رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من فظائع الكلمة القبيحة أن خطرها يتعدى الدنيا فيكن في الآخرة وتفاجئ قائلها معترضة له ومفسدة عليه أعماله . بهذا أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِوقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي النَّارِ. وقيل له : فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ . رواه أحمد والحاكموأقبح التطاول ما كان على الله ورسوله وعلى الوالدين والأرحام والعلماء وولاة الأمر وكبار السن ومن رفع الله قدره . ودوافع سلاطة اللسان والقبحأمور كثيرة .أولها: العادة فقد تعوَّدَ البعض على التعليق على كل كبيرة وصغيرة ليضحك الناس أو ليُظهر نفسه ،أو لنقص عنده يريد أن يسدَّه بالثرثرة ،فلا يدع شاردة ولا واردة إلا تلقفها ، ومدَّ لسانه لها . فهو متعوِّدٌ على الكلام لوجود داعٍ أو لغير داعٍ .وثانيها: قلة الأدب فإنه لم يجد الأدبَ الذي يؤدبه ويهذبه ،ولم يجد من يُعَلِمُه ويوجهه ويرشده ،ويدله الوجهة المستقيمة ،لم يجد من يقول له :هذا عيب ،وهذا لا يتكلم به الرجل المستقيم ،وذاك يترفع عنه أولوا الهمم وأهل المروءات والشيم ،لم يجد هذا كله ،بل وجد عكس هذا الخير ،فشرَّقَ وغرَّبَ ،يضرب ذات اليمين وذات الشمال ،لا يردُّه دين ولا خلق . فهو بذيءٌ فاحش سليط .وهناك دافع ثالث :قد يكون دافعه الحقد والحسد والضغينة ،وإصابة القلب في مقتل بهذه الأمراض الخبيثة . فيدفعه حقده على سلاطة القلب لما يجد في قلبه من حرقة على المحسود . والبعض يطالع نعم الله على عبيده ويتابع تنزل الأرزاق عليهم ولا يرى شيئاً بين يديه ،فتقوده نفسه إلى الخوض في أعراض أهل المشرق وأهل المغرب ويبدأ بالعمل بما تمليه عليه نفسه الحاقدة .
1257
| 05 يوليو 2016
من قلة التوفيق والتسديد أن يكون المرء سيئاً قبيحَ الكلام سليط اللسان فحشاً بذيئاً لا يوقر كبيرا ولا يرحم صغيراً، متتبعا للعورات كاشفاً للسوءات فضولياً شريراً. يقول رسول الله : إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ) . وقال إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ . فالكلام القبيح وسلاطة اللسان من أبلى البلاء الذين يبتلي به البعض من الناس ،وقد يكون من متعلم ومن واقف على قول الله ورسوله ،فإن البعض تعلم لكنه لم يؤدبه علمُه ولم يهذبه إيمانه ،فتجده يتلفظ بالفاظ ويتجرأ على القول ،فيشرِّق ويغرِّب في السخرية .يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :كثير من الناس عندهم صلاح في أنفسهم عندهم صلاة واستقامة وصدقة لكنهم في الأخلاق متأخرون .والكلام القبيح هو الذي يستقبحه السامع ولا يحبه لأنه يحرجه ويُحزنه ويؤثر فيه سلباً . بعض الناس قبيح في منطوقه يطعن ويلمز ويغمز . هو الجارح المستهزئ الساخر المفتخر المغرور الذي لا يرى أحدا يساويه .والكلام القبيح : هو طول اللسان في الباطل والوقوع في الغيبة والنميمة والذم للناس والتقعر في القول والتعالم والتطاول على الناس بالكلام المحزن المكدر .حذر الله تعالى من سلاطة اللسان فقال الله تعالى : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ . وقال :" وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ . "وأخبر سبحانه أن الألسن ستشهد على أصحابها بما تلفظت به من السوء والشر . فقال : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وقال : "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ". وشبه الله الكلمةَ الخبيثةَ بالشجرة الخبيثة التي تُؤذي ولا تنفع فيجب اجتثاثها من فوق الأرض لضررها البالغ على الأرض ومن يمشي عليها . فقال :" وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ" . وحذر رسول الله الأمة من هذا الخبث بأساليب متنوعة لخطورة الأمر ولكثرة الواقعين فيه . فقال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده . ومرة ببيان سبيل النجاة والسلامة .وقد سأله عقبة بن عامر عن النجاة ؟ فقال : أمسك عليك لسانك .وقال : من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة . وقال : وإنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم . رواه البخاري
67297
| 04 يوليو 2016
خص الله الذين أنعم عليهم فذكر منهم أهل الصدق .فقال الله تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. فانظر درجتهم بعد النبيين مباشرة وقبل الشهداء والصالحين ، إذ أنَّ ترتيب الآيات والكلمات في الآيات ليس عبثاً أو ارتجالا إنما لحكمةٍ بالغة وفائدةٍ جليلة ،وهؤلاء هم الرفيق الأعلى وحسن أولئك رفيقاً . وذكر الله تعالى أهل البر وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم . من الإيمان والإسلام والصدقة والصبر بأنهم الصادقون . لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ .والصدق خير كثير للصادقين في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى : فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ . وإذا أردت معرفة الصدق وحقيقته كخلق كريم وهدي مستقيم ومِنَّةَ الله على عباده به ، أذا أردت الوقوف على هذا فطالع الخلق الذي يصده ويواجهه وهو الكذب الذي هو الإخبار على خلاف الواقع . وهو من كبائر الذنوب وأفحش ما جرى على اللسان والجوارح .وأعظمُ الكذبِ الكذبُ على الله ورسوله ، يقول الله تعالى : وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ .ويكون باختراع قصة لا أصل لها أو زيادة في القصة أو نقصان يغيران المعنى أو تحريفاً أو إخباراً عما لا وجود له في الواقع .
2588
| 03 يوليو 2016
مما يتشرف به المرء المسلم أن يجعله الله تعالى ذَا لسان ذاكر وكلام طيب حسن . نقصد به : الذي يستطيبه السامعُ ويطيبُ به خاطرُه ،وينشرح به صدره ،ويُسَرُ منه .الكلام الطيب الذي ضده الكلام الخبيث . يقول الله "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ". والكلمة الطيبة هنا هي لا إله إلا الله وقالوا : إنما مَثَّلَ اللهُ بالشجرة الطيبة المؤمنَ نفسَه ، إذ الكلمة الطيبة لا تقع إلا منه ،فكأن الكلام كلمة طيبة وقائلُها . وكأن المؤمن ثابت في الأرض وأفعاله وأقواله صاعدة . - أمر الله تعالى بالكمة الطيبة وبالقول الحسن فقال : "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ". قل يا محمد لعبادي يَقُلْ بعضُهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة . وقال تعالى : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )قال الحسن البصري : أمروا أن يقولوا القول اللَيِّنَ، من الأدب الحسن الجميل والخلق الكريم، وهو مما ارتضاه الله وأحبه . فهو اللين في القول والمعاشرة بحسن الخلق. وأمر الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالكلم الطيب فقال له :وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ .وقال له : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . يعني ألِن لمن آمن بك ، واتبعك واتبع كلامك، وقرِّبهم منك، ولا تجف بهم ، ولا تَغْلُظ عليهم ،يأمره تعالى ذكره بالرفق بالمؤمنين . وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمةَ بالكلمة الطيبة والقول الحسن فقال :أفشِ السلام ،وأطب الكلام ، وصِلِ الأرحام ،وقُمْ بالليل والناس نيام ،تدخُلِ الجنةَ بسلام . رواه أحمد وقال أحمد شاكر : إسناده صحيح
572
| 02 يوليو 2016
من الأخلاق السيئة الخبيثة الغـــدر ،وهو نقض العهد والإخلال بالشيء وتركه ،وهو الخيانة ، وهو ضد الوفاء ، والغادر : الذي يعاهد ولا يفي بوعده وأكثر ما يكون الغدرفي العهود والمواثيق . وهو من كبائر الذنوب والمعاصي وهو خلق مستقبحٌ . ويكفي بالإنسان خسة وسقوطاً أن يشتهر بين الناس بالغدر . يقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. أي بالعهود . بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها.وقال عليه الصلاة والسلام : لا تغدروا . ونفى صلى الله عليه وسلم الإيمانَ عن الغادر الذي لا عهد له . فقال : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ . رواه أحمد وإسناده حسن وصححه الألباني .وذمَّ وهدد الذين ينقضون المواثيق .فقال : "وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ".أخبر أنه جل وعلا طبع على قلوبهم فلا يرون الحق ولا الإيمان . قال : "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ". بل لعنهم وطردهم من رحمته .قال الله تعالى : " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ". وأعدَّ لهم منازل تليق بغدرهم وخبثهم . أولها :الفضيحة يوم القيامة وذلك حين يُنصب له لواء ( راية عظيمة ) علامة يشتهر بها ويُعرفه أهل المحشر .يقول رسول الله : لكل غادر لواء يوم القيامة ،يُقالُ : هذه غدرةُ فلان بن فلان . وفي رواية : لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يُرفع له بقدر غدره .وثانيها : أن الغادر منافق خالص النفاق . وقال عليه الصلاة والسلام : أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا ..ذكر من هذه الأربع : وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ .والغادر يخاصمه الله وينازعه ويغلبه . عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :قَالَ اللَّهُ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ .والغادر ملعون مطرود من رحمة الله ، قال الله : "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ" .
2757
| 01 يوليو 2016
من الأخلاق الإسلامية الرفيعة الوفاء بالعهود والمواثيقالوفاء بالعهد :هو إتمامه وعدم نقضه . وحفظه ،وهو صدق اللسان والفِعلِ معاً. ويكون مع الله تعالى والناس . أثنى الله تعالى على أنبيائه ورسله وأوليائه الذين أوفوا بالعهود والمواثيق . فقال في معرض الثناء على إبراهيم : وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى .يعني ( وفى وأتم ما أمر به،أو بالغ في الوفاء بما عاهد عليه الله تعالى ، وما أمره الله تعالى بشيء إلا وفى به ) .وقال في حق إسماعيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا . وها هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يفي بوعوده للمشركين في صلح الحديبية . كما أثنى على عباده لوفائهم بالعهد حاثاً لهم على الالتزام بالعهود والمواثيق .فقال :إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ..وقال : "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" .وأثنى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صِهْرِهِ أبي العاص زوج ابنته زينب رضى الله عنها فقال : وَعَدَنِي فَوَفَى لِي . والوفاء مهم للإنسان فمن فَقَدَ الوفاءَ فقد انسلخ من إنسانيته ،وقد جعل الله العهد من الإيمان وصيَّره قواماً لأمور الناس ،لأنهم مضطرون للتعاون ولا تعاون إلا بمراعاة العهود والوفاء بها ،ولولا ذلك لتنافرت القلوب وذهب التعايش بين الناس . لذلك عظم الله أمر العهد والوفاء به فقال : "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ" . حتى في الجاهلية كانوا يعظمون الوفاء بالعهد ،فقد عَظُمَ أمر السموأل حينما التزم بالوفاء بدروع امرئِ القيسوأعاب الله تعالى على بعض أهل القرى الذين أرسلت لهم الرسل وأخذوا عليهم العهد بتوحيد الله وطاعته ونبذ عبادة الأصنام فما وَفَوا لهذه العهود بل خانوها وتركوها فجاءهم ما كانوا يوعدون فقال عنهم :وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ .وفي دنيا الناس الكثير ممن لا يبالي بالوفاء بعهده ووعده ،فكم يعد ولا يفي . يقول : سأفعل لك وأمنحك وأسعى وأخلص موضوعك ومعاملتك وأرضك .... ثم لا يفعل من ذلك شيئاً أبداً وينسحب كأنه لم يعاهد ولا يُعطي المواثيق . كم من إنسان ضيع حقوق الآخرين ومعاملاتهم وكم أخرهم وأتعبهم .لماذا لا يعتذر للناس أول الأمر ،قبل أن يحرج نفسه ،لماذا لا يكون جريئاً ويحفظ نفسه من التهمة ،فيبادر بالاعتذار عن الأمر في بدايته ،لماذا يورط البعض نفسه ويهينها ويجعلها عرضة لألسنة الناس الحادة .
1944
| 30 يونيو 2016
وللخونة منازل يتبوؤونها في الدنيا والآخرة نظير خياناتهم ، أول هذه المنازل : الفضيحة يوم الدين على رؤوس الأشهاد ،يوم يُنصب له لواء يعرفه الخلقُ كلهم هذا لواء الخائن فلان. يقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لكل غادر لواء يُنصب عند أسته يوم القيامة يُرفع له بقدر غدره . رواه مسلم . والخائن أمرئٌ منافق . يقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ . وقال عليه الصلاة والسلام : أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ . والخائن خصيمه الله تعالى يوم القيامة .عن أبي هريرة رضى الله عنه ،عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ .والخصم هو المنازع والمغالب .فمن ذا الذي ينازع الله تعالى أو يغالبه ،يقول الله تعالى : وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . وهؤلاء الثلاثة الرجالُ اللهُ جل جلاله هو خصمهم ومنازعهم يوم القيامة . عَاهَدَ عَهْدًا وَحَلَفَ عَلَيْهِ بِاللَّهِ ثُمَّ نَقَضَهُ .والثاني استأجر أجيرا ليعمل له فلما استوفى العمل المطلوب منه لم يعطه أجره فكأنه أكل ماله سحتاً والثالث : بَاعَ حُرًّا ثُمَّ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ وَأَلْزَمَهُ الذُّلَّ الَّذِي أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ . والخائن يبغضه الله ولا يحبه .يقول الله تعالى : وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ . فيبغضه كلُ شيء . أي أن كل شيء سيبغضه ويكرهه لأن كل شيء مسخر لله تعالى .فتصُدُّ القلوب عنه وتبغضه وتكره لقاءه والجلوس معه ،وتُنفر منه النفوس وتتمعر له الوجوه وتطلب فراقه والبعد عنه .وإذا أبغضه كل شيء فلا تسل عن حاله فسوف يُغلق كل باب في وجهه ،وهذا تجده في قوله تعالى:ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا .
848
| 29 يونيو 2016
قال ابن القيم رحمه الله : أجمع العارفون بالله بأن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاساتوأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات . ويقول رحمه الله :إن المعاصي تَخُونُ العبدَ في وقت أحوجَ ما يكون إلى نفسه ،فيخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار ،فربما تعذر عليه النطق بالشهادة . وقال رحمه الله : وقد يُخْفِي الإنسانُ ما لا يرضاه الله عز وجل ،فيظهره الله سبحانه عليه ولو بعد حين ،ويُنطِقُ اللسان به وإن لم يشاهده الناس ،وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق ،فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب وذلك ليعلم الناس .ويقول ابن رجب الحنبلي : إن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنةٍ للعبد لا يطلع عليها الناس .في الحديث الصحيح أن رجلا اسمه قزمان كان يقاتل مع المسلمين فقتل الكثير من المشركين حتى أعجب الصحابة به فنقلوا خبره لرسول الله . فقال : هو في النار . فكاد البعض يرتاب . فتتبعه صحابي فرآه قد أثقلته الجراح فتحاول على سيفه فوضعه في صدره فتحاول عليه حتى خرج من ظهره . انتحر . فرجع الصحابي يخبر رسول الله . فقال : الله أكبر أشهد أني رسول الله . كان يقاتل حمية . قال ابن رجب : هذه دسيسة كان يخبؤها أوردته سوء الخاتمة . قال ابن الجوزي : الحذر الحذر من الذنوب خصوصا ذنوب الخلوات ،فإن المبارزة لله تعالى تُسقط العبد من عينه ،وأصلح ما بينك وبينه في السر،وقد أصلح لك حوال العلانية أن هناك من يُجازي على الزلل .يقول الشاعر :إذا ما خلوت بريبة في ظلمة ...والنفس داعية إلى العصيان فاستح من نظر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني من هو صاحب ذنوب الخلوات ؟ هو الذي أمن مكر الله تعالى ،والله تعالى يقول : فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون . الذي جعل الله تعالى أهون الناظرين إليه والله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء الذي جعل الناس أكبر من الله تعالى فخشيهم ولم يخش الله تعالى .والله أحق أن يخشوه إن كانوا مؤمنين .
21690
| 28 يونيو 2016
من الخيانات التي أودت وتودي بإلهمم وتطيح بالمعالي الخيانة في الخلوات هي تلك الآفات التي يُبتلى بها بعض الناس عندما تغيب عنهم الأنظار ،إنها تلك المخالفات التي يقع فيها كثير من الناس عندما يختلون بأنفسهم ،فلا يُبالون بنظر الله لهم ولا يستحيون منه ، والله أحق أن يستحى منه . ( والله أحق أن يخشوه إن كانوا مؤمنين ) وهي من أعظم الذنوب والأوزار لأن المذنب يجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه ،فلا يخشاه ويهمل جانبه ويتقي الناس غاية التقوى .الخلوات يعني عندما يخلو الإنسان مع نفسه ،وتوسوس له النفس الأمارة بالسوء بأن يخون الخزائن أو يرتكب المحرمات ،فيشاهد ما لا يجوز له مما حرم الله من المناظر المحرمة والأفلام الإباحية والسوءات والعورات ،وأسرار أناس غافلين وعوراتهم ويكشف سترهم وغير هذا مما ابتلينا به في هذا الزمان . حذر رسول الله من الذنوب عامة وذنوب الخلوات خصوصاً فقال : لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا . قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا - أظهر مواصفاتهم - أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ؟ قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا . رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني .قد ذمَّ الله تعالى الذين يستخفون بذنوبهم عن الناس يحسبون أنهم آمنون ،فقد غرر بهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء ،فجعلوا الله تعالى أقلَ الناظرين إليهم .يقول الله تعالى : يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
1450
| 27 يونيو 2016
ولفداحة الخيانة، وبلواها استعاذ رسول الله ربه جل وعلا منها:فقال: اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة.والضجيع الذي يلازمك ويكون معك حتى في فراشك فهو يكدر عليك حالك.والبطانة:أى ما تبطنه وتخفيه في نفسك.لقد تعددت الخيانات اليوم وتشكلت، فهناك خيانة دين الله تعالى بإخفاء الحق ونشر الباطل والبدعة ونشر مناهج الضلال ومقاومة الدعوة إليه ومعاداة المصلحين الذين يأمرون بالقسط من الدعاة والتضييق عليهم.وتنفير الناس من الدين الحق وأهله.وخيانة السنة بإخفائها وإبراز البدعة وترويجها، خيانة الخزائن وما مِّنَ عليها من الأوراق الخاصة والمهمة.وقبول الرشاوى ُأ والهدايا التي يُرجى منها المصلحة والمنفعة الشخصية على حساب أعراض الناس وحقوقهم وقضايا الدول وأسرارها وخصوصياتها.ومن الخيانات الكبيرة اليوم بعد خيانة الدين والعقيدة.خيانة الأوطان، بالنيل منها والطعن في ولاتها، وقوانينها وأهلها وعاداتها ومنهجها، ومعاونة الأعداء على النيل منها كما هو معروف من حال الخونة الذين باعوا بلدانهم وركلوا النعمة بأرجلهم، طمعاً في دنيا أو سمعة أو لقبٍ.سولت لهم أنفسهم وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم فما وجدوا إلا بلادهم يضربونها ويطعنونها، ويهاجمونها ويسبونها ويشككون في ولاتها وناسها وعاداتها وتقاليدها، لم يجدوا يدا يقطعونها إلا التي بالأمس امتدت لهم تطعمهم وتُسقيهم، ولم يجدوا إصبعا يعضونه إلا الذي كانوا بالأمس يرويهم ويرحمهم بعد الله تعالى في أوقات الحاجة وقلة اليد والضيق والعسر.إن الذي يطعن في بلده وأهله لا يمكن أن ينفع غيره ولو فعل فإنما يرجو المصلحة والمنفعة ثم يبتعد ويترك.اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى ٌحَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّة اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:تِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ ْمِّكَ حَتَّى تَأ ُبِيكَ وَأ َفَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أ صَادِقًا.
450
| 26 يونيو 2016
وإذا ذكرنا الأمانة وأهلها لنتشرف بها ونعمل بآدابها لزم أن نذكر ما يضادها ويعارضها وهي الخيانة تحذيرا منها ومن مآسيها ومراتعها في الدنيا والآخرة . الخيانة هي التفريط في الأمانة . والتفريط فيما يُؤتمن الإنسان عليه .وهي الغدر وإخفاء الشيء . وهي من كبائر الذنوب ، لأن الله تعالى في الحديث القدسي توعده الوعيد الشديد .فقال : ثلاثة أنا خصمهم ،رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراًفأكل ثمنه،ورجل استأجر أجيراً ،فاستوفى منه ،ولم يعطه أجره . رواه البخاري . والخصم هو المنازع والمغالب . فمن ذا الذي ينازع الله تعالى أو يغالبه ، وهؤلاء الثلاثة الرجالُ اللهُ جل جلاله هو خصمهم ومنازعهم يوم القيامة ، الأول : عاهد عهداً وحلف بالله ثم نقضه ،يعني : تعهد للناس . قال : لكم عهد الله ميثاقه أنني أوفيكم حقكم أو دينكم أو حاجتكم في يوم كذا وكذا ثم غدر وخان وكذب . والثاني : استأجر أجيراً ليعمل له فلما استوفى العمل المطلوب منه لم يُعطه حقه أو أجره ،فكأنه اكل ماله سُحتاً . والثالث : باع حراً ،ثم منعه التصرف فيما أباح الله له ، وألزمه الذُل الذي أنقذه الله منه . ،وكان ينبغي عليه أن يطلقه حراً يتصرف بحريته لكنه منعه . حذر الله تعالى ورسوله من الخيانة حذّر الله الخائن بأنه سبحانه لا يحبه . فقال : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ . والخوان صيغة مبالغة . وقال : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ . وهذا أكبر بلاء يقع على الأنسان وهو أن الله يبغضه أو لا يحبه ،ومعناه أن كل شيء سيبغضه . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ .رواه مسلم وقال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ . وحذر رسول الله من الخيانة وأخبر بأن الخائن منافق . فقال : أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خَصْلَةٌ منهن كانت فيه خَصْلَةٌ من النفاق حتى يدعها :إذا اؤتمن خان ،وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر .
894
| 25 يونيو 2016
الأمانة من علو شأنها ورفعة مقامها كان تضييعها وإهمالها علامة اقتراب الساعة ،أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأمانة ستُضيَّع وإضاعتها علامة من علامات الساعة .يقول : ( إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ) . وقال عليه الصلاة والسلام : وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَاحُشُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَسُوءُ الْمُجَاوَرَةِ وَحَتَّى يُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ وَيُخَوَّنَ الْأَمِينُ . رواه أحمد وإسناده صحيح . ومن يطالع مقامات الأمناء ودرجاتهم يقف على كبير مقامها وعلو كعب أهلها. فمن منازل أهل الأمانة أنها شرف رفيع لا يناله إلا الموفقون . فتشبه الأمين بأكرم خلق الله وُصِف بها النبيون والمرسلون والملائكة والموفقون . كان أهل الجاهلية ينادون رسول الله قبل البعثة بالأمين ويختارونه لحفظ ودائعهم عنده .ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب كلهم أخبرنا الله أن كل واحد منهم قال لقومه : إني لكم رسول أمين . وجبريل عليه السلام وصفه الله تعالى بأنه الأمين فقال : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . ومن المنازل ندرة الأمناء في آخر الزمان . يقول رسول الله : يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًاومن المنازل أنّ الأمين مؤمن صادق ،فإذا كانت علامات النفاق الكذب في الحديث ،ونقض العهد وخيانة الأمانة ،فإن علامات الإيمان الصدق في الحديث، والوفاء بالعهد والوعد،وحفظ الأمانات . وأهل الأمانة مكرمون أوصى رسول الله بتكريمهم ،فقال : إذاجاءكم من ترضون دينه وخلقه . وفي رواية ( فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه ) فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .
10692
| 24 يونيو 2016
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6663
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2742
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2337
| 30 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1710
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1518
| 27 أكتوبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1356
| 30 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1050
| 29 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1038
| 27 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
969
| 27 أكتوبر 2025
عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
867
| 26 أكتوبر 2025
بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...
861
| 27 أكتوبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
693
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية