رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
وقف الحديث في الحلقة الماضية عند توزيع أوراق الأسئلة والتي لم أكد أكمل قراءتها حتى شعرت بالخوف والحيرة من أمري ونسيت كل ما كنت قد راجعته وخشيت من الرسوب لأن مسائل الفقه متداخلة والخلط بينها سهل.. وقد كانت ساعات الامتحان تمر سريعا وكنت أتمنى لو أن عقارب الساعة تتوقف ولو قليلا.وهنا تذكرت نصيحة بعض مشايخي حيث كان يقول: ابدأوا في الذي تعرفونه واتركوا الذي لا تعرفونه للأخير.. فالحمد لله الذي ألهمني ووفقني فكتبت الأجوبة التي كنت متأكدا منها، فبدأت أسترجع ثقتي، حتى وصلت للأخير وعرفت أغلب الأسئلة بفضل الله وكرمه.وعندما خرجت انتظرت الشيخ عبدالعزيز والذي كان قلقلا مثلي فاتصلت بأستاذ المادة فضيلة البروفسور الشيخ عبدالرحمن ابن الشيخ عبدالعزيز بن صالح فبشرني خيرا وقال لا تقلقلوا بإذن الله، ثم رجعنا إلى البيت لنأخذ قسطا من الراحة حتى أذان الظهر.بعد قسط من الراحة قمنا لصلاة الظهر والغداء ثم بدأنا مذاكرة مادة امتحان يوم غد، وكانت الامتحانات بعد ذلك سلسة وسهلة نظرا لكسر حاجز الرهبة، إلا أنه في امتحان اليوم الرابع لمادة التاريخ والتشريع الإسلامي استيقظنا من النوم متأخرين عن موعد الامتحان، فقد كنا نرهق بسبب قلة النوم، فلم نكن ننام إلا ساعتين قبل الفجر وساعتين قبل الظهر.خرجنا مسرعين جهة الجامعة وقمنا بالاتصال بالشيخ الطويان الذي أرشدنا للذهاب لأحد الموظفين وكان من أسرة العبيد الذين تربطنا بهم علاقة طيبة فجارنا وخطيب جامع حينا هو القاضي الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم العبيد ووالده الشيخ إبراهيم وكيل الجامعة ولنا به أيضا معرفة طيبة وكذلك بأخيه الدكتور الكريم، وصاحب الشفاعات الحسنة وقل نظيره، الشيخ عبيد العلي العبيد وعلاقتنا بالشيخ عبيد أقوى، فرحب بنا الموظف المسؤول وأعطانا ورقة كتبنا فيها العذر، وقال: النوم عذر مقبول خاصة في أول مرة، وأخبرنا بأن الإعادة ستجري في بداية الفصل الثاني وبعدها دخلنا على الدكتور صالح العبداللطيف مدير إدارة كلية الشريعة والذي بشرنا خيرا وأحسبه صاحب فضل كبير علينا بعد الله، فكم له من معروف علينا ووقفات لا أنساها له، كما يبدو أن هذا خلقه مع الناس فحينما ترك الإدارة وتقاعد سمعنا من الثناءات عليه الشيء الكثير سواء من الأساتذة والطلاب والموظفين.كان يوم الأحد آخر يوم من أيام الامتحانات في مادة السيرة، كما أننا ذهبنا من الامتحان إلى المطار مباشرة وقد اتصل بي شيخي، وأكرم من درسني في الجامعة، الأصولي الشيخ د. خالد بن محمد الغنام، وهو من علماء حايل الذين قدموا فترة للمدينة للتدريس فيها فأوصلنا في سيارته إلى المطار، وكنت قد حاولت الاعتذار منه حتى لا نشغله ولكنه أصر، وقال: أنتم في الغالب أول مرة تسافرون، وحينما وصلنا المطار أراد أن ينزل الحقائب فخنقتني العبرة لتواضعه، وقبلنا رأسه وانصرفنا وكنا آخر الداخلين للطائرة التي أوصلتنا للدوحة بعد انقطاع ثلاثة أشهر تقريبا.
297
| 04 يوليو 2015
من الأشياء التي بقيت في الذاكرة إمتحانات الفصل الأول حيث لم نكن على خبرة بكيفية الإمتحانات و لا طرقها و عند قاربت الإمتحانات قرابة الشهر بدأنا بالإعتكاف على المذاكرة و إن كنا نذاكر كل يوم بيومه و لكن كثافة المواد فالفقه كتاب الطهارة من بداية المجتهد على المذاهب الأربعة و غيرها من المذاهب المندثرة و الأصول في الأحكام التكليفية و الوضعية من الروضة و العقايد في كتاب التوحيد من أوله إلى قبل باب السحر و السيرة و تاريخ التشريع و تاريخ المملكة فكان الجهد كبيرآ حيث توقفت الدروس في الحرم عند بعض المشايخ و بعضهم يجعلها دروسآ عامة مراعاة للطلبة لقرب موعد إمتحاناتهم فكنا نجلس بين العشائين للمذاكرة و بعدها أصبحنا من العصر و لم يمر أسبوع حتى أصبح ليلنا و نهارنا في قراءة خاصة و أننا نسمع بكثرة الرسوب في البداية وكان الشيخ عبدالعزيز يميل إلى الإستماع و كنت أميل إلى القراءة فكنت أقرأ و كان الشيخ يسمع و قبل الإمتحانات بأسبوع علقت جداول الإمتحان فبدأنا بوضع خطة و ذلك أن الطالب يضع جهده على الأمتحانات الأولية فما يكاد يصل الأخير حتى يصاب بالتعب و قلة النشاط فقررنا نركز على المواد الأخيرة حتى لا نحتاج للرجوع لها كثيرا و جعلنا المواد الأولية عقب موعد الأختبار بثلاثة أيام و كلية الشريعة دائما يبدأون أول اختباراتهم بالفقه و يستمر الأختبار من السبت إلى السبت المقبل و أحيانا الأحد و أحسب أن هذا الأسبوع الذي قبل الإختبار و الذي يعطى الطلاب فيه إجازة للمذاكرة قد مر سريعآ كلمح البصر و عندما جاء الحمعة أذكر أننا لم ننم تلك الليلة بسبب التفكير و القلق و لكن الله لطف بنا فارتحنا و قمنا قبل الفجر و صلينا الوتر و دعونا في الثلث الآخر من الليل و بعدها راجعنا و عندما أذن للفجر صلينا في المسجد المجاور للبيت و بعدها انطلقنا للجامعة و أذكر أننا في الطريق كنا نراجع و نكرر و عندما وصلنا وجدنا كل منشغل بالمراجعة و المذاكرة وحينما وصل المراقبون دخل الطلاب إلى القاعات ووزعت اوراق الإجابات وبعدها سلمت أوراق الأسئلة فكانت المفاجأة و التي أدع الحديث عنها في الحلقة المقبلة إن شاء الله
280
| 03 يوليو 2015
يعتبر علم الإسناد من فنون العلم التي امتازت بها علوم الشريعة، وقد كان علماؤنا يرحل أحدهم من أجل سماع حديث أو علو إسناد آخر، والإسناد لا يقتصر على نقل الحديث بل يشمل فنون الشريعة الأخرى كالإجازة في القرآن بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة والجلال، وكذلك متون الفقه واللغة والأصول وغيرها تجد سند كل متن إلى واضعه، بل وحتى بعض الكتب والمؤلفات ككتب الشمائل وغيرها.ويحرص طلاب العلم على جمع الأسانيد والإجازات في طلبهم، وتمتاز المدينة المنورة بأنها مقصد ومستقر الكثير من أهل العلم وحملة الإسناد، وقد كان زميلنا في الفصل الشيخ أحمد بن غلام السليماني ـ وهو من مواليد المدينة وأصله من باكستان ـ من المتخصصين في فصلنا بعلم الحديث فهو يحفظ مع كتاب الله بلوغ المرام للحافظ ابن حجر ويحفظ في ألفية العراقي ، وقد أرشدنا إلى هذا الفن فكنا نراجع معه المصطلح والفرائض .وأخبرنا الشيخ أحمد بن غلام ذات يوم أن هناك شيخا في الحرم يسند في الصاع النبوي وفي حديث الأولية المسلسل بالرحمة وغيرها فتاقت أنفسنا لزيارة الشيخ، فقام بترتيب لقاء لنا مع الشيخ في بيته وهو الشيخ محمد الياس البرماوي الأركاني، المقرئ المعروف.كان يظهر على الشيخ محمد الأركاني الجدية والحزم وحب البحث والاطلاع فقد كان مجلسه الذي استقبلنا فيه مليئا بالكتب من حولنا، وما إن تعرف علينا وسألنا عن دراستنا وقراءاتنا بدأ يتذكر أيام الدراسة ويذكر فضل شيوخه ويدعو لهم ، وقد ذكر لنا أنه استفاد من شيخيه في الفقه الشيخ علي بن سعيد الغامدي المدرس بالحرم النبوي الشريف حب البحث، فكان يقول: اكتبوا في اليوم و لو أسطرا قليلة، قال فطبقت نصيحته وأخرج شيخنا عددا من المؤلفات والكتب النافعة.كما حدثنا عن رحلته في طلب الإجازات والعلو في السند سواء في القران والسنة وغيرها ومما ذكره أنه قرأ القرآن على شيخ قراء الشام الشيخ محمد أبوبكر الطرابيشي ـ رحمه الله ـ.ثم بدأ الشيخ يجيزنا في الحديث المسلسل الأولية بالرحمة ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من السماء)) ، كما أجازنا في الأذان مسندا إلى سيدنا بلال ـ رضي الله عنه ـ ، وأخذنا عنه إجازة في المد والصاع النبوي.وأخبرنا شيخنا بأننا أول من أجاز من أهل قطر أجاز من ضمن عدد كبير من المجازين ، حيث إن الشيخ يسجل أسماء الذين أجازهم، وقد ظهرنا من عنده مسرورين بهذه الإجازة العلمية التي يتصل فيها اسمنا باسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.وقد حرصنا بعد هذه الإجازة على حضور المجالس التي كانت تقام فيها الإجازات، فحضرنا عند مسند المدينة النبوية الشيخ حامد بن أكرم البخاري في الشمائل المحمدية و صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك برواية محمد بن الحسن و كتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري وثلاثيات البخاري وغيرها وأجازنا في الباقي في ثبته الذي وقع عليه كما حضرنا عنده مجلس عاشوراء في جزء حديث عاشوراء للإمام المنذري وحضرنا عند الشيخ عبدالله بن صالح العبيد في كتاب التوحيد وعند الشيخ محمد الأمين الهرري في مكة وأجازنا وعند الشيخ ذياب الغامدي في الطائف وأكرمنا وتكلف أحسن الله إليه في ذلك والشيخ محمد بن إسماعيل العمراني أجازنا مكاتبة وقرض لكتابي اللؤلؤ النقي وكذلك الشيخ بوخبزة التطواني في المغرب والشيخ عبدالرحمن بن عبدالحي الكتاني والشيخ علي آدم الهرري مشافهة لأنه اشترط علينا الحضور عنده في دروسه ونحن لم يتيسر لنا ذلك وغيرهم جزاهم الله خيرا وأحسن مثوبتهم، ولله الحمد والمنة أولا وآخرا.
879
| 02 يوليو 2015
في هذه الحلقة تعود بي الذكريات إلى أول فصل دراسي بالجامعة الإسلامية حيث كانت زيارة الأخ الفاضل الوجيه علي بن راشد بن علي المحري المهندي مدير إدارة المساجد و الذي تربطني به علاقة وطيدة و صلة متينة و كان على رأس وفد من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية لزيارة البعثات الدراسية في المملكة العربية السعودية، إذ كانوا قد زاروا الرياض و مكة وكانت آخر محطاتهم مدينة النبي صلى الله عليه و سلم.فحينما علمت بتواجد الوفد في المدينة المنورة ذهبت لزيارة الصديق العزيز و الذي تربطني به علاقة قديمة، كانت بدايتها عام ٢٠٠٥ تقريبا إذ كان أول لقاء بيننا في مجلس الوالد أحمد بن راشد الكواري رحمه الله حيث دعوا فضيلة شيخ الخور وعالمها الكبير الشيخ د محمد بن حسن المريخي لإلقاء محاضرة في جامعهم "بإزغوى" ، وحضر مع الشيخ عدد من أهل الفضل كان من بينهم علي بن راشد والذي كان حينها ـ و الله أعلم ـ رئيس قسم الموظفين بوزارة الأوقاف.بعدها توطدت العلاقة الطيبة حيث كنت أزور "الخور" لإلقاء محاضرة في جامعها الكبير و بعدها يدعوني آل محري لمجلسهم العامر للعشاء عندهم، و تعرفت على عدد من أهل الفضل في "خور" من "المهاندة" كآل مسند وآل إبراهيم ، ومن "المريخات" و آل بن علي و آل بن شقر و غيرهم.ولا أنسى أن علي بن راشد عندما أصبح بعد ذلك مديرا لإدارة الشؤون الإسلامية ـ و كان من كرام من تولى هذه الإدارة ـ أنه كانت إصدارات الوزارة تصلني بالبيت عن طريق مندوب الإدارة.وقد تم تعيينه بعدها مديرا لإدارة الدعوة التي أصبحت تحسبها وزارة لوحدها من كثرة الإنجازات والنشاطات التي يعود نفعها على العباد و البلاد بالنفع العام.و بعدها أصبح مديرا لإدارة المساجد بالوزارة ولم يدخر جهدا في إكرام الأئمة و العمل على استقطاب الأئمة و الخطباء القطريين، وهو الآن له نشاط حاضر في محافل العمل الخيري بعد أن انتقل إلى جمعية قطر الخيرية.وأرجو المعذرة فقد جال بي القلم في سيرة أخي الفاضل بوراشد الذي ـ كما تقدم ـ كنت قد ذهبت لزيارته في نزله بفندق دار الإيمان بالمدينة المنورة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وكان هدف الزيارة هو السلام ودعوته والوفد معه كعلي بن محمد الصعاق رئيس المعهد العلمي و علي بن جابر المري للغداء عندنا في البيت من أجل إكرامهم والاحتفاء بهم، إلا أنه بعد سلامه علي بحرارة أبدى تأسفه بسبب ضيق الوقت، وطلب مرافقتنا إلى الأخ أنس عبدالستار الرشيد وكان من أنشط الطلبة ومنزله بالحرة الشرقية بإحدى العمارات التي غالب ساكنيها أهل القصيم، وقد كان لقاءً مثمرا طيبا استمر تواصلنا بعده إثر عودتهم للدوحة في اليوم التالي ولله الحمد والمنة.
796
| 01 يوليو 2015
كنت أسمع منذ صغري عن الشيخ المبارك شيخنا أبوبكر جابر الجزائري ، فكثيرا ما سمعت جدي يقول : كنا إذا ذهبنا للحرم حضرنا درس الشيخ أبوبكر، فتاقت نفسي لحضور درسه الذي يعتبر من أقدم دروس الحرم النبوي الشريف.فعندما دخلنا الحرم كان قد حان وقت أذان المغرب فصلينا المغرب بالقرب من كرسي درس الشيخ الذي تم تحويله إلى مكانه بعد أذكار الصلاة الراتبة وبدأ الناس يتحلقون حوله في انتظار قدوم الشيخ الذي كنت أنظر إليه يذكر الله ثم صلى ركعتين على كرسيه المتحرك بسب كبر سنه وتقدمه في العمر، ولما وصل الشيخ حملوه إلى كرسي الدرس، وجلس بهيبته ووقاره ،وبهيئة ملابسه البيضاء ، وهي عادته في لبوسه في ثوبه وغترته ومشلحه وحتى نعله.بدأ الشيخ درسه بالسلام على الحضور ، ثم حمد الله وصلى على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصوت مترنم جميل يأخذ القلوب إلى علام الغيوب، ثم شرع أحد طلبته في قراءة من كتاب الشيخ "هذا الحبيب يا محب" ، ثم قرأ بعدها من كتاب "المسجد" وهو من تأليف الشيخ أيضا وكان الشيخ يعلق و أحيانا يأمر القارئ بالإعادة حتى يتأكد الكلام في نفوس الحاضرين و بعدها يأمر الناس بالتوجه إلى القبلة و يدعو بدعاء رائع جميل مؤثر و ينصرف الشيخ بعده إلى الصف الأول وله مكان معهود معروف ينتظر أذان العشاء والصلاة فيه، وقد كنا نحرص على حضور دروسه في التفسير و الحديث و الوعظ و كان فيها خير و بركة.و ممن درسنا عليه في الحرم النبوي الشريف شيخنا الفقيه الذي لا يخشى في الله لومة لائم ، عميد كلية الشريعة الأسبق الشيخ محمد الناصر السحيباني حفظه الله و نفعنا بعلمه وقد تعرفنا عليه كذلك عن طريق الشيخ الطويان ـ جزاه الله عنا خيرا ـ وذلك أنه شفع لنا عند الشيخ للقراءة عليه فقبل الشيخ شفاعته ، و قال ماذا تريدون من الكتب فقلنا "دليل الطالب" للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي فأجابنا إلى ذلك، و قال أحضروا الكتاب إلى الحرم و قال أحدكم يكون قارئ الحلقة في الحرم فقلت للشيخ عبدالعزيز أقرأ أنت، فقال لا يقرأ غيرك.فكنت اقرأ في البيت مقطع الدرس و أردده قبل أن نذهب إلى الحرم للقراءة على الشيخ بعد صلاة المغرب بين الحصوتين في الكرسي الأول الذي يتناوب عليه كبار العلماء كالشيخ حسين آل الشيخ و الشيخ علي الحذيفي و غيرهما كالشيخ السحيباني، و ممن درس فيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله و الشيخ السديس رئيس الحرمين. و كانت عادتي في القراءة على المشايخ التلحين و خاصة الشيخ حسين و الذي يدرس في نفس الكرسي ليسهل الحفظ و التركيز لدى الطلبة و الحضور ِإلا أني تركت ذلك لنصيحة الشيخ السحيباني بعدم التلحين حتى لا نتوافق مع الروافض في موالاتهم فعملت بكلام الشيخ .و كان درس الشيخ مركزا ومؤصلا ، يقوم بعده بالفتوى، و تمتاز فتاوى الشيخ بالقوة و الجرأة في الطرح ؛ جزاه الله عنا خيرا .و ممن كان يحضر معنا الزميل الإماراتي الذي نجتمع معه في الدرس و الكلية وإن كان يسبقنا بسنة و الله أعلم وهو فضيلة الشيخ سالم العامري أمين محكمة الشارقة الشرعية حاليا و ما زالت العلاقة به وطيدة وقوية و الحمد لله.
384
| 30 يونيو 2015
كنا قد بدأنا الحديث في الحلقتين السابقتين من سلسلة "خمس سنين في مدينة النبي الأمين" عليه أكمل الصلاة والتسليم عن شيوخنا، وفي هذه الحلقة أتحدث عن شيخي الثالث والذي تعرفت عليه في مزرعة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ في "المندسة" ، فأثناء زيارتنا المعتادة للشيخ في مزرعته وجدناه قد دعا أحد الضيوف من المشايخ وعندما دخلنا سلمنا على الشيخ حسين وبعدها سلمنا على ضيفه الذي سلم علينا بحرارة وابتسامة ظلت لا تفارق محياه طوال الجلسة مع ما يظهر على هيئته من سمت العلماء وتنسك أهل الزهد. إنه الشيخ العالم العامل المربي الفرضي الشيخ عبدالرحمن بن سليمان الشمسان من علماء منطقة القصيم بالسعودية.كان حديث مجلسه غالبه نقاش ومذاكرة في مسائل العلم مع الشيخ حسين والشيخ الطويان لا يقطع ذلك إلا بعض الحديث عن الذكريات حتى جاء وقت العشاء فأقيمت الصلاة وصلى الشيخ حسين بنا في ساحة الاستراحة وبعد الصلاة رفع الشيخ الشمسان صوته بالذكر ولم يرفع الشيخ حسين فبعد انتهاء الشيخين من الأوراد بادر الشيخ حسين الشيخ ابن شمسان بالسؤال عن دليل رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة غير حديث ابن عباس فقال الشيخ ابن شمسان وهل حديث ابن عباس لا يكفي فحصلت مناقشة لطيفة تعرفك فيها علم الشيخين.تاقت نفسي للأخذ عن الشيخ عبدالرحمن بن شمسان فسألته عن دروسه فأخبرني أنه قدم للمدينة لكي يدرس في دورة علم الفرائض في جامع البلوي بالفيصلية والتي تعقد بعد صلاة الفجر إلى الشروق فحضرت في اليوم الأول ولكني لم أستطع الحضور في الأيام التي تلتها لأنني أقرأ على الشيخ حسين في المزرعة بعد العشاء ولا نرجع إلى البيت إلا منتصف الليل فطلبت من الشيخ عبدالرحمن أن يعطينا وقتا آخر للقراءة عليه فوافق جزاه الله خيرا وحدد لنا موعدا بعد العصر في الحرم النبوي عند كرسي الشيخ أبوبكر جابر الجزائري.ونظرا لما فتح الله على الشيخ في كتب العقيدة فقد طلبت منه القراءة عليه في متن من مختصرات العقيدة فقال لا نبدأ إلا بالأصول الثلاثة للإمام محمد بن عبدالوهاب وكان الدرس خاصا لي وللشيخ عبدالعزيز فلما جاء وقت الدرس ذهبت لوحدي في اليوم الأول نظرا لوعكة صحية ألمت بالشيخ عبدالعزيز جعلته لا يقوى على الخروج معها، فلما جاء الشيخ سألني وقال أين عبدالعزيز فقلت مرض ولم يستطع على القيام فتأثر الشيخ وجلس يدعو له بالشفاء وقال سم فاستفتحت وصليت على النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ودعوت للشيخ وقرأت قطعة من أول الكتاب وبعدها شرع الشيخ في الشرح، وفي اليوم الثاني جاء عبدالعزيز فلخص الشيخ درس البارحة قبل الشروع في الدرس الثاني.كان درس الشيخ من أفضل الشروح وأكثرها بركة وفائدة لأنه يجمع بين العلم والتربية إلا أنه لم يتيسر لنا إتمام المتن عليه في المدينة فرحلنا إلى الشيخ في القصيم بعدها وقرأنا عليه "الأصول الثلاثة" و"القواعد الأربع" وأردنا قراءة "نواقض الإسلام" كما هي عادة النجدين في التحصيل فكان رأي الشيخ أن النواقض تقرأ بعد "كتاب التوحيد" فقرأنا عليه في كتاب التوحيد وكذلك الطحاوية كاملة ولله الحمد وكنا نزور الشيخ كل فصل دراسي مدة أسبوع للقراءة عليه.ونصحنا الشيخ على القراءة على العالم الزاهد العابد الشيخ محمد السليمان العليط ويقول اقرأوا عليه في الزهد، وقد عملنا بوصيته فقرأنا على الشيخ محمد السليمان في الزهد لوكيع. والشيخ محمد السليمان رجل بكاء من خشية الله لا نكاد نستفتح القراءة بذكر الباب عن ما جاء في البكاء مثلا إلا يسمع بكاءه، وسأفصل الكلام عن الشيخ في مقال لاحق بإذن الله. ويعرف الشيخ ابن شمسان بالكرم الحاتمي فما نزور الشيخ إلا ويدعونا للغداء والفطور والعشاء وقهوة بعد العصر. كما أن الشيخ كان ممن له الفضل بعد الله في حثنا على تدريس ما درسته، ويقول: درس الأصول الثلاثة وبعدها التوحيد وبعدها الواسطية ويقول هكذا يثبت العلم وينتشر ويحث على الصبر على تعليم الناس والجلوس لطلبة العلم ولو كان الحضور واحدا، وكان يضرب المثل بالشيخ ابن عثيمين رحمه الله ـ ويقول جلس قرابة الخمسين عاما ليس عنده سوى طالب واحد حتى فتح الله عليه.ولما سألت الشيخ عبدالرحمن عن حلمه ورحابة صدره؟ قال: استفدت ذلك من شيخي صالح بن بليهي فقد كان يرحب بطلبة العلم، وإذا انقطع بعض الطلبة عن الدروس ثم رجع لم يعنفه الشيخ ولم يغضب منه. وكذلك أقول عن شيخي الشيخ عبدالرحمن بن شمسان فلقد جمع بين العلم والتربية والتزكية أحسبه كذلك، ولا أزكي على الله أحدا.
5301
| 29 يونيو 2015
كنا قد بدأنا في المقال السابق الحديث عن شيوخي الذين أخذت عنهم وتتلمذت عليهم، وهو ما سأستكمله معكم في هذا المقال بالحديث عن شيخي الثاني الذي تتلمذت عليه في فنون عديدة وعلوم مختلفة من عقيدة وتاريخ وأنساب وفلك وهو العالم الموسوعي الشيخ عبدالعزيز بن صالح بن إبراهيم الطويان من العقيلات من فخذ الجبور من قبيلة بني خالد العربية.ولد شيخنا في مدينة بريدة بالقصيم بالمملكة العربية السعودية عام ١٣٨٠وتتلمذ على كبار علماء القصيم كالعلامة الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي وغيرهم.وفي التعليم الأكاديمي تخرج من كلية الشريعة بالقصيم وعين معيدا في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية التي حصل منها على إجازتي الماجستير والدكتوراه و ترقى في السلم الأكاديمي حتى وصل إلى درجة أستاذ مشارك وعين عميدا للمكتبات وبعدها عميدا لأصول الدين.وقد قرأنا عليه في بيته بالفيصلية وبمزرعته على حدود الحرم في طريق القصيم الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب وكتاب الإيمان والرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.كما أخذنا عنه بعض علوم الفلك والتاريخ فكان إذا جن الليل و نحن في "البر" يحدثنا عن النجوم والكواكب بمعلومات وفوائد تظن أن الشيخ لا يحسن سواها فإذا وضع العشاء وبدأ الشيخ يتحدث في التاريخ أبهرك من كثرة محفوظاته وسعة اطلاعه وقد أخذ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني عنه علم الفلك وأخذت أنا عنه علم التاريخ.وجمعنا مع الشيخ عدة رحلات كانت أولاها إلى بريدة كنت قد دونت هذه الرحلة ونشرتها ضمن سلسلة مقالاتي السابقة منذ سنوات في نفس الجريدة بعنوان أيام في بريدة .وقد حظينا بالسفر مع فضيلته أيضا إلى العمرة وكان في الطريق يقف بنا عند معالم الهجرة والسيرة النبوية وكذلك ذهبنا معه إلى الربذة صحبة الدكتور أبودجانة وهي رحلات مليئة بالفوائد لعل الله ييسر تدوينها في المقالات اللاحقة.وكما أن الشيخ لا يمل حديث مجلسه فكذلك لا يمل هو إكرام زائره ، فقد كنا نزوره في بيته وأحيانا نطيل الجلوس عنده من العصر إلى ما بعد العشاء بسبب ما نجده من الفوائد العلمية ولا نشعر بالملل والتعب لأن الشيخ بين الحينة الأخرى إما يحضر القهوة مع التمر السكري الذي يشتهر عند أهل القصيم أو الشاي الأخضر وبعده يأتي بمنتوجات مزرعته كما يتحدث عن بعض ما يطرأ في الساحة كنوع من التنشيط والترويح عن الذهن.وكان كثيرا ما يشجعني على تأليف كتاب عن تراجم علماء قطر ويسألني عن مقابلاتي مع الناس وجمعي للموضوع وقد جمعت بفضل الله مادة علمية تصلح للنشر وإن كانت لاتزال في مرحلة التحقيق والتدقيق ـ نسأل الله التوفيق والإعانة حتى يخرج هذا الكتاب للنور قريباـ.وللشيخ شرح على الرسالة التدمرية يمتاز بسلاسة وسهولة عباراته، شرح فيه عبارات الشيخ بطريقة قل أن تجدها عند غيره، وقد نفعنا هذا الشرح أثناء دراستنا لمرحلة الماجستير عند القرويين حيث إن مقررات العقيدة عندهم هي العقيدة الأشعرية فكنت أستحضر أجوبة شيخنا في كتابه وأدعو الله سبحانه له حيث لولا ما قرأنا من تفنيد شبيهاتهم عليه لضعنا ولزللنا كما زل غيرنا ـ نسأل الله الثبات حتى الممات ـ وعندما زارتنا والدتي في المدينة مع جدتي أخذتهم لزيارة زوجة الشيخ الوالدة أم إبراهيم فنشأت بذلك علاقة طيبة زارتنا أم إبراهيم بعدها مع ابنها إبراهيم ابن الشيخ الطويان في بيتنا بمنطقة إزغوى في قطر كما زارنا الشيخ في بيتنا بتطوان بالمغرب منذ أشهر.وعندي من الشيخ إجازة كتبها قبل مغادرتنا المدينة فرضي الله عنه وجزاه خيرا.
420
| 28 يونيو 2015
إن ما أسطره في هذا المقال ليس مجرد سرد ذكريات عبر زمنها وطويت صحيفتها بل هو حديث عن شخصيات ستظل ماثلة في كياني ما حييت فقد كانت المنبع الصافي الذي نهلت منه العلم والمعين الزلال الذي استقيت منه الأدب والأخلاق. وقد ذكرت في ثنايا المقالات السابقة بداية تتلمذي على شيخي الأول الذي لازمته خلال مقامنا بالمدينة المنورة خمس سنين وتتلمذت عليه وأخذت عنه وهو الفقيه الأصولي المفسر إمام حرم رسول الله و قاضي مدينته الشيخ حسين بن عبدالعزيز بن حسن آل الشيخ المولود عام ١٣٨٤في الحريق.وقد تتلمذ شيخنا في الرياض على عدد من كبار أهل العلم كالشيخ ابن جبرين والشيخ عبدالعزيز بن داود والشيخ ابن غديان وغيرهم.وبعد تخرجه من كلية الشريعة نال درجتي الماجستير والدكتوراه من المعهد العالي للقضاء. وتدرج في السلك القضائي حتى وصل قاضيا بمحكمة الاستئناف الشرعية بالمدينة المنورة، والشيخ مع عمله بالقضاء يتولى إمامة الحرم النبوي الشريف إضافة إلى التدريس فيه.كما درس الشيخ في الجامعة الإسلامية بكلية أصول الدين بمرحلة الدكتوراه مدة سنتين ناقش خلالها عدة رسائل علمية.وقد لازمت الشيخ وقرأت عليه صحبة أخي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن حمد آل ثاني عددا من المتون في مختلف الفنون وذلك أننا انضممنا لحلقة درسه بالحرم في بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، كما كنا نقرأ عليه في مزرعته وبيته وغرفة الأئمة أمام الحجرة النبوية والحجرة الأخرى أمام باب الجنائز من كتاب منهج السالكين لابن سعدي في الفقه إضافة إلى زاد المستقنع، وفي العقيدة اللامية المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية وحائية ابن أبي داود، و في الحديث الأربعين وشرحه للحافظ ابن رجب وبعده البلوغ ورياض الصالحين مع شرح الشيخ ابن عثيمين وغيرها من الكتب.وقد كنا حريصين على ملازمة الشيخ فكنا نخرج معه للبر وربما طلب مني قراءة خطبه لمراجعتها، وأحيانا يتصل بي في البيت ويقول افتح الروض المربع واقرأ علي من كذا إلى كذا.وأحسب شيخنا صاحب عبادة فكان يصلي بنا في مزرعته في صلاة العشاء بخمسة أجزاء أحيانا.ولا أنسى أننا حينما جئنا للمدينة وكنا نبحث عن سكن فاتصل بي الشيخ وعرض علينا السكنى في بيته وقال عندي غرفة لكم وتتغدون معي وتتذاكرون مع عبدالمحسن ابنه الكبير، فمازلت أتذكر هذا المعروف ولا أنساه للشيخ ، فجزاه الله عنا خير جزائه.وقد دعونا الشيخ إلى زيارة قطر فلبى وزارنا أكثر من مرة، قابل فيها سمو الأمير، وكان حينها وليا للعهد، وأكرمه كما هي عادته مع أهل العلم، كما خطب شيخنا في زيارته الثانية بجامع جده الإمام محمد بن عبدالوهاب .وأخيرا فقد أكرمنا الشيخ بكتب إجازة لنا قبل مغادرتنا المدينة فأحسن الله إليه في الدنيا والآخرة.
384
| 27 يونيو 2015
في يومنا الثاني بالجامعة كان الجدول الدراسي يتضح بشكل أكبر فقد كان المقرر في مادة الفقه كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد كما قدمنا سابقا وهو كتاب يتناول الخلاف العالي مع استقراء أسبابه وعلله عند المذاهب الفقهية، والحمد لله الذي يسر الله لنا قبل الالتحاق بالجامعة دراسة متن الدليل بشرحه الموسوم منار السبيل للشيخ ابن ضويان على مذهب الإمام أحمد ، إضافة إلى كتاب أخصر المختصرات قبله وهو ما يعتبر خطوة أساسية في دراسة فقه الخلاف العالي.أما في الأصول فكان مقرره كتاب روضة المَناظر وجنة المُناظر للإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ وكنا نستعين على فهم شرحه بقراءة مذكرة الشيخ الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ.وقد درسنا المقررين خلال سنوات الجامعة الأربع كاملة خلافا لبعض المواد والتي كانت تقرر في أربعة مستويات كالعقيدة والنحو والتفسير والفرائض وبعضها في مستوى واحد كالصرف والسيرة ، وذلك لأن كلية الشريعة تركيزها على الفقه وأصوله، وبشكل عام فإن طالب العلم ينبغي عليه ألا يكتفي بالدراسة النظامية بل يضرب بسهمه في كل موطن للعلم فيه رحم، في المساجد ومجالس وحلقات أهل العلم كما كان رعيل الأمة وسلفها الأول.وكان مقررنا في العقيدة في المستوى الأول والثاني كتاب التوحيد للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعليه شرح الشيخ سليمان بن عبدالله تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد، أما المستويان الثالث والرابع فكان مقررنا مباحث من العقيدة الواسطية والتدمرية حيث كان شيخنا الشيخ عبد الله بن عبدالرحمن الجربوع يأمرنا بإحضار شرح الشيخ عبد العزيز بن رشيد على الواسطية.وفي مادة النحو ألفية ابن مالك وشرح بن عقيل، وفي التفسير تفسير الأمام ابن كثير رحمة الله على الجميع.وفي مادة المصطلح مذكرة لشيخنا زين العابدين الغامدي وفي الحديث كان مقررا علينا الكتب الستة حسب الفصول: في الفصل الثاني صحيح البخاري، والفصل الثالث صحيح مسلم ... وكنا ندرس أبوابا منها كان آخرها سنن ابن ماجه حيث درسناها على علَّامة المدينة ومحدثها الكبير الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر.
542
| 25 يونيو 2015
كان توقفنا في المقال السابق عند وصولنا لمزرعة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ صحبة الشيخ بن طويان الدكتور عبد العزيز الصالح والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل ثاني ، وقد أخذ الشيخ بن طويان يذكر أنواع النخيل المغروسة في المزرعة والتي أجودها عند الناس تمر العجوة الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمر الرونانة وغيرهما.وبعد أن أخذنا الشيخ في جولة في المزرعة أدخلنا المجلس لشرب القهوة بعد أن قدم لنا التمر مع الطحينة كما هي عادة الشيخ في ضيافته، ثم شرع الشيخ في شرح أول درس من كتاب الزاد وهو باب المياه من كتاب الطهارة حيث تناول أنواع المياه وتعريفها وحكم كل نوع، وبعد أن تناولنا العشاء مع الشيخ نصحنا الشيخ الطويان بشراء شروح الزاد كالروض المربع والشرح الممتع وذلك للتحضير قبل حضور الدرس، وقد وجدنا لنصيحته فائدة كبيرة حيث لمسنا الفرق الكبير والفائدة الجمة للقراءة والتحضير قبل الدرس.وكان مما قدم لنا بعد العشاء لبن الإبل في أوانٍ ـ طاسات ـ قدم لكل منا واحدة ، وبعدها تهيأنا للعودة للمدينة حيث قمنا بإيصال الشيخين لمنزليهما المتجاورين بحي الفيصلية عند مسجد البلوي ، ومن ثم عدنا للبيت للنوم والراحة لنبدأ يوما جديدا بمدينة الحبيب عليه أكمل الصلاة والسلام.في اليوم التالي بعد أن أن استقيظنا على أذان الفجر وتوضأنا انطلقنا للحرم وصلينا صلاة الصبح وعدنا بعد الصلاة للبيت لتناول الفطور والاستعداد قبل الذهاب للجامعة والتي تقع بوادي العقيق، وعند وصولنا للجامعة كان هناك عدد كبير من السيارات عند بوابة الجامعة الكبيرة إلا أننا ـ ولله الحمد ـ وجدنا موقفا مناسبا لسيارتنا أمام كلية الشريعة ـ والتي كانت ولا تزال أم الكليات ـ ، وبعد دخولنا للكلية توجهنا إلى قاعة المحاضرات التي كان بحوزتنا رقمها حيث سيقام الدرس والذي لا زلت أتذكر ملامح الشيخ بوقاره وهيبته وهندامه الحسن وقد بدأ يتحدث عن مقرره وهو كتاب الطهارة من بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد، وقد قام بتوزيع نسخ من المقرر قام بتصويرها على حسابه الخاص، وبعد أن بدأ الدكتور بالتعرف على الطلاب أدهشني ذلك لأن طلاب الجامعة الاسلامية من جميع أصقاع الأرض بأبيضهم وأسودهم وأحمرهم لا يجمعهم إلا العلم والدين. وكان الدكتور يسأل عن مذهب كل بلد وعندما جاء دوري وبينت أن أهل قطر حنابلة المذهب تعجب الدكتور وقال ظننتكم مالكية كما هو في الدول المجاورة لكم!!والحقيقة أن أهل قطر كانوا في الغالب مالكية المذهب وقليل من الشافعية والحنابلة حتى جاء الشيخ قاسم ونشر المذهب الحنبلي والذي توسع انتشاره بعد مجئ الشيخ ابن مانع إلى قطر حيث تحول أغلب الناس إلى المذهب الحنبلي نتيجة لتأثير المدرسة الأثرية والتي أسسها ابن مانع في الدوحة.وبعد انتهاء المحاضرة وخروج الشيخ وبعد أن كنت أفكر في اسمه عرفت أنه الشيخ عبد الرحمن ، ابن كبير علماء المدينة الشيخ عبد العزيز بن صالح ـ رحمه الله ـوفي المحاضرة التي تلتها دخل القاعة أستاذ تاريخ التشريع وكان شابا متضلعا من العلم وهو الشيخ عبد العزيز الزهراني ابن الشيخ العبادة مدير الجامعة الأسبق ، وكان مقرره غزير الفائدة يمليه من حفظه يستحضر المسائل بفروعها وأقوال العلماء فيها وهو ما أدهش جميع الطلاب.
602
| 24 يونيو 2015
رجعنا من المكتبة إلى البيت للغداء ومنه إلى المسجد النبوي لحضوردرس شيخنا المبارك إمام حرم رسول الله وقاضي مدينته الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ حيث كنا قد انضممنا إلى حلقة درسه المباركة وأكرمنا الشيخ بأن قدمنا لقراءة الدرس إذ جرت عادة الدروس عند أهل العلم بأرض الحرمين ونجد وغيرهما بأن تستفتح حلقة العلم بقراءة نص الدرس من الكتاب ـ المتن ـ بتلحين جميل يقوم بعده الشيخ بشرح النص وما استعجم من ألفاظه ومسائله ، وبعد ذلك يجيب الشيخ على أسئلة طلبة العلم والحضور من العامة والزوار وقد يكون من بين الحضور بعض أهل العلم.و من عادة الشيخ حسين أن يختبر طلبته بين الفينة والأخرى لشحن الهمم وتنشيط الأذهان ولمعرفة مستوى تحصيلهم العلمي ونقاط النقص ليكملها لهم.ومن باب زيادة إكرام الشيخ لنا سألنا الشيخ بعد الدرس عن المكان الذي أوقفنا فيه سيارتنا ولما أخبرناه بأنها في المواقف طلب إحضارها إلى مواقف أئمة الحرم وقال أوقفوا سيارتكم هنا دائما.وأثناء مرافقتنا الشيخ بعد الدرس في السيارة طلبت منه أن نقرأ عليه متنا من مختصرات الفقه فوافق ـ حفظه الله ـ وأثنى على الزاد للحجاوي وعندها سألته عن الفرق بين الزاد والدليل حيث إننا في قطر نعتمد على دليل الطالب للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي بينما أهل ـ العارض ـ عمدتهم كتاب زاد المستقنع ، وأجاب الشيخ بأن الزاد أمتن ومسائله أكثر ، واتفقنا على أن يكون الدرس يوميا بعد صلاة العشاء ببيت الشيخ بالفيصلية أو في مزرعته بالمندسة.وكان لدرس الشيخ عظيم الفائدة خاصة وأننا كنا في الدرس ثلاثة مع الشيخ ورابعنا الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان عميد أصول الدين بالجامعة والذي تربطه بالشيخ علاقة وطيدة وصداقة متينة.وللشيخ حسين سمت وأدب العلماء فقد كان قليل الكلام منشغلا بالذكر وقراءة ورده من القرآن وهي عادته ونحن في طريقنا معه إلى مزرعته التي تبعد نصف الساعة من الحرم الشريف ، أما الشيخ ابن طويان فعادته سرد الفوائد الشرعية والتاريخية وعلم الفلك خلال الطريق، وما أن تقترب من منطقة المندسة حتى تلوح للزائر رؤوس النخيل الكثيرة والتي تقدر بالمئات .... وسأتناول الحديث عنها في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله.
376
| 23 يونيو 2015
كما كان توقفنا في المقال السابق بعودتنا إلى البيت لنيل قسط من الراحة إلا أنه كان شغلنا في تلك اللحظات هو التخطيط لاستئجار مسكن كما أشار بذلك علينا شيخنا الشيخ عبد العزيز الشبل بقوله : إن البيت "الفيلا" أفضل لنا من الشقة في المدينة .ولم يكن من السهل الحصول على البيت المناسب فقد بحثنا من حي إلى آخر دون جدوى ، ولكن كما قيل ـ استعينوا على كل قرية بأهلها ـ فقد اقترح علينا رشيد بن سلطان بيتا عند أحد الأطباء من أهل المدينة هو الدكتور نصر بن عصفور الذي تعرفنا عليه أول مرة وأرانا المسكن واتفقنا معه على إيجار شهري. كان الدكتور نصر - الذي توثقت صلتنا به بعد استقرارنا في السكن - رجلا ذا مودة وجيرة فقد كان يتعهدنا بزيارته وإكرامه خاصة وأنا لمسنا منه أنه من أهل الصلاح والهمة العالية فقد كان يحمل شهادتين في الطب والشريعة ، وكثيرا ما كان يقول بأنه لمس من خلال دراسته بأن دراسة علم الشريعة أصعب من الطب ـ بعكس ما هو شائع لدى الناس ـ فهو يرى بأن صعوبة الشريعة تكمن في رحابتها وتعدد مدارسها بينما مدارس الطب محددة ومعروفة. وأثناء فترة مقامنا كان الدكتور نصر يرسل لنا الغداء بين الحين والآخر ، وإذا حل الشتاء يرسل لنا حليب الزنجبيل ، وإن أصابتنا وعكة كان يأتينا حاملا سماعة الطبيب فيصف الداء ويكتب الدواء الذي كثيرا ما كان يصرفه من عنده حيث غالبا ما كان يحتفظ بالأدوية عنده.وقد وهبه الله إضافة إلى ذلك تعبير الرؤى فكان تعبيره يصدق كفلق الصبح ، فمن الرؤى التي عبرها لي أني سأدرس على كبار المشايخ في المدينة المنورة وقد حصل ذلك بفضل الله .وكان من أول ما شرعنا فيه من يومنا الأول هو تكوين مكتبة للاطلاع والمراجعة تضم كتب المراجع والمطالعة في السكن وكانت أول مكتبة زرناها هي مكتبة المغامسي في آخر طريق سلطانة من جهة الجامعة حيث اشترينا عدة كتب كان منها كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد بتحقيق الحموي، وقد سرني أن الجامعة قامت بتوزيع الكتاب على طلبة الدكتوراه كمشروع لإخراجه في حلة علمية، كما أخذنا كتاب روضة المناظر وجنة المناظر في الأصول للشيخ ابن قدامة بتحقيق الشيخ عبد الكريم النملة -رحمة الله على الجميع ـ وقد كان من عادتنا أن نزور المكتبات كل أسبوع ونشتري كتبا حتى تكونت لنا مكتبة كبيرة بفضل الله ضمت أكثر من ثلاثة آلاف كتاب تنوعت مصادرها من مكتبات المدينة ومكة والقصيم والرياض، وكنا حريصين على اقتناء الكتب وذلك لنصيحة شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن شمسان الذي كان يحثنا على شرائها ويقول: ربما يأتي وقت لا يعاد طباعة الكتب ويصبح الكتاب نادرا ، ويذكر قصة حصلت له بأنه رآى كتابا في معرض ولم يشتره ثم إني حتجت له لاحقا فبحثت عنه في المكتبات ولكن لم أجده لأنه نفد من السوق ولم تعد طباعته
569
| 22 يونيو 2015
مساحة إعلانية
 
        نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6621
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6489
| 24 أكتوبر 2025
 
        المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2670
| 28 أكتوبر 2025
 
        كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
1941
| 30 أكتوبر 2025
 
        جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1698
| 26 أكتوبر 2025
 
        على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1506
| 27 أكتوبر 2025
 
        النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1062
| 24 أكتوبر 2025
 
        لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1014
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1011
| 24 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1005
| 29 أكتوبر 2025
 
        “أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
936
| 27 أكتوبر 2025
 
        عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
849
| 26 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
