رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط حالة تهدئة نادرة مدفوعة بإعادة تموضع إقليمي يتمثل بتقارب بين القوى الإقليمية العربية-العربية والعربية-الإقليمية، نلحظ تقاربا بزيارات واستثمارات بين تركيا وكل من السعودية والإمارات العربية المتحدة ووعود باستثمارات في الاقتصاد التركي. في تراجع كبير من حالة التصعيد والاستقطابات والمناكفات منذ موقف تركيا من الربيع العربي. كما نشهد تقاربا تركيا - مصريا بزيارات وزراء خارجية ووضع مطالب الطرفين لتقارب واستئناف العلاقات الدبلوماسية. وحتى بدء جس النبض بين تركيا وسوريا، تسبق انتخابات الرئاسة التركية الحاسمة!. لكن الانفراجة والتهدئة الأكبر إذا نجحت، تنهي الحرب الباردة بتمكين السعودية وإيران والصين بنجاح مبادرتها لإعادة العلاقات وفتح البعثات الدبلوماسية خلال شهرين، بعد قطيعة وحرب باردة منذ عام 2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد، رداً على إعدام السعودية نمر النمر رجل الدين الشيعي الذي أعدم بعد محاكمته. عقد وزير خارجية السعودية ونظيره الإيراني أول اجتماع لهما في سبعة أعوام في بيجينغ لوضع ترتيبات افتتاح البعثات الدبلوماسية واستئناف منح تأشيرات الدخول والرحلات الجوية وتبادل الزيارات بين وزيري خارجية البلدين. يخرق أجواء التهدئة الإقليمية بين الخصوم في المنطقة، تصعيد التطرف الإسرائيلي بسياسة حافة الهاوية التي تنذر بتفجير حرب سادسة مع غزة وانتفاضة ثالثة بعد عودة نتنياهو على رأس الحكومة الأكثر تطرفاً وفاشية بتاريخ الاحتلال. بقيادة أحزاب فاشية وصهيونية دينية كوزير الأمن الداخلي ايتمار بن غفير الذي كان يقتحم المسجد الأقصى، ليصبح وزير الأمن الداخلي ويخضع نتنياهو لشروطه ويشكل مليشيا حرس الحدود لترهيب والتنكيل بالفلسطينيين، وسيموترتش وزير المالية الذي لا يقل تطرفاً عن بن غفير والذي يطالب بحرق مدينة حوارة ولا يعترف بالفلسطينيين ويضع خريطة إسرائيل الكبرى لتضم الأردن. ما يحرج ويستفز أمريكا والدول المطبعة مع إسرائيل-مصر والأردن-ودول «اتفاق ابراهام» عام 2020 برعاية الرئيس الأمريكي السابق ترامب. يضاف لها الخلافات العلنية الحادة بين الحليفين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بسبب انتقاد ورفض أمريكا تحجيم وتهميش السلطة القضائية بقانون «الإصلاحات القضائية» التي أجلها ولم يلغها نتنياهو، لإنقاذ جلده من الإدانة والسجن. لأن أمريكا تؤمن أن إسرائيل حليف أمني، وشريك بالقيم والثقافة والتراث والديمقراطية. وكذلك تعترض أمريكا على توسيع المستوطنات وتقويض حل الدولتين واقتحامات المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين بشكل غير مسبوق. وبرغم تأكيد نتنياهو الكاذب ليس لدى إسرائيل رغبة في تغيير الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس! إلا أن الاعتداءات والتصعيد تراجع، لكنه لم يتوقف. ما دفع إدارة الرئيس بايدن للتعبير عن الاختلاف والانزعاج وانتقاد خجول نادر لإسرائيل. لكن رغم ذلك عرقلت واشنطن قرار مجلس الأمن الدولي الذي يندد بسلوك إسرائيل والاعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى. ثم يتساءل الأمريكيون بتسطيح لماذا يكرهنا العرب والمسلمين؟!. فجّر تطرف حكومة نتنياهو والاعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى والتنكيل بهم، وقتل أكثر من 95 فلسطينيا مقابل 22 إسرائيليا منذ مطلع العام، رداً بعمليات فردية، وقصف صاروخي من غزة، لكن الصدمة تمثلت بهجوم مفاجئ من جنوب لبنان باستهداف مستوطنات الجليل الغربي شمال فلسطين برشقات 34 صاروخا قصير المدى من طرازي غراد وكاتيوشا، الخميس الماضي تم اعتراض معظمها. ما خرق الردع المتبادل بعد أكبر هجوم صاروخي من جنوب لبنان على المستوطنات الإسرائيلية منذ حرب تموز - يوليو 2006 التي دامت 33 يوماً على الحرب بوقف إطلاق النار بقرار مجلس الأمن الدولي 1701. لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي، مع تنصل حزب الله. ما دفع لعقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر وتأكيد نتنياهو «سنضرب أعداءنا وسيدفعون ثمنًا لعدوانهم». أتت رسائل الرد الصاروخي من لبنان رداً على تصعيد واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى بشكل وحشي ومستفز. وبعد توعد إيران بالانتقام للغارات الإسرائيلية المتكررة ومؤخراً مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني منذ مطلع أبريل بعد تكرار غارات إسرائيل على مواقع لمليشيات موالية لإيران في سوريا، وسقوط قتلى لإيران وحزب الله والجيش السوري، دون أي رد!. والرسالة الثالثة، كذلك تزامن الهجوم الصاروخي مع بدء عيد الفصح اليهودي -أهم أعياد اليهود-، ولإحراج نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفاً. كانت تسخر من حكومة بنيت-لابيد لعجزها عن توفير الأمن. فإذا بإسرائيل تتعرض لهجمات من غزة ولبنان!. ويعيش اليهود في حالة هلع ويُقتلون، ويهرعون للملاجئ جنوباً وشمالاً! وهناك من يراه لتخريب الاتفاق السعودي-الإيراني!. كان الرد الإسرائيلي متوقعاً محدوداً ومدروساً للتنفيس ولحفظ ماء الوجه. قصفت إسرائيل ثلاثة أهداف على مخيم الرشيدية وسهل القليلة شرق مدينة صور جنوب لبنان دون وقوع إصابات. وشنت إسرائيل غارات على عشرة أهداف وأنفاق ومواقع تصنيع أسلحة تابعة لحركة حماس في قطاع غزة. ولامتصاص استياء ومطالب الوزراء والقيادات الحزبية المتطرفة من أقصى اليمين الفاشي في ائتلاف حكومة نتنياهو، ولعدم انهيار تحالف الحكومة الهش الغارقة في صراع واشتباك داخلي على خلفية تهميش وتحجيم السلطة القضائية وخاصة أحكام المحكمة العليا، وإقالة وزير الدفاع ثم التراجع عن الإقالة وخضوع نتنياهو للابتزاز بإنشاء (مليشيا) حرس الحدود، تحت إمرة بن غفير لترهيب والتنكيل بالفلسطينيين، ما فجر أكبر مظاهرات احتجاج بتاريخ كيان الاحتلال. برغم اتهام وزير الخارجية الأردني إسرائيل بدفع المنطقة للهاوية! واستدعاء نتنياهو الاحتياط، لكن إسرائيل المأزومة وإيران وأذرعها لا ترغبان بتفجر حرب إقليمية مع حماس والجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله في لبنان. لذلك تم احتواء التصعيد المتبادل بنجاح وساطة وضغوط الولايات المتحدة ومصر وقطر والإمارات ولو مؤقتاً. لكن الأخطر تهديد نتنياهو بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي!.
693
| 09 أبريل 2023
توثق الصين تحالفها الذي يقترب من التحالف الاستراتيجي مع روسيا لتشكلا نظاما عالميا متعدد الأقطاب مناوئا ومتحديا لهيمنة الولايات المتحدة والغرب. مع عدم تجاوزها بعد أكثر من عام على حرب روسيا على أوكرانيا، الخطوط الحمراء بتزويد روسيا بأسلحة تحتاجها في حربها المتعثرة على أوكرانيا، حتى لا تستفز أمريكا والغرب وعقوباتهم، فيما تشهد العلاقات الأمريكية - الصينية تصعيداً بسبب تفاقم حدة الخلافات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. ما يطرح سؤالا عن قدرة دولنا الخليجية على البقاء على الحياد؟! تعمق التقارب الصيني - الروسي بعد زيارة الرئيس الصيني تشي لموسكو وإعلان بوتين عقيدة روسيا الجديدة. لترسيخ الشراكة وتشكيل نظام عالمي جديد ولقاء تشي مع الرئيس بوتين بعد أيام من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال الرئيس بوتين لارتكابه جرائم حرب في أوكرانيا. وأكد إعلان الرئيس بوتين قبل أيام نسخة محدثة لعقيدة السياسة الخارجية الروسية لإرساء نظام عالمي جديد يشكل أرضية وأساسا للعلاقات الدولية، تصنف العقيدة الروسية الجديدة أمريكا والغرب مصدر تهديد وجودي والعدو الأول لروسيا في ظل استقطابات الحرب الروسية على أوكرانيا. تطوير علاقات استراتيجية مع حلفاء روسيا وعلى رأسها الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا والعالم الإسلامي وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وعلى استخدام القوة العسكرية ضد أي اعتداء على روسيا وحلفائها. واتهام الولايات المتحدة وحلفائها بشن «حرب هجينة» ضد روسيا. ونددت أمريكا ودول أوروبية في مجلس الأمن «بتصعيد الرئيس بوتين المتهور» بنقل أسلحة نووية تكتيكية لروسيا البيضاء. وفي الوقت الذي تتعمق فيه العلاقات الروسية-الصينية، نشهد تصعيدا ومواجهات مفتوحة ومتصاعدة بين أمريكا والصين على جميع الأصعدة السياسة-التجارية-الاقتصادية والتكنولوجية وحتى في مجال الذكاء الاصطناعي. أبرزها كانت انتقادات الصين القوية لأمريكا بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة بلوسي لتايوان الصيف الماضي. وزيارة رئيسة تايوان نيويورك (ترانزيت) في طريقها لأمريكا اللاتينية. واحتمال اجتماعها مع رئيس مجلس النواب الأمريكي في عودتها إلى تايوان. كما تصعّد الصين عسكرياً ضد الولايات المتحدة الأمريكية بمواجهات في بحر الصين الجنوبي وتبعد البحرية الصينية مدمرات أمريكية وتتحرش وترهب تايوان بشكل مستفز. وشهدنا مؤخراً استجواب لجنة الطاقة والتجارة في الكونغرس الأمريكي المدير التنفيذي لتطبيق تيك توك المملوك لشركة صينية، ويتجاوز عدد مستخدمي التطبيق 150 مليون مشترك في أمريكا. وكانت وُجهت اتهامات بتمكين «تيك توك» مشاركة بيانات مستخدمي التطبيق مع الحكومة الصينية! لكن مدير تيك توك فشل في إقناع أعضاء لجنة الكونغرس، وخاصة الأعضاء الجمهوريين بأن بيانات المشتركين في التطبيق لا يتم مشاركتها مع الحكومة الصينية! وأعلنت أمريكا أن شبكة الاتصالات هواوي وتطبيق تيك توك يشكلان تهديداً للأمن القومي الأمريكي!. تبدي الصين ثقة وجرأة في تحدي أمريكا لثقتها أن عصر الهيمنة الأمريكية في أفول! وتتحالف مع روسيا فيما أصفه «تحالف المستبدين» لتسريع أفول أمريكا وانهاء زعامتها للنظام العالمي. وترفض إدانة حرب روسيا على أوكرانيا وتعرض مبادرة وساطة لانهاء الحرب. ويرفض الرئيس الصيني لقاء الرئيس الأوكراني. لكن الجديد كما فعلت روسيا في سوريا، هو نجاح تدخل الصين في مناطق نفوذ أمريكا، بالتوسط بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وإنهاء سبعة أعوام من قطع العلاقات والاشتباك في حرب باردة ومواجهات مع وكلاء إيران في المنطقة بأسرها! السؤال المهم: هل تسعى الصين لتنتقل بتحالفها مع روسيا من شريك تجاري صرف يستورد النفط والغاز من دولنا الخليجية ونستورد جميع أنواع منتجاتها، وصلت للسيارات، لتصبح الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي وإيران وكذلك عبر مشروع الصين العالمي الطموح طريق الحرير والحزام والطريق الواحد الذي يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية بما يصل إلى 150 دولة عبر موانئ وطرق برية وبقيمة 8 تريليونات دولار، لوسيط سياسي؟ لكن الحقيقة لا تملك الصين ولا روسيا الإمكانيات والقدرات والقواعد العسكرية والقوات المسلحة والأسطول البحري، والقرار السياسي حتى اليوم، لتعويض الانكفاء والتراجع الأمريكي لملء الفراغ الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط. خاصة تحتفظ الولايات المتحدة، برغم انكفائها بـ35,000 عسكري من مختلف القطاعات منتشرين من الكويت إلى سلطنة عمان، وفي العراق وسوريا. لذلك واشنطن غير قلقة من وساطة الصين بين السعودية وإيران. ولا ترى أن دور الصين في الخليج سيكون له بعد أمني وتأثير للعب دور يغير قواعد اللعبة والتركيبة الهيكلية للأمن الخليجي (Game-Changer). لعدم قدرة الصين وروسيا وحتى الهند، على لعب دور الحامي الأمني الفعلي للأمن الخليجي. حتى مع التباين في العلاقات الخليجية-الأمريكية وتراجع الثقة بالحليف الأمريكي وآخرها ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً عن نقل مقاتلات أمريكية متطورة من منطقة الخليج إلى شرق آسيا لمواجهة الصين وإلى أوروبا الشرقية لمواجهة روسيا وطمأنة حلفائها. وفي استمرار لتأكيد التحول والاستدارة الأمريكية تجاه الشرق لاحتواء الصعود الصيني والروسي كأولوية حسب وثائق الاستخبارات الأمنية الرسمية الأمريكية. يبقى السؤال بعد عرض تلك الحقائق ما هي مصلحة دولنا الخليجية التي تعلم محدودية دور الصين الذي لن يتعدى للعقد القادم مجالات الطاقة والتبادل التجاري والاستثمارات في المناكفة والتعويل على الصين بمنحها الفرص وتمكينها من لعب دور يتجاوز التبادل التجاري؟ وأذكر وقعت الصين اتفاقية ربع قرن مع إيران باستثمار الصين 400 مليار دولار في إيران مقابل شراء النفط الإيراني بأسعار تفضيلية؟ وإلى متى يمكننا لعب الصين بمواجهة أمريكا، كما كان الحال في حقبة الحرب الباردة بلعب الاتحاد السوفيتي مقابل الولايات المتحدة لانتزاع تنازلات أمريكية. كما فعلت الكويت بإقناع أمريكا المترددة حينها، بحماية ناقلات النفط الكويتية من القصف الإيراني باستخدام ورقة السوفييت ما عجّل بنهاية الحرب العراقية-الإيرانية، بعد عام!.
1638
| 02 أبريل 2023
منذ إطلاق الرئيس أوباما إستراتيجيته بالاستدارة شرقاً لمواجهة واحتواء الصين، وانسحاب أمريكا من العراق وسوريا، وأفغانستان وعودة سيطرة حركة طالبان على كامل أفغانستان، وتجاذب إدارة بايدن مع السعودية وروسيا في مجموعة أوبك بلس بعد خفض إنتاج النفط - في نوفمبر الماضي- بعكس رغبة الرئيس بايدن، وأولوية التدخل في حرب روسيا على أوكرانيا، والعلاقات الأمريكية-الخليجية تشهد تجاذباً وتراجع الثقة! سعت الولايات المتحدة لتحقيق إستراتيجية الانكفاء من منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط خلال العقد الماضي، بخفض وجودها العسكري من قوات ومعدات عسكرية في المنطقة. وإبقاء لواءين باتريوت و4 بطاريات صاروخية لأنظمة الدفاع الصاروخي. وخفض عديد القطع البحرية في الخليج والشرق الأوسط ومغادرة حاملة الطائرات التي كانت تتمركز منذ عقود. نذكر أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ 30,000 عسكري أمريكي في الخليج من الكويت إلى سلطنة عمان، و2500 جندي في العراق و900 في سوريا. واليوم بعد عام وشهر من حرب روسيا على أوكرانيا واصطفاف الصين مع روسيا تكرس بزيارة الرئيس الصيني تشي لروسيا واجتماعه مع الرئيس بوتين الأسبوع الماضي، والتأكيد على ضرورة التحالف الإستراتيجي لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، نشهد صراع القوى الكبرى وتعمق المواجهات ونهاية النظام العالمي الذي تشكَّل عقب الحرب الباردة كما أكد وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان أمام لجان في الكونغرس مؤخراً. تساهم حرب روسيا على أوكرانيا وتنمر وتحدي الصين للولايات المتحدة في مناطق نفوذها القريبة، وتدخل الصين في مناطق نفوذ الولايات المتحدة، وآخرها وساطة الصين بين السعودية وإيران وروسيا وأوكرانيا، وعودة روسيا من بوابة سوريا، وشراكة روسيا مع إيران في حربها على أوكرانيا، وتحالف روسيا مع الصين، وبعد ما أنهت أمريكا حربيها في أفغانستان والعراق لم يعد هناك حاجة للإبقاء على عديد القوات العسكرية والمعدات الثقيلة من عربات ومدرعات ومقاتلات وقطع بحرية، كما تبرر قيادة مسرح العمليات العسكرية الأمريكية USCENTCOM –. ما يسرّع استدارة أمريكا الإستراتيجية من الخليج إلى آسيا! في موقف يؤكد تراجع أهمية منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، قررت وزارة الدفاع الأمريكية خفض عديد القطع العسكرية البحرية في المنطقة من نقل المقاتلات الحديثة من الخليج إلى الشرق وأوروبا ضمن إستراتيجية الولايات المتحدة كما ورد في وثيقتي الأمن الوطني والدفاع الوطني لاحتواء والتصدي لأكبر مصدري تهديد للأمن الوطني. لدعم إستراتيجية الولايات المتحدة التي أطلقت عليها «صراع القوى الكبرى مع الصين وروسيا». لذلك لم يكن مستغرباً تقرير صحيفة وول ستريت جورنال الحصري قبل أيام، بالتأكيد قرار وزارة الدفاع الأمريكية إرسال وتمركز سرب طائرات (12 مقاتلة)- A-10 القديمة قاتلة الدبابات والمدرعات- (دخلت الخدمة عام 1977)، وسرب مقاتلات F15 وآخر F16-إلى الشرق الأوسط، لتكون بديلاً عن المقاتلات الأمريكية الأكثر تطوراً، لضمان عدم وجود فراغ عسكري. وإرسال المقاتلات المتطورة من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا وأوروبا لمواجهة وردع القوى الكبرى- الصين وروسيا. لكن لا يبدو أن مقاتلات A-10- (قاتلة الدبابات) قادرة على تحقيق الردع المطلوب لاقتصار مهامها على تدمير الدبابات والمدرعات وليس الردع! وحسب التقارير، أثار قرار وزارة الدفاع الأمريكية الاستغراب بسبب قرار سابق بإحالة طائرات A-10 للتقاعد! لذلك شكك مسؤولون أمريكيون متقاعدون بقدرة هذه المعدات العسكرية الأمريكية على مواجهة وردع التهديدات وخاصة من إيران. لكن أمريكا تحتاج قدرات عسكرية لمكافحة الإرهاب واحتواء إيران. أكدت وزارة الدفاع هدف الوجود العسكري في العراق وسوريا مقاتلة تنظيم داعش- قتلت أمريكا مع حلفائها الأكراد وغيرهم حوالي 700 من مقاتلي داعش عام 2022، إلا أن الوجود العسكري الأمريكي في تراجع، ويتعرض لهجمات واعتداءات بالمسيرات الإيرانية الانتحارية وقصف صاروخي من مليشيات موالية للحرس الثوري الإيراني في قواعد عسكرية أمريكية في الحسكة وشمال شرق سوريا، آخره في الأسبوع الماضي بقصف مسيرات إيرانية انتحارية صواريخ للمرة الثمانين منذ عام 2021، لقواعد أمريكية في شمال سوريا سقط فيها قتلى وجرحى أمريكيون. حمَّل الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية مسؤولية الاعتداءات على إيران لدعمها وتسليحها المليشيات الموالية لها. كما اتهم المسؤولون الأمريكيون روسيا بتحليق مقاتلاتهم فوق القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا. تسببت حرب روسيا على أوكرانيا وتنامي تحدي الصين أمنياً وعسكرياً وتكنولوجياً بتسريع استدارة وتغير أولويات الولايات المتحدة الإستراتيجية من الخليج والشرق الأوسط إلى شرق آسيا وروسيا. برز اعتقاد بعد تفجر أزمة الطاقة بسبب الحرب والعقوبات الغربية على النفط والغاز الروسي ومقاطعة تصدير روسيا لنفطها وغازها بعودة مكانة وأهمية دول مجلس التعاون الخليجي بسبب مصادر إنتاج واحتياطات الطاقة. وكان ملفتاً تقاطر القادة والمسؤولين الغربيين بزيارتهم للعواصم الخليجية وخاصة إلى الرياض والدوحة للحصول على تعهدات بتأمين صادرات الطاقة. وأبرزها كانت زيارة الرئيس جو بايدن لجدة في يوليو 2022، والقمة التي عقدت بين قادة دول مجلس التعاون والرئيس الأمريكي ومطالبته بخفض إنتاج النفط قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر الماضي. لكن ما حدث كان عكس رغبات بايدن وإدارته والديمقراطيين في الكونغرس، بعد قرار مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا، خفض إنتاج النفط بواقع 2 مليون برميل نفط يومياً بدءاً من نوفمبر 2022. ما أدى إلى مواجهة وتصعيد بين إدارة بايدن والسعودية وتوعده بمراجعة العلاقة مع الرياض! وبرغم تراجع بايدن عن تهديده، إلا أن موقفه عمق تراجع الثقة! واقعياً تمر العلاقات الأمريكية- الخليجية بمرحلة امتحان صعب. وبات الانكفاء الأمريكي نهجاً متأصلاً. واضح سيتصاعد ويشتد صراع القوى الكبرى مستقبلاً، كما لا تملك القوى الكبرى: الصين وروسيا والهند، القدرات والقرار السياسي لملء الفراغ الإستراتيجي، لذلك على دول مجلس التعاون الخليجي التفكير ببدائل أمنية خارج الصندوق.
1767
| 26 مارس 2023
منذ تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على منطقة الخليج العربي أمنياً بعد الانسحاب البريطاني عام 1971-وما تبعه من سقوط نظام الشاه، وحروب وغزو واحتلال الكويت وتحريرها وانتشار القواعد الأمريكية، والنظام الأمني الخليجي يخضع للأحادية القطبية الأمريكية الواحدة. لكن يبدو أن ذلك الواقع قد يتغير إذا نجحت وساطة الصين الجريئة في منطقة الخليج العربي-وفي عقر دار منطقة نفوذ أمريكا الخالصة! يأتي ذلك في أعقاب مفاجأة اختراق مبادرة توسط الصين لحل الخلاف وجدولة إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بداية أثناء زيارة الرئيس الصيني تشي إلى السعودية وعقده قمم مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر الماضي لتقريب وجهات النظر وإنهاء الخلاف بين السعودية وإيران بعد قطع العلاقات الدبلوماسية منذ عام 2016 وطرد السفير الإيراني والطاقم الدبلوماسي الإيراني وإغلاق البعثات الدبلوماسية الإيرانية على خلفية اقتحام السفارة والقنصلية العامة الإيرانية في طهران ومشهد بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر. وتضامن دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيض التمثيل الدبلوماسي، وبدء حرب باردة بين ضفتي الخليج تمددت من اليمن إلى لبنان ومن العراق إلى سوريا. إذا ما نجحت الوساطة الصينية بتحقيق أهدافها بمعادلة رابح-رابح لجميع الأطراف الثلاثة: الوسيط الصين والسعودية وإيران بالتزام إيران والسعودية ببنود عدم التدخل بشؤون الطرف الآخر واحترام السيادة، وعدم شن هجمات واعتداءات، وتفعيل الاتفاق الأمني بين البلدين لعام 2001-وبضمانة الثقل الصيني، بكونها الشريك التجاري الأول لكل من السعودية وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي. حيث يذهب 90% من الاحتياجات من النفط والطاقة إلى آسيا. وذلك بعدما ما صارت الصين المستورد الأول للطاقة في العالم، ما يعزز فرص نجاح الاتفاق. ويحول الصين للاعب مؤثر وحليف جديد لدول مجلس التعاون الخليجي، ومستقبلاً في الأمن الخليجي. وهذا يكسر التفرد والاحتكار الأمني الأمريكي في الخليج، ويرسل رسالة لواشنطن بتعدد اللاعبين الدوليين في المنطقة. باتت الصين اليوم لاعباً مهماً ومؤثراً على المستوى الدولي بعد إعادة انتخاب الرئيس الصيني لفترة ثالثة وتاريخية، وتوثيق التحالف مع الرئيس الروسي بوتين بزيارة هي الأولى للرئيس الصيني تشي الأسبوع القادم منذ الحرب على أوكرانيا. وتملك الصين ثاني أكبر اقتصاد في النظام العالمي بعد الاقتصاد الأمريكي. كما تدعم الوساطة وتمدد الصين خليجياً، مشروعها العالمي العملاق الحزام والطريق الواحد (BRI) الذي يشمل عشرات الدول واستثمار 8 تريليونات دولار لربط النظام العالمي براً وبحراً. كما أن الانكفاء والتراجع الأمريكي عن منطقة الخليج، يشجع الصين على التمدد. تصنف الاستخبارات الأمريكية الصين، الطرف الوحيد الذي يملك أكثر الإمكانيات والقدرات لتشكل أكبر منافس ومهدد للزعامة والنفوذ الأمريكي العالمي بشتى المجالات منذ أكثر من عقد، لما تملكه من قدرات تكنولوجية واقتصادية وصناعية يجعلها قادرة على التمدد حتى في مناطق نفوذ الولايات المتحدة. وهكذا من ذلك المنطلق نستوعب مقاربة الصين الجديدة ودورها في منطقة الخليج العربي. لذلك نجاح الصين بهندسة واستضافة مباحثات افضت إلى اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران خلال شهرين والتحضير لاجتماع وزيري خارجية السعودية وإيران، تهديد حقيق للتفرد الأمريكي. كما يُعد اختراقاً بالغ الأهمية للصين في الخليج العربي-التي تبقى تاريخياً وإستراتيجياً منطقة نفوذ خالصة للولايات المتحدة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي. بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة لمنع قوى كبرى وخاصة روسيا من الوصول إلى «مياه الخليج الدافئة» خاصة منذ إعلان الرئيس كارتر مبدأه عام 1980-هدد كارتر للمرة الأولى عن استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج. وذلك بعد غزو واحتلال الاتحاد السوفيتي أفغانستان، والثورة الإسلامية في إيران. لذلك من المستغرب نجاح الصين، التي لم يُعرف عنها أي دور واهتمام بالوساطات الدبلوماسية، ودور عسكري في أزمات وحل النزاعات في الشرق الأوسط. والسؤال كيف نجحت الصين بالوساطة بين الخصمين اللدودين-السعودية وإيران بعد فشل خمس جولات بوساطة عراقية واستضافة سلطنة عمان كما تكشف جولات محادثات بين الطرفين خلال العامين الماضيين. فلماذا نجحت الصين؟ وهل يؤسس النجاح الدبلوماسي تهدئة الأوضاع وخفض حدة التوتر؟ وصولاً لما اقترحه الرئيس أوباما عام 2016 لمجلة ذي أتلانتيك باقتسام النفوذ بالمنطقة بين السعودية وإيران؟ أم نحن أمام فترة أصفها بفترة اختبار نوايا وبناء الثقة المفقودة بين القوتين الإقليميتين؟ وماذا عن الضمانة الصينية؟ والانعكاسات على أذرع ووكلاء إيران؟ بدءاً بالحوثيين في اليمن؟ وعلى فرص التوصل لاتفاق نووي جديد مع مجموعة (5+1(؟ وعلى فرص عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران؟ وعلى التطبيع العربي مع إسرائيل؟ وعلى تعويم نظام الأسد بعد زيارات وتليين المواقف تجاه نظام الأسد، حليف إيران على خلفية الزلزال المدمر في شهر فبراير الماضي؟ يشبّه كيسنجر اختراق الصين لمنطقة الخليج مقر نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، باختراق الولايات المتحدة للتحالف بين روسيا والصين في سبعينيات القرن الماضي، بزيارة الصين واللعب على التناقضات. وهو شبيه بما يحدث اليوم بلعب الصين دور ضد نفوذ أمريكا في الخليج. هناك تفاؤل اليوم أن يساهم الاتفاق وبموافقة السعودية وإيران على خفض التصعيد والمواجهات المفتوحة. يؤكد ذلك ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال بتعهد إيران بالتوقف عن تزويد الحوثيين بالسلاح. ما يشكل نقطة فارقة تبنى من خلالها إيران الثقة وصولاً للتوصل لاتفاق ينهي المواجهة في اليمن. وينعكس إيجاباً على انتخاب رئيس توافقي في لبنان-قد يكون قائد الجيش اللبناني، وخفض التصعيد في سوريا. وربما الدفع لإعادة إحياء الاتفاق النووي ينهي حالة تصعيد وتهديد إسرائيل استهداف منشآت إيران النووية ويمنع انزلاق المنطقة نحو الهاوية!
1986
| 19 مارس 2023
أحدثت حرب روسيا على أوكرانيا بعد أكثر من عام هزة عنيفة بتحولات دولية وإقليمية بارزة تعيد تشكيل النظام العالمي وحتى الإقليمي بتحالفات وتحولات واسعة وغير مسبوقة في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل حوالي ثمانية عقود. وتساهم بتسريع تحول النظام العالمي نحو التعددية القطبية Multi-Polarity International System-التي بدأت قبل أكثر من عقد من الزمن- وذلك حسب دراسات أمنية واستخباراتية أميركية تُنشر من أجهزة الاستخبارات الأميركية وخاصة National Intelligence Council -منذ عام 2012. وكذلك تحتل وتشغل حرب روسيا على أوكرانيا الأولوية في مقاربات الولايات المتحدة والغرب كأولوية في القضايا والتحديات والتهديدات الدولية-ما يهمش القضايا والتهديدات المهمة التي تؤثر على الأمن الإقليمي في عدة أقاليم ودول بما فيها منطقة الخليج العربي. مع جمود التفاوض حول ملف إيران النووي-ولكن المفاجأة نجاح وساطة الصين إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران خلال شهرين. بعد ترقية إيران لتهديد وخطر السعودية من حليف لأميركا إلى مصدر لتحدي ومواجهة الولايات المتحدة الأميركية. ما يقلق حلفاء أمريكا في المنطقة-خاصة بعد انكفاء أمريكا وانسحابها المرتبك والفوضوي من أفغانستان-وإلقاء حرب روسيا على أوكرانيا تباين وانتقادات أمريكا لدول أوبك وصل حتى باتهامات إدارة بايدن وقوف مجوعة أوبك بلس بصف روسيا وسط انتخابات التجديد النصفي بعد خفض انتاجها النفط ب2 مليون برميل نفط يومياً- والتوعد بمراجعة العلاقات معها! وكذلك تساهم الحرب بإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط والفاعلين فيها من دول مجلس التعاون الخليجي-إسرائيل-إيران-وتركيا- بين دعم روسيا (إيران بمسيرات وصواريخ وأنظمة دفاع صاروخي وتشكيل تحالف عسكري) أو أخذ موقف الحياد (دول مجلس التعاون) أو التوسط برغم تزويد أوكرانيا بمسيرات (تركيا). لكن في المقلب الآخر، برغم تداعيات الحرب بتعزيز وترقية مكانة وأهمية دول مجلس التعاون كشريك موثوق للغرب للولايات المتحدة وأوروبا-وكمصدر للطاقة، ولعب دور مهم في طمأنة الدول الصناعية الكبرى بالجدية ببذل جهود فردية وجماعية بتعويض النقص في امدادات الطاقة من نفط وغاز، وذلك بعد فرض عقوبات على روسيا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي-وفرض روسيا مقاطعة على بعض الدول التي تشارك في دعم أوكرانيا-حتى لا يتضرر أمن الطاقة. حيث تسببت حرب روسيا بأزمة حادة بأمن الطاقة ما يهدد النمو الاقتصادي والاقتصاد العالمي ككل. وذلك بعد تراجع مكانة ودور دول منطقة الخليج العربي على صعيد توفير الطاقة بسبب النفط والغاز الأحفوري. ومع ذلك تجد دول مجلس التعاون الخليجي نفسها تتبع إستراتيجية الحياد الإيجابي بعدم استفزاز الولايات المتحدة وحلف الناتو والغرب من جهة وعدم تحدي روسيا من جهة ثانية. في تطبيق لمقولة «عندما تتصارع الفيلة يموت العشب»! ما يضع دولنا الخليجية في موقف صعب، خاصة في حال طالت مدة الحرب التي تحولت لحرب بلا أفق وحرب استنزاف لجميع الأطراف المشتبكة كما هو متوقع من مجريات المعارك الطاحنة. حتى الانتصارات المحدودة تأتي بفواتير وبكلف عالية وبثمن باهظ كما يجري حالياً في باخموت-شرق أوكرانيا-برغم عدم أهميتها الاستراتيجية، والتي لم تنجح القوات الروسية مع مرتزقة فاغنر الروسية سوى بالسيطرة على أجزاء منها بعد أشهر من الحرب الضارية والمدمرة. لكن في ظل تنامي التحالف العسكري بين روسيا وإيران بالتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات والأسلحة وآخرها ما أكدته الولايات المتحدة من تزويد روسيا إيران بأسلحة جافلين المتطورة المضادة والمدمرة للدبابات والدروع، تُحمل على الكتف. وصواريخ ستينغر المضادة للطائرات لدراستها ومعرفة كيفية التعامل معها في حال مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران-وكذلك عمل روسيا على تسليم إيران 24 مقاتلة سوخوي-35 المتطورة-كانت مخصصة لمصر ولكن بسبب الضغط الأميركي على مصر لم يتم تسليمها، وهي مقاتلات أقل كفاءة وقدرة من المقاتلات الأميركية التي بحوزة دول مجلس التعاون وإسرائيل. وكذلك هناك نقاش عن تزويد روسيا إيران بمنظومة الدفاع S-400–المتطورة المضادة للمقاتلات-ما يشكل أكبر تحديث لسلاح الطيران الإيراني منذ عقود ويعزز قدرات إيران ويمنحها مزيد من الثقة والجرأة للتحدي. لذلك يشكل تنامي التحالف الروسي-الإيراني بمسيرات إيرانية لروسيا والتخطيط لبناء مصنع لإنتاج آلاف المسيرات الإيرانية شاهد-136 ستؤثر على الأمن الخليجي بشكل عام. وسط استقطاب دولي بين أمريكا وحلف الناتو والغرب من جهة، وبين روسيا وحلفائها روسيا البيضاء وكوريا الشمالية وإيران، ولا يصب ذلك في مصلحة دولنا الخليجية! ومع استمرار الحرب في أوكرانيا بلا أفق وتحولها لحرب استنزاف، سيمتحن طول أمد الحرب التي دخلت عامها الثاني بنزف بشري ومعدات مالي لجميع الأطراف المشتبكة، مدى قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على البقاء على الحياد الإيجابي! وعدم دفع المنطقة لمزيد من الاحتقان والتصعيد. وهذا يسمح لدول مجلس التعاون الخليجي بالطلب من روسيا إعادة النظر بتزويد إيران بتلك الأنظمة العسكرية المتطورة حتى لا تخل بموازين القوى في منطقة الخليج. لكن التطور الملفت وغير المتوقع بحجمه وسرعته هو الاتفاق بين السعودية وإيران صدر في بيان مشترك صيني-سعودي-إيراني بعد مباحثات بوساطة صينية سبقتها جولات مباحثات في العراق وسلطنة عمان، تتوجت باتفاق ينهي قطيعة ومواجهات سبعة أعوام. وتم الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء وفتح السفارات والبعثات الدبلوماسية في مدة أقصاها شهران وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني لعام 2001- بين السعودية وإيران، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ما يؤمل أن يخفض التوتر في المنطقة إذا افضى لاستئناف العلاقات إلى تهدئة وانفراجه في الملفات المعقدة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. ما سيحقق كما علق وزير الخارجية الصيني بين السعودية وإيران سيعد انتصاراً للسلام. سنرى!
2349
| 12 مارس 2023
يبقى احتلال وقمع إسرائيل للشعب الفلسطيني مصدرا رئيسيا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط ويتم ذلك بغطاء ودعم دولي وكيل بمكيالين يشجع تطرفها وقمعها انتخاب أحزاب أقصى اليمين المتطرف. يتكرر ذلك، وآخره مطلع هذا العام، بعد خامس انتخابات في ثلاثة أعوام، ما يدل على انسداد الأفق وشلل النظام السياسي بسبب الانقسام الحاد في مجتمع وكيان الاحتلال. تعكسه مظاهرات أسبوعية خارج منزل رئيس الوزراء نتنياهو احتجاجاً على سياسات حكومته المتطرفة، وسعيه لتشريع قانون يحد من سلطة القضاء وينقض أحكام المحكمة العليا لينجو نتنياهو من الإدانة بتهم الفساد وخيانة الأمانة التي تلاحقه منذ سنوات. منذ تشكيل نتنياهو الحكومة السادسة من قيادات أقصى اليمين الأكثر تطرفاً وفاشية بتاريخ كيان الاحتلال وبينهم زعيم حزب الصهيونية الدينية ومن ساكني المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، ومن يرون أن لا حقوق للفلسطينيين وعلى رأسهم بين غفير وزير الأمن الداخلي الذي دأب باقتحام مع قطعان المستوطنين باحات المسجد الأقصى، وسموتريتش وزير المالية الذي مُنح صلاحيات الحاكم العسكري الأمنية على الضفة الغربية، ازدادت وتيرة التصعيد ضد الفلسطينيين بشكل مميت. أدت لمقتل أكثر من 67 فلسطينياً منذ مطلع العام. واقتحامات متكررة لكبرى مدن الضفة الغربية في جنين ونابلس، في تكرار لممارسات نظام بالأبارتيد في جنوب أفريقيا. أكرر تحذيري نتيجة القمع والقتل والتنكيل والاقتحامات والاستفزازات اليومية من خطورة تفجير انتفاضة ثالثة وحرب على غزة. وفي تصعيد إسرائيلي خطير وغير مسبوق هو الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ سنين، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة قتلت فيها 11 فلسطينياً وجرحت 100 في اقتحام مدينة نابلس في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي. وسبقها مجزرة اقتحام مخيم جنين نهاية شهر يناير، دون إدانة دولية وخاصة أمريكية، بل مطالبات عقيمة بضبط النفس وخفض التصعيد في مساواة للضحية والجلاد، ما يشجع قوات الاحتلال على القمع والتنكيل. تزامن عقد اجتماع العقبة في الأردن، بمشاركة السلطة الفلسطينية التي استفزت مشاركتها الفلسطينيين بعد وقف التنسيق الأمني، ووفد أمني واستخباراتي إسرائيلي ومشاركة أمريكية ومصرية وأردنية، بهدف كما أُعلن خفض العنف والعودة للوضع السائد، الذي تسببت جرائم الصهاينة بدفعه للانفجار. وقبل أن يجف حبر اتفاقيات اجتماع القبة العقيمة والتي فسرت بمحاولة تحجيم المقاومة أمام التغول الإسرائيلي، اغتال فلسطيني مستوطنين في مدينة حوارة قرب القدس. لتطلق قوات الاحتلال يد المستوطنين لتعيث فساداً وتدميراً وحرقاً لمنازل وسيارات ومزارع حوارة بتفلت أمني إرهابي بغطاء وتشجيع حكومي، لترهيب والتنكيل بالفلسطينيين وتدمير مزارع وحرق منازل وسيارات سكان حوارة ومحاصرة قوات الاحتلال المدينة حتى اليوم. وللإمعان بالاستفزاز طالب وزير المالية سموتيرتش بفاشية مدانة «بمحو قرية حوارة من على الأرض»! واتهم السلطة الفلسطينية بتمويل الإرهابيين.. ومصادرة أموال الضرائب الفلسطينية التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية لتدفع منها تعويضات للمتضررين من العمليات الفلسطينية ضد المستوطنين. ورافق ذلك وصف عنصري وقح لمسؤولة الدبلوماسية العامة الإسرائيلية «الفلسطينيون قتلة مغسولة أدمغتهم ومبرمجون لسفك الدم اليهودي». فيما يدفع وزير الأمن الداخلي بن غفير بتمرير مشروع قانون بالقراءة الأولى تقر الإعدام «لمنفذي العمليات الإرهابية». وتسقط ديمقراطية إسرائيل! ورد أمين عام الأمم المتحدة غوتيريش في مقابلة مع قناة الجزيرة قبل أيام، بأسلوب دبلوماسي أن المأزق الحقيقي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، بإنهاء الاحتلال بحل الدولتين وتكون القدس عاصمة الدولتين. وتأسف لاستمرار عدم تطبيق قرارات مجلس الأمن، واعترف «لا نملك مخالب»! وأكد أمين عام الأمم المتحدة أن الفلسطينيين يتعرضون لجحيم. فيما اتهم المفوض العام لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إسرائيل بتعمد استخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في مأساة. دون أن يجرؤ أحد على تأديب إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها وفرض عقوبات على نظامها المتطرف الذي يهدد الأمن والاستقرار. لكن الأخطر من سلوك ومواقف الوزراء والمسؤولين اليمينيين المتطرفين في مناصب، هو نهج بقضم الأراضي الفلسطينية بتوسيع بؤر الاستيطان ما يدمر حل الدولتين التي تبقى شعاراً للحكومات الأمريكية المتعاقبة، تعمل إسرائيل على تدميره، وعلى أمريكا الحسم بإدانة سلوك إسرائيل الذي يهدد مصالح وخطط وإستراتيجية أمريكا بحل الدولتين. وإقليمياً تصعد حكومة نتنياهو المتطرفة ضد إيران بتسريب استهداف بعمل أمني ضد منشآتها النووية أو تغتال علماء نوويين إيرانيين والقيام بهجمات قرصنة إلكترونية ضد برنامج إيران النووي. وفيما وضع الرئيس باراك أوباما خطوطا حمراء منعت إسرائيل من التصعيد والتلويح بعمل عسكري ضد إيران في مفاوضات النووي، يبقى الرئيس بايدن متردداً، بموقف ضعيف وبلا خطوط حمراء برغم تصعيد حكومتي بنيت ولابيد باعتماد إستراتيجية «الأخطبوط» بتوسيع الرد والقصف الإسرائيلي لتشمل وتتعدى حلفاء إيران في سوريا ولبنان والعراق، ولتصل لضرب رأس الأخطبوط داخل إيران. آخره قصف مصنع ومستودع للصواريخ في أصفهان الشهر الماضي. كذلك فشل الرئيس بايدن بتوقيع اتفاق نووي، يسمح لإيران بتطوير برنامجها النووي ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم لمستوى 84 % ويقرّب إيران من عتبة امتلاك السلاح النووي. ما يزيد من حدة التصعيد والاحتقان، خاصة بتزويد روسيا إيران بنظام الدفاع الصاروخي المتطورS-400، سيفشل أي عمل عسكري إسرائيلي ضد منشآت إيران النووية. هذا سيسرع قرار توجيه ضربات إسرائيلية لإيران قبل امتلاكها S-400. لذلك المطلوب فرض عقوبات من أمريكا والغرب والأمم المتحدة وإنهاء مجاملة سلوك احتلال إسرائيل الفاشي، وإنهاء الصمت والعجز العربي. أو على الأقل تكرر عرض بيكر وزير خارجية بوش الأب بترك رقم وزارة الخارجية وعندما تكون إسرائيل جادة بالتفاوض حول السلام وحل الدولتين، تتفضل بالاتصال برقم وزارة الخارجية المرفق! وذلك لتجنب انفجار الأوضاع وتوريط أمريكا والمنطقة في أتون حافة حرب لا يرغب بها أحد!
1653
| 05 مارس 2023
تقاس نجاحات الحروب بالنتائج، معظم الحروب تُحسم ليس على أرض المعارك بل على طاولات التفاوض. أهم نصيحة قدمها صن تزو المخطط الإستراتيجي والعسكري الصيني قبل 2500 عام كانت تجنب الوقوع في الحسابات الخاطئة التي تقود للفشل بتحقيق أهداف الحرب وبالتالي للخسارة. كما كانت حسابات صدام حسين والخميني كارثية، بشن وإطالة الحرب العراقية- الإيرانية ورفض الخميني وقف الحرب في سنتها الثالثة، وشن الحرب على دولة الكويت واحتلالها ورفض جميع وساطات وعروض الانسحاب قبل حرب عاصفة الصحراء التي قادت لهزيمة الجيش العراقي وتحرير دولة الكويت وإعادة الشرعية. وكذلك شهدنا على مدى عام من حرب بوتين على أوكرانيا بسلسلة من حساباته الخاطئة وسوء التقدير: بدءاً بشن أوسع وأكبر حرب في أوروبا وتغيير جغرافيا أوروبا بالقوة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل 78 عاماً. وإصرار بوتين على تسميتها "عملية خاصة"، ورفض جميع مساعي التفاوض لإنهاء الحرب- بالتصعيد وضم 4 أقاليم في شرق أوكرانيا - وحسب تحليل خاص لصحيفة فايننشال تايمز نشر عشية الذكرى السنوية الأولى للحرب مع 6 من المستشارين والخبراء الروس السابقين الذين عملوا مع بوتين- يؤكدون أن حلقة صغيرة من المستشارين كانت على علم بنوايا شن بوتين الحرب على أوكرانيا في 24-2-2022- حتى وزير خارجيته لافروف لم يكن يعلم بساعة الصفر. ورفض عدد من مستشاري بوتين بعدم شن الحرب، لكن تشابه الأنظمة القمعية التي لا تتعظ بسوء تقدير حساباتهم تتكرر في حرب روسيا على أوكرانيا بسلوك بوتين شبيه بتصرفات صدام حسين بعدم إطلاع القيادات العسكرية والسياسية على غزو الكويت. ولكن الأكثر مقاربة كان سلوك هتلر بفوقيته بأنه أكثر خبرة واطلاعاً من جنرالاته بشن حربه المفتوحة في أوروبا وخاصة فتح الجبهة الشرقية ضد الاتحاد السوفيتي التي كانت الضربة الحاسمة لبداية نهاية حلمه الأوروبي وقادت لهزيمته وانتحاره! وكان ملفتاً حجم الانتكاسات للقوات الروسية، برغم سيطرتها في بداية الحرب على 17 % من أراضي أوكرانيا وضم 4 أقاليم شرقها، إلا أن القوات الروسية بعد سلسلة الانتكاسات والخسائر المتراكمة فقدت مساحة نصف تلك الأراضي المحتلة وخاصة بعد نكسة الانسحاب من خيرسون المدينة الإستراتيجية المهمة. يؤمن بوتين المهووس بجنون القياصرة الروس واستعادة العظمة المفقودة في أوكرانيا وعلى المسرح الدولي بأنه أكثر دراية واطلاعاً من مستشاريه وقادته العسكريين في حرب تحولت لمستنقع ألحق دمارا وخسائر بشرية تجاوزت 100 ألف قتيل حسب توقعات الاستخبارات الأمريكية والأوروبية، وتراجع الاقتصاد الروسي. وعرت الحرب محدودية قدرات القوات الروسية من حيث الاستعداد اللوجستي والأداء العسكري والفشل في تحقيق الأهداف الإستراتيجية بهزيمة القوات الأوكرانية وإسقاط الحكومة "النازية" ودفع أوكرانيا للفلك الروسي كحال روسيا البيضاء. عرَّت الحرب حسابات بوتين الخاطئة وسوء تقديره بتقليله من قدرات مقاومة الجيش الأوكراني والدعم الدولي من الولايات المتحدة وحلف الناتو والغرب. وبرغم استخدام الروس الفيتو في مجلس الأمن- صوتت ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة منددة في ثلاث مناسبات بحرب روسيا والمطالبة بسحب قواتها من أوكرانيا في مارس 2022-141 دولة. وفي سبتمبر 2022 أدانت 143 دولة ضم روسيا أربعة أقاليم في شرق أوكرانيا للأراضي الروسية. وفي الأسبوع الماضي عشية الذكرى السنوية الأولى لحرب روسيا على أوكرانيا صوتت 141 دولة مجدداً مطالبة بسحب فوري للقوات الروسية دون قيد أو شرط من الأراضي الأوكرانية. وسط تصعيد بوتين العسكري واتهامه الغرب بالتسبب بحرب أوكرانيا! هذه الوقائع تثبت حجم عزلة روسيا في المجتمع الدولي، واقتصار حلفائه على حفنة من الدول الهامشية - سبع دول حليفة لروسيا رفضت إدانة الحرب في أوكرانيا: روسيا البيضاء وسوريا وكوريا الشمالية ونيكارغوا وفنزويلا وإريتريا. أما الدول التي امتنعت عن إدانة روسيا وسحب قواتها من أوكرانيا فمنها دول مؤثرة وفاعلة على الصين والهند وباكستان وإيران والسودان والجزائر- لكنهم يشكلون نصف البشرية - هؤلاء هم حلفاء بوتين وروسيا! حسب آخر الإحصائيات، تسببت حرب روسيا على أوكرانيا بمقتل وإصابة أكثر من 100 ألف جندي روسي حسب إحصائيات الاستخبارات الأمريكية والغربية، ووحدت الغرب وأحرجت حلفاء روسيا بل تتجه لزيادة عدد دول حلف الناتو من 30 دولة إلى 32 عضواً مع اقتراب كل من السويد وفنلندا اللتين بقيتا على الحياد منذ أكثر من قرن، لتتضاعف حدود الناتو مع روسيا بزيادة 1300 كلم بضم فنلندا! في تأكيد لحسابات بوتين الكارثية. التداعيات الاقتصادية - حسب إحصائيات المفوضية العليا لللاجئين التابعة للأمم المتحدة - أدت الحرب إلى ارتفاع عدد اللاجئين خارج أوكرانيا إلى 6.3 مليون لاجئ، و6.6 مليون نازح أوكراني في الداخل، و40 % من الأوكرانيين يعيشون على المساعدات الخارجية و60 % من الشعب الأوكراني يعيشون دون خط الفقر. وتراجع مجمل الناتج القومي لأوكرانيا بنسبة 35 % عام 2022. وتقدر منظمة الأمن والتعاون الأوروبي أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 5.6 % هذا العام ويقدر صندوق النقد الدولي نسبة نمو هزيل للاقتصاد الروسي لا يتجاوز 0.3 %! كما تشير التقديرات الأولية لحاجة إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة إلى 139 مليار دولار. أدت الحرب إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي إلى 8.8 % في أعلى ارتفاع منذ عقود. ما فاقم ارتفاع الأسعار والسلع الغذائية وخاصة أسعار القمح والنفط والوقود. وسجلت أسعار القمح أعلى سعر لها منذ 10 سنوات، خاصة في الدول العربية التي تستورد 25 % من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا. كما أدت الحرب حسب دراسة لارتفاع قيمة الديون العالمية إلى 300 تريليون دولار ما يعادل ثلاثة أضعاف ونصف مجمل الناتج الاقتصادي السنوي العالمي. كما ارتفع حجم الديون العربية إلى 1.5 تريليون دولار، ما يعادل 94 % من إجمالي الناتج القومي العربي! هذا حصاد هشيم نظام متفرد بالسلطة!
1860
| 26 فبراير 2023
يُعقد مؤتمر ميونيخ للأمن في منتصف شهر فبراير كل عام في مدينة ميونيخ عاصمة بافاريا في جنوب ألمانيا منذ عام 1963-ليشكل محطة مهمة لصناع القرار من رؤساء دول ورؤساء وزراء ومستشاري أمن وطني وأعضاء مجالس برلمانية وسياسيين وأكاديميين ووسائل إعلام عالمية ويطرح قادة دول وعلى رأسها الولايات المتحدة وقادة أوروبيون ومن ورؤساء دول أفكارهم والدفاع عن مواقفهم وشرح سياساتهم كما فعل صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر أكثر من مرة إبان الأزمة الخليجية. وإيران حول برنامجها النووي في السابق. أصبح مؤتمر ميونيخ للأمن منبرا ومحطة مهمة لمناقشة أبرز الأزمات والقضايا والتهديدات التي يواجهها النظام الدولي. من الإرهاب إلى الأمن السيبراني إلى التغير المناخي. سيطرت على مناقشات مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، حرب روسيا على أوكرانيا التي تنهي عامها الأول. عرض منظمو المؤتمر في جلسته الافتتاحية في 17-2-2023- فيديو يوثق أبرز الأزمات التي عصفت بالعالم عام 2022، من حرب روسيا على أوكرانيا-وعلى الأمن الأوروبي والدولي وأمن الطاقة وأمن الغذاء. واستعرض الفيديو أزمات العالم من الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية كفيضانات باكستان في الصيف الماضي إلى زلزال تركيا وسورية، وتداعياته الكارثية، وصعود وتحدي الصين وأمن الطاقة والأمن الغذائي، وحتى حرب المناطيد بين أمريكا والصين. كما كان متوقعاً هيمنت على جلسات المؤتمر حرب روسيا على أوكرانيا، كما على جلسات قمة دافوس مطلع العام، خاصة مع حشد واستعراض روسيا لقواتها شرق أوكرانيا لشن هجوم واسع والسيطرة على باخموت التي تشهد حربا طاحنة، يأمل الرئيس بوتين أن يشكل سقوطها انتصاراً معنوياً لقواته المتورطة في الحرب، تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى للحرب على أوكرانيا، وعلى الأمن الأوروبي والدولي وأمن الطاقة وأمن الغذاء التي تصادف في 24-2-2023. وللتعبير عن الموقف الغربي والدولي، أعلن قادة مجموعة الدول الصناعية الديمقراطية السبع الكبرى-(G-7) قراراهم بفرض حزمة كبيرة من العقوبات على روسيا تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى للحرب على أوكرانيا. وكانت القوات الروسية شنت قبل يوم من بدء مؤتمر ميونيخ للأمن هجوماً صاروخياً كاسحاً على المدن الرئيسية والبنى التحتية من أقصى شرق إلى أقصى غرب أوكرانيا شملت لفيف وبولتافا وكريفوهارد وغيرها. ومتوقع أن تصعد القوات الروسية هجماتها في الأيام القادمة في رسالة تحد على الاستفزازات الغربية. ولكن يحتدم النقاش هذا العالم عن وجاهة وأسباب عدم دعوة وإقصاء دول مؤثرة وضالعة ومسببة للأزمات، وعلى رأسها روسيا، وحتى استفزاز إيران-بعدم دعوتها، والتي كانت تدعى لمناقشة برنامجها النووي، بل دعيت المعارضة الإيرانية، وكذلك لم يدع ممثلين عن كوريا الشمالية، للحضور والمشاركة وطرح وجهة نظرهم، في تكرار لمؤتمر دافوس الشهر الماضي، وهو التجمع الاقتصادي العالمي السنوي في منتجع دافوس في سويسرا. الذي يجمع قادة العالم والمدراء التنفيذيين وصناع القرار على المستوى الدولي لمناقشة القضايا والتحديات الاقتصادية. لم توجه دعوات لروسيا للمشاركة أيضاً في مؤتمر ميونيخ للأمن، وكذلك لإيران المتحالفة والمشاركة مع روسيا في حربها على أوكرانيا. وفي استفزاز لروسيا، كان ضيف الشرف الرئيس الأوكراني زلينسكي الذي خاطب الحضور مباشرة عن بعد وصفق له قادة العالم في قاعة المؤتمر ومطالبته بالمزيد من السلاح واصفاً أوكرانيا بداوود وروسيا بجالوت، ومطالبته بمزيد من السلاح والدعم العسكري والمعنوي، لضمان انتصار أوكرانيا وهزيمة روسيا التي تهدد الأمن والاستقرار. وحذر الرئيس الأوكراني زيلينسكي «لن تكون أوكرانيا محطة بوتين الأخيرة. وسيواصل تحركه...بما في ذلك جميع الدول الأخرى التي كانت في وقت ما جزءاً من الكتلة السوفيتية».وحث الغرب على سرعة تسليم الأسلحة. لأن التأخير كان ومازال خطأ». طبعاً عدم دعوة روسيا للمشاركة في المؤتمر واستمرار فرض حزمة عقوبات واسعة على روسيا-يعطي بوتين وآلة البروباغاندا الإعلامية الروسية مبرراً ومزيداً من الذخيرة للترويج لمؤامرة الغرب الكبرى ضد روسيا. وأن هدف الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو هو تحجيم وهزيمة روسيا-ما يعطي بوتين مزيداً من الشرعية ليصّعد حربه ضد أوكرانيا بغية هزيمة مخطط الغرب، وتبرير «العملية العسكرية الخاصة»، بأن الغرب صاحب قرار السلم والحرب، وليس أوكرانيا! لا شك أن هذه المواقف تستفز روسيا ولا تساعد على حل الأزمة بل باستمرارها وحتى بتفاقمها. كما كان ملفتاً تماسك الغرب وموقفه شبه الموحد بعد عام على حرب روسيا على أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا والحد من استيراد الغاز والنفط الروسي وتقديم الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا والتعامل بإيجابية مع مطالب زلينسكي بمزيد من السلاح والدبابات وعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو الذي كان السبب الرئيسي لحرب بوتين روسيا على أوكرانيا. برز ذلك بشكل واضح بكلمات المستشار الألماني شولتس والرئيس الفرنسي ماكرون وغيرهما من قادة ومسؤولين ومن أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي المشاركين في المؤتمر. وتعهد المستشار الألماني شولتس بدعم أوكرانيا في مواجهتها لحرب روسيا مهما تطلب الأمر. وسنزود أوكرانيا بالدبابات وندرب جنودها. مؤكداً ستنتصر أوكرانيا الموحدة وستهزم روسيا. وتقف أوروبا موحدة في دعم أوكرانيا لانضمامها لحلف الناتو. وكذلك تعهد المستشار شولتس بزيادة ميزانية الدفاع ل2% من ميزانية ألمانيا وذلك للمرة الأولى، وقبلها أعلن تخصيص 100 مليار يورو للتسلح، رداً على حرب روسيا على أوكرانيا. بدوره أكد الرئيس الفرنسي ماكرون حاجة الأوروبيين «لمعاودة الاستثمار بشك كبير في الدفاع لمواجهة التحديات...إذا كنا نحن الأوروبيين نريد السلام». هذه المواقف والاصطفاف فيه تسييس لمؤتمر ميونيخ للأمن، وتفقده حياده وزخمه. ويحرف دوره، ولم يعد كما يفاخر «المنصة المميزة لمناقشة أكثر القضايا التي تهدد الأمن في عصرنا»-بل تحول دوره لطرح وجهة نظر منحازة وأحادية الجانب!
2016
| 19 فبراير 2023
لا لتسييس واستغلال نظام الأسد وغيره والزلازل دبلوماسية المساعدات بعد مأساة زلزال تركيا وسوريا المدمر الأسبوع الماضي والأسوأ منذ قرن، للتطبيع إعادة العلاقات، خاصة بعد وفاة أكثر من 20,500 شخص في تركيا وإصابة حوالي 80,000 وتضرر 13 مليون شخص، حتى كتابة هذا المقال. أطلق الزلزال المدمر دبلوماسية المساعدات الإنسانية من دول ومنظمات وأفراد ومتطوعين من حول العالم لتخفيف المعاناة عن الناجين وإنقاذ أرواح العالقين تحت الركام بإرسال فرق وقوافل مساعدات وإغاثة. والمدهش ما يظهره العالم من تضامن وتكاتف من الدول العربية وخاصة الخليجية، وكذلك من دول إسلامية، بإطلاق حملات جمع تبرعات نقدية وعينية من الحكومات واللجان الخيرية والمجتمع المدني. تجاوز عدد وفيات الزلزال 3500 وفاة وإصابة 5000 في جميع مناطق سوريا، أغلبهم في مناطق المعارضة شمال سوريا، في إدلب وريفها وريف حلب وفي مناطق سيطرة النظام. هذا دون إضافة عدد الضحايا السوريين داخل تركيا الذين بدأت جثثهم بالعودة إلى مسقط رأسهم شمال سوريا. الصادم في كارثة ومأساة زلزال سوريا عدم وصول أي مساعدات إغاثية لشمال سوريا، لمحدودية المعابر من تركيا وإصرار النظام السوري على دخول المساعدات عبر مطار دمشق- مع صعوبة وعدم إيصالها. هناك تقارير مع صور موثقة تؤكد أن بعض المساعدات خاصة من دول خليجية يتم بيعها في المحال والسوبر ماركت في دمشق ومدن يسيطر عليها النظام. وبالتالي يستحيل وصولها للمتضررين في مناطق لا يسيطر عليها النظام شمال سوريا. هذا يعني استغلال وتوظيف النظام السوري مأساة ومعاناة شعبه المهجر أصلاً هرباً من قمعه، ما يعادل نصف الشعب السوري النازح (12 مليون سوري) في الداخل ولاجئين في الخارج. إلى أن وافق النظام قبل يومين على دخول مساعدات إغاثية للمناطق خارج سيطرة النظام بإشراف الأمم المتحدة! يجب التذكير أن أغلبية ضحايا الزلزال في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، هم بالأصل ضحايا نظام الأسد، وكانوا فروا هاربين من بطش وجرائم قتله ومن البراميل المتفجرة وقصف المقاتلات الروسية وتنكيل مليشيات إيران. ليأتي النظام وأزلامه ويطالبون برفع العقوبات المفروضة على النظام بسبب تنكيله بشعبه خلال الأعوام الماضية. وبحجة المساعدة على توفير المساعدات- طالبت بثينة شعبان مستشارة الأسد والناطقة باسم النظام السوري إذا رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات، "لنستطيع العناية بالشعب السوري"! كيف سيُعنى بكامل الشعب السوري والنظام لا يسيطر على مناطق شاسعة شمالي غربي سوريا حيث سقط أغلب الضحايا والمصابين والدمار؟! انتقد الناطق باسم الدفاع المدني في شمال سوريا (القبعات البيضاء)، غياب وتقصير الأمم المتحدة وعدم وصول أي مساعدات عن طريقها، ولم تدخل فرق دولية باستثناء متطوعين أفراد وبمبادرات شخصية لمناطق شمالي سوريا من الأمم المتحدة بعد 6 أيام من كارثة الزلزال بعكس المساعدات التي تصل إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام. وأن تقصير المجتمع الدولي والأمم المتحدة وبيروقراطيتها عار عليها، ويجب فتح تحقيق بتقصيرها، وعليها الاعتذار للشعب السوري. وكان وائل الزيات مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ومدير عام مؤسسة ENGAGE- علّق في مقال رأي في صحيفة واشنطن بوست "لا ترفعوا العقوبات عن نظام الأسد- فالمنكوبون هم ضحاياه". وحاجج برفض رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن نظام الأسد- وذلك بعد مطالبات من ممثلي النظام ومنظمات وهيئات تابعة له برفع العقوبات لتسهيل إيصال المساعدات للمتضررين من الزلزال. وطالب بتقديم المساعدات بشكل مباشر إلى المناطق المنكوبة بدلاً من رفع العقوبات، وقدم قائمة بأسماء منظمات مستعدة لتقديم المساعدات مباشرة إلى مدن الشمال السوري المنكوب. ردت أمريكا بتعليق العقوبات لستة أشهر، لتسريع وصول المساعدات وتعمل على فتح المزيد من المعابر من تركيا، وأن العقوبات المفروضة على النظام السوري لا تستهدف المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المتضررين من الزلزال ولكافة المناطق في سوريا. وتقديم مساعدة 85 مليون دولار لتركيا وسوريا. وأن الولايات المتحدة هي أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية لسوريا، وقدمت أكثر من 15 مليار دولار منذ بداية الحرب قبل 12 عاماً. نشر مجلس الأطلسي في الولايات المتحدة الأمريكية تقريراً مؤلماً لمعاناة السوريين في مناطق المعارضة، وأشار إلى إهمال وغياب أبسط مقومات إنقاذ المصابين وإخراج المصابين من تحت الأنقاض لشبه انعدام المعدات الثقيلة لفرق الإنقاذ وانخفاض درجات الحرارة. علّق أحد الناجين بمرارة: "حقق الزلزال ما يرغب الأسد وحلفاؤه وروسيا عمله وتحقيقه منذ البداية"! يجب ألا يخضع المجتمع الدولي، وترفض الدول العربية توظيف دبلوماسية الكوارث والمساعدات الإنسانية، لتكون طوق نجاة للطغاة الذين قتلوا مئات آلاف وأضعاف ضحايا زلزال سوريا، وشردوا نصف شعبهم وتسبب قمعه بلجوء مواطنية لأمنهم إلى مناطق المعارضة، المنكوبة والمدمرة بسبب الزلزال سواء في شمال سوريا، وبالآلاف داخل مدن جنوب تركيا المنكوبة! لكن ما هو صادم ومعيب نتيجة لزلزال سوريا وتركيا، مسارعة استغلال النظام السوري وبعض الدول العربية كارثة الزلزال لتبرير الانفتاح والتطبيع لتعويم نظام الأسد! مؤشرات ذلك الانفتاح والتطبيع- اتصال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأول مرة منذ رئاسته الأولى عام 2014، معزياً ويؤكد تضامن مصر مع سوريا وشعبها الشقيق بالمصاب الأليم، وتقديم كافة أنواع المساعدات الإغاثية. وتلقى الأسد اتصالا هو الأول من ملك البحرين، وقام وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بزيارة سوريا على رأس وفد رسمي واجتمع مع رئيس النظام في دمشق! وقرر الرئيس التونسي قيس سعيد رفع التمثيل الدبلوماسي مع سوريا تمهيداً لإعادة العلاقات! واضح سعي نظام الأسد لاستغلال وتوظيف كارثة الزلزال والمساعدات الإنسانية كفرصة لرفع العقوبات وتطبيع العلاقات عربياً ودولياً، واستعادة مقعد بلاده في الجامعة العربية، وهذا ما يجب رفضه أخلاقياً.
2382
| 12 فبراير 2023
سُعدت بدعوة وحضور سعادة الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني مدير إدارة التطوير الإعلامي في المؤسسة القطرية للإعلام، لتقديم محاضرة في المركز القطري للصحافة في الدوحة، بعنوان "التحديات والتحالفات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن الخليجي" الأسبوع الماضي في الدوحة، بحضور رؤساء تحرير الصحف القطرية، وباحثين وأكاديميين وصحفيين. قدم للندوة الـسـيـد سـعـد بـن محمد الــرمــيــحــي، رئــيــس مـجـلـس إدارة المـركـز القطري للصحافة، وسُررت أن محاضرتي كانت ثاني ندوة يعقدها المركز القطري للصحافة، وبالتغطية الإعلامية الواسعة في الصحافة القطرية. للفائدة سأورد أبرز محاور الندوة، وما لم أتمكن من طرحه بسبب محدودية الوقت. أكدت أن الهدف الرئيسي لبناء وتشكيل تحالفات هو تعزيز القوة المشتركة والأمن الجماعي وحماية الدول الأعضاء في التحالف للتصدي للتهديدات الأمنية بمختلف أنواعها وأشكالها وصولاً في أعلى درجاتها، توازن الرعب وردع الخصوم الحاليين والمحتملين. وهذا ما تؤكده نظريات التحالفات والأمن الجماعي-Alliances Theory وCollective Security Theory. ونحن للأسف لم ننجح في تحقيقه كعرب منذ توقيع اتفاق الدفاع العربي عام 1950، وقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981. أكدت في ورقتي أنه على الرغم من تشكيل عدة تحالفات في النظام العربي بشكل جماعي على مستوى أقاليم العالم العربي، مجلس التعاون الخليجي، مجلس التعاون المغاربي، ومجلس التعاون العربي، ومجالس التنسيق بين دول عربية بشكل ثنائي، انتهت جميعها لنهاية مبكرة ولم تحقق أهدافها! بل تفكك واندثر بعضها. كمجلس التعاون العربي بين مصر والعراق والأردن واليمن نهاية ثمانينيات القرن الماضي. أو جُمدت وعُلّقت أنشطتها-مجلس التعاون المغاربي منذ ما يقارب ثلاثين عاماً. أو لم ترتق لأحلام ومطالب الشعوب الأمنية كمجلس التعاون الخليجي الذي أصيب بأكبر أزمة خليجية عصفت به لمدة ثلاث سنوات ونصف! لذلك فشلت التحالفات العربية في تحقيق أهدافها. لكن برزت في السنوات الماضية تطورات وتحولات أعادت إحياء التحالفات. من أبرزها كما أكرر في محاضراتي انــكــفــاء وتــراجــع دور الولايات المتحدة وتكرار انسحاباتها وتخفيض أهمية ومكانة منطقة الخليج العربي أمام أولويات مواجهة الصعود الصيني على جميع الأصعدة واحتواء التمرد الروسي، هذا كان قبل حرب بوتين على أوكرانيا عام 2022، والانسحاب العسكري المرتبك والفوضوي من أفغانستان عام 2021. لذلك ساهم تخفيض الولايات المتحدة مكانة والحاجة إلى الطاقة الخليجية من نفط وغاز، بفضل نجاح أمريكا بفضل ثورة النفط والغاز الصخري لتصبح الدولة الرئيسية المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، فانتفت حاجتها للنفط والطاقة الخليجية. كما من المهم الإشارة، أن الانكفاء الأمريكي عن منطقتنا لم يبدأ في عهد الرئيس بايدن ولا بإدارة الرئيس ترامب، لكن بدأ الانكفاء في عهد الرئيس الأســبــق أوبـــامـــا رداً على مغامرات الرئيس بوش الابن وحروبه الاستباقية والعبثية واحتلاله العراق وأفغانستان والعبث بأمن المنطقة من أفغانستان إلى الخليج العربي. كانت أحد أهداف حروب بوش الاستباقية والتي أكملها أوباما وترامب وقرر بايدن إنهاءها، إضعاف خصوم إسرائيل لخدمة أمنها حسب تفكير جماعة "المحافظين الجدد"، والتصدي للأنظمة الثورية، والتنظيمات الإسلامية المصنفة إرهابية. كما عزز التطبيع مع إسرائيل فكرة التحالفات بين قوى إقليمية مثل إسرائيل والدول العربية المطبعة معها، والتنسيق العسكري بين دول عربية وتركيا. كان يؤمل أن تلعب مصر أكبر دولة عربية دور الحليف مع الدول العربية! لكنني أطمئن بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تنسحب عسكرياً من منطقة الخليج العربي كلياً وهذا غير وارد، ولكن ستنكفئ وتخفض من أهمية ومكانية المنطقة، ولكن لأن أمن الطاقة يحرك الاقتصاد العالمي الذي يضر ويهدد عدم الاستقرار في الخليج اقتصادها ومصالحها لذلك ستبقى في المنطقة بأعداد وتمركز أقل وستطالب بالمزيد من تقاسم المسؤوليات والمشاركة في تحمل الأعباء مع دول المنطقة (Burden-Sharing)، خاصة أنه لا بديل واقعيا عن الوجود العسكري الأمريكي، لعجز الصين وروسيا والهند وغيرهم عن توفير وملأ الفراغ، ولغياب قرار سياسي وغياب قدرة الانتشار القواعد العسكرية ومعدات عسكرية وقوات. واقعياً لا يوجد بديل فعلي عن الحليف الأمريكي برغم انكفائها وتبدل أولوياتها، وانهماك إدارة بايدن بالاستدارة شرقاً لاحتواء الصين وتهديد روسيا للأمن الأوروبي انطلاقا من أوكرانيا. ويمكن التعامل مع الإدارة الأمريكية، عبر شـراء صفقات أسلحة واستثمارات، وكــذلــك عـبـر الــحــوارات الإسـتـراتـيـجـيـة، الـتـي تعقدها الإدارة الأمـريـكـيـة مـع دول الخليج. وكما أكرر من يعولون على دور وحماية ووجود عسكري إسرائيلي تشارك في أمن الخليج العربي، كما روجت إدارة ترامب بالاتفاق الإبراهيمي وإدارة بايدن بدمج إسرائيل في الأمن الخليجي والأنظمة الصاروخية كما حاولت تسويقه في الصيف الماضي، فإنهم يراهنون على سراب، مآله الفشل. إسرائيل ليست في وارد الدفاع وإراقة دم جنودها في حماية الدول الخليجية. بل هدفها من التنسيق العسكري هو الاندماج للتصدي والاقتراب من حدود إيران واحتواء تهديدها للأمن الإسرائيلي. كما يستحيل دمــج إســرائــيــل فــي أي تحالفات عربية، بسبب الرفض الشعبي العربي. كما أنه ليس من مصلحة دولنا وشعوبنا اســتــفــزاز إيــــران باصطفافنا مع إسرائيل تفسرها إيران بتحالف معادٍ. بغياب خيارات واقعية فعالة لأي تحالف إقليمي ومع تراجع الاهتمام الغربي وخاصة الأمريكي وعجز وغياب القرار السياسي وامكانيات الانتشار العسكري واللوجستي للصين وروسيا لتوفير مظلة أمنية فعالة، بل بات ضرورياً التعويل على التنسيق الأمني والدفاعي الخليجي الجماعي. وتشكيل جبهة خليجية موحدة، بعد أكثر من عامين من قمة العلا في السعودية والمصالحة الخليجية، التي تقترب من الاكتمال، بعد تحركات لافتة نشهدها مؤخراً. لذلك لم يعد ترفاً التخطيط الجدي والعمل على إقامة نظام دفاع صاروخي وإنذار مبكر يشمل ويغطي جميع دول مجلس التعاون الخليجي ويبني الثقة. وذلك بسبب فشل تجارب الـتـحـالـفـات وعقمها تاريخياً.
1050
| 05 فبراير 2023
نشهد تحولات وإعادة تشكيل تحالفات على المستويين الإقليمي والدولي. بعد التقارب والزيارات المتبادلة بين القيادات في تركيا والسعودية والإمارات، وإرسال إشارات يمكن البناء عليها بين تركيا ومصر وحتى إرسال مؤشرات للتطبيع المشروط مع نظام الأسد في سوريا، يسرّع بنهاية حالة الحرب الباردة والاستقطابات بعد أكثر من عقد من دعم تركيا لثورات الربيع العربي، ويشكل تحولاً مهما ومصالحات بين القوى المؤثرة والرئيسية في المنطقة. على مدى عقد من الزمن شهدت منطقتنا تحالفات ومحاور متضاربة عمقت الشرخ والاصطفافات وعززت الانقسام والتخندق. شهدنا تحالف السعودية والإمارات ومصر والبحرين إبان الربيع العربي يقابله تحالف بين تركيا وقطر، تعمق الشرخ أكثر إبان الأزمة الخليجية. أتى التحول الواضح في مقاربة دول الرباعية تجاه تركيا بعد مصالحة قمة العلا في يناير 2021 وإنهاء الأزمة الخليجية، واليوم نشهد تبدلا في استراتيجية وأولويات الدول الرئيسية في التحالف السعودية والإمارات وكذلك في تركيا، مع وضع أولوية للتنمية والاقتصاد والاستثمارات في سياق تحقيق أهداف رؤى السعودية 2030 وقطر 2030 والكويت 2035 وعمان 2040. كما ساهمت المصالحة بين تركيا والسعودية والإمارات العام الماضي بانفراجة في العلاقات التركية - الخليجية بشكل عام. شهد العام الماضي قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة السعودية، وأداء العمرة في العشر الأواخر من شهر رمضان العام الماضي وأعقب ذلك زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأنقرة، ورفع الحظر عن سفر السعوديين إلى تركيا، وانهاء حملة نشطت على منصة تويتر العام الماضي مقاطعة البضائع التركية، وزيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن سلمان لأنقرة وتعهده باستثمار 10 مليارات دولار في الاقتصاد التركي وقيام الرئيس أردوغان برد الزيارة إلى دولة الإمارات. كما شهدنا صعود مكانة ودور تركيا على المسرحين الإقليمي والدولي وتجنب مواجهة الطرف الآخر، مع ترسخ قناعة واقعية بأنه لا ينبغي تجاهل ومقاطعة تركيا، خاصة للعبها دور الوسيط في حرب روسيا ضد أوكرانيا والتوصل لاتفاق تصدير الحبوب والقمح من الموانئ الأوكرانية ودور تركيا في سوريا والعراق وليبيا. كما تعزز دور تركيا بشكل كبير بامتلاكها حق الفيتو ومنع انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو-حيث تملك الدول الثلاثون الأعضاء في الحلف حق الفيتو لأن قرارات الحلف تصدر بالإجماع. كما تعزز تركيا من موقعها ودورها في قلوب وعقول شعوب العالم الإسلامي، مؤخراً بكونها رأس الحربة وقائد الدفاع والتصدي ضد حملة الاسلاموفوبيا بعد حرق وتمزيق نسخ من القرآن الكريم في السويد وهولندا على أيدي متطرفين عنصريين. استدعت تركيا السفير السويدي بعد حرق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم والغت زيارة وزير الدفاع السويدي- وحاول متظاهرون غاضبون اقتحام قنصلية السويد في إسطنبول وأحرقوا العلم السويدي. لكن الأخطر كان تهديد الرئيس أردوغان لن تدعم تركيا انضمام السويد لحلف الناتو- مما دفع رئيس الوزراء السويدي الإعلان أن عدم انضمام السويد لحلف الناتو يشكل تهديداً للأمن الوطني السويدي. لكن المحفز الرئيسي لتغير مواقف ومقاربات تركيا تجاه السعودية والإمارات بالتحديد وحتى الانفتاح تجاه مصر وجس نبض بلقاءات مسؤولين أمنيين سوريين، التقى وزيرا الدفاع التركي والسوري في موسكو في ديسمبر الماضي، هو الوضع الاقتصادي الصعب لتركيا، وارتفاع نسبة التضخم إلى 80% وتراجع قيمة الليرة التركية وما يرافقه بارتفاع أسعار السلع والوقود والكهرباء. ثانياً الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الحاسمة للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي حدد موعد إجراء الانتخابات في 14 مايو القادم في مواجهة مروحة واسعة من الأحزاب اليسارية والشعوبية التركية المتكتلة ضد تحالف أردوغان-وحزبه العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بزعامة دولت بهشلي. انتخابات لا يملك أردوغان وحزبه أن يخسرها، خاصة من المرجح أن تكون الانتخابات الأخيرة التي يخوضها أردوغان السبعيني. وكذلك تتزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية على يد كمال أتاتورك عام 1923. هذه المحفزات تشكل الدوافع الرئيسية لإقناع الرئيس أردوغان بالانفتاح والعودة إلى معادلة «صفر مشاكل» التي روج لها أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية الأسبق، الذي شكل حزبا ينافس أردوغان في الانتخابات. سُعدت بالمشاركة الأسبوع الماضي بدعوة من مديرية الاتصالات في الرئاسة التركية ومركز الدراسات الإيرانية في مؤتمر واقع ومستقبل العلاقات التركية-الخليجية ودور الدبلوماسية العامة، بمشاركة أكاديميين من الكويت والسعودية الإمارات وقطر وأكاديميين وباحثين من تركيا في إسطنبول. ناقشنا على مدى يوم كامل في عدة جلسات تحديات أبعاد الأزمة في العلاقات التركية-العربية وخاصة بين السعودية والإمارات - وكيف ينعكس إيجابا التقارب والتعاون مع تركيا على العلاقات مع الدول الخليجية ككل. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي وقعت وتركيا اتفاقية إطار عام 2005. وأعلن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي-تركيا حليفا استراتيجيا عام 2008 وتشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي. لتصبح تركيا أول دولة تصنف حليفا استراتيجيا خليجياً. أثبتت تركيا نجاح قدراتها في مجالات الأمن الناعم وخاصة تكنولوجيا الطائرات المسيرة، ولذلك لم يكن مستغرباً توقيع الكويت قبل أيام صفقة ب370 مليون دولار- لشراء مسيرات بيرقدار. مما يعزز دور تركيا العسكري والأمني، وفي قطاعات التنمية والاستثمار والشراكات التجارية للشركات التركية في دولنا، والاستثمارات الخليجية، مما يعزز علاقة رابح-رابح للطرفين.
1767
| 29 يناير 2023
تحذيرات الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر الأسبق في مكانها من الخشية من عمل عسكري يهز المنطقة هذا العام! بسبب تقاطع حكومة أقصى اليمين الإسرائيلية بقيادة نتنياهو بشراكة مع حاخامات متشددين بمن فيهم بن غفير زعيم حزب الصهيونية الدينية الذي لا يؤمن بحقوق الفلسطينيين وإصرارهم على توسعة الاستيطان خاصة وزير الأمن الوطني بن غفير المتطرف مستوطن يعيش على أرض مصادرة ومنزل بُني بطريقة غير شرعية. والتحريض على شن حرب ضد إيران. وهكذا رهن نتنياهو نفسه لتحالف، بين صقور اليمين المتطرف. من كان يتصور أن يوصف نتنياهو بكل عنصريته وتطرفه وحروبه وتشدده، من الحمائم والمعتدلين مقارنة بجوقة اليمين الديني المتطرفة، لينقذ نفسه من محاكمة وإدانة وربما حتى السجن بسبب التجاوزات الجنائية والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة التي كان يحاكم على تلك التهم منذ عامين. وكان ملفتاً ومعبراً وصف لابيد وزير خارجية ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق حكومة نتنياهو "بتغريدة" الحكومة الناشئة هي الأكثر تطرفاً وجنوناً في تاريخ البلاد. ونتنياهو ضعيف وشركاؤه أصغر منه وأكثر إصرارًا وتطرفاً منه، وابتزوه دون قيد أو شرط". وخاصة أن نتنياهو تعهد لإرضاء شركائه في ائتلاف حكومته المتطرفة وضمن مشروع وبرنامج عمل حكومته توسعة الاستيطان في كافة أراضي فلسطين بما فيها الجليل والنقب والضفة والقدس-والتعهد بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي-أن مهمة عودته لمنصب رئيس الوزراء هو منع إيران امتلاك سلاح نووي-والضغط على إدارة بايدن لتزويد إسرائيل بأسلحة نوعية كورقة ضغط على إدارة بايدن لممارسة المزيد من الضغط والعقوبات على إيران لمنعها من تطوير قدرات برنامجها النووي. مع بقاء الخيار العسكري قائماً برغم صعوبته بسبب قدرات إيران بإلحاق ضربات نوعية ردعية تمنع إسرائيل من شن عمليات قصف صاروخي على منشآت إيران النووية المتوزعة في عدة مواقع تحت الأرض ومحمية بدفاعات أرضية.. واقعياً تعلم إيران والمجتمع الدولي أنه باستثناء الولايات المتحدة، لا تملك إسرائيل ولا أي دولة القدرات العسكرية لتدمير التحصينات العميقة للمفاعلات النووية الإيرانية فيما يعرف بقنابل خرق التحصينات الأرضية (Bunker Busters). اجتمع الأسبوع الماضي مستشار الأمن الوطني الأميركي جيك سوليفان في القدس مع نتنياهو ونقل للحكومة الإسرائيلية، حسب مصادر قناة الجزيرة "رسالة شديدة اللهجة حمل وتحذير من القيام اتخاذ إجراءات من شأنها أن تقضي على السلطة الفلسطينية وتقوض نهائيا فرص حل الدولتين". وهو بالفعل مخطط حكومة نتنياهو المتطرفة القيام به بشكل منهجي، ما يقد يفجر انتفاضة ثالثة في القدس والضفة الغربية وتصعيد وحتى حرب سادسة في غزة! كما أن سياسات حكومة نتنياهو العقابية ضد السلطة الفلسطينية ومصادرة أموال الضرائب المستحقة للفلسطينيين انتقاما من طلب السلطة الفلسطينية المحاصرة من محكمة العدل الدولية وتحركات الفلسطينيين على الساحة الدولية تمثل هجوما على إسرائيل يستدعي رداً. ولا استبعد لقاء نتنياهو الرئيس بايدن في البيت الأبيض للضغط مع كبار المسؤولين الإسرائيليين وحتى الجمهورين في الكونغرس الأميركي للضغط ليدفع بسياسية حافة الهاوية. خاصة بوجود كونغرس بأغلبيته من الجمهوريين التي تدافع عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها وأكثر ميلاً لدعم مطالبها وحتى انتقاد إدارة الرئيس بايدن لأخذ مواقف أكثر تفهماً ودعماً لإسرائيل-في الوقوف ودعم حكومة نتنياهو وحماية أمنها الوطني، وكذلك في ردع إيران وأخذ موقف إسرائيل بالتأكد بعدم تمكين إيران من امتلاك سلاح نووي تهدد فيه إسرائيل وتطلق سباق تسلح نووي. لذلك لم يكن مستغرباً مناقشة نتنياهو وجيك سوليفان ملف إيران النووي، خاصة مع تراجع فرص التوصل لاتفاق نووي، حيث يكرر الرئيس بايدن في كل مناسبة تصميمه على منع امتلاك إيران سلاح نووي. وهو ما يؤكده نتنياهو منذ أكثر من عقد من الزمن! يبدو أن إدارة بايدن ستواجه تحديا مزدوجا هذا العام في ملف إيران النووي وتقاطع مواقف حكومة نتنياهو المتشددة في الداخل الفلسطيني والتلويح بعمل عسكري ضد منشآت إيران النووية وموقف إدارة بايدن الضعيف والمحاصر من الكونغرس، ولذلك على إدارة بايدن أن لا تكتفي بتوجيه انتقادات وإرسال رسائل شديدة اللهجة لحكومة نتنياهو التي لم تنتقد تركيبتها المتطرفة، بل أن تشترط لقيام نتنياهو بلقاء الرئيس بايدن في البيت الأبيض، وقف الاستيطان السرطاني، ورفض الاجتماع والتعامل مع وزرائه الفاشيين، وهو ما لا ترغب به إدارة بايدن المنهمكة كلياً في مواجهة والتصدي لروسيا في حربها على أوكرانيا. وكان الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الأسبق حذر بعدة تغريدات حظيت بتغطية واسعة وتعليقات متعددة حول أبعادها ومغزاها وفي رسالة لإدارة بايدن "إذا لم تتوصل الأطراف إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وزودت الولايات المتحدة إسرائيل بما تحتاجه من سلاح سيكون هناك، لا سمح الله عمل عسكري قد يهز الأمن والاستقرار في منطقتنا وستكون له عواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة. ولذلك فإنني أتمنى أن نوضح نحن ( في المنطقة الخليجية) لأميركا والغرب عبر كل القنوات الممكنة، خطورة أي تصعيد عسكري وضرورة معالجة المشاكل القائمة معالجة سلمية، لأننا سنكون أول الخاسرين"!! لذلك رسالة الشيخ حمد بن جاسم واضحة وجلية، ليس من مصلحة إدارة بايدن ولا حلفاء واشنطن وخاصة نحن في دول مجلس التعاون الخليجي-امتلاك إيران قدرات وسلاح نووي-ولا تهديد أمن الحلفاء وأمن الطاقة بحرب مدمرة. بل تشجيع الحوار وإقناع إيران بالعودة للاتفاق النووي- وتحذير إسرائيل ورفض تصعيدها وتحريضها وتلويحها بعمل عسكري لا تملك القدرة على تنفيذه بمفردها دون دعم لوجستي وعسكري وسياسي أميركي، وطمأنة الحلفاء القلقين!
1980
| 22 يناير 2023
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6453
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6390
| 24 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3855
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3126
| 23 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2859
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1860
| 23 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1650
| 26 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1575
| 21 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1038
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
996
| 21 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
990
| 24 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية