارس 2021
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6027
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3720
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2811
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2406
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1542
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1359
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
888
| 24 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية