رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

صفقة رابح-رابح لأمريكا وإيران والمنطقة.. بوساطة قطرية

أكرر في محاضراتي وكتاباتي ومقالاتي أهمية دور دبلوماسية الوساطة بقيادة وسيط مقبول ومطلوب دوره، بلا أجندة وأهداف مبيّتة- ويحظى برضا وقبول الأطراف المتنازعة لتقريب وجهات النظر وجسر الخلافات- والعمل بصمت وسرية وهي من شروط نجاح الوساطة لحل الخلافات. وهذا ما برعت به دول وأطراف محدودة العدد، ليس بينها دول صغيرة. لكن الكويت أتقنت دبلوماسية الوساطة، وآخرها في الأزمة الخليجية، وتتميز دولة قطر اليوم. كتبت مقالاً «قوة قطر الناعمة تعزز دبلوماسية حل النزاعات»- في زاويتي البوصلة قبل حوالي الشهر-وذلك بعد الكشف عن نجاح وساطة صفقة قطر بتبادل سجناء إيرانيين وأمريكيين والإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة: «حققت قطر إنجازات غير مسبوقة في تفعيل دبلوماسية الوساطات لحل النزاعات الإقليمية. نجحت وساطات قطر، بكونها من الدول القلائل التي نسجت شبكة علاقات وثيقة مع شتى الخصوم في المنطقة. بين إيران وأمريكا، وبين أمريكا وطالبان، وفصائل دارفور المتصارعة في السودان، وبين الفرقاء المتناحرين في لبنان. كما تزود قطر قطاع غزة بدفعات شهرية لدفع الرواتب وتوفير الفيول للكهرباء. ما منح قطر قدرة التوسط لوقف عدوان إسرائيل. نجاح وساطة دولة قطر بصفقة مقايضة 5 سجناء أمريكيين من أصول إيرانية في إيران و5 سجناء إيرانيين في أمريكا مدانين بخرق العقوبات على إيران، والإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة من أرصدة إيران في كوريا الجنوبية والعراق مؤخراً، يضاف لإنجازات وساطاتها الناجحة، وكسب ثقة أمريكا وإيران، كوسيط مقبول ويشرف على انفاق 6 مليارات الدولارات الإيرانية المفرج عنها على عقود الغذاء والدواء والمعدات الطبية، بما لا يخالف قائمة العقوبات الأمريكية. ويُحظر انفاقها على صفقات تتعارض مع العقوبات الأميركية على إيران وفي تمويل حلفاء وأنشطة إيران في المنطقة وخارجها. وأؤكد اليوم بعد اكتمال ونجاح الصفقة الأكبر بين الولايات المتحدة وإيران واتمام تبادل السجناء وايداع الأرصدة الإيرانية في بنوك قطر الأسبوع الماضي، بإطلاق سراح السجناء من الطرفين وعودتهم إلى بلادهم عبر قطر. وكان السجناء الإيرانيون أدينوا بمخالفة قوانين خرق العقوبات المفروضة على إيران. وقرر اثنان منهم البقاء في أمريكا واثنان قرروا التوجه لدولة ثالثة. وتم الإفراج عن 6 مليارات دولار أمريكي من الأرصدة الإيرانية المجمدة في مصارف كوريا الجنوبية من بيع النفط الإيراني-بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018. والسؤال ماذا يترتب من أبعاد ونتائج بعد نجاح الصفقة. وهل ستعزز الصفقة خطوات بناء الثقة بين الطرفين الأمريكي-والإيراني باستمرار الوساطة القطرية بعد ثماني جولات سرية من المفاوضات بتأسيس أرضية لتحقيق اختراق آخر لا يقل أهمية بل قد يكون أكثر أهمية في ملف مفاوضات الاتفاق النووي المتعثر والمجمد منذ عام 2018؟ خاصة بعدما ثمّن الرئيس بايدن «الجهود التي ساعدت بتسهيل اتفاق تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران. (قطر وسلطنة عمان وسويسرا). وشكر وزير الخارجية بلينكن أمير قطر والمسؤولين القطريين لمساعدتهم على التوصل للاتفاق. حققت الصفقة اختراقا كبيرا وشكلت مكاسب لجميع الأطراف المعنية. بالنسبة للولايات المتحدة أوفى الرئيس بايدن بوعوده كمرشح ورئيس بالعمل على اطلاق سراح معتقلين أمريكيين في إيران وقبلها في روسيا، محتجزين بلا مبرر وتعسفياً. وأكد وزير الخارجية بلينكين أن إدارة بايدن نجحت بإطلاق سراح وإعادة 30 سجينا أمريكيا كانوا محتجزين ظلماً في الخارج. وهذا مكسب مهم لإدارة الرئيس بايدن لا شك سيستثمره في حملته الانتخابية لرئاسة ثانية يحضر لها ويتصرف كرئيس ومرشح معاً، في انتخابات العام القادم. ويثبت من خلال إعلانات مدفوعة الثمن وفي مناظرات، تبدو ستكون بينه وبين منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، أنه زعيم يعتمد عليه- ويفي بوعوده. سارع الجمهوريون في الكونغرس الأمريكي والمرشحون الجمهوريون للرئاسة بانتقاد صفقة بايدن مع إيران-ووصفوها مع معلقين محافظين بـ «الفدية» التي ستنفق على دعم الإرهاب وأذرع إيران في المنطقة. وستشجع الصفقة إيران ووكلاءها باحتجاز المزيد من السجناء والرهائن. لكن هذا تضليل، الأموال والأرصدة ليست فدية، بل أموال إيرانية مجمدة ومستحقة ثمن للنفط والغاز الإيراني. كما أن العقوبات الأمريكية ستبقى مسلطة على إيران وخاصة المتعلقة ببرنامج إيران النووي، والحظر النفطي، وحقوق الإنسان. حققت الصفقة انتصارا ومكسبا كبيرا لإيران لكسر عزلتها وحصارها. وضخت 6 مليارات دولار من أرصدتها المجمدة بأمس الحاجة لها. خاصة أن الاقتصاد الإيراني يعاني من انكماش وارتفاع نسبة التضخم 40% ونسبة البطالة وتراجع قيمة القوة الشرائية للريال الإيراني. ويتزامن نجاح الصفقة والحصول على الأرصدة المالية مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في طهران، التي فجرت مظاهرات واحتجاجات هي الأكبر في معظم مدن إيران. فأتت الصفقة وضخ الأرصدة المالية في الاقتصاد الإيراني كطوق نجاة للنظام الإيراني. النجاح الثالث في الصفقة يُنسب لنجاح رصيد دبلوماسية وساطة دولة قطر. وانتزاع ثقة الطرفين الأمريكي والإيراني وقبله بين الولايات المتحدة وطالبان بوساطة قطرية ناجحة- وتمثيل المصالح الأمريكية في كابول. هذا يعزز دور ومكانة قطر التي حققتها في كثير من الملفات ويعمق دورها وسيطاً نزيهاً ومحايداً ومطلوباً للتوسط بين الأطراف المتنازعة لحل الخلافات. كما أن دولة قطر باتت مؤهلة اليوم بتفعيل وساطتها بعد كسب ثقة الطرفين الأمريكي-والإيراني، بعد تأسيس الصفقة أرضية مقبولة تعزز الثقة بين الطرفين للمضي في مفاوضات الاتفاق النووي المعطلة منذ أكثر من عام. هناك تفاؤل اليوم، من جميع الأطراف بأن يفضي الاتفاق النووي، إلى تفاهمات تقود لخفض التصعيد في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وهذا انتصار ومكسب للجميع، يعزز الاستقرار في منطقة الخليج العربي والمنطقة ككل.

675

| 24 سبتمبر 2023

مسؤولية إعلام وإعلاميي قطر التعريف بقوتها الناعمة

سُعدت بتقديم دورة «التحليل السياسي للإعلاميين والصحافيين وكتاب الصحف القطريين للمرة الثالثة-بدعوة كريمة من إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام ممثلة برئيسها الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني، وباستضافة المركز القطري للصحافة في الدوحة. بات الإعلام اليوم سلاحا فعالا يجب استغلاله وتوظيفه بحنكة وذكاء لصياغة وتقديم صورة تعكس بشكل واضح ما تملك الدولة من قدرات وامكانيات وانجازات قد لا يعلم بكنهها المواطن والإعلامي نفسه، فما بالك بمعرفة الآخرين من دول الجوار وعلى المستويين العربي والدولي. درسنا وندرّس في العلوم السياسية العلاقات الدولية، أن دور وقدرات الدول والكيانات الصغيرة محدودة وتكاد لا تُذكر-وأن أقصى طموح الدول الصغيرة على مستوى الأقاليم وخاصة على المستوى الدولي هو الحفاظ على سيادتها وحماية أمنها من التهديد والابتزاز والتعدي عليها. لذلك لا يتوقع من الكيانات والدول الصغيرة لعب دور مؤثر في السياسة الإقليمية والدولية خاصة إذا كانت جارة لدول كبيرة وطموحة وبمشاريع وبعضها بأطماع. ما يضطر الكيانات الصغيرة للتحالف مع قوى كبرى إقليمية أو على المستوى الدولي لحماية أمنها. منذ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين شكلت دولة الكويت الاستثناء لدولة وكيان وشعب صغير لكن لم يمنع الكويت صغر حجمها وعدد سكانها من لعب دور يتجاوز حجمها باستضافة مئات آلاف العرب للانخراط في عملية بناء البنى التحتية للدولة الناشئة حتى سميت الكويت «بلاد العرب». كما برعت الكويت في توظيف ثروتها النفطية والمالية في دعم التنمية العربية بمنح صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية العربية قروضاً تنموية منذ عام 1961 كأول صندوق للتنمية الاقتصادية لأكثر من 107 دول وأكثر من 1000 قرض بقيمة 7 مليارات دولار ما يعادل 22 مليار دولار.. كما ساهمت دبلوماسية الوساطة الكويتية بحل نزاعات ومنع اندلاع حروب ومواجهات وإنهاء حالات من الصراع والخلافات. آخرها الأزمة الخليجية (2017-2021). لذلك شكلت الكويت نموذجاً ناجحاً وملهماً للدول الصغيرة أن صغر حجم الدولة ومحدودية قدراتها لا يجب أن يكون عائقاً للدول الصغيرة أمام طموحها للعب دور قد يتجاوز قدراتها. لذلك كانت الكويت نموذجاً متقدماً وملهماً للدول الصغيرة. والملاحظ-برزت دولة قطر منذ عقدين كلاعب مؤثر وبإنجازات في القضايا الإقليمية-الخليجية والعربية وحتى الدولية ( (punching over its weight. ركّزت في الدورات الثلاثة التي قدمتها في عام ونصف على أهمية السردية المميزة المطلوب من الإعلاميين والصحافيين وكتاب المقالات في الإعلام القطري إيصالها للداخل والخارج معاً. لشرح تفاصيلها وانجازاتها. خاصة أن القيادة القطرية بقيادة سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة أرسى دعائم قطر الجديدة وبنى عليها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد والحكومة القطرية بإنجازات مميزة تحتاج تسليط الضوء عليها. قدمتُ لكوكبة من الإعلاميين الشباب من الجنسين في الدورات الثلاثة وآخرها الأسبوع الماضي، لمحات ووقائع وانجازات ونجاحات دولة قطر بدبلوماسيتها النشطة والمميزة في الوساطة وحل النزاعات بين الفرقاء المتصارعين، وبين دول في الإقليم، يحركها عقيدة قطر حل النزاعات وصناعة السلام. شهدناه في الصومال ولبنان والسودان. كما كسبت قطر بدبلوماسية الوساطة ثقة القوى المتصارعة والخصوم اللدودين كالولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي-وآخره الصفقة الكبرى بالإفراج عن سجناء من الطرفين الأمريكي-والإيراني- والإفراج عن 6 مليارات دولار من أرصدة إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. بإشراف قطري على انفاقها في شراء المواد الغذائية والأدوات الطبية والأدوية والسلع التي لا تخضع للعقوبات الأمريكية. في انجاز واختراق قطري مميز- وكسب للثقة من الطرفين الأمريكي والإيراني معاً. كما نجحت قطر في نيل ثقة الولايات المتحدة وحركة طالبان في أفغانستان، في نجاح آخر لدبلوماسية الوساطة القطرية. كذلك نجحت دبلوماسية الوساطة القطرية قبل وبعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان قبل عامين، بإجلاء 70 ألف مواطن أمريكي وأفغاني ومتعاونين ومترجمين أفغان ومواطنين لدول غربية واستضافتهم قبل انتقالهم لمحطاتهم الأخيرة. ما دفع الرئيس بايدن بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان قبل عامين. بترقية العلاقة الأمريكية وتصنيف دولة قطر «حليف رئيسي من خارج حلف الناتو»-في اعتراف بأهمية التحالف مع قطر وهذا تصنيف يقتصر على 19 دولة حول العالم. بما فيها دولة الكويت ومملكة البحرين بالإضافة لقطر. وأثبتت قطر في مناسبات عديدة أنها حليف يفي بالتزاماته بتصدير شحنات الغاز المسال والنفط للدول وخاصة في شرق آسيا. وامتلاك دولة قطر مصادر الطاقة والإرادة لتعويض النقص في امدادات الغاز الطبيعي المسال عن الغاز الروسي بعد العقوبات الغربية على روسيا وحظر تصدير الطاقة للدول الأوروبية. ما يعزز مكانة ودور والتزامات قطر. وقدمت شرحاً في الدورة عن آخر مساهمات قطر، بتبوؤها دورا مؤثرا في حل النزاعات واستتباب الأمن- وفي تمويل عملية نقل مليون طن من القمح والحبوب الروسية إلى 6 دول أفريقية فقيرة-كما أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي. كتبت في نوفمبر الماضي مقالاً في زاويتي الأسبوعية في الشرق: «نجحت قطر بتحقيق كثير من الإنجازات برغم محدودية قدراتها، متمثلة بقول المتنبي «وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام»- صارت قطر مع الكبار في شتى المجالات بدبلوماسيتها النشطة بالوساطة وحل النزاعات. وهذا يرسخ لعب دولة قطر مع القوى الكبرى شرقاً وغرباً-مع أمريكا وروسيا وأوكرانيا والصين وأوروبا وتركيا وإيران! ما يرسخ دور قطر-الحليف الموثوق، بالمساعدة في حل أزمات وخلافات مرتبطة بالأمن والاستقرار الإقليمي-كما شهدنا نجاحات دبلوماسية توسط قطر بحل أزمات أفغانستان وإيران مع أمريكا، والصومال وتشاد وغيرهم، وتوفير بدائل يعول عليها في أمن امدادات الطاقة. تلك حقائق قوة قطر الناعمة، ينبغي على إعلام وإعلاميي قطر معرفتها وسردها!

768

| 17 سبتمبر 2023

نحو نظام عالمي وخليجي متعدد الأقطاب ينهي تفرد أمريكا

أنهيت مقالي الأسبوع الماضي في هذه الزاوية « توازنات دول مجلس التعاون الخليجي الصعبة مع القوى الكبرى»- بالتأكيد «تواجه دول مجلس التعاون الخليجي معضلة أمنية حادة في سعيها لتنويع خياراتها الأمنية والدفاعية في نظام عالمي وخليجي يتحول للتعددية القطبية. وسط ديناميكية تغيرات جيو-استراتيجية غير مسبوقة». استكمل في مقالي هذا بتأكيدي.. عاشت دول مجلس التعاون حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية ونظام الثنائية القطبية والحرب الباردة بين الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بنظامهم الرأسمالي والديمقراطي التعددي. الذي يحتكم للدستور والمحاسبة وتبادل السلطة وفصل السلطات، وقضاء حر مستقل يحتكم إليه النظام والمعارضة، وتتوفر فرص متساوية للحزب الحاكم وللمعارضة بتداول سلمي للسلطة والحكم بشكل دوري وسلمي تستخدم ما توفره الديمقراطية بحق التنافس. ما جعل النظام الغربي نظاماً جذاباً ومقنعاً. لكن حسب «بيت الحرية» مزيد من البشر يعيشون في أنظمة غير ديمقراطية أو ديمقراطية جزئياَ. يقابل النظام الغربي-الديمقراطي التعددي الذي صاغ النظام العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية بتركيبته ومنظمات ارساها بزعامة وقيادة الولايات المتحدة، نظام الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي وحلفائه في حلف وارسو من شرق أوروبا إلى شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا-نظام شيوعي-اشتراكي تسلطي أحادي التركيبة-لا وجود للمعارضة السياسية ولمؤسسات الدولة. لا معارضة ولا تداول وتحد للسلطة. لذلك لم يكن للنظام الشرقي الشيوعي أي جاذبية وقوة ناعمة تقنع الدول والشعوب والأحزاب بجدواها-كما هو حال نموذج النظام الغربي. شهدنا تحول النظام العالمي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب الباردة مطلع تسعينيات القرن الماضي نظام آحادي القطبية بزعامة وتفرد وتربع الولايات المتحدة على عرشه بمفردها وبلا منافسين. واليوم نشهد تحولات النظام العالمي بالعودة لتركيبته في فترة الحربين العالمية الأولى والثانية-نظام متعدد الأقطاب. بتراجع مكانة وحضور الولايات المتحدة، يصاحبه صعود الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي واليابان والنمور الآسيوية، وقوى إقليمية متوسطة كإندونيسيا وأعضاء من دول بريكس وكوريا الشمالية والسعودية وتركيا وإيران والبرازيل والمكسيك ليتشكل بمجموعه نظام متعدد الأقطاب. يقدم بمؤسساته ومنظماته وطموحه بديلاً منافساً ومقنعاً للدول النامية. ومع صعود الصين على شتى المستويات الصناعية والاقتصادية والتصدير ومشروع الصين العالمي الحزام والطريق الواحد والعودة لطريق الحرير وإقراض الدول النامية مليارات الدولارات لبناء بناها التحتية من طرق وجسور وموانئ ومصانع ومدن-فيما يعرف ب «فخ القروض» لأخذها رهينة-واستغلالها لإقامة قواعد عسكرية كما هو الحال في باكستان وسيرلانكا وجيبوتي ودول غرب أفريقيا والساحل في منافسة وربما استبدال فرنسا. تتحول الصين إلى قوة عظمى بطموح واسع ولكن بنظام أحادي مغلق لا يلهم ولا يقدم حريات وديمقراطية وحقوقا للمواطنين. لكن يعترف الأميركيون أن الصين هي الدولة الوحيدة الكبرى التي تملك القدرة والإرادة لمقارعة وتحدي هيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي. كما تقود الصين إلى حد كبير مجموعة بريكس التي عقدت قمتها قبل أسبوعين وأكدت طموحها الواسع في تحدي النظام الغربي ومنظوماته وحتى ضم دولا حليفة للغرب وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر. هذا بات واقعاً سينضج ويتمدد ليشكل تحولا جذريا في النظام العالمي ويعيد النظام العالمي ثمانية عقود لمرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية. تعددية النظام الدولي، تنعكس على التركيبة الهيكلية للأنظمة الإقليمية في العالم. بما فيها منطقة الخليج العربي التي لا تزال برغم تراجع حاجة الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا إلى الطاقة الخليجية-ولكن تبقى دول مجلس التعاون الخليجي وإيران والعراق مركز الثقل العالمي للطاقة وأمنها. برز ذلك بوضوح قبل عامين مع تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا وقطع امدادات النفط والغاز الروسي عن أوروبا بسبب العقوبات الأوروبية على روسيا أو بسبب قطع روسيا امدادات الغاز عن أوروبا. لم يكن هناك من بديل متوفر سوى دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة دولة قطر التي تملك ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم وتتشارك مع إيران بأكبر حقل غاز طبيعي في العالم حقل الشمال التي تولي أهمية كبيرة لتطويره لتصبح قطر اليوم الدولة الأولى المصدرة للغاز المسال في العالم. وأثبتت قطر مراراً أنها حليف موثوق يفي بجميع العقود الطويلة الأمد مع دول آسيا حتى في فترة الأزمة الخليجية ومقاطعة وحصار قطر لم تتأخر عن تصدير الغاز المسال القطري. كما لم تقطع قطر امدادات الغاز القطري عبر خط دولفين عن دولة الإمارات العربية المتحدة برغم الحصار. ما أكسب قطر الكثير من الاحترام والتقدير والثقة. تشهد منطقة الخليج العربي عولمة الأمن الخليجي بتراجع دور الولايات المتحدة المنكفئة بعد خفضها أولوية ومكانة الشرق الأوسط والخليج العربي بحروبه المنهكة والمستنزفة منذ عقود-وتغيرت أولويتها لمواجهة الصين وروسيا وحفظ الأمن في منطقة المحيطين الهندي-الهادئ كأولوية في الاستراتيجية الأميركية لاحتواء الصين والحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لمنعها من تهديد الأمن الأوروبي والعالمي ومصالح وحلفائها. ما يعمق تراجع الثقة بأمريكا من حلفائها الخليجيين. أظهرت السعودية مواقف متحدية للولايات المتحدة برفض زيادة انتاج النفط كما طالب بايدن-وانجاح وساطة الصين لإعادة العلاقات مع خصمها إيران-التي تدعم روسيا في حربها على أوكرانيا بالمسيرات. وتمسك السعودية والإمارات بالحياد وعدم فرض عقوبات على روسيا ومصادرة أرصدة وأملاك الأثرياء الروس. ووضع السعودية شروطا صعبة للتطبيع مع إسرائيل. وانضمت السعودية والإمارات لمجموعة بريكس المتحدية للغرب! هذه مؤشرات واضحة لتحول منطقة الخليج العربي لنظام متعدد الأقطاب. مع واقعية حاجة دول المجلس لممارسة توازنات صعبة بين أمريكا الشريك الأمني، والشراكة مع روسيا في أمن الطاقة، والشراكة الاقتصادية والتجارية مع الصين ودول آسيوية. وهذا يدشن تعددية قطبية في الخليج العربي تكسر وتنهي أحادية هيمنة الولايات المتحدة.

1194

| 10 سبتمبر 2023

توازنات دول «التعاون» الصعبة مع القوى الكبرى!

أكرر في محاضرات وندوات ومقالات منذ أكثر من عقد، أننا نشهد نهاية حقبة النظام العالمي أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، الذين هيمنوا على النظام العالمي بشكل كبير منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ووضعوا الأسس لنظام أحادي عالمي. نجح الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه في حقبة الحرب الباردة في صراع وحروب بالوكالة واستنزاف امتد من أوروبا إلى شرق آسيا ومن أفغانستان والشرق الأوسط إلى غرب أفريقيا بفرض نظام عالمي ثنائي القطبية. لكن سقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه لخمس عشرة جمهورية نهاية عام 1991، كرس نظام أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية دون منازع أو منافس.أطلق الرئيس جورج بوش الأب مصطلح «النظام العالمي الجديد» بعد هزيمة الاتحاد السوفييتي وانتصار الغرب والرأسمالية والتعددية الديمقراطية وتحرير دولة الكويت واستعادة الأمم المتحدة لدورها. تسرّع مفكرون وباحثون أمريكيون للاحتفال بالنصر المظفر، كحال المفكر الأمريكي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما، والترحيب بالنظام العالمي الجديد بكتابه «نهاية التاريخ والرجل الأخير» بسيطرة النظام الغربي الديمقراطي واندحار الاستبداد والحكم السلطوي. لكن ثبت بالدليل والمعايشة أن ذلك التحليل كان ساذجاً ومتسرعاً دحضه صعود الآخرين من قوى كبرى ومتوسطة الأحجام تنظر إلى الولايات المتحدة «نمر من ورق»(Paper Tiger)-كما كتب المؤلفان باراك مندلسون ودومينيك تيرني في دورية Survival-»النمر الورقي: صورة العدو الأمريكي»-مؤخراً، وعلى رأسها الصين وروسيا وحتى قوى إقليمية محدودة القدرات مثل فيتنام وأفغانستان. نشهد ذلك اليوم بعجز الولايات المتحدة عن منع انقلابات في أفريقيا، وفي إقناع دول أوبك بلس على خفض انتاج النفط، والسماح للصين بتحقيق إنجازات دبلوماسية غير مسبوقة في عقر نفوذها في الخليج العربي بالتوسط بين السعودية وإيران، والفشل في الضغط على الحليف الإسرائيلي بوقف سرطان الاستيطان وتهميش النظام القضائي ووقف التصعيد والقتل الممنهج ضد الفلسطينيين.كما نرى تجليات ذلك في محدودية قدرة أمريكا التي تورطت في حرب روسيا على أوكرانيا مع حلفائها في حلف الناتو بحروب بالوكالة واستنزاف. وبرغم تقديم دعم بعشرات مليارات الدولارات واستنزاف أوكرانيا وروسيا، فشلت في تحقيق اختراقات في عملية القوات الأوكرانية المضادة للقوات الروسية في حرب أوكرانيا.كما تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن وقف صعود الصين وردعها عن ترهيب جيرانها-حلفاء أمريكا - تايوان والفلبين وفيتنام وتايلاند، برغم نسج أمريكا تحالفات في شرق آسيا لاحتواء تمدد ونفوذ الصين في جوارها القريب والبعيد ومشروع طريق الحرير والحزام والطريق الواحد العالمي وفي التجارة مع الصين، حيث تميل كفة التبادل التجاري الصيني - الأمريكي لمصلحة الصين منذ سنوات بما يصل إلى 382.9 مليار دولار سنوياً. وتسعى الصين والحليف الروسي لشراكة استراتيجية حتى قبل الحرب على أوكرانيا لتكريس هيمنتها في منطقة بحر الصين الجنوبي والشرقي للدفع بنظام عالمي متعدد الأقطاب مع روسيا ـ لكسر هيمنة الغرب على النظام العالمي بزعامة أمريكا والشركاء في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والمنظمات الدولية الاقتصادية والمالية ممثلة بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة السبع ومجموعة العشرين. بتقديم نموذج بديل للاقتصادات الناشئة متمثلة بتكتلات ومنظمات إقليمية، أبرزها مجموعة بريكس - تأسست عام 2009 من البرازيل وروسيا والهند والصين وضمت جنوب أفريقيا عام 2010 لتكون نموذجاً بديلاً للدول النامية واقتصاداتها عن النموذج الغربي. عقدت قمتها الخامسة عشرة في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي وتوسعت لتضم أعضاء جددا - السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وأثيوبيا. مزيج من حلفاء وخصوم أمريكا والغرب. ومنظمة شنغهاي للتعاون-في رسالة واضحة المعالم بأن النظام العالمي أكبر من أن يحتكره الغرب، وأن هناك خيارات للدول بما فيها حلفاء الولايات المتحدة بالتعددية في الخيارات. وهذا نهج وواقع جديد يبدو أنه سيشتد عوده ويكبر ويتوسع. في المقابل، برغم المصالحة الخليجية من أعقد وأخطر أزمة في تاريخ المجلس قبل 4 سنوات في تراجع الثقة بالعلاقة على الحليف الأمريكي لتغير أولويته، لكن يبقى الوحيد القادر على توفير الحماية للحلفاء الخليجيين. لذلك تتعمق معضلة دول مجلس التعاون الخليجي الأمنية، ولم ننجح بتنويع خياراتنا الأمنية والدفاعية بعد سلسلة من التراجعات الأمريكية منذ استدارة الرئيس أوباما قبل عقد لآسيا لمواجهة الصين. وتذمر الرئيس ترامب من «الحروب الدائمة» والمكلفة في الشرق الأوسط»، وعدم الرد بعد الاعتداء المدمر على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص في السعودية بصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع عام 2019-وانسحاب الرئيس بايدن العسكري الفوضوي والمرتبك من أفغانستان، وسحب أنظمة دفاعية وبطاريات صواريخ وخفض عديد القوات الأمريكية في المنطقة. كما شهدت العلاقات الخليجية-الأمريكية مدا وجزرا وخلافات حول العلاقة مع إيران وإنتاج النفط والعلاقة مع روسيا في حربها على أوكرانيا والتقارب مع الصين والوساطة الصينية بين السعودية وإيران، وشراء أسلحة صينية وروسية وقضايا حقوق الإنسان. ما عمّق فجوة ثقة الحلفاء الخليجيين بالحليف الأمريكي، ودفعهم للتفكير خارج الصندوق، والعمل على نسج شبكة علاقات واتفاقيات أمنية وعضوية منظمات مع قوى كبرى، مع بقاء العلاقة الاستراتيجية المتراجعة مع الولايات المتحدة. الواقع تواجه دول مجلس التعاون الخليجي معضلة أمنية حادة في سعيها لتنويع خياراتها الأمنية والدفاعية في نظام عالمي وخليجي يتحول للتعددية القطبية. وسط ديناميكية تغيرات جيو-استراتيجية. يؤكد الباحث في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية الصديق أميل حكيم: «يرتبط أمن دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع روسيا في قضايا الطاقة (بعضوية أوبك بلس) والشراكة مع الصين ودول آسيوية بالتجارة والرخاء!، وهذا يتطلب عملا دؤوبا وتوازنات صعبة من دول المجلس»! هذا التحدي الحقيقي لدولنا يحتاج لتفصيل.

729

| 03 سبتمبر 2023

أسبوع إنجازات وإخفاقات ومفاجآت ومتغيرات بتداعيات!!

أحياناً يحدث الكثير في أسبوع ولا يحدث شيء في شهر...كان الأسبوع الماضي من تلك الأسابيع التي شهدنا فيها الكثير وبعضها سيكون له تداعيات ونتائج تمتد معنا لزمن طويل.. دفعتني أحداث الأسبوع الماضي العديدة والمؤثرة! لتغيير موضوع مقالي الأسبوعي البوصلة-للمقال الذي تقرأونه اليوم! تنوعت أحداث الأسبوع الماضي، بدءاً بتحطم مركبة الفضاء الروسية قبل هبوطها على سطح القمر، مقابل نجاح مركبة الفضاء الهندية بالهبوط على سطح القمر في انجاز تاريخي للهند وبرنامجها الفضائي. وشهدنا حدثا تاريخيا هو مثول الرئيس الأميركي السابق ترامب للمرة الرابعة أمام القضاء لمواجهة قائمة تهم تجاوزاته إبان رئاسته مع 18 متهماً من معاونيه ومحامية السابقين في سجن مقاطعة فولتون في ولاية جورجيا، لتقرأ عليه ثلاث عشرة تهمة وأخذ صورة جنائية له يستغلها لجمع الأموال لحملته الانتخابية. ودفع كفالة للمرة الأولى بقيمة 200 ألف دولار. لاتهامه بالتآمر لتزوير وتغيير نتائج انتخابات رئاسة 2020 في ولاية جورجيا. خسرها ترامب لمصلحة الرئيس بايدن. تغيب ترامب المتصدر في استطلاعات الرأي المتعددة لقائمة المرشحين لمنصب الرئيس عن الحزب الجمهوري عن أول مناظرة للمتأهلين الثمانية المرشحين للرئاسة، قبل 14 شهراً من انتخابات الرئاسة الأميركية. السؤال المهم ما تأثير ذلك على فرص فوز ترامب بالانتخابات التمهيدية لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري لمواجهة الرئيس بايدن في نوفمبر 2024. خاصة مع كل قائمة اتهامات توجه ضد ترامب ترتفع شعبيته وتزداد التبرعات المالية لحملته! عقدت مجموعة بريكس للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا قمة تاريخية في جوهانسبورغ-جنوب أفريقيا، ونقاش تحالف الاقتصاديات الناشئة وتوسيع العضوية بضم 6 دول من ثلاث قارات للمرة الأولى منذ عام 2010 عندما ضمت مجموعة بريكس جنوب أفريقيا للتجمع الاقتصادي الكبير الذي يشكل 42% من شعوب العالم وحوالي 30% من مجمل الناتج العالمي السنوي. تمت الموافقة على انضمام 6 من 23 دولة: هي السعودية والإمارات ومصر وإيران وأثيوبيا والأرجنتين في أكبر توسعة في تاريخ بريكس دون تحديد الشروط والمعايير للعضوية. والملفت معظم الأعضاء الجدد الستة الذين ستبدأ عضويتهم في يناير 2024 هم حلفاء أمريكا والغرب في مجموعة معادية للغرب. هدف بريكس وخاصة الصين وروسيا تحقيق تمثيل أكثر عدالة للاقتصاديات الناشئة وتحدي هيمنة الغرب وتحكم المؤسسات الغربية والدولار بالتجارة العالمية. وهو ما فاخر به الرئيس الإيراني. سجل الأسبوع الماضي مزيدا من الانتكاسات لروسيا- مقتل يفغيني بروغوجين بتحطم طائرته الخاصة الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ. كان أسس وتزعم مرتزقة فاغنر جنود وسجناء سابقين للإيجار. كان حليف وذراع بوتين (الذي نعاه) وتمدد نفوذ روسيا دولياً من باخموت في أوكرانيا إلى سوريا وليبيا وأفريقيا. وسط شبهات حول المستفيد من تحطم طائرته! وأقال الرئيس بوتين الجنرال سيرغي سوروفيكين الملقب ب"جنرال هرمجدون" لدوره الوحشي في سوريا، من منصب قائد القوات الجوية. معروف عن الجنرال سوروفيكين بأنه كان مقرباً من بروغوجين- كما أشرنا-قُتل بتحطم طائرته الخاصة. وتحطمت مركبة الفضاء الروسية LUNA-25-قبل هبوطها على سطح القمر في أول محاولة لروسيا بالعودة إلى الفضاء منذ عهد الاتحاد السوفيتي قبل 47 عاماً-في انتكاسة لبرنامج الفضاء الروسي! تضاف لقائمة الانتكاسات التي تشهدها روسيا منذ شن بوتين حربه على أوكرانيا التي أنهت الأسبوع الماضي-24-8 عاما ونصف العام على حرب بوتين المتعثرة وبلا أفق في أوكرانيا. وشهد الأسبوع الماضي عمليات جريئة ضد المستوطنين في حوارة والخليل أدت لمقتل ثلاثة مستوطنين. في استمرار للمواجهات المفتوحة التي تتصاعد منذ مطلع العام على يد الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية والتي فشلت في تحقيق الأمن كما أدعت وذلك بعد ارتفاع عدد قتلى المستوطنين الإسرائيليين ل35 إسرائيلياً وهو أكثر من مجمل القتلى الإسرائيليين طوال عام 2022 في انتكاسة وفشل حقيقي لسياسة القبضة الحديدة المتشددة لحكومة نتنياهو. مقابل استشهاد 236 فلسطينياً. وحلت في الأسبوع الماضي الذكرى العاشرة المؤلمة لأسوأ مجزرة في العصر الحديث أرتكبها النظام السوري، بقصف غوطتي دمشق بالسلاح الكيماوي. تسببت بمقتل 1450 شخصاً بريئاً بينهم 400 طفل اختناقاً بغاز السيرين السام المحرم استخدامه. دون محاكمة وقصاص-وبقي الأسد وجلاوزته ونظامه طليقاً وأعادوه باستخفاف للجامعة العربية! تزامنت الذكرى العاشرة للمجزرة مع إطلاق نظام الأسد النار على نفسه. برغم زيادة الرواتب 100%-رافقه رفع الدعم عن المواد الأساسية وخاصة الوقود والمواد الأساسية. ما فجّر غضبا شعبيا باحتجاجات واضرابات وقطع طرق في السويداء ودرعا مهد الثورة السورية بسبب تردي الأوضاع المعيشية! واستمرار انهيار الليرة العملية السورية-ما خفض دخل الموظف السوري إلى بضعة دولارات شهرياً وأدى لارتفاع جنوني بالأسعار-وأعاد أجواء الانتفاضة والثورة السورية عام 2011 في ظل تمدد المظاهرات والاحتجاجات والاضرابات ما ينذر بتفجر الأوضاع في مناطق النظام وخارجها. يتحمل الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مسؤولية كبيرة عن تلك المجزرة لتهاونه وتردده وعدم حسمه وتنفيذ وعيده بالرد بقوة على خرق خط أوباما الأحمر باستخدام الغاز الكيماوي وتراجع في اللحظة الأخيرة عن توجيه ضربات موجعة للأسد وتفاخر أوباما أنه لم يقع في فخ شن حرب في الشرق الأوسط كحال الرؤساء قبله وبعده. وبالتالي إفلات الأسد من المحاسبة! وحققت الهند بعكس روسيا، انجازا تاريخيا بهبوط ناجح لمركبة الفضاء الهندية شاندريان Chandrayaan في القسم الجنوبي للقمر في أول انجاز يجعل الهند رابع دولة بعد أمريكا والاتحاد السوفيتي والصين تنجح بهبوط مركبة فضائية على سطح القمر. تثبت أحداث الأسبوع الماضي سرعة إيقاع ديناميكية التغيرات والانتكاسات إقليمياً ودولياً، ما يفاقم التحديات والأزمات. وذلك لا شك يشكل واقعا جديدا وتحديات سيكون لها تأثير وتداعيات على المستقبل!

1209

| 26 أغسطس 2023

تميز قوة قطر الناعمة...يعزز وساطة حل النزاعات

دور الدول الصغيرة في النظام الإقليمي والدولي محدود التأثير للتباين الواضح بين قدرات الدول الصغيرة وجيرانها الكبار بمشاريعهم التي عادة تكون على حساب الدول والكيانات الصغيرة. خاصة إذا كانت أنظمة تلك الدول الكبيرة والقوية لا تخضع لرقابة ومحاسبة القادة للحد من تجاوزات تلك الأنظمة. تلعب الدول الصغيرة لعبة توازنات صعبة في إقليمها لتعزز أمنها وتحمي سيادتها ومصالحها بما تملكه من أوراق قوة ناعمة. لكن ذلك الواقع ليس عائقاً لإبداع وتميز دول صغيرة لتتجاوز الصعوبات ولا ترضى أن تبقى أهداف سياساتها الخارجية محدودة ومتواضعة. مع الأخذ في الحسبان أهمية التعايش مع الواقع الجيو-سياسي، بعدم انتهاج مواقف يفسرها جيرانها الكبار إقليمياً ودولياً مستفزة وتعارض وتهدد مصالح ومشاريع الدول الكبرى. شهدنا أربعة حروب خلال الأربعة عقود الماضية في المنطقة: الحرب العراقية-الإيرانية وحرب احتلال صدام حسين لدولة الكويت وحرب تحرير دولة الكويت وحرب اسقاط نظام صدام حسين والحرب على التنظيمات الإرهابية المستمرة حتى اليوم. وهذا ما يجعل إقليمنا صعباً! تؤكد نظريات الواقعية والسلوكية والبنائية على محدودية دور «الدول الصغيرة في العلاقات الدولية»-Small States Actors. لكن ذلك لا يمنع صناع قرار دول صغيرة لعب دور مميز تعوض محدودية القوة السياسية والعسكرية والديموغرافية، بقوة ناعمة مميزة. شهدنا ذلك بسياسية خارجية الكويت النشطة في ستينيات حتى ثمانينيات القرن الماضي. برغم صغر حجمها وديمغرافيتها، لعبت الكويت أدواراً تجاوزت التحديات بعقيدة سياسة خارجية نشطة بهدف «صنع السلام»، وحل النزاعات بدبلوماسية الوساطة ودبلوماسية القروض والدعم التنموي بذراع قوتها الناعمة، أول صندوق عربي-صندق التنمية الاقتصادية العربية- «الصندوق الكويتي» يقدم مساعدات وقروضا ميسرة منذ عام 1961 للدول العربية والإسلامية ودول حول العالم تجاوزت 105 دول وأكثر من 1000 قرض بقيمة 22 مليار دولار. وذلك لتحسين الأوضاع المعيشية والسكانية والحياتية لملايين البشر. كما ساهمت الدبلوماسية الكويتية النشطة بحل نزاعات وإنهاء خلافات بين دول عربية-عربية وفي المنطقة وخارجها. وهكذا نجحت الكويت بتعويض محدودية قدراتها بأن يكون لسياستها الخارجية المدعومة بالوساطة النشطة والمساعدات والقروض التنموية، تعزز مكانتها ودورها وسمعتها. شهدنا ذلك بوساطة حل الأزمة الخليجية. واليوم نشهد إنجازات دولة قطر على عدة أصعدة. ونجاحها بمزج وصهر أنواع القوة الناعمة في بوتقة مميزة لتتغلب على وضعية الدولة الصغيرة في إقليم صعب. بلعب دور بناء ومؤثر تجاوز منطقة الخليج لتساهم بحل أزمات وصراعات. نجحت دولة قطر بمزج قدراتها العديدة في مجال أمن الطاقة والثقافة، والفنون، والرياضة والتعليم. وخاصة بتطوير قدرات الغاز المسال لتصبح بين الدول الأهم المصدرة للغاز المسال في العالم. وترتبط بعقود طويلة الأمد مع الصين ودول آسيوية وأوروبية في مجموعة العشرين. ومع تصاعد حرب روسيا على أوكرانيا برز الغاز المسال القطري مصدراً مهماً لتعويض النقص في إمدادات الغاز الروسي، بسبب العقوبات الأوروبية والمقاطعة. تصنف قطر اليوم الدولة الأولى المنتجة للغاز المسال بطموح 126 مليون طن مكعب بحلول 2027 عام. وبأكبر أسطول لناقلات الغاز المسال في العالم. كما رسخت دولة قطر الثقة بكونها شريكا وحليفا موثوقا يفي بالعقود. فلم تتخلف عن تصدير شحنة من شحنات الطاقة من نفط وغاز لشركائها إبان الأزمة الخليجية والحصار. كما لم تقطع قطر خط دولفين لإمدادات الغاز عن دولة الإمارات طوال الأزمة الخليجية. ما أكسب قطر احتراماً كشريك موثوق. كما برزت قوة قطر الناعمة في قطاع التعليم بالمدينة التعليمية واستضافة أفرع لجامعات أميركية وأوروبية وجامعة حمد بن خليفة ولمراكز فكرية مميزة. كما نجح استثمار قطر في قطاع الإعلام بإنشاء شبكة الجزيرة الإعلامية لتصبح أهم مؤسسة إعلامية والأكثر مشاهدة في الدول العربية. كما تحظى بمتابعة عالمية بالجزيرة إنجليزية. ونجحت قطر بتنويع قدراتها الإعلامية والرياضية بإطلاق أهم شبكة رياضية (BeIN Sports)-وحق بث حصري للدوريات العالمية الأهم. تتوجت قوة قطر الناعمة باستضافة مميزة لكأس العالم لكرة القدم في الدوحة، ولأول مرة تستضيف دولة خليجية-عربية-إسلامية-شرق أوسطية أهم حدث رياضي على مستوى العالم. وأبدعت بالاستضافة التي كرست مكانة قطر على خريطة الدول القليلة التي تنجح وتتميز باستضافة الحدث الرياضي الأهم-كما وظفت قطر البطولة بذكاء لتعرّف بالثقافة والحضارة العربية وسماحة الإسلام، ما كان له أثر طيب صحح المفاهيم المغلوطة عن العرب والمسلمين. وكذلك حققت قطر إنجازات غير مسبوقة في تفعيل دبلوماسية الوساطات لحل النزاعات الإقليمية. نجحت وساطات قطر، بكونها من الدول القلائل التي نسجت شبكة علاقات وثيقة مع شتى الخصوم في المنطقة. بين إيران وأمريكا، وبين أمريكا وطالبان، وفصائل دارفور المتصارعة في السودان، وبين الفرقاء المتناحرين في لبنان. كما تزود قطر قطاع غزة بدفعات شهرية لدفع الرواتب وتوفير الفيول للكهرباء. ما منح قطر قدرة التوسط لوقف عدوان إسرائيل. كذلك تستضيف قطر في قاعدة العديد أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة. وقادت إجلاء 70 ألف أميركي وأفغاني ومن جنسيات أجنبية وعربية بعد الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان قبل عامين. ما دفع الرئيس بايدن لتصنيف دولة قطر كحليف رئيسي من خارج حلف الناتو مطلع عام 2022. وتمثل سفارة قطر في كابول المصالح الأميركية، وتستضيف الدوحة جولات تفاوض بين أمريكا وطالبان. نجحت مثابرة وساطة قطر بالتوصل لصفقة مقايضة سجناء أميركيين في طهران وسجناء إيرانيين في أمريكا والإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة من أرصدة إيران في كوريا الجنوبية والعراق مؤخراً. وثقة الخصمين أمريكا وإيران بقطر وسيطاً ومشرفاً للتأكد ان مليارات إيران المفرج عنها تنفق على صفقات الغذاء والدواء والمعدات الطبية، وليس لأغراض تخالف العقوبات الأميركية. تلك النجاحات تُبقي استثنائية وتميز قطر.

1086

| 20 أغسطس 2023

هل تحقق صفقة مقايضات أمريكا - إيران خفض التوتر؟!

فيما تتعثر وتجمدت مفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران منذ الصيف الماضي، استؤنفت بمفاوضات غير مباشرة مؤخراً بين أمريكا وإيران في سلطنة عُمان، يرافق ذلك زيارات مستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن الوطني للمنطقة وعُمان في مايو الماضي، لتحريك ملف المحتجزين الأمريكيين من أصول إيرانية في إيران بطريقة غير قانونية كما تصر إدارة بايدن- وزيارة السلطان هيثم بن طارق إيران في نهاية الشهر نفسه. بعد عامين من مفاوضات مضنية وغير مباشرة في سلطنة عُمان حول ملفين منفصلين-الاتفاق النووي، وصفقة مقايضة تبادل الافراج عن 5 رهائن أمريكيين من أصول إيرانية مسجونين على خلفية التجسس وقيامهم بأنشطة غير شرعية ضد الأمن القومي الإيراني حُكم عليهم بالسجن 10 سنوات، والافراج عن 5 سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة، بدور ووساطة دولة قطر وزيارات لطهران وواشنطن، مهدت الطريق لنجاح المفاوضات المضنية غير المباشرة في سلطنة عمان بين الطرفين، حول ملفين تحريك ملف الاتفاق النووي، وصفقة مقايضة تبادل الافراج عن الرهائن والافراج عن أرصدة إيران. بدأ التحرك للإفراج المتبادل عن 5 سجناء أمريكيين من أصول إيرانية في طهران على خلفية التجسس وقيامهم بأنشطة غير شرعية ضد الأمن القومي الإيراني وسجنهم عشر سنوات. مقابل إفراج أمريكا عن 5 سجناء إيرانيين مدانين ومسجونين لمخالفتهم القوانين الأمريكية وخاصة قوانين العقوبات على إيران،لمصلحة إيران وتزويدها بمعدات تُستخدم لأغراض مدنية وعسكرية معاً. وكذلك الافراج عن ودائع إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية والعراق ثمن تصدير النفط والغاز الإيراني منذ سنوات، تصل بمجملها كما تطالب إيران 10 مليارات دولار. بينما لم تفصح الولايات المتحدة عن حجم المبالغ، لكن يُروج 6 مليارات دولار من كوريا الجنوبية و1.6 مليار دولار من العراق، وسبق ذلك الافراج عن 2.7 مليار دولار من العراق في يونيو الماضي من ديون من أرصدة إيرانية مستحقة على العراق مقابل تزويد العراق بالغاز الطبعي والكهرباء! ستستعيد إيران أرصدتها المحتجزة بشكلٍ غير مباشر، تم تحويل الأرصدة الإيرانية المجمدة من كوريا الجنوبية إلى حساب بنكي في سويسرا، وتحول لليورو، من أجل الإنفاق على عقود الانفاق على الدواء والغذاء والمواد والمعدات الطبية وغيرها من المتطلبات الإنسانية لإيران. رسخ نجاح صفقة تبادل السجناء والافراج عن الأرصدة تحول مهم عزز دور ومساهمة حلفاء أمريكا الخليجيين بإثبات فعاليتها على الدوام. والقدرة على انتزاع ثقة طرفي الصفقة-الولايات المتحدة وإيران وخاصة تجاه دولة قطر وسلطنة عمان كوسطاء محايدين، لاستضافة وتسهيل وتوفير الآلية لإنجاح الصفقة. وهذه شهادة وانجاز مهم يتجاوز معادلة النفط والغاز مقابل توفير الأمن والحماية التقليدية! وقدرة الحلفاء الخليجيين على لعب دور محوري في حماية وتحقيق مصالح الطرفين المشتركة. شهدنا ذلك بنجاح دبلوماسية الوساطة القطرية النشطة بجمع الأميركيين وممثلي طالبان وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي السابق بومبيو والملا برادار في الدوحة. وتمثيل مصالح أمريكا في سفارة قطر في كابول وإجلاء واستضافة قطر ل70 ألف مواطن أمريكي وأفغاني ومواطنين غربيين من أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي قبل عامين! ومشاركة دول خليجية أخرى في الإجلاء والعبور. ما ينعكس ايجاباً على خفض التوتر ولو جزئياً لحلحلة الملفات الشائكة والعالقة. ما سيساهم ببناء الثقة ويمهد للتوصل لاتفاقيات في ملفات أهم. أبرزها العودة للاتفاق النووي! وُقع في عهد إدارة الرئيس أوباما عام 2015. وكان بايدن نائب الرئيس أوباما حينها. لينسحب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي عام 2018-ويفرض أقسى العقوبات على إيران. وكذلك يؤمل البناء على نجاح صفقة تبادل السجناء والافراج عن أرصدة إيران المحتجزة خفض التوتر في المنطقة، بعد إرسال 3000 عسكري أمريكي إلى منطقة الخليج العربي لردع أنشطة إيران المزعزعة للأمن وتهديد أمن الطاقة وقرصنة احتجاز ناقلات نفط في مضيق هرمز. وقد تعرض الرئيس بايدن وإدارته لانتقادات لاذعة من الأغلبية الجمهورية في الكونغرس بتسييس الصفقة الانسانية، باتهامه وإدارته بدفع «فدية» للإيرانيين لمقايضة الإفراج عن المحتجزين الأمريكيين في إيران. برغم نجاح إدارة بايدن بإنجاز الصفقة، تعد انتصاراً شخصياً لبايدن بتحقيق تعهده بالإفراج عن جميع الرهائن الأمريكيين في الخارج، خاصة في روسيا وإيران. وكانت إدارة بايدن نجحت بالإفراج عن أمريكي آخر بوساطة سلطنة عمان من إيران، وعن برتني غرينر لاعبة كرة السلة المحترفة من روسيا. إلا أن الجمهوريين في الكونغرس سيسوا الصفقة بتوجيه انتقادات لاذعة للرئيس بايدن وإدارته، واتهامه بدفع «فدية» للإيرانيين لمقايضة الإفراج عن المحتجزين الأمريكيين. سيوظف الرئيس بايدن الورقة في حملته الانتخابية للرئاسة في مواجهته ترامب، ما لم يُدان ويُسجن بسلسلة تهم فيدرالية غير مسبوقة لرئيس سابق، يتصدر استطلاعات الرأي ضد جميع منافسيه التسعة في سباق الرئاسة عام 2024!

1047

| 13 أغسطس 2023

عقدة بحث الرئيس بايدن عن إرث يخلّده!!

أكمل في مقالي اليوم، الجزء الثاني من مقالي الأسبوع الماضي «عقدة بحث الرؤساء الأمريكيين عن إرثهم» بالتأكيد أن «هدف الرئيس بايدن بعد نصف قرن في العمل السياسي-سناتور ورئيس لجنة الشؤون الخارجية ورئيس لجنة الشؤون القضائية-احتواء ومواجهة صعود الصين كقوة عظمى والتصدي لأطماع وتوسع وتهديد روسيا بوتين للأمن الأوروبي واستنزاف روسيا في أوكرانيا وقيادة القوى الغربية في النظام العالمي المتعدد الأقطاب قيد التشكل. وتخليد إرثه بالانتصار على الخصوم الإستراتيجيين روسيا والصين، ومنع تحول إيران في عهده لدولة نووية، وتحقيق اختراق تاريخي بالتطبيع بين السعودية وإسرائيل بتأثير أهم من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في عهد الرئيس كارتر عام 1979. تبقى عقدة الرئيس بايدن كحال جميع الرؤساء الأمريكيين الستة والأربعين من جورج واشنطن حتى جو بايدن على مدى 247 عاماً هي عمر أمريكا، في تخليد إرثهم بإنجازات تدخلهم في قائمة الرؤساء العظام والكبار. قاد الرئيس واشنطن ثورة وحرب الاستقلال عن بريطانيا العظمى، وصاغ الرئيس جيفرسون مع الآباء المؤسسين أول دستور مكتوب في تاريخ البشرية، ودشن الرئيس مونرو كما أوضحت في الجزء الأول من كتابي مبادئ رؤساء الولايات المتحدة- أول مبدأ حقيقي للرؤساء بجعل أمريكا اللاتينية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الفتية ليبني على مبدئه الرؤساء من بعده. والرئيس ثيودور روزفلت أو رئيس قرن القوة الناعمة للدبلوماسية مع القوة العسكرية لقوة أمريكا الصاعدة بمبدئه «تكلم بلطف واحمل عصا غليظة». وكان الرئيس ودرو ويلسون صاحب مبادرة «عصبة الأمم» بتأسيس أول منظمة عالمية لحل النزاعات بطرق سلمية وقدم النقاط 14 وحق تقرير المصير، لكن الكونغرس المحافظ رفض المصادقة على انضمام الولايات المتحدة لعصبة الأمم عام 1920- ما ساهم بفشل عصبة الأمم بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية. وقاد الرئيس فرانكلين روزفلت أمريكا في أحلك ظروفها في حقبة الفساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين وفي الحرب العالمية الثانية ونجح مع خليفته نائبه ترومان في هزيمة النازية والفاشية في أوروبا والإمبراطورية اليابانية في آسيا. وألقى الرئيس ترومان أول رؤساء الحرب الباردة بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة والشرق بقيادة الاتحاد السوفيتي قنبلتين نوويتين في نهاية الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين. وقتل ربع مليون مدني بريء، ليسرع إنهاء الحرب العالمية الثانية ويختبر قدرات السلاح النووي في جريمة حرب مكتملة الأركان ويدشن عصر الباركس أمريكانا- Pax-Americana. تأثر رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة الحرب الباردة (1947-1991) من ترومان إلى ريغان وجورج بوش الأب- بدءاً بالرئيس ايزنهاور أول رئيس- بخلفية جنرال عسكري في خمسينيات القرن العشرين وقائد القوات الأمريكية في أوروبا في الحرب العالمية الثانية باستقطابات المعادلة الصفرية والمواجهة مع الاتحاد السوفيتي ضمن إستراتيجيات الاحتواء والتعايش والمواجهة في معاقل السوفييت والشيوعية من أوروبا إلى آسيا وأفغانستان، إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية. قاد ترومان وايزنهاور تشكيل النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية- بإنشاء مؤسسات ومنظمات دولية لقيادة ما عُرف «النظام العالمي الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية» وقيادة الولايات المتحدة «للعالم الحر» بإنشاء الأمم المتحدة والنظام الاقتصادي- المالي العالمي من رحم اتفاقية بريتون وودز- بإنشاء الغرب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في نهاية الأربعينيات. وإنشاء حلف شمال الأطلسي- الناتو-الحلف العسكري الأقوى في التاريخ- الذي يواجه روسيا في أوكرانيا وأوروبا اليوم. وأجهزة الاستخبارات CIA- وأجهزة استخبارات العيون الخمسة (أمريكا- بريطانيا- كندا- أستراليا ونيوزيلندا) للتنسيق والتعاون الأمني- ضمن الحرب الباردة لاحتواء ومواجهة الاتحاد السوفيتي والشيوعية. والتي نجح الرئيس ريغان ومعه الرئيس بوش الأب في هزيمتها وسقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه لخمس عشرة جمهورية- وتدشين ما أطلق عليه الرئيس بوش الأب بعد تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991- «نظام عالمي جديد» بانتصار الغرب الديمقراطي-الرأسمالي التعددي على الشيوعية والنظام التسلطي والحزب الواحد. ولهذا يفاخر الغرب وحلف الناتو «انتصرنا دون إطلاق رصاصة واحدة» في مواجهات مباشرة. بل عبر حروب بالوكالة واستنزاف امتدت حول العالم بما فيه منطقتنا-الشرق الأوسط في حروب العرب وإسرائيل. ويجد الرئيس بايدن نفسه اليوم في بحث محموم عن إرث وتحقيق اختراق تاريخي بضمان هزيمة وإنهاك روسيا إستراتيجياً في أوكرانيا واحتواء الصين وعرقلة وتأخير صعودها على المسرح الدولي كأقوى لاعب يمكنه منافسة، بل انتزاع الزعامة العالمية من الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً. شرق أوسطياً يضع الرئيس بايدن أولوية برغم تراجع أهمية ودور منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط مع تراجع وانكفاء أمريكا عسكرياً ومعه الثقة بدورها كحليف أمني موثوق، بعد الانسحاب من أفغانستان والعراق وخفض عديد القوات في الخليج العربي والتباين مع السعودية حول ملفات النفط وأوبك بلس والعلاقة مع روسيا والصين وإيران واليمن وحقوق الإنسان. خاصة بنجاح وساطة الصين بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بعد قطيعة 7 سنوات وحرب باردة في المنطقة وفي عقر دار النفوذ الأمريكي التاريخي والتقليدي. لذلك يبدي الرئيس بايدن شخصياً، الذي دخل دورة الترشح لفترة رئاسة ثانية ضد خصمه المتوقع دونالد ترامب من الحزب الجمهوري، حرصاً واهتماماً بتحقيق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، تتوج مسيرته كصانع سلام وربما الحصول على جائزة نوبل للسلام- كحال رئيسه أوباما الذي نالها عام 2009. ولكن بالنظر للظروف القائمة ونهج حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً وعدوانية، وشروط السعودية للتطبيع بما يضمن حقوق ودولة للفلسطينيين وبرنامج نووي سلمي وضمانات أمنية شبيهة بما تقدمه أمريكا لأعضاء حلف الناتو، وعجز إدارة بايدن عن ممارسة ضغوط واقعية تلجم إسرائيل وتوقف الاستيطان وتدفع بمفاوضات فعالة للتوصل لحل الدولتين، لا يبدو واقعياً تحقيق اختراق وتطبيع تاريخي بين السعودية صاحبة المبادرة العربية في قمة بيروت 2002- وإسرائيل في المستقبل المنظور!

1107

| 06 أغسطس 2023

عقدة بحث الرؤساء الأمريكيين عن إرثهم المراوغ!!

بات من المسلمات حرص واهتمام الرؤساء الأمريكيين بتخليد إنجازاتهم وإرثهم الرئاسي كما شرحت في كتبي عن مبادئ الرؤساء الأمريكيين من جورج واشنطن إلى باراك أوباما، كرجال دولة وقادة الدولة الأكثر نفوذاً وتأثيراً على المستوى الدولي - في تهديد أو تعزيز الأمن والاستقرار والحرب والسلم والرخاء. أحرقت حرب فيتنام في سبعينيات القرن الماضي الرئيس جونسون وأجبرته على عدم خوض رئاسة ثانية عام 1968. وبرغم تصنيف الرئيس ريتشارد نيكسون من الرؤساء العظام والمؤثرين مع وزير خارجيته هنري كيسنجر، لانفتاحه على الصين وتصديه للسوفييت والشيوعية في الحرب الباردة، لكن فضيحة وترغيب، أجبرت نيكسون على الاستقالة عام 1974! ودمرت إرثه، وأدخلته التاريخ بكونه أول رئيس أمريكي يجبر على الاستقالة، وإلا كان الكونغرس سيعزله. وبرغم نجاح الرئيس كارتر وإدارته بالتوصل لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل محققاً اختراقاً تاريخياً كسر عزلة إسرائيل وأخرج مصر من الصف العربي عام 1979-وحسب مقولة كيسنجر الشهيرة «لا حرب في الشرق الأوسط بدون مصر ولا سلام في الشرق الأوسط بدون سوريا»، إلا أن الانهيار الاقتصادي وفشل الرئيس كارتر في إنقاذ الدبلوماسيين الرهائن المحتجزين في إيران بعد الثورة عام 1979. خرج بإرث ضعيف ويصنف من الرؤساء الضعاف لعجزه عن كبح التدهور الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة والفائدة. ما جعله رئيسا لفترة واحدة!. أما إرث الرئيسين ريغان وبوش الأب فكان تسريع إنهاء الحرب الباردة وإنهاك الاتحاد السوفييتي وسقوطه وتحول النظام العالمي لنظام أحادي القطبية بقيادة وهيمنة أمريكا عليه. وتدشين نظام عالمي جديد وتحرير دولة الكويت وإعادة الحياة للأمم المتحدة بعد أربعة عقود من شللها بسبب تبادل الفيتو بين الأمريكيين والسوفييت طوال مرحلة المواجهة والتصدي والاحتواء وحروب بالوكالة من كوريا وفيتنام إلى أفغانستان والشرق الأوسط ونيكارغوا وأنغولا!. فاز الرئيس بوش الابن مرتين بطرق غير مسبوقة. وكان أول رئيس ينُصّب بحكم تاريخي من المحكمة العليا عام 2000 برغم خسارته التصويت الشعبي لآل غور نائب الرئيس كلينتون. تثبت استطلاعات الرأي الرئيس أن الرئيس بوش الابن-الأقل شعبية، بسبب تخبطه بالسياسات الأمنية والدفاعية والخارجية وشنه حروبا على الإرهاب واستباقية غير شرعية واحتلال أفغانستان والعراق. وجعلت جماعة «المحافظون الجدد» أمريكا دولة مارقة تحتل دولا وتدمر توازن القوى الهش في الشرق الأوسط والخليج وتقلق حلفاءها ويتحداها خصومها!، وتحولت إيران لدولة بنفوذ إقليمي، وكوريا الشمالية دولة نووية-وتعمقت كراهية أمريكا. ووُصف إرثه بالرئيس الأكثر إضراراً بسمعة ومكانة أمريكا. وبقيت عقدة إرث الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن لثمانية أعوام منع إيران امتلاك السلاح النووي. حتى لا يسقط من قائمة الرؤساء المميزين والعظماء. لذلك خاض الشيطان الأكبر مفاوضات سرية وعلنية لسنوات للتوصل لاتفاق نووي بين إيران ومجموعة (5+1)-عام 2015-على حساب الحلفاء الخليجيين. ما عمق «معضلة الحلفاء الخليجيين الأمنية» بتضخيم الهجران والتبعية بين حليف قوي وحلفاء ضعاف. وسمح لإيران في عهده بالتفاخر بالسيطرة على أربع عواصم عربية!. وتلطخ إرث الرئيس ترامب بتجاوزات، وخالف برعونة ونزق وقلة خبرة سياسات رؤساء أمريكا الثابتة، بعقلية التاجر وليس الزعيم. فتعامل داخلياً وخارجياً بمفهوم المقايضة وليس بعقلية رجل دولة الحاذق. انسحب من الاتفاقيات التي وقعها الرئيس أوباما-الاتفاق النووي مع إيران واتفاق باريس للمناخ.. واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل! وتفاوض مع طالبان للانسحاب من أفغانستان. وأثار ترامب قلق الحلفاء الخليجيين برغم جعل السعودية، بخلاف جميع الرؤساء السابقين، وجهة رحلته الخارجية الأولى إلى المملكة العربية السعودية. لكنه لم يحرك ساكناً عندما اعتدي على منشآت أرامكو وابقيق وخريص في المنطقة الشرقية بأسلحة وصواريخ ومسيرات إيرانية عام 2019-مدعياً أن ذلك حدث في السعودية وليس الولايات المتحدة الأمريكية. ترك ترامب إرثاً مرتبكاً وأساء لمكانة ودور أمريكا. وبرغم خسارته انتخابات التجديد عام 2020 لجو بايدن في التصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي-إلا أنه طعن بالنتيجة دون أي دليل أو إثبات ووصف الانتخابات بالمزورة وتشبه انتخابات دول العالم الثالث! وحرّض أنصاره على اقتحام الكونغرس! ولتعميق مأزقه وتفرده بكونه الرئيس السابق الوحيد الذي حوكم مرتين في الكونغرس، ووجه له القضاء وهيئة المحلفين والمحقق الخاص ثلاث تهم فيدرالية جنائية على تجاوزات أخلاقية وإخفاء وثائق سرية والتلاعب بنتائج انتخابات مقاطعة فولتون في جورجيا ولم تحسم هيئة المحققين اتهامه بتحريض أنصاره اقتحام الكونغرس. وورث الرئيس بايدن أمريكا منقسمة ومتصارعة من ترامب، وتفاخره «أمريكا أولاً» وتكريسه صورة ومكانة سلبية للولايات المتحدة في الخارج! وقراره الترشح لرئاسة ثانية برغم تجاوزه 80 عاماً، يجعله أكبر رئيس بتاريخ أمريكا عمراً!، يظهر ذلك بهفواته وشبه ضياعه المتكرر لتقدمه بالعمر. ما قد يؤثر على إرثه. لكن يُحسب للرئيس بايدن إخراج أمريكا من وباء كورونا. يكرر الرئيس بايدن بسخريته من حصاد ترامب: «عندما أؤكد أمريكا عادت لقيادة النظام العالمي يسألني بعض القادة «إلى متى ستمسك بزمام القيادة قبل تراجعها»! كما يؤخذ على بايدن الانسحاب المرتبك والفوضوي من أفغانستان، لكن يحرص بايدن على تكريس إرثه بمواجهة روسيا والصين وخاصة بعد حرب أوكرانيا. وبمنع إيران أن تصبح دولة نووية السلاح في رئاسته في تكرار لموقف إدارة الرئيس أوباما، الذي كان بايدن نائبه. ما يدمر إرث بايدن كلياً. لكن واضح هدف الرئيس بايدن بعد نصف قرن في العمل السياسي سناتور ورئيس-التميز بمواجهة روسيا والصين، وتحقيق اختراق تاريخي بإعطاء اهتمام وأولوية لتحقيق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، وهي مبادرة غير واقعية نظراً لتطرف إسرائيل، ليتجاوز انجاز الرئيس كارتر باتفاقية سلام تاريخية بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد عام 1979. نفصل في مقال الأسبوع القادم.

1362

| 30 يوليو 2023

دول مجلس التعاون الخليجي.. وقيادة النظام العربي!!

برغم عدم تحقيق مجلس التعاون لدول الخليج العربية كما ناقشت وعرضت في كتابي «أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية» الطبعتين الأولى والثانية عام 2018 و2019- للأهداف الأمنية والدفاعية والاقتصادية منذ قيامه عام 1981، وبرغم إنجازات المجلس العديدة، لكن لم تتحقق آمال وطموح القادة والشعوب الخليجية بالانتقال إلى التكامل والاتحاد. وفاجأت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عام 2011- بمطالبته بالانتقال من التعاون إلى الاتحاد الخليجي. حاججت منذ عام 2011 دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الستة تقود النظام العربي، بعد تراجع وانكفاء الدول العربية المركزية التي كانت تشكل حسب الدراسات الإستراتيجية القلب. والدول الخليجية الأطراف في النظام العربي، لتصبح القلب ومركز الثقل العربي الجديد. حتى ضربت دول مجلس التعاون الخليجي الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة ثانية عام 2017-2021، ما أضعف كيان المجلس ككل، الذي كان الجزء السليم المتبقي في جسد الأمة العربية المترهل، لتصيبه عدوى الترهل العربي! لكنه استعاد قدرته بعد عامين ونصف منذ نهاية الأزمة الخليجية بعد اكتمال المصالحة الخليجية التي دامت ثلاثة أعوام ونصف العام وكانت الأكبر والأخطر في تاريخ المجلس بين ثلثي الدول الأعضاء وأضعفت تماسكه وفعاليته لثلاثة أعوام ونصف العام. واليوم استعاد المجلس حيويته ودوره على شتى المستويات وعاد ليستأنف دوره الريادي بجرأة وإقدام في قيادة النظام العربي وتحوله لبوصلة ومركز الثقل والقرار العربي. لكن لا نحبط، برغم العثرات التي واجهها مجلس التعاون الخليجي إلا أنه كما أكرر يبقى أنجح تجمع إقليمي عربي، خاصة بعدما حيّد حراك وانتفاضات الربيع العربي (لا أفضل استخدام الثورات العربية) القوى المركزية العربية التي بقيت لعقود قلب النظام العربي وتقوده، وأعني بها مصر والعراق وسوريا في المشرق العربي. بينما بقيت دول المغرب العربي البعيدة تحلق في فضاء شمال أفريقيا وفي الفضاء الأوروبي. حتى أن مجلس التعاون المغربي أنشئ عام 1989، بين دول شمال أفريقيا العربية الخمسة، وفشل في تحقيق أهدافه، وتوقفت اجتماعاته عام 1994 وانتهت مسيرته بعد إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر! بعد تفاقم الخلاف ووصل لقطع العلاقات بين المغرب والجزائر في صيف 2021. وشن حرب دبلوماسية ونفسية وإعلامية بين البلدين على خلفية الصراع والخلاف حول الصحراء الغربية! أما مجلس التعاون العربي فقد أُنشئ بعد الحرب العراقية- الإيرانية عام 1989 بعضوية مصر والعراق والأردن واليمن بعد ثمانية أعوام من قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981. لم يعمّر أكثر من عام وانتهى عمر المجلس العربي القصير مع غزو واحتلال صدام حسين لدولة الكويت! شهدنا في الآونة الأخيرة استعادة دور مجلس التعاون وصعود دوره على المستويين الفردي والجماعي. في ديسمبر الماضي استضافت المملكة العربية السعودية ثلاث قمم مع الرئيس الصيني-سعودية وخليجية وعربية في الرياض. واستضافت السعودية القمة الخليجية في ديسمبر أيضاً والقمة العربية في مايو الماضي. واستضافت السعودية القمة الخليجية التشاورية 18 ومعها القمة الخليجية-ودول آسيا الوسطى في جدة الأسبوع الماضي. كما استضافت السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة الرئيس التركي ورئيس وزراء اليابان لتعميق الشراكة وأمن وإمدادات الطاقة والاستثمارات والشراكات. واستضافت الإمارات رئيس وزراء الهند مودي. وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الإمارات والهند لـ 84.5 مليار دولار في السنة المالية 2022. شكلت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخليجية المهمة ببعدها الاقتصادي وتوقيع مذكرات تفاهم اقتصادية واستثمارية تصل لـ 100 مليار دولار في مختلف القطاعات العديدة في معادلة ربحية. وأتت زيارة الرئيس أردوغان بدلالات كأولوية لتعميق العلاقة، كونها الجولة الخارجية الأولى لعدة دول منذ فوزه بولاية ثالثة وأخيرة في نهاية مايو الماضي. تمثل انتقال الثقل العربي بكل أبعاده لدول مجلس التعاون الخليجي، بما شهدناه بنجاح دولة قطر في استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022-أهم حدث رياضي على المستوى العالمي. وكيف قدمت قطر الثقافة العربية والإسلامية بشكل جذاب وناعم بما فيه سماع الأذان وزيارة المساجد وارتداء ميسي البشت الخليجي، في تصحيح للصورة النمطية السلبية المقولبة عن الإسلام والعرب في الثقافة الغربية والشرقية وهذا بحد ذاته إنجاز كبير لا يمكن إلا تقديره. كما تستعد قطر لاستضافة بطولات رياضية عالمية. كما استضافت دبي إكسبو 2020 عام 2021 بعد تأجيله عاما بسبب تداعيات وباء كوفيد- 19 «كورونا». كما ستستضيف دبي مؤتمر المناخ العالمي COP 28 في نوفمبر القادم. وتخطط السعودية لاستضافة إكسبو 2030. ويحلم الشباب العربي بتوفير فرص عمل لهم في الدول الخليجية لتأسيس وبناء مستقبلهم. وتثبت استطلاعات الرأي أن العواصم الخليجية الرياض وأبوظبي والدوحة والكويت وكذلك دبي هي مراكز الاستقطاب والجذب للعرب وغيرهم، وكذلك للشركات العربية والعالمية. كما تساهم صناديق السيادة الخليجية الأكبر على مستوى العالم. وثلاثة منها وهي أبوظبي والكويت والسعودية بالترتيب وقطر في المرتبة العاشرة الأكبر من بين صناديق الثروات السيادية في العالم، بتوفير استثمارات في الدول العربية وحول العالم. وتساهم صناديق الكويت والسعودية والإمارات وقطر بتقديم هبات وقروض ميسرة للدول العربية والدول النامية لبناء البنى التحتية وتوفير حياة وخدمات أفضل لشعوبها للتنمية المستدامة. صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية العربية- الأقدم عربياً تأسس عام 1961- قدم أكثر من 1000 قرض تنموي بقيمة 22 مليار دولار. نصف تلك القروض خُصصت للدول العربية لتنمية وبناء المدن وشبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي والطرق والجسور والمدارس والمستشفيات. هذه الحقائق تؤكد وترسخ بشكل جلي مكانة ودور وقيادة دول مجلس التعاون الخليجي للنظام العربي. لكن أكرر المطلوب اليوم بلورة وتطوير مشروع خليجي-عربي جامع يقلص الاعتماد على الأمن الخارجي، ويوازن ويتصدى للمشاريع الإقليمية المهددة لأمننا العربي.

1242

| 23 يوليو 2023

قمة الناتو.. تعمّق الحرب الباردة بين الغرب وروسيا

عُقدت قمة حلف شمال الأطلسي- حلف الناتو الأسبوع الماضي 11-12 الجاري-في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا (كانت جمهورية محتلة من الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة)-شكلت القمة انجازاً تاريخياً-غير مسبوق. بكونها القمة الثانية بعد قمة مدريد العام الماضي التي أرست موقفا واضحا بأن روسيا تشكل أكبر تهديد للأمن الأوروبي بعد الاعتداء على سيادة أوكرانيا وتغيير طبيعة الجغرافيا في أوروبا بالقوة العسكرية... قمة الناتو الثانية منذ اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا، والأولى التي تشارك فيها فنلندا-لتنهي حيادها تجاه روسيا منذ عدة عقود وتضاعف مساحة حدود دول الناتو بزيادة 1300 كلم مع حدود روسيا. لتصبح العضو 31 لأقوى حلف عسكري في التاريخ في أبريل 2023. كما وضعت القمة السويد الدولة الاسكندنافية الأكبر والأقوى بقدرات عسكرية واقتصادية وتكنولوجية على سكة الانضمام للحلف بعد ممارسة الحياد كفنلندا- وذلك بعد رفع الرئيس أردوغان الفيتو على انضمام السويد للحلف بعد موافقتها على تسليم الشخصيات التي تصنفها تركيا بالإرهابية من الأحزاب الكردية ورفع حظر تزويد تركيا بالسلاح-برغم توجيه أردوغان انتقادات لاذعة لموافقة الحكومة السويدية على طلبات حرق نسخ من القرآن الكريم كانت احدها أمام السفارة التركية في استكهولم. وببراغماتية ومقابل تنازلات من أمريكا بالعمل على تزويد تركيا بصفقة مقاتلات F-16، ودعم السويد عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي بعد خمسة عقود من الانتظار، تراجع الرئيس أردوغان وسيعمل مع البرلمان التركي لبدء إجراءات انضمام السويد لحلف الناتو. لكن كانت الصدمة كما كان متوقعاً بعدم دعوة أوكرانيا للانضمام لحلف الناتو ولا حتى وضع جدول زمني لانضمامها للحلف. منذ البداية لم يكن واقعياً طلب وإصرار زيلنسكي على عضوية أوكرانيا في حلف الناتو. خاصة أن أوكرانيا في حالة حرب مفتوحة مع روسيا- وتقبل عضوية الدولة الحلف في حالة حرب- ولا يتوفر إجماع للدول الأعضاء على قبول أوكرانيا في الحلف. معلوم أن المادة الخامسة في ميثاق الحلف تخول الدولة المُعتدى عليها (أوكرانيا) طلب تفعيل المادة الخامسة، يعد اعتداء يستوجب على جميع الدول الأعضاء في الحلف الدخول بحرب بشكل مباشر ضد روسيا. لذلك كما كان متوقعاً، تم إرجاء انضمام أوكرانيا إلى الحلف حتى تكون في وضع يسمح بعضويتها بنهاية الحرب وعندما تلبي الشروط المتعلقة بالعضوية! مما أغضب واستفز الرئيس الأوكراني فولاديمير زيلنسكي الذي انتقد الحلف بوصف موقفه بالضعيف أمام روسيا- مما أغضب الطرف الأمريكي والأوروبي. وعلّق وزير الدفاع البريطاني بين ووالس-أن على زيلنسكي إبداء مزيد من التقدير لما يقدمه الغرب من دعم ومساندة لأوكرانيا في مواجهتها في الحرب ضد روسيا خلال السبعة عشر شهراً الماضية. خاصة مع تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن الالتزام بدعم أوكرانيا بلا تردد برغم تراجع تأييد قياديّ الحزب الجمهوري وخاصة ترامب وديسانتس متصدري المرشحين عن الحزب حسب استطلاعات الرأي. وكذلك تراجع تأييد الناخبين الأمريكيين وخاصة الجمهوريين من الدعم اللا-مشروط لأوكرانيا وآخرها الموافقة على امداد أوكرانيا بقنابل عنقودية محرم استخدامها من 100 دولة ومقاتلات F16 التي حذر وزير الخارجية الروسي لافروف أن ذلك سيؤدي لتعقيد العلاقات ويشكل تهديدا نوويا لروسيا! يتزامن ذلك مع تعثر الهجوم المضاد الذي تشنه القوات الأوكرانية منذ أكثر من شهر لاستعادة أجزاء من الأراضي والمناطق تسيطر عليها القوات الروسية في الأقاليم الأربعة التي ضمتها من أوكرانيا وتشكل حوالي 20% من مساحة الأراضي الأوكرانية بمساحة 100 كلم مربع! لكن أهم انجازات القمة توسيع عدد الدول الأعضاء ومضاعفة حدود دول الناتو مع روسيا- هو التأكيد على وحدة وتماسك الحلف بمواجهة روسيا والحد من أطماعها ضمن مفهومي الحرب الباردة والحرب بالوكالة. والتأكيد على دعم أوكرانيا عسكرياً وسياسياً، حتى مع عدم منح أوكرانيا العضوية. وتكرار الرئيس بايدن استعداد أمريكا ودول الناتو الدفاع عن كل شبر (انش) من أراضي الأعضاء... في إعادة تأكيد التزام الحلف التمسك بمفهوم الأمن الجماعي للدول الأعضاء في مواجهة أي تهديدات وخاصة من روسيا. وحتى في المستقبل من الصين في مناطق نفوذ الغرب. حيث تسعى كل من روسيا والصين على التأثير وترك بصماتهم على النظام العالمي المتعدد الأقطاب قيد التشكيل وعدم ترك الغرب التحكم بتشكيله ودوره ونفوذه برغم ضعف روسيا من الحرب وتمرد مرتزقة فاغنر. وهذا سينعكس على علاقتنا مستقبلاً مع الطرفين! حققت قمة الناتو أهدافها وانتصاراً لقيادة بايدن. وكذلك انتصارات لأردوغان والسويد وخسارات مدوية لبوتين وزيلنسكي. وأتت نتائج إعلان فلينوس في نهاية القمة واضحة في تعميق حالة الحرب الباردة بين الغرب وروسيا وحلفائها، وذلك لتأكيد خسارة بوتين وروسيا الاستراتيجية وليس العسكرية، لتكبيده ثمن حربه على أوكرانيا حتى تشكل حالة رادعة تمنعه من تكرار مغامرات الاعتداءات. وهذا ما يكرره المسؤولون الروس وأخره بعد يوم من انتهاء قمة الناتو. كررت وزارة الخارجية الروسية هدف الولايات المتحدة والناتو إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا والعودة لمخططات الحرب الباردة، لتحافظ على هيمنتها العالمية. وسعي حلف الناتو لتكريس صورة وموقف سلبي والمبالغة بتهديدات الصين. يدعم هذه المواقف الروسية المتشنجة تصريحات وشطحات الرئيس السابق دونالد ترامب والمتصدر مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 2024، بتحذيره المبالغ فيه أن قرار الرئيس بايدن إرسال 3000 من قوات الاحتياط إلى أوروبا كارثي ويترك حدودنا غير محمية...وأن إدارة بايدن تدفع أمريكا إلى حرب عالمية ثالثة»! لا شك أن تلك المواقف جميعها تعمق وتعقد النسخة الثانية من الحرب الباردة بين الغرب وروسيا. وتعيد عقارب الساعة لحقبة الحرب الباردة الأولى المستنزفة بين القطبين بعد الحرب العالمية الثانية. بسباق تسلح نووي محموم وبحروب بالوكالة والاستنزاف أودت بحياة 70 مليون إنسان!

903

| 16 يوليو 2023

حملة لتجريم الإسلاموفوبيا وعنصرية الغرب ضد الإسلام

حذّر المفكر الأمريكي الراحل صامويل هنتنغتون قبل ثلاثة عقود من تصاعد صِدام الحضارات بينها الحضارة الإسلامية مع الغرب الأبعاد الدينية وصدام بين الحضارة الغربية المسيحية والإسلام بسبب الخلافات الجذرية والمظالم التاريخية والقيم المتصادمة وخاصة مع الغرب المسيحي. وهو ما نشهده اليوم من حملة العداء الغربية وحتى الهندوسية والبوذية والهان الصينية والصهيونية الدينية ضد الإسلام والمسلمين. وعدم تفريق الغرب بين احترام شرائع الأديان وخاصة معتقدات الإسلام بما فيه الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وصولاً كنا نشهد تصاعد أعمال الاستفزاز بحرق نسخ من المصحف الشريف كما شهدنا منذ مطلع العام في السويد أمام السفارة التركية واخره، حرق مهاجر عراقي ملحد نسخة من المصحف الشريف أمام مسجد استكهولم الكبير في السويد. مما أثار غضبا عارما وتنديدا واجتماع منظمة التعاون الإسلامي واستدعاء سفراء السويد في عدة دول عربية وإسلامية وإصدار بيانات شجب واستنكار وتنديد وحملة مقاطعة المنتجات السويدية وسحب منتجاتها من أسواق التعاونيات في الكويت. وسبق وأشرت في مقال سابق في الشرق على تعامل بعض المسؤولين ووسائل الإعلام الغربية بعنصرية ضد استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم العام الماضي بشن حملة تغطية معادية وغير مسبوقة وصلت للثقافة الإسلامية والعربية لقطر. «وطبيعة المجتمع القطري المحافظ، والموقف من المثليين، وسجل قطر في حقوق العمال الوافدين الذين شيدوا الملاعب الرياضية، وحقوق المرأة وحقوق الإنسان. بينما لم نسمع انتقادات تذكر للدول التي استضافت كأس العالم سابقاً. وأكد سمو الأمير، بذل قطر جهودا حثيثة لدحض الاتهامات الموجهة إلينا، وكرر سموه أن استضافة قطر كأس العالم هو انجاز عربي، والبطولة المرتقبة «مناسبة لإظهار «هويتنا الحضارية». وانتقد صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد في خطاب افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى تعرض قطر «لـحملة غير مسبوقة» من «الافتراءات وازدواجيه المعايير»...»تعاملنا مع الأمر بداية بحسن نية، بل واعتبرنا أن بعض النقد إيجابي ومفيد يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير»... لكن تواصلت واتسعت الحملة بافتراءات وازدواجية معايير، حتى بلغت من الضراوة مبلغا جعل العديد يتساءل للأسف عن الأسباب والدوافع الحقيقية من وراء هذه الحملة»! وكنت حذرت في محاضرات ومقابلات ومقالات في السنوات الماضية من خطورة تصاعد موجة العداء ضد الإسلام والمسلمين، ما يُعرف بالإسلاموفوبيا- التي صارت تكتسب المزيد من التصعيد في الشرق والغرب. وكأن الإسلام والمسلمين الذين يشكلون حوالي 2 مليار مسلم ما يعادل ربع البشرية-هم الشريحة الدينية الوحيدة التي يتم التعرض لها بشكل ممنهج ومسيّس في تعدٍ وعنصرية واضحة تتعارض مع قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. أعاد حدثان خطيران مؤخراً تسليط الضوء على العداء على الإسلام وتصاعد موجة الإسلاموفوبيا في الغرب-كان الحدث الأول حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد-والحدث الثاني كان قتل شرطي فرنسي بدم بارد الشاب نائل مرزوقي من أصول جزائرية في نانتير إحدى ضواحي باريس المهمشة. ما اشعل غضب الجماهير وعمليات شغب حولت باريس ومدن فرنسا الكبرى وبلدياتها إلى ساحة للشغب والنهب والتكسير والفوضى والسطو والسرقات وكأن فرنسا تحولت لدولة من الدول الفاشلة. لكن أعاد حادث قتل الشرطي للشاب نائل المسلم تسليط الضوء على عنصرية الشرطة الفرنسية. لدرجة طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من فرنسا التعامل بجدية وإنهاء العنصرية المتأصلة في ممارسات شرطتها ضد الأقليات من مواطنين وأقليات ومهاجرين عرب وأفارقة! الواضح من تهميش المواطنين في مدن أوروبا الكبرى من خلفيات دينية وعرقية وخاصة العربية والإسلامية وحتى لو كانوا من الجيل الخامس وولدوا وعاشوا في الغرب. كما يثبت الحادث بؤس الأوضاع في ضواحي باريس وعواصم ومدن أوروبا الكبرى، وفشلها بإدماج الأقليات المهمشة! كما تتجلى عنصرية الغرب بازدواجية قرارات صادمة وغير إنسانية. فيما رحبت دول أوروبا وأمريكا بملايين اللاجئين الأوكرانيين وفتحوا لهم الحدود والسكن وتوفير متطلبات الحياة وخاصة في بولندا وألمانيا...شهدنا قبل ذلك بعام التعامل غير الإنساني تجاه المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين-سوريين وعراقيين وأفغان وغيرهم، الذين حاولوا الوصول إلى بولندا ودول الاتحاد الأوروبي من روسيا البيضاء. لجأت بولندا لمنع وضرب وملاحقة طالبي اللجوء السياسي والهجرة ثم قامت بتشييد جدار من الأسلاك الشائكة على الحدود مع روسيا البيضاء. وتمارس اليونان ممارسات غير إنسانية بإذلال وحتى إغراق السفن المتهالكة التي تحمل اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من عرب وأفارقة. وبدأت بريطانيا بعنصرية فاضحة ترحيل طالبي اللجوء السياسي القادمين عبر القنال الإنجليزي من فرنسا-بعقد اتفاق لترحيلهم إلى رواندا! وبرغم طعن محكمة الاستئناف البريطانية بقرار الحكومة برئاسة ريشي سوناك ووزيرة الداخلية برفرمان (من أصول هندية) تطعن بحكم المحكمة!! إلا لأن الحكومة البريطانية مصرة على الاستمرار بقرار ترحيل طالبي اللجوء السياسي. كما كان مستفزاً وصف جوزف برويل مفوض السياسة الخارجية الأوروبية العام الماضي أوروبا «بالحديقة وبقية العالم بالغابة و الأدغال الزاحفة على الحديقة الأوروبية»! وذلك برغم ما نشهده بغرق أوروبا بالعنصرية والصراعات والخلافات والتمييز وازدواجية معاملة مواطنيها والمهاجرين! بات ضروريا على الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي العمل على عقد مؤتمر دولي بمشاركة الدول الكبرى والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان للتعريف بسماحة الإسلام وحوار الأديان وللدفع بتحريم وتجريم التعدي واستهداف المعتقدات والرموز الدينية للأديان. أسوة بتجريم وعقاب من يروجون لمعاداة السامية. ليكون ذلك رادعاً، يمنع تكرار التطاول والإساءة للإسلام ومعتقداتنا الدينية.

834

| 09 يوليو 2023

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6327

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5082

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3822

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2859

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2571

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1770

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1617

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1563

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1086

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

996

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

987

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

978

| 24 أكتوبر 2025

أخبار محلية