قال تعالى (أَم حَسِبتُم أَن تُترَكُواْ وَلَمَّا يَعلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُم وَلَم يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا ٱلمُؤمِنِينَ وَلِيجَة وَٱللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعمَلُونَ (16) مَا كَانَ لِلمُشرِكِينَ أَن يَعمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم بِٱلكُفرِ أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَت أَعمَٰلُهُم وَفِي ٱلنَّارِ هُم خَٰلِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَن ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱليَومِ ٱلأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَم يَخشَ إِلَّا ٱللَّهَ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلمُهتَدِينَ (18) التفسير البياني: • أم حسبتم أن تتركوا: هنا إضراب عن المتبادر للذهن فيما لو قال احدهم وماذا سيحدث بعد ان نترك المشركين ونوصلهم لمأمنهم؟ ليكون الجواب لن تتركوا إلا بامتحان • تتركوا فعل يتعدى بمفعول.. هو هنا محذوف لأنه مفهوم من السياق إذ المعنى امتحان الجهاد • ولما.. تفيد حتى الآن.. وهذا معناه انه إن لم يكن فسيكون حتما • ( ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ) العطف بتعدد ( لا ) فيه ما لا يخفى من العناية باستقلال كل منفي.. فالمنافق لن يكون له بطانة من دون الله ولا الرسول ولا المؤمنين.. وفي الهدايات مزيد. • ما كان للمشركين ان يعمروا: اسلوب نفي فيه مزيد تأكيد بالنفي التام.. ما قال لا يعمر بل ما كان لهم أن يعمروا.. «ولا حتى تفكر « • شاهدين على أنفسهم بالكفر.. بيان لسبب نفي عمرانهم للمساجد • وبعد النفي التام حصر ( إنما يعمر مساجد الله من آمن..) أي لا يعمرها إلا المؤمنون.. الأنماط الواضحة ( عوائق – رقائق – منطلق ) • البطانة الفاسدة أساس مشاكل المؤسسات والمجتمعات سواء أكانت دينية أو قيمية أو إدارية أو خيرية • ومما ابتلي به مجتمعنا أن المنافقين قد تسللوا إلى كل مكان في كل المستويات عبر سلالم البطانة السيئة • سلم إلى الله بتنكب تعاليمه وآياته وتأويلها بالهوى وسلم للرسول بوساطات من علماء سوء أو وسطاء روحيين أو وضع للأحاديث وسلم للمؤمنين وذاك بنقل الكلام لايغار الصدور من مستوى إلى آخر.. • أولئك الشاكون بأنفسهم دوما يقودون بالخيانة • ان مما رقت به القلوب في هذه الآيات ان منطلق عمارة المساجد هو الايمان بالله واليوم الآخر وليس مجرد البناء والبهرجة والعناية بها كما سيأتي. المسار ( كيف ولماذا ) • لتكون من عمار المساجد كن مؤمنا خالصا فقد وهب ربي هذا الرزق لمن يحبه فقط • لن يدخل الجنة امرؤ دون حساب او امتحان • من امتحانات هذه الدنيا الواضحة ان نخلص في عملنا كله فلا واسطة مع الله ولا رسوله ولا تسلل لمسؤول ولا بطانة سوء • همسة /‏‏ لو لم يكن هذا التسلل صعبا لما اعتنى به كتاب ربي.. نسأل الله السلامة والثبات.

قال تعالى (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخوَٰنُكُم فِي ٱلدِّينِ وَنُفَصِّلُ ٱلأٓيَٰتِ لِقَوم يَعلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيمَٰنَهُم مِّن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُم فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلكُفرِ إِنَّهُم لَآ أَيمَٰنَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهُونَ (12) أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوما نَّكَثُوٓاْ أَيمَٰنَهُم وَهَمُّواْ بِإِخرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخشَونَهُم فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ (13) قَٰتِلُوهُم يُعَذِّبهُمُ ٱللَّهُ بِأَيدِيكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدُورَ قَوم مُّؤمِنِينَ (14) وَيُذهِب غَيظَ قُلُوبِهِم وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) التوبة. سبب النزول: قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: أَرَادَ صُدُور خُزَاعَة حُلَفَاء رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَيْثُ أَعَانَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ عليهم، حتى نكؤوا فِيهِمْ فَشَفَى اللَّهُ صُدُورَهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَبِالْمُؤْمِنِينَ.(أيسر التفاسير / أبوبكر الجزائري) التفسير البياني: • (ونفصل الآيات لقوم يعلمون) التفصيل يعلمه الجميع لكن من استفاد هو المؤمن فبات هو من يعلم • (إنهم لا أيمان لهم) اي لا أيمان محفوظة وهذا ما اقتضاه السياق • (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم) استفتاح بمعنى هلا وفيه من التحضيض ما لا يخفى • (أتخشونهم؟) الاستفهام الإنكاري لتقرير ان الخشية ينبغي الا تكون الا من الله • (يعذبهم الله بأيديكم) رغم ان التعذيب لا يكون الا بأيديكم. لكن الاظهار هنا للعناية بأن نباشر هذا ونستخضره - اللهم اكسر بنا شوكتهم - • (ويذهب غيظ قلوبهم) هم هنا عائدة على المؤمنين في (ويشف صدور قوم مؤمنين). المسار (كيف ولماذا؟) - من أخطر الأنماط التي تعاملنا معها في طريقنا الى الله هو هذا الذي يحلف ويحلف حتى ان صدقته بدأ بالكذب • ذاك ان تجاوزه من بعد سيكون خطيرا • يبدؤون بالطعن في هويتنا وعقيدتنا وديننا بعد ان صدقناهم وقلنا للناس انهم معنا ومنا! • ما اخطرهم وما احوجنا لنحذر منهم • خريطة طريق موجزها كلمة واحدة للتعامل معهم (قاتلوهم) • الغاية هنا واضحة جدا سنقولها لكل مشكك في قتال الكافرين 1- يعذبهم الله بأيديكم، والتعذيب هنا جسدي ومعنوي اذ هو بأيديكم وفيه من العزة ما فيه ويكون بالقتل والجراح غالبا 2- ويخزهم: الخزي في الدنيا ويكون بالأسر غالبا اذ الاسير في قبضة المؤمن اعظم خزي للناكثين 3- وينصركم عليهم: اذ إن قتال أئمة الكفر وقتلهم هو بلا شك قتل للباقين 4- ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم: نعم ستشفى الصدور من ألم، لكن يظل هناك حاجة لإذهاب الغيظ. ذاك الغضب الذي يظل ملازما لنا حتى نقاتلهم فنقتلهم • في الآيات بيان لأن ربي يتوب على من يشاء له ان يتوب فهو قد شاء ان يتوب • نعم سيتوب الله على من يشاء ان عاد وتاب ويكون الحديث حينها عن المشرك الداخل في الاسلام. • هذه المبررات الواضحة تجعلنا نتعلق بخشية الله فلا يلسعنا سوط الاستنكار (أتخشونهم؟).

قال تعالى ( وَإِن أَحَد مِّنَ المُشرِكِينَ استَجَارَكَ فَأَجِرهُ حَتَّى يَسمَعَ كَلَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَوم لَّا يَعلَمُونَ (6) كَيفَ يَكُونُ لِلمُشرِكِينَ عَهدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذينَ عَهَدتُّم عِندَ المَسجِدِ الحَرَامِ فَمَا استَقَمُواْ لَكُم فَاستَقِيمُواْ لَهُم إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُتَّقِينَ (7) كَيفَ وَإِن يَظهَرُواْ عَلَيكُم لَا يَرقُبُواْ فِيكُم إِلّا وَلَا ذِمَّة يُرضُونَكُم بِأَفوَهِهِم وَتَأبَى قُلُوبُهُم وَأَكثَرُهُم فَسِقُونَ (8) ٱشتَرَواْ بِـَٔايَتِ ٱللَّهِ ثَمَنا قَلِيلا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُم سَآءَ مَا كَانُواْ يَعمَلُونَ (9) لَا يَرقُبُونَ فِي مُؤمِنٍ إِلّا وَلَا ذِمَّة وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلمُعتَدُونَ (10) التوبة معاني المفردات • استجارك: طلب حمايتك • فما استقاموا لكم: لم ينقضوا العهد • فاستقيموا لهم: استقيموا على الوفاء • يظهروا عليكم: يغلبوكم • إلا ولا ذمة: قرابة ولا عهدا سبب النزول قَالَ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ: هُمْ مِنْ قَبَائِلِ بَكْرٍ: بَنُو خُزَيْمَةَ وَبَنُو مُدْلِجٍ وَبَنُو ضَمْرَةَ وَبَنُو الدَّيْلِ، وَهُمُالَّذِينَ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ نَقَضَ الْعَهْدَ إِلَّا قُرَيْشٌ وَبَنُو الدَّيْلِ مِنْ بَنِيبَكْرٍ، فَأَمَرَ بِإِتْمَامِ الْعَهْدِ لِمَنْ لَمْ يَنْقُضْ وَهُمْ بَنُو ضَمْرَةَ. ( البغوي تفسير سورة التوبة ) التفسير البياني: • الشرط ( وإن أحد من المشركين استجارك ) جوابه ( فأجره حتى يسمع كلام الله ) فهو جواب مشروط بسماع كلام الله • أسلوب تعجب في ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ) • ( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ) مقابلة عجيبة اذ المعنى فان لم ينقضوا عهدهم والنقص عادتهم فاثبتوا على عدم النقض وهي عادتكم • ( اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ) المبيع هنا ثمن وهذا من الاستعارات اللطيفة حيث الآيات ثمن لثمن • ( لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ) العطف مع « لا « لبيان استقلال كل منفي وقطعية نفيه.. إِلّاً و «لا» ذمة. الأنماط الواضحة ( عوائق – رقائق – منطلق) • تلك الانتهازية لدى المنافقين والمشركين تعيق الدعوة... هذه المنفعة الانانية تجعل هذا النمط الانتهازي يتحول عنك ما دام هناك تفوق لديه عدة او عدد. • في الآيات مما يرقق القلوب الكثير ومنه ان تعاملنا مع العدو المستجير بنا ينبغي ان ينطلق من خلق وقيم انسانية لا وفق قوانين الغاب.. ( فأجره حتى يسمع كلام الله) • سيسمع كلام الله وربما لم يؤمن.. حينها ( ثم أبلغه مأمنه ) • ان هؤلاء الانتهازيين ينبغي ان نعاملهم معاملة الاعداء الا من تاب منهم او اسلم.. وهم قليل.. لانهم بكل وضوح لن يراعوا عهدا ولا قرابة المسار ( كيف ولماذا ) • نقرأ الآيات بمرآة المسلم الواعي لمؤامرات وأنماط الأعداء فلا يغر بحديث منمق ولا وعود زائفة ( يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم قلوبهم لم تقف عند عدم ارضائنا بل تعدت الى عدم رضاهم عن رضانا). • ان فئة قليلة ممن كانوا انتهازيين سيسمعون كلام الله سماع هداية.. هؤلاء لم ينقضوا عهدهم.. لذا سنستمر في عهودنا معهم.. • دوما خط الرجعة محفوظ مع هؤلاء.. فليكن المسلم منتبها لكل حركاتهم.

بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ«١» فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ «٢» وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ «٣» إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ« ٤» فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ «٥» التوبة سبب النزول أخذت العرب تنقض عهودا بنتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم، فأنزل (براء) في سنة، تسع فبعث رسول الله أبا بكر أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج في تلك السنة، وبعث معه صدرا من (براءة) ليقرأها على أهل الموسم، فلما سار، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر (براءة) وأذن في الناس بذلك" فخرج علي على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله، أنزل في شأني شيء؟ قال: "لا، ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني أما ترضى أنك كنت صاحبي في الغار، وأنك صاحبي على الحوض"؟ قال: بلى يا رسول الله. فسار أبو بكر أميرا على الحج، وسار علي ليؤذن بـ (براءة). ( زاد المسير / ابن الجوزي ) التفسير البياني • هكذا دون بسملة تبدأ سورة التوبة إذ المقام مقام نبذ وترك وتخلص من قيد عهد ما حفظه أصحابه • براءة من الله ورسوله ابتداء منتهاها من عاهدتم من المشركين... من ؛ إلى.. تعني بوضوح كتاب رسمي عنوانه نحن في حل منكم. • الخطاب للمعنيين بصفاتهم كان لبيان ان ما دعا اليه هو ما صنعوا ( المشركين ) لانهم اشركوا نقضوا العهد.. ( مخزي الكافرين ) سيخزيهم كفرهم.. ( الى الناس ) اذ الخطاب باعلان البراءة لجميع الناس ليشمل من نبذنا عهده ومن سمع فيحذر.. ( المتقين ) لانهم كذلك احبهم الله. • كي لا يظن الكافر ان ( فسيحوا في الارض..) اذن وتسهيل.. اردفه تعالى ب ( واعلموا انكم غير معجزي الله وان الله مخزي الكافرين ) • ( وأذان من الله..) الواو هنا عاطفة حيث الاذان معطوف على ( براءة ) • ( ان الله بريءٌ من المشركين ورسولُه ) رسوله مبتدأ خبره محذوف تقديره كذلك.. اي ورسوله كذلك بريء وتأخير براءة الرسول هنا لان التصاقها بلفظ الجلالة افخم. • غير معجزي الله ) جاءت في موضعين.. بعد "اعلموا انكم".. وبعد " فاعلموا أنكم ".. حذرهم ثم رغبهم ثم اعلمهم بما سيكون.. • ( وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ) تصعيد للعذاب اذ البشارة هنا من باب التهكم.. • ( ثم ) في ( ثم لم ينقصوكم شيئا ) فيها ما لا يخفى من عطف فيه تراخ في الرتبة بين وسم التصق بالمنافقين وهو نقض العهد وبين عدمه. • ( انسلخ ) استعارة مناسبة للسياق وكأنه سبحانه قال ان هذه المدة وهي الاشهر الحرم ستنقضي كما سلخ الجلد عن اللحم... طويلة لكنها فاضحة • ( واقعدوا لهم كل مرصد ) لم يقل ارصدوهم بل اقعدوا لهم في كل مكان مهيأ للرصد ليدل المؤمنين على فن الرصد اذ زاويته اهم من مجرد فعله بغباء. الانماط الواضحة ( عوائق رقائق منطلق ) • في هذه الآيات نطالع نمطا من انماط المنافقين هو أوضحها في قوم غامضين انه ( نقض العهود ) • عوائق الطريق هنا تكمن في أن عهدا بيننا وبينهم وأن نقض عهدنا معهم يتم في ظلام.. لذا فان مكاشفة صعبة لا بد ان تكون • في ثنايا الآية يرق القلب اذ التوبة منجاة فليس كل مشرك منتهي الأجل.. هناك فسحة في كل حين لتوبة

في شهر الخير ونفحات النور نفيض بالكتاب هدى فينير ربي الدرب ويشرح الصدر ويرفع القدر.. ومن بديهيات الهداية أن علمك بعدوك بدءا بإبليس حتى نفسك التي بين جنبيك هو أول الطريق نحو النصر والسكن. وقد دأبنا على تدبر الآي في شهر البركة والنور.. وفي عامنا هذا سنقرأ التوبة بمنظار الرسائل الواضحات لكل مؤمن. إن النفاق والأعداء أنماط، وإنهم ليسوا على قلب واحد، وأن لكل منهم أداة خاصة يصير بها «مستراحا منه». منهجنا: - سرد الآيات ومعاني المفردات وسبب النزول (إن وجد) - التفسير البياني - الأنماط الواضحة (عوائق – رقائق – منطلق) - المسار والهدايات نرسم في حلقاتنا وحدة موضوعية نصور ما استلهمنا في خزانة من بطاقات نور نفتح بها أبوابا مغاليق كان الخوف ألجمها عن اللحاق بقافلة الصدق والحقيقة.. هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم. وإنما لا يبسمل في أولها لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف الإمام، والاقتداء في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - كما قال الترمذي: وعن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب، فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا نزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها وحسبت أنها منها، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) فوضعتها في السبع الطوال. وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من غزوة تبوك وهم بالحج، ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم، فبعث أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أميرا على الحج هذه السنة، ليقيم للناس مناسكهم، ويعلم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي في الناس ببراءة، فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه عصبة له. (تفسير ابن كثير)