رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
برغم نجاح الدولة الروسية بإجهاض محاولة التمرد العسكري بقيادة يفغيني بروغوجين زعيم مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية- المكونة بأغلبيتها من عسكريين ومجرمين وسجناء سابقين خلال ساعات قليلة في الأسبوع الأخير من شهر يونيو الجاري ووقف زحفهم وتقدمهم لموسكو بوساطة من حليف الرئيس بوتين-ليكاشنكو رئيس روسيا البيضاء (آخر ديكتاتوري - أوروبا)- واستقباله بروغوجين في منفاه الجديد في منسك. إلا أن تداعيات وتأثير محاولة التمرد الفاشلة، البعض يبالغ بوصفها محاولة انقلاب، لإسقاط قيادات المنظومة العسكرية خرجت عن نطاقها. يؤكد بروغوجين الذي عبّر عن استيائه وخلافه العلني مع المؤسسة العسكرية الروسية أن هدف التمرد ارسال رسالة واضحة للقيادة الروسية وللرئيس بوتين عن عدم كفاءة القيادات العسكرية وخاصة وزير الدفاع شويغو ورئيس الأركان غيراسيموف، بانتقاده إدارتهما للحرب في أوكرانيا وتأخرهما بإمداد مقاتليه في باخموت الذين تساقطوا بالآلاف! ومطالبته بوتين بعزلهما. شغلت مجموعة مرتزقة فاغنر العالم بدورها وحضورها وتحالفها مع أنظمة سلطوية، ومشاركتها في عمليات عسكرية غير شرعية تخدم مصالح ومشروع روسيا في الخارج. واعترف الرئيس فلاديمير بوتين بتمويل مجموعة فاغنر ب1.1 مليار دولار سنوياً من ميزانية وزارة الدفاع. ما يعني هناك علاقة وثيقة خاصة بين بوتين وزعيم فاغنر بروغوجين-الذي يعرف في الإعلام الروسي "طباخ بوتين"! وكان لمجموعة المرتزقة دور حيوي في الحرب على أوكرانيا حيث لعب المرتزقة دوراً قيادياً في معارك ضارية ضد القوات الأوكرانية وخاصة في السيطرة بعد قتال لأشهر وسقوط آلاف القتلى من الطرفين-في السيطرة على مدينة باخموت الأوكرانية. ويقال ان عدد قتلى قوات مرتزقة فاغنر يتجاوز 25 ألف قتيل! تركت محاولة التمرد الكثير من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لما جرى وكيف ستؤثر على مكانة وهيبة روسيا وعلى الرئيس بوتين وقدرات ونظرة حلفاء روسيا وخصومها لدور روسيا وحربها على أوكرانيا وعلاقتها مع حلفائها وخاصة الصين؟ وانعكاس ذلك كله على عمليات مجموعة فاغنر خاصة في سوريا وليبيا والسودان ودول أفريقية جنوب الصحراء؟ لا شك أن روسيا وظفت واستفادت من اسهامات مجموعة مرتزقة فاغنر في تعزيز مشروعها لتستعيد دورها كقوة كبرى للتدخل وتلعب دورا مؤثرا في الأزمات العالمية وخاصة في مناطق حيوية للغرب بعودتها للشرق الأوسط من بوابة سوريا لإبقاء نظام الأسد في دمشق وإقامة قاعدتين جوية في حميم وبحرية في طرطوس. ولعبت قوات فاغنر دورا في دعم دور روسيا العسكري. وتدخلت فاغنر في ليبيا بدعم قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا منذ عام 2017! كما تلعب مجموعة فاغنر دورا مؤثرا وحيويا تنافس فيه الوجود الفرنسي التاريخي في مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا وتدعم أنظمة انقلابية وسلطوية في مالي وبوركينا فاسو وفي دول جنوب الصحراء الكبرى-في جمهوريات الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى ورواندا وموزامبيق وأنغولا وزيمبابوي ومدغشقر. ما يعزز نفوذ ومشروع روسيا في شمال وجنوب أفريقيا. عززت روسيا دورها وحضورها الدولي خلال العقد الماضي بقيادة ولعب دور مؤثر لتشكل مع الصين الحليف الاستراتيجي ودول الجنوب ومنظمات دولية، خاصة مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون تريد روسيا والصين استثمار وتطوير العلاقات معهم لتشكيل وبلورة نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون لهما بصمات وحضور مؤثر يضعف هيمنة الغرب على النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة وذراعها العسكري حلف الناتو الذي يتوسع ويقترب ويزيد مساحة حدوده مع روسيا بضم فنلندا. وتقارع أمريكا الصين في عقر نفوذها بحصارها بتحالفات وقواعد عسكرية مع تايوان واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين. وكان ملفتاً انتقاد وزير الخارجية الروسي لافروف مؤخراً انتقاد الغرب مجدداً-وتأكيده سعي روسيا لتوسيع عضوية مجلس الأمن لضم دول من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنظمة شنغهاي! متهماً الغرب بالتخطيط لهزيمة روسيا أولاً ثم الحديث عن السلام في أوكرانيا! لكن لعب روسيا دور ضحية مؤامرات الغرب ضُرب في الصميم بعملية تمرد مجموعة فاغنر الموالية والمدعومة والممولة من روسيا وتنفذ مهامها وتدافع عن مصالحها في الخارج وأهمها في أوكرانيا. لذلك لا يمكن لروسيا ادعاء وترويج تمرد فاغنر مؤامرة غربية هدفها إضعاف روسيا وهزيمتها لمنعها من تحقيق مشروعها بإعادة تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب تلعب دوراً رئيسياً فيه مع الصين لمواجهة وتحدي الغرب. صحيح هدف الغرب بقيادة واشنطن إضعاف وإنهاك وإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا-كما يعترف بايدن وبلنكين وأوستن، حتى لا تفكر بتهديد الأمن الأوروبي بعد هزيمة أوكرانيا. لكن الصحيح أيضاً أن الغرب لا يسعى لسقوط روسيا في مستنقع الفوضى والصراع الداخلي لأهمية استقرار روسيا الضعيفة للأمن الأوروبي والعالمي. خاصة أن روسيا تملك ثاني أقوى جيش في العالم برغم تعثره في أوكرانيا- والدولة الأولى بالأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات ب6000 رأس نووي! قدمت روسيا نفسها لحلفائها في الشرق والغرب وحتى لدولنا الخليجية بأنها واحة استقرار، وحليف موثوق ويمكنها تعويض فراغ تراجع أمريكا الحليف المتردد في الخليج. فإذا بروسيا الحليف الموعود يتخبط، وتراجعت الثقة به، بعد زلزال فاغنر. كما أن تراجع هيبة روسيا وبوتين العاجز يعزز دور إسرائيل وإيران وتركيا في سوريا والمنطقة، لتحقيق مصالحهم بعيداً عن الضغط الروسي! وبرغم وقوف دول الخليج على الحياد واتصال قادة خليجيين ببوتين ليدعموا إجراءات حماية النظام الدستوري (بإنهاء التمرد). لكن تساورنا الشكوك هل روسيا بحليف مستقبلي موثوق؟! وأن بقاء كثير من الدول على الحياد ليس الخيار الصائب لكون روسيا قوة متراجعة! الواقع أن حاجة روسيا لحلفائها، وخاصة للصين، أكثر من حاجة حلفائها لها! ما يضعف ويحرج مشروع الصين في مواجهتها مع الولايات المتحدة والغرب، ولتواطؤها على جرائم روسيا في أوكرانيا!
864
| 02 يوليو 2023
سطرت في هذه الزاوية خلال الأشهر الماضية عددا من المقالات عن الخلافات والتباين بين الحلفاء الخليجيين والولايات المتحدة الأمريكية: «أمريكا تخفض أهمية الخليج العربي لمواجهة روسيا والصين»، و»هل نشهد صعود الصين في الخليج العربي على حساب أمريكا»-بعد نجاح وساطة الصين في مصالحة السعودية وإيران وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عقر دار النفوذ الأمريكي التقليدي في مارس الماضي. وآخر تلك المقالات قبل أسبوعين «هل تنتهي معادلة النفط الخليجي مقابل الحماية الأمريكية»، ومقال الأسبوع الماضي «لمعادلة ربحية نحتاج تفعيل العلاقات الخليجية-الأمريكية». وأستكمل موضحاً في مقال اليوم لماذا برغم كل التباين وتراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج لماذا لن تنسحب أمريكا من الخليج؟ ولماذا لا تملك القوى الكبرى الإقليمية والدولية القدرة والامكانيات والقرار السياسي لملء ذلك الفراغ الاستراتيجي وتعويض التراجع الأمريكي. يتساءل الكثيرون بقلق هل ستنسحب أمريكا من المنطقة بعد سلسلة تراجعات ونكسات وهزائم وانسحابات و»تعب من الحروب»، بدأها الرئيس بوش الابن قبل عقدين من الزمن بمغامرات غير محسوبة العواقب و»حرب عالمية على الإرهاب»، وحروب استباقية قادت لهزائم في أفغانستان والعراق. وعلى طالبان والقاعدة. وفي رئاسة أوباما حرب على تنظيم داعش بقيادة 70 دولة. نتيجة لتلك الانتكاسات شهدنا تنامي فجوة غياب ثقة الحلفاء الخليجيين والعرب بالحليف الأمريكي. بالانسحاب من العراق ما سمح لهيمنة إيران، وانسحاب فوضوي ومرتبك من أفغانستان بعد حرب دامت عشرين عاماً الأطول بتاريخ أمريكا. واستعادة طالبان نفوذها وهيمنتها على كامل أفغانستان. سبق ذلك إعلان الرئيس باراك أوباما الاستدارة شرقا، ومفاوضات النووي السرية مع إيران دون طمأنة الحلفاء الخليجيين. وتخلي إدارة أوباما عن الحلفاء التقليديين إبان الربيع العربي في مصر وتونس. وأثار قلق الحلفاء الخليجيين استخفاف ترامب بالاعتداءات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص أكبر شركة نفط في العالم. عطّلت نصف انتاج النفط السعودي 5 ملايين برميل نفط يومياً يعادل 5% من انتاج النفط العالمي اليومي، علّق ترامب، ما حدث كان في السعودية وليس في أمريكا! خاصة لم تتصد أمريكا للعدوان ولم تهب لنجدة السعودية وتزيد عديد قواتها. كما كاد الرئيس ترامب يورط الحلفاء الخليجيين بمواجهة عسكرية مع إيران بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري في يناير 2020. ما هوى بمؤشر الثقة وجدية وعود الحليف الأمريكي بحماية ودعم الحلفاء الخليجيين كما يكرر الرؤساء والمسؤولون الأمريكيون. استمرت إدارة بايدن على نهج تراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج العربي، برغم ارتفاع أهمية منطقتنا بالقدرة على توفير امدادات الطاقة من نفط وغاز بسبب تداعيات حرب ورسيا على أوكرانيا ومقاطعة امدادات الطاقة. ورغم تصعيد الحوثيين بقصفهم واستهداف السعودية والإمارات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع، حذفت إدارة بايدن جماعة أنصار الله-الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية التي صنفها الرئيس ترامب في أيام رئاسته الأخيرة. وتبعها بايدن بتصرف غير مسؤول بسحب بطاريات صواريخ دفاعية من السعودية والكويت ودول أخرى. واشتبك مع السعودية في مواجهة مفتوحة منذ بدء رئاسته شملت انتاج النفط، وحقوق الإنسان. ما عمّق فجوة التشكيك بنوايا وجدية الحليف الأمريكي بتوفير الحماية التي قامت عليها الشراكة الاستراتيجية في معادلة الحماية مقابل النفط بين الطرفين. لكن حملة إدارة بايدن، وهو شخصياً، ومعه الكونغرس بمجلسيه في تحالف غير مسبوق، وهما قلما يتفقان على أمر، نددا ورفضا بهجوم منسق ضد مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا في شهر أكتوبر 2022 بعد قرار خفض انتاج النفط مليونين برميل يومياً-وصف بايدن والبيت الأبيض القرار بقصير النظر ويأتي في وقت حرج للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي ووعده بمراجعة العلاقة مع السعودية. ما زاد من الريبة الخليجية بالتزامات أمريكا! ويبقى السؤال المهم، تأثير تصعيد الإدارات الأمريكية ضد الحلفاء الخليجيين على مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية، والسعودية خاصة. شاركت بعدة مؤتمرات وورش عمل وسطرت مقالات بحثية عن مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية على مدى عام. بما فيه المركز العربي لدراسة السياسات في قطر-في «منتدى دراسات الخليج التاسع»-والمؤتمر الحادي والثلاثين لمجلس العلاقات الأمريكية العربية الأمريكية في واشنطن وندوات عامة في جامعة الكويت وتركيا-وعن «تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا على واقع ومستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية-ومنتدى الجزيرة الرابع عشر في الدوحة في نوفمبر الماضي عن «تراجع الثقة بالحليف الأمريكي والحاجة لتصحيح بوصلة العلاقات الخليجية-الأمريكية لمعادلة ربحية». ما نشهده من مماحكات وتصعيد أمريكي يهدف لاحتواء استقلالية القرار السيادي الخليجي، خاصة السعودي. سيكون بتداعيات لا تصب في مصلحة كلا الطرفين لخدمة الأجندة والقضايا الداخلية التي بمجملها تقتصر على خدمة أولويات الناخب الأمريكي على حساب الحلفاء الخليجيين الموثوقين الذين لا يكلفون دافع الضرائب الأمريكي دولاراً واحداً، بعكس إسرائيل التي تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين حوالي 4 مليارات دولار سنوياً. يتمركز حوالي 30 ألف عسكري أمريكي في قواعدها العسكرية بمعداتهم الثقيلة ومقاتلاتهم في قواعد عسكرية من الكويت إلى مسقط. وخطط أمريكا الاستراتيجية البقاء لردع إيران ومنع فراغ استراتيجي يغري روسيا والصين لملئه، ولضمان أمن الطاقة للحلفاء في أوروبا وحتى للصين والدول الآسيوية، لأهميته للنمو الاقتصادي العالمي. رغم حالة الشحن والتصعيد وتحول أمريكا لأكبر منتج للنفط في العالم وتراجع حاجتها إلى الطاقة من النفط والغار الخليجي، ورغم تخفيض أهمية ومكانة منطقة الخليج العربي في استراتيجيتها، لكن أمريكا لن تنسحب من الخليج، بل ستخفض عديد قواتها والتزاماتها الدفاعية والعسكرية وستعمد لمشاركة الحلفاء بالأعباء، دون السماح للقوى الكبرى والإقليمية بموطئ قدم. لذلك مستبعد انسحاب أمريكا من منطقة الخليج العربي على المدى المتوسط.
1668
| 25 يونيو 2023
أنهيت مقالي السابق الأسبوع الماضي "سيستمر هذا الواقع للمستقبل المنظور، بتوجه دول مجلس التعاون بقيادة السعودية في منطقة الخليج للتعامل مع القوى الكبرى بالتعددية القطبية. وبالتالي هل نشهد نهاية مرحلة الأحادية القطبية الأمريكية. واقتراب حقبة التفرد الأمريكي في الأمن الخليجي من نهايتها؟ السؤال المهم: ما المطلوب أمريكياً لطمأنة الحلفاء الخليجيين لاستعادة الثقة والتعاون مع الحلفاء الخليجيين لأهمية بقاء وتفعيل العلاقات الاستراتيجية وإعادة تموضع العلاقة بين الطرفين لمعادلة رابح-رابح.اللافت في العلاقات الأمريكية - الخليجية حجم هوة الثقة بين الطرفين خلال العقدين الماضيين منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وحروب أمريكا الاستباقية وإسقاط نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام حسين في العراق. ما أخل بنظام توازن القوى لمصلحة إيران، وزاد من مأزق معضلة أمن الحلفاء الخليجيين، وأعقبتها أمريكا بمفاوضات سرية تتوج باتفاق نووي بين القوى الكبرى وإيران بين 2012-2015، دون إطلاع الحلفاء الخليجيين حتى مراحله الأخيرة. بعقد الرئيس (باراك أوباما) قمة أمريكية - خليجية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد ليحصل على الدعم الخليجي للاتفاق النووي في مايو 2015 قبل توقيع الاتفاق النووي بشهرين. وذلك رغم عدم تلبية الاتفاق النووي مطالب الحلفاء الخليجيين وأخذ مخاوفهم بعين الاعتبار حول برنامج إيران الصاروخي والباليستي الذي تستمر إيران بتطويره. وآخرها تجربة الحرس الثوري صاروخي خيبر بمدى 2000 كلم وفتّاح الفرط صوتي. وكذلك أنشطة إيران المزعزعة للأمن والاستقرار-ما دفع إيران للتفاخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية. ويعمق الشرخ بين أمريكا وحلفائها تناقض التعهدات الأمريكية مع الواقع. ولم تعد تنفع وتجدي الزيارات والتصريحات المكررة للرؤساء والمسؤولين الأمريكيين حول الشراكة والتعاون والطمأنة الشفهية بالبقاء والالتزام بالتعاون الأمني. وآخرها كان زيارة الرئيس بايدن الصيف الماضي إلى السعودية، ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن الأسبوع الماضي إلى الرياض والوعود بالدعم ولالتزام بالحماية وإرسال مقاتلات استراتيجية وإجراء مناورات مشتركة كما شهدنا الأسبوع الماضي أيضاً. وغير واقعي وعقلاني ممارسة إدارة بايدن ضغوطا على دول خليجية وعربية للتطبيع مع إسرائيل برغم تطرف حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً وفاشية في تاريخ الاحتلال وتقويضه رؤية وخطط إدارة بايدن بتحقيق حل الدولتين التي تدمرها سياسة نتنياهو بتوسيع بناء المستوطنات غير الشرعية وتقويض صلاحيات المحكمة العليا والسلطة القضائية!. بينما نشهد ونتابع في الوقت نفسه مواقف أمريكا المتراجعة والمنكفئة عن المنطقة. كما يكرر الرؤساء الأمريكيون من أوباما حتى بايدن "الاستدارة نحو آسيا" لمواجهة الصين وآسيا وإعطاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ-Indo-Pacific- الأولوية في قائمة استراتيجيات الولايات المتحدة، حسب وثائق الدراسات الرسمية والأمنية والاستخباراتية الأمريكية في السنوات الماضية. بهدف احتواء وإعاقة صعود وتمدد الصين كمنافس ومهدد رئيسي للهيمنة الأمريكية عالمياً. والواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل أشبه ما يكون بـ (ناتو آسيوي) لاحتواء وحصار الصين كأولوية في الاستراتيجية الأمنية والدفاعية الأمريكية في شرق آسيا وعلى المستوى الدولي وذلك بتوسيع وتعزيز التحالفات الأمريكية في شرق آسيا وأوروبا. كما تحولت أولوية أمريكا لاحتواء مع حلفائها في الناتو تمرد ومغامرات وحرب روسيا على أوكرانيا، بخوض بوتين أعنف وأطول حرب في أوروبا، وسعيه لتغيير جغرافيا أوروبا بالقوة المسلحة بعد 78 عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية والفاشية، و32 عاماً من هزيمة الشيوعية في الحرب الباردة. وكبح جماح مغامرات الرئيس الروسي بوتين بدءاً بحربه عام 2014 واحتلاله وضمه شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا. ولكن التصعيد الأخطر كان عام 2022 بعد شن بوتين حربه المفتوحة والمستمرة واحتلاله وضمه 4 أقاليم في شرق أوكرانيا. ولا يزال يصفها بعد 16 شهراً-برغم الخسائر البشرية والعسكرية والاقتصادية المكلفة بـ "العملية العسكرية الخاصة".وشهدنا في الخريف الماضي تهديدا علنيا وغير مسبوق من الرئيس بايدن بمراجعة وإعادة تقييم الحسابات والعلاقات مع السعودية. بعد رفض مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا طلب إدارة بايدن خفض انتاج النفط، لخفض أسعار الوقود حتى لا ينتقم الناخب الأمريكي ويخسر الرئيس بايدن وحزبه الأغلبية في التجديد النصفي للكونغرس. وهو ما رفضته السعودية وروسيا والدول الأعضاء في تحالف أوبك بلس. بل ردوا بتخفيض الإنتاج بمليون ونصف برميل يومياً لخدمة مصالحهم. وهو ما فسرته إدارة بايدن ومعها نواب من الحزب الديمقراطي بالتدخل في شؤون الانتخابات الأمريكية. وتوعد بايدن علناً بالرد ومعاقبة السعودية وإعادة الحسابات وتقييم الشراكة. وطالب نواب بتجميد صفقات الأسلحة!. ردت السعودية حسب تسريبات Discord- نشرت مؤخراً في صحيفة واشنطن بوست عن تحذير ولي العهد السعودي برد مكلف اقتصاديا على أمريكا إذا نفذ الرئيس بايدن تهديده بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية. وهو ما لم يقم به بايدن. صارت العلاقات بين الولايات المتحدة والحلفاء الخليجيين أقرب إلى الندية وخاصة مع السعودية والإمارات وباتت أقرب إلى مصالحنا الخليجية تتقدم على مصالح الولايات المتحدة. وهذا الواقع على أمريكا التأقلم معه. وأثبتت حرب روسيا على أوكرانيا خطورة الأزمات الزاحفة وغير المتوقعة أهمية وجود بدائل كافية وموثوقة من الحلفاء الموثقين لتأمين نقص امدادات الطاقة من نفط وغاز وهو ما تقوم دول مجلس التعاون الخليجي الحلفاء الموثوقين بتوفيره بكلفة معقولة. بالإضافة لتحقيق الدول الخليجية أرباحاً وفوائض في ميرانياتها في معادلة ربحية للأطراف المعنية. وبالتالي، وبرغم تراجع احتياجات الولايات المتحدة للنفط والغاز الخليجي بعدما صارت الدولة الأولى المنتجة للنفط والغاز-لكن يبقى النفط الخليجي المصدر الرئيسي للطاقة ولنمو واستقرار الاقتصاد العالمي. ما يُبقي أهمية ومحورية دولنا الخليجية لفترة طويلة. كما أن المصالح طريق باتجاهين. هناك واقع جديد، لم تعد دولنا الخليجية شريكا هامشيا يمكن لواشنطن الإملاء علينا بما يخدم مصالحها، ولا يراعي مصالحنا وتعزيز أمننا واستقرارنا.
1428
| 18 يونيو 2023
تشهد العلاقات الخليجية-الأمريكية حالة شد وجذب وتذبذب منذ سنوات لتكوّن قناعة بتخفيض الإدارات الأمريكية في العقدين الماضيين أهمية ومكانة الشرق الأوسط والخليج العربي. ووصلت أمريكا لحالة "تعب الحروب" الدائمة والعدمية-تُبقيها عالقة في منطقة تتراجع أهميتها الاستراتيجية، وتغيرات أولوية أمريكا لمواجهة العملاق الصيني وتحديات روسيا. وهذا يذكّر بالمعادلة التي قامت عليها العلاقات الأمريكية-الخليجية خلال الثمانية عقود الماضية: "النفط مقابل الحماية". بدأت العلاقة الأمريكية مع السعودية بلقاء الملك عبد العزيز المؤسس مع الرئيس روزفلت على متن المدمرة الأمريكية كوينسي في قناة السويس عام 1945. برغم الحماية البريطانية حينها. واكتسبت العلاقة أهمية بعد اكتشاف الطاقة-نفط وغاز-المحرك الرئيسي لاقتصاد العالم. وطبيعي تعمقت العلاقات الخليجية-الأمريكية بعد انسحاب بريطانيا من الخليج العربي عام 1971. شهدت العلاقات كثيرا من التفاوت والصعود والهبوط. أبرزها بعد إعلان مبدأ الرئيس كارتر عام 1980-أول رئيس يعترف بأهمية ومحورية منطقة الخليج العربي للأمن والمصالح الأمريكية، والاستعداد لاستخدام القوة العسكرية لحماية مصالحها. وكانت تلك رسالة واضحة للاتحاد السوفيتي بعد احتلال أفغانستان في ديسمبر 1979. ولكن دول الخليج برغم عدم وجود مجلس التعاون الخليجي حينها، رفضت منح إدارة كارتر قواعد عسكرية لقوات التدخل السريع الأمريكية (RDF). وتصاعد شك دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامات الولايات المتحدة الوقوف مع الحلفاء الخليجيين توفير الحماية مقابل الطاقة في عدة محطات. من التخلي عن دعم شاه إيران وسقوطه عام 1979. والتخلي عن مبارك وزين العابدين في انتفاضات الربيع العربي. في المقابل بلغت العلاقات الخليجية-الأمريكية أوجها في عهد الرئيس بوش الأب بقيادة تحالف عسكري وسياسي لتحرير دولة الكويت عام 1991-بعد حشد دعم دولي قاد لطرد قوات صدام حسين من الكويت وفرض اقسى العقوبات على العراق. أعقبه توقيع ترتيبات أمنية غير ملزمة للولايات المتحدة الأمريكية مع الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي عام 1991، تجددت كل 10 سنوات. لكن شهدت العلاقة بين الحلفاء الخليجيين وأمريكا تراجعاً مع حروب بوش الاستباقية في أفغانستان (2001-2021) وإسقاط نظام صدام حسين واحتلال العراق (2003-2011)-ما أحدث خللا في توازن القوى-ساهم بتغير موازين القوى لمصلحة إيران وعدم الاستقرار. وارتفع منسوب التشكيك بنوايا أمريكا مع "استدارة إدارة أوباما شرقاً" عام 2012- لاحتواء وعرقلة صعود الصين ومواجهة مغامرات وتحديات روسيا-بوتين وذلك قبل حرب بوتين على أوكرانيا عام 2022. وكررت وثائق ودراسات مجتمع الاستخبارات الأمريكية منذ عقد، المرفوعة عنها السرية أن الصين وروسيا تحتلان الأولوية في اهتمامات الولايات المتحدة-مع تراجع أولوية وأهمية منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي-لمصلحة مواجهة القوى الكبرى في النظام العالمي. ساهم سجل إدارة ترامب المرتبك بنزواته في تعميق حجم الشكوك الخليجية من نوايا ومواقف الإدارة الأمريكية. تمثل ذلك بعدم توفير ترامب الحماية المطلوبة والمتوقعة ودوره في عدم وضع حد للأزمة الخليجية وانحيازه في بداية الأزمة لطرف، قبل تدخل الدولة العميقة وتصحيح الموقف الأمريكي تجاه الأزمة الخليجية. أعقب ذلك انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي-ما سمح لإيران بزيادة تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي وإضافة أجهزة متطورة ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم لـ60%-ما يقرّب إيران أكثر من امتلاك السلاح النووي، كما حذرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارك مليي في مارس الماضي! كما لم تحرك إدارة الرئيس ترامب ساكناً عند قصف منشآت أرامكو النفطية في ابقيق وخريص في سبتمبر 2019. واستمر هامش التشكيك بدور ونوايا الولايات المتحدة في إدارة بايدن-بعد أطول حرب بتاريخ أمريكا، وانسحابها العسكري من أفغانستان في أغسطس 2021-دامت عشرين عاماً! لم تحقق إدارات بوش الابن وأوباما وترامب وبايدن أهدافها-بل عادت طالبان أقوى لتسيطر على كامل أفغانستان. ولولا مساهمة الحلفاء الخليجيين وخاصة دولة قطر في إجلاء 70 ألف مواطن أمريكي ومزدوجي الجنسية والأفغان المتعاونين ورعايا دول أجنبية من أفغانستان-وتمثل مصالح أمريكا في أفغانستان، لكان وضع أمريكا وسمعة الرئيس بايدن أسوأ. لذلك استحقت قطر ترقية إدارة بايدن العلاقات الاستراتيجية معها لحليف رئيسي من خارج حلف الناتو في يناير 2022. تشهد العلاقات الخليجية اليوم مع إدارة بايدن مزيدا من التباين والمواجهات مع السعودية حول انتاج النفط ضمن مجموعة أوبك بلس ورفض رفع انتاج النفط كما طالب الرئيس بايدن، بل تخفيض الإنتاج في موسم انتخابات الكونغرس في نوفمبر الماضي. وهدد بايدن علناً بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية. لكنه لم يفعل ذلك. وكشفت معلومات استخباراتية مسربة عن تحذير السعودية برد اقتصادي مكلف على أمريكا إذا فعل. كما استجابت السعودية وإيران لوساطة الصين في مارس الماضي. وأعادت العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء قبل موسم الحج في انتصار للدبلوماسية الصينية في عقر النفوذ الأمريكي في الخليج العربي! وانسحبت الإمارات من التنسيق البحري الأمني لـ 38 دولة بقيادة أمريكا لحماية ممرات الخليج والبحر الأحمر وبحر العرب أمنياً ومن القرصنة والمخدرات. كما تخطط السعودية والإمارات وعمان مع إيران لتأسيس قوة بحرية مشتركة! ويبرز تساؤل هل تقترب معادلة النفط الخليجي مقابل الحماية الأمريكية بالتآكل؟ وتلجأ دولنا الخليجية لبدائل، ليست آنية لعدم قدرة الصين وروسيا في المستقبل المنظور تشكيل بديل عن الحليف الموجود على الأرض في قواعد عسكرية من الكويت إلى مسقط بـ 35 ألف عسكري وعشرات القواعد العسكرية. والتسلح الخليجي بأغلبيته أمريكي. وبالتالي، سيستمر هذا الواقع للمستقبل المنظور، بتوجه دول مجلس التعاون بقيادة السعودية في منطقة الخليج للتعامل مع القوى الكبرى بالتعددية القطبية. وبالتالي سنشهد نهاية مرحلة الأحادية القطبية الأمريكية. واقتراب حقبة التفرد الأمريكي في الأمن الخليجي من نهايتها؟ أناقش في مقالي القادم المطلوب أمريكياً.
2040
| 11 يونيو 2023
شكل فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة في تركيا لولاية ثالثة ولأول مرة اضطر أن يخوض جولة ثانية في 28 مايو الماضي بعد فشله في حسم الانتخابات بالجولة الأولى في 14 مايو-صدمة لمحللين ومؤسسات استطلاع الرأي- التي توقعت هزيمته وتحالفه وحزبه بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع التضخم والأسعار وتراجع سعر الليرة التركية وتداعيات الزلزال المدمر الذي أودى بحياة 50 ألف شخص في فبراير الماضي- وكانت المعارضة وجهت انتقادات لتعامل الحكومة مع الزلزال في الولايات المتضررة. ومع ذلك كله نجح الرئيس أردوغان في تحقيق انتصار مهم ونصر معنوي له- يتوج إنجازاته خلال العقدين الماضيين وفي ذكرى قرن على تحول تركيا إلى النظام الجمهوري مع نهاية الخلافة العثمانية. وبرئاسة أردوغان الثالثة والأخيرة- يكون قد حقق إنجازاً تاريخياً بصفته الرئيس الذي أمضى أطول مدة في الرئاسة متجاوزاً سنوات اتاتورك الخمسة عشر. رشح الرئيس أردوغان نفسه مع تحالف رباعي- على سجل إنجازاته المميزة خلال العقدين الماضيين-برغم الوضع الاقتصادي المؤرق- إلا أنه تعهد برفع الحد الأدنى للرواتب لموظفي القطاع الحكومي بـ 45% إلى 15,000 ليرة أكثر من 750 دولارا- وتعهد ببناء 650,000 وحدة سكنية- في المناطق الأكثر تضرراً في الولايات التي ضربها الزلزال المدمر. واكتشاف كميات كبيرة من الغاز والتعهد بتوفير الغاز لجميع المنازل في تركيا لمدة شهر مجاناً. يترشح الرئيس أردوغان على سجل إنجازاته الحافلة، قادت تركيا لمصاف الدول المؤثرة في القضايا والملفات الإقليمية والدولية، والوساطات لحل النزاعات وتوسيع الاتفاقيات الدفاعية، وتطوير الصناعة العسكرية المتطورة، خاصة في مجال مسيرات بيرقدار التي أثبتت فعاليتها في حروب حلب وليبيا وأذربيجان وفي تصدي أوكرانيا لحرب على روسيا المستمرة منذ 15 شهراً. كما رشح الرئيس أردوغان نفسه بعدما أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة لدور ومكانة تركيا وجعل منها لاعبا إقليميا ودوليا بنفوذ ودور في ملفات إقليمية ويبرع في سياسة التوازنات العصبة، في سوريا والعراق وليبيا وقطر والصومال والصراع العربي الإسرائيلي- وحرب روسيا على أوكرانيا. وبيع أوكرانيا صفقات مسيرات بيرقدار التي أثبتت فاعليتها ضد القوات الروسية في الحرب على أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تبقى تركيا الوسيط الوحيد الناجح في حلف الناتو التي يمكنها التفاوض مع بوتين والتوصل لاتفاقية الحبوب والقمح في صيف 2022، ما ساهم بإنقاذ الملايين من الجوع بشحن مئات أطنان القمح والحبوب إلى دولهم من موانئ البحر الأسود. كما استخدم الرئيس أردوغان حق الفيتو لمنع انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو قبل الاستجابة لمطالب تسليم أعضاء في تنظيم PKK الإرهابي-وجماعة غالين ورفع الحظر عن تصدير السلاح لتركيا. وقد استجابت فنلندا-وانضمت فنلندا إلى حلف الناتو. وبقي الفيتو على انضمام السويد للناتو-إلا أنني أتوقع أن يتم التوصل لحل وسط وانضمام السويد للناتو بوساطة إدارة بايدن ضمن صفقة حصول تركيا على صفقة مقاتلات F-16-وهو ما لمّح له الرئيس بايدن بمكالمته لتهنئة أردوغان بتهنئته بفوزه. كما حقق الرئيس أردوغان إنجازات واسعة وضعت تركيا في مصاف الدول الرئيسية إقليمياً وعلى المستوى الدولي بلعب توازنات مهمة مع القوى الكبرى بعضوية تركيا في حلف الناتو-أكبر تحالف عسكري عرفته البشرية-ومجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات دول العالم. ما مكن تركيا من لعب دور متصاعد بعد أكثر من عقدين في السلطة متدرجاً من رئيس وزراء إلى رئيس جمهورية وفاز في 15 انتخابا على جميع المستويات المحلية- رئيس بلدية إسطنبول كبرى مدن وأهم مدينة والعاصمة الاقتصادية والمالية و11 مليون ناخب والتي خسرها أردوغان بفارق ضئيل عن منافسه كليجدار أوغلو. يدين الرئيس أردوغان في انتصاره إلى أوراق القوة التي أكتسبها مع حزبه-حزب العدالة والتنمية. خرق بفوزه قاعدتين راسختين. الأولى أكد بفوزه أنه يمكنك الفوز برغم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والانقسام السياسي الحاد. وثانياً بخلاف القاعدة التي تؤكد من يفوز بإسطنبول-يفوز بتركيا. في جولتي الانتخابات الأولى والثانية برغم خسارة الرئيس أردوغان في إسطنبول بالجولة الأولى وجولة الإعادة الثانية- بفارق ضئيل-إلا أنه تمكن من التقدم والفوز بالرئاسة. والظاهرة الملفتة هو انتزاعه الأغلبية في معظم الولايات الجنوبية التي كانت المركز والأكثر تضرراً من آثار الزلزال! وهذه بحد ذاتها تصويت ثقة على قدرة الرئيس أردوغان وحكومته بالإيفاء بوعودهم بإعادة الإعمار وتسليم عشرات آلاف الشقق والوحدات السكنية التي تدمرت- ومعها المرافق والبنى التحتية والمستشفيات والمدارس كما وعد بعد كارثة الزلزال المدمر. نجحت حملة أردوغان بتعرية مواقف وسياسات منافسه العلماني كليجدار أوغلو الممثل العبء للطاولة السداسية لأحزاب هلامية لا يجمعها الكثير- بخواء طرحه وعنصريته الشوفينية ضد المهاجرين واللاجئين وخاصة السوريين والمبالغة أعدادهم من 3.5 مليون إلى 10 ملايين- وربط علاقته بالتعاون مع الأحزاب الكردية الإرهابية-التي تشكل في عقلية الناخب التركي تهديداً مباشراً للأمن الوطني التركي. كما لم يساعد وضعه في حملته الانتخابية ارتباطه وتحالفه الوثيق مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي-ودعمه لجماعة مجتمع ميم المثليين والشاذين جنسياً. أنهيت مقالي الأسبوع الماضي في هذه الزاوية في الشرق-"لماذا يعزز فوز أردوغان شراكتنا ومصالحنا المشتركة؟" بالتأكيد "يشكل فوز الرئيس أردوغان وحزبه وتحالفه الذي يملك أغلبية مريحه في البرلمان للسنوات الخمس القادمة تمكنه من تمرير جميع مشاريع القوانين دون عرقلة واكمال برنامج عمله في الشأن الداخلي والخارجي علامة ثقة على الثبات على النهج للسنوات الخمس القادمة. تشكل ضمانة للاستقرار والاستمرارية لسياسة ومواقف تركيا. ما يعزز شراكتنا ومصالحنا المشتركة”. فوز الرئيس أردوغان يعني استمرار سياسات تركيا داخلياً وخارجياً. لكن المطلوب إصلاحات جذرية لحل الأزمة الاقتصادية الصعبة. واستمرار نهج البراغماتية والندية والتوازنات الصعبة مع الشرق والغرب والانفتاح والتقارب عربياً مع مصر وخليجياً لتعزيز مصالح تركيا وحلفائها.
1692
| 04 يونيو 2023
تجري اليوم انتخابات جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التركية المصيرية والحاسمة. ويحبس الأتراك وكثير من حلفاء وخصوم تركيا أنفاسهم بمتابعة تطورات جولة الإعادة بين الرئيس رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ضد خصمه كليتشدار أوغلو زعيم حزب "تحالف الأمة". يقود الرئيس رجب طيب أردوغان "تحالف الجمهور" المكون من أربعة أحزب بقيادة حزبه "العدالة والتنمية"-ويواجه منافسه كمال لكليتشدار أوغلو زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المكون من ستة أحزاب قومية ووطنية وعلمانية ومحافظة- أظهرت تشققا وانقساما بعد جولة الانتخابات الأولى. وبخطاب اقصائي علماني متوحش معاد للمهاجرين واللاجئين ومستفز للأتراك والمتدنيين. ولا يتضمن برنامج عمل اقتصادي مقنع ومطمئن ينقذ تركيا من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة. خاصة بعدما أعلن الرئيس أردوغان زيادة الحد الأدنى من الرواتب بنسبة 45% إلى 15 ألف ليرة تركية بدءاً من شهر يوليو القادم وتوفير الغاز للمنازل شهرياً مجاناً وخفض نسبة التضخم. ما يجعل انتخابات الرئاسة التركية بالغة الأهمية ومتابعة بشكل واسع من الأتراك ودول المنطقة وأوروبا وأمريكا-هو التنافس الحاد بين أردوغان وكليتشدار أوغلو الذي أجبر في سابقة الرئيس أردوغان خوض جولة إعادة ثانية للمرة الأولى. في آخر خطابات الرئيس أردوغان حث الناخبين "التصويت بكثافة للنصر العظيم لتركيا"، بينما نصح خصمه كليتشدار أوغلو السياسي العلماني! الناخبين "خافوا الله وأنتم تقترعون"! أمضى الرئيس أردوغان 21 عاماً متوليا مناصب قيادية في النظام السياسي من رئيس بلدية إسطنبول ورئيس وزراء تركيا واستفتاء شعبي لتحويل النظام من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. وفاز مرتين في انتخابات الرئاسة، آخرها كان عام 2018. يخوض الرئيس أردوغان أهم انتخابات بحياته السياسية في مأوية الجمهورية التركية للفوز برئاسة ثالثة وقد تكون الأخيرة له. نجح أردوغان بنقل تركيا من لاعب هامشي محدود القدرات، وأكبر طموحه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي- للاعب إقليمي ودولي بثقل وتأثير، بسبب سياسته المتوازنة بين الشرق والغرب وعضوية تركيا في حلف الناتو منذ عام 1952، ومجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. يترشح الرئيس أردوغان على سجل إنجازاته الحافلة، قادت تركيا لمصاف الدول المؤثرة في القضايا والملفات الإقليمية والدولية، والوساطات لحل النزاعات وتوسيع الاتفاقيات الدفاعية، وتطوير الصناعة العسكرية المتطورة، خاصة في مجال مسيرات بيرقدار التي اثبتت فعاليتها في حروب حلب وليبيا وأذربيجان وفي تصدي أوكرانيا لحرب على روسيا المستمرة منذ 15 شهراً. وبرغم الأزمة الاقتصادية الحادة وتراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع التضخم والأسعار وتداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا في فبراير الماضي وأدوى بحياة أكثر من 50,000 شخص-ونتائج استطلاعات الرأي التي عادة تكون مسيسة، نجح الرئيس أردوغان بمخالفة استطلاعات الرأي التي أكدت بمعظمها تقدم منافسه كليتشدار أوغلو. نجح الرئيس أردوغان في الجولة الأولى بحصد 49.52 % من الأصوات وأكثر من 27 مليون صوت. كما حصد تحالف الجمهور بقيادته وحزبه-العدالة والتنمية 323 مقعداً منها 268 مقعداً لحزب العدالة والتنمية بمفرده-برغم تراجع عدد مقاعد حزبه، من عدد نواب البرلمان التركي 600 عضو. بينما حصد " كليتشدار أوغلو 44.9% من الأصوات وحوالي24.5 مليون صوت وحصد حزبه الشعب الجمهوري 169 مقعداً والحزب الجيد 43-بمجمل 212 مقعداً. وبإعلان سنان دوغان زعيم حزب الأجداد القومي اليميني-حصد أكثر من 5% من الأصوات و2.8 مليون صوت دعم أردوغان. ما يعزز فرص فوز أردوغان بالرئاسة لفترة ثالثة، بينما أعلن حزبي الظفر (النصر) والعدالة الصغيران دعم كليتشدار أوغلو. لكن يؤخذ على المعارضة السداسية التركية، افتقاد برنامج عملها لسياسة داخلية تجمع ولا تفرق وبرنامج اقتصادي قابل للتطبيق وخطاب عنصري مستفز بعلمانية متوحشة للأتراك المحافظين وشعبوي بتكرار خطاب معاد للاجئين يتعهد مبالغاً بطرد 10 ملايين لاجئ سوري، بينما عددهم 3.5 مليون لاجئ! ويتقارب مع نظام الأسد لطرد اللاجئين! باختصار برنامج سياسة خارجية المعارضة إقصائي ويفتقد لرؤية استراتيجية، وموالٍ للغرب! وبعكس إنجازات عقدين من سياسات وتحالفات ومواقف الرئيس أردوغان وحزبه. لا يطمئن برنامج سياسة المعارضة الخارجية الحلفاء الخليجيين والعرب، ولا يعزز ويبني على الشراكات والإنجازات-خاصة بعدما نجح الرئيس أردوغان بجعل تركيا حليفا موثوقا، برز ذلك بدور تركيا في الأزمة الخليجية، بنسج شراكة استراتيجية مع دولة قطر وإرسال آلاف الجنود لقاعدة العديد في الدوحة أثناء الأزمة الخليجية، والمشاركة بتأمين الحماية والأمن في كأس العالم في قطر. وتصفير الخلافات والانفتاح العام الماضي على السعودية والإمارات بخفض مستوى الخلافات والتباين مع السعودية والإمارات، والقيام بزيارات متبادلة بين قيادات الدول الثلاث، واستثمارات عشرات مليارات الدولارات في الاقتصاد والشركات التركية. والمشاركة في التنسيق الأمني مع الكويت وبناء مطار الكويت الدولي الجديد- وشراء الكويت صفقة مسيرات بيرقدار بقيمة 370 مليون دولار. والانفتاح على مصر والتلويج بالحوار مع النظام السوري لإعادة اللاجئين طوعياً وبناء مساكن لهم في الشمال السوري. كما كان لافتاً ومطمئناً ما أكده الرئيس أردوغان بعد فوزه بالجولة الأولى لشبكة CNN، بأن تركيا في حال فوزه سيعزز العلاقات ويعتزم تعزيز العلاقات على مختلف الأصعدة مع الدول العربية والخليجية في فترة رئاسته الثالثة. بحكم خبرته وعلاقاته الشخصية المهمة مع قادة المنطقة. مما يشكل ضمانة للاستقرار والاستمرارية لسياسة ومواقف تركيا. لذلك يشكل فوز الرئيس أردوغان وحزبه وتحالفه الذي يملك أغلبية مريحه في البرلمان للسنوات الخمس القادمة تمكنه من تمرير جميع مشاريع القوانين دون عرقلة واكمال برنامج عمله في الشأن الداخلي والخارجي علامة ثقة على الثبات على النهج للسنوات الخمس القادمة.. تشكل ضمانة للاستقرار والاستمرارية لسياسة ومواقف تركيا. ما يعزز شراكتنا ومصالحنا المشتركة.
1101
| 28 مايو 2023
عُقدت القمة العربية الثانية والثلاثون، والخامسة في السعودية منذ عام 1976، بغياب نصف القادة العرب لأسباب مختلفة. وسمعنا في القمة العربية تكرار لخطب إنشائية بمركزية القضية الفلسطينية، والتصدي لمحاولات تحويل منطقتنا لمنطقة صراعات. وإصلاح وتفعيل دور الجامعة العربية، وتكثيف جهود التنسيق والتعاون العربي المشترك! ليتكرر المشهد نفسه بترحيل الأزمات للقمم التالية. وسط أجواء ومزاج عام محتقن وفي ظروف صعبة، كان لافتاً ارتفاع منسوب التفاؤل الذي برز بكلمات القادة برغم غياب نصفهم لأسباب مختلفة. والتأكيد على محورية وحل القضية الفلسطينية ورفض التدخلات الخارجية وتعزيز وتكثيف الجهود والعمل العربي المشترك. على أمل تحقيق بعض الآمال والطموحات التي عجز النظام العربي عن تحقيقها، لضعف بنية النظام وانشغال الأنظمة العربية بمواجهة التحديات الوطنية في الداخل والخارج. ما يمنع صياغة استراتيجية متكاملة تفضي لمشروع عربي جامع في نظام دفاع مشترك وتفعيل متطلبات الأمن الجماعي والتحالفات، يمكنه التصدي للقوى الإقليمية. اللافت أيضاً في قمة جدة ما أفضى إليه التقارب بين السعودية وإيران بعد سبعة أعوام عجاف من قطع العلاقات والحرب الباردة وحرب الوكالات على رقعة المنطقة من اليمن إلى سوريا ومن العراق إلى لبنان- واستمرار العمل بالهدنة بين السعودية والحوثيين- واللافت تسارع الأحداث لتأهيل وإعادة نظام الأسد لجامعة الدول العربية بعد 12 عاماً من تعليق عضويته بسبب جرائم حرب النظام وتنكيله بشعبه لوأد انتفاضتهم ومطالبهم بحياة كريمة وحرية وعدالة! تعويم وتأهيل النظام العربي للنظام السوري وحضور رأسه بشكل مثير للجدل ويفتقد للقبول وللإجماع العربي-دون تقديم التزامات-وتعهدات بسبب بدعة النظام العربي الذي سهل لنظامه العودة معادلة «الخطوة مقابل خطوة»! وكان صادماً ومستفزاً خطاب الأسد الشوفيني الفوقي بأن سوريا هي قلب العروبة وفي قلبها! وكلامه المستفز عن الأحضان والانتماء!، وانضم لفريق منتقدي تركيا والإخوان بانتقاده بإسقاطات «الفكر العثماني التوسعي المطعم بنكهة إخوانية منحرفة» -يؤكد أنه لم يتب ولا يرغب بالانتزاع من الحضن الذي يريد البقاء فيه! لذلك يبقى موقف دولة قطر مبدئي الوحيد الرافض لتأهيل وتعويم نظام الأسد، الموقف الوحيد الذي يحرم حصول النظام على الاجماع العربي، ويلامس الواقع بسبب نهج النظام السوري على خرق المعاهدات والاتفاقيات بما فيها قرارات مجلس الأمن. لقناعة القوى الفاعلة في المنطقة وبدعم دولي بأن بقاء نظامه ضرورة ملحة ولأن البديل سيكون أسوأ. وكان رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن، عبّر بوضوح عن موقف دولة قطر من رفض عودة النظام السوري لجامعة الدول العربية والتطبيع معه. مؤكداً «أن الحل الوحيد لتطبيع العلاقات مع النظام السوري هو إيجاد حل شامل وعادل يرضي الشعب السوري، فالمشكلة ليست بين قطر والنظام، وإنما بين النظام وشعب عانى من ويلات الحرب على مدار الـ12 سنة الأخيرة. وأوضحت قطر موقفها منذ اتخاذ القرار بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، بأن قطر لا تريد الخروج عن الإجماع العربي حول هذا الموضوع، لكن يُترك لكل دولة قرارها السيادي في تطبيع العلاقات الثنائية. ومع تأهيل نظام الأسد في سوريا وعودته المشكوك فيها لكنف الحضن العربي التي تبدو من متطلبات المرحلة بعد التقارب السعودي الإيراني-ودور وكلائها في المنطقة، دون انتزاع أي تنازلات سياسية ومصالحات ملحوظة من النظام وعودة آمنة للاجئين والمهجرين الذي قتل وشرد نصف شعبه-ليعود وكأن شيئا لم يكن- لذلك كان المطلوب قبل إعادة النظام العربي للنظام السوري إلى الحضن العربي وضع خريطة طريق وآلية لفك ارتباطه من الحضن والنفوذ الإيراني وقيامه بخطوات يلتزم فيها بحوار جاد وبمخرجات واضح مع المعارضة ويلتزم بمخرجات جنيف 1 وبتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 قبل إعادته للحضن العربي؟ وفي سابقة حضر الرئيس الأوكراني زيلنسكي ضيف شرف القمة في جدة بدعوة من الدولة المضيفة، وطالب بدعم أوكرانيا ومسلمي التتار وانتقد بشكل واضح حياد بعض الأنظمة من أخذ موقف ضد حرب روسيا. لكن كيف تقرأ روسيا مشاركته وتداعياتها على الحياد الخليجي والعربي حول حرب روسيا على أوكرانيا؟! لكن تبقى الأزمات العربية مستعصية. استمرت وتفاقمت القطيعة بين الجزائر والمغرب. وشن جنرالات السودان حرباً ضارية للاستئثار بالسلطة والحكم لدولة تصنف من بين الدول الأكثر هشاشة وتفككاً في مؤشر الدول الهشة في العالم، ليزداد وضع السودانيين بؤساً! وتعقدت الأزمات في كثير من الدول العربية. بعد سبعة أشهر من نهاية رئاسة ميشيل عون يبقى لبنان بلا رئيس جمهورية وحكومة تصريف أعمال وبرلمان لا يجتمع إلا نادراً ووضع اقتصادي هو الأسوأ وتقزم حلم اللبنانيين للحصول على خدمات الماء والكهرباء والتوظيف وحلم الطبقة المثقفة تذكرة سفر بلا عودة في هجرة للأدمغة نشهدها في عدد من الدول العربية! وانهارت الأوضاع المالية والاقتصادية في دول عربية، وصاحبها ارتفاع التضخم والغلاء والبطالة، ما أدى لانهيار العملات الوطنية أمام الدولار، وتآكل الطبقة الوسطى ودخل ملايين العرب تحت خط الفقر في اليمن والسودان ولبنان وسوريا ومصر وليبيا. واستفرد النظام في تونس بالسلطة وعطل مؤسسات الدولة وصاغ دستوراً وزاد من قبضة الاعتقالات والقرارات المتفردة لدولة كان ينظر إليها العرب بأنها مهد التغيير فيما عرف بالربيع العربي الكاذب، قبل أكثر من عقد من الزمن! وللأسف يبقى الشتات عقبة كـأداء أمام التعاون العربي المطلوب. طالما فشل النظام العربي بالتحول لنظام يمكنه حماية والدفاع عن دولنا الاثنتين والعشرين 22 و450 مليون عربي لأكبر تكتل بشري وجغرافي وثروات طبيعية ومضائق على البحار الرئيسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وينهي حالة التبعية والضعف ويتصدى للمشاريع الإقليمية والدولية. سنبقى عرضة للتهديد والتآمر والتعدي على دولنا وشعوبنا من مشاريع الآخرين، ومن داخل كياناتنا العربية.
705
| 21 مايو 2023
ثلاثة أحداث مهمة تفرض نفسها بقوة على المشهد الإقليمي وعلى القمة العربية. استمرار تصعيد وحروب إسرائيل، وحرب السودان بلا أفق وإعادة تأهيل نظام الأسد. ما يؤكد مأزق النظام العربي وتفوق المشاريع الإقليمية وخاصة إسرائيل بحروبها واستفرادها بغزة والقدس والضفة الغربية، لكنها تبقى منبوذة ككيان برغم تطبيع 6 دول عربية، برغم خمس عشرة عملية عسكرية وحروب على غزة ضد المقاومة الفلسطينية منذ انسحابها العسكري من غزة عام 2005، تخوض حروبا شبه سنوية تستفرد بها ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي. تستضيف مدينة جدة السعودية القمة العربية العادية 32 في 19 مايو لتكرس محورية دور ومكانة السعودية البارزة. تناقش القمة ملفات معقدة، أبرزها حرب إسرائيل السادسة وعدوانها على غزة منذ 2008. وحرب الجنرالات-العسكر في السودان في أسبوعها الرابع، وبرغم اتفاق الإطار بين وفدي القوات المسلحة السودانية وقوات التدخل السريع بقيادة حميدتي لتحييد المدنيين!، دون التوصل لاتفاق نهائي لوقف القتال! وهناك من قد يسرق الأضواء ويغطي على أزمات العرب بإعادة النظام السوري، ودعوة رأس النظام، لكن هل سيحضر؟ بعد 12 عاماً من تعليق عضوية سوريا في الجامعة؟ في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية خوض حرب يعني فشل الردع وإجبار خصمك على تحقيق مصالحك على حساب مصالحه. يذهب صن تزو المفكر الإستراتيجي الصيني قبل 2500 عام الانتصار الحقيقي هو تحقيق أهدافك دون خوض حرب! بل ردع خصمك حتى لا يهدد أمنك ومصالحك. لذلك خوض إسرائيل حربا غير متناظرة ضد تنظيمات عسكرية مسلحة يقزم مكانتها وثقلها، كحرب أمريكا على طالبان والقاعدة في أفغانستان واليمن والصومال وداعش في العراق وسوريا، دون انتصار! كما تتهاوى سمعة إسرائيل عالمياً بارتكابها جرائم إرهاب دولة. ليقاتل ويرتكب الجيش الأقوى في المنطقة والمحتكر للسلاح النووي جرائم حرب ضد المدنيين في القدس وغزة والضفة، وردع إيران من امتلاك السلاح النووي. ليقاتل فصائل مسلحة بعد خمسة وسبعين عاماً من الاحتلال والنكبة ليهرع شعبه للاختباء في الملاجئ ويركضون بهلع في الشوارع مع انطلاق الصواريخ من غزة ودوي صفارات الإنذار! لشعب ونظام لا يتحمل إطالة أمد الحرب التي تستنزفهم. فيلجأ الاحتلال لقصف المنازل وقتل المدنيين والعقاب الجماعي بإغلاق المعابر ومنع خروج الحالات الطارئة للعلاج وغيرها، ودخول إمدادات الغذاء والدواء والمحروقات لتوليد الكهرباء! رسخ الاستفراد الإسرائيلي بعدوانه المتكرر في الداخل الفلسطيني، وفي الخارج بالتطبيع الفردي مع دول عربية، ضعف النظام العربي. ما يجرئ إسرائيل على التمادي في غيها، مدعوماً بالانحياز الغربي، وتبرير عدوانها. لكن إسرائيل صُدمت بفرملة التطبيع مع تصاعد عدوانها وإحراجها للمطبعين العرب ومن سيطبع! برغم خرق ومخالفة المطبعين، الإجماع العربي لقمة بيروت العربية عام 2002 "المبادرة السعودية- العربية بمقايضة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة مقابل التطبيع العربي الكامل". وليس الفردي- لتخرقه دول عربية- ما يكرس حالة هشاشة وضعف النظام العربي. ما يشجع إسرائيل على الاستمرار بنهج الاعتداءات وحروبها المتكررة. نشهد تداعيات الحرب السادسة على غزة في الأيام الماضية، بلا رادع لجرائمها وعدوانها، وبلا حل ينهي مسلسل العدوان. بل تهدئة، سرعان ما تنهار ليتكرر المشهد الدموي كل صيف منذ معركة الفرقان عام 2014، ومعركة سيف القدس مايو 2021، وحجارة سجيل ومعركة "وحدة الساحات" أغسطس 2022. وآخرها حرب "السهم الواقي" إسرائيليا ومعركة "ثأر الأحرار" عملية سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي المستمرة، وإطلاق أكثر من 800 صاروخ! فيما قصفت إسرائيل 250 هدفاً للجهاد الإسلامي! في تراجع لكفاءة القبة الحديدية. لم تنجح حروب إسرائيل وحصارها المتكرر وعقابها الجماعي غير العابئة بموقف ورد فعل الأنظمة العربية المتابعة بإحراج كلفة الاستفراد الصهيوني في القدس والضفة الغربية وعلى غزة بقيادة حكومة الاحتلال الأكثر تطرفاً وصهيونية وفاشية بتاريخ الاحتلال الإسرائيلي. والمفارقة أن ذلك يحدث في الذكرى الخامسة والسبعين للاحتلال الصهيوني "النكبة"، عربياً عام 1948، وتسميها إسرائيل بفخر حرب الاستقلال! من كان المحتل؟! عمّق غزو واحتلال صدام حسين لدولة الكويت قبل 33 عاماً، والأزمة الخليجية عام 2017، هشاشة وضعف النظام العربي. ما كرس غياب مشروع عربي يفرض توازن قوى ويتصدى للمشاريع الإقليمية والدولية، ويكبد من يعتدي على الدول والنظام العربي أثمانا. ويعاقب الأنظمة المنقلبة ويمنع تأهيلها ويعلق عضويتها كما في الاتحاد الأفريقي! وليس كما يفعل بعض العرب بإعادة النظام السوري لحضن جامعة الدول العربية، برغم خوائها وفراغها وفشلها في حل أي أزمة عربية! وآخرها وقف حرب السودان. وأهمها وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي واحتلال العراق لدولة الكويت وإنقاذ الشعب السوري من براثن نظامه الذي استخدم الكيماوي والبراميل المتفجرة والمجازر المتنقلة وطرد نصف شعبه وحولهم لنازحين ولاجئين! يشكّل موافقة أغلب العرب على عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية برغم غياب الإجماع العربي وتحفظ دول عربية وعلى رأسها دولة قطر التي بقيت متمسكة بموقفها الأخلاقي والسياسي ومعها دولة الكويت، سقطة كبيرة لمكانة النظام العربي الذي يعفو ويعيد تأهيل الطغاة ومرتكبي جرائم حرب ضد شعوبهم. ومع ذلك يتم تأهيل نظامه ببدعة خطوة مقابل خطوة. وقدم العرب الخطوة الأولى بدعوة الأسد للمشاركة في القمة العربية في جدة في 19 الجاري! دون أن يبادر النظام، تخرق سيادته إسرائيل وأمريكا وتركيا وروسيا، بتقديم والالتزام بقبول آلية عمل يلتزم بمقررات جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254 والفترة الانتقالية بتواريخ محدده! ما هي الرسالة التي يوجهها النظام العربي للأنظمة والحكومات التي تمارس تجاوزات ولا تخضع لعزل وتفلت من العقاب، ويتم تأهيلها. ويبقى السؤال كيف لقمة عربية تختصر بساعات مناقشة وإيجاد حلول للأزمات العربية الشائكة التي تزداد عمقاً وتبقى بلا حل، وتعمق انسداد الأفق وتضعف النظام العربي المتصدع أصلاً؟!
858
| 14 مايو 2023
تشير أدبيات العلاقات الدولية أن السياسة الخارجية تبدأ وتتأثر وتتفاعل في الداخل. والدول المقسمة والتي تشهد صراعات وغير مستقرة وموحدة في الداخل لن تنجح في التخطيط وتنفيذ سياسة خارجية ناجحة وفعالة، حتى إذا كانت دولة عظمى واستثنائية كالولايات المتحدة الأمريكية. وذلك بسبب الانقسام والصراع الداخلي ونظرة الخارج وخاصة خصومها وأعداءها بأنها منقسمة ومنهمكة وتعيش في حالة فوضى وعدم استقرار وصراع بين قياداتها وأحزابها. وهذا ما نشهده منذ أكثر من عامين في الولايات المتحدة منذ اعتداء أنصار الرئيس الخاسر دونالد ترامب على مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021 لمنع تنصيب الرئيس بايدن دستورياً ورسمياً الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية. وكان ملفتاً توجيه وزارة العدل الأمريكية تهماً لخمسة من قادة جماعة «الأولاد الفخورون»(Proud Boys) اليمينية المتطرفة المؤيدة لترامب والتي قادت الهجوم والاعتداء على مبنى الكونغرس في 6-1-2021 لمنع تنصيب بايدن رئيساً في الكونغرس، بتهم الفتنة والتآمر على الولايات المتحدة لعرقلة الإجراءات الرسمية للحكومة الأمريكية ومنع تطبيق القانون وتدمير أملاك الدولة ومقاومة وعرقلة عمل الجهات الرسمية. ما يعني أن الولايات المتحدة تواجه أزمة حقيقية في الداخل الأمريكي وهذا ينعكس سلباً على مكانتها وسمعتها. ومنذ ذلك الانقلاب على النظام الانتخابي والسياسي، ولا يتوقف النقاش في أمريكا عن التحذير من تراجع والاعتداء على الديمقراطية الأمريكية. ما يهدد مكانة وسمعة ودور الولايات المتحدة في عيون شعبها، ويلقي الشك بقدرة بقائها زعيم النظام العالمي، وقيادته. والاستمرار في القاء محاضرات على دول وشعوب العالم باحترام الديمقراطية وحقوق الانسان ونتائج صناديق الاقتراع ومحاربة الطغاة والأنظمة المستبدة حول العالم. وهذا ما يصوره الرئيس بايدن في حرب أوكرانيا واصطفاف الغرب ضد عدوان وحرب بوتين وجيشه بأنها مواجهة بين الديمقراطية والاستبداد وصراع بين الخير والشر والقيم والمبادئ وشريعة الغاب. كذلك تراجعت نظرة أمريكا وشعبها للتفرد وللاستثنائية الأمريكية لنفسها بتخبطها وصراعها والتشكيك بديمقراطيتها وقبلها بحروب أمريكا على الإرهاب والإسلام وأفغانستان والعراق وعملياتها العسكرية في باكستان واليمن وليبيا والصومال والسودان وفضائح سجون أبو غريب وغوانتانامو وباغرام في أفغانستان بسقوط أمريكا الأخلاقي بسجن «المقاتلين الأعداء» والاعتقالات بلا محاكمة والتعذيب. في آخر استطلاعات الرأي وبعدما كانت أغلبية الأمريكيين يرون أن بلادهم الأقوى والأغنى والأفضل في العالم. يرى اليوم واحد من كل خمسة أو خُمس الأمريكيين فقط، أن أمريكا أفضل من الدول الأخرى في العالم. بينما ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين يرون أن وضع دول أخرى أفضل من الولايات المتحدة من 19% عام 2016 إلى 27% اليوم! كما تراجعت نظرة تميز وتفوق الولايات المتحدة الأمريكية بنظر شعوب حلفائها وخصومها. كما كان ملفتاً تحذير أفريل هاينز مديرة مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكية المسؤول عن 17 جهاز استخبارات في الولايات المتحدة الأمريكية في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي-من الخشية من احتمال تفسير واستغلال كل من روسيا والصين النقاش حول تضخم الدين العام في الولايات المتحدة الذي تجاوز31.5 تريليون دولار-الأعلى في العالم-بأن أمريكا غارقة في الفوضى والتراجع والضعف! ما سيعمق غياب الثقة بين الدول الكبرى. خاصة مع المواجهة المفتوحة مع روسيا وآخرها اتهامات روسيا لأمريكا بالضلوع في الاتهام المزعوم باستهداف أوكرانيا للكرملين بمسيرتين بعمل إرهابي لاغتيال الرئيس بوتين-مع التلويح باستخدام النووي التكتيكي-برغم تأكيد مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية للكونغرس أنه لا أدلة على عزم روسيا اللجوء لاستخدام السلاح النووي التكتيكي في الحرب في أوكرانيا كما يلمح الرئيس بوتين منذ الخريف الماضي للدفاع عن الأراضي الروسية بما فيها شبه جزيرة القرم التي احتلها وضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014. ما يعمّق الأزمة والتصعيد بين العملاقين لأسوأ مستوى له منذ الحرب الباردة قبل أكثر من ثلاثة عقود! كما يغيب دور أمريكا القيادي في تشكيل وقيادة محور للعمل على حل الأزمات التي يعاني منها العالم. من غياب الدور القيادي في عملية السلام والعجز عن لجم اعتداءات ووحشية إسرائيل وطمأنة الحلفاء الخليجيين والعودة للاتفاق النووي مع إيران على عتبة النووي! ويستمر التصعيد مع روسيا في أوكرانيا ومع الصين في بحر الصين الجنوبي وتايوان. آخر موقف للغياب الأمريكي في حل الأزمات، الفشل بوقف حرب الجنرالات في السودان-وخاصة بعد تحذير وتقييم مديرة مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكي للجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ مؤخراً من خطورة الحرب في السودان على الأمن القومي الأمريكي. وتوقعت أن الحرب في السودان لن تتوقف قريباً لأن كلا الطرفين المتصارعين يعتقدان امتلاكهما القوة لتحقيق الانتصار التي انهت أسبوعها الثالث. وليس لدى الطرفين حوافز للتفاوض لوقف الحرب. والأخطر حسب تقويم الاستخبارات الأمريكية الخشية من تمدد لخارج السودان ما يشكل تحدياً للمنطقة. والخشية أن إطالة أمد الحرب سيؤدي بالتأكيد إلى حرب بالوكالة وأزمة إنسانية وفقدان الأمن الغذائي والصحي، وأزمة لجوء تقترب حالياً من مليون لاجئ في السودان وجوارها. وبدل من دور أمريكي قيادي، أغلقت سفارتها وتأخرت بإجلاء رعاياها! لكن مأزق أمريكا الأكبر هو كلفة وتداعيات حرب روسيا على أوكرانيا التي تستنزف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في حلف الناتو دون أن يلوح في الأفق أي بادرة لوضع حد للحرب التي تدور رحاها للشهر الخامس عشر وبلا أفق. مع تجاوز قيمة المخصصات المالية الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا حاجز 75 مليار دولار! لا يلوح في الأفق تغير حقيقي يجسر الخلافات في سنة انتخابات قادمة وحاسمة تستنزف الرئيس بايدن ومنافسه الرئيسي ترامب، إذا لم يُدان ويُسجن، هوة الخلافات والانقسام السياسي والاجتماعي والعنف المتلفت في الداخل، وتستعيد أمريكا دورها القيادي في الخارج-فلنعتاد على هذا الواقع!
2244
| 07 مايو 2023
لم تكن الانقلابات العسكرية في جمهوريات عربية أسقطت أنظمة ملكية وحولتها لجمهوريات وراثية، والانقلابات العسكرية عامة، الحل الناجح لتحقيق الأمن والاستقرار ورخاء الشعوب. لم تنجح انقلابات العسكر في الدول النامية على كثرتها، وخاصة في غرب أفريقيا وأمريكا اللاتينية مؤخراً، بإرساء أنظمة مستقرة وآمنة ومتطورة بل على العكس، زادت الفوضى ومعاناة بلادهم بانسداد أفق المستقبل واستشراء الفساد والتسلط. دع عنك كذبة الوعود بالعودة للمسار الديمقراطي وتمكين المدنيين. بل توغل وهيمن العسكر على سلطات ومؤسسات الدولة بحجة حمايتها والإشراف على فترة انتقالية كما يدعون واعتماد دستور وإجراء انتخابات شفافة يعقبها تسليم الحكم للمدنيين. يكرر العسكر المنقلبون خاطة الطريق الخيالية تلك بشكل دائم، أو يضعون واجهة مدنية ويتحكمون في نظامها الموالي من الخلف. وهكذا تخلى العسكر عن دورهم ومكانهم من الثكنات العسكرية وحماية السيادة والحدود للتحكم بمقاليد البلاد والعباد - بالانقلابات وانسداد الأفق! ولا يمكن إغفال الدور الخارجي الإقليمي والدولي في دعم ومساندة الانقلابات من دول كبرى وإقليمية وحتى جماعات مسلحة كقوات فاغنر في انقلابات غرب أفريقيا - ودور إسرائيل وقوى إقليمية في انقلاب السودان، الذي تحول بعد أسبوعين لمعادلة صفرية مكلفة ومدمرة!. هندس عسكر السودان سبعة انقلابات وخمس محاولات انقلابات فاشلة منذ عام 1958! وآخرها انقلابان في 4 سنوات لشركاء حرب العسكر على العسكر البرهان وحميدتي برفض تسليم السلطة بانتقال سلمي وعودة المكون المدني للسلطة، كما تعهدوا في انقلابهم الأول ضد الرئيس عمر البشير عام 2019، وانقلابهم على الحكومة المدنية في أكتوبر 2021. ما يعمق الصراع والانهيار ويفوت الفرص على استغلال ثروات السودان الهائلة كدولة محورية بموارد طبيعية وأراض خصبة. تنتج السودان من مناجم الذهب التي يسيطر عليها حميدتي حوالي 90 طناً من الذهب-ناهيك عن تعرض السودان لمؤامرة تقسيمه باقتطاع جنوبه وقيام دولة جنوب السودان الغنية بالنفط عام 2009- وُلدت هشة وحبيسة بلا إطلالة على البحار. انقلابات العسكر متشابهة. وقام العسكر بانقلابات عسكرية فاشلة في السودان وغيرها. كما في تركيا في صيف عام 2017. وسبق ذلك ثلاثة انقلابات في 1960-1971-1980-وذلك برغم فوز الرئيس أردوغان بجميع الانتخابات التي خاضها وحزبه العدالة والتنمية البلدية والبرلمانية والرئاسية منذ عام 2002، وأحدث نقلة كبيرة غير مسبوقة بتحسين مستوى معيشة المواطن التركي ورفع دخله وتسديد ديون البلاد ووضع تركيا على خريطة الدول الفاعلة بمشروع الوطن الأزرق وبقدرات عسكرية متقدمة، وتلعب تركيا دورا محوريا في الشرق الأوسط ودولياً وفي حلف الناتو. قد لا تكون الانقلابات عسكرية، شهدنا انقلابات تعديل الدساتير لتمديد فترات الرئاسة أو لتوريث الأبناء!، وانقلاب الرئيس السابق ترامب وأنصاره على الدولة العميقة والنظام السياسي في أمريكا برفض إقراره بخسارته الانتخابات! متهماً الدولة العميقة بتزوير الانتخابات، في سقوط للديمقراطية الأمريكية التي تحاضر على دول وشعوب العالم بالديمقراطية واحترام نتائج الانتخابات!. وشهد النظام العالمي 37 محاولة انقلاب عسكري وعلى الدستور منذ عام 2013، معظمها في منطقة الساحل في أفريقيا. خمسة من الانقلابات في 9 أشهر!. ما يؤكد المقولة المعروفة إن إقليم الساحل-غرب أفريقيا هو الإقليم الأكثر عرضة للانقلابات العسكرية. خلال أسبوعين من الحرب والمواجهات الدامية في السودان، وخاصة في العاصمة الخرطوم بين القوات السودانية بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ومحمد دوقلو-حمديتي قائد قوات التدخل السريع التي يصفها البرهان بالميليشيات القبلية المتمردة بعدما كان حميدتي شريكه في الانقلابين العسكريين على البشير وعلى الحكومة المدنية، سقط حوالي 500 قتيل وحوالي 3000 جريح منذ حرب العسكر على العسكر في حرب الإلغاء في معادلة صفرية. وخرجت 80% من المستشفيات عن الخدمة في مناطق القتال- وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن 16% من المرافق الصحية في السودان تعمل، وسط انقطاع الماء والكهرباء ونفاد السلع الغذائية. وأغلقت وأوقفت عشرات السفارات أنشطتها وأجلت الدول العربية والكبرى والصغرى عشرات آلاف من مواطنيها. وتلعب السعودية دوراً رئيسياً في عمليات الإجلاء من بورت سودان إلى ميناء جدة على البحر الأحمر، وفر مئات آلاف السودانيين من مناطق القتال وخاصة في الخرطوم، ليصبحوا نازحين ولاجئين، وخُرقت أربع هدن والخامسة هشة. ووصل الأمر لعرض إسرائيل استضافة قائدي الصراع، وتقدمت منظمة الإيغاد الأفريقية بمبادرة لحل الصراع. والصادم بعد أسبوعين فشل المجتمع الدولي والقوى والمنظمات الإقليمية والدولية على وقف الحرب - برغم مصالح أمريكا وروسيا والصين. لذلك تثير ظواهر الانقلابات العسكرية القلق. تشير دراسة معهد السلام في واشنطن، إلى أن الانقلابات العسكرية خاصة في غرب أفريقيا، تشكل أرضا خصبة للتطرف والعمليات الإجرامية العابرة للحدود. ويعمق تمسك العسكر بالسلطة ومقاومة تسليمها للمدنيين معاناة وفشل تلك الجمهوريات. كما يخشى من تمدد الصراع والقتال خارج الدول التي شهدت انقلابات، وفي حالة السودان، هناك خشية من تمدد الحرب والقتال والفوضى، لتهدد أمن جيرانهم والأمن الإقليمي ويدفع عشرات الآلاف حياتهم ثمناً لفرارهم والهجرة بقوارب الموت عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا!. لذلك تنشط المساعي في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفي الكونغرس الأمريكي لسن قوانين لتحد من الانقلابات وفرض عقوبات على الطغمات العسكرية المنقلبة ودعم المسارات الديمقراطية. وتتسبب الانقلابات بالفوضى والتفلت الأمني وتعطل الخدمات الأساسية وتعطل الدراسة وشلل المستشفيات، والفرار من السجون وإطلاق سراح المجرمين المدانين ليعمقوا حالة الفوضى، وشهدنا فرار قيادات حكومة عمر البشير من السجن في الخرطوم. لذلك لا تحقق انقلابات العسكر الاستقرار، دع عنك الأمن والرخاء.
1011
| 30 أبريل 2023
المعادلة الصفرية في أي خلاف هي أسوأ أنواع المعادلات بين المتخاصمين والمتقاتلين في أزمة أو حرب. وهذا يعوق ويمنع التوصل لحلول وسط - والتوصل لاتفاق ينهي الخلاف والصراع وفي حالات النزاع المسلح الحروب. نشهد تداعيات وخطورة المعادلة الصفرية خلال أكثر من عام في حرب روسيا على أوكرانيا التي تجاوزت 14 شهراً، بلا خط أفق ولا وساطة تقرّب تنهي الحرب! شهدنا ذلك في الأزمة الخليجية ودور المعادلة الصفرية بإطالتها وتعقيدها لثلاثة أعوام ونصف العام. ونشهد تداعيات المعادلة الصفرية بتمرد قوات التدخل السريع-شريكة الجيش السوداني عسكرياً وقائد قوات الدعم السريع الجنرال حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة، ورئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان في حرب كسر عظم وازدواجية الرؤوس وجيشين-في حرب الضرورة. وبرعاية ومساندة قوات الجيش لقوات التدخل السريع، تحولت من فرق قتالية من قبائل دارفور عُرفت بقوات الجنجويد العربية بقيادة محمد حميدتي-ارتكبت جرائم حرب في دارفور، دفعت محكمة الجنايات الدولية لإصدار أمر القاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير المخلوع عام 2019- بتهم جرائم حرب! جرت الأعراف أن يكون للدولة جيش وقوات مسلحة واحدة وليس جيشين. يرفض محمد حميدتي- نائب رئيس مجلس السيادة-(نائب رئيس الدولة)-اندماج وضم قوات التدخل السريع التي يرأسها مع شقيقه، بالقوات المسلحة وقوامها 100 ألف عسكري. وهذا ما فجر الصراع! لذلك لم يكن مستغرباً تفجر المواجهات ونقض اتفاق الإطار برفض حميدتي الاندماج بالقوات المسلحة. المعضلة لا يملك طرفا الصراع في حب العسكر في السودان القدرة لحسم المواجهة العسكرية. ورغم كثرة الموفدين والمبعوثين الدوليين من الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا وبريطانيا والنرويج- لم ينجحوا بلعب أي دور والتوسط لحل الصراع وإنهاء الحرب المستمرة. ونشهد تأثير المعادلة الصفرية خلال الأسبوع الماضي واستمرارها وضراوتها في حرب العسكر في السودان في طرفي الصراع والذي بعد مرور أسبوع من حرب ضارية ومدمرة داخل مناطق سكنية وخاصة في العاصمة الخرطوم. وبرغم ضراوة القتال والاتفاق بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع-وإعلان الطرفين لهدن يتم خرقها قبل أن تبدأ وتنهار خلال دقائق- تكررت في الأيام الأخيرة من العشر الأواخر من رمضان-وصولاً إلى هدنة مشتركة بطلب من أمين عام الأمم المتحدة بهدنة لثلاثة أيام عيد الفطر- إلا أن الهدن على أرضية شائكة ولا يمكن الوثوق بالالتزام بها بسبب المعادلة الصفرية. يعقد صراع القوتين العسكريتين-الأولى تمثل الجيش النظامي للقوات المسلحة لمجلس السيادة السوداني منذ الانقلاب العسكري الأول عام 2019-ثم في الانقلاب العسكري الثاني، والثانية قوات التدخل السريع تتمتع بعلاقات مريبة مع قوى إقليمية عربية ومع روسيا وجماعة مرتزقة فاغنر الروسية. والملفت تبرير دفاع قائد قوات الدعم السريع حربه على الجيش السوداني بأن قتاله هو للدفاع وحماية الديمقراطية- هذا المنطق لا يصدقه أحد وغير مقنع للشعب السوداني والقوى الكبرى التي يخاطبها.خطورة حرب العسكر في السودان تهديد القطاع الصحي بالانهيار، بعد خروج 55 مستشفى عن الخدمة في العاصمة الخرطوم من 78 مستشفى. يرافق ذلك تحذيرات من نقابة أطباء السودان من انهيار القطاع الصحي، الذي كان يعاني أصلاً حتى قبل حرب العسكر المدمرة الحالية من أوضاع صعبة. وبرغم الدور الأمريكي والتواصل بين وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن ورئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان وحميدتي رئيس قوات التدخل السريع- وحث الطرفين على وقف القتال- وحتى وضع إدارة بايدن خططاً لإجلاء الرعايا الأمريكيين-ونشر وزارة الدفاع قوات وقدرات أمريكية بحرية وخاصة في جيبوتي-استعداداً ٌلإجلاء الرعايا الأمريكيين إذا دعت الحاجة. كما تضع دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية خططاً لإجلاء رعاياهم من السودان مستغلين فترة الهدنة الحالية خلال عطلة عيد الفطر. يزيد مخاوف حرب عسكر السودان برغم العلاقات الوثيقة مع دول عربية مؤثرة في المشهد السوداني للعب دور الوسيط المحايد- وعلى رأسها مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وحتى الاتحاد الأفريقي والايغاد وتركيا، إلا أن تلك القوى من دول ومنظمات فشلت بتحقيق اختراق لوقف الحرب والتوصل لاتفاق سلام ينهي القتال المدمر. واليوم هناك مخاوف حقيقية إذا لم يتم وضع حد للتصعيد العسكري- من حرب أهلية داخل السودان وحتى حرب إقليمية بدعم دول إقليمية عربية وحتى روسيا وقوات مرتزقة فاغنر الروسية الخاصة التي لها حضور عسكري في دول في غرب أفريقيا - وخاصة حضورها الملفت والكبير إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا-وخاصة في معركة السيطرة على مدينة باخموت شرق أوكرانيا التي تحولت لركام خلال الأشهر الماضية. قدمت مبادرة القوى الوطنية السودانية مبادرة تدعو لوقف أطلاق النار-بدل الهدن التي سرعان ما يتم خرقها. وخاصة في عطلة عيد الفطر والتوصل لآلية لوقف اطلاق النار-وتكوين لجنة مشتركة لمراقبة وقف الأعمال العدائية ولتنسيق وقف إطلاق النار. خاصة أن ثلث الشعب السوداني حوالي 15 مليون سوداني يعانون من فقدان الأمن الغذائي ويعتمدون على مساعدات المنظمات الدولية. لذلك من الضروري التوصل لوقف إطلاق نار بنجاح وساطة أي طرف ينقذ ما يمكن إنقاذه. لذلك رحبت الآلية الثلاثية باتفاق وقف إطلاق النار بعد أسبوع من المواجهات الدامية التي أودت بحياة المئات وجرحت الآلاف في عطلة عيد الفطر التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار ما سيسمح بتوفير ودخول المساعدات الضرورية وخاصة الدواء والرعاية الصحية والغذاء. وخاصة هناك ضحايا سقطوا قتلى وجرحي من الطواقم الطبية ومن المنظمات الإنسانية-التي تحذر من الأوضاع الخطيرة وتلمح إلى احتمال وقف أعمالها في السودان. التحدي هل تصمد وتنجح عطلة عيد الفطر؟ وهل تنجح الوساطة؟ وهل ممكن وضع حد لحرب لا رابح فيها؟! ويبقى الخاسر الأكبر الشعب السوداني ضحية حرب العسكر!
1695
| 23 أبريل 2023
تسارعت خطوات التطبيع وتعويم نظام الأسد في سوريا تزامناً مع الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية في مارس 2011. وتكثف بشكل أكبر مع تداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا مطلع فبراير الماضي وتداعي الدول العربية ودول حول العالم لإغاثة ومساعدة الشعب السوري الذي معظم ضحايا الزلزال في مناطق خارج سيطرة النظام في محافظة إدلب وريفها وريف حلب، حيث تسيطر المعارضة ومعظم السكان لاجئون أُجبروا على اللجوء والنزوح من مناطقهم وقراهم بعد عسكرة النظام ولاحقاً قوى ومنظمات إقليمية ودولية ثورة السوريين واختطافها من جماعات متطرفة بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية داعش وقبلها تدخل إيران ولاحقاً روسيا منذ عام 2015، لتعود إلى الشرق الأوسط من بوابة سوريا. بدأ تأهيل النظام حتى قبل كارثة الزلزال بتطبيع دول عربية وإعادة فتح السفارات بعد قطيعة منذ 2012. ولكن تكثفت خطوات التقارب والتعويم والمساعي لإعادة سوريا إلى الحضن العربي. لكن خطوات التطبيع على المستوى الإقليمي وخفض التوتر والتقارب بين خصوم الأمس اكتسب زخماً بعد تمكين ونجاح وساطة الصين بتحقيق اختراق لبدء التطبيع والتوصل لاتفاق على إعادة العلاقات السعودية- الإيرانية بعد سبعة أعوام من القطيعة بين ضفتي الخليج. تمثلت باشتباكات في حرب باردة شملت وكلاء إيران التي فاخرت منذ عقد بسيطرتها على أربع عواصم عربية- اليمن، سوريا العراق، ولبنان. انعكس التقارب السعودي- الإيراني على انفراجات في أزمات المنطقة أبرزها بعد شهر من التقارب: التهدئة في اليمن والعمل على التطبيع وتأهيل النظام السوري لاستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية. ليكتسب التطبيع العربي مع النظام السوري زخماً أكبر تمثل بزيارات رسمية لرئيس النظام السوري إلى سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وزيارات قام بها وزير خارجية الأسد إلى القاهرة وقبل أيام إلى الرياض، واستضافت دمشق 9 وفود لوزراء خارجية ومسؤولين عرب وإيرانيين في الفترة الأخيرة، بما فيها وزراء خارجية مصر والإمارات والأردن ولبنان، وأعلن الرئيس التونسي إعادة فتح السفارة التونسية في دمشق واستئناف العلاقات الدبلوماسية. كما زار الأسد موسكو وقام وزير الخارجية الإيراني وقائد الحرس الثورة الإيراني بزيارة دمشق! كما كان ملفتاً زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للرياض ولقاؤه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان «وبحث إيجاد حل سياسي للصراع في سوريا»، وتضمين البيان المشترك ست قضايا: «تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها. وتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والنازحين وتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي. لكن هذا لا يحل معضلة أزمة سوريا وشعبها الذي يبقى نصفه لاجئاً في الخارج ونازحاً في الداخل. لكن ما يجب الإشارة إليه أن ذلك التقارب والتطبيع من كثير من الدول والأنظمة العربية، يصطدم التقارب العربي- العربي لإعادة سوريا للحضن العربي بعقبتين. الأولى غياب إجماع عربي على تطبيع وتأهيل النظام السوري وإعادة سوريا إلى محيطها العربي واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية. أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية- نقلاً عن مسؤولين عرب، أنّ ما لا يقل عن خمس دول عربية هي المغرب والكويت وقطر واليمن، «يرفضون إعادة انضمام النظام السوري إلى جامعة الدول العربية». وتطالب الدول المعارضة لعودة سوريا للجامعة العربية ضمان نظام الأسد التعامل أولاً مع المعارضة السياسية السورية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتاً لتقرير مستقبلهم. كان موقف قطر أوضح موقف من الدول التي تتحفظ على تعويم واستعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، عبَّر رئيس الوزراء وزير خارجية دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن في مقابلة مع تلفزيون قطر عشية لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم في مصر والعراق والأردن بدعوة الأمانة العامة للمجلس في الرياض: لا يوجد شيء مطروح، تأكيد الشيخ محمد بن عبدالرحمن «إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مجرد تكهنات»... و»أسباب تعليق عضوية دمشق لا تزال قائمة» بالنسبة للدوحة... «كانت هناك أسباب لتعليق عضوية سوريا ومقاطعة النظام السوري، وهذه الأسباب لا تزال قائمة بالنسبة لدولة قطر». كما تصطدم مساعي تأهيل العرب لنظام الأسد بالرفض والعقوبات الأمريكية وقانون قيصر الذي يفرض عقوبات ثانوية على من يخرق تلك العقوبات من الأطراف العربية وغيرها قبل التزام نظام الأسد بالحل السياسي وخاصة قرار 2254. لكن لا يبدو برغم الزخم وقبل شهر من استضافة السعودية القمة الدورية الثانية والثلاثين في 19 مايو القادم، سيدعى الأسد للمشاركة في القمة واستعادة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية. لم يرد في البيان الختامي للقاء التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر والعراق والأردن في جدة الجمعة الماضي لعدم التوافق على دعوة سوريا للمشاركة في القمة العربية القادمة. والأهم ما لم يشترط التطبيع وعودة سوريا وتسارع خطوات التطبيع العربي لإعادة سوريا للحضن العربي بعيداً عن إيران وهذا ليس بالأمر السهل، لأن سوريا تشكل قلب محور ما يسمى بـ «محور المقاومة»، خارطة طريق تشمل توافقا يدمج جميع القوى الفاعلة في الداخل السوري والمعارضة، لتحقيق حل سياسي شامل. يرتكز على مرجعية القرارات الدولية وخاصة القرار 2254 وجنيف1-ومصالحة وطنية وحكومة انتقالية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين والمهجرين والنازحين لمدنهم وقراهم التي أجبروا على الفرار منها، وخروج التنظيمات والمليشيات الأجنبية المسلحة. واعتماد دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، ورفع العقوبات، فلن يكون هناك حل نهائي للمأساة السورية. لهذا على القادة العرب التوافق على خارطة طريق وبشروط واضحة قبل احتضان وعودة سوريا للحضن العربي!
927
| 16 أبريل 2023
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6453
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6390
| 24 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3855
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3126
| 23 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2859
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1860
| 23 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1650
| 26 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1575
| 21 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1038
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
996
| 21 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
990
| 24 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية